ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=84)
-   -   الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=245572)

ابوالوليد المسلم 12-11-2020 10:17 PM

الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 
الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (1)


أ. محمد خير رمضان يوسف




الهدية

في الاستدراك على تفسير ابن عطية (1)

المقدمة - سورة الفاتحة




بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمدُ لله العزيزِ الحكيم، والصلاةُ والسلامُ على النبيِّ الكريم، وعلى آلهِ وأصحابهِ الأبرارِ المكرَمين، وبعد:
فإن "المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز"، المعروفَ بتفسيرِ ابن عطية، هو من أشهرِ التفاسيرِ في الغربِ الإسلاميّ، إلى جانبِ تفاسير: القرطبي وأبي حيان وابن جُزي ومكي القيسي، وهي من أشهرها في الشرقِ كذلك.

وقد وفقني الله تعالى لعملِ مستدركٍ على تفسيرِ ابنِ كثير، وآخرَ على تفسيرِ البغوي، وبحثتُ عن تفسيرٍ ثالثٍ مشهورٍ بين أيدي الناس، يحتاجُ إلى استدراكٍ كذلك، لتكونَ فائدتهُ مؤكدة، فوجدتهُ في تفسيرِ القاضي الأديبِ المجاهدِ أبي محمد عبدالحق بن عطية الأندلسي، المتوفَّى سنة 542 هـ.

وهو تفسيرٌ كبير، طبعتهُ وزارةُ الأوقافِ المغربيةُ محققًا في (16) مجلدًا، وكذلك أصدرته وزارة الأوقافِ القطرية محققًا، ونشرتهُ دار ابن حزم في مجلدٍ واحدٍ (مضغوط)، بلغت صفحاته (2019 ص). وهو عن الطبعة القطرية.
وهو عجبٌ في بابه! يدلُّ على ثقافةِ صاحبهِ العاليةِ المتنوعةِ الموسوعية!
فهو عدةُ أنواعٍ من التفاسيرِ وليس تفسيرًا واحدًا!
فيمكنُ أن يجرَّدَ منه كتابٌ كبيرٌ في (معاني القرآن)، وآخرُ في (القراءات)، وثالثٌ في (الأحكام)!

هذا عدا الآثارِ والشواهدِ الكثيرة، إلى جانبِ أسبابِ النزول، والتعرضِ للعقائدِ خاصة، وإيرادِ آراءِ فرق، وخاصةً المعتزلة، مع نقدها..

وقد وجدتُ في مواضعَ منه ما لم أجدهُ في تفاسيرَ أخرى، من التحري والتفصيلِ وقوةِ الحجة، وتحريرِ إفاداتٍ وحلِّ إشكالات، وإجادةِ توفيقٍ وتوضيحِ مفاهيم، مع لغةٍ جميلةٍ باهرة، فقد كان أديبًا شاعرًا أيضًا. فجزاهُ الله خيرًا على هذا التفسيرِ العظيم، الذي جرَّدَ له قواهُ منذُ شبابه، وبقيَ معه سنواتٍ طوالًا.

وهو يتعمَّقُ فيما يتعرَّضُ له، مما يرى فيه اختلافًا، أو غموضًا، أو إشكالًا. ولا يدَعُ آيةً تحتاجُ إلى بيانٍ أو تعليقٍ إلا ويبيِّنُها حتى آخرها.

ولكن لا يشترطُ أن يكونَ هذا البيانُ (تفسيرًا) بمصطلحهِ المعروف، وهو المعنى الذي يريدهُ القارئ، فقد يكتبُ في لفظٍ سطورًا وحتى صفحة، ولكن في وجوهِ قراءتهِ أو نحوهِ وإعرابه، ويتركهُ هكذا معتبرًا ذلك تفسيرًا له. وكأنه بذلك يخاطبُ العلماءَ أو يكتبهُ لهم، أو للنحويين والبلاغيين وحدهم. وكأن الغالبَ على تفسيرهِ هو جانبُ التخصص. يعني أنه يفسِّرُ للعلماء!
وكان هذا أحدَ الوجوهِ المستدركةِ على تفسيرهِ رحمَهُ الله.
فالكلامُ حولَ اللفظِ أو الآيةِ مالم يكنْ (تفسيرًا) استدركتُ عليه وأوردتُ تفسيره.
فبيانُ الوجهِ النحوي للكلمةِ أو إعرابها دون بيانِ معناها لم أعتبرهُ تفسيرًا.
وكذلك المعنى اللغويُّ للفظ، إلا إذا وافقَ معناهُ الشرعي، وفُهِمَ به تفسيره.
ومن الوجوهِ الأخرى التي استُدركتْ على تفسيرهِ قولهُ مرات: وباقي الآيةِ بيِّن، أو واضح. ولا يوردُ تفسيره.
وكذلك قولهُ إنه سبقَ تفسيرُ مثله. ولا يقولُ هذا في كلِّ مرةٍ إذا لم يفسِّر.
وقد يفسِّرُ الآيةَ بالكلماتِ الواردةِ فيها، ولا يغيِّرُ فيها سوى تصريفها.
وقد يفسِّرُ منها لفظًا واحدًا، ولا أشيرُ إلى ذلك عند الاستدراكِ عليه.
وشغلتْ أواخرُ الآياتِ قسمًا كبيرًا مما لم يفسِّره.
وأتوقفُ عند آيات، فلا أدري هل فسَّرَ أم لا؟ فأتردَّدُ في إعادةِ تفسيرها.. وقد أفسِّر.

وقد اعتبرتُ كلَّ ما يؤدِّي إلى توضيحِ معنى الآيةِ تفسيرًا. ويتبيَّنُ هذا من خلالِ ما يوردهُ المؤلفُ من الشواهدِ والآثار، من القرآن نفسه، ومن الأحاديثِ الشريفة، وأقوالِ أهلِ العلمِ والحكمةِ عمومًا، وحتى أسبابِ النزول، وما يلخصهُ من الإسرائيليات، أو القصصِ والحكايات..

وقد يفسِّرُ كلماتٍ من الآيةِ السابقةِ في الآيةِ التاليةِ أو ما بعدها، لاتصالها بها. وقد أشرتُ إلى ذلك مراتٍ قليلة. فإذا لم يجدِ القارئ عندهُ تفسيرَ آيةٍ في مكانها، فليبحثْ عنها فيما بعدها.
وقد يفسِّرُ الآيةَ في أولِ كلامه، أو في وسطه، أو آخره. وقد يفسِّرها أكثرَ من مرة. وهو قليل.

ثم إن بعضَ القرّاءِ قد يعجبُ من هذا الاستدراكِ الدقيقِ على المفسِّرين، بتتبعِ كلامهم، ويرَى أن هذا هو أسلوبهم ومنهجهم في التفسير، فلماذا الاستدراك؟
وأقول: إن المفسِّرين ليسوا سواء، وتختلفُ مناهجهم في التفسيرِ حسبَ تخصصاتهم، فقد يركزون على ما يرونهُ مهمًّا من وجهةِ نظرهم واشتغالهم بعلومهم، ولا يعاملون الباقي مثله، بل يدَعون كثيرًا من الألفاظِ والآياتِ بدونِ تفسير!
وليس في القرآن شيءٌ زائد، وإذا تكرَّرَ فلحِكمة.
وينبغي أن يفسَّرَ القرآنُ كلُّه.

وقد تبدو هناك آياتٌ واضحةٌ لا تحتاجُ إلى تفسير، ولكن بالتدبرِ فيها وتفصيلها وضربِ أمثلةٍ لها يتضحُ معناها أكثر، ويظهرُ فيها للقارئ ما لم يكنْ يعرفهُ منها.

وهذا الإمامُ الطبري، إمامُ المفسِّرين، لم يدَعْ شيئًا من الآياتِ بدونِ تفسير، بجميعِ ألفاظها، إلا ما ندر. وغيرهُ لم يفعلْ مثله. وآخرون فسَّروا ما لم يفسِّرهُ غيرهم.

وابنُ عطيةَ رحمَهُ الله فسَّرَ كلماتٍ قرآنيةً وآياتٍ لم يفسِّرها آخرون من المفسِّرين، وغيرهُ فسَّرَ ما لم يفسِّره. وما فسَّرَهُ أولئك يمكنُ الاستدراكُ بها عليه، وما فسَّرهُ هو يمكنُ الاستدراكُ به على ما لم يفسِّروه، حتى تتعادلَ التفاسير، ولا يخفَى على القارئ ما لم يفسَّرْ من القرآنِ الكريم.

ويقولُ ابن عطية نفسهُ في تفسيرهِ هذا (ص 982): "... ومثلُ هذا قولُ الله تعالى: ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ [سورة الصافات: 103]، وقال بعضُ النحاةِ في مثلِ هذا: إن الواوَ زائدة. وقولهُ مردود؛ لأنه ليس في القرآنِ شيءٌ زائدٌ لغيرِ معنى".
أقول: وبما أنها غيرُ زائدة، وليس في القرآنِ شيءٌ زائدٌ لغيرِ معنى، فيفسَّرُ مثلَ غيره.


المنهج:
والمنهجُ الذي اتبعتهُ في الاستدراكِ على تفسيرهِ رحمهُ الله، هو كالنهجِ الذي اتبعتهُ في المستدركين السابقين تقريبًا، وهو تفسيرُ كلِّ ما لم يتضحْ للقارئ أنه فُسِّر، من الأمورِ التي ذكرتها سابقًا. ولم أبحثْ في الحروفِ المقطَّعة، والمتشابهاتِ مِن الآيات.
ولم أتتبَّعْ ما أوجزَ من تفسير، والأفضلُ توضيحهُ أكثر.
واستثنيتُ - كذلك - ما كان تفسيرهُ واضحًا، ولو لم يتتبَّعِ المؤلفُ ألفاظه.

وقد لا أوردُ التفسيرَ كلَّهُ إذا كان مطوَّلاً، بل أكتفي بما تتوضَّحُ به الألفاظُ أو الآيات، عند ذلك أُشيرُ إلى أنه مختصرٌ، أو منتخبٌ من مصدره.

وأُورِدُ تفسيرَ آيةٍ أو لفظٍ مما فسَّرهُ المؤلفُ من مشابهٍ له في موضعٍ آخر، فإنْ لم أجدهُ طلبتهُ في تفاسيرَ أخرى ذكرتها للقارئ. ولم أتقصَّهُ عندهُ كما فعلتُ في المستدركين السابقين، فتفسيرُ الألفاظِ والآياتِ في سياقها قد يعطيها مدلولًا إضافيًّا غيرهُ فيما سبق، فالتكرارُ له فائدةٌ وميزة.

والتفسيرانِ الأساسيانِ لهذا العملِ هما: تفسيرُ الإمامِ الطبري (جامع البيان في تفسير القرآن)، وتفسيرُ الحافظِ ابنِ كثير (تفسير القرآن العظيم)، وهذا ما يشكِّلُ جلَّ هذا التفسير. وهما تفسيرانِ مأثوران، وأكثرُ قبولًا عند كلِّ الناس. وتفسيرُ ابن عطيةَ يجمعُ بين الأثرِ والرأي.

كما استعنتُ بتفسيرِ القاضي البيضاوي (أنوار التنزيل وأسرار التأويل) فهو تفسيرٌ مشهور، وتفسيرِ النسفي (مدارك التنزيل وحقائق التأويل) لشمولهِ وسهولته، واستفدتُ من تفسيرِ (روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني) للآلوسي، فهو لا يكادُ يتركُ لفظًا دون بيانه، ويدخلُ في الأمورِ المستعصيةِ فيوردُ وجوهها ويحلُّها، كما استعنتُ بـ (الواضح في التفسير) لمعدِّ هذا الكتاب، وقد استفدتهُ من التفاسير السابقةِ وغيرها.
ولم أزدْ على تلك التفاسيرِ إلا نادرًا.
وأضعُ المصدرَ في آخرِ تفسيرِ كلِّ آية. وقد أذكرهُ في أوَّلها.

وموضعُ الاستشهادِ هو مكانُ تفسيرِ الآياتِ في التفاسيرِ نفسها، واستغنيتُ بذلك عن ذكرِ أرقامِ الأجزاءِ والصفحاتِ في الهوامش.
ولم أوردِ الأقوالَ والآثارَ والخلافات.
وجمعتُ بين المأثورِ والرأي في هذا المستدركِ كما هو شأنُ التفسيرِ المستدركِ عليه.
وراعيتُ جاهدًا التوفيقَ بين التفاسيرِ القديمةِ التي أنقلُ منها، وبين ما أقدِّمهُ لجيلٍ معاصرٍ بما يناسبهُ وما يفهمهُ ويستفيدُ منه.
ولم أُدخِلْ في هذا التفسيرِ أمورًا محدَثة، ولا علومًا مساندةً للتفسير، فالأساسُ في هذا هو الأصل.
وأوردُ الآيةَ أو جزءًا منها، يسبقها رقمها، وأضعُ خطًّا تحت الكلمةِ أو الكلماتِ والجُمَلِ التي لم تفسَّرْ فيها.
فإذا لم تفسَّرِ الآيةُ كلُّها أبقيتُها بدونِ خطّ.
وقد لا أشيرُ إلى كلمةٍ فسَّرها في آيةٍ طويلة، فأفسِّرُها كلَّها مع الكلمة.
وفسِّرَ كثيرٌ من الآياتِ وهي تبدو سهلةً للقارئ، ولكن تفسيرها يُظهِرُ له ما لم يدركهُ من أسرارها.

وأنبِّهُ إلى أن معظمَ ما وردَ هنا هو تفسيرٌ لجزءٍ أو ألفاظٍ أو جملةٍ من الآية، فلا يصلحُ إلا مع متابعةِ الأصل، يعني أن هذا التفسيرَ مكمِّلٌ لتفسيرِ "المحرر الوجيز"، وليس مستقلاً بذاته، فقد أفسِّرُ لفظةً في آيةٍ تكونُ مرتبطةً بما قبلها وما بعدها فسَّرها المؤلف. والأفضلُ أن يطبعَ معه، بهامشه. وقد أذنتُ بذلك لمن شاء، مع إثباتِ هذه المقدِّمة، وعدمِ الزيادةِ أو النقصِ في الكتاب، إلا ما كان من الرسمِ العثماني للآياتِ الكريمة.

واعتمدتُ في هذا الاستدراكِ على طبعةِ دار ابن حزم، التي اجتهدَ أخونا الشيخ مجد مكي سلَّمهُ الله في مقابلتهِ وتصحيحهِ على طبعةِ قطر المحققة. ورأيتهُ كافيًا وافيًا بالمقصود، ففيه كلُّ ما فسَّره. والهدفُ من هذا المستدركِ هو تفسيرُ ما لم يفسِّرهُ المؤلف، لا التعليقُ أو التحقيقُ لما فسَّره.
والحمدُ لله الذي يسَّرَ هذا، وله الفضلُ والمنَّة.
محمد خير رمضان يوسف
الرياض

بسم الله الرحمن الرحيم

الجزء الأول

سورة الفاتحة

3- ﴿ ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيمِ
قالَ رحمَهُ الله: تقدَّمَ القولُ في ﴿ ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيمِ ﴾.
ويعني عند تفسيرهِ البسملة.
وملخصُ ما ذكرَهُ هناك، أن ﴿ ٱلرَّحْمـٰنِ ﴾ صفةُ مبالغةٍ من الرحمة، ومعناهاأنه انتهَى إلى غايةِ الرحمة، وهي صفةٌ تختصُّ بالله ولا تُطلَقُ على البشر. وهي أبلغُ من فَعِيل، وفَعِيلُ أبلغُ من فاعل؛ لأن راحمًا يُقالُ لمن رَحِمَ ولو مرةً واحدة، ورحيمًا يُقالُ لمن كثرَ منه ذلك، والرحمنُ النهايةُ في الرحمة.

7- ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾.

قال: ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ ﴾ بدلٌ من الأول. يعني في الآيةِ السابقة: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ.
وذكرَ هناك أن "الصراطَ" في اللغةِ الطريقُ الواضح. ثم أوردَ أقوالًا في المعنَى الذي استُعيرَ له الصراطُ في هذا الموضع، منها قولُ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضيَ الله عنه: الصراطُ المستقيمُ هو القرآن، وقالَ جابر: هو الإسلام.
قال: و"المستقيم": الذي لا اعوجاجَ فيه ولا انحراف، والمرادُ أنه استقامَ على الحقّ، وإلى غايةِ الفلاحِ ودخولِ الجنة.





ابوالوليد المسلم 12-11-2020 10:19 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 
الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (2)


أ. محمد خير رمضان يوسف





سورة البقرة



(الآيات 1 - 100)











سورة البقرة







6- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ



قالَ ابنُ كثيرٍ رحمهُ الله: سواءٌ عليهم إنذارُكَ وعدمُه، فإنهم لا يؤمنونَ بما جئتَهم به.







12- ﴿ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾.



فسَّرَ الإفسادَ في الآيةِ التي تسبقها بالكفرِ وموالاةِ الكفرة.







23- ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ﴾.



مما نزَّلنا على عبدنا محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّمَ من النورِ والبرهانِ وآياتِ الفرقانِ أنه من عندي، وأنّي الذي أنزلتهُ إليه، فلم تُؤمنوا به ولم تصدِّقوهُ فيما يقول.. (تفسير الطبري).







26- ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ



﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ ﴾: فأما الذين صدَّقوا الله ورسوله، فيعرفون أن المثَلَ الذي ضرَبهُ الله، لِمَا ضربَهُ له، مثَل. (الطبري).



وأوردَ الطبريُّ قولَ قتادة: أي: يعلمون أنه كلامُ الرحمن، وأنه الحقُّ من الله.



عن ابن عباس: ﴿ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلا الْفَاسِقِينَ ﴾ يقول: يعرفهُ الكافرون فيكفرون به.



وقالَ قتادة: ﴿ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلا الْفَاسِقِينَ ﴾: فسقوا، فأضلَّهم الله على فسقهم.





28- ﴿ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾.



قالَ ابنُ عطيةَ رحمَهُ الله في تفسيرها في الآيةِ الأخيرةِ من سورةِ القصص: إخبارٌ بالحشرِ والعودةِ من القبور.



وقالَ الحافظُ ابنُ كثيرٍ في تفسيرهِ لها في آخرِ سورةِ يس: وإليه يرجعُ الأمرُ كلُّه، وله الخَلقُ والأمر، وإليهِ ترجعُ العبادُ يومَ القيامة، فيُجازي كلَّ عاملٍ بعمله، وهو العادلُ المتفضِّل.







29- ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.



قالَ الطبري: أخبرهم جلَّ ذكرهُ أنه خلقَ لهم ما في الأرضِ جميعًا؛ لأنَّ الأرضَ وجميعَ ما فيها لبني آدمَ منافع، أما في الدينِ فدليلٌ على وحدانيةِ ربِّهم، وأما في الدنيا فمعاشٌ وبلاغٌ لهم إلى طاعتهِ وأداءِ فرائضه.







30- ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ.



فسَّرَ الإفسادَ في الآيةِ (11) من السورةِ نفسها بالكفرِ وموالاةِ الكفرة.







32- ﴿ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾.



قولهُ تعالَى: ﴿ سُبْحَانَكَ ﴾ أي: تنزيهًا لكَ عن أنْ يَعلَمَ الغيبَ أحدٌ سواك. وهذا جوابُهم عن قوله: ﴿ أَنْبِئُونِي ﴾، فأجابوا أنَّهم لَا يعلَمون إِلّا ما أعْلَمَهُم به، ولم يَتعاطَوا ما لَا علمَ لهم به، كما يَفعلهُ الجهَّالُ منَّا. (القرطبي).







33- ﴿ قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾.



﴿ أَعْلَمُ غَيْبَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأرْضِ ﴾ تدرُّجاً من المجملِ إلى ما هو مبيَّنٌ بعضَ بيان، ومبسوطٌ بعضَ بسط. وفي اختصاصهِ بعلمِ غيبِ السماواتِ والأرضِ ردٌّ لما يتكلَّفهُ كثيرٌ من العباد، من الاطلاعِ على شيءٍ من علمِ الغيب، كالمنجِّمين، والكهّان، وأهلِ الرمل، والسحر، والشعوذة. (فتح القدير للشوكاني).







36- ﴿ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ﴾.



أوردَ ابنُ جريرٍ الطبريُّ وغيرهُ أقوالًا في المرادِ بالبعضِ الذين بينهم عداوة، منها قولُ مجاهد: آدمُ وذريته، وإبليسُ وذريته. وقولُ ابنِ عباس: آدمُ وحواءُ وإبليسُ والحية.



وذكرَ المؤلفُ نفسهُ الاختلافَ في المقصودِ في الآيةِ (38) من السورة ﴿ قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ﴾، ورأى أن الصحيحَ في معناه: آدمُ وحوَّاءُ وإبليسُ وذرِّيتُهم.







37- ﴿ فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾.



وأما قوله: ﴿ الرَّحِيمُ ﴾، فإنه يعني أنه المتفضِّلُ عليه مع التوبةِ بالرحمة. ورحمتهُ إيَّاهُ إقالةُ عثرته، وصَفحهُ عن عقوبةِ جُرمه. (الطبري).







38-﴿ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ



يعني فمن اتَّبعَ بياني الذي أبيِّنهُ على ألسنِ رسلي أو مع رسلي. (تفسير الطبري).







39- ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾.



قالَ الإمامُ البغويُّ في تفسيره: لا يخرجون منها، ولا يموتون فيها.







41- ﴿ وَآَمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ ﴾.



قالَ رحمَهُ الله: وقد تقدَّمَ نظيرُ قوله: ﴿ وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ ﴾.



يعني في الآيةِ (21) من السورة: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ وقد صرَّفَ اللفظَ هناك، ولم يزدْ على قوله: مأخوذٌ من الوقاية.



قالَ النسفيُّ في تفسيره: أي اعبدوا على رجاءِ أن تتَّقوا فتَنجوا بسببهِ من العذاب.







48- ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾.



﴿ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ ﴾: يُمنَعون من عذابِ الله (البغوي).







49- ﴿ وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ﴾.



أي: يستَبْقُون نساءكم، أي: بناتكم (زاد المسير لابن الجوزي).







51- ﴿ وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ .



قالَ رحمهُ الله: مبتدأٌ وخبرٌ في موضعِ الحال، وقد تقدَّمَ تفسيرُ الظلم.



ويعني ما وردَ في الآيةِ (35) من السورة: ﴿ وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾.







وذكرَ معنَى اللفظةِ هناك بما يناسبُ السياقَ من قصةِ آدمَ عليه السلام.



قالَ ابنُ كثيرٍ في الآيةِ (92) من السورةِ نفسها: ﴿ وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ ﴾: في هذا الصنيعِ الذي صنعتموه، مِن عبادتِكمُ العجل، وأنتم تعلمونَ أنه لا إله إلا الله.







52- ﴿ ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾.



لتشكروني على عفوي عنكم، إذ كان العفوُ يوجبُ الشكرَ على أهلِ اللبِّ والعقل. (الطبري).







53- ﴿ وَإِذْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾.



لكي تهتدوا بتدبُّرِ الكتاب، والتفكُّرِ في الآيات. (البيضاوي).







54- ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾.



تصريفٌ وإعرابٌ دون تفسير.



وتفسيرُ الآيةِ الكريمة: واذكروا عندما قالَ موسى لبَني إسرائيلَ الذين عَبدوا العجلَ: لقد ارتكبتُم جُرْماً عظيماً ومَعصيةً كبيرةً عندما اتَّخذتمُ العجلَ ربًّا دونَ الله، ولا توبةَ لكم عندَ خالقِكم إلاّ أنْ يَقتُلَ بعضُكم بعضاً، فيَقتُلَ البريءُ منكمُ المجرمَ، فإنَّهُ أنسبُ عقوبةٍ لنفوسِكمُ السيِّئة، وقلوبِكمُ القاسية، وطبيعتِكمُ المنحَرفة، وعسَى أنْ يكونَ هذا توبةً لجُرمِكمُ الشنيع، وتذكرةً مؤلمةً لكم لئلاّ تَعودوا إلى مثلِه. ثمَّ أدركتْكُم رحمتُهُ فتابَ عليكم، فهو يَقبلُ التوبةَ الصادقةَ مِن عبادِه، رحمةً بهم. (الواضح في التفسير).







60- ﴿ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ .



فسَّرَ الإفسادَ في الآيةِ (11) من السورةِ نفسها بالكفرِ وموالاةِ الكفرة.



وقالَ ابنُ كثير: لا تقابلوا النعمَ بالعصيان فتُسلَبوها.







61- ﴿ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾.



قالَ المؤلِّفُ في تفسيرها في الآيةِ (112) من سورةِ آلِ عمران ﴿ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾، قال:



وقولهُ تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا ﴾ حملَهُ المفسِّرون على أن الإشارةَ بذلك إلى الشيءِ الذي أُشِيرَ إليه بذلك الأول، قالَهُ الطبريُّ والزجَّاجُ وغيرهما.







والذي أقول: إن الإشارةَ بـ ﴿ ذَلِكَ ﴾ الأخيرِ إنما هي إلى كفرهم وقتلهم، وذلك أن الله تعالى استدرجهم فعاقبهم على العصيانِ والاعتداء، بالمصيرِ إلى الكفرِ وقتلِ الأنبياء، وهو الذي يقولُ أهلُ العلم: إن الله تعالى يعاقِبُ على المعصيةِ بالإيقاعِ في معصية، ويجازي على الطاعةِ بالتوفيقِ إلى الطاعة، وذلك موجودٌ في الناسِ إذا تُؤمِّل، وعصيانُ بني إسرائيلَ واعتداؤهم في السبتِ وغيرهِ متقررٌ في غيرِ ما موضعٍ من كتابِ الله.







وقال قتادةُ رحمهُ الله عندما فسَّرَ هذه الآية: اجتنبوا المعصيةَ والعدوان، فإن بها أُهلِكَ مَن كان قبلَكم من الناس. اهـ.



وقالَ ابنُ كثير: هذه علَّةٌ أخرى في مجازاتهم بما جوزوا به، أنهم كانوا يعصون ويعتدون، فالعصيانُ فعلُ المناهي، والاعتداءُ المجاوزةُ في حدِّ المأذون فيه أو المأمورِ به. والله أعلم.







62- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾.



﴿ وَعَمِلَ صَالِحًا ﴾: فأطاعَ الله. (الطبري).



﴿ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾: قالَ مؤلِّفُ الأصلِ رحمَهُ الله: تقدَّمَ القولُ في مثلِ هذه الآية.







يعني في الآية (38) من السورة: ﴿ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾.



وهناك أوردَ تصريفَ وإعرابَ الكلمات، وقالَ في آخره: ويحتملُ قولهُ تعالى: ﴿ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ﴾ أي: فيما بين أيديهم من الدنيا، ﴿ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ على ما فاتهم منها. ويحتملُ أن ﴿ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ﴾ يومَ القيامة، ﴿ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ فيه. ويحتملُ أن يريدَ أنه يُدخلهم الجنة، حيثُ لا خوفٌ ولا حزن.







63- ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾.



كي تتَّقوا وتخافوا عقابي بإصرارِكم على ضلالِكم، فتنتهوا إلى طاعتي، وتنزعوا عما أنتم عليه من معصيتي. (تفسير الطبري).







67- ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾.



أوردَ ضبطها من القراءاتِ دون بيانِ معناها.



قالَ القرطبي: والهزء: اللَّعبُ والسُّخرية.







68- ﴿ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ ﴾.



أي: ما صفتها. (البغوي).







70-﴿ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ .



أوردَ لغوياتٍ وبعضَ ما يُستَنتج، دون التفسير.



وتفسيرُ الآيةِ الكريمة: عادوا ليَسألوا سؤالاً آخر، فقالوا: اطلبْ من ربِّكَ أيُّها النبيُّ أنْ يُحدِّدَ لنا وصفَها وحِلَّهَا لنا، فإذا فعلَ ذلكَ فإنَّنا بذلكَ إنْ شاءَ اللهُ نَهتدي إليها. (الواضح في التفسير).







72- ﴿ وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ



أي: مُظهرٌ ما كتمتم بينكم من أمرِ القتل، فاللهُ مُظهرهُ لعباده، ومبيِّنهُ لهم. (فتح القدير للشوكاني).







74- ﴿ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾.



أوردَ اللغةَ والإعرابَ دون التفسير.



وقد قالَ في تفسيرها في الآية (140) من السورةِ نفسها: وعيدٌ وإعلامٌ أنه لا يَتركُ أمرَهم سُدًى، وأن أعمالَهم تُحصَّلُ ويُجازَون عليها. والغافلُ الذي لا يفطنُ للأمورِ إهمالاً منه، مأخوذٌ من الأرضِ الغُفل، وهي التي لا مَعْلَمَ بها.







75- ﴿ أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾.



اختيارُ الطبري في تفسيره: أن الله تعالى ذكرهُ إنما عنَى بذلك مَن سمعَ كلامَهُ مِن بني إسرائيل، سماعَ موسى إيَّاهُ منه، ثم حرَّفَ ذلك وبدَّل، مِن بعد سماعهِ وعلمهِ به وفهمهِ إيَّاه.







80- ﴿ وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ



بل تقولونَ على اللهِ ما لا تعلمونَ من الكذبِ والافتراءِ عليه. (ابن كثير).







82-﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ



والذين آمنوا بالله ورسُوله، وعملوا الأعمالَ الصالحةَ الموافقةَ للشريعة، الخالصةَ لله، فإنَّهم مِن أهلِ الجنَّة، مخلَّدونَ فيها أبداً. (يُنظر الواضح في التفسير).







83- ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ ﴾.



قومٌ عادتُكم الإعراضُ عن الوفاءِ والطاعة. (البيضاوي).







85- ﴿ ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ﴾.



تفسيرُ الآيةِ ليتَّضحَ المعنى: كما تُخرِجونَ بعضَكم من بيوتِ بعض، وتَنهَبونَ ما فيها منَ المالِ والمتاعِ وتأخذونَ سباياهُم، وتُقَوُّونَ أعداءَكُم على بعضِكُم البعض، وتساعدونهم عليهم، وإذا انتهتِ الحربُ تَفكُّون الأُسارَى منَ الفريقِ المغلُوبِ وتُفادونَهُم ولا تقتُلونَهُم عملاً بحُكمِ التوراة، ولكنْ لماذا تَعملونَ هنا بالتوراةِ بينما تناقِضونَ أحكامَها فيما مضَى ويَقتُلُ بعضُكم بعضاً في الحربِ وهو محرَّمٌ عليكُم؟ أفتُؤمِنونَ ببعضِ التوراةِ وتكفُرونَ بالبعضِ الآخَرِ فيه؟ (الواضح).







87-﴿ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ﴾.



فكذَّبتُم بعضًا منهم. وقتلتُم بعضًا؟ فهذا فعلُكم أبدًا برسلي. (الطبري).







91- ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ



﴿ مُصَدِّقًا ﴾: يعني التوراة، لأن كتبَ الله تعالى يصدِّقُ بعضُها بعضاً. (النكت والعيون للماوردي).



﴿ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ بالتوراة، وقد نُهيتُم فيها عن قتلِ الأنبياءِ عليهم السلام. (البغوي).







91- ﴿ وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ ﴾.



سبقَ في الآيةِ (50) من السورةِ قولهُ تعالى: ﴿ وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ ﴾. وبيَّنَ مؤلِّفُ الأصلِ هناك أن اليهودَ اتخذوا العجلَ إلهاً، وتركَ تفسيرَ قولهِ ﴿ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ ﴾ كما أُشيرَ إليه في موضعهِ من هذا الكتاب.



قالَ ابنُ كثير رحمَهُ الله: وأنتم ظالمون في هذا الصنيعِ الذي صنعتموهُ من عبادتِكم العجلَ، وأنتم تعلمون أنه لا إله إلا الله.







93- ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ ﴾.



سبقَ في الآيةِ (63) من السورة. وأوردَ المؤلفُ هناكَ قصَّةَ نبيِّ الله موسى عليه السلامُ مع قومهِ في هذا الشأن.



قالَ ابنُ كثيرٍ رحمَهُ الله: يقولُ تعالى مذكِّراً بني إسرائيلَ ما أخذَ عليهم من العهودِ والمواثيقِ بالإيمانِ به وحدَهُ لا شريكَ له، واتِّباعِ رسله، وأخبرَ تعالَى أنه لمـّا أخذَ عليهم الميثاق، رفعَ الجبلَ فوق رؤوسهم؛ ليقرُّوا بما عُوهِدوا عليه...







94- ﴿ قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآَخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ .



﴿ خَالِصَةً ﴾: معنى الخلوصِ أنه لا يشاركهم فيها غيرهم. (فتح القدير).



﴿ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾: قالَ في الآيةِ (6) من سورةِ الجمعة: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾: ﴿ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ ﴾ إن كنتُم تعتقدون في أنفسِكم هذه المنزلة. اهـ.



لأنه من اعتقدَ أنه من أهلِ الجنة، كان الموتُ أحبَّ إليه من الحياة، لما يصيرُ إليه من نِعَمِ الجنة، ويزولُ عنه من أذَى الدنيا. (النكت والعيون).







96- ﴿ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ﴾.



والله ذو إبصارٍ بما يعملون، لا يخفَى عليه شيءٌ من أعمالهم، بل هو بجميعها محيط، ولها حافظٌ ذاكر، حتـى يذيقَهم بها العقابَ جزاءَها. (الطبري).







97- ﴿ قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾.



لأن المؤمنَ إذا سمعَ القرآنَ حفظَهُ ورعاهُ، وانتفعَ به واطمأنَّ إليه، وصدَّق بموعودِ الله الذي وعدَ فـيه، وكان علـى يقـينٍ من ذلك. (قالهُ قتادة، الطبري).







99- ﴿ وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ ﴾.



أي: أنزلنا إليكَ يا محمدُ علاماتٍ واضحات، دالّاتٍ على نبوَّتك، وتلك الآياتُ هي ما حواهُ كتابُ الله الذي أنزلَهُ إلى محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم، من خفايا علومِ اليهود، ومكنونِ سرائرِ أخبارهم، وأخبارِ أوائلهم من بني إسرائيل، والنبأ عمّا تضمَّنتهُ كتبُهم، التي لم يكنْ يعلمُها إلا أحبارُهم وعلماؤهم، وما حرَّفَهُ أوائلهم وأواخرهم وبدَّلوهُ، من أحكامهم التي كانت في التوراة، فأطلعَها الله في كتابهِ الذي أنزلَهُ على نبيِّهِ محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم، فكان في ذلك من أمرهِ الآياتُ البيِّناتُ لمن أنصفَ من نفسه، ولم يدعهُ إلى هلاكها الحسدُ والبغي، إذ كان في فطرةِ كلِّ ذي فطرةٍ صحيحةٍ تصديقُ مَن أتَى بمثلِ الذي أتَى به محمدٌ صلَّى الله عليه وسلَّم، من الآياتِ البيِّناتِ التي وُصِفت، من غيرِ تعلُّمٍ تعلَّمَهُ من بشر، ولا أخذَ شيئاً منه عن آدمي.. (الطبري).







100- ﴿ أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾.



﴿ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ بالتوراة، وليسوا من الدينِ في شيء، فلا يعدُّون نقضَ المواثيقِ ذنبًا، ولا يبالون به. (النسفي).




ابوالوليد المسلم 12-11-2020 10:20 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 
الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (3)


أ. محمد خير رمضان يوسف



سورة البقرة (102 - 199)

102- ﴿ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾.
بضارِّين بالذي تعلَّموه منهما، من المعنى الذي يفرِّقون به بين المرءِ وزوجه... (الطبري).

103- ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾.
أي: ولو أنهم آمنوا بالله ورسله، واتقَوا المحارم، لكان مثوبةُ الله على ذلك خيرًا لهم مما استخاروا لأنفسهم ورضوا به. (ابن كثير).

104- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ
فسَّرَ "الأليمَ" في أكثرَ من موضعٍ بالمؤلم.
وقالَ الطبري: وللكافرين بي وبرسولي عذابٌ أليم، يعني بقولهِ "الأليم": الموجع.

105- ﴿ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ
فإِنَّ قلوبَهُم تَغلِي بالحقدِ والحسدِ على ما خصَّكُم اللهُ به من رحمتهِ الواسعةِ وفضلِهِ الكبير، فأَنزلَ الوحيَ على محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّمَ وهو بين ظَهرَانَيكُم، فاستمسِكوا بهذا الذي يَحسدُونَكُم عليه، واشكُروا فضلَه، ليَحفظَهُ فيكم ويزيدَكُم منه، وليسَ هناكَ أجلُّ مِن نعمةِ الإيمانِ والاستجابةِ لدعوةِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فاحرِصوا على ذلك. (الواضح).

109- ﴿ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.
قالَ رحمهُ الله: مقتضاهُ في هذا الموضعِ وعدٌ للمؤمنين.
وقالَ الطبريُّ رحمهُ الله في تفسيره: إنَّ اللهَ على كلِّ ما يشاءُ بالذين وصفتُ لكم أمرَهم مِن أهلِ الكتابِ وغيرهم قديرٌ، إنْ شاءَ الانتقامَ منهم بعنادِهم ربَّهم، وإنْ شاءَ هداهم لما هداكم اللهُ له مِن الإيمان، لا يتعذَّر علـيه شيءٌ أراده، ولا يتعذَّر علـيه أمرٌ شاءَ قضاءه؛ لأنَّ له الـخـلقَ والأمر.

110- ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ ﴾: ومهما تعملوا من عملٍ صالحٍ في أيامِ حياتكم، فتقدِّموهُ قبلَ وفاتكم، ذُخرًا لأنفسِكم في معادِكم...

﴿ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ قالَ مؤلِّفُه: خبرٌ في اللفظِ معناهُ الوعدُ والوعيد.
وقال الطبري: هذا خبرٌ من اللهِ جلَّ ثناؤهُ للذين خاطبهم بهذه الآياتِ مِن المؤمنينَ أنهم مهما فعلوا مِن خيرٍ وشرٍّ، سِرًّا وعلانية، فهو به بصير، لا يخفَى عليه منه شيء، فيجزيهم بـالإحسانِ جزاءه، وبـالإساءةِ مثلها.

وهذا الكلامُ وإنْ كان خرجَ مخرجَ الخبر، فإن فيه وعدًا ووعيدا، وأمرًا وزجرًا، وذلكَ أنه أعلمَ القومَ أنه بصيرٌ بجميعِ أعمالهم، ليجدُّوا في طاعته، إذ كان ذلكَ مذخورًا لهم عندهُ حتى يُثيبَهم عليه.

111- ﴿ وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾.
إن كنتم صادقين بأن الجنةَ لا يدخلها إلا مَن كان هودًا أو نصارَى. (زاد المسير).

112- ﴿ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ﴾.
مصدِّقٌ بالقرآن (النسفي).
وقالَ ابنُ كثيرٍ رحمهُ الله: أي: اتبعَ فيه الرسولَ صلَّى الله عليه وسلَّم، فإن للعملِ المتقبَّلِ شرطين، أحدهما: أن يكون صواباً خالصاً لله وحده، والآخر: أن يكونَ صواباً موافقاً للشريعة، فمتى كان خالصاً ولم يكنْ صواباً، لم يتقبل، ولهذا قالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "مَن عملَ عملاً ليس عليه أمرُنا فهو ردّ". رواهُ مسلمٌ من حديثِ عائشةَ عنه عليه الصلاةُ والسلام، فعملُ الرهبان ومن شابههم، وإن فُرِضَ أنهم مخلصون فيه لله، فإنه لا يتقبلُ منهم، حتى يكونَ ذلك متابعاً للرسولِ صلَّى الله عليه وسلَّم، المبعوثِ إليهم وإلى الناسِ كافَّة، وفيهم وأمثالهم قالَ الله تعالى: ﴿ وَقَدِمْنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً ﴾ [سورة الفرقان: 23]، وقالَ تعالى: ﴿ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَعْمَـٰلُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ ٱلظَّمْآنُ مَآءً حَتَّىٰ إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً ﴾[سورة النور: 39].

114- ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيم﴾.
ولهم على معصيتِهم وكفرهم بربِّهم وسعيهم فـي الأرضِ فساداً عذابُ جهنـم. (الطبري).

118- ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آَيَةٌ .
قالوا: هلاَّ كلَّمَنا الله عياناً بأنكَ رسوله، أو تأتينا بآيةٍ دلالةً وعلامةً على صدقِكَ في ادِّعائكَ النبوة؟ (البغوي، باختصار).

120- ﴿ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ
﴿ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ ﴾ يا محمدُ هوَى هؤلاءِ اليهودِ والنصارى، فيما يرضيهم عنكَ من تهوُّدٍ وتنصُّر، فصرتَ من ذلك إلى إرضائهم، ووافقتَ فيه محبَّتَهم من بعدِ الذي جاءكَ من العلمِ بضلالتهم وكفرهم بربِّهم، ومن بعدِ الذي اقتصصتُ علـيكَ من نبئهم في هذه السورة... (الطبري).

123- ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾.
تفسيرها: واحذَروا حسابَ ذلكَ اليوم، الذي لا تَقضي نفسٌ عن نفسٍ شيئاً منَ الحقوقِ والجزاء، ولا يُقبَلُ منها فديةٌ، ولا يُفيدُها واسطةُ أحد، ولا يُنتَصَرُ لهم فيُمنَعُوا مِن العذاب. (الواضح).

126- ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ﴾.
أي: من أنواعها، بأنْ تُجعلَ قريبًا منه قرًى يحصلُ فيها ذلك، أو تجيءُ إليه من الأقطارِ الشاسعة - وقد حصلَ كلاهما - أي أنه يجتمعُ فيه الفواكهُ الربيعيةُ والصيفيةُ والخريفيةُ في يومٍ واحد! (روح المعاني).

131- ﴿ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾.
قالَ إبراهيمُ مجيباً لربِّه: خضعتُ بالطاعة، وأخلصتُ بالعبادةِ لمالكِ جميعِ الخلائقِ ومدبِّرها دون غيره. (الطبري).

133- ﴿ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ
قالَ بنوهُ له: نعبدُ معبودكَ الذي تعبده، ومعبودَ آبائكَ إبراهيمَ وإسماعيلَ وإسحاقَ إلهًا واحدًا، أي: نُـخـلِصُ له العبـادة، ونوحِّدُ له الربوبـية، فلا نشركُ به شيئًا، ولا نتَّـخذُ دونهُ ربًّا.
ويعني بقوله: ﴿ وَنَـحْنُ لَهُ مُسْلِـمُونَ ﴾: ونـحن له خاضعونَ بـالعبوديةِ والطاعة. (تفسير الطبري).

134- ﴿ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾.
ودَعُوا الاتِّكالَ على فضائلِ الآبـاءِ والأجداد، فإنما لكم ما كسبتم، وعليكم ما اكتسبتم، ولا تُسألون عمّا كان إبراهيمُ وإسماعيـلُ وإسحاقُ ويعقوبُ والأسبـاطُ يعملون من الأعمال، لأن كلَّ نفسٍ قدمتْ على الله يومَ القيامةِ فإنما تُسألُ عمّا كسبتْ وأسلفت، دون ما أسلفَ غيرُها. (الطبري).

135- ﴿ وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾.
قالَ رحمَهُ الله: وقولهم: ﴿ وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا ﴾ نظيرُ قولهم: ﴿ وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى ﴾ [سورة البقرة: 111].
قالَ ابن الجوزي في (زاد المسير): معناه: قالتِ اليهود: كونوا هوداً، وقالتِ النصارى: كونوا نصارى، تهتدوا.

136- ﴿ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾.
ونـحن له خاضعونَ بـالطاعة، مذعنونَ له بـالعبودية. (الطبري).

137- ﴿ فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا ﴾.
فقد أصابوا الحقَّ وأُرشِدوا إليه. (ابن كثير).

138- ﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ ﴾.
قال ابنُ جرير الطبري: اتَّبِعوا ملَّةَ إبراهيم، صبغةَ الله التي هي أحسنُ الصبغ، فإنها هي الحنيفيةُ المسلمة، ودَعوا الشركَ بالله والضلالَ عن محبةِ هداه.
﴿ وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ ﴾: يعني ملَّةَ الخاضعينَ لله، المستكينينَ له، في اتِّباعِنا ملَّة إبراهيمَ ودينونتِنا له بذلك، غيرَ مستكبرينَ في اتَّباعِ أمرهِ والإقرارِ برسالةِ رسله، كما استكبرتِ اليهودُ والنصارى، فكفروا بمحمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ استكبارًا وبغيًا وحسدًا.

141- ﴿ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾.
قد مرَّ لفظهُ في الآيةِ (134) من السورة، وقالَ هناكَ رحمَهُ الله: وقولهُ تعالى: ﴿ قَدْ خَلَتْ ﴾ في موضعِ رفعِ نعتٍ لأمَّة، ومعناه: ماتتْ وصارتْ إلى الخلاءِ من الأرض، ويُعنَى بالأمةِ الأنبياءُ المذكورون، والمخاطَبُ في هذه الآيةِ اليهودُ والنصارى، أي: أنتم أيها الناحلوهم اليهوديةَ والنصرانية، ذلك لا ينفعكم، لأن كلَّ نفسٍ ﴿ لَهَا مَا كَسَبَتْ ﴾ من خيرٍ وشرّ، فخيرُهم لا ينفعُكم إن كسبتُم شرًّا. وفي هذه الآيةِ ردٌّ على الجبريةِ القائلين لا اكتسابَ للعبد. ﴿ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ فتنحلوهم دِيناً.
وتُنظَرُ الآيةُ (134) في هذا الكتاب؛ لتكملةِ تفسيرها.

الجزء الثاني
143- ﴿ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ﴾.
أي: هداهم الله. (البغوي).

145- ﴿ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ
من بعدِ ما وصلَ إليكَ من العلمِ بإعلامي إيّاكَ أنهم مقيمون على باطل، وعلى عنادٍ منهم للحقّ، ومعرٍفة منهم أن القِبلةَ التي وجَّهتُك إليها هي القِبلةُ التي فُرِضَتْ على أبيكَ إبراهيمَ علـيه السلامُ وسائرِ ولدهِ من بعدهِ من الرسلِ التوجُّهُ نحوَها. (الطبري).

149- ﴿ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ
فإنَّهُ القِبلةُ الخالصةُ التي رَضِيَها اللهُ لكم، وهو الثابتُ الموافِقُ للحِكمة، وليسَ اللهُ بغافلٍ عن امتثالِكم وطاعتِكم، ولسوفَ يُجازيكم بذلكَ أحسنَ جزاء. (الواضح في التفسير).

150- ﴿ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾.
قالَ المؤلفُ في الآيةِ التي قبلها: ثم تكررتْ هذه الآيةُ تأكيداً من الله تعالى؛ لأن موقعَ التحويلِ كان صعباً في نفوسهم جدًّا، فأكدَ الأمرَ ليرَى الناسُ التهمُّمَ به، فيخفَّ عليهم وتسكنَ نفوسُهم إليه. اهـ
﴿ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾: ولكي تهتدوا إلى قبلةِ إبراهيم. (النسفي).

151- ﴿ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ ﴾.
لأتمَّ نعمتي عليكم في أمرِ القبلة، أو في الآخرة، إتماماً مثلَ إتمامِ إرسالِ الرسول. (روح المعاني، باختصار).

159- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ﴾.
هؤلاء الذين يكتمون ما أنزلَهُ الله من أمرِ محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم وصفتهِ وأمرِ دينه، أنه الحقُّ من بعدِ ما بيَّنهُ الله لهم في كتبهم، يلعنهم بكتمانهم ذلك وتركِهم تبيينَهُ للناس. وأصلُ اللعن: الطرد، فمعنى الآية إذًا: أولئك يُبعِدُهم الله منه ومن رحمته. (الطبري، باختصار).

160- ﴿ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ
﴿ وَأَنَا ٱلتَّوَّابُ ﴾: الرجَّاعُ بقلوبِ عبادي المنصرفةِ عني إليّ، ﴿ ٱلرَّحِيمُ ﴾ بهم بعد إقبالهم عليّ. (البغوي).

165- ﴿ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ ﴾.
وأيقنتـُم أني شديدٌ عذابي لمن كفرَ بي وادَّعَى معي إلهاً غيري. (الطبري).

167- ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ﴾.
﴿ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا ﴾: كما تبرأ منهم رؤساؤهم الذين كانوا في الدنيا، المتبوعون فيها على الكفر بـالله.
﴿ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ﴾: وما هؤلاء الذين وصفتهم من الكفار، وإن ندموا بعد معاينتهم ما عاينوا من عذابِ الله، فاشتدَّت ندامتُهم على ما سلفَ منهم من أعمالهم الخبـيثة، وتمنَّوا إلى الدنيا كرّةً لينيبوا فيها، ويتبرَّؤوا من مضلِّيهم وسادتهم الذين كانوا يطيعونهم في معصيةِ الله فـيها، بخارجين من النارِ التي أصلاهُموها الله بكفرهم به في الدنـيا، ولا ندمُهم فـيها بمنجيهم من عذابِ الله حينئذ، ولكنهم فـيها مخـلَّدون. (الطبري).

168- ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾.
قالَ في تفسيرِ الألفاظِ الكريمةِ نفسها، في الآيةِ (168) من السورة: ﴿ عَدُوٌّ ﴾: يقعُ على الواحدِ والاثنينِ والجميع، و﴿ مُبِينٌ ﴾: يحتملُ أن يكونَ بمعنَى أبانَ عداوته، وأن يكونَ بمعنَى بانَ في نفسهِ أنه عدوّ؛ لأن العربَ تقول: بانَ الأمر، وأبان، بمعنًى واحد.
وقالَ البغويُّ رحمَهُ الله: بيِّنُ العداوة، وقيل: مُظهِرُ العداوة، وقد أظهرَ عداوتَهُ بإبائهِ السجودَ لآدم، وغرورهِ إيّاهُ حين أخرجَهُ من الجنة.

170- ﴿ أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴾.
ولا يهتدونَ لرشدٍ فيَهتدي بهم غيرُهم، ويقتدي بهم مَن طلبَ الدينَ وأرادَ الحقَّ والصواب. (الطبري).

172- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾.
قالَ المؤلفُ في موضعِ تفسيرِ الآية: ﴿ إِنْ ﴾ شرط، والمرادُ بهذا الشرطِ التثبيتُ وهزُّ النفس، كما تقول: افعلْ كذا إن كنتَ رجلاً.

وقالَ في تفسيرها، في الآيةِ (142) من سورةِ الأنعام: ﴿ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾: إقامةٌ للنفوس، كما تقولُ لرجل: إن كنتَ من الرجالِ فافعلْ كذا، على معنى إقامةِ نفسه.
وقال الطبري: إنْ كنتُم منقادينَ لأمره، سامعينَ مطيعين.

173- ﴿ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾.
﴿ غَفُورٌ ﴾ للذنوبِ الكبائرِ فأنَّى يؤاخِذُ بتناولِ الميتةِ عند الاضطرار؟ ﴿ رَّحِيمٌ ﴾ حيثُ رخَّص. (النسفي).

177- ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾.
﴿ الْبِرَّ ﴾: البِرُّ هو التوسُّعُ في فعلِ الخير. وهو ضربان: ضربٌ في الاعتقاد، وضربٌ في الأعمال، وقد اشتملَ عليه قولهُ تعالَى: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ... ﴾ (مفردات الراغب باختصار).

﴿ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ﴾:... من اتَّصفَ بهذه الآيةِ فقد دخلَ في عُرَى الإسلامِ كلِّها، وأخذَ بمجامعِ الخيرِ كلِّه، وهو الإيمانُ بالله، وأنه لا إله إلا هو، وصدَّقَ بوجودِ الملائكة، الذين هم سفَرةٌ بين الله ورسله، والكتاب، وهو اسمُ جنسٍ يشملُ الكتبَ المنزلةَ من السماءِ على الأنبياء، حتى خُتِمتْ بأشرفها، وهو القرآن، المهيمنُ على ما قبلَهُ من الكتب، الذي انتهَى إليه كلُّ خير، واشتملَ على كلِّ سعادةٍ في الدنيا والآخرة، ونُسِخَ به كلُّ ما سواهُ من الكتبِ قبله، وآمنَ بأنبياءِ الله كلِّهم، من أولهم إلى خاتمهم محمدٍ صلواتُ الله وسلامهُ عليه وعليهم أجمعين. (ونسيَ ابنُ كثير ذكرَ يومِ القيامة، رحمهُ الله).

﴿ وَٱلْمَسَـٰكِينِ ﴾: وهم الذين لا يجدون ما يكفيهم في قوتهم وكسوتهم وسكناهم، فيُعطَون ما تُسَدُّ به حاجتُهم وخَلَّتُهم.
﴿ وَٱلسَّآئِلِينَ ﴾: وهم الذين يتعرَّضون للطلب، فيُعطَون من الزكواتِ والصدقات. (ابن كثير).

﴿ وَالـمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إذَا عاهَدُوا ﴾: الذين لا ينقضون عهدَ الله بعد الـمعاهدة، ولكنْ يوفون به ويُتـمُّونَهُ علـى ما عاهدوا علـيه مَن عاهدوه علـيه. (الطبري).

181- ﴿ فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
فإنما إثمُ ما بُدِّلَ مِن ذلكَ علـى الذين يبدِّلونه. (الطبري).

184- ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾.
فإذا أُفطِرَ فعليه عدَّةُ ما أُفطِرَهُ في السفرِ من الأيام. (ابن كثير).

189- ﴿ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾.
ولكنَّ البرَّ من اتَّقَى الله فخافه، وتجنَّبَ محارمه، وأطاعَهُ بأداءِ فرائضهِ التي أمرَهُ بها، فأمّا إتيانُ البيوتِ من ظهورها فلا برَّ لله فيه، فأتوها من حيث شئتُم من أبوابها وغيرِ أبوابها، ما لم تعتقدوا تحريـمَ إتـيانها من أبوابها في حالٍ من الأحوال، فإن ذلك غيرُ جائزٍ لكم اعتقاده، لأنه مما لم أحرِّمه علـيكم. (الطبري).

190- ﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾.
﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ الذين يجاوزونَ حدوده، فـيستحلُّونَ ما حرَّمَهُ اللهُ علـيهم، مِن قتلِ هؤلاءِ الذين حرَّمَ قتلَهم، مِن نساءِ الـمشركينَ وذراريهم. (الطبري).

191- ﴿ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ ﴾.
فإن اللهَ جعلَ ثوابَ الكافرينَ على كفرهم وأعمالهم السيئةِ القتلَ في الدنيا والخزيَ الطويلَ في الآخرة. (الطبري).

194- ﴿ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾.
أمرٌ لهم بطاعةِ الله وتقواه، وإخبارهُ بأنه تعالى مع الذين اتقَوا بالنصرِ والتأييدِ في الدنيا والآخرة. (ابن كثير).

195- ﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾.
إنَّ اللهَ يريدُ الخيرَ بالمحسنين. (الواضح).

197- ﴿ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾.
﴿ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ ﴾: لمـّا نهاهم عن إتيانِ القبيحِ قولًا وفعلًا، حثَّهم على فعلِ الجميل.
﴿ وَاتَّقُونِ ﴾: يقول: واتَّقوا عقابي ونكالي وعذابي لمن خالفني ولم يأتمرْ بأمري. (ابن كثير).

199- ﴿ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾.
واستغفِروا اللهَ لذنوبكم، فإنه غفورٌ لها حينئذٍ، تفضُّلاً منه علـيكم، رحيـمٌ بكم. (الطبري).



ابوالوليد المسلم 12-11-2020 10:21 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 
الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (4)


أ. محمد خير رمضان يوسف






سورة البقرة (203 - آخر السورة)


203- ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾.

قالَ رحمَهُ الله: ثم أمرَ تعالى بالتقوى، وذكَّرَ بالحشرِ والوقوفِ بين يديه.

وقالَ الطبري في تفسيرها: واتَّقوا الله أيها المؤمنونَ فيما فرضَ عليكم من فرائضه، فخافوهُ في تضييعها والتفريطِ فيها، وفيما نهاكم عنه في حجِّكم ومناسككم أنْ ترتكبوهُ أو تأتوه، وفيما كلَّفكم في إحرامِكم لحجِّكم أنْ تقصِّروا في أدائهِ والقيامِ به، واعلموا أنكم إليه تُحشَرون، فمجازيكم هو بأعمالِكم، المحسنُ منكم بإحسانه، والمسيءُ بإساءته، وموفٍ كلَّ نفسٍ منكم ما عملت، وأنتم لا تُظلَمون.



205- ﴿ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾.

فسَّرَ الإفسادَ في الآيةِ (11) من السورةِ نفسها بالكفرِ وموالاةِ الكفرة.

ومما ذكرَهُ الطبريُّ رحمَهُ الله في معنى الفسادِ قوله: وقد يدخلُ في الإفسادِ جميعُ المعاصي، وذلك أن العملَ بـالمعاصي إفسادٌ في الأرض، فلم يخصصِ الله وصفَهُ ببعضِ معاني الإفسادِ دونَ بعض.



206- ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ ﴾.

حملَتْهُ النخوةُ وحميَّةُ الجاهليةِ على الإثم، الذي يُنهَى عنه، وألزمتْهُ ارتكابه، أو الباءُ للسبب، أي: أخذتْهُ العزَّةُ من أجلِ الإثمِ الذي في قلبه، وهو الكفر. (النسفي).



207- ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾.

﴿ ٱبْتَغَاءَ مَرْضَـٰتِ ٱللَّهِ ﴾: أي طلباً لرضاه.

﴿ وَٱللَّهُ رَءوفٌ بِٱلْعِبَادِ ﴾: أي المؤمنين، حيثُ أرشدَهم لما فيه رضاه، وجعلَ النعيمَ الدائمَ جزاءَ العملِ المنقطع، وأثابَ على شراءِ مُلكهِ بملكه. (مستفادٌ من روح المعاني).



208- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾.

ذكرَ أنه تقدَّمَ القولُ في ﴿ خُطُوَاتِ ﴾، ويعني في الآيةِ (168) من السورة، وقالَ هناك: و﴿ خُطُوَاتِ ﴾: جمعُ خُطوة، وهي ما بين القدمَين في المشي، فالمعنَى: النهيُ عن اتِّباعِ الشيطانِ وسلوكِ سُبلهِ وطرائقه، قال ابنُ عباس: خطواتهُ أعماله، قالَ غيره: آثاره، قالَ مجاهد: خطاياه، قالَ أبو مجلز: هي النذورُ والمعاصي.



213- ﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾.

﴿ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ﴾: وأنزلَ معهمُ الكُتبَ بالحقِّ والعدلِ والقولِ الفَصل، ليَتدبَّرَها الناسُ ويَتحاكموا إلى ما فيها مِن أوامرَ ونَواه، ففيها الحقّ، ولا قولَ بعدَها. (الواضح).



﴿ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ قالَ رحمَهُ الله: ردٌّ على المعتزلةِ في قولهم: إنَّ العبدَ يستبدُّ بهدايةِ نفسه.

وهو في (الواضح في التفسير): واللهُ يَهدي مَن يشاءُ مِن خَلْقهِ إلى الطريقِ المستقيم، ممَّن يَعلَمُ فيهمُ الرغبةَ في اتِّباعِ الهُدَى وتقبُّلِ الحقّ. وهو الهادي إلى سَواءِ السَّبيل. (الواضح).



214- ﴿ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾.

وإنَّ نصرَ اللهِ قريبٌ ممَّن صبرَ على مُكابدةِ المـَشاقّ، وجاهدَ حقَّ الجهاد، فكانَ أهلاً للنَّصر، وإنَّ مع العُسرِ يُسراً وتوفيقاً، ونَصراً وفرَجاً. (الواضح).



215- ﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ

والأهلُ: الأقربُ منهم فالأقرب، واليتامَى مِن الصِّغارِ الذين فقدوا آباءَهم، وهم مَظِنَّةُ الحاجةِ لعدمِ قدرتِهم على الكسب، والمساكينُ الذين لا يجدونَ ما يكفيهم، وابنُ السبيل: الغريبُ الذي انقطعَ عن بلدهِ ولا يجدُ ما يُبْلِغهُ إليه.



وما تُنفِقوا مِن أموالٍ على هؤلاءِ المـُحتاجين، وما تَفعلوا مِن الطَّاعاتِ والقُرُبات، يَعلَمْها الله، وسيَحفظُها لكم، ويُجازيكم عليها أفضلَ الجزاء. (الواضح).



216- ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾.

أي: هو أعلمُ بعواقبِ الأمورِ منكم، وأخبرُ بما فيه صلاحُكم في دنياكم وأُخراكم، فاستَجيبوا له، وانقادوا لأمره، لعلكم ترشدون. (ابن كثير).



217- ﴿ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾.

تفسيرهُ عند الطبريِّ ملخصًا: ولا يزالُ مشركو قريشٍ يقاتلونكم حتى يردُّوكم عن دينكم إن قدروا علـى ذلك، ومَن يرجعْ عن دينِ الإسلام، فيمتْ قبلَ أنْ يتوبَ مِن كفره، فهم الذين بطلتْ أعمالهم (أي ثوابها) في دارِ الدنيا والآخرة.

وهؤلاءِ الذين ارتدُّوا عن دينهم، فماتوا على كفرهم، هم أهلُ النارِ المخلَّدونَ فيها.



218- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾.

﴿ وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾: وحاربوهم في دينِ اللهِ ليُدخلوهم فيه، وفيما يُرضي الله.

﴿ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾: واللهُ ساترُ ذنوبِ عبادهِ بعفوهِ عنها، متفضِّلٌ عليهم بالرحمة. (الطبري).



227- ﴿ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾.

أي: سميعٌ لطلاقه، عليمٌ بنيَّته. (روح المعاني).



231- ﴿ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾.

﴿ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ﴾:... وإمّا أنْ تُطلِّقوهنّ، وهيَ كذلكَ تُطَلَّقُ بنفسِها إذا انتهتْ عِدَّتُها، وتَخرجُ من بيتِ الزوجِ بدونِ ظلمٍ ولا إيذاء. ولا يجوزُ لكم أن تُمسِكوهنَّ في البيوتِ وتُطوِّلوا عِدَّتَهنَّ بقصدِ الإضرارِ بهنَّ وأنتم تعلمونَ أنّكمْ ستُطلِّقوهنّ، فإنَّ مَن يَفعلْ ذلكَ فقد خالفَ أمرَ الله. (الواضح).

﴿ يَعِظُكُمْ بِهِ ﴾ بما أنزلَ عليكم، وهو حال، ﴿ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ﴾ فيما امتحنكم به. (النسفي).



232- ﴿ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ

أي: هذا الذي نهيناكم عنه، مِن منعِ الوَلايا أنْ يتزوَّجنَ أزواجهنَّ إذا تراضَوا بينهم بالمعروف، يأتمرُ به ويتَّعظُ به وينفعلُ له ﴿ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ ﴾ أيها الناسُ ﴿ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ﴾ أي: يؤمنُ بشرعِ الله، ويخافُ وعيدَ اللهِ وعذابَهُ في الدارِ الآخرةِ وما فيها من الجزاء (ابن كثير).



237- ﴿ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾.

وأنْ تعفوا أيها الناسُ بعضُكم عمّا وجبَ له قِبَلَ صاحبهِ من الصَّداقِ قَبلَ الافتراقِ عند الطلاق، أقربُ له إلى تقوَى الله. (الطبري).



239- ﴿ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴾.

كما ذكَّركم بتعليمهِ إياكم، من أحكامه، وحلاله، وحرامه، وأخبارِ مَن قبلكم من الأممِ السالفة، والأنباءِ الحادثةِ بعدكم، في عاجلِ الدنيا وآجلِ الآخرة، التي جهلَها غيركم، وبصَّركـم من ذلك وغيره، إنعامًا منه عليكم بذلك، فعلَّمكم منه ما لم تكونوا من قبلِ تعليمهِ إياكم تعلمون. (الطبري).



245- ﴿ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾.

في معناهُ قولان:

أحدهما: أن معناه: يَقترُ على من يشاءُ في الرزق، ويَبسطهُ على من يشاء.

والثاني: يقبضُ يدَ من يشاءُ عن الإنفاقِ في سبيله، ويبسطُ يدَ من يشاءُ بالإنفاق. (زاد المسير، باختصار).



247- ﴿ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾.

قالَ في تفسيرِ اسمِ الجلالةِ (عليم) في الآيةِ (115) من سورةِ البقرة: ﴿ وَللَّهِ ٱلْمَشْرِقُ وَٱلْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾: عليمٌ بالنياتِ التي هي ملاكُ العمل، وإن اختلفتْ ظواهرهُ في قِبلةٍ وما أشبهها.

وقالَ القاضي البيضاوي فيما يناسبُ الآية: عليمٌ بمن يليقُ بالـمُلكِ من النسيبِ وغيره.



250- ﴿ وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾.

أي: هَبْ لنا كمالَ القوةِ والرسوخِ عند المقارعةِ بحيث لا تتزلزل. وليس المرادُ بتثبيتِ الأقدامِ مجردَ تقرُّرِها في حيِّزٍ واحد، إذ ليس في ذلك كثيرُ جدوى. ﴿ وَٱنصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَـٰفِرِينَ ﴾ أي: أعِنّا عليهم بقهرهم وهزمهم. (روح المعاني، باختصار).





251- ﴿ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ

أي: مَنٍّ عليهم، ورحمةٍ بهم، يدفعُ عنهم ببعضهم بعضًا، وله الحكمُ والحكمة، والحجَّةُ على خَلقهِ في جميعِ أفعالهِ وأقواله. (ابن كثير).



252- ﴿ تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ

إنَّها آياتُ الله، والقَصَصُ الحقُّ الذي أنزلَهُ اللهُ عليكَ أيُّها الرسولُ الكريم، ليؤمنَ الناسُ ويَعتبِروا، ويَتبصَّروا بحقائقِ الأمور، وما كانوا يعرفونَ هذهِ الآثارَ والأخبار، لكنَّكَ أخبرتَهم بذلكَ مِن وحي اللهِ وعلمِه، فأنتَ نبيٌّ مرسَلٌ مِن عندهِ لا رَيب. (الواضح).



الجزء الثالث

261- ﴿ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾.

﴿ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ ﴾: غنيٌّ يعطي عن سعة، ﴿ عَلِيمٌ ﴾ بنيَّةِ مَن ينفقُ ماله. (البغوي).



266- ﴿ أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ ﴾.

﴿ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ ﴾: الهاءُ في قوله: ﴿ لَهُ ﴾ عائدةٌ علـى (أَحَد)، والهاءُ والألفُ في: ﴿ فِيهَا ﴾ على الـجنة، ﴿ وَأَصَابَهُ ﴾ يعني وأصابَ أحدَكم الكِبَرُ، ﴿ وَلَهُ ذُرّيَّةٌ ضُعَفَاء ﴾.



وإنما جعلَ جلَّ ثناؤهُ البستانَ من النـخيـلِ والأعناب، الذي قالَ جلَّ ثناؤه لعبـادهِ الـمؤمنـين: أيودُّ أحدُكم أن تكونَ له مثلاً لنفقةِ الـمنافقِ التي يُنفقُها رياءَ الناس، لا ابتغاءَ مرضاةِ الله، فـالناسُ بما يَظهرُ لهم من صدقتهِ وإعطائهِ لما يُعطي وعملهِ الظاهر، يُثنون علـيه ويَحمدونَهُ بعملهِ ذلك أيامَ حياتهِ في حُسنهِ كحُسنِ البستان، وهي الجنةُ التي ضربها الله عزَّ وجلَّ لعملهِ مثلاً من نـخيـلٍ وأعناب، ﴿ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ ﴾، لأن عملَهُ ذلك الذي يعملهُ فـي الظاهرِ في الدنـيا له فـيه من كلِّ خيرٍ من عاجلِ الدنـيا، يدفعُ به عن نفسهِ ودمهِ ومالهِ وذرِّيته، ويكتسبُ به المحمدةَ وحسنَ الثناءِ عند الناس، ويأخذُ به سهمَهُ من المغنم، مع أشياءَ كثـيرةٍ يكثرُ إحصاؤها، فله في ذلك من كلِّ خيرٍ في الدنـيا، كما وصفَ جلَّ ثناؤهُ الجنةَ التي وصفَ مثلاً بعمله، بأن فـيها من كلِّ الثمرات... (الطبري).



268- ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ

عليمٌ بنفقاتِكم وصدقاتِكم التـي تُنفقونَ وتَصدَّقون بها، يُحصيها لكم حتـى يجازيَكم بها عند مقدمِكم علـيه في آخرتِكم. (الطبري).



269- ﴿ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾.

يقال: إن مَن أُعطيَ الحكمةَ والقرآنَ فقد أُعطيَ أفضلَ ما أُعطيَ مَن جمعَ علمَ كتبِ الأوَّلين من الصحفِ وغيرها؛ لأنه قالَ لأُولئك: ﴿ وَمَآ أُوتِيتُم مِّن ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ [سورة الإسراء: 85]، وسمَّى هذا خيراً كثيراً؛ لأن هذا هو جوامعُ الكلِم. (القرطبي).



270- ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ ﴾.

هذا بيانٌ لحكمٍ عامٍّ يشملُ كلَّ صدقةٍ مقبولة، وغيرِ مقبولة. (فتح القدير).



271- ﴿ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾.

أي: لا يخفَى عليه مِن ذلكَ شيء، وسيجزيكم عليه. (ابن كثير).



272- ﴿ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾.

لا تنقصونَ من ثوابِ أعمالِكم شيئًا. (البغوي).



274- ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾.

فسَّرها في الآية (38) من السورة: ﴿ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾. قالَ في آخره: ويحتملُ قولهُ تعالى: ﴿ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ﴾ أي فيما بين أيديهم من الدنيا، ﴿ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ على ما فاتهم منها. ويحتملُ أن ﴿ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ﴾ يومَ القيامة، ﴿ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ فيه. ويحتملُ أن يريدَ أنه يُدخلهم الجنة، حيثُ لا خوفٌ ولا حزن.



277- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾.

تفسيرُ الآية: إنَّ الذينَ آمنوا وأتْبَعُوا إيمانَهم بالأعمالِ الصالحة، فأطاعوا ربَّهم، وشكروا لهُ نِعَمَهُ عليهم، ورَضُوا بما قَسَمَ لهم منَ الحلال، وأحسَنوا إلى خَلْقه، وداوموا على صلواتِهم، وأعطَوا زكاةَ أموالِهم للفقراءِ والمحتاجين، لهم جميعاً الجزاءُ العظيمُ عندَ ربِّهم، ولا خوفٌ عليهم يومَ الحساب، في مقابلِ التخبُّطِ والهلعِ الذي يُصيبُ المـُرابي، ولا هم يَحزَنونَ على ما فاتَهم منَ الدُّنيا، فهم في مكانٍ أجلّ، ونعيمٍ أعظم، وسعادةٍ لا تُوصَفُ ولا تُقارَنُ بما في الدنيا. (الواضح).



280- ﴿ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾.

﴿ إنْ كُنْتُـمْ تَعْلَـمُونَ ﴾ موضعَ الفضلِ في الصدقة، وما أوجبَ اللهُ مِن الثوابِ لمن وضعَ عن غريمهِ المُعسرِ دَينه. (الطبري).



281- ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾.

﴿ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ﴾ بنقصِ ثوابٍ وتضعيفِ عقاب. (البيضاوي).



282- ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾.

﴿ وَاللّهُ بِكُلّ شَيْءٍ عَلِـيـمٌ ﴾: يعني مِن أعمالِكم وغيرها، يُحصيها علـيكم لـيجازيَكم بها. (الطبري).



283- ﴿ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾.

﴿ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ ﴾: فليَخفِ اللهَ ربَّهُ في الذي عليه مِن دَينِ صاحبهِ أن يجحده، أو يلطَّ دونه، أو يحاولَ الذهابَ به، فيتعرَّضَ مِن عقوبةِ الله ما لا قِبلَ له به، ولْيؤدِّ دَينَهُ الذي ائتمنَهُ عليه إليه.



﴿ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾: عليمٌ بما تعملونَ في شهادتكم، مِن إقامتِها والقيامِ بها، أو كتمانكم إياها عند حاجةِ مَن استشهدكم إليها، وبغيرِ ذلك من سرائرِ أعمالكم وعلانيتها عليمٌ، يُحصيهِ عليكم ليجزيَكم بذلك كلِّهِ جزاءَكم، إمّا خيرًا وإمّا شرًّا، على قدرِ استحقاقِكم (الطبري).



ابوالوليد المسلم 12-11-2020 10:22 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 
الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (5)


أ. محمد خير رمضان يوسف





سورة آل عمران (1 – 91)



سورة آل عمران




2- ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ

أوردَ بعضَ معانيها عند تفسيرِ آيةِ الكرسي (الآية 255 من سورة البقرة)، منها تفسيرهُ لفظَ ﴿الْقَيُّومُ ﴾ بأنه القائمُ على كلِّ أمرٍ بما يجبُ له.

ومما قالَهُ الطبريُّ في تفسيرِ الآيةِ مختصرًا:

﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾: خبرٌ من الله جلَّ وعزَّ أخبرَ عبـادَهُ أن الألوهيةَ خاصَّةٌ به دونَ ما سواهُ من الآلهةِ والأنداد، وأن العبـادةَ لا تصلحُ ولا تجوزُ إلا له؛ لانفرادهِ بـالربوبـية، وتوحُّدهِ بـالألوهية، وأن كلَّ ما دونَهُ فمُلكه، وأن كلَّ ما سواهُ فخَـْلقُه، لا شريكَ له في سلطانهِ وملكه.



﴿الْحَيُّ ﴾: وصفَ نفسَهُ بـالحياةِ الدائمةِ التي لا فناءَ لها ولا انقطاع، ونفَى عنها ما هو حالٌّ بكلِّ ذي حياةٍ من خَـلقه، من الفناء، وانقطاعِ الحياةِ عند مجيءِ أجله، فأخبرَ عبـادَهُ أنه المستوجبُ على خـلقهِ العبـادةَ والألوهة، والحيُّ الذي لا يموتُ ولا يَبـيدُ كما يموتُ كلُّ من اتَّـخذَ من دونهِ ربًّا، ويَبـيدُ كلُّ من ادَّعَى من دونهِ إلهاً، واحتـجَّ على خـَلقهِ بأن من كان يَبـيدُ فـيزولُ ويموتُ فـيفنَى، فلا يكونُ إلهًا يستوجبُ أن يُعبَدَ دون الإلهِ الذي لا يَبـيدُ ولا يـموت، وأن الإلهَ هو الدائمُ الذي لا يـموتُ ولا يَبـيدُ ولا يفنَى، وذلك الله الذي لا إله إلا هو.

﴿الْقَيُّومُ ﴾: القائمُ بأمر ِكلِّ شيءٍ في رزقهِ والدفعِ عنه، وكلاءتهِ وتدبـيرهِ وصرفهِ في قدرته.



5- ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾.

يخبرُ تعالَى أنه يعلمُ غيبَ السماواتِ والأرض، ولا يخفَى عليه شيءٌ مِن ذلك. (ابن كثير).



6- ﴿هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾.

هو المستحقُّ للإلهيةِ وحدَهُ لا شريكَ له. (ابن كثير).



8- ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾.

﴿بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا﴾ له، فوفِّقتنا للإيـمانِ بمـحكمِ كتابِكَ ومتشابهه.

﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾: إنكَ أنتَ المـُعطي عبادكَ التوفيقَ والسداد، للثباتِ على دينك، وتصديقِ كتابِكَ ورسُلِك (الطبري).



9- ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾.

إنكَ لا تُخلِفُ وَعْدَك، أنَّ مَن آمنَ بك، واتَّبع رسولَك، وعملَ بالذي أمرتَه به في كتابك، أنكَ غافرهُ يومئذ. (الطبري).



11- ﴿كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ

تفسيرُ الآيةِ الكريمة: وهذا كصنيعِ آلِ فرعونَ ومَن قَبلَهم منَ الأممِ الكافرة، منَ الكفرِ والتكذيبِ بما جاءَ بهِ أنبياءُ الله، عندما حارَبوهم، واستهزَؤوا بهم، ونَبذوا ما جاؤوا بهِ وراءَ ظهورِهم، واللهُ شديدٌ في عقابهِ لهؤلاءِ الكافِرينَ وأمثالِهم. (الواضح).



12- ﴿وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ﴾.

واللهُ المتَّصفُ بصفاتِ الجمالِ والجلال، يقوِّي بعونهِ مَن يشاءُ أنْ يؤيِّدَه مِن غيرِ توسُّطِ الأسبابِ المعتادة، كما أيَّدَ الفئةَ المقاتلةَ في سبيله. (روح المعاني، باختصار).



14- ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ﴾.

... فبدأ بالنساءِ لأن الفتنةَ بهنَّ أشدّ، فأمّا إذا كان القصدُ بهنَّ الإعفافَ وكثرةَ الأولاد، فهذا مطلوبٌ مرغوبٌ فيه، مندوبٌ إليه. وحبُّ البنينَ تارةً يكونُ للتفاخرِ والزينة، فهو داخلٌ في هذا، وتارةً يكونُ لتكثيرِ النسلِ وتكثيرِ أمةِ محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم، ممن يعبدُ الله وحدَهُ لا شريكَ له، فهذا محمودٌ ممدوح. (ابن كثير، باختصار).



15- ﴿لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾.

﴿لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ﴾: إنَّهُ مِن نصيبِ عبادِ اللهِ المتَّقين، الذينَ آمنوا باللهِ وقاموا بالأعمالِ الصَّالحة.

﴿وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾: واللهُ بصيرٌ بأعمالِ عبادهِ ونيّاتِهم وتوجُّهاتِهم في الدنيا، خبيرٌ بميولِهم ونوازِعِهم، وهو يُعطي كلاًّ بحسبِ ما عملَ واجتهدَ وأخلَص. (الواضح).



16- ﴿الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.

الذين يقولون إننا صدَّقنا بكَ وبنبـيِّك، وما جاءَ به من عندك، فـاسترْ علـينا بعفوِكَ عنها، وتركِكَ عقوبتَنا علـيها، وادفعْ عنا عذابكَ إيّانا بـالنارِ أن تعذِّبَنا بها.

وإنما معنَى ذلك: لا تعذِّبْنا يا ربَّنا بـالنار.

وإنما خصُّوا الـمسألةَ بأن يقيَهم عذابَ النار، لأن من زُحزِحَ يومئذٍ عن النارِ فقد فـازَ بـالنـجاةِ من عذابِ النارِ وحُسنِ مآبه. (الطبري، باختصار).



18- ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾.

تفسيرُ الآية: شَهِدَ الله، وكفَى بهِ شهيداً، أنَّهُ الإلهُ الواحدُ الأحد، إلهُ الخلقِ كلِّهم، فالكلُّ لهُ عبيد، وهو عنهم غنيّ، وشَهِدَتْ ملائكتهُ بوحدانيَّتِه، وكذا العلماءُ الراسخون، في تصديقٍ وطاعةٍ واتِّباع. وهي شهادةٌ أيضاً بقيامِ اللهِ تعالَى بالعدلِ والقِسطِ في تدبيرِ الكونِ وحياةِ الناس، فلا يَظلِمُ أحداً، سُبحانَهُ وتعالَى، لا إلهَ غيره، ولا ربَّ سِوَاه، ولا أعدلَ منه، وهو ذو العِزَّةِ والعظَمة، الحكيمُ في كلِّ ما يفعلُ ويَشْرَعُ ويُقَدِّر. (الواضح).



19- ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِآَيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾.

مَن جحدَ بما أنزلَ اللهُ في كتابه... (ابن كثير).



21- ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾.

﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ ﴾: يجحدون بآياتِ الله، يعني القرآن، وهم اليهودُ والنصارى. (البغوي).

﴿بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾: موجعٍ مهين. (ابن كثير).



22- ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾.

وما لهؤلاءِ القومِ من ناصرٍ ينصرُهم من اللهِ إذا هو انتقمَ منهم بـما سلفَ من إجرامِهم واجترائهم علـيه فـيستنقذهم منه (الطبري).



23- ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ﴾.

المرادُ منه نصيباً من علمِ الكتاب، لأنّا لو أجريناهُ على ظاهرهِ فُهِمَ أنهم قد أوتوا كلَّ الكتاب، والمرادُ بذلك العلماءُ منهم، وهم الذين يُدْعَون إلى الكتاب؛ لأن من لا علمَ له بذلك لا يُدعَى إليه. (التفسير الكبير للرازي).



25- ﴿فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ

أي: لا ينقصُ من حسناتهم، ولا يُزاد على سيئاتهم. (البغوي).



26- ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.

تعطي الـمُلكَ مَن تشاءُ فتـملِّكهُ وتسلِّطهُ على من تشاء. وقوله: ﴿وَتَنزِعُ المـُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ ﴾ أن تنزعَهُ منه. وتعزُّ مَن تشاءُ بإعطائهِ المـُلكَ والسلطان، وبسطَ القدرةِ له، وتُذِلُّ مَن تشاءُ بسلبِكَ مُلكَه، وتسليطِ عدوِّهِ عليه. كلُّ ذلك بيدِكَ وإليك، لا يقدرُ على ذلك أحد؛ لأنكَ على كلِّ شيءٍ قديرٌ دونَ سائرِ خَلقك، ودونَ مَن اتَّخذهُ المشركونَ من أهلِ الكتابِ والأميينَ من العربِ إلهًا وربًّا يعبدونَهُ من دونك، كالمسيح، والأندادِ التي اتَّخذها الأميونَ ربًّا (الطبري، باختصار).



29- ﴿قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.

﴿أَوْ تُبْدُوهُ ﴾: أو تُبدوا ذلكم من أنفسِكم بألسنتِكم وأفعالِكم، فتُظهروه.

﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾: واللهُ قديرٌ علـى معاجلتِكم بـالعقوبةِ علـى موالاتِكم إيّاهم، ومظاهرتِكموهم علـى الـمؤمنـين، وعلـى ما يشاءُ مِن الأمورِ كلِّها، لا يتعذَّر علـيه شيءٌ أراده، ولا يـمتنعُ علـيه شيءٌ طلبه. (الطبري).



31- ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.

﴿وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ أي: يتجاوزْ لكم عنها، ﴿وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ أي: لمن تحبَّبَ إليه بطاعته، وتقرَّبَ إليه باتِّباعِ نبيِّهِ صلَّى الله عليه وسلَّم. (روح المعاني).



32- ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾.

﴿قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ ﴾ أي: تخالَفوا عن أمره، ﴿فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَـٰفِرِينَ ﴾، فدلَّ على أن مخالفتَهُ في الطريقةِ كفر، والله لا يحبُّ من اتصفَ بذلك، وإن ادَّعَى وزعمَ في نفسهِ أنه يحبُّ اللهَ ويتقرَّبُ إليه، حتى يتابعَ الرسولَ النبيَّ الأميَّ خاتمَ الرسل، ورسولَ الله إلى جميعِ الثقلَين: الجنِّ والإنس، الذي لو كان الأنبياءُ، بل المرسلون، بل أولو العزمِ منهم في زمانه، ما وسعَهم إلا اتِّباعُهُ، والدخولُ في طاعته، واتِّباعُ شريعته. (ابن كثير).



34- ﴿ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ

﴿وَاللَّهُ سَمِيعٌ ﴾ لأقوالِ العباد، ﴿عَلِيمٌ ﴾ بأفعالهم وما تكنُّهُ صدورهم، فيصطفي من يشاءُ منهم. (روح المعاني).



38- ﴿هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ

قالَ مؤلفُ الأصلِ في الآيةِ (39) من سورةِ إبراهيم ﴿إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾: يقول: إن ربـِّي لسميعٌ دعائيَ الذي أدعوهُ به.

وفي تفسيرِ البغويّ: أي: سامعه، وقيل: مجيبه.



39- ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ﴾.

رسولاً لربِّهِ إلـى قومه، ينبِّئهم عنه بأمرهِ ونهيه، وحلالهِ وحرامه، ويبلِّغُهم عنه ما أرسلَهُ به إلـيهم. ويعني بقوله: ﴿مِنَ الصَّالِـحِينَ ﴾: مِن أنبـيائهِ الصالحين. (الطبري).



43- ﴿يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾.

أي: ولتكنْ صلاتُكِ مع المصلِّين، أي في الجماعة، أو: وانظمي نفسَكِ في جملةِ المصلِّينَ وكوني في عدادهم، ولا تكوني في عدادِ غيرهم. (النسفي).



46- ﴿وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾.

أي: هو من العبادِ الصالحين. (البغوي).

وقالَ الفخرُ الرازيُّ في تفسيرهِ الكبير، مبيِّنًا الحكمةَ من وصفِ عيسى عليه السلامُ بأنه من الصالحين، بعدَ ذكرِ أوصافٍ أخرى له تبدو أعلَى من هذه الصفة، فقال: إنه لا رتبةَ أعظمُ من كونِ المرءِ صالحاً؛ لأنه لا يكونُ كذلك إلا ويكونُ في جميعِ الأفعالِ والتروكِ مواظباً على النهجِ الأصلح، والطريقِ الأكمل، ومعلومٌ أن ذلكَ يتناولُ جميعَ المقاماتِ في الدنيا والدين، في أفعالِ القلوب، وفي أفعالِ الجوارح، فلمّا ذكرَ الله تعالَى بعضَ التفاصيل، أردفَهُ بهذا الكلام، الذي يدلُّ على أرفعِ الدرجات.



50- ﴿وَجِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ﴾.

وجئتُكم بآياتٍ مُعجِزاتٍ تَشهدُ بصِحَّة إرسالي إليكم، فالتزِموا طاعةَ اللهِ واجتنِبوا معصيتَه، وأطيعوني فيما آمرُكم بهِ وأنهاكم عنه. (الواضح).



52- ﴿قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾.

نحنُ أعوانُ دينِ اللهِ ورسولِه، نؤازِرُكَ ونَنصرُك، فقد آمنَّا باللهِ ربًّا، وبكَ رسولاً، فاشهدْ على أنَّنا استسلَمنا لأمرِ الله، وأخلَصنا له الدِّين. (الواضح).



55- ﴿ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾.

فأقضي حينئذٍ بـين جميعِكم في أمرِ عيسى بـالحقِّ فـيما كنتُـم فـيه تـختلفون من أمره. (الطبري).



57- ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾.

قالَ رحمَهُ الله: وتقدَّمَ نظيرُ قوله: ﴿وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ في قولهِ قبلُ: ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ﴾ [سورة آل عمران: 32]. وقد قالَ هناك: وعيد، ويحتملُ أن يكونَ بعد الصدعِ بالقتال.

وقالَ البغويُّ رحمَهُ الله: أي: لا يرحمُ الكافرين، ولا يُثني عليهم بالجميل.



62- ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

... والنبأ ﴿ٱلْحَقُّ ﴾ فـاعلـمْ ذلك، واعلـمْ أنه لـيسَ للـخـلقِ معبودٌ يستوجبُ علـيهم العبـادةَ بـملكهِ إياهم إلا معبودكَ الذي تعبده (الخطابُ لرسولنا صلى الله عليه وسلم).

ويعنـي بقوله ﴿العَزِيزُ ﴾: العزيزُ فـي انتقامهِ مـمَّن عصاه، وخالفَ أمره، وادَّعى معه إلهًا غيره، أو عبدَ ربًّـا سواه. ﴿الـحَكِيـمُ ﴾ فـي تدبـيره، لا يدخـلُ ما دبَّرهُ وهْن، ولا يـلـحقهُ خـلَل (الطبري).



63- ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ﴾.

﴿فَإِنْ تَوَلَّوْاْ ﴾ أي: عن هذا إلى غيره، ﴿فَإِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِٱلْمُفْسِدِينَ ﴾ أي: مَن عدلَ عن الحقِّ إلى الباطل، فهو المفسد، والله عليمٌ به، وسيجزيهِ على ذلك شرَّ الجزاء، وهو القادرُ الذي لا يفوتهُ شيء، سبحانهُ وبحمده، ونعوذُ به من حلولِ نقمته. (ابن كثير).



66- ﴿هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.

﴿حَاجَجْتُمْ ﴾: تجادَلتُم.

هذا إنكارٌ على من يحاجُّ فيما لا علمَ له به، فإن اليهودَ والنصارَى تحاجُّوا في إبراهيمَ بلا علم، ولو تحاجُّوا فيما بأيديهم منه علمٌ مما يتعلَّقُ بأديانهم التي شُرعتْ لهم إلى حين بعثةِ محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم، لكان أولَى بهم، وإنما تكلَّموا فيما لا يعلمون، فأنكرَ الله عليهم ذلك، وأمرَهم اللهُ بردِّ ما لا علمَ لهم به إلى عالمِ الغيبِ والشهادة، الذي يعلمُ الأمورَ على حقائقها وجليّاتها. (ابن كثير).



67- ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ

﴿حَنِيفًا ﴾: فسَّرَهُ في الآيةِ التالية.



73- ﴿قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾.

ذكرَ أنه تقدَّمَ نظيره.

وقالَ الطبريُّ في تفسيرِ الاسمينِ الجليلين: واللهُ ذو سَعةٍ بفضلهِ على من يشاءُ أنْ يتفضَّلَ عليه، ذو علمٍ بـمن هو منهم للفضلِ أهل.



74- ﴿يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾.

أي: اختصَّكَم أيها المؤمنون من الفضلِ بما لا يُحَدُّ ولا يوصف، بما شرَّفَ به نبيَّكم محمداً صلَّى الله عليه وسلَّمَ على سائرِ الأنبياء، وهداكم به إلى أكملِ الشرائع. (ابن كثير).



78- ﴿وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾.

ذكرَ أنه تقدَّمَ نظيره. ويعني في الآيةِ (75) من السورة، وفيها قولهُ رحمَهُ الله: ذمٌّ لبني إسرائيلَ بأنهم يكذبون على الله تعالَى في غيرِ ما شيء، وهم علماءُ بمواضعِ الصدقِ لو قصدوها، ومن أخطرِ ذلكَ أمرُ محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم.



80- ﴿وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.

قالَ رحمَهُ الله: تقريرٌ على هذا المعنَى الظاهرِ فسادُه.

وللبغويِّ رحمَهُ الله: قالَهُ على طريقِ التعجبِ والإِنكار، يعني: لا يقولُ هذا.



82- ﴿فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.

تسبقها الآيةُ الكريمة: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ﴾.

قال الطبري رحمهُ الله في تفسيرِ الآيةِ الأولى: يعني بذلك جلَّ ثناؤه: فمن أعرضَ عن الإيـمانِ برسلي الذين أرسلتُهم بتصديقِ ما كانَ مع أنبـيائي من الكتبِ والـحكمة، وعن نصرتهم، فأدبرَ ولـم يؤمنْ بذلك، ولـم ينصر، ونكثَ عهدَهُ وميثاقَهُ بعدَ ذلك، يعنـي بعدَ العهدِ والـميثاقِ الذي أخذَهُ اللهُ علـيه، فأولئكَ هم الفـاسقون، يعني بذلك أن الـمتولِّـينَ عن الإيـمانِ بـالرسلِ الذين وصفَ أمرهم ونصرتهم بعد العهدِ والـميثاقِ اللذينِ أُخذا علـيهم بذلك، هم الـخارجونَ من دينِ اللهِ وطاعةِ ربِّهم.



83- ﴿أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾.

أي: يومَ المعاد، فيجازي كلاً بعمله. (ابن كثير).



84- ﴿قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾.

تفسيرُ الآية: قلْ أنتَ أيُّها الرسولُ ومَن معكَ مِن المؤمنين: آمنّا باللهِ وحدَه، وبالقرآنِ الذي أنزلَهُ علينا، وبما أنزلَهُ على أنبيائه: إبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، والأسباطِ، وهم بطونٌ مِن أولادِ يعقوبَ عليهِ السلام، مِن صُحُفٍ ووحي، وما أوتيَهُ موسَى، وهو التوراة، وعيسَى، وهو الإنجيل، وما أوتيَ كلُّ الأنبياءِ مِن ربِّهم مِن كتبٍ ومعجِزات، لا نفرِّقُ بين أحدٍ منهم، فنؤمنُ بهم جميعاً، وليسَ مثلَ أهلِ الكتابِ الذين يؤمنونَ ببعضٍ ويكفرونَ ببعض. ونحنُ مستسلمونَ لأمرِ اللهِ وحُكمِه، مخلصونَ في عبادتِنا له، نطيعهُ فيما أمر، وننتهي عمّا نَهى، ونؤمنُ بجميعِ ما طلبَ منّا الإيمانَ به. (الواضح).



88- ﴿خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ﴾.

لا يُنقَصونَ مِن العذابِ شيئًا في حالٍ مِن الأحوال، ولا يُنفَّسُون فـيه. (الطبري).



89- ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.


﴿فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ ﴾ يقبلُ توبته، ﴿رَّحِيمٌ ﴾ يتفضَّلُ عليه. (البيضاوي).



91- ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾.

... فإنَّ لهم عذاباً شديداً مُوجِعاً، ولن يكونَ هناكَ مَن يُعينُهُ لدفعِ العذابِ عنهُ أو تَخفيفِه. (الواضح).




ابوالوليد المسلم 12-11-2020 10:23 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 
الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (6)


أ. محمد خير رمضان يوسف



سورة آل عمران (96 - آخر السورة)

الجزء الرابع




96- ﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ ﴾.
﴿ مُبَارَكاً ﴾ أي: كثيرَ الخير؛ لما أنه يضاعَفُ فيه ثوابُ العبادة. قالهُ ابنُ عباس، ﴿ وَهُدًى ﴾ أي: هادٍ لهم إلى الجنةِ التي أرادها سبحانه، أو هادٍ إليه - جلَّ شأنهُ - بما فيه من الآياتِ العجيبة. (روح المعاني، باختصار).

99- ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾.
قالَ في تفسيرِ مثلها في الآية (140) من سورةِ البقرة: وعيدٌ وإعلامٌ أنه لا يَتركُ أمرَهم سُدًى، وأن أعمالَهم تُحصَّلُ ويُجازَون عليها. والغافلُ: الذي لا يفطنُ للأمورِ إهمالاً منه، مأخوذٌ من الأرضِ الغُفل، وهي التي لا مَعْلَمَ بها.

100- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ
يضلُّوكم فيردُّوكم بعد تصديقِكم رسولَ ربِّكم، وبعد إقرارِكم بما جاءَ به من عندِ ربِّكم، جاحدينَ لما قد آمنتـُم به وصدَّقتموهُ من الحقِّ الذي جاءَكم من عندِ ربِّكم.
فنهاهم جلَّ ثناؤهُ أن ينتصحوهم ويقبلوا منهم رأيًا أو مشورة، ويعلـِّمُهم تعالى ذكرهُ أنهم لهم منطوونَ علـى غلٍّ وغشٍّ، وحسدٍ وبغض. (الطبري).

101- ﴿ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾.
أي: ومع هذا، فالاعتصامُ بالله، والتوكلُ عليه، هو العمدةُ في الهداية، والعُدَّةُ في مباعدةِ الغواية، والوسيلةُ إلى الرشاد، وطريقِ السداد، وحصولِ المراد. (ابن كثير).

106- ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ﴾.
أي: بما كنتم تجحدونَ في الدنيا ما كان اللهُ قد أخذَ ميثاقَكم بالإقرارِ به والتصديق. (الطبري).

108- ﴿ تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ ﴾.
قالَ بعضهم: معناه: لا يعاقبهم بلا جُرم. وقالَ الزجّاج: أُعلِمنا أنه يعذِّبُ مَن عذَّبَهُ باستحقاق. (زاد المسير).

109- ﴿ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴾.
قالَ في تفسيرها في الآيةِ (210) من سورةِ البقرة: وهي راجعةٌ إليه تعالى، قبلُ وبعد، وإنما نبَّهَ بذكرِ ذلك في يومِ القيامةِ على زوالِ ما كان منها إلى الملوكِ في الدنيا.

110- ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾.
تأمرونَ الناسَ بالخير، وتَنشرونَ الحقَّ والعدل، وتحثُّون على الفضائلِ والآدابِ الحسنة، وتَنهونَهم عنِ المنكراتِ والفواحشِ والأخلاقِ المسترذَلة، وتؤمنونَ باللهِ الواحدِ الأحد، فتعبدونَهُ ولا تُشركونَ به شيئاً. (الواضح).

112- ﴿ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ ﴾.
تفسيرها: لقد ألزمَهمُ اللهُ الذلَّةَ والمهانةَ أينما كانوا، وصارَ هذا مُلازِماً لهم حتَّى استكنَّ في مشاعرِهم، ولن يَجدوا راحةً ولا استقراراً إلاّ بذمَّةٍ من الله، وهو أن يكونوا ذمِّيينَ في الدولةِ الإسلامية، يُلزَمونَ بدفعِ الجزية، أو بعهدٍ من الناس، كأمانٍ منهم لهم، أو معاهداتٍ بينهم وبين دولٍ كبرَى يَتقوَّونَ بها. (الواضح).

115- ﴿ وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ﴾.
والله ذو علـمٍ بمن اتَّقاه، بطاعتهِ واجتنابِ معاصيه، وحافظٌ أعمالَهمُ الصالحةَ حتى يثيبَهم عليها، ويجازيَهم بها، تبشيرًا منه لهم جلَّ ذكرهُ في عاجلِ الدنيا، وحضًّا لهم على التمسُّكِ بـالذي هم عليه من صالحِ الأخلاقِ التي ارتضاها لهم (الطبري).

117- ﴿ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾.
وما ظلمَهمُ الله، بل همُ ظَلموا أنفسَهم عندَما اختَاروا لأنفسِهمُ الغَيَّ والضَّلال (الواضح في التفسير).

118- ﴿ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ﴾.
قد بـيَّنا لكم من أمرِ هؤلاء الـيهودِ الذين نهيناكم أنْ تتَّـخذوهم بطانةً مِن دونِ الـمؤمنـينَ ما تعتبرونَ وتتَّعظونَ به مِن أمرِهم... (تفسير الطبري).

122- ﴿إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾.
عن ابنِ إسحاق: ﴿ وَٱللَّهُ وَلِيُّهُمَا ﴾: أي الدافعُ عنهما ما همّا به من فشلهما، وذلك أنه إنما كان ذلك منهما عن ضعفٍ ووهنٍ أصابهما من غيرِ شكٍّ أصابهما في دينهما، فتولَّى دفعَ ذلك عنهما برحمتهِ وعائدته، حتى سلِمَتا من وهنهما وضعفهما، ولحقتا بنبـيِّهما صلَّى الله عليه وسلَّم.
يقول: ﴿ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ ﴾ أي: من كان به ضعفٌ من الـمؤمنـين أو وهنٌ فلـيتوكَّلْ علـيّ، ولـيستعنْ بي، أُعِنْهُ علـى أمره، وأدفعْ عنه، حتى أبلغَ به وأقوِّيَهُ على نـيَّته. (الطبري).

126- ﴿ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾.
العزيزُ إشارةٌ إلى كمالِ قدرته، والحكيمُ إشارةٌ إلى كمالِ علمه، فلا يخفَى عليه حاجاتُ العباد، ولا يعجزُ عن إجابةِ الدعوات، وكلُّ من كان كذلك لم يتوقَّعِ النصرَ إلا من رحمته، ولا الإعانةَ إلا من فضلهِ وكرمه. (التفسير الكبير للرازي).

129- ﴿ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾.
يغفرُ لمن يشاءُ منهم فيُدخلُهم الجنَّة، ويعذِّبُ مَن يشاءُ منهم في النّار، وقضاؤهُ هذا بالحكمةِ والعدل، وبالرحمةِ والمغفرة. (الواضح).

130- ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾.
واتَّقوا اللهَ أيها الـمؤمنونَ فـي أمرِ الربا فلا تأكلوه، وفي غيرهِ ممّا أمرَكم به، أو نهاكم عنه، وأطيعوهُ فـيه لعلكم تفلـحون، يقول: لتنـجحوا؛ فتنجوا مِن عقابه، وتُدركوا ما رغَّبكم فـيه مِن ثوابه، والخلودِ في جنانه. (الطبري).

132- ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾.
قالَ رحمَهُ الله: هي ابتداءُ المعاتبةِ في أمرِ أُحُد، وانهزامِ مَن فرَّ، وزوالِ الرماةِ عن مراكزهم. اهـ.
وقالَ الطبريُّ رحمَهُ الله: يعنـي بذلك جلَّ ثناؤه: وأطيعوا الله أيها الـمؤمنونَ فـيـما نهاكم عنه، من أكلِ الربـا وغيرهِ من الأشياء، وفـيـما أمرَكم به الرسول؛ لتُرحَموا فلا تعذَّبوا (باختصار).

136- ﴿ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾.
جنات، وهي البساتـين، ﴿ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ ﴾ يقول: تـجري خلالَ أشجارها الأنهار، وفي أسافلها، جزاءً لهم على صالحِ أعمالهم، ﴿ خَـٰلِدِينَ فِيهَا ﴾ يعني دائمي المقامِ في هذه الجناتِ التـي وصفها، ﴿ وَنِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَـٰمِلِينَ ﴾ يعنـي ونعمَ جزاءُ العاملين للهِ الجناتُ. (الطبري).

140- ﴿ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾.
يعنـي به: الذين ظلـموا أنفسَهم بـمعصيتِهم ربَّهم. (الطبري).

142- ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ﴾.
أي: لا يحصلُ لكم دخولُ الجنَّةِ حتى تُبتَلَوا، ويرَى اللهُ منكم المجاهدينَ في سبيله، والصابرينَ على مقارنةِ الأعداء. (ابن كثير).

148- ﴿ فَآَتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
أي: هم محسنون والله يحبُّهم. (النسفي).

149- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ ﴾.
يحذِّرُ تعالى عبادَهُ المؤمنين عن طاعةِ الكافرين والمنافقين، فإن طاعتَهم تورثُ الردَى في الدنيا والآخرة. (ابن كثير).

150- ﴿ بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ ﴾.
﴿ بَلِ ٱللَّهُ مَوْلَـٰكُمْ ﴾: ولـيُّكم وناصرُكم علـى أعدائكم الذين كفروا، ﴿ وَهُوَ خَيْرُ النّاصرِين ﴾، لا مَن فررتـُم إلـيه ِمن الـيهودِ وأهلِ الكفرِ بـالله، فبـالله ِالذي هو ناصرُكم ومولاكم فـاعتصِموا، وإيّاهُ فـاستنصِروا، دونَ غيرهِ ممَّن يبغيكم الغوائلَ ويرصدُكم بـالـمكاره. (تفسير الطبري).

152- ﴿ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾.
والله ذو طَولٍ علـى أهلِ الإيـمانِ به وبرسوله، بعفوهِ لهم عن كثـيرِ ما يستوجبونَ به العقوبةَ علـيه من ذنوبهم، فإنْ عاقبَهم علـى بعضِ ذلك، فذو إحسانٍ إلـيهم بجميـلِ أياديهِ عندهم. (الطبري).

153- ﴿ إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾.
يعني جلَّ ثناؤه: واللهُ بالذي تعملون - أيها المؤمنون، من إصعادكم فـي الوادي هربًا مِن عدوِّكم، وانهزامِكم منهم، وتركِكم نبيَّكم وهو يدعوكم في أُخراكم، وحزنِكم على ما فاتَكم مِن عدوِّكم، وما أصابكم في أنفسِهم - ذو خبرةٍ وعلم، وهو مُحصٍ ذلك كلَّه علـيكم، حتى يجازيَكم به، المحسنَ منكم بإحسانه، والمسيءَ بإساءته، أو يعفوَ عنه (الطبري).

156- ﴿ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾.
أي: وعلمهُ وبصرهُ نافذٌ في جميعِ خلقه، لا يخفَى عليه مِن أمورِهم شيء. (ابن كثير).

159- ﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾.
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ عليه، الواثقينَ به، المنقطعينَ إليه، فينصرهم ويرشدُهم إلى ما هو خيرٌ لهم، كما تقتضيهِ المحبَّة. (روح المعاني).

160- ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾.
يعني لما ثبتَ أن الأمرَ كلَّهُ بيدِ الله، وأنه لا رادَّ لقضائه، ولا دافعَ لحكمه، وجبَ أن لا يتوكَّلَ المؤمنُ إلا عليه. وقوله: ﴿ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ ﴾ يفيدُ الحصر، أي: على الله فليتوكَّلِ المؤمنون، لا على غيره. (التفسير الكبير للرازي).

161- ﴿ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾.
﴿ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ﴾: ثم تُعطَى كلُّ نفسٍ جزاءَ ما كسبتْ بكسبها وافـيًا، غيرَ منقوصٍ ما استـحقَّهُ واستوجبَهُ من ذلك.
﴿ وَهُمْ لا يُظْلَـمُونَ ﴾ يقول: لا يُفعَلُ بهم إلا الذي ينبغي أن يُفعَلَ بهم، من غيرِ أن يُعتدَى عليهم فيُنقَصوا عمَّا استحقُّوه. (تفسير الطبري).

162- ﴿ أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾.
فاستحقَّ بذلك سكنَى جهنم، وبئسَ المصيرُ الذي يصيرُ إليه ويؤوبُ إليه. (تفسير الطبري، باختصار).

163- ﴿ هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ﴾.
أي: وسيُوفيهم إيّاها، لا يظلمُهم خيرًا، ولا يزيدهم شرًّا، بل يُجازي كلاًّ بعمله. (ابن كثير).

165- ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.
إنَّ اللهَ على جميعِ ما أرادَ بخلقه، مِن عفوٍ وعقوبة، وتفضُّلٍ وانتقام، قدير، يعنـي ذو قدرة. (الطبري).

170- ﴿ فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾.
فسَّرها في الآية (38) من السورة: ﴿ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾. قالَ في آخره: ويحتملُ قولهُ تعالى: ﴿ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ﴾ أي فيما بين أيديهم من الدنيا، ﴿ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ على ما فاتهم منها، ويحتملُ أن ﴿ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ﴾ يومَ القيامة، ﴿ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ فيه، ويحتملُ أن يريدَ أنه يُدخلهم الجنة، حيثُ لا خوفٌ ولا حزن.

171- ﴿ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾.
معناها: لا يبطلُ جزاءَ أعمالِ مَن صدقَ رسولَهُ واتَّبعهُ وعملَ بما جاءَهُ من عندِ الله (الطبري).

172- ﴿ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾.
﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ ﴾ بطاعةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وإجابتهِ إلى الغزو، ﴿ وَاتَّقَوْا ﴾ معصيته، ﴿ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾. (تفسير البغوي).

173- ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾.
﴿ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ ﴾: قد جمعوا الرجالَ للقائكم، والكرَّةَ إليكم لحربكم.
﴿ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ ﴾ يكفينا الله، ونعم المولَى لمن ولِـَيُه وكفله. (الطبري، باختصار).

174- ﴿ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ
﴿ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ ﴾ يعنـي: لم ينَلْهم بها مكروهٌ من عدوِّهم ولا أذى.
﴿ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ﴾ يعني بذلك أنهم أرضَوا اللهَ بفعلهم ذلك، واتِّبـاعِهم رسولَهُ إلـى ما دعاهم إلـيه، من اتِّبـاعِ أثرِ العدوِّ، وطاعتهم.
﴿ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيـمٍ ﴾ يعني: والله ذو إحسانٍ وطَولٍ عليهم، بصرفِ عدوِّهم الذي كانوا قد همُّوا بالكرَّة إليهم، وغيرِ ذلك من أياديهِ عندهم، وعلى غيرهم بنعمه، عظيمٍ عندَ من أنعمَ به عليهِ من خلقه. (تفسير الطبري).

175- ﴿ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾.
فإِن الإِيمانَ يقتضي إيثارَ خوفِ الله تعالى على خوفِ الناس. (البيضاوي).

176- ﴿ وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾.
يريدُ الله ألّا يجعلَ لهؤلاء الذين يسارعون في الكفرِ نصيباً في ثوابِ الآخرة، فلذلك خذلهم، فسارعوا فيه. ثم أخبرَ أنهم مع حرمانهم ما حُرِموا من ثوابِ الآخرة، لهم عذابٌ عظيمٌ في الآخرة، وذلك عذابُ النار. (الطبري).

177- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾.
لن يضرّوا الله بكفرهم وارتدادهم عن إيمانهم شيئاً، بل إنما يضرُّون بذلك أنفسَهم بإيجابهم بذلك لها من عقابِ الله ما لا قِبلَ لها به. (الطبري).

179- ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾.
ويختارُ اللهُ مِن رسلهِ مَن يشاء، كمحمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم، ليَتبيَّنَ مَن يتَّبعهُ ومَن لا يتَّبعُه، ومَن يُعاديهِ مِن غيرِه، فيتميَّزُ الخبيثُ مِن الطيِّب، ويُخبرُهُ اللهُ بما صدرَ عن المنافقين مِن أقوالٍ وأفعال، فيَفضَحُهم، ويخلِّصُكم مِن شرِّهم وإيذائهم.
فأطيعوا اللهَ واتَّبِعوا ما يأمرُكم بهِ رسولُهُ ممّا شرعَ لكم، وإنْ تؤمنوا باللهِ حقَّ الإيمان، وتتَّقوهُ بمراعاةِ حقوقِه، فلكم ثوابٌ عظيمٌ لا تعرفونَ قَدْرَه. (الواضح).

180- ﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾.
أي: لا يحسبنَّ البخيلُ أن جمعَهُ المالَ ينفعه، بل هو مضرَّةٌ عليه في دينه، وربما كان في دنياه.
﴿ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ أي: بنيَّاتكم وضمائركم. (ابن كثير).

183- ﴿ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾.
أي: فيما يدلُّ عليه كلامُكم، من أنكم تؤمنون لرسولٍ يأتيكم بما اقترحتموه. (روح المعاني).

184- ﴿ فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ﴾.
فإنهم إنْ فعلوا ذلكَ بكَ فكذَّبوك، كذَبوا على الله، فقد كذَّبتْ أسلافُهم مِن رسلِ اللهِ قبلكَ مَن جاءَهم بالحُجَجِ القاطعةِ العذر، والأدلَّةِ الباهرةِ العقل، والآياتِ المعجزةِ الخَلق، وذلكَ هو البـيِّنات. (الطبري).

187- ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ﴾.
وتعوَّضوا عمّا وعدوا عليه من الخيرِ في الدنيا والآخرةِ بالدونِ الطفيف، والحظِّ الدنيويِّ السخيف، فبئستِ الصفقةُ صفقتهم، وبئستِ البيعةُ بيعتهم.
وفي هذا تحذيرٌ للعلماءِ أن يسلكوا، مسلكهم فيصيبَهم ما أصابهم، ويسلكَ بهم مسالكهم، فعلى العلماءِ أن يبذلوا ما بأيديهم من العلمِ النافع، الدالِّ على العملِ الصالح، ولا يكتموا منه شيئًا... (ابن كثير).

188- ﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾.
ولهم عذابٌ في الآخرةِ أيضاً مؤلم، مع الذي لهم في الدنيا معجل. (الطبري).

192- ﴿ رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾.
أي: يومَ القيامةِ لا مُجيرَ لهم منك، ولا محيدَ لهم عمّا أردتَ بهم. (ابن كثير).

193- ﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ ﴾.
أنْ آمِنوا بربِّكم، مالكِكم ومُتَولِّي أمورِكم، فامتَثلنا أمرَه، وأجبنَا نداءَهُ واتَّبعناه، اللهمَّ فذاكَ إيمانُنا، وهذا دعاؤنا، فاغفرْ لنا ذنوبنَا، كبيرَها وصغيرَها، وألحِقنا بعبادِكَ الصالحينَ الأبرار، خُصَّنا بصحبتِهم، واجعلنا في جوارِهم. (الواضح).

194- ﴿ رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾.
إنَّكَ لا تُخلِفُ ما وعدتَ بهِ منَ الفضلِ والرَّحمة. (الواضح).

195- ﴿ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ ﴾.
يعني: لأمحونَّها عنهم، ولأتفضَّلنَّ عليهم بعفوي ورحمتي، ولأغفرنَّها لهم، ولأدخلنَّهم جناتٍ تجري مِن تحتها الأنهار، جزاءً لهم على ما عملوا وأبلَوا في اللهِ وفي سبيله، مِن قِبَل اللهِ لهم، واللهُ عندَهُ مِن جزاءِ أعمالهم جميعُ صنوفه، وذلك ما لا يبلغهُ وصفُ واصِف. (الطبري، باختصار).

198- ﴿ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ ﴾.
وفي مقابِلهمُ المؤمنون، الذينَ سمعوا نداءَ الإيمانِ فآمنوا وثبتُوا، وعزمُوا على الأعمالِ الصَّالحةِ والتزَموا، فجازاهمُ اللهُ جنَّاتٍ واسعات، تجري في خلالها الأنهارُ المتنوِّعة.. (الواضح).


200- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾.
يعني بذلكَ تعالَى ذكره: واتَّقوا اللهَ أيها المؤمنون، واحذروهُ أنْ تـخالفوا أمرَه، أو تتقدَّموا نهيَه، لتُفلحوا، فتبقوا في نعيمِ الأبد، وتنجحوا فـي طلباتِكم عنده. (الطبري).



ابوالوليد المسلم 12-11-2020 10:24 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 
الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (7)




أ. محمد خير رمضان يوسف
(من أول سورة النساء - الآية 100)




سورة النساء
8- ﴿ وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾.
أولو القربَى: الأقرباء، والمساكين: الفقراء، الذين لا يرثون.

11- ﴿ يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ ﴾.
للرجُلِ ضِعْفُ ما هو للأُنثَى.

12- ﴿ وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ ﴾.
ولكم أيُّها الأزواجُ نصفُ ما تركتِ الزوجاتُ إذا لم يكنْ لهنَّ أولاد.
فإذا كانَ لهنَّ أولادٌ فلكمُ الربُع مِن تركتِهنّ.
وهذا بعدَ إيفاءِ الدَّينِ والوصيَّةِ مِن ميراثِهنّ، إنْ كانَ عليهنَّ دَين، أو أوصَينَ بوصيَّة.
وللزَّوجاتِ الرُّبُعُ مِن ميراثِكم أيُّها الأزواجُ إذا لم يكنْ لكم ولد..
﴿ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ ﴾: واللهُ عليمٌ بالمضارِّ وغيرِه، حليمٌ بهم، فلا يؤاخذُهم بمجرَّدِ صدورِ خطأ منهم، بل يُمهِلُهم ويبيِّنُ لهم حتَّى يفهمُوا ويعتبِروا. (الواضح).

13- ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾.
﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ فـي العملِ بـما أمرَهُ به، والانتهاءِ إلى ما حدَّهُ له في قسمةِ الـمواريثِ وغيرها، ويجتنبْ ما نهاهُ عنه في ذلكَ وغيره، يُسكنهُ بساتـينَ تجري مِن تـحتِ غروسِها وأشجارِها الأنهار، بـاقـينَ فـيها أبدًا، لا يـموتونَ فـيها ولا يفنون، ولا يخرجونَ منها، وذلكَ الفَلَـحُ العظيـم (مستفاد من الطبري).

14- ﴿ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾.
﴿ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ فـي العملِ بـما أمراهُ به مِن قسمةِ الـمواريث، وغيرِ ذلكَ مِن فرائضِ الله، مخالفًا أمرَهما إلى ما نهياهُ عنه، مِن قسمةِ تركاتِ موتاهم بـين ورثته، وغيرِ ذلكَ مِن حدوده، يُدخلْهُ نارًا باقـيًا فـيها أبدًا، لا يـموتُ ولا يخرجُ منها أبدًا، وله عذابٌ مذلٌّ ومُخزٍ له. (الطبري، باختصار).

16- ﴿ وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآَذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا ﴾.
يعنـي: ذا رحمةٍ ورأفة. (الطبري).

20- ﴿ وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾.
﴿ قِنْطَارًا ﴾: ذكرَ أنه سبقَ بيانه. ويعني في الآية (75) من سورةِ آلِ عمران، وقد قالَ هناك: القنطارُ في هذه الآيةِ مثالٌ للمالِ الكثير، يدخلُ فيه أكثرُ من القنطارِ وأقلّ.
﴿ أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾: أتأخذونَهُ ظلماً وزوراً بيِّناً؟ (الواضح).

الجزء الخامس

24- ﴿ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾.
﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا ﴾ بما يُصلحُ أمرَ الخَلق، ﴿ حَكِيمًا ﴾ فيما شرعَ لهم، ومِن ذلكَ عقدُ النكاح، الذي يحفَظُ الأموالَ والأنساب. (روح المعاني).

25- ﴿ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾.
رحيمٌ بكم إذ أذنَ لكم في نكاحهنَّ عندَ الافتقارِ وعدمِ الطَّولِ للحرَّة. (الطبري).

27- ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ﴾.
يريدُ الذين يطلبونَ لذَّاتِ الدنيا وشهواتِ أنفسِهم فيها أن تميلوا عن أمرِ اللهِ تبارك وتعالى، فتجوروا عنه بإتيانكم ما حرَّمَ عليكم وركوبِكم معاصيه، ﴿ مَيْلاً عَظِيمًا ﴾: جَورًا وعُدولاً عنه شديدًا (الطبري).

28- ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾.
﴿ يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُخَفّفَ عَنْكُمْ ﴾ فلذلكَ شرعَ لكم الشرعةَ الحنيفيةَ السمحةَ السهلة، ورخَّصَ لكم في المضايق، كإحلالِ نكاحِ الأمة.
﴿ وَخُلِقَ ٱلإِنسَـٰنُ ضَعِيفاً ﴾: لا يصبرُ عن الشهوات، ولا يتحمَّلُ مشاقَّ الطاعات. (ابن كثير).

29- ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾.
أي: فيما أمرَكم به، ونهاكم عنه. (ابن كثير).

31- ﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا ﴾.
نغفرْ لكم صغائركم ونمحُها عنكم. (البيضاوي).

34- ﴿ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ﴾.
﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ﴾ فاحذروه، فإن قدرتَهُ سبحانهُ عليكم أعظمُ من قدرتكم على مَن تحت أيديكم منهن، أو أنه تعالى على علوِّ شأنهِ وكمالِ ذاتهِ يتجاوزُ عن سيئاتكم، ويتوبُ عليكم إذا تبتُم، فتجاوزوا أنتم عن سيئاتِ أزواجكم، واعفوا عنهنَّ إذا تبن، أو أنه تعالى قادرٌ على الانتقامِ منكم، غيرُ راضٍ بظلمِ أحد، أو أنه سبحانهُ مع علوِّهِ المطلقِ وكبريائهِ لم يكلِّفْكم إلا ما تُطيقون، فكذلك لا تكلِّفوهنَّ إلا ما يُطِقن. (روح المعاني).

35- ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ﴾.
يعني جلَّ ثناؤه: إنَّ اللهَ كانَ عليمًا بما أرادَ الحكمانِ من إصلاحٍ بين الزوجينِ وغيره، خبيرًا بذلكَ وبغيرهِ مِن أمورهما وأمورِ غيرهما، لا يخفَى عليه شيءٌ منه، حافظٌ عليهم، حتى يجازيَ كلاًّ منهم جزاءَهُ بالإحسانِ إحسانًا، وبالإساءةِ غفرانًا أو عقابًا. (تفسير الطبري).

36- ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ﴾.
ولا تجعلوا له في الربوبيةِ والعبادةِ شريكًا تعظِّمونَهُ تعظيمَكم إيّاه. (الطبري).

39- ﴿ وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا ﴾.
وما الذي كانَ يَجري لهم لو سَلكوا الطريقَ الصحيح، فآمَنوا باللهِ خالقِهم، وآمَنوا بيومِ القيامة، الذي يُثابُ فيهِ المرءُ على ما أحسنَ فيُكرَم، ويُعاقَبُ على ما أساءَ فيُعَذَّب، ليَخافَ الناسُ فيُحسِنوا سلوكَهم، ثمَّ أنفَقوا ممّا رزقَهمُ اللهُ مِن مالٍ وتفضَّلَ بهِ عليهم لوجههِ الكريم، لا للمباهاةِ والافتخار، فيعتَدِلوا ويَنفعوا بدلَ أنْ يَبْخَلوا ويَضرُّوا؟ (الواضح).

43- ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ﴾.
أي: ومِن عفوهِ عنكم وغَفْرهِ لكم أنْ شرعَ التيمُّم، وأباحَ لكم فعلَ الصلاةِ به إذا فقدتم الماء، توسعةً عليكم، ورخصةً لكم... (ابن كثير).

45- ﴿ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا ﴾.
﴿ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ ﴾ أي: هو أعلمُ بهم، ويحذِّركم منهم، ﴿ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَلِيّاً وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ نَصِيراً ﴾ أي: كفَى به وليًّا لمن لجأ إليه، ونصيرًا لمن استنصره. (ابن كثير).

47- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آَمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ ﴾.
يعني جلَّ ثناؤه بقوله: ﴿ يَـأَيُّهَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ ﴾: اليهودَ من بني إسرائيل، الذين كانوا حوالي مهاجَرِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، قالَ الله لهم: يا أيها الذين أُنزلَ إليهم الكتاب، فأُعطُوا العلمَ به، ﴿ ءامِنُواْ ﴾ يقول: صدِّقوا بما أنزلنا إلى محمدٍ من الفرقان. (الطبري).

48- ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ﴾.
يعني بذلك جلَّ ثناؤه: ومن يشركْ بالله في عبادتهِ غيرَهُ من خلقه، ﴿ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ﴾، يقول: فقد اختلقَ إثماً عظيماً. وإنما جعلَهُ الله تعالَى ذكرهُ مفترياً، لأنه قالَ زوراً وإفكاً، بجحودهِ وحدانيةَ الله، وإقرارهِ بأن لله شريكاً من خلقه، وصاحبةً أو ولداً، فقائلُ ذلك مفتر، وكذلك كلُّ كاذب، فهو مفترٍ في كذبه، مختلقٌ له. (الطبري، باختصار).

49- ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴾.
أي: يُطهِّرُ ويُبرِّئ من الذنوبِ ويُصلِحُ مَن يشاء. (البغوي).

57- ﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا ﴾.

قالَ في تفسيرِ ﴿ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ في الآيةِ (25) من سورةِ البقرة، ما مختصره: ﴿ جَنَّاتٍ ﴾: جمعُ جنة، وهي بستانُ الشجرة والنخيل، و ﴿ مِنْ تَحْتِهَا ﴾: معناهُ من تحتِ الأشجارِ التي يتضمَّنها ذكرُ الجنة، و ﴿ الْأَنْهَارُ ﴾: المياهُ في مجاريها المتطاولةِ الواسعة. اهـ.
﴿ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ﴾: وهم خالدون فيها أبداً، لايحُولون ولا يزولون، ولا يبغون عنها حِوَلاً. (ابن كثير).

58- ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ﴾.
ويأمركم إذا حكمتُم بين رعيَّتِكم أن تحكموا بينهم بالعدلِ والإنصاف (الطبري).

61- ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا ﴾.
ألم ترَ يا محمَّدُ إلى الذينَ يزعمونَ أنهم آمنوا بما أُنزل إليكَ مِن المنافقين، وإلى الذين يزعمونَ أنهم آمنوا بما أُنزِلَ مِن قبلِكَ مِن أهلِ الكتاب، إذا قيلَ لهم: تعالَوا هلمُّوا إلى حكمِ اللهِ الذي أنزلَهُ في كتابه، وإلى الرسولِ ليحكمَ بيننا... (الطبري، باختصار).

64- ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا ﴾.
فسألوا الله أن يصفحَ لهم عن عقوبةِ ذنبهم بتغطيتهِ عليهم، وسألَ لهم اللهَ رسولهُ صلَّى الله عليه وسلَّمَ مثلَ ذلك. (الطبري).

65- ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾.
أي: وينقادوا لأمرِكَ انقياداً. (البغوي).

69- ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾.
يعني بذلك جلَّ ثناؤه: ومن يُطعِ الله والرسولَ بالتسليمِ لأمرهما، وإخلاصِ الرضا بحكمِهما، والانتهاءِ إلىأمرهما، والانزجارِ عمّا نهيا عنه من معصيةِ الله، فهو مع الذين أنعمَ الله عليهم بهدايتهِ والتوفيقِ لطاعتهِ في الدنيا...
﴿ وَالصَّالِحِينَ ﴾: وهم جمعُ صالح، وهو كلُّ من صلحتْ سريرتهُ وعلانتيه.
وأما قولهُ جلَّ ثناؤه: ﴿ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً ﴾ فإنه يعني: وحسنَ هؤلاء الذين نعتهم ووصفهم رفقاءَ في الجنة. (الطبري).

89- ﴿ وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴾.
﴿ فَتَكُونُونَ سَوَاءً ﴾ أي: هم يودُّون لكم الضلالة؛ لتستووا أنتم وإيّاهم فيها، وما ذاكَ إلا لشدَّةِ عداوتهم وبغضهم.
﴿ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴾ أي: لا توالُوهم ولا تستنصروا بهم على الأعداءِ ما داموا كذلك. (ابن كثير).

92- ﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾.
﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً ﴾ بمن قتلَ خطأً، ﴿ حَكِيماً ﴾ فيما حكمَ به عليكم. (البغوي).

93- ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾.
... وغضبَ اللهُ بقتلهِ إيَّاهُ متعمِّدًا، وأبعدَهُ من رحمته، وأخزاه، وأعدَّ له عذابًا لا يعلمُ قدرَ مبلغهِ سواهُ تعالى ذكره. (تفسير الطبري، باختصار).

96- ﴿ دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾.
﴿ وَمَغْفِرَةً ﴾ يقول: وصفحَ لهم عن ذنوبهم، فتفضَّلَ عليهم بتركِ عقوبتهم عليها.
﴿ وَرَحْمَةً ﴾ يقول: ورأفةً بهم.
﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾: يقول: ولم يزلِ الله غفورًا لذنوبِ عبادهِ المؤمنين، فيصفحُ لهم عن العقوبةِ عليها، رحيمًا بهم، يتفضَّلُ عليهم بنعمه، مع خلافهم أمرَهُ ونهيه، وركوبهم معاصيه. (الطبري).


99- ﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا ﴾.
وهو ربٌّ كريم، يعفو عنِ النَّاس، ويغفرُ ذنوبَهم، على كثرةِ ما يُخطِئونَ ويُذنِبون. (الواضح في التفسير).

100- ﴿ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾.
يقول: ولم يزلِ الله تعالى ذكرهُ غفورًا، يعني ساترًا ذنوبَ عبادهِ المؤمنين، بالعفوِ لهم عن العقوبةِ عليها، رحيمًا بهم، رفيقًا. (تفسير الطبري).



ابوالوليد المسلم 12-11-2020 10:25 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 
الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (8)




أ. محمد خير رمضان يوسف





سورة النساء

(102 - آخر السورة)
102- ï´؟ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ï´¾.
فخذوا من عدوِّكم حذركم، يقول: احترسوا منهم أن يميلوا عليكم وأنتم عنهم غافلون غارُّون. ï´؟ إنَّ اللَّهَ أعَدَّ للكافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ï´¾ يعني بذلك: أعدَّ لهم عذابًا مذلاًّ، يبقونَ فيه أبدًا، لا يخرجونَ منه، وذلك هو عذابُ جهنَّم. (الطبري).

104- ï´؟ وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ï´¾.
ï´؟ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ï´¾ أي: كما يصيبُكم الجراحُ والقتل، كذلك يحصلُ لهم، كما قالَ تعالى: ï´؟ إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ ظ±لْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ï´¾. [سورة آل عمران: 140].

ثم قالَ تعالى: ï´؟ وَتَرْجُونَ مِنَ ظ±للَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ ï´¾ أي: أنتم وإيّاهم سواءٌ فيما يصيبُكم وإيّاهم من الجراحِ والآلام، ولكن أنتم ترجون من الله المثوبةَ والنصرَ والتأييدَ كما وعدكم إيّاه في كتابه، وعلى لسانِ رسولهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، وهو وعدٌ حقّ، وخبرٌ صدق، وهم لا يرجون شيئاً من ذلك، فأنتم أولَى بالجهادِ منهم، وأشدُّ رغبةً فيه، وفي إقامةِ كلمةِ الله وإعلائها.
ï´؟ وَكَانَ ظ±للَّهُ عَلِيماً حَكِيماً ï´¾ أي: هو أعلمُ وأحكمُ فيما يقدِّرهُ ويقضيه، وينفذهُ ويمضيه، من أحكامهِ الكونيةِ والشرعيةِ، وهو المحمودُ على كلِّ حال. (ابن كثير).

105- ï´؟ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ï´¾.
أي: هو حقٌّ من الله، وهو يتضمَّنُ الحقَّ في خبرهِ وطلبه. (ابن كثير).

106- ï´؟ وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ï´¾
إنَّ اللهَ لم يزلْ يصفحُ عن ذنوبِ عبادهِ المؤمنينَ بتركهِ عقوبتِهم عليها إذا استغفروهُ منها، رحيمًا بهم، فافعلْ ذلكَ أنتَ يا محمَّدُ يغفرِ اللهُ لكَ ما سلفَ مِن خصومتِكَ عن هذا الخائن. (الطبري).

108- ï´؟ يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ï´¾.
ï´؟ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ ظ±للَّهِ ï´¾ أي: ولا يستحيون منه سبحانه، وهو أحقُّ بأن يُستحَى منه ويُخافَ من عقابه، وإنما فُسِّرَ الاستخفاءُ منه تعالى بالاستحياء؛ لأن الاستتارَ منه عزَّ شأنهُ محال، فلا فائدةَ في نفيه، ولا معنى للذمِّ في عدمه.
ï´؟ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ï´¾: أي بعملِهم، أو بالذي يعملونَهُ من الأعمالِ الظاهرةِ والخافية، حفيظًا، أو عالمـًا، لا يعزبُ عنه شيءٌ ولا يفوت. (روح المعاني، بشيء من الاختصار).

111- ï´؟ وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ï´¾.
ï´؟ يَكْسِبْ ï´¾: يعني بذلك جلَّ ثناؤه: ومن يأتِ ذنباً على عمدٍ منه له ومعرفةٍ به.
وأما قوله: ï´؟ وَكَانَ ظ±للَّهُ عَلِيماً حَكِيماً ï´¾ فإنه يعني: وكان الله عالماً بما تفعلون أيها المجادلون عن الذين يختانون أنفسهم في جدالكم عنهم، وغيرِ ذلك من أفعالكم وأفعالِ غيركم، وهو يُحصيها عليكم وعليهم، حتى يجازيَ جميعكم بها.
ï´؟ حَكِيماً ï´¾، يقول: وهو حكيمٌ بسياستكم وتدبيركم، وتدبيرِ جميعِ خلقه. (الطبري).

114- ï´؟ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ï´¾.
وهو الإصلاحُ بين المتباينَين أو المختصمَين، بما أباحَ اللهُ الإصلاحَ بينهما، ليتراجعا إلى ما فيه الألفةُ واجتماعُ الكلمةِ على ما أذنَ اللهُ وأمرَ به. (الطبري).

115- ï´؟ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ï´¾.
قال ابنُ كثير رحمَهُ الله: جعلَ النارَ مصيرَهُ في الآخرة؛ لأن مَن خرجَ عن الهُدَى لم يكنْ له طريقٌ إلا إلى النارِ يومَ القيامة.

116- ï´؟ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ï´¾.
إنَّ اللهَ لا يغفرُ لـ "طعمة" إذْ أشركَ وماتَ على شركهِ بالله، ولا لغيرهِ مِن خلقهِ بشركهم وكفرهم به، ويغفرُ ما دونَ الشركِ باللهِ مِن الذنوبِ لمن يشاء. (الطبري).

120- ï´؟ يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ï´¾.
أي: باطلاً يغرُّهم به. (زاد المسير).

122- ï´؟ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ï´¾
والذين آمنوا باللهِ ورَضُوا بدينه، وأتْبَعُوا إيمانَهم بالأعمالِ الصالحةِ ونفَّذوا ما أُمِروا به مِن الخيرات، نُدخلُهم جنّاتٍ تجري مِن تحتِها الأنهار، مع خلودٍ دائم. وهذا وعدٌ منَ اللهِ لأوليائهِ قائمٌ لا محالة، وليسَ هناكَ أصدقُ منَ اللهِ قولاً وخبَراً. (الواضح).

123- ï´؟ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ï´¾.
ولا يجدُ الذي يعملُ سوءًا مِن معاصي اللهِ وخلافِ ما أمرَهُ به سوَى اللهِ يلي أمرَه، ويحمي عنه ما ينزلُ به مِن عقوبةِ الله، ولا ناصرًا ينصرهُ ممَّا يحلُّ به مِن عقوبةِ اللهِ وأليمِ نكاله. (يُنظر تفسير الطبري).

127- ï´؟ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا ï´¾.
ï´؟ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَـظ°مَىظ° بِظ±لْقِسْطِ ï´¾ أي: ويُفتيكم في أنْ تقوموا لليتامَى بالقسط، بالعدلِ في مُهورهن ومواريثهن. (البغوي).
وقوله: ï´؟ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ظ±للَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً ï´¾ تهييجًا على فعلِ الخيرات، وامتثالِ الأمر، وأنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ عالمٌ بجميعِ ذلك، وسيجزي عليه أوفرَ الجزاءِ وأتمَّه (ابن كثير).

128- ï´؟ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ï´¾.
ï´؟ فَإِنَّ ظ±للَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ ï´¾ من الإِحسانِ والخصومةِ ï´؟ خَبِيراً ï´¾: عليماً به، وبالغرضِ فيه، فيجازيكم عليه. (البيضاوي).

130- ï´؟ وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا ï´¾.
قالَ ابنُ عباس: يريدُ فيما حكمَ ووعظ، وقالَ الكلبي: يريدُ فيما حكمَ على الزوجِ من إمساكها بمعروفٍ أو تسريحٍ بإحسان. (التفسير الكبير للرازي).

131- ï´؟ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا ï´¾.
تفسيرُ الآية: وللهِ ملكُ السَّماواتِ والأرض، وهو الحاكمُ فيهما، فلا يتعذَّرُ عليه شيءٌ ممّا يريدُ منهما، ممّا يخصُّ أحوالَ الزَّوجَينِ وغيرَها.
وقدْ أمَرْنا الذينَ أوتوا الكتابَ بتقوَى اللهِ وطاعتهِ كما أمَرْناكم بها يا أهلَ القرآن، فإنْ تُعرِضوا عمّا وصّاكمُ اللهُ به وتكفُروا، فإنَّهُ لا يضرُّهُ شيءٌ من إعراضِكم، كما لا ينفعهُ شيءٌ مِن شكرِكم وتقواكُم، فهو مالكُ السَّماواتِ والأرضِ وما بينهما، وهو غنيُّ عن خَلْقهِ وعبادتِهم، محمودٌ في ذاتِه، إنْ حَمِدوا أو كفَروا. (الواضح).

132- ï´؟ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ï´¾.
يعني بذلك جلَّ ثناؤه: ولله ملكُ جميعِ ما حوتهُ السماواتُ والأرض، وهو القيِّمُ بجميعه، والحافظُ لذلكَ كلِّه، لا يعزبُ عنه علمُ شيءٍ منه، ولا يَؤودهُ حفظهُ وتدبيره. (الطبري).

133- ï´؟ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآَخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا ï´¾.
أي: هو قادرٌ على إذهابِكم وتبديلِكم بغيركم إذا عصيتُموه. (ابن كثير).

135- ï´؟ وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ï´¾.
فإنَّ اللهَ كانَ بما تعملون، مِن إقامتِكم الشهادة، وتحريفِكم إيّاها، وإعراضِكم عنها بكتمانِكموها، خبيرًا، يعني ذا خبرةٍ وعلمٍ به، يحفظُ ذلكَ منكم عليكم حتى يجازيَكم به جزاءَكم في الآخرة، المحسنَ منكم بإحسانه، والمسيءَ بإساءته. يقول: فاتَّقوا ربَّكم في ذلك. (الطبري).

136- ï´؟ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ï´¾.
معناه: ومَن يكفرْ بمحمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم، فيجحدُ نبوَّته، فهو يكفرُ باللهِ وملائكتهِ وكتبهِ ورسلهِ واليومِ الآخر، لأنَّ جحودَ الشيءِ مِن ذلكَ بمعنى جحودهِ جميعه، وذلكَ لأنه لا يصحُّ إيمانُ أحدٍ مِن الخلقِ إلا بالإيمانِ بما أمرَهُ اللهُ بالإيمانِ به، والكفرُ بشيءٍ منه كفرٌ بجميعه، فلذلكَ قال: ï´؟ وَمَنْ يَكْفُرْ باللّهِ وَمَلائِكَتِهِ وكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَاليَوْمِ الاَخِرِ ï´¾ بعقبِ خطابهِ أهلَ الكتاب، وأمرهِ إيّاهم بالإيمانِ بمحمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم تهديدًا منه لهم، وهم مقرُّون بوحدانيةِ اللهِ والملائكةِ والكتبِ والرسلِ واليومِ الآخرِ سوَى محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم وما جاءَ به مِن الفرقان.
وأما قوله: ï´؟ فَقَدْ ضَلّ ضَلالاً بَعِيدا ï´¾ فإنه يعني: فقد ذهبَ عن قصدِ السبيل، وجارَ عن محجَّةِ الطريقِ إلى المهالكِ ذهابًا وجورًا بعيدًا، لأنَّ كفرَ مَن كفرَ بذلك خروجٌ منه عن دينِ اللهِ الذي شرعَهُ لعباده، والخروجُ عن دينِ الله: الهلاكُ الذي فيه البوار، والضلالُ عن الهُدَى هو الضلال. (الطبري).

137- ï´؟ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا ï´¾.
أي: لا يجعلهم بكفرهم مهتدين. (زاد المسير).

138- ï´؟ بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ï´¾.
يعني: بأن لهم يومَ القيامةِ من الله على نفاقهم عذابًا أليمًا، وهو الموجِع، وذلك عذابُ جهنم. (الطبري).

140- ï´؟ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ï´¾.
ورضيتُم بالجلوسِ معهم في المكانِ الذي يُكفَرُ فيه بآياتِ الله، ويُستَهزأُ ويُنتقَصُ بها، وأقررتموهم على ذلك.. (ابن كثير).

141- ï´؟ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ï´¾.
ï´؟ وَنَمْنَعْكُمْ ï´¾: ونصرفكم، ï´؟ مِّنَ ظ±لْمُؤْمِنِينَ ï´¾ أي: عن الدخولِ في جملتهم، وقيل: معناه: ألم نستولِ عليكم بالنصرةِ لكم ونمنَعْكم من المؤمنين؟ أي: ندفعُ عنكم صولةَ المؤمنين، بتخذيلهم عنكم، ومراسلتنا إيّاكم بأخبارهم وأمورهم. ومرادُ المنافقين بهذا الكلامِ إظهارُ المنَّةِ على الكافرين. (البغوي).

143- ï´؟ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا ï´¾.
أي: يخذله، ويسلبهُ التوفيق. (فتح القدير).

145- ï´؟ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ï´¾.
مانعاً من العذاب. (البغوي).

الجزء السادس
149- ï´؟ إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ï´¾.
إنْ تقولوا جميلاً من القولِ لمن أحسنَ إلـيكم، فتُظهروا ذلك شكراً منكم له على ما كان منه من حسنٍ إلـيكم، ï´؟ أَوْ تُخْفُوهُ ï´¾، يقول: أو تتركوا إظهارَ ذلك فلا تُبدوه. (الطبري).

151- ï´؟ أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ï´¾.
يُهينُهم ويُذلُّهم جزاءَ كفرِهم الذي ظنُّوا به العزَّة. (روح المعاني).

152- ï´؟ وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ï´¾.
ï´؟ وَلَمْ يُفَرّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مّنْهُمْ ï´¾ بأنْ يؤمنوا ببعضٍ ويكفروا بآخرين، كما فعلَ الكفرة، ï´؟ أُوْلَـظ°ئِكَ ï´¾ المنعوتون بهذه النعوتِ الجليلةِ ï´؟ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ ï´¾ اللهُ تعالى ï´؟ أُجُورَهُمْ ï´¾ الموعودةَ لهم، ï´؟ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا ï´¾ لمن هذه صفتُهم ما سلفَ لهم مِن المعاصي والآثام، ï´؟ رَحِيمًا ï´¾ بهم، فيضاعفُ حسناتِهم، ويزيدُهم على ما وُعِدوا به. (روح المعاني، باختصار).

153- ï´؟ وَآَتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا ï´¾.
يقول: وآتـينا موسى حجَّةً تبـينُ عن صدقهِ وحقِّـيةِ نبوَّته، وتلك الـحجَّةُ هي الآياتُ البـيِّناتُ التـي آتاهُ الله إيَّاها. (الطبري).

155- ï´؟ فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا ï´¾.
ï´؟ بَلْ طَبَعَ ظ±للَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ ï´¾ أي: ختمَ عليها، ï´؟ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً ï´¾ يعني: ممن كذَّبَ الرُّسلَ، لا ممن طُبعَ على قلبه؛ لأنَّ مَن طبعَ اللّهُ على قلبهِ لا يؤمنُ أبداً. وأرادَ بالقليل: عبدَ الله بنَ سلّامٍ وأصحابه، وقيل: معناه: لا يُؤمنون قليلاً ولا كثيراً. (البغوي).

158- ï´؟ بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ï´¾.
ï´؟ وَكَانَ ظ±للَّهُ عَزِيزاً ï´¾ لا يُغلَبُ على ما يريده، ï´؟ حَكِيماً ï´¾ فيما دبَّرَهُ لعيسى عليه الصلاةُ والسلام. (البيضاوي).

159- ï´؟ وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا ï´¾.
قيل: يشهدُ على اليهودِ أنهم كذَّبوهُ وطعنوا فيه، وعلى النصارَى أنهم أشركوا به. (التفسير الكبير للرازي).

161- ï´؟ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ï´¾.
وجعلنا للكافرينَ بـاللهِ وبرسولهِ مـحمَّدٍ مِن هؤلاءِ الـيهودِ العذابَ الألـيم، وهو الـموجِعُ مِن عذابِ جهنَّم، عدةً يصلَونَها في الآخرةِ إذا وردوا على ربِّهم، فـيعاقبهم بها. (الطبري).

162- ï´؟ لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا ï´¾.
وهم يقيمونَ الصَّلاةَ على وجهِها، ويعطُونَ الزكاةَ المفروضةَ عليهم، ويؤمنونَ باللهِ الواحدِ الأحد، وبالبعثِ بعدَ الموت، والجزاءِ على الأعمال، فأولئكَ سنؤتيهم ثواباً جزيلاً وأجراً عظيماً على ما آمنوا وصدَّقوا. (الواضح).

167- ï´؟ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا ï´¾.
أي: كفروا في أنفسهم، فلم يتَّبعوا الحقّ، وسعَوا في صدِّ الناسِ عن اتِّباعهِ والاقتداءِ به، قد خرجوا عن الحقِّ وضلُّوا عنه، وبعدوا منه بُعدًا عظيمًا شاسعًا. (ابن كثير).

171- ï´؟ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ï´¾.
الجميعُ مُلكهُ وخَلقه، وجميعُ ما فيها عبيده، وهم تحت تدبيرهِ وتصريفه، وهو وكيلٌ على كلِّ شيء، فكيفَ يكونُ له منهم صاحبةٌ أو ولد؟ (ابن كثير).

172- ï´؟ لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا ï´¾.
ولن يَستكبِرَ المسيحُ عيسى عن أنْ يكونَ عبداً لله مطيعاً، والعبوديَّةُ للهِ شَرفٌ وعزُّ لمن عَقَل، كما لا يأنَفُ ملائكتهُ المقرَّبونَ مِن أنْ يَكونوا عبيداً له، ومَن يَمتَنعْ عن عبادتهِ ويَستكبِرْ عن طاعتِه، فسيَجمَعُهم إليهِ يومَ القيامةِ ليَفصِلَ بينَهم بحُكمهِ العَدل. (الواضح).

173- ï´؟ فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ï´¾.
فأما المؤمنونَ المقرُّون بوحدانـيةِ الله، الخاضعونَ له بالطاعة، الـمتذلِّلونَ له بـالعبودية، والعاملونَ الصالحاتِ من الأعمال، فيؤتـيهم جزاءَ أعمالهم الصالحةِ وافيًا تامًّا، ويزيدُهم على ما وعدَهم مِن الـجزاءِ على أعمالهم الصالـحةِ والثوابِ علـيها مِن الفضلِ والزيادةِ ما لم يعرِّفْهم مبلغَه، ولم يحدَّ لهم منتهاه.

وأما الذين تعظَّموا عن الإقرارِ للهِ بـالعبودةِ والإذعانِ له بـالطاعة، واستكبروا عن التذلُّلِ لألوهتهِ وعبادتهِ وتسليمِ الربوبـيةِ والوحدانـيةِ له، فيعذِّبهم عذابـًا موجعًا، ولا يجدُ المستنكفونَ من عبادتهِ والمستكبرونَ عنها إذا عذَّبهم اللهُ الألـيـمَ من عذابهِ سوَى اللهِ لأنفسِهم ولـيًّا ينُـجيهم من عذابهِ وينقذُهم منه، ولا ناصرًا ينصرهم، فيستنقذُهم من ربِّهم ويدفعُ عنهم بقوَّتهِ ما أحلَّ بهم من نقمته، كالذي كانوا يفعلونَ بهم إذا أرادَهم غيرُهم من أهلِ الدنيا فـي الدنيا بسوءٍ من نصرتِهم والـمدافعةِ عنهم. (الطبري، باختصار).

176- ï´؟ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ï´¾.

فإذا كانَ للميِّتِ أُختان، فلهما ثُلثا التركة.
وإذا كانَ للميِّتِ إخوةٌ وأخوات، أُعطِيَ للذكرِ منهم حظُّ الأُنثَيَين.
ï´؟ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ï´¾: وهوَ سبحانَهُ عالِمٌ بعواقبِ الأمورِ ومصالحِها، فيشرِّعُ ما هوَ حقٌّ وعدلٌ بعلمهِ وحكمتِه. (الواضح).




ابوالوليد المسلم 12-11-2020 10:27 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 
الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (9)




أ. محمد خير رمضان يوسف





سورة المائدة
3- ﴿ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيم ﴾.
﴿ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ ﴾ أي: مائلٍ إلى إثم، وهو أن يأكلَ فوق الشبع. وقالَ قتادة: غيرَ متعرِّضٍ لمعصيةٍ في مقصده، ﴿ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾، وفيه إضمار، أي: فأكلَهُ، فإنَّ الله غفورٌ رحيم. (البغوي).

5- ﴿ الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾.
﴿ الطَّيِّبَاتُ ﴾ ذكرَ أنه تقدَّمَ القولُس في الطيبات. وقد قالَ فيها، في الآيةِ 172 من سورةِ البقرة: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾: الطيبُ هنا يجمعُ الحلالَ المستلذّ.
وقالَ الطبري: اليومَ أُحِلَّ لكم - أيها المؤمنون - الحلالُ من الذبائحِ والمطاعم، دون الخبائثِ منها.

﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾: ومن يجحدْ ما أمرَ الله بـالتصديقِ به، من توحيدِ اللهِ ونبوَّةِ محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم، وما جاءَ به من عندِ الله، وهو الإيـمانُ، الذي قال اللهُ جلَّ ثناؤه: ﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بـالإِيـمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ﴾ يقول: فقد بطلَ ثوابُ عملهِ الذي كان يعملهُ في الدنـيا، يرجو أن يُدرِكَ به منزلةً عند الله. وهو في الآخرة من الهالكين، الذين غبنوا أنفسَهم حظوظَها من ثوابِ الله، بكفرهم بمـحمَّد، وعملِهم بغيرِ طاعةِ الله (الطبري).

6- ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾.
ذكرَ أنه سبقَ تفسيرهُ في سورةِ النساء، ويعني الآيةَ (43) منها، وقد توسَّعَ فيه كثيرًا، ومختصره: المريضُ المقصودُ في هذه الآيةِ هو الحضريّ.

والمسافر: هو الغائبُ عن الحضر، كان السفرُ مما تقصرُ فيه الصلاةُ أو لا تقصر، هذا مذهبُ مالكٍ وجمهورِ الفقهاء.
والمجيءُ من الغائط: قضاءُ الحاجة.
واللمسُ في اللغةِ لفظةٌ قد تقعُ للَّمسِ الذي هو الجماع، وفي اللمسِ الذي هو جسُّ اليدِ والقُبلةُ ونحوها...
والتيممُ في اللغة: القصد، وفي الشرعِ يطلقُ على العبادةِ المعروفة.
والصعيدُ في اللغة: وجهُ الأرض. واختلفَ الفقهاءُ فيه من أجلِ تقييدِ الآيةِ إيَّاهُ بالطيب.
وترتيبُ القرآنِ الوجهَ قبلَ اليدين، وبه قالَ الجمهور. اهـ.

وتفسيرها في (الواضح): وإذا كنتُم مرضَى ويَضرُّكمُ استعمالُ الماءِ معه، أو كنتُم مسافرين، أو جئتُم مِنَ الغائطِ (أي قضاءِ الحاجة)، أو لامستمُ النساءَ - على الخلافِ الواردِ بينَ المفسِّرينَ والفقهاءِ، مِن معنَى الجِماعِ أو مسِّ البشَرةِ - ولم تجدوا ماءً تتوضَّؤون به، فتيمَّموا تراباً طاهراً، أو ما صعدَ منَ الأرضِ مِن رملٍ وحجَرٍ وغيرِه، على أقوال، فامسَحوا وجوهَكم به، ثمَّ أيديكم إلى المرافق...

7- ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾.
تأكيدٌ وتحريضٌ على مواظبةِ التقوَى في كلِّ حال. ثم أعلمَهم أنه يعلمُ ما يختلجُ في الضمائرِ من الأسرارِ والخواطر. (ابن كثير).

8- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ للهِ شُهَدَاءَ بِالقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾.
أيُّها المؤمِنون، قُوموا بالحقوقِ اللازمةِ عليكم عدلاً وصدقاً، لا جَوراً وظُلماً، وبإخلاص، لا لرياءٍ وسُمعة، ولا يَحملنَّكم بُغضُ قومٍ على ظلمِهم وعدمِ إقامةِ العدلِ فيهم، بلِ اعدِلوا فيهم وإنْ أساؤوا إليكم، وأنصِفوا فيهم وإنْ مالوا وظَلموا، فإنَّ عدلَكم معهم أقربُ إلى رِضا اللهِ واتِّقاءِ عذابِه.

قالَ الفخرُ الرازيُّ رحمَهُ الله: وفيهِ تنبيهٌ عظيمٌ على وجوبِ العدلِ مع الكفّار، الذينَ هم أعداءُ اللهِ تعالَى، فما الظنُّ بوجوبهِ مع المؤمِنين، الذينَ هم أولياؤهُ وأحبّاؤه؟! ا.هـ.
فواظِبوا على تقوَى اللهِ وطاعتهِ والخوفِ منه، فإنَّهُ خبيرٌ بأعمالِكم كلِّها، وسيُجازيكم عليها. (الواضح).

9- ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾.
وعدَ اللهُ الذين صدَّقوا اللهَ ورسوله، وأقرُّوا بما جاءَهم به مِن عندِ ربِّهم، وعملوا بما واثقَهم اللهُ به، وأوفَوا بـالعقودِ التي عاقدهم عليها، وأطاعوه، فعملوا بما أمرهم اللهُ به، وانتهَوا عمّا نهاهم عنه، لهم مغفرة، وأجرٌ عظيـم. والعظيمُ مِن خيرٍ غيرُ مـحدودٍ مبلغُه، ولا يَعرفُ منتهاهُ غيرهُ تعالَى ذكره. (الطبري، باختصار).

10- ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾.
والذين جحدوا وحدانـيةَ الله، ونقضوا ميثاقَهُ وعقودَهُ التـي عاقدوها إيّاه، وكذَّبوا بأدلَّةِ اللهِ وحُجَجهِ الدالَّةِ على وحدانـيتهِ التي جاءتْ بها الرسلُ وغيرُها، هؤلاءِ أهلُ النار، الذين يخـلدونَ فـيها ولا يخرجونَ منها أبدًا. (الطبري، بشيء من الاختصار).

11- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾.
أيُّها المؤمنون، اذكروا فضائلَ اللهِ ونِعمَهُ المتتاليةَ عليكم، وقد أرادَ قومٌ أنْ يَبطِشوا بكم فيَقتلوكم ويأخذوا أموالَكم، فمنعَهم وكفَّ شرَّهم عنكم، وردَّ كيدَهم في نحورِهم، فاتَّقوا اللهَ واشكروهُ على هذه النِّعم، وعلى ربِّهم فليَعتَمدِ المؤمنون، ولْيُفوِّضوا إليهِ أمورَهم كلَّها، فهو الذي يَدرأُ المفاسدَ ويَجلُبُ المصالح. (الواضح).

12- ﴿ وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآَتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآَمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴾.
﴿ وَأَقْرَضْتُمُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً ﴾: وهو الإنفاقُ في سبيلهِ وابتغاءَ مرضاته، ﴿ لأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَـٰتِكُمْ ﴾ أي: ذنوبكم، أمحوها وأسترها، ولا أؤاخذكم بها، ﴿ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ ﴾ أي: أدفعُ عنكم المحذور، وأحصلُ لكم المقصود.

وقوله: ﴿ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ ﴾ أي: فمن خالفَ هذا الميثاق بعد عقدهِ وتوكيدهِ وشدِّه، وجحَدَه، وعاملَهُ معاملةَ من لا يعرفه، فقد أخطأ الطريقَ الواضح، وعدلَ عن الهدَى إلى الضلال. (ابن كثير).

13- ﴿ فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾.
﴿ فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ ﴾: فبسببِ نقضِهم الميثاقَ الذي أخذَ عليهم.
﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾. قالَ مؤلفُ الأصلِ رحمَهُ الله: منسوخٌ بما في (براءة) من الأمرِ بقتالهم حتى يؤدُّوا الجزية، وباقي الآيةِ وعدٌ على الإحسان.

وقالَ ابنُ كثيرٍ في تفسيره: ﴿فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ﴾: وهذا هو عينُ النصرِ والظفر، كما قالَ بعضُ السلف: ما عاملتَ مَن عصَى اللهَ فيكَ بمثلِ أن تطيعَ اللهَ فيه. وبهذا يحصلُ لهم تأليفٌ وجمعٌ على الحقّ، ولعلَّ الله أن يهديهم؛ ولهذا قالَ تعالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ يعني به: الصفحَ عمَّن أساءَ إليك.
وقالَ قتادة: هذه الآية: ﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ﴾ منسوخةٌ بقوله: ﴿ قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِوَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ﴾ [سورة التوبة: 29].

14- ﴿ وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ﴾.
﴿ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ﴾: وأخذنا من النصارَى الميثاقَ على طاعتي وأداءِ فرائضي، واتِّباعَ رسلي والتصديقَ بهم، فسلكوا في ميثاقي الذي أخذتهُ عليهم منهاجَ الأمةِ الضالَّةِ من اليهود، فبدَّلوا كذلك دينَهم، ونقضوهُ نقضَهم، وتركوا حظَّهم من ميثاقي الذي أخذتهُ عليهم بالوفاءِ بعهدي، وضيَّعوا أمري. (الطبري).

17- ﴿ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.
مَن يَقدِرُ على منعِ أمرِ اللهِ إذا أرادَ أنْ يُميتَ عيسَى وأمَّهُ مريم، بل وجميعَ مَن في الأرضِ مِن أحياء؟ فأين هي أُلوهيَّةُ عيسَى، وما الذي يستطيعُ أنْ يفعلَه؟! (الواضح).

23- ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾.
توكَّلوا أيها القومُ علـى اللهِ في دخولِكم علـيهم. ويقولانِ لهم: ثقوا بـاللهِ فإنهُ معكم إنْ أطعتُـموهُ فيما أمرَكم مِن جهادِ عدوِّكم. وعنَـيا بقولهما ﴿ إنْ كُنْتُـمْ مُؤْمِنِـينَ ﴾: إنْ كنتُم مصدِّقي نبـيِّكم صلَّى الله عليه وسلَّم، فيما أنبأكم عن ربِّكم مِن النصرةِ والظفرِ علـيهم، وفي غيرِ ذلكَ مِن إخبـارهِ عن ربِّه، ومؤمنـينَ بأنَّ ربَّكم قادرٌ علـى الوفـاءِ لكم بما وعدَكم مِن تمكينِكم في بلادِ عدوِّهِ وعدوِّكم. (الطبري).

29- ﴿ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ ﴾.
فتكونَ بقتلِكَ إيّايَ مِن سكّانِ الـجحيـم، ووقودِ النارِ المخـلَّدين فـيها، والنارُ ثوابُ التاركينَ طريقَ الـحقّ، الزائلـينَ عن قصدِ السبيل... (مقتطف من تفسير الطبري).

33- ﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ﴾.
يعنـي: يعملونَ في أرضِ الله بـالمعاصي، مِن إخافةِ سُبلِ عبادهِ الـمؤمنـينَ به، أو سُبلِ ذمَّتِهم وقطعِ طرقِهم، وأخذِ أموالهـم ظلمًا وعدوانًا، والتوثُّبِ على حُرَمِهم فجورًا وفسوقًا. (الطبري).

35- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾.
ورغَّبهم في ذلك بالذي أعدَّهُ للمجاهدين في سبيلهِ يومَ القيامة، من الفلاح، والسعادةِ العظيمةِ الخالدةِ المستمرة، التي لا تبيدُ ولا تحولُ ولا تزول، في الغرفِ العاليةِ الرفيعةِ الآمنة، الحسنةِ مناظرها، الطيبةِ مساكنها، التي من سكنها ينعمُ لا يبأس، ويحيا لا يموت، لا تبلَى ثيابه، ولا يفنَى شبابه. (ابن كثير).

36- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾.
إن الذين جحدوا ربوبـيةَ ربِّهم وعبدوا غيرَهُ من بني إسرائيل، الذين عبدوا العجل، ومن غيرهم الذين عبدوا الأوثانَ والأصنام، وهلكوا علـى ذلكَ قبلَ التوبة، لو أنَّ لهم ملكَ ما في الأرضِ كلِّها وضِعفَهُ معه، لـيفتدوا به من عقابِ الله إيّاهم، علـى تركهم أمرَهُ وعبـادتهم غيرَهُ يومَ القـيامة، فـافتدَوا بذلكَ كلِّه، ما تقبَّلَ الله منهم ذلكَ فداءً وعوضاً من عذابهم وعقابهم، بل هو معذِّبُهم في حميـمِ يومِ القـيامةِ عذابـاً موجعاً لهم. (الطبري).

37- ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ
أي: دائمٌ مستمرّ، لا خروجَ لهم منها، ولا محيدَ لهم عنها. (ابن كثير).

38- ﴿ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾.
﴿ جَزَاءً بِمَا كَسَبَا ﴾: بسببِ كسبِهما، أو ما كسباهُ مِن السرقة، التي تُباشَرُ بالأيدي.
﴿ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾: عزيزٌ في شرعِ الردع، حكيمٌ في إيجابِ القطع. أو: عزيزٌ في انتقامهِ مِن السارقِ وغيرهِ مِن أهلِ المعاصي، حكيمٌ في فرائضهِ وحدوده. (روح المعاني).

39- ﴿ فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾.
إنَّ اللهَ عزَّ ذكرهُ ساترٌ - على مَن تابَ وأنابَ عن معاصيهِ إلـى طاعتهِ - ذنوبَهُ، بـالعفوِ عن عقوبتهِ علـيها يومَ القـيامة، وتركهِ فضيحتَهُ بها على رؤوسِ الأشهاد، رحيمٌ به وبعبادهِ التائبـينَ إلـيه مِن ذنوبهم. (الطبري).

40- ﴿ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.
واللهُ على تعذيبِ مَن أرادَ تعذيبَهُ مِن خَـلقهِ علـى معصيته، وغفرانِ ما أرادَ غفرانَهُ منهم بـاستنقاذهِ مِن الهلكةِ بـالتوبةِ علـيه، وغيرِ ذلك من الأمورِ كلِّها، قادر؛ لأن الخَـلقَ خـَلقه، والمـُلكَ مُلكُه، والعبـادَ عبـادُه. (تفسير الطبري).

42- ﴿ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ ﴾.
أي: الباطل. (ابن كثير).
يتبع

ابوالوليد المسلم 12-11-2020 10:27 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 


44- ﴿ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ ﴾.
يقولُ تعالَى ذكرهُ لعلماءِ اليهودِ وأحبارِهم: لا تـخشَوا الناسَ في تنفـيذِ حكمي الذي حكمتُ به على عبادي وإمضائهِ علـيهم على ما أمرت، فإنهم لا يقدرون لكم علـى ضرٍّ ولا نفعٍ إلا بإذني، ولا تكتـموا الرجْمَ الذي جعلتهُ حُكمًا في التوراةِ على الزانـيَـينِ المحصَنَـين، ولكنِ اخشوني دونَ كلِّ أحدٍ مِن خَلقي، فإنَّ النفعَ والضرَّ بـيدي، وخافوا عقابي في كتـمانِكم ما استـُحفظتِـم مِن كتابي. (مستخلص من الطبري).

45- ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾.
ومَنْ لم يَحكمْ بما أنزلَ اللهُ مِن هذه الأحكام، فإنَّهم مِن الظالمين. (الواضح).
وقالَ ابنُ كثيرٍ رحمَهُ الله: قد تقدَّمَ عن طاوسٍ وعطاءٍ أنهما قالا: كفرٌ دونَ كفر، وظلمٌ دونَ ظلم، وفسقٌ دونَ فسق.

46- ﴿ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ﴾.
والإنجيلُ كلُّهُ هداية، وتخويفٌ وزجرٌ عنِ ارتكابِ المعاصي، لمنِ اتَّقَى اللهَ وخافَ عقابَه. (الواضح).

47- ﴿ وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾.
أي: الخارجون عن طاعةِ ربِّهم، المائلون إلى الباطل، التاركون للحقّ. (ابن كثير).

48- ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾.
وهي طاعةُ الله، واتِّباعُ شرعهِ الذي جعلَهُ ناسخاً لما قبله، والتصديقُ بكتابهِ القرآن، الذي هو آخرُ كتابٍ أنزله. (ابن كثير).

49- ﴿ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ﴾.
وأن احكمْ بـينهم بـما أنزلَ الله، وأنزلنا إليكَ يا محمدُ الكتابَ مصدِّقاً لِـما بـين يديهِ من الكتاب. ويعني بقوله: ﴿ بِـمَا أنْزَلَ اللّهُ ﴾: بحكمِ الله الذي أنزلَهُ إلـيكَ في كتابه. (الطبري، باختصار).

50- ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾.
أي: هذا الخطابُ وهذا الاستفهامُ "لقومٍ يوقنون"، فإنهم هم الذين يتبيَّنون أنْ لا أعدلَ من الله، ولا أحسنَ حُكماً منه. (النسفي).

53- ﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ ﴾.
يقول: فأصبحَ هؤلاءِ الـمنافقونَ عند مجيءِ أمرِ اللهِ بإدالةِ المؤمنـين علـى أهلِ الكفرِ قد وكسوا في شرائهم الدنـيا بـالآخرة، وخابتْ صفقتُهم وهلكوا. (الطبري).

54- ﴿ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾.
﴿ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾: أشدّاءَ على الكافرين غلظاءَ بهم. هؤلاءِ المؤمنـونَ الذين وعدَ اللهُ المؤمنـينَ أنْ يأتـيَهم بهم إنِ ارتدَّ منهم مرتدٌّ بدلاً منهم، يجاهدونَ في قتالِ أعداءِ الله، علـى النـحوِ الذي أمرَ اللهُ بقتالهم، والوجهِ الذي أذنَ لهم به، ويجاهدونَ عدوَّهم.

﴿ عَلِيمٌ ﴾: علـيـمٌ بموضعِ جودهِ وعطائه، فلا يبذلهُ إلاّ لمنِ استـحقَّه، ولا يبذلُ لمنِ استـحقَّهُ إلاّ علـى قدرِ المصلـحة، لعلـمهِ بموضعِ صلاحهِ له مِن موضعِ ضرِّه. (الطبري، بشيء من الاختصار).

55- ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾.
أي: ليس اليهودُ بأوليائكم، بل ولايتُكم راجعةٌ إلى الله ورسولهِ والمؤمنين. (ابن كثير).

59- ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ ﴾.
قلْ يا محمدُ لأهلِ الكتابِ من الـيهودِ والنصارى: يا أهلَ الكتاب، هل تكرهون منا أو تجدون علـينا إلاَّ أن صدَّقنا وأقررنا بـالله فوحَّدناه، وبـما أُنزِلَ إلـينا من عند الله من الكتاب، وما أُنزِلَ إلى أنبـياءِ الله من الكتبِ من قبلِ كتابنا. (الطبري، باختصار).

60- ﴿ قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ ﴾.
أي: غضباً لا يرضَى بعدهُ أبداً. (ابن كثير).

62- ﴿ وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾.
أي: لبئسَ العملُ كان عملهم، وبئسَ الاعتداءُ اعتداؤهم. (ابن كثير).

63- ﴿ لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾.
فسَّرَ السحتَ في الآيةِ السابقة بالرِّشا وسائرِ مكسبهم الخبيث.
﴿ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ قال الطبري: يصنعونَ ويعملونَ واحد. قالَ لهؤلاءِ حينَ لـم يَنْهُوا، كما قالَ لهؤلاءِ حينَ عملوا.

64- ﴿ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾.
﴿ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ﴾: يُنفِقُ كما يشاء، مِن توسيعٍ على عبادٍ له، أو تضييقٍ في الرزقِ على آخرينَ منهم...
﴿ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ﴾:... وهذا مِن سَجيَّتهم، فإنَّ شأنَهمُ الإفسادُ في الأرض، بالكيدِ لأهلِ الحقّ، وإثارةِ الشرِّ والفتنة، وإيقادِ نيرانِ الحروب (الواضح).

66- ﴿ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ ﴾.
بئسَ شيئاً عملُهم. قالَ ابنُ عباسٍ رضيَ الله عنهما: عملوا القبيحَ مع التكذيبِ بالنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم. (البغوي).

69- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى ﴾.
ذكرَ أنه سبقَ بيانُ اللفظين في سورةِ البقرة. ويعني في الآيةِ (62) منها، وفيه ملخصًا:
النصارى: لفظةٌ مشتقةٌ من النصر، إما لأن قريتهم تسمَّى ناصرة، ويقال: نصريا، ويقال: نصرتا، وإما لأنهم تناصروا، وإما لقول عيسى ِعليه السلام: ﴿ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ ﴾ [آل عمران: 152].

والصابىء في اللغة: مَن خرجَ من دينٍ إلى دين، ولهذا كانت العربُ تقولُ لمن أسلم: قد صبا، وقيل: إنها سمتهم بذاك لما أنكروا الآلهة، تشبيهاً بالصابئين في الموصل، الذين لم يكنْ لهم برٌّ إلا قولهم: لا إله إلا الله... وأما المشارُ إليهم في قولهِ تعالى: ﴿ وَالصَّابِئُونَ ﴾، فقال السدِّي: هم فرقةٌ من أهلِ الكتاب، وقال مجاهد: هم قومٌ لا دينَ لهم، ليسوا بيهودٍ ولا نصارى، وقال ابنُ أبي نجيح: هم قومٌ تركَّبَ دينُهم بين اليهوديةِ والمجوسية، لا تؤكلُ ذبائحهم، وقال ابن زيد: هم قومٌ يقولون: لا إله إلا الله، وليس لهم عملٌ ولا كتاب، كانوا بجزيرةِ الموصل...

71- ﴿ وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ﴾.
أي: وحسبوا أن لايترتبَ لهم شرٌّ على ما صنعوا، فترتب، وهو أنهم عمُوا عن الحقّ، وصمُّوا، فلا يسمعون حقًّا، ولا يهتدون إليه. (ابن كثير).

72- ﴿ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾.
اعبُدوا اللهَ وحدَه، فهو ربِّي وربُّكم، ونحن جميعاً عَبيدٌ لله، وإنَّ مَن يُشرِكْ بهِ في عبادتهِ فقد حرَّمَ عليهِ دخولَ الجنَّة، وأوجبَ له النَّار. وقد ظَلموا بإشراكِهم وكفرِهم هذا وعَدَلوا عن طريقِ الحقّ، ولن تجدَ لهؤلاءِ الظَّالمينَ مُعيناً ولا ناصراً يُنقِذُهم من عذابِ اللهِ وعقوبتهِ المقدَّرةِ عليهم. (الواضح).

78- ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ
بما عصَوا اللهَ فخالفوا أمرَه، وكانوا يتـجاوزونَ حدوده. (الطبري).
وفسَّرَهُ ابنُ كثير بالاعتداءِ على الخَلق.

80- ﴿ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ ﴾.
وفي عذابِ اللهِ يومَ القـيامةِ هم خالدون، دائمٌ مُقامُهم ومُكثهم فـيه. (الطبري).

81- ﴿ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾.
وبما أنزلَهُ عليهِ منَ القرآنِ الكريم، لَما اتَّخذوهم أولياءَ يُناصِرونَهم ضدَّ دينهِ وأوليائه. (الواضح).

الجزء السابع
85- ﴿ فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ ﴾.
دليلٌ على إخلاصِ إيمانهم وصدقِ مقالهم، فأجابَ الله سؤالهم وحَقَّق طمعَهم ـ وهكذا من خلَصَ إيمانهُ وصدَقَ يقينه، يكونُ ثوابهُ الجنة. (القرطبي).

87- ﴿ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾.
واللهُ لا يحبُّ الظَّالمينَ المعتَدينَ حدودَه، ولكنْ قفوا عندها والتزِموا بها. (الواضح).

88- ﴿ وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ ﴾.
﴿ حَلَالاً طَيِّبـاً ﴾ يعنـي: ما أحلّ الله لهم من الطعام.
وأما قوله: ﴿ وَاتَّقُوا اللّهَ الَّذِي أنْتُـمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ ﴾ فإنه يقول: وخافوا - أيها الـمؤمنون - أنْ تعتدوا في حدوده، فتحلُّوا ما حرَّمَ علـيكم، وتحرِّموا ما أحلِّ لكم، واحذروهُ في ذلكَ أنْ تـخالفوهُ فـينزلَ بكم سخطه، أو تستوجبوا به عقوبته، ﴿ الَّذِي أَنْتُـمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ ﴾ يقول: الذي أنتـم بوحدانـيتهِ مقرُّون، وبربوبـيتهِ مصدِّقون. (الطبري).

89- ﴿ لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾.
﴿ لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ ﴾ ذكرَ أنه سبقَ بيانهُ في سورةِ البقرة، ويعني في الآيةِ (225) منها، وقد توسَّعَ فيه هناك، وقالَ بعد البيانِ اللغويِّ وأقوالِ أهلِ التفسير:
وطريقةُ النظرِ أن يُتأمَّلَ لفظةُ اللغوِ ولفظةُ الكسب، ويُحكَمُ موقعُهما في اللغة، فكسبُ المرءِ ما قصدَهُ ونواه، واللغوُ ما لم يتعمَّده، أو ما حقُّهُ لهجنتهِ أن يسقط، فيقوَى على هذه الطريقةِ بعضُ الأقوالِ المتقدِّمةِ ويضعفُ بعضها، وقد رفعَ الله عزَّ وجلَّ المؤاخذةَ بالإطلاقِ في اللغو، فحقيقتهُ ما لا إثمَ فيه ولا كفّارة. اهـ.

﴿ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾: وراعُوا حَلِفَكم إذا حنَثْتُم، فلا تَتركوهُ مِن غيرِ تَكفير. وهكذا يبيِّنُ اللهُ لكم أحكامَ شريعتهِ ويوضِّحُها، فاشكروهُ على نعمةِ هذا التعليمِ والبيان، الذي هو لخيرِكم وصالِحكم. (الواضح).

90- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾.
﴿ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ﴾: شربُكم الـخمر، وقماركم علـى الـجُزُر، وذبحكم للأنصاب، واستقسامُكم بـالأزلام، من تزيـينِ الشيطانِ لكم، ودعائهِ إياكم إلـيه، وتـحسينهِ لكم، لا من الأعمالِ التي ندبَكم إلـيها ربُّكم، ولا مما يرضاهُ لكم، بل هو مما يسخطهُ لكم.
﴿ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾: لكي تنـجحوا فتدركوا الفلاحَ عند ربِّكم بتركِكم ذلك (الطبري).

93- ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾.
والله يحبُّ المتقرِّبـين إلـيه بنوافلِ الأعمالِ التـي يرضاها. (الطبري).

95- ﴿ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴾.
واللهُ مَنـيعٌ في سلطانه، لا يَقهرهُ قاهر، ولا يـَمنعهُ مِن الانتقامِ ممَّن انتقمَ منه، ولا مِن عقوبةِ مَن أرادَ عقوبتَهُ مانع، لأنَّ الخَلقَ خَـلقُه، والأمرَ أمرُه، له العزَّة والمنَعة. وأما قوله: ﴿ ذُو انْتِقَامٍ ﴾ فإنه يعني به: معاقبتهُ لمن عصاهُ على معصيتهِ إيّاه. (الطبري).

98- ﴿ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾.
اعلموا أيها الناس، أنَّ ربَّكم الذي يعلمُ ما في السماواتِ وما في الأرض، ولا يخفَى علـيه شيءٌ مِن سرائرِ أعمالِكم وعلانـيتِها، وهو يُحصيها عليكم ليجازيَكم بها، شديدٌ عقابهُ مَن عصاهُ وتمرَّدَ عليه، على معصيتهِ إيّاه، وهو غفورٌ لذنوبِ مَن أطاعَهُ وأنابَ إليه، فساترٌ عليه وتاركٌ فضيحتَهُ بها، رحيمٌ به أنْ يعاقبَهُ على ما سلفَ مِن ذنوبهِ بعد إنابتهِ وتوبتهِ منها. (الطبري).

100- ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾.
اتَّقوا اللهَ لتُفلحوا، أي: كي تنـجحوا في طلبتِكم ما عنده. (الطبري).

104- ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴾.
أجابوا في عنادٍ وضلال: يَكفِينا ما وجدنا عليه آباءَنا وأجدادَنا، ولا نلتفِتُ إلى غيرهم، فمعَهمُ الحقُّ وكفَى!
ولكنْ لماذا يقلِّدونَ آباءَهم هكذا بدونِ تعقُّلٍ ولا تفكير؟ فإذا كانَ الآباءُ جهَلةً ضالِّينَ مثلَهم، لا يَفهمونَ الحقَّ ولا يعرفونَ سبيلَ الاهتداءِ إليه، فكيفَ يتَّبِعونَهم والحالةُ هذه؟ (الواضح).

105- ﴿ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾.
أي: فيُجازي كلَّ عاملٍ بعمله، إنْ خيرًا فخير، وإنْ شرًّا فشرّ. (ابن كثير).

109- ﴿ يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴾.
أي: أنتَ الذي تعلمُ ما غاب، ونحن لا نعلمُ إلا ما نشاهد. (البغوي).

110- ﴿ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ﴾.
﴿ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا ﴾: وأنطقتُكَ منذُ صِغَرِك، فصرتَ تكلِّمُ الناسَ وأنتَ طفلٌ صغيرٌ في المهد، كما تكلِّمُهم وأنتَ كهلٌ تجاوزتَ الثلاثين.

﴿ وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي ﴾: وتُبرِئُ الأعمَى فيُصبِحُ مُبصِراً، وتَشفي المبتلَى بالبرَص.
﴿ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ﴾: فقالَ الكافرونَ منهم: ما هذا الذي جئتَ بهِ سوَى سحرٍ وشعوَذة. (الواضح).

111- ﴿ وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آَمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آَمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ ﴾.
﴿ قَالُواْ آَمَنَّا ﴾ طبقَ ما أُمِرنا به، ﴿ وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ ﴾ مخلصونَ في إيمانِنا، أو منقادونَ لِما أُمِرنا به. (روح المعاني).
وذكرَ ابنُ عطيةَ رحمَهُ الله أنه تقدَّمَ تفسيرُ لفظةِ (الحواريين) في آل عمران، ويعني في الآيةِ (52) منها، وقد قالَ هناك: الحواريون قومٌ مرَّ بهم عيسى عليه السلام، فدعاهم إلى نصره، واتِّباعِ ملَّته، فأجابوه، وقاموا بذلك خيرَ قيام، وصبروا في ذاتِ الله. ورُويَ أنه مرَّ بهم وهم يصطادون السمك.

112- ﴿ إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ ﴾.
المائدة: هي الخوانُ عليه الطعام. وذكرَ بعضهم أنهم إنما سألوا ذلكَ لحاجتِهم وفقرهم، فسألوهُ أن يُنزلَ عليهم مائدةً كلَّ يومٍ يقتاتون منها، ويتقوَّون بها على العبادة. (ابن كثير).

114- ﴿ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا وَآَيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ ﴾.
﴿ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ ﴾ أي: خُواناً عليه طعام، أو سُفرةً كذلك.
وقولهُ سبحانهُ وتعالى: ﴿ مِنَ السَّمَاءِ ﴾ متعلقٌ إمّا بـ ﴿ أَنْزِلْ ﴾، أو بمحذوفٍ وقعَ صفةً لـ﴿ مَائِدَةً ﴾، أي: كائنةً من السماء. والمرادُ بها إمّا المحلُّ المعهود، وهو المتبادرُ من اللفظ، وإمّا جهةُ العلو. (روح المعاني، باختصار).
﴿ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ ﴾: وأعطِنا مِن عطائك، فإنكَ يا ربِّ خيرُ من يعطي، وأجودُ مَن تفضَّل؛ لأنه لا يدخلُ عطاءَهُ مَنٌّ ولا نكد. (الطبري).

116- ﴿ وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾.
ويقولُ اللهُ تعالَى لعيسَى بنِ مريمَ يومَ القيامةِ تبكيتاً وتقريعاً للنَّصارَى: أأنتَ قلتَ للنَّاس: اجعلوني وأمِّيَ معبودَينِ لكم مِن دونِ الله؟ (الواضح).
وذكرَ باقي التفسيرِ في الآيةِ التالية.

117- ﴿ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾.
يقول: وكنتُ على ما يفعلونَهُ وأنا بين أظهرهم شاهداً عليهم وعلى أفعالهم وأقوالهم، فلمّا قبضتَني إليكَ كنتَ أنتَ الحفيظَ عليهم دوني، لأني إنما شهدتُ من أعمالهم ما عملوهُ وأنا بين أظهرهم، وأنتَ تشهدُ على كلِّ شيء، لأنه لا يخفَى عليكَ شيء، وأما أنا فإنما شهدتُ بعضَ الأشياء، وذلك ما عاينتُ وأنا مقيمٌ بين أظهرِ القوم. (الطبري، باختصار).

119- ﴿ قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾.
لهم جزاءَ إيمانِهم وصدقِهم جنّاتٌ عالياتٌ تجري مِن تحتِها الأنهار، مُقيمينَ فيها أبداً، لا يزولونَ عنها ولا يَحُولون، ويُفيضُ اللهُ عليهم رضوانَهُ الذي لا غايةَ وراءَه، ويَرضَونَ هم، فلا شيءَ أعزُّ مِن رضوانهِ سبحانَه، وهو الفوزُ والفلاحُ الذي لا أعظمَ منهُ ولا يُدانيهِ مَطلَب. (الواضح).


120- ﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.
أي: هو الخالقُ للأشياء، المالكُ لها، المتصرِّفُ فيها، القادرُ عليها، فالجميعُ مُلكه، وتحتَ قَهرهِ وقدرتهِ، وفي مشيئته، فلا نظيرَ له ولا وزيرَ ولا عديل، ولا والدَ ولا ولدَ ولا صاحبة، فلا إلهَ غيرُه، ولا ربَّ سواه. (ابن كثير).




ابوالوليد المسلم 12-11-2020 10:28 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 
الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (10)




أ. محمد خير رمضان يوسف






سورة الأنعام
6- ﴿ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ ﴾.
أي: أكثَرْنا عليهم أمطارَ السماءِ وينابيعَ الأرضِ استدراجًا وإملاءً لهم، فأهلكناهم بخطاياهم وسيِّئاتهم التي اجترموها، فذهبَ الأوَّلونَ كأمسِ الذاهب، وجعلناهم أحاديث، وأنشأنا مِن بعدهم جيلاً آخرَ لنختبرهم، فعملوا مثلَ أعمالهم، فهلكوا كهلاكهم. فاحذروا أيها المخاطَبون أنْ يصيبَكم مثلُ ما أصابهم، فما أنتم بأعزَّ على اللهِ منهم، والرسولُ الذي كذَّبتموهُ أكرمُ على اللهِ مِن رسولِهم، فأنتم أولَى بالعذابِ ومعاجلةِ العقوبةِ منهم، لولا لطفهُ وإحسانه. (ابن كثير، بشيء من الاختصار).

11- ﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾.
أي: آخرُ أمرهم، وكيف أورثَهم الكفرُ والتكذيبُ الهلاكَ. يُحذِّرُ كفّارَ مكةَ عذابَ الأممِ الخالية. (البغوي).

16- ﴿ مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ ﴾.
﴿ مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ ﴾ العذابُ ﴿ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ ﴾ اللهُ الرحمةَ العظمَى، وهي النجاة. (النسفي).

19- ﴿ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آَلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ ﴾.
﴿ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ﴾: يقولُ تعالَى ذكرهُ لنبيِّهِ محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم: قلْ يا محمدُ لهؤلاء المشركين الذين يكذبون ويجحدون نبوَّتكَ من قومك: أيُّ شيءٍ أعظمُ شهادةً وأكبر؟ ثم أخبرهم بأن أكبرَ الأشياءِ شهادةً اللهُ، الذي لا يجوزُ أن يقعَ في شهادتهِ ما يجوزُ أن يقعَ في شهادةِ غيرهِ مِن خَلقهِ من السهوِ والخطأ والغلطِ والكذب. ثم قلْ لهم: إن الذي هو أكبرُ الأشياءِ شهادةً شهيدٌ بيني وبينكم، بالمحقِّ منا من المبطل، والرشيدِ منا في فعلهِ وقولهِ من السفيه، وقد رضينا به حكماً بيننا.

﴿ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آَلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ ﴾: يقولُ تعالى ذكرهُ لنبيِّهِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم: قلْ لهؤلاءِ المشركينَ الجاحدينَ نبوَّتك، العادلينَ باللهِ ربًّا غيره: أئنكم أيها المشركونَ تشهدونَ أن مع اللهِ معبوداتٍ غيرهُ من الأوثانِ والأصنام؟

ثم قال لنبيِّهِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم: قلْ يا محمد: لا أشهدُ بما تشهدون أن مع الله آلهةً أخرى، بل أجحدُ ذلكَ وأُنكره. إنما هو معبودٌ واحد، لا شريكَ له فيما يستوجبُ على خلقهِ من العبادة. (الطبري، باختصار الفقرة الأخيرة منه).

20- ﴿ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾.
﴿ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ﴾ بهذا الأمرِ الجليِّ الظاهر، الذي بشَّرتْ به الأنبياء، ونوَّهتْ به في قديمِ الزمانِ وحديثه. (ابن كثير).

21- ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾.
﴿ الظَّالِمُونَ ﴾: الكافرون. (البغوي).

22- ﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ﴾.
﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ﴾: ونَحشرُ الكافرينَ وآلهتَهم جميعًا يومَ القيامة. (الواضح).
﴿ أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ ﴾: أي: آلهتُكم التي جعلتُموها شركاءَ لله. (البيضاوي).

32- ﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾.
﴿ وَلَلدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ ﴾ يقول: ولَلعملُ بطاعتهِ والاستعدادُ للدارِ الآخرةِ بالصالحِ من الأعمالِ التي تبقَى منافعُها لأهلها ويدومُ سرورُ أهلها فيها، خيرٌ من الدارِ التي تَفنَى، فلا يبقَى لعمّالها فيها سرورٌ، ولا يدومُ لهم فيها نعيم.
﴿ للَّذِينَ يَتَّقُونَ ﴾ يقول: للذين يخشونَ اللهَ فيتَّقونَهُ بطاعتهِ، واجتنابِ معاصيهِ، والمسارعةِ إلى رضاه. (الطبري).

33- ﴿ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا ﴾.
وهذا تسليةٌ من الله تعالى ذكرهُ لنبيِّهِ محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم، وتعزيةٌ له عمّا نالَهُ من المساءة، بتكذيبِ قومهِ إيّاهُ على ما جاءهم به من الحقِّ من عند الله.
يقولُ تعالى ذكره: إنْ يكذِّبْكَ يا محمدُ هؤلاء المشركون من قومك، فيجحدوا نبوَّتك، وينكروا آياتِ الله أنها من عنده، فلا يحزنْكَ ذلك، واصبرْ على تكذيبهم إيّاكَ وما تلقَى منهم من المكروهِ في ذاتِ الله، حتى يأتيَ نصرُ الله، فقد كُذِّبتْ رسلٌ من قبلكَ أرسلتُهم إلى أممهم فنالوهم بمكروه، فصبروا على تكذيب ِقومهم إيّاهم، ولم يُثنِهم ذلك من المضيِّ لأمرِ الله الذي أمرهم به، من دعاءِ قومهم إليه، حتى حكمَ الله بينهم وبينهم. (الطبري).

35- ﴿ وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ ﴾.
﴿ وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ ﴾: عظمَ وشقّ ﴿ إِعْرَاضُهُمْ ﴾ عنكَ وعن الإِيمانِ بما جئتَ به. (البيضاوي).

39- ﴿ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾.
قال الطبري: أخبرَ تعالى أنه المضلُّ مَن يشاءُ إضلالَهُ مِن خلقهِ عن الإيمانِ إلى الكفر، والهادي إلى الصراطِ المستقيمِ منهم، مَن أحبَّ هدايتَهُ فموفِّقُهُ بفضلهِ وطَولهِ للإيمانِ به وتركِ الكفرِ به وبرسلهِ وما جاءتْ به أنبياؤه، وأنه لا يهتدي مِن خلقهِ أحدٌ إلاّ مَن سبقَ له في أمِّ الكتابِ السعادة، ولا يضلُّ منهم أحدٌ إلاّ من سبقَ له فيها الشقاء، وأن بيدهِ الخيرَ كلَّه، وإليه الفضلَ كلَّه، له الخلقُ والأمر.
وفي تفسيرٍ وتوضيحٍ لما سبق، وردَ في (الواضح في التفسير): وهوَ سبحانَهُ المتصرِّفُ في خَلقِه، فمَن وجدَ استعدادَهُ مائلاً إلى الكفرِ والضَّلالِ أضلَّه، ومَن وجدَ فيه خيراً وقابليَّةً لقبولِ الحقِّ والتَّجاوبِ مع الإيمانِ أرشدَهُ إلى الطريقِ الصَّحيح.

40- ﴿ قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾.
أغيرَ الله هناكَ تَدعون لكشفِ ما نزلَ بكم من البلاء، أو إلى غيرهِ من آلهتِكم تفزعون لينجيَكم مما نزل بكم َمن عظيمِ البلاء، ﴿ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ يقول: إنْ كنتُم محقِّينَ في دعواكم وزعمِكم أنَّ آلهتَكم [التي] تدعُونَها مِن دونِ اللهِ تنفعُ أو تضرّ. (الطبري).

41- ﴿ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ ﴾.
أي: في وقتِ الضرورةِ لا تَدعونَ أحدًا سواه، وتذهبُ عنكم أصنامُكم وأندادُكم. (ابن كثير).

45- ﴿ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾.
القومُ الذين عتَوا على ربِّهم وكذَّبوا رسلَهُ وخالفوا أمرَهُ عن آخرهم. (الطبري).

46- ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ ﴾.
﴿ إِنْ أَخَذَ ٱللَّهُ سَمْعَكُمْ ﴾ حتى لا تسمعوا شيئاً أصلاً، ﴿ وَأَبْصَـٰرَكُمْ ﴾ حتى لا تُبصروا شيئاً أصلاً، ﴿ وَخَتَمَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ ﴾ حتى لا تفقهوا شيئاً ولا تعرفوا مما تعرفون من أمورِ الدنيا. (البغوي).

48- ﴿ فَمَنْ آَمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾.
فسَّرها في الآية (38) من سورةِ البقرة: ﴿ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾. قالَ في آخره: ويحتملُ قولهُ تعالى: ﴿ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ﴾ أي فيما بين أيديهم من الدنيا، ﴿ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ على ما فاتهم منها، ويحتملُ أن ﴿ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ﴾ يومَ القيامة، ﴿ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ فيه، ويحتملُ أن يريدَ أنه يُدخلهم الجنة، حيثُ لا خوفٌ ولا حزن.

49- ﴿ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾.
بسببِ خروجهم عن التصديقِ والطاعة. (البيضاوي).

54- ﴿ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾.
﴿ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾... فأنهُ غفورٌ لذنبهِ إذا تابَ وأنابَ وراجعَ بطاعةِ الله، وتركَ العودَ إلى مثله، مع الندمِ على ما فرطَ منه. رحيمٌ بالتائبِ أن يعاقبَهُ على ذنبهِ بعد توبتهِ منه (الطبري).

56- ﴿ قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾.
وإن فعلتُ ذلك فقد تركتُ محجَّةَ الحقّ، وسلكتُ على غيرِ الهدَى، فصرتُ ضالاًّ مثلكم على غيرِ استقامة (الطبري).

57- ﴿ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ﴾.
أي: بين الحقِّ والباطل، بما يقضي به بين عبادهِ ويفصلهُ لهم في كتابه. (فتح القدير).

58- ﴿ قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ ﴾.
أي: بحالهم، وبأنهم مستحقُّون للإمهالِ بطريقِ الاستدراج، لتشديدِ العذاب، ولذلك لم يفوِّضِ الأمرَ إليّ، ولم يقضِ بتعجيلِ العذاب. (روح المعاني).

59- ﴿ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ
المرادُ من ظلماتِ الأرض بطونُها، وكنيَ بالظلمةِ عن البطنِ لأنه لا يُدرَكُ فيه كما لا يُدرَكُ في الظلمة. (روح المعاني).

60- ﴿ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾.
بما كنتم تعملون في حياتكم الدنيا، ثم يجازيكم بذلك، إنْ خيراً فخير، وإنْ شرّاً فشرّ. (الطبري).

63- ﴿ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾.
أي: من هذه الظلماتِ التي نحن فيها. (الطبري).

64- ﴿ قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ ﴾.
قلْ لهؤلاء المشركين بربِّهم آلهةً: اللهُ القادرُ على فرَجِكم عند حلولِ الكربِ بكم، ينجِّيكم من عظيمِ النازلِ بكم في البرِّ والبحر، ومِن كلِّ كربٍ سوَى ذلك... (الطبري، باختصار).

65- ﴿ وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ ﴾.
﴿ وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بأْسَ بَعْضٍ ﴾: يقتلُ بعضُكم بيدِ بعض.
﴿ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ ﴾: ليفقهوا ذلك ويعتبروه، فيذكروا ويزدجروا عمّا هم عليه مقيمون مما يسخطهُ الله منهم من عبادةِ الأوثانِ والأصنام، والتكذيبِ بكتابِ الله تعالى ورسولهِ صلَّى الله عليه وسلَّم. (الطبري).

66- ﴿ وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ ﴾.
أي: الذي ليسَ وراءَهُ حقّ. (ابن كثير).

70- ﴿ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ﴾.
بما كان من كفرهم في الدنيا باللهِ وإنكارهم توحيدَه، وعبادتهم معه آلهةً دونه (الطبري).

72- ﴿ وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾.
وأُمرنا بإقامةِ الصلاة، وذلك أداؤها بحدودها التي فُرضت علينا.
﴿ وَاتَّقُوهُ ﴾ يقول: واتقوا ربَّ العالمين الذي أمرَنا أن نُسلِمَ له، فخافوه، واحذروا سخطَهُ بأداءِ الصلاةِ المفروضةِ عليكم، والإذعانِ له بالطاعة، وإخلاصِ العبادة له.
﴿ وَهُوَ الَّذِي إلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ يقول: وربُّكم ربُّ العالمين هو الذي إليه تُحشَرون، فتُجمَعون يومَ القيامة، فيُجازي كلَّ عاملٍ منكم بعمله، وتوفَّى كلُّ نفسٍ ما كسبت. (الطبري).

73- ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴾.
قالَ في الاسمينِ الجليلين، في الآيةِ (18) مِن السورةِ نفسِها:
﴿ الْحَكِيمُ ﴾ بمعنى المحكم، و ﴿ الْخَبِيرُ ﴾ دالةٌ على مبالغةِ العلم.
وقالَ صاحبُ (روح المعاني): الحكيمُ في كلِّ ما يفعله، الخبيرُ بجميعِ الأمور، الخفيِّةِ والجليَّة.

79- ﴿ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾.
﴿ وَمَا أَنَاْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ﴾ بالله شيئاً من خَلقه. (النسفي).

81- ﴿ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾.
يقول: أنا أحقُّ بالأمنِ من عاقبةِ عبادتي ربِّي مخلصًا له العبادة، حنيفًا له ديني، بريئًا من عبادةِ الأوثانِ والأصنام، أم أنتم الذين تعبدون من دونِ الله أصنامًا لم يجعلِ الله لكم بعبادتكم إيّاها برهانًا ولا حجَّة؟ (الطبري).

82- ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾.
أوردَ الإمامُ الطبريُّ معناهُ عن أحمدَ بنِ إسحاق: الأمنُ مِن العذاب.
يتبع

ابوالوليد المسلم 12-11-2020 10:29 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 

83- ﴿ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ ﴾.
قال الطبريُّ رحمَهُ الله: يعني تعالى ذكرهُ بقوله: ﴿ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا ﴾ قولَ إبراهيمَ لمخاصميهِ من قومهِ المشركين: ﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ﴾: أمَنْ يعبدُ ربًّا واحدًا مخلصًا له الدينَ والعبادة، أم من يعبدُ أربابًا كثيرة؟ وإجابتُهم إيّاه بقولهم: بل مَن يعبدُ ربًّا واحدًا أحقُّ بالأمن. وقضاؤهم له على أنفسهم، فكان في ذلك قطعُ عذرهم وانقطاعُ حجَّتهم، واستعلاءَ حجَّةِ إبراهيمَ عليهم. فهي الحجَّةُ التي آتاها الله إبراهيمَ على قومه.

84- ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ ﴾.
يقول: هدينا جميعَهم لسبيلِ الرشاد، فوفَّقناهم للحقِّ والصوابِ من الأديان. (الطبري).

85- ﴿ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾.
أي: من الكاملينَ في الصلاح، الذي هو عبارةٌ عن الإتيانِ بما ينبغي، والتحرُّز عمّا لا ينبغي (روح المعاني).

88- ﴿ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾.
﴿ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ ﴾ هدايتَهُ ﴿ مِنْ عِبَادِهِ ﴾ وهم المستعدُّونَ لذلك. ﴿ وَلَوْ أَشْرَكُواْ ﴾ أي: أولئك المذكورون، ﴿ لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ أي: لبطلَ وسقطَ عنهم - مع فضلِهم وعلوِّ شأنهم - ثوابُ أعمالهمُ الصالحة، فكيف بمن عداهم وهم هم، وأعمالُهم أعمالُهم؟ (روح المعاني، باختصار).

89- ﴿ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ ﴾.
أي: بمراعاتها. (البيضاوي).

92- ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ ﴾.
أي: كثيرُ الفائدةِ والنفع، لاشتمالهِ على منافعِ الدارين، وعلومِ الأولينَ والآخِرين. (روح المعاني).

93- ﴿ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ﴾.
أي: اليومَ تهانون غايةَ الإهانة. (ابن كثير).

96- ﴿ فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾.
﴿ وَجَعَلَ ٱلَّيْلَ سَكَناً ﴾ أي: ساجياً مظلماً، لتسكنَ فيه الأشياء.
﴿ ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾ أي: الجميعُ جارٍ بتقديرِ العزيزِ الذي لا يُمانَعُ ولا يُخالَف، العليمِ بكلِّ شيء، فلا يَعزُبُ عن علمهِ مثقالُ ذرَّةٍ في الأرضِ ولا في السماء. وكثيرًا ما إذا ذكرَ اللهُ تعالى خلقَ الليلِ والنهارِ والشمسِ والقمر، يختمُ الكلامَ بالعزَّةِ والعلم... (ابن كثير).

98- ﴿ قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ ﴾.
قالَ في تفسيرها في الآيةِ السابقةِ (97) من السورة: ﴿ فَصَّلْنَا ﴾ معناهُ بيَّنَّا وقسَّمنا، و ﴿ الْآَيَاتِ ﴾: الدلائل.

99- ﴿ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾.
قالَ ابنُ عباس: يصدِّقون أن الذي أخرجَ هذا النباتَ قادرٌ على أن يُحيي الموتَى. وقالَ مقاتل: يصدِّقون بالتوحيد. (زاد المسير).

101- ﴿ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ ﴾.
أي: كيف يكونُ ولدٌ ﴿ وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ صَـٰحِبَةٌ ﴾، أي: والولدُ إنما يكونُ متولِّداً بين شيئين متناسبين، والله تعالَى لا يناسبهُ ولا يشابههُ شيءٌ من خلقه؛ لأنه خالقُ كلِّ شيء، فلا صاحبةَ له ولا ولد. (ابن كثير).

104- ﴿ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا ﴾.
﴿ فَمَنْ أَبْصَرَ فلِنَفْسِه ﴾ أي: فمن عرفها وآمنَ بها فلنفسِهِ عَمِلَ، ونفعُه له، ﴿ وَمَنْ عَمِىَ فَعَلَيْهَا ﴾ أي: من عميَ عنها فلم يعرفها ولم يصدِّقها فعليها، أي: فبنفسهِ ضرَّ، ووبالُ العمَى عليه. (البغوي).

105- ﴿ وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾.
قال ابنُ عباس: يريدُ أولياءَهُ الذين هداهم إلى سبيلِ الرشاد. (البغوي).

107- ﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ ﴾.
﴿ وَمَا جَعَلْنَـٰكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً ﴾ أي: رقيباً، ﴿ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ ﴾ أي: قيِّمٍ بما فيه نفعُهم فتجلبهُ إليهم، ليس عليكَ إلا إبلاغُ الرسالة. (فتح القدير).

108- ﴿ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾.
أي: يجازيهم بأعمالهم، إنْ خيراً فخيرٌ، وإنْ شراً فشرٌّ. (ابن كثير).

109- ﴿ قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ ﴾.
هذه الآيةُ التي يقترحونها وغيرها. (فتح القدير).
إنَّما المعجِزاتُ والخوارقُ من عندِ الله. (الواضح).

الجزء الثامن
113- ﴿ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ ﴾.
أي: يحبُّوه ويريدوه. وإنما يستجيبُ لذلكَ مَن لا يؤمنُ بالآخرة. (ابن كثير).

114- ﴿ وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴾.
﴿ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ ﴾ في أنهم يعلمون ذلك، أو في أنه منزلٌ لجحودِ أكثرهم وكفرهم به، فيكونُ من بابِ التهييج، كقولهِ تعالى: ﴿ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكَينَ ﴾ [سورة الأنعام: 14]، أو خطابُ الرسولِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ لخطابِ الأمة. وقيل: الخطابُ لكلِّ أحد، على معنَى أن الأَدَلة لما تعاضدت على صحتهِ فلا ينبغي لأحدٍ أن يمتري فيه. (البيضاوي).

115- ﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾.

﴿ وَهُوَ السَّمِيعُ ﴾ لأقوالِ عباده، ﴿ الْعَلِيمُ ﴾ بحركاتِهم وسكناتِهم، الذي يُجازي كلَّ عاملٍ بعمله. (ابن كثير).

117- ﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾.
إنَّ ربَّكَ هو أعلمُ أيُّ الناسِ مَن يضلُّ عن سبيله، ﴿ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ ﴾، أخبرَ أنه أعلمُ بالفريقين: الضالِّين والمهتدين، فيجازي كلًّا بما يستحقُّه. (البغوي).

119- ﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ ﴾.
المرادُ منه أنه هو العالمُ بما في قلوبهم وضمائرهم، من التعدِّي، وطلبِ نصرةِ الباطل، والسعي في إخفاءِ الحقّ. وإذا كان عالماً بأحوالهم، وكان قادراً على مجازاتهم، فهو تعالى يجازيهم عليها. والمقصودُ من هذه الكلمةِ التهديدُ والتخويف. والله أعلم. (التفسير الكبير للرازي).

122- ﴿ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾.
كذلكَ سوَّلنا لنفوسِ الكافرينَ تحسينَ وتزيينَ ما هم فيه مِن ظلامٍ وعملٍ ضالٍّ وسلوكٍ منحرف؛ ليَذوقوا جزاءَ كفرِهم وعنادِهم ورفضِهم اتِّباعَ الحقّ. (الواضح).

124- ﴿ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ ﴾.
عذابٌ شديدٌ بما كانوا يَكيدون للإسلامِ وأهلهِ بالجدالِ بالباطلِ والزخرفِ مِن القولِ غرورًا لأهلِ دينِ اللهِ وطاعته. (الطبري).

126- ﴿ وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا ﴾.
لا عوجَ فيه، أو عادلاً مطَّرداً. (البيضاوي).

129- ﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾.
بسببِ ما كسبوا من الكفرِ والمعاصي. (النسفي).

130- ﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا ﴾.
﴿ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ ﴾ أي: يقرؤون عليكم، ﴿ آيَـٰتِي ﴾: كتبي، ﴿ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا ﴾ وهو يومُ القيامة. (البغوي).

132- ﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ﴾.
وكلُّ ذلكَ مِن عملِهم - يا محمَّدُ - بعلمٍ مِن ربِّك، يُحصيها ويُثبتها لهم عندهُ ليجازيَهم عليها عندَ لقائهم إيّاهُ ومَعادِهم إليه. (الطبري).

135- ﴿ قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾.
﴿ إِنِّي عَامِلٌ ﴾: إني عاملٌ ما أنا عاملهُ مما أمرني به ربي.
﴿ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾: إنه لا ينجحُ ولا يفوزُ بحاجتهِ عند اللهِ مَن عملَ بخلافِ ما أمرَهُ اللهُ به من العملِ في الدنيا، وذلك معنَى ظلمِ الظالمِ في هذا الموضع. (الطبري).

136- ﴿ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾.
﴿ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ في إيثارِ آلهتهم على الله، وعملهم على ما لم يشرعْ لهم. (النسفي).

137- ﴿ وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ ﴾.
فعلوا ذلك بهم ليَخلطوا عليهم دينَهم فيلتبس، فيضلُّوا ويَهلكوا بفعلهم ما حرَّمَ عليهم الله. (الطبري).

141- ﴿ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾.
بل يبغضُهم، من حيثُ إسرافُهم، ويعذِّبُهم عليه إنْ شاءَ اللهُ جلَّ شأنه. (روح المعاني).
فاللهُ لا يحبُّ مَن تجاوزَ الحدَّ إلى ما هو مضرّ، بنفسهِ أو بالآخَرين. (الواضح).

144- ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾.
أي: لأجلِ أن يُضِلَّ الناسَ بجهل. (فتح القدير).

151- ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ﴾.
منعٌ لموجبيةِ ما كانوا يفعلون لأجلهِ واحتجاجٌ عليه. (البيضاوي).

152- ﴿ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾.
أي: تتَّعظون، وتنتهون عمّا كنتم فيه قبلَ هذا. (ابن كثير).

153- ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾.
﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ﴾: وهذا الذي وصَّاكم به ربُّكم أيها الناسُ في هاتين الآيتين من قوله: ﴿ قُلْ تَعَالَوْا أتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ﴾ وأمركم بالوفاءِ به، هو صراطه، يعني طريقَهُ ودينَهُ الذي ارتضاهُ لعباده، ﴿ مُسْتَقِيماً ﴾ يعني: قويماً لا اعوجاجَ به عن الحقّ، ﴿ فاتَّبِعُوهُ ﴾ يقول: فاعمَلوا به، واجعلوهُ لأنفسِكم منهاجاً تسلكونَهُ، فاتَّبعوه.
﴿ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾: هذا الذي وصَّاكم به ربُّكم مِن قولهِ لكم: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ ﴾؛ لتتَّقوا اللهَ في أنفسِكم فلا تُهلكوها، وتحذَروا ربَّكم فيها فلا تُسخطوهُ عليها، فيحلَّ بكم نقمتهُ وعذابُه. (الطبري).

154- ﴿ ثُمَّ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ ﴾.
وتبيينًا لكلِّ ما لقومهِ وأتباعهِ إليه الحاجةُ من أمرِ دينهم. (الطبري).

155- ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾.
قالَ الزجّاج: لتكونوا راجين للرحمة. (زاد المسير).
أي: لتُرحَموا جزاءَ ذلك، وقيل: المرادُ اتقوا على رجاءِ الرحمة، أو اتقوا ليكونَ الغرضُ بالتقوى رحمةَ الله تعالى. (روح المعاني).

157- ﴿ سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آَيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ ﴾.
وسنُجازي إعراضَهم هذا وتكذيبَهم بآياتِ اللهِ بما يناسِبهُ منَ العذابِ الشَّديدِ المؤلم، بسببِ إعراضِهم المستمرّ، وتجاوزهم الحقَّ. (الواضح في التفسير).


159- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾.
يقول: أنا الذي إليَّ أمرُ هؤلاء المشركين الذين فارقوا دينَهم وكانوا شيَعًا، والمبتدعةِ من أمَّتِكَ الذين ضلُّوا عن سبيلك، دونكَ ودونَ كلِّ أحد، إما بالعقوبةِ إنْ أقاموا على ضلالتهم وفُرْقتهم دينَهم فأهلِكهم بها، وإما بالعفوِ عنهم بالتوبةِ عليهم والتفضلِ مني عليهم. ثم أُخبرهم في الآخرةِ عند ورودهم عليَّ يومَ القيامةِ بما كانوا يفعلون، فأجازي كلاًّ منهم بما كانوا في الدنيا يفعلون، المحسنَ منهم بالإحسان، والمسيءَ بالإساءة. (الطبري).

163- ﴿ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾.
لا شريكَ له في عبادتي، أو فيها وفي الإحياءِ والإماتة. (روح المعاني).



ابوالوليد المسلم 12-11-2020 10:31 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 
الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (11)




أ. محمد خير رمضان يوسف






سورة الأعراف

2- ﴿ كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾.

قالَ ابنُ عباس: يريدُ مواعظَ للمصدِّقين. (التفسير الكبير).

ثم بيَّنَ الفخرُ الرازيُّ سببَ تقييدِ الذكرَى بالمؤمنين.



3- ﴿قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ.

قليلاً ما تتَّعظون وتعتبرون، فتراجعون الحق. (الطبري).



4- ﴿ وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ ﴾.

ليلاً، قبلَ أن يُصبحوا. (الطبري).



5- ﴿ فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴾.

فلم يكنْ دعوَى أهلِ القريةِ التي أهلكناها إذ جاءَهم بأسُنا وسطوتُنا بياتاً أو هم قائلون، إلا اعترافهم على أنفسهم بأنهم كانوا إلى أنفسهم مسيئين، وبربِّهم آثمين، ولأمرهِ ونهيهِ مخالفين. (الطبري).



10- ﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾.

المرادُ من التمكين: التمليكُ والقدرة. (البغوي).



11- ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ﴾.

أمرَ الملائكةَ بالسجودِ له تعظيماً لشأنِ الله تعالى وجلاله، فسمعوا كلهم وأطاعوا، إلا إبليس... (ابن كثير).



19- ﴿ وَيَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾.

تقدَّمَ تفسيرها في الآيةِ (35) من سورةِ البقرةِ في التفسيرِ الأصل: ﴿ وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾، وقالَ في معنَى ﴿ الظَّالِمِينَ ﴾ هناكَ ما مختصره: والظالمُ في اللغةِ الذي يضعُ الشيءَ [في] غيرِ موضعه. والظلمُ في أحكامِ الشرعِ على مراتب، أعلاها الشرك، ثم ظلمُ المعاصي، وهي مراتب، وهو في هذه الآيةِ يدلُّ على أن قوله: ﴿ وَلَا تَقْرَبَا ﴾ على جهةِ الوجوب، لا على الندب؛ لأن من تركَ المندوبَ لا يسمَّى ظالماً، فاقتضتْ لفظةُ الظلمِ قوةَ النهي.



20- ﴿ فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ ﴾.

يعني: كراهيةَ أن تكونا من ملَكَيْن من الملائكة يَعلَمانِ الخيرَ والشرّ، ﴿ أَوْ تَكُونَا مِنَ ٱلْخَـٰلِدِينَ ﴾: من الباقين الذين لا يموتون. (البغوي).



21- ﴿ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ﴾.

أي: حلفَ لهما بالله ﴿ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّـٰصِحِينَ ﴾ فإني من قَبلِكما ها هنا، وأعلمُ بهذا المكان. أي: حلفَ لهما بالله على ذلك حتى خدعَهما. (ابن كثير، باختصار).



23- ﴿ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾.

لنكوننَّ من الهالكين. (الطبري).



26- ﴿ يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾.

﴿ سَوْآَتِكُمْ ﴾: عوراتكم. وإنما سمِّيت سوأةً لأنه يسوءُ صاحبَها انكشافُها من جسده.

﴿ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾: ليذكَّروا، فيعتبروا ويُنيبوا إلى الحقِّ وتركِ الباطل، رحمةً مني بعبادي. (الطبري، باختصار).



27- ﴿ يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾.

﴿ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا ﴾: نزعَ عنهما ما كان ألبسَهما مِن اللباس؛ ليُريَهما سوآتهما بكشفِ عورتهما وإظهارها لأعينهما بعد أن كانت مستترة.

﴿ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾: ... الكفارِ الذين لا يوحِّدون الله، ولا يصدِّقونَ رسُلَه. (الطبري، باختصار).



29- ﴿ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾.

أي: الطاعة، مبتغين بها وجهَهُ خالصاً. (النسفي).



31- ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾.

إن الله لا يحبُّ المتعدِّين حدَّهُ في حلالٍ أو حرام، الغالين فيما أحلَّ أو حرَّم، بإحلالِ الحرام، أو بتحريمِ الحلال، ولكنه يحبُّ أن يحلِّلَ ما أحلّ، ويحرِّمَ ما حرَّم، وذلك العدلُ الذي أمرَ به. (ابن كثير).



36- ﴿ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾.

أي: ماكثونَ فيها مُكثًا مخلَّدًا. (ابن كثير).



38- ﴿ قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا ﴾.

كلما دخلتِ النارَ جماعةٌ مِن أهلِ ملَّة، شتمتِ الجماعةَ الأخرى من أهلِ ملَّتها تبرُّأً منها. (تفسير الطبري).



40- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ﴾.

إن الذين كذَّبوا بحُجَجِنا وأدلَّتِنا، فلم يصدِّقوا بها، ولم يتَّبعوا رسلَنا، وتكبَّروا عن التصديقِ بها، وأنِفوا مِن اتِّباعِها والانقيادِ لها تكبُّرًا... (الطبري).



41- ﴿ لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ﴾.

ومثلَ هذا الجزاءِ نَجزي بهِ الكافرين، الذين أضرُّوا بأنفسِهم عندما كذَّبوا بآياتِنا واستَكبروا عن قبولِها. (الواضح في التفسير).



42- ﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾.

والذين صدَّقوا اللهَ ورسولَه، وأقرُّوا بما جاءَهم به مِن وحي اللهِ وتنزيلهِ وشرائعِ دينه، وعملوا ما أمرَهم اللهُ به، فأطاعوهُ وتجنَّبوا ما نهاهُم عنه... (الطبري).



43- ﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾.

﴿ وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ﴾: وما كنّا لنرشدَ لذلك لولا أنْ أرشدَنا الله له ووفَّقنا بمنِّه وطَوْله.

﴿ أُورِثْتُمُوهَا ﴾: أَورثَكموها الله (الطبري، باختصار).



44- ﴿ وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّاقَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾.

تفسيرُ الآية: ونادَى أصحابُ الجنَّةِ - بعدَ الاستقرارِ فيها- أصحابَ النارِ، تأنيباً لهم وتوبيخاً: لقد وجَدنا ما وعدَنا ربُّنا مِن النَّعيم والكرامةِ حقًّا وصدقاً كما بلَّغنا على ألسنةِ رُسلِه، فهل وجدتُم ما وعدَكم ربُّكمْ منَ العذابِ والهوانِ حقًّا؟

قالوا: نعم، قد وجدناهُ حقًّا كذلك.

فنادَى مُنادٍ بينَهم يُسمِعُ الفريقين: لعنةُ اللهِ على الكافرين.

فيَزدادُ بذلكَ أصحابُ الجنَّةِ سُروراً، وأصحابُ النارِ حُزناً وغمًّا. (الواضح).



45- ﴿ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ﴾.

وهم بـالبعثِ بعدَ الممات، مع صدِّهم عن سبـيـلِ اللهِ وبغيهم إيّاها عِوجًا، ﴿ كَافِرُونَ ﴾، يقول: هم جاحدونَ ذلكَ منكِرون. (الطبري).



47- ﴿ وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾.

يعني: الكافرين في النار. (البغوي).



51- ﴿ فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ﴾.

فاليومَ نتركُهم في العذاب، كما تركوا العملَ في الدنيا للقاءِ اللهِ يومَ القيامة، وكما كانوا بآياتِ الله يجحدون، وهي حُجَجُهُ التي احتجَّ بها عليهم، من الأنبياءِ والرسلِ والكتبِ وغيرِ ذلك.

يجحدون: يكذِّبون، ولا يصدِّقون بشيءٍ من ذلك. (الطبري).



52- ﴿ وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾.

بيَّناهُ ليُهتدَى ويُرحَمَ به قومٌ يصدِّقونَ به، وبما فيه مِن أمرِ اللهِ ونهيه، وأخباره، ووعدهِ ووعيده، فيُنقِذُهم به مِن الضلالةِ إلى الهُدى. (الطبري).



53- ﴿ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ﴾.

فهل لنا مِن أولياءَ ونصراءَ يتوسَّلونَ لنا لنتخلَّصَ مِن هذا العذاب، أو نُرَدُّ إلى الدُّنيا فنؤمنَ ونُطيعَ ونعملَ صالحاً، ولا نكذِّبَ بآياتِ ربِّنا؟ (الواضح).



54- ﴿ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ ﴾.

أي: يذهبُ ظلامُ هذا بضياءِ هذا، وضياءُ هذا بظلامِ هذا، وكلٌّ منهما يطلبُ الآخرَ طلباً حثيثاً، أي: سريعاً، لا يتأخرُ عنه، بل إذا ذهبَ هذا جاءَ هذا، وعكسه. والجميعُ تحت قهرهِ وتسخيرهِ ومشيئته. (ابن كثير، باختصار).



56- ﴿ إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾.

أي: إن رحمتَهُ مُرصَدةٌ للمحسنين، الذين يتَّبعون أوامرَه، ويتركون زواجرَه. (ابن كثير).



57- ﴿ وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾.

﴿ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ ﴾: أي: مِن كلِّ أنواعِها.

﴿ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ فتَعلَمونَ أنَّ مَن قدرَ على ذلكَ فهو قادرٌ على هذا مِن غيرِ شبهة. (روح المعاني).



59- ﴿ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾.

من عذابِ يومِ القيامة، إذا لقيتم الله وأنتم مشركون به. (ابن كثير).



62- ﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾.

أبلِّغُكم ما أمرَني اللهُ بتبليغهِ إليكم. (الواضح).

وجمعَ الرسالاتِ لاختلافِ أوقاتِها، أو تنوُّعِ معاني ما أُرسِلَ عليه السلامُ به.

﴿ وَأَنصَحُ لَكُمْ ﴾ أي: أتحرَّى ما فيه صلاحُكم، بناءً على أن النصحَ تحرِّي ذلك قولاً أو فعلاً. والمعنى هنا: أبلِّغُكم أوامرَ الله تعالى ونواهيه، وأرغِّبُكم في قبولها، وأحذِّرُكم عقابَهُ إن عصيتموه. (روح المعاني، باختصار).



63- ﴿ أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾.

يقول: أو عجبتُم أن جاءكم تذكيرٌ من الله وعظة، يذكِّركم بما أنزلَ ربُّكم على رجلٍ منكم. قيل: معنى قوله: ﴿ على رَجُلٍ منْكُمْ ﴾ مع رجلٍ منكم، ﴿ لِيُنْذِرَكُمْ ﴾، يقول: لينذركم بأسَ الله، ويخوِّفَكم عقابَهُ على كفركم به، ﴿ وَلِتَتَّقُوا ﴾، يقول: وكي تتقوا عقابَ الله وبأسه، بتوحيده، وإخلاصِ الإيمان به، والعملِ بطاعته، ﴿ ولَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ يقول: وليرحمَكم ربُّكم إنِ اتَّقيتمُ اللهَ وخِفتموهُ وحذرتُم بأسَه. (الطبري).



65- ﴿ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴾.

فأفرِدوا له العبادة، ولا تجعلوا معه إلهًا غيرَه، فإنهُ ليسَ لكم إلهٌ غيره، ﴿ أفلا تَتَّقُونَ ﴾ ربَّكم فتحذرونَهُ وتخافون عقابَهُ بعبادتكم غيره، وهو خالقُكم ورازقُكم دونَ كلِّ ما سواه؟ (الطبري).



66- ﴿ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾.

ذكرَ المؤلفُ في تفسيرِ الآيةِ (60) من هذه السورة، أن "الملأ": الجماعةُ الشريفة.

وقالَ ابنُ كثيرٍ رحمَهُ الله: الملأُ هم الجمهورُ والسادةُ والقادةُ منهم.



67- ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾.

قالَ لهم هودٌ عليه السَّلام: يا قوم، لستُ في جهالةٍ وضلالةٍ كما تزعُمون، ولكنِّي مرسَلٌ إليكم مِن ربِّ العالمين، ورُسلهُ متَّصفونَ بالرُّشدِ والصِّدق، والأمانةِ والنُّصح، والبلاغةِ والبيان. (الواضح).



68- ﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴾.

أبلِّغُكم ما أمرَني اللهُ بتبليغهِ إليكم، وأنا أنصحُكم بأمانةٍ وإخلاص، لا أكذِبُ على الله، ولا أكذِبُ عليكم، فلماذا تتَّهمونَني بالجهلِ والسَّفَه؟ (الواضح).



69- ﴿ أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آَلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾.

ذكرَ المؤلفُ في تفسيرها في الآيةِ (63) من السورة، أن الاستفهامَ هنا بمعنى التقريرِ والتوبيخ، وعجبُهم الذي وقعَ إنما كان على جهةِ الاستبعادِ والاستمحال، هذا هو الظاهرُ من قصتهم.

وقالَ ابنُ كثير: أي: لا تعجبوا أنْ بعثَ اللهُ إليكم رسولاً مِن أنفسِكم ليُنذركم أيامَ اللهِ ولقاءَه، بل احمدوا اللهَ على ذاكم.



70- ﴿ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾.

إنْ كنتَ من أهلِ الصدقِ على ما تقولُ وتَعِد. (الطبري).



71- ﴿ قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ

سمَّيتُموها أصناماً لا تضرُّ ولا تنفعُ أنتم وآباؤكم، ﴿ ما نَزَّلَ اللّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ ﴾، يقول: ما جعلَ الله لكم في عبادتكم إيّاها من حُجَّةٍ تحتجُّون بها، ولا معذرةٍ تعتذرون بها، فانتظروا حُكمَ اللهِ فينا وفيكم، إني معكم من المنتظرينَ حكمَهُ وفصلَ قضائهِ فينا وفيكم. (الطبري، باختصار).



72- ﴿ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ ﴾.

وأهلَكنا الكافرينَ الذينَ كذَّبوا رسولَنا واستكبَروا عن الإيمانِ بآياتِنا، واستأصَلناهم عن آخِرِهم، ولم يؤمنوا كما آمنَ غيرُهم ليَنجوا، بل أصرُّوا على الكفرِ والتَّكذيب. (الواضح).



73- ﴿ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾.

قالَ في تفسيرها في الآيةِ (59) من السورة، وهي عن قومِ نوح: هذه نذارةٌ من نوحٍ لقومه، دعاهم إلى عبادةِ الله وحدَهُ ورفضِ آلهتهم...



74- ﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آَلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾.

﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ ﴾: واذكرُوا أيها القومُ نعمةَ اللهِ عليكم، إذ جعلَكم تخلفونَ عادًا في الأرضِ بعد هلاكها.

﴿ فَاذْكُرُوا آَلَاءَ اللَّهِ ﴾: فاذكروا نعمةَ الله التي أنعمَها عليكم. (الطبري، باختصار).



77- ﴿ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾.

قالوا: جئنا يا صالحُ بما تعدُنا من عذابِ الله ونقمته - استعجالاً منهم للعذاب - ﴿ إنْ كُنْتَ مِنَ المُرْسَلِينَ ﴾ يقول: إنْ كنتَ للهِ رسولاً إلينا، فإنَّ اللهَ ينصرُ رسلَهُ على أعدائه. فعجَّلَ ذلكَ لهم كما استعجلوه. (الطبري).



79- ﴿ فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ ﴾.

وقالَ لقومهِ ثمود: لقد أبلغتُكم رسالةَ ربِّي، وأدَّيتُ إلـيكم ما أمرني بأدائهِ إلـيكم ربِّي مِن أمرهِ ونهيه، ونصحتُ لكم في أدائي رسالةَ اللهِ إليكم، في تـحذيركم بأسَهُ بإقامتِكم على كفرِكم به وعبـادتِكم الأوثان. (الطبري).



84- ﴿ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ ﴾.

فـانظرْ يا محمَّدُ إلى عاقبةِ هؤلاءِ الذين كذَّبوا اللهَ ورسولَهُ مِن قومِ لوط، فـاجترموا معاصيَ الله، وركبوا الفواحش، واستـحلُّوا ما حرَّمَ اللهُ مِن أدبـارِ الرجال، كيف كانت، وإلى أيِّ شيءٍ صارت، هل كانت إلا البوارَ والهلاك؟ فإنَّ ذلكَ أو نظيرَهُ مِن العقوبة، عاقبةُ مَن كذَّبكَ واستكبرَ عن الإيـمانِ بـاللهِ وتصديقِكَ إنْ لـم يتوبوا، مِن قومِك. (الطبري).



85- ﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾.

قالَ في تفسيرها في الآيةِ (59) من السورة، وهي عن قومِ نوح: هذه نذارةٌ من نوحٍ لقومه، دعاهم إلى عبادةِ الله وحدَهُ ورفضِ آلهتهم...

وقالَ الطبري: قال لهم شعيب: يا قومي اعبدوا اللهَ وحدَهُ لا شريكَ له، ما لكم مِن إلهٍ يستوجبُ علـيكم العبـادةَ غيرُ الإلهِ الذي خـلقَكم، وبـيدهِ نفعُكم وضرُّكم.



﴿ وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾.

ذكرَ أنه تقدَّمَ القولُ في مثلِها في صدرِ السورة، ويعني الآيةَ (45) منها، وهي قولهُ تعالَى: ﴿ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ﴾. وقد بيَّنَ معنَى الكلمةِ الأولى فيها، ولغوياتٍ في الأخرى.

وقالَ البغويُّ رحمَهُ الله: ﴿ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا ﴾: زيغاً، وقيل: تطلبون الاعوجاجَ في الدينِ والعدولَ عن القصد، وذلك أنهم كانوا يجلسون على الطريقِ فيقولون لمن يريدُ الإيمانَ بشعيب: إن شعيبَ كذّابٌ فلا يفتننَّكَ عن دينك. ويتوعَّدون المؤمنين بالقتلِ ويخوِّفونهم.

يتبع


ابوالوليد المسلم 12-11-2020 10:33 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 
الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (12)




أ. محمد خير رمضان يوسف





سورة الأنفال
3- ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾.
قالَ فيها، في الآيةِ الثالثةِ مِن سورةِ البقرة: معناهُ يُظهرونها ويُثبتونها.

4- ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا﴾.
أي: المتصفون بهذه الصفاتِ هم المؤمنون حقَّ الإيمان. (ابن كثير).

8- ﴿لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ﴾.
... ولو كَرِهَ ذلك الذين أجرموا، فـاكتسبوا الـمآثمَ والأوزارَ من الكفـّار. (الطبري).

13- ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.
ومَن يخالفْ أمرَ اللهِ وأمرَ رسوله, وفارقَ طاعتَهما، ﴿فَإنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ له. وشدَّةُ عقابهِ له في الدنـيا إحلالهُ به ما كان يحلُّ بأعدائهِ مِن النقم, وفي الآخرةِ الـخـلودُ في نارِ جهنـَّم. (الطبري).

14- ﴿ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ﴾.
فذوقوهُ عاجلاً، واعلـموا أن لكم في الآجلِ والـمعادِ عذابَ النار. (الطبري).

16- ﴿وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾.
وبئسَ الموضعُ الذي يصيرُ إلـيه ذلكَ المصير. (الطبري).

18- ﴿ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ﴾.
يعنـي مكرهم, حتى يذلُّوا وينقادوا للـحقِّ ويهلكوا. (الطبري).

25- ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.
تـحذيرٌ من اللهِ ووعيدٌ لمن واقعَ الفتنةَ التـي حذَّرَهُ إيّاها بقوله: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً﴾, يقول: اعلـموا أيها المؤمنونَ أنَّ ربَّكم شديدٌ عقابهُ لمن افتُتِنَ بظلـمِ نفسه، وخالفَ أمرَه, فأثمَ به. (الطبري).

26- ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.
... فاشكروا للهِ نِعَمَه، فإنَّ ربَّكم مُنعِمٌ يحبُّ الشكر، وأهلُ الشكرِ في مزيدٍ مِن اللهِ تعالى. (ابن كثير).

29- ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾.
﴿وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ﴾ يقول: ويمحو عنكم ما سلفَ من ذنوبكم بينكم وبينه، ﴿وَيَغْفِرْ لَكُمْ﴾، يقول: ويغطِّيها فـيسترُها علـيكم, فلا يؤاخذُكم بها. واللهُ الذي يفعلُ ذلكَ بكم, له الفضلُ العظيمُ علـيكم وعلـى غيركم مِن خـلقهِ بفعلهِ ذلك وفعلِ أمثاله, وإنَّ فعلَهُ جزاءٌ منه لعبدهِ علـى طاعتهِ إيّاه؛ لأنه الموفِّقُ عبدَهُ لطاعتهِ التـي اكتسبَها، حتَّـى استـحقَّ مِن ربِّهِ الـجزاءَ الذي وعدَهُ علـيها. (تفسير الطبري).

32- ﴿وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾.
وقالوا وهم في ظُلمةِ الكفرِ ودوَّامةِ الشِّرك، إصراراً منهم على التَّكذيبِ والجحود، وتمادياً منهم في الغيِّ والضَّلال، وإمعاناً منهم في التهكُّمِ والاستهزاء: اللهمَّ إنْ كانَ هذا الذي جاءَ به محمَّدٌ هو الحقَّ الذي أنزلتَهُ مِن عندِك، فعاقِبْنا بإرسالِ حجارةٍ علينا منَ السَّماء، أو خُذنا بعذابٍ شديدٍ مؤلم! (الواضح).

الجزء العاشر

41- ﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ﴾.
... وذلك يومَ التقَى الجمعان: جمعُ المؤمنين, وجمعُ المشركين. (الطبري).

42- ﴿لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾.
﴿وَإِنَّ ٱللَّهَ لَسَمِيعٌ﴾ لأقوالهم، ﴿عَلِيمٌ﴾ بكفرِ مَن كفرَ وعقابه، وبإيمانِ مَن آمنَ وثوابه. (النسفي).

46- ﴿وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾.
اصبروا مع نبيِّ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ عندَ لقاءِ عدوِّكم, ولا تنهزموا عنه وتتركوه، اصبروا فإني معكم. (الطبري).

47- ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾.
ويمنعونَ الناسَ من دينِ اللهِ والدخولِ في الإسلام، بقتالهم إيّاهم، وتعذيبِهم مَن قدروا عليه من أهلِ الإيمانِ بالله. واللهُ بما يعملونَ مِن الرياءِ والصدِّ عن سبيلِ اللهِ وغيرِ ذلكَ مِن أفعالِهم ﴿مُحِيطٌ﴾، يقول: عالمٌ بجميعِ ذلك, لا يخفَى عليه منه شيء، وذلكَ أنَّ الأشياءَ كلَّها له متجلِّية, لا يعزبُ عنه منها شيء, فهو لهم بها مُعاقِب، وعليها مُعَذِّب. (الطبري).

48- ﴿وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.
واللهُ شديدٌ في عقابهِ ونَكاله. (الواضح).

50- ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ
ولو اطَّلعتَ أيُّها النبيُّ على الملائكةِ وهم يَقبِضونَ أرواحَ الكفّارِ لرأيتَ أمراً فظيعاً هائلاً، إذْ يَضربونَ وجوهَهم وظهورَهم بسياطٍ مِن نار، ويبشِّرونَهم بعقابٍ أشدَّ يومَ القيامة، عذابِ الحريقِ الذي يُلهِبُ الجسدَ كلَّه. (الواضح).

52- ﴿كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.
﴿كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ﴾: كذَّبَ بحججِ الله ورسله.
﴿إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾: ﴿إنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ﴾ لا يغلبهُ غالب، ولا يردُّ قضاءَهُ رادّ، ينفذُ أمرَهُ، ويُمضي قضاءَهُ في خلقه، شديدٌ عقابهُ لمن كفرَ بآياتهِ وجحدَ حججه. (الطبري).

54- ﴿كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ﴾.
﴿وأغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ﴾ في اليمّ، ﴿وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ﴾ يقول: كلُّ هؤلاءِ الأممِ التي أهلكناها كانوا فاعلين ما لم يكنْ لهم فعله، مِن تكذيبِهم رسلَ الله، والجحودِ لآياته، فكذلك أهلكنا هؤلاء الذين أهلكناهم ببدر، إذ غيَّروا نعمةَ الله عندهم بالقتلِ بالسيف، وأذللنا بعضهم بالإسارِ والسَّباء. (الطبري).

56- ﴿الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ﴾.
أي: لا يخافون من الله في شيءٍ ارتكبوهُ من الآثام. (ابن كثير).

60- ﴿وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ﴾.
قال البغوي: لا تنقصُ أجوركم.
وقال الآلوسي: لا تُظلمونَ بتركِ الإثابة، أو بنقصِ الثواب.

61- ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾.
﴿وَتَوَكَّلْ على اللَّهِ﴾ يقول: فوِّضْ إلى الله يا محمدُ أمرَكَ واستكفهِ واثقاً به أنه يكفيك.
وقوله: ﴿إنَّهُ هُوَ السَّمِيِعُ العَلِيمُ﴾ يعني بذلك: إنَّ اللهَ الذي تتوكَّلُ عليه سميعٌ لما تقولُ أنتَ ومَن تُسالِمهُ وتُتارِكهُ الحربَ مِن أعداءِ اللهِ وأعدائكَ عندَ عقدِ السِّلمِ بينكَ وبينه, ويشرطُ كلُّ فريقٍ منكم على صاحبهِ من الشروط, والعليمُ بما يُضمرهُ كلُّ فريقٍ منكم للفريقِ الآخرِ مِن الوفاءِ بما عاقدَهُ عليه, ومَن المضمِرُ ذلكَ منكم في قلبه، والمنطوي على خلافهِ لصاحبه. (تفسير الطبري، بشيء من الاختصار).

63- ﴿وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾.
... ولو أنَّكَ أنفقتَ ما في الأرضِ منْ أموالٍ لتوثِّقَ بينهمُ المحبَّة، وتؤلِّفَ بينَ قلوبهم، لمـَا استطعت، لتناهي العداوةِ بينهم، وتمكُّنِ روحِ الانتقامِ فيهم، ولكنَّ اللهَ بلطفهِ ورحمتهِ أوجدَ هذا التآلفَ بينهم، ووطَّدَ روحَ المحبَّةِ والتآخي بينهم، وهو سبحانَهُ قديرٌ على ذلك، عزيزٌ لا يصعبُ عليهِ شيء، حكيمٌ، يدبِّرُ الأمورَ على أحسنِ وجه، وأفضلِ مَقام. (الواضح).

67- ﴿تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾.
... لأنَّ اللهَ عزيزٌ لا يُقهَرُ ولا يُغلَب، وإنه حكيمٌ في تدبيرهِ أمرَ خلقه. (تفسير الطبري).

69- ﴿فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
إن اللّهَ غفورٌ لذنوبِ أهلِ الإيمانِ من عباده, رحيمٌ بهم أنْ يعاقبَهم بعد توبتِهم منها. (الطبري).

74- ﴿وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا﴾.
لا مريةَ ولا ريبَ في إيمانهم. قيل: حقَّقوا إيمانهم بالهجرةِ والجهادِ وبذلِ المالِ في الدين. (البغوي).

75- ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾.
إنَّ اللهَ عالـمٌ بما يصلحُ عباده، في توريثهِ بعضَهم مِن بعضٍ في القرابةِ والنسبِ دونَ الحلفِ بالعقد, وبغيرِ ذلكَ مِن الأمور ِكلِّها, لا يخفَى عليه شيءٌ منها. (الطبري).

سورة التوبة

3- ﴿فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾.
﴿فَإِن تُبْتُمْ﴾ أي: مما أنتم فيه من الشركِ والضلال، ﴿فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ﴾ أي: استمررتم على ما أنتم عليه، ﴿فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ﴾، بل هو قادرٌ عليكم، وأنتم في قبضته، وتحتَ قهرهِ ومشيئته، ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ أي: في الدنيا بالخزي والنَّكال، وفي الآخرةِ بالمقامعِ والأغلال. (ابن كثير).

5- ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
فاقتلوهم ﴿حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ يقول: حيث لقيتوهم من الأرضِ في الحرمِ وغيرِ الحرم، في الأشهرِ الحُرمِ وغيرِ الأشهرِ الحُرم. ﴿وَخُذُوهُمْ﴾ يقول: وأسروهم، ﴿وَاحْصُرُوهُمْ﴾ يقول: وامنعوهم من التصرفِ في بلادِ الإسلامِ ودخولِ مكة. ﴿إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ لمن تابَ من عباده، فأنابَ إلى طاعتهِ بعد الذي كان عليه من معصيته، ساترٌ على ذنبه، رحيمٌ به أن يعاقبَهُ على ذنوبهِ السالفةِ قبلَ توبته، بعد التوبة. (الطبري).

8- ﴿كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ﴾.
﴿يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ﴾: يغلبوكم.
﴿يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ﴾: يعطونكم بألسنتِهم من القولِ خلافَ ما يُضمرونَهُ لكم في نفوسِهم من العداوةِ والبغضاء. وتأبَى عليهم قلوبُهم أن يُذعنوا لكم بتصديقِ ما يُبدونَهُ لكم بألسنتِهم، وأكثرهم مخالفونَ عهدكم، ناقضونَ له, كافرونَ بربِّهم، خارجونَ عن طاعته. (الطبري، باختصار).

9- ﴿اشْتَرَوْا بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.
إن هؤلاءِ المشركين الذين وصفتُ صفاتهم, ساءَ عملُهم الذي كانوا يعملون، من اشترائهم الكفرَ بالإيمان، والضلالةَ بالهُدَى, وصدِّهم عن سبيلِ الله مَن آمنَ باللهِ ورسوله، أو مَن أرادَ أن يؤمن. (الطبري).

11- ﴿وَنُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾.
... لقومٍ يعلمُونَ ما بُيِّنَ لهم، فنشرحها لهم مفصَّلة، دونَ الجهّالِ الذين لا يعقلونَ عن اللهِ بيانَهُ ومُحكَمَ آياتِه. (تفسير الطبري).

12- ﴿فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ﴾.
أي: لكي ينتهوا عن الطعنِ في دينكم، والمظاهرةِ عليكم. وقيل: عن الكفر. (البغوي).

13- ﴿أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ﴾.
﴿نَّكَثُواْ أَيْمَـٰنَهُم﴾ التي حلفوها مع الرسولِ عليه الصلاةُ والسلامُ والمؤمنين على أن لا يعاونوا عليهم، فعاونوا بني بكر على خزاعة. (البيضاوي).

15- ﴿وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾.
﴿وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ﴾: كَرْبَها ووَجْدَها، بمعونةِ قريشٍ بني بكرٍ عليهم. (البغوي).
﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ﴾ أي: بما يصلحُ عباده، ﴿حَكِيمٌ﴾ في أفعالهِ وأقوالهِ الكونيةِ والشرعية، فيفعلُ ما يشاء، ويحكمُ ما يريد، وهو العادلُ الحاكمُ الذي لا يجورُ أبدًا، ولا يضيعُ مثقالَ ذرَّةٍ مِن خيرٍ وشرّ، بل يُجازي عليه في الدنيا والآخرة. (ابن كثير).

16- ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾.
واللهُ ذو خبرةٍ بما تعملون، مِن اتِّخاذِكم مِن دونِ اللهِ ودونِ رسولهِ والمؤمنينَ به أولياءَ وبِطانة، بعدَ ما قد نهاكُم عنه, لا يخفَى ذلكَ عليه ولا غيرهُ مِن أعمالِكم, واللهُ مجازيكم على ذلك، إنْ خيرًا فخيرًا، وإنْ شرًّا فشرًّا. (الطبري).

17- ﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ﴾.
﴿أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ﴾ ... يقول: بطلتْ وذهبتْ أجورُها, لأنها لم تكنْ لله, بل كانت للشيطان. ﴿وفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ﴾ يقول: ماكثونَ فيها أبدًا, لا أحياءً ولا أمواتًا. (الطبري).

18- ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ﴾.
إنَّما يَعْمُرُ مساجدَ الله حقًّا بما يُرضيهِ سبحانَه، مَن آمنَ بهِ واحداً لا شريكَ له، وبيومِ القيامةِ وما فيهِ مِن ثوابٍ وعقاب، وواظبَ على أداءِ الصَّلاةِ كما شرعَها الله، وأعطَى المحتاجينَ منَ المالِ المستحَقِّ عليه، ولم يَخَفْ أحداً إلاّ الله، فلم يَعبُدْ سِواه، ولم يأتَمِرْ بغيرِ أمرِه، فأولئكَ السَّائرونَ في طريقِ الحقّ، الفائزونَ بالجنَّة. (الواضح).

19- ﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾.
أجعلتُم - أيها القومُ - سقايةَ الحاجِّ وعمارةَ المسجدِ الحرامِ كإيمانِ مَن آمنَ باللهِ واليومِ الآخِرِ وجاهدَ في سبيلِ الله؟ لا يستوون هؤلاءِ وأولئك, ولا تعتدلُ أحوالُهما عندَ الله ومنازلُهما؛ لأن اللهَ تعالَى لا يقبلُ بغيرِ الإيمانِ به وباليومِ الآخِرِ عملاً. واللهُ لا يوفِّقُ لصالحِ الأعمالِ مَن كان به كافرًا ولتوحيدهِ جاحدًا. (الطبري).

21- ﴿يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ﴾.
يبشِّرُ هؤلاءِ الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيلِ الله ربُّهم برحمةٍ منه لهم، أنه قد رحمَهم مِن أنْ يعذِّبَهم، وبرضوانٍ منه لهم, بأنه قد رضيَ عنهم بطاعتِهم إيّاه، وأدائهم ما كلَّفهم، وبساتينَ لهم فيها نعيمٌ مقيم، لا يزولُ ولا يَبيد, ثابتٌ دائمٌ أبدًا لهم. (الطبري).

22- ﴿خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾.
ماكثينَ في الجناتِ أبدًا، لا نهايةَ لذلكَ ولا حدّ. إن اللهَ عندَهُ لهؤلاءِ المؤمنينَ الذين نعتَهم جلَّ ثناؤهُ النعتَ الذي ذكرَ في هذه الآية، ثوابٌ على طاعتِهم لربِّهم، وأدائهم ما كلَّفهم مِن الأعمالِ عظيم, وذلكَ النعيمُ الذي وعدَهم أن يعطيَهم في الآخرة. (الطبري، باختصار).

24- ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾.
... إذا كانَ هذا كلُّهُ أحبَّ إليكم ممّا أمرَكمُ اللهُ بهِ ورسولُه، ومنَ الجهادِ في سبيلِ دينهِ وإعلاءِ كلمتِه، فانتَظِروا حتَّى يأتيَ اللهُ بعقوبتهِ ويَنْكُلَ بكم، واللهُ لا يوفِّقُ مَن خرجَ عن طاعتِه، ووالَى المشرِكين، وقدَّمَ هواهُ على دينِه. (الواضح في التفسير).

26- ﴿وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ﴾.
هذا الذي فعلنا بهم مِن القتلِ والسبي ﴿جَزَاءُ الْكَافِرِينَ﴾, يقول: هو ثوابُ أهلِ جحودِ وحدانيَّتهِ ورسالةِ رسوله. (الطبري).

28- ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾.
﴿إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ﴾ أي: بما يُصلِحكم، ﴿حَكِيم﴾ أي: فيما يأمرُ به وينهَى عنه؛ لأنه الكاملُ في أفعالهِ وأقواله، العادلُ في خَلقهِ وأمره، تباركَ وتعالَى. (ابن كثير).

31- ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾.
وقد أُمِرُوا على ألسنةِ الأنبياءِ، وفي الكتبِ المـُنْزَلةِ منَ اللهِ عليهم، ألاّ يَعبدوا إلاّ إلهاً واحداً، ولا يُطيعوا إلاّ أمرَه، فهو الذي يَشرَعُ فيُطاع، وإذا حلَّلَ شيئاً فهو الحلال، وإذا حرَّمَ فهو الحرام، هو اللهُ الواحدُ الأحد، لا ربَّ سواه، فلا يُعبَدُ إلاّ هو. (الواضح).

32- ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾.
ولو كرهَ إتمامَ اللهِ إيّاهُ الكافرون, يعني: جاحديهِ المكذِّبينَ به. (الطبري).

34- ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ﴾.
إن كثيراً من العلماءِ والقرّاءِ من بني إسرائيلَ من اليهودِ والنصارى. (الطبري).

35- ﴿يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ﴾.
لتُكوَى بها جباهُهم التي كانوا يرفعونَها افتخاراً بالمال، ونواحيهمُ التي سَمِنتْ مِن الشِّبع، وظهورُهمُ التي أدارُوها للفقراء؛ إعراضاً عنهم وعن حقوقِهم، ويُقالُ لهم تبكيتاً وتقريعاً: هذه هي نتيجةُ ما كنـزتُم لمنفَعةِ أنفسِكم ولم تُنفِقوها في سبيلِ الله، فذوقوا جزاءَ ذلك، ولِيكونَ أعزُّ الأشياءِ عليكم في الدُّنيا أضرَّها عليكم في الآخرة. (الواضح).

37- ﴿زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾.
واللهُ لا يوفِّقُ لمحاسنِ الأفعالِ وحِلِّها وما للهِ فيه رضًى القومَ الجاحدينَ توحيدَه، والمنكرينَ نبوَّةَ محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم, ولكنهُ يَخذلهم عن الهُدَى كما خذلَ هؤلاءِ الناسَ عن الأشهرِ الحُرم. (الطبري).
يتبع

ابوالوليد المسلم 12-11-2020 10:33 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 


39- ﴿إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾.
يقولُ تعالى ذكرهُ للمؤمنين به من أصحابِ رسوله، متوعِّدَهم على تركِ النفرِ إلى عدوِّهم من الروم: إنْ لم تَنفروا أيها المؤمنون إلى مَن استنفركم رسولُ الله... (الطبري).

40- ﴿وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾.
﴿وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا﴾: وكلمةُ اللهِ في الحقّ، والتوحيد، هي العُليا، لا تَنْزِل، ولا يَعلُو عليها شَيء، فالحقُّ لا يتغيَّر، والصَّحيحُ لا يكونُ باطلاً. (الواضح).
﴿وَاللَّهُ عَزِيزٌ﴾ أي: في انتقامهِ وانتصاره، منيعُ الجناب، لا يُضامُ مَن لاذَ ببابه، واحتمَى بالتمسُّكِ بخطابه، ﴿حَكِيمٌ﴾ في أقوالهِ وأفعاله. (ابن كثير).

41- ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.
﴿إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ الخيرَ علمتُمْ أنه خير، أو إنْ كنتم تعلمون أنه خير - إذ إخبارُ الله تعالى به صدقٌ - فبادروا إليه. (البيضاوي).

42- ﴿وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾.
وسيحلفُ لكَ يا محمَّدُ - هؤلاءِ المستأذنوكَ في تركِ الخروجِ معكَ، اعتذارًا منهم إليكَ بالباطل, لتقبلَ منهم عذرَهم, وتأذنَ لهم في التخلُّفِ عنكَ - باللهِ كاذبين: لو أطقنا الخروجَ معكم بوجودِ السعةِ والمراكبِ والظهورِ وما لا بدَّ للمسافرِ والغازي منه, وصحةِ البدنِ والقُوى، لخرجنا معكم إلى عدوِّكم. (الطبري).

47- ﴿لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ﴾.
يريدون أن يفتنوكم بإيقاعِ الخلافِ فيما بينكم، أو الرعبِ في قلوبكم. (البيضاوي).

48- ﴿لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ
حتَّى جاءَ نصرُ الله، وغَلَبَ دينُه، وعَلا شرعُه، على رَغمِ أنوفِهم، وهم كارِهونَ لذلك، مُبغِضونَ له. (الواضح).

50- ﴿إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ﴾.
... ويُدبِروا وهم مسرورونَ بما نالكَ من المصيبة. (تفسير البغوي).

51- ﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾.
ناصرنا ومتولي أمورنا. (البيضاوي).

52- ﴿فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ﴾.
... فانتظروا إنّا معكم منتظرونَ ما اللهُ فاعلٌ بنا, وما إليه صائرٌ أمرُ كلِّ فريقٍ منّا ومنكم. (تفسير الطبري).

53- ﴿قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾.
قال الطبري: خارجينَ عن الإيمانِ بربِّكم.
وقال الآلوسي في (روح المعاني): تعليلٌ لردِّ إنفاقهم. والمرادُ بالفسق: العتوُّ والتمرُّد...

54- ﴿وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى﴾.
متثاقلون؛ لأنهم لا يرجون على أدائها ثواباً، ولا يخافون على تركها عقاباً.
فإن قيل: كيف [ذمَّ] الكسلَ في الصلاةِ ولا صلاةَ لهم أصلاً؟
قيل: الذمُّ واقعٌ على الكفرِ الذي يبعثُ على الكسل، فإن الكفرَ مُكسل، والإيمانُ منشط. (البغوي).

63- ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ﴾.
﴿فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ﴾ في الآخرة, ﴿خَالِدًا فِيهَا﴾ يقول: لابثًا فيها, مُقيمًا إلى غيرِ نهاية، ﴿ذلكَ الخِزْيُ العَظِيمُ﴾ يقول: فلبثهُ في نارِ جهنمَ وخلودهُ فيها هو الهوانُ والذلُّ العظيم. (الطبري).

64- ﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ﴾.
﴿تُنَبّئُهُمْ﴾ أي: المنافقين ﴿بِمَا فِي قُلُوبِهِم﴾ من الأسرارِ الخفية، فضلاً عما كانوا يُظهرونَهُ فيما بينهم خاصةً من أقاويلِ الكفرِ والنفاق.
والمرادُ أنها تذيعُ ما كانوا يُخفونَهُ من أسرارهم، فينتشرُ فيما بين الناس، فيسمعونها من أفواهِ الرجالِ مذاعة، فكأنها تخبرهم بها، وإلا فما في قلوبهم معلومٌ لهم، والمحذورُ عندهم إطلاعُ المؤمنين عليه لهم...
﴿قُلِ اسْتَهْزِئُوا﴾ المراد: نافِقَوا، لأنَّ المنافقَ مستَهزِئ. (روح المعاني).
﴿إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ﴾ أي: إن اللهَ سيُنزِلُ على رسولهِ ما يَفضحُكم به، ويبيِّنُ له أمرَكم. (ابن كثير).

65- ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ﴾.
قُلْ لهم أيُّها النبيّ: أبالله، وآياتِ كتابِه، ورسولِه، كنتُم تستَهزِئونَ وتتهكَّمون؟ (الواضح في التفسير).

67- ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ﴾.
أي: شهادةُ أن لا إله إلا الله، والإقرارُ بما أنزلَ الله تعالى. (روح المعاني).

69- ﴿كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا﴾.
وكانوا أكثرَ منكم قوَّةً وبطشاً، وأكثرَ أموالاً ومتاعاً وذرِّية. (الواضح).

70- ﴿أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾.
وما كانَ اللهُ لِيَظلِمَهم بإهلاكهِ إيّاهم، ولكنَّهم همُ الذين ظلَموا أنفسَهم عندما عرَّضوها للعقاب، بتكذيبِهمُ الرسُل، واستكبارِهم عن قبوِل الحقّ، وردِّهمُ المعجزات، واستهزائهم بآياتِ اللهِ وعبادهِ المؤمنينَ مِن أتباعِ الرسُل. (الواضح).

71- ﴿أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾.
أي: عزيز، مَن أطاعَهُ أعزَّه، فإنَّ العزَّةَ للهِ ولرسولهِ وللمؤمنين، ﴿حَكِيمٌ﴾ في قسمتهِ هذه الصفاتِ لهؤلاء، وتخصيصهِ المنافقين بصفاتِهم المتقدِّمة، فإن له الحكمةَ في جميعِ ما يفعله، تباركَ وتعالى. (ابن كثير).

72- ﴿وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.
هذه الأشياءُ التي وعدتُ المؤمنين والمؤمناتِ ﴿هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾، يقول: هو الظفرُ العظيمُ والنجاءُ الجسيم، لأنهم ظفروا بكرامةِ الأبد، ونجوا من الهوانِ في السفر، فهو الفوزُ العظيمُ الذي لا شيءَ أعظمُ منه. (الطبري).

73- ﴿وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾.
وبئسَ المكانُ الذي يُصارُ إليه جهنَّمُ. (الطبري).

74- ﴿وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾.
أي: وليسَ لهم أحدٌ يُسعِدهم ولا يُنجِدهم، ولا يحصِّلُ لهم خيرًا، ولا يدفعُ عنهم شرًّا. (ابن كثير).

78- ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾.
أي: يعلمُ كلَّ غيبٍ وشهادة، وكلَّ سرٍّ ونجوى، ويعلمُ ما ظهرَ وما بطن. (ابن كثير).

80- ﴿إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾.
هذا الفعلُ مِن اللهِ بهم, وهو تركُ عفوهِ لهم عن ذنوبهم, مِن أجلِ أنهم جحدوا توحيدَ الله ورسالةَ رسوله. (تفسير الطبري).

81- ﴿فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾.
وكرهَ هؤلاءِ المخلَّفون أن يغزوا الكفارَ بأموالهم وأنفسهم في سبيلِ الله، يعني: في دينِ الله، الذي شرعَهُ لعبادهِ لينصروه؛ ميلاً إلى الدَّعَة والخَفْض, وإيثارًا للراحةِ على التعبِ والمشقَّة, وشُحًّا بالمالِ أنْ يُنفِقوهُ في طاعةِ الله. (الطبري).
83- ﴿إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾.
﴿إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِٱلْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾: تعليلٌ له. وكان إسقاطُهم عن ديوانِ الغزاةِ عقوبةً لهم على تخلفهم. و ﴿أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ هي الخرجةُ إلى غزوةِ تبوك. (البيضاوي).

84- ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ﴾.
إنهم جحدوا توحيدَ اللهِ ورسالةَ رسوله, وماتوا وهم خارجونَ مِن الإسلام، مفارقونَ أمرَ اللهِ ونهيه. (الطبري).

85- ﴿وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ﴾.
ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيرُ مثلِها، ويعني في الآيةَ (55) من السورةِ نفسِها، فكان ملخصُ ما قال:
﴿فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ﴾ الآية، حقَّرَ هذا اللفظُ شأنَ المنافقين، وعلَّلَ إعطاءَ اللهِ لهم الأموالَ والأولادَ بإرادتهِ تعذيبَهم بها. ﴿وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ﴾، يحتملُ أن يريد: ويموتون على الكفر، ويحتملُ أن يريد: ﴿وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ﴾ من شدَّةِ التعذيبِ الذي ينالهم، ﴿وَهُمْ كَافِرُونَ﴾ جملةٌ في موضعِ الحالِ على التأويلِ الأول.

86- ﴿وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آَمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ﴾.
وإذا أُنزِلَ عليكَ يا محمَّدُ سورةٌ مِن القرآن, بأنْ يُقالَ لهؤلاءِ المنافقين: ﴿آمِنُوا بِاللَّهِ﴾ يقول: صدِّقوا باللهِ، ﴿وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ﴾ يقول: اغزوا المشركينَ معَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم... ﴿اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ﴾ يقول: استأذنكَ ذوو الغنَى والمالِ منهم في التخلفِ عنكَ والقعودِ في أهله، ﴿وَقالُوا ذَرْنا﴾ يقول: وقالوا لك: دعنا نكنْ ممن يقعدُ في منزلهِ مع ضعفاءِ الناسِ ومرضاهم، ومَن لا يقدرُ على الخروجِ معكَ في السفر. (الطبري).

88- ﴿لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.
أمّا الرسولُ محمَّدٌ صلَّى الله عليه وسلَّمَ وصحابتهُ المؤمنون معه، فقد أنفقوا ما يقدرون عليهِ من أموالٍ في الجهاد، وبذلوا نفُسَهم في سبيلِ الله... (الواضح).

90- ﴿وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾.
أي: وقعدَ آخرون من الأعرابِ عن المجيءِ للاعتذار. (ابن كثير).

92- ﴿وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ﴾.
... قلتَ لهم: لا أجدُ حمولةً أحملكم عليها ﴿تَوَلَّوْا﴾، يقول: أدبروا عنكَ ﴿وأعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً﴾: يبكونَ مِن حزنٍ على أنهم لا يجدونَ ما ينفقونَ ويتحمَّلونَ به للجهادِ في سبيلِ الله. (الطبري).

الجزء الحادي عشر

93- ﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾.
يقولُ تعالى ذكره: ما السبيلُ بالعقوبةِ على أهلِ العُذر يا محمد، ولكنها على الذين يستأذنوك في التخلف ِخلافك، وتركِ الجهادِ معك، وهم أهلُ غنًى وقوة، وطاقةٍ للجهادِ والغزو، نفاقاً وشكًّا في وعدِ الله ووعيده. ﴿رَضُوا بأنْ يَكُونُوا مَعَ الخَوَالِفِ﴾ يقول: رضوا بأن يجلسوا بعدكَ مع النساء، وهنَّ الخوالفُ خلفَ الرجالِ في البيوت، ويتركوا الغزوَ معك، ﴿وَطَبَعَ اللَّهُ على قُلُوبِهمْ﴾ يقول: وختمَ اللهُ على قلوبهم بما كسبوا من الذنوب، ﴿فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾ سوءَ عاقبتِهم بتخلُّفهم عنكَ وتركِهمُ الجهادَ معك، وما عليهم مِن قبيحِ الثناءِ في الدنيا، وعظيمِ البلاءِ في الآخرة. (الطبري).

94- ﴿وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.
فيُخبركم بأعمالِكم كلِّها، سيِّئها وحسنِها, فيجازيكم بها، الحسنَ منها بالحسن، والسيىِّءَ منها بالسيىِّء. (الطبري).

96- ﴿يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾.
... فإن رضاكم عنهم غيرُ نافعِهم عندَ الله؛ لأن اللهَ يعلمُ مِن سرائرِ أمرِهم ما لا تعلمون, ومِن خفيِّ اعتقادِهم ما تجهلون, وأنهم على الكفرِ بالله, يعني أنهم الخارجون مِن الإيمانِ إلى الكفرِ بالله، ومن الطاعةِ إلى المعصية. (الطبري).

97- ﴿الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾.
﴿وَٱللَّهُ عَلِيمٌ﴾ بما في قلوبِ خلقه، ﴿حَكِيمٌ﴾ فيما فرضَ من فرائضه. (البغوي).

98- ﴿وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾.
تفسيرُ الآية: ومن الأعرابِ مَن يَعُدُّ ما يَصرِفهُ في سبيلِ اللهِ ويتصدَّقُ بهِ غرامةً وخسارة، ويَنتظرُ بكمُ الحوادثَ والآفات، والمصائبَ والبلايا، لتتبدَّلَ حالُكم إلى الأسوأ، جعلَ اللهُ نوائبَ السُّوءِ عليهم، والله يسمعُ مقالاتِهمُ السيِّئة، ويَعلمُ نيّاتِهمُ الفاسدة، وما يستحقُّونَهُ من عقاب. (الواضح).

99- ﴿سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
سيُدخلهم اللهُ فيمن رحمَهُ فأدخلَهُ برحمتهِ الجنَّة, إن اللهَ غفورٌ لما اجترموا, رحيمٌ بهم مع توبتِهم وإصلاحِهم أنْ يعذِّبهم. (الطبري).

102- ﴿وَآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
لعلَّ اللهَ أنْ يتوبَ عليهم. وعسَى مِن اللهِ واجب, وإنما معناه: سيتوبُ الله عليهم, ولكنهُ في كلامِ العربِ على ما وصفت. إنَّ اللهَ ذو صفحٍ وعفوٍ لمن تابَ عن ذنوبه، وساترٌ له عليها، رحيمٌ أنْ يعذِّبَهُ بها. (الطبري).

103- ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾.
وتُنمي بها حسناتهم، وترفعُهم إلى منازلِ المخلصين. (البيضاوي).

104- ﴿وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾.
وهو سبحانَهُ كثيرُ قبولِ التوبةِ مِن عبادهِ المستغفرين التائبين، رؤوفٌ بهم رحيم. (الواضح).

105- ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا﴾.
يقولُ تعالى ذكرهُ لنبيِّهِ محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم: ﴿وَقُلْ﴾ يا محمدُ لهؤلاء الذين اعترفوا لكَ بذنوبهم من المتخلفين عن الجهادِ معك: ﴿اعْمَلُوا﴾ لله بما يُرضيه، من طاعتهِ وأداءِ فرائضه. (الطبري).

106- ﴿وَآَخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ﴾.
أي: هم تحت عفوِ الله، إن شاءَ فعلَ بهم هذا، وإن شاءَ فعلَ بهم ذاك، ولكنَّ رحمتَهُ تغلبُ غضبه. (ابن كثير).

107- ﴿وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾.
﴿وَلَيَحْلِفَنَّ﴾ أي: الذين بنوه: ﴿إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ ٱلْحُسْنَىٰ﴾ أي: ما أردنا ببنيانهِ إلا خيراً ورفقاً بالناس، قال الله تعالى: ﴿وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَـٰذِبُونَ﴾ أي: فيما قصدوا، وفيما نووا، وإنما بنوهُ ضراراً لمسجدِ قباء، وكفراً بالله، وتفريقاً بين المؤمنين، وإرصاداً لمن حارَب اللهَ ورسولَهُ من قبل. (ابن كثير).

108- ﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾.
﴿أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى﴾: ابتُدىءَ أساسهُ وأصلهُ على تقوَى الله وطاعته. (الطبري).
﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾: واللهُ يحبُّ المتطهِّرينَ بالماء. (ابن كثير).

110- ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾.
﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ﴾ أي: بأعمالِ خَلقه، ﴿حَكِيمٌ﴾ في مجازاتِهم عنها، مِن خيرٍ وشرّ. (ابن كثير).

111- ﴿فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ﴾.
فافرحوا به غايةَ الفرح. (البيضاوي). وهو في (روح المعاني) أطولُ وأوضح.

115- ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
أي: إن اللهَ عليمٌ بجميعِ الأشياء، التي من جملتِها حاجتُهم إلى البيان، فيبيِّنُ لهم. (روح المعاني).

116- ﴿إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾.
إن اللهَ - أيها الناسُ - له سلطانُ السماواتِ والأرضِ ومُلكُهما, وكلُّ مَن دونَهُ مِن الملوكِ فعبيدهُ ومماليكه, بيدهِ حياتُهم وموتُهم, يُحيي مَن يشاءُ منهم ويُميتُ مَن يشاءُ منهم, فلا تجزعوا أيها المؤمنونَ مِن قتالِ مَن كفرَ بي مِن الملوك, ملوكَ الرومِ كانوا، أو ملوكَ فارسٍ والحبشة، أو غيرهم, واغزوهم وجاهدوهم في طاعتي, فإني المعزُّ مَن أشاءُ منهم ومنكم، والمذلُّ مَن أشاء.
وهذا حضٌّ مِن اللهِ جلَّ ثناؤهُ المؤمنينَ على قتالِ كلِّ مَن كفرَ به من المماليك, وإغراءٌ منه لهم بحربهم. (الطبري).

117- ﴿إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾.
إن ربكم بالذين خالطَ قلوبَهم ذلكَ لما نالهم في سفرهم من الشدَّةِ والمشقَّة, رؤوفٌ بهم, رحيمٌ أنْ يهلكهم فينزعَ منهم الإيمانَ بعد ما قد أبلَوا في اللهِ ما أبلَو مع رسولهِ، وصبروا عليه من البأساءِ والضرّاء. (الطبري).

118- ﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾.

وأيقنوا بقلوبهم أن لا شيءَ لهم يلجؤون إليه مما نزلَ بهم من أمرِ الله من البلاءِ بتخلُّفِهم خلافَ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يُنجيهم من كربه، ولا مما يحذرون من عذابِ الله إلا الله. ثم رزقهم الإنابةَ إلى طاعته، والرجوعَ إلى ما يُرضيهِ عنهم، ليُنيبوا إليه، ويرجعوا إلى طاعته، والانتهاءِ إلى أمرهِ ونهيه. ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ يقول: إن اللهَ هو الوهَّابُ لعبادهِ الإنابةَ إلى طاعته، الموفِّقُ مَن أحبَّ توفيقَهُ منهم لما يُرضيهِ عنه, الرحيمُ بهم أنْ يعاقبَهم بعدَ التوبة, أو يخذلَ مَن أرادَ منهم التوبةَ والإنابةَ ولا يتوبَ عليه. (الطبري).

119- ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾.
يقولُ تعالى ذكرهُ للمؤمنين معرِّفَهم سبيلَ النجاةِ من عقابه، والخلاصِ من أليمِ عذابه: يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله، اتقوا الله وراقبوه، بأداءِ فرائضه، وتجنبِ حدوده، وكونوا في الدنيا من أهلِ ولايةِ الله وطاعته، تكونوا في الآخرةِ مع الصادقين في الجنة... (الطبري).

120- ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾.
... إلا كتبَ اللهُ لهم بذلكَ كلِّهِ ثوابَ عملٍ صالحٍ قد ارتضاه. إن اللهَ لا يَدَعُ محسنًا مِن خَلقهِ أحسنَ في عمله، فأطاعَهُ فيما أمره، وانتهَى عمّا نهاهُ عنه, أن يجازيَهُ على إحسانه، ويثيبَهُ على صالحِ عمله، فلذلكَ كتبَ لمن فعلَ ذلكَ مِن أهلِ المدينةِ ومَن حولَهم مِن الأعرابِ ما ذكرَ في هذه الآيةِ الثوابَ على كلِّ ما فعل، فلم يضيِّعْ له أجرَ فعلهِ ذلك. (الطبري).

121- ﴿وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.
... إلا كُتِبَ لهم أجرُ عملهم ذلك، جزاءً لهم عليه كأحسنِ ما يجزيهم على أحسنِ أعمالهم التي كانوا يعملونها وهم مقيمونَ في منازلهم. (الطبري).
وقالَ في (روح المعاني، باختصار): أي أُثبِتَ لهم، أو كُتِبَ في الصحف، أو اللوح، أحسنُ جزاءِ أعمالهم، على معنَى أنَّ لأعمالهم جزاءً حسنًا وأحسن، وهو سبحانهُ اختارَ لهم أحسنَ جزاء.


125- ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ﴾.
قالَ الطبري: يعني هؤلاءِ المنافقينَ، أنهم هلكوا وهم كافرونَ باللهِ وآياته.
وقالَ في (روح المعاني): أي: استحكمَ ذلك فيهم إلى أنْ يموتوا عليه.





ابوالوليد المسلم 12-11-2020 10:35 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 
الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (13)




أ. محمد خير رمضان يوسف



(سورة يونس وسورة هود)




سورة يونس
4- ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ﴾.
ولهم مع ذلكَ عذابٌ موجِع، سِوَى الشرابِ مِن الحميم، ﴿ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ﴾ باللهِ ورسوله. (الطبري).

9- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴾.
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾: إن الذين صدَّقوا الله ورسوله، وعملوا الصالحات، وذلك العملُ بطاعةِ الله، والانتهاءِ إلى أمره.
﴿ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴾: في بساتينِ النعيمِ الذي نعَّمَ اللهُ به أهلَ طاعتهِ والإيمانِ به. (تفسير الطبري).

12- ﴿ وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ ﴾.
دَعانا في ذِلَّةٍ وخشوع، مضطجِعًا، أو قاعدًا، أو قائمًا، في كلِّ أحوالِه، لنَكشِفَ ما به. فلمّا أزَلنا ما أصابَهُ مِن ضُرّ، فشفَيناه، أو أغنَيناه، أعرض، واستمرَّ على ما كان عليه قبلَ أن يُصاب، وكأنَّهُ ليسَ ذلك الشَّخصَ الذي كان يَلهَجُ بالدُّعاءِ ويُلِحُّ في طلبِ الإجابة. (الواضح).

13- ﴿ وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ ﴾.
ولقد أهلكنا الأممَ التي كذَّبَتْ رسلَ الله من قبلكم أيها المشركون بربِّهم لـمّا أشركوا وخالفوا أمرَ الله ونهيه، وجاءتهم رسلُهم بالآياتِ البيِّناتِ أنها حقّ، فلم تكنْ هذه الأممُ التي أهلكناها ليؤمنوا برسلِهم ويصدِّقوهم إلى ما دعَوهم إليه، مِن توحيدِ اللهِ وإخلاصِ العبادةِ له. وكما أهلكنا هذه القرون من قبلكم أيها المشركون، بظلمهم أنفسَهم، وتكذيبهم رسلَهم، وردِّهم نصيحتهم، كذلك أفعلُ بكم، فأهلككم كما أهلكتهم بتكذيبكم رسولَكم محمدًا صلَّى الله عليه وسلَّم، وظلمِكم أنفسَكم بشركِكم بربِّكم، إن أنتم لم تُنيبوا وتتوبوا إلى الله من شركِكم، فإن من ثوابِ الكافرِ بي على كفرهِ عندي أن أهلكَهُ بسخطي في الدنيا، وأوردَهُ النارَ في الآخرة. (الطبري، باختصار).

15- ﴿ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي ﴾.
أي: ليس هذا إليّ، إنما أنا عبدٌ مأمور، ورسولٌ مبلِّغٌ عن الله. (ابن كثير).

18- ﴿ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾.
﴿ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ ﴾: يعني أنهم كانوا يعبدونَها رجاءَ شفاعتِها عندَ الله.
﴿ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾: تنزيهًا للهِ وعلوًّا عمّا يفعلهُ هؤلاءِ المشركونَ مِن إشراكِهم في عبادةِ ما لا يضرُّ ولا ينفع، وافترائهم عليه الكذب. (الطبري).

19- ﴿ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴾.
﴿ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ﴾ عاجلاً ﴿ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴾، بإهلاكِ المبطل، وإبقاءِ المحقّ. (البيضاوي).

20- ﴿ وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ ﴾.
فانتظروا أيها القومُ قضاءَ الله بيننا، بتعجيلِ عقوبتهِ للمبطلِ منا، وإظهارهِ المحقَّ عليه، إني معكم ممن ينتظرُ ذلك. (الطبري).

21- ﴿ إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ ﴾.
والكاتبون الكرامُ يكتبون عليه جميعَ ما يفعله، ويُحصونَهُ عليه، ثم يعرضون على عالمِ الغيبِ والشهادة، فيجازيهِ على الحقيرِ والجليل، والنقيرِ والقِطْمير. (ابن كثير).

22- ﴿ هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾.
بيَّنَ معنى ألفاظٍ فيها. وهذا تفسيرها:
هو اللهُ الذي يمكِّنُكم منَ السَّير في البَرِّ والبحرِ بما مهَّدَهُ وسخَّرَهُ لكم، حتَّى إذا ركبوا السُّفن، ودفعَتهمُ الريحُ بسرعةٍ مناسبةٍ تُعجِبُهم، وفرحوا بذلكَ واطمأنُّوا، هبَّتْ عليها ريحٌ شديدة، وعلا بهم الموجُ وارتفعَ مِن كلِّ طرَف، وأيقنوا أنَّ الهلاكَ قد أحاطَ بهم وقَرُبَ غرَقُهم، أخلَصوا الدَّعاءَ للهِ وحدَه، ولم يُشرِكوا معهُ في دعائهم أحدًا، لا صنمًا ولا وثنًا، قائلين: يا ربّ، لئن خلَّصتَنا منْ هذا الكَرْب، وأنقَذْتَنا مِن الغرَق، لنكوننَّ منَ الشَّاكرينَ لكَ بالإيمانِ والطَّاعة، ولن نُشرِكَ بكَ شيئاً. (الواضح).

24- ﴿ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا ﴾.
﴿ وَظَنَّ أَهْلُهَآ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ ﴾ أي: على جذاذِها وقطافِها وحصادِها، أتاها قضاؤنا بإهلاكها، ﴿ لَيْلاً أَوْ نَهَارا ﴾. (البغوي).

25- ﴿ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾.
وهو يَهْدي مَن يشاءُ من خلقهِ فيوفِّقهُ لإصابةِ الطريقِ المستقيم، وهو الإسلام، الذي جعلَهُ جلَّ ثناؤهُ سببًا للوصولِ إلى رضاه، وطريقًا لمن ركبَهُ وسلكَ فيه إلى جنانهِ وكرامته. (الطبري).

26- ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾.
هؤلاءِ الذين وصفتُ صفتَهم، هم أهلُ الجنةِ وسكَّانُها، ومَن هم فيها ماكثونَ أبدًا، لا تبيدُ فيخافوا زوالَ نعيمِهم، ولا هم بمخرَجينَ فتتنغَّصُ عليهم لذَّتُهم. (الطبري).

27- ﴿ وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾.
﴿ وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ﴾: وتَغشاهُم ذلَّةٌ وهوانٌ بعقابِ اللهِ إيّاهم.
﴿ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾: هؤلاءِ الذين وصفتُ لكَ صفتَهم، أهلُ النارِ الذين هم أهلُها، هم فيها ماكثون. (الطبري).

29- ﴿ فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ ﴾.
حسبنا اللهُ شاهدًا بيننا وبينكم أيها المشركون، ما كنّا عن عبادتِكم إيّانا دون الله إلا غافلين، لا نشعرُ به ولا نعلم. (الطبري، باختصار).

30- ﴿ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴾.
أي: ذهبَ عن المشركين ﴿ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ﴾ أي: ما كانوا يعبدون من دون الله افتراءً عليه. (ابن كثير).

32- ﴿ فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ﴾.
قالَ ابنُ عباس: كيف تصرفُ عقولُكم إِلى عبادةِ مَن لا يرزق، ولا يُحيى ولا يُميت؟ (زاد المسير).

35- ﴿ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾.
﴿ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾ بالباطل، حيثُ تزعمون أنهم أندادُ الله؟ (النسفي).

36- ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ﴾.
تهديدٌ لهم ووعيدٌ شديد؛ لأنه تعالَى أخبرَ أنه سيُجازيهم على ذلكَ أتمَّ الجزاء. (ابن كثير).

38- ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾.
بيَّن معنى ﴿ يُفْتَرَى ﴾ في الآيةِ السابقةِ بقوله: يُختلَق ويُنشَأ.
﴿ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ أن محمداً افتراه. (البغوي).

39- ﴿ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ﴾.
فانظرْ كيف أهلكناهم بتكذيبهم رسلَنا ظلماً وعلواً وكفراً، وعناداً وجهلاً؟ فاحذروا أيها المكذِّبون أن يصيبَكم ما أصابهم. (ابن كثير).

40- ﴿ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ ﴾.
بالمعاندين أو المصرِّين. (البيضاوي).

41- ﴿ وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ ﴾.
يقولُ تعالى ذكرهُ لنبيِّهِ محمدٍ صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم: وإنْ كذَّبكَ يا محمدُ هؤلاء المشركون، وردُّوا عليكَ ما جئتَهم به من عند ربِّك، فقلْ لهم: أيها القوم، ليَ ديني وعملي، ولكم دينُكم وعملُكم، لايضرُّني عملُكم، ولا يضرُّكم عملي، وإنما يُجازَى كلُّ عاملٍ بعمله. ﴿ أنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أعْمَلُ ﴾ لا تؤاخَذونَ بجريرته، ﴿ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ لا أؤاخَذُ بجريرةِ عملِكم. (الطبري).

44- ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾.
إن الله لا يفعلُ بخلقهِ ما لا يستحقُّون منه، لا يعاقبهم إلا بمعصيتهم إيّاه، ولا يعذِّبهم إلا بكفرهم به، ولكنَّ الناسَ هم الذين يظلمون أنفسَهم؛ باجترامهم ما يورثُها غضبَ الله وسخطه.
وإنما هذا إعلامٌ من الله تعالى ذكرهُ لنبيِّهِ محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّمَ والمؤمنين به، أنه لم يسلبْ هؤلاء الذين أخبرَ جلَّ ثناؤهُ عنهم أنهم لا يؤمنون الإيمانَ ابتداءً منه بغيرِ جُرمٍ سلفَ منهم، وإخبارٌ أنه إنما سلبَهم ذلك باستحقاقٍ منهم سلبهُ لذنوبٍ اكتسبوها، فحقَّ عليهم قولُ ربِّهم: ﴿ وطُبِعَ على قُلوبِهِمْ ﴾ [سورة التوبة: 87]. (الطبري).

45- ﴿ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ﴾.
قد غبنَ الذين جحدوا ثوابَ اللهِ وعقابَهُ وحظوظَهم من الخير، وهلكوا، وما كانوا موفَّقين لإصابةِ الرشدِ ممَّا فعلوا مِن تكذيبِهم بلقاءِ الله؛ لأنه أكسبَهم ذلكَ ما لا قِبَلَ لهم به مِن عذابِ الله. (الطبري).

47- ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾.
لا يعذَّبون بغيرِ ذنب، ولا يُؤاخَذون بغيرِ حجَّة، ولا يُنقَصُ من حسناتهم، ولا يُزاد على سيئاتهم. (البغوي).

52- ﴿ ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ﴾.
فانظروا هل تُثابون إلاّ بما كنتُم تعملونَ في حياتِكم قبلَ مماتِكم مِن معاصي الله؟ (الطبري).

54- ﴿ وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِوَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾.
ولو أن لكلِّ نفسٍ كفرتْ بالله - وظُلْمُها في هذا الموضع: عبادتُها غيرَ مَن يستحقُّ عبادةً، وتركُها طاعةَ مَن يجبُ عليها طاعته - ﴿ ما فِي الأرْضِ ﴾ من قليلٍ أو كثير، لافتدتْ بذلك كلِّهِ من عذابِ الله إذا عاينته.
﴿ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ ﴾: وقضَى الله يؤمئذٍ بين الأتباعِ والرؤساءِ منهم بالعدل، ﴿ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ مِن جزاءِ أعمالِهم شيئًا، ولكنْ يُجازي المحسنَ بإحسانه، والمسيءُ مِن أهلِ الإيمانِ إمّا أنْ يعاقبَهُ الله، وأمّا أنْ يعفوَ عنه، والكافرُ يخلدُ في النار. فذلكَ قضاءُ اللهِ بينهم بالعدل، وذلكَ لا شكَّ عدلٌ لا ظلم. (الطبري).

55- ﴿ أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾.
ألا إنَّ جميعَ ما وعدَ اللهُ به كائنٌ لا محالة، ثابتٌ واقعٌ كما قالَ به، ومنه البعثُ والجزاء، ولكنَّ أكثرَ النَّاسِ لا يعلمونَ ذلك؛ لغفلتِهم واغترارِهم بظواهرِ الأمور، وسُوءِ استعدادِهم للبحثِ عن الحقِّ أو قبوله. (الواضح).

57- ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾.
﴿ وَهُدًى ﴾ يقول: وهو بيانٌ لحلالِ الله وحرامه، ودليلٌ على طاعتهِ ومعصيته، ﴿ وَرَحْمَةٌ ﴾ يرحمُ بها من شاءَ من خلقه، فيُنقذهُ به من الضلالةِ إلى الهدى، ويُنجيهِ به من الهلاكِ والردَى. وجعلهُ تباركَ وتعالى رحمةً للمؤمنين به دون الكافرين به، لأن من كفرَ به فهو عليه عمى، وفي الآخرةِ جزاؤهُ على الكفرِ به الخلودُ في لَظى. (الطبري).

61- ﴿ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآَنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ﴾.
ولا تعملونَ أيَّ عملٍ منَ الأعمالِ أيُّها النَّاس، إلاّ كنّا شهودًا عليكم، نطَّلعُ على أحوالِكم، ونَعلَمُ جميعَ أمورِكم.. (الواضح).

66- ﴿ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ﴾.
أخبرَ تعالى أن له ملكَ السماواتِ والأرض، وأن المشركين يعبدون الأصنام، وهي لا تملكُ شيئاً، لا ضراً ولا نفعاً، ولا دليلَ لهم على عبادتها، بل إنما يتبعون في ذلك ظنونَهم وتخرصَهم، وكذبهم وإفكهم. (ابن كثير).

68- ﴿ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾.
أتَقولون على اللهِ قولاً لا تعلمونَ حقيقتَهُ وصحَّته، وتضيفونَ إليه ما لا يجوزُ إضافتهُ إليه جهلاً منكم، بغيرِ حجَّةٍ ولا برهان؟ (الطبري).

69- ﴿ قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ﴾.
قُلْ يا محمَّدُ لهم: ﴿ إنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ ﴾ فيقولون عليه الباطل، ويدَّعون له ولدًا، ﴿ لَا يُفْلِحُونَ ﴾. (الطبري).

70- ﴿ مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ﴾.
إنَّ ما فيهِ المشركونَ اليومَ في الحياةِ الدُّنيا، ما هو إلاّ متاعٌ قليل، ونعيمٌ زائل، وسوفَ تنقضي آجالُهم جميعًا، ثم إلينا مَرجِعُهم يومَ القيامة، لنُذيقَهم العذابَ الأليمَ والشَّقاءَ المؤبَّد، بسببِ كفرِهم المستمرّ، وافترائهم الكذبَ على الله. (الواضح).

73- ﴿ فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ ﴾.
وجعلنا الذين نجَّينا مع نوحٍ في السفينةِ خلائفَ في الأرضِ من قومهِ الذين كذَّبوه، بعد أن أغرقنا الذين كذَّبوا بآياتنا.. (الطبري).

79- ﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ ﴾.
ائتوني بكلِّ مَن يسحَرُ مِن السحَرة، عليمٍ بالسحر. (الطبري).

80- ﴿ فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ ﴾.
قالَ لهم موسَى في ثباتٍ وإيمان: أَلْقُوا الذي عندكم منَ العِصيِّ والحبالِ وما كانَ من أنواعِ السِّحر. (الواضح).

81- ﴿ فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾.
واللهُ لا يُصلِحُ عملَ المفسدينَ الذينَ يُضلِّلونَ الناس، ولا يؤيِّدُ أعمالَهم ولا يُديمُها، بل يُزيلُها ويُظهِرُ بطلانَها. (الواضح).

82- ﴿ وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ﴾.
ويثَبِّتُ اللهُ الحقَّ ويقوِّيه. (الواضح).

83- ﴿ فَمَا آَمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ ﴾.
أي: يصرفهم عن دينهم. ولم يقل "يفتنوهم"؛ لأنه أخبرَ عن فرعون، وكان قومهُ على مثلِ ما كان عليه فرعون. (البغوي).
يتبع

ابوالوليد المسلم 12-11-2020 10:37 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 
الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (14)






أ. محمد خير رمضان يوسف
(سورة يوسف، سورة الرعد، سورة إبراهيم)










سورة يوسف



6- ï´؟ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ï´¾.

أي: أعلمُ حيثُ يجعلُ رسالته. (ابن كثير).



10- ï´؟ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ï´¾.

أي: إن كنتم عازمين مصرِّين على أن تفعلوا به ما يفرِّقُ بينه وبين أبيه، أو إن كنتم فاعلين بمشورتي ورأيي فألقوه... (روح المعاني).



11- ï´؟ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ ï´¾.

قالَ إخوةُ يوسفَ إذ تآمروا بـينهم وأجمعوا على الفرقةِ بينه وبين والدهِ يعقوبَ لوالدهم يعقوب: ï´؟ يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ ï´¾ فتتركهُ معنا إذا نحن خرجنا خارجَ المدينةِ إلى الصحراء، ونـحن لهُ ناصحون، نَحوطهُ ونَكلؤه. (الطبري).



12- ï´؟ أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ï´¾.

يقولون: ونحن نحفظهُ ونحوطهُ مِن أجلك. (ابن كثير).



13- ï´؟ قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ ï´¾.

قالَ أبوهُم يعقوبُ عليهِ السَّلام: إنِّي لأغتمُّ إذا بَعُدَ عنِّي، ويَشُقُّ عليَّ مفارقتُه، وأخشَى أنْ تَغفُلوا عنه، وتنشغِلوا بالرَّعي أو اللَّعب، فيأكُلَهُ الذِّئب.

وكانتْ محبَّتهُ الزائدةُ له وخوفُهُ عليه لِما يتوسَّمُ فيه مِن شمائلِ النبوَّة، ولخُلُقِهِ الطيِّب، وخَلْقِهِ الجميل، عليه السَّلام. (الواضح).



14- ï´؟ قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ ï´¾.

قالوا مجيبين له عنها في الساعةِ الراهنة: ï´؟ لَئِنْ أَكَلَهُ ظ±لذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّآ إِذَا لَّخَـظ°سِرُونَ ï´¾ يقولون: لئنْ عدَا عليه الذئبُ فأكلَهُ من بيننا، ونحن جماعة، إنا إذاً لهالكون عاجزون. (ابن كثير).



15- ï´؟ فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ï´¾.

فلمّا ذهبوا بيوسُفَ مِن عندِ أبيه، استقرَّ رأيهُم على أنْ يَجعلوهُ في أسفلِ البئر. وأعْلَمْنا يوسُفَ - تثبيتًا لهُ وتسليةً - لتَخْلُصَنَّ ممّا أنتَ فيه، ولتُخبِرنَّ إخوتَكَ بما فعلوا بكَ في يومٍ من الأيّام .... (الواضح).



17- ï´؟ قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ï´¾.

ï´؟ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَـظ°عِنَا ï´¾ أي: ثيابنا وأمتعتنا، ï´؟ فَأَكَلَهُ ظ±لذِّئْبُ ï´¾، وهو الذي كان قد جزعَ منه، وحذرَ عليه. (ابن كثير).



23- ï´؟ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ï´¾.

إنهُ لا يَنجَحُ مَن ظلمَ ففعلَ ما ليسَ له فعلُه، وهذا الذي تدعوني إليه من الفجورِ ظلمٌ وخيانةٌ لسيِّدي الذي ائتـمنَنـي علـى منزله. (الطبري).



24- ï´؟ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ï´¾.

وكما أرَيناهُ برهانًا فصرَفناهُ عمّا كانَ فيه، كذلكَ نَصرِفُ عنهُ الخيانةَ والزِّنا، إنَّهُ مِن عبادِنا المصطفَينَ الأخيار، الذين اخترناهُم لطاعتِنا، وأكرمناهُم بالنبوَّة، وعصمناهُم ممّا يقدَحُ في سلوكِهم وسيرتِهم. (الواضح).



25- ï´؟ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ï´¾.

قالت لزوجها متنصِّلةً وقاذفةً يوسفَ بدائها: ï´؟ مَا جَزَآءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوغ¤ءًا ï´¾ أي: فاحشة، ï´؟ إِلاَ أَن يُسْجَنَ ï´¾ أي: يُحَبس، ï´؟ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ï´¾ أي: يُضرَبَ ضرباً شديداً موجعاً. (ابن كثير).



28- ï´؟ فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ï´¾.

أي: فلمّا تحقَّقَ زوجُها صِدقَ يوسفَ وكذبَها فيما قذفتْهُ ورمتْهُ به، ï´؟ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ ï´¾ أي: إنَّ هذا البُهتَ واللَّطخَ الذي لطختِ عِرضَ هذا الشابِّ به، مِن جملةِ كيدكنّ. (ابن كثير).

ï´؟ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ï´¾: إنَّ مكرَكُنَّ كبير، بالنسبةِ إلى كيدِ الرِّجال. (الواضح).



30- ï´؟قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍï´¾.

أي: خطأ ظاهر. وقيل: معناهُ إنها تركتْ ما يكونُ على أمثالها من العفافِ والستر. (البغوي).



31- ï´؟ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ ï´¾.

ï´؟ إِنْ هَـظ°ذَآ ï´¾ أي: ما هذا ï´؟ إِلاَّ مَلَكٌ ï´¾ من الملائكة، ï´؟ كَرِيمٌ ï´¾ على الله تعالى. (البغوي).



32- ï´؟ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ ï´¾.

ï´؟ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ ï´¾: وحاولتُ معهُ ليَنالَ منِّي. (الواضح).

ï´؟ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ ï´¾ تقول: ولئنْ لـم يُطاوِعْنـي علـى ما أدعوهُ إليه من حاجتي إلـيه، لـُيحبَسنَّ في السجن. (الطبري).



34- ï´؟ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ï´¾.

إنهُ هو السميعُ دعاءَ يوسفَ حين دعاهُ بصرفِ كيدِ النسوةِ عنه، ودعاءَ كلِّ داعٍ مِن خَـلقه، العلـيـمُ بـمطلبهِ وحاجتهِ وما يُصلـحه، وبحاجةِ جميعِ خَـلقهِ وما يُصلحهم. (الطبري).



36- ï´؟ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ï´¾.

أخبرنا بتفسيرهِ وتعبيرهِ وما يؤولُ إليه أمرُ هذه الرؤيا. (البغوي).



37- ï´؟ إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ï´¾.

إني برئتُ مِن ملَّةِ مَن لا يصدِّقُ بـاللهِ ويقرُّ بوحدانيته، وهم مع تركِهم الإيمانَ بوحدانيةِ الله، لا يقرُّون بـالمعادِ والبعث، ولا بثواب، ولا عقاب. (الطبري).



38- ï´؟ وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آَبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ï´¾.

واتَّبعتُ دينَ ï´؟ آَبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ï´¾ لا دينَ أهلِ الشرك. ما جازَ لنا أنْ نجعلَ للهِ شريكًا في عبـادتهِ وطاعته، بل الذي علينا إفرادهُ بـالألوهةِ والعبـادة. (يُنظر تفسير الطبري).



40- ï´؟ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ï´¾.

وهو الذي أمرَ ألا تعبدوا أنتم وجميعُ خَلقهِ إلا الله، الذي له الألوهةُ والعبـادة، خالصةً دونَ كلِّ ما سواهُ من الأشياء. (الطبري).



41- ï´؟ يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآَخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِï´¾.

يقولُ لهما: ï´؟ يظ°صَاحِبَىِ ظ±لسِّجْنِ أَمَّآ أَحَدُكُمَا فَيَسْقِى رَبَّهُ خَمْرًا ï´¾ وهو الذي رأى أنه يعصرُ خمراً، ولكنه لم يعيِّنه؛ لئلا يحزنَ ذاك، ولهذا أبهمه في قوله: ï´؟ وَأَمَّا ظ±لآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ ظ±لطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ ï´¾ وهو في نفسِ الأمرِ الذي رأى أنه يحملُ فوق رأسهِ خبزاً. (ابن كثير).



46- ï´؟ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ ï´¾.

يقول: كي أرجعَ إلـى الناسِ فأخبرهم. (الطبري).



50- ï´؟ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ ï´¾.

أي: إنَّ اللهَ بصنيعهنَّ عالم. (البغوي).



51- ï´؟ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ï´¾.

وإن يوسفَ لمن الصادقـين في قوله: ï´؟ هِيَ رَاوَدَتْنـي عَنْ نَفْسِي ï´¾. (الطبري).



الجزء الثالث عشر

53- ï´؟ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ï´¾.

إن اللهَ ذو صفحٍ عن ذنوبِ مَن تابَ من ذنوبه، بتركهِ عقوبتَهُ عليها وفضيحتَهُ بها، رحيـمٌ به بعدَ توبتهِ أنْ يعذِّبَهُ علـيها. (الطبري).



54- ï´؟ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ ï´¾.

ذو مكانةٍ ومنزلة. (البيضاوي).



56- ï´؟ وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَï´¾.

وبتمكينٍ لائقٍ ومناسب، جعلنا ليوسُفَ العزَّ والسُّلطانَ في أرضِ مصر، يتَّخذُ مَنزِلاً في أيِّ مكانٍ منها، بعد الضِّيقِ والأسْرِ والحَبسِ الذي كانَ فيه. ونُصيبُ بفضلِنا وعطائنا مَن نشاءُ مِن عبادِنا، بعدلِنا وحكمتِنا، ولا نُضِيعُ أجرَ مَن صبرَ على أذَى النَّاس، وأحسنَ في صبرِهِ واحتَسب، حتَّى أتاهُ الفرَج. (الواضح).



59- ï´؟ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ ï´¾.

يعني بنيامين. (البغوي).



63- ï´؟ فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ï´¾.

ï´؟ فَلَمَّا رَجِعُواْ إِلَىظ° أَبِيهِمْ قَالُواْ يَظ°أَبَانَا ï´¾ إنّا قدمنا على خيرِ رجلٍ، أنزلَنا وأكرمَنا كرامةً لو كان رجلاً من أولادِ يعقوبَ ما أكرمنا كرامته، وقالوا: يا أبانا ï´؟ مُنِعَ مِنَّا ظ±لْكَيْلُ ï´¾، قالَ الحسن: معناه: يُمنَعُ منّا الكيلُ إنْ لم تحملْ أخانا معنا، ï´؟ فَأَرْسِلْ مَعَنَآ أَخَانَا ï´¾ بنيامين، ï´؟ نَكْتَلْ ï´¾ نحن وهو الطعام. (البغوي).



65- ï´؟ وَنَحْفَظُ أَخَانَا ï´¾.

ï´؟ وَنَحْفَظُ أَخَانَا ï´¾ في ذهابنا ومجيئنا، فما يصيبهُ شيءٌ مما تخافه. (النسفي).



66- ï´؟ قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آَتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ï´¾.

ï´؟ قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّىظ° تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ ظ±للَّهِ ï´¾ أي: تحلفون بالعهودِ والمواثيقِ ï´؟ لَتَأْتُنَّنِى بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ ï´¾ إلا أن تُغلَبوا كلُّكم ولا تَقدرون على تخليصه. ï´؟ فَلَمَّآ ءَاتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ ï´¾ أكدَهُ عليهم... (ابن كثير).

وقد فسَّرَ ابنُ عطيةَ معنَى ï´؟ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ ï´¾ في الآيةِ التالية.



67- ï´؟ وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ï´¾.

بلِ ادخُلوها متفرِّقين مِن عدَّةِ أبواب، ولا أنفَعُكم ولا أدفَعُ عنكم بهذا الاحترازِ والنُّصحِ شيئًا من قضاءِ اللهِ تعالَى، فإنَّ قدَرَ اللهِ لا يُرَدّ، ولكنَّهُ تدبيرٌ وسبب، فما الحُكمُ المطلَقُ إلاّ لهُ تعالَى، لا يُشارِكُهُ فيهِ أحد، ولا يُمانعهُ منهُ قوَّة، وعليهِ وحدَهُ يَعتمِدُ مَن أرادَ التوكُّلَ عليهِ مِن المؤمنين. (الواضح).



68- ï´؟ وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ ï´¾.

ولـمّا دخلَ ولدُ يعقوبَ ï´؟ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ ï´¾، وذلكَ دخولُهم مصرَ مِن أبوابٍ متفرِّقة. (الطبري).



70- ï´؟ فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ï´¾.

ولـمَّا حمَّلَ يوسفُ إبلَ إخوتهِ ما حمَّلها مِن الميرةِ وقضَى حاجتَهم. (الطبري).



72- ï´؟ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ ï´¾.

ولمن جاءَ بـالصُّواعِ حِمْلُ بعيرٍ من الطعام. (الطبري).



76- ï´؟ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ï´¾.

يعني: إن يوسفَ لم يكنْ يتمكنُ من حبسِ أخيهِ في حكمِ الملكِ لولا ما كِدْنا له بلطفنا حتى وجدَ السبيلَ إلى ذلك، وهو ما أُجرِيَ على ألسنةِ الإِخوة، أن جزاءَ السارقِ الاسترقاق، فحصلَ مرادُ يوسفَ بمشيئةِ الله تعالى. (البغوي).



77- ï´؟ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ ï´¾.

واللهُ عالمٌ بكذبِكم، وإنْ جهلَهُ كثـيرٌ ممَّن حضرَ مِن الناس. (الطبري).



78- ï´؟ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا ï´¾.

أي: في السنِّ أو القدر. ذكروا له حالَهُ استعطافاً له عليه. (البيضاوي).



79- ï´؟ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ ï´¾.

يقول: أستـجيرُ بـالله من أن نأخذَ بريئاً بسقـيـم. (الطبري).



79- ï´؟فَلَمَّا اسْتَيْئَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَï´¾.

تفسيرُ الآية: فلمّا يَئسوا مِن يوسُفَ ولم يتمكَّنوا من تخليصِ بِنيامين، انفرَدوا عن النَّاسِ يتناجَونَ ويتشاورونَ فيما بينهم، ما الذي يفعلونَه، وكيفَ يتصرَّفون؟

قالَ كبيرُهم مذكِّرًا: ألم تعلَموا أنَّ أباكُم قد أخذَ عليكم عهدًا مُوثَّقًا لَتَرُدُّنَّهُ إليه، مع ما تقدَّمَ مِن صنيعِكم بيوسُفَ وكذِبِكم عليه؟ فلن أفارقَ أرضَ مصرَ حتَّى يسمحَ لي أبي بالرُّجوعِ إليه راضيًا عنِّي، أو يَحكُمَ اللهُ لي بما شاء، وهو سبحانَهُ الحَكَمُ العَدْل، الذي لا يَقضي إلاّ بالحقّ. (الواضح).



82- ï´؟ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ï´¾.

ï´؟ وِإِنَّا لَصَـظ°دِقُونَ ï´¾ فيما أخبرناكَ به من أنه سرق، وأخذوهُ بسرقته. (ابن كثير).



85- ï´؟ قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ ï´¾.

أي: من الميتين. (البغوي).



87- ï´؟ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ï´¾.

إنَّهُ لا يقنطُ مِن فرَجِ اللهِ - ولو أحاطَ بهمُ الكَرْبُ - إلاّ الكافِرون؛ لإنكارِهم سَعَةَ رحمةِ الله، واستبعادِهم عفوَه. (الواضح).



90- ï´؟ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ï´¾.

فإنَّ اللهَ لا يُبطِلُ ثوابَ إحسانه، وجزاءَ طاعتهِ إيّاهُ فـيما أمرَهُ ونهاه. (الطبري).



92- ï´؟ قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ï´¾.

عفـا اللهُ لكم عن ذنبِكم وظُلمِكم، فسترَهُ عليكم، واللهُ أرحمُ الراحمينَ لـمَن تابَ مِن ذنبه، وأنابَ إلى طاعتهِ بـالتوبةِ مِن معصيته. (تفسير الطبري).



98- ï´؟ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ï´¾.

إن ربِّي هو الساترُ على ذنوبِ التائبين إليهِ مِن ذنوبِهم، الرحيمُ بهم أنْ يعذِّبَهم بعدَ توبتِهم منها. (الطبري).



99- ï´؟ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ ï´¾.

ï´؟ آَمِنِينَ ï´¾ من القحطِ وأصنافِ المكاره. (البيضاوي).



100- ï´؟ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ï´¾.

ï´؟ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ ï´¾ بمصالحِ خَلقه، وغيرِ ذلك، لا يخفَى علـيه مبادي الأمورِ وعواقبها، الحكيمُ في تدبـيره. (الطبري).



105- ï´؟ وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي ظ±لسَّمَظ°وَظ°تِ وَظ±لأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ï´¾.

وذلكَ كالشمسِ والقمرِ والنجومِ ونحوِ ذلكَ من آياتِ السماوات، وكالجبالِ والبحارِ والنباتِ والأشجار، وغيرِ ذلكَ من آياتِ الأرض. (الطبري).



107- ï´؟ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ï´¾.

ï´؟ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ï´¾ بإتيانها. (النسفي).



109- ï´؟ وَلَدَارُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ ï´¾.

ï´؟ أَفَلَا ï´¾ يستعملون عقولَهم ليعرفوا أنها خير؟ (البيضاوي).



110- ï´؟ حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ï´¾.

ï´؟ اسْتَيْئَسَ ï´¾ ذكرَ في الآيةِ (79) من السورة، أن: يئسَ واستيأسَ بمعنًى واحد.

ï´؟ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ï´¾: المشركين. (البغوي).

يتبع

ابوالوليد المسلم 12-11-2020 10:38 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 
الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (15)






أ. محمد خير رمضان يوسف





(سورة الحجر، وسورة النحل)

الجزء الرابع عشر



سورة الحِجر
1-﴿ الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ﴾.
﴿ وقُرْآنٍ ﴾ يقول: وآياتِ قرآن، ﴿ مُبِـينٍ ﴾ يقول: يُبِين مَن تأمَّلَهُ وتدبَّرَهُ رشدَه. (الطبري).

3- ﴿ ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾.
﴿ ذَرْهُمْ ﴾ يا محمد، يعني: الذين كفروا، ﴿ يَأْكُلُواْ ﴾ في الدنيا، ﴿ وَيَتَمَتَّعُواْ ﴾ من لذّاتها، ﴿ وَيُلْهِهِمُ ﴾: يَشغلهم، ﴿ ٱلأَمَلُ ﴾ عن الأخذِ بحظِّهم من الإِيمانِ والطاعة، ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾ إذا وردوا القيامةَ وذاقوا وبالَ ما صنعوا. وهذا تهديدٌ ووعيد. (البغوي).

5- ﴿ مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ ﴾.
﴿ مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ ﴾ من الأممِ المهلَكةِ وغيرهم أجلَها المكتوبَ في كتابها، أي: لا يجـيءُ هلاكُها قبلَ مجيءِ كتابها، أو لا تمضي أمةٌ قبلَ مضيِّ أجلها، ﴿ وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ ﴾ أي وما يتأخَّرون. (روح المعاني، باختصار).

6- ﴿ وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ ﴾.
المنادَى رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلم. والذِّكر: القرآن.

7- ﴿ لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾.
قالوا: هلّا تأتينا بالملائكةِ شاهدةً لكَ على صدقِ ما تقولُ ﴿ إنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِـينَ ﴾ يعني: إن كنتَ صادقاً في أن الله تعالى بعثكَ إلينا رسولاً وأنزلَ عليكَ كتاباً، فإن الربَّ الذي فعلَ ما تقولُ بكَ لا يتعذَّرُ عليه إرسالُ ملَكٍ من ملائكتهِ معكَ حجَّةً لكَ علينا، وآيةً لكَ على نبوَّتِك، وصدقِ مقالتك. (الطبري).

13- ﴿ لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ ﴾.
﴿ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾ يعني: لا يؤمنون بمحمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّمَ وبالقرآن، ﴿ وَقَدْ خَلَتْ ﴾: مضت، ﴿ سُنَّةُ ٱلأَوَّلِينَ ﴾ أي: وقائعُ الله تعالى بالإِهلاكِ فيمن كذَّبَ الرسلَ من الأممِ الخالية. يخوِّفُ أهلَ مكة. (البغوي).

16- ﴿ وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ ﴾.
﴿ وَزَيَّنَّـٰهَا ﴾ بالأشكالِ والهيئاتِ البهيَّةِ ﴿ لِلنَّـٰظِرِينَ ﴾ المعتبِرين المستدلِّين بها على قدرةِ مبدعِها وتوحيدِ صانعها. (البيضاوي).

18- ﴿ إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ ﴾.
لكنْ قد يسترقُ من الشياطينِ السمعَ مما يحدثُ في السماءِ بعضها، فيتبَعهُ شهابٌ من النارِ ﴿ مُبِينٌ ﴾: يَبِـينُ أثرهُ فـيه، إما بإخبالهِ وإفساده، أو بإحراقه. (الطبري).

22- ﴿ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ ﴾.
والمطرُ في خزائنِنا لا في خزائنِكم، وهي بأيدينا لا بأيديكم.
أو أنَّ مَعناه: ما أنتم بقادرين على حفظِ هذا الكمِّ منَ المياهِ التي يُنزِلُها اللهُ لكم، فيَحفَظُها لكم في العيونِ والآبارِ والأنهار، لتأخذوا منها عندَ الحاجة. (الواضح).

25- ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ﴾.
وإنَّ ربَّكَ يا محمدُ هو يجمَعُ جميعَ الأوَّلين والآخِرين عندَهُ يومَ القيامة، أهلَ الطاعةِ منهم والمعصية، وكلَّ أحدٍ مِن خَـلقه، المستقدمينَ منهم والمستأخِرين.
﴿ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ﴾: إنَّ ربَّكَ حكيمٌ في تدبيرهِ خـلقَه، في إحيائهم إذا أحياهم، وفي إماتتِهم إذا أماتهم، عليمٌ بعددِهم وأعمالِهم، وبالحيِّ منهم والميِّت، والمستقدمِ منهم والمستأخِر. (تفسير الطبري).

28- ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ
فسَّرَ الكلماتِ الثلاثِ قبلَ آيتينِ منها، فكان ممّا قال:
الصلصال: الطينُ إذا جفّ.
الحمَأ: النتن.
المسنون: الأملسُ السطح.

33- ﴿ قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ ﴾.
فسَّرَ الكلماتِ الثلاثِ في الآيةِ (26) من السورة، فكان ممّا قال:
الصلصال: الطينُ إذا جفّ.
الحمَأ: النتن.
المسنون: الأملسُ السطح.

35- ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ﴾.
وإنَّ غضبَ اللهِ عليك، بإخراجهِ إيّاكَ مِن السماواتِ وطردِكَ عنها.. (الطبري).

36- ﴿ قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾.
سألَ من تمامِ حسدهِ لآدمَ وذريتهِ النظرةَ إلى يومِ القيامة، وهو يومُ البعث. (ابن كثير).

37- ﴿ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ ﴾.
قالَ الله له: فإنكَ ممن أُخِّرَ هلاكُه. (الطبري).

38- ﴿ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ﴾.
إلى يومِ الوقتِ المعلومِ لهلاكِ جميعِ خَلقي، وذلك حين لا يبقَى على الأرضِ من بني آدمَ ديَّار. (الطبري).

45- ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴾.
إنَّ الذين اتَّقَوا اللهَ بطاعتهِ وخافوه، فتـجنَّبوا معاصيه (الطبري)، في بساتينَ وأنهار (البغوي).

46- ﴿ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ ﴾.
﴿ ءَامِنِينَ ﴾ من الخروجِ منها، والآفاتِ فيها. (النسفي).

48- ﴿ لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ ﴾.
وما هم من الجنةِ ونعيـمها وما أعطاهم الله فـيها بمخرَجين، بل ذلك دائمٌ أبداً. (الطبري).

49- ﴿ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾.
أخبِرْ عبادي أيُّها الرسولُ أنَّني أغفِرُ الذنوبَ مهما كَبُرَتْ وكَثُرَت، وأرحمُهم ولا أُعذِّبُهم بها إنْ هم تابُوا وأحسَنوا، فلا يَيأسوا أبدًا. (الواضح).

50- ﴿ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ﴾.
وأنَّ عقابي هو العقابُ المؤلمُ الموجِع، الذي لا يُقَدَّرُ قَدْرُه، فليَلزموا صراطي، وليَبتعِدوا مِن سَخَطي وعقابي.
وهكذا يبقَى العبدُ بينَ الخوفِ والرَّجاء، والرَّهبةِ والرَّغبة، فإنَّهُ أحسنُ لتربيةِ نفسِه. (الواضح).

53- ﴿ قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ ﴾.
أي: غلامٍ في صِغَرِه، عليمٍ في كبره، يعني إسحاق. (البغوي).

56- ﴿ قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ﴾.
قالَ إبراهيمُ للضيف: ومَن يَيأسُ مِن رحمةِ اللهِ إلاّ القومُ الذين قد أخطأوا سبيلَ الصواب، وتركوا قصدَ السبيل، في تركهم رجاءَ الله، ولا يخيبُ مَن رجاه، فضلُّوا بذلكَ عن دينِ الله. (الطبري).

64- ﴿ وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ﴾.
﴿ وَآتَيْنَـٰكَ بِٱلْحَقِّ ﴾، كقولهِ تعالى: ﴿ مَا نُنَزِّلُ ٱلْمَلَـٰئِكَةَ إِلاَّ بِٱلحَقِّ ﴾ [سورة الحجر: 8]. وقوله: ﴿ وِإِنَّا لَصَـٰدِقُونَ ﴾ تأكيدٌ لخبرِهم إيّاهُ بما أخبروهُ به، مِن نجاتهِ وإهلاكِ قومِه. (ابن كثير).

65- ﴿ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ ﴾.
وامضوا حيثُ يأمركم الله. (الطبري).
قال ابنُ عباس: يعني الشام. (البغوي).

68- ﴿ قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ ﴾.
قالَ لوطٌ لقومه: إن هؤلاءِ الذين جئتُموهم تريدونَ منهم الفاحشةَ ضيفي، وحقٌّ على الرجلِ إكرامُ ضيفه، فلا تفضحونِ أيها القومُ فـي ضيفـي، وأكرموني فـي ترككم التعرُّضَ لهم بـالمكروه. (الطبري).

69- ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ ﴾.
وخافوا اللهَ فيَّ وفي أنفسِكم أنْ يحلَّ بكم عقابه، ولا تُذلُّوني ولا تُهينوني فيهم بالتعرُّضِ لهم بـالمكروه. (الطبري).

75- ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾.
إنَّ في الذي فعلنا بقومِ لوط، مِن إهلاكِهم، و [ما] أحلَلنا بهم مِن العذاب، لَعلاماتٍ ودلالاتٍ للـمتفرِّسينَ الـمعتبرينَ بعلاماتِ الله. (الطبري).

77- ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾.
لمن آمنَ بـاللهِ على انتقامهِ مِن أهلِ الكفرِ به... (الطبري).

78- ﴿ وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ ﴾.
لكافرين. وهم قومُ شعيبٍ عليه السلام. (النسفي).

79- ﴿ فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ ﴾.
﴿ فَٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ ﴾ بالإِهلاك. (البيضاوي).

81- ﴿ وَآَتَيْنَاهُمْ آَيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ ﴾.
فكانوا عن آياتِنا التي آتـيناهم مُعرضين، لا يعتبرونَ بها ولا يتَّعظون. (الطبري).

83- ﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ ﴾.
يعني صيحةَ العذاب. (البغوي).

89- ﴿ وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ ﴾.
﴿ النَّذِيرُ الْمُبِينُ ﴾: البيِّنُ النذارة، نذيرٌ للناسِ مِن عذابٍ أليمٍ أنْ يحلَّ بهم على تكذيبه، كما حلَّ بمن تقدَّمَهم مِن الأممِ المكذِّبةِ لرسلِها، وما أنزلَ اللهُ عليهم مِن العذابِ والانتقام. (ابن كثير).

99- ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾.
دمْ على ما أنت عليه من عبادتهِ سبحانه. (روح المعاني).

سورة النحل
2- ﴿ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ ﴾.
﴿ أَنْ أَنْذِرُوا ﴾ قالَ الزجّاج: والمعنى: أَنذِروا أهلَ الكفرِ والمعاصي ﴿ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ ﴾ أي: مُروهم بتوحيدي. وقال غيره: أَنذروا بأنه لا إِله إِلا أنا، أي: مروهم بالتوحيدِ مع تخويفهم إِنْ لم يُقِرُّوا. (زاد المسير).

3- ﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾.
علا ربُّكم أيها القومُ عن شركِكُم ودعواكم إلهاً دونه، فارتفعَ عن أن يكونَ له مِثْلٌ أو شريكٌ أو ظهير؛ لأنه لا يكونُ إلهاً إلا من يخلقُ ويُنشىءُ بقدرتهِ مثلَ السماواتِ والأرض، ويبتدعُ الأجسامَ فيُحدِثُها من غيرِ شيء، وليس ذلك في قُدرةِ أحدٍ سوى الله الواحدِ القهَّار، الذي لا تنبغي العبـادةُ إلا له، ولا تصلحُ الألوهةُ لشيءٍ سواه. (الطبري).

10- ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ ﴾.
لما ذكرَ تعالى ما أنعمَ به عليهم من الأنعامِ والدوابّ، شرعَ في ذكرِ نعمتهِ عليهم في إنزالِ المطرِ من السماء، وهو العلوّ، مما لهم فيه بُلغةٌ ومتاعٌ لهم ولأنعامهم، فقال: ﴿ لَّكُم مَّنْهُ شَرَابٌ ﴾ أي: جعلهُ عذباً زُلالاً يسوغُ لكم شرابه، ولم يجعلهُ مِلحاً أُجاجاً. (ابن كثير).

12- ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾.
ذكرَ العقلَ لأن الآثارَ العلويةَ أظهرُ دلالةً على القدرةِ الباهرة، وأبينُ شهادةً للكبرياءِ والعظمة. (النسفي).

13- ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ ﴾.
إن اختلافها في الطباعِ والهيئاتِ والمناظرِ ليس إلا بصنعِ صانعٍ حكيم. (البيضاوي).

14- ﴿ وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾.
أي: تعرفون نعمَ الله تعالى فتقومون بحقِّها. (البيضاوي).

17- ﴿ أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾.
أفلا تذكَّرون نِعمَ اللهِ عليكم، وعظيمَ سُلطانهِ وقُدرتهِ على ما شاء، وعجزَ أوثانِكم وضعفَها ومهانتَها، وأنها لا تجلبُ إلى نفسِها نفعًا، ولا تدفعُ عنها ضرًّا، فتعرفوا بذلك خطأَ ما أنتم عليه مقـيمونَ من عبـادتكموها، وإقراركم لها بـالألوهة؟ (الطبري).

20- ﴿ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ ﴾.
وهذه الأصنامُ التي يتَّخذُها المشركونَ آلهة، لا يقدرونَ على خَلقِ شيء، بل هم مخلوقونَ ويُصنَعون، ولا يشعرون بعبادةِ المشركينَ لهم. (الواضح).

24- ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾.
ذكرَ في تفسيرِ الآيةِ (25) من سورةِ الأنعام، أن معناه: أخبارُ الأولين وقصصُهم وأحاديثُهم التي تسطَّرُ وتُحكَى ولا تحقَّقُ كالتواريخ.

26- ﴿ قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ ﴾.
﴿ قَدْ مَكَرَ ﴾ المكر: صرفُ الغيرِ عمّا يقصدهُ بحيلة، وهو هاهنا على ما قيل: مجازٌ عن مباشرةِ أسبابه، وترتيبِ مقدِّماته؛ لأن ما بعدُ يدلُّ على أنه لم يحصلِ الصرف. (روح المعاني).
﴿ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ ﴾: وأتَى هؤلاء الذين مكروا من قَبْلِ مشركي قريش، عذابُ الله، من حيثُ لا يدرون أنه أتاهم منه. (الطبري).

27- ﴿ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾.
أي: الفضيحةُ والعذابُ محيطٌ اليومَ بمن كفرَ بالله، وأشركَ به ما لا يضرُّهُ وما لا ينفعه. (ابن كثير).
يتبع

ابوالوليد المسلم 12-11-2020 10:38 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 

28- ﴿ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾.

تفسيرُ الآية: هؤلاءِ الذينَ تأتي إليهمُ الملائكةُ المكلَّفةُ بقبضِ الأرواح، وهم في ساعةِ الاحتضار، وقد ظلَموا أنفسَهم بكفرِهم وعصيانِهم، يستَسلِمونَ لهم ويُظهِرونَ السَّمعَ والطَّاعة، ويقولونَ وهم في موقفِ ذُلٍّ وإهانة: ما كُنّا نعملُ عملاً سيِّئاً، ولا ارتكبنا خطأ! بلَى أيُّها المشركون، إنَّ اللهَ عليمٌ بما كسبتُم من سوءٍ وضلالٍ وفجور، وسيُجازيكُم على كلِّ ذلك. (الواضح).

30- ﴿ وَلَدَارُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ﴾.
ولنعمَ دارُ الذين خافوا اللهَ في الدنيا - فاتَّقَوا عقابَهُ بأداءِ فرائضهِ وتجنُّبِ معاصيه - دارُ الآخرة. (الطبري).

31- ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ ﴾.
لهم جنَّاتٌ مُعَدَّةٌ لإقامةٍ دائمة، يدخلونَها ويسكنونَ فيها فرحينَ مبتهجين، تزيِّنُها الأنهارُ جاريةً بين قصورِها وأشجارِها، ولهم فيها ما يشاؤونَ من أنواعِ المطعوماتِ والمشاربِ والثِّمارِ اللَّذيذة. وبمثلِ ذلكَ الثَّوابِ الكبيرِ يجزي اللهُ به عبادَهُ المؤمنينَ الصَّالحين. (الواضح).

37- ﴿ إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ﴾.
أي: مانعين من العذاب. (البغوي).

38- ﴿ وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾.
أي: فلِجَهلِهم يخالفون الرسل، ويقعون في الكفر. (ابن كثير).

39- ﴿ لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ ﴾.
﴿ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ﴾ أي: للناس، ﴿ ٱلَّذِى يَخْتَلِفُونَ فِيهِ ﴾ أي: من كلِّ شيء، ﴿ لِيَجْزِىَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيِجْزِى ٱلَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِٱلْحُسْنَى ﴾ [سورة النجم: 31]، ﴿ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ ﴾ أي: في أَيمانِهم وأقسامِهم: لا يبعثُ اللهُ مَن يموت؛ ولهذا يُدعَون يومَ القيامةِ إلى نارِ جهنَّمَ دعًّا، وتقولُ لهم الزبانية: ﴿ هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ * أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ * اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [سورة الطور: 14 - 16]. (ابن كثير).

41- ﴿ وَلَأَجْرُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾.
الضميرُ للكفّار، أي: لو علموا أن الله يجمعُ لهؤلاء المهاجرين خيرَ الدارَين لوافقوهم، أو للمهاجرين، أي: لو علموا ذلك لزادوا في اجتهادهم وصبرهم. (البيضاوي).

43- ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾.
يقولُ لمشركي قريش: وإنْ كنتم لا تعلمون أن الذين كنا نرسلُ إلى مَن قبلكم من الأممِ رجالٌ من بني آدم، مثلُ محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقلتم هم ملائكة، أي ظننتم أن الله كلَّمهم قبلاً، ﴿ فـاسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ ﴾... (الطبري).

44- ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾.
ولـيتذكَّروا فـيه، ويعتبروا به، أي: بما أنزلنا إلـيك. (الطبري).

45- ﴿ أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ ﴾.
بغتةً، من جانبِ السماء، كما فعلَ بقومِ لوط. (البيضاوي).

46- ﴿ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ ﴾.
أي: لا يُعجزون الله على أيِّ حالٍ كانوا عليه. (ابن كثير).

49- ﴿ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ﴾.
أي: غيرَ مستكبرينَ عن عبادته. (ابن كثير).

51- ﴿ وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ﴾.
فإيّايَ فاتَّقوا، وخافوا عقابي بمعصيتِكم إيَّايَ إنْ عصيتُموني وعبدتُم غيري، أو أشركتُم في عبـادتِكم لي شريكًا. (الطبري).

52- ﴿ وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ ﴾.
أي: تخافون، استفهامٌ على طريقِ الإِنكار. (البغوي).

55- ﴿ لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾.
﴿ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ عاقبةَ أمركم. هذا وعيدٌ لهم. (البغوي).

57- ﴿ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ ﴾.
﴿ سُبْحَانَهُ ﴾ أي: عن قولهم وإفكهم ﴿ أَلاَ إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ ٱللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَـٰذِبُونَ * أَصْطَفَى ٱلْبَنَاتِ عَلَىٰ ٱلْبَنِينَ * مَالَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾ [سورة الصافات:151-154]. وقوله: ﴿ وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ ﴾ أي: يختارون لأنفسهم الذكور، ويأنفون لأنفسهم من البناتِ التي نسبوها إلى الله. تعالى الله عن قولهم علوًّا كبيرًا. (ابن كثير).

60- ﴿ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾.
﴿ الْعَزِيزُ ﴾: المنفردُ بكمالِ القدرةِ على كلِّ شيء، ومِن ذلكَ مؤاخذتُهم بقبائحِهم. وقيل: هو الذي لا يوجدُ له نظير. ﴿ الْحَكِيمُ ﴾: الذي يفعلُ كلَّ ما يفعلُ بمقتضَى الحكمةِ البالغة. (روح المعاني).

61- ﴿ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴾.
﴿ ولَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ ﴾ يقول: ولكنْ بحِلمهِ يؤخِّرُ هؤلاء الظلَمةَ فلا يُعاجلُهم بالعقوبة، ﴿ إِلَى أجَلٍ مُسَمًّى ﴾ يقول: إلى وقتهم الذي وُقِّت لهم. ﴿ فإذَا جاءَ أجَلُهُمْ ﴾ يقول: فإذا جاءَ الوقتُ الذي وُقِّت لهلاكِهم، لا يَستأخِرونَ عن الهلاكِ ساعةً فـيُمهَلون، ولا يَستَقدِمونَ له، حتَّى يَستوفُوا آجالَهم. (الطبري).

63- ﴿ تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾.
واللهِ لقد أرسَلنا إلى الأممِ السابقةِ رُسلاً مِن قَبلِك، كما أرسَلناكَ إلى قومِكَ أيُّها النبيّ، فأغواهمُ الشَّيطانُ وزيَّنَ لهم سوءَ معتقدِهم وانحرافَ سلوكِهم، فهو مُلهِمُهم ومُشَجِّعُهم كما يَظهَرُ من أقوالِهم وأعمالِهم، ولهم في الآخرةِ عذابٌ شديدٌ على طاعتِهم له، دونَ طاعةِ رسُلِهم.
(الواضح).

64- ﴿ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾.
﴿ وَهُدًى ﴾: بياناً من الضلالة، يعني بذلك الكتاب، ﴿ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ به، فـيصدِّقون بما فيه، ويُقِرُّون بما تضمَّنَ مِن أمرِ اللهِ ونهيه، ويعملونَ به. (الطبري).

65- ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ﴾.
إن في إحيائنا الأرضَ بعد موتها بما أنزلنا من السماءِ من ماء، لدليلاً واضحاً وحجَّةً قاطعة. عذرَ مَن فكَّرَ فـيه. (الطبري).

67- ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾.
ناسبَ ذكرُ العقلِ هاهنا، فإنه أشرفُ ما في الإنسان؛ ولهذا حرَّمَ اللهُ على هذه الأمَّةِ الأشربةَ المسكرةَ صيانةً لعقولِها. (ابن كثير).

69- ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾.
أي: إنَّ في إلهامِ اللهِ لهذه الدوابِّ الضعيفةِ الخِلقة، إلى السلوكِ في هذه المهامه، والاجتناءِ مِن سائرِ الثمار، ثم جمعِها للشمعِ والعسل، وهو مِن أطيبِ الأشياء، ﴿ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ في عظمةِ خالقِها ومقدِّرِها ومسخِّرِها وميسِّرِها، فيستدلُّون بذلكَ على أنه القادر، الحكيمُ العليم، الكريمُ الرحيم. (ابن كثير).

72- ﴿ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ ﴾.
﴿ أَفَبِٱلْبَـٰطِلِ يُؤْمِنُونَ ﴾ وهم الأندادُ والأصنام، ﴿ وَبِنِعْمَتِ ٱللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ ﴾ أي: يسترون نعمَ الله عليهم، ويضيفونها إلى غيره. (ابن كثير).

74- ﴿ فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾.
أي: إنه يعلمُ ويشهدُ أنه لا إله إلا هو، وأنتم بجهلكم تشركون به غيره. (ابن كثير).

76- ﴿ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾.
يعني: هل يستوي هذا الأبكمُ الكَلُّ علـى مولاهُ الذي لا يأتي بخيرٍ حيثُ توجَّه، ومَن هو ناطقٌ متكلِّم يأمرُ بالحقِّ ويدعو إليه، وهو الله الواحدُ القهّار، الذي يدعو عبـادَهُ إلى توحيدهِ وطاعته؟ يقول: لا يستوي هو تعالَى ذكره، والصنـمُ الذي صفتهُ ما وُصِف.
وقوله: ﴿ وَهُوَ علـى صِراطٍ مُسْتَقِـيـمٍ ﴾ يقول: وهو مع أمرهِ بالعدل، على طريقٍ من الحقِّ في دعائهِ إلى العدلِ وأمرهُ به مستقـيـم، لا يَعْوَجُّ عن الحقِّ ولا يزولُ عنه. (الطبري).

79- ﴿ أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾.
ألا يَنظرُ الناسُ إلى هذهِ الطيورِ المذلَّلات، التي تَطيرُ في الجوّ، كيفَ أنَّ اللهَ أودعَ فيها القدرةَ على الطَّيران، وجعلَ في الجوِّ الهواءَ ليتلاءَمَ مع حركةِ طيرانِها، ولا يَقدِرُ على إبقائهنَّ في السَّماءِ هكذا إلاّ اللهُ تعالَى، خالقُ الطَّيرِ وطيرانِها. وفي ذلكَ دلالةٌ على قدرةِ اللهِ العظيم، لمن يؤمنُ به ويعظِّمُه، وينتفعُ بكلامهِ ويعقِلُه. (الواضح).

82- ﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾.
فإن أدبرَ هؤلاء المشركون يا محمدُ عما أرسلتُكَ به إليهم من الحقّ، فلم يستجيبوا لك، وأعرضوا عنه، فما عليكَ من لومٍ ولا عذل؛ لأنك قد أدَّيتَ ما عليك في ذلك، إنه ليسَ عليكَ إلاّ بلاغُهم ما أُرسِلتَ به. ويعني بقوله ﴿ الْمُبِينُ ﴾: الذي يَبِينُ لمن سمعَهُ حتى يفهمه. (الطبري).

87- ﴿ وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴾.
﴿ وَضَلَّ عَنْهُم ﴾: وضاعَ عنهم وبطلَ ﴿ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ﴾ من أن آلهتَهم يَنصرونَهم ويشفعون لهم حين كذَّبوهم وتبرَّؤوا منهم. (البيضاوي).

89- ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾.
﴿ وَهُدىً ﴾ من الضلالة، ﴿ وَرَحْمَةً ﴾ لمنْ صدَّق به، وعملَ بما فـيه، من حدودِ اللهِ وأمرهِ ونهيه، فأحلَّ حلالَه، وحرَّمَ حرامه. وبشارةً لمنْ أطاعَ اللهَ وخضعَ له بـالتوحيد، وأذعنَ له بـالطاعة، يبشِّرهُ بجزيـلِ ثوابهِ فـي الآخرة، وعظيمِ كرامته. (الطبري).

90- ﴿ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾.
﴿ يَعِظُكُمْ ﴾ أي: ينبِّهكم بما يأمرُ وينهَى سبحانهُ أحسنَ تنبيه، ﴿ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾: طلباً لأنْ تتعظوا بذلك وتنتبهوا. (روح المعاني، باختصار).

92- ﴿ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾.
وفي يومِ القيامةِ يَفصِلُ اللهُ بينَ النَّاسِ فيما كانوا يَختلفونَ فيهِ في الدُّنيا، ويُبيِّنُ لهم الحقَّ في ذلك، ويُجازي كُلاًّ بما يَستحقّ. (الواضح في التفسير).
وقالَ الطبري: والذي كانوا فـيه يختلفونَ في الدنـيا، أنَّ المؤمنَ بـالله كان يقرُّ بوحدانـيةِ اللهِ ونبوَّةِ نبـيِّه، ويصدِّقُ بما ابتعثَ به أنبـياءَه، وكان يكذِّب بذلك كلِّهِ الكافرُ، فذلكَ كان اختلافهم في الدنـيا، الذي وعدَ اللهُ تعالـَى ذكرهُ عبـادَهُ أنْ يبـيِّنَهُ لهم عندَ ورودِهم علـيه...

95- ﴿ وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾.
قال البغوي: ﴿ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ فضلَ ما بين العوَضَين.
وقال صاحبُ (روحِ المعاني): أي: إنْ كنتُم من أهلِ العلمِ والتمييز.

97- ﴿ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾.
وأنْ يجزيَهُ بأحسنِ ما عملَهُ في الدارِ الآخرة. (ابن كثير).

99- ﴿ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾.
وعلى ربِّهم يتوكَّلونَ فـيـما نابَهم مِن مهمَّات أمورِهم. (الطبري).

102- ﴿ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾.
تثبيتاً للمؤمنـين وتقويةً لإيمانهم، ليزدادوا بتصديقهم لناسخهِ ومنسوخهِ إيماناً لإيمانهم، وهدًى لهم مِن الضلالة، وبُشرَى للمسلـمينَ الذين استسلـموا لأمرِ اللهِ وانقادوا لأمرهِ ونهيه، وما أنزلَهُ في آي كتابه، فأقرُّوا بكلِّ ذلكَ وصدَّقوا به قولاً وعملاً. (الطبري).

103- ﴿ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ﴾.
ذو بيانٍ وفصاحة. (البيضاوي).

104- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ لَا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾.
﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ في الآخرةِ على كفرهم. (النسفي).

106- ﴿ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾.
الكافرُ الصَّريحُ هو مَن فتحَ صدرَهُ للكفر، وقَبِلَهُ طواعيةً واختيارًا، فهؤلاءِ عليهم غضبٌ عظيمٌ وسُخْطٌ منَ الله، ولهم عذابٌ كبيرٌ يومَ القيامة، لعِظَمِ جُرمِهم. (الواضح).

111- ﴿ وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾.
وهم لا يُفعَلُ بهم إلا ما يستحقونه ويستوجبونهُ بما قدَّموهُ من خيرٍ أو شرّ، فلا يُجزَى المحسنُ إلا بالإحسان، ولا المسيءُ إلا بالذي أسلفَ من الإساءة، لا يعاقَبُ محسن، ولا يُبخَسُ جزاءَ إحسانه، ولا يُثابُ مسيءٌ إلا ثوابَ عمله. (الطبري).

112- ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾.
﴿ رَغَدًا ﴾: ذكرَ معناها في الآيةِ (35) من سورةِ البقرةِ بقوله: الرغد: العيشُ الدارُّ الهنيُّ الذي لا عناءَ فيه.
﴿ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾: أي: لا ينقصُ من ثوابِ الخير، ولا يزدادُ على ثوابِ الشرّ، ولا يُظلَمونَ نقيرًا. (ابن كثير).

113- ﴿ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ﴾.
وهم مشركون. وذلكَ أنه قُتِلَ عظماؤهم يومَ بدرٍ بالسيفِ على الشرك. (الطبري).

117- ﴿ مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾.
ثم إلينا مرجعُهم ومَعادُهم، ولهم على كذبهم وافترائهم على الله بما كانوا يفترون، عذابٌ عند مصيرهم إلـيه أليم. (الطبري).

121- ﴿ شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾.
﴿ شَاكِراً لأَنْعُمِهِ ﴾ أي: قائماً بشكرِ نعمِ الله عليه، كقوله تعالى: ﴿ وَإِبْرَٰهِيمَ ٱلَّذِى وَفَّىٰ
[سورة النجم: 37] أي: قامَ بجميعِ ما أمرَهُ الله تعالى به.

وقوله: ﴿ ٱجْتَبَـٰهُ ﴾ أي: اختارَهُ واصطفاه، كقوله: ﴿ وَلَقَدْ ءَاتَيْنَآ إِبْرَٰهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَـٰلِمِينَ ﴾ [سورة الأنبياء: 51]. ثم قال: ﴿ وَهَدَاهُ إِلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ وهو عبادةُ الله وحدَهُ لا شريكَ له على شرعٍ مرضيّ. (ابن كثير).

123- ﴿ ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾.
مسلمًا، على الدينِ الذي كان عليه إبراهيم، بريئًا من الأوثانِ والأندادِ التي يعبدُها قومُك، كما كان إبراهيمُ تبرَّأ منها. (الطبري).

124- ﴿ إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴾.
إنَّ ربَّكَ يا محمدُ لَيحكمُ بين هؤلاءِ المختلفينَ بينهم، في استحلالِ السبتِ وتحريمه، عندَ مصيرهم إليه يومَ القيامة، فيقضي بينهم في ذلكَ وفي غيره، ممَّا كانوا فيه يختلفونَ في الدنيا بالحقّ، ويفصلُ بالعدلِ بمجازاةِ المصيبِ فيه جزاءه، والمخطئِ فيه منهم ما هو أهله. (الطبري).


127- ﴿ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ﴾.
﴿ وَلاَ تَكُ فِى ضَيْقٍ ﴾ أي: غمّ، ﴿ مِّمَّا يَمْكُرُونَ ﴾ أي: مما يُجهدون أنفسَهم في عداوتِكَ وإيصالِ الشرِّ إليك، فإن الله كافيكَ وناصرُكَ ومؤيدُكَ ومظهرُكَ ومظفرُكَ بهم. (ابن كثير).





ابوالوليد المسلم 12-11-2020 10:40 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 
الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (16)






أ. محمد خير رمضان يوسف



(سورة الإسراء، سورة الكهف)



الجزء الخامس عشر

سورة الإسراء

2- ﴿ وَآَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا ﴾.
وجعلنا الكتابَ - الذي هو التوراةُ - بيانًا للحقّ، ودليلاً لهم على محجَّةِ الصوابِ فيما افترضَ علـيهم، وأمرَهم به، ونهاهم عنه. (الطبري).

5- ﴿ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا ﴾.
قضاءً كائنًا لا خُلفَ فيه. (تفسير البغوي).

7- ﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ ﴾.
أي: يُهينوكم ويَقهروكم. (ابن كثير).

12- ﴿ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ ﴾.
أي: علامتين دالَّتَين على وجودنا ووحدانيتنا وقدرتنا. (البغوي).

14- ﴿ اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ﴾.
حسبُكَ اليومَ نفسكَ عليكَ حاسباً يحسبُ عليكَ أعمالك، فيُحصيها عليك، لا نبتغي علـيك شاهداً غيرها، ولا نطلبُ علـيكَ مُحصياً سواها. (الطبري).

15- ﴿ مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ﴾.
منِ اهتدَى إلى الحقِّ وعملَ بهِ فإنَّ عاقبةَ هدايتهِ تعودُ عليهِ بالحُسنَى، وتكلِّلهُ السَّعادَةُ يومَ القيامة، ومَن ضلَّ عن الحقِّ فإنَّ عاقبةَ ضلالهِ تعودُ عليه، ويُخزَى يومَ القيامةِ ويُجازَى بشرِّ ما عَمِل. (الواضح).

17- ﴿ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا ﴾.
وحسبُكَ يا محمَّدُ باللهِ خابرًا بذنوبِ خلقه، فإنه لا يخفَى عليه شيءٌ مِن أفعالِ مشركي قومِك، ولا أفعالِ غيرهم مِن خـلقه، يُبصِرُ ذلكَ كلَّه، فلا يغيبُ عنه منه شيء، ولا يعزبُ عنه مثقالُ ذرَّةٍ في الأرضِ ولا في السماء، ولا أصغرُ مِن ذلكَ ولا أكبر. (الطبري).

18- ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا ﴾.
يدخلُها ممقوتًا. (النسفي).

21- ﴿ وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا ﴾.
وفريقُ مُريدِ الآخرةِ أكبرُ في الدارِ الآخرةِ درجاتُ بعضِهم على بعض، لتفاوتِ منازلِهم بأعمالِهم في الجنة، وأكبرُ تفضيلاً بتفضيـلِ اللهِ بعضَهم على بعضٍ مِن هؤلاءِ الفريقِ الآخرينَ في الدنـيا، فـيما بسطنا لهم فـيها. (الطبري).

26- ﴿ وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا ﴾.
قالَ في تعريفهما في الآيةِ (41) مِن سورةِ الأنفال:
المساكين: الذين لا شيءَ لهم. وهو مأخوذٌ من السكونِ وقلَّةِ الحِراك.
ابنُ السبيل: الرجلُ المجتازُ الذي قد احتاجَ في سفر، وسواءٌ كان غنيّاً في بلده، أو فقيراً، فإنه ابن السبيل...

29- ﴿ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ﴾.
فتصيرَ ملوماً عند الله وعند الناسِ بالإِسرافِ وسوءِ التدبير. (البيضاوي).
الملوم: الذي أتَى بما يلومُ نفسه، أو يلومهُ غيره. (البغوي).

30- ﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ﴾.
إن ربكَ يا محمدُ يبسطُ رزقَهُ لمن يشاءُ من عبـاده، فـيوسِّعُ علـيه.. (الطبري).

31- ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ﴾.
وذلك أن أهلَ الجاهليةِ كانوا يئدون بناتهم خشيةَ الفاقة، فنهوا عنه، وأُخبِروا أن رزقَهم ورزقَ أولادهم على الله تعالى. (البغوي).

33- ﴿ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا ﴾.
بغيرِ حقٍّ يوجبُ قتلَهُ أو يُبيحهُ للقاتل. (روح المعاني).

35- ﴿ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾.
﴿ ٱلْمُسْتَقِيمِ ﴾ أي: الذي لا اعوجاجَ فيه، ولا انحرافَ ولا اضطراب، ﴿ ذٰلِكَ خَيْرٌ ﴾ أي: لكم في معاشِكم ومعادِكم. (ابن كثير).

38- ﴿ كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا ﴾.
كلُّ هذا الذي ذكرنا لكَ من الأمورِ التي عددناها عليكَ كان سيِّئهُ مكروهاً عند ربِّكَ يا محمد، يكرههُ وينهَى عنه ولا يرضاه، فـاتَّقِ مواقعتَهُ والعملَ به. (الطبري).

39- ﴿ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا ﴾.
ولا تجعلْ مع اللهِ شريكًا في عبادتِكَ فتُلقَى في جهنَّمَ ﴿ مَلُومًا ﴾ تلومُكَ نفسُكَ وعارفوك من الناس. (الطبري).


43- ﴿ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا ﴾.
﴿ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ ﴾ أي: هؤلاءِ المشركون المعتدون الظالمون في زعمِهم أنَّ معه آلهةً أخرى. ﴿ عُلُوًّا كَبِيرًا ﴾ أي: تعاليًا كبيرًا، بل هو اللهُ الأحدُ الصمد، الذي لم يلدْ ولم يولَد، ولم يكنْ له كُفُوًا أحد. (ابن كثير).

47- ﴿ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى ﴾.
﴿ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ ﴾ وأنتَ تقرأ القرآنَ ﴿ وَإِذْ هُمْ نَجْوَىٰ ﴾: يتناجون في أمرِكَ. وقيل: ذوو نجوى، فبعضهم يقول: هذا مجنون، وبعضهم يقول: كاهن، وبعضهم يقول: ساحر، وبعضهم يقول: شاعر. (البغوي).

54- ﴿ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ ﴾.
بأنْ يخذلَكم عن الإيمان، فتـموتوا علـى شركِكم، فـيعذِّبكم يومَ القـيامةِ بكفركم به. (الطبري).

55- ﴿ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾.
وربُّكَ يا محمدُ أعلم بمن في السماواتِ والأرضِ وما يُصلحهم، فإنه هو خالقُهم ورازقُهم ومدبِّرهم، وهو أعلمُ بمن هو أهلٌ للتوبةِ والرحمة، ومن هو أهلٌ للعذاب، أهدي للحقِّ من سبقَ له مني الرحمةُ والسعادة، وأُضلُّ من سبقَ له مني الشقاءُ والـخذلان. (الطبري).

57- ﴿ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ﴾.
لا تتمُّ العبادةُ إلا بالخوفِ والرجاء، فبالخوفِ ينكفُّ عن المناهي، وبالرجاءِ يكثرُ من الطاعات.
وقولهُ تعالى: ﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ﴾ أي: ينبغي أن يُحذَرَ منه، ويُخافَ من وقوعهِ وحصوله، عياذاً بالله منه. (ابن كثير).

61- ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ ﴾.
واذكُرْ إذ قُلنا للملائكةِ اسجُدوا لآدمَ سجدةَ تكريمٍ لا سجدةَ عبادة، بعدَ أنْ سوَّينا خَلقَهُ ونفخنا فيه مِن روحِنا. (الواضح).

63- ﴿ قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا ﴾.
فمن تبعكَ منهم، يعني من ذرِّية آدمَ عليه السلام، فأطاعك، فإن جهنمَ جزاؤك وجزاؤهم، يقول: ثوابُكَ على دعائكَ إياهم على معصيتي، وثوابُهم على اتِّباعِهم إياكَ وخلافُهم أمري. (الطبري).

66- ﴿ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾.
أي: إنما فعلَ هذا بكم مِن فضلهِ عليكم، ورحمتهِ بكم. (ابن كثير).

68- ﴿ أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا ﴾.
أي: ناصراً يردُّ ذلك عنكم وينقذُكم منه. (ابن كثير).

69- ﴿ أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى ﴾.
أم أمنتُم أيها القومُ من ربِّكم - وقد كفرتُم به بعد إنعامهِ عليكم النعمةَ التي قد علمتُم - أن يعيدَكم في البحر... (الطبري).

73- ﴿ وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا ﴾.
أي: وَالَوْكَ وصافَوْكَ. (البغوي).

74- ﴿ وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ﴾.
أي: لولا تثبيتُنا إياكَ على ما أنت عليه من الحقِّ بعصمتِنا لك. (روح المعاني).

75- ﴿ إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا ﴾.
أي: ناصراً يمنعُكَ من عذابِنا. (البغوي).
وقد عصمَ اللهُ رسولَهُ الكريمَ منْ فتنةِ المشركينَ والركونِ إليهم. وهذا درسٌ كبيرٌ للمُسلمينَ بعدمِ التنازلِ لهم عن شيءٍ من أحكامِ دينِهم للكافرين، فهو نظامٌ متكاملٌ لا يَصلُحُ التَّفريطُ بجزءٍ منه. وفرقٌ بينَ العزَّةِ بالإسلامِ والفخرِ به، وبينَ التَّنازلِ عنهُ أو عن بعضِه. (الواضح في التفسير).

77- ﴿ سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا ﴾.
ولا تجدُ لطريقتِنا تبديلاً أو تغييرًا. (الواضح في التفسير).

81- ﴿ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ﴾.
﴿ إِنَّ ٱلْبَـٰطِلَ ﴾ كائناً ما كان، ﴿ كَانَ زَهُوقًا ﴾: مضمحلًّا، غيرَ ثابت، الآنَ أو فيما بعد، أو مطلقاً؛ لكونهِ كأنْ لم يكن. (روح المعاني).

82- ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ﴾.
ويبصرُ به من العمَى للمؤمنين، ورحمةٌ لهم دون الكافرين به، لأن المؤمنـين يعملون بما فـيه من فرائضِ الله، ويحلُّون حلاله، ويحرِّمون حرامه، فيُدخلهم بذلك الجنة، ويُنـجيهم من عذابه، فهو لهم رحمةٌ ونعمةٌ من الله، أنعمَ بها علـيهم، ﴿ وَلا يَزِيدُ الظَّالِـمِينَ إلاَّ خَساراً ﴾ يقول: ولا يزيدُ هذا الذي ننزِّلُ علـيكَ من القرآنِ الكافرين به ﴿ إِلَّا خَسَارًا ﴾. (الطبري).

84- ﴿ قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا ﴾.
﴿ فَرَبُّكُمْ ﴾ الذي برَأكم متخالفين ﴿ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَىٰ سَبِيلاً ﴾: أسدُّ طريقاً وأبينُ منهاجاً. (روح المعاني).

91- ﴿ أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا ﴾.
تشقيقاً. (البغوي).
يتبع

ابوالوليد المسلم 12-11-2020 10:40 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 


99- ﴿ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا ﴾.
﴿ فَأَبَىٰ ٱلظَّـٰلِمُونَ ﴾ أي: بعد قيامِ الحجَّةِ عليهم ﴿ إِلاَّ كُفُورًا ﴾: إلا تمادياً في باطلهم وضلالهم. (ابن كثير).

105- ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ﴾.
وما أرسلناكَ يا محمدُ إلى من أرسلناكَ إليه من عبادنا، إلّا مبشِّرًا بالجنَّة مَن أطاعنا، فـانتهَى إلى أمرنا ونَهْينا، ومنذراً لمن عصانا وخالفَ أمرَنا ونهيَنا. (الطبري).

106- ﴿وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا﴾.
أي: وأنزلناهُ شيئًا بعدَ شيء. (الطبري، ابن كثير).

سورة الكهف
2- ﴿ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا ﴾.
ويبشِّرَ به المؤمنينَ الصَّادقين، الذين أتْبَعوا إيمانَهم بالعملِ الصَّالح... (الواضح).

3- ﴿ مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا ﴾.
﴿ مَّاكِثِينَ فِيهِ ﴾: في ثوابهم عند الله، وهو الجنة، خالدين فيه ﴿ أَبَدًا ﴾: دائماً، لا زوالَ له ولا انقضاء. (ابن كثير).

5- ﴿ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا ﴾.
كذبـاً وفريةً افترَوها علـى الله. (الطبري).

9- ﴿ أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آَيَاتِنَا عَجَبًا ﴾.
أي: هم عجبٌ من آياتنا؟ (البغوي).

13- ﴿ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ﴾.
اعترفوا له بالوحدانية، وشهدوا أنه لا إله إلا هو. (ابن كثير).

14- ﴿ وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾.
ربُّنا مَلِكُ السماواتِ والأرضِ وما فيهما من شيء، وآلهتُكَ مربوبة، وغيرُ جائزٍ لنا أن نتركَ عبـادةَ الربِّ ونعبدَ المربوب. (الطبري).

15- ﴿ هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾.
﴿ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً ﴾: اتخذوا من دونِ الله آلهةً يعبدونها من دونه.
﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴾: ومَن أشدُّ اعتداءً وإشراكًا بـاللهِ ممَّن اختلقَ فتخرَّصَ علـى اللهِ كذبًا، وأشركَ مع اللهِ في سلطانهِ شريكًا يعبدهُ دونه، ويتَّـخذهُ إلهًا؟ (الطبري).

17- ﴿ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا ﴾.
وهذا مِن هدايةِ اللهِ لهؤلاءِ الشَّبابِ المؤمن، حيثُ أرشدَهم إلى ذلكَ الكهفِ المناسبِ لإيوائهم، ومَن هداهُ اللهُ فهو المهتَدي حقًّا، ومَن يُضلِلْهُ فلن تجدَ مَن يُرشدُهُ إلى الهُدَى ويُخلِّصُهُ منَ الضَّلال. (الواضح).

18- ﴿ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا ﴾.
أي: لأعرضتَ بوجهِكَ عنهم وأوليتَهم كشحَك. (روح المعاني).

19- ﴿ وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا ﴾.
تفسيرُ الآية: وكما أنَمناهم في الكهفِ وحفِظناهم فيه، كذلكَ أيقظناهُم مِن نومِهم، ليَسألَ بعضُهم بعضًا، فقالَ واحد منهم: كم رقدتُم؟ قالوا: رقدنا يومًا، أو قسمًا منه. فلمَّا نظروا إلى شعورِهم وأظفارِهم استَدرَكوا قائلين: اللهُ أعلَمُ بمقدارِ نومِكم، فابعَثوا واحدًا منكم بدراهمِكم الفضِّيَّةِ هذه إلى المدينة، فلْيَنظُرْ أيُّها أحلُّ وأطيَبُ طعامًا، فليَأتِكم بقُوتٍ منه، ولْيَترفَّقْ في ذهابهِ وإيابهِ وشرائه، وليَكنْ في سترٍ وكِتمان، حتَّى لا يَشعُرَ بكم أحدٌ ولا يَعرِفوا مكانَكم. (الواضح).

20- ﴿ إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا ﴾.
أو يردُّوكم في دينهم، فتصيروا كفّارًا بعبادةِ الأوثان، ﴿ وَلَنْ تُفْلِـحُوا إذًا أبَداً ﴾ يقول: ولن تُدركوا الفلاح، وهو البقاءُ الدائمُ والخـلودُ في الجنان، ﴿ إِذًا ﴾: أي إنْ أنتم عُدتُم في ملَّتِهم، ﴿ أَبَدًا ﴾: أيامَ حياتِكم. (الطبري).

21- ﴿ رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ﴾.
ربُّ الفتـيةِ أعلمُ بـالفتـيةِ وشأنِهم. (الطبري).

22- ﴿ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا ﴾.
أي: فإنهم لا علمَ لهم بذلك إلا ما يقولونهُ من تلقاءِ أنفسهم رجماً بالغيب، أي: من غيرِ استنادٍ إلى كلامٍ معصوم، وقد جاءكَ اللهُ يا محمدُ بالحقِّ الذي لا شكَّ فيه، ولا مريةَ فيه، فهو المقدَّمُ، الحاكمُ على كلِّ ما تقدَّمَهُ من الكتبِ والأقوال. (ابن كثير).

26- ﴿ لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾.
له ما غابَ فيهما وخفيَ من أحوالِ أهلِهما، فلا خلقَ يخفَى عليه علماً. (البيضاوي).

28- ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾.
﴿ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ﴾: أي: يريدون الله، لا يريدون به عَرَضاً من الدنيا.
﴿ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾: أي: طلبَ مجالسةِ الأغنياءِ والأشرافِ وصحبةِ أهلِ الدنيا. (البغوي).

29- ﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا﴾.
﴿ إِنَّا أَعْتَدْنَا ﴾ أي: أرصدنا، ﴿ لِلظَّـٰلِمِينَ ﴾: وهم الكافرون بالله ورسولهِ وكتابه.
﴿ بِئْسَ الشَّرَابُ ﴾: أي بئسَ هذا الشراب، كما قالَ في الآيةِ الأخرى: ﴿ وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ ﴾ [سورة محمد: 15]، وقالَ تعالى: ﴿ تُسْقَىٰ مِنْ عَيْنٍ ءَانِيَةٍ ﴾ [سورة الغاشية: 5] أي: حارة، كما قالَ تعالى: ﴿ وَبَيْنَ حَمِيمٍ ءَانٍ ﴾ [سورة الرحمن:44]. (ابن كثير).

30- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا ﴾.
إن الذين صدَقوا الله ورسوله، وعملوا بطاعةِ الله، وانتهَوا إلى أمرهِ ونهيه. (الطبري).

31- ﴿ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا ﴾.
﴿ يُحَلَّوْنَ فِـيها مِنْ أساوِرَ ﴾ يقول: يـلبسون فـيها من الحُليِّ أساورَ من ذهب.
﴿ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا ﴾: وحسُنتْ هذه الأرائكُ في هذه الجنان التي وصفَ تعالَى ذكرهُ في هذه الآيةِ متَّكأ. (الطبري).

33- ﴿ وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا ﴾.
نعتهما بوفاءِ الثمارِ وتمامِ الأكلِ من غيرِ نقص، ثم بما هو أصلُ الخيرِ ومادتهُ من أمرِ الشرب، فجعلَهُ أفضلَ ما يُسقَى به، وهو النهرُ الجاري فيها. (النسفي).

35- ﴿ وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا ﴾.
﴿ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ ﴾: تهلك، ﴿ هَـٰذِهِ أَبَداً ﴾، قالَ أهلُ المعاني: راقَهُ حُسنها وغرَّتْهُ زهرتُها، فتوهَّم أنها لا تفنَى أبداً، وأنكرَ البعث. (البغوي).

38- ﴿ لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا ﴾.
﴿ لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي ﴾ أي: أنا لا أقولُ بمقالتك، بل أعترفُ للهِ بالربوبيةِ والوحدانية، ﴿ وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا ﴾ أي: بل هو اللهُ المعبودُ وحدَهُ لا شريكَ له. (ابن كثير).

39- ﴿ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا ﴾.
وهو قولُ المؤمنِ الذي لا مالَ له ولا عشيرةَ مثلَ صاحبِ الجنَّتين وعشيرته، وهو مثلُ سَلْمانَ وصُهَيب وخبّاب، يقول: قالَ المؤمنُ للكافر: إنْ ترنِ أيها الرجلُ أنا أقلَّ منكَ مالًا وولدًا. (الطبري).

43- ﴿وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا﴾.
وما كان ممتنعاً بقوتهِ عن انتقامِ الله. (النسفي).

44- ﴿ هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا ﴾.
﴿ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا ﴾: أفضلُ جزاءً لأهلِ طاعتهِ لو كان غيرهُ يُثيب، ﴿ وَخَيْرٌ عُقْبًا ﴾ أي: عاقبةُ طاعتهِ خيرٌ من عاقبةِ طاعةِ غيره، فهو خيرٌ إثابة. (البغوي).

47- ﴿ وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ ﴾.
واذكرْ يومَ نَقلعُها ونسيِّرُها في الجوّ، أو نَذهبُ بها فنجعلُها هباءً منبثًّا. (البيضاوي).

48- ﴿ لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا ﴾.
يقالُ لهم إذ عُرضوا على الله: لقد جئتُمونا أيها الناس أحياءً كهيئتِكهم حين خلقناكم أوَّلَ مرَّة، بل زعمتُم أن لن نجعلَ لكم البعثَ بعد الممات، والحشرَ إلى القيامة موعداً، وأن ذلك إنما يقالُ لمن كان في الدنـيا مكذِّبـًا بالبعثِ وقيامِ الساعة. (الطبري).

49- ﴿ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾.
﴿ وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِرًا ﴾ أي: من خيرٍ وشرّ، ﴿ وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ أي: فيحكمُ بين عبادهِ في أعمالهم جميعاً، ولا يظلمُ أحداً من خلقه، بل يعفو ويصفح، ويغفرُ ويرحم، ويعذِّبُ من يشاءُ بقدرتهِ وحكمتهِ وعدله، ويملأُ النارَ من الكفارِ وأصحابِ المعاصي، ثم ينجي أصحابَ المعاصي، ويخلِّدُ فيها الكافرين، وهو الحاكمُ الذي لا يجورُ ولا يظلم. (ابن كثير).

50- ﴿ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ﴾.
أفتوالونَ - يا بني آدم - مَن استكبرَ على أبيكم وحسدَه، وكفرَ نعمتي عليه، وغرَّهُ حتَّى أخرجَهُ مِن الجنةِ ونعيمِ عيشهِ فيها إلى الأرضِ وضيقِ العيشِ فيها، وتُطيعونَهُ وذرِّيتَهُ مِن دونِ الله...؟ (يُنظر تفسير الطبري).

51- ﴿ مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا ﴾.
تفسيرُ الآية: يقولُ تعالى: هؤلاء الذين اتخذتموهم أولياءَ من دوني عبيدٌ أمثالكم، لا يملكون شيئاً، ولا أشهدتُهم خلقَ السماواتِ والأرض، ولا كانوا إذ ذاك موجودين. يقولُ تعالى: أنا المستقلُّ بخلقِ الأشياءِ كلِّها، ومدبِّرُها ومقدِّرُها وحدي، ليس معي في ذلك شريكٌ ولا وزير، ولا مشيرٌ ولا نظير، كما قال: ﴿ قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ مِثُقَالَ ذَرَّةٍ فِي ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِّن ظَهِيرٍ وَلاَ تَنفَعُ ٱلشَّفَـٰعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ﴾ [سورة سبأ: 22- 23] الآية، ولهذا قال: ﴿ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلْمُضِلِّينَ عَضُداً ﴾ قالَ مالك: أعواناً. (ابن كثير).

53- ﴿ وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا ﴾.
أي: المشركون. (البغوي).

59- ﴿وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا﴾.
وأهلُ القُرَى مِن الأممِ السَّابقة، كعادٍ وثمودَ وقومِ لوط، أهلكناهم لمـَّا كفروا بآياتِ اللهِ وكذَّبوا رسُلَه، وقد جعلنا لإهلاكِهم موعدًا محدَّدًا، فلم يتجاوزوه، فلا يغرَّنَّ أحدًا إمهالُ اللهِ لهم. (الواضح).

63- ﴿ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ﴾.
أي: وما أنسانيهُ أن أذكرَ لكَ أمرَ الحوتِ إلاّ الشيطان. (البغوي).
لعلهُ شغلَهُ بوساوسَ في الأهلِ ومفارقةِ الوطن، فكان ذلك سبباً للنسيانِ بتقديرِ العزيزِ العليم، وإلا فتلك الحالُ مما لا تُنسَى. (روح المعاني).

66- ﴿ قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ﴾.
أي: مما علَّمكَ الله شيئاً أسترشدُ به في أمري، من علمٍ نافعٍ وعملٍ صالح. (ابن كثير).

69- ﴿ قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾.
أي: ولا أخالفُكَ في شيء. (ابن كثير).

72- ﴿ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا
﴿ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾ على ما ترَى مِن أفعالي، لأنكَ ترَى ما لم تُحِطْ به خُبرًا؟ (الطبري).

73- ﴿ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا ﴾.
يقول: لا تضيِّقْ عليَّ أمري، وعامِلْني باليسر، ولا تعاملني بالعسر. (البغوي).

الجزء السادس عشر
75- ﴿ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴾.
قالَ العالمُ لموسى: ﴿ ألَـمْ أقُلْ لكَ إنَّكَ لَنْ تَسْتَطيعَ مَعِيَ صَبْراً ﴾ على ما ترى من أفعالي التي لم تُحِطْ بها خُبرًا؟ (الطبري).

78- ﴿ قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴾.
قالَ لهُ الخَضِرُ عليهِ السَّلام: هذا وقتُ فراقِ ما بيني وبينِك، فإنَّكَ لم تلتزِمْ بشرطِ الصُّحبةِ معي، وسأُخبِرُكَ بمآلِ وعاقبةِ ما لم تصبرْ عليه ممّا حدثَ معنا، لكونهِ مُنكَرًا عندكَ مِن حيثُ الظَّاهر. (الواضح).

79- ﴿ أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا ﴾.
﴿ أَعِيبَهَا ﴾ أي: أجعلَها ذاتَ عيبٍ بالخَرْق، ولم أردْ إغراقَ مَن بها كما حسبت.
﴿ غَصْبًا ﴾ مِن أصحابها. والظاهرُ أنه كان يغصبُ السفنَ من أصحابها ثم لا يردُّها عليهم. (روح المعاني، باختصار).

80- ﴿ وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴾.
يغشيهما طغياناً، وهو الاستكبارُ على الله، وكفراً به. (الطبري).

81- ﴿ فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مّنْهُ ﴾.
بأن يرزقَهما بدلَهُ ولداً خيراً منه. (روح المعاني).

82- ﴿ فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴾.
ولو تُرِكَ الجدارُ يَنقضُّ لظهرَ الكنزُ مِن تحتِه، ولَما استطاعَ الصَّغيرانِ أنْ يَدفعا عنهُ مكروهًا، فأرادَ ربُّكَ أنْ يَكبَرا ويُدرِكا قوَّتَهما، ليَستخرجا حينذاكَ كنزَهما وهما قادرانِ على حمايتِه.

وهذا الذي فعلتُهُ كانَ رحمةً منَ اللهِ بأصحابِ السَّفينة، ووالدَي الغلام، وولدَي الرَّجلِ الصَّالح. وما فعلتُ ذلكَ باختياري ورأيي، لكنِّي أُمِرتُ به، وفعلتُهُ بأمرِ الله - وهذا دليلٌ على نبوَّتِه -. وما فعلْتهُ وأوقَفتُكَ على بيانِهِ ونتيجتِه، هو ما لم تَقدِرْ على الصَّبرِ عليه.
وليسَ هُناكَ أيُّ دَليلٍ شَرعيٍّ ثابتٍ على أنَّ الخَضِرَ مازالَ حَيًّا، وما يَرِدُ في مثلِ هذا أقاويلُ وحِكاياتٌ لا تَنهَضُ حُجَّةً على ذلك. (الواضح).

83- ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا ﴾.
فقلْ لهم: سأتلو علـيكم مِن خبرهِ ذِكرًا. يقول: سأقصُّ علـيكم منهُ خبرًا. (الطبري).

86- ﴿ حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا ﴾.
﴿ حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ ﴾ أي: فسلكَ طريقًا حتى وصلَ إلى أقصَى ما يُسلَكُ فيه مِن الأرضِ مِن ناحيةِ المغرب، وهو مغربُ الأرض.

وأما الوصولُ إلى مغربِ الشمسِ مِن السماءِ فمتعذِّر، وما يذكرهُ أصحابُ القصصِ والأخبارِ مِن أنه سارَ في الأرضِ مدَّةً والشمسُ تغربُ مِن ورائه، فشيءٌ لا حقيقةَ له، وأكثرُ ذلكَ مِن خرافاتِ أهلِ الكتاب، واختلاقِ زنادقتِهم وكذبِهم.
﴿ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْماً ﴾ أي: أمَّةً من الأمم، ذكروا أنها كانت أمَّةً عظيمةً من بني آدم. (ابن كثير).

90- ﴿ حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ ﴾.
هو الأُفقُ الشَّرقيُّ في عينِ الرَّائي. (الواضح).

97- ﴿ فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ﴾.
وما استطاعوا أن يَنقُبوهُ ويَخرُقوه، لصلابتهِ وثخانتِه. (الواضح).

98- ﴿ قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ﴾.
﴿ قَالَ هَـٰذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي ﴾ أي: لما بناهُ ذو القرنين، ﴿ قَالَ هَـٰذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي ﴾ أي: بالناس، حيثُ جعلَ بينهم وبين يأجوجَ ومأجوجَ حائلاً يمنعهم من العيثِ في الأرضِ والفساد، ﴿ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ رَبِّي ﴾ أي: إذا اقتربَ الوعدُ الحقُّ ﴿ جَعَلَهُ دَكًّا ﴾ أي: ساواهُ بالأرض، تقولُ العرب: ناقةٌ دكّاء، إذا كان ظهرُها مستوياً لاسنامَ لها، وقالَ تعالى: ﴿ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا ﴾ [الأعراف: 143] أي: مساوياً للأرض. وقالَ عكرمة في قوله: ﴿ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّآءَ ﴾ قال: طريقاً كما كان، ﴿ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً ﴾ أي: كائناً لا محالة. (ابن كثير).

105- ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ ﴾.
أي: جحدوا آياتِ اللهِ في الدنيا، وبراهينَهُ التي أقامَ على وحدانيَّته، وصدقِ رسله. (ابن كثير).

106- ﴿ ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا ﴾.
أي: إنما جازَيناهم بهذا الجزاءِ جهنَّم، بسببِ كفرِهم، واتخاذِهم آياتِ الله ورسلهِ هزواً، استهزؤوا بهم، وكذَّبوهم أشدَّ التكذيب. (ابن كثير).

107- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا ﴾.
إنَّ الذين آمنوا، وأتْبَعوا إيمانَهم بالعملِ الصَّالح، وهو الموافِقُ لشرعِ الله، كانتْ لهم فيما سبقَ في علمِ الله، جنَّاتُ الفردوسِ مَنزِلاً ومُقامًا.
وفي صحيحِ البخاريِّ مِن حديثِ أبي هريرةَ المرفوع: "إنَّ في الجنَّةِ مائةَ درجَةٍ أعدَّها اللهُ للمجاهِدينَ في سبيلِه، كلُّ درجتَينِ ما بينَهما كما بينَ السَّماءِ والأرض، فإذا سألتُمُ اللهَ فسَلُوهُ الفِردَوس، فإنَّهُ أوسطُ الجنَّةِ وأعلَى الجنَّة، وفوقَهُ عرشُ الرَّحمن، ومنهُ تَفَجَّرُ أنهارُ الجنَّة". (الواضح).

108- ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا ﴾.
﴿ خَـٰلِدِينَ فِيهَا لاَ يَبْغُونَ ﴾: لا يطلبون، ﴿ عَنْهَا حِوَلاً ﴾ أي: تحوُّلاً إلى غيرها. قالَ ابنُ عباس: لا يريدون أن يتحوَّلوا عنها كما ينتقلُ الرجلُ من دارٍ إذا لم توافقْهُ إلى دارٍ أخرى. (البغوي).




ابوالوليد المسلم 12-11-2020 10:41 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 
الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (17)






أ. محمد خير رمضان يوسف



(سورة مريم، سورة طه)



سورة مريم
5- ﴿ فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ﴾.
﴿ وَلِيًّا ﴾: ولدًا وارثًا ومُعِينًا. (الطبري).

9- ﴿ قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ﴾.
أي: إيجادُ الولدِ منكَ ومن زوجتِكَ هذه لا من غيرها، ﴿ هَيِّنٌ ﴾ أي: يسيرٌ سهلٌ على الله. (ابن كثير).

11- ﴿ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ﴾.
صلاةَ الفجرِ وصلاةَ العصر. (النسفي، روح المعاني).

15- ﴿ وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ﴾.
قالَ سفيان بنُ عُيينة: أوحشُ ما يكونُ الإِنسانُ في هذه الأحوال: يومَ وُلد، فيَخرجُ مما كان فيه، ويومَ يموت، فيرَى قوماً لم يكنْ عاينهم، ويومَ يُبعَث، فيرَى نفسَهُ في محشرٍ لم يرَ مثله، فخصَّ يحيـَى بالسلامةِ في هذه المواطن. (البغوي).

19- ﴿ قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا
الغلامُ الزكيّ: هو الطاهرُ مِن الذنوب. (الطبري).

21- ﴿ قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ﴾.
أي: إعطاءُ الولدِ بلا أبٍ عليَّ سهل. (النسفي).

30- ﴿ قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ﴾.
رُويَ عن الحسن: أنه كان في المهدِ نبيًّا، وكلامهُ معجزته. (البغوي).

31- ﴿ وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا﴾.
ما كنتُ حيًّا فـي الدنـيا موجودًا. (يُنظر تفسير الطبري).

33- ﴿ وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ﴾.
ذكرَ أنه تقدَّمَ ذكرُ تسليمهِ على نفسهِ وإدلالهُ في ذلك، ويعني عند تفسيرِ الآيةِ (15) من السورة، في قولهِ تعالَى في شأنِ يحيى عليه السلام: ﴿ وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ﴾.
وقد قالَ هناك: وقوله: ﴿ وَسَلَامٌ ﴾، قالَ الطبريُّ وغيره: معناه: وأمان. والأظهرُ عندي أنها التحيةُ المتعارفة، فهي أشرفُ وأنبهُ من الأمان؛ لأن الأمانَ متحصِّلٌ له بنفي العصيان، وهي أقلُّ درجاته، وإنما الشرفُ في أن سلَّمَ الله عليه وحيَّاهُ في المواطنِ التي الإنسانُ فيها في غايةِ الضعفِ والحاجةِ وقلَّةِ الحيلةِ والفقرِ الى الله وعظيمِ الهول.
وذكرَ الطبريُّ عن الحسن أن عيسى ويحيى التقيا وهما ابنا الخالة، فقالَ يحيى لعيسى: ادعُ لي فأنتَ خيرٌ مني. فقالَ عيسى: بل أنتَ ادعُ لي فأنتَ خيرٌ مني، سلَّمَ الله عليكَ وأنا سلَّمتُ على نفسي.

35- ﴿ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾.
ذكرَ أنه تقدَّمَ القولُ فيه. وقد راجعتُ ما قالَهُ في أربعِ آيات، فرأيتهُ دخلَ في أمورٍ كلاميةٍ وأطالَ فيها..
قالَ ابنُ كثير رحمَهُ الله: أي: إذا أرادَ شيئًا، فإنما يأمرُ به، فيصيرُ كما شاء.

36- ﴿ وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ﴾.
ومِن تمامِ قولِ عيسَى عليهِ السَّلامُ في المهد: إنَّ اللهَ ربِّي وربُّكم، فكلُّنا مخلوقون، وله عبيد، فاعبدوهُ وأطيعوه، ووحِّدوهُ ولا تُشرِكوا به شيئًا. (الواضح).

38- ﴿ لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾.
لكنِ الكافرون.. (الطبري).

39- ﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾.
وهم لا يصدِّقون بالقيامةِ والبعث، ومجازاةِ الله إيّاهم على سيِّىءِ أعمالهم، بما أخبرَ أنه مـجازيهم. (الطبري).

40- ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ ﴾.
أي: يردُّون فيجازَون جزاءً وفاقاً. (النسفي).

42- ﴿ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا
﴿ وَلاَ يُغْنِى عَنكَ شَيْئاً ﴾ في جلبِ نفعٍ، أو دفعِ ضرّ. (البيضاوي).

48- ﴿ وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا ﴾.
﴿ وأعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ يقول: وأجتنبُكم وما تدعون من دونِ الله من الأوثانِ والأصنام،﴿ وأدْعُو رَبّي ﴾ يقول: وأدعو ربِّي، بإخلاصِ العبـادةِ له، وإفرادهِ بالربوبـية، ﴿ عَسَى أنْ لا أكُونَ بِدُعاءِ رَبّـي شَقِـيًّا ﴾ يقول: عسَى أنْ لا أشقَى بدعاءِ ربِّي، ولكنْ يُجيبُ دعائي، ويُعطينـي ما أسأله. (الطبري).

49- ﴿ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا ﴾.
وجعلناهم كلَّهم - يعني بـالكلِّ إبراهيمَ وإسحاقَ ويعقوبَ - أنبـياء. (الطبري).

55- ﴿ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ﴾.
محمودًا فيما كلَّفَهُ ربُّه، غيرَ مقصِّر في طاعته. (الطبري).

59- ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ﴾.
أي: المعاصي، وشربَ الخمر، يعني آثروا شهواتِ أنفسِهم على طاعةِ الله. (البغوي).

60- ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا ﴾.
إلاّ مَن تابَ مِن ذنوبَه، وصدَقَ في إيمانِه، وقرنَ توبتَهُ بالعملِ الصَّالِح، فأولئكَ يدخلونَ جنَّةَ ربِّهم، ولا ينقصُ مِن ثوابِ أعمالِهم شيء. (الواضح).

63- ﴿ تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا ﴾.
أي: هذه الجنةُ التي وصفنا بهذه الصفاتِ العظيمة، هي التي نورثُها عبادَنا المتقين، وهم المطيعون لله عزَّ وجلَّ في السرّاء والضرّاء، والكاظمون الغيظ، والعافون عن الناس، وكما قال َتعالَى في أولِ سورةِ المؤمنين: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 1، 2] إلى أن قال: ﴿ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْوَٰرِثُونَ * ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ ﴾ [سورة المؤمنون: 10 - 11]. (ابن كثير).

65- ﴿ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ﴾.
خالقُ ذلكَ ومدبِّره، والحاكمُ فيه والمتصرِّفُ الذي لا معقِّبَ لحكمِه. (ابن كثير).

72- ﴿ ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ﴾.
ذكرَ أنه تقدَّمَ القولُ فيها. ويعني في الآيةِ (68) من السورة، وانتهَى هناك إلى أنها قعدةُ الخائفِ الذليلِ على ركبتيهِ كالأسير.

80- ﴿ وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا ﴾.
لا يصحبهُ مالٌ ولا ولدٌ كان له في الدنيا، فضلاً أن يؤتَى ثَمَّ زائداً. (البيضاوي).

82- ﴿ كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا ﴾.
أي: أعداءً لهم، وكانوا أولياءَهم في الدنيا. (البغوي).

86- ﴿ وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا ﴾.
الكافرين بـالله الذين أجرموا. (الطبري).

90- ﴿ تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ﴾.
وتكادُ الأرضُ تنشقّ، فتنصدعُ من ذلك، ﴿ وتَخِرُّ الجبالُ هَدًّا ﴾ يقول: وتكادُ الجبالُ يسقطُ بعضُها علـى بعضِ سقوطاً. (الطبري).

91- ﴿ أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا ﴾.
﴿ أَن دَعَوْا ﴾ أي: من أجلِ أن جعلوا ﴿ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَداً ﴾. (البغوي).

93- ﴿ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ﴾.
وكلُّ مَن في السَّماواتِ والأرض، مِن الإنسِ والجنِّ والملائكةِ عبيدٌ للهِ وتحتَ تصرُّفِه، ويأتونَ إلى محلِّ حُكمِهِ في أرضِ المحشَرِ بأمرِه، في خضوعٍ وذُلٍّ واستكانة. (الواضح).

سورة طه
3- ﴿إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى﴾.
لكنْ تذكيراً. (البيضاوي).

4- ﴿ تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا ﴾.
أي: هذا القرآنُ الذي جاءكَ يا محمدُ هو تنزيلٌ من ربِّك، ربِّ كلِّ شيءٍ ومليكه، القادرِ على ما يشاء، الذي خلقَ الأرضَ بانخفاضِها وكثافتها، وخلقَ السماواتِ العُلَى في ارتفاعِها ولطافتها. (ابن كثير).
يتبع

ابوالوليد المسلم 12-11-2020 10:42 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 
6- ﴿ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى ﴾.
أي: الجميعُ ملكه، وفي قبضته، وتحتَ تصرُّفهِ ومشيئتهِ وإرادتهِ وحُكمه، وهو خالقُ ذلك ومالكهُ وإلهه، لا إله سواه، ولا ربَّ غيره. (ابن كثير).
﴿ وَمَا بَيْنَهُمَا ﴾ من الموجوداتِ الكائنةِ في الجوِّ دائماً، كالهواءِ والسحاب، وخلقٍ لا نعلمهم، هو سبحانهُ يعلمهم، أو أكثريًّا كالطير الذي نراه. (روح المعاني).

8- ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾.

الـمعبودُ الذي لا تصلـحُ العبـادةُ إلاّ له. يقول: فإيّاهُ فـاعبدوا أيُّها الناس، دونَ ما سواهُ مِن الآلهةِ والأوثان. (الطبري).

13- ﴿ وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى ﴾.
اصطفيتُكَ للنبوة. (البيضاوي).

14- ﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾.
إنَّني أنا اللهُ، ذو الأُلوهيَّةِ والمعبوديَّةِ على خَلقهِ أجمعين، لا إلهَ إلاّ أنا، الواحدُ الأحد، المستحِقُّ للعبادةِ وحدي. ووحِّدْني ولا تَعبدْ غيري (الواضح).

16- ﴿ فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى ﴾.
أي: مُرادَه، وخالفَ أمرَ الله عزَّ وجلّ. (زاد المسير).

18- ﴿ قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآَرِبُ أُخْرَى ﴾.
﴿ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا ﴾: أعتمدُ عليها إذا أعييتُ أو وقفتُ على رأسِ القطيع.
﴿ وَلِيَ فِيهَا مَآَرِبُ أُخْرَى ﴾: حاجاتٌ أُخَر، مثلُ أن كان إذا سارَ ألقاها على عاتقهِ فعلَّقَ بها أدواته، وعرضَ الزندين على شعبتيها وألقَى عليها الكساءَ واستظلَّ به، وإذا قصرَ الرشاءُ وصلَهُ بها، وإذا تعرَّضتِ السباعُ لغنمهِ قاتلَ بها... (البيضاوي).

22- ﴿ وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آَيَةً أُخْرَى ﴾.
يعني دلالةً أخرى على صدقِكَ سوَى العصا. (البغوي).

26- ﴿ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ﴾.
وسهِّلْ عليَّ ما أمرتني به من تبليغِ الرسالةِ إلى فرعون. (النسفي).

35- ﴿ إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا ﴾.
عالماً بأحوالنا، وأن التعاونَ مما يصلحنا، وأن هارونَ نعمَ المعينُ لي فيما أمرتني به. (البيضاوي).

43- ﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ﴾.
اذهبا إلى فرعونَ بها [بآياتي]، إنه تـمرَّد في ضلالهِ وغيِّه، فأبلغْهُ رسالاتي. (الطبري).

44- ﴿ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾.
أي: يتَّعظُ ويخافُ فيُسلِم. (البغوي).

45- ﴿ قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى ﴾.
أي: يجاوزُ الحدَّ في الإِساءةِ إلينا. (البغوي).

47- ﴿ قَدْ جِئْنَاكَ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى ﴾.
﴿ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكَ ﴾ أي: بدلالةٍ ومعجزةٍ مِن ربِّك. (ابن كثير).
﴿ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى ﴾ أي السلامةُ من العذابِ في الدارين لمن اتَّبعَ ذلك بتصديقِ آياتِ الله تعالى الهاديةِ إلى الحقّ. (روح المعاني).

48- ﴿ إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ﴾.
إنما يعذِّبُ اللَّه من كذَّبَ بما جئنا به وأعرضَ عنه. (البغوي).

49- ﴿ قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى ﴾.
أي: الذي بعثكَ وأرسلكَ من هو؟ فإني لا أعرفه، وما علمتُ لكم من إلهٍ غيري. (ابن كثير).

55- ﴿ مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى ﴾.
بتأليفِ أجزائكم المتفتِّتةِ المختلطةِ بالترابِ على الصورِ السابقة، وردِّ الأرواحِ إليها. (البيضاوي).

57- ﴿ قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى ﴾.
﴿ قَالَ ﴾ يعني فرعون: ﴿ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا ﴾ يعني مصر، ﴿ بِسِحْرِكَ يَٰمُوسَىٰ ﴾ أي: أتريدُ أن تغلبَ على ديارنا فيكونَ لكَ الملكُ وتخرجَنا منها؟ (البغوي)

58- ﴿ فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى ﴾.
فسوفَ نأتيكَ بسحرٍ مِن مثلِ سحرِك، فحدِّدْ موعدًا يكونُ بيننا وبينَك، لا نتخلَّفُ عنه نحن ولا أنت، في مكانٍ معيَّن، يكونُ مستويًا، لا يَحجُبُ أحدًا عن مشاهدةِ ما يَجري. (الواضح).

59- ﴿ قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى ﴾.
أي: ضحوةً من النهار، ليكونَ أظهرَ وأجلَى، وأبينَ وأوضح. وهكذا شأنُ الأنبياء، كلُّ أمرهم بيِّنٌ واضح، ليس فيه خفاءٌ ولا ترويج، ولهذا لم يقل: ليلاً، ولكنْ نهاراً ضحى. (ابن كثير).

61- ﴿ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى ﴾.
وقد خسرَ وخابَ مَن كذَبَ على الله، فانظُروا ما تُقْدِمونَ عليه، فإنَّهُ لا خلاصَ لكم مِن عذابهِ إذا بارزتموهُ بالكذبِ عليه. (الواضح).

63- ﴿ قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا ﴾.
الغرضُ أن السحرةَ قالوا فيما بينهم: تعلمون أن هذا الرجلَ وأخاهُ - يعنون: موسى وهارون - ساحران عالمان، خبيران بصناعة السِحر، يريدانِ في هذا اليومِ أنْ يَغلباكم وقومَكم ويستوليا على الناس، وتَتبَعهما العامَّة، ويُقاتلا فرعونَ وجنوده، فينتصرا عليه، ويُخرجاكم مِن أرضِكم. (ابن كثير).

69- ﴿ وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ﴾.
وألقِ عصاكَ تبتلعْ حبالَهم وعِصيَّهم التي سحروها حتى خُيِّـلَ إليكَ أنها تسعَى، إن الذي صنعَهُ هؤلاء السحرةُ كيدٌ مِن ساحر. (ابن كثير، باختصار).

70- ﴿ فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى ﴾.
فألقاهم ذلك على وجوههم سُجَّداً لله، توبةً عمّا صنعوا، وإعتاباً وتعظيماً لما رأوا. (البيضاوي).

71- ﴿ قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى ﴾.
قالَ فرعونُ للسَّحَرةِ وقد غُلِبَ في كيدِه، وانقلبَ أنصارهُ إلى ضدِّه: أصدَّقتُم موسَى قبلَ أنْ أسمحَ لكم بذلك؟ إنَّهُ رئيسُكم ومُعلِّمُكم الذي علَّمَكم السِّحر، وقد اتَّفقتُم معهُ على ما جرَى لتُظهِروهُ بمظهرِ المنتصِر.
﴿ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى ﴾: وستعلَمونَ بعدَ ذلكَ مَن هو أقوَى عذابًا وأدومَه: أنا أم رَبُّ موسَى، الذي تدَّعونَ أنَّهُ سيُعَذِّبُ الضَّالِّينَ بعذابٍ شديد؟. (الواضح).

73- ﴿ إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾.
﴿ إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا ﴾: إنّا أقررنا بتوحيدِ ربِّنا، وصدَّقنا بوعدهِ ووعيده، وأنَّ ما جاءَ به موسى حقّ، ﴿ لِـيَغْفِرَ لَنا خَطايانا ﴾ يقول: لـيعفوَ لنا عن ذنوبنا فـيسترها علـينا.
﴿ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾: والله خيرٌ منكَ يا فرعونُ جزاءً لمن أطاعه، وأبقَى عذاباً لمن عصاهُ وخالفَ أمره. (الطبري).

75- ﴿ وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا ﴾.
﴿ وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً ﴾: موحِّداً، لا يُشركُ به، ﴿ قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ ﴾، يقول: قد عملَ ما أمرَهُ به ربُّه، وانتهَى عمّا نهاهُ عنه، ﴿ فأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ العُلَى ﴾ يقول: فأولئكَ الذين لهم درجاتُ الجنةِ العُلَـى. (الطبري).

76- ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى ﴾.
وهي جنَّاتٌ مُعَدَّةٌ للإقامةِ الدَّائمة فيها، ومِن نعيمِها وجمالِها أنَّها تجري مِن تحتِها الأنهار، ويمكثُ فيها أصحابُها على الدَّوام، فلا رحيلَ عنها، ولا استبدالَ بها. (الواضح).

78- ﴿ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ ﴾.
﴿ فَأَتْبَعَهُمْ ﴾: فلحقهم ﴿ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ ﴾، وقيل: معناه: أمرَ فرعونُ جنودَهُ أن يتبَعوا موسى وقومه، والباء فيه زائدة، وكان هو فيهم، ﴿ فَغَشِيَهُم ﴾: أصابهم، ﴿ مِّنَ ٱلْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ ﴾ وهو الغرق. وقيل: غشيَهم: علاهم وسترَهم بعضُ ماءِ اليمِّ لا كلُّه. (البغوي).

79- ﴿ وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى ﴾.
وجاوزَ فرعونُ بقومهِ عن سواءِ السبيل، وأخذَ بهم على غيرِ استقامة، وذلكَ أنه سلكَ بهم طريقَ أهلِ النار، بأمرِهم بالكفرِ بالله، وتكذيبِ رسله، ﴿ وَما هَدَى ﴾ يقول: وما سلكَ بهم الطريقَ المستقيم، وذلك أنه نهاهم عن اتِّباعِ رسولِ الله موسى، والتصديقِ به، فأطاعوه، فلم يَهدهم بأمرهِ إيّاهم بذلك، ولـم يهتدوا بـاتِّباعِهم إيّاه. (الطبري).

80- ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى ﴾.
بيَّن معناهما في الآية (57) من سورةِ البقرة، فذكر أن المنَّ هو صمغةٌ حلوة، ثم أوردَ أقوالًا أخرى فيه، وأن السَّلوَى طيرٌ بإجماعٍ من المفسرين، قالَهُ ابنُ عباس ومجاهد وقتادة والربيع بن أنس وغيرهم. قيل: هو السُّمانَى بعينه...

87- ﴿ قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ ﴾.
من حُليِّ القبطِ التي استعرناها منهم حين هممنا بالخروج من مصرَ باسمِ العرس. (البيضاوي).

92- ﴿ قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا ﴾.
﴿ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا ﴾ عن دينهم، فكفروا بـالله وعبدوا العجل. (الطبري).

93- ﴿ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي ﴾.
أي: الذي أمرتُكَ به من القيامِ بمصالحهم. (البغوي).

94- ﴿ قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي
فسَّر جزءًا منها في الآيةِ السابقة.
وقوله: ﴿ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي ﴾ على معنى: بشعرِ رأسي وشعرِ لحيتي. وكان قد أخذَ ذوائبه. (يُنظر تفسير البغوي وروح المعاني).
﴿ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ﴾: ولم تحفظْ قولي: ﴿ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ ﴾ [سورة الأعراف: 142]. وفيه دليلٌ على جوازِ الاجتهاد. (النسفي).

98- ﴿ إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا
يقولُ لهم موسَى عليه السلام: ليسَ هذا إلهَكم، ﴿ إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾ أي: لا يستحقُّ ذلكَ على العبادِ إلا هو، ولا تنبغي العبادةُ إلا له، فإنَّ كلَّ شيءٍ فقيرٌ إليه، عبدٌ لربِّه. (ابن كثير).

101- ﴿ خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا ﴾.
﴿ خَـٰلِدِينَ فِيهِ ﴾: مقيمين في عذابِ الوزر، ﴿ وَسَآءَ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ حِمْلاً ﴾ أي: بئسَ ما حملوا على أنفسهم من الإِثمِ كفراً بالقرآن. (البغوي).

102- ﴿ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا ﴾.
المشركين. (القرطبي).

103- ﴿ يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا ﴾.
عشرةَ أيامٍ أو نحوها. (ابن كثير).

109- ﴿ يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا ﴾.
أي: رضيَ قولاً لأجله، بأنْ يكونَ المشفوعُ له مسلماً. (النسفي).

110- ﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ﴾.
ولا يحيطُ خَلقهُ به علماً. ومعنى الكلام: أنه محيطٌ بعبادهِ علماً، ولا يحيطُ عبـادهُ به علماً. (الطبري).

111- ﴿ وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ ﴾.
﴿ لِلْحَيِّ ﴾ الذي لا يموت. وكلُّ حياةٍ يتعقَّبُها الموتُ فهي كأنْ لم تكن. (النسفي).

112- ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا﴾.
ومَن يعملْ مِن صالحاتِ الأعمال، وذلكَ فيما قيل: أداءُ فرائضِ اللهِ التي فرضَها على عباده، ﴿ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ﴾ يقول: وهو مصدِّقٌ بالله، وأنهُ مُجازٍ أهلَ طاعتهِ وأهلَ معاصيهِ على معاصيهم.. (الطبري).

114- ﴿فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾.
﴿ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ﴾: أي: تنزَّهَ وتقدَّسَ الملِكُ الحق، الذي هو حق، ووعدهُ حق، ووعيدهُ حق، ورسلهُ حق، والجنةُ حق، والنارُ حق، وكلُّ شيءٍ منه حق، وعدلهُ تعالى أن لا يعذِّبَ أحداً قبل الإنذارِ وبعثةِ الرسل، والإعذارُ إلى خلقهِ لئلا يبقَى لأحدٍ حجَّةٌ ولا شبهة.
﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾: أي: زدني منكَ علماً. قال ابنُ عيينة رحمهُ الله: ولم يزلْ صلى الله عليه وسلم في زيادةٍ حتى توفَّاهُ الله عز وجل. (ابن كثير).

125- ﴿ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا ﴾.
ويقولُ العبدُ لربِّهِ يومذاك: يا ربّ، لماذا أعمَيتَ عينيَّ وقد كنتُ أرَى بهما في الدُّنيا؟ (الواضح).

128- ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى ﴾.
إن فيما يعاينُ هؤلاء ويرون من آثارِ وقائعنا بالأمم المكذِّبةِ رسلَها قبلهم، وحلولِ مُثلاتنا بهم لكفرهم بـالله، ﴿ لَآيَاتٍ ﴾ يقول: لدلالاتٍ وعبرًا وعظات.. (الطبري).


132- ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا ﴾.
لا نكلِّفُكَ أن ترزقَ أحداً من خلقنا، ولا أن ترزقَ نفسك، وإنما نكلِّفُكَ عملاً. (البغوي).

134- ﴿ وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى ﴾.
مِن قبلِ أن نَذِلَّ بتعذيبِكَ إيَّانا ونَخزَى به؟ (الطبري).




ابوالوليد المسلم 12-11-2020 10:43 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 
الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (18)






أ. محمد خير رمضان يوسف



(سورة الأنبياء، سورة الحج)






سورة الأنبياء

3- ﴿ لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ﴾.

﴿ لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ﴾: ما يستمعُ هؤلاءِ القومُ - الذين وصفَ صفتَهم - هذا القرآنَ إلا وهم يلعبون، غافلةً عنه قلوبُهم، لا يتدبَّرون حِكَمَهُ، ولا يتفكَّرون فيما أودعَهُ اللهُ منَ الحُجَجِ علـيهم.

﴿ الَّذِينَ ظَلَمُوا ﴾: هؤلاء الناسُ الذين اقتربتِ الساعةُ منهم وهم في غفلةٍ معرضون. (الطبري).



4- ﴿ قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾.

﴿ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ﴾ لأقوالهم، ﴿ ٱلْعَلِيمُ ﴾ بما في ضمائرهم. (النسفي).



13- ﴿ لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ﴾.

﴿ إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ ﴾ فسَّرَهُ في الآية (15)، بقوله: الإتراف: التنعيم.

﴿ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ﴾ فسَّرَهُ في الآية (16)، فقال: قالَ بعضُ الناس: ﴿ تُسْأَلُونَ ﴾ معناهُ تفهمون وتفقهون. قال: وهذا تفسيرٌ لا يعطيهِ اللفظ. وقالت فرقة: ﴿ تُسْأَلُونَ ﴾ معناهُ شيئاً من أموالكم وعرَضِ دنياكم، على وجهِ الهزء.



14- ﴿ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴾.

﴿ قَالُواْ ﴾ لما يئسوا من الخلاصِ بالهرب، وأيقنوا استيلاءَ العذاب: ﴿ يَا وَيْلَنَا ﴾: يا هلاكنا، ﴿ إِنَّا كُنَّا ظَـٰلِمِينَ ﴾ بآياتِ الله تعالى، مستوجبين للعذاب. وهذا اعترافٌ منهم بالظلم، واستتباعهِ للعذاب، وندمٌ عليه حين لا ينفعُهم ذلك. (روح المعاني).



17- ﴿ لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ ﴾.

أي: من عندنا، من الحورِ العِين، لا من عندكم من أهلِ الأرض. (البغوي، ابن كثير).

من جهةِ قدرتنا. (البيضاوي).



22- ﴿ فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾.

الوصفُ بربِّ العرشِ لتأكيدِ التنزُّه، مع ما في ذلك من تربيةِ المهابة. (روح المعاني).



25- ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾.

فأخـلِصوا ليَ العبـادة، وأفرِدوا ليَ الألوهة. (الطبري).



32- ﴿ وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ ﴾.

غيرُ متفكرين. (البيضاوي).



33- ﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾.

﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ﴾ أي: هذا في ظلامهِ وسكونه، وهذا بضيائهِ وأُنسه، يطولُ هذا تارةً ثم يقصرُ أخرى، وعكسهُ الآخر. ﴿ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ﴾ هذه لها نورٌ يخصُّها، وفلَكٌ بذاته، وزمانٌ على حِدَة، وحركةٌ وسيرٌ خاصّ، وهذا بنورٍ خاصٍّ آخر، وفلَكٍ آخر، وسيرٍ آخر، وتقديرٍ آخر. (ابن كثير).



37- ﴿ خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آَيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ ﴾.

فلا تستعجلوا ربَّكم... (الطبري).



39- ﴿ لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾.

يُمنَعون من العذاب. (البغوي).



40- ﴿ بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ ﴾.

﴿ فَتَبْهَتُهُمْ ﴾ أي: تذعرهم، فيستسلمون لها حائرين، لا يدرون ما يصنعون، ﴿ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا ﴾ أي: ليسَ لهم حيلةٌ في ذلك. (ابن كثير).



42- ﴿ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ ﴾.

المعنى أنه تعالى مع إنعامهِ عليهم ليلاً ونهاراً بالحفظِ والحراسة، فهم عن ذكرِ ربهم - الذي هو الدلائلُ العقليةُ والنقليةُ ولطائفُ القرآنِ – معرضون، فلا يتأمَّلون في شيءٍ منها ليعرفوا أنه لا كالىءَ لهم سواه، و[لا] يَتركون عبادةَ الأصنامِ التي لا حظَّ لها في حفظهم ولا في الإنعام عليهم. (التفسير الكبير للفخر). [الكالئ: الحافظ].



44- ﴿ بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاءِ وَآَبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ ﴾.

في الدنيا، أي: أمهلناهم. وقيل: أعطيناهم النعمة. (البغوي).



47- ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾.

فلا يظلمُ الله نفسًا ممن وردَ عليه منهم شيئاً، بأن يعاقبَهُ بذنبٍ لم يعمله، أو يبخسَهُ ثوابَ عملٍ عمله، وطاعةٍ أطاعَهُ بها، ولكن يجازي المحسنَ بإحسانه، ولا يعاقبُ مسيئاً إلا بإساءته، وإنْ كانَ الذي له مِن عملِ الحسناتِ أو عليه مِن السيِّئاتِ وزنُ حبَّةٍ مِن خردَل، جئنا بها فأحضرناها إيَّاه. وحسبُ مَن شهدَ ذلكَ الموقفَ بنا حاسبـين؛ لأنه لا أحدَ أعلمُ بأعمالهم وما سلفَ فـي الدُّنا من صالحٍ أو سيىِّءٍ منّا. (الطبري، باختصار).

والخَرْدَلُ نباتٌ عشبيّ، تُستَعملُ بزورهُ في الطبّ، ويُضرَبُ بها المثَلُ في الصِّغَر. (ينظر المعجم الوسيط).



48- ﴿ وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ ﴾.

وتذكيرًا لمن اتَّقَى اللهَ بطاعتهِ وأداءِ فرائضهِ واجتنابِ معاصيه. ذكَّرَهمْ بما آتَى موسى وهارونَ من التوراة. (الطبري).



53- ﴿ قَالُوا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ ﴾.

لم يكنْ لهم حجةٌ سوى صنيعِ آبائهم الضلّال. (ابن كثير).



54- ﴿ قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾.

أي: الكلامُ مع آبائكم الذين احتججتُم بصنيعهم كالكلامِ معكم، فأنتم وهم في ضلالٍ على غيرِ الطريقِ المستقيم. (ابن كثير).



55- ﴿ قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ ﴾.

يعنون أجادٌّ أنت فيما تقولُ أم أنت من اللاعبين؟ (البغوي).



56- ﴿ قَالَ بَل رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ﴾.

أي: ربُّكم الذي لا إلهَ غيره، هو الذي خلقَ السماواتِ والأرض، وما حوَتْ مِن المخلوقاتِ الذي ابتدأ خلقَهنَ، وهو الخالقُ لجميعِ الأشياء، ﴿ وَأَنَاْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ مِّنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ ﴾ أي: وأنا أشهدُ أنه لا إلهَ غيرُه، ولا ربَّ سواه. (ابن كثير).



57- ﴿ وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ ﴾.

لأكسرنَّها، بعد ذهابِكم عنها إلى عيدكم. (النسفي).



59- ﴿ قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ ﴾.

يعني من المجرمين. (البغوي).



67- ﴿ أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾.

قُبحًا لكم وللآلهةِ التي تَعبدونَ مِن دونِ الله، أفلا تعقلون قبحَ ما تفعلون من عبادتكم ما لا يضرُّ ولا ينفعُ فتتركوا عبادته، وتعبدوا الله الذي فطرَ السماواتِ والأرض، والذي بيدهِ النفعُ والضرّ؟ (الطبري).



71- ﴿ وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ﴾.

وأمرناهُم أنْ يَقصِدوا بلادَ الشَّامِ المباركة، ففيها بُعِثَ أكثرُ الأنبياء، وانتشرتْ شرائعُهم في العالَم. (الواضح).



72- ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ ﴾.

أي: الجميعَ أهلَ خيرٍ وصلاح. (ابن كثير).



73- ﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ﴾.

وجعلناهُم أئمَّةً يُقتدَى بهم، يَهدونَ الأممَ إلى الحقِّ والعدلِ كما أمرناهُم وعلَّمناهُم، وأوحَينا إليهم أنْ يَعمَلوا بالشَّرائعِ المـُنزَلَةِ عليهم، ففيها الخيرُ والفلاح، والبِرُّ والصَّلاح، مِن حقوقِ اللهِ وحقوقِ العباد، وأمرناهُم بالمواظبةِ على الصَّلاة، وإعطاءِ الزَّكاةِ للفقراءِ والمساكين. (الواضح في التفسير).



74- ﴿ وَلُوطًا آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ ﴾.

﴿ وَعِلْمًا ﴾: وآتـيناهُ أيضًا علمًا بأمرِ دينه، وما يجبُ علـيه للهِ مِن فرائضه.

﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ ﴾: مخالفين أمرَ الله، خارجينَ عن طاعتهِ وما يَرضَى مِن العمل. (الطبري).



75- ﴿ وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾.

وأدخلنا لوطًا في رحمتِنا بإنجائنا إيَّاهُ ممَّا أحلَلنا بقومهِ من العذابِ والبلاءِ وإنقاذنا إيَّاهُ منه. إنَّ لوطًا مِن الذين كانوا يعملونَ بطاعتِنا وينتَهونَ إلى أمرِنا ونهينا، ولا يعصونَنا. (الطبري).



77- ﴿ وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾.

وحمَيناهُ ومنَعناهُ مِن هؤلاءِ الذين كذَّبوا بآياتِنا ومعجزاتِنا، إنَّهم كانوا قومًا سيِّئينَ مُنهمِكينَ في الفواحش، مُلازمينَ للكفر، فأهلَكناهُم جميعًا بالطُّوفان. (الواضح في التفسير).



78- ﴿ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ ﴾.

لا يخفَى علينا منه شيء، ولا يغيبُ عنا علمه. (الطبري).



80- ﴿وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ﴾.

أي: نعمَ الله عليكم، لما ألهمَ به عبدَهُ داود، فعلَّمَهُ ذلك من أجلكم. (ابن كثير).



81- ﴿ وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ ﴾.

وكنَّا بكلِّ شيءٍ علَّمناهُ عالِـمينَ بصحَّةِ التدبيرِ فيه، أي: عَلِمنا أنَّ ما يُعطَى سليمانُ مِن تسخيرِ الريحِ وغيره، يدعوهُ إلى الخضوعِ لربِّهِ عزَّ وجلَّ. (البغوي).



85- ﴿ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾.

وكلُّ هؤلاءِ كانوا ثابتينَ على إيمانِهم وعهودِهم معَ الله، أقوياءَ في عزائمِهم، صابرينَ على تكاليفِ الدَّعوةِ والتَّبليغ. (الواضح في التفسير).



86- ﴿ وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾.

وأدخَـلنا إسماعيلَ وإدريسَ وذا الكفلِ فـي رحمتِنا، إنهم مـمَّن صلح، فأطاعَ اللهَ وعملَ بـما أمره. (الطبري، باختصار).



88- ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾.

أي: إذا كانوا في الشدائدِ ودَعَونا منيبين إلينا، ولا سيَّما إذا دعَوا بهذا الدعاءِ في حالِ البلاء، فقد جاءَ الترغيبُ في الدعاءِ بها عن سيدِ الأنبياء... (ابن كثير).



89- ﴿ وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ﴾.

﴿ وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ ﴾: دعا ربَّه، ﴿ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا ﴾: وحيدًا لا ولدَ لي، وارزقني وارثًا، ﴿ وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ﴾: ثناءٌ على اللهِ بأنهُ الباقي بعدَ فناءِ الخَلق، وأنهُ أفضلُ مَن بقيَ حيًّا. (البغوي).



90- ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ﴾.

﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى ﴾: فاستجبنا لزكريا دعاءه، ووهبنا له يحيى ولدًا ووارثُا يرثه. (الطبري).

﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ﴾ أي: في عملِ القرُباتِ وفعلِ الطاعات. (ابن كثير).



93- ﴿ وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ ﴾.

أي: يومَ القيامة، فيُجازَى كلٌّ بحسبِ عمله، إنْ خيرًا فخير، وإنْ شرًّا فشرّ. (ابن كثير).



94- ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ ﴾.

أي: يُكتَبُ جميعُ عمله، فلا يَضيعُ عليه منه شيء. (ابن كثير).



98- ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ﴾.

أنتم عليها - أيها الناسُ - أو إليها ﴿وَارِدُونَ﴾، يقول: داخلون. (الطبري).



99- ﴿لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آَلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ﴾.

أي: العابدون ومعبوداتهم، كلُّهم فيها خالدون. (ابن كثير).


102- ﴿ وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ ﴾.


وهم فيما تشتهيهِ نفوسُهم مِن نعيمِها ولذَّاتِها ماكثون فيها، لا يخافونَ زوالاً عنها ولا انتقالاً عنها. (الطبري).



106- ﴿ إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ ﴾.

لمنفعةً وكفاية. (ابن كثير).



108- ﴿ قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾.

قلُ يا محمَّد: ما يوحي إليَّ ربِّي إلا أنَّهُ لا إلهَ لكم يجوزُ أنْ يُعبَدَ إلا إلهٌ واحد، لا تصلحُ العبـادةُ إلا له، ولا ينبغي ذلكَ لغيره، يقول: فهل أنتم مذعنون له أيها المشركون العابدون الأوثانَ والأصنامَ بالخضوعِ لذلك، ومتبرِّؤون من عبادةِ ما دونهُ من آلهتكم؟ (الطبري).



109- ﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آَذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ ﴾.

أي: تركوا ما دعوتَهم إليه. (ابن كثير).

يتبع

ابوالوليد المسلم 12-11-2020 10:44 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 


112- ﴿ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾.

أي: على ما يقولون ويفترون من الكذب، ويتنوَّعون في مقاماتِ التكذيبِ والإفك. (ابن كثير).



سورة الحج

1- ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ﴾.

المأمورُ به مطلقُ التقوى، الذي هو التجنبُ عن كلِّ ما يؤثمُ من فعلٍ وترك، ويندرجُ فيه الإيمانُ بالله تعالى واليومِ الآخرِ حسبما وردَ به الشرعُ اندراجًا أوليًّا، لكن على وجهٍ يعمُّ الإيجادَ والدوام... (روح المعاني).



2- ﴿ وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾.

إي إن شدَّةَ عذابهِ تعالَى تجعلُهم كما ترَى. (روح المعاني).



4- ﴿ كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ ﴾.

﴿ كُتِبَ عَلَيْهِ ﴾ قالَ مجاهد: يعني الشيطان، يعني كتبَ عليه كتابةً قدرية، ﴿ أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ ﴾ أي: اتَّبعَهُ وقلَّده، ﴿ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ ﴾ أي: يُضلُّهُ في الدنيا، ويَقودهُ في الآخرةِ إلى عذابِ السعير، وهو الحارُّ المؤلمُ المزعجُ المـُقلق. (ابن كثير).



7- ﴿ وَأَنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ﴾.

﴿ وَأَنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا ﴾ أي: كائنةٌ لا شكَّ فيها ولا مرية، ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ﴾ أي: يُعيدُهم بعدَما صاروا في قبورِهم رِمَمًا، ويوجِدُهم بعدَ العدم.. (ابن كثير).



8- ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ ﴾.

ومِن النَّاسِ المعانِدينَ للحقّ، الجهَلَةِ المقلِّدين، مَن يجادلُ ويخاصمُ في شأنِ اللهِ وقدرتهِ على البعث، بغيرِ علمٍ صحيحٍ ومعرفةٍ مقبولة، ولا استنادٍ إلى وحي أو مصدرٍ فيهِ حُجَّةٌ وبرهان، بل هو مجرَّدُ رأي وهوًى. (الواضح).



9- ﴿ ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ ﴾.

يجادلُ هذا المشركُ في الله بغيرِ علم، مُعرضاً عن الحقّ استكبـاراً، ليصدَّ المؤمنـين بـالله عن دينهم الذي هداهم له، ويستزلَّهم عنه. (الطبري).



10- ﴿ ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾.

﴿ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ فيعذبَهم بغيرِ ذنب، وهو جلَّ ذكرهُ على أيِّ وجهٍ شاءَ تصرَّفَ في عبدهِ فحُكمهُ عدل، وهو غيرُ ظالم. (البغوي).



11- ﴿ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾.

﴿ ذٰلِكَ ﴾ أي: خسرانُ الدارَين، ﴿ هُوَ ٱلْخُسْرٰنُ ٱلْمُبِينُ ﴾: الظاهرُ الذي لا يخفَى على أحد. (النسفي).



14- ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ﴾.

إنَّ اللهَ يُدخِلُ المؤمنين المخلِصين، الذين يُتبِعونَ إيمانَهم بالأعمالِ الحسنة، جنَّاتٍ عاليات، تجري مِن تحتِها الأنهار. واللهُ يفعلُ ما يريد، فيُعاقِبُ الكافرينَ لكفرِهم وعنادِهم، ويُثيبُ المؤمنين على إيمانِهم وأعمالِهم الصَّالحة. (الواضح).



17- ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾.

بالحكومةِ بينهم، وإظهارِ المحقِّ منهم على المبطل، أو الجزاء، فيجازي كلًّا ما يليقُ به، ويُدخلهُ المحلَّ المعدَّ له. (البيضاوي).



18- ﴿ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾.

ومَن يُهِنْهُ اللهُ مِن خَلقهِ فيُشقِهِ، فما له مِن مُكرِمٍ بالسعادةِ يُسعِدُهُ بها؛ لأن الأمورَ كلَّها بيدِ الله، يوفِّقُ مَن يشاءُ لطاعته، ويخذلُ مَن يشاء، ويُشقي مَن أراد، ويُسعِدُ مَن أحبّ. إنَّ اللهَ يفعلُ في خَلقهِ ما يشاء، مِن إهانةِ مَن أرادَ إهانتَه، وإكرامِ مَن أرادَ كرامتَه، [بحُكمهِ العدل]؛ لأنَّ الخَلقَ خَلقه، والأمرَ أمرُه. (الطبري، وما بين المعقوفتين من الواضح في التفسير).



20- ﴿ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ ﴾.

تذابُ به أحشاؤهم كما تذابُ به جلودهم. (البيضاوي).



22- ﴿ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا ﴾.

مـما نالَهم من الغمِّ والكرب. (الطبري).



23- ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ

والمؤمنون الصَّالحون، الذين صدَقوا في إيمانِهم، وأحسَنوا في أعمالِهم، يُدخِلُهم اللهُ جنّاتٍ عاليات، تجري مِن تحتِ أشجارِها وقصورِها الأنهار. (الواضح).



25- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾.

﴿ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾: ويـمنعون الناسَ عن دينِ الله أن يدخـلوا فـيه. (الطبري).

﴿ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾: الظاهرُ أن الوعيدَ على إرادةِ ذلك مطلقاً، فيفيدُ أن من أرادَ سيئةً في مكةَ ولم يعملها يحاسَبُ على مجردِ الإرادة، وهو قولُ ابنِ مسعود وعكرمة وأبي الحجاج، وقالَ الخفاجي: الوعيدُ على الإرادةِ المقارنةِ للفعل، لا على مجردِ الإرادة، لكنَّ في التعبيرِ بها إشارةً إلى مضاعفةِ السيئاتِ هناك والإرادةِ المصممةِ مما يؤاخذُ عليها أيضاً، وإن قيلَ إنها ليست كبيرة، وقد رُويَ عن مالكٍ كراهةُ المجاورةِ بمكة... (روح المعاني).



28- ﴿ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ﴾.

وليَشكُروهُ على ما رزقَهم مِن الأنعام، مِن الهَدي والأضاحي، وهي الإبلُ والبقرُ والغنمُ والمـَعْز. (الواضح).



30- ﴿ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ ﴾.

إلاّ ما يُتلَى عليكم، مِن قولِهِ تعالى: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ﴾ [سورة المائدة: 3].



35- ﴿ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾.

أي: وينفقون مما آتاهم الله من طيِّبِ الرزق، على أهليهم وأرقّائهم وفقرائهم ومحاويجهم، ويُحسنون إلى الخلق، مع محافظتهم على حدودِ الله، وهذه بخلافِ صفاتِ المنافقين، فإنهم بالعكسِ من هذا كلِّه. (ابن كثير).



36- ﴿ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾.

﴿ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ﴾: ذكرَ أنه تقدَّمَ القولُ في الشعائر. ويعني الآية (32) من السورة، قولهُ تعالى: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾، وفيه قوله: "الشعائر": جمعُ شعيرة، وهي كلُّ شيءٍ لله تعالى فيه أمرٌ أشعرَ به وأعلَم. وقالت فرقة: قُصِدَ بالشعائرِ في هذه الآيةِ الهديُ والأنعامُ المشعَرة.

﴿ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾: نعمةً منّا لتتمكَّنوا من نحرها، لكي تشكروا إنعامَ الله عليكم. (الغوي).



37- ﴿ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ﴾.

أي: من أجلِ ذلك سخَّرَ لكم البُدن. (ابن كثير).



40- ﴿ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾.

﴿ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ﴾: أي: ما كان لهم إلى قومهم إساءة، ولا كان لهم ذنب، إلا أنهم وحَّدوا الله وعبدوه، لا شريكَ له.

﴿ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾: وصفَ نفسَهُ بالقوَّةِ والعزَّة، فبقوَّتهِ خلقَ كلَّ شيءٍ فقدَّرَهُ تقديرًا، وبعزَّتهِ لا يقهرهُ قاهر، ولا يغلبهُ غالب، بل كلُّ شيءٍ ذليلٌ لديه، فقيرٌ إليه. ومَن كانَ القويُّ العزيزُ ناصِرَهُ فهو المنصور، وعدوُّهُ هو المقهور.. (ابن كثير).



42- ﴿ وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ ﴾.

وهكذا كانَ موقفُ عادٍ مِن نبيِّهم هُود، وموقفُ ثَمودَ مِن صالح، عليهما السَّلام. (الواضح).



43- ﴿ وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ ﴾.

وقومُ إبراهيمَ أصرُّوا على عبادةِ الأصنامِ وكذَّبوا نبيَّهم حتَّى أوقَدوا النِّيرانَ ورمَوهُ فيها، وأنقذَهُ الله. وقومُ لُوطٍ أصرُّوا على فاحشةِ اللِّواطِ وكذَّبوا نبيَّهم كذلك. (الواضح).



44- ﴿ وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ ﴾.

وكذا كانَ موقفُ أصحابِ مَدْيَنَ مِن نبيِّهم شُعَيب... (الواضح).



45- ﴿ وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ ﴾.

أي: متروكة؛ لفقدِ دلوها ورشائها، وفقدِ تفقُّدها، أو هي عامرةٌ فيها الماءُ ومعها آلاتُ الاستقاء، إلا أنها عُطِّلت، أي: تُركتْ لا يُستقَى منها، لهلاكِ أهلها. (النسفي).



46- ﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ﴾.

أو آذانٌ تصغي لسماعِ الـحقِّ فتَعي ذلكَ وتـميِّزُ بـينهُ وبـين البـاطل. (الطبري).



47- ﴿ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ ﴾.

ويستعجلونكَ يا محمَّدُ مشركو قومِكَ بما تَعِدهُم مِن عذابِ اللهِ على شركِهم به وتكذيبِهم إيّاكَ فيما أتـيتَهم به مِن عندِ اللهِ في الدنـيا. (الطبري).



48- ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾.

﴿ وَكَأَيّن مّن قَرْيَةٍ ﴾: وكم من أهلِ قرية. (البيضاوي).

﴿ وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾: وإليَّ مصيرُهم أيضًا بعدَ هلاكهم، فيلقَونَ مِن العذابِ حينئذٍ ما لا انقطاعَ له... (الطبري).



49- ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴾.

أبيِّنُ لكم إنذاري ذلك وأُظهرهُ لتُنيبوا من شرككم وتَحذَروا ما أُنذركم من ذلك، لا أملكُ لكم غيرَ ذلك... (الطبري).



52- ﴿ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾.

﴿ وَاللَّهُ عَلِيمٌ ﴾ أي: بما يكونُ مِن الأمورِ والحوادث، لا تخفَى عليه خافية، ﴿ حَكِيمٌ ﴾ أي: في تقديرهِ وخَلقهِ وأمره، له الحكمةُ التامَّةُ والحجَّةُ البالغة. (ابن كثير).



54- ﴿ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾.

أي: في الدنيا والآخرة. أما في الدنيا فيُرشدهم إلى الحقِّ واتباعه، ويوفِّقهم لمخالفةِ الباطلِ واجتنابه، وفي الآخرة يهديهم الصراطَ المستقيمَ الموصلَ إلى درجاتِ الجنات، ويزحزحهم عن العذابِ الأليمِ والدركات. (ابن كثير).



56- ﴿ فَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴾.

فالذين آمنوا بهذا القرآن، وبمن أنزله، ومَن جاءَ به، وعملوا بما فيه، مِن حلالهِ وحرامه، وحدودهِ وفرائضه، في جنّاتِ النعيمِ يومئذ. (الطبري).



57- ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾.

والذين كفروا باللهِ ورسوله، وكذَّبوا بآياتِ كتابهِ وتنزيله، وقالوا: ليسَ ذلكَ مِن عندِ الله، إنما هو إفكٌ افتراهُ محمَّدٌ وأعانَهُ عليه قومٌ آخرون، ﴿ فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ يقول: فالذين هذه صفتُهم، لهم عندَ اللهِ يومَ القيامةِ عذابٌ مهين، يعني عذابٌ مذلٌّ في جهنَّم. (الطبري).



58- ﴿ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾.

وإنَّ اللهَ لهو خيرُ مَن بسطَ فضلَهُ علـى أهلِ طاعتهِ وأكرمَهم. (الطبري).



59- ﴿ لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ ﴾.

﴿ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَلِيمٌ ﴾ بأحوالهم وأحوالِ معادهم، ﴿ حَلِيمٌ ﴾ لا يعاجلُ في العقوبة. (البيضاوي).



60- ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ﴾.

واللهُ عفوٌّ، مُحِبٌّ للعفو، فأحِبُّوا العفوَ مِثلَه، غفور، يتجاوزُ عن ذنوبِ الناسِ إذا رأى منهم توبةً وندمًا، فاعفُوا عنهم أنتم كذلكَ واغفِروا لهم، ليُعاملَكمُ اللهُ بعفوهِ ومغفرتِه، كما تعاملتُم بذلك مع عبادِه. (الواضح في التفسير).



61- ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴾.

فلا يخفَى عليه ما يجري فيهما على أيدي عبادهِ من الخيرِ والشرِّ والبغي والإنصاف، وأنه سميعٌ لما يقولون، ولا يشغلهُ سمعٌ عن سمع، وإن اختلفت في النهار الأصواتُ بفنونِ اللغات، بصيرٌ بما يفعلون، ولا يسترُ عنه شيءٌ بشيءٍ في الليالي وإن توالتِ الظلمات. (النسفي).



62- ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾.

﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ ﴾ أي: الإلهُ الحقُّ الذي لا تنبغي العبادةُ إلا له؛ لأنه ذو السلطانِ العظيم، الذي ما شاءَ كانَ وما لم يشأْ لم يكن، وكلُّ شيءٍ فقيرٌ إليه، ذليلٌ لديه، ﴿ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ ﴾ أي: مِن الأصنامِ والأندادِ والأوثان، وكلُّ ما عُبِدَ مِن دونهِ تعالَى فهو باطل؛ لأنه لا يملكُ ضرًّا ولا نفعًا. ﴿ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْعَلِىُّ ٱلْكَبِيرُ ﴾ كما قال: ﴿ وَهُوَ ٱلْعَلِىُّ ٱلْعَظِيمُ ﴾ [سورة البقرة: 255] وقال: ﴿ ٱلْكَبِيرُ ٱلْمُتَعَالِ ﴾ [سورة الرعد: 9]. فكلُّ شيءٍ تحت قهرهِ وسلطانهِ وعظمته، لا إله إلا هو، ولا ربَّ سواه؛ لأنه العظيمُ الذي لا أعظمَ منه، العليُّ الذي لا أعلَى منه، الكبيرُ الذي لا أكبرَ منه، تعالَى وتقدَّس، وتنزَّهَ عزَّ وجلَّ عمّا يقولُ الظالمون المعتدون علوًّا كبيرًا. (ابن كثير).



64- ﴿ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾.

﴿ لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ ﴾ خلقاً وملكاً، ﴿ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ ٱلْغَنِيُّ ﴾ في ذاتهِ عن كلِّ شيء، ﴿ ٱلْحَمِيدُ ﴾: المستوجبُ للحمدِ بصفاتهِ وأفعاله. (البيضاوي).



65- ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾.

تفسيرُ الآية: ألم تنظرْ وتتفكَّرْ أيُّها العاقلُ كيفَ ذلَّلَ اللهُ لكم ما في الأرضِ لتنتفِعوا بها وتَقضُوا بها حوائجَكم، مِن الدوابِّ والنَّباتِ والمعادنِ وغيرِها.

وهذهِ السُّفنُ بأنواعِها وأحجامِها تَمخُرُ عُبابَ البحار، بتسخيرِهِ وتهيئتهِ المياهَ لذلك، بحسبِ ما يضعُ اللهُ فيها من نواميسَ وقوانينَ فيزيائيَّة، فتطفو عليها، فتحملُكم وما ترغبونَ من حاجاتِكم لتنقُلَكم إلى ما وراءَ البحار.

ومِن لطفهِ وقدرتهِ تعالَى إمساكُ السَّماءِ لئلاّ تقعَ على الأرض، إلاّ إذا شاءَ ذلك، بما وضعَ فيها أيضًا مِن نواميس، وجعلَها قويَّةً متماسكة.

واللهُ رؤوفٌ بعبادِه، رحيمٌ بهم، فأمَّنَ لهم الأرضَ التي يعيشونَ عليها حتَّى لا تسقطَ عليها أجرامٌ سماويَّةٌ فتُهلِكَهم، وسخَّرَ لهم ما فيها لأجلِ مصالحِهم. (الواضح).



66- ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ ﴾.

﴿ وَهُوَ ٱلَّذِى أَحْيَاكُمْ ﴾ في أرحامِ أمَّهاتِكم، ﴿ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ﴾ عند انقضاءِ آجالكم، ﴿ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ﴾ لإيصالِ جزائكم، ﴿ إِنَّ ٱلإِنْسَـٰنَ لَكَفُورٌ ﴾: لجحودٌ لما أفاضَ عليه من ضروبِ النعم، ودفعَ عنه من صنوفِ النقم... (النسفي).



68- ﴿ وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾.

وإذا ناقشكَ وخاصمكَ المشركونَ في أمرِ الدِّينِ وقد ظَهرتِ الحجَّةُ عليهم، فقُلْ لهم على سبيلِ الوعيدِ والتَّهديد: اللهُ أعلمُ بما تخوضونَ فيهِ مِن العنادِ والبطلان. (الواضح في التفسير).



69- ﴿ اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾.

واللهُ يقضي بـينكم يومَ القـيامة فيما كنتـم فـيه من أمرِ دينِكم تختلفون، فتعلـمونَ حينئذٍ أيها الـمشركونَ الـمُـحِقَّ من الـمُبطل. (الطبري).



71- ﴿ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ﴾.

أي: ولا علمَ لهم فيما اختلقوهُ وائتفكوه، وإنما هو أمرٌ تلقَّوهُ عن آبائهم وأسلافهم بلا دليلٍ ولا حجة، وأصلهُ مما سوَّلَ لهم الشيطان، وزيَّنَهُ لهم، ولهذا توعَّدَهم تعالى بقوله: ﴿ وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِن نَّصِيرٍ ﴾ أي: مِن ناصرٍ ينصرُهم من الله فيما يَحلُّ بهم من العذابِ والنكال. (ابن كثير).



72- ﴿ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾.

أي: وبئسَ النارُ منزلًا ومقيلًا ومرجعًا وموئلًا ومقامًا، ﴿ إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ﴾ [سورة الفرقان: 66]. (ابن كثير).



73- ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ﴾.

﴿ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ﴾: أي: أنصِتوا وتفهَّموا. (ابن كثير).

﴿ وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ﴾: إن جميعَ ما تعبدون من دونِ الله من الآلهةِ والأصنامِ لو جُمعت لم يَخـلقوا ذبـابـاً في صغرهِ وقلَّته، لأنها لا تقدرُ علـى ذلك ولا تُطيقه. (الطبري).



74- ﴿ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾.

إنَّ اللهَ لقويٌّ على خَـلق ما يشاء، مِن صغيرِ ما يشاءُ مِن خَـلقهِ وكبـيره. ﴿ عَزِيزٌ ﴾ يقول: منـيعٌ في مُلكه، لا يقدرُ شيءٌ دونَهُ أنْ يسلبَهُ مِن ملكهِ شيئًا، وليسَ كآلهتِكم أيها المشركون، الذين تَدْعون مِن دونهِ الذين لا يقدرون على خَلقِ ذباب، ولا على الامتناعِ مِن الذبابِ إذا استلبَها شيئًا، ضعفًا ومهانة. (الطبري).



75- ﴿ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴾.

أي: سميعٌ لقولهم، بصيرٌ بمن يختارهُ لرسالته. (البغوي).



76- ﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴾.

إلـى اللهِ في الآخرةِ تصيرُ إلـيه أمورُ الدنـيا، وإلـيهِ تعودُ كما كانَ منهُ البدء. (الطبري).



77- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾.

يا أيها الذين صدَّقوا اللهَ ورسولَه، اركعوا للهِ فـي صلاتِكم، واسجدوا له فـيها، ﴿ وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ ﴾ يقول: وذلُّوا لربِّكم، واخضعوا له بـالطاعة. (الطبري).




78- ﴿فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾.

﴿ فَنِعْمَ المَوْلَى ﴾ يقول: فنعمَ الوليُّ الله لمن فعلَ ذلك منكم، فأقامَ الصلاةَ وآتَى الزكاة، وجاهدَ في سبيلِ الله حقَّ جهاده، واعتصمَ به، ﴿ وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴾ يقول: ونعمَ الناصرُ هو له على مَن بغاهُ بسوء. (الطبري).



ابوالوليد المسلم 12-11-2020 10:45 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 
الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (19)






أ. محمد خير رمضان يوسف



(سورة المؤمنون، سورة النور)

الجزء الثامن عشر



سورة المؤمنون
6- ﴿ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾.
يعني يحفظُ فرجَهُ إلا مِن امرأتهِ أو أمَته، فإنه لا يلامُ على ذلك، وإنما لا يلامُ فيهما إذا كان على وجهٍ أذنَ فيه الشرع، دون الإِتيانِ في غيرِ المأتي، وفي حالِ الحيضِ والنفاس، فإنه محظورٌ هو على فعلهِ ملوم. (البغوي).

11- ﴿ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾.
ماكثون فـيها أبداً، لا يتـحوَّلون عنها. (الطبري).

14- ﴿ فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ﴾.
فتنتشرُ العضلاتُ في العظام، وتُكتَسَى باللَّحمِ في نهايةِ الأسبوعِ السَّابِع، وتعتدِلُ الصُّورةُ الأوَّليَّة، حيثُ يستوي العمودُ الفِقَريُّ وغيرُه. (الواضح).

15- ﴿ ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ﴾.
ثمَّ إنَّكم بعدَ النَّشأةِ تموتون. (الواضح).

18- ﴿ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ ﴾.
﴿ فَأَسْكَنَّاهُ فِى ٱلأَرْضِ ﴾ أي: جعلنا الماءَ إذا نزلَ من السحابِ يخلدُ في الأرض، وجعلنا في الأرضِ قابليةً له، تشربه، ويتغذَّى به ما فيها من الحَبِّ والنوَى.
وقوله: ﴿ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَـٰدِرُونَ ﴾ أي: لو شئنا أن لا تمطرَ لفعلنا، ولو شئنا لصرفناهُ عنكم إلى السباخِ والبراري والقفارِ لفعلنا، ولو شئنا لجعلناهُ أُجاجاً لا ينتفعُ به لشربٍ ولا لسقي لفعلنا، ولو شئنا لجعلناهُ لا ينزلُ في الأرض، بل ينجرُّ على وجهها لفعلنا، ولو شئنا لجعلناهُ إذا نزل فيها يغورُ إلى مدى لا تصلون إليه ولا تنتفعون به لفعلنا، ولكن بلطفهِ ورحمتهِ ينزلُ عليكم الماءُ من السحابِ عذباً فراتاً زلالاً، فيُسكنهُ في الأرض، ويسلكهُ ينابيعَ في الأرض، فيفتحُ العيونَ والأنهار، ويسقي به الزروعَ والثمار، وتشربون منه ودوابكم وأنعامكم، وتغتسلون منه، وتتطهرون منه وتتنظَّفون، فله الحمدُ والمنَّة. (ابن كثير).

19- ﴿ فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴾.
أي: من الجنات، أي: من ثمارها. ويجوزُ أن هذا من قولهم: "فلانٌ يأكلُ من حرفةٍ يحترفها، ومن صنعةٍ يغتلُّها"، أي أنها طعمتهُ وجهتهُ التي منها يحصلُ رزقه، كأنه قال: وهذه الجنّاتُ وجوهُ أرزاقِكم ومعايشِكم، منها تُرزَقون وتتعيَّشون. (النسفي).

20- ﴿ وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآَكِلِينَ ﴾.
وكونهِ إداماً يُصبَغُ فيه الخبز، أي: يُغمَسُ فيه للائتدام. (البيضاوي).

21- ﴿ وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴾.
من لحومها، وأولادها، والكسبِ عليها. (زاد المسير).

22- ﴿ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ ﴾.
وتركبون ظهورَها في البَرّ، وتَحمِلُ أمتِعتَكمُ الثَّقيلةَ إلى أماكنَ بعيدة، كما سخَّرَ لكمُ السُّفنَ تجري في البحر، تَحمِلُكم وتَحمِلُ أثقالَكم. (الواضح في التفسير).

23- ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴾.
﴿ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ ﴾: وحِّدوه، ﴿ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ ﴾: معبودٍ سواه، ﴿ أَفَلاَ تَتَّقُونَ ﴾: أفلا تخافون عقوبتَهُ إذا عبدتم غيرَه؟ (البغوي).

24- ﴿ فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آَبَائِنَا الْأَوَّلِينَ ﴾.
﴿ يُرِيدُ أنْ يَتَفَضَّلَ عَلَـيْكُمْ ﴾ يقول: يريدُ أن يصيرَ له الفضلُ عليكم، فيكونَ متبوعاً وأنتم له تبع، ﴿ وَلَوْشاءَ اللّهُ لأَنْزَلَ مَلائِكَةً ﴾ يقول: ولو شاءَ الله أن لا نعبدَ شيئاً سواهُ لأنزلَ ملائكة، يقول: لأرسلَ بالدعاءِ إلى ما يدعوكم إلـيه نوحٌ ملائكةً تؤدِّي إلـيكم رسالته. وقوله: ﴿ ما سَمِعْنا بِهَذَا ﴾ الذي يدعونا إليه نوحٌ من أنه لا إله لنا غيرُ الله في القرونِ الماضية، وهي آباؤهم الأوَّلون. (الطبري).

27- ﴿ فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾.
فاستَجبنا دعاءَه، وأوحينا إليه أنِ اصنَعِ السَّفينةَ... (الواضح).

29- ﴿ وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ ﴾.
وأنتَ خيرُ مَن أنزلَ عبـادَهُ المنازل. (الطبري).

32- ﴿ فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴾.
﴿ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ ﴾ يا قومُ وأطيعوهُ دونَ الآلهةِ والأصنام، فإنَّ العبادةَ لا تنبغي إلا له. ما لكم مِن معبودٍ يصلحُ أنْ تعبدوا سِواه. أفلا تخافون عقابَ اللهِ بعبادتِكم شيئًا دونه، وهو الإلهُ الذي لا إلهَ لكم سواه؟ (الطبري).

33- ﴿ وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآَخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ ﴾.
تفسيرُ الآية: وقالَ كُبَراءُ قومهِ المعاندونَ المتكبِّرون، الذين كفروا وكذَّبوا بالبعثِ والحسابِ يومَ الدِّين، وقد أعطيناهُم مِن الدُّنيا ووسَّعنا عليهم منَ الأموالِ والأنفُسِ والثَّمراتِ ما نشاء، قالوا: ما هذا الدَّاعي إلاّ واحدٌ مِن بَني جنسِكم، يأكلُ منَ الطَّعامِ الذي تأكلونَه، ويشربُ مِن الماءِ الذي تشربونَ منه. (الواضح).

34- ﴿ وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ ﴾.
يقولُ تعالى ذكرهُ مُخبرًا عن قيلِ الملأ من قومِ صالحٍ لقومهم: ﴿ وَلَئِنْ أطَعْمتُـمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ ﴾ فاتَّبعتُموهُ وقبلتُم ما يقولُ وصدَّقتموه، إنَّكم أيها القومُ إذًا لمغبونونَ حظوظَكم مِن الشرفِ والرفعةِ فـي الدنـيا بـاتِّبـاعكم إيّاه. (الطبري).

37- ﴿ إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ ﴾.
بمنشَرين بعد الموت. (البغوي).

38- ﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ ﴾.
قالوا: ما صالحٌ إلا رجلٌ اختلقَ على الله كذباً في قوله ما لكم من إلهٍ غيرُ الله [في الآية 32 من السورة]، وفي وعدهِ إيّاكم ﴿ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ ﴾ [الآية 35 من السورة]. (الطبري).

41- ﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾.
﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ ﴾ يعني صيحةَ العذاب. (البغوي).
﴿ فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾: فأبعدَ اللهُ القومَ الكافرينَ بهلاكهم، إذ كفروا بربِّهم، وعَصَوا رسلَه، وظلـموا أنفسَهم. (الطبري).

43- ﴿ مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ ﴾.
أي: ما تتقدَّمُ أمةٌ من الأممِ المهلَكةِ الوقتَ الذي عُيِّنَ لهلاكهم، ﴿ وَمَا يَسْتَـئْخِرُونَ ﴾ ذلك الأجلَ ساعة. (روح المعاني، باختصار).

44- ﴿ ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾.
﴿ كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ ﴾: كلَّما جاءَ أمَّةً مِن تلكَ الأممِ التي أنشأناها بعدَ ثمودَ رسولُها الذي نرسلهُ إلـيهم، كذَّبوهُ فـيما جاءَهم به مِن الحقِّ مِن عندنا.
﴿ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾: فأبعدَ اللهُ قومًا لا يؤمنونَ بـاللهِ ولا يصدِّقونَ برسوله. (الطبري).

47- ﴿ فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ ﴾.
استكبروا عن اتباعهما والانقيادِ لأمرهما لكونهما بشرَين، كما أنكرتِ الأممُ الماضيةُ بعثةَ الرسلِ من البشر. تشابهتْ قلوبهم. (ابن كثير).

51- ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ
الصلاحُ هو الاستقامةُ على ما توجبهُ الشريعة (البغوي)، إني بأعمالِكم ذو علم، لا يخفَى عليَّ منها شيء، وأنا مُجازيكم بجميعها، وموفِّيكم أجورَكم وثوابَكم عليها، فخذوا في صالحاتِ الأعمالِ واجتهدوا. (الطبري).

52- ﴿ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ﴾.
يقول: وأنا مولاكم فـاتَّقوني بطاعتي تأمنوا عقابي. (الطبري).

55- ﴿ أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ ﴾.
قالَ الزجّاج: المعنى: أيحسبون أن الذي نمدُّهم به ﴿ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ ﴾ مجازاةٌ لهم؟! إِنما هو استدراج. (زاد المسير).

56- ﴿ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ ﴾.
أيحسبون أن الذي نمدُّهم به نسارعُ به لهم فيما فيه خيرُهم وإكرامُهم؟ ﴿ بَل لاَّ يَشْعُرُونَ ﴾: بل هم كالبهائم، لا فطنةَ لهم ولا شعورٌ ليتأمَّلوا فيه فيعلَموا أن ذلك الإِمدادَ استدراجٌ لا مسارعةٌ في الخير. (البيضاوي).

62- ﴿ وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾.
ولا يُظلَمُ منهم أحدٌ بزيادةِ عقابٍ أو نقصانِ ثواب، أو بتكليفِ ما لا وسعَ له به. (النسفي).

65- ﴿ لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ ﴾.
أي: لا يجيركم أحدٌ مما حلَّ بكم، سواءٌ جأرتم أو سكتم، لا محيدَ ولا مناصَ ولا وزَر، لزمَ الأمرُ ووجبَ العذاب. (ابن كثير).
الوزَر: الملجأ والمعتصَم.

70- ﴿ أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ
﴿ أمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ ﴾ يقول: أيقولون بمحمدٍ جنون، فهو يتكلمُ بما لا معنى له ولا يُفهَمُ ولا يَدْرِي ما يقول؟
﴿ بَلْ جَاءَهُمْ بِالحَقِّ ﴾ يقولُ تعالى ذكره: فإنْ يقولوا ذلك فكَذِبُهم في قيلِهم ذلك واضحٌ بيِّن، وذلك أن المجنونَ يَهذي، فيأتي من الكلامِ بما لا معنى له، ولا يُعقَلُ ولا يُفهَم، والذي جاءَهم به محمدٌ هو الحكمةُ التي لا أحكمَ منها، والحقُّ الذي لا تَخفَى صحتهُ علـى ذي فطرةٍ صحيحة، فكيف يجوزُ أن يقال: هو كلامُ مجنون؟

وقوله: ﴿ وأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ﴾ يقولُ تعالَى ذكره: ما بهؤلاءِ الكفَرةِ أنهم لم يعرفوا محمَّدًا بالصدق، ولا أن محمَّدًا عندهم مجنون، بل قد علِموهُ صادقًا مُحِقًّا فيما يقولُ وفيما يدعوهم إلـيه، ولكنَّ أكثرَهم للإذعانِ للحقِّ كارهون، ولأتباعِ محمَّدٍ ساخطون، حسدًا منهم له، وبغيًا علـيه، واستكبارًا في الأرض. (الطبري).

71- ﴿ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ ﴾.
﴿ فَهُمُ ﴾ بما فعلوا من النكوص، ﴿ عَن ذِكْرِهِمْ ﴾ أي: فخرهم وشرفهم خاصة، ﴿ مُّعْرِضُونَ ﴾، لا عن غيرِ ذلك مما لا يوجبُ الإقبالَ عليه والاعتناءَ به. (روح المعاني).

72- ﴿ أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾.
واللهُ خيرُ مَن أعطَى عوضًا علـى عملٍ ورزقَ رزقًا. (الطبري).

74- ﴿ وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ ﴾.
وإنَّ الكافرينَ الذين لا يؤمنون بالبعث، والحسابِ والجزاء، زائغون عن الصِّراطِ المستقيم، جائرون منحرفون. (الواضح).

75- ﴿ وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾.
﴿ لَّلَجُّواْ ﴾ لثبتوا. واللجاج: التمادي في الشيء. ﴿ فِي طُغْيَـٰنِهِمْ ﴾: إفراطهم في الكفر، والاستكبارِ عن الحقّ، وعداوةِ الرسولِ والمؤمنين. (البيضاوي). ﴿ يَعْمَهُونَ ﴾ يعنـي: يتردَّدون. (الطبري).

80- ﴿ وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾.
﴿ وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ ﴾ أي: يُحيي الرِّمَم، ويُميتُ الأُمَم.
﴿ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾ أي: أفليسَ لكم عقولٌ تدلُّكم على العزيزِ العليم، الذي قد قهرَ كلَّ شيء، وعزَّ كلَّ شيء، وخضعَ له كلُّ شيء؟ (ابن كثير).

82- ﴿ قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ﴾.
يقول: أئذا متنا وعُدنا ترابـًا قد بَلـيتْ أجسامُنا، وبرأتْ عظامُنا من لحومنا. (الطبري).

83- ﴿ لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾.
تفسيرُ الآية: قالوا: لقد سبقَ أن ذُكِرَ لنا هذا مِن خبرِ الأنبياءِ السَّابقين، كما وعَدوا آباءَنا وأجدادَنا بذلك، وما هذا سوَى حكاياتِ المتقدِّمين وأكاذيبِهمُ التي سطَّروها في كتبِهم. (الواضح).

84- ﴿ قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾.
إنْ كنتُم مِن أهلِ العقلِ والعلم؟ (الواضح).

88- ﴿ قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾.
﴿ قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾: قلْ يا محمد: مَن بـيدهِ خزائنُ كلِّ شيء؟ (الطبري).
الملكوت: الـمُلك، والتاءُ فيه للمبالغة. (البغوي).
﴿ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾: من ذلك صفته. (الطبري).
قيل: معناه: أجيبوا إن كنتم تعلمون. (البغوي).

91- ﴿ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾.
﴿ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ ﴾: ما للهِ مِن ولد. (الطبري). لتنزُّههِ عزَّ وجلَّ عن الاحتياجِ، وتقدُّسهِ تعالَى عن مماثلةِ أحد. (روح المعاني).
﴿ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾: تنزيهًا للهِ عمّا يصفهُ به هؤلاءِ المشركون مِن أنَّ له ولدًا، وعمّا قالوهُ مِن أنَّ له شريكًا، أو أنَّ معهُ في القِدَمِ إلهًا يُعبَد، تباركَ وتعالَى. (الطبري).

92- ﴿ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾.
أي: تقدَّسَ وتنزَّهَ وتعالَى وعزَّ وجلَّ عمّا يقولُ الظالمون والجاحدون. (ابن كثير).

94- ﴿ رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾.
فـي القومِ المشركين. (الطبري).
يتبع

ابوالوليد المسلم 12-11-2020 10:45 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 

95- ﴿ وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ ﴾.
كانوا ينكرون الموعدَ بالعذاب، ويضحكون منه، فقيلَ لهم: إن الله قادرٌ على إنجازِ ما وعدَ إنْ تأمَّلتم، فما وجهُ هذا الإنكار؟ (النسفي).

96- ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ ﴾.
نحن أعلمُ بما يصفون اللهَ به، وينحَلُونَهُ من الأكاذيبِ والفِريةِ عليه، وبما يقولون فيكَ من السوء، ونحن مجازوهم علـى جميعِ ذلك، فلا يحزُنْكَ ما تسمعُ منهم مِن قبيحِ القول. (الطبري).

100- ﴿ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾.
﴿ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾: ... يقول: كي أعملَ صالحًا فيما تركتُ قبلَ اليومِ من العملِ فضيَّعتهُ وفرَّطتُ فـيه. (الطبري).
﴿ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾: يعني إلى يومِ يُبعَثون مِن قبورهم، وذلكَ يومُ القـيامة. (الطبري).

103- ﴿ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ﴾.
فقد ضيَّعوا أنفُسَهم وخابوا وخسروا، وهم ماكثونَ في جهنَّمَ أبدًا. (الواضح).

105- ﴿ أَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ ﴾.
وتزعمون أنها ليستْ من الله تعالى. (النسفي).

106- ﴿ قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ ﴾.
أي: قد قامتْ علينا الحجَّة، ولكنْ كنّا أشقَى مِن أنْ ننقادَ لها ونتَّبعَها، فضللنا عنها، ولم نُرزَقْها. (ابن كثير).

107- ﴿ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ
اردُدْنا إلى الدارِ الدنيا، فإنْ عُدنا إلى ما سلفَ منّا فنحن ظالمونَ مستحقُّونَ للعقوبة. (ابن كثير).

109- ﴿ إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ﴾.
لقد كانَ جماعةٌ مِن عباديَ المؤمنينَ يوحِّدونَني، ويدعونَني لأَغفِرَ لهم، وأرحمَهم، واللهُ خيرُ مَن رَحِمَ وعفا. (الواضح).

110- ﴿ فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ ﴾.
أي: مِن صنيعِهم وعبادتِهم. (ابن كثير).

111- ﴿ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾.
أي: بسببِ صبرهم على أذيَّتِكم. استئنافٌ لبيانِ حُسنِ حالهم، وأنهم انتفعوا بما آذَوهم، وفيه إغاظةٌ لهم. (روح المعاني).

115- ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾.
أي: أفحسبتُم أنكم إلينا لا تُرجَعون في الآخرةِ للجزاء؟ (البغوي).

116- ﴿ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ﴾.
أي: تقدَّسَ أنْ يخلقَ شيئًا عبثًا، فإنه الملكُ الحقُّ المنزَّهُ عن ذلك (ابن كثير)، لا معبودَ تنبغي له العبودةُ إلا اللهُ الـمَلِك الحقّ. (الطبري)، ﴿ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ﴾: فذكرَ العرشَ لأنه سقفُ جميعِ المخلوقات، ووصفَهُ بأنه "كريم"، أي: حسَنُ المنظر، بهيُّ الشكل، كما قالَ تعالى:
﴿ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ ﴾ [سورة لقمان: 10]. (ابن كثير).


سورة النور
2- ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾.
﴿ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ﴾: إنْ كنتُم تصدِّقون باللهِ ربِّكم وبالـيومِ الآخر، وأنكم فـيه مبعوثونَ لحشرِ القيامةِ وللثوابِ والعقاب، فإنَّ مَن كان بذلكَ مصدِّقًا فإنهُ لا يخالفُ اللهَ في أمرهِ ونهيه، خوفَ عقابهِ علـى معاصيه.
﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾: مِن أهلِ الإيـمانِ بـاللهِ ورسوله. (الطبري).

6- ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ﴾.
أوردَ المؤلفُ ألفاظَ اللعانِ عند تفسيرِ الآيةِ التاسعة.

10- ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ
ذكرَ تعالى لطفَهُ بخلقه، ورأفتَهُ بهم، وشرعَهُ لهم الفرجَ والمخرجَ مِن شدَّةِ ما يكونُ فيه مِن الضيق، فقال تعالى: ﴿ وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ﴾ أي: لحرجتم، ولشقَّ عليكم كثيرٌ من أموركم، ﴿ وَأَنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ ﴾ أي: على عباده، وإن كان ذلك بعد الحلفِ والأيمانِ المغلَّظة، ﴿ حَكِيمٌ ﴾ فيما يشرعهُ ويأمرُ به، وفيما ينهَى عنه. (ابن كثير).

14- ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾.
ولولا فضلُ اللهِ عليكم ورأفتهُ بكم في الدُّنيا والآخرة، بأنْ عفا عنكم وقَبِلَ توبتَكم لإيمانِكم، لأصابَكم بسببِ ما خضتُم فيهِ من حديثِ الإفكِ عذابٌ كبيرٌ لا ينقطِع. والخطابُ للخائضينَ فيه مِن غيرِ المنافقين. (الواضح).

17- ﴿ يَعِظُكُمَ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾.
أي: إنْ كنتم تؤمنون باللهِ وشرعه، وتعظِّمون رسولَهُ صلى الله عليه وسلم. فأمّا مَن كان متَّصفًا بالكفر، فذاكَ له حكمٌ آخر. (ابن كثير).

18- ﴿ وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾.
ويفصِّلُ الله لكم حججَهُ عليكم بأمرهِ ونهيه، ليتبيَّنَ المطيعُ له منكم من العاصي، والله عليمٌ بكم وبأفعالكم، لا يخفَى عليه شيء، وهو مجازٍ المحسنَ منكم بإحسانه، والمسيءَ بإساءته، حكيمٌ في تدبيرِ خَلقه، وتكليفهِ ما كلَّفهم من الأعمال، وفرضَهُ ما فرضَ عليهم من الأفعال. (الطبري).

19- ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾.
وأنتم لا تعلمونَ ما يَعلمُه، فردُّوا إليهِ الأمورَ تَرشُدوا وتَنجوا. (الواضح).
فعاقِبوا في الدنيا على ما دلَّ عليه الظاهر، والله سبحانهُ يعاقبُ على ما في القلوبِ من حبِّ الإِشاعة. (البيضاوي).

20- ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾.
ولولا فضلُ اللهِ ونعمتهُ عليكم، ورحمتهُ بكم، لعجَّلَ بعقوبتِكم، ولكنَّهُ رحمَكم وتابَ عليكم. وهذا لغيرِ المنافقين. (الواضح).

21- ﴿ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾.
ومَن يَسلُكْ طرقَ الشيطان، فإنَّهُ يكونُ ساعيًا وآمِرًا بالأفعالِ القبيحةِ التي يُنكِرُها الشَّرع، لضررِها وآثارِها السيِّئة. (الواضح).

22- ﴿ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾.
﴿ أُولِي الْقُرْبَى ﴾: ذوي قرابتهم، فيصِلوا به أرحامَهم، كمِسْطَح، وهو ابنُ خالةِ أبي بكر.
﴿ وَالْمَسَاكِينَ ﴾: يقول: وذوي خَـلَّةِ الـحاجة، وكان مِسْطح منهم، لأنه كان فقـيراً محتاجا.

﴿ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾: وهم الذين هاجروا من ديارهم وأموالهم في جهادِ أعداءِ الله، وكان مِسْطَحُ منهم؛ لأنه كان ممن هاجرَ من مكةَ إلى المدينة، وشهدَ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بدراً.
﴿ وَلْـيَعْفُوا ﴾: يقول: ولـيَعفُوا عمّا كان منهم إليهم من جُرم، وذلك كجرمِ مِسْطحَ إلى أبي بكرٍ فـي إشاعتهِ على ابنتهِ عائشةَ ما أشاعَ من الإفك.

﴿ وَلْـيَصْفَحُوا ﴾ يقول: ولْيَتركوا عقوبتَهم على ذلكَ بحرمانِهم ما كانوا يؤتونَهم قبلَ ذلك، ولكنْ لـيعودوا لهم إلى مثلِ الذي كانوا لهم عليه من الإفضالِ علـيهم.
﴿ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ لذنوبِ مَن أطاعَهُ واتَّبعَ أمرَه، ﴿ رَحِيمٌ ﴾ بهم أنْ يعذِّبَهم مع اتِّباعِهم أمرَه وطاعتِهم إيّاه، على ما كان لهم مِن زلَّةٍ وهفوةٍ قد استغفروهُ منها، وتابوا إليه مِن فعلِها. (الطبري).

23- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ
إنَّ الذين يَقذِفونَ العفيفاتِ البعيداتِ عن التُّهَم، المؤمناتِ، بالزِّنا، أُبعِدوا منَ الرَّحمة، فعُذِّبوا في الدُّنيا بالحدّ، وفي الآخرةِ بالنَّار، ولهم مع الَّلعنِ عذابٌ كبيرٌ هائل. (الواضح في التفسير).

25- ﴿ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ ﴾.
يبيِّنُ لهم حقيقةَ ما كان يَعِدُهم في الدنيا. قالَ عبد الله بنُ عباسٍ رضيَ الله عنهما: وذلك أن عبد الله بنَ أُبيّ كان يشكُّ في الدين، فيَعلَمُ يومَ القيامةِ أن الله هو الحقُّ المبين. (البغوي).

28- ﴿ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾.
يعني: الرجوعُ أطهرُ وأصلحُ لكم. (البغوي).

29- ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ
واللهُ يعلمُ ما تُظهِرونَ - أيها الناسُ - بألسنتِكم منَ الاستئذانِ إذا استأذنتُم على أهلِ البـيوتِ المسكونة، وما تُضمرونَهُ في صدورِكم عند فعلِكم ذلكَ ما الذي تقصدون به: أطاعةَ اللهِ والانتهاءَ إلى أمره، أم غيرَ ذلك؟ (الطبري).

30- ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ
﴿ ذَلِكَ أزْكَى لَهُمْ ﴾ يقول: فإنَّ غضَّها من النظرِ عمّا لا يحلُّ النظرُ إليه، وحفظَ الفرجِ عن أن يَظهرَ لأبصارِ الناظرين، أطهرُ لهم عند الله وأفضل. ﴿ إنَّ اللّهُ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ يقول: إنَّ اللهَ ذو خبرةٍ بما تصنعونَ أيها الناسُ فيما أمرَكم به، مِن غضِّ أبصارِكم عمَّا أمرَكم بالغضِّ عنه، وحفظِ فروجِكم عن إظهارِها لمنْ نهاكم عن إظهارِها له. (الطبري).

31- ﴿ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾.
﴿ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ﴾ يعني المقانع، يُعمَلُ لها صنفاتٌ ضارباتٌ على صدورهنَّ لتواريَ ما تحتها من صدرها وترائبها..

والخُمر جمعُ خِمار، وهو ما يُخمَرُ به، أي: يُغطَّى به الرأس، وهي التي تسمِّيها الناسُ المقانع.
قالَ سعيد بنُ جبير: ﴿ وَلْيَضْرِبْنَ ﴾: وليشدُدن، ﴿ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ﴾ يعني: على النحرِ والصدر، فلا يُرى منه شيء.

﴿ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾... فإنَّ الفلاحَ كلَّ الفلاح، في فعلِ ما أمرَ اللهُ به ورسوله، وتركِ ما نهَيا عنه. واللهُ تعالَى هو المستعان. (ابن كثير، باختصار).

34- ﴿ وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آَيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ﴾.
يعني ما وعظَ به في تلك الآيات. وتخصيصُ المتقين لأنهم المنتفعون بها. (البيضاوي).

35- ﴿ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾.
أي: هو أعلمُ بمن يستحقُّ الهدايةَ ممَّن يستحقُّ الإضلال. (ابن كثير).

43- ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ ﴾.
﴿ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ ﴾: وسطه.
﴿ فَيُصِيبُ بِهِ ﴾: يعني بالبرَد ﴿ مَنْ يَشَآءُ ﴾، فيهلكُ زروعَهُ وأمواله، ﴿ وَيَصْرِفُهُ عَمَّنْ يَشَآءُ ﴾، فلا يضرُّه. (البغوي).

44- ﴿ يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ﴾.
إنَّ في إنشاءِ اللهِ السحابَ، وإنزالهِ منه الودَقَ، ومن السماءِ البرَدَ، وفي تقليبهِ الليلَ والنهار، لعبرةً لمن اعتبرَ به، وعظةً لمن اتَّعظ به، ممَّن له فهمٌ وعقل؛ لأن ذلك يُنبىءُ ويدلُّ على أنَّ له مدبِّرًا ومصرِّفًـا ومقلِّبًا، لا يُشبِههُ شيء. (الطبري).

45- ﴿ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
يُحدِثُ اللهُ ما يشاءُ مِن الخَـلق، إنَّ اللهَ علـى إحداثِ ذلكَ وخَـلقهِ وخَـلقِ ما يشاءُ مِن الأشياءِ غيره، ذو قدرة، لا يتعذَّرُ علـيه شيءٌ أراد. (الطبري).

47- ﴿ وَيَقُولُونَ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ﴾.
أي: ليسوا بالمؤمنينَ المعهودينَ بالإخلاصِ والثباتِ عليه. (روح المعاني).

50- ﴿ أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ ﴾.
يعني: لا يخرجُ أمرُهم عن أن يكونَ في القلوبِ مرضٌ لازمٌ لها، أو قد عرضَ لها شكٌّ في الدين، أو يخافون أنْ يجورَ اللهُ ورسولهُ عليهم في الحكم. وأيًّا ما كان، فهو كفرٌ محض، والله عليمٌ بكلٍّ منهم، وما هو منطوٍ عليه من هذه الصفات. (ابن كثير).

51- ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ﴾.
﴿ أَنْ يَقُولُواْ سَمِعْنَا ﴾ قولَهُ ﴿ وَأَطَعْنَا ﴾ أمرَهُ. (النسفي).

52- ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾.
﴿ وَمَنْ يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾: قالَ ابنُ عباس رضيَ الله عنهما: فيما ساءَهُ وسرَّه، ﴿ وَيَخْشَى ٱللَّهَ ﴾: على ما عملَ من الذنوب، ﴿ وَيَتَّقْهِ ﴾ فيما بعد، ﴿ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَآئِزُونَ ﴾: الناجون. (البغوي).

53- ﴿ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾.
أي: هو خبيرٌ بكم وبمن يُطيعُ ممَّن يعصي، فالحلفُ وإظهارُ الطاعةِ - والباطنُ بخلافهِ - وإنْ راجَ على المخلوق، فالخالقُ تعالَى يعلمُ السرَّ وأخفَى، لا يروَّجُ عليه شيءٌ مِن التدليس، بل هو خبيرٌ بضمائرِ عباده، وإنْ أظهروا خلافَها. (ابن كثير).

54- ﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾.
﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾: وقلْ لهم: أطيعوا اللهَ واستجيبُوا لأمرِه، وأطيعوا رسولَهُ ولا تخالِفوه.
﴿ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾: وإذا أطعتُم الرَّسولَ فقد اهتديتُم إلى الحقّ. وما على رسولِنا إلاّ أنْ يُبَلِّغَكم ما أوحِيَ إليه، في وضوحٍ وبيان، وقد فعَل، ولا سيطرةَ له على قلوبِكم. (الواضح).

55- ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ﴾.
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا ﴾ بـالله ورسولهِ ﴿ مِنْكُمْ ﴾ أيها الناس، ﴿ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ يقول: وأطاعوا الله ورسولَهُ فـيـما أمراهُ ونهياه.

﴿ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾: كما فعلَ مِن قبلهم ذلك ببني إسرائيل، إذ أهلكَ الـجبـابرةَ بـالشأم، وجعلَهم ملوكها وسكانها.
﴿ لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ﴾: لا يشركون في عبـادتِهم إيّايَ الأوثانَ والأصنامَ ولا شيئًا غيرَها، بل يُخـلصون ليَ العبادة، فـيُفردونها إليَّ دون كلِّ ما عُبِدَ مِن شيءٍ غيري. (الطبري).

56- ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾.
أي: لكي تُرحَموا، فإنها من مستجلبات الرحمة. (النسفي).

58- ﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾.
كما بيَّنتُ لكم أيها الناسُ أحكامَ الاستئذانِ في هذه الآية، كذلكَ يبيِّنُ اللهُ لكم جميعَ أعلامهِ وأدلَّتهِ وشرائعَ دينه، واللهُ ذو علمٍ بما يُصلحُ عبادَه، حكيمٌ في تدبيرهِ إيّاهم، وغيرِ ذلكَ مِن أموره. (الطبري).

59- ﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾.
﴿ كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ ءَايَـٰتِهِ ﴾: دلالاته، وقيل: أحكامه، ﴿ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ ﴾ بأمورِ خلقه، ﴿ حَكِيمٌ ﴾ بما دبَّرَ لهم. (البغوي).

64- ﴿ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾.

ويوم يَرجعُ إلى الله الذين يخالفون عن أمره ﴿ فـيُنَبِّئُهُم ﴾، يقول: فـيخبرهم حينئذٍ ﴿ بِـمَا عَمِلُوا ﴾ في الدنـيا، ثم يجازيهم على ما أسلفوا فـيها، من خلافهم علـى ربهم. ﴿ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِـيـمٌ ﴾ يقول: واللهُ ذو علمٍ بكلٍّ شيءٍ عملتموهُ أنتم وهم وغيركم، وغيرِ ذلكَ مِن الأمور، لا يخفَى عليه شيء، بل هو محيطٌ بذلكَ كله، وهو مُوفٍ كلَّ عاملٍ منكم أجرَ عملهِ يومَ تُرجَعونَ إلـيه. (الطبري).





ابوالوليد المسلم 12-11-2020 10:47 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 
الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (20)






أ. محمد خير رمضان يوسف



(سورة الفرقان، سورة الشعراء)




سورة الفرقان
5- ﴿ وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾.
﴿ وَقَالُوۤاْ أَسَـٰطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ ﴾ يعني النضر بنَ الحارث، كان يقول: إنّ هذا القرآنَ ليسَ من الله، وإنما هو مما سطَّرَهُ الأولون، مثلُ حديثِ رُستم واسفنديار، ﴿ ٱكْتَتَبَهَا ﴾: انتسخها محمدٌ من جبر، ويسار، وعدَّاس. ومعنى "اكتتب" يعني طلبَ أن يُكتبَ له، لأنه كان لا يكتب، ﴿ فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ ﴾، يعني تُقرأ عليه ليحفظها لا ليكتبها، ﴿ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ﴾: غدوةً وعشياً. (البغوي).

قالَ ابنُ كثير رحمَهُ الله: وهذا الكلامُ لسخافتهِ وكذبهِ وبُهتهِ منهم، يعلمُ كلُّ أحدٍ بطلانه، فإنه قد عُلِمَ بالتواترِ وبالضرورةِ أن محمداً رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لم يكنْ يعاني شيئاً من الكتابة، لا في أولِ عمرهِ ولا في آخره، وقد نشأ بين أظهرهم من أولِ مولدهِ إلى أن بعثَهُ الله نحواً من أربعينَ سنة، وهم يعرفون مدخلَهُ ومخرجَه، وصدقَهُ ونزاهته، وبرَّهُ وأمانته، وبُعدَهُ عن الكذبِ والفجورِ وسائرِ الأخلاقِ الرذيلة، حتى إنهم كانوا يسمُّونَهُ في صغرهِ وإلى أن بُعث: الأمين؛ لما يعلمون من صدقهِ وبرِّه، فلمَّا أكرمَهُ الله بما أكرمَهُ به، نصبوا له العداوة، ورموهُ بهذه الأقوال، التي يعلمُ كلُّ عاقلٍ براءتَهُ منها، وحاروا فيما يقذفونَهُ به، فتارةً من إفكهم يقولون: ساحر، وتارةً يقولون: شاعر، وتارةً يقولون: مجنون، وتارةً يقولون: كذّاب. وقالَ الله تعالى: ﴿ ٱنْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً ﴾ [سورة الفرقان: 9].

9- ﴿ ٱنْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً ﴾.
﴿ ٱنْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ ﴾: بيَّنوا ﴿ لَكَ ٱلأَمْثَالَ ﴾: الأشباه. أي: قالوا فيكَ تلك الأقوال، واخترعوا لكَ تلك الصفاتِ والأحوال، من المفتري، والمملَى عليه، والمسحور. (النسفي).

10- ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا ﴾.
تقدَّسَ الذي إنْ شاءَ جعلَ لكَ خيرًا ممَّا قالَ هؤلاءِ المشركونَ لكَ يا محمد، فجعلَ لكَ مكانَ ذلكَ بساتينَ تجري في أصولِ أشجارِها الأنهار، ويجعلْ لكَ بيوتًا مبنيَّة. وكانت قريشٌ ترَى البـيتَ مِن الحجارةِ قصرًا، كائنًا ما كان. (ينظر تفسير الطبري).

11- ﴿ بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا ﴾.
﴿ بِالسَّاعَةِ ﴾: بالقيامة.
قالَ البيضاوي: ﴿ بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلسَّاعَةِ ﴾ فقصرتْ أنظارُهم على الحطامِ الدنيوية، وظنوا أن الكرامةَ إنما هي بالمال، فطعنوا فيكَ لفقرك.
أو فلذلك كذَّبوك، لا لما تمحَّلوا من المطاعنِ الفاسدة.
أو فكيف يلتفتون إلى هذا الجوابِ ويصدِّقونك بما وعدَ الله لكَ في الآخرة.
أو فلا تعجبْ من تكذيبهم إيّاك، فإنه أعجبُ منه.

15- ﴿ قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا ﴾.
وجعلها لهم جزاءً ومصيراً على ما أطاعوهُ في الدنيا، وجعلَ مآلَهم إليها. (ابن كثير).

16- ﴿ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا ﴾.
﴿ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ ﴾ أي: مِن الملاذّ، مِن مآكلَ ومشارب، وملابسَ ومساكن، ومراكبَ ومناظر، وغيرِ ذلكَ ممّا لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطرَ على قلبِ أحد. وهم في ذلكَ خالدون أبدًا دائمًا سرمدًا، بلا انقطاعٍ ولا زوالٍ ولا انقضاء، لا يبغونَ عنها حِوَلا. وهذا مِن وعدِ اللهِ الذي تفضَّلَ به عليهم، وأحسنَ به إليهم. (ابن كثير).

17- ﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ ﴾.
فيقولُ اللهُ للذين كانَ هؤلاءِ المشركون يعبدونهم مِن دونِ الله: أنتم أزَلتُموهم عن طريق الهُدَى ودعوتُموهم إلى الغيِّ والضلالةِ حتى تاهوا وهلكوا، أم عبـادي هم الذين ضلُّوا سبيلَ الرشدِ والحقِّ وسلكوا العطَب؟ (الطبري).

18- ﴿ قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ ﴾.
﴿ قَالُواْ سُبْحَـٰنَكَ ﴾، نزَّهوا الله من أن يكونَ معه إله، ﴿ مَا كَانَ يَنبَغِى لَنَآ أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَآءَ ﴾، يعني: ما كان ينبغي لنا أن نواليَ أعداءك، بل أنت وليُّنا من دونهم. وقيل: ما كان لنا أن نأمرَهم بعبادتِنا ونحن نعبدُك. (البغوي).

19- ﴿فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا﴾.
﴿ وَلَا نَصْرًا ﴾ ولا نصرَ أنفسِكم.
﴿ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا ﴾: فُسِّرَ بالخلودِ في النار، وهو يليقُ بالشركِ دون الفاسق.. (النسفي).

الجزء التاسع عشر
28- ﴿ يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ﴾.
صديقًا.

29- ﴿ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴾.
﴿ وَكَانَ ٱلشَّيْطَـٰنُ ﴾: وهو كلُّ متمرِّدٍ عاتٍ من الإِنسِ والجنّ، وكلُّ من صدَّ عن سبيلِ الله فهو شيطان، ﴿ لِلإِنْسَـٰنِ خَذُولاً ﴾ أي: تاركاً، يتركهُ ويتبرأ منه عند نزولِ البلاءِ والعذاب. وحكمُ هذه الآيةِ عامٌّ في حقِّ كلِّ متحابَّين اجتمعا على معصيةِ الله. (البغوي).

31- ﴿ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا
وكفاكَ يا محمَّدُ بربِّكَ هاديًا يَهديكَ إلى الحقّ، ويُبصِّركَ الرشد، وناصرًا لكَ على أعدائك. يقول: فلا يهولنَّكَ أعداؤكَ مِن المشركين، فإني ناصرُكَ عليهم، فاصبرْ لأمري، وامضِ لتبليغِ رسالتي إلـيهم. (الطبري).

34- ﴿ الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا ﴾.
هم أسوأُ منزِلة، وأبعدُ طريقًا عن الحقّ. (الواضح في التفسير).

37- ﴿ وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾.
وأعدَدنا لهم من الكافرينَ باللهِ في الآخرةِ عذابًا أليمًا، سوَى الذي حلَّ بهم مِن عاجلِ العذابِ في الدنـيا. (الطبري).

42- ﴿إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آَلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا﴾.
يقولُ تعالى ذكرهُ مخبراً عن هؤلاءِ المشركين الذين كانوا يهزؤون برسولِ الله صلى الله عليه وسلم: إنهم يقولون إذا رأوه: قد كادَ هذا يضلُّنا عن آلهتنا التي نعبدها، فـيصدُّنا عن عبـادتها لولا صبرنا عليها، وثبوتنا على عبـادتها. ﴿ وَسَوْفَ يَعْلَـمُونَ حِينَ يَرَوْنَ العذَابَ ﴾ يقولُ جلَّ ثناؤه: سيُبيَّنُ لهم حينَ يعاينونَ عذابَ اللهِ قد حلَّ بهم على عبـادتِهم الآلهة، مَن الراكبُ غيرَ طريقِ الهُدى، والسالكُ سبيلَ الردَى، أنتَ أو هم. (الطبري).

43- ﴿ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ﴾.
حفيظاً تمنعهُ عن الشركِ والمعاصي وحالهُ هذا؟ (البيضاوي).
وقد فسَّرَ المؤلفُ (الوكيل) في الآيةِ التالية.

48- ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ﴾.
وهو الذي بعثَ الرِّياحَ لتبشِّرَ بنزولِ المطر، بعدَ تشكُّلِ السَّحاب. (الواضح).

49- ﴿ لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا ﴾.
أي: أرضاً قد طالَ انتظارها للغيث، فهي هامدةٌ لا نباتَ فيها ولا شيء، فلمّا جاءها الحَيَا عاشت واكتست رباها أنواعَ الأزاهير والألوان، كما قال تعالى: ﴿ فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ ﴾ [سورة فصلت: 39] الآية.
﴿ وَنُسْقِيَهِ مِمَّا خَلَقْنَآ أَنْعَـٰماً وَأَنَاسِىَّ كَثِيراً ﴾ أي: وليشربَ منه الحيوان، من أنعامٍ وأناسيّ محتاجين إليه غايةَ الحاجة، لشربهم وزروعهم وثمارهم؛ كما قال تعالى: ﴿ وَهُوَ ٱلَّذِى يُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ ﴾ [سورة الشورى: 28] الآية، وقالَ تعالى: ﴿ فَٱنظُرْ إِلَىٰ ءَاثَـٰرِ رَحْمَةِ ٱللَّهِ كَيْفَ يُحْىِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ ﴾ [سورة الروم: 50]. (ابن كثير).

52- ﴿ فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ﴾.
﴿ فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ ﴾: فلا تُطعِ الكافرينَ فيما يدعونكَ إليه مِن موافقتِهم ومداهنتِهم. (البغوي).
﴿ وَجَـٰهِدْهُمْ بِهِ ﴾ أي بالقرآن، كما أخرجَ ابنُ جرير وابن المنذر عن ابنِ عباس رضيَ الله تعالى عنهما، وذلك بتلاوةِ ما فيه من البراهينِ والقوارعِ والزواجرِ والمواعظ، وتذكيرِ أحوالِ الأممِ المكذِّبة، ﴿ جِهَاداً كَبيراً ﴾، فإن دعوةَ كلِّ العالمين على الوجهِ المذكورِ جهادٌ كبير، لا يُقادَرُ قدرهُ كمًّا وكيفًا. (روح المعاني).

54- ﴿ وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا
وربُّكَ يا محمدُ ذو قدرةٍ على خَلقِ ما يشاءُ مِن الخَلقِ، وتصريفِهم فيما شاءَ وأراد. (الطبري).

58- ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا ﴾.
﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ ﴾: وتوكَّلْ يا محمَّدُ على الذي له الحياةُ الدائمةُ التي لا موتَ معها، فثِقْ به في أمرِ ربِّكَ وفوِّضْ إليه، واستسلِمْ له، واصبرْ على ما نابكَ فيه.
﴿ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا ﴾: وحسبُكَ بالحيِّ الذي لا يموتُ خابراً بذنوبِ خَلقه، فإنه لا يخفَى علـيه شيءٌ منها، وهو مُحصٍ جميعَها علـيهم، حتـى يجازيَهم بها يومَ القـيامة. (الطبري).

59- ﴿ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ﴾.
اللهُ الذي خلقَ السَّماواتِ العظيمةَ وما فيها مِن شموسٍ وكواكبَ ومخلوقاتٍ لم نرَها، والأرضَ وما فيها مِن حيوانٍ ونباتٍ وجماد، في ستَّةِ أيَّام، ثمَّ استوَى على العرش، يدبِّرُ الأمرَ ويَقضي بين الخَلق.. (الواضح).

60- ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا .
﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ﴾ أي: إذا قالَ محمدٌ عليه الصلاةُ والسلامُ للمشركين: ﴿ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ ﴾: صلُّوا لله واخضعوا له.
﴿ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا ﴾: للذي تأمرنا بالسجودِ له، أو لأمرِكَ بالسجودِ يا محمدُ من غيرِ علمٍ منا به. (النسفي).

64- ﴿ وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ﴾:
﴿ سُجَّداً ﴾: على وجوههم، ﴿ وَقِيَـٰماً ﴾: على أقدامهم. (البغوي).

66- ﴿ إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ﴾.
أي: بئسَ المنزلُ منظراً. (ابن كثير).

69- ﴿ يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ﴾.
﴿ يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ أي: يكرَّرُ عليه ويغلَّظ، ﴿ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ﴾ أي: حقيرًا ذليلاً. (ابن كثير).

70- ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾.
﴿ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا ﴾: وصدَّقَ بما جاءَ به محمدٌ نبيُّ الله، وعملَ بما أمرَهُ اللهُ مِن الأعمال، وانتهَى عمّا نهاهُ اللهُ عنه.
﴿ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾: وكان اللهُ ذا عفوٍ عن ذنوبِ مَن تابَ مِن عبـاده، وراجعَ طاعته، وذا رحمةٍ به أنْ يعاقبَهُ على ذنوبهِ بعدَ توبتهِ منها. (الطبري).


71- ﴿ وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ﴾.
وعملَ بما أمرَهُ اللهُ فأطاعَه. (الطبري).

75- ﴿ أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا ﴾.
فهؤلاءِ المتَّصفونَ بصفاتِ "عبادِ الرحمن"، ينالونَ جنَّةَ اللهِ الدَّائمة، وتبتدِرُهمُ الملائكةُ بالتحيَّةِ والسَّلامِ مِن كلِّ باب، مع التَّقديرِ والإكرام. (الواضح).

76- ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً ﴾.
ويُقيمونَ في الجنَّةِ على الدَّوام، لا يموتونَ فيها ولا يخرجونَ منها، وما أحسنَها وأجملَها موضِعًا، وما أطيبَها مَنزِلاً ومُقامًا. (الواضح).

سورة الشعراء
5- ﴿ وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ ﴾.
أي: كلما جاءهم كتابٌ من السماء، أعرضَ عنه أكثرُ الناس.. (ابن كثير).

6- ﴿ فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾.
فقد كذَّبوا بالقرآنِ وما فيه من الحقّ، وسوفَ يأتيهم خبرُ ما كذَّبوا به، من العقوبةِ والعذاب. (الواضح).

8- ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾.
﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ ﴾: إن في إنباتِ تلك الأصناف، أو في كلِّ واحد، ﴿ لَآيَةً ﴾ على أن مُنبِتَها تامُّ القدرةِ والحكمة، سابغُ النعمةِ والرحمة. (البيضاوي).

10- ﴿ وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾.
﴿ وَإِذْ نَادَىٰ رَبُّكَ مُوسَىٰ ﴾: واذكرْ يا محمدُ إذ نادَى ربُّكَ موسى حين رأى الشجرةَ والنار، ﴿ أَنِ ٱئْتَ ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ ﴾، يعني الذين ظلموا أنفسَهم بالكفرِ والمعصية، وظلموا بني إسرائيل باستعبادهم وسَومِهم سوءَ العذاب. (ابن كثير).

11- ﴿ قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ ﴾.
ألا يتَّقونَ عقابَ اللهِ علـى كفرهم به؟ (الطبري).

12- ﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ ﴾.
قالَ موسَى لربِّه: رَبِّ إنِّي أخافُ مِن قومِ فرعونَ الذين أمرتَني أنْ آتيَهم أنْ يكذِّبوني بقيلي لهم إنكَ أرسلتَني إلـيهم. (الطبري).

13- ﴿ وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ ﴾.
كأنه قال: أرسِلْ جبريلَ - عليه السلامُ - إلى هارونَ واجعلهُ نبيًّا. (روح المعاني).

16- ﴿ فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾.
اذهبا إلى فرعونَ المتكبِّر، وقولا له: لقد بعثَنا اللهُ رسولَينِ إليكَ ندعوكَ إلى الهُدَى. (الواضح).

21- ﴿ فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾.
ففررتُ منكم معشرَ الملأ مِن قومِ فرعونَ لمـّا خفتُكم أنْ تقتلوني، بقتليَ القتيلَ منكم، فوهبَ لي ربِّي نبوَّة، وألحقَني بعِدادِ مَن أرسلَهُ إلى خَلقه، مبلِّغًا عنه رسالتَهُ إليهم، بإرسالهِ إيّايَ إليكَ يا فرعون. (الطبري).

24- ﴿ قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ ﴾.
أي: خالقُ جميعِ ذلك، ومالكهُ والمتصرِّفُ فيه، وإلهه، لا شريكَ له، هو الذي خلقَ الأشياءَ كلَّها؛ العالمَ العلويَّ وما فيه من الكواكبِ الثوابتِ والسيَّارات النيِّرات، والعالمَ السفليَّ وما فيه من بحارٍ وقفارٍ وجبالٍ وأشجارٍ وحيواناتٍ ونباتٍ وثمار، وما بين ذلك من الهواءِ والطير، وما يحتوي عليه الجوّ، الجميعُ عبيدٌ له خاضعون ذليلون، ﴿ إِن كُنتُمْ مُّوقِنِينَ ﴾ أي: إنْ كانت لكم قلوبٌ موقنة، وأبصارٌ نافذة. (ابن كثير).

26- ﴿ قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ﴾.
أي: خالقُكم وخالقُ آبائكم الأوَّلين، الذين كانوا قبلَ فرعونَ وزمانه. (ابن كثير).

27- ﴿ قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ﴾.
يتكلمُ بكلامٍ لا نعقلهُ ولا نعرفُ صحَّته. وكان عندهم أن من لا يعتقدُ ما يعتقدون ليس بعاقل! (البغوي).

28- ﴿ قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ﴾.
أي: هو الذي جعلَ المشرقَ مشرقًا تطلعُ منه الكواكب، والمغربَ مغربًا تغربُ فيه الكواكب، ثوابتُها وسيّاراتُها، مع هذا النظامِ الذي سخَّرها فيه وقدَّرها، فإنْ كانَ هذا الذي يزعمُ أنه ربُّكم وإلهُكم صادقًا فليعكسِ الأمر، وليجعلِ المشرقَ مغربًا، والمغربَ مشرقًا.. (ابن كثير).
﴿ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ﴾: إنْ كانَ لكم عقولٌ تعقلونَ بها ما يُقالُ لكم، وتفهمونَ بها ما تسمعونَ ممَّا يُعينُ لكم. (الطبري).

30- ﴿ قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ ﴾.
أي: أتفعلُ ذلك ولو جئتُكَ بشيءٍ يبيِّنُ صدقَ دعواي؟ يعني المعجزة، فإنها الجامعةُ بين الدلالةِ على وجودِ الصانعِ وحكمته، والدلالةِ على صدقِ مدَّعَى نبوَّته. (البيضاوي).

31- ﴿ قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾.
قالَ له فرعون: فأتِ بالشيءِ المبينِ حقيقةَ ما تقول، فإنّا لن نسجنكَ حينئذٍ إن اتَّخذتَ إلهًا غيري ﴿ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾، يقول: إنْ كنتَ محقًّا فيما تقول، وصادقًا فيما تصفُ وتُـخبر. (الطبري).

33- ﴿ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ ﴾.
أي: بياضُها يجتمعُ النظارةُ على النظرِ إليه؛ لخروجهِ عن العادة.. (روح المعاني).

34- ﴿ قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ
قالَ المؤلفُ في الآيةِ (109) من سورةِ الأعراف ﴿ قَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ﴾: الساحرُ كان عندهم في ذلك الزمنِ أعلَى المراتبِ وأعظمَ الرجال..

35- ﴿ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ﴾؟
قالَ في الآيةِ (110) من سورةِ الأعراف ﴿ يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ﴾: يعنون بأنه يحكمُ فيكم بنقلِ رعيَّتِكم في بني إسرائيل، فيُفضي ذلك إلى خرابِ دياركم إذا ذهبَ الخدَمةُ والعمَرة، وأيضاً فلا محالةَ أنهم خافوا أن يقاتلهم، وجالت ظنونُهم كلَّ مجال.
وقالَ النقّاش: كانوا يأخذون من بني إسرائيلَ خرجاً كالجزية، فرأوا أن ملكَهم يذهبُ بزوالِ ذلك.
وقوله: ﴿ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ﴾؟ الظاهرُ أنه من كلامِ الملأ بعضِهم إلى بعض، وقيل: هو من كلامِ فرعونَ لهم..

37- ﴿ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ
وابعثْ في بلادِكَ وأمصارِ مصرَ حاشرين يَحشرون إليكَ كلَّ ﴿ سَحَّارٍ ﴾: عليمٍ بالسحر. (الطبري).

39- ﴿ وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ ﴾.
أي: اجتمِعوا. وهو استبطاءٌ لهم في الاجتماع، والمرادُ منه استعجالُهم. (النسفي).

41- ﴿ فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ ﴾.
فقامَ السحرةُ بين يدَي فرعونَ يطلبون منه الإحسانَ إليهم والتقربَ إليه إن غَلبوا، أي: هذا الذي جمعتَنا من أجله، فقالوا: ﴿ أَإِنَّ لَنَا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ ٱلْغَـٰلِبِينَ قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَّمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ ﴾ أي: وأخَصُّ مما تطلبون أجعلُكم من المقرَّبين عندي وجلسائي. (ابن كثير).
يتبع

ابوالوليد المسلم 12-11-2020 10:56 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 


43- ﴿ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ ﴾.
﴿ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ ﴾ مِن حبـالِكم وعِصيِّكم. (الطبري).

44- ﴿ فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ ﴾.
﴿ فَأَلَقُوا حِبالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ ﴾ مِن أيديهم، ﴿ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ ﴾ يقول: أقسَموا بقوَّةِ فرعون، وشدَّةِ سلطانه، ومنَعةِ مملكته: ﴿ إِنَّا لَنَـحْنُ الْغَالِبُونَ ﴾ موسَى. (الطبري).

49- ﴿ قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾.
وقالَ في خُبثٍ وهو يَكذِب: إنَّ موسَى هو السَّاحرُ الكبيرُ فيكم، وقد دبَّرتُم هذا الأمرَ بليلٍ لتقوموا بمؤامرةٍ على البلد، ﴿ إِنَّ هَـذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُواْ مِنْهَا أَهْلَهَا ﴾ [سورة الأعراف: 123]. وسترَونَ ما أفعلهُ بكم، سأقطَعُ أياديكم اليُمنَى مع أرجُلِكمُ اليُسرَى، ولأُصلِّبنَّكم في جذوعِ النخلِ لتموتوا جوعًا وعطشًا. (الواضح).

67- ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ
قالَ في الآيةِ الثامنةِ من السورة: حتمَ على أكثرهم بالكفر.

72- ﴿ قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ ﴾.
أي: هل يسمعون دعاءكم. قالَ ابنُ عباس: يسمعون لكم. (البغوي).
أي: يستجيبون.

73- ﴿ أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ ﴾.
﴿ أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ ﴾ قيل: بالرزق، ﴿ أَوْ يَضُرُّونَ ﴾ إنْ تركتُم عبادتها. (البغوي).

76- ﴿ أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ ﴾.
يعني بالأقدمين: الأقدمين من الذين كان إبراهيـمُ يخاطبهم، وهم الأوَّلون قبلهم، ممن كان علـى مثلِ ما كان علـيه الذين كلَّمهم إبراهيمُ من عبـادةِ الأصنام. (الطبري).

81- ﴿ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ ﴾.
أي: هو الذي يحيي ويميت، لا يقدرُ على ذلك أحدٌ سواه، فإنه هو الذي يُبدىءُ ويعيد. (ابن كثير).

86- ﴿ وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ ﴾.
الكافرين. (النسفي).

87- ﴿ وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ ﴾.
يومَ القيامة، ويومَ يُبعَثُ الخلائق، أوَّلُهم وآخِرُهم. (ابن كثير).

90- ﴿ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾.
الذين اتَّقَوا عقابَ اللهِ في الآخرةِ بطاعتِهم إيّاهُ في الدنـيا. (الطبري).

91- ﴿ وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ ﴾.
أي: أُظهِرَتْ وكُشِفَ عنها، وبدتْ منها عُنق، فزفرتْ زفرةً بلغتْ منها القلوبُ الحناجرَ. (ابن كثير).

93- ﴿ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ ﴾.
﴿ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ ﴾: يمنعونكم من العذاب، ﴿ أَوْ يَنتَصِرُونَ ﴾ لأنفسهم. (البغوي).

102- ﴿ فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾.
فلو أن لنا رجعةً إلى الدنـيا فنؤمنَ بـالله، فنكونَ بإيمانِنا به مِن المؤمنـين. (الطبري).

103- ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾.
﴿ إِنَّ فِي ذَلك ﴾ أي: فيما ذُكرَ من قصةِ إبراهيم، ﴿ لآيَةً ﴾: لحجَّةً وعظةً لمن أرادَ أن يستبصرَ بها ويعتبر، فإنها جاءت على أنظمِ ترتيبٍ وأحسنِ تقرير، يتفطَّنُ المتأمِّلُ فيها لغزارةِ علمه، لما فيها من الإِشارةِ إلى أصولِ العلومِ الدينية، والتنبيهِ على دلائلها، وحسنِ دعوتهِ للقوم، وحسنِ مخالفتهِ معهم، وكمالِ إشفاقهِ عليهم، وتصوُّرِ الأمرِ في نفسه، وإطلاقِ الوعدِ والوعيدِ على سبيلِ الحكايةِ تعريضاً وإيقاظاً لهم، ليكونَ أدعَى لهم إلى الاستماعِ والقبول. ﴿ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ ﴾: أكثرُ قومهِ ﴿ مُّؤْمِنِينَ ﴾ به. (البيضاوي).

104- ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾.
فسَّرها في الآيتين (9) و(68) من السورةِ بقوله: يريد: عزَّ في نقمتهِ من الكفّار، ورحمَ مؤمني كلَّ أمَّة.

106- ﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴾.
أي: ألا تخافونَ اللهَ في عبادتِكم غيرَه؟ (ابن كثير).

108- ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾.
﴿ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ﴾ بطاعتهِ وعبادته، ﴿ وَأَطِيعُونِ ﴾ فيما آمركم به من الإِيمانِ والتوحيد. (البغوي).

109- ﴿ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾.
ولا أسألُكم على تبليغِ رسالةِ اللهِ مالاً تكافؤونَني عليه، إنما أطلبُ الثَّوابَ من اللهِ وحدَه. (الواضح).

113- ﴿ إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ ﴾.
﴿ لَوْ تَشْعُرُونَ ﴾ لعلمتُم ذلك، ولكنكم تجهلون فتقولون ما لا تعلمون. (البيضاوي).

114- ﴿ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾.
يقولُ تعالَى ذكرهُ مُخبرًا عن قـيـلِ نوحٍ لقومه: وما أنا بطاردِ مَن آمنَ بـالله، واتَّبعَني على التصديقِ بما جئتُ به مِن عندِ الله. (الطبري).

115- ﴿ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴾.
ما أنا إلا نذيرٌ لكم مِن عندِ ربِّكم، أُنذركم بأسَهُ وسطوتَهُ علـى كفرِكم به، ﴿ مُبِـينٌ ﴾ يَقول: نذيرٌ قد أبانَ لكم إنذاره، ولـم يكتُـمكم نصحيته. (الطبري).

116- ﴿ قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ ﴾.
قالَ لنوحٍ قومهُ: لئن لم تنتهِ يا نوحُ عمّا تقول، وتدعو إلـيه، وتعيبُ به آلهتنا... (الطبري).

117- ﴿ قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ ﴾.
قالَ نوح: ﴿ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ ﴾ فيما أتيتُهم به مِن الحقِّ مِن عندك، ورَدُّوا عليَّ نصيحتي لهم. (الطبري).

118- ﴿ فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾.
فـاحكمْ بيني وبينهم حُكمًا مِن عندك، تهلكُ به الـمُبطل، وتنتقمُ به ممَّن كفرَ بكَ وجحدَ توحيدك، وكذَّبَ رسولَك، ونجِّني من ذلكَ العذابِ الذي تأتي به والذين معي مِن أهلِ الإيمانِ بكَ والتصديقِ لي. (الطبري، باختصار).

119- ﴿ فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ﴾.
والمشحونُ هو المملوءُ بالأمتعةِ والأزواجِ التي حملَ فيها من كلٍّ زوجين اثنين، أي: أنجينا نوحاً ومن اتبعَهُ كلَّهم. (ابن كثير).

120- ﴿ ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ ﴾.
وأغرقنا مَن كفرَ به وخالفَ أمرَهُ كلَّهم أجمعين. (ابن كثير).

121- ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾.
يقولُ تعالى ذكره: إن فيما فعلنا يا محمدُ بنوحٍ ومن معه من المؤمنـين في الفلكِ المشحون، حين أنزلنا بأسنا وسطوتنا بقومهِ الذين كذَّبوه، لآيةً لكَ ولقومِكَ المصدِّقيكَ منهم والمكذِّبـيك، في أن سنَّتَنا تنجيةُ رسلِنا وأتبـاعِهم، إذا نزلت نقمتُنا بالمكذِّبين بهم من قومهم، وإهلاكُ المكذِّبين بـالله، وكذلك سنَّتـي فيكَ وفي قومك. ﴿ وَما كانَ أكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِـينَ ﴾ يقول: ولم يكنْ أكثرُ قومِكَ بـالذين يصدِّقونكَ مما سبقَ في قضاءِ الله أنهم لن يؤمنوا. (الطبري).

122- ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾.
فسَّرها في الآيتين (9) و(68) من السورةِ بقوله: يريد: عزَّ في نقمتهِ من الكفّار، ورحمَ مؤمني كلَّ أمَّة.

123- ﴿ كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ ﴾.
ذكرَ المؤلفُ في أكثرَ من موضعٍ أن تكذيبَ قومٍ لرسولٍ يعني تكذيبَهم كلَّ الرسل.

124- ﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴾.
إذْ قالَ لهم أخوهم في النَّسبِ هود: ألَا تخافونَ عذابَ اللهِ وتَدفعونَهُ عن أنفسِكم بالإيمانِ بهِ وطاعتِه؟ (الواضح).

125- ﴿ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾.
قالَ لهم: إنَّني رسولٌ إليكم مِن عندِ الله، مؤتَمَنٌ على وحيه، صادقٌ فيما أُبلِّغُكم. (الواضح).

126- ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾.
فاخشَوا اللهَ واتَّقُوا نقمتَه، وأطيعوني فيما آمرُكم به وأنهاكُم عنه، فإنَّهُ لِخيرٍ تتمنَّونَه. (الواضح).

127- ﴿ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾.
ولا أطلبُ منكم أُجرةً مِن مالٍ أو متاعٍ مقابلَ تبليغِ رسالةِ ربِّي، حتَّى لا تقولوا إنَّهُ يريدُ أن يُثرِيَ مِن خلالِ هذهِ الدَّعوة، إنَّما أطلبُ الأجرَ والثَّوابَ من اللهِ وحدَه. (الواضح).

128- ﴿ أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آَيَةً تَعْبَثُونَ ﴾.
أي: وإنما تفعلون ذلك عبثاً، لا للاحتياجِ إليه، بل لمجردِ اللعبِ واللهوِ وإظهارِ القوة، ولهذا أنكرَ عليهم نبيُّهم عليه السلامُ ذلك؛ لأنه تضييعٌ للزمان، وإتعابٌ للأبدانِ في غيرِ فائدة، واشتغالٌ بما لا يُجدي في الدنيا، ولا في الآخرة. (ابن كثير).

131- ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾.
أي: اعبدوا ربَّكم، وأطيعوا رسولَكم. (ابن كثير).

132- ﴿ وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ ﴾.
واحذَروا عقابَ الله، الذي أنعمَ عليكم وأعطاكم مِن الخيراتِ ما تَعرفون، فإنَّهُ قادرٌ على سلبِها منكم. (الواضح).

139- ﴿ فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾.
فكذَّبتْ عادٌ رسولَ ربِّهم هُودًا، فأهلكناهم بتكذيبِهم رسولَنا، إنَّ في إهلاكِنا عادًا لعبرةً وموعظةً لقومِكَ يا محمَّد، الذين كذَّبوكَ فيما أتيتَهم به مِن عندِ ربِّك. وما كانَ أكثرُ مَن أهلَكنا بـالذين يؤمنونَ في سابقِ علـمِ الله. (الطبري).

140- ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾.
فسَّرها في الآيتين (9) و(68) من السورةِ بقوله: يريد: عزَّ في نقمتهِ من الكفّار، ورحمَ مؤمني كلَّ أمَّة.

141- ﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ
ذكرَ المؤلفُ في أكثرَ من موضعٍ أن تكذيبَ قومٍ لرسولٍ يعني تكذيبَهم كلَّ الرسل.

142- ﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴾ .
ألا تتَّقون عقابَ اللهِ يا قومُ على معصيتِكم إيّاه، وخلافِكم أمرَه، بطاعتِكم أمرَ المفسدين في أرضِ الله؟ (الطبري).

143- ﴿ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾.
﴿ إنّـي لَكُمْ رَسُولٌ ﴾ من الله أرسلني إليكم بتحذيركم عقوبتَهُ على خلافِكم أمرَه، ﴿ أمِينٌ ﴾ على رسالتهِ التي أرسلها معي إلـيكم. (الطبري).

144- ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾.
﴿ فَـاتَّقُوا اللَّهَ ﴾ أيها القوم، واحذروا عقابه، ﴿ وأطِيعُونِ ﴾ في تحذيري إيّاكم، وأمرِ ربِّكم باتِّباعِ طاعته. (الطبري).

145- ﴿ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾.
وما أسألُكم على نُصحي إيّاكم وإنذارِكم مِن جزاءٍ ولا ثواب، إنْ جزائي وثوابي إلاّ على ربِّ جميعِ ما في السماوات، وما في الأرض، وما بـينهما مِن خَـلق. (الطبري).

147- ﴿ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴾.
في بساتينَ جميلة، وأنهارٍ جارية، سعداءَ مخلَّدين؟ (الواضح).

149- ﴿ وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ ﴾.
وتتـخذون من الجبـالِ بـيوتاً. (الطبري).

150- ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾.
فـاتقوا عقابَ الله أيها القومُ على معصيتِكم ربَّكم، وخلافِكم أمرَه، وأطيعونِ في نصيحتي لكم، وإنذاري إيّاكم عقابَ الله تَرشُدوا. (الطبري).

152- ﴿ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ﴾.
﴿ ٱلَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِى ٱلأَرْضِ ﴾ بالظلمِ والكفر، ﴿ وَلاَ يُصْلِحُونَ ﴾ بالإيمانِ والعدل. والمعنَى أن فسادَهم مصمت، ليس معه شيءٌ من الصلاحِ كما تكونُ حالُ بعضِ المفسدين مخلوطةً ببعضِ الصلاح. (النسفي).

155- ﴿ قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ ﴾.
ولكم مثلهُ شِربُ يومٍ آخرَ معلوم. (الطبري).

158- ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾.
إنّ في إهلاكِ ثمودَ بما فعلت من عقرها ناقةَ الله، وخلافِها أمرَ نبيِّ الله صالح، لعبرةً لمن اعتبرَ به يا محمدُ من قومك، ﴿ وَما كانَ أكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِـينَ ﴾ يقول: ولن يؤمنَ أكثرهم في سابقِ علمِ الله. (الطبري).

159- ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾.
فسَّرها في الآيتين (9) و(68) من السورةِ بقوله: يريد: عزَّ في نقمتهِ من الكفّار، ورحمَ مؤمني كلَّ أمَّة.

160- ﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ .
ذكرَ المؤلفُ في أكثرَ من موضعٍ أن تكذيبَ قومٍ لرسولٍ يعني تكذيبَهم كلَّ الرسل.

161- ﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴾.
إذْ قالَ لهم لوطٌ أخوهم في النَّسَب، أو الإنسانيَّة، أو لكونهِ واحدًا منهم، وقد ذُكِرَ أنَّهم كانوا مِن أصهارِه، قالَ لهم: ألا تخافونَ اللهَ بمخالفتِكم أمرَهُ واستمرارِكم في عملِ الفواحشِ والمعاصي؟ (الواضح).

162- ﴿ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾.
﴿ إِنّـي لَكُمْ رَسُولٌ ﴾ من ربِّكم، ﴿ أَمِينٌ ﴾ على وحيه، وتبلـيغِ رسالته. (الطبري).

163- ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾.
﴿ فَـاتَّقُوا اللَّهَ ﴾ في أنفسكم، أن يحلَّ بكم عقابهُ على تكذيبِكم رسولَهُ، ﴿ وَأَطِيعُونِ ﴾ فيما دعوتُكم إليه، أَهدِكم سبيلَ الرشاد. (الطبري).

164- ﴿ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾.
ولا أطلبُ منكم أُجرةً على تبليغِ رسالةِ الله، إنَّما أطلبُ ثوابَهُ منَ اللهِ وحدَه. (الواضح).

173- ﴿ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ ﴾.
فبئسَ ذلكَ المطرُ مطرُ القومِ الذين أنذرَهُم نبيُّهم فكذَّبوه. (الطبري).
وكانَ حجارةً من سجِّيل.

174- ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾.
إن في إهلاكنا قومَ لوطٍ الهلاكَ الذي وصفنا بتكذيبهم رسولنا، لعبرةً وموعظةً لقومِكَ يا محمد، يتعظون بها في تكذيبهم إيّاك، وردِّهم عليكَ ما جئتَهم به من عندِ ربِّك من الحقّ، ﴿ وَمَا كَانَ أكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِـينَ ﴾ في سابقِ علمِ الله. (الطبري).

175- ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾.
فسَّرها في الآيتين (9) و(68) من السورةِ بقوله: يريد: عزَّ في نقمتهِ من الكفّار، ورحمَ مؤمني كلَّ أمَّة.

176- ﴿ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ ﴾.
ذكرَ المؤلفُ في أكثرَ من موضعٍ أن تكذيبَ قومٍ لرسولٍ يعني تكذيبَهم كلَّ الرسل.

177- ﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴾.
ألا تتَّقونَ عقابَ اللهِ على معصيتِكم ربَّكم؟ (الطبري).

178- ﴿ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾.
إنّـي لكم مِن اللهِ رسولٌ أمينٌ على وحيه. (الطبري).

179- ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾.
﴿ فَـاتَّقُوا ﴾ عقابَ اللَّهِ علـى خلافِكم أمرَهُ، ﴿ وَأَطِيعُونِ ﴾ تَرُشدوا. (الطبري).

183- ﴿ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾.
ولا تنقصوا الناسَ حقوقَهم في الكيلِ والوزن، ولا تُكثروا في الأرضِ الفساد. (الطبري).

184- ﴿ وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ ﴾.
واخشَوا اللهَ واحذَروا نقمتَهُ إذا خالفتُم أمرَه، الذي خلقَكم وخلقَ الأُممَ الماضين. (الواضح).

185- ﴿ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ ﴾.
قالَ له قومهُ مكذِّبينَ بنبوَّتهِ ورسالتِه: ما أنتَ سِوَى رجلٍ مسحور، قد مسَّكَ الجِنّ. (الواضح).

186- ﴿ وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾.
وما أنتَ إلاّ بشرٌ مثلُنا تأكل وتشرب، وما نحسبُكَ فيما تُخبرنا وتدعونا إليه إلا ممَّن يكذِب فيما يقول. (الطبري).

187- ﴿ فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾.
فإنْ كنتَ صادقًا فيما تقولُ بأنكَ رسولُ اللهِ كما تزعم، ﴿ فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّماءِ ﴾ يعني قِطَعًا مِن السماء. (الطبري).

188- ﴿ قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾.
أي: من نقصانِ الكيلِ والوزن. وهو مجازيكم بأعمالكم، وليس العذابُ إليّ، وما عليَّ إلا الدعوة. (البغوي).

190- ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾.
إن في تعذيبنا قومَ شُعيبٍ عذابَ يومِ الظُّلَّة، بتكذيبِهم نبـيّهم شُعيبـاً، لآيةً لقومِكَ يا محمد، وعبرةً لمن اعتبر، إن اعتبروا أن سنَّتَنا فيهم بتكذيبِهم إيّاكَ سنَّتُنا في أصحابِ الأيكة، ﴿ وَما كانَ أكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِـينَ ﴾ في سابقِ علمِنا فـيهم. (الطبري).

191- ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾.
فسَّرها في الآيتين (9) و(68) من السورةِ بقوله: يريد: عزَّ في نقمتهِ من الكفّار، ورحمَ مؤمني كلَّ أمَّة.

195- ﴿ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾.
فصيح، ومصحَّحٌ عمّا صحَّفتهُ العامَّة. (النسفي).

202- ﴿ فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾.
﴿ بَغْتَةً ﴾: فجأة، ﴿ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ﴾ بإتيانه. (النسفي).

213- ﴿ فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ ﴾.
قالَ ابنُ عباس رضيَ الله عنهما: يحذِّرُ به غيره، يقول: أنتَ أكرمُ الخلقِ عليّ، ولو اتخذتَ إلهاً غيري لعذَّبتك. (البغوي).

215- ﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾.
أمرَهُ اللهُ تعالَى أنْ يليِّنَ جانبَهُ لمن اتَّبعَهُ مِن عبادِ اللهِ المؤمنين. (ابن كثير).

220- ﴿ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾.
أي: السميعُ لأقوالِ عباده، العليمُ بحركاتِهم وسكناتِهم. (ابن كثير).


221- ﴿ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ ﴾.
قد علمتُم أنَّ الشَّياطينَ لا تَنزِلُ بالقرآن، إذ ليسَ هو مِن مصلحتِهم ولا رغبتِهم، فهل أُخبِرُكم على مَن تتنزَّلُ إذًا؟ (الواضح).

227- ﴿ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ﴾.
إلاّ الشُّعَراءَ الذينَ صدَقوا في إيمانِهم، وأحسَنوا في أعمالِهم، ولم يَشغَلْهمُ الشِّعرُ عن طاعةِ ربِّهم وذكرِه... (الواضح).




ابوالوليد المسلم 12-11-2020 11:04 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 
الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (21)






أ. محمد خير رمضان يوسف



(سورة النمل، سورة القصص)



سورة النمل
1- ﴿ طس تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ.
أي: بيِّنٍ واضح. (ابن كثير).

2- ﴿ هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾.
يعني: هو هدًى من الضلالة، وبشرَى للمؤمنين المصدِّقين به بالجنة. (البغوي).

3- ﴿ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾.
وأيقنَ بالدارِ الآخرة، والبعثِ بعد الموت، والجزاءِ على الأعمال: خيرِها وشرِّها، والجنةِ والنار... (ابن كثير).

6- ﴿ وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآَنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ ﴾.
عليمٍ بالأمور، جليلِها وحقيرِها، فخبرهُ هو الصدقُ المحض.. (ابن كثير).

12- ﴿ وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آَيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ﴾.
خارجين عن أمرِ الله، كافرين. (النسفي).

13- ﴿ فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آَيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ ﴾.
فلمَّا جاءَتهُم هذه المعجزات، وظهرتْ على يدَي موسَى بيِّنةً واضحة، قالوا: هذا سحرٌ ظاهرٌ بيِّن! (الواضح).

15- ﴿ وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾.
﴿ وَلَقَدْ آتَـيْنَا دَاوُدَ وَسُلَـيـمَانُ عِلْـماً ﴾: وذلك علمُ كلامِ الطيرِ والدوابّ، وغيرِ ذلكَ مما خصَّهم الله بعلـمه، ﴿ وَقالا الـحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلـى كَثِـيرٍ مِنْ عِبـادِهِ الـمُؤْمِنِـينَ ﴾ يقولُ جلَّ ثناؤه: وقالَ داودُ وسليمان: الحمدُ لله فضَّلَنا بما خصَّنا به مِن العلمِ - الذي آتاناهُ دونَ سائرِ خـلقهِ مِن بني آدمَ فـي زمانِنا هذا - علـى كثـيرٍ مِن عبـادهِ المؤمنينَ به في دهرِنا هذا. (الطبري).

16- ﴿ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ﴾.
الظاهرُ البيِّنُ لله علينا. (ابن كثير).
الزيادةُ الظاهرةُ على ما أُعطِيَ غيرُنا. (البغوي).

18- ﴿ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾.
ادخُلوا مساكنَكم حتَّى لا يَحطِمَكم سُلَيمانُ وجنودهُ وخيولهُ دونَ أن يَشعروا بذلك. (الواضح).

19- ﴿ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ﴾.
فسمعَ سُلَيمانُ ما قالتِ النَّملة، وتبسَّمَ سرورًا بما فهَّمَهُ اللهُ مِن كلامِها، وأُلهِمَ الشفقةَ والتَّقوَى بذلك، وقالَ في عبوديَّةٍ وخشوع: اللهمَّ ألهِمني أنْ أشكرَ نعمتكَ التي منَنتَ بها عليّ، مِن النبوَّةِ والمـُلكِ وتعلُّمِ منطقِ الحيوان، ونعمتكَ على والدَيَّ بالإيمانِ والإسلام، ووفِّقني لأقومَ بالأعمالِ الحسنةِ التي تحبُّها وترضَى بها، وأدخِلني في جملةِ الصَّالحين مِن عبادِكَ إذا توفَّيتَني، واحشُرني في زمرتِهم. (الواضح).

22- ﴿ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ ﴾.
أي: بخبرٍ صدقٍ حقٍّ يقين. (ابن كثير).

24- ﴿ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ ﴾.
وقد حسَّنَ الشَّيطانُ الأعمالَ الشِّركيَّةَ في قلوبِهم، فمنعَهم بذلكَ مِن طريقِ الحقِّ والصَّواب، فهم لا يَهتدونَ إليها. (الواضح).

25- ﴿ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ﴾.
أي: يعلمُ ما يُخفيهِ العباد، وما يعلنونَهُ مِن الأقوالِ والأفعال. (ابن كثير).

26- ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ﴾.
الله الذي لا تصلحُ العبـادةُ إلا له، لا إله إلا هو، لا معبودَ سواهُ تصلحُ له العبـادة، فأخلِصوا له العبـادة، وأفردوهُ بـالطاعة، ولا تشركوا به شيئًا. (الطبري).

34- ﴿ قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ﴾.
قال ابنُ عباس: أي: إذا دخلوا بلداً عنوةً أفسدوه، أي: خرَّبوه، ﴿ وَجَعَلُوۤاْ أَعِزَّةَ أَهْلِهَآ أَذِلَّةً ﴾ أي: وقصدوا مَن فيها من الولاةِ والجنودِ فأهانوهم غايةَ الهوان، إما بالقتلِ أو بالأسر. (ابن كثير).

36- ﴿ فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آَتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آَتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ﴾.
فلمَّا جاءَ رسولُها سليمان، وسلَّمَ الهديَّةَ إليه، قالَ له: أتصانعونَني بالمالِ لأتركَكم وشركَكم؟
فإنَّ الذي وهبَني اللهُ مِن النبوَّة، وأنعمَ عليَّ بالمـُلكِ والمالِ والجنود، هو أعظمُ وأفضلُ ممّا أنتم فيه، بل إنَّ همَّتَكم في الدُّنيا والفرحِ بزينتِها والتفاخرِ بها، والانقيادِ للهدايا والتُّحَفِ فيها، ولستُ على ما تظنُّونَ مِن ذلك، ولا أقبَلُ منكم إلاّ الإسلامَ أو السَّيف. (الواضح).


37- ﴿ وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ ﴾.
﴿ وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَآ ﴾ أي: من أرضِهم وبلادهم، وهي سبأ، ﴿ أَذِلَّةً وَهُمْ صَـٰغِرُونَ ﴾: ذليلون إنْ لم يأتوني مسلمين. (البغوي).

40- ﴿ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾.
ليَختبرَني: أأشكرُ فضلَهُ على ذلكَ وأعترِفُ بأنَّهُ مِن منَّتهِ وحُسنِ تدبيرهِ ولُطفِه، أم لا أشكرهُ عليه؟ ومَن شكرَ اللهَ على نِعَمهِ فإنَّما يَنفَعُ نفسَهُ بذلك، لأنَّهُ يعرِّفُها الحقّ، ويَستجلِبُ لها المزيدَ مِن الخيرِ والنَّفع. (الواضح في التفسير).

42- ﴿ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ ﴾.
وقالَ سليمان: ﴿ وَأُوِتينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا ﴾ أي: هذه المرأة، بـالله وبقدرتهِ على ما يشاء، ﴿ وَكُنَّا مُسْلِـمِينَ ﴾ لله مِن قبلِها. (الطبري).

43- ﴿ وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ ﴾.
إن هذه المرأةَ كانت كافرة، من قومٍ كافرين. (الطبري).

45- ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ ﴾.
وقد أرسلنا إلى قبيلةِ ثمودَ أخاهُم في النَّسبِ صالحًا عليه السَّلام. (الواضح).

47- ﴿ قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ ﴾.
وبمن اتَّبعَكَ من المؤمنين.

51- ﴿ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾.
وقومَهم من ثمودَ أجمعين، فلم نُبقِ منهم أحداً. (الطبري).

52- ﴿ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾.
إنَّ في فعلِنا بثمودَ ما قصَصنا عليك يا محمد، لعظةً وعبرةً لـمَن يعلمُ فعلَنا بهم ما فعلنا، مِن قومِكَ الذين يكذِّبونكَ فيما جئتَهم به مِن عندِ ربِّك. (الطبري، بشيء من الاختصار).

53- ﴿ وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾.
وأنجينا مِن نقمتِنا وعذابِنا الذي أحلَلناهُ بثمود، رسولَنا صالحًا والمؤمنينَ به، وكانوا يتَّقونَ ما حلَّ بثمودَ مِن عذابِ الله، فكذلكَ نُنجيكَ يا محمَّدُ وأتباعَك، عندَ إحلالِنا عقوبتَنا بمشركي قومِكَ مِن بـين أظهرِهم. (الطبري، باختصار).

55- ﴿ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾.
أتأتون الرِّجالَ في أدبارِهم لقضاءِ شهوتِكم وتدَعونَ ما خلقَ اللهُ لكم مِن الزَّوجاتِ وهنَّ محلُّ الشَّهوة؟ بل أنتم سفهاءُ ماجنون، تجهلونَ عاقبةَ فعلِكمُ الفاحش، الذي هو انتكاسةٌ للفطرةِ والرجولة، وشذوذٌ وانحرافٌ في السُّلوك، وأمراضٌ جنسيَّةٌ وغيرُ جنسيَّة، وعقوبةٌ في الدُّنيا، وعذابٌ في الآخرة. (الواضح).

الجزء العشرون
57- ﴿ فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ ﴾.
﴿ فَأَنجَيْنَـٰهُ وَأَهْلَهُ ﴾ أي: بعد إهلاكِ القوم. فالفاءُ فصيحة، ﴿ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ قَدَّرْنَـٰهَا ﴾ أي: قدَّرنا كونها... (روح المعاني).

58- ﴿ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ ﴾.
فساءَ ذلكَ المطر، مطرُ القومِ الذين أنذرَهم اللهُ عقابَهُ على معصيتِهم إيّاه، وخوَّفَهم بأسَهُ بإرسالِ الرسولِ إلـيهم بذلك. (الطبري).

61- ﴿ أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾.
﴿ أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا ﴾ أي: قارَّةً ساكنةً ثابتة، لا تميدُ ولا تتحركُ بأهلها، ولا ترجفُ بهم، فإنها لو كانت كذلك لما طابَ عليها العيشُ والحياة، بل جعلها من فضلهِ ورحمتهِ مهاداً بساطاً ثابتة، لا تتزلزلُ ولا تتحرك، كما قالَ تعالى في الآيةِ الآخرى: ﴿ ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَـلَ لَكُـمُ ٱلأَرْضَ قَـرَاراً وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءً ﴾ [سورة غافر: 64].
﴿ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللهِ ﴾ أي: فعلَ هذا؟ أو يُعبَد.. ﴿ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ أي: في عبادتهم غيره. (ابن كثير، بشيء من الاختصار).

62- ﴿ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾.
﴿ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ ﴾ يقدرُ على ذلك، أو إلهٌ مع اللهِ يُعبَد، وقد عُلِمَ أنَّ اللهَ هو المتفرِّدُ بفعلِ ذلك، ﴿ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ أي: ما أقلَّ تذكُّرَهم فيما يُرشِدهم إلى الحقّ، ويَهديهم إلى الصراطِ المستقيم. (ابن كثير).

63- ﴿ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾.
ومَن الذي يبعثُ الرِّياحَ لتُبشِّرَ بنزولِ المطرِ بعدَ تشَكُّلِ السَّحاب؟ هل هناكَ إلهٌ آخرُ يساعدُ اللهَ في ذلك؟ تعالَى وتقدَّسَ ربُّ العالَمينَ عمَّا يشركونَ به. (الواضح).

64- ﴿ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾.
قولهُ تعالى: ﴿ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَـٰنَكُمْ ﴾ أمرٌ له عليه الصلاةُ والسلامُ بتبكيتهم إثرَ تبكيت، أي: هاتوا برهاناً عقلياً أو نقلياً يدلُّ على أن معه عزَّ وجلَّ إلهاً، وقيل: أي: هاتوا برهاناً على أن غيرَهُ تعالى يقدرُ على شيءٍ مما ذُكِرَ من أفعالهِ عزَّ وجلّ، ﴿ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ ﴾ أي: في تلك الدعوَى. (روح المعاني، باختصار).

65- ﴿وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾.
وما يشعرُ الخلائقُ الساكنونَ في السماواتِ والأرضِ بوقتِ الساعة، كما قالَ تعالى: ﴿ ثَقُلَتْ فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً ﴾ [سورة الأعراف: 187] أي: ثقلَ علمُها على أهلِ السماواتِ والأرض. (ابن كثير).

66- ﴿ بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآَخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ ﴾.
أي: شاكُّون في وجودها ووقوعها، ﴿ بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ ﴾ أي: في عمايةٍ وجهلٍ كبيرٍ في أمرها وشأنها. (ابن كثير).

68- ﴿ لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾.
أحاديثُهم وأكاذيبُهم التي كتبوها. (البغوي).

70- ﴿وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ﴾.
أي: في كيدِكَ وردِّ ما جئتَ به، فإنَّ اللهَ مؤيِّدُكَ وناصرك، ومُظهِرٌ دينكَ على مَن خالفَهُ وعاندَهُ في المشارقِ والمغارب. (ابن كثير).

72- ﴿ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ ﴾.
قلْ لهم: عسَى أنْ يكونَ اقتربَ بعضُ العذابِ الذي تستعجِلونَه.
وقد أصابَهم مِن ذلكَ يومَ بدر. (الواضح).

73- ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ ﴾.
وإنَّ اللهَ ذو فضلٍ على جميعِ النَّاس، بما أسبغَ عليهم مِن نِعَمِه، لكنَّ أكثرَهم لا يقَدِّرونَها ولا يشكرونَ للمُنعِمَ بها، وهو يرحمُهم ولا يعاجلُهم بالعقوبة. (الواضح).

74- ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾.
أي: يعلمُ السرائرَ والضمائر، كما يعلمُ الظواهر. (ابن كثير).

77- ﴿ وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾.
وإنَّ القرآنَ هدايةٌ لمن يؤمنُ به، فيُرشِدُهم إلى الطَّريقِ الحقّ، ورحمةٌ لهم وسعادةٌ في الدَّارَين، فيأخذُهم إلى الفوزِ والظَّفَر. (الواضح).

78- ﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ ﴾.
﴿ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ﴾: المنيع، فلا يُرَدُّ له أمر، ﴿ ٱلْعَلِيمُ ﴾ بأحوالهم، فلا يخفَى عليه شيء. (البغوي).

80- ﴿ إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ ﴾.
إذا هم أدبروا مُعرِضين عنه، لا يسمعون له؛ لغلبةِ دينِ الكفرِ على قلوبهم، ولا يُصغون للحقّ، ولا يتدبَّرونه، ولا ينصتون لقائله، ولكنهم يُعرضون عنه، ويُنكرون القولَ به، والاستـماعَ له. (الطبري).

81- ﴿ وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ ﴾.
ولا تستطيعُ أن تُرشِدَ أعمَى القلبِ وتَصرِفَهُ عن الضَّلالِ الذي هو فيه، ولا تُسمِعُ إلاّ مَن فتحَ اللهُ قلبَهُ للإيمان، وصدَّقَ أنَّ القُرآنَ مِن عندِ الله، فعندئذٍ يَسمعُ ما تَتلوهُ عليه، وما تُرشِدُهُ إليه، لأنَّهُ مسلِمٌ مُخلِصٌ في إيمانِه، مُنقادٌ للحقِّ المطلوبِ منه. (الواضح في التفسير).

82- ﴿ وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآَيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ ﴾.
﴿ أَنَّ النَّاسَ كَانُواْ بِئَايَاتِنَا ﴾: خروجِها وسائرِ أحوالها، فإنها من آياتِ الله تعالى، ﴿ لاَ يُوقِنُونَ ﴾: لا يتيقنون. (البيضاوي، باختصار).
يتبع


ابوالوليد المسلم 12-11-2020 11:05 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 

84- ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآَيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
قال الله: أكذَّبتـم بحُجَجي وأدلَّتي ولم تعرفوها حقَّ معرفتِها.. (الطبري).

85- ﴿ وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ ﴾.
بسببِ ظلمهم، وهو التكذيبُ بآياتِ الله. (النسفي).

88- ﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ﴾.
أي: هو عليمٌ بما يفعلُ عبادهُ مِن خيرٍ وشرّ، فيجازيهم عليه. (ابن كثير).

89- ﴿ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آَمِنُونَ ﴾.
ويؤمِّنهُ مِن فَزعِ الصيحةِ الكبرَى، وهي النفخُ في الصُّور. (الطبري).

90- ﴿ وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾.
يقالُ لهم: هل تُجزَون أيها المشركون إلا ما كنتم تعملون، إذ كبَّكم الله لوجوهِكم في النار، وإلا جزاءَ ما كنتم تعملون في الدنـيا بما يسخطُ ربَّكم. (الطبري).

91- ﴿ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾.
أي: الموحِّدين المخلصين المنقادين لأمره، المطيعين له. (ابن كثير).

92- ﴿وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ.
فقلْ يا محمدُ لمن ضلَّ عن قصدِ السبـيـلِ وكذَّبك، ولـم يصدِّق بما جئتَ به من عندي، إنما أنا ممن يُنذِرُ قومَهُ عذابَ الله وسخطَهُ على معصيتِهم إيّاه، وقد أنذرتُكم ذلك معشرَ كفّـارِ قُريش، فإن قبلتُم وانتهيتُم عمّا يكرههُ الله منكم من الشركِ به فحظوظَ أنفسِكم تُصيبون، وإن رددتـُم وكذَّبتُم فعلى أنفسِكم جنيتُم، وقد بلَّغتُكم ما أُمِرتُ بإبلاغهِ إيّاكم، ونصحتُ لكم. (الطبري).

93- ﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾.
﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ﴾: وقلْ: الحمدُ للهِ الذي أنعمَ عليَّ بالنبوَّة، ووفَّقَني لتبليغِ كتابِه، وتأديةِ رسالتِه.
﴿ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾: تعرفونَها معرفةً تدلُّكم على الحقِّ والباطل، واللهُ غيرُ غافلٍ عن عملِ النَّاس، فهو شهيدٌ على كلِّ شَيء، وسيُجازي كلاًّ بما عَمِل، فاحذَروا، فقد بُلِّغتُم. (الواضح).

سورة القصص
2- ﴿ تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴾.
قالَ في تفسيرها، في الآيةِ الأولَى من سورةِ يوسف:
﴿ الْكِتَابِ ﴾ القرآن، ووصفهُ بـ ﴿ الْمُبِينِ ﴾ قيل: من جهةِ أحكامهِ وحلالهِ وحرامه، وقيل: من جهةِ مواعظهِ وهداهُ ونوره، وقيل: من جهةِ بيانِ اللسانِ العربيِّ وجودته، إذ فيه ستةُ أحرفٍ لم تجتمعْ في لسان - رُويَ هذا القولُ عن معاذ بنِ جبل - ويحتملُ أن يكونَ مبيناً لنبوةِ محمدٍ بإعجازه. والصوابُ أنه (مُبِينٌ) بجميعِ هذه الوجوه.

3- ﴿ نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾.
نذكرُ لكَ مِن خبرِ نبيِّ اللهِ موسَى بنِ عِمرانَ وفرعونَ المتكبِّر بالصِّدقِ والعدلِ كما حدَث. (الواضح).

4- ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾.
ويُبقي نِساءَهم أحياءً للسُّخرةِ والخدمة. (الواضح)، إنه كانَ ممَّن يُفسِدُ في الأرضِ بقتلهِ مَن لا يستحقُّ منه القتل، واستعبـادهِ مَن ليسَ له استعبادُه، وتجبُّرهِ في الأرضِ على أهلِها، وتكبُّرهِ على عبـادةِ ربِّه. (الطبري).

6- ﴿ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْض ﴾.
أرضِ مصرَ والشام. وأصلُ التمكينِ أن تجعلَ للشيءِ مكاناً يتمكنُ فيه، ثم استُعيرَ للتسليطِ وإِطلاقِ الأمن. (البيضاوي).

7- ﴿ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾.
إنّا رادُّو ولدكِ إليكِ للرضاعِ لتكوني أنتِ تُرضعيه، وباعثوهُ رسولاً إلى مَن تخافينَهُ عليه أنْ يقتله. وفعلَ اللهُ ذلكَ بها وبه. (الطبري).

8- ﴿ فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ ﴾.
فألقَتْهُ في النَّهرِ كما أُمِرَت، فمرَّ بدارِ فرعون، فعثرَ عليهِ أهلهُ وأصحابهُ وأخذوه، ليكونَ لهم في المستقبلِ عدوًّا، وهمًّا وغمًّا. إنَّ فرعونَ المتكبِّر، ووزيرَهُ هامانَ الظالم، وجنودَهما أجمعين، كانوا عاصينَ آثمين، فعاقبَهمُ اللهُ على ذلك. (الواضح).

9- ﴿وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَايَشْعُرُونَ﴾.
فشرعت امرأتهُ آسية بنتُ مزاحم تخاصمُ عنه، وتذبُّ دونه، وتحبِّبهُ إلى فرعون، فقالت: ﴿ قُرَّةُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ ﴾ فقالَ فرعون: أما لكِ فنعم، وأما لي فلا، فكان كذلك. وقوله: ﴿ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا ﴾ قد حصلَ لها ذلك، وهداها اللهُ به، وأسكنَها الجنَّةَ بسببه. وقولها: ﴿ أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ﴾ أي: أرادتْ أنْ تتَّخذَهُ ولدًا وتتبنَّاه، وذلكَ أنه لم يكنْ لها ولدٌ منه. (ابن كثير، باختصار).

14- ﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾.
كما جزينا موسى على طاعتهِ إيّانا، وإحسانهِ بصبرهِ على أمرنا، كذلكَ نَجزي كلَّ مَن أحسنَ مِن رسلِنا وعبـادِنا، فصبرَ علـى أمرِنا وأطاعنا، وانتهَى عمّا نهيناهُ عنه. (الطبري).

15- ﴿ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ ﴾.
﴿ إنَّهُ عَدُوٌّ ﴾ يقول: إن الشيطانَ عدوٌّ لابنِ آدم، ﴿ مُضِلٌّ ﴾ له عن سبيلِ الرشاد، بتزيينهِ له القبيحَ من الأعمال، وتحسينهِ ذلك له، ﴿ مُبِـينٌ ﴾، يعني أنه يبينُ عداوتهُ لهم قديماً، وإضلالهُ إيّاهم. (الطبري).

16- ﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾.
إن اللهَ هو الساترُ على المنيبين إليهِ مِن ذنوبهم على ذنوبهم، المتفضِّلُ عليهم بالعفوِ عنها، الرحيمُ للناسِ أن يعاقبَهم على ذنوبهم بعد ما تابوا منها. (الطبري).

20- ﴿ وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ﴾.
يا موسَى، إنَّ أصحابَ الرَّأي مِن قومِ فرعونَ يتشاورونَ في أمرِكَ بقصدِ قتلِك، فاخرجْ من مصرَ قبلَ أنْ يظفَروا بك، وأنا أنصَحُكَ بذلك، وأخافُ عليكَ منهم. (الواضح).

21- ﴿ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾.
﴿ يَتَرَقَّبُ ﴾ أي: يتلفَّت، ﴿ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ ﴾ أي: من فرعونَ ومَلَئه. (ابن كثير).

23- ﴿ قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ﴾.
تَصرِفَ الرعاةُ مواشيَهم عن الماء. (البيضاوي).

25- ﴿ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾.
قالتْ له: إنَّ أبي يطلبُ منكَ المجيءَ إليهِ ليُعطيَكَ أُجرةَ سَقيك. فمضَى إليه، وسردَ عليهِ ما جرَى له في مصر، وقتْلَهُ القبطيّ، فقالَ له: لا تَخف، لقد أنقذكَ اللهُ مِن قومِ فرعونَ الكافرينَ المعتدين. (الواضح).

27- ﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾.
﴿ وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ ﴾ أي: لا أشاقُّكَ ولا أؤذيكَ ولا أُماريك. (ابن كثير)، ﴿ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ قالَ عمر: يعني في حسنِ الصحبةِ والوفاءِ بما قلت. (البغوي).

29- ﴿ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ﴾.
تستدفئون بها. (البيضاوي).

31- ﴿ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآَمِنِينَ ﴾.
فنُوديَ موسى: يا موسى أقبِلْ إليَّ ولا تخفْ مِنَ الذي تهربُ منه. (الطبري).

32- ﴿ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ﴾.
إلى فرعونَ وقومهِ مِن الكُبَراءِ والأتْباع، إنَّهم كانوا قومًا مخالفينَ للحقّ، خارجينَ عن طاعةِ الله. (الواضح).

33- ﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ ﴾.
قالَ موسَى مناجيًا ربَّه: يا ربّ، لقد قتلتُ واحدًا مِن قومِ فرعون، وأخافُ أنْ يقتلوني بهِ إذا قبضَ عليَّ فرعونُ ورجالُه. (الواضح).

34- ﴿ وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي ﴾.
وأرسِلْهُ معي إلى فرعون. (الواضح).

35- ﴿ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا ﴾.
فلا يصلُ إلـيكما فرعونُ وقومهُ بسوء. (الطبري).

36- ﴿ فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآَيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آَبَائِنَا الْأَوَّلِينَ ﴾.
﴿ فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآَيَاتِنَا ﴾: فلمّا جاءَ موسَى فرعونَ وملأهُ بأدلَّتِنا وحُجَجِنا بيِّناتٍ أنها حججٌ شاهدةٌ بحقيقة ما جاءَ به موسى من عند ربه..
﴿ وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا ﴾ الذي تدعونا إليه من عبـادةِ من تدعونا إلى عبـادتهِ ﴿ فِي آَبَائِنَا الْأَوَّلِينَ ﴾: في أسلافِنا وآبـائنا الأوَّلين الذين مضَوا قبلنا. (الطبري).

37- ﴿ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾.
لا يفوزون بالهُدَى في الدنيا وحسنِ العاقبةِ في العُقبَى. (البيضاوي).

38- ﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾.
وقالَ فرعونُ لأشرافِ قومهِ وسادتِهم: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾ فتعبدوهُ وتصدِّقوا قولَ موسَى فيما جاءَكم به مِن أنَّ لكم وله ربًّا غيري ومعبودًا سواي.. (الطبري).

39- ﴿ وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ ﴾.
وطغَى فرعونُ وتجبَّرَ هو وجنودهُ في أرضِ مصرَ وأكثَروا فيها الفساد، بغيرِ أمرِ حقٍّ ولا نظَرِ إصلاح، فضلُّوا وكفروا، وظنُّوا أنَّهم لن يُبعَثوا بعدَ الموتِ للحسابِ والجزاء. (الواضح).

40- ﴿ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ﴾.

فانظرْ يا محمَّدُ بعينِ قلبِكَ كيفَ كانَ أمرُ هؤلاءِ الذين ظلموا أنفسَهم، فكفروا بربِّهم وردُّوا على رسولهِ نصيحته، ألم نُهلِكهم فنُوَرِّثْ ديارَهم وأموالَهم أولياءَنا، ونخوِّلهم ما كانَ لهم مِن جنّات وعيونٍ وكنوزٍ ومقامٍ كريـم، بعدَ أنْ كانوا مستضعَفـين، تُقَتَّلُ أبناؤهم، وتُستحيا نساؤهم، فإنّا كذلكَ بكَ وبمن آمنَ بكَ وصدَّقكَ فـاعلون، مخوِّلوكَ وإيّاهم ديارَ مَن كذَّبك، وردَّ عليكَ ما أتيتَهم به مِن الحقِّ وأموالِهم، ومُهلكوهم قتلاً بالسيف، سنَّةَ اللهِ في الذين خَـلَوا مِن قبل. (الطبري).



41- ﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ ﴾.

يَدعونَ الناسَ إلى أعمالِ أهلِ النار، ﴿ وَيَوْمَ القِـيامَةِ لا يُنْصَرُونَ ﴾ يقولُ جلَّ ثناؤه: ويومَ القيامةِ لا يَنصرُهم إذا عذَّبهم اللّهُ ناصرٌ، وقد كانوا في الدنيا يتناصرون، فاضمحلَّت تلك النصرةُ يومئذٍ. (الطبري).

42- ﴿ وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ ﴾.
وألزمنا فرعونَ وقومَهُ في هذه الدنيا خِزياً وغضباً منّا عليهم، فحتمنا لهم فيها بالهلاكِ والبوارِ والثناءِ السيّىء. (الطبري).

43- ﴿ وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾.
﴿ وَهُدًى ﴾ إلى الحقّ، ﴿ وَرَحْمَةً ﴾ أي: إرشاداً إلى العملِ الصالح. (ابن كثير).

44- ﴿ وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ ﴾.
﴿ وَمَا كُنْتَ ﴾ يا محمدُ ﴿ بِجَانِبِ ﴾ الجبلِ ﴿ ٱلْغَرْبِىّ ﴾، وهو المكانُ الواقعُ في شقِّ الغرب، وهو الذي وقعَ فيه ميقاتُ موسى. (النسفي).

45- ﴿ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ﴾.
أي: وما كنتَ مقيماً في أهل مدينَ تتلو عليهم آياتنا حين أخبرتَ عن نبيِّها شعيب، وما قالَ لقومه، وما ردُّوا عليه، ﴿ وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ﴾ أي: ولكنْ نحن أوحينا إليكَ ذلك، وأرسلناكَ إلى الناسِ رسولاً. (ابن كثير).

46- ﴿ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾.
ليتذكَّروا خطأ ما هم عليه مُقيمون مِن كفرِهم بربِّهم، فيُنيبوا إلى الإقرارِ للهِ بالوحدانية، وإفرادهِ بـالعبـادةِ دونَ كلِّ ما سِواه مِن الآلهة. (الطبري).

47- ﴿ وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾.
﴿ فَيَقُولُواْ رَبَّنَا لَوْلاۤ ﴾: هلاَّ ﴿ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتِّبِعَ ءايَـٰتِكَ وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾، وجوابُ "لولا" محذوف، أي: لعاجلناهم بالعقوبة، يعني: لولا أنهم يحتجُّون بتركِ الإِرسالِ إليهم لعاجلناهم بالعقوبةِ بكفرهم. وقيل: معناه: لما بعثناكَ إليهم رسولاً، ولكن بعثناك إليهم لئلا يكونَ للناسِ على الله حجَّةٌ بعد الرسل. (البغوي).

48- ﴿ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ ﴾.
وقالتِ اليهود: إنّا بكلِّ كتابٍ في الأرضِ، مِن توراةٍ وإنجيلٍ وزبورٍ وفرقان، كافرون. (الطبري).

49- ﴿ قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾.
﴿ إِنْ كُنْتُـمْ صَادِقِـينَ ﴾ في زعمِكم أنَّ هذين الكتابـين سحران، وأنَّ الحقَّ في غيرهما. (الطبري).

50- ﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾.
وليسَ هناكَ أضلُّ ممَّن تابعَ هواهُ ورغبتَهُ بغيرِ دليلٍ مِن اللهِ العليمِ الحكيم، واللهُ لا يَهدي مَن ظلمَ نفسَهُ فأعرضَ عن الدِّينِ الحقِّ واتَّبعَ هواه. (الواضح).

53- ﴿ وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آَمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا ﴾.
يعني من عند ربِّنا نزل. (الطبري).

56- ﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾.
بالمستعدِّين لذلك. (البيضاوي).

57- ﴿ أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾.
ورزقًا رزقناهم مِن لدنّا، يعني: من عندنا، ﴿ وَلَكِنَّ أكْثَرَهُمْ لا يَعْلَـمُونَ ﴾ يقولُ تعالى ذكره: ولكنَّ أكثرَ هؤلاءِ المشركين القائلين لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم: ﴿ إنْ نَتَّبِعِ الهُدَى مَعكَ نُتَـخَطَّفْ مِنْ أرْضِنا ﴾ لا يعلمون أنّا نحن الذين مكَّنا لهم حرَماً آمنًا، ورزقناهم فيه، وجعلنا الثمراتِ من كلِّ أرضٍ تُجبَى إليهم، فهم بجهلهم بمن فعلَ ذلك بهم يكفرون، لا يشكرون من أنعمَ علـيهم بذلك.. (الطبري).

58- ﴿ فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ ﴾.
خربتْ من بعدهم، فلم يعمَّرْ منها إلاَّ أقلُّها، وأكثرُها خراب. ولم يكنْ لِما خرَّبنا مِن مساكنِهم منهم وارث، وعادتْ كما كانت قبلَ سُكناهم فيها، لا مالكَ لها إلاّ الله، الذي له ميراثُ السماواتِ والأرض. (الطبري، باختصار).

59- ﴿ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا ﴾.
قالَ مقاتل: يخبرهم الرسولُ أن العذابَ نازلٌ بهم إن لم يؤمنوا. (البغوي).

60- ﴿ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾.
﴿ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾ أن الباقيَ خيرٌ من الفاني؟ (النسفي).

61- ﴿ أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾.
وهل يستَوي مَن وعدناهُ الجنَّةَ والنَّعيمَ المقيمَ مِن المؤمنين، فهم مُدرِكونَهُ لا محالَة، ومَن متَّعناهُ في الدُّنيا بمالٍ فانٍ ونعيمٍ زائلٍ مِن الكافِرين، مع ما فيها منَ المنغِّصاتِ والهمومِ والأمراض؟ (الواضح).

68- ﴿ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾.
أي: مِن الأصنامِ والأنداد، التي لا تَخلقُ ولا تَختارُ شيئًا. (ابن كثير).

71- ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ ﴾.
أفلا تُرْعُونَ ذلكَ سمعَكم، وتفكِّرونَ فيه فتتَّعظون، وتعلَمونَ أنَّ ربَّكم هو الذي يأتي بالليلِ ويذهبُ بالنهارِ إذا شاء، وإذا شاءَ أتَى بالنهارِ وذهبَ بالليل، فيُنعِمُ باختلافِهما كذلكَ علـيكم. (الطبري).

72- ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾.
أفلا ترونَ بأبصارِكم اختلافَ الليلِ والنهارِ عليكم، رحمةً مِن اللهِ لكم، وحجَّةً منه عليكم، فتعلَموا بذلكَ أنَّ العبادةَ لا تصلحُ إلاّ لمن أنعمَ عليكم بذلكَ دونَ غيره، ولـمَن له القُدرةُ التي خالفَ بها بـين ذلك. (الطبري).

74- ﴿ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ
أينَ هم شركائيَ الذينَ زعمتُم أنَّهم آلهة، وأشركتُموهُم معي في العبادة؟ (الواضح).

77- ﴿ وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾.
﴿ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ﴾: وأَحسِنْ بطاعةِ اللهِ كما أحسنَ إليكَ بنعمتِه، وأحسِنْ إلى خَلقهِ كما أحسنَ هو إليك.
﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾: واللهُ لا يحبُّ مَن أفسدَ وعصَى، وأجرمَ وبغَى. (الواضح).

79- ﴿ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾.
قالَ الذين يريدون زُخرُفَ الدُّنيا وزينتَها: يا ليتَ لنا منَ الأموالِ والخدمِ والزِّينةِ مثلَما أُعطِيَ قارون، لا شكَّ أنَّهُ ذو حظٍّ وافرٍ وحياةٍ سعيدة! (الواضح).

81- ﴿ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ ﴾.
من المنتقمين من موسى، أو من الممتنعين من عذابِ الله. يقال: نصرَهُ من عدوِّهِ فانتصره، أي منعَهُ منه فامتنع. (النسفي).

82- ﴿وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾.
أي: ليس المالُ بدالٍّ على رضا الله عن صاحبه، فإن الله يعطي ويمنع، ويضيِّقُ ويوسِّع، ويخفضُ ويرفع، وله الحكمةُ التامةُ والحجةُ البالغة... ﴿ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا ﴾ أي: لولا لطفُ اللهِ بنا وإحسانهُ إلينا لخسفَ بنا كما خسفَ به، لأنّا وَدِدْنا أنْ نكونَ مثله، ﴿ وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ﴾ يعنون أنه كان كافرًا، ولا يُفلحُ الكافرُ عندَ الله، لا في الدنيا ولا في الآخرة. (ابن كثير).

83- ﴿ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾.
والجنةُ للمتَّقـين، وهم الذين اتَّقَوا معاصيَ الله، وأدَّوا فرائضه. (الطبري).

85- ﴿ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾.
أي: قلْ لمن خالفكَ وكذَّبكَ يا محمدُ من قومِكَ من المشركين، ومن تبعَهم على كفرهم، قل: ربي أعلمُ بالمهتدي منكم ومني، وستعلمون لمن تكونُ له عاقبةُ الدار، ولمن تكونُ العاقبةُ والنصرةُ في الدنيا والآخرة. (ابن كثير).

87- ﴿ وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آَيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾.
وادْعُ إلى عبادةِ ربِّكَ وحدَهُ لا شريكَ له، ولا تكنْ مِن المشركين بمُظاهرَتِهم وإعانتِهم على ضلالِهم.
وظاهرُ الخطابِ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، والمرادُ تحذيرُ أمَّتِه. (الواضح في التفسير).


88- ﴿ وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ﴾.
﴿ وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا إِلَهَ إِلا هُوَ ﴾ أي: لا تليقُ العبادةُ إلا له، ولا تنبغي الإلهيةُ إلا لعظمته. وقوله: ﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ ﴾: إخبارٌ بأنهُ الدائمُ الباقي، الحيُّ القيُّوم، الذي تموتُ الخلائقُ ولا يموت، كما قال تعالَى: ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ ﴾ [سورة الرحمن: 26، 27]، فعبَّرَ بالوجهِ عن الذات، وهكذا قولهُ ها هنا: ﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ ﴾ أي: إلّا إيّاه. (ابن كثير).




ابوالوليد المسلم 12-11-2020 11:06 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 
الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (22)








أ. محمد خير رمضان يوسف
(سور: العنكبوت، الروم، لقمان، السجدة)




سورة العنكبوت
4- ﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾.
أي: لا يحسبنَّ الذين لم يدخلوا في الإيمان أنهم يتخلَّصون من هذه الفتنةِ والامتحان، فإن من ورائهم من العقوبةِ والنكالِ ما هو أغلظُ من هذا وأطمّ، ولهذا قال: ﴿ أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا ﴾ أي: يفوتونا، ﴿ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ أي: بئسَ ما يظنون. (ابن كثير).

8- ﴿ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾.
﴿ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ ﴾: مرجعُ من آمنَ منكم ومن أشرك، ﴿ فَأُنَبِئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾: فأجازيكم حقَّ جزائكم. وفي ذكرِ المرجعِ والوعيدِ تحذيرٌ من متابعتهما على الشرك، وحثٌّ على الثباتِ والاستقامةِ في الدين. (النسفي).

10- ﴿ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ ﴾.
﴿ أوَ لَـيْسَ اللّهُ بأعْلَـمَ ﴾ - أيها القومُ - من كلِّ أحدٍ ﴿ بمَا فِي صُدُورِ العَالَمِينَ ﴾: جميعِ خلقه، القائلين آمنّا بالله وغيرِهم، فإذا أُوذِيَ في الله ارتدَّ عن دينِ الله، فكيف يخادَعُ مَن كان لا يخفَى علـيه خافـية، ولا يستترُ عنه سرًّا ولا علانـية. (الطبري).

11- ﴿ وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ ﴾.
﴿ وَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ﴾ بالإخلاص، ﴿ وَلَيَعْلَمَنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ ﴾، سواءٌ كان كفرُهم بأذيَّةٍ أو لا. والمرادُ بالعلمِ المجازاة، أي: ليجزينَّهم بما لهم من الإيمانِ والنفاق. (روح المعاني).

16- ﴿ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾.
أي: إذا فعلتُم ذلكَ حصلَ لكم الخيرُ في الدنيا والآخرة، واندفعَ عنكم الشرُّ في الدنيا والآخرة. (ابن كثير).

19- ﴿ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾.
سهلٌ، كما كانَ يسيرًا علـيه إبداؤه. (الواضح).

20- ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.
إنَّ اللهَ على إنشاءِ جميعِ خَلقهِ بعد إفنائه، كهيئتهِ قبلَ فنائه, وعلى غيرِ ذلكَ ممّا يشاءُ فعله، قادر، لا يُعجزهُ شيءٌ أراده. (الطبري).

22- ﴿ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾.
وما كانَ لكم أيها الناسُ مِن دونِ اللهِ مِن وليٍّ يَلي أمورَكم، ولا نصيرٍ ينصرُكم منهُ اللهُ إنْ أرادَ بكم سوءًا، ولا يمنعُكم منهُ إنْ أحلَّ بكم عقوبته. (الطبري).

23- ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾.
﴿ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـأَيَـٰتِ ٱللَّهِ وَلِقَآئِهِ ﴾ أي: جحدوها، وكفروا بالمعاد، ﴿ أُوْلَـٰئِكَ يَئِسُواْ مِن رَّحْمَتِى ﴾ أي: لا نصيبَ لهم فيها، ﴿ وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ أي: موجعٌ شديدٌ في الدنيا والآخرة. (ابن كثير).

25- ﴿ ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ﴾.
أي: ومصيرُكم ومرجعُكم بعدَ عرَصاتِ القيامةِ إلى النار، وما لكم مِن ناصرٍ ينصرُكم، ولا منقذٍ يُنقذُكم مِن عذابِ الله. (ابن كثير).

26- ﴿ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾.
﴿ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ ﴾ أي: له العزَّةُ ولرسولهِ وللمؤمنين به، ﴿ الْحَكِيمُ ﴾ في أقوالهِ وأفعالهِ وأحكامهِ القدَريَّةِ والشرعيَّة. (ابن كثير).

30- ﴿ قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ ﴾.
﴿ ٱلْمُفْسِدِينَ ﴾ باتِّباعِ الفاحشةِ وسَنِّها فيمن بعدهم. وصفهم بذلك مبالغةً في استنزالِ العذاب، وإشعاراً بأنهم أحقّاءُ بأن يعجَّلَ لهم العذابُ. (البيضاوي).

33- ﴿ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ ﴾.
سنُخلِّصُكَ وأهلَكَ مِن العذاب، إلاّ امرأتَكَ العجوزَ التي لم تؤمِنْ مِن بينِ أهلِك، فإنَّها مِن الباقينَ في العذاب. (الواضح).

35- ﴿ وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آَيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾.
لقومٍ يتدبَّرونَ الآياتِ تدبُّرَ ذوي العقول. (البغوي).

36- ﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ﴾.
أخاهم في النسب.

38- ﴿ وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ ﴾.
وأهلَكنا عادًا قومَ هُود، وكانوا كفَّارًا عُتاةً جبَّارين، يسكنونَ الأحقافَ، بين حضرموتَ وعُمَان، وأهلَكنا ثمودَ قومَ صالح، وكانوا بين الحجازِ والشَّام، ولهم آثارٌ معروفةٌ في "مدائنِ صالح" ببلادِ الحرمين، وكانوا أقوياء، أهلَ مدنيَّةٍ وثراء.. (الواضح).

39- ﴿ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ ﴾.
فـاستكبروا في الأرضِ عن التصديقِ بالبيِّناتِ مِن الآيات, وعن اتِّباعِ موسى صلواتُ اللهِ عليه. (الطبري).

40- ﴿ فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ ﴾.
أي: كانت عقوبتهُ بما يناسبه. (ابن كثير).

42- ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾.
﴿ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ﴾: الغالبُ الذي لا شريكَ له، ﴿ ٱلْحَكِيمُ ﴾ في تركِ المعاجلةِ بالعقوبة.
وفيه تجهيلٌ لهم، حيثُ عبدوا جماداً لا علمَ له ولا قدرة، وتركوا عبادةَ القادرِ القاهرِ على كلِّ شيء، الحكيمِ الذي لا يفعلُ كلَّ شيءٍ إلا بحكمةٍ وتدبير. (النسفي).

44- ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾.
﴿ إِنَّ فِى ذٰلِكَ ﴾: في خلقها، ﴿ لآيَةً ﴾: لدلالةً ﴿ لِّلْمُؤْمِنِينَ ﴾ على قدرتهِ وتوحيده. (البغوي).

الجزء الحادي والعشرون
46- ﴿ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾.
يقولُ تعالَى ذكرهُ للمؤمنين به وبرسوله، الذين نهاهم أن يجادلوا أهلَ الكتابِ إلاَّ بالتي هي أحسن: إذا حدَّثكم أهلُ الكتابِ أيها القومُ عن كتبهم، وأخبروكم عنها بما يمكنُ ويجوزُ أن يكونوا فيه صادقـين، وأن يكونوا فيه كاذبين، ولم تعلَموا أمرَهم وحالَهم في ذلك، فقولوا لهم: ﴿ آمَّنَّا بِـالَّذِي أُنْزِلَ إلَـينا وأنْزِلَ إلَـيْكُمْ ﴾ مما في التوراةِ والإنجيل، ﴿ وَإلَهُنا وإلهُكُمْ وَاحِدٌ ﴾ يقول: ومعبودُنا ومعبودُكم واحد، ونحنُ له خاضعونَ متذلِّلونَ بـالطاعة، فيما أمرَنا ونهانا. (الطبري).

50- ﴿ قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴾.
أي: إنما بُعِثتُ نذيراً لكم بيِّنَ النذارة، فعليَّ أن أبلِّغَكم رسالةَ الله تعالى. (ابن كثير).

51- ﴿ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾.
تفسيرُ الآية: أوَلمْ يَكفِهم معجزةً هذا القرآنُ الذي أنزلناهُ عليك، وهو يُقرَأُ عليهم ويَعرفونَهُ جيِّدًا، وفيه من الإعجازِ والتحدِّي ما يكفي دليلاً أنَّهُ مِن عندِ الله، فلم يستطعْ أحدٌ أنْ يأتيَ بمثلهِ أو بآياتٍ مِن مِثلِه؟ وفي بقائهِ محفوظًا مِن غيرِ أنْ ينالَهُ تغييرٌ أو تبديل، وكونهِ مُتَحَدًّى به إلى آخِرِ الدَّهر، آيةٌ أُخرَى عظيمة، وهو نعمةٌ كبيرةٌ للنَّاس، وتذكرةٌ وعظةٌ لمن آمنَ واهتدَى به، ففيه بيانٌ للحقّ، ودحضٌ للباطل، وفيهِ أحداثٌ وعِبَر، وقَصَصٌ وتوجيهات، وأحكامٌ ووصايا، كلُّها لأجلِ مصلحةِ الإنسانِ وسعادتِه. (الواضح).

52- ﴿ قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾.
وهو اللَّطيفُ العالِمُ بكلِّ ما في السَّماواتِ والأرض، فلا يَخفَى عليهِ شيء. والذين آمنوا بالأصنامِ وطاوَعوا الطَّواغيت، وكفروا باللهِ وهو خالقُهم ورازقُهم ومالِكُ أمرِهم، هم الخاسرونَ النادمون، الذينَ يُجزَونَ شرًّا على أعمالِهم السيِّئةِ يومَ القيامة. (الواضح).

58- ﴿ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾.
أي: لنسكنَّنهم منازلَ عاليةً في الجنة، تجري مِن تحتِها الأنهارُ على اختلافِ أصنافها، مِن ماءٍ وخمر، وعسلٍ ولبن، يَصرفونَها ويُجرونَها حيثُ شاؤوا، ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا ﴾ أي: ماكثين فيها أبدًا، لا يبغونَ عنها حِوَلًا، ﴿ نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾: نعمتْ هذه الغرفُ أجرًا على أعمالِ المؤمنين. (ابن كثير).

60- ﴿ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾.
﴿ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ﴾ لقولكم: نخشَى الفقرَ والعيلة، ﴿ ٱلْعَلِيمُ ﴾ بما في ضمائركم. (النسفي).

61- ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾.
لقالوا: هو الله. قلْ لهم: إذا كانَ الأمرُ كذلكَ فلماذا تعبدونَ غيرَهُ وتدَّعون أنَّهم آلهة؟! (الواضح).

62- ﴿ اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾.
اللهُ سبحانهُ هو الرَّازق، الذي يزيدُ في رزقِ عبادٍ لهُ ويجعلُهم أغنياء، ويضيِّقُ على آخرينَ فيكونونَ فقراء، واللهُ عالمٌ بكلِّ شيء، وعارفٌ بمن يَصلُحُ لهُ الغِنَى ومَن يَصلحُ لهُ الفقر. (الواضح).

63- ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ﴾.
وإذا سألتَهم: مَن الذي أنزلَ المطرَ مِن السَّماء، فأحيا بهِ الأرضَ وقد كانتْ جرداءَ قاحلة، فأنبتَتِ الزَّرعَ والثَّمر، وجرَتْ بهِ الأنهار؟ لقالوا: اللهُ أنزلَ المطر. (الواضح).

64- ﴿ وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾.
﴿ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ﴾ حقيقةَ الدارَين لما اختاروا اللهوَ الفانيَ على الحيوانِ الباقي. (النسفي).

66- ﴿ لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾.
وهكذا يشركونَ باللهِ ليكونوا كافرينَ بما أنعَمنا عليهم مِن النجاة، ولِيَتمتَّعوا باجتماعِهم وتوادِّهم على عبادةِ الأصنام، فسوفَ يعلمونَ عاقبةَ ما يَفعلون، عندما يُحاسَبون، ويُؤمَرُ بهم إلى مآلِهمُ المعلوم. (الواضح في التفسير).

سورة الروم
5- ﴿ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾.
﴿ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ﴾ أي: في انتصارهِ وانتقامهِ من أعدائه، ﴿ ٱلرَّحِيمُ ﴾ بعبادهِ المؤمنين. (ابن كثير).

9- ﴿ أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾.
تفسيرُ الآية: أوَلم يَسيروا في الأرضِ ليَنظُروا في آثارِ المكذِّبينَ مِن قَبلِهم، ويَسألوا العلماءَ عن قِصَصِهم، ويَقرؤوا في الكتبِ عن مآلِهم، ويَعتبِروا مِن عاقبةِ أمرِهم وهلاكِهم؟ فقد كانوا أقوَى منهم أبدانًا، وحرَثوا الأرضَ للزراعةِ وقلَّبوا تُرابَها لاستخراجِ ما فيها مِن ماءٍ ومَعدِنٍ وغيرِه، واستَغلُّوها وعمَروها بالغرسِ والصِّناعاتِ والعِمارات، أكثرَ ممَّا عمَرها مُشرِكو مكَّة.
وقد جاءَتْهم رسلُهم مبشِّرينَ ومُنذِرين، ومؤيَّدينَ بمعجزاتٍ مِن عندِ ربِّهم، فكذَّبوهم وعاندوهم، وجحَدوا برسالاتِ ربِّهم، فأهلَكناهُم، وما ظلمَهمُ اللهُ بمعاقبتِهم، بل كانَ ذلكَ جزاءَ فسادِهم وجرائمِهم ومعاصيهم، وعنادِهم واستكبارِهم، فهم الذين ظَلموا أنفُسَهم بذلك. (الواضح).

12- ﴿ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ ﴾.
المشركون. (النسفي).

15- ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ ﴾.
فأمّا الذينَ آمنُوا باللهِ ورسولهِ وعملوا بما أمرَهم اللهُ به, وانتهَوا عمَّا نهاهُم عنه... (الطبري).

16- ﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآَخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ ﴾.
وأما الذينَ جحدوا توحيدَ الله, وكذَّبوا رسلَه, وأنكروا البعثَ بعد الممات، والنشورَ للدارِ الآخرة, فأولئكَ في عذابِ اللهِ مُحضَرون, وقد أحضرَهم اللهُ إيّاها, فجمعَهم فيها ليذوقوا العذابَ الذي كانوا في الدنـيا يكذِّبون. (الطبري).

21- ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾.
إنَّ في فعلهِ ذلكَ لعِبرًا وعِظاتٍ لقومٍ يتذكَّرونَ في حُجَجِ اللهِ وأدلَّته, فيعلمونَ أنه الإلهُ الذي لا يُعجِزهُ شيءٌ أراده, ولا يتعذَّرُ عليهِ فعلُ شيءٍ شاءَه. (الطبري).

23- ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ﴾.
وفي ذلكَ أدلَّةٌ على قدرتهِ سبحانه، لمن شأنُهُ أنْ يَعيَ ما يَسمَع، ويَعتبِرَ ممَّا يرَى. (الواضح).

24- ﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾.
﴿ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ﴾: وينزِّلُ منَ السماءِ مطرًا. (الطبري)، ﴿ فَيُحْيِي ﴾ أي: بسببِ الماءِ ﴿ ٱلأَرْضَ ﴾، بأن يُخرجَ سبحانهُ به النباتَ ﴿ بَعْدَ مَوْتِهَا ﴾: يبسِها. ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾: يستعملونَ عقولَهم في استنباطِ أسبابِها، وكيفيةِ تكوُّنِها، ليَظهرَ لهم كمالُ قدرةِ الصانعِ جلَّ شأنهُ، وحكمتهُ سبحانه. (روح المعاني).

28- ﴿ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾.
يقولُ تعالَى ذكره: كما بيَّنا لكم أيها القومُ حُجَجَنا في هذه الآياتِ مِن هذه السورة، على قدرتِنا على ما نشاء، مِن إنشاءِ ما نشاء, وإفناءِ ما نحبّ, وإعادةِ ما نريدُ إعادتَهُ بعدَ فنائه, ودلَلنا على أنه لا تصلحُ العبادةُ إلاّ للواحدِ القهّار, الذي بيدهِ ملكوتُ كلِّ شيء, كذلكَ نبيِّنُ حُجَجَنا في كلِّ حقّ، لقومٍ يعقلون, فيتدبَّرونَها إذا سمعوها, ويعتبرونَ فيتَّعظونَ بها. (الطبري).

30- ﴿ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾.
﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ أنَّ الدينَ الذي أمرتُكَ يا محمَّدُ به بقولي: ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ﴾ هو الدينُ الـحقُّ دونَ سائرِ الأديانِ غيره. (الطبري).

31- ﴿ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾.
﴿ وَاتَّقُوهُ ﴾ أي: خافوهُ وراقبوه، ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ ﴾ وهي الطاعةُ العظيمة. (ابن كثير).

34- ﴿ لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾.
﴿ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ عاقبةَ تمتعِكم. (البيضاوي).

37- ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾.
إنَّ فـي بَسْطهِ ذلكَ على مَن بَسَطَهُ علـيه, وقَدْرهِ علـى مَن قَدَرَهُ علـيه, ومخالفتهِ بـين مَن خالفَ بـينهُ من عبادهِ في الغنَى والفقر, لدلالةً واضحةً لمن صدَّق حُجَجَ اللهِ وأقرَّ بها إذا عاينَها ورآها. (الطبري).
يتبع

ابوالوليد المسلم 12-11-2020 11:07 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 

38- ﴿ فَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ﴾.
فأعطِ الأقرباءَ حقَّهم منَ الصِّلةِ والصَّدقة، والمسكينَ الذي لا مالَ عنده، وابنَ السَّبيلِ الذي سافرَ واحتاجَ إلى نفقة. (الواضح).

45- ﴿ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ ﴾.
قالَ ابنُ عباس رضيَ الله عنهما: ليُثيبَهم اللهُ أكثرَ من ثوابِ أعمالهم. (البغوي).

46- ﴿ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾.
أي: تشكرون الله على ما أنعمَ به عليكم من النعمِ الظاهرةِ والباطنة، التي لا تعدُّ ولا تحصَى. (ابن كثير).

47- ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا ﴾.
ولقد أرسلنا يا محمدُ من قبلِكَ رسلاً إلى قومِهم الكفرة، كما أرسلناكَ إلى قومِكَ العابدي الأوثانِ من دونِ الله، ﴿ فَجَاءُوهُمْ بِـالبَّـيِّناتِ ﴾ يعني: بـالواضحاتِ من الحججِ على صدقهم، وأنهم لله رسل، كما جئتَ أنت قومكَ بـالبـيِّنات، فكذَّبوهم كما كذَّبك قومُك، وردُّوا عليهم ما جاؤوهم به من عند الله، كما ردُّوا علـيكَ ما جئتَهم به من عندِ ربِّك، ﴿ فَـانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أجْرَمُوا ﴾، يقول: فانتقَمنا من الذين أجرموا الآثام، واكتسبوا السيئاتِ من قومِهم، ونحن فـاعلو ذلك كذلك بمجرمي قومِك. (الطبري).

48- ﴿ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾.
أي: لحاجتهم إليه يفرحون بنزولهِ عليهم ووصولهِ إليهم. (ابن كثير).

50- ﴿ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.
وهو على كلِّ شيءٍ - مع قدرتهِ على إحياءِ الموتَى - قدير، لا يعزُّ عليه شيءٌ أراده، ولا يمتنعُ علـيه فعلُ شيءٍ شاءَهُ سبحانه. (الطبري).

52- ﴿ فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ ﴾.
لو أنَّ أصمَّ ولَّى مُدبِراً ثم ناديتَهُ لم يسمع، كذلك الكافرُ لا يسمعُ ولا ينتفعُ بما يسمع. (الطبري).

53- ﴿ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ ﴾.
يقولُ تعالَى ذكرهُ لنبيِّه: ما تُسمِعُ السماعَ الذي يَنتفِعُ به سامعهُ فيعقلهُ إلا من يؤمنُ بآياتنا؛ لأن الذي يؤمن ُبآياتنا إذا سمعَ كتابَ الله تدبَّرَهُ وفهمَهُ وعقلَه، وعملَ بما فيه، وانتهَى إلى حدودِ الله الذي حدَّ فيه، فهو الذي يَسمَعُ السماعَ النافع. وقوله: ﴿ فَهُمْ مُسْلِـمُونَ ﴾ يقول: فهم خاضعون لله بطاعته، متذلِّلون لمواعظِ كتابه. (الطبري).

54- ﴿ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ﴾.
﴿ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ ﴾ من الضعفِ والقوةِ والشبابِ والشيبة، ﴿ وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ ﴾ بتدبيرِ خلقه، ﴿ ٱلْقَدِيرُ ﴾ على ما يشاء. (البغوي).

56- ﴿ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾.
ولكنَّكم كنتم لا تعلمونَ في الدنيا أنهُ يكون, وأنكم مبعوثونَ من بعدِ الموت, فلذلكَ كنتم تكذِّبون. (الطبري).

سورة لقمان
2- ﴿ تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ ﴾.
فسَّرَها في الآيةِ الأولى مِن سورةِ يونس بما ملخَّصه: هذه آياتِ القرآنِ المـُحكَم.

3- ﴿ هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ ﴾.
هذا الكتابُ الحكيمُ هُدًى ورحمةٌ للذين أحسنوا, فعملوا بما فـيه مِن أمرِ اللهِ ونهيه. (الطبري).
هدايةً لقلوبِهم وإرشادًا لهم إلى الحقِّ والسَّداد، ورحمةً لمن أحسنَ العملَ واتَّبعَ الشَّرع. (الواضح).

5- ﴿ أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾.
﴿ أُوْلَـٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ﴾ أي: على بصيرةٍ وبيِّنةٍ ومنهجٍ واضحٍ جليّ، ﴿ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ ﴾ أي: في الدنيا والآخرة. (ابن كثير).

6- ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾.
ليصدَّ ذلكَ الذي يشتري مِن لهوِ الحديثِ عن دينِ اللهِ وطاعته, وما يقرِّبُ إليه مِن قراءةِ قرآنٍ وذكرِ الله؛ جهلاً منه بما له في العاقبةِ عندَ اللهِ مِن وزرِ ذلكِ وإثمه. هؤلاءِ الذين وصفنا أنهم يشترون لهوَ الحديثِ ليُضلُّوا عن سبيلِ الله, لهم يومَ القيامةِ عذابٌ مُذِلٌّ مُخزٍ في نارِ جهنَّم. (منتخب من الطبري).

7- ﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾.
وهذا المستهزئُ اللَّاهي إذا قُرئتْ عليهِ آياتُ القرآنِ الكريم، أدبرَ عنها في تكبُّرٍ واستعلاءٍ ولم يلتفتْ إليها، كأنَّهُ لم يسمَعْها لصمَمٍ فيه، وما بهِ صمَم، فأَعلِمْهُ بمصيرهِ يومَ القيامة، وهو العذابُ الشَّديدُ الدَّائم. (الواضح).

8- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ ﴾.
هذا ذكرُ مآلِ الأبرارِ مِن السعداءِ في الدارِ الآخرة، الذين آمنوا باللهِ وصدَّقوا المرسَلين، وعملوا الأعمالَ الصالحةَ المتابعةَ لشريعةِ الله، ﴿ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ ﴾ أي: يتنعَّمون فيها بأنواعِ الملاذِّ والمسارّ، مِن المآكلِ والمشارب، والملابسِ والمساكن، والمراكبِ والنساء، والنضرةِ والسماع، الذي لم يخطرْ ببالِ أحد. (ابن كثير).

9- ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾.
وهم في ذلكَ مقيمون دائمًا فيها، لا يظعنون، ولا يبغون عنها حِوَلًا.
وقوله: ﴿ وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا ﴾ أي: هذا كائنٌ لا محالة؛ لأنه مِن وعدِ الله، واللهُ لا يُخلِفُ الميعاد؛ لأنه الكريمُ المنّان، الفعّالُ لما يشاء، القادرُ على كلِّ شيء، ﴿ وَهُوَ الْعَزِيزُ ﴾ الذي قد قهرَ كلَّ شيء، ودانَ له كلُّ شيء، ﴿ الْحَكِيمُ ﴾ في أقوالهِ وأفعاله، الذي جعلَ القرآنَ هُدًى للمؤمنين.. (ابن كثير).

10- ﴿ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ ﴾.
ونشرَ فيها مِن كلِّ أنواعِ الحيوانات، وأنزلنا مِن السَّماءِ مطرًا. (الواضح).

11- ﴿ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾.
﴿ فِي ضَلَالٍ ﴾ أي: جهلٍ وعمًى ﴿ مُبِينٍ ﴾ أي: واضحٍ ظاهرٍ لا خفاءَ به. (ابن كثير).

13- ﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾.
وهو يَعِظهُ ويُخوِّفُه: يا بُنيّ، لا تُشرِكْ بالله، فإنَّ عبادةَ غيرِ اللهِ معهُ ظلمٌ عظيم، فإنَّهُ وضعٌ للشَّيءِ في غيرِ موضِعِه، وتسويةٌ للإلهِ بغيرِه، وشكرٌ لمن لم يفعلْ شيئًا ولا يستحقُّه. (الواضح).

14- ﴿ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾.
إلى اللهِ مصيرُكَ أيها الإنسان, وهو سائلُكَ عمّا كانَ مِن شكرِكَ له على نعمهِ عليك, وعمّا كانَ مِن شكرِكَ لوالدَيك, وبرِّكَ بهما على ما لقيا منكَ مِن العناء والمشقَّةِ في حالِ طفوليتِكَ وصبـاك, وما اصطنعا إلـيكَ في برِّهما بك, وتحنُّنِهما علـيك. (الطبري).

16- ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ﴾.
﴿ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ ﴾: يصلُ علمهُ إلى كلِّ خفيّ، ﴿ خَبِيرٌ ﴾: عالمٌ بكنهه. (البيضاوي).

17- ﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾.
يا بنيَّ أقمِ الصَّلاةَ بحدودِها، وأْمُرِ الناسَ بطاعةِ اللهِ واتِّباعِ أمره، وانْهَ الناسَ عن معاصي اللهِ ومواقعةِ مـحارمه. (الطبري).

18- ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾.
المختالُ من الخُيَلاء، وهو التبخترُ في المشي كِبْراً. (روح المعاني).

22- ﴿ وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾.
وإلى اللهِ مرجعُ عاقبةِ كلِّ أمر، خيرهِ وشرِّه, وهو الـمُسائلُ أهلَهُ عنه, ومُجازيهم علـيه. (الطبري).

23- ﴿ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا ﴾.
إلى اللهِ مرجعُهم فينبِّئهم بما عملوا، أي: فيَجزيهم عليه. (ابن كثير).

24- ﴿ نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾.
المرادُ بالاضطرارِ أي الإلجاء، إلزامُهم ذلك العذابَ الشديدَ إلزامَ المضطرِّ الذي لا يقدرُ على الانفكاكِ مما أُلجِىءَ إليه. (روح المعاني).

27- ﴿ وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾.
ولو أنَّ جميعَ الأشجارِ التي في الأرضِ بُرِيَتْ وجُعِلَتْ أقلامًا، وجُعِلَ البحرُ مِدادًا، يَمدُّ هذه الأقلامَ به كلَّما انتهَى مدادُها، ومُدَّ هذا البحرُ بسبعةِ أبحرٍ أخرَى بعد انتهائه، وكُتِبَ بها كلامُ الله، لَمَا نَفِدَ كلامهُ سبحانَه، لعدمِ تناهيه، واللهُ عزيزٌ لا يُعجِزهُ شيء، قد غلبَ كلَّ شيءٍ وقهرَه، حكيمٌ في حُكمهِ وأمرهِ وجميعِ شؤونِه.
والمرادُ بالسَّبعةِ الكثرةُ والمبالغة، لا الحصر. (الواضح).

29- ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾.
ألَا تشاهدُ كيفَ أنَّ اللهَ بقدرتهِ يُدخِلُ اللَّيلَ في النَّهارِ شيئًا فشيئًا، ويُدخِلُ النَّهارَ في اللَّيلِ كذلك، بميزانٍ ودقَّةٍ متناهية، وسخَّرَ الشَّمسَ والقمرَ فجعلَهما مُذَلَّلينِ طائعينِ لِمَا يُرادُ منهما في خدمةِ الإنسان، وهما يَجرِيانِ إلى حدٍّ معيَّن، وإلى وقتٍ محدَّد، ليتكوَّنَ مِن حركاتِهما اللَّيلُ والنَّهار، والشَّهرُ والسَّنة... إنَّهُما مِن صُنعِ اللهُ الخالِقِ المدبِّر، الذي أحاطَ علمهُ بجميعِ ما تعملون، ظاهرهِ وخفيِّه. (الواضح).

30- ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾.
ذو العلوِّ على كلِّ شيء, وكلُّ ما دونهُ فله متذلِّل مُنقاد, الكبيرُ الذي كلُّ شيءٍ دونهُ فله متصاغر. (الطبري).

31- ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آَيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴾.
ليُرِيَكم من عِبَرهِ وحُجَجهِ عليكم. إن في جري الفُلكِ في البحرِ دلالةً على أن الله الذي أجراها هو الحقّ، وأنّ ما يدعون من دونهِ البـاطل. (الطبري).

32- ﴿ وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ ﴾.
فزعوا إلى اللهِ بالدعاءِ مخلصين له الطاعة, لا يشركون به هنالكَ شيئًا, ولا يدعون معه أحدًا سواه, ولا يستغيثون بغيره. قوله: ﴿ فَلَـمَّا نَـجَّاهُمْ إلـى البَرّ ﴾ مما كانوا يخافونهُ في البحرِ من الغرقِ والهلاكِ إلى البرّ... (الطبري).

33- ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾.
أيُّها النَّاس، أَطيعوا ربَّكم ولا تُخالِفوا أمرَه، واخشَوا يومَ القيامةِ فإنَّهُ يومٌ عظيم، والحسابُ فيهِ شديد...
إنَّ المعادَ حقّ، والثَّوابَ والعقابَ على الأعمالِ حقّ، فلا تُلهيَنَّكم الدُّنيا بلذَّاتِها وشهواتِها عن طاعَةِ الله، ولا يَخدعنَّكمُ الشَّيطانُ فيَحمِلَكم على العملِ بالمعاصي بتزيينِها في نفوسِكم. (الواضح).

34- ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾.
إنَّ الذي يعلمُ ذلكَ كلَّه, هو اللهُ دونَ كلِّ أحدٍ سِواه, إنه ذو علمٍ بكلِّ شيء, لا يخفَى عليه شيء, خبـيرٌ بـما هو كائن, وما قد كان. (الطبري).

سورة السجدة
3- ﴿ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ﴾.
لـيتبَّـينوا سبـيلَ الحقّ، فـيعرفوهُ ويؤمنوا به. (الطبري).

4- ﴿ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ ﴾.
﴿ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ ﴾: من دونِ الله، ﴿ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ ﴾ أي: إذا جاوزتم رضاهُ لم تجدوا لأنفسِكم وليًّا، أي ناصراً ينصرُكم، ولا شفيعاً يشفعُ لكم، ﴿ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ ﴾: تتَّعظون بمواعظِ الله؟ (النسفي).

6- ﴿ ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾.
﴿ الْعَزِيزُ ﴾ الذي قد عزَّ كلَّ شيء، فقهرَهُ وغلبه، ودانتْ له العبادُ والرقاب، ﴿ الرَّحِيمُ ﴾ بعبادهِ المؤمنين، فهو عزيزٌ في رحمته، رحيمٌ في عزَّته. (ابن كثير).

8- ﴿ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ﴾.
وهو المنيّ، من الرجلِ والمرأة. (الواضح).

9- ﴿ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾.
﴿ ثُمَّ سَوَّاهُ ﴾: قوَّمَهُ بتصويرِ أعضائهِ على ما ينبغي.
﴿ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾: تشكرون شكراً قليلاً. (البيضاوي).

13- ﴿ وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴾.
وقد ثبتَ وتحقَّقَ القولُ منِّي، لأملأنَّ جهنَّمَ مِن الكافرينَ والضالِّينَ المخالِفينَ للحقّ، مِن الجِنِّ والإنسِ أجمعين، وأنتم منهم أيُّها المشركون، فقد أغواكم إبليسُ فأطعتُموه، واخترتمُ الضَّلالَ على الهُدَى.
والعُصاةُ مِن المسلمينَ يُعَذَّبونَ في جهنَّمَ ثمَّ يَخرجونَ منها، إلاّ مَن عفا اللهُ عنهم، فلا يُعَذَّبون. (الواضح في التفسير).

18- ﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ ﴾.
يخبرُ تعالَى عن عدلهِ أنه لا يساوي في حُكمهِ يومَ القيامةِ مَن كان مؤمنًا بآياته متَّبِعًا لرسلهِ بمن كانَ فاسقًا، أي: خارجًا عن طاعةِ ربِّه مكذِّبًا لرسُلهِ إليه. (ابن كثير).

19- ﴿ أَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾.
أمَّا الذينَ آمنوا وصدَقوا في إيمانِهم، وعملوا الأعمالَ الصَّالحةَ لوجهِ اللهِ وحدَه، فلهم جنَّاتُ النَّعيم، مأوَى اللَّذَّات، ونعيمُ الأرواح، ومحلُّ الأفراح، في جوارِ ربٍّ كريم، ضيافةً وكرامة، بما كانوا يعملونَ في الدُّنيا منَ الطَّاعاتِ والقُرُبات. (الواضح).

20- ﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ
وأمَّا الذينَ كفروا وخرجوا عن طاعةِ ربِّهم، فمحلُّهمُ النَّارُ التي تُسْعَرُ بهم، خالدينَ فيها، كلَّما حاولوا الخروجَ منها - لِما يَلحقُهم مِن الحرِّ والشدَّةِ والكَرْب - ضُرِبوا بالمقامع، فأُعيدوا مِن أعاليها إلى أسافلِها، وقالتْ لهمُ الملائكة: ذوقوا العذابَ الذي كنتُم تُكذِّبونَ به في الحياةِ الدُّنيا. (الواضح في التفسير).

23- ﴿ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾.
وجعلنا الكتابَ المنزلَ على موسى لقومهِ هدًى. (النسفي).

25- ﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴾.
إنَّ ربَّكَ يا محمَّدُ هو يبيِّنُ جميعَ خلقهِ يومَ القيامةِ فيما كانوا فيه في الدنيا يختلفون، مِن أمورِ الدينِ والبعثِ والثوابِ والعقاب، وغيرِ ذلكَ مِن أسبابِ دينِهم، فيفرِّقُ بينهم بقضاءٍ فاصل، بإيجابهِ لأهلِ الحقِّ الجنَّة، ولأهلِ الباطلِ النار. (الطبري).


26- ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ ﴾.
أي: إن في ذهابِ أولئك القومِ ودمارِهم وما حلَّ بهم بسببِ تكذيبهم الرسل، ونجاةِ مَن آمنَ بهم، لآياتٍ وعبراً ومواعظَ ودلائلَ متناظرة، ﴿ أَفَلاَ يَسْمَعُونَ ﴾ أي: أخبارَ مَن تقدَّمَ كيف كان أمرُهم؟ (ابن كثير).

27- ﴿ أَفَلَا يُبْصِرُونَ ﴾.
أفلا يرونَ ذلكَ بأعينهم, فيعلَموا برؤيتهموهُ أنَّ القدرةَ التي بها فعلتُ ذلكَ لا يتعذَّرُ عليَّ أنْ أُحييَ بها الأمواتَ وأنشرَهم مِن قبورهم, وأعيدَهم بهيئاتِهم التي كانوا بها قبلَ وفـاتهم؟ (الطبري).






ابوالوليد المسلم 12-11-2020 11:08 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 
الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (23)



أ. محمد خير رمضان يوسف



(سور: الأحزاب، سبأ، فاطر، يس)



سورة الأحزاب
2- ﴿ وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾.
إنَّ اللهَ بما تعملُ به أنتَ وأصحابُكَ مِن هذا القرآن، وغيرِ ذلكَ مِن أمورِكم وأمورِ عبـاده، ﴿ خَبِـيرًا ﴾، أي: ذا خبرة، لا يخفَى عليه مِن ذلكَ شيء، وهو مُجازيكم على ذلكَ بما وعدَكم مِن الجزاء. (الطبري).

4- ﴿ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ﴾.
قالَ سعيد بن جبير: ﴿ يَقُولُ ٱلْحَقَّ ﴾ أي: العدل. (ابن كثير).

8- ﴿ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾.
﴿ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ ﴾ أي: مِن أممِهم ﴿ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ أي: موجِعًا. (ابن كثير).

11- ﴿ هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا ﴾.
تحريكاً بليغاً. (النسفي).

15- ﴿ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا ﴾.
أي: وإنَّ اللهَ تعالَى سيسألُهم عن ذلكَ العهد، لا بدَّ مِن ذلك. (ابن كثير).

17- ﴿ قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴾.
قلْ يا محمدُ لهؤلاءِ الذين يستأذنونكَ ويقولون: إن بيوتنا عورةٌ؛ هرباً من القتل: مَن ذا الذي يمنعُكم مِن اللهِ إنْ هو أرادَ بكم سوءًا في أنفسِكم، مِن قتلٍ أو بلاءٍ أو غيرِ ذلك، أو عافيةٍ وسلامة؟ وهل ما يكونُ بكم في أنفسِكم مِن سوءٍ أو رحمةٍ إلاّ من قِبَله؟ ولا يجدُ هؤلاء المنافقون إن أرادَ الله بهم سوءاً في أنفسِهم وأموالهم من دونِ الله ولياً يليهم بالكفـاية، ولا نصيراً ينصرهم من الله فيدفعُ عنهم ما أرادَ الله بهم من سوءٍ في ذلك. (الطبري، بشيء من الاختصار).

24- ﴿ لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾.
﴿ لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ ﴾: ليُثيبَ الله أهلَ الصدقِ بصدقِهمُ اللهَ بما عاهدوهُ عليه، ووفـائهم له به.
﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾: إنَّ اللهَ كانَ ذا سترٍ على ذنوبِ التائبين، رحيمًا بالتائبين أنْ يعاقبَهم بعدَ التوبة. (الطبري).

26- ﴿ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ﴾.
وهو الخوف؛ لأنهم كانوا مالؤوا المشركين على حربِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وليس مَن يعلمُ كمن لا يعلم، فأخافوا المسلمين، وراموا قتالَهم ليعزُّوا في الدنيا، فانعكسَ عليهم الحال، وانقلبتْ إليهم القال، انشمرَ المشركون، ففازوا بصفقةِ المغبون، فكما راموا العزَّ ذلُّوا، وأرادوا استئصالَ المسلمين فاستؤصلوا، وأُضيفَ إلى ذلك شقاوةُ الآخرة، فصارتِ الجملةُ أن هذه هي الصفقةُ الخاسرة. (ابن كثير).

27- ﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا ﴾.
وكانَ اللهُ على أنْ أورثَ المؤمنـينَ ذلك، وعلى نصرهِ إيّاهم، وغيرِ ذلكَ منَ الأمور، ذا قدرة، لا يتعذَّرُ علـيه شيءٌ أراده، ولا يمتنعُ علـيه فعلُ شيءٍ حاولَ فعلَه. (الطبري).

29- ﴿ وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآَخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾.
فإنَّ اللهَ قد هيَّأَ للمحسناتِ منكنَّ، جزاءَ إحسانِهنَّ، ثوابًا عظيمًا، ورزقًا كريمًا. (الواضح).

30- ﴿ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ﴾.
﴿ وَكَانَ ذٰلِكَ ﴾ أي: تضعيفُ العذابِ عليهنّ، ﴿ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً ﴾ أي: سهلاً، لا يمنعهُ جلَّ شأنهُ عنه كونهنَّ نساءَ النبـيِّ صلى الله عليه وسلم، بل هو سببٌ له. (الطبري).

الجزء الثاني والعشرون
31- ﴿ وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ ﴾.
ومَن يُطعِ اللهَ ورسولَهُ منكنّ، وتعملْ بما أمرَ اللهُ به، يُعطِها اللهُ ثوابَ عملِها مثلَـي ثوابِ عملِ غيرهنَّ مِن سائرِ نساءِ الناس. (الطبري).

33- ﴿ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾.
﴿ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾: وأقِمنَ الصلاةَ المفروضة، وآتـينَ الزكاةَ الواجبةَ علـيكنَّ في أموالِكنّ، ﴿ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ فـيما أمراكنَّ ونهياكنّ.
﴿ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾: ويطهِّرَكم مِن الدنَسِ الذي يكونُ في أهلِ معاصي اللهِ تطهيرًا. (الطبري).

34- ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا ﴾.
أي: بلطفهِ بكنَّ بلَغتُنَّ هذه المنزلة، وبخبرتهِ بكنَّ وأنكنَّ أهلٌ لذلك أعطاكنَّ ذلك، وخصَّكنَّ بذلك. (ابن كثير).

37- ﴿ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا ﴾.
أي: إِنما أبَحنا لكَ تزويجها، وفعَلنا ذلك، لئلا يبقَى حرجٌ على المؤمنين في تزويجِ مطلَّقاتِ الأدعياء. (ابن كثير).

39- ﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ﴾.
يمدحُ تباركَ وتعالى ﴿ ٱلَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالـٰتِ اللَّهِ ﴾ أي: إلى خلقه، ويؤدُّونها بأماناتها، ﴿ وَيَخْشَوْنَهُ ﴾ أي: يخافونه. (ابن كثير).

48- ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ﴾.
ذكرَ أنه تقدَّمَ القولُ في ﴿ وَكَفَى بِاللَّهِ ﴾، ويعني في الآيةِ الثالثةِ من السورة، وقد قالَ هناك: ثم أمرهُ تعالى بالتوكلِ على الله في جميعِ أمره، وأعلمَهُ أن ذلك كافٍ مقنع. والباءُ في قولهِ ﴿ بِاللهِ ﴾ زائدةٌ على مذهبِ سيبويه، وكأنه قال: "وكفَى الله"، وهي عندهُ نحوُ قولهم: بحسبِكَ أن تفعل، وغيرهُ يراها غيرَ زائدة، متعلقةً بـ ﴿ كَفَى ﴾، على أنه بمعنَى اكتفِ بالله. و "الوكيل" القائمُ بالأمر، المغني فيه عن كلِّ شيء.

51- ﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا ﴾.
أي: بضمائرِ السرائر. (ابن كثير).

52- ﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا ﴾.
وكانَ اللهُ على كلِّ شيءٍ، ما أحلَّ لك، وحرَّم عليك، وغيرِ ذلكَ مِن الأشياءِ كلِّها، حفـيظًا، لا يعزُبُ عنه علمُ شيءٍ مِن ذلك، ولا يؤودهُ حفظُ ذلكَ كلِّه. (الطبري).

53- ﴿ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا ﴾.
أي: ذنباً عظيماً. (البغوي، النسفي).

55- ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا ﴾.
لا تخفَى عليه خافية، ولا تتفاوتُ في علمهِ الأحوال، فيجازي سبحانهُ على الأعمالِ بحسبها. (روح المعاني).

56- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾.
وقولوا: السلامُ عليكَ أيها النبي. وقيل: وانقادُوا لأوامره. (البيضاوي).

57- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا ﴾.
وأعدَّ لهم في الآخرةِ عذابًا يُهينهم فيه بـالخلودِ فـيه. (الطبري).

58- ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾.
وإثمًا يَبِـْينُ لسامعهِ أنهُ إثمٌ وزور. (الطبري).

61- ﴿ مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا ﴾.
أي: قُتِلوا أبلغَ قتل. (روح المعاني).

64- ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا ﴾.
إنَّ اللهَ أبعدَ الكافرين وطردَهم مِن رحمتِه، وهيَّأ لهم في الآخرةِ نارًا شديدةً مستعرة. (الواضح).

65- ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴾.
يَبقُونَ في جهنَّمَ دائمًا، لا يموتونَ فيها ولا يزولونَ عنها، ولا يجدونَ فيها حافظًا ومتولِّيًا يُغيثُهم، ولا مُعينًا يُنقِذُهم ممَّا هم فيه. (الواضح).

71- ﴿ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
يعفُ لكم عن ذنوبِكم، فلا يعاقبكم علـيها، ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ فـيعملْ بما أمرَهُ به، وينتهي عمّا نهاه، ويَقُلِ السديدَ، ﴿ فَقَدْ فـازَ فَوْزاً عَظِيـماً ﴾ يقول: فقد ظفرَ بـالكرامةِ العظمَى من الله.... (الطبري).

73- ﴿ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾.
وكانَ اللهُ غفورًا لذنوبِ المؤمنـينَ والمؤمنات، بسترهِ عليها، وتركهِ عقابَهم عليها، رحيمًا أنْ يعذِّبَهم علـيها بعدَ توبتِهم منها. (الطبري).

سورة سبأ
2- ﴿ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ ﴾.
تفسيرُ الآية: يَعلمُ ما يَدخلُ في باطنِ الأرض، مِن قَطْرِ الماء، وبذورِ النَّباتِ والشَّجر، والرِّمالِ والصُّخور، والموتَى مِن أصنافِ الحيوان، وما يَخرجُ منها مِن النَّباتِ والمعادنِ وغيرِها، عددِها وكيفيَّتِها ووقتِها وأين تصير، وما يَنزلُ مِن السَّماءِ مِن ضياءٍ ومطرٍ وقوتٍ ومقاديرَ، وما يَصعدُ فيها مِن الملائكةِ والأعمالِ الصَّالحةِ وغيرِها. وهو الرَّحيمُ بعبادهِ فلا يُعاجِلُهم بالعقوبة، الغفورُ لذنوبِ التَّائبينَ منهم وإنْ أفرطوا فيها. (الواضح).

4- ﴿ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾.
كي يُثيبَ الذين آمنوا باللهِ ورسوله، وعملوا بما أمرَهم اللهُ ورسولهُ به، وانتهَوا عمّا نهاهم عنه، على طاعتِهم ربَّهم. (الطبري).

6- ﴿ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾.
العزيز: هو المنيعُ الجناب، الذي لا يُغالَبُ ولا يُمانَع، بل قد قهرَ كلَّ شيءٍ وغلبه، الحميدُ في جميعِ أقوالهِ وأفعالهِ وشرعهِ وقدره، وهو المحمودُ في ذلك كلِّهِ جلَّ وعلا. (ابن كثير).

11- ﴿ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ﴾.
أي: في الذي أعطاكم اللهُ مِن النعم. (ابن كثير).

13- ﴿ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾.
﴿ وَجِفَانٍ ﴾: وأوانٍ للطَّعام (صِحاف).
﴿ وَقُدُورٍ ﴾: وقُدورٍ لطبخِ الطَّعام.
﴿ اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ فاعمَلوا شاكرينَ يا آلَ داودَ على ما أنعمَ اللهُ عليكم في الدِّينِ والدُّنيا، وقليلٌ مِن عبادي مَن يقومُ بحقِّ الشُّكرِ في كلِّ أحوالِه، قلبًا ولسانًا. (الواضح في التفسير).


15- ﴿ لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آَيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ ﴾.
﴿ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ ﴾ الذي يرزقُكم من هاتينِ الجنَّتين، من زروعِهما وأثمارِهما، ﴿ وَاشْكُرُوا لَهُ ﴾ على ما أنعمَ به علـيكم مِن رزقهِ ذلك.
﴿ وَرَبٌّ غَفُورٌ ﴾ يقول: وربٌّ غفورٌ لذنوبكم إنْ أنتـم أطعتـُموه. (الطبري).

16- ﴿ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ ﴾.
أي: عن توحيدِ الله وعبادتهِ وشكرهِ على ما أنعمَ به عليهم، وعدلوا إلى عبادةِ الشمسِ من دونِ الله.. (ابن كثير).

21- ﴿ وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآَخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ﴾.
لنرَى ونميِّزَ المؤمنَ من الكافر. وأرادَ علمَ الوقوعِ والظهور، وقد كان معلوماً عندهُ بالغيب. ﴿ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ حَفُيظٌ ﴾: رقيب. (البغوي).

23- ﴿ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾.
من تتمَّةِ كلامِ الشفعاء، قالوهُ اعترافًا بجنابِ العزَّةِ جلَّ جلاله، وقصورِ شأنِ كلِّ مَن سواه. أي: هو جلَّ شأنهُ المتفرِّدُ بالعلوِّ والكبرياء، لا يشاركهُ في ذلكَ أحدٌ مِن خَلقه... (روح المعاني).

25- ﴿ قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾.
معناهُ التبرِّي منهم، أي: لستُم منّا ولا نحن منكم، بل ندعوكم إلى اللهِ وإلى توحيدهِ وإفرادِ العبادةِ له، فإنْ أجبتُم فأنتُم منّا ونحن منكم، وإنْ كذَّبتُم فنحن برآءُ منكم وأنتُم بُرآءُ منا... (ابن كثير).

26- ﴿ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ ﴾.
العالمُ بحقائقِ الأمور. (ابن كثير).

33- ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾.
﴿ بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ ﴾: بل هوَ محاولاتُكم المتكرِّرةُ للتَّغريرِ بنا وإضلالِنا، ودعاياتُكم المهوِّلةُ لأفكارِكم المنحرفة، وحيَلُكم المتتاليةُ في اللَّيلِ والنَّهار، وأنتُم تدعُونَنا للكفرِ باللهِ ودينه.
﴿ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾: وجعلنا القيودَ في أعناقِ الكافرين، مِن المستَكبِرين والمستَضعَفين، ولم يُجْزَوا إلاّ ما كانوا يعملونَ مِن السُّوءِ والشرّ.
(الواضح).

37- ﴿ وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آَمِنُونَ ﴾.
أي: في منازلِ الجنةِ العاليةِ آمنون من كلِّ بأسٍ وخوفٍ وأذى، ومن كلِّ شرٍّ يُحذَرُ منه. (ابن كثير).

38- ﴿ وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ ﴾.
﴿ وَٱلَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِىۤ ءَايَـٰتِنَا مُعَـٰجِزِينَ ﴾ أي: يسعون في الصدِّ عن سبيلِ الله واتباعِ رسلهِ والتصديقِ بآياته، ﴿ أُوْلَـٰئِكَ فِى ٱلْعَذَابِ مُحْضَرُونَ ﴾ أي: جميعُهم مَجزيُّون بأعمالِهم فيها بحسبِهم. (ابن كثير).

42- ﴿ فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِالَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ﴾.
فاليومَ لا يملكُ بعضُكم - أيها الملائكةُ - للذين كانوا في الدنيا يعبدونكم نفعاً ينفعونكم به، ولا ضرًّا ينالونكم به، أو تنالونهم به، ﴿ وَنَقُولُ للَّذِينَ ظَلَـمُوا ﴾ يقول: ونقولُ للذينَ عبدوا غيرَ الله، فوضعوا العبادةَ في غيرِ موضعِها، وجعلوها لغيرِ مَن تنبغي أنْ تكونَ له: ذوقوا عذابَ النارِ التي كنتُـم بها في الدنـيا تُكذِّبون، فقد ورَدتُـموها. (الطبري).

48- ﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴾.
علّامُ ما يغيبُ عن الأبصار. (الطبري).

50- ﴿ قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ ﴾.
قلْ للمشركين: إنْ كنتُ ضلَلتُ فإنَّ إثمَ انحرافي وضلالي يعودُ بالشرِّ والسُّوءِ عليّ، فلا عليكم منِّي، وإنِ اهتدَيتُ إلى الحقِّ فهو بوحي اللهِ إليَّ وتوفيقهِ لي، ولا أملِكُ لنفسِي منهُ شيئًا إلاّ بإذنِه، وأنا تحتَ مشيئتِه، أبلِّغُ ما يأمرُني به، وهو سميعٌ لمن دعاه، قريبُ الإجابةِ لمن رَجاه. (الواضح).

يتبع

ابوالوليد المسلم 12-11-2020 11:08 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 
سورة فاطر
1- ﴿ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.
إنَّ اللهَ تعالَى ذكرهُ قديرٌ على زيادةِ ما شاءَ مِن ذلكَ فيما شاء، ونقصانِ ما شاءَ منه ممَّن شاء، وغيرِ ذلكَ مِن الأشياءِ كلِّها، لا يمتنعُ علـيهِ فعلُ شيءٍ أرادَهُ سبحانهُ وتعالَى. (الطبري).

2- ﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
تفسيرُ الآية: مفاتيحُ الخيرِ ومَغالِقهُ كلُّها بيده، فما يفتحِ اللهُ للناسِ مِن خيرٍ فلا مُغلِقَ له، ولا مُمسِكَ عنهم، لأنَّ ذلكَ أمرُه، لا يستطيعُ أمرَهُ أحد، وكذلكَ ما يُغلِقُ مِن خيرٍ عنهم فلا يبسطهُ علـيهم، ولا يفتـحهُ لهم، فلا فـاتحَ له سواه، لأنَّ الأمورَ كلَّها إليهِ وله...
﴿ وَهُوَ العَزِيزُ الـحَكِيـمُ ﴾ يقول: وهو العزيزُ في نِقمتهِ ممَّن انتقمَ منهُ مِن خَلقه، بحبسِ رحمتهِ عنه وخيراته، الحكيمُ في تدبيرِ خَلقه، وفتحهِ لهم الرحمةَ إذا كان فتحُ ذلكَ صلاحًا، وإمساكهِ إيّاهُ عنهم إذا كانَ إمساكهُ حكمة. (الطبري).

6- ﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ﴾.
أي: هو مبارزٌ لكم بالعداوة. (ابن كثير).

7- ﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾.
الذين كفروا وكذَّبوا رسُلَ اللهِ مصيرُهم عذابٌ مؤلمٌ قاس، جزاءَ كفرِهم وطاعتِهم الشَّيطان، والذين آمنوا وأخلَصوا في إيمانِهم، وأتْبَعوهُ بالعملِ الصَّالح، فأولئكَ يَغفرُ اللهُ ما فرَطَ منهم مِن ذنوب، ولهم ثوابٌ عظيم. (الواضح).

8- ﴿ أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾.
﴿ أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا ﴾: أفمن حسَّنَ الشَّيطانُ له عملَهُ السيِّئَ، حتَّى بدا له أنَّ ما يقومُ به مِن أعمالٍ هي جيِّدةٌ وصحيحة، أفتحزَنُ عليه وتتألَّمُ لحالِه؟
﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾: فاللهُ عليمٌ بما يعملونَ مِن الأعمالِ السيِّئة. (الواضح).

9- ﴿ وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ ﴾.
اللهُ سبحانَهُ هو الذي بعثَ الرِّياحَ لتحرِّكَ السَّحابَ وتنشرَهُ، ثمَّ سُقناهُ... (الواضح).

11- ﴿ وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ ﴾.
﴿ وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى ﴾ منكم أيها الناس، مِن حَملٍ ولا نطفة، إلاّ وهو عالمٌ بحملِها إيّاهُ ووضعِها، وما هو، ذكرٌ أو أنثى؟ لا يخفَى علـيه شيءٌ مِن ذلك. (الطبري).

12- ﴿ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾.
أي: تشكرون ربَّكم على تسخيرهِ لكم هذا الخَلق العظيم، وهو البحر، تتصرَّفون فيه كيف شئتم، تذهبون أين أردتم، ولا يمتنع عليكم شيءٌ منه، بل بقدرتهِ قد سخرَ لكم ما في السماواتِ وما في الأرض، الجميعُ من فضلهِ ورحمته. (ابن كثير).

13- ﴿ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ ﴾.
﴿ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ﴾ أي: والنجومَ السيّارات، والثوابتَ الثاقباتِ بأضوائهنَّ أجرامَ السماوات، الجميعُ يسيرون بمقدارٍ معيَّن، وعلى منهاجٍ مقنَّنٍ محرَّر، تقديرًا مِن عزيزٍ عليم.
﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ ﴾ أي: الذي فعلَ هذا هو الربُّ العظيم، الذي لا إلهَ غيره. ﴿ وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ ﴾ أي: من الأصنامِ والأنداد، التي هي على صورةِ من تزعمون من الملائكةِ المقرَّبين... (ابن كثير).

16- ﴿ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾.
أي: لو شاءَ لأذهبَكم أيها الناسُ وأتَى بقومٍ غيركم. (ابن كثير).

17- ﴿ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ ﴾.
وما إذهابُكم والإتيانُ بخـلقٍ سواكم علـى اللهِ بشديد، بل ذلكَ عليه يسيرٌ سهل، يقول: فـاتَّقوا اللهَ أيها الناسُ وأطيعوهُ قبلَ أنْ يفعلَ بكم ذلك. (الطبري).

18- ﴿ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴾.
أي: ومن عملَ صالحاً فإنما يعودُ نفعهُ على نفسه، ﴿ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴾ أي: وإليه المرجعُ والمآب، وهو سريعُ الحساب، وسيجزي كلَّ عاملٍ بعمله، إنْ خيرًا فخير، وإنْ شرًّا فشرّ. (ابن كثير).

25- ﴿ وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾.
وإذا كذَّبكَ المشركون، فقد كذَّبَ مشركونَ أمثالُهم ممَّن مضَوا. (الواضح).

26- ﴿ ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ﴾.
أي: فكيفَ رأيتَ إنكاري عليهم، عظيمًا، شديدًا، بليغًا؟ (ابن كثير).

27- ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا ﴾.
ألمْ تَنظرْ كيفَ أنزلَ اللهُ المطرَ منَ السَّماء، فأخرجَ به أصنافًا منَ الثَّمراتِ... (الواضح).

28- ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾.
إنَّ اللهَ عزيزٌ في انتقامهِ ممَّن كفرَ به، غفورٌ لذنوبِ مَن آمنَ به وأطاعَه. (الطبري).

31- ﴿ وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ ﴾.
﴿ وَٱلَّذِىۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ ﴾ يامحمدُ من الكتاب، وهو القرآن، ﴿ هُوَ ٱلْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾ أي: من الكتبِ المتقدِّمة، يصدِّقُها، كما شهدتْ هي له بالتنويه، وأنه منزلٌ من ربِّ العالمين، ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ ﴾ أي: هو خبيرٌ بهم، بصيرٌ بمن يستحقُّ ما يفضِّلهُ به على مَن سواه. ولهذا فضَّلَ الأنبياءَ والرسلَ على جميعِ البشر، وفضَّلَ النبيِّين بعضَهم على بعض، ورفعَ بعضَهم درجات، وجعلَ منزلةَ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فوقَ جميعِهم. صلواتُ اللهِ عليهم أجمعين. (ابن كثير).

33- ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ ﴾.
بساتينُ إقامةٍ يدخـلونها هؤلاءِ الذين أورثناهم الكتاب، الذين اصطفـينا من عبـادنا يومَ القـيامة، ﴿ يُحَلَّوْنَ فِـيها مِنْ أساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ ﴾ يـلبسون في جناتِ عدنٍ أسورةً من ذهب... (الطبري).

36- ﴿ كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ ﴾.
﴿ كَذٰلِكَ ﴾ أي: مثلُ ذلك الجزاءِ الفظيعِ ﴿ نَجْزِى كُلَّ كَفُورٍ ﴾: مبالغٍ في الكفرِ أو الكفران، لا جزاءَ أخفُّ وأدنَى منه. (روح المعاني).

37- ﴿وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ﴾.
﴿ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ﴾: يقولون: ﴿ رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا ﴾ منها، من النار، ﴿ نَعْمَلْ صَـٰلِحاً غَيْرَ ٱلَّذِى كُـنَّا نَعْمَلُ ﴾ في الدنيا من الشركِ والسيئات. (البغوي).
﴿ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ﴾: ﴿ فَذُوقُواْ ﴾ العذاب، ﴿ فَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِن نَّصِيرٍ ﴾: ناصرٍ يُعينهم. (النسفي).

39- ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ ﴾.
جعلكم خلفاءَ في أرضه، قد ملَّكَكم مقاليدَ التصرفِ فيها، وسلَّطكم على ما فيها، وأباحَ لكم منافعها؛ لتشكروهُ بالتوحيدِ والطاعة. (البغوي).

40- ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ ﴾.
أَرُوني ولو شيئًا قليلاً خلقوهُ في الأرضِ ممَّا يراهُ النَّاس، حتَّى يَستحقُّوا أنْ يُسَمَّوا آلِهَة! (الواضح في التفسير).

43- ﴿ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا ﴾.
ولن تجدَ لها تحوُّلاً وانتقالاً. (الواضح).

44- ﴿ أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا ﴾.
وكانوا أكثرَ قوَّةً منهم، وأكثرَ أموالاً وأولادًا، ولكنَّ ذلكَ لم يُغْنِ عنهم شيئًا أمامَ قوَّةِ اللهِ وإرادتِهِ في الانتقام، فلا يفوتهُ شيءٌ ممَّا في السَّماواتِ والأرض، فكلُّ ما فيهما تحتَ مشيئتهِ وتصرُّفِه، وهو عليمٌ بما فيهما، قادرٌ على الانتقامِ ممَّن عصاه. (الواضح).

45- ﴿ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا ﴾.
فإذا جاءَ أجلُ عقابِهم، فإنَّ اللهَ كانَ بعبادهِ بصيرًا، مَن الذي يستحقُّ أنْ يُعاقَبَ منهم، ومَن الذي يستوجبُ الكرامة، ومَن الذي كانَ منهم في الدنيا له مطيعًا، ومَن كانَ فيها به مشركًا، لا يخفَى علـيهِ أحدٌ منهم، ولا يَعزُبُ عنهُ علمُ شيءٍ مِن أمرِهم. (الطبري).

سورة يس
3- ﴿ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾.
يقولُ تعالَى ذكرهُ مُقسِمًا بوحيهِ وتنزيلهِ لنبيِّهِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم: إنكَ يا محمدُ لَمِنَ المرسَلـينَ بوحي اللهِ إلـى عبـاده. (الطبري).

5- ﴿ تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ﴾.
أي: هذا الصراطُ والمنهجُ والدينُ الذي جئتَ به، مُنزَلٌ مِن ربِّ العزَّة، الرحيمِ بعبادهِ المؤمنين.. (ابن كثير).

6- ﴿ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آَبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ ﴾.
﴿ فَهُمْ غَـٰفِلُونَ ﴾ عن الإيمانِ والرشد. (البغوي).

7- ﴿ لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾.
لقد وجبَ العقابُ على أكثرِهم؛ لأن اللهَ قد حتَّمَ عليهم في أمِّ الكتابِ أنهم لا يؤمنون بالله، ولا يصدِّقون رسولَه. (الطبري).

11- ﴿إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ﴾.
﴿ فَبَشّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ ﴾ عظيمةٍ لما سلف، وقيل: لما يفرطُ منه. (روح المعاني).

15- ﴿ قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا ﴾.
فردُّوهم وقالوا لهم: أنتم لستُم سِوَى بشرٍ مثلِنا، فلِمَ أُوحيَ إليكم ولم يُوحَ إلينا؟ (الواضح).

18- ﴿ قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾.
ولـينالنَّكم منّا عذابٌ مُوجِع. (الطبري).

24- ﴿ إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾.
﴿ إِنّى إِذاً ﴾ أي: إذا اتخذتُ من دونهِ آلهةً، ﴿ لَفِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ ﴾، فإن إشراكَ ما يُصنَعُ وليس من شأنهِ النفعُ ولا دفعُ الضرِّ بالخالقِ المقتدرِ الذي لا قادرَ غيرهُ ولا خيرَ إلا خيره، ضلالٌ وخطأ بيِّنٌ، لا يخفَى على من له أدنَى تمييز. (روح المعاني).

25- ﴿ إِنِّي آَمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ﴾.
﴿ إِنِّي آَمَنْتُ بِرَبِّكُمْ ﴾ الذي كفرتُم به ﴿ فَٱسْمَعُونِ ﴾ أي: فاشهدوا لي بذلك عنده. (ابن كثير).

27- ﴿ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ﴾.
يا ليتهم يعلَمون أن السببَ الذي من أجله غفرَ لي ربِّي ذنوبي، وجعلني من الذين أكرمَهم الله بإدخالهِ إيّاهُ جنَّته، كان إيماني بـالله وصبري فـيه، حتى قُتلت، فيؤمنوا بـالله ويستوجبوا الجنة. (الطبري).

الجزء الثالث والعشرون
30- ﴿ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾.
ما كان يأتيهم رسولٌ مِن عندِ اللهِ إلاّ ويَجحدون ما أُرسِلَ به ويَسخرون منه. (الواضح).

31- ﴿ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنْ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ ﴾.
ألمْ يُخبَرِ المشركون ويشاهِدوا آثارَ مَن أهلَكنا مَن قبلَهم مِن المكذِّبين؟ ولن يرجعوا إليهم ليُخبِروهم بما حلَّ بهم مِن العذاب، أو لن يرجعوا إلى الدُّنيا ليعيشوا مرَّةً أُخرَى. (الواضح).

33- ﴿ وَآَيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ ﴾.
﴿ وَءَايَةٌ لَّهُمُ ﴾ أي: دلالةٌ لهم على وجودِ الصانعِ، وقدرتهِ التامَّة، وإحيائهِ الموتَى، ﴿ ٱلأَرْضُ ٱلْمَيْتَةُ ﴾ أي: إذا كانت ميتةً هامدةً لا شيءَ فيها من النبات، فإذا أنزلَ الله تعالى عليها الماء، ﴿اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ [سورة الحج: 5]، ولهذا قالَ تعالى: ﴿ أَحْيَيْنَـٰهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ ﴾ أي: جعلناهُ رزقاً لهم ولأنعامهم. (ابن كثير).

34- ﴿ وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ ﴾.

وجعلنا في هذه الأرضِ التي أحييناها بعد موتها بساتين من نخيلٍ وأعناب، ﴿ وَفَجَّرْنا فِـيها مِنَ العُيُونِ ﴾ يقول: وأنبعنا فـيها من عيونِ الـماء. (الطبري).

35- ﴿ لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ ﴾.
أفلا يشكرُ هؤلاءِ القومُ الذين رزقناهم هذا الرزقَ من هذه الأرضِ الميتةِ التي أحييناها لهم مَنْ رزقَهم ذلك وأنعمَ علـيهم به؟ (الطبري).

36- ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ ﴾.
﴿ مِمَّا تُنبِتُ ٱلأَرْضُ ﴾ من الثمارِ والحبوب، ﴿ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ ﴾ يعني: الذكورَ والإناث، ﴿ وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ مما خلقَ من الأشياء، من دوابِّ البرِّ والبحر. (البغوي).

38- ﴿ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾.
وهذا مِن تقديرِ اللهِ العزيزِ الذي لا يصعبُ عليهِ شيء، العليمِ الذي لا يَغيبُ عنهُ شيءٌ ممَّا بثَّهُ في الكون. (الواضح).

40- ﴿ لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُون ﴾.
وكلُّ شيءٍ في هذا الكونِ يسيرُ بنظامٍ وميزانٍ ودقَّةٍ متناهية، فلا تصطدمُ الشَّمسُ في سيرِها بالقمر، فإنَّ لكلٍّ منهما مجرًى محدَّدًا لا يتجاوزهُ في سيرِه، ولا يَسبِقُ اللَّيلُ النَّهارَ فيأتي قبلَ أوانِه، فإنَّ لكلٍّ منهما وقتًا محدَّدًا، وبدايةً ونهايَة. وكلُّ المجرَّاتِ والنُّجومِ والكواكبِ تدورُ حولَ نفسِها في حركةٍ محوريَّة، وتدورُ في مداراتِها حركةً انتقاليَّة... والكونُ كلُّهُ يتحرَّكُ بإذنِ اللهِ وتدبيرِه. (الواضح).

43- ﴿ وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ ﴾.
ينجون من الغرق. وقال ابن عباس: ولا أحدَ يُنقِذُهم من عذابي. (البغوي).

45- ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾.
أي: لعلَّ اللهَ باتِّقائكم ذلكَ يرحمُكم ويؤمِّنُكم مِن عذابه. (ابن كثير).

51- ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ ﴾.
مالكِ أمرهم. (روح المعاني).

52- ﴿ قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ ﴾.
إنَّ هذا ما وعدَ اللهُ به، وصدَقَ أنبياؤهُ المرسَلونَ فيما قالوا، وما أنذَروا به الكافرين. (الواضح).

54- ﴿ فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾.
في هذا اليومِ المعهود، لا تُظلَمُ نفسٌ مِن النُّفوس، برَّةً كانت أو فاجرة، ولا تُجزَونَ - أيُّها النَّاسُ - إلاَّ ما كنتُم تعملونَ في الدُّنيا، إنْ خيرًا فخيرٌ، وإنْ شرًّا فشرٌّ. (الواضح).

58- ﴿ سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ﴾.
أي: يسلِّمُ الله عليهم قولاً، أي: يقولُ الله لهم قولاً. (البغوي).

60- ﴿ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾.
﴿ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ ﴾: فسَّرَهُ المؤلفُ في الآيةِ التالية.
وقالَ النسفي: العهد: الوصية، وعهدَ إليه إذا وصَّاه، وعهدُ الله إليهم: ما ركَّزَهُ فيهم من أدلةِ العقل، وأنزلَ عليهم من دلائلِ السمع.
وقالَ الطبري: ألم أوصِكم وآمركم في الدنيا أن لا تعبدوا الشيطانَ فتطيعوهُ في معصيةِ الله؟
﴿ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾: وأقولُ لكم: إن الشيطانَ لكم عدوٌّ مبين، قد أبانَ لكم عداوتَهُ بامتناعهِ من السجودِ لأبيكم آدم، حسداً منه له على ما كان الله أعطاهُ من الكرامة، وغُرورهِ إيّاهُ حتى أخرجَهُ وزوجتَهُ من الجنة. (الطبري).

62- ﴿ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ ﴾.
ولقد صدَّ الشيطانُ منكم خَلقاً كثيراً عن طاعتي وإفرادي بالألوهةِ حتى عبدوه، واتخذوا من دوني آلهة يعبدونها...
وقوله: ﴿ أفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقلُونَ ﴾ يقول: أفلمْ تكونوا تعقلون أيها المشركون، إذ أطعتُم الشيطانَ في عبادةِ غيرِ الله، أنه لا ينبغي لكم أن تطيعوا عدوَّكم وعدوَّ الله، وتعبدوا غيرَ الله؟ (الطبري).

64- ﴿ اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ﴾.
احترقُوا بنارِ جهنَّمَ يومَ القيامةِ ورِدُوها، بما كنتُم تَجحَدونَها في الدنيا، وتكذِّبونَ بها. (الطبري، باختصار).

68- ﴿ وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ ﴾.
﴿ أَفَلاَ يَعْقِلُونَ ﴾ أنَّ مَن قدرَ على أن ينقلَهم من الشبابِ إلى الهرم، ومن القوةِ إلى الضعف، ومن رجاحةِ العقلِ إلى الخرَفِ وقلَّةِ التمييز، قادرٌ على أن يطمسَ على أعينهم، ويمسخَهم على مكانتِهم، ويبعثَهم بعد الموت؟ (النسفي).

73- ﴿ وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ ﴾.
﴿ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ ﴾ ربَّ هذه النعم؟ (البغوي).

76- ﴿ فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾.
فلا تهتمَّ بقولِهم، ولا تتحسَّرْ على تكذيبِهم لكَ واتِّهامِهم بأنَّكَ ساحرٌ أو شاعر، فهم جهلاءُ لا يفقهون. نحن نعلَمُ ما يُسرُّونَ في أنفسِهم مِن العقائدِ الباطلة، وما يُظهِرونَ مِن الشِّركِ والتَّكذيبِ والأذَى، وسنحاسبُهمْ على كلِّ ذلك، ونَجزيهم عليها بما يستحقُّون مِن عذاب. (الواضح).

79- ﴿ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ﴾.
يعلمُ تفاصيلَ المخلوقاتِ بعلمه، وكيفيةَ خلقِها، فيعلمُ أجزاءَ الأشخاصِ المتفتِّتةَ المتبدِّدة، أصولَها وفصولهَا ومواقعَها، وطريقَ تمييزِها، وضمِّ بعضِها إلى بعضٍ على النمطِ السابق، وإعادةِ الأعراضِ والقُوَى التي كانت فيها، أو إحداثِ مثلِها. (البيضاوي).

81- ﴿ أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ ﴾.

فإنَّ خلقَ مثلِكم مِن العظامِ الرميمِ ليسَ بأعظمَ مِن خلقِ السماواتِ والأرض. يقول: فمن لم يتعذَّرْ عليه خلقُ ما هو أعظمُ مِن خلقِكم، فكيف يتعذَّرُ عليه إحياءُ العظامِ بعد ما قد رمَّتْ وبَلِيَت؟ بلَى، هو قادرٌ على أنْ يخـلقَ مثلَهم، وهو الخلاّقُ لِما يشاء، الفعَّالُ لِما يريد، العلـيمُ بكلِّ ما خلقَ ويخلق، لا يخفَى علـيه خافـية. (الطبري، باختصار).

83- ﴿ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾.
فتنزيهُ الذي بـيدهِ مُلكُ كلِّ شيءٍ وخزائنُه، وإليه تردُّون وتصيرون بعدَ مماتِكم. (الطبري).




ابوالوليد المسلم 12-11-2020 11:10 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 
الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (24)





أ. محمد خير رمضان يوسف

(سور الصافات، ص، الزمر)





سورة الصافات

13- ﴿ وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ ﴾.
وإذا وُعِظوا بشيءٍ لا يتَّعظون به، أو إذا ذُكِرَ لهم ما يدلُّ على صحةِ الحشرِ لا ينتفعون به، لبلادتهم وقلةِ فكرهم. (البيضاوي).

16- ﴿ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ﴾.
يقولون منكرين بعثَ اللهِ إيّاهم بعد بلائهم: أئنّا لمبعوثون أحياءً مِن قبورِنا بعدَ مماتِنا، ومصيرِنا ترابًا وعظامًا، قد ذهبَ عنها اللـحوم؟ (الطبري).

17- ﴿ أَوَآَبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ ﴾.
الذين مضوا مِن قبلنا، فبـادوا وهلكوا؟ (الطبري).

21- ﴿ هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴾.
هذا يومُ فصلِ الله بين خلقهِ بالعدلِ من قضائه، ﴿ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴾ في الدنيا فتنكرونه. (الطبري).

38- ﴿ إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ ﴾.
يقولُ تعالَى ذكرهُ لهؤلاءِ المشركينَ مِن أهلِ مكة، القائلينَ لمحمدٍ شاعرٌ مجنون: إنكم أيها المشركونَ ﴿ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ ﴾: الـموجعِ في الآخرة. (الطبري).

43- ﴿ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴾.
في جنَّاتٍ عاليةٍ واسعة، ليسَ فيها إلاّ الراحةُ والنَّعيم. (الواضح).

53- ﴿ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ ﴾.
بمعنى إنكارِ قرينهِ عليه التصديقَ أنه يُبعَثُ بعد الموت، كأنه قال: أتصدِّقُ بأنكَ تُبعَثُ بعد مماتِك، وتُجزَى بعملِكَ وتُحاسَب؟ (الطبري).

54- ﴿ قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ ﴾.
قالَ هذا المؤمنُ الذي أُدخِـَل الجنةَ لأصحابه: ﴿ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ ﴾ في النار، لعلِّي أرَى قريني الذي كان يقولُ لي: إنك لمن المصَدِّقـين بأنّا مبعوثون بعد الممات؟ (الطبري).

57- ﴿ وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ﴾.
يقول: ولولا أن الله أنعمَ عليّ بهدايته، والتوفيقِ للإيمان بالبعثِ بعد الموت، لكنتُ من المحضَرِين معكَ في عذابِ الله. (الطبري).

58- ﴿ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ ﴾.
وقالَ المؤمنُ لأصحابهِ مِن أهلِ الجنَّة: ألَا نموتُ بعدَ هذا؟ (الواضح).

59- ﴿ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ﴾.
أفما نحن بميتين غيرَ موتتِنا الأولَى في الدنـيا، ﴿ وَمَا نَحْنُ بِمُعَذّبِـينَ ﴾؟ يقول: وما نحن بمعذَّبين بعدَ دخولِنا الجنَّة؟ (الطبري).

60- ﴿ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾.
إنَّ هذا الذي أعطاناهُ اللهُ منَ الكرامةِ في الجنة، أنَّا لا نُعَذَّبُ ولا نموت، لهو النَّجاءُ العظيمُ ممَّا كنَّا في الدنيا نحذَرُ مِن عقابِ الله، وإدراكُ ما كنَّا فـيها نؤمِّلُ بإيمانِنا وطاعتِنا ربَّنا. (الطبري).

61- ﴿ لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ ﴾.
أي: لنيلِ مثلِ هذا الأمرِ الجليلِ ينبغي أن يعملَ العاملون، لا للحظوظِ الدنيويةِ السريعةِ الانصرام، المشوبةِ بفنونِ الآلام. (روح المعاني).

62- ﴿ أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ ﴾.
ضيافةً وعطاء. (ابن كثير).

63- ﴿ إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ ﴾.
محنةً وعذاباً لهم في الآخرة، وابتلاءً في الدنيا. فإنهم [لما] سمعوا أنها في النارِ قالوا: كيف يمكنُ ذلك والنارُ تحرقُ الشجر؟ وكذا قالَ أبو جهل، ثم قالَ استخفافاً بأمرها لا إنكاراً للمدلولِ اللغوي: والله ما نعلمُ الزقومَ إلا التمرَ والزبد، فتزقَّموا. ولم يعلموا أن مَن قدرَ على خلقِ حيوانٍ يعيشُ في النارِ ويتلذَّذُ بها أقدرُ على خلقِ الشجرِ في النارِ وحفظهِ من الإحراق، فالنارُ لا تحرقُ إلا بإذنه، أو أن الإحراقَ عندها لا بها. (روح المعاني).

65- ﴿ طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ ٱلشَّيَاطِينِ ﴾.
أي حملُها، وأصلهُ طلعُ النخل، وهو أولُ ما يبدو. (روح المعاني).

66- ﴿ فَإِنَّهُمْ لَآَكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ﴾.
فإن هؤلاء المشركين الذين جعلَ الله هذه الشجرةَ لهم فتنة، لآكلون من هذه الشجرةِ التي هي شجرةُ الزَّقوم، فمالؤون من زَقُّومها بطونَهم. (الطبري).

69- ﴿ إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آَبَاءَهُمْ ضَالِّينَ ﴾.
أي: إنما جازيناهم بذلكَ لأنهم وجدوا آباءَهم على الضلالةِ فاتَّبعوهم فيها بمجرَّدِ ذلك، مِن غيرِ دليلٍ ولا برهان. (ابن كثير).

71- ﴿ وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ .
وقد ضَلَّ قبلَ هؤلاءِ المشرِكينَ أكثرُ الأُممِ السَّابقة. (الواضح).

72- ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ﴾.
ولقد أرسَلنا في تلكَ الأُممِ رسُلاً مُنذِرين، يُحذِّرونَهم بأسَ اللهِ ونقمتَه، إنْ هم خالَفوا أمرَه، وأصرُّوا على الكفرِ والتَّكذيب.

74- ﴿ إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ ﴾.
الموحِّدين، نجَوا من العذاب. (البغوي).

76- ﴿ وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ﴾.
يعني أهلَ نوحٍ الذين ركبوا معه السفـينة. (الطبري).

81- ﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ﴾.
أي: المصدِّقين الموحِّدين الموقنين. (ابن كثير).

85- ﴿ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ ﴾.
وقالَ لأبيهِ وقومهِ مُنكِرًا عليهم فعلَهم: ما هذا الذي تعبدونَه؟ (الواضح).

87- ﴿ فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾.
فأيَّ شيءِ تظنون أيها القومُ أنه يصنعُ بكم إنْ لقـيتموهُ وقد عبدتُـم غيره؟ (الطبري).

94- ﴿ فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ ﴾.
فسَّرهُ في الآيةِ (91) من السورةِ بقوله: معناه: مالَ.

101- ﴿ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ ﴾.
وأنه يكونُ حليماً، وأيُّ حِلمٍ أعظمُ من حِلمهِ حين عرضَ عليه أبوهُ الذبحَ فقال: ﴿ سَتَجِدُنِى إِن شَاء ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّـٰبِرِينَ ﴾؟ (النسفي).

102- ﴿ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾.
قالَ إسماعيلُ عليهِ السَّلامُ في إيمانٍ وتسليم، وطاعةٍ وصبرٍ جميل: يا أبتِ، افعلْ ما يأمرُكَ به ربُّك، ستجدُني إنْ شاءَ اللهُ صابرًا على قضائه، محتسِبًا ذلكَ عندَه. (الواضح).

104- ﴿ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ ﴾.
أي: أوحينا إليه، فنوديَ من الجبل. (البغوي).

108- ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآَخِرِينَ ﴾.
ذكرَ المؤلِّفُ أنه تقدَّمَ تفسيرُ مثله. ويعني قولَهُ تعالى: ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآَخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ ﴾ [الآيتان 78 – 79] من السورة. وقد قالَ هناك: معناهُ ثناءً حسناً جميلاً آخرَ الدهر.

109- ﴿ سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾.
قالَ في تفسيرِ قولهِ تعالَى: ﴿ سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ ﴾ [الآية 79 من السورة]: ... فكأنه قال: وتركنا على نوحٍ تسليماً يسلَّمُ به عليه إلى يومِ القيامة.

110- ﴿ كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾.
قالَ في تفسيرِ قولهِ تعالى: ﴿ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ الآيةِ (80) من السورةِ نفسِها: أثنى تعالى على نوحٍ بالإحسان، لصبرهِ على أذَى قومه، ومطاولتهِ لهم، وغيرِ ذلك، من عبادتهِ وأفعالهِ صلى الله عليه وسلم.

111- ﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ﴾.
إنَّ إبراهيمَ مِن عبادِنا المخـلِصينَ لنا الإيمان. (الطبري).

112- ﴿ وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾.
ووهَبنا له إسحاقَ بعدَ إسماعيل، وكانَ نبيًّا مِن الصَّالحينَ المسَدَّدين. (الواضح).

113- ﴿ وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ ﴾.
وقد أفَضْنا على إبراهيمَ وإسحاقَ رحمةً وفضلاً مِن عندِنا، ونفَعْنا بهما، ومِن ذرِّيتهما مَن هو مؤمِنٌ مطيع، ومنهم مَن هو كافرٌ ظاهرُ العِصيان، قد ظلمَ نفسَهُ بذلكَ وعرَّضها للعذابِ يومَ الدِّين. (الواضح).

116- ﴿ وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ ﴾.
فغلبوهم وأخذوا أرضَهم وأموالَهم، وما كانوا جمعوهُ طولَ حياتهم. (ابن كثير).

119- ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآَخِرِينَ ﴾.
ذكرَ المؤلِّفُ أنه تقدَّمَ تفسيرُ مثله. ويعني قولَهُ تعالى: ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآَخِرِينَ ﴾ [الآية 79 من السورة]. وقد قالَ هناك: معناهُ ثناءً حسناً جميلاً آخرَ الدهر.

120- ﴿ سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ .
سلامٌ مِن اللهِ على موسَى وهارون، وسلامٌ عليهما مِن جميعِ الطَّوائفِ والأُمم. (الواضح).

121- ﴿ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾.
قالَ في تفسيرِ قولهِ تعالى: ﴿ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ الآيةِ (80) من السورةِ نفسِها: أثنى تعالى على نوحٍ بالإحسان، لصبرهِ على أذَى قومه، ومطاولتهِ لهم، وغيرِ ذلك، من عبادتهِ وأفعالهِ صلى الله عليه وسلم.

122- ﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ﴾.
إن موسَى وهارونَ مِن عبـادِنا المخلِصينَ لنا الإيـمان. (الطبري).

124- ﴿ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ ﴾.
أي: ألا تخافون اللهَ في عبادتِكم غيره؟ (ابن كثير).

126- ﴿ اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ﴾.
ذلكَ معبودُكم أيها الناس، الذي يستحقُّ عليكم العبادة: ربُّكم الذي خلقَكم، وربُّ آبائكم الماضينَ قبلَكم، لا الصنمُ الذي لا يخلقُ شيئًا، ولا يضرُّ ولا ينفَع. (الطبري).

128- ﴿ إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ ﴾.
أي: الموحِّدين منهم. (ابن كثير).
﴿ إِلاَّ عِبَادَ ٱللهِ ٱلْمُخْلَصِينَ ﴾ من قومه، فإنهم نَجَوا من العذاب. (البغوي).

129- ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآَخِرِينَ ﴾.
ذكرَ المؤلِّفُ أنه تقدَّمَ تفسيرُ مثله. ويعني قولَهُ تعالى: ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآَخِرِينَ ﴾ [الآية 79 من السورة]. وقد قالَ هناك: معناهُ ثناءً حسناً جميلاً آخرَ الدهر.

130- ﴿ سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ ﴾.
ذكرَ أنه تقدَّمَ القولُ فيه. ويعني تفسيرِ قولهِ تعالَى: ﴿ سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ ﴾ [الآية 79 من السورة]، وقد قالَ هناك: ... فكأنه قال: وتركنا على نوحٍ تسليماً يسلَّمُ به عليه إلى يومِ القيامة.

131- ﴿ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾.
قالَ في تفسيرِ قولهِ تعالى: ﴿ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ الآيةِ (80) من السورةِ نفسِها: أثنى تعالى على نوحٍ بالإحسان، لصبرهِ على أذَى قومه، ومطاولتهِ لهم، وغيرِ ذلك، من عبادتهِ وأفعالهِ صلى الله عليه وسلم.

132- ﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ﴾.
إن إلـياسَ عبدٌ مِن عبادِنا الذين آمنوا، فوحَّدونا، وأطاعونا، ولـم يُشركوا بنا شيئًا. (الطبري).

133- ﴿ وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾.
وإنَّ لوطًا مِن أنبياءِ اللهِ المرسَلين. (الواضح).

134- ﴿ إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ ﴾.
إذْ أنقذناهُ وأهلَهُ أجمعينَ مِن بينِ القومِ المجرمين، الذينَ أصرُّوا على فعلِ الفاحشةِ بالرِّجال، وكذَّبوا نبيَّهم لوطًا، (الواضح).

136- ﴿ ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآَخَرِينَ ﴾.
ثم قذفناهم بـالحجارةِ من فوقهم، فأهلكناهم بذلك. (الطبري).

138- ﴿ وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾.
﴿ وَبِٱلَّيْلِ ﴾ يريد: تمرون بالنهارِ والليلِ عليهم إذا ذهبتم إلى أسفاركم ورجعتم، ﴿ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾ فتعتبرون بهم؟ (البغوي).

164- ﴿ وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ ﴾.
أي: له موضعٌ مخصوصٌ في السماوات، ومقاماتِ العبادات، لا يتجاوزهُ ولا يتعدَّاه. (ابن كثير).

179- ﴿ وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ ﴾.
فسَّرها في الآيةِ (175) من السورةِ بقوله: وعدٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلمَ ووعيدٌ لهم، أي: سوفَ يرَونَ عُقبَى طريقتِهم.

180- ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾.
﴿ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ من الولدِ والصاحبةِ والشريك. (النسفي).

181- ﴿ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ﴾.
أي: سلامُ الله عليهم في الدنيا والآخرة، لسلامةِ ما قالوهُ في ربِّهم وصحَّتهِ وحقِّيته. (ابن كثير).

182- ﴿ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾.
والحمدُ لله ربِّ الثَّقلَين الجنِّ والإنس، خالصاً دونَ ما سواه، لأن كلَّ نعمةٍ لعبادهِ فمنه، فالحمدُ له خالصٌ لا شريكَ له، كما لا شريكَ له في نعمهِ عندهم، بل كلُّها من قِبَله، ومن عنده. (الطبري).

سورة ص
4- ﴿ وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ ﴾.
وقالَ الكافرونَ برسالةِ ربِّهم: هذا الرَّجلُ ساحرٌ فيما يأتي به مِن المعجزات، كاذبٌ فيما يُسنِدهُ إلى ربِّهِ مِن كلام. (الواضح في التفسير).

5- ﴿ أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ﴾.
إنَّ هذا أمرٌ يدعو إلى العجب، إنَّهُ مخالِفٌ لِمَا ألِفْناه! (الواضح).

7- ﴿ مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآَخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ ﴾.
كذبٌ وافتعال. (البغوي).

9- ﴿ أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّاب ﴾.
المعنى أن النبوةَ عطيةٌ من الله، يتفضَّلُ بها على من يشاءُ من عباده، لا مانعَ له، فإنه ﴿ الْعَزِيزِ ﴾ أي: الغالبُ الذي لا يُغلَب، ﴿ الْوَهَّاب ﴾: الذي له أن يَهبَ كلَّ ما يشاءُ لمن يشاء. (البيضاوي).

12- ﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ ﴾.
لقد كذَّبَتْ قبلَ هؤلاءِ المشركين أُممٌ سابقة، كقومِ نوح، وقبيلةِ عاد... (الواضح).

13- ﴿ وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ ﴾.
وكقبيلةِ ثمود، وقومِ لوط، وأصحابِ الأيْكَة، وهم أهلُ مَدْيَن. (الواضح).

19- ﴿ وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ ﴾.
مطيع، رجَّاعٌ إلى طاعتهِ وأمره. (الطبري).

24- ﴿ قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ﴾.
أنْ تضُمَّ نعجتَكَ إلى نِعاجِه، وإنَّ كثيرًا مِن الشُّركاءِ الذينَ تَختلِطُ أموالُهم يَظلمُ بعضُهم بعضًا، وخاصَّةً الأقوياءَ منهم مِن أهلِ الدُّنيا، إلاّ المؤمنين الصَّالحين، فإنَّهم يَبتعدونَ عن الظُّلمِ والعدوان، وأمثالُ هؤلاءِ قليلون... فأسرعَ إلى السُّجودِ لربِّهِ مستغفِرًا... (الواضح).
يتبع


ابوالوليد المسلم 12-11-2020 11:11 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 


26- ﴿ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ﴾.
فاحكمْ بينهم بالحقِّ والعدلِ كما شرعَ الله، ولا تتَّبِعْ هوَى النَّفسِ وشهوتَها في الحُكم، فيكونُ ذلكَ سببًا لصرفِكَ عن شريعةِ الله، إنَّ الذين يَزيغونَ عن الحقّ لهم عذابٌ مؤلمٌ قاس؛ لأنَّهم تركوا الحُكمَ بالحقِّ والعدل، ولم يعملوا ليومِ الحساب. (الواضح).

29- ﴿ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾.
أي: ذوو العقول، وهي الألباب، جمعُ لبّ، وهو العقل. قالَ الحسنُ البصري: والله ما تدبَّرَهُ بحفظِ حروفهِ وإضاعةِ حدوده، حتى إن أحدهم ليقول: قرأتُ القرآنَ كلَّه، ما يُرَى له القرآنُ في خُلقٍ ولا عمل. (ابن كثير).

35- ﴿ إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾.
إنكَ وهَّابُ ما تشاءُ لمن تشاء، بيدِكَ خزائنُ كلِّ شيء، تفتحُ مِن ذلكَ ما أردتَ لمن أردت. (الطبري).

40- ﴿ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآَبٍ ﴾.
وإن لسليمانَ عندنا لقُربة، بإنابتهِ إلينا وتوبتهِ وطاعتهِ لنا، وحسنَ مرجعٍ ومصيرِ في الآخرة. (الطبري).

41- ﴿ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ﴾.
ضُرّ. (البغوي). ألَم. (البيضاوي).

44- ﴿ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾.
إنّا وجدنا أيوبَ صابرًا على البلاء، لا يحملهُ البلاءُ على الخروجِ عن طاعةِ الله، والدخولِ في معصيته، ﴿ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ يقول: إنه على طاعةِ اللهِ مُقبل، وإلى رضاهُ رجّاع. (الطبري).

48- ﴿ وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ ﴾.
ذكرَ أنه اختُلفَ في نبوةِ ذي الكفل، وأنه تقدَّمَ تفسيرُ أمره. ويعني في الآيةِ (85) من سورةِ الأنبياء، وقد قالَ هناك: "ذو الكفلِ كان نبيًّا. ورُويَ أنه بُعِثَ إلى رجلٍ واحد. وقيل: لم يكنْ نبيًّا، ولكنه كان عبداً صالحاً".
﴿ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ ﴾: المشهورين بالخيرية. (روح المعاني).

49- ﴿ هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآَبٍ ﴾.
يخبرُ تعالَى عن عبادهِ المؤمنين السعداءِ أنَّ لهم في الدارِ الآخرةِ ﴿ لَحُسْنَ مَآَبٍ ﴾، وهو المرجِعُ والمنقلَب. (ابن كثير).

50- ﴿ جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ ﴾.
فلَهم جنَّاتُ إقامةٍ دائمة، أبوابُها مفتوحةٌ لهم بانتظارِ أنْ يدخلوها، وتُحَيِّيهم الملائكةُ بالسَّلام. (الواضح).

51- ﴿ مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ ﴾.
متَّكئين في جنَّاتِ عدن، على سُررٍ يَدعونَ فيها بفاكهة، يعني بثمارٍ مِن ثمارِ الجنَّةِ كثـيرة، وشرابٍ مِن شرابها. (الطبري).

52- ﴿ وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ ﴾.
أي: عن غيرِ أزواجهنّ، فلا يلتفتنَ إلى غيرِ بعولتِهنّ. (ابن كثير).

53- ﴿ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ ﴾.
هذا الذي يعدُكم الله في الدنيا أيها المؤمنون به من الكرامة، لمن أدخـلَهُ الله الجنةَ منكم في الآخرة. (الطبري).

54- ﴿ إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ ﴾.
إن هذا الذي أعطينا هؤلاء المتَّقين في جنَّات عدنٍ من الفـاكهةِ الكثـيرةِ والشراب، والقاصراتِ الطرف، ومكنَّاهم فيها من الوصولِ إلى اللذَّات، وما اشتهتهُ فيها أنفسُهم لرزقنا، رزقناهم فـيها كرامةً منا لهم... (الطبري).

59- ﴿ هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ ﴾.
إنهم واردو النارِ وداخـلوها. (الطبري).

60- ﴿ قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ ﴾.
قالَ الأتْباعُ لرؤسائهم: بل أنتم الذين تستحقُّون عدمَ التَّرحيب، فأنتم دعوتُمونا إلى الانحرافِ والضَّلال، الذي آلَ بنا إلى دخولِ النَّار، فبئسَ المستقَرُّ جهنَّمُ لنا ولكم. (الواضح).

61- ﴿ قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ ﴾.
وقالَ الأتْباعُ أيضًا: اللهمَّ مَن كانَ سببًا في دخولِنا هذا المكان، فضاعِفْ له العقوبةَ في النَّار. (الواضح).

64- ﴿ إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ ﴾.
أي: إن هذا الذي أخبرناكَ به يا محمدُ مِن تخاصمِ أهلِ النارِ بعضِهم في بعض، ولعنِ بعضِهم لبعض، لحقٌّ لا مريةَ فيه ولا شكّ. (ابن كثير).

65- ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ
أي: هو وحدَهُ قد قهرَ كلَّ شيءٍ وغلبه. (ابن كثير).

66- ﴿ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ﴾.
أي: هو مالكُ جميعِ ذلكَ ومتصرِّفٌ فيه، ﴿ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ﴾ أي: غفَّارٌ، مع عزَّتهِ وعظمته. (ابن كثير).

68- ﴿ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ﴾.
أي: غافلون. (ابن كثير).

70- ﴿ إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴾.
فالذي أتلوهُ عليكم وحيٌ مِنَ الله، وما أنا إلاّ رسولٌ إليكم ونذيرٌ واضحُ الرِّسالة، بَيِّنُ الإنذار. (الواضح).

85- ﴿ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾.
لأملأنَّ جهنَّمَ منكَ، ومِن ذرِّيتِك، ومِن كفَّارِ ذريَّةِ آدمَ أجمعين، الذين تابعوكَ على ضلالِك. (الواضح).

87- ﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ﴾.
﴿ لِلْعَالَمِينَ ﴾ من الجنِّ والإنس. ذكَّرهم ربُّهم إرادةَ استنقاذِ مَن آمنَ به منهم من الهلَكة. (الطبري).

سورة الزمر
3- ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴾.
﴿ إِنَّ ٱللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ ﴾ أي: يومَ القيامة، ﴿ فِى مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴾ أي: سيفصلُ بين الخلائقِ يومَ مَعادهم، ويَجزي كلَّ عاملِ بعمله: ﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَـٰئِكَةِ أَهَـٰؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ قَالُواْ سُبْحَـٰنَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ أَكْـثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ ﴾ [سورة سبأ: 40 - 41]. (ابن كثير).

5- ﴿ أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ﴾.
﴿ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ﴾: الغالبُ القادرُ على عقابِ مَن لم يعتبرْ بتسخيرِ الشمسِ والقمرِ فلم يؤمنْ بمسخِّرهما، ﴿ ٱلْغَفَّارُ ﴾ لمن فكَّرَ واعتبرَ فآمنَ بمدبِّرهما. (النسفي).

7- ﴿ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾.
﴿ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ﴾: وإن تؤمنوا بربِّكم وتطيعوهُ يَرْضَ شكرَكم له، وذلك هو إيمانهم به وطاعتُهم إيّاه، فكنَّى عن الشكرِ ولم يُذكَر، وإنما ذُكرَ الفعلُ الدالُّ علـيه...

﴿ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾: إن الله لا يخفَى عليه ما أضمرتهُ صدوركم أيها الناسُ مما لا تُدركهُ أعينكم، فكيف بما أدركتهُ العيونُ ورأتهُ الأبصار؟
وإنما يعني جلَّ وعزَّ بذلك الخبرِ عن أنه لا يخفَى عليه شيء، وأنه مُحصٍ على عبادهِ أعمالهم ليجازيَهم، بها كي يتَّقوهُ في سرِّ أمورهم وعلانـيتها. (الطبري).

9- ﴿ أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾.
ساجِدًا للهِ وقائمًا لهُ في الصَّلاة، يَخشَى عذابَ الآخرة، ويطمعُ في رحمةِ ربِّهِ وعفوِه؟
قُلْ أيُّها الرَّسولُ الكريم: هل يستوي العالِمُ والجاهل؟ كذلكَ لا يتساوَى المـُطيعُ الذي يَعلَمُ ما عند اللهِ مِن رحمةٍ وعذاب، والعاصي الجاهلُ الذي يكفرُ باللهِ ويدعو إلى الضَّلال؟ إنَّما يتذكَّرُ هذا الفرقَ ويتَّعظُ أهلُ العقولِ السَّويَّة. (الواضح).

10- ﴿ قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ ﴾.
قُلْ يا محمَّدُ لعباديَ الذين آمنوا: ﴿ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ بالله، وصدَّقوا رسولَهُ، ﴿ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ﴾ بطاعتهِ واجتنابِ معاصيه. (الطبري).

11- ﴿ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ﴾.
أي: إنما أُمِرتُ بإخلاصِ العبادةِ لله وحدَهُ لا شريكَ له. (ابن كثير).
مخلصاً له التوحيد، لا أشركُ به شيئاً. (البغوي).

14- ﴿قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي
قلْ يا محمَّدُ لمشركي قومِك: اللهَ أعبدُ مخلصًا، مُفرِدًا له طاعتي وعبادتي، لا أجعلُ له في ذلكَ شريكًا، ولكني أُفرِدهُ بـالألوهة، وأبرأُ ممّا سِواهُ مِن الأندادِ والآلهة. (الطبري).

16- ﴿ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ ﴾.
أي: اخشَوا بأسي وسطوتي، وعذابي ونقمتي. (ابن كثير).

17- ﴿ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى ﴾.
﴿ لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ ﴾ في الدنيا، والجنةُ في العُقبَى. (البغوي).

18- ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾.
أي: المتَّصفون بهذه الصفةِ هم الذين هداهم اللهُ في الدنيا والآخرة، ﴿ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ أي: ذوو العقولِ الصحيحة، والفِطَرِ المستقيمة. (ابن كثير).

19- ﴿ أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ ﴾.
أفمن وجبتْ عليه كلمةُ العذابِ في سابقِ علمِ ربِّكَ يا محمدُ بكفرهِ به، أفأنت تُنقذُ مَن هو في النارِ مَن حقَّ عليه كلمةُ العذاب، فأنت تنقذه؟ (الطبري، باختصار).

20- ﴿ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ ﴾.
﴿ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ ﴾: لكنِ الذين اتَّقوا ربَّهم، بأداءِ فرائضهِ واجتنابِ مـحارمه.
﴿ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ ﴾: تجري مِن تحتِ أشجارِ جنّاتِها الأنهار. وقوله: ﴿ وَعْدَ اللّهِ ﴾ يقولُ جلَّ ثناؤه: وعدنا هذه الغرفَ التي مِن فوقها غرفٌ مبنيَّةٌ في الجنة، هؤلاء المتقين، ﴿ لا يُخْـلِفُ اللّهُ المِيعَادَ ﴾: يقولُ جلَّ ثناؤه: واللهُ لا يُخـلِفُهم وعدَه، ولكنهُ يوفي بوعده. (الطبري).

21- ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾.
لأصحابِ العقولِ الخالصةِ عن شوائبِ الخلل. (روح المعاني).

22- ﴿ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾.
هؤلاءِ القاسيةُ قلوبُهم مِن ذكرِ الله، في ضلالٍ عن الحقِّ جائر. (الطبري، باختصار).

23- ﴿ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾.
وتلكَ صفةُ هَدي اللهِ لعبادِه، يوفِّقُ مَن يشاءُ إلى ذلك، ومَن أضلَّهُ اللهُ لإعراضهِ عمَّا يُرشِدهُ إليه، فلا يَقدِرُ أحدٌ على هدايتِه. (الواضح).

24- ﴿ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ﴾.
ويُقالُ يومئذٍ للظالمينَ أنفسَهم بإكسابِهم إيّاها سخطَ الله... (الطبري).

26- ﴿ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾.
لو علمَ هؤلاءِ المشركون مِن قريشٍ ذلك. (الطبري).

27- ﴿ وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾.
أي: بيَّنَّا للناسِ فيه بضربِ الأمثالِ ﴿ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾، فإن المثلَ يقرِّبُ المعنَى إلى الأذهان؛ كما قالَ تباركَ وتعالى: ﴿ ضَرَبَ لَكُمْ مَّثَلاً مِّنْ أَنفُسِكُمْ ﴾ [سورة الروم: 28] أي: تعلمونَهُ من أنفسكم، وقال عزَّ وجلَّ: ﴿ وَتِلْكَ ٱلأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلاَّ ٱلْعَـٰلِمُونَ
[سورة العنكبوت: 43]. (ابن كثير).


28- ﴿ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾.
﴿ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا ﴾ أي: هو قرآنٌ بلسانٍ عربيٍّ مبين. (ابن كثير).
﴿ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ أي: يحذرون ما فيه من الوعيد، ويعملون بما فيه من الوعد. (ابن كثير).

الجزء الرابع والعشرون
34- ﴿ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ ﴾.
لهم عندَ ربِّهم يومَ القيامةِ ما تشتهيهِ أنفسُهم، وتَلذُّهُ أعينُهم. ﴿ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ ﴾ يقولُ تعالَى ذكره: هذا الذي لهم عندَ ربِّهم، جزاءُ مَن أحسنَ في الدنيا فأطاعَ اللهَ فيها، وائتمرَ لأمره، وانتهَى عمّا نهاهُ فيها عنه. (الطبري).

35- ﴿ لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ
ويُثيبَهم على أعمالهم الحسنةِ أحسنَ الثَّوابِ وأجزلَه. (الواضح في التفسير).

39- ﴿ قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾.
﴿ إِنِّى عَامِلٌ ﴾ أي: على طريقتي ومنهجي، ﴿ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ أي: ستعلمون غِبَّ ذلك ووباله. (ابن كثير).

43- ﴿ أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ ﴾.
يقولُ تعالَى ذامًّا للمشركين في اتخاذِهم شفعاءَ مِن دون الله، وهم الأصنامُ والأنداد، التي اتَّخذوها مِن تلقاءِ أنفسِهم، بلا دليلٍ ولا برهانٍ حداهُم على ذلك.. (ابن كثير).

44- ﴿ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾.
له سلطانُ السماواتِ والأرضِ ومُلكها وما تعبدون أيها المشركون مِن دونهِ له، يقول: فاعبدوا المـَلِكَ لا المملوكَ الذي لا يملكُ شيئا. ثم إلى اللهِ مصيرُكم، وهو معاقبُكم على إشراكِكم به إنْ متُّم على شركِكم. (الطبري).

45- ﴿ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾.
أي: يفرحون ويَسرُّون. (ابن كثير)، لافتتانهم بها. (النسفي).

46- ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴾.
قُلْ أيُّها النبيُّ الكريم: اللهمَّ خالقَ السَّماواتِ والأرضِ ومُبدِعَهما على غيرِ مِثالٍ سبق، عالمَ ما غابَ عن أبصارِنا وعلمِنا وما نشاهدُه، أنتَ وحدكَ الذي تَفصِلُ بينَ عبادِكَ فيما كانوا يختلفونَ فيهِ في الحياةِ الدُّنيا.
فاهدِنا اللهمَّ إلى الحقِّ بإذنِك، إنَّكَ تهدِي مَن تشاءُ إلى صراطٍ مستقيم. (الواضح).

48- ﴿ وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾.
أي: وظهرَ لهم جزاءُ ما اكتسبوا في الدارِ الدنيا من المحارمِ والمآثم. (ابن كثير).

49- ﴿ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾.
﴿ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ أنه استدراجٌ وامتحان. (البغوي)، فلهذا يقولون ما يقولون، ويدَّعون ما يدَّعون. (ابن كثير).

52- ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾.
إنَّ في بسطِ اللهِ الرزقَ لمن يشاء، وتقتيرهِ على مَن أرادَ، لآيات، يعني دلالاتٍ وعلامات، لقومٍ يصدِّقونَ بالحقّ، فيُقرُّونَ بهِ إذا تبيَّنوهُ وعلموا حقيقتَهُ، أنَّ الذي يفعلُ ذلكَ هو اللهُ دونَ كلِّ ما سِواه. (الطبري).

53- ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
فاللهُ كثيرُ المغفرةِ لذنوبِ التَّائبين، عظيمُ الرَّحمةِ بعبادهِ المؤمنين. (الواضح في التفسير).

54- ﴿ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ﴾.
واخضعوا له بالطاعةِ والإقرارِ بالدينِ الحنيفيِّ ﴿ مِنْ قَبْلِ أنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ﴾ مِن عندهِ على كفرِكم به، ﴿ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ﴾ يقول: ثم لا ينصرُكم ناصر، فينقذَكم مِن عذابهِ النازلِ بكم. (الطبري).

55- ﴿ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ﴾.
مِن قبلِ أنْ يأتيَكم عذابُ اللهِ فجأةً وأنتم لا تعلمونَ به حتى يَغشاكم فجأة. (الطبري).

57- ﴿ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾.
وأنْ لا تقولَ نفسٌ أخرى: لو أنَّ اللهَ هداني للحقّ، فوفَّقني للرشاد، لكنتُ ممَّن اتَّقاهُ، بطاعتهِ واتِّباعِ رضاه. (ينظر تفسير الطبري).

58- ﴿ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾.
﴿ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى ٱلْعَذَابَ ﴾ عياناً، ﴿ لَوْ أَنَّ لِى كَـرَّةً ﴾: رجعةً إلى الدنيا ﴿ فَأَكُونَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ ﴾: الموحِّدين. (البغوي).

59- ﴿ بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آَيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾.
أي: قد جاءتكَ - أيها العبدُ النادمُ على ما كان منه - آياتي في الدارِ الدنيا، وقامت حُجَجي عليك، فكذَّبتَ بها، واستكبرتَ عن اتِّباعها، وكنتَ مِن الكافرين بها، الجاحدين لها. (ابن كثير).

61- ﴿ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾.
﴿ الَّذِينَ اتَّقَوْا ﴾: الذين اتَّقَوهُ بأداءِ فرائضه، واجتنابِ معاصيهِ في الدنيا.
﴿ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾: لا يمسُّ المتقين من أذَى جهنمَ شيء، وهو السوءُ الذي أخبرَ جلَّ ثناؤهُ أنه لن يمسَّهم، ﴿ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ يقول: ولا هم يحزنون على ما فاتَهم مِن آرابِ الدنيا، إذ صاروا إلى كرامةِ اللهِ ونعيمِ الجِنان. (الطبري).

64- ﴿ قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ ﴾.
قُلْ للمشركينَ أيُّها الرسول: أتطلبونَ منِّي أنْ أعبدَ غيرَ اللهِ أيُّها الجاهلون؟ (الواضح).

65- ﴿ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾.
ولَتكوننَّ مِن الهالِكين بالإشراكِ بالله إنْ أشركتَ به شيئاً. (الطبري).

66- ﴿ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾.
أي: أخلِصِ العبادةَ للهِ وحده، لا شريكَ له، أنتَ ومَن معك، أنتَ ومَن اتَّبعكَ وصدَّقك. (ابن كثير)، ﴿ وَكُنْ مِّنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ ﴾ على ما أنعمَ به عليك، من أن جعلكَ سيِّدَ ولدِ آدم. (النسفي).

68- ﴿ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ﴾.
﴿ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ ﴾: قائمون من قبورهم ﴿ يَنْظُرُونَ ﴾ أي: ينتظرون ما يؤمَرون، أو ينتظرون ماذا يُفعَلُ بهم. (روح المعاني).

69- ﴿ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾.
﴿ وَقُضِىَ بَيْنَهُمْ ﴾ أي: بين العباد، المفهومُ من السياق، ﴿ بِٱلْحَقّ ﴾: بالعدل. (روح المعاني).

70- ﴿ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ ﴾.
وهو أعلمُ بما يفعلونَ في الدنيا مِن طاعةٍ أو معصية، ولا يعزبُ عنهُ علمُ شيءٍ مِن ذلك، وهو مُجازيهم عليهِ يومَ القيامة، فمُثيبٌ المحسنَ بإحسانه، والمسيءَ بما أساء. (الطبري).

71- ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا ﴾.
يقيمون عليكم الحُجَجَ والبراهين على صحَّةِ ما دعَوكم إليه، ويحذِّرونَكم مِن شرِّ هذا اليوم؟ (ابن كثير).

72- ﴿ قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ﴾.
وردتْ آيةٌ مثلها في سورة النحل رقم (29)، قولهُ تعالى: ﴿ فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ﴾، ومما قالَهُ المؤلفُ رحمَهُ الله هناك: أبوابُ جهنمَ مُفضيةٌ إلى طبقاتها، التي هي بعضٌ على بعض، والأبوابُ كذلك، بابٌ على باب.
و "المتكبرُ" هنا هو الذي أفضَى به كِبْرهُ إلى الكفر.
وفسَّرَ (مَثْوَى ﴾ هنا وهناك بموضعِ الإقامة.
وتفسيرُ الآيةِ في (الواضح): فقيلَ لهم: ادخلوا جهنَّمَ مِن أبوابِها المقسومةِ لكم، لتمكثوا فيها أبدًا، فبئسَ مأوَى المتكبِّرين، الذينَ دُعُوا إلى الحقِّ في الدُّنيا فاستكبَروا عن قبولِه، وعنِ اتِّباعِ رسُلِ ربِّهم، وأصرُّوا على ذلكَ حتَّى ماتوا عليه.

73- ﴿ وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ﴾.
أي: ماكثين فيها أبداً، ﴿ لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا ﴾ [سورة الكهف: 108]. (ابن كثير).

74- ﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَأَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾.

﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ ﴾: وقال الذينَ سِيقوا زُمَرًا ودخلوها: الشكرُ خالصٌ للهِ الذي صدَقَنا وعدَه، الذي كانَ وعدَنَاه في الدنيا على طاعته، فحقَّقهُ بإنجازهِ لنا اليوم.. (الطبري).
﴿ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾: فنعمَ ثوابُ المطيعينَ لله، العاملينَ لهُ في الدنيا، الجنةُ، لمن أعطاهُ اللهُ إيَّاها في الآخرة. (الطبري).

75- ﴿ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾.
أي: قُضِيَ بين أهلِ الجنةِ والنارِ بالعدل. (البغوي).




ابوالوليد المسلم 12-11-2020 11:13 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 
الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (25)







أ. محمد خير رمضان يوسف


(سور: غافر، فصلت، الشورى، الزخرف)




سورة غافر
2- ﴿ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾.
أي: تنزيلُ هذا الكتابِ - وهو القرآنُ - مِن اللهِ ذي العزَّةِ والعلم، فلا يُرامُ جنابُه، ولا يَخفَى عليه الذرُّ وإنْ تكاثفَ حجابُه. (ابن كثير).

3- ﴿ غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ ﴾.
ويقبلُ التوبةَ في المستقبلِ لمن تابَ إليه وخضعَ لديه. وقولهُ جلَّ وعلا: ﴿ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ ﴾ أي: لمن تمرَّدَ وطغَى، وآثرَ الحياةَ الدنيا، وعتا عن أوامرِ الله تعالى وبغَى، وهذه كقوله:
﴿ نَبِّىءْ عِبَادِى أَنِّى أَنَا ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِى هُوَ ٱلْعَذَابُ ٱلأَلِيمُ ﴾ [سورة الحجر:49-50]، يقرنُ هذين الوصفين كثيراً في مواضعَ متعددةٍ من القرآن؛ ليبقَى العبدُ بين الرجاءِ والخوف. (ابن كثير).


5- ﴿ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ﴾.
﴿ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ ﴾: ماحَلُوا بالشبهة.
﴿ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ﴾ أي: فكيفَ بلغكَ عذابي لهم، ونكالي بهم؟ قد كانَ شديدًا موجِعًا مؤلمًا. قالَ قتادة: كانَ واللهِ شديدًا. (ابن كثير).

7- ﴿ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴾.
﴿ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾: يقدِّسونَ اللهَ وينزِّهونَهُ مِن كلِّ شركٍ ونقص، ويُثنونَ عليه، ويؤمنونَ بهِ إيمانًا كاملاً عميقًا ويَخشَونَه.
﴿ فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴾: فاغفرْ ذنوبَ التَّائبينَ الذينَ أنابوا إليك، والتزَموا صراطَكَ المستقيم، واحفَظهُم مِن عذابِ النَّار. (الواضح).

8- ﴿ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾.
﴿ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ ﴾: التي وعدتَ أهلَ الإنابةِ إلى طاعتِكَ أنْ تُدخلَهموها. (الطبري).
﴿ ٱلَّتِى وَعَدْتَّهُمْ ﴾ أي: وعدتهم إيّاها. فالمفعولُ الآخرُ مقدَّر، والمراد: وعدتَهم دخولَها.
﴿ إِنَّكَ أَنتَ ٱلعَزِيزُ ﴾ أي: الغالبُ الذي لا يمتنعُ عليه مقدور، ﴿ ٱلْحَكِيمُ ﴾ الذي لا يفعلُ إلا ما تقتضيهِ الحكمةُ الباهرةُ من الأمور، التي من جملتِها إدخالُ مَن طلبَ إدخالهم الجنات. فالجملةُ تعليلٌ لما قبلها. (روح المعاني).

9- ﴿ وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾.
ومَن تَصْرِفْ عنه سوءَ عاقبةِ سيئاتهِ بذلكَ يومَ القيامةِ فقد رحمتَه، فنجَّيتَهُ مِن عذابِك، ﴿ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ لأنه مَن نجا مِن النارِ وأُدخِلَ الجنَّةَ فقد فاز، وذلكَ لا شكَّ هو الفوزُ العظيم. (الطبري).

11- ﴿ فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ .
أي: من خروجٍ من النارِ إلى الدنيا، فنصلحَ أعمالنا، ونعملَ بطاعتك؟ نظيره: ﴿ هَلْ إِلَىٰ مَرَدٍّ مِّن سبيل ﴾ [سورة الشورى: 44]. (البغوي).

14- ﴿ فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾.
فاعبدوا اللهَ أيها المؤمنون له, مخلصينَ له الطاعة، غيرَ مشركين به شيئًا ممّا دونه، ولو كرهَ عبادتَكم إيّاهُ مخلصينَ له الطاعةَ الكافرونَ المشركونَ في عبادتِهم إيّاهُ الأوثانَ والأنداد. (الطبري).

15- ﴿ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ ﴾.
يُنزِلُ الوحيَ بأمرهِ على مَن يشاءُ مِن عبادِه، ممَّن اصطفاهُم للنبوَّة. (الواضح في التفسير).

16- ﴿ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾.
أي: الذي قهرَ الخلقَ بالموت. (البغوي، النسفي).

20- ﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾.
أي: سميعٌ لأقوالِ خلقه، بصيرٌ بهم، فيَهدي مَن يشاء، ويُضلُّ مَن يشاء، وهو الحاكمُ العادلُ في جميعِ ذلك. (ابن كثير).

21- ﴿ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ ﴾.
قدرةً وتمكناً من التصرفات. (البغوي).

23- ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ
فسَّرَ الكلمتينِ الأخيرتينِ منها في الآيةِ (96) مِن سورةِ هود، بقوله: حجَّةٍ بيِّنة.

26- ﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ .
أو أن يُظهِرَ في أرضِكم أرضِ مصر، عبادةَ ربِّهِ الذي يدعوكم إلى عبادته، وذلك كان عندهُ هو الفساد. (الطبري).

27- ﴿ وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ ﴾.
إني استجرتُ أيها القومُ بربِّي وربِّكم مِن كلِّ متكبِّرٍ عليه, تكبُّرٍ عن توحيدهِ, والإقرارِ بألوهيَّتهِ وطاعته, لا يؤمنُ بيومٍ يُحاسِبُ اللهُ فيه خَلقه, فيجازي المحسنَ بإحسانه, والمسيءَ بما أساء.
وإنما خصَّ موسَى - صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه - الاستعاذةَ باللهِ ممَّن لا يؤمنُ بيومِ الحساب, لأنَّ مَن لم يؤمنْ بيومِ الحسابِ مصدِّقًا, لم يكنْ للثوابِ على الإحسانِ راجيًا, ولا للعقابِ على الإساءةِ وقبيحِ ما يأتي من الأفعالِ خائفًا, ولذلكَ كانَ استجارتهُ من هذا الصنفِ من الناسِ خاصَّة. (تفسير الطبري).

29- ﴿ قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ ﴾.
ما أدعوكم إلا إلى طريقِ الهدى. (البغوي).

31- ﴿ مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ ﴾.
مثلَ عادةِ قومِ نوح، وعاد، وثمودَ، والذينَ مِن بَعدِهم مِن الكافرين، كقومِ لوط، الذين اعتادوا على إيذاءِ رسلِهم. (الواضح).

33- ﴿ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾.
ومَن أضلَّهُ اللهُ فلا هاديَ له. واللهُ أعلمُ بمن يستحقُّ الهُدَى ومَن يستحقُّ الضَّلال. (الواضح).

35- ﴿ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آَمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ﴾.
عَظُمَ بُغضًا وكُرهًا عندَ اللهِ وعندَ عبادهِ المؤمنين جدالُهم الباطلُ الذي لا يزالونَ قائمينَ عليه. ولمثلِ هذه الصِّفاتِ التي هم عليها، يَختِمُ اللهُ على قلوبِ المتكبِّرين المتجبِّرين بالضَّلال، الذين يستكبرون عن الإيمان، ولا يقبلونَ الحقّ. (الواضح).

38- ﴿ وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ ﴾.
وهو نقيضُ الغيّ. وفيه تعريضٌ شبيهٌ بالتصريح، أنَّ ما عليه فرعونُ وقومهُ سبيلُ الغيّ. (النسفي).

40- ﴿ مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾.
مَن عملَ في الحياةِ الدُّنيا سيِّئة، فلا يُعاقَبُ في الآخرةِ إلاّ بما يستحقُّهُ على تلكَ السيِّئة، قضاءً عَدْلاً مِن الله، ومَن عملَ عملاً حسنًا، ذكرًا كانَ أو أنثَى، وهو مِن المؤمِنين، فأولئكَ يدخلون جنَّاتِ النَّعيم، ويكافَؤون فيها بدونِ حساب، ويُضاعَفُ لهمُ الثَّوابُ أضعافًا كثيرة. (الواضح).

44- ﴿ فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾.
أي: وأتوكَّلُ على اللهِ وأستعينه، وأقاطعُكم وأُباعِدُكم. ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ ﴾ أي: هو بصيرٌ بهم، تعالَى وتقدَّس، فيَهدي من يستحقُّ الهداية، ويُضِلُّ من يستحقُّ الإضلال، وله الحجَّةُ البالغة، والحكمةُ التامَّة، والقدرُ النافذ. (ابن كثير).

50- ﴿ قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ﴾.
﴿ أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ﴾ أي: أوَما قامتْ عليكم الحُجَجُ في الدنيا على ألسنةِ الرسل؟.
﴿ وَمَا دُعَآءُ ٱلْكَـٰفِرِينَ إِلاَّ فِى ضَلَـٰلٍ ﴾ أي: إلا في ذهاب، ولا يُتقبَّلُ ولا يُستجاب. (ابن كثير).


54- ﴿ هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾.
وأنزلنا إليهم ﴿ هُدًى ﴾ يعني بيانًا لأمرِ دينِهم, وما ألزمناهم مِن فرائضِها, ﴿ وَذِكْرَى لِأُولي الْأَلْبَابِ ﴾ يقول: وتذكيرًا منّا لأهلِ الحِجا والعقولِ منهم بها. (الطبري).

55- ﴿ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ ﴾.
صلِّ شاكراً لربِّك. (البغوي، الطبري).

58- ﴿ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ ﴾.
تتَّعظون. (النسفي).

59- ﴿ إِنَّ السَّاعَةَ لَآَتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾.
لا يصدِّقون بها؛ لقصورِ نظرهم على ما يدركونَهُ بالحواسِّ الظاهرة، واستيلاءِ الأوهامِ على عقولهم. (روح المعاني).

60- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾.
إن الذين يتعظَّمون عن إفرادي بالعبادة, وإفرادِ الألوهةِ لي.. (الطبري).

61- ﴿ اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ﴾.
هو الذي جعلَ لكم اللَّيلَ مظلمًا هادئًا لتسكنوا وتستريحوا فيهِ مِن تعبِ النَّهار، وجعلَ النَّهارَ مضيئًا لتتمكَّنوا فيهِ مِن الحركةِ والعملِ والسفر، واللهُ ذو فضلٍ وإنعامٍ على عباده، ولكنَّ أكثرَهم لا يشكرونَ نِعمَه. وقد يشكرونَ معروفَ النَّاسِ ولا يَنسَونَ فضلَهم! وهذا مِن جهلِهم بالمـُنعِمِ الأوَّلِ والأكبر، وغفلتِهم عن أصلِ النِّعمة. (الواضح).

62- ﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ﴾.
أي: الذي فعلَ هذه الأشياءَ هو اللهُ الواحدُ الأحد، خالقُ الأشياء، الذي لا إلهَ غيره، ولا ربَّ سواه. (ابن كثير).

64- ﴿ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾.
﴿ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ﴾: وخلقكم فأحسنَ خَلقكم.
﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾: فالذي فعلَ هذه الأفعال, وأنعمَ عليكم أيها الناسُ هذه النعم, هو اللهُ الذي لا تنبغي الألوهةُ إلا له, وربُّكم الذي لا تصلحُ الربوبيَّةُ لغيره, لا الذي لا ينفعُ ولا يضرّ, ولا يخلقُ ولا يرزق، ﴿ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ يقول: فتباركَ اللهُ مالِكُ جميعِ الخلق، جنِّهمَ وإنسِهم, وسائرِ أجناسِ الخلقِ غيرهم. (الطبري).

68- ﴿ هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ ﴾.
ومِن صفتهِ جلَّ ثناؤهُ أنهُ هو الذي يُحيي مَن يشاءُ بعدَ مماته, ويُميتُ مَن يشاءُ مِن الأحياءِ بعدَ حياته. (الطبري).

69- ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ ﴾.
كيف يُصرَفون عن دينِ الحق. (البغوي).

70- ﴿ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾.
الذين كذَّبوا بالقرآنِ العظيم، وبسائرِ الكتبِ السَّماويَّةِ التي أنزلناها على رسُلِنا، فسوفَ يعلمونَ ما يَحِلُّ بهم مِن العذاب. (الواضح).

76- ﴿ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ﴾.
أي: فبئسَ المنزلُ والمقيلُ الذي فيه الهوانُ والعذابُ الشديدُ لمن استكبرَ عن آياتِ الله واتباعِ دلائلهِ وحججه. والله أعلم. (ابن كثير).

81- ﴿ وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَأَيَّ آَيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ ﴾.
أي: لا تقدرون على إنكارِ شيءٍ مِن آياته، إلّا أنْ تعاندوا وتكابروا. (ابن كثير).

84- ﴿ فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ ﴾.
وجحدنا الآلهةَ التي كنا قبلَ وقتِنا هذا نُشركها في عبادتِنا اللهَ ونعبدُها معه ونتخذُها آلهة، فبرئنا منها. (الطبري).

85- ﴿ سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ ﴾.
بمنزلةِ وعدِ الله ونحوهِ من المصادرِ المؤكدة. (النسفي).
أي: هذا حكمُ الله في جميعِ من تابَ عند معاينةِ العذابِ أنه لا يُقبل. (ابن كثير).

سورة فصلت
6- ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ ﴾.
تفسيرُ الآية: قلْ لهم أيُّها الرسُول: لماذا تضعونَ هذا الحاجزَ بينكم وبين الحقّ؟ وما أنا إلاّ بشرٌ مثلُكم، إلاّ أنِّي تميَّزتُ عنكم بوحي اللهِ إليّ، فمن زعمَ أنِّي لستُ كذلك، فليأتِ بمثلِ ما أُوحيَ إليّ. أدعوكم إلى عبادةِ الإلهِ الواحدِ الذي لا شريكَ له، فامتثِلوا أمرَه، وأخلِصوا في العبادةِ له وحدَه، ولا تُشرِكوا به شيئًا، واستغفِروهُ مِن ذنوبِكم وأعمالِكم السيِّئة، والخسارةُ والهلاكُ لمن يبقَى على الشِّركِ والعصيان. (الواضح).

7- ﴿ الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ﴾.
وهم بقيامِ الساعةِ وبعثِ اللهِ خلقَهُ أحياءً مِن قبورِهم مِن بعدِ بلائهم وفنائهم مُنكرون. (الطبري).

9- ﴿ ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾.
أي: الخالقُ للأشياءِ هو ربُّ العالمين كلِّهم. (ابن كثير).

12- ﴿ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ ﴾.
ففرغَ من خلقهنَّ سبعَ سماواتٍ في يومين، وذلك يومَ الخميسِ ويومَ الجمعة. (الطبري).

14- ﴿ إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ ﴾.
جاءَتهم الرسلُ بأنْ لا تعبدوا إلا اللهَ وحدَهُ لا شريكَ له. (الطبري).

16- ﴿ وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ ﴾.
أي: في الأخرى، كما لم يُنصَروا في الدنيا، وما كان لهم مِن اللهِ مِن واقٍ يَقيهم العذابَ ويدرأُ عنهم النَّكال. (ابن كثير).

17- ﴿ فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾.
أي: مِن التكذيبِ والجحود. (ابن كثير).

23- ﴿ وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾.
أي: في مواقفِ القيامةِ خسرتُم أنفسَكم وأهليكم. (ابن كثير).

25- ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ ﴾.
إن تلك الأممَ الذين حقَّ عليهم عذابُنا من الجنِّ والإنس، كانوا مغبونين ببيعِهم رضا الله ورحمتَهُ بسخطهِ وعذابه. (الطبري).

28- ﴿ ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ ﴾.
هذا الجزاءُ الذي يُجزَى به هؤلاء الذين كفروا من مشركي قريش، جزاءُ أعداءِ الله. (الطبري).

30- ﴿ وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾.
وسُرُّوا بأنَّ لكم في الآخرةِ الجنَّةَ التي كنتُم توعَدونَها في الدنيا على إيمانِكم بالله, واستقامتِكم على طاعته. (الطبري).

31- ﴿ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ﴾.
أي: في الجنة، من جميعِ ما تختارون، مما تشتهيهِ النفوس، وتقرُّ به العيون. (ابن كثير).

32- ﴿ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾.
أي: ضيافةً وعطاءً وإنعاماً مِن غفورٍ لذنوبِكم، رحيمٍ بكم رؤوف، حيثُ غفر، وستر، ورحم، ولطف. (ابن كثير).

33- ﴿ وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾.
وقال: إنني ممن خضعَ لله بالطاعة، وذلَّ له بالعبودة، وخشعَ له بالإيمانِ بوحدانيته. (الطبري).

36- ﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾.
اللهُ هو السميعُ لاستعاذتِكَ منَ الشيطان، واستجارتِكَ به مِن نزغاته, ولغيرِ ذلكَ مِن كلامِكَ وكلامِ غيرك, العليمُ بما ألقَى في نفسِكَ مِن نزغاته, وحدَّثتْكَ به نفسُك، وممّا يُذهِبُ ذلكَ من قِبلك, وغيرِ ذلكَ مِن أمورٍ وأمورِ خَلقه. (الطبري).

37- ﴿ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾.
إن كنتم تعبدون الله، وتذلُّون له بالطاعة، وإنَّ مِن طاعتهِ أن تُخلصوا له العبادة، ولا تشركوا في طاعتكم إيّاه وعبادتكموهُ شيئاً سواه، فإن العبادةَ لا تصلحُ لغيره، ولا تنبغي لشيءٍ سواه. (الطبري).

38- ﴿ فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ ﴾.
يسبِّحونَ له، ويصلُّونَ ليلاً ونهارًا... (الطبري).
يتبع


ابوالوليد المسلم 12-11-2020 11:14 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 

40- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آَيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آَمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾.
﴿ يُلْحِدُونَ فِي آَيَاتِنَا ﴾: ينحرفون في تأويلِ آياتِ القرآنِ عن جهةِ الصحةِ والاستقامةِ فيحملونها على المحاملِ الباطلة.
﴿ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾: فيجازيكم بحسبِ أعمالكم. (روح المعاني).
إن الله - أيها الناسُ - بأعمالكم التي تعملونها ذو خبرةٍ وعلمٍ لا يخفَى عليه منها ولا من غيرها شيءٌ. (الطبري).

42- ﴿ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾.
﴿ حَكِيمٍ ﴾ في أقوالهِ وأفعاله، ﴿ حَمِيدٍ ﴾ بمعنى محمود، أي: في جميعِ ما يأمرُ به وينهَى عنه، الجميعُ محمودةٌ عواقبهُ وغاياته. (ابن كثير).

44- ﴿ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ﴾.
هدًى من الضلالة، وشفاءٌ لما في القلوب. وقيل: شفاءٌ من الأوجاع. (البغوي).

45- ﴿ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ ﴾.
ولولا وعدٌ أخذَهُ اللهُ على نفسِه، بأنْ يؤخِّرَ العقوبةَ عن قومِكَ المكذِّبين إلى يومِ المعاد، لعجَّلَ لهم العذاب، وإنَّهم لفي شكٍّ مِن القرآن، أو شكٍّ فيما يقولون عن القرآن، غيرُ محقِّقين له. (الواضح).

46- ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ﴾.
مَن عملَ عملاً صالحًا فإنَّ نفعَهُ يعودُ على نفسِه، ومَن أساءَ العملَ فإنَّ سوءَ عاقبتهِ يعودُ على نفسِهِ كذلك. (الواضح).

الجزء الخامس والعشرون
49- ﴿ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ ﴾.
﴿ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ ﴾: الشدَّةُ والفقر، ﴿ فَيَؤُوسٌ ﴾ من روحِ الله، ﴿ قَنُوطٌ ﴾ من رحمته. (البغوي).

50- ﴿ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي ﴾.
﴿ وَلَئِنْ أَذَقْنَـٰهُ رَحْمَةً مِّنَّا ﴾: آتيناهُ خيراً وعافيةً وغنى، ﴿ مِن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ ﴾: من بعد شدَّةٍ وبلاءٍ أصابته. (البغوي).

51- ﴿ وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ ﴾.
وإذا أنعَمنا على الإنسانِ بالمالِ والجاهِ والعافية، أعرضَ عن الطَّاعةِ والشُّكر، وتكبَّرَ وشمخَ بأنفهِ واستكبرَ عن الانقيادِ لأمرِ الله، وإذا أصابَهُ فقرٌ وبلاء، دعانا دعاءً كثيرًا متواصلاً. (الواضح).

53- ﴿ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾.
أي: كفَى بالله شهيداً على أفعالِ عبادهِ وأقوالهم، وهو يشهدُ أن محمداً صلى الله عليه وسلم صادقٌ فيما أخبرَ به عنه، كما قال: ﴿ لَّـٰكِنِ ٱللَّهُ يَشْهَدُ بِمَآ أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ ﴾ [سورة النساء: 66] الآية. (ابن كثير).

سورة الشورى
3- ﴿ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾.
﴿ اللَّهُ الْعَزِيزُ ﴾ أي: في انتقامه، ﴿ الْحَكِيمُ ﴾ في أقوالهِ وأفعاله. (ابن كثير).

7- ﴿ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ﴾.
منهم ﴿ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ ﴾ وهم الذين آمنوا باللهِ واتَّبَعوا ما جاءَهم به رسولهُ صلى الله عليه وسلم، ﴿ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ﴾ يقول: ومنهم فريقٌ في الموقَدَةِ مِن نارِ اللهِ المسعورةِ على أهلِها, وهم الذين كفروا بالله, وخالفوا ما جاءَهم به رسوله. (الطبري).

8- ﴿ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾.
والكافرون باللهِ ما لهم مِن وليٍّ يتولاّهم يومَ القيامة, ولا نصيرٍ ينصرُهم مِن عقابِ اللهِ حينَ يعاقبُهم, فينقذُهم مِن عذابه, ويقتصُّ لهم ممَّن عاقبَهم. (الطبري).

9- ﴿ أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ﴾.
أم اتخذَ هؤلاء المشركون بالله أولياءَ من دونِ الله يتولَّونهم؟ (الطبري).

11- ﴿ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾.
السميعُ لما تنطقُ به مِن خلقهِ قول [هكذا في الأصل], البصيرُ لأعمالِهم, لا يخفَى عليه مِن ذلكَ شيء, ولا يعزبُ عنه علمُ شيءٍ منه, وهو محيطٌ بجميعه, مُحصٍ صغيرَهُ وكبيرَه، لتُجزَى كلُّ نفسٍ بما كسبتْ مِن خيرٍ أو شرّ. (الطبري).

12- ﴿ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾.
يوسِّعُ رزقَهُ وفضلَهُ على من يشاءُ مِن خَلقه, ويبسطُ له, ويُكثِرُ مالَهُ ويُغنيه، ﴿ وَيَقْدِرُ ﴾ يقول: ويقتِّرُ على مَن يشاءُ منهم فيضيِّقهُ ويفقرهُ، ﴿ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ يقول: إنَّ اللهَ تباركَ وتعالَى بكلِّ ما يفعل، مِن توسيعهِ على مَن يوسِّع, وتقتيرهِ على مَن يقتر, ومَن الذي يُصلِحهُ البسطُ عليه في الرزق, ويُفسِدهُ مِن خَلقه, والذي يُصلِحهُ التقتيرُ عليه ويُفسِده, وغيرُ ذلكَ مِن الأمور, ذو علم، لا يخفَى عليه موضعُ البسطِ والتقتيرِ وغيره, مِن صلاحِ تدبيرِ خَلقه. (الطبري).

15- ﴿ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾.
اللهُ ربُّنا جميعًا، وهو متولِّي أمورِنا، لنا أعمالُنا التي نحاسَبُ عليها، ونُثابُ أو نُعاقَبُ عليها، ولكم أعمالُكم التي اكتسبتُموها ولا يتعدَّى ضررُها إلينا.
﴿ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾: اللهُ تعالَى يجمَعُ بيننا يومَ القيامة، وإليهِ مرجعُنا يومَ الحساب، فيَفصِلُ بيننا، ويُجازي كلاًّ بما يستحقّ. (الواضح).

16- ﴿ وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ﴾.
وعليهم مِن اللهِ غضب, ولهم في الآخرةِ عذابٌ شديد, وهو عذابُ النار. (الطبري).

19- ﴿ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ﴾.
يرزقُ من يشاءُ فيوسِّعُ عليه، ويقتِّرُ على من يشاءُ منهم، ﴿ وَهُوَ القَوِيُّ ﴾ الذي لا يَغلبهُ ذو أيدٍ لشدَّته, ولا يمتنعُ عليه إذا أرادَ عقابَهُ بقدرته، ﴿ الْعَزِيزُ ﴾ في انتقامهِ إذا انتقمَ مِن أهلِ معاصيه. (الطبري).

22- ﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ﴾.
والذينَ آمنوا باللهِ وأخلَصوا لهُ في الطَّاعةِ والعمل، منازلُهم في رياضِ الجنَّةِ وأطيبِ بقاعِها، ولهم ما يشتهون من المآكلِ والمشاربِ اللَّذيذةِ عندَ ربِّهم، وذلكَ هو النِّعمةُ الكبيرة، والفوزُ العظيم. (الواضح).

24- ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾.
﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴾ أم يقولُ هؤلاءِ المشركون بالله: افْترَى محمَّدٌ على اللهِ كذبًا فجاءَ بهذا الذي يتلوهُ علينا اختلاقًا مِن قِبَلِ نفسه؟
﴿ ويُحِقُّ الحَقَّ بكَلِماتِهِ ﴾ التي أنزلها إليكَ يا محمدُ فيثبته.
﴿ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾: إنَّ اللهَ ذو علمٍ بما في صدورِ خلقه, وما تنطوي عليه ضمائرهم, لا يخفَى عليه مِن أمورِهم شيء. (الطبري).

25- ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾.
ويعلمُ ربُّكم - أيها الناسُ - ما تفعلونَ مِن خيرٍ وشرّ, لا يخفَى عليه مِن ذلكَ شيء, وهو مُجازيكم على كلِّ ذلكَ جزاءَه, فاتَّقوا اللهَ في أنفسِكم, واحذروا أنْ تركبوا ما تستحقُّونَ به منهُ العقوبة. (الطبري).

26- ﴿ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ﴾.
لما ذكرَ المؤمنين وما لهم مِن الثوابِ الجزيل، ذكرَ الكافرينَ وما لهم عندَهُ يومَ القيامةِ مِن العذابِ الشديدِ الموجعِ المؤلمِ يومَ معادِهم وحسابِهم. (ابن كثير).

34- ﴿ أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ ﴾.
﴿ وَيَعْفُ عَن كَثيرٍ ﴾ من ذنوبهم فلا يعاقِبُ عليها. (البغوي).

35- ﴿ وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ ﴾.
ويعلمَ الذين يخاصمونَ رسولَهُ محمدًا صلى الله عليه وسلم مِن المشركينَ في آياتهِ وعِبَرهِ وأدلَّتهِ على توحيده... (الطبري).

36- ﴿ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾.
وما عند الله للذين آمنوا به، عليه يتوكَّلون في أمورِهم, وإليه يقومون في أسبابِهم, وبه يثقون. (الطبري).

37- ﴿ وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ ﴾.
قيل: ما عظمَ قبحهُ فهو فاحشة، كالزنا. (البغوي).

40- ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾.
﴿ فَمَنْ عَفَا ﴾ أي: عن المسيءِ إليه، ﴿ وَأَصْلَحَ ﴾ ما بينه وبين من يعاديهِ بالعفوِ والإغضاءِ عمّا صدرَ منه، ﴿ فَأَجْرُهُ عَلَى ٱللَّهِ ﴾: فيَجزيهِ جلَّ وعلا أعظمَ الجزاء. وقولهُ تعالى: ﴿ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِينَ ﴾: المتجاوزين الحدَّ في الانتقام. (روح المعاني، باختصار).

41- ﴿ وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ ﴾.
وللَّذي أخذَ بحقِّهِ بعدَما ظُلم. (الواضح).

42- ﴿ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾.
إنَّما المؤاخَذةُ على مَن ظَلَموا، فبَدؤوا بالاعتداء، أو تجاوزوا في أخذِ حقِّهم، ويريدونَ البغيَ والإفسادَ في الأرضِ بغيرِ وجهِ حقّ، فهؤلاءِ يجبُ أن يُمنَعوا مِن الظُّلم، ولهم عقوبةٌ شديدة. (الواضح).

45- ﴿ وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ ﴾.
﴿ وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا ﴾ أي: على النار، ﴿ خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ ﴾: أي: الذي قد اعتراهم بما أسلفوا من عصيانِ الله تعالى.
﴿ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ ﴾: أي: دائمٍ سرمديٍّ أبديّ، لا خروجَ لهم منها، ولا محيدَ لهم عنها. (ابن كثير).

48- ﴿ فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ﴾.
فإنْ كذَّبكَ المشركون، وأعرَضوا عمَّا تدعوهُم إليه، فلستَ موكَّلاً بهدايتِهم. (الواضح).

50- ﴿ إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ﴾.
﴿ إِنَّهُ عَلِيمٌ ﴾ أي: بمن يستحقُّ كلُّ قسمٍ مِن هذه الأقسام، ﴿ قَدِيرٌ ﴾ أي: على مَن يشاء، مِن تفاوتِ الناسِ في ذلك. (ابن كثير).

51- ﴿ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴾.
أو يرسلَ الله من ملائكتهِ رسولاً، إما جبرائيل، وإما غيره، ﴿ فَيُوحِيَ بإذْنِهِ ما يَشاءُ ﴾ يقول: فيوحي ذلك الرسولُ إلى المرسَلِ إليه بإذنِ ربِّه ما يشاء، يعني: ما يشاءُ ربُّه أن يوحيَهُ إليه من أمرٍ ونهي، وغيرِ ذلك من الرسالةِ والوحي. ﴿ إِنَّهُ ﴾ يعني نفسَهُ جلَّ ثناؤه: ذو علوٍّ على كلِّ شيء، وارتفاعٍ عليه واقتدار، ﴿ حَكِيمٌ ﴾ يقول: ذو حكمةٍ في تدبيرهِ خَلقه. (الطبري، باختصار).

52- ﴿ مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾.
ما كنتَ تعرفُ مِن قبلُ ما هو القرآن، ولا الإيمانُ بمعالمهِ التي بيَّنَها اللهُ لكَ بالوحي، ولكنْ جعلنا القرآنَ نورًا وحقًّا نَهدي بهِ مَن نشاءُ هدايتَهُ مِن عبادِنا، وإنَّكَ أيُّها النبيُّ تَهدي بذلكَ النُّورِ إلى طريقِ الله المستقيم. (الواضح).

53- ﴿ صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ﴾.
الذي لهم مُلك جميعِ ما في السماواتِ وما في الأرض، لا شريكَ له في ذلك. (الطبري).

سورة الزخرف
8- ﴿ فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ ﴾.
فأهلكنا أشدَّ مِن هؤلاءِ المستهزئينَ بأنبيائهم بطشًا إذا بطشوا، فلم يُعجِزونا بقُواهم وشدَّةِ بطشِهم, ولم يَقدروا على الامتناعِ مِن بأسِنا إذْ أتاهم, فالذين هم أضعفُ منهم قوةً أحرَى أنْ لا يَقدروا على الامتناعِ مِن نقَمِنا إذا حلَّتْ بهم. (الطبري).

9- ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ ﴾.
العزيزُ في سلطانهِ وانتقامهِ من أعدائه، العليمُ بهنَّ وما فيهنَّ من الأشياء، لا يخفَى عليه شيء. (الطبري).

11- ﴿ وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ ﴾.
أي: كما أحيينا هذه البلدةَ الميتةَ بالمطر، كذلك تُخرَجون من قبوركم أحياء. (البغوي).

13- ﴿ لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ﴾.
إذا استوَيتُم على ظهورِها، وتقولوا مقرِّين بنعمتِه، شاكرينَ لفضلِه: ﴿ سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ﴾: تقدَّسَ اللهُ ربُّنا وتنزَّهَ عن كلِّ نقصٍ وعيب، الذي ذلَّلَ لنا هذا المركوبَ ويسَّرَهُ لنا.. (الواضح).

15- ﴿ وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ ﴾.
إن الإنسانَ لذو جحدٍ لنِعَمِ ربِّهِ التي أنعمَها عليه مُبِين.
يقول: يَبِينُ كفرانهُ نعمَهُ عليه لمن تأمَّلَهُ بفكرِ قلبهِ وتدبُّرِ حاله. (الطبري).

17- ﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ﴾.
بما جعلَ لله شَبَهاً. وذلك أن ولدَ كلِّ شيءٍ يُشبهه. يعني إذا بُشِّرَ أحدُهم بالبنات، كما ذكرَ في سورةِ النحل: ﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِٱلأُنْثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ ﴾ [الآية 58] من الحزنِ والغيظ. (البغوي).

19- ﴿ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ ﴾.
ويُسألون عن شهادتهم تلك في الآخرةِ أن يأتوا ببرهانٍ على حقيقتها، ولن يجدوا إلى ذلك سبيلاً. (الطبري).

23- ﴿ وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ
إنّا وجدنا آباءَنا على ملَّةٍ ودِين، وإنّا على منهاجِهم وطريقتِهم مقتدونَ بفعلِهم، نفعلُ كالذي فعلوا, ونعبدُ ما كانوا يعبدون. (الطبري).

25- ﴿ فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾.
فانتقَمنا مِن الأُممِ المكذِّبةِ وأهلَكناهم، فانظرْ كيف كان مآلُهم؟ (الواضح).

26- ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ ﴾.
إنَّني بريءٌ مِن عبادتِكم هذه الأصنام. (الواضح).

28- ﴿ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾.
تفسيرُ الآية: وجعلَ كلمةَ الإخلاصِ (لا إلهَ إلاّ الله) باقيةً في ذرِّيَّتِه، وما زالَ منهم مَن هو على التَّوحيدِ ويَدعو إليه، ولعلَّ مَن أشركَ منهم يَرجِعُ إلى العقيدةِ الصَّحيحة. (الواضح).

37- ﴿ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾.
وإن الشياطين ليصدُّون هؤلاء الذين يعشون عن ذكرِ الله، عن سبيلِ الحقّ، فيزيِّنون لهم الضلالة، ويكرِّهون إليهم الإيمانَ بالله، والعملَ بطاعته، ﴿ وَيحْسَبُونَ أنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ يقول: ويظنُّ المشركون بالله بتحسينِ الشياطين لهم ما هم عليه من الضلالة، أنهم على الحقِّ والصواب... (الطبري).

38- ﴿ فَبِئْسَ الْقَرِينُ ﴾.
فبئسَ الصَّاحبُ الخبيث. (الواضح).

40- ﴿ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾.
ذكرَ المؤلفُ أن المقصودَ قريش.
وتفسيرها: ... أو تهدي من كان في جورٍ عن قصدِ السبيل، سالكٍ غيرَ سبيلِ الحقّ، قد أبانَ ضلالهُ أنه عن الحقِّ زائل، وعن قصدِ السبيلِ جائر.
يقولُ جلَّ ثناؤه: ليس ذلك إليك، إنما ذلك إلى الله، الذي بيدهِ صرفُ قلوبِ خلقهِ كيف شاء، وإنما أنت منذر، فبلِّغهم النذارة. (الطبري).

44- ﴿ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ﴾.
يعني القرآن. (البغوي).

46- ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾.
إلى فرعونَ وأشرافِ قومهِ وأتباعِه، فقالَ لهم: إنِّي رسولٌ إليكم مِن عندِ اللهِ ربِّ العالَمين. (الواضح).

50- ﴿ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ ﴾.
ينقضون العهدَ بالإيمانِ ولا يفونَ به. (النسفي).

55- ﴿ فَلَمَّا آَسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾.
انتقمنا منهم بعاجلِ العذابِ الذي عجَّلناه لهم, فأغرقناهُم جميعًا في البحر. (الطبري).

59- ﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾.
﴿ وَجَعَلْنَـٰهُ مَثَلاً ﴾: آيةً وعبرة ﴿ لِّبَنِىۤ إِسْرَٰءِيلَ ﴾، يعرفون به قدرةَ الله عزَّ وجلَّ على ما يشاء، حيث خلقَهُ من غيرِ أب. (البغوي).

63- ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾.
فاتَّقوا ربَّكم أيها الناسُ بطاعته, وخافوهُ باجتنابِ معاصيه, وأطيعوني فيما أمرتُكم به مِن اتِّقاءِ اللهِ واتِّباعِ أمره, وقبولِ نصيحتي لكم. (الطبري).

64- ﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ﴾.
فأنا مثلُكم في العبوديَّة، واللهُ ربِّي وربُّكم، فالتزموا طاعتَه، واعبدوهُ وحدَه. (الواضح).

65- ﴿ فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ ﴾.
فالويلُ والهلاكُ للفِرَقِ الضالَّة، المحرِّفةِ والمبدِّلة، مِن عذابِ يومِ القيامة. (الواضح).

66- ﴿ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ
وهم لا يعلمون بمجيئها. (الطبري).

68- ﴿ يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ ﴾.
يا عبادي لا خوفٌ عليكمُ اليومَ مِن عقابي, فإني قد أمِنتُكم منه برضايَ عنكم, ولا أنتم تحزنونَ على فراقِ الدنيا، فإنَّ الذي قدمتُم عليه خيرٌ لكم ممَّا فارقتُموه منها. (الطبري).

69- ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ ﴾.
الذين آمنوا باللهِ وصدَقوا في إيمانِهم، وكانوا مستَسلِمين لأمرِ اللهِ ورسولِه، منقادين للشَّرعِ وأحكامِه. (الواضح).

70- ﴿ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ ﴾.
﴿ ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ ﴾ أي: يقال لهم: ادخلوا الجنة، ﴿ أَنتُمْ وَأَزْوَٰجُكُمْ ﴾ أي: نظراؤكم. (ابن كثير).
﴿ ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوٰجُكُمْ ﴾: نساؤكم المؤمنات. فالإضافةُ للاختصاصِ التام، فيَخرجُ مَن لم يؤمنْ منهم. (روح المعاني).

71- ﴿يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ.
يُطافُ على أهلِ الجنَّةِ بآنيةٍ كقِصاعٍ مِن ذهب، وأكواب، وفيها ما تَرغَبُ فيهِ الأَنفُسُ وتَشتهيهِ مِن أنواعِ المآكلِ والمشارب، وما تستلذُّهُ الأعينُ مِن الجمالِ وحُسنِ المنظَر، وأنتم ماكثونَ فيها أبدًا. (الواضح).

73- ﴿ لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴾.
أي: مِن جميعِ الأنواع، ﴿ مِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴾ أي: مهما اخترتُم وأردتُم.
ولمـّا ذكرَ الطعامَ والشراب، ذكرَ بعدَهُ الفاكهةَ لتتمَّ النعمةُ والغبطة. (ابن كثير).

75- ﴿ لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ﴾.
لا يُخفَّفُ عنهم. (روح المعاني).

77- ﴿ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ﴾.
لا خلاصَ لكم بموتٍ ولا بغيره. (البيضاوي).

78- ﴿ لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ﴾.
﴿ لَقَدْ جِئْنَـٰكُم بِٱلْحَقِّ ﴾ أي: بيَّناهُ لكم، ووضَّحناه وفسَّرناه، ﴿ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَـٰرِهُونَ ﴾ أي: ولكنْ كانتْ سجاياكم لا تَقبله، ولا تُقبِلُ عليه، وإنما تنقادُ للباطلِ وتعظِّمه، وتصدُّ عن الحقِّ وتأباه، وتَبغُضُ أهلَه، فعُودوا على أنفسِكم بالملامة، واندَموا حيثُ لا تنفعُكم الندامة. (ابن كثير).

84- ﴿ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ﴾.
العليمُ بمصالحِهم. (الطبري والبغوي).

85- ﴿ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾.

أي: فيجازي كلًّا بعمله، إن خيراً فخير، وإن شرًّا فشر. (ابن كثير).

88- ﴿ وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾.
يا ربّ، إنَّ هؤلاءِ قومٌ معاندونَ كذَّبوني ولا يؤمنون. (الواضح).

89- ﴿ فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾.
﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾ ما يلقَون مِن البلاءِ والنكالِ والعذابِ على كفرهم. (الطبري).




ابوالوليد المسلم 12-11-2020 11:18 PM

رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
 
الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (26)







أ. محمد خير رمضان يوسف



(سور: الدخان، الجاثية، الأحقاف، محمد، الفتح)



سورة الدخان
3- ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ
أي: معلِّمينَ الناسَ ما ينفعُهم ويضرُّهم شرعًا، لتقومَ حجَّةُ اللهِ على عباده. (ابن كثير).

5- ﴿ أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ﴾:
أعني بهذا الأمرِ أمراً حاصلاً من عندنا على مقتضَى حكمتِنا. (البيضاوي).

6- ﴿ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾.
أي: أنزلنا القرآنَ لأن من عادتنا إرسالَ الرسلِ بالكتبِ إلى العبادِ لأجلِ الرحمةِ عليهم.
﴿ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ ﴾: يسمعُ أقوالَ العبادِ ويعلمُ أحوالَهم. (البيضاوي، باختصار).

7- ﴿ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ ﴾.
أي: الذي أنزلَ هذا القرآنَ هو ربُّ السماواتِ والأرضِ وخالقُهما ومالكُهما وما فيهما. (ابن كثير).

8- ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ﴾.
لا معبودَ لكم أيها الناسُ غيرُ ربِّ السماواتِ والأرضِ وما بينهما، فلا تعبدوا غيرَه، فإنهُ لا تصلحُ العبادةُ لغيره، ولا تنبغي لشيءٍ سِواه، هو الذي يُحيي ما يشاء، ويميتُ ما يشاءُ ممَّا كانَ حيًّا.
وقوله: ﴿ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ﴾ يقول: هو مالكُكم ومالكُ مَن مضَى قبلَكم مِن آبائكم الأوَّلين.
يقول: فهذا الذي هذهِ صفته، هو الربُّ فاعبدوهُ دونَ آلهتِكم التي لا تقدرُ على ضرٍّ ولا نفع. (الطبري).

10- ﴿ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ ﴾.
فانتظرْ بهم يومًا شديدًا... (الواضح).

22- ﴿ فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ ﴾.
فرعونُ وقومه.

24- ﴿ وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ ﴾.
أخبرَ موسى أنه يُغرقُهم ليطمئنَّ قلبهُ في تركهِ البحرَ كما جاوزه. (البغوي).

31- ﴿ مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ
أي: مستكبرًا جبّارًا عنيدًا. (ابن كثير).

37- ﴿ أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ﴾.
إن قومَ تُبَّعٍ والذين مِن قبلِهم مِن الأممِ الذين أهلكناهم، إنما أهلكناهم لإجرامِهم وكفرِهم بربِّهم. (الطبري).

38- ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ﴾.
وما خلَقنا السَّماءَ ومَن فيها والأرضَ ومَن عليها لهوًا وعبثًا بدونِ حكمةٍ وفائدة. (الواضح).

39- ﴿ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾.
ولكنَّ أكثرَ النَّاسِ لا يعلَمونَ ذلك، ولذلكَ فهم لا يتفكَّرونَ في البعثِ بعدَ الموت. (الواضح).

40- ﴿ إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾.
وقتُ موعدهم كلِّهم. (النسفي).

42- ﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾.
﴿ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ﴾: الغالبُ على أعدائه، ﴿ ٱلرَّحِيمُ ﴾ لأوليائه. (النسفي).

52- ﴿ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴾.
إنَّهم في جنَّاتٍ عاليات، وأنهارٍ جاريات. (الواضح في التفسير).

54- ﴿ كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ﴾.
أي: كما أكرمناهم بما وصفنا من الجناتِ والعيونِ واللباس، كذلك أكرمناهم بأن زوَّجناهم ﴿ بِحُورٍ عِينٍ ﴾ أي: قرنّاهم بهنّ، ليس من عقدِ التزويج.
و"الحُور": هنَّ النساءُ النقيَّاتُ البياض. قالَ مجاهد: يَحارُ فيهنَّ الطرفُ من بياضهنَّ وصفاءِ لونهنّ. وقالَ أبو عبيدة: "الحُور" هنَّ شديداتُ بياضِ الأعين، الشديداتُ سوادُها، واحدُها أحور، والمرأةُ حوراء. و"العِين": جمعُ العيناء، وهي عظيمةُ العينين. (البغوي، باختصار).

55- ﴿ يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آَمِنِينَ ﴾.
﴿ يَدْعُونَ فِيهَا بِكلِّ فَـٰكِهَةٍ ﴾ اشتهَوها، ﴿ ءَامِنِينَ ﴾ من نفادها ومن مضرَّتها. وقالَ قتادة: آمنين من الموتِ والأوصابِ والشياطين. (البغوي).

56- ﴿ وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴾.
ووقَى هؤلاءِ المتَّقين ربُّهم يومئذٍ عذابَ النار. (الطبري).

57- ﴿ فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾.
تفضُّلاً يا محمدُ من ربِّكَ عليهم، وإحساناً منه إليهم بذلك، ولم يعاقبهم بجرمٍ سلفَ منهم في الدنيا، ولولاتفضُّلهُ عليهم بصفحهِ لهم عن العقوبةِ لهم على ما سلفَ منهم من ذلك لم يَقِهم عذابَ الجحيم، ولكنْ كان ينالُهم ويصيبُهم ألمهُ ومكروهه.
وقوله: ﴿ ذَلكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ ﴾: يقولُ تعالى ذكره: هذا الذي أعطينا هؤلاءِ المتقين في الآخرةِ من الكرامةِ التي وُصِفتْ في هذه الآيات، هو الفوزُ العظيم، يقول: هو الظفرُ العظيمُ بما كانوا يطلبون مِن إدراكهِ في الدنيا، بأعمالِهم وطاعتِهم لربِّهم، واتِّقائهم إيّاه، فيما امتحنَهم به مِن الطاعاتِ والفرائض، واجتنابِ المحارم. (الطبري).

58- ﴿ فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾.
أي: إنما يسَّرنا هذا القرآنَ الذي أنزلناهُ سهلاً واضحاً بيِّناً جليًّا بلسانِكَ الذي هو أفصحُ اللغات، وأجلاها وأحلاها وأعلاها، ﴿ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ أي: يتفهَّمون ويعلَمون. (ابن كثير).

سورة الجاثية
6- ﴿ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآَيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ﴾.
فبأيِّ حديثٍ - أيها القومُ - بعد حديثِ الله هذا الذي يتلوهُ عليكم، وبعد حججهِ عليكم وأدلتهِ التي دلَّكم بها على وحدانيته، من أنه لا ربَّ لكم سواه، تصدِّقون، إنْ أنتم كذَّبتُم لحديثهِ وآياته. (الطبري، باختصار).

8- ﴿ يَسْمَعُ آَيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾.
﴿ يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ﴾ أي: تُقرأ عليه، ﴿ ثُمَّ يُصِرُّ ﴾ أي: على كفرهِ وجحودهِ استكبارًا وعنادًا ﴿ كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا ﴾ أي: كأنهُ ما سمعها، ﴿ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾: فأخبرهُ أنَّ له عندَ اللهِ يومَ القيامةِ عذابًا أليمًا موجِعًا. (ابن كثير).

9- ﴿ وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آَيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾.
أي: إذا حفظَ شيئًا مِن القرآنِ كفرَ به واتَّخذَهُ سُخريًّا وهُزوًا، ﴿ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ أي: في مقابلةِ ما استهانَ بالقرآنِ واستهزأَ به... (ابن كثير).

10- ﴿ مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾.
﴿ وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا ﴾: ولا يُغني عنهم من عذابِ جهنَّمَ إذا هم عُذِّبوا به ما كسبوا في الدنيا من مالٍ وولدٍ شيئاً.
﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾: ولهم مِن اللهِ يومئذٍ عذابٌ في جهنَّمَ عظيم. (الطبري).

11- ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ ﴾.
والذينَ جحدوا ما في القرآنِ مِن الآياتِ الدالاّتِ على الحقّ، ولم يصدِّقوا بها ويعملوا بها... (الطبري).

12- ﴿ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾.
ولكي تشكروا النعمَ المترتبةَ على ذلك. (روح المعاني).

13- ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾.
إنَّ في تسخيرِ اللهِ لكم ما أنبأكم أيها الناسُ أنه سخَّرَهُ لكم في هاتينِ الآيتين، لَعلاماتٍ ودلالاتٍ على أنه لا إلهَ لكم غيرُه، الذي أنعمَ عليكم هذه النعم، وسخَّرَ لكم هذهِ الأشياءَ التي لا يقدرُ على تسخيرها غيرهُ، لقومٍ يتفكَّرونَ في آياتِ اللهِ وحُجَجهِ وأدلَّته، فيعتبرونَ بها ويتَّعظون، إذا تدبَّروها وفكَّروا فيها. (الطبري).

14- ﴿ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾.
أي: إذا صفحوا عنهم في الدنيا، فإن اللهَ مجازيهم بأعمالِهم السيِّئةِ في الآخرة. (ابن كثير).

15- ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ﴾.
مَن عملَ مِن عبادِ اللهِ بطاعته، فانتهَى إلى أمره، وانزجرَ لنهيه، فلنفسهِ عملَ ذلكَ الصالحَ مِن العمل، وطلبَ خلاصَها مِن عذابِ الله، أطاعَ ربَّهُ لا لغيرِ ذلك، لأنه لا ينفعُ ذلكَ غيرَه، واللهُ عن عملِ كلِّ عاملٍ غنيّ.
ومَن أساءَ عملَهُ في الدنيا، بمعصيتهِ فيها ربَّه، وخلافهِ فيها أمرَهُ ونهيَه، فعلى نفسهِ جنَى، لأنه أوبقَها بذلك، وأكسبَها به سخطه، ولم يضرَّ أحدًا سِوَى نفسه. (الطبري).

20- ﴿ هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾.
ورشادٌ، ﴿ وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ بحقيقةِ صحَّةِ هذا القرآن، وأنه تنزيلٌ مِن اللهِ العزيزِ الحكيم.
وخصَّ جلَّ ثناؤهُ الموقنين بأنه لهم بصائرُ وهُدًى ورحمة؛ لأنهم الذين انتفعوا به دونَ مَن كذَّبَ به مِن أهلِ الكفر، فكان عليه عمًى وله حزنًا. (الطبري).

23- ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾.
فمَن يوفِّقهُ لإصابةِ الحقّ، وإبصارِ محجَّةِ الرشدِ بعدَ إضلالِ اللهِ إيّاه؟ ﴿ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ أيها الناس، فتعلَموا أنَّ مَن فعلَ اللهُ به ما وصفنا فلن يهتديَ أبدًا، ولن يجدَ لنفسهِ وليًّا مُرشدًا؟ (الطبري).

24- ﴿ وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ﴾.
وما لهؤلاءِ المشركينَ القائلين: ﴿ مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ﴾ بما يقولونَ مِن ذلكَ مِن علم، يعني مِن يقينِ علم، لأنهم يقولونَ ذلك تخرُّصًا بغيرِ خبرٍ أتاهم مِن الله، ولا برهانٍ عندهم بحقيقته، ﴿ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ ﴾ يقولُ جلَّ ثناؤه: ما هم إلا في ظنٍّ من ذلك وشكٍّ، يخبرُ عنهم أنهم في حيرةٍ من اعتقادهم حقيقةُ ما ينطقون من ذلك بألسنتهم. (الطبري).

25- ﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ ﴾.
واضحاتٍ جليَّات، تنفي الشكَّ عن قلبِ أهلِ التصديقِ بالله في ذلك. (الطبري).

27- ﴿ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾.
يخبرُ تعالَى أنه مالكُ السماواتِ والأرض، الحاكمُ فيهما في الدنيا والآخرة. (ابن كثير).

28- ﴿ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾.
أي: تُجازَون بأعمالِكم خيرِها وشرِّها. (ابن كثير).

30- ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ ﴾.
فأمَّا الذين آمنوا بالله في الدنيا، فوحَّدوه، ولم يُشركوا به شيئًا، وعملوا بما أمرهم اللهُ به، وانتهَوا عمّا نهاهُم اللهُ عنه، فيُدخِلُهم في جنَّتهِ برحمته، وذلكَ هو الظفرُ بما كانوا يطلبونه، وإدراكُ ما كانوا يسعون في الدنيا له، المبينُ غايتُهم فيها أنه هو الفوز. (الطبري، باختصار).

31- ﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ
أي: يُقالُ لهم ذلكَ تقريعًا وتوبيخًا: أمَا قُرِئتْ عليكم آياتُ الرحمن، فاستكبرتُم عن اتِّباعِها، وأعرضتُم عندَ سماعِها، وكنتم قوماً مجرمين في أفعالكم، مع ما اشتملتْ عليه قلوبُكم من التكذيب؟ (ابن كثير).

32- ﴿ وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ
وإذا قالَ لكم المؤمنون: إنَّ ما وعدَ اللهُ بهِ حقٌّ وصدق، ويومَ القيامةِ آتٍ لا شكِّ فيه، جحدتُم ذلكَ وقلتُم: نحنُ لا نعرفُ ما هو يومُ القيامة. (الواضح).

33- ﴿ وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾.
﴿ وَبَدَا لَهُمْ ﴾ أي: ظهرَ لهم حينئذٍ ﴿ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُواْ ﴾ أي: قبائحُ أعمالهم، أي: عقوباتها، فإن العقوبةَ تسوءُ صاحبَها وتقبحُ عنده، أو سيئاتُ أعمالهم، أي: أعمالُهم السيئات... (روح المعاني).

34- ﴿ وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ﴾.
وما لكم مِن مستنقذٍ يُنقِذُكم اليومَ مِن عذابِ الله، ولا منتصرٍ ينتصرُ لكم ممَّن يعذِّبُكم فيستنقذُ لكم منه. (الطبري).

35- ﴿ ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ﴾.
ذلكمُ العذابُ الذي جُزيتُم به، هو بسببِ اتِّخاذِكم دلائلَ اللهِ ومُعجزاتهِ سُخريةً ولعبًا، وخدعتكمُ الحياةُ الدُّنيا بزخارفِها وشهواتِها حتَّى استسلمتُم لها، وقلتُم لا حياةَ سواها. فاليومَ لا يَخرجونَ مِن النَّار.. (الواضح).

36- ﴿ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾.
﴿ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ ﴾ على نِعَمهِ وأياديهِ عندَ خَلقه، فإيّاهُ فاحمَدوا أيُّها الناس، فإنَّ كلَّ ما بكم مِن نعمةٍ فمنه دونَ ما تعبدونَ مِن دونهِ مِن آلهةٍ ووثن، ودونَ ما تتَّخذونَهُ مِن دونهِ ربًّا وتشركونَ به معه، مالكِ السماواتِ السبع، ومالكِ الأرَضينَ السبع، ومالكِ جميعِ ما فيهنَّ مِن أصنافِ الخلق. (الطبري).

37- ﴿ وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾.
وله العظمةُ والسلطانُ في السماواتِ والأرضِ دونَ ما سواهُ مِن الآلهةِ والأنداد. وهو العزيزُ في نقمتهِ من أعدائه، القاهرُ كلَّ ما دونه، ولا يَقهرهُ شيء، الحكيمُ في تدبيرهِ خَلقه، وتصريفهِ إيّاهم فيما شاءَ كيفَ شاء. واللهُ أعلم. (الطبري).

الجزء السادس والعشرون

سورة الأحقاف
4- ﴿ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ﴾.
أم لآلهتكم التي تعبدونها - أيها الناسُ - شركٌ مع الله في السماواتِ السبع، فيكونُ لكم أيضاً بذلك حجةٌ في عبادتكموها؟ فإن من حجتي على إفرادي العبادةَ لربي أنه لا شريكَ له في خلقها، وأنه المنفردُ بخلقها دون كلِّ ما سواه. (الطبري).

7- ﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ ﴾.
أي: في حالِ بيانِها ووضوحِها وجلائها. (ابن كثير).

8- ﴿ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ﴾.
فسَّرهُ الطبريُّ بقوله: كفَى باللهِ شاهدًا عليَّ وعليكم بما تقولونَ مِن تكذيبِكم لي فيما جئتُكم به مِن عندِ الله.

10- ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾.
إنَّ اللهَ لا يوفِّقُ لإصابةِ الحقِّ وهَدي الطريقِ المستقيمِ القومَ الكافرينَ الذينَ ظلموا أنفسَهم بإيجابهم لها سخطَ اللهِ بكفرهم به. (الطبري).

11- ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ ﴾.
أي: قالوا عن المؤمنين بالقرآن: لو كان القرآنُ خيراً ما سبقَنا هؤلاء إِليه، يعنون بلالاً وعمّاراً وصهيباً وخبّاباً رضيَ الله عنهم، وأشباهَهم وأضرابهم من المستضعفين والعبيدِ والإماء، وما ذاك إلا لأنهم عند أنفسهم يعتقدون أن لهم عند الله وجاهة، وله بهم عناية. وقد غلطوا في ذلك غلطاً فاحشاً، وأخطأوا خطأً بيِّناً، كما قالَ تباركَ وتعالى: ﴿ وَكَذٰلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِّيَقُولوۤاْ أَهَـٰؤُلاۤءِ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَآ ﴾ [سورة الأنعام: 53] أي: يتعجبون كيف اهتدَى هؤلاء دوننا، ولهذا قالوا: ﴿ لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْهِ ﴾. (ابن كثير).

12- ﴿ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ ﴾.
﴿ وَرَحْمَةً ﴾ لهم أنزلناهُ عليهم.
﴿ وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ ﴾: وهو بُشرَى للذين أطاعوا اللهَ فأحسَنوا في إيمانِهم وطاعتِهم إيّاهُ في الدنيا، فحَسُنَ الجزاءُ مِن اللهِ لهم في الآخرةِ على طاعتِهم إيّاه. (الطبري).

15- ﴿ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾.
﴿ وَعَلَى وَالِدَيَّ ﴾: جمعَ بين شكرَي النعمةِ عليه وعلى والديه؛ لأن النعمةَ عليهما نعمةٌ عليه.
﴿ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ ﴾ من كلِّ ذنب، ﴿ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾: المخلصين. (النسفي).

16- ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ
فهؤلاءِ نتقبَّلُ عنهم طاعاتِهم وأعمالَهم الصَّالحةَ التي عملوها في الحياةِ الدُّنيا، ونغفرُ لهم سيِّئاتِهم فلا نعاقبُهم عليها، فهم مِن أصحابِ الجنَّة، وَعْدَ الصِّدقِ الذي وعدَهمُ اللهُ به، وهو أنْ يتقبَّلَ منهم طاعتَهم، ويتجاوزَ عن سيِّئاتِهم. (الواضح).

17- ﴿ وَيْلَكَ آَمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ﴾.
أي: صدِّقْ بوعدِ الله، وأقرَّ أنكَ مبعوثٌ مِن بعدِ وفاتك، إنَّ وعدَ اللهِ الذي وعدَ خَلقَهُ أنه باعثُهم من قبورِهم، ومُخرِجُهم منها إلى موقفِ الحسابِ لمجازاتِهم بأعمالِهم، حقٌّ لا شكَّ فيه. (الطبري).

18- ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ ﴾.
من الأممِ الذين مضَوا قبلَهم مِن الجنِّ والإنس، الذين كذَّبوا رسلَ الله، وعتَوا عن أمرِ ربِّهم، إنهم كانوا المغبونينَ ببيعِهم الهُدَى بالضلال، والنعيمَ بالعقاب. (الطبري).

19- ﴿ وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾.
وجميعُهم لا يُظلمون، لا يُجازي المسيءَ منهم إلا عقوبةً على ذنبه، لا على ما لم يعمل، ولا يَحملُ عليه ذنبَ غيره، ولا يَبخسُ المحسنَ منهم ثوابَ إحسانه. (الطبري).

20- ﴿ فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ ﴾.
بما كنتُم تتكبرَّون في الدنيا على ظهرِ الأرضِ على ربِّكم، فتأبون أنْ تُخلِصوا له العبادة، وأنْ تُذعِنوا لأمرهِ ونهيه، ﴿ بِغَيْرِ الْحَقِّ ﴾ أي: بغيرِ ما أباحَ لكم ربُّكم وأذنَ لكم به، ﴿ وبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ ﴾ يقول: بما كنتُم فيها تخالفون طاعتَهُ فتعصُونه. (الطبري).

21- ﴿ وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾.
وقد مضتِ الرسلُ بإنذارِ أممِها ﴿ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ﴾ يعني: من قبلِ هود، ﴿ وَمِنْ خَلْفِهِ ﴾ يعني: ومن بعد ِهود، ﴿ ألاَّ تَعْبُدُوا إلاَّ اللَّهَ ﴾ يقول: لا تُشركوا مع اللهِ شيئًا في عبادتِكم إيَّاه، ولكنْ أخلِصوا له العبادة، وأفرِدوا له الألوهة، أنه لا إله غيره، إني أخافُ عليكم أيها القومُ بعبادتِكم غيرَ اللهِ عذابَ اللهِ في يومٍ عظيم، وذلكَ يومٌ يَعظمُ هولُه، وهو يومُ القيامة. (الطبري، باختصار).

25- ﴿ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ
﴿ بِأَمْرِ رَبِّهَا ﴾ أي: بإذنِ اللهِ لها في ذلك.
﴿ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ ﴾: أي: هذا حكمُنا فيمن كذَّبَ رسلَنا، وخالفَ أمرنا. (ابن كثير).

26- ﴿ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾.
إذ كانوا يكذِّبون بحججِ الله وهم رسلُه، وينكرون نبوَّتهم، ﴿ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤون ﴾ يقول: وعادَ عليهم ما استهزَؤوا به، ونزلَ بهم ما سخروا به، فاستعجلوا به من العذاب. وهذا وعيدٌ من الله جلَّ ثناؤهُ لقريش، يقولُ لهم: فاحذروا أن يحلَّ بكم من العذابِ على كفركم بالله وتكذيبكم رسلَهُ ما حلَّ بعاد، وبادِروا بالتوبةِ قبل النقمة. (الطبري).
يتبع



الساعة الآن : 03:53 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 1,307.74 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 1,305.97 كيلو بايت... تم توفير 1.77 كيلو بايت...بمعدل (0.14%)]