2- ما هي فتنة خلق القرآن ؟
هي فتنة عظيمة وشديدة أبتلي بها المسلمون أيام الخليفة المأمون ، فقد كانت عقيدته مخلوطة ببعض أفكار أساتذته من الروافض وإستمرت المحنة في عهد أخيه المعتصم إلى أن تولى الخلافة المتوكل فألغى القول بخلق القرآن واعتمد قول أهل السنة والجماعة .

ما هو القرآن؟
هو كلام الله عز وجل ، المنزل على رسول الله عليه الصلاة والسلام ، المعجز بأقصر سورة فيه .

كلنا يجب أن نؤمن بأن القرآن نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس مخلوق خلقه الله .

قام المأمون بجمع العلماء في ذلك العصر ويجبرهم على القول بخلق القرآن ومن يرفض يعذبه أشد التعذيب ، فكان البعض يصمد ويصبر ومنهم من لا يستطيع الصبر على التعذيب فيوافقه بطريقة الخدعة .

فكانوا يرفعون إصبعهم أمامهم ويقولون: هو مخلوق ، هو مخلوق ، هو مخلوق .
هم يقصدون أن الإصبع مخلوق وهذا صحيح أوليس جسدنا مخلوق؟ ولكن المأمون يفهم أنهم يوافقونه فيتركهم ، إلا الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وجزاه عن المسلمين خير الجزاء ثبت وصمد ، عذبوه بكل أنواع التعذيب وما إنصاع لهم بل إزداد ثباتا وصبرا إلى أن جاء نصر الله ، ووقفته وثباته سطرها التاريخ بمداد من ذهب .

نقطة مهمة أريد ذكرها هنا :
الله عز وجل هو الذي خلقنا وهو يعلم طبائعنا ، فمنا القوي الذي يصبر ومنا الضعيف الذي لا يتحمل ، فأجاز الشرع قضية التورية .

ماهي التورية؟
التورية هى أن يكون للكلمة معنيان ، معنى قريب وآخر بعيد ، فيذكرها المتكلم يريد بها المعنى البعيد ، ويتلقاها السامع على معناها القريب.

مثالها ما قام أصحاب الإمام أحمد بن حنبل بعمله ، فقد كانوا يرفعون إصبعهم ويقولون هو مخلوق ، والمأمون يفهم بأنهم يوافقونه على قضية خلق القرآن .

ومثال آخر ما حصل في هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام عندما وضعت قريش جائزة لمن يجد الرسول عليه الصلاة والسلام أو رفيقه أبا بكر ، فمر عليه الصلاة والسلام بقبيلة فسألوه ممن القوم؟ يعني من أين أنتم؟ وقد كانت الأعراب تحفظ أسماء القبائل ، فأجاب الرسول عليه الصلاة والسلام : من ماء .

كان عليه الصلاة والسلام يقصد بأن الإنسان مخلوق من ماء ، وأنا إنسان ، إذن أنا من ماء .
والأعرابي ظن بأن ماء هو إسم لقبيلة ، ولكنه لا يعرفها فتركهم .

أيضا ما كان يفعله أبا بكر رضي الله عنه في الهجرة عندما يسألوه من رفيقك؟ فيجيبهم هادي يهديني يقصد بكلامه الرسول عليه الصلاة والسلام .
فالأعراب يظنون بأنه رجل يرشد المسافرين للطريق كما هم يفعلون ، ولكن أبا بكر يقصد بأنه نبي الله يهديني إلى الطريق الصحيح وهو الإسلام .

والأمثلة على ذلك كثيرة جدا في القرآن وفي السنة .

أتمنى أن يكون معنى التورية قد أصبح واضحا ، وهو يختلف عن الكذب ولا يشبهه أبدا ، فالرسول عليه الصلاة والسلام لا يكذب وحاشاه أن يفعل ، بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام .