فوائد من كتاب التّفسير اللُّغويّ
فوائد من كتاب التّفسير اللُّغويّ (1) صلاح عباس فقير بطاقة الكتاب: الكتاب: التفسير اللغوي للقرآن الكريم. المؤلف: د. مساعد بن سليمان بن ناصر الطيار. الناشر: دار ابن الجوزي، 1422، ط 1. كتاب التّفسير اللّغوي، للدكتور مساعد الطيار، يُعتبر من البحوث ذوات الفوائد الجزيلة، خصوصاً فيما يتعلّق بمكانة اللغة العربية من العلوم الشرعية، وبخاصّةٍ من علم التّفسير، رأيت أن أعمل على اقتناص بعض فوائده، ووضعها بين يدي القارئ الكريم، فهذه الحلقة الأولى، وقد جعلتُ كلّ مجموعةٍ من الفوائد تحت عنوانٍ يدُلُّ عليها، متتبّعاً في ذلك الكتاب من أوله إلى آخره، وإذا اضطُررتُ إلى حذف بعض النّص، فذلك سيكون على سبيل الاختصار، وعندئذٍ أضع علامة الحذف (...)، فلنبدأ بعون الله وتوفيقه: 1- {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه}، أو: أهمية معرفة لسان القوم لمعرفة رسالة الرّسول: "ولما كان الأمر كذلك، كانت لغة العرب من أهم المصادر وأوثقها في معرفة كلام الله تعالى، وكان من أهم ما فيها –وهو من بدايات علم التفسير- معرفة دلالات الكلام، أي معاني الألفاظ، التي يدور عليها كثير من علم التفسير، ليُعرف المراد بالخطاب، وهذا مما لا يسع الجهل به لمن أراد علم التفسير". (ص5) "من رام معرفة مدلولاتها من غير لغته، أو اعتمد معاني محدثةً أو مولّدة أو مصطلحات ليست من لغته= كان من أهل التحريف والزّيغ، كمن فسّر (استوى) بأنه (استولى) ، (...) أو من فسّر الذّرّة الواردة في القرآن على أنّها الذّرّة التي يحكيها علماء الفيزياء والكيمياء." (ص5) "فمن أورد معنىً لا تعرفه العرب كان ذلك ممّا يدلُّ على بطلانه، إذ المعاني محدودة محصورة، ومدوّنة مشهورة" يقول في الهامش: "المراد هنا تفسير المفردات والجمل والتراكيب، أما الاستنباط فليس له حدٌّ، لأنّه يعتمد على العقل". (ص6) "وبهذا تكون اللّغةُ التي ثبتت حتى عصر الاحتجاج، بنقل العدول من علماء التَّفسير واللّغة وغيرهم = هي اللغة التي يُرجع إليها في تفسير كلام الله، وما عداها لا يُعتمد عليه، ولا يُوثق به". (ص6) 2- التّفسير المأثور عن الصحابة والتّابعين: معظمُه تفسيرٌ لُغويٌّ: "وإذا تأمّلت تفسير القرآن في الآثار المنقولة عن الصحابة أو التابعين أو أتباعهم، وفرزت كلّ نوعٍ من هذه الآثار المنقولة، فإنك ستجد ما كان مرجعه اللّغة له الحظ الأوفر، والنّصيب الأكثر، بل ستجد أنّ تعدد مدلولات لفظٍ من ألفاظ القرآن في لغة العرب، كان سبباً في اختلاف المفسّرين، فمنهم من اجتهد رأيه واعتمد معنىً، ومنهم من اجتهد رأيه واعتمد معنى آخر، كلاهما كان معتمده الأول ورود هذا المعنى في لغة العرب، ثم صحة حمل هذا اللفظ على الآية." (ص6) 3- معنى التفسير اللّغوي: "التّفسير اللُّغويّ: بيانُ معاني القرآن، بما ورد في لغة العرب" (ص 38) "والمراد بما ورد في لغة العرب: ألفاظها وأساليبها التي نزل بها القرآن" (ص39) 4- تأكيد الإمام الشاطبيّ على أهمية فهم اللغة لفهم الشريعة: "وقال الشاطبيُّ: "لا بد في فهم الشريعة من اتّباع معهود الأميين، وهم العرب الذين نزل القرآن بلسانهم، فإن كان للعرب في لسانهم عرف مستمر، فلا يصح العدول عنه في فهم الشريعة، وإن لم يكن ثمّة عرفٌ، فلا يصحّ أن يُجرى في فهمها على ما لا تعرفه، وهذا جارٍ في المعاني والألفاظ والأساليب: الموافقات: 2/56". (ص41) 5- أنموذج في الزلل والتحريف ناشئ عن عدم اعتبار اللغة: ومن الأمثلة التي تدلّ على الوقوع في الزلل والتّحريف: ما وقع لعمرو بن عبيد، قال ابن خالويه: كان عمرو بن عبيد يؤتَى من قلّة المعرفة بكلام العرب... وقد كان كلّم أبا عمرو بن العلاء في الوعد والوعيد، فلم يُفرّق بينهما، حتّى فهمه أبو عمرو، وقال: ويحك، إنّ الرجلَ العربيَّ إذا وعد أن يُسيء إلى رجلٍ، ثمّ لم يفعل، يُقال: عفا وتكرّم، ولا يُقال: كذب! (ص43) 6- يحيى العلوي يُبين أنّ الفهم الباطنيّ يقوم على تجاوز معاني اللّغة العربية: "قال يحيى العلوي: اعلم أنّ فريقاً من أهل الزّيغ، يزعمون أنّهم يُصدّقون بالقرآن، أنكروا تفسيره من اللغة، وأنه لا يمكن الوقوف على معانيه منها، ولا مجال فيه لاستعمال النظر، وسلوك منهج الاستدلال، وإنما يوجد معناه عندهم من الأئمّة المعصومين بزعمهم، وهم فرق ثلاث: الحشوية، والباطنية، والرّافضة، وذلك لأنّ القرآن لما كان مصرّحاً بفساد مذهبهم، وموضحاً لفضائحهم حاولوا دفعه، موهمين أنّ القرآن لا يدلّ على فساد مذهبهم؛ لأنّ معناه لا يمكن أخذه من جهة اللغة، يُريدون بذلك ترويج مذاهبهم الرديئة، وتسويغ تأويلاتهم المنكرة... وأعظمهم في الضرر وأدخلهم: هؤلاء الباطنية، فإنهم تلبّسوا بالإسلام، وتظاهروا بمحبة أهل البيت في الدعاء إلى نصرتهم، فاستلبوا بذلك قلوب العامّة، ولبّسوا عليهم الأمر بدقّة الحيل، ولطيف الاستدراج: مشكاة الأنوار الهادمة لقواعد الباطنية الأشرار، تحقيق د. محمد السيد الجليند: ص 144، 145.." (ص 48، 49). |
رد: فوائد من كتاب التّفسير اللُّغويّ
فوائد من كتاب التّفسير اللُّغويّ (2) صلاح عباس فقير 1- مصادر أخرى للتّفسير غير اللُّغة: "وإذا كان هذا شأنَ اللّغةِ في تفسير القرآن، فهل يعني هذا أنّه يمكن أن تستقلّ بتفسير القرآن؟ مع ما سبق ذكره من أٌقوال العلماء، في أهمية معرفة اللغة، في تفسير القرآن، إلا أنهم ذكروا أنّ اللغة بمجردها لا تستقلُّ به. وهذا يعني أنّ اللغة ليست المصدر الوحيد الذي يمكن لمن أحكمه أن يفسر القرآن، إذ لا بد للمفسر من معرفة مصادر أخرى، يعتمد عليها في تفسيره: كالسُّنة النبوية، وأسباب النزول، وقصص الآي، وأحوال من نزل فيهم الخطاب، وتفسيرات الصحابة والتابعين وتابعيهم، وغيرها من المصادر التي لا يمكن أخذها عن طريق اللّغة، وبهذا يُعلم أنّ التفسير اللغويّ جزءٌ من علم التفسير، ومع أنّ حيِّزه كبير، فإنه لا يستقل بتفسير القرآن" (ص50). (قسمها في ص61 إلى أولاً: مصادر نقلية، وهي هذه التي ذكرها هنا إضافةً إلى ما يروونه عن أهل الكتاب أي الإسرائيليات، ثانياً: مصادر استدلالية) قال: "وإذا تأمّلت التفسير باللغة، فإنك ستجد أنّ هذا المصدر يتنازعه النقل والاستدلال، ذلك أنّ التفسير المعتمد على اللغة إذا كان لا يحتمل إلا معنى واحداً، فإنه أشبه بالمصادر النقلية؛ لعدم وجود احتمالٍ آخر في تفسيره يحتاج إلى استدلال، وإذا كان يحتمل أكثر من معنىً، فإنّ حمله على أحد هذه المُحتملات يعتمدُ على الرأي والاجتهاد، وبذا يكونُ داخلاً في الاستدلال، والله أعلم" (ص63). 2- طبقات علماء السَّلف في التفسير: "وإذا نظرتَ إلى الّذين فسروا القرآن، وجدتَ أول المفسرين الرسول صلى الله عليه وسلم، ويدلُّ لذلك قوله تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتُبيّن للنّاس ما نُزّل إليهم}. ثمّ جاء بعده الصحابة الكرام رضي الله عنهم الذين نزل القرآن بلغتهم، وشهدوا التنزيل، وعرفوا أحوال من نزل فيهم الخطاب من المشركين وأهل الكتاب، فتصدّى بعضهم لعلم التفسير، حتى صار مبرّزاً فيه كعبد الله بن مسعود الهذليّ، وعبد الله بن عباس بن عبد المطلب. ثم لحق بالصحابة أعلام التابعين ممّن تتلمذ عليهم، وبرز في علم التفسير، كسعيد بن جبير، ومجاهد بن جبر، وقتادة بن دعامة السدوسي، وغيرهم. ثم حمله في جيل أتباع التابعين بعض أعلام المفسرين، كإسماعيل السُّدي الكوفي، وعبد الملك بن جُريج المكي، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم المدنيّ، ويحيى بن سلام البصريّ. وهذه الطبقات الثلاث (أي الصحابة والتابعون وأتباعهم) هي التي اعتمد النّقلَ عنها علماءُ التفسير، ومن كتب فيه من المتقدمين، كعبد الرزاق بن همّام الصّنعاني، وعبد بن حُميد الكشِّي، ومحمد بن جرير الطبري، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وغيرهم. وإذا أُطلق مصطلح السلف في علم التفسير، فإن المراد به علماء هذه الطبقات الثلاث، لأنّ أصحابها أولُ علماء المسلمين الذين تعرّضوا لبيان القرآن، وكان لهم فيه اجتهاد بارز، وقلّ أن تجد في علماء الطبقة التي تليهم من كان مشهوراً بالتفسير والاجتهاد فيه، بل كان الغالب على عمل من جاء بعدهم في علم التفسير، نقلَ أقوال علماء التفسير في هذه الطبقات الثلاث أو التّخيّر منها والترجيح بينها، كما فعل الإمام محمد بن جرير الطبري" (ص57، 58). 3- "هل ورد عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم تفسيرٌ لغويٌّ؟ لقد استقرأتُ التّفسير النَّبويَّ للقرآن الكريم، ووجدت أنّه لم يُفسر للصّحابة من ألفاظ القرآن إلا ما احتاجوا إليه، وهو قليل، ومن ذلك تفسيره معنى الوسط في قوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً} قال: (الوسط العدل) (أخرجه البخاري) ومنه تفسيره الخيط الأبيض والأسود في قوله تعالى: {وكلوا واشربوا حتّى يتبيّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} عندما أشكل على عديِّ بن حاتم، ففسّره له صلى الله عليه وسلم بأنه بياض النهار وسواد اللّيل(أخرجه البخاري). وهذا يعني أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتأولون القرآن على ما يفهمونه من لغتهم، لوضوح ذلك عندهم، فإذا أشكل عليهم منه شيء سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدث من عديِّ بن حاتم، وممّا يعزّز ورود الاجتهاد عنهم: 1.حديث ابن مسعود، قال: (لما نزلت {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} قلنا: يا رسول الله، وأيُّنا لم يظلم نفسه؟ قال: ليس كما تقولون، لم يلبسوا إيمانهم بظلم: بشرك، ألم تسمعوا إلى قول لقمان لابنه: {يابُنيّ لا تشرك بالله إنّ الشرك لظلم عظيم}، إنّ هذا الحديث يدلّ على أنّ الصحابة رضي الله عنهم كانوا يجتهدون في فهم القرآن الذي نزل بلغتهم على ما يفهمونه منها، فإن أشكل عليهم منه شيءٌ سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا ظاهر من الحديث؛ لأنهم جعلوا معنى الظلم عاماً على ما يعرفونه من لغتهم، فأرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المعنى المراد به في الآية، ونبّههم إلى أن المعنى اللّغوي الذي فسّروا به الآية غيرُ مراد، ولم ينههم عن أن يفسّروا القرآن بلغتهم، ولو كان هذا المسلك خطأً لنبَّههم عليه، والله أعلم. 2. ما وقع بين الصَّحابة رضي الله عنهم من خلافٍ محقّقٍ في تفسير بعض الألفاظ القرآنيَّة التي لها أكثر من دلالة لغوية، فحملها بعضهم على معنىً، وحملها الآخرون على معنىً آخر، وهذا يدلُّ على أنهم لم يتلقّوا عن النبي صلى الله عليه وسلم بياناً نبويّاً في هذه اللفظة، ولو كان عند أحدٍ منهم بيان لما وقع مثل هذا الاختلاف. ومن أشهر الأمثلة التي يمكن أن يُمثّل بها: اختلافهم في لفظ "القرء" (...) لفظ عسعس (...) والأمثلة (...) كثيرة جداً، والمقصود هاهنا ذكر المثال.(ص64- 67)" |
رد: فوائد من كتاب التّفسير اللُّغويّ
|
رد: فوائد من كتاب التّفسير اللُّغويّ
فوائد من كتاب التّفسير اللُّغويّ (4) صلاح عباس فقير التّفسير اللُّغويُّ عند اللُّغويِّين · مقدّمة: لا زلنا نواصل التّنزّه في ربوع هذا الكتاب المزدهرة، والّذي يُلقي أضواءً كاشفةً على تلك القضية المهمة التي طرحناها في حلقات سابقة، من خلال هذه النافذة، ألا وهي قضية العلاقة بين اللغة والشرع، هذا إضافةً إلى ما يحمله هذا البحث الفريد الّذي نقوم باختصاره، أو باقتطاف بعض ثمراته، ليُتاح للقارئ من خلاله الإلمام برؤية متكاملة عن موضوع التّفسير اللّغويّ، الّذي ربما ظلّ قبل هذا البحث ظاهرةً مجهولةً، أو لا يدرك الكثيرون أبعادها، فإذا بالدكتور مساعد الطيار، يكشف عنها، ويستكشف جوانبها المختلفة، وكنا في الحلقة الماضية قد قدّمنا نبذةً تعريفيّة عن التفسير اللغوي عند السلف، وهاذي الآن وقفةٌ عند التفسير اللغوي عند اللغويين أنفسهم: · من هم اللّغويّون؟ "اللُّغويّون هم المشتغلون بجمع ألفاظ العرب ومعرفة دلالاتها واشتقاقها وتصريفها، ومعرفة أساليبها في الخطاب، والاستدلال لذلك بلغة العرب من شعرٍ أو نثرٍ" (ص108)، "برزوا في القرن الثّاني الهجريّ، وكان ظهورهم إيذاناً ببروز هذا التخصص العلميّ، الّذي لم يكن يُنسب قبلهم إلى أعلامٍ في جيل الصّحابة والتّابعين، أي أنك لا تكاد تجد في هذين الجيلين من وُصِف بأنّه فلانٌ اللُّغويُّ" (ص109). "وكان ظهور هذا التّخصّص أثراً من آثار الاهتمام بتقويم اللّسان العربيّ، الّذي أصابه شيءٌ من الخلل بدخول غير العرب في الإسلام. وكانت بداية التّوجّه إلى تقويم اللّسان، كما ذهب إليه كثيرٌ من الباحثين على يد أبي الأسود الدُّؤلي (ت69)، وقيل إنّه أخذ مبادئه عن عليِّ بن أبي طالب (ت40)" (ص111 /112). "ولاستجلاء مشاركة اللغويين في التفسير اللغوي، رجعتُ إلى تراجمهم وفهارس كتبهم، ثم قرأت ما وقع بين يدَيّ من كتب أعلام هذه الفترة من اللغويين... وجدتُ أنَّ مشاركة اللغويين في التفسير كانت على قسمين: الأول: مشاركة غير مباشرة في تفسير القرآن. والثاني: مشاركة مباشرة في تفسير القرآن" (ص114). · "القسم الأول: المشاركة غير المباشرة": "تبرز مشاركة اللغويين غير المباشرة في أنماط التأليف اللغوي التي سلكها اللغويون في الكتابة اللغوية، وكانت كتب النوادر من أقدم ما ظهر من أنماط التأليف اللغوي، وكان عمرو بن العلاء (ت145) أولَ من ذُكر له كتابٌ في "النوادر""(ص114) "النوادر معجم محشوٌّ بالمواد اللغوية من شاذّ وغريب ونادر"(هـ ص114). ثم يذكر الدكتور مساعد أن كتب النوادر تندرج في إطار الكتابة على أسلوب الموضوعات، التي هي "أسبق التأليفات اللّغوية، وأغلب ما كُتب كان في موضوعٍ واحد، ككتب الفروق، والنوادر، والأضداد، والنبات، وخلق الإنسان، والأنواء، وغيرها، وقد ظهر جمعُ هذه الموضوعات في كتابٍ واحدٍ، عند أبي عبيد (ت244) في كتابه (الغريب المصنف)، حيث جعل لكلّ موضوعٍ باباً مستقلاً" (ص114). وبالإضافة إلى الكتابة على أسلوب الموضوعات، كان هناك أسلوب الكتابة على الحروف، يقول الدكتور: "كانت الكتابة على الحروف تهدف إلى استيعاب ألفاظ العرب، وكانت البداية فيها بكتاب العين المنسوب للخليل" (ص115). قال: "وسأذكر كيف كان التفسير اللغوي في هذين الضربين من الكتابة، مع ذكر الأمثلة لذلك:" (ص115). · "أولاً: التفسير اللّغويُّ في كتب الموضوعات": "1- يظهر من كتب اللغة التي كتبت على نمط الموضوعات، أن التفسير لم يكن قصداً أوّليّاً من مقاصد اللّغويّ في كتابه" (ص115). 2- غالبُ ما جاء في التفسير، كان تفسير ألفاظٍ قرآنيّة مفردة... 1- غالباً ما يذكر اللغوي معنى اللفظة في لغة العرب، ثمّ يذكر الآية التي ورد فيها هذا اللفظ" (ص116)... · "ثانياً: التفسير اللغوي في معاجم الحروف: يُعدّ كتاب العين أول معجم عربيٍّ سار في ترتيبه على الحروف، سواءً أكان كاتبه الخليل بن أحمد... أم كان تلميذه الليث بن المظفر. وسأجعله مثالاً... ومن الملاحظ أنّ اللغوي في هذه الكتب قد يورد اللفظ القرآنيّ دون ذكر الآية التي ورد فيها، ... (ص119) الغالب عليها أنها تذكر الآية التي وردت فيها اللفظة" (ص122). هذا كلّه في إطار الم شاركة غير المباشرة للّغويّين في تفسير القرآن، فماذا عن المشاركة المباشرة؟ هذا هو موضوع الحلقة القادمة، بإذن الله تعالى! |
رد: فوائد من كتاب التّفسير اللُّغويّ
فوائد من كتاب التّفسير اللُّغويّ (6) صلاح عباس فقيرhttp://fiqh.islammessage.com/Files/l...قرآنالكريم.jpg الكتاب: التَّفسير اللُّغويُّ للقرآن الكريم. المؤلف: د. مساعد بن سليمان بن ناصر الطَّيَّار. الناشر: دار ابن الجوزيِّ، 1422، ط 1. مسائل في نشأة التّفسير اللُّغويّ مقدّمة: يتّصل حديثنا في الحلقة السّادسة من حلقات هذه السّلسلة، الّتي نهتمّ فيها باقتناص فرائد وفوائد هذا الكتاب المتميّز في بابه، والّذي يُسلّط فيه الدكتور مساعد بن سليمان الطيار، أضواءً كاشفةً على حقيقةٍ لم تلقَ ما تستحقّه من الاهتمام، حقيقةٍ تؤكّد ما أكّده من قبل الإمام الشّاطبيُّ، من أنّ "هذه الشّريعة المباركة عربيةٌ"، وأنّها "من جهة لسان العرب ينبغي أن تُفهم"، فالدكتور الطّيار يكشف من خلال هذا الكتاب، وفيما يتعلّق بتفسير القرآن الكريم، الّذي هو المصدر الأول للفقه والتّشريع، أنّ ما يُسمّى بالتّفسير المأثور عن الصّحابة والتّابعين، هو في الحقيقة تفسيرٌ لُغويٌّ في معظمه، وقد اطّلعنا في الحلقات الماضية، على نصوصٍ من كلام الدكتور مساعد، تعرّفنا من خلالها على التّفسير اللّغويّ: نشأته ومكانته -وهو الباب الأول من أبواب الكتاب الثلاثة- وبقي لنا منه بعض المسائل المتعلّقة بنشأة هذا الضّرب الأساسيِّ من ضروب تفسير القرآن، والّتي ستكون موضوع هذه الحلقة بإذن الله تعالى. المسألة الأولى: في سبق السّلف في علم التّفسير: "كان علم التّفسير علماً مستقلّاً قائماً بذاته، منذ عهد الصحابة رضي الله عنهم، وكان لهذا العلم أعلامه البارزون، كعبد الله بن مسعودٍ الهُذَليّ، وعبد الله بن عباس. ثمّ حمله من بعدهم جمعٌ من أعلام جيل التّابعين، كأبي العالية الرّياحي، وسعيد بن جبير، وعامر الشعبي، ومجاهد بن جبر، والضحاك بن مزاحم، وعكرمة، والحسن البصري، وقتادة بن دعامة السدوسي، ومحمد بن كعب القرظي، وزيد بن أسلم، وغيرهم، وكان مفسّرو التّابعين أكثرَ طبقات السّلف مشاركةً في التّفسير. ثمّ حمله في جيل التَّابعين أمثال: إسماعيل بن عبد الرحمن السُّدّي، والرّبيع بن أنس البكريّ، ومحمد بن السّائب الكلبي، ومقاتل بن حيّان البلخيّ، ومقاتل بن سليمان البلخي، وعبد الملك بن جُريج المكّي، وسفيان بن سعيد الثوريّ، وعبد الرّحمن بن زيد المدنيّ، ويحيى بن سلام البصريّ، وغيرهم." (ص 143 / 144). "وقد برزت كتابة التفسير وتدوينه في عهد التّابعين وأتباعهم، وكان لهم في ذلك صحائف وكتب" (ص144). وعدّد الدكتور مساعد منها حوالي عشرةً، ثمّ قال: "وليس ما ذكرتُه على سبيل الحصر" (ص147). ثمّ قال: "وفي عهد أتباع التّابعين ظهر اللُّغويّون الّذين شاركوا في التّفسير" (ص148)، على نحو ما رأيناه سابقاً، ثمّ يستنتج الطّيار هاتين النّتيجتين المهمّتين: "أنّ السّلف قد سبقوا اللُّغويّين في التّفسير، تعلُّماً وتعليماً وتدويناً" و"أنّ كتب السلف ورواياتهم في التّفسير، كانت متيسّرةً للُّغويِّين الّذين دوّنوا اللّغة، وكان من المتوقّع أن يستفيدوا منها في تدوين ألفاظ اللّغة وثبوتها"، يقول: "ولكنّ الحاصلَ غيرُ ذلك كما سيأتي"(ص148). ولسوف نترقّب الصفحات التّاليات؛ لنرَ سببَ إعراض اللّغويّين عمّا سطره مفسرو السّلف، وما أدّى إليه ذلك من أثر! المسألة الثَّانية: شُمول التّفسير بين السّلف واللُّغويِّين: "لقد كان تفسيرُ السّلف شاملاً للقرآن"، ويذكر في الهامش روايةً وردت في كتاب الجرح والتّعديل لابن أبي حاتم: 3/319، عمّن روى عن الضّحّاك "تفسير القرآن سورةً سورةً"(ص149). ثمّ يذكر إضافةً لذلك، أنّ تفسير السلف "كان يشمل كلّ ما يتعلّق ببيان القرآن، من تفسير القرآن بقرآن، أو بسنّة، أو بلُغة، أو بسبب نزولٍ، أو ببيان حكمٍ، أو غيرها من أنواع البيان التي تدخل في مصطلح التّفسير، ...، أمّا اللّغويّون، فغلب التّفسير اللّغويّ على مشاركتهم في التّفسير، ولعلّ سبب ذلك أنّ أصل بحث اللّغويّين كان في اللّغة، ... أمّا السّلف فكان أصل بحثهم بيان القرآن"(ص149). ثمّ يذكر د. الطيار أول أثرٍ من آثار عزوف اللّغويّين عن تراث السّلف، يقول: "ولقد أوقع سبقُ النَّظر اللُّغويّ بعض اللّغويّين في ذكر أٌقوالٍ تعتمد على معنىً قليلٍ أو شاذٍّ أو مشكوكٍ في صحّته"(ص150)، ويذكر عدّة نماذج، تؤكّد على أنّ سبق النظر اللّغويّ، جعل بعض اللّغويّين يعتمدون أقوالاً شاذّةً في اللّغة، لمجرّد أنّها قد وردت عن العرب، ويُعلّق على أحد هذه النّماذج قائلاً: "ولا يُتركُ المعنى المشهور والمتبادر للّفظة إلى معنىً غامضٍ غريبٍ، إلا بدليلٍ يدلُّ عليه، ولا يوجد هاهنا إلا الاحتمال واستعمال اللغة، وليس ذلك كافياً في ترك المشهور، إذ لو أُورِدَتْ على الآية كلُّ المحتملاتِ؛ لاتّسع التّفسير، ودخله كثيرٌ من الأقوال المرذولة"(ص151). نقف في هذه الحلقة، عند هاتين المسألتين، ونواصل بإذن الله في الحلقات التّالية، عرضَ بقيّة المسائل، والله الموفّق لما فيه الخير! |
رد: فوائد من كتاب التّفسير اللُّغويّ
|
رد: فوائد من كتاب التّفسير اللُّغويّ
|
رد: فوائد من كتاب التّفسير اللُّغويّ
|
رد: فوائد من كتاب التّفسير اللُّغويّ
|
رد: فوائد من كتاب التّفسير اللُّغويّ
|
رد: فوائد من كتاب التّفسير اللُّغويّ
فوائد من كتاب التّفسير اللُّغويّ (12) صلاح عباس فقير فوائد من كتاب التّفسير اللُّغويّ (12) الكتاب: التَّفسير اللُّغويُّ للقرآن الكريم. المؤلف: د. مساعد بن سليمان بن ناصر الطَّيَّار. الناشر: دار ابن الجوزيِّ، 1422، ط 1. مصادر التّفسير اللُّغويّ: كتب معاني القرآن مصادر التّفسير اللُّغويّ: كتب غريب القرآن مقدّمة: في الحلقات الثّلاثة الماضية، تعرّفنا على المصدرين الأوَّل والثّاني من (مصادر التّفسير اللّغويّ)، ألا وهي: كتب التّفسير، وكتب معاني القرآن، في هذه الحلقة سنتعرّف بإذن الله على المصدر الثالث، ألا وهو كتبُ غريب القرآن، فما المرادُ بغريب القرآن؟ المراد بغريب القرآن: يذكر الدكتور مساعد قول الخليل في كتاب العين: "الغريبُ: الغامض من الكلام"، ثم يقول: "وفي مدلول مادة (غرب) معنى البعد، فالغامضُ من الكلام يكون بعيداً عن الفهم والإدراك. أمّا معناه في اصطلاح كتب غريب القرآن، فيذكر الدكتور أنّه أوسع من ذلك، "إذ يُراد به تفسير ألفاظ القرآن تفسيراً لغويّاً" مدعّماً بالشواهد أو لا. "وألفاظ القرآن، على قسمين: قسمٍ يعرفه العامّة والخاصّة، كالسماء والأرض... وقسمٍ يحتاج في بيانه إلى أهل العلم، كالدُّلوك والسّرمد..."، ثمّ قال: "وقد تتجاوز بعضُ كتب غريب القرآن إلى غير الألفاظ، فتُبيّنها (ص329) كالمبهمات من الأعلام في الآي، وأسباب النزول وغيرها"، وهنا تثور هذه المسألة: مسألة: ما العلاقة بين كتب غريب القرآن، وكتب معاني القرآن؟ يُجيب: "(غريب القرآن) جزء من علم (معاني القرآن)، لا ينفكّ عنه، لأنّه لا يمكن بيان المعنى دون معرفة مدلول الألفاظ"، فهي جزءٌ منه "وإن استقلت بالتأليف". فما هي أوّلُ كتب غريب القرآن؟ بدأ ظهورها في عهد أتباع التابعين، يقول: "وقد نسب بعض الباحثين الّذين ذكروا كتب غريب القرآن، كتابةً في غريب القرآن لابن عباس"، وهي: "1 - غريب القرآن، لابن عباس، بتنقيح عطاء بن أبي رباح. (ص329). 2 - مسائل نافع بن الأزرق، وقد جاوزت هذه المسائل المائتين وخمسين مسألة، وقد وردت من طرقٍ غير مرضيّة، فضلاً عمّا يدور حول كثرتها من الشك" (ص330). فيقول: "لا يصحّ نسبتها إلى ابن عباس، وفي الصحيح الوارد عنه غُنيةٌ... والعجيب أنّ هذه الرواية قد احتضنتها بعض كتب الأدب والحديث، ولم يكن لها ذكرٌ في كتب التفسير المتقدمة، ولا في كتب اللغة، مع أنها ألصق بهذين العلمين من غيرهما، ولا يبعد أن يكون لهذه الأسئلة أصلٌ، إلا أنّها لم تكن بهذه الكثرة التي أوردها الرّواة، وهذه المسائل تحتاج إلى نقد المتون بعد نقد الأسانيد....". 3 - رواية عليِّ بن أبي طلحة، وقد عنون لها محمود السّيد الدُّغيم بـ (غريب القرآن)، ...، ويظهر أنّ هذا من تصرُّفه، اعتماداً على ما أورده السيوطي في حديثه عن علم غريب القرآن..." (ص331). ثمّ يقول: "وقد كان ابتداء التأليف في علم غريب القرآن، في النصف الثاني من القرن الثاني، أي في عهد أتباع التابعين، وممّن ذُكِر له تدوينٌ فيه: زيدُ بن عليٍّ، وأبان بن تغلب، وفي النفس شيءٌ من هذين الكتابين (ص332) ... وما وجدته منقولاً عن زيد بن عليٍّ يخالف ما ورد في غريب القرآن المطبوع المنسوب إليه"(ص333). هذا، ويُعدّ كتابُ مجاز القرآن لأبي عبيدة معمر بن المثنى البصريّ، أولَ كتابٍ مطبوع من كتب غريب القرآن، بل لا يبعد أن يكون أول كتابٍ للُّغويّين يتعلّق بتفسير القرآن، نظراً للحملة الاستنكارية التي قامت عليه، مما يدلّ على أنه بدعٌ في التأليف في هذا المجال"، قال: "وسأبسط القول في ثلاثةٍ من كتب غريب القرآن": (ص334) أولاً: مجاز القرآن لأبي عبيدة: يقول: "ذُكر لأبي عبيدة أسماء كتب، وهي: غريب القرآن، ومعاني القرآن، وإعراب القرآن، ومجاز القرآن، ويظهر أنّ هذه العناوين اسمٌ لكتابٍ واحد، وعُبّر عنه بما فيه من هذه الموادّ العلميّة... إذ فيه غريبٌ كثير، وشيء من علم المعاني، وعلم النحو" (ص335). ثمّ قال: "والمجاز عند أبي عبيدة: ما يجوز في لغة العرب من التعبير عن الألفاظ والأساليب، وليس المجاز الاصطلاحي عند البلاغيين، وهذا ظاهرٌ من كتابه". ثم يقول: "لقد كانت وجهة أبي عبيدة في كتابه (مجاز القرآن) واضحةً، حيث أراد تفسير القرآن تفسيراً عربيّاً"، ويذكر الدكتور ما يُشير إلى أنّ دافع أبي عبيدة إلى تأليف هذا الكتاب هو الردّ على من يزعم بأنّ في القرآن لغاتٍ غير العربيّة. ثم تناول بعض صور التفسير اللغويّ الواردة في كتاب مجاز القرآن: وهي: "بيان المفردات وشواهدها" (ص338) "الأساليب العربية في الخطاب" (ص341) "توجيه القراءات" (ص345). ثمّ يذكر أنّ أبا عبيدة قد تعرّض للنقد بسبب منهجه اللّغويّ، من حيث "أنّ اعتماده على المنقول من التفسير، كالسنة النبوية، وآثار السّلف، وأسباب النزول، وقصص الآي كان قليلاً جدّاً" (ص347). يقول: "ويبدو أنّ ثقافته اللّغوية الثّريّة أحدثت عنده اعتداداً بعلمه، ...، حتى إنك لا ترى أثراً للنقل عن المتقدّمين من علماء السلف واللغويين"، ثم يورد قول تلميذه أبي عمرو الجرمي، أنّه سأله: "عمّن أخذتَ هذا يا أبا عبيدة؟ فإنّ هذا خلاف تفسير الفقهاء؟ فقال لي: "هذا تفسير الأعراب البوّالين على أعقابهم، فإن شئتَ فخذه، وإن شئتَ فذره" (ص348). ويذكر أنّ هذا المنهج أوقعه في بعض التفسيرات التي لا تصحُّ، كما أوقعه في ردّ بعض الوارد عن السَّلف! فلذا كان عُرضةً للنقد! (ص349). ثم يذكر أنّ أبا عبيدة اتّهم بالخروج والاعتزال، "فهل ظهر منه في كتاب مجاز القرآن ما يعضد هذا الاتهام؟" (ص357) قال: "وقد تفحصتُ كتابَ أبي عُبيدة، فلم أجد فيه شيئاً من هذه العقائد"، وذكر روايةً تُشير إلى أنّه ربما كان يُبطن الخروج! (ص359). ثانياً: تفسير غريب القرآن، لابن قتيبة: ذكر الدكتور مساعد نصوصاً لابن قتيبة من مقدمة كتابه ومن غيرها، واستنتج من ذلك: "أنّ ابن قتيبة خصّ معاني القرآن بكتابه (تأويل مشكل القرآن) وخصّ الغريب بكتابه (تفسير غريب القرآن)... أنّه اعتمد في كتابه على من سبقه من مفسري السلف وأهل اللغة... ابن عباس وقتادة ... ثم مجاهداً، ثم الحسن البصري... اعتمد على أبي عبيدة آخذاً من كتابه (مجاز القرآن) وعلى الفراء... وقد أكثر الأخذ عنهما دون أن ينص على ذكرهما" (ص364). ثالثاً: غريب القرآن لأبي بكر محمد بن عُزَيز السجستاني: يذكر الدكتور مساعد أنّ هذا الكتاب، قد لقي شهرةً واسعة وقبولاً حسناً عند العلماء، وأنّ مؤلفه كان "قد قرأ جزءاً من كتابه على شيخه أبي بكر محمد بن القائم بن بشار الأنباري. وأنّ نهجه يتمثل في: ترتيبه على حروف المعجم ألفبائيّاً، وجعل كلّ حرفٍ على ثلاثة أقسام: المفتوح ثمّ المضموم، ثم المكسور، (ص377) وأدخل حروف الزوائد في موادّ الكلمات دون إرجاعها إلى أصلها الاشتقاقي، وكان أبو عبيدة معتمده الأول، ثمّ قال: "وليس في كتاب ابن عُزيز ما يمكن إضافته إلى الظواهر اللغوية في التفسير التي وجدت عند سابقيه من كتب غريب القرآن سوى اهتمامه بالوجوه والنظائر، في بعض الألفاظ القرآنية" (ص378). ملحوظات عامّة تتعلّق بعلم الغريب: وموجزها "أنّ ترتيب هذه الكتب سار على أسلوبين": ترتيب الآيات القرآنية، وترتيب الحروف، والّذين أتوا من بعد ابن عُزيز ساروا على ترتيب الحروف، لكن بحسب أصل الكلمة، كما هو معروف في معاجم اللُّغة، ومن أمثلها كتاب الراغب الأصفهانيّ، الّذي هو "من أوسع كتب غريب القرآن وأحسنها" (ص384). وهي أنفعُ لأنها أٌقرب إلى فكرة الوجوه والنظائر التي كتب فيها مفسّرو السلف. وأن بعض العلماء جمع بين غريبي القرآن والحديث، وأن من كتب بعد استقرار اللغة، لم يأتِ بجديد يُذكر في المعاني، وأدخل الراغب شيئاً من كلام الحكماء ويعني بهم الفلاسفة، ولم يسلم غالب المتأخرين من تأثير المعتقدات المخالفة لأهل السنة. وبذلك يكتمل كلامنا في هذه الحلقة، عن المصدر الثالث من مصادر التفسير اللغوي. وفي الحلقة القادمة بإذن الله، نقف عند المصدر الرّابع، ألا وهو (كتب معاجم اللّغة). |
رد: فوائد من كتاب التّفسير اللُّغويّ
فوائد من كتاب التّفسير اللُّغويّ (13) صلاح عباس فقير فوائد من كتاب التّفسير اللُّغويّ (13) الكتاب: التَّفسير اللُّغويُّ للقرآن الكريم. المؤلف: د. مساعد بن سليمان بن ناصر الطَّيَّار. الناشر: دار ابن الجوزيِّ، 1422، ط 1. المصدران الرّابع والخامس من مصادر التّفسير اللُّغويّ مقدّمة: في الحلقات الماضية، تعرّفنا على ثلاثةٍ من (مصادر التّفسير اللّغويّ)، ألا وهي: كتب التّفسير، وكتب معاني القرآن، وكتب غريب القرآن، وفي هذه الحلقة سنتعرّف بإذن الله على المصدرين الرّابع والخامس، وهما على التوالي: كتبُ المعاجم اللّغويّة، و"كتب أخرى لها علاقة بالتفسير اللّغويّ". أولاً: كتب المعاجم اللغوية: مقدّمة عامّة في التعريف بالمعاجم اللّغويّة: يذكر الدكتور مساعد، أنّ المعاجم اللُّغويّة قسمان: "الأوّل: كتب اعتمدت على الموضوعات اللّغويّة، أي جمع الألفاظ اللّغويّة التي تتعلّق بموضوع واحد، ... ككتاب الأضداد، ... وكتاب الأنواء.. الثّاني: كتب اعتمدت على الحروف الهجائية، في ترتيب أبوابها... وهذا القسم هو الّذي ستكون الدراسة فيه، لأنه أكثر تعرّضاً لألفاظ القرآن من سابقه..." (ص388). قال: "وسأتحدث في هذا الشأن عن ثلاثة كتبٍ، من كتب المعاجم التي سارت في ترتيبها على الحروف". أولاً: كتاب العين: يذكر الدكتور مساعد، أنّ بعض العلماء قد شكّكوا في نسبة هذا الكتاب إلى الخليل بن أحمد، من رواية تلميذه اللّيث بن المظفر، ثمّ قال: "وبتصفّح الكتاب، ظهر لي ما يأتي: 1- أنّ فيه إبداعاً يُناسب عقل الخليل بن أحمد. (ص390) 2- أنّ الليث قد أدخل عليه تعليقات وسماعاتٍ سمعها من الأعراب، ... 3- أنّ هناك تعليقات أُدخلت على نصّ كتاب العين من غير اللّيث، ... ولهذا نجد في كتاب العين أسماء أشخاصٍ كانوا بعد الخليل بزمنٍ... ويبدو –والله أعلم- أنّ أصل الكتاب للخليل بن أحمد، وأنّ عليه زيادات" (ص391). ويتعجب الدكتور من "ناقدي كتاب العين، من معاصريه ومَن بعدهم، لم يُشيروا إلى إمامة كتاب العين في التَّصنيف على حروف المعجم، ..." ثم يقول: "ولما كان كتاب العين، معجماً يسير على الحروف، فإنّ منهجه في التفسير، له شبهٌ بكتب غريب القرآن، التي تذكر اللّفظ القرآنيّ، ثمّ تبيّن معناه". من صور تفسير ألفاظ القرآن في كتاب العين: "أولاً: بيان معنى اللفظة القرآنية، دون ذكر شاهدٍ عليها:" (ص392) ثانياً: الاستشهاد بالشِّعر على معنى اللّفظة القرآنيّة: ثالثاً: تفسير ألفاظٍ قرآنيّةٍ دون ذكر الآية: رابعاً: توجيه القراءات" (ص396). ثانياً: كتاب جمهرة اللّغة: "ألّف أبو بكر محمد بن الحسن بن دُريد كتابه، إملاءً... ومع تأخر زمنه فإنك لا تكاد تجد في كتابه نقلاً عن عالم لغة كوفيٍّ، ...، وقد يكون إهماله النقل عنهم سبباً من أسباب نقد معاصره نفطويه الكوفيّ وتلميذه الأزهريّ، قال الأزهريّ: "وممّن ألف في عصرنا، ووُسم بافتعال العربية (ص397) وتوليد الألفاظ التي ليس لها أصول، وإدخال ما ليس من كلام العرب في كلامهم: أبو بكر محمد بن الحسن دريد الأزدي... وتصفحت كتاب الجمهرة له، فلم أره دالاً على معرفةٍ ثاقبة، ..." وعلّق الدكتور في الهامش قائلاً: "وهذا الكلام فيه تحامل على ابن دُريد، وقد يكون الأزهريّ متأثرا بنقد شيخه نفطويه الكوفي، ونفطويه من أقران ابن دريد البصريّ" (ص398). ولا يختلف ابن دريد عن الخليل، من حيث صور التفسير في كتابه، ولك يقول الدكتور: "لقد برزت لي أثناء قراءة كتاب جمهرة اللغة ظاهرة تحرّز ابن دُريد في التّفسير، بل في نقل اللّغة كذلك"، فكان يُنهي نقله أو كلامه بعبارة: "والله أعلم بكتابه"، ويُكثِرُ من نسبة التفسير إلى غيره، ويتوقّف في أحيانٍ أخرى عن الإدلاء بشيءٍ! ثم يقول الدكتور مساعد: "ولا يخفى على من يقرأ كتب ابن دريد، ما كان لأبي حاتم (ص407) السجستاني من منزلةٍ وأثرٍ عليه، وقد كان مُكثراً من النقل عنه، والاعتماد عليه، وجائز أن يكون تأثّر به في هذا التورع في التفسير والله أعلم" (ص408). ثالثاً: كتاب تهذيب اللُّغة: "ألّف أبو منصور محمد بن أحمد الأزهريّ كتابه ... بعد بلوغه سبعين سنةً، كما يُفهم من قوله: "وكنت منذ تعاطيتُ هذا الفنّ في حداثتي، إلى أن بلغت السبعين، مولعاً بالبحث عن المعاني والاستقصاء فيها، وأخذها من مظانّها، وإحكام الكُتب التي تأتّى لي سماعها من أهل الثّبت والأمانة" قال: "وممّا يتميّز به هذا الكتاب عن كتاب العين وكتاب جمهرة اللّغة، ما يأتي: 1- كثرة موادّه اللغوية وكثرة مراجعه... 2- أنّه أوسع ممن تقدّمه في عرض التّفسير... (ص410). قال: "وقد ظهر في كتابه، وهو معجم لغويّ في مفردات الألفاظ، ظهر اهتمامُه بالمعاني، فتراه يشرح الآية متعدّياً بذلك دلالة اللّفظ" (ص414). أمّا صور التفسير اللفظيِّ في كتابه، فقد جاءت على النحو التالي: 1- تفسير الألفاظ مع ذكر الشاهد. ...(ص416) 2- تفسير الألفاظ بدون ذكر الشاهد. ...(ص417) 3- توجيه القراءات... (ص419) أثر المعتقد في التفسير اللّغوي في كتاب تهذيب اللّغة: يقول في خلاصة كلامه تحت هذا العنوان: "وهذه الأمثلة وغيرها مما لم أنقله، تبيّن صحة معتقد الأزهريّ، وأنه كان على منهج السّلف، لذا لم تظهر عنده تلك الانحرافات التي تعتمد على سعة اللّغة، لإثبات صحّتها، والله الموفق." (ص429). ثانياً: كتب أخرى لها علاقة بالتّفسير اللُّغويّ: يذكر الدكتور الباحث أنّ العلوم الإسلاميّة، علوم مترابطة في البحث، يقول: "ولما كان الأمر كذلك، فإنك ستجد بعض الكتب، وإن كانت في الظاهر لا تمُتُّ إلى علم اللّغة العربيّة بصلةٍ واضحةٍ، ستجدها تتعرّض لمسائل في علم اللغة، ... سأذكر مثالاً لهذا الأمر، وهو كتاب "السيرة النبويّة" لابن هشام، وقد لاحظت فيه اهتمام مؤلفه بتفسير ألفاظ الآياتِ التي يوردها، وبذكر الشواهد(ص432) الشعرية لها، وقد أحصيتُ له أكثر من مائة مفردةٍ قرآنية، قام ببيان معناها، واستشهد لكثيرٍ منها بأشعار العرب" (ص433)، مستفيداً في ذلك من شيوخه البصريّين في اللّغة، وخاصّةً أبو عبيدة معمر بن المثنَّى. أما الكتب التي كُتبت في علومٍ أخرى، ولها علاقة بالتفسير، فهي: كتب غريب الحديث، كتب الاحتجاج بالقراءات، كتب شروح دواوين الشعر، كتب الأدب، قال: "وسأذكر أمثلةً من كتب هذه العلوم: أولاً: كتب غريب الحديث: قال: "وقد طُبع في هذا العلم، كتابُ أبي عبيد القاسم بن سلام، وكتاب ابن قتيبة، وكتاب إبراهيم الحربيّ، وكتاب الخطّابي، وغيرها." (ص435). ثانياً: كتب الاحتجاج للقراءات: "الاحتجاج للقراءة: تخريج ما جاء في القرآن، وبيان وجهه في كلام العرب، وقد يكون بيانَ طريقة أداء، أو تصريفِ كلمةٍ، أو إعرابٍ، أو بيان معنىً. والّذي يخص التفسير اللغويّ من علم الاحتجاج للقراءة، ما يتعلق ببيان المعنى، ويقع ذلك –في الغالب- حينما يرد في الآية قراءتان مختلفتان في النطق، ويكون لكلّ واحدةٍ منهما معنىً يخالف معنى القراءة الأخرى" (ص441). ثالثاً: شرح دواوين الشعر: قال: "لأنّ الشارح يعمد إلى ألفاظ شعر الشاعر، ويبين معانيها، ولو جمعت شروح هذه الألفاظ؛ لكوَّنت معجماً يُرادف المعاجم الموجودة". رابعاً: كتب الأدب: "تشتمل كتب الأدب، على عدة مصنفات، ككتب الأمالي، وكتب مجالس العلماء، وغيرها، وقد قمت بقراءة بعضٍ منها، ... ككتاب البيان والتبيين، .. والكامل في الأدب...، ومجالس ثعلب، والزاهر في معاني كلمات النّاس، لابن الأنباريّ، وأمالي أبي علي القالي، وغيرها" (ص448). بهذا نصل إلى ختام الكلام عن مصادر التفسير اللّغويّ، وفي الحلقة القادمة بإذن الله تعالى، نتناول الباب الثَّالث والأخير من أبواب هذا الكتاب، ألا وهو "آثار التفسير اللّغوي وقواعده". |
الساعة الآن : 05:10 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour