فقه الصيام
http://www.t905.com/images/uploads/9...836b690632.gif الصيام ، يطلق على الامساك . قال الله تعالى :http://www.t905.com/images/uploads/9...39d579fc3e.jpg http://www.ballighofiles.com/khalid/fikh.siam1430.jpg الصيام ( إني نذرت للرحمن صوما ) أي إمساكا عن الكلام . والمقصود به هنا ، الامساك عن المفطرات ، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، مع النية فضله : 1 - عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " قال الله عزوجل : كل عمل ابن آدم له إلا الصيام ، فإنه لي ( 1 ) ، وأنا أجزي به ( 2 ) ، والصيام جنة ( 3 ) ، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ( 4 ) ، ولا يصخب ( 5 ) ، ولا يجهل ( 6 ) ، فإن شاتمه أحد ، أو قاتله ، فليقل : إني صائم ، مرتين ، والذي نفس محمد بيده لخلوف ( 7 ) فم الصائم ، أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك . وللصائم فرحتان يفرحهما : إذا أفطر فرح بفطره ، وإذا لقي ربه فرح بصومه " . رواه أحمد ، ومسلم ، والنسائي . 2 - ورواية البخاري ، وأبى داود : " الصيام جنة ، فإذا كان أحدكم صائما ، فلا يرفث ، ولا يجهل ، فإن امرؤ قاتله ، أو شاتمه فليقل ، إني صائم ، مرتين ، والذي نفس محمد بيده ، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ، يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي . الصيام لي ، وأنا أجزي به ، والحسنة بعشرة أمثالها " . ( هامش ) ( 1 ) إضافته إلى الله إضافة تشريف . ( 2 ) هذا الحديث بعضه قدسي وبعضه نبوي . فالنبوي . من قوله : والصيام جنة إلى آخر الحديث . ( 3 ) " جنة " أي مانع من المعاصي . ( 4 ) " الرفث " أي الفحش في القول . ( 5 ) " لا يصخب " أي لا يصيح . ( 6 ) " لا يجهل " أي لا يسفه . ( 7 ) " الخلوف " تغير رائحة الفم بسبب الصوم . ( . ) / صفحة 432 / 3 - وعن عبد الله بن عمرو . أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ، يقول الصيام أي ( 1 ) رب منعته الطعام والشهوات ، بالنهار ، فشفعني به . ويقول القرآن : منعته النوم بالليل ، فشفعني فيه فيشفعان ( 2 ) " رواه أحمد بسند صحيح . 4 - وعن أبي أمامة قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : مرني بعمل يدخلني الجنة ، قال : " عليك بالصوم فإنه لا عدل له " ( 3 ) ثم أتيته الثانية ، فقال : " عليك بالصيام " . رواه أحمد ، والنسائي ، والحاكم ، وصححة . 5 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يصوم عبد يوما في سبيل الله الا باعد الله بذلك اليوم النار عن وجهه ، سبعين خريفا " رواه الجماعة ، إلا أبا داود . 6 - وعن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن للجنة بابا ، يقال له : الريان ، يقال يوم القيامة : أين الصائمون ؟ فإذا دخل آخرهم أغلق ذلك الباب " . رواه البخاري ومسلم . أقسامه : الصيام قسمان : فرض ، وتطوع . والفرض ينقسم ثلاثة أقسام : 1 - صوم رمضان . 2 - صوم الكفارات . 3 - صوم النذر . والكلام هنا ينحصر في صوم رمضان ، وفي صوم التطوع . أما بقية الاقسام ، فتأتي في مواضعها . صوم رمضان حكمه : صوم رمضان ، واجب بالكتاب ، والسنة والاجماع . ( هامش ) ( 1 ) " أي " حرف نداء بمعنى " يا " أي : يا رب . ( 2 ) أي تقبل شفاعتهما . ( 3 ) " لا عدل له " أي لا مثل له . ( . ) / صفحة 433 / فأما الكتاب : فقول الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا كتب ( 1 ) عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) وقال : ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد ( 2 ) منكم الشهر فليصمه ) . وأما السنة : فقول النبي صلى الله عليه وسلم : " بني الاسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصيام رمضان وحج البيت " . وفي حديث طلحة بن عبيد الله ، " أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله . أخبرني عما فرض الله علي من الصيام ؟ قال : " شهر رمضان " . قال : هل علي غيره ؟ قال : " لا . إلا أن تطوع " . وأجمعت الامة : على وجوب صيام رمضان . وأنه أحد أركان الاسلام ، التي علمت من الدين بالضرورة ، وأن منكره كافر مرتد عن الاسلام . وكانت فرضيته يوم الاثنين ، لليلتين خلتا من شعبان ، من السنة الثانية من الهجرة . فضل شهر رمضان ، وفضل العمل فيه : 1 - عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما حضر رمضان " قد جاءكم شهر مبارك ، افترض الله عليكم صيامه ، تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب الجحيم ، وتغل فيه الشياطين ، فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم " رواه أحمد ، والنسائي ، والبيهقي . 2 - وعن عرفجة قال : كنت عند عتبة بن فرقد وهو يحدث عن رمضان .................................................. .......... - فقه السنة - الشيخ سيد سابق ج 1 ص 433 : قال : فدخل علينا رجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فلما رآه عتبة هابه ، فسكت ، قال : فحدث عن رمضان قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في رمضان ، " تغلق أبواب النار وتفتح أبواب الجنة ، وتصفد فيه الشياطين ، قال : وينادي فيه ملك : يا باغي الخير أبشر ، ويا ( هامش ) ( 1 ) " كتب " أي فرض . ( 2 ) شهد : حضر . ( . ) / صفحة 434 / باغي الشر أقصر ، حتى ينقضي رمضان . " رواه أحمد ، والنسائي وسنده جيد . 3 - وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " والصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ، إذا اجتنبت الكبائر " . رواه مسلم . 4 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من صام رمضان وعرف حدوده ، وتحفظ مما كان ينبغي أن يتحفظ منه كفر ما قبله " رواه أحمد ، والبيهقي ، بسند جيد . 5 - وعن أبي هريرة قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من صام رمضان إيمانا واحتسابا ( 1 ) غفر له ما تقدم من ذنبه " رواه أحمد ، وأصحاب السنن . الترهيب من الفطر في رمضان : 1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " عرى الاسلام ، وقواعد الدين ثلاثة ، عليهن أسس الاسلام ، من ترك واحدة منهن ، فهو بها كافر حلال الدم : شهادة أن لا إله إلا الله ، والصلاة المكتوبة ، وصوم رمضان " رواه أبو يعلى ، والديلمي ، وصححه الذهبي . 2 - وعن أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أفطر يوما من رمضان ، في غير رخصة رخصها الله له لم يقض عنه صيام الدهر كله ، وإن صامه " رواه أبو داود ، وابن ماجه ، والترمذي ، وقال البخاري : ويذكر عن أبي هريرة رفعه : " من أفطر يوما من رمضان ، من غير عذر ، ولا مرض ، لا يقضه صوم الدهر ، وإن صامه " . وبه قال ابن مسعود . قال الذهبي : وعند المؤمنين مقرر : أن من ترك صوم رمضان بلا مرض ، أنه شر من الزاني ، ومدمن الخمر ، بل يشكون في إسلامه ، ويظنون به الزندقة ، والانحلال . ( هامش ) ( 1 ) " احتسابا " أي طالبا وجه الله وثوابه . ( . ) / صفحة 435 / بم يثبت الشهر : يثبت شهر رمضان برؤية الهلال ، ولو من واحد عدل أو إكمال عدة شعبان ثلاثين يوما . 1 - فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : تراءى الناس الهلال ، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته ، فصام ، وأمر الناس بصيامه . رواه أبو داود ، والحاكم ، وابن حبان ، وصححاه . 2 - وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " صوموا لرؤيته ( 1 ) وأفطروا لرؤيته ، فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما . " رواه البخاري ومسلم . . قال الترمذي : والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم ، قالوا : تقبل شهادة رجل واحد ، في الصيام ، وبه يقول ابن المبارك والشافعي ، وأحمد . وقال النووي : وهو الاصح . وأما هلال شوال ، فيثبت بإكمال عدة رمضان ثلاثين يوماو لا تقبل فيه شهادة العدل الواحد ، عند عامة الفقهاء . واشترطوا أن يشهد على رؤيته ، اثنان ذوا عدل ، إلا أبا ثور فإنه لم يفرق في ذلك بين هلال شوال ، وهلال رمضان ، وقال : يقبل فيهما شهادة الواحد العدل . قال ابن رشد : " ومذهب أبي بكر بن المنذر ، هو مذهب أبي ثور ، وأحسبه مذهب أهل الظاهر . وقد احتج أبو بكربن المنذر ، بانعقاد الاجماع على وجوب الفطر ، والامساك عن الاكل ، بقول واحد ، فوجب أن يكون الامر كذلك ، في دخول الشهر وخروجه ، إذ كلاهما علامة ، تفصل زمان الفطر من زمان الصوم " . وقال الشوكاني : وإذا لم يرد ما يدل على اعتبار الاثنين في شهادة الافطار من الادلة الصحيحة ، فالظاهر أنه يكفي فيه قياسا على الاكتفاء به في الصوم . ( هامش ) ( 1 ) المراد بالرؤية : الرؤية الليلية . ( . ) / صفحة 436 / وأيضا ، التعبد بقبول خبر الواحد ، يدل على قبوله في كل موضع ، إلا ما ورد الدليل بتخصيصه ، بعدم التعبد فيه بخبر الواحد ، كالشهادة على الاموال ونحوها ، فالظاهر ما ذهب إليه أبو ثور . اختلاف المطالع : ذهب الجمهور : إلى أنه لا عبرة باختلاف المطالع . فمتى رأى الهلال أهل بلد ، وجب الصوم على جميع البلاد لقول الرسول صلى الله عليه وسلم " صوموا لرؤيته ، وافطروا لرؤيته " . وهو خطاب عام لجميع الامة فمن رآه منهم في أي مكان كان ذلك رؤية لهم جميعا . وذهب عكرمة ، والقاسم بن محمد ، وسالم ، وإسحاق ، والصحيح عند الاحناف ، والمختار عند الشافعية : أنه يعتبر لاهل كل بلد رؤيتهم ، ولا يلزمهم رؤية غيرهم . لما رواه كريب قال : قدمت الشام ، واستهل علي هلال رمضان وأنا بالشام ، فرأيت الهلال ليلة الجمعة . ثم قدمت المدينة في آخر الشهر ، فسألني ابن عباس - ثم ذكر الهلال - فقال : متى رأيتهم الهلال ؟ فقلت : رأيناه ليلة الجمعة فقال : أنت رأيته ؟ فقلت : نعم ، ورآه الناس ، وصاموا ، وصام .................................................. .......... - فقه السنة - الشيخ سيد سابق ج 1 ص 436 : معاوية ، فقال : لكنا رأيناه ليلة السبت ، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين ، أو نراه ، فقلت : ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه ؟ فقال : لا . . . هكذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه أحمد ، ومسلم والترمذي . وقال الترمذي : حسن ، صحيح ، غريب ، والعمل على هذا الحديث ، عند أهل العلم ، أن لكل بلد رؤيتهم . وفي فتح العلام شرح بلوغ المرام : الاقرب لزوم أهل بلد الرؤية ، وما يتصل بها من الجهات التي على سمتها ( 1 ) . ( هامش ) ( 1 ) هذا هو المشاهد ، ويتفق مع الواقع . ( . ) / صفحة 437 / من رأى الهلال وحده : اتفقت أئمة الفقه على أن من أبصر هلال الصوم وحده أن يصوم . وخالف عطاء فقال : لا يصوم إلا برؤية غيره معه . واختلفوا في رؤيته هلال شوال ، والحق أنه يفطر كما قال الشافعي ، وأبو ثور . فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد أوجب الصوم والفطر للرؤية ، والرؤية حاصلة له يقينا ، وهذا أمر مداره الحس ، فلا يحتاج إلى مشاركة . |
رد: فقه الصيام
صوم رمضان حُكْمُه صوم رمضان واجب بالكتاب، والسنة، والإجماع . الكتاب فقول الله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ (1) عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " [البقرة:183]، وقال: " شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًىً لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ (2) مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ " [البقرة: 185]. السنة فقول النبي صلى الله عليه وسلم: "بُني الإسلام على خمس؛ شهادة أن لا إله إلا اللّه، وأن محمداً رسول اللّه، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وحج البيت"(3). وفي حديث طلحة بن عبيد اللّه، أن رجلاً سأل النبيصلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول اللّه، أخبرني عما فرَض الله عَليَّ من الصيام ؟ قال: "شهر رمضان". قال: هل عليَّ غيره ؟ قال: "لا، إلا أن تطّوَّع"(4). وأجمعت الأمة على وجوب صيام رمضان، وأنه أحد أركان الإسلام، التي عُلِمَت من الدين بالضرورة، وأن مُنْكِرَه كافرٌ، مُرْتد عن الإسلام. وكانت فَرْضيتُه يوم الاثنين، لليلتين خلتَا من شعبان، من السنة الثانية من الهجرة. -------------------------------------------------------------------------- (1)"كتب": أي؛ فرض. (2) "شهد": حضر. (3) البخاري بمعناه: كتاب المغازي - باب وفد عبد القيس (5 / 213)، وكتاب الإيمان - باب أداء الخمس من الإيمان (1 / 20، 21)، وكتـاب العلم - باب تحريـض النبي صلى الله عليه وسلم وفد عبد القيس أن يحفظـوا الإيمان... (1 / 32)، ومسلم: كتاب الإيمان - باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام، برقم (21، 22) (1 / 45)، والترمذي: كتاب الإيمان - باب إضافة الفرائض إلى الإيمان، برقم (2614)، والنسائي: كتاب الإيمان - باب أداء الخمس، برقم (5034). (4) البخاري: كتاب الإيمان - باب الزكاة من الإسلام (1 / 18)، وكتاب الصوم - باب وجوب صوم رمضان (3 / 30، 31)، ومسلم: كتـاب الإيمان - باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام، برقم (8) (1 / 40)، وأبو داود: كتاب الصلاة - باب فرض الصلاة، برقم (391) (1 / 272)، والنسائي: كتاب الصيام - باب وجوب الصيام، برقم (2090) (4 / 120)، والموطأ: كتاب قصر الصلاة في السفر - باب جامع الترغيب في الصلاة، برقم (94) (1 / 175)، ورواه الشافعي، في "الرسالة"، فقرة (344)، بتحقيق أحمد محمد شاكر. |
رد: فقه الصيام
فضْلُ شهرِِ رمضَانَ ، وفضلُ العملِ فيه
1ـ عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال، لما حضر رمضان: "قد جاءكم شهرٌ مبارك، افترض اللّه عليكم صيامه، تفتح فيه أبوابُ الجنّة، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتُغلُّ فيه الشياطين، فيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر، من حُرِم خيرَهَا، فقد حُرم"(1). رواه أحمد، والنسائي، والبيهقي. 2ـ وعن عرفجة، قال: كنتُ عند عتبة بن فرقد، وهو يحدث عن رمضان، قال: فدخل علينا رجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فلما رآه عتبة هابه، فسكتَ، قال: فحدث عن رمضان، قال: سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول في رمضان: "تغلق أبواب النار، وتفتح أبواب الجنة، وتُصَفد فيه الشياطين". قال: "وينادي فيه ملك: يا بغي الخير، أبشر، ويا باغي الشر، أقصِر. حتى ينقضي رمضان"(2). رواه أحمد، والنسائي، وسنده جيد. 3ـ وعن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الصّلوَات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مُكفِّرَات لما بينهن، إذا اجْتُنِبَت الكبائر"(3). رواه مسلم. 4ـ وعن أبي سعيد الخدري _ رضي اللّه عنه _ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صام رمضان، وعرف حدوده، وتحفظ مما كان ينبغي أن يتحفظ منه، كفَّر ما قبله"(4). رواه أحمد، والبيهقي بسند جيد. 5ـ وعن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "من صام رمضان إيماناً واحتساباً(5)، غُفر له ما تقدم من ذنبه"(6). رواه البخاري، ومسلم. --------------------------------------- |
رد: فقه الصيام
التّرهِيبُ من الفطْرِ في رمضانَ 1ـ عن ابن عباس _ رضي اللّه عنهما _ أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: "عُرَى الإسلام، وقواعدُ الدين ثلاثةٌ، عليهنَّ أُسِّس الإسلام، من ترك واحدة مِنْهُنَّ، فهو بها كافر حلال الدم؛ شهادة أن لا إله إلا اللّه، والصلاة المكتوبة، وصوم رمضان"(1). رواه أبو يعْلى، والديلمي، وصححه الذهبي. 2ـ وعن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أفطر يوماً من رمضان، في غير رُخصة رَخّصها اللّه له، لم يَقضِ عنه صيام الدهر كله، وإن صامه"(2). رواه أبو داود، وابن ماجه، والترمذي، وقال البخاري: ويذكر عن أبي هريرة رَفْعُه: "من أفطر يوماً من رمضان، من غير عذر، ولا مرض، لم يقضه صوم الدهر، وإن صامه"(3). وبه قال ابن مسعود. قال الذهبي: وعند المؤمنين مُقرَّرٌ أن من ترك صومَ رمضان، بلا مرض، أنه شَرٌّ من الزاني، ومدمِنِ الخمر، بل يشكُّون في إسلامه، ويظنون به الزندقة، والانحلال. -------------------------------------------------------------------- |
رد: فقه الصيام
بمَ يثبتُ الشهرُ ؟
يثبت شهر رمضان برؤية الهلال، ولو من واحدٍ عَدْلٍ، أو إكمال عِدَّةِ شعبان ثلاثين يوماً. 1ـ فعن ابن عمر _ رضي اللّه عنهما _ قال: تراءى الناس الهلالَ، فأخبرتُ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، أني رأيتُه، فصـام وأمَرَ النـاس بصيامـه(1). رواه أبـو داود، والحاكـم، وابن حِبّان، وصححاه. 2ـ وعن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صوموا لرؤيته(2)، وأفطروا لرؤيته، فإن غُمَّ عليكم، فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً"(3). رواه البخاري، ومسلم. قال الترمذي: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، قالوا: تُقبلُ شهادةُ رَجُل واحد في الصيام. وبه يقول ابن المبارك، والشافعي، وأحمد. وقال النووي: وهو الأصح. وأما هلال شوال، فيثبتُ بإكمال عدة رمضان ثلاثين يوماً، ولا تُقبَلُ فيه شهادة العَدْلِ الواحدِ، عند عامّةِ الفقهاء. واشترطوا، أن يشهد على رؤيته اثنان ذوا عدل، إلا أبا ثور، فإنه لم يُفرِّق في ذلك بين هلال شوال، وهلال رمضان، وقال: يقبل فيهما شهادة الواحد العدل. قال ابن رشد: ومذهب أبي بكر بن المنذر، هو مذهب أبي ثور، وأحسبه مذهب أهل الظاهر، وقد احتج أبو بكر بن المنذر، بانعقاد الإجماع على وجوب الفطر، والإمساك عن الأكل بقول واحد، فوجب أن يكون الأمر كذلك في دخول الشهر وخروجه؛ إذ كلاهما علامة تَفصِلُ زمان الفطر من زمان الصوم. وقال الشوكاني: وإذا لم يرد ما يَدُلُّ على اعتبار الاثنين في شهادة الإفطار من الأدلة الصحيحة، فالظاهر، أنه يكفي فيه قياساً على الاكتفاء به في الصوم، وأيضاً التعبد بقبول خبر الواحد يَدُلُّ على قبوله في كل موضع، إلا ما ورد الدليل بتخصيصه، بعدم التعبد فيه بخبر الواحد، كالشهادة على الأموال ونحوها، فالظاهر ما ذهب إليه أبو ثور. -------------------------------------------------------------------------------- (1)أبو داود: كتاب الصوم - باب في شهادة الواحد على رؤية هلال رمضان، برقم (2342) (2 / 756)، والحاكم: كتاب الصوم - باب قبول شهادة الواحد على رؤية هلال رمضان (1 / 423) وقال: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. وسكت عليه الذهبي، والإحسان بترتيب صحيح ابن حبان: كتاب الصوم - باب رؤية الهلال، برقم (3438) (5 / 187، 188) وقال الدارقطني: تفرد به مروان بن محمد، عن ابن وهب، وهو ثقة (المنذري). (2) المراد بالرؤية، الرؤية الليلية. (3) البخاري: كتاب الصوم - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم الهلال فصوموا..." (3 / 34، 35) ومسلم: كتاب الصيام - باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال، برقم (4، 18، 19، 20) (2 / 759، 762) والترمذي: كتاب الصوم - باب ما جاء لا تَقَدَّمُوا الشهر بصوم، برقم (684) (3 / 59، 60) ومن طريق ابن عباس: باب ما جاء أن الصوم لرؤية الهلال، والإفطار له، برقم (688) (3 / 63)، والنسائي: كتاب الصيام - باب إكمال شعبان ثلاثين إذا كان غيم، وذكر اختلاف الناقلين عن أبي هريرة، برقم (2117، 2118) (4 / 133) وترجم له ابن ماجه: كتاب الصوم - باب ما جاء في: "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته"، برقم (1655) (1/ 530) والدارمي: كتـاب الصـوم - بـاب الصوم لرؤية الهلال (2 / 3) وأحمد في "المسند" (4 / 23،5 / 42). |
رد: فقه الصيام
اختلافُ المطالِع ذهب الجمهور إلى أنه لا عبرة باختلاف المطالع. فمتى رأى الهلالَ أهلُ بلد، وجب الصوم على جميع البلاد؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته". وهو خطاب عام لجميع الأمة، فمن رآه منهم في أيِّ مكان، كان ذلك رؤية لهم جميعاً. وذهب عكرمة، والقاسم بن محمد، وسالم، وإسحاق، والصحيح عند الأحناف، والمختار عند الشافعية، أنه يعتبر لأهل كل بلد رؤيتهم، ولا يلزمهم رؤية غيرهم؛ لما رواه كرَيْب، قال: قدِمتُ الشام، واستهل عليَّ هلال رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني ابن عباس - ثم ذكر الهلال - فقال: متى رأيتم الهلال ؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة. فقال: أنت رأيته ؟ فقلت: نعم، ورآه الناس وصاموا، وصام معاوية. فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزالُ نصومُ، حتى نكمل ثلاثين، أو نراه. فقلت: ألا تكتفي برؤية معاوية، وصيامه ؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم (1). رواه أحمد، ومسلم، والترمذي. وقال الترمذي: حسن صحيح غريب، والعمل على هذا الحديث، عند أهل العلم، أن لِكلِّ بلد رؤيتهم. وفي "فتح العلام شرح بلوغ المرام": الأقرب لزوم أهل بلد الرؤية، وما يتصل بها من الجهات التي على سمتها(2). -------------------------------------------------------------------------------- (1) مسلم: كتـاب الصيـام - بـاب بيان أن لكـل بلـد رؤيتهم، وأنهم إذا رأوا الهلال ببلد لا يثبت حكمه لما بعد عنهم، برقم (28) (2 / 765)، والترمذي: كتاب الصوم - باب ما جاء لكل أهل بلد رؤيتهم، برقم (693) (3 / 68، 69) وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب. وأبو داود: كتاب الصوم - باب إذا رئي الهلال فى بلد قبل الآخرين بليلة، برقم (2332) (2 / 748)، والنسائي: كتاب الصيام - باب اختلاف أهل الآفاق في الرؤية، برقم (2111) (4 / 131). (2) هذا هو المشاهد، ويتفق مع الواقع. |
رد: فقه الصيام
مَنْ رأى الهلالَ وحْدَه اتفقت أئمة الفقه على، أن من أبصر هلال الصوم وحده، أن يصوم، وخالف عطاء، فقال: لا يصوم، إلا برؤية غيره معه. واختلفوا في رؤيته هلال شوال، والحق أنه يفطر، كما قال الشافعي، وأبو ثور؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد أوجب الصوم والفطر للرؤية، والرؤية حاصلة له يقيناً، وهذا أمر مداره الحس، فلا يحتاج إلى مشاركة. |
رد: فقه الصيام
أركانُ الصّومِ للصيام ركنان، تتركب منهما حقيقته: 1ـ الإمساك عن المفطرات، من طلوع الفجر، إلى غروب الشمس؛ لقول الله تعالى: " فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَْبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَْسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ " [البقرة: 187]. والمراد بالخيط الأبيض والخيط الأسود، بياض النهار وسواد الليل؛ لما رواه البخاري، ومسلم، أن عَدِيَّ بن حاتم، قال: لما نزلت: " حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَْبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَْسْوَدِ " [ البقرة: 187]. عَمَدْتُ إلى عِقالٍ أسودَ، وإلى عِقالٍ أبيضَ، فجعلتهما تحت وسادتي، فجعلت أنظر في الليل، فلا يستبين لي، فغدوت على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فذكرت له ذلك، فقال: "إنما ذلك سواد الليل، وبياض النهار"(1). 2ـ النية؛ لقول اللّه تعالى: " وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ " [ البينة: 5]، وقولهصلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى"(2). ولابد أن تكون قبل الفجر، من كل ليلة من ليالي شهر رمضان؛ لحديث حفصة، قالت: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "من لم يُجْمِع(3) الصّيـام قبل الفجر، فلا صيام له"(4). رواه أحمد، وأصحاب السنن، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان. وتصح في أي جزء من أجزاء الليل، ولا يشترط التلفظ بها؛ فإنها عمل قلبيٌّ، لا دخل للسان فيه، فإن حقيقتها القصد إلى الفعل؛ امتثالاً لأمر اللّه تعالى، وطلباً لوجهه الكريم. فمن تسحّر بالليل، قاصداً الصِّيام، تقرباً إلى اللّه بهذا الإمساك، فهو نَاوٍ. ومن عزم على الكفّ عن المفطرات أثناء النهار، مخلِصاً للّه، فهو نَاوٍ كذلك وإن لم يتسحّر. وقال كثير من الفقهاء: إن نية صيام التّطوع تجزئ من النهار، إن لم يكن قد طعِمَ؛ قالت عائشة: دخل عَليَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فقال: "هل عندكم شيء ؟". قلنا: لا. قال: "فإني صائم"(5). رواه مسلم، وأبو داود. واشترط الأحناف، أن تقع النية قبل الزوال. وهذا هو المشهور من قولي الشافعي. وظاهر قولي ابن مسعود، وأحمد، أنها تجزئ قبل الزوال وبعده، على السواء. ------------------------------------------------------------------- (1)البخارى: كتاب الصوم - باب قول اللّه تعالى: "وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض ,,,* (3 / 36)، وكتاب التفسير، باب: "قد نرى تقلب وجهك فى السماء*.... إلى "عما تعملون* (3 / 31)، ومسلم: كتاب الصيام - باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر، وأن له الأكل وغيره حتى يطلع الفجر...، برقم (33، 34) (2 / 766، 767)، والترمذي: كتـاب التفسير - بـاب ومن سـورة البقـرة، برقـم (2970، 2971) وقال: هذا حديث حسن صحيح. وأبو داود: كتاب الصوم - باب وقت السحور، برقم (2349) (2 / 760، 761)، والنسائي، مختصراً: كتاب الصيام - باب تأويل قول اللّه تعالى: "وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر*، برقم (2169) (4 / 148). (2) تقدم تخريجه، في "فرائض الوضوء". (3) "يجمع": من الإجماع، وهو إحكام النية والعزيمة. (4) أبو داود: كتاب الصوم - باب النية في الصيام، برقم (2454) (2 / 823، 824)، والترمذي: كتاب الصوم - باب ما جاء لا صيام لِمَنْ لمْ يعزم من الليل، برقم (730) (3 / 99)، وقال أبو عيسى: حديث لا نعرفه مرفوعاً، إلا من هذا الوجـه. والنسائي: كتـاب الصـوم - بـاب النية في الصـوم، برقـم (2336، 2337) (4 / 197)، وابن ماجه: كتاب الصوم - باب في فرض الصوم من الليل والخيار في الصوم....، برقم (1700) (1 / 542)، والموطأ: كتاب الصيام - باب من أجمع الصيام قبل الفجر، برقم (5) (1 / 288)، والدارمي: كتاب الصوم - باب من لم يجمع الصيام من الليل (2 / 6). (5) مسلم: كتاب الصيام - باب جواز صوم النافلة بنية من النهار قبل الزوال... إلخ، برقم (69) (2 / 808)، وأبو داود: كتاب الصوم - باب في الرخصة في ذلك، برقم (2455) (2 / 824)، والترمذي: كتاب الصوم - باب صيام المتطوع بغير تبييت، برقم (733) (3 / 102)، وابن ماجه: كتاب الصوم - باب فرض الصوم من الليل، برقم (1701) (1 / 543)، والنسائي: كتاب الصيام - باب النية في الصيام، برقم (2327) (4 / 195)، وأحمد في "المسند" (6 / 207). |
رد: فقه الصيام
على مَنْ يجبُ ؟ أجمع العلماء على أنه يجب الصيام على المسلم، العاقل، البالغ، الصحيح، المقيم، ويجب أن تكون المرأة طاهرة من الحيض، والنفاس. فلا صيام على كافر، ولا مجنون، ولا صبي، ولا مريض، ولا مسافر، ولا حائض، ولا نُفَساء، ولا شيخ كبير، ولا حامل، ولا مرضع. وبعض هؤلاء لا صيام عليهم مطلقاً، كالكافر، والمجنون، وبعضهم يطلب من وَليِّه أن يأمره بالصيام، وبعضهم يجب عليه الفطر والقضاء، وبعضهم يُرَخص لهم في الفطر، وتجب عليه الفدية، وهذا بيان كلٍّ على حدة؛ صيامُ الكافرِ ، والمجنونِ الصيام عبادة إسلامية، فلا تجب على غير المسلمين، والمجنون غير مكلف؛ لأنه مسلوب العقل، الذي هو مناط التكاليف، وفي حديث علي _ رضي اللّه عنه _ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رُفِعَ القلم عن ثلاثة؛ عن المجنون حتى يُفِيقَ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم"(1). رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي. صِيامُ الصَّبي والصبي، وإن كان الصيام غير واجب عليه، إلا أنه ينبغي لِوَليِّ أمره أن يأمره به؛ ليعتاده من الصغر، ما دام مستطيعاً له، وقادراً عليه؛ فعن الرُّبيِّع بنتِ مُعَوّذ، قالت: أرسل رسول اللّه صلى الله عليه وسلمصبيحة عاشوراء إلى قرى الأنصار: "من كان أصبح صائماً، فَليُتمَّ صومَه، ومن كان أصبح مفطراً، فَليَصُمْ بقيّةَ يومه". فكنا نصومه بعد ذلك، ونُصوِّم صبياننا الصغار منهم، ونذهب إلى المسجد، فنجعل لهم اللُّعْبة من العِهن(1)، فإذا بكى أحدهم من الطعام، أعطيناه إياه، حتى يكون عند الإفطار(2). رواه البخاري، ومسلم. -------------------------------------------------------------------------------- (1) العهن: الصوف. (2) البخاري: كتاب الصوم - باب صوم الصبيان (3 / 47، 48)، ومسلم: كتاب الصيام - باب من أكل في عاشوراء، فليكفّ بقية يومه، برقم (136، 137) (2 / 798، 799). مَنْ يرخصُ لهم في الفطْرِ ، وتجبُ عليهم الفديةُ ؟ يرخص الفطر للشيخ الكبير، والمرأة العجوز، والمريض الذي لا يُرْجَى برؤه، وأصحاب الأعمال الشاقة الذين لا يجدون مُتسعاً من الرزق، غير ما يزاولونه من أعمال. هؤلاء جميعاً يُرَخّصُ لهم في الفطر، إذا كان الصيام يُجْهدُهم، ويشق عليهم مشقة شديدة في جميع فصول السنة. وعليهم أن يُطْعِمُوا عن كل يومٍ مسكيناً، وقدِّرَ ذلك بنحو صاع(1)، أو نصف صاع، أو مُدٍّ، على خلاف في ذلك، ولم يأت من السُّنّة ما يدل على التقدير. قال ابن عباس: رُخِّص للشيخ الكبير، أن يفطر ويُطْعِمَ عن كل يوم مسكيناً، ولا قضاء عليه(2). رواه الدارقطني، والحاكم وصححاه. وروى البخاري، عن عطاء، أنه سمع ابن عباس _ رضي اللّه عنهما _ يقرأ: " وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ " [البقرة: 184]. قال ابن عباس: ليست بمنسوخة، هي للشيخ الكبير،والمرأة الكبيرة، لا يستطيعان أن يصوما، فَيُطْعِمان(3)مكان كل يوم مسكيناً (4). والمريض الذي لا يرجى برؤه، ويُجْهده الصوم مثل الشيخ الكبير، ولا فرق، وكذلك العمال الذين يضطلعون بمشَاقّ الأعمال. قال الشيخ محمد عبده: فالمراد بمن: " يُطِيقُونَهُ *. في الآية، الشيوخ الضعفاء، والزَّمنى(5)، ونحوُهم، كالفعلة الذين جعل اللّه معاشهم الدائم بالأشغال الشاقـة، كاستخراج الفحم الحجري من مناجمه. ومنهم المجرمون، الذين يحكم عليهم بالأشغال الشاقة المؤبدة، إذا شقَّ الصيام عليهم بالفعل، وكانوا يملكون الفدية. والحبلى والمرضع، إذا خافتا على أنفسهما، أو أولادهما(6) أفطرتا، وعليهما الفدية، ولا قضاء عليهما، عند ابن عمر، وابن عباس؛ روى أبو داود، عن عكرمة، أن ابن عباس قال، في قوله تعالى: " وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ " [البقرة: 184]: كانت رخصة للشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة، وهما يطيقان الصيام أن يُفطِرا، ويُطعِمَا مكان كل يوم مسكيناً، والحبلى والمرضع، إذا خافتا _ يعني على أولادهما _ أفطرتا، وأطعمتا(7). رواه البزار. وزاد في آخره: وكان ابن عباس يقول لأم ولد له حبلى: أنت بمنزلة الذي لا يطيقه، فعليك الفداء، ولا قضاء عليك (8). وصحح الدارقطني إسناده. \ وعن نافع، أن ابن عمر، سئل عن المرأة الحامل، إذا خافت على ولدها ؟ فقال: تفطر، وتطعم مكان كل يوم مسكيناً مُدّاً(9) من حنطة (10). رواه مالك، والبيهقي. وفي الحديث: "إن اللّه وضع عن المسافر الصوم، وشطر الصلاة، وعن الحبلى والمرضع الصوم"(11). وعند الأحناف، وأبي عبيد، وأبي ثور، أنهما يقضيان فقط، ولا إطعام عليهما. وعند أحمد، والشافعي، أنهما إن خافتا على الولد فقط وأفطرتا، فعليهما القضاء والفدية، وإن خافتا على أنفسهما فقط، أو على أنفسهما وعلى ولدهما، فعليهما القضاء، لا غير. -------------------------------------------------------------------------------- (1) الصاع: قدح وثلث. (2)الدارقطني: كتاب الصيام - باب طلوع الشمس بعد الأفطار، برقم وقال: وهذا إسناد صحيح (2 / 205)، والحاكم: كتاب الصوم (1 / 440) وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه، وفيه الدليل. ووافقه الذهبي. (3) مذهب مالك، وابن حزم، أنه لا قضاء ولا فدية. (4) البخاري: كتاب التفسير - تفسير سورة البقرة (6 / 30)، وأبو داود: كتاب الصوم - باب من قال: هي مثبتة للشيخ والحبلى، برقم (2317، 2318)، والبيهقي: كتاب الصيام - باب الحامل والمرضع (4 / 230)، والدارقطني: كتاب الصيام - باب طلوع الشمس بعد الإفطار، برقم (3) (2 / 205)، والحاكم: كتاب الصوم (1 / 440) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. (5) المرضى مرضاً مزمناً، لا يبرأ. (6) معرفة ذلك بالتجربة، أو بإخبار الطبيب الثقة، أو بغلبة الظن. (7) أبو داود: كتاب الصوم - باب من قال: هي مثبتة للشيخ والحبلى، برقم (2318) (2 / 738)، والبيهقي: كتاب الصيام - باب الحامل والمرضع (4 / 230). (8) الدارقطني: كتاب الصيام - باب طلوع الشمس بعد الإفطار، برقم (8) (2 / 206). (9) المد؛ ربع قدح من قمح. (10) الموطأ: كتاب الصيام - باب فدية من أفطر في رمضان من علة، برقم (52) (1 / 308)، والبيهقي: كتاب الصيام - باب الحامل والمرضع (4 / 230). (11) أبو داود: كتاب الصوم - باب اختيار الفطر، برقم (2408) (2 / 796، 797)، والنسائي: كتاب الصيام - باب وضع الصيام عن المسافر، وذكر اختلاف معاوية بن سلام، وعلي بن المبارك في هذا الحديث، برقم (2275) (4 / 180)، وباب وضع الصيام عن الحبلى والمرضع، برقم (2315) (4 / 190)، والترمذي: كتاب الصوم - باب الرخصة في الإفطار للحبلى والمرضع، برقم (715) (3 / 85)، وقال: حديث حسن، وابن ماجه: كتاب الصيام، حديث رقم (1667)، وأحمد في "المسند" (4 / 347، 5 / 29). |
رد: فقه الصيام
وآآآآآآآآآآآو موسوعهــ شآآآآملهـ > آحنآآآ عنآآآآ ،،،، بس كتب ومجلآآآآآآتـ ... خخخخخ شوووو بدنآآآآ ‘‘ نئرى فيهـ هآآآآد ؟؟؟؟ مج ـــلد يآآآ عم ،،،، ربنآآآآ يبآآآآركــ فيكــ > ويجعلهــ في ميزآآآنـ حسنآآآتكــ > :uy: |
رد: فقه الصيام
مَنْ يرخصُ لهم في الفطْرِ ، ويجبُ عليهم القضاءُ ؟
يباح الفطر للمريض الذي يرجى برؤه، والمسافر، ويجب عليهما القضاء؛ قال الله تعالى: " فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ " [البقرة: 185]. وروى أحمد، وأبو داود، والبيهقي بسند صحيح، من حديث معاذ، قال: إن اللّه تعالى فرض على النبي صلى الله عليه وسلم الصيام، فأنزل: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ *، إلى قوله: " وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ " [البقرة:183،184]. فكان من شاء صام، ومن شاء أطعم مِسكِيناً، فأجزأ ذلك عنه، ثم إن اللّه _ تعالى _ أنزل الآية الأخرى: " شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ *، إلى قوله: " فَمَن شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ " [البقرة: 185]. فأثبتَ صيامه على المقيم الصحيح، ورخص فيه للمريض والمسافر، وأثبت الإطعام للكبير، الذي لا يستطيع الصيام(1). والمرض المبيح للفطر؛ هو المرض الشّديدُ، الذِي يزيد بالصّوْم، أو يُخْشَى تأخر بُرْئه(2). قال في "المغني": وحكي عن بعض السّلف، أنه أباح الفطر بكل مرض، حتى من وجع الإصبع، والضرس؛ لعموم الآية فيه، ولأن المسافر يُبَاح له الفطر، وإن لم يحتج إليه، فكذلك المريض وهذا مذهب البخاري، وعطاء، وأهل الظاهر. والصحيح الذي يخافُ المرض بالصيام يفطِرُ، مثل المريض، وكذلك من غلبه الجوع أو العطش، فخاف الهلاك، لزِمَه الفِطْرُ، وإن كان صحيحاً مُقيماً، وعليه القضاء؛ قال اللّه تعالى: " وَلاَ تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً " [النساء: 29]، وقال تعالـى: "وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ " [ الحج: 78]. وإذا صام المريض، وتحمّلَ المشقة، صَح صومه، إلا أنه يُكره له ذلك؛ لإعراضِه عن الرُّخصة التي يحبُها اللّه، وقد يلحقه بذلك ضرر. وقد كان بعض الصحابة يصوم على عهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وبعضهم يفطر، مُتَابعينَ في ذلك فتوى الرسول صلى الله عليه وسلم؛ قال حمزة الأسلمي: يا رسول اللّه، أجد مني قوةً على الصوم في السفر، فهل عليَّ جناح ؟ فقال: "هي رخصة من اللّه _ تعالى _ فمن أخذ بها، فحَسَن، ومَنْ أحَبَّ أن يصوم فلا جناح عليه"(3). رواه مسلم. وعن أبي سعيد الخدري _ رضي اللّه عنه _ قال: سافرنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى مكة، ونحن صيام. قال: فنزلنا منزلاً، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "إنكم قد دَنَوتم من عدوكم، والفِطر أقوى لكم". فكانت رخصة، فمنّا من صام، ومنا من أفطر، ثم نزلنا منزلاً آخر، فقال: "إنكم مصَبِّحو عَدوِّكم، والفطر أقوى لكم، فأفطروا". فكانت عَزْمَةً، فأفطَرْنَا، ثم رأيتنا نصوم بعد ذلك مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في السفر(4). رواه أحمد، ومسلم، وأبو داود. وعن أبي سعيد الخدري _ رضي اللّه عنه _ قال: كنّا نغزو مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في رمضان، فمنّا الصائم، ومنا المفطر، فلا يَجدُ الصائم على المفطر(5)، ولا المفطر على الصائم، ثم يرون أن من وجد قوةً فصام، فإن ذلك حسن، ويَرَونَ أن من وجد ضعفاً فأفطر، فإن ذلك حسن(6). رواه أحمد، ومسلم. وقد اختلف الفقهاء في أيّهما أفضل ؟ فرأى أبو حنيفة، والشافعي، ومالك، أن الصيام أفضل، لِمَنْ قويَ عليه، والفطر أفضل، لمن لا يَقوَى على الصيام. وقال أحمد: الفطر أفضل. وقال عمر بن عبد العزيز: أفضلهما أيسرهما، فمن يَسْهُلُ عليه حينئذ، ويَشُقُّ عليه قضاؤه بعد ذلك، فالصوم في حَقه أفضل. وحقق الشوكاني، فرأى أنَّ من كان يَشُقُّ عليه الصّوم ويضره، وكذلك من كان مُعْرِضاً عن قبول الرُّخْصَة، فالفطر أفضل، وكذلك من خاف على نفسه العُجْبَ أو الرِّياء إذا صام في السفر، فالفطر في حقه أفضل، وما كان من الصيام خالياً عن هذه الأمور، فهو أفضل من الإفطار. وإذا نوى المسافر الصيام بالليل، وشَرَع فيه، جاز له الفطر أثناء النهار؛ فعن جابر بن عبد اللّه _ رضي اللّه عنه _ أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة عام الفتح فصام، حتى بلغ كُرَاع الغَمِيم(7)، وصام الناس معه، فقيل له: إن الناس قد شَقّ عليهم الصيام، وإن الناس ينظرون فيما فعلت. فدعا بقدح من ماء بعد العصر فشرب، والناس ينظرون إليه، فأفطر بعضُهم، وصام بعضُهم، فبلغه أن ناساً صاموا، فقال: "أولئك العصاة(8)"(9). رواه مسلم، والنسائي، والترمذي وصححه. وما إذا نوى الصوم، وهو مقيم، ثم سافر في أثناء النهار، فقد ذهب جمهور العلماء إلى عدم جواز الفطر له، وأجازه أحمد، وإسحاق؛ لما رواه الترمذي وحسنه، عن محمد بن كعب، قال: أتيتُ في رمضان أنسَ بنَ مالك، وهو يريد سفراً، وقد رُحِّلتْ له راحلته، ولبس ثياب السفر، فدعا بطعام فأكل، فقلت له: سُنّة ؟ فقال: سنة. ثم ركب(10). وعن عبيد بن جبير، قال: رَكبْتُ مع أبي بصرة الغفاري، في سفينة من الفسطاط(11)، في رمضان، فدفع، ثم قرب غداءه، ثم قال: اقترب. فقلت: ألستَ بين البيوت ؟ فقال أبو بصرة: أرغبتَ عن سنة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم (12) ! رواه أحمد، وأبو داود، ورجاله ثقات. قال الشوكاني: والحديثان يدلان على أن للمسافر أن يفطر قبل خروجه، من الموضع الذي أراد السفر منه. وقال: قال ابن العربي: وأما حديث أنس، فصحيح يقتضي جواز الفطر، مع أهبة السفر. وقال: وهذا هو الحق. والسفر المبيح للفطر؛ هو السفر الذي تقصر الصلاة بسببه، ومدة الإقامة التي يجوز للمسافر أن يُفطِر فيها، هي المدة التي يجوز له أن يقصر الصلاة فيها. وتقدم جميع ذلك في مبحث "قصر الصلاة"، ومذاهب العلماء، وتحقيق ابن القيم. وقد روى أحمد، وأبو داود، والبيهقي، والطحاوي، عن منصور الكلبي، أن دِحْية ابن خليفة خرج من قرية، من دمشق مَرَّة إلى قدر عقبة(13) من الفسطاط، في رمضان، ثم إنه أفطر وأفطر معه ناس، وكره آخرون أن يُفطِرُوا، فلما رجع إلى قريته، قال: واللّه، لقد رأيت اليوم أمراً ما كنت أظن أني أراه، إن قوماً رَغِبوا عن هَدْي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأصحابه. يقول ذلك للذين صاموا، ثم قال عند ذلك: اللهم اقبضني إليك(14). وجميع رواة الحديث ثقات، إلا منصور الكلبي، وقد وثقه العِجْلي. -------------------------------------------------------------------------------- (1)أبـو داود: كتـاب الصـلاة - بـاب كيـف الأذان، برقـم (506) (1 / 347)، وأحمد فـي "المسنـد" (5 / 246، 247). (2) يعرف ذلك إما بالتجربة، أو بإخبار الطبيب الثقة، أو بغلبة الظن. (3) مسلم: كتاب الصيام - باب التخيير في الصوم والفطر في السفر، برقم (107) (2 / 790)، والنسائي: كتاب الصيام - باب ذكر الاختلاف على عروة في حديث حمزة فيه، برقم (2303) (4 / 186، 187)، والبيهقي: كتاب الصيام - باب الرخصة في الصوم في السفر (4 / 243). (4) مسلم: كتاب الصيام - باب أجر المفطر في السفر إذا تولى العمل، برقم (102) (2 / 789)، وأبو داود: كتاب الصوم - باب الصوم في السفر، برقم (2406) (2 / 795)، وأحمد في "المسند" (3 / 35). (5) فلا يجد الصائم على المفطر: أي؛ لا يعيب عليه. (6) مسلم: كتاب الصيام - باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر، في غير معصية، برقم (96) (2 / 787)، والترمذي: كتاب الصوم - باب ما جاء في الرخصة في السفر، برقم (713) (3 / 83)، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وأحمد في "المسند" (3 / 12)، والبيهقي: كتاب الصيام - باب من اختار الصوم في السفر إذا قوي على الصيام (4 / 245). (7) الغميم: اسم واد، أمام عسفان. (8) لأنه عزم عليهم فأبوا، وخالفوا الرخصة. (9) مسلم: كتاب الصيام - باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية، برقم (90) (2 / 785)، والترمذي: كتاب الصوم - باب ما جاء في كراهية الصوم في السفر، برقم (710) وقال: حديث حسن صحيح (3 / 80، 81)، والنسائي: كتـاب الصيـام - بـاب ذكـر اسم الرجل، برقم (2263) (4 / 177)، والبيهقي: كتاب الصيام - باب المسافر يصوم بعض الشهر، ويفطر بعضاً، ويصبح صائماً في سفره، ثم يفطر (4 / 246). (10) الترمذي: كتاب الصوم - باب من أكل ثم خرج يريد سفراً، برقم (799) (3 / 154) وقال المحقق: لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة، سوى الترمذي. والبيهقي: كتاب الصيام - باب المسافر يصوم بعض الشهر، ويفطر بعضاً ويصبح صائماً في سفره ثم يفطر (4 / 246)، وقال الألباني: لكن يشهد له الحديث الذي بعده. تمام المنة (400). (11) الفسطاس؛ مصر القديمة.والحديث رواه أبو داود: كتاب الصـوم - باب متـى يفطـر المسافر إذا خرج ؟ برقم (2412) (2 / 799)، وأحمد في "المسند" (6 / 7)، والبيهقي: كتـاب الصيـام - بـاب من قال: يفطر وإن خرج بعد طلوع الفجر (4 / 246). (12) استفهام إنكاري. (13) أي؛ أن المسافة التي قطعها من القرية التي خرج منها، تعدل المسافة التي بين مصر القديمة وميت عقبة المجاورة لامبابة، وقدرت هذه المسافة بفرسخ. (14) أبو داود: كتاب الصوم - باب قدر مسيرة ما يفطر فيه، برقم (2413) (2 / 800، 801)، وقال المنذري، وهو يشير إلى منصور الكلبي: فإن رجال الإسناد جميعهم ثقات، محتج بهم في الصحيح سواه، وهو مصري. والبيهقي: كتاب الصيام - باب جواز الفطر في السفر... (4 / 241). |
رد: فقه الصيام
مَنْ يجبُ عليه الفطرُ والقضاءُ معًا ؟
اتفق الفقهاء على أنه يجب الفطر على الحائض والنفساء، ويحرُم عليهما الصيام، وإذا صامتا، لا يصح صومهما، ويقع باطلاً، وعليهما قضاء ما فاتهما؛ روى البخاري، ومسلم، عن عائشة، قالت: كنا نحيضُ على عهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فنؤمَرُ بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة(1). (1) البخاري بمعناه: كتاب الحيض - باب لا تقضي الحائض الصلاة (1 / 88)، ومسلم: كتاب الحيض - باب وجوب قضاء الصوم على الحائض، دون الصلاة، برقم (69) (1 / 265)، وأبو داود: كتاب الطهارة - باب في الحائض لا تقضي الصلاة، برقم (262، 263) (1 / 180)، والترمذي: كتاب الطهارة - باب ما جاء في الحائض، أنها لا تقضي الصلاة، برقم (130) (1 / 234) وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجه: كتاب الطهارة وسننها - باب الحائض لا تقضي الصلاة، برقم (631) (1 / 207)، والنسائي: كتاب الحيض والاستحاضة - باب سقوط الصلاة عن الحائض، برقم (382) (1 / 191، 192).. الايام المنهى عن صيامها النّهيُ عن صيامِ يومَي العيدين جاءت الأحاديث مصرحة بالنهي عن صيام أيام(1)، نُبَيِّنُها فيما يلي: (1) النّهيُ عن صيامِ يومَي العيدين: أجمع العلماء على تحريم صوم يومي العيدين؛ سواء أكان الصوم فرضاً، أم تطوعاً؛ لقول عمر _ رضي اللّه عنه _: إن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام هذين اليومين؛ أما يوم الفطر، ففطركم من صومكم(2)، وأما يوم الأضحى، فكلوا من نُسككم(3)(4). رواه أحمد، والأربعة. (1)البخاري: كتاب الصوم - باب صوم يوم الفطر (3 / 55)، ومسلم: كتاب الصيام - باب النهى عن صوم يوم الفطر ويوم الأضحى، برقم (140 _ 143) (2 / 799)، والترمذي: كتاب الصوم - باب ما جاء في كراهية الصوم يوم الفطر والنحر، برقم (772) (3 / 133)، وقال: حديث حسن صحيح، والعمل عليه عند أهل العلم، وابن ماجه: كتاب الصيام _ باب في النهي عن صيام يوم الفطر والأضحى، برقم (1721) (1/549)، والموطأ: كتاب الصيام - باب صيام يوم الفطر والأضحى والدهر، برقم (36) (1 / 300)، وأحمد في "المسند" (2 / 511). (2) أي؛ الفطر من صيام رمضان. (3) النسك: الأضاحي. (4) مسلم: كتاب الصيام - باب النهي عن صوم يوم الفطر ويوم الأضحى، برقم (138) (2 / 799)، والترمذي: كتاب الصوم - باب ما جاء في كراهية الصوم يوم الفطر والنحر، برقم (771) (3 / 132، 133)، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجه: كتاب الصيام - باب في النهي عن صيام يوم الفطر والأضحى، برقم (1722) (1 / 549)، وأحمد في "المسند" (1 / 24). |
رد: فقه الصيام
النَّهيُ عن صومِ أيام التَّشْريقِ
(2) النَّهيُ عن صومِ أيام التَّشْريقِ: لا يجوز صيام الأيام الثلاثة التي تلي عيد النحر؛ لما رواه أبو هريرة، أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بعث عبد اللّه بن حُذَافة يطوف في منى: "ألا تصوموا هذه الأيام؛ فإنها أيام أكل وشُرْبٍ وذِكـر اللّه، عز وجل(1)". رواه أحمد بإسنـاد جيد. وروى الطبراني في "الأوسط"، عن ابن عباس _ رضي اللّه عنهما _ أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أرسل صائحاً يَصِيحُ: "ألا تصوموا هذه الأيام؛ فإنها أيام أكل، وشرب، وبعال(2)". وأجاز أصحاب الشافعي صيام أيام التشريق، فيما له سبب؛ من نذر، أو كفارة، أو قضاء، أما ما لا سبب له، فلا يجوز فيها، بلا خلاف. وجعلوا هذا نظير الصلاة، التي لها سبب في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها. -------------------------------------------------------------------------------- (1) أحمد (5 / 75، 76، 224). (2) " بعال": أي؛ جماع الرجل زوجته، وهذه الرواية بزيادة "وبعال" ضعيفة، منكرة. انظر: تمام المنة (402). النَّهيُ عن صَوْمِ يومِ الجمُعَةِ منفردًا (3) النَّهيُ عن صَوْمِ يومِ الجمُعَةِ منفرداً: يوم الجمعة عيد أسبوعي للمسلمين؛ ولذلك نهى الشارع عن صيامه. وذهب الجمهور إلى أن النهي للكراهة(1)، لا للتحريم، إلا إذا صام يوماً قبله أو يوماً بعده، أو وافق عادة له، أو كان يوم عرفة، أو عاشوراء، فإنه حينئذ لا يكره صيامه؛ فعن عبد اللّه بن عمرو، أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم دخل على جويرية بنت الحارث، وهي صائمة في يوم جمعة، فقال لها: "أصُمْتِ أمس" ؟ فقالت: لا. قال: "أتريدين أن تصومي غداً" ؟ قالت: لا. قال: "فأفطري إذن"(2). رواه أحمد، والنسائي بسند جيد. وعن عامر الأشعري، قال: سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إن يوم الجمعة عيدُكم فلا تصوموه، إلا أن تصوموا قبله أو بعده"(3). رواه البزار بسند حسن. وقال علي _ رضي اللّه عنه _: من كان منكم متطوعاً، فليَصُم يوم الخميس، ولا يَصُم يوم الجمعة؛ فإنه يوم طعام، وشراب، وذكر. رواه ابن أبي شيبة بسند حسن. وفي "الصحيحين"، من حديث جابر _ رضي اللّه عنه _ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تصوموا يوم الجمعة، إلا وقبله يوم أو بعده يوم"(4). وفي لفظ لمسلم: "ولا تَخُصُّوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصُّوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم"(5). -------------------------------------------------------------------------------- (1) وعن أبي حنيفة، ومالك: لا يكره. والأدلة المذكورة حجة عليهما. (2) البخاري: كتاب الصوم - باب صوم يوم الجمعة (3 / 54)، وأبو داود: كتاب الصوم - باب الرخصة في ذلك برقم (2422) (2 / 806)، وأحمد في "المسند" (2 / 189) (6 / 324). (3) كشف الأستار عن زوائد البزار: كتـاب الصيـام - بـاب ما جـاء في صـوم يـوم الجمعة، برقم (1069) (1 / 499)، وقال الهيثمي: رواه البزار، وإسناده حسن. مجمع الزوائد (3 / 199). (4) البخاري: كتاب الصوم - باب صوم يوم الجمعة (3 / 54)، ومسلم، من حديث أبي هريرة: كتاب الصيام - باب كراهة صيام يوم الجمعة منفرداً، برقم (147) (2 / 801)، ومن حديث جابر، مختصراً: كتاب الصيام _ باب كراهة صيام يوم الجمعة منفرداً، برقم (146، 147) (2 / 801). (5) مسلم: كتاب الصيام - باب كراهية صيام يوم الجمعة منفرداً، برقم (148) (2 / 801). النَّهيُ عن إفرادِ يوم السَّبتِ بصيام (4) النَّهيُ عن إفرادِ يوم السَّبتِ بصيام: عن بُسر السلمي، عن أخته الصماء، أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا تصوموا يوم السبت، إلا فيما افترض عليكم(1)، وإن لم يجد أحدكم، إلا لحاء(2) عنب، أو عود شجرة، فليمضغه"(3). رواه أحمد، وأصحاب السنن، والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم، وحسنه الترمذي، وقال: ومعنى الكراهة في هذا، أن يختص الرجل يوم السبت بصيام؛ لأن اليهود يعظمون يوم السبت. وقالت أم سلمة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم يوم السبت، ويوم الأحد، أكثر مما يصوم من الأيام، ويقول: "إنهما عيد المشركين، فأنا أحب أن أخالفهم"(4). رواه أحمد، والبيهقي، والحاكم، وابن خزيمة وصححاه. ومذهب الأحناف، والشافعية، والحنابلة، كراهة الصوم يوم السبت منفرداً؛ لهذه الأدلة، وخالف في ذلك مالك، فجوَّز صيامه منفرداً، بلا كراهة، والحديث حجة عليه. -------------------------------------------------------------------------------- (1) ويشمل القضاء، والنذور، والنفل، إذا وافق عادته، أو كان يوم عرفة، ونحو ذلك (2) "لحاء": أي؛ قشر. (3) أبو داود: كتاب الصوم - باب النهي أن يخص يوم السبت بصوم، برقم (2421) (2 / 805)، والترمذي: كتاب الصوم - باب صوم السبت، برقم (744) (3 / 111) وقال: حديث حسن. وابن ماجه: كتاب الصوم - باب في صيام يوم السبت، برقم (1726) (1 / 550)، والحاكم: كتاب الصوم - باب النهي عن صوم يوم السبت (1 / 435) وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه. وسكت عليه الذهبي، والدارمي: كتاب الصوم _ باب في صيام يوم السبت (2 / 19) وفي "الزوائد": رواه ابن حبان في "صحيحه"، وأحمد في "المسند" (4 / 189) (6 / 368، 369). (4) الحاكم: كتاب الصوم - باب ترغيب صيام يوم السبت والأحد (1 / 436)، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، والبيهقي: كتاب الصيام - باب ما ورد من النهي عن تخصيص يوم السبت بالصوم (4 / 303)، وأحمد في "المسند" (6 / 324)، وصحيح ابن خزيمة: كتاب الصيام - باب الرخصة في يوم السبت إذا صام يوم الأحد بعده، برقم (2167) (3 / 318). النَّهيُ عن صَوْمِ يوم الشَّكِّ (5) النَّهيُ عن صَوْمِ يوم الشَّكِّ: قال عمار بن ياسر _ رضي اللّه عنه _: من صام اليوم الذي يشك فيه، فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم (1). رواه أصحاب السنن. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، وبه يقول سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وعبد اللّه بن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وكلهم كرهوا، أن يصومَ الرجلُ اليوم الذي يشك فيه. ورأى أكثرهم، إن صامه، وكان من شهر رمضان، أن يقضي يوماً مكانه(2)، فإن صامه؛ لموافقته عادة له، جاز له الصيام حينئذ، بدون كراهة؛ فعن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقدَّموا(3) صوم رمضان بيوم ولا يومين، إلا أن يكون صوم يصومه رجل، فليصم ذلك اليوم"(4). رواه الجماعة. وقال الترمذي: حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم، كرهوا أن يتعجل الرجل بصيام قبل دخول رمضان، لمعنى رمضان، وإن كان رجل يصوم صوماً، فوافق صيامه ذلك، فلا بأس به عندهم. -------------------------------------------------------------------------------- (1) البخاري: كتاب الصوم - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم الهلال فصوموا..." (3 / 34)، والترمذي: كتاب الصوم - باب كراهية صوم يوم الشك، برقم (686) (3 / 61)، وقال: حديث حسن صحيح، وأبو داود: كتاب الصوم - باب كراهية صوم يوم الشك، برقم (2334) (2 / 749، 750)، وابن ماجه: كتاب الصيام - باب ما جاء في صيام يوم الشك، برقم (1645) (1 / 527)، والدارمي: كتاب الصوم - باب في النهي عن صيام يوم الشك (2 / 2)، والنسائي: كتاب الصوم - باب صيام يوم الشك، برقم (2188) (4/ 153). (2) وعند الحنفية: إن ظهر أنه من رمضان، وصامه، أجزأ عنه. (3) "تقدموا": أي؛ تتقدموا. (4) البخاري: كتاب الصوم - باب لا يتقدمن رمضان بصوم يوم أو يومين (3 / 35، 36)، ومسلم: كتاب الصيام - باب لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين، برقم (21) (2 / 762)، والترمذي: كتاب الصوم - باب ما جاء في كراهية الصوم في النصف الثاني من شعبان لحال رمضان، برقم (738) (3 / 106)، وباب ما جاء لا تَقَدَّمُوا الشهر بصوم، برقم (685) (3 / 60)، وقال: حديث حسن صحيح، وأبو داود: كتاب الصوم _ باب فيمن يصلُ شعبان برمضان، برقم (2335) (2 / 750)، وابن ماجه: كتاب الصيام - باب ما جاء في النهي أن يتقدم رمضان بصوم، إلا من صام صوماًً، فوافقه، برقم (1650) (1 / 528)، والنسائي: كتاب الصيام - باب التقدم قبل شهر رمضان، برقم (2172) (4 / 149)، وأحمد في "المسند" (2 / 234، 347، 408، 477، 497، 513، 521)، والدارمي: كتاب الصوم - بـاب النهي عن التقدم في الصيام قبل الرؤيـة (2 / 4 النَّهيُ عن صَوْمِ الدَّهرِ (6) النَّهيُ عن صَوْمِ الدَّهرِ: يحرم صيام السّنَةِ كلها بما فيها الأيام التي نهى الشارع عن صيامها؛ لقول رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "لا صامَ، من صام الأبد"(1). رواه أحمد، والبخاري، ومسلم. فإن أفطر يَوْمَيِ العيد، وأيام التشريق، وصام بقية الأيام، انتفت الكراهة، إذا كان ممن يقوى على صيامها. قال الترمذي: وقد كرِهَ قومٌ من أهل العلم صيام الدهر، إذا لم يفطرْ يوم الفطر، ويوم الأضحى، وأيام التشريق(2). فمن أفطر في هذه الأيام، فقد خرج من حدِّ الكراهة، ولا يكون قد صام الدهر كله. هكذا رُويَ عن مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحق. وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم حمزة الأسلمي على سَرْد الصيام، وقال له: "صُمْ إن شئت، وأفطرْ إن شئت"(3). وقد تقدم. والأفضل أن يصوم يوماً، ويفطر يوماً؛ فإن ذلك أحب الصيام إلى اللّه، وسيأتي. -------------------------------------------------------------------------------- (1) البخاري: كتاب الصوم - باب حق الأهل في الصوم (3 / 52)، ومسلم: كتاب الصيام - باب النهـي عن صـوم الدهـر لمن تضـرر به، أو فـوت به حقّاً...، برقم (186، 187) (2 / 814، 815)، والنسائي: كتاب الصيام - باب ذكر الاختلاف على عطاء في الخبر فيه، برقم (2378) (4 / 206)، وابن ماجه: كتاب الصيام _ باب ما جاء في صيام الأبد، برقم (1706) (1 / 544)، وأحمد في "المسند" (2 / 164، 189، 190، 199، 212، 6 / 455). (2) الترمذي: كتاب الصوم _ باب ما جاء في صوم الدهر (3 / 130). (3) مسلم: كتاب الصوم، باب التخيير في الصوم والفطر في السفر (ح 104، 105)، والنسائي: كتاب الصيام - باب ذكـر الاختـلاف على هشام بن عـروة فيه، برقـم (2301، 2307) (4 / 186، 187)، وباب سرد الصيام، برقم (2384) (4 / 207)، وابن ماجه: كتاب الصيام - باب ما جاء في الصوم في السَّفر، برقم (1662) (1 / 531)، والموطأ: كتاب الصيام - باب ما جاء في الصيام في السفر، برقم (24) (1 / 295). النَّهيُ عن صِيامِ المرأة ، وزوجُهَا حاضرٌ ، إلا بإذنه (7) النَّهيُ عن صِيامِ المرأة، وزوجُهَا حاضرٌ، إلا بإذنه: نهى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم المرأة أن تصوم، وزوجها حاضر، حتى تستأذنه؛ فعن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تصُم المرأة يوماً واحداً، وزوجها شاهد إلا بإذنه، إلا رمضان"(1). رواه أحمد، والبخاري، ومسلم. وقد حمل العلماء هذا النهي على التحريم، وأجازوا للزوج أن يفسِدَ صيام زوجته لو صامت، دون أن يأذن لها؛ لافتياتها(2) على حقه، وهذا في غير رمضان، كما جاء في الحديث، فإنه لا يحتاج إلى إذن من الزوج. وكذلك لها أن تصوم من غير إذنه، إذا كان غائباً، فإذا قدمَ له أن يفسدَ صيامها. وجعلوا مرض الزوج، وعجزه عن مباشرتها مثل غيبته عنها، في جواز صومها، دون أن تستأذنه. -------------------------------------------------------------------------------- (1) البخاري: كتاب النكاح - باب صوم المرأة بإذن زوجها تطوعاً (7 / 39)، ومسلم: كتاب الزكاة - باب ما أنفق العبد من مال مولاه، برقم (84) (2 / 711)، والترمذي: كتاب الصوم - باب كراهية صوم المرأة إلا بإذن زوجها، برقم (782)، وقال: حديث حسن صحيح (3 / 142)، وأبو داود: كتاب الصوم - باب المرأة تصوم بغير إذن زوجها، برقم (2458) (2 / 826، 827)، وابن ماجه: كتاب الصيام - باب في المرأة تصوم بغير إذن زوجها، برقم (1761) (1 / 560)، والدارمي: كتاب الصوم - باب النهي عن صوم المرأة تطوعاً، إلا بإذن زوجها (2 / 12)، وأحمد في "المسند" (2 / 316، 444، 476، 500). (2) لافتياتها: أي؛ لتعديها على حقه. النَّهيُ عن وصَالِ الصَّوْمِ (8) النَّهيُ عن وصَالِ الصَّوْمِ(1): 1ـ عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم والوصال". قالها ثلاث مرات، قالوا: فإنك تواصل يا رسول اللّه ؟ قال: "إنكم لستم في ذلك مثلي، إني أبيت يطعمني(2) ربي ويسقيني، فاكلفُوا من الأعمال ما تطيقون"(3). رواه البخاري، ومسلم. وقد حمل الفقهاء النهي على الكراهة، وجوّز أحمد، وإسحق، وابن المنذر، الوصال إلى السحر، ما لم تكن مشقة على الصائم؛ لما رواه البخاري، عن أبي سعيد الخدري _ رضي اللّه عنه _ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تواصلوا، فأيّكم أراد أن يواصل فَليُواصِلْ، حتى السحر"(4). -------------------------------------------------------------------------------- (1) وصال الصوم؛ متابعة بعضه بعضاً دون فطر، أو سحور. (2) "يطعمني ربي ويسقيني". أي؛ يجعل الله له قوة الطاعم، والشارب. (3) البخاري: كتاب الصوم _ باب التنكيل لمن أكثر الوصال... (3 / 49)، ومسلم: كتاب الصيام _ باب النهي عن الوصال في الصوم، رقم (58) (2 / 774)، والموطأ: كتاب الصيام _ باب النهي عن الوصال في الصيام، برقم (39) (1 / 301)، والدارمي:كتاب الصوم _ باب النهي عن الوصال في الصوم (2 / 7، 8)، وأحمد في "المسند" (2 / 231، 237، 244، 315، 345، 418). (4) البخاري: كتاب الصوم - باب الوصال ومن قال: ليس في الليل صيام... (3 / 48) وأبو داود: كتاب الصوم _ بـاب في الوِصال، برقم (2361) (2 / 767)، والدارمي: كتـاب الصـوم - بـاب صيـام الستـة من شوال (2 / 21) وأحمد في "المسند" (3 / 8). |
رد: فقه الصيام
آداب الصيــــام الكفُّ عما يتنافى مع الصّيامِالسَّحورُ يستحب للصائم أن يراعي في صيامه الآداب الآتية: (1) السَّحورُ: وقد أجمعت الأمة على استحبابه، وأنه لا إثم على من تركه؛ فعن أنَس _ رضي اللّه عنه _ أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: "تسحّروا؛ فإن في السّحور (1) بركةً"(2). رواه البخاري، ومسلم. وعن المقدام بن مَعْد يكرب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عليكم بهذا السحور؛ فإنه هو الغذاء المبارك"(3). رواه النسائي بسند جيد. وسبب البركة، أنه يقوّي الصائم، وينشطه، ويهون عليه الصيام. بمَ يتحققُ ؟ ويتحقق السحور بكثير الطعام وقليله، ولو بجرعة ماء؛ فعن أبي سعيد الخدري _ رضي اللّه عنه _ أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: "السحور بركة فلا تدعوه، ولو أن يَجْرَع أحدكم جَرْعَة ماء؛ فإن اللّه وملائكته يصلون على المتسحرين"(4). رواه أحمد. وقْتُـه: وقت السحور من منتصف الليل إلى طلوع الفجر، والمستحب تأخيره؛ فعن زيد بن ثابت _ رضي اللّه عنه _ قال: تسحّرْنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، ثم قمنا إلى الصلاة، قلت: كم كان قدر ما بينهما ؟ قال: خمسين آية(5). رواه البخاري، ومسلم. وعن عمرو بن ميمون، قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أعجلَ الناس إفطاراً، وأبطأهم سحوراً (6). رواه البيهقي بسند صحيح. وعن أبي ذر الغفاري _ رضي اللّه عنه _ مرفوعاً: "لا تزال أمتي بخير، ما عَجّلوا الفطر، وأخّرُوا السحور"(7). وفي سنده سليمان بن أبي عثمان، وهو مجهول. الشكُّ في طلوعِ الفجْرِ: ولو شك في طلوع الفجر، فله أن يأكل ويشرب، حتى يستيقن طلوعه، ولا يعمل بالشك؛ فإن اللّه _ عز وجل _ جعل نهاية الأكل والشرب التبيّن نفسه، لا الشك؛ فقال: " وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَْبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَْسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ " [البقرة: 187]. وقال رجل لابن عباس _ رضي اللّه عنهما _: إني أتسَحّر، فإذا شككت أمْسَكتُ. فقال ابن عباس: كلْ ما شككتَ، حتى لا تشك. وقال أبو داود: قال أبو عبد اللّه(8): إذا شكَّ في الفجر يأكل، حتى يستيقن طلوعه. وهذا مذهب ابن عباس، وعطاء، والأوزاعي، وأحمد. وقال النووي: وقد اتفق أصحاب الشافعي على جواز الأكل للشّاكِّ، في طلوع الفجر. (1) السحور بالفتح؛ المأكول، وبالضم؛ المصدر والفعل. (2) البخاري: كتاب الصوم - باب بركة السحور في غير إيجاب.... (3 / 37، 38)، ومسلم: كتاب الصيام - باب فضل السحور وتأكيد استحبابه، واستحباب تأخيره وتعجيل الفطر، برقم (45 2 / 770)، والترمذي: كتاب الصوم - باب ما جاء في فضل السحور، برقم (708) (3 / 79)، والنسائي: كتاب الصوم - باب الحث على السحور، برقم (2146) (4 / 141)، وابن ماجه: كتاب الصيام - باب ما جاء في السحور، برقم (1692) (1 / 540)، والدارمي: كتاب الصوم - باب في فضل السحور (2 / 6)، وأحمد في "المسند" (3 / 99، 215، 229، 243، 258، 281)، والبيهقي: كتـاب الصيـام - باب استحبـاب السحـور (4 / 236). (3) النسائي: كتـاب الصيـام - بـاب تسميـة السحـور غـذاء، برقم (2164) (4 / 146)، وانظر "الإحكام في الأحكام"، للأستاذ مصطفى بن سلامة. (4) أحمد في "المسند" (3 / 12، 44) بلفظه، ورواه مختصراً (5 / 370). (5) البخاري: كتاب الصوم - باب قَدْرِ كَمْ بين السحور وصلاة الفجر (3 / 37)، ومسلم: كتاب الصيام - باب فضل السحور وتأكيد استحبابه، واستحباب تأخيره، وتعجيل الفطر، برقم (47) (2 / 771). (6) البيهقي: كتاب الصيام - باب ما يستحب من تعجيل الفطر وتأخير السحور (4 / 238). (7) وفي البخاري: "لا يزال الناس بخير، ما عجلوا الفطر". (مع الفتح 4 / 234). ومنه، تعلم بطلان ما عليه الشيعة بإيران، وغيرها من تأخير الفطر، حتى تظهر بعض النجوم، ففي الحديث شهادة، أنهم ليسوا بخير، فاستمسك، أخي، بالسنة، ولا تنخدع بهم، انظر "الفتح" (4 / 234)، ورواه أحمد في "المسند" (5 / 172). (8) هو أحمد بن حنبل. وأثر ابن عباس في "الفتح"، وصححه ابن حجر (4 / 161). تعجيلُ الفطْرِ ويُسْتَحَب للصائم أن يعَجِّل الفطر، متى تحقق غروب الشمس؛ فعن سهل بن سعد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزال الناس بخير، ما عَجّلوا الفطر"(1). رواه البخاري، ومسلم. وينبغي أن يكون الفطر على رطَباتٍ وتراً، فإن لم يجد، فعلى الماء؛ فعن أنَس _ رضي اللّه عنه _ قال: كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يُفْطِر على رُطَباتٍ قبل أن يُصَلي، فإن لم تكن، فعلى تمرات، فإن لم تكن، حَسَا حَسَوات(2) من ماء(3). رواه أبو داود، والحاكم وصححه، والترمذي وحسنه. وعن سلمان بن عامر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان أحدكم صائماً، فليُفطِرْ على التمر، فإن لم يجد التمر، فعلى الماء؛ فإن الماء طهور"(4). رواه أحمد، والترمذي، وقال: حسن صحيح. وفي الحديث دليل على أنه يستحب الفطر قبل صلاة المغرب بهذه الكيفية، فإذا صلى، تناول حاجته من الطعام بعد ذلك، إلا إذا كان الطعام موجوداً، فإنه يبدأ به؛ قال أنَس: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "إذا قُدّمَ العَشَاء، فابدءوا به قبل صلاة المغرب، ولا تعجلوا عن عَشَائكم"(5). رواه الشيخان. (1) البخاري: كتاب الصوم - باب تعجيل الإفطار (3 / 47)، ومسلم: كتاب الصيام - باب فضل السحور، برقم (48) (2 / 771)، وابن ماجه: كتاب الصيام - باب ما جاء في تعجيل الإفطار، برقم (1697) (1 / 541)، والترمذي: كتاب الصوم - باب ما جاء في تعجيل الإفطار، برقم (699) (3 / 73) وقال أبو عيسى: حديث حسن صحيح، والدارمي: كتاب الصوم - باب في تعجيل الإفطار (2 / 7)، والموطأ: كتاب الصيام - باب ما جاء في تعجيل الفطر، برقم (6) (1 / 288)، والبيهقي: كتاب الصيام - باب ما يستحب من تعجيل الفطر، وتأخير السحور (4 / 237)، وأحمد في "المسند" (5 / 331، 334، 336، 337، 339). (2) "حسا": أي؛ شرب. (3) أبو داود: كتاب الصوم - باب ما يُفْطر عليه، برقم (2356) (2 / 764)، والترمذي: كتاب الصوم - باب ما جاء ما يستحب عليه الإفطار، برقم (696) (3 / 70) وقال: هذا حديث حسن غريب، وأحمد في "المسند" (3 / 164)، والحاكم: كتاب الصيام (1 / 432) وقال: صحيح على شرط مسلم. (4) الترمذي: كتاب الصوم - باب ما جاء ما يستحَبُّ عند الإفطار، برقم (695) وقال: هذا حديث حسن صحيح (3 / 69، 70)، وأبو داود: كتاب الصوم - باب ما يُفطر عليه، برقم (2355) (2 / 764)، وابن ماجه: كتاب الصيام - باب ما جاء على ما يستحب الفطر، برقم (1699) (1 / 542)، والدارمي: كتاب الصوم - باب ما يستحب الإفطار عليه (2 / 7)، والحاكم: كتاب الصوم - باب استحباب الإفطار على التمر (1 / 432) وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي، والبيهقي: كتاب الصيام - باب ما يفطر عليه (4 / 238). (5) البخاري: كتاب الأذان - باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة (1 / 171)، ومسلم بلفظ: "إذا قُرِّبَ العَشاء، وحضرت الصلاة": كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم (64) (1 / 392)، وأحمد بمعناه (2 / 148). الدُّعاءُ عند الفطْرِ ، وأثناء الصّيامِ روى ابن ماجه، عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن للصائم عند فطره دعوةً ما تُرَدُّ"(1). وكان عبد اللّه إذا أفطر، يقول: اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كلّ شيء، أن تغفر لي. وثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول: "ذهب الظمأ، وابتلّت العروق، وثبت الأجر، إن شاء اللّه تعالى"(2). وروي مرسلاً، أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول: "اللهم لك صمت، وعلى رِزقك أفطرت"(3). وروى الترمذي بسند حسن، أنه صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة لا تُرَدُّ دعوتهم؛ الصائم حتى يفطر(4)، والإمام العادل، والمظلوم"(5). (1) ابن ماجه: كتاب الصيام - باب في الصائم لا تُرَدُّ دعوته، برقم (1753) (1 / 557) وفي "الزوائد": إسناده صحيح؛ لأن إسحاق بن عبيد اللّه بن الحارث، قال النسائي: ليس به بأس. وقال أبو زرعة: ثقة. وذكره ابن حبان في "الثقات"، وباقي رجال الإسناد على شرط البخاري، وهو ضعيف، انظر: "الإرواء" (921). (2) أبو داود: كتاب الصوم - باب القول عند الإفطار، برقم (2357) (2 / 765) ونسبه المنذري للنسائي، والبيهقي: كتاب الصيام - باب ما يقول إذا أفطر (4 / 239)، وهو ضعيف، انظر: "الإرواء" (921). (3) أبو داود: كتاب الصوم - باب القول عند الإفطار، برقم (2358) (2 / 765)، والبيهقي: كتاب الصيام - باب ما يقول إذا أفطر (4 / 239). (4) يستفاد منه استحباب الدعاء طول مدة الصيام، ولكن الحديث ضعيف، انظر "الضعيفة" (1358). (5) الترمذي: كتاب الدعوات - باب في العفو والعافية، برقم (3598) (5 / 578) وقال: هذا حديث حسن. وكتاب صفة الجنة - باب ما جاء في صفة الجنة ونعيمها، برقم (2526) (4 / 672) وقال فيه: هذا حديث ليس إسناده بذاك القوي، وليس هو عندي بمتصل، وقد روي هذا الحديث بإسناد آخر عن أبي مُدِلَّة، عن أبى هريرة، عن النبي ، وابن ماجه: كتاب الصيام _ باب في الصائم لا تردّ دعوته، برقم (1752) (1 / 557)، وأحمد في "المسند" (2 / 305، 445). الصيام عبادة من أفضل القربات، شرعه اللّه تعالى؛ ليُهذّبَ النفس، ويُعوّدها الخير، فينبغي أن يتحفظ الصائم من الأعمال التي تخدش صومه، حتى ينتفع بالصيام، وتحصل له التقوى التي ذكرها اللّه في قوله: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " [ البقرة: 183]. وليس الصيام مجرد إمساك عن الأكل والشرب، وإنما هو إمساك عن الأكل والشرب، وسائر ما نهى اللّه عنه؛ فعن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس الصيام من الأكل والشُرب، إنما الصيام من اللغو والرفث، فإن سابّكَ أحد أو جهل عليك، فقل: إني صائم، إني صائم"(1). رواه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم. وروى الجماعة، إلا مسلماً، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من لم يدَع(2) قول الزُّور والعملَ به، فليس للّه حاجةٌ في أن يدعَ طعامَه وشرابه(3)"(4). وعنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رُبَّ صائم ليس له من صيامه، إلا الجوعُ، ورُبَّ قائم ليس له من قيامه، إلا السهر"(5). رواه النسائي، وابن ماجه، والحاكم، وقال: صحيح على شرط البخاري. (1)الحاكم: كتاب الصوم - باب من أفطر في رمضان ناسياً، فلا قضاء عليه ولا كفارة (1 / 430، 431) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي، والإحسان بترتيب صحيح ابن حبان: كتاب الصوم - باب آداب الصوم، برقم (3470) (5 / 198)، وصحيح ابن خزيمة: كتاب الصوم - باب النهي عن اللغو في الصيام...، برقم (1996) (3 / 242). (2) "يدع": أي؛ يترك. (3) أي؛ ليس للّه إرادة في قبول صيامه، أي؛ أن اللّه لا يقبل صيامه. (4) البخاري: كتاب الصوم - باب من لم يدع قول الزور (3 / 33)، والترمذي: كتاب الصوم - باب التشديد للغيبة للصائم، برقم (707) (3 / 78) وقال: هذا حديث حسن صحيح. وابن ماجه: كتاب الصيام - باب ما جاء في الغيبة، والرفث للصائم، برقم (1689) (1 / 539)، وأبو داود: كتاب الصوم - باب الغيبة للصائم، برقم (2362)، وأحمد في "المسند" (2 / 452، 505). (5) الحاكم: كتاب الصوم (1 / 431) وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي، وابن ماجه: كتاب الصيام - باب ما جاء في الغيبة، والرفث للصائم، برقم (1690) (1 / 539)، وفي "الزوائد": إسناده ضعيف، والدارمي: كتاب الصوم - باب في المحافظة على الصَّوْم (2 / 301)، وأحمد في "المسند" (2 / 441). السِّواكُ ويستحب للصائم أن يَتَسَوَّك أثناء الصيام، ولا فرق بين أول النهار وآخره. قال الترمذي: ولم يرَ الشافعي بالسِّواك أوَّلَ النهار وآخره بأساً. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتسَوَّك(1)، وهو صائم، وتقدم ذلك في هذا الكتاب، فلْيرجَع إليه. (1)أبو داود: كتاب الصوم - باب السواك للصائم، برقم (2364) (2 / 768)، والترمذي: كتاب الصوم - باب ما جاء في السواك للصائم، برقم (725) (3 / 95) وقال أبو عيسى: حديث حسن. وذكر البخاري في "صحيحه" هذا الحديث معلقاً فى الترجمة، فقال: ويذكر عن عامر بن ربيعة....: كتاب الصوم - باب سواك الرطب، واليابس (3 / 40)، وأحمد في "المسند" (3 الجودُ ومدارسةُ القرآنِ الجود ومدارسة القرآن مُسْتَحَبّان في كل وقت، إلا أنهما آكد في رمضان؛ روى البخاري، عن ابن عباس _ رضي اللّه عنهما _ قال: كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أجودَ الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان، فيُدَارسُه القرآن، فلَرَسُولُ اللّه صلى الله عليه وسلم أجود بالخير، من الريح المرسلة(1) (2). (1) أي؛ في الإسراع، والعموم. (2) البخاري: كتاب الصوم - باب أجود ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يكون في رمضان (3 / 33)، ومسلم: كتاب الفضائل - باب كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، من الريح المرسلة، برقم (50) (4 / 1803)، والنسائي: كتاب الصيام - باب الفضل والجود في شهر رمضان، برقم (2095) (4 / 125)، وأحمد في "المسند" (1 / 288، 363). الاجتهادُ في العبادةِ في العشْرِ الأواخرِ من رمضانَ 1ـ روى البخاري، ومسلم، عن عائشة _ رضي اللّه عنها _ أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان إذا دخل العشر الأواخر، أحيى الليل، وأيقظ أهله، وشدَّ المئزَر(1). وفي رواية لمسلم: كان يجتهد في العشر الأواخر، ما لا يجتهد في غيره(2). 2ـ وروى الترمذي وصححه، عن علي _ رضي اللّه عنه _ قال: كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يوقظ أهله في العشر الأواخر، ويرفع المئزر(3). (1) البخاري: كتاب الصوم - باب فضل العمل في العشر الأواخر من رمضان (3 / 61)، ومسلم: كتاب الاعتكاف - باب الاجتهاد في العشر الأواخر من شهر رمضان، برقم (7) (2 / 832)، وابن ماجه: كتاب الصوم - باب في فضل العشر الأواخر من رمضان، برقم (1768) (1 / 562)، وأبو داود: كتاب الصلاة _ باب في قيام شهر رمضان، برقم (1376) (2 / 105)، والنسائي: كتاب قيام الليل وتطوع النهار - باب الاختلاف على عائشة في إحياء الليل، برقم (1639) (3 / 217، 218)، وأحمد في "المسند" بألفاظ متقاربة (6 / 40، 41، 66 _ 68، 146). (2) مسلم: كتاب الاعتكاف - باب الاجتهاد في العشر الأواخر من شهر رمضان، برقم (8) (2 / 832)، والترمذي: كتاب الصوم - باب مِنْهُ، برقم (796) (2 / 152)، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب، وابن ماجه: كتاب الصيام - باب في فضل العشر الأواخر من شهر رمضان، برقم (1767) (1 / 562)، وأحمد في "المسند" (6 / 82، 123، 256). (3) الترمذي بدون لفظة: "ويرفع المئزر": كتاب الصوم - باب منه، برقم (795) (3 / 152) وقال المحقق: لم يخرجه من أصحاب الكتب الستة، سوى الترمذي، وأحمد في "المسند" (1 / 98، 128، 133، 137). |
رد: فقه الصيام
مباحـــــات الصيـــــام نزول الماء والانغماس فيه يباح في الصيام ما يأتي: 1ـ نزولُ الماءِ، والانغماسُ فيه: لما رواه أبو بكر بن عبد الرحمن، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أنه حدَّثه، فقال: ولقد رأيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يَصُبّ على رأسه الماء، وهو صائم؛ من العطش، أو من الحرّ(1). رواه أحمد، ومالك، وأبو داود بإسناد صحيح. وفي "الصحيحين"، عن عائشة _ رضي اللّه عنها _ أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان يصْبُح جُنُباً، وهو صائم، ثم يغتسل(2). فإن دخل الماء في جوف الصائم، من غير قصد، فصَوْمُه صحيح. -------------------------------------------------------------------------------- (1) أبو داود: كتاب الصوم - باب الصائم يُصبُّ عليه الماء من العطش، ويبالغ في الاستنشاق، برقم (2365) (2 / 769)، والموطأ: كتاب الصيام - باب ما جاء في الصيام فى السفر، برقم (22) (1 / 294)، وأحمد في "المسند" (3 / 475، 4 / 63، 5 / 376، 380، 408، 430). (2) البخاري بنحوه: كتاب الصوم - باب الصائم يصبح جنباً (3 / 38)، ومسلم: كتاب الصيام - باب صحة صوم من طلع عليه الفجر، وهو جنب، برقم (76) (2 / 780)، وأحمد في "المسند" (6 / 34، 36، 38)، والدارمي: كتاب الصوم - باب فيمن أصبح جنباً، وهو يريد الصوم (2 / 13). الاكتحال والقطرة 2ـ الاكتحالُ والقطرةُ، ونحوهما مما يدخل العين؛ سواء أوجد طعمه في حلقه، أم لم يجده؛ لأن العين ليست بمنفذ إلى الجوف؛ فعن أنَس، أنه كان يكتحل، وهو صائم(1). وإلى هذا ذهبت الشافعية، وحكاه ابن المنذر، عن عطاء، والحسن، والنخعي، والأوزاعي، وأبي حنيفة، وأبي ثور. وروي عن ابن عمر، وأنس، وابن أبي أوفى، من الصحابة. وهو مذهب داود.ولم يصح في هذا الباب شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم،كما قال الترمذي(2). -------------------------------------------------------------------------------- (1) أبو داود: كتاب الصوم - باب في الكحل عند النوم للصائم، برقم (2378) (2 / 776). (2) الترمذي: كتاب الصوم - باب ما جاء في الكحل للصائم، برقم (726) (3 / 96)، وأبو داود: كتاب الصوم - باب في الكحل عند النوم للصائم، برقم (2377) (2 / 775، 776). القبلة 3ـ القبلةُ، لمن قدر على ضبط نفسه؛ فقد ثبت عن عائشة _ رضي اللّه عنها _ قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبِّل وهو صائم، ويباشر وهو صائم(1)، وكان أملككم لإرْبه(2). وعن عمر _ رضي اللّه عنه _ أنه قال: هششت(3) يوماً، فقبلتُ وأنا صائم، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: صنعت اليوم أمراً عظيماً؛ قبّلت وأنا صائم. فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "أرأيت لو تمضمتَ بماء، وأنت صائم ؟" قلت: لا بأس بذلك ؟ قال: "ففيم(4)"(5). قال ابن المنذر: رَخّص في القبلة عمر، وابن عباس، وأبو هريرة، وعائشة، وعطاء، والشعبي، والحسن، وأحمد، وإسحاق. ومذهب الأحناف، والشافعية، أنها تكرَه، على من حَرَّكتْ شهوتَه، ولا تكرَه لغيره، لكن الأولى تركها. ولا فرق بين الشيخ والشاب في ذلك، والاعتبار بتحريك الشهوة، وخوف الإنزال، فإن حركت شهوة شاب، أو شيخ قوي، كرِهَتْ، وإن لم تحرّكها لشيخ، أو شابّ ضعيف، لم تكرَه، والأولى تركها. وسواء قبّل الخد، أو الفم،أو غيرهما،وهكذا المباشرة باليد والمعانقة،لهما حكم القبلة. -------------------------------------------------------------------------------- (1) والمقصود المداعبة. (2) البخاري: كتاب الصوم - باب المباشرة للصائم (3 / 38، 39)، ومسلم: كتاب الصيام - باب بيان أن القبلة في الصوم ليست محرمة على من لم تحـرك شهوتـه، برقم (65، 66، 68) (2 / 777)، والترمذي: كتاب الصوم - باب ما جاء في مباشرة الصائم، برقم (728، 729) (3 / 98)، وابن ماجه: كتاب الصيام - باب ما جاء في المباشرة للصائم، برقم (1687) (1 / 538)، والموطأ بمعناه: كتاب الصيام - باب ما جاء في التشديد في القبلة للصائم، برقم (18) (1 / 293)، وأحمد في "المسند" (6 / 40، 42، 44، 126، 128، 156). (3) هششت: أي؛ نشطت. (4) "ففيم": أي؛ ففيم السؤال. (5) أبو داود: كتاب الصوم - باب القُبلة للصائم، برقم (2385) (2 / 779)، والدارمي: كتاب الصوم - باب الرخصة في القبلة للصائم (2 / 13)، وأحمد في "المسند" (1 / 21)، والحاكم، في "المستدرك": كتاب الصوم - باب جواز القبلة للصائم (1 / 431)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي، وفي "نيل الأوطار": صححه ابن خزيمة، وابن حبان (4 / 287). الحقنةُ 4ـ الحقنةُ: مطلقاً؛ سواء أكانت للتغذية، أم لغيرها، وسواء أكانت في العروق، أم تحت الجلد، فإنها، وإن وصلت إلى الجوف، فإنها تصل إليه من غير المنفذ المعتاد. الحجامةُ 5ـ الحجامةُ(1): فقد احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو صائم، إلا إذا كانت تضعف الصائم، فإنها تكره له، قال ثابت البُناني لأنَس: أكنتم تكرهون الحجامة للصائم، على عهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ؟ قال: لا، إلا من أجل الضعف(2). رواه البخاري، وغيره. والفصد(3) مثل الحجامة في الحكم. -------------------------------------------------------------------------------- (1) الحجامة؛ أخذ الدم من الرأس. (2) البخاري: كتاب الطب - باب أي ساعة يحتجم (7 / 161)، وأبو داود: كتاب الصوم - باب في الرخصة في ذلك، برقم (2372، 2373، 2375) (2 / 773، 774)، والترمذي: كتاب الصوم - باب الرخصة في الحجامة، برقم (775، 776، 777)، وابن ماجه: كتاب الصيام - باب ما جاء في الحجامة للصائم، برقم (1682) (1 / 537)، والموطأ: كتاب الصيام - باب ما جاء في حجامة الصائم، برقم (32) (1 / 298). (3) الفصد: أي؛ أخذ الدم من أي عضو. المضمضَةُ 6ـ المضمضَةُ، والاستنشَاقُ، إلا أنه تكرَه المبالغةُ فيهما؛ فعن لقيط بن صبرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فإذا استنشقت فأبلغ، إلا أن تكون صائماً"(1). رواه أصحاب السنن، وقال الترمذي: حسن صحيح. وقد كره أهل العلم السّعوط(2) للصائم،ورَأوْا أن ذلك يفطِّر،وفي الحديث ما يقوّي قولهم. قال ابن قدامة: وإن تمضمض، أو استنشق في الطهارة، فسبق الماء إلى حلقه، من غير قصْدٍ، ولا إسراف، فلا شيء عليه. وبه قال الأوزاعي، وإسحاق، والشافعي في أحد قوليه وروي ذلك عن ابن عباس. وقال مالك، وأبو حنيفة: يفطر؛ لأنه أوْصَل الماء إلى جوفه، ذاكراً لصومه، فأفطر، كما لو تعمّدَ شرْبَه. قال ابن قدامة، مرجحاً الرأي الأول: ولنا، أنه وصل الماء إلى حَلقِه، من غير إسراف، ولا قصد، فأشبه ما لو طارت ذبابة إلى حَلقِه(3)، وبهذا فارق المتعمد. -------------------------------------------------------------------------------- (1) أبو داود: كتـاب الصوم - بـاب الصائـم يصب عليه الماء من العطش، ويبالغ في الاستنشاق، برقم (2366) (2 / 769)، والترمذي: كتاب الصوم - باب كراهية الاستنشاق للصائم، برقم (788) (3 / 146) وقال: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي: كتـاب الطهـارة - بـاب المبالغة في الاستنشاق، برقم (87) (1 / 66)، وابن ماجه: كتـاب الطهـارة - بـاب المبالغة في الاستنشاق، برقم (407) (1 / 142) وأحمد في "المسند" (4 / 33، 211). (2) السعوط: أي؛ وضع الدواء في الأنف. (3) قال ابن عباس: دخول الذباب في حلق الصائم، لا يفطر.مباحات أخرى في الصيام 7ـ وكذا يباح له ما لا يمكن الاحتراز عنه، كبلع الريق، وغبار الطريق، وغربلة الدقيق، والنخامة، ونحو ذلك. وقال ابن عباس: لا بأس أن يذوق الطعامَ الخل، والشيء يريدُ شراءه. وكان الحسن يَمضغُ الجوز لابن ابنه وهو صائم، ورخص فيه إبراهيم. وأما مضغ العِلك(1)، فإنه مكروه، إذا كان لا يتفتّتُ منه أجزاء. وممن قال بكراهته؛ الشعبي، والنخعي، والأحناف، والشافعي، والحنابلة. ورخصت عائشة، وعطاء في مضغه؛ لأنه لا يصل إلى الجوف، فهو كالحصاة يضعها في فمه. هذا إذا لم تتحلل منه أجزاء، فإن تحللتْ منه أجزاء، ونزلت إلى الجوف، أفْطَر. قال ابن تيمية: وشم الروائح الطيبة، لا بأس به للصائم. وقال: أما الكحل، والحقنة، وما يقطر في إحليله، ومداواة المأمومة، والجائفة، فهذا مما تنازع فيه أهل العلم؛ فمنهم من لم يُفطِّر بشيء من ذلك، ومنهم من فطّر بالجميع، لا بالكحل، ومنهم من فطر بالجميع، لا بالتقطير، ومنهم مَنْ يُفَطِّر بالكحل، ولا بالتقطير، ويفطر بما سوى ذلك. ثم قال، مرجحاً الرأي الأول: والأظهر، أنه لا يفطر بشيء من ذلك؛ فإن الصيام من دين الإسلام، الذي يحتاج إلى معرفته الخاص والعام. فلو كانت هذه الأمور مما حرمها اللّه ورسوله في الصيام، ويَفْسُدُ الصوم بها، لكان هذا مما يجب على الرسول بيانه، ولو ذكر ذلك، لعَلِمَه الصحابة، وبَلغوه الأمة، كما بلغوا سائر شرعه، فلما لم يَنْقُلْ أحدٌ من أهل العلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، لا حديثاً صحيحاً، ولا ضعيفاً، ولا مسنداً، ولا مُرْسلاً، عُلِمَ أنه لم يُنْكرْ شيئاً من ذلك. قال: فإذا كانت الأحكام التي تعُمّ بها البلوى، لا بُدَّ أن يُبَيِّنَها الرسول صلى الله عليه وسلم بياناً عامّاً، ولابُدَّ أن تَنْقلَ الأمة ذلك. فمعلوم أنَّ الكحْلَ ونحوه مما تعمّ به البلوى، كما تعمّ بالدهن، والاغتسال، والبخور، والطّيب، فلو كان هذا مما يفطر، لبَيّنَه النبي صلى الله عليه وسلم، كما بَيّنَ الإفطار بغيره، فلما لم يبين ذلك، عُلِمَ أنه من جنس الطّيب، والبخور، والدهن، والبخور قد يتصاعد إلى الأنف، ويدخل في الدماغ، وينعقد أجساماً. والدهن يشربه البدن، ويدخل إلى داخله، ويتقوى به الإنسان، وكذلك يتقوى بالطيب قوة جيدة، فلما لم ينه الصائم عن ذلك، دل على جواز تطيبه، وتبخُّرِه، وادهانه، وكذلك اكتحاله. وقد كان المسلمون في عهده صلى الله عليه وسلم يجرح أحدهم؛ إما في الجهاد، وإما في غيره، مأمومة وجائفةً، فلو كان هذا يفطرُ، لبين لهم ذلك، فلما لمْ يَنْهَ الصائمَ عن ذلك، عُلِمَ أنه لم يجعله مفطِّراً. ثم قال: فإن الكحل لا يُغذّي ألبتة، ولا يدخِلُ أحد كحلاً إلى جوفه، لا من أنفه، ولا من فمه. وكذلك الحقنة(2) لا تغذّي، بل تستفرغ ما في البدن، كما لـو شمّ شيئاً من المسهلات، أو فزع فزعاً أوجب استطلاق جوفه، وهي لا تصل إلى المعدة. والدواء الذي يصل إلى المعدة، في مداواة الجائفة(3) والمأمومة، لا يشبه ما يصل إليها من غذائه، واللّه _ سبحانه _ قال: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " [البقرة: 183]. وقال صلى الله عليه وسلم: "الصَّوْمُ جُنَّة"(4)، وقال: "إنَّ الشيطان يجري من ابن آدم مَجْرى الدَّم، فَضَيِّقوا مجارِيَه بالجوع، والصَّوم"(5). فالصائم نُهيَ عن الأكل والشرب؛ لأن ذلك سَبَبُ التقوى، فترك الأكل والشرب، الذي يُولدُ الدم الكثير الذي يجري فيه الشيطان، إنما يتولد من الغذاء، لا عن حقنة، ولا كحل، ولا ما يقطر في الذكر، ولا ما يُداوي به المأمومة، والجائفة، انتهى. 8ـ ويباح للصائم أن يأكل، ويشرب، ويجامع، حتى يطلع الفجر، فإذا طلع الفجر، وفي فمه طعام، وجب عليه أن يلفِظه، أو كان مجامعاً، وجب عليه أن ينزع. فإن لفظ أو نزع، صح صومه، وإن ابتلع ما في فمه من طعام، مختاراً، أو استدام الجماع، أفطر؛ روى البخاري، ومسلم، عن عائشة _ رضي اللّه عنها _ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن بلالاً يؤذنُ بليْل، فكلوا واشربوا، حتى يؤذنَ ابن أُمّ مكتوم"(6). 9ـ ويباح للصائم أن يُصْبح جنباً، وتقدم حديث عائشة في ذلك. 10ـ والحائض والنّفساءُ، إذا انقطع الدم من الليل، جاز لهما تأخير الغسل إلى الصبح، وأصبحتا صائمتين، ثمَّ عليهما أن تتطهرا للصلاة. -------------------------------------------------------------------------------- (1) العلك: أي؛ اللبان. (2) يقصد الحقنة الشرجية، فإنها لا تفطر الصائم. (3) الجائفة: أي؛ الجراحة التي تصل إلى الجوف، والمأمومة: أي؛ الشجة في الرأس تصل إلى أم الدماغ، ومداواتهما ليست تغذية. (4) البخاري: كتاب الصوم - باب هل يقول: إني صائم (3 / 34)، وكتاب التوحيد - باب قول اللّه تعالى: "يريدون أن يبدلوا كلام اللَه ,,,* (9 / 175)، ومسلم: كتاب الصيام - باب فضل الصيام، برقم (162) (2 / 806)، وأبو داود: كتاب الصوم - باب الغيبة للصائم، برقم (2363) (2 / 768)، والنسائي: كتاب الصوم - باب فضل الصيام، برقم (2217) (4 / 164)، وابن ماجه: كتاب الصيام _ باب ما جاء في فضل الصيام، برقم (1639) (1 / 525). (5) البخاري: كتاب بدء الخلق - باب صفة إبليس وجنوده (4 / 150)، وكتاب الأحكام، مختصراً _ باب الشهادة تكون عند الحاكم في ولايته (9 / 87)، وكتـاب الاعتكاف _ بـاب زيـارة المـرأة زوجها في اعتكافـه (2 / 65)، وأبو داود: كتاب الصوم - بـاب المعتكـف يدخل البيـت لحاجتـه، برقـم (2470) (2 / 835)، وابن ماجه، مختصراً: كتاب الصيام - باب في المعتكف يزوره أهله في المسجد، برقم (1779) (1 / 566)، والدارمي، بألفاظ متقاربة: كتـاب الرقـاق - بـاب الشيطـان يجـري من ابن آدم مجرى الدم (2 / 320)، وأحمد في "المسند" (3 / 285، 309) (6 / 337). (6) البخاري: كتـاب الأذان - بـاب الأذان قبـل الفجـر (1 / 161)، وكتـاب الصـوم - بـاب قـول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال" (3 / 37)، ومسلم: كتـاب الصيـام - باب بيـان أن الدخول فـي الصوم يحصل بطلوع الفجر، برقم (38) (2 / 768)، وأحمد في "المسند" (2 / 9، 57، 123) (6/ 44، 54، 433). |
رد: فقه الصيام
مبطلات الصيـــــام
الأكل والشرب عمدًا الأكلُ والشربُ عمداً: فإن أكل أو شرب ناسياً، أو مخطئاً، أو مُكرهاً، فلا قضاء عليه، ولا كفارة؛ فعن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَن نَسِيَ، وهو صائم، فأكل أو شرب، فليُتِمَّ صوْمَه؛ فإنما أطعمه اللّه وسقاه"(1). رواه الجماعة. وقال الترمذي: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، وبه يقول سفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وروى الدارقطني، والبيهقي، والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ أفطَر في رمضان ناسياً، فلا قضاء عليه، ولا كفارة". قال الحافظ ابن حجر: إسناده صحيح. وعن ابن عباس _ رضي اللّه عنهما _ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن اللّه وَضعَ عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما اسْتُكرِهوا عليه"(2). رواه ابن ماجه، والطبراني، والحاكم. -------------------------------------------------------------------------------- (1)البخاري: كتاب الصيام - باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسياً (3 / 40)، ومسلم: كتاب الصيام - باب أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر، برقم (171) (2 / 809)، والترمذي: كتـاب الصيـام - بـاب مـا جـاء في الصائم يأكل، أو يشرب ناسياً، برقم (721) وقال: حديث حسن صحيح (3 / 91)، وأحمد في "المسند" (2 / 395)، وابن ماجه: كتاب الصيام - باب ما جاء فيمن أفطر ناسياً، برقم (1673) (1 / 535)، وأبو داود بنحوه: كتـاب الصـوم - بـاب من أكـل ناسياً، برقم (2398) (2 / 789، 790)، وصحيح ابن خزيمة: كتاب الصوم - باب ذكر البيان أنَّ الآكل والشارب ناسياً لصيامه غير مفطر بالأكل والشرب، برقم (1989) (3 / 238). (2) ابن ماجه: كتاب الطلاق، باب طلاق المكره والناسي، برقم (2045) (1 / 659)، وفي "الزوائد": إسناده صحيح، إن سلم من الانقطاع، والظاهر أنه منقطع؛ بدليل زيادة عبيد بن نمير في الطريق الثاني وليس ببعيد أن يكون السقط من جهة الوليد بن مسلم؛ فإنه كان يدلس، انتهى. القيء عمدًا القيء عمداً فإن غلبه القيء، فلا قضاء عليه، ولا كفارة؛ فعن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ذرَعه(1) القيء، فليس عليه قضاء، ومن اسْتقاء(2) عمداً، فليقض". رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وابن حبان، والدارقطني، والحاكم وصححه. قال الخطابي: لا أعلم خِلافاً بين أهل العلم، في أن من ذرعه القيء، فإنه لا قضاء عليه، ولا في أن من استقاء عامداً، فعليه القضاء. -------------------------------------------------------------------------------- (1) "ذرعه": أي؛ غلبه. (2) "استقاء": أي؛ تعمد القيء، واستخرجه، بشم ما يقيئه، أو بإدخال يده. الحيض والنفاس الحيْضُ والنفاسُ، ولو في اللحظة الأخيرة، قبل غروب الشمس، وهذا مما أجمع العلماء عليه. الاستمناء الاستمناءُ(1)، سواء أكان سببه تقبيل الرَّجُل لزوجته، أو ضمّها إليه، أو كان باليد، فهذا يبطل الصوم، ويوجب القضاء. فإن كان سببه مجَرَّدَ النظر أو الفكر، فإنه مثل الاحتلام نهاراً في الصيام، لا يبطِل الصوم، ولا يجب فيه شيء، وكذلك المذي، لا يؤثر في الصوم؛ قلَّ أو كثر. أمور أخرى تبطل الصيام 1ـ تناول ما لا يتغذَّى به، من المنفذ المعتاد إلى الجوف، مثل تعاطي الملح الكثير، فهذا يفطِّر، في قول عامّةِ أهل العلم. 2ـ ومن نوى الفطر، وهو صائم، بطل صومه، وإن لم يتناول مفطراً؛ فإن النية ركن من أركان الصيام، فإذا نقضها، قاصداً الفطر، ومتعمداً له، انتفض صيامه لا محالة. 3ـ إذا أكل، أو شرب، أو جامع، ظانّاً غروب الشمس، أو عدم طلوع الفجر، فظهر خلاف ذلك، فعليه القضاء، عند جمهور العلماء، ومنهم الأئمة الأربعة. وذهب إسحاق، وداود، وابن حزم، وعطاء، وعروة، والحسن البصري، ومجاهد إلى أن صومه صحيح، ولا قضاء عليه؛ لقول اللّه تعالى: " وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ *. ولقول رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللّه وضع عن أمتي الخطأ"(1). وتقدم. وروى عبد الرزاق، قال: حدثنا مَعْمَر، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، قال: أفطر الناس في زمن عمر بن الخطاب، فرأيت عِسَاساً(2) أُخْرِجَتْ من بيت حفصة، فشربوا، ثم طلعت الشمس من سحاب، فكأن ذلك شق على الناس، فقالوا: نقضي هذا اليوم، فقال عمر: لِمَ ؟ واللّه، ما تجانفنا لإثم(3)(4). وروى البخاري، عن أسماء بنت أبي بكر _ رضي اللّه عنها _ قالت: أفطرنا يوماً من رمضان في غيم، على عهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، ثم طلعت الشمس(5). قال ابن تيمية: وهذا يدل على شيئين؛ الأول، يدل على أنه لا يُسْتَحَبّ مع الغيم التأخير، إلى أن يتيقن الغروب، فإنهم لم يفعلوا ذلك، ولم يأمرهم به النبي صلى الله عليه وسلم، والصحابة مع نبيهم أعلم وأطوع للّه ورسوله، ممن جاء بعدهم. والثانى، يدل على أنه لا يجب القضاء، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لو أمرهم بالقضاء، لشاع ذلك، كما نقِلَ فطرهم، فلما لم ينقل، دلَّ على أنه لم يأمرهم به، وأما ما يبطله، ويوجب القضاء والكفارة، فهو الجماع لا غير، عند الجمهور؛ فعن أبي هريرة، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: هَلكتُ، يا رسول اللّه. قال: "وما أهلكك ؟". قال: وقعت على امرأتي في رمضان. فقال: "هل تجد ما تعتق رقبة؟" قال: لا. قال: "فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين" ؟ قال: لا. قال: "فهل تجد ما تُطْعِمُ ستين مسكيناً" ؟ قال: لا. قال: ثم جلس، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعَرَق(6) فيه تمر، فقال: "تصَدّقْ بهذا". قال: فهل على أفقر منّا ؟ فما بين لابتيها(7) أهلُ بَيْتٍ أحوج إليه منّا. فضحك النبي صلى الله عليه وسلم، حتى بَدَتْ نواجذه، وقال: "اذهب، فأطعمه أهلك(8)"(9). رواه الجماعة. ومذهب الجمهور، أن المرأة والرجل سواء في وجوب الكفارة عليهما، ما داما قد تعمدا الجماع، مختاريْنِ في نهار رمضان(10)، ناوِيَيْنِ الصيام. فإن وقع الجماع نسياناً، أو لم يكونا مختارين، بأن أُكرها عليه، أو لم يكونا ناويين الصيام، فلا كفارة على واحد منهما، فإن أكرهَت المرأة من الرجل، أو كانت مفطرة لعذر، وَجَبَتِ الكفارة عليه دونها. ومذهب الشافعي، أنه لا كفارة على المرأة مطلقاً، لا في حالة الاختيار، ولا في حالة الإكراه، وإنما يلزمها القضاء فقط. قال النووي: والأصح، على الجملة، وجوب كفارة واحدة عليه خاصة، عن نفسه فقط، وأنه لا شيء على المرأة، ولا يلاقيها الوجوب؛ لأنه حقّ مالٍ مُخْتَصٌّ بالجماع، فاختص به الرجل دون المرأة، كالمهر. قال أبو داود: سئل أحمد(11)، عمن أتى أهله في رمضان، أعليها كفارة ؟ قال: ما سمعنا، أن على امرأة كفارة. قال في "المغني": ووجه ذلك، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الواطئ في رمضان أن يعتق رقبة، ولم يأمر في المرأة بشيء، مع علمه بوجود ذلك منها(12). ا ه. والكفارة على الترتيب المذكور في الحديث، في قول جمهور العلماء، فيجب العتق أولاً، فإن عجز عنه، صام شهرين متتابعين(13)، فإن عجز عنه، أطعم ستين مسكيناً، من أوسط ما يطعم منه أهله(14)، وأنه لا يصح الانتقال من حالة إلى أخرى، إلا إذا عجز عنها. ويذهب المالكية، ورواية لأحمد، أنه مخير بين هذه الثلاث، فأيها فَعَل، أجزأ عنه؛ لما روى مالك، وابن جريج، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، أن رجلاً أفطر في رمضان، فأمره رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أن يكَفِّر بعتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكيناً(15). رواه مسلم. و "أو" تفيد التخيير؛ ولأن الكفارة بسبب المخالفة، فكانت على التخيير، ككفارة اليمين. قال الشوكاني: وقد وقع في الروايات ما يدل على الترتيب والتخيير، والذين روَوا الترتيب أكثر، ومعهم الزيادة. وجمع المهلب، والقرطبي بين الروايات، بتعدد الواقعة. قال الحافظ: وهو بعيد؛ لأن القصة واحدة، والمخرج مُتّحِد، والأصل عدم التعدد. وجمع بعضهم بحمل الترتيب على الأولوية، والتخيير على الجواز، وعكسه بعضهم، انتهى. ومن جامع عامداً في نهار رمضان، ولم يكفِّر، ثم جامع في يوم آخر منه، فعليه كفارة واحدة، عند الأحناف، ورواية عن أحمد؛ لأنها جزاء عن جِنَاية، تكرر سببها، قبل استيفائها، فتتداخلا. وقال مالك، والشافعي، ورواية عن أحمد: عليه كفارتان؛ لأن كل يوم عبادة مستقلة، فإذا وجبت الكفارة بإفسا، لم تتداخل، كرمضانين. وقد أجمعوا، على أن من جامع في نهار رمضان عامداً، وكَفّر، ثم جامع في يوم آخر، فعليه كفارة أخرى. وكذلك أجمعوا على أن من جامع مرتين، في يوم واحد، ولم يكفر عن الأول، أن عليه كفارة واحدة، فإن كَفّر عن الجماع الأول، لم يكفر ثانياً، عند جمهور الأئمة، وقال أحمد: عليه كفارة ثانية. -------------------------------------------------------------------------------- (1) سبق تخريجه. (2) عساساً: أي؛ أقداحاً ضخاماً، قيل: إن القدح نحو ثمانية أرطال. (3) ما تجانفنا: التجانف: الميل. أي؛ لم نمل لارتكاب الإثم. (4) مصنف عبد الرزاق: كتاب الصيام - باب الإفطار في يوم مُغيم، برقم (7395) (4 / 179). (5) البخاري: كتاب الصوم - باب إذا أفطر في رمضان، ثم طلعت الشمس (3 / 47)، وابن ماجه: كتاب الصيام - باب ما جاء فيمن أفطر ناسياً، برقم (1674) (1 / 535)، وأبو داود: كتاب الصوم - باب الفطر قبـل غـروب الشمس، برقم (2359) (2 / 765) ونسبـه المنذري للترمـذي أيضاً، وأحمد في "المسند" (6 / 346)، والموطأ: كتاب الصيام - باب ما جاء في قضاء رمضان والكفارات، برقم (44) (1 / 303). (6) العرق: مكيال يسع 15 صاعاً. (7) لابتيها: جمع لابة؛ وهي الأرض التي فيها حجارة سود، والمراد ما بين أطراف المدينة أفقر منا. (8) استدل بهذا، من ذهب إلى سقوط الكفارة بالإعسار، وهو أحد قولي الشافعي، ومشهور مذهب أحمد، وجزم به بعض المالكية. والجمهور، على أن الكفارة لا تسقط بالإعسار. (9) البخاري: كتاب الصوم - باب إذا جامع في رمضان... (3 / 41، 42)، ومسلم: كتاب الصيام - باب تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان على الصائم، برقم (81) (2 / 781)، والترمذي: كتاب الصوم - باب ما جاء في كفارة الفطر في رمضان، برقم (724) (3 / 93) وقال: حديث حسن صحيح، وأبو داود: كتاب الصوم - باب كفارة من أتى أهله في رمضان، برقم (2390) (2 / 783)، وابن ماجه: كتاب الصوم - باب كفارة من أفطر يوماً من رمضان، برقم (1671) (1 / 534)، ونسبه المنذري للنسائي أيضاً. (10) فإن كان الصيام قضاء رمضان، أو نذراً، وأفطر بالجماع، فلا كفارة في ذلك. (11) هذه إحدى الروايتين، عن أحمد. (12) مسلم: كتـاب الصيـام - باب تغليـظ تحريم الجماع في نهـار رمضان علـى الصائـم، برقم (83، 84) (2 / 782)، وأبو داود بمعناه: كتاب الطلاق - بـاب في الظهار، برقم (2221، 2222) (2 / 666) والمغني، والشرح الكبير، لابن قدامة (3 / 58) وموفق الدين، وشمس الدين المقدسيان ( طبعة دار الكتاب العربي - بيروت لبنان 1403 ه - 1983 م). (13) ليس فيهما رمضان، ولا أيام العيدين والتشريق. (14) مذهب أحمد، لكل مسكين مد من قمح، أو نصف صاع من تمر، أو شعير، ونحوهما. وقال أبو حنيفة: من القمح نصف صاع، ومن غيره صاع. وقال الشافعي، ومالك: يطعم مدّاً من أي الأنواع شاء. وهذا رأي أبي هريرة، وعطاء، والأوزاعي، وهو أظهر؛ فإن العرق الذي أعطي للأعرابي يسع 15 صاعاً. (15) مسلم: كتاب الصيام - باب تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان على الصائم، ووجوب الكفارة الكبرى فيه وبيانها، برقم (84 ) (2 / 782، 783). قضَـاءُ رمضَـانَ قضاء رمضان لا يجب على الفور، بل يجب وجوباً موَسّعاً في أي وقت، وكذلك الكفارة؛ فقد صح عن عائشة، أنها كانت تقضي ما عليها من رمضان في شعبان، ولم تكن تَقْضيه فوْراً، عند قدرتها على القضاء(1). والقضاء مثل الأداء، بمعنى أنَّ مَنْ ترك أياماً، يقضيها دون أن يزيد عليها. ويُفارقُ القضاءُ الأداءَ، في أنه لا يلزم فيه التتابع؛ لقول اللّه تعالى: " فَمَن كَانَ مِنْكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ " [البقر:184]. أي؛ ومن كان مريضاً، أو مسافراً، فأفطر، فَلْيَصُم عِدة الأيام التي أفطر فيها في أيام أخر؛ متتابعات، أو غير متتابعات؛ فإن اللّه أطلق الصيام، ولم يقيده. وروى الدارقطني، عن ابن عمر _ رضي اللّه عنهما _ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال، في قضاء رمضان،: "إن شاء فرَّق، وإن شاء تابع"(2). وإن أخّر القضاء، حتى دخل رمضان آخر، صام رمضان الحاضر، ثمَّ يقضي بعده ما عليه، ولا فدية عليه؛ سواء كان التأخير لعذر، أو لغير عذر. وهذا مذهب الأحناف، والحسن البصري. ووافق مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحق الأحناف في أنه لا فدية عليه، إذا كان التأخير بسبب العذر. وخالفوهم، فيما إذا لم يكن له عذر في التأخير، فقالوا: عليه أن يصوم رمضان الحاضر، ثم يقضي ما عليه بعده، ويفدي عما فاته، عن كل يوم مُدّاً من طعام. وليس لهم في ذلك دليل يمكن الاحتجاج به، فالظاهر ما ذهب إليه الأحناف؛ فإنه لا شرع، إلا بنص صحيح. -------------------------------------------------------------------------------- (1) مسلم: كتاب الصيام - باب قضاء رمضان في شعبان، برقم (151، 152) (2 / 802، 803)، والفتح الرباني، برقم (179، 180) (10 / 126، 127)، وانظر المسألة بالتفصيل، في: تمام المنة (421). (2) الدارقطني: كتاب الصيام - باب القبلة للصائم، برقم (74) (2 / 193)، وقال: لم يسنده غير سفيان بن بشر، وقد صحح الحديث ابن الجوزي، وقال: ما علمنا أحداً طعن في سفيان بن بشر، والحديث ضعيف، انظر: تمام المنة (423). مـن مـــات وعليـه صيــــام أجمع العلماء، على أن من مات، وعليه فوائت من الصلاة، فإن وليه لا يصلي عنه، هو ولا غيره، وكذلك من عجز عن الصيام، لا يصوم عنه أحد أثناء حياته. فإن مات، وعليه صيام، وكان قد تمكن من صيامه قبل موته، فقد اختلف الفقهاء في حكمه؛ فذهب جمهور العلماء؛ منهم أبو حنيفة، ومالك، والمشهور عن الشافعي، إلى أن وليه لا يصوم عنه، ويُطعمُ عنه مدّاً، عن كل يوم(1). والمذهب المختار عند الشافعية، أنه يستحب لوليّه أن يصوم عنه، ويبرأ به الميت، ولا يحتاج إلى طعام عنه. والمراد بالولي، القريب؛ سواء كان عصبة، أو وارثاً، أو غيرهما. ولو صام أجنبي عنه، صحَّ إن كان بإذن الولي، وإلا فإنه لا يصح، واستدلوا بما رواه أحمد، والشيخان، عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من مات، وعليه صيام، صام عنه وليه". زاد البزار لفظ: "إن شاء(2)"(3). وروى الشيخان، وأحمد، وأصحاب السنن، عن ابن عباس _ رضي اللّه عنهما _ أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول اللّه، إن أمي ماتت، وعليها صيام شهر، أفأقضيه عنها ؟ فقال: "لو كان على أمك دين، أكنت قاضيه؟" قال: نعم. قال: "فدَينُ اللّه أحقُّ أنْ يقضى"(4). قال النووي: وهذا القول هو الصحيح المختار الذي نعتقده، وهو الذي صححه محققو أصحابنا، الجامعون بين الفقه والحديث؛ لهذه الأحاديث الصحيحة الصريحة. -------------------------------------------------------------------------------- (1) يرى الحنيفة، أن الواجب نصف صاع من قمح، وصاعاً من غيره. (2) سندها حسن. بل الزيادة ضعيفة منكرة؛ فإن مدارها على ابن لَهيعة، وهو ضعيف. تمام المنة (427). (3) البخاري: كتاب الصوم - باب من مات وعليه صوم صامه عنه وليه (3 / 45، 46)، ومسلم: كتاب الصيام - باب قضاء الصيام عن الميت، برقم (153) (2 / 803)، وأبو داود: كتاب الصوم - باب فيمن مات وعليه صيام، برقم (2400) (2 / 791، 792)، وأحمد في "المسند" (6 / 69)، وكتاب الأيمان والنذور، باب ما جاء فيمن مات، وعليه صيام، صام عنه وليه، برقم (3311) (3 / 605، 606). (4) البخاري: كتاب الصوم - باب من مات وعليه صوم (2 / 47)، ومسلم: كتاب الصيام - باب قضاء الصيام عن الميت، برقم (155) (2 / 804)، وأبو داود: كتاب الأيْمان والنذور - باب ما جاء فيمن مات، وعليه صيام، صام عنه وليه، برقم (3310) (3 / 605)، والترمذي بلفظ "إن أختي ماتت": كتاب الصوم - باب ما جاء في الصوم عن الميت، برقم (716) (3 / 86)، وابن ماجه، بلفظ: "إن أختي ماتت": كتـاب الصيـام - باب من مات، وعليه صيام من نذر، برقم (1758) (1 / 559)، وبلفظه مختصراً، برقم (1759) (1 / 559)، وأحمد في "المسند" (1 / 227، 258 بلفظه)، (1 / 279، 345 بمعناه). التقديرُ في البلاد التي يطولُ نهارُهَا ، ويقصر ليلُها اختلف الفقهاء في التقدير في البلاد التي يطول نهارها، ويقصرُ ليلها، والبلاد التي يقصر نهارها، ويطول ليلها، علي أي البلاد يكون ؟ فقيل: يكون التقدير على البلاد المعتدلة التي وقع فيها التشريع، كمكة، والمدينة. وقيل: على أقرب بلاد معتدلة إليهم. |
رد: فقه الصيام
ليلة القدر
فضلُهَا : ليلة القدر أفضل ليالي السنة؛ لقوله تعالى: " إِنَّا أَنزَلْنَاهُ (1) فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ " [القدر: 1 _ 3]. أي؛ العمل فيها؛ من الصلاة، والتلاوة، والذكر خير من العمل في ألف شهر، ليس فيها ليلة القدر. استحبابُ طلبِهَا ويُسْتحَبُّ طلبها في الوتر من العشر الأواخر من رمضان، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في طلبها في العشر الأواخر من رمضان. وتقدم، أنه كان إذا دخل العشر الأواخر، أحيى الليل، وأيقظ أهله، وشدَّ المئزر. أيُّ الليالي هي ؟ للعلماء آراء في تعيين هذه الليلة؛ فمنهم من يرى، أنها ليلة الحادي والعشرين، ومنهم من يرى، أنها ليلة الثالث والعشرين، ومنهم من يرى، أنها ليلة الخامس والعشرين، ومنهم من ذهب إلى، أنها ليلة التاسع والعشرين، ومنهم من قال: إنها تنتقل في ليالي الوتر من العشر الأواخر، وأكثرهم على أنها ليلة السابع والعشرين؛ روى أحمد بإسناد صحيح، عن ابن عمر _ رضي اللّه عنهما _ قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "من كان مُتَحَرِّهَا، فَلْيتحرَّها ليلة السابع والعشرين"(1). وروى مسلم، وأحمد، وأبو داود، والترمذي وصححه، عن أبيّ بن كعب، أنه قال: واللّه الذي لا إله إلا هو، إنها لفي رمضان - يحلف ما يستثني - وواللّه، إني لأعلم أي ليلة هي، هي الليلة التي أمرنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بقيامها، هي ليلة سبع وعشرين، وأمارتها، أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء، لا شُعاع لها(2). (1) أحمد في "المسند" (2 / 27، 157). (2) مسلم: كتاب الصيام - باب فضل ليلة القدر والحث على طلبها، وبيان محلها وأرجى أوقات طلبها، برقم (220) (2 / 828 )، وكتـاب صـلاة المسافرين وقصرها - باب الترغيب في قيام رمضان، وهو التراويح، برقم (179) (1 / 525)، والترمذي: كتاب الصوم - باب ما جاء في ليلة القدر، برقم (793) (3 / 151)، وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. وأبو داود: كتـاب الصـلاة _ بـاب فـي ليلة القـدر، برقم (1378) (2 / 106، 107)، وأحمد في "المسند" (5 / 130، 131). قيامُهَا ، والدُّعاءُ فيها 1ـ روى البخاري، ومسلم، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قام ليلة القدْرِ، إيماناً واحتساباً، غُفِرَ له ما تقدَّم مِنْ ذنبه"(1). 2ـ وروى أحمد، وابن ماجه، والترمذي وصححه، عن عائشة _ رضي اللّه عنها _ قالت: قلت: يا رسول اللّه، أرأيت إن علمت أيُّ ليلةٍ ليْلةُ القدْرِ، ما أقول فيها ؟ قال: "قولي: اللهم إنك عَفوٌّ تحبُّ العفو، فاعْفُ عني"(2). (1) البخاري: كتاب الصوم _ باب فضل ليلة القدر (3 / 59)، وباب من صام رمضان إيماناً واحتساباً ونية (3 / 33)، ومسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها - باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح، برقم (175، 176) (1 / 524)، والنسائي: كتاب الصوم - باب ثواب من قام رمضان وصامه إيماناً واحتساباً، والاختلاف على الزهري في الخبر في ذلك، برقم (2202) (4 / 156، 157)، وأبو داود: كتاب الصلاة _ باب في قيام شهر رمضان، برقم (1372) (2 / 103)، والترمذي: كتاب الصوم - باب ما جاء في فضل شهر رمضان، برقم (683) (3 / 58)، وأحمد في "المسند" (2 / 318، 321، 347، 408، 423، 473، 503). (2) الترمذي: كتاب الدعوات - باب حدثنا يوسف بن عيسى...، برقم (3514) (5 / 534)، وقال أبو عيسى: هذا حديـث حسن صحيـح، وابن ماجه: كتـاب الدعـاء - بـاب الدعـاء بالعفو والعافية، برقم (3850) (2 / 1265)، وأحمد في "المسند" (6 / 171، 182، 183، 258). |
رد: فقه الصيام
الاعتكاف معناه الاعتكاف؛ لزوم الشيء، وحبس النفس عليه؛ خيراً كان، أم شراً؛ قال الله تعالى: " قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ " [الأنبياء: 52]. أي؛ مقيمون متعبدون لها، والمقصود به هنا، لزوم المسجد، والإقامة فيه، بنيَّة التقرب إلى اللّه، عز وجل. مشروعيتُه وقد أجمع العلماء، على أنه مشروع، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف، في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قُبض فيه، اعتكف عشرين يوماً (1). رواه البخاري، وأبو داود، وابن ماجه. وقد اعتكف أصحابه وأزواجه معه وبعده، وهو، وإن كان قربة، إلا أنه لم يرد في فضله حديث صحيح؛ قال أبو داود: قلت لأحمد، رحمه اللّه: تعرف في فضل الاعتكاف شيئاً ؟ قال: لا، إلا شيئاً ضعيفاً. -------------------------------------------------------------------------------- (1) االبخاري: كتاب الصوم - باب الاعتكاف في العشر الأواسط من رمضان (3 / 74، 75)، وابن ماجه: كتاب الصيام - باب ما جاء في الاعتكاف (1 / 562، 563)، برقم (1770)، وأبو داود: كتاب الصيام - باب الاعتكاف (2 / 830)، برقم (6463).. أقسامُه الاعتكاف ينقسم إلى مسنون وإلى واجب، فالمسنون؛ ما تطوع به المسلم، تقرباً إلى اللّه، وطلباً لثوابه، واقتداء بالرسول، صلوات اللّه وسلامه عليه، ويتأكد ذلك في العشر الأواخر من رمضان؛ لما تقدم، والاعتكاف الواجب؛ ما أوجبه المرء على نفسه؛ إما بالنذر المطلق، مثل أن يقول: للّه عليَّ أن أعتكف كذا. أو بالنذر المعلّق، كقوله: إن شفا اللّه مريضي، لأعتكفنَّ كذا. وفي "صحيح البخاري"، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من نذر أن يطيع اللّه، فليطعه"(1). وفيه، أن عمر _ رضي اللّه عنه _ قال: يا رسول اللّه، إني نذرت أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام. فقال: "أوفِ بنذرك"(2). -------------------------------------------------------------------------------- (1)) البخاري: كتاب الأيمان والنذور - باب النذر فيما لا يملك، وفي معصيته (8 / 177)، والنسائي: كتاب الأيمان والنذور، باب النذر في الطاعة (7 / 17)، برقم (3806)، وأبو داود: كتاب الأيمان والنذور _ باب ما جاء في النذر في المعصية (3 / 593)، برقم (3289)، والترمذي: كتاب النذور والأيمان - باب من نذر أن يطيع اللّه، فليطعه (4 / 104، 105)، وقال الترمذي: حديث حسن، ومسند أحمد (6 / 36، 41، 224). (2) البخاري: كتاب الاعتكاف - باب الاعتكاف ليلاً (3 / 63). زمانُه الاعتكاف الواجب يؤدّى حسب ما نذره وسماه الناذر، فإن نذر الاعتكاف يوماً أو أكثر، وجب الوفاء بما نذره. والاعتكاف المستحب ليس له وقت محدد، فهو يتحقق بالمكث في المسجد، مع نية الاعتكاف، طال الوقت أم قصر، ويثاب ما بقي في المسجد، فإذا خرج منه، ثم عاد إليه، جدد النية إن قصد الاعتكاف؛ فعن يَعْلَى بن أمية، قال: إني لأمكث في المسجد ساعة، ما أمكث إلا لأعتكف. وقال عطاء: هو اعتكاف ما مَكث فيه، وإن جلس في المسجد، احتساب الخير، فهو معتكف، وإلا فلا. وللمتعكف أن يقطع اعتكافه المستحب متى شاء، قبل قضاء المدة التي نواها؛ فعن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يعتكف، صلى الفجر، ثم دخل معتكفه. وأنه أراد مرة أن يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، فأمر ببنائه(1)، فضرب. قالت عائشة: فلما رأيت ذلك، أمرت ببنائي، فضرب، وأمر غيري من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ببنائه، فضرب، فلما صلى الفجر، نظر إلى الأبنية، فقال: "ما هذه ؟ آلبرّ ترِدْن"(2). قالت: فأمر ببنائه، فَقوض(3)، وأمر أزواجه بأبنيتهن، فقوضت، ثم أخر الاعتكاف إلى العشر الأول، يعني من شوال(4)، فأمر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم نساءه بتقويض أبنيتهن. وترك الاعتكاف بعد نيته منهن، دليل على قطعه بعد الشروع فيه، وفي الحديث، أن للرجل أن يمنع زوجته من الاعتكاف، بغير إذنه، وإليه ذهب عامة العلماء. واختلفوا فيما لو أذن لها، هل له منعها بعد ذلك ؟ فعند الشافعي، وأحمد، وداود: له منعها، وإخراجها من اعتكاف التطوع. -------------------------------------------------------------------------------- (1) في هذا دليل على جواز اتخاذ المعتكف لنفسه موضعاً من المسجد، ينفرد فيه مدة اعتكافه، ما لم يضيق على الناس، وإذا اتخذه، يكون في آخر المسجد ورحابه؛ لئلا يضيق على غيره، وليكون أخلى له، وأكمل لانفراده (2) "البر": الطاعة، وفي "شرح مسلم" سبب إنكاره، أنه خاف أن يكن غير مخلصات في الاعتكاف، بل أردن القرب منه؛ لغيرتهن عليه، أو غيرته عليهن، فكره ملازمتهن المسجد، مع أنه يجمع الناس، ويحضره الأعراب والمنافقون، وهن محتاجات إلى الخروج والدخول لما يعرض لهن، فيبتذلن بذلك، أو لأنه صلى الله عليه وسلم رآهن عنده في المسجد وهو في المسجد، فصار كأنه في منزله بحضوره مع أزواجه، وذهب المهم من مقصود الاعتكاف، وهو التخلي عن الأزواج، ومتعلقات الدنيا وشبه ذلك، أو لأنهن ضيقن المسجد بأبنيتهن، انتهى. (3) أزيل، وهدم. (4) البخاري: كتاب الاعتكاف - باب الأخبية في المسجد (3 / 63)، ومسلم: كتاب الاعتكاف - باب متى يدخل من أراد الاعتكاف في معتكفه (2 / 831) برقم (6)، وأبو داود: كتاب الصوم _ باب الاعتكاف (2 / 831)، برقم (2464). شُروطُه ويشترط في المعتكف أن يكون مسلماً، مميزاً، طاهراً من الجنابة، والحيض، والنفاس، فلا يصح من كافر، ولا صبي غير مميز، ولا جنب، ولا حائض، ولا نفساء. أركانُـه حقيقة الاعتكاف؛ المكث في المسجد، بنية التقرب إلى اللّه، تعالى، فلو لم يقع المكث في المسجد، أو لم تحدث نية الطاعة، لا ينعقد الاعتكاف، أما وجوب النية؛ فلقول الله تعالى: "وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ " [ البينة: 5]، ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى". وأما أن المسجد لابد منه؛ فلقول اللّه تعالى: " وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ " [البقرة: 187]. ووجه الاستدلال، أنه لو صح الاعتكاف في غير المسجد، لم يخص تحريم المباشرة بالاعتكاف في المسجد؛ لأنها منافية للاعتكاف، فعُلم، أن المعنى بيان أن الاعتكاف إنما يكون في المساجد. |
رد: فقه الصيام
الاعتكاف - 2
رأْيُ الفقهاءِ في المسجد الذي ينعقدُ فيه الاعتكافُ اختلف الفقهاء في المسجد الذي يصح الاعتكاف فيه؛ فذهب أبو حنيفة، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، إلى أنه يصح في كل مسجد، يصلى فيها الصلوات الخمس، وتقام فيه الجماعة؛ لما روي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل مسجد له مؤذن وإمام، فالاعتكاف فيه يصلح"(1). رواه الدارقطني. وهذا حديث مرسل ضعيف، لا يحتج به. وذهب مالك، والشافعي، وداود، إلى أنه يصح في كل مسجد؛ لأنه لم يصح في تخصيص بعض المساجد شيء صريح. وقالت الشافعية: الأفضل أن يكون الاعتكاف في المسجد الجامع؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم اعتكف في المسجد الجامع، ولأن الجماعة في صلواته أكثر، ولا يعتكف في غيره، إذا تخلل وقت الاعتكاف صلاة جمعة، حتى لا تفوته. وللمعتكف أن يؤذن في المئذنة، إن كان بابها في المسجد أو صحنه، ويصعد على ظهر المسجد؛ لأن كل ذلك من المسجد، فإن كان باب المئذنة خارج المسجد، بطل اعتكافه إن تعمد ذلك، ورحبة المسجد منه، عند الحنفية، والشافعية، ورواية عن أحمد. وعن مالك، ورواية عن أحمد، أنها ليست منه، فليس للمعتكف أن يخرج إليها. وجمهور العلماء، على أن المرأة لا يصح لها أن تعتكف في مسجد بيتها؛ لأن مسجد البيت لا يطلق عليه اسم مسجد، ولا خلاف في جواز بيعه، وقد صح، أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اعتكفن في المسجد النبوي. -------------------------------------------------------------------------------- (1)رواه الدارقطني، عن الضحاك، عن حذيفة... الحديث، وقال: الضحاك لم يسمع من حذيفة (2 / 200) _ كتاب الصوم _ باب الاعتكاف، حديث (رقم 5).. صـــــوم المعتكـــــف المعتكف إن صام، فحسن، وإن لم يصم، فلا شيء عليه؛ روى البخاري، عن ابن عمر _ رضي اللّه عنهما _ أن عمر، قال: يا رسول اللّه، إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام. فقال: "أوف بنذرك"(1). ففي أمر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم له بالوفاء بالنذر دليل على أن الصوم ليس شرطاً في صحة الاعتكاف؛ إذ إنه لا يصح الصيام في الليل. وروى سعيد بن منصور، عن أبي سهل، قال: كان على امرأة من أهلي اعتكاف، فسألت عمر بن عبد العزيز ؟ فقال: ليس عليها صيام، إلا أن تجعله على نفسها. فقال الزهري: لا اعتكاف، إلا بصوم. فقال له عمر: عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال: لا قال: فعن أبي بكر ؟ قال: لا. قال: فعن عمر ؟ قال: لا. قال: وأظنه قال: عن عثمان ؟ قال: لا. فخرجت من عنده، فلقيت عطاء وطاووساً، فسألتهما ؟ فقال طاووس: كان فلان لا يرى عليها صياماً، إلا أن تجعله على نفسها. وقال عطاء: ليس عليها صيام، إلا أن تجعله على نفسها. قال الخطابي: وقد اختلف الناس في هذا؛ فقال الحسن البصري: إن اعتكف من غير صيام، أجزأه. وإليه ذهب الشافعي. وروي عن علي، وابن مسعود، أنهما قالا: إن شاء صام، وإن شاء أفطر. وقال الأوزاعي، ومالك: لا اعتكاف، إلا بصوم. وهو مذهب أهل الرأي، وروي ذلك عن ابن عمر، وابن عباس، وعائشة. وهو قول سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، والزهري. -------------------------------------------------------------------------------- وقـــت دخــــول المعتكـــف والخـــروج منـه تقدم، أن الاعتكاف المندوب ليس له وقت محدد، فمتى دخل المعتكف المسجد، ونوى التقرب إلى اللّه بالمكث فيه، صار معتكفاً، حتى يخرج، فإن نوى اعتكاف العشر الأواخر من رمضان، فإنه يدخل معتكفه قبل غروب الشمس؛ فعند البخاري، عن أبي سعيد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كان اعتكف معي، فليعتكف العشر الأواخر"(1). والعشر؛ اسم لعدد الليالي، وأول الليالي العشر ليلة إحدى وعشرين، أو ليلة العشرين. وما روي، أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يعتكف، صلى الفجر، ثم دخل معتكفه. فمعناه، أنه كان يدخل المكان الذي أعده للاعتكاف في المسجد، أما وقت دخول المسجد للاعتكاف، فقد كان أول الليل(2). ومن اعتكف العشر الأواخر من رمضان، فإنه يخرج بعد غروب الشمس، آخر يوم من الشهر، عند أبي حنيفة، والشافعي. وقال مالك، وأحمد: إن خرج بعد غروب الشمس، أجزأه. والمستحب عندهما، أن يبقى في المسجد حتى يخرج إلى صلاة العيد. وروى الأثرم بإسناده، عن أبي أيوب، عن أبي قلابة، أنه كان يبيت في المسجد ليلة الفطر، ثم يغدو كما هو إلى العيد، وكان - يعنى، في اعتكافه - لا يُلْقَى له حصير، ولا مصلى يجلس عليه، كان يجلس كأنه بعض القوم، قال: فأتيته في يوم الفطر، فإذا في حجْره جُوَيرية مُزينة، ما ظننتها إلا بعض بناته، فإذا هي أَمةٌ له فأعتقها، وغدا كما هو إلى العيد. وقال إبراهيم: كانوا يحبون، لمن اعتكف العشر الأواخر من رمضان، أن يبيت ليلة الفطر في المسجد، ثم يغدو إلى المصلى من المسجد. ومن نذر اعتكاف يوم أو أيام مسماة، أو أراد ذلك تطوعاً، فإنه يدخل في اعتكافه قبل أن يتبين له طلوع الفجر، ويخرج إذا غاب جميع قرص الشمس؛ سواء أكان ذلك في رمضان، أم في غيره، ومن نذر اعتكاف ليلة أو ليالي مسماة، أو أراد ذلك تطوعاً، فإنه يدخل قبل أن يتم غروب جميع قرص الشمس، ويخرج إذا تبين له طلوع الفجر. قال ابن حزم: لأن مبدأ الليل إثر غروب الشمس، وتمامه بطلوع الفجر، ومبدأ اليوم بطلوع الفجر، وتمامه بغروب الشمس، وليس على أحد، إلا ما التزم أو نوى، فإن نذر اعتكاف شهر، أو أراده تطوعاً، فمبدأ الشهر من أول ليلة منه، فيدخل قبل أن يتم غروب جميع قرص الشمس، ويخرج إذا غابت الشمس كلها من آخر الشهر؛ سواء رمضان وغيره. -------------------------------------------------------------------------------- (1)البخاري: كتاب الصوم - باب الاعتكاف (3 / 62). (2) مسلم: كتـاب الاعتكـاف - بـاب متى يدخل من أراد الاعتكاف (2 / 831)، وابن ماجه: كتاب الصيام - بـاب ما جـاء فيمن يبتدئ الاعتكاف (1 / 563)، برقم (1771)، وأبو داود: كتاب الصوم - باب الاعتكاف (2 / 830)، برقم (2464)، والترمذي: كتاب الصيام - باب ما جاء في الاعتكاف (3 / 148)، برقم (791)، والنسائي: كتاب المساجد - باب ضرب الخباء في المساجد (2 / 44)، برقم (709). |
رد: فقه الصيام
الاعتكاف - 3
ما يستحــــب للمعتكــــف وما يكـــره له يستحب للمعتكف أن يكثر من نوافل العبادات، ويشغل نفسه بالصلاة، وتلاوة القرآن، والتسبيح، والتحميد، والتهليل، والتكبير، والاستغفار، والصلاة والسلام على النبي، صلوات اللّه وسلامه عليه، والدعاء، ونحو ذلك من الطاعات التي تقرب إلى اللّه _ تعالى _ وتصل المرء بخالقه، جل ذكره. ومما يدخل في هذا الباب دراسة العلم، واستذكار كتب التفسير، والحديث، وقراءة سير الأنبياء والصالحين، وغيرها من كتب الفقه والدين، ويستحب له أن يتخذ خباءً في صحن المسجد؛ اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم. ويكـره له أن يشغل نفسـه، بما لا يعنيـه من قول أو عمل؛ لما رواه الترمذي، وابن ماجه، عن أبي بصرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من حسن إسلام المرء، تركه ما لا يعنيه"(1). ويكره له الإمساك عن الكلام؛ ظنّاً منه أن ذلك مما يقرب إلى اللّه، عز وجل؛ فقد روى البخاري، وأبو داود، وابن ماجه، عن ابن عباس، قال: بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب، إذا هو برجل قائم، فسأل عنه ؟ فقالوا: أبو إسرائيل، نذر أن يقوم ولا يقعد، ولا يستظل، ولا يتكلم ويصوم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مره فليتكلم، وليستظل، وليقعد، وليتم صومه"(2). وروى أبو داود، عن علي _ رضي اللّه عنه _ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يُتْمَ بعد احتلام، ولا صُماتَ يومٍ إلى الليل(3)"(4). -------------------------------------------------------------------------------- (1) الترمذي: كتاب الزهد _ باب (11) حديث رقم (2317) (4 / 858، 859)، وقال: حديث غريب. وابن ماجه: كتاب الفتن - باب كف اللسان في الفتنة (2 / 1315، 1316). (2) البخاري: كتاب النذور والأيمان - باب النذر فيما لا يملك (8 / 178)، وأبو داود: كتاب الأيمان والنذور - باب من رأى عليه كفارة إذا كان في معصية (3 / 599)، برقم (3300)، وابن ماجه: كتاب الكفارات - باب من خلط في نذره طاعة بمعصية، برقم (2136). (3) أي؛ لا يسمى من فقد أباه يتيماً، بعد بلوغه. والصمات؛ السكوت. (4) أبو داود: كتاب الوصايا - باب ما جاء متى ينقطع اليتم (3 / 293، 294)، برقم (2873). مـا يبـــــاح للمعـتكـــــف يباح للمعتكف ما يأتي: 1ـ خروجه من معتكفه؛ لتوديع أهله؛ قالت صفية: كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم معتكفاً، فأتيته أزوره ليلاً، فحدثته، ثم قمت، فانقلبت، فقام معي؛ لِيَقْلِبني(1)، وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد، فمر رجـلان من الأنصار، فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم، أسرعا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "على رسْلِكما؛ إنها صفية بنت حُيَيّ". قالا: سبحان اللّه، يا رسول اللّه. قال: "إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، فخشيت أن يقذف في قلوبكما شيئاً". أو: قال "شرّاً(2)"(3). رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود. 2ـ ترجيل شعره، وحلق رأسه، وتقليم أظفاره، وتنظيف البدن من الشعر والدرن، ولبس أحسن الثياب، والتطيب بالطيب؛ قالت عائشة: كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يكون معتكفاً في المسجد، فيناولني رأسه من خلَل الحجرة، فأغسل رأسه - وقال مسدد: فأرَجِّله(4) _ وأنا حائض(5). رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود. 3ـ الخروج للحاجـة التي لابد منها؛ قالت عائشة: كان رسـول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف، يُدني إلي رأسه، فأرَجِّله، وكان لا يدخل البيت، إلا لحاجة الإنسان(6). رواه البخاري، ومسلم، وغيرهما. وقال ابن المنذر: أجمع العلماء على أن للمعتكف أن يخرج من معتكفه للغائط والبول؛ لأن هذا مما لابد منه، ولا يمكن فعله في المسجد، وفي معناه، الحاجة إلى المأكول والمشروب، إذا لم يكن له من يأتيه به، فله الخروج إليه، وإن بغته القيء، فله أن يخرج؛ ليقيء خارج المسجد، وكل ما لابد منه، ولا يمكن فعله في المسجد، فله خروجه إليه، ولا يفسد اعتكافه ما لم يطل، انتهى. ومثل هذا الخروج الغسل من الجنابة، وتطهير البدن، والثوب من النجاسة؛ روى سعيد بن منصور، قال: قال علي بن أبي طالب: إذا اعتكف الرجل، فليشهد الجمعة، وليحضر الجنازة، وليعد المريض، وليأت أهله يأمرهم بحاجته، وهو قائم(7). وأعان _ رضي اللّه عنه _ ابن أخته بسبعمائة درهم من عطائه، أن يشتري بها خادماً، فقال: إني كنت معتكفاً. فقال له علي: وما عليك لو خرجت إلى السوق، فابتعت ؟ وعن قتادة، أنه كان يرخص للمعتكف أن يتبع الجنازة، ويعود المريض، ولا يجلس. وقال إبراهيم النخعي: كانوا يستحبون للمعتكف أن يشترط هذه الخصال - وهن له، وإن لم يشترط - عيادة المريض، ولا يدخل سقفاً، ويأتي الجمعة، ويشهد الجنازة، ويخرج إلى الحاجة. قال: ولا يدخل المعتكف سقيفة، إلا لحاجة. قال الخطابي: وقالت طائفة: للمعتكف أن يشهد الجمعة، ويعود المريض، ويشهد الجنازة. وروي ذلك عن علي _ رضي اللّه عنه _ وهو قول سعيد بن جبير، والحسن البصري، والنخعي. وروى أبو داود، عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمر بالمريض، وهو معتكف، فيمر كما هو، ولا يعرِّج يسأل عنه(8). وما روي عنها من أن السنة على المعتكف، ألا يعود مريضاً، فمعناه، ألا يخرج من معتكفه، قاصداً عيادته، وأنه لا يضيق عليه أن يمر به، فيسأل غير معرج عليه. 4ـ وله أن يأكل ويشرب في المسجد، وينام فيه، مع المحافظة على نظافته وصيانته، وله أن يعقد العقود فيه، كعقد النكاح، وعقد البيع والشراء، ونحو ذلك. -------------------------------------------------------------------------------- (1) يردها لبيتها. قال الخطابي: وفيه، أنه خرج من المسجد معها؛ ليبلغها منزلها، وفي هذا حجة، لمن رأى أن الاعتكاف لا يفسد إذا خرج في واجب، وأنه لا يمنع المعتكف من إتيان معروف. (2) حكي عن الشافعي، أن ذلك كان منه شفقة عليهما؛ لأنهما لو ظنا به ظن سوء، كفرا، فبادر إلى إعلامهما ذلك؛ لئلا يهلكا. وفي "تاريخ ابن عساكر"، عن إبراهيم بن محمد، قال: كنا في مجلس ابن عيينة، والشافعي حاضر حدث بهذا الحديث. وقال للشافعي: ما فقهه ؟ فقال: إذا كنتم هكذا، فافعلوا هكذا، حتى لا يظن بكم ظن السوء، لا أن النبي صلى الله عليه وسلم اتهمهم، وهو أمين اللّه في أرضه. فقال ابن عيينة: جزاك اللّه خيراً يا أبا عبد اللّه، ما يجيئنا منك، إلا كلام نحبه. (3) البخاري: كتاب الاعتكاف - باب هل يدرأ المعتكف عن نفسه (3 / 65)، ومسلم: كتاب السلام - باب يستحب لمن رئي خالياً بامرأة، وكانت زوجته أو محرماً له، أن يقول: هذه فلانة، برقم (24)، وأبو داود: كتاب الصوم - باب المعتكف يدخل البيت لحاجنه، برقم (247) (2 / 835). (4) تصليحه بالمشط. (5) البخاري: كتاب الاعتكاف - باب الحائض ترجل المعتكف (3 / 63)، ومسلم: كتاب الحيض - باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله (1 / 244)، برقم (9)، وأبو داود: كتاب الصيام - باب المعتكف لا يدخل البيت إلا لحاجة (2 / 834)، برقم (2469). (6) البخاري: كتاب الاعتكاف - باب لا يدخل البيت إلا لحاجة (3 / 63)، ومسلم: كتاب الحيض - باب جواز غسل الحائض رأس زوجها (1 / 244)، برقم (6)، وأبو داود: كتاب الصوم _ باب المعتكف يدخل البيت لحاجته (2 / 834)، برقم (2467)، والترمذي: كتـاب الصـوم _ بـاب المعتكـف يخرج لحاجة أم لا ؟ (3 / 158)، برقم (804) وقال: حديث حسن صحيح. (7) ورى نحوه الدارقطني، في "سننه" (2 / 200). (8) أبو داود: كتاب الصوم - باب المعتكف يعود المريض (2 / 836)، برقم (2472)، وقال المنذري في "مختصره": في إسناده ليث بن أبي سليم، وفيه مقال (3 / 343). |
رد: فقه الصيام
دعاء القنوت
http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png السحور صحة الصيام http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png إتباع المذيع أولى http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png من الذي لا صوم عليه؟ http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png طاه يذوق الطعام وهو صائم http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png دخل رمضان وهو يصوم الكفارة http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png كفارة من لم يستطع الصوم http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png المضمضة لا تسقط عن الصائم http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png الغيبة لا تفطر ولكن تنقص الصوم http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png صيام الصبي http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png سن التكليف للذكر والأنثى http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png يريد أن يصوم ولا يصلي http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png رجل أجبر زوجته على الجماع في نهار رمضان فما حكمه؟ http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png السواك في رمضان http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png حكم الأكل ناسياً http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png حكم الصيام وحكم تاركه http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png رجل كبير في السن عليه قضاء ما حكمه؟ http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png هل الصيام كان مفروضاً على الأمم السابقة؟ http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png بلع الريق للصائم http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png استعمال معطر الفم في رمضان http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png إذا سال الدم من جسم الإنسان هل يفطر؟ http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png قضاء التراويح وماذا عن صلاة المرأة http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png كشف الطبيب على المرأة نهار رمضان http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png تفطير الصائمين |
رد: فقه الصيام
هل يجوز أداء صلاة التراويح في البيت؟ http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png الإفطار بغروب الشمس http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png أفطر جاهلاً قبل غروب الشمس http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png لم أصم ولم أصل تكاسلاً http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png حكم من جامع ظاناً بقاء الليل http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png منذ صغري لم أصم http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png من مات وعليه قضاء هل يصام عنه؟ http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png حكم من ظن غروب الشمس فأفطر http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png أفطر من غير عذر http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png هل يجوز صوم الجنب؟ http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png إمساك المسافر http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png حكم من نوى السفر فجامع قبل المغادرة http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png هل يفطر خروج الدم بنفسه؟ http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png حكم الكحل والقطرة في العين والأذن والأنف؟ http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png حكم الحقنة الشرجية للصائم؟ http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png عدم إكمال رمضان http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png حكم الوصال في الصوم http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png جامع زوجته في نهار رمضان لكنه مسافر http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png احتلام الصائم http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png مات وعليه صيام http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png كفارة الجماع في نهار رمضان http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png هل يفسد المذي الصيام؟ http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png لامس أهله بشهوه ثم أنزل فما حكمه؟ http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png ما حكم من جامع وهو صائم صوم قضاء؟ http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png هل يفطر الحاجم والمحجوم في نهار رمضان؟ |
رد: فقه الصيام
http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png لم أتمكن من الدراسة لذا أفطرت http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png جامع زوجته بعد أذان الفجر http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png حكم صيام الصغير لشهر رمضان http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png بركة السحور http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png حكم تذوق الطعام للصائم http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png ابتلاع النخامة هل يفطر الصائم؟ http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png مضى على ذلك ثمان سنوات http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png كيف يقضى الصيام عن الميت؟ http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png من احتلم في نهار رمضان http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png استرخاء الصائم المرهق ونومه http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png تأخير غسل الجنابة http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png لم أصم وقت البلوغ http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png تأخير قضاء الصوم http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png النظر إلى عورات النساء http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png العجز عن الصوم http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png جماع الزوجين في نهار رمضان http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png صيام المريض http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png قضاء رمضان للسنوات الماضية http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png الأكل عند أذان الفجر http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png تقبيل الزوجة في رمضان http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png خروج الدم من الصائم هل يفطر؟ http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png التبرع لإفطار الصائمين http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png عدد ركع قيام الليل في رمضان http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png القيء في نهار رمضان http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png حكم استعمال الدهان |
رد: فقه الصيام
http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png السفر المبيح للفطر http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png حكم من أكل أثناء الأذان أو بعده بقليل http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png دخول ماء إلى حلق الصائم دون قصد http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png حكم سحب الدم للصائم http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png حكم استعمال فرشاة الأسنان http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png استعمال قطرة العين http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png تأخير القضاء http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png قراءة الكتب الدينية وقت الجنابة http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png حكم شم الصائم رائحة الطيب والعود http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png هل البَرَد لا يفطر؟ http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png سريان البنج في الجسم هل يفطر الصائم http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png دواء الغرغرة في نهار رمضان http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png استعمال بخاخ ضيق النفس للصائم http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png هل الامتحان غذر يبيح الإفطار في رمضان؟ http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png استعمال التحاميل في نهار رمضان http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png السباحة والغوص للصائم http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png استعمال الإبر في الوريد والعضل http://www.lovely0smile.com/E2008/arraw.png |
رد: فقه الصيام
الاعتكاف - 4 مـا يبطـــــل الاعتكـــــاف يبطل الاعتكاف بفعل شيء مما يأتي: 1ـ الخروج من المسجد، لغير حاجة عمداً، وإن قل، فإنه يفوت المكث فيه، وهو ركن من أركانه. 2ـ الرّدَّة؛ لمنافاتها للعبادة، ولقول اللّه _ تعالى: " لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ " [الزمر: 65]. 3، 4، 5 _ ذهاب العقل، بجنون أو سكر، والحيض والنفاس؛ لفوات شرط التمييز، والطهارة من الحيض والنفاس. 6ـ الوطء؛ لقول اللّه تعالى: " وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا " [ البقرة: 187]. ولا بأس باللمس بدون شهوة، فقد كانت إحدى نسائه صلى الله عليه وسلم ترجله، وهو معتكف، أما القبلة واللمس بشهوة، فقد قال أبو حنيفة، وأحمد: قد أساء؛ لأنه قد أتى بما يحرم عليه، ولا يفسد اعتكافه، إلا أن ينزل. وقال مالك: يفسد اعتكافه؛ لأنها مباشرة محرمة، فتفسد، كما لو أنزل. وعن الشافعي روايتان، كالمذهبين. قال ابن رشد: وسبب اختلافهم، هل الاسم المشترك بين الحقيقة والمجاز له عموم، أم لا ؟ وهو أحد أنواع الاسم المشترك؛ فمن ذهب إلى أن له عموماً، قال: إن المباشرة في قوله تعالى: "وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأََنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِد*. يطلق على الجماع، وعلى ما دونه. ومن لم ير له عموماً، وهو الأشهر والأكثر، قال: يدل إما على الجماع، وإما على ما دون الجماع، فإذا قلنا: إنه يدل على الجماع بإجماع. بطل أن يدل على غير الجماع؛ لأن الاسم الواحد لا يدل على الحقيقة والمجاز معاً، ومن أجرى الإنزال بمنزلة الوقاع؛ فلأنه في معناه، ومن خالف؛ فلأنه لا يطلق عليه الاسم حقيقة. قضـــــاء الاعتكـــــاف من شرع في الاعتكاف متطوعاً، ثم قطعه، استحب له قضاؤه. وقيل: يجب. قال الترمذي: واختلف أهل العلم في المعتكف، إذا قطع اعتكافه، قبل أن يتمه على ما نوى؛ فقال مالك: إذا انقضى اعتكافه، وجب عليه القضاء. واحتجوا بالحديث، أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من اعتكافه، فاعتكف عشراً من شوال. وقال الشافعي: إن لم يكن عليه نذر اعتكاف، أو شيء أوجبه على نفسه، وكان متطوعاً، فخرج، فليس عليه قضاء، إلا أن يحب ذلك اختياراً منه. قال الشافعي: وكل عمل لك ألا تدخل فيه، فإذا دخلت فيه، وخرجت منه، فليس عليك أن تقضي، إلا الحج والعمرة. أما من نذر أن يعتكف يوماً أو أياماً، ثم شرع فيه وأفسده، وجب عليه قضاؤه، متى قدر عليه، باتفاق الأئمة، فإن مات قبل أن يقضيه، لا يقضى عنه. وعن أحمد، أنه يجب على وليه أن يقضي ذلك عنه. روى عبد الرزاق، عن عبد الكريم بن أمية، قال: سمعت عبد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة، يقول: إن أمنا ماتت، وعليها اعتكاف، فسألت ابن عباس، فقال: اعتكف عنها، وصم. وروى سعيد ابن منصور، أنَّ عائشة اعتكفت عن أخيها، بعد ما مات. المعتكفُ يلزمُ مكانًا من المسجد ، وينصبُ فيه الخيمةَ 1ـ روى ابن ماجه، عن ابن عمر _ رضي اللّه عنهما _ أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان(1). قال نافع:وقد أراني عبد اللّه بن عمر المكان، الذي كان يعتكف فيه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم. 2ـ وروي عنه، أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا اعتكف، طرح له فراش، أو يوضع له سرير وراء أسطوانة التوبة(2)(3). 3ـ وروي عن أبي سعيد الخدري، أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف في قبة تركية، على سدتها(4) قطعة حصير(5). -------------------------------------------------------------------------------- (1) مسلم: كتاب الاعتكاف - باب اعتكاف العشر الأواخر (2 / 830)، برقم (2)، وابن ماجه: كتاب الصيام - باب في المعتكف يلزم مكاناً من المسجد (1 / 564)، برقم (1773). (2) هي أسطوانة، ربط بها رجل من الصحابة نفسه، حتى تاب اللّه عليه. (3) ابن ماجه: كتاب الصيام - باب في المعتكف يلزم مكاناً من المسجد (1 / 564)، برقم (1774)، وقال المحقق في "الزوائد": إسناده صحيح، ورجاله موثقون. وفي "مصباح الزجاجة": هذا إسناده صحيح، رواه البيهقي في السنن الكبرى (2 / 43). (4) سدتها: أي؛ بابها، وإنما وضع الحصير على بابها، حتى لا ينظر فيها أحد. (5) ابن ماجه: كتاب الصيام - باب الاعتكاف في قبة المسجد (1 / 564)، برقم (1775). نــــذر الاعتكـــاف في مسجـــد معيـــن من نذر الاعتكاف في المسجد الحرام، أو المسجد النبوي، أو المسجد الأقصى، وجب عليه الوفاء بنذره، في المسجد الذي عينه؛ لقول رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "لا تشد الرحال، إلا إلى ثلاثة مساجد؛ المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا"(1). أما إذا نذر الاعتكاف في غير هذه المساجد الثلاثة، فلا يجب عليه الاعتكاف في المسجد الذي عينه، وعليه أن يعتكف في أي مسجد شاء؛ لأن اللّه _ تعالى _ لم يجعل لعبادته مكاناً معيناً، ولأنه لا فضل لمسجد من المساجد على مسجد آخر، إلا المساجد الثلاثة، فقد ثبت أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة، فيما سواه من المساجد، إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من صلاة في مسجدي هذا، بمائة صلاة"(2). وإن نذر الاعتكاف في المسجد النبوي، جاز له أن يعتكف في المسجد الحرام؛ لأنه أفضل منه. -------------------------------------------------------------------------------- (1) تقدم تخريجه، في "المساجد". (2) تقدم تخريجه، في "المساجد". |
رد: فقه الصيام
صيــــام التطــــوع صيام ستة أيام من شوال رغّب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في صيام هذه الأيام الآتية: صيامُ ستةِ أيامٍ من شوالَ: روى الجماعة، إلا البخاري، والنسائي، عن أبي أيوب الأنصاري، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صام رمضان، ثم أتبعه ستّاً من شوَّال، فكأنما صام الدهر(1)"(2). وعند أحمد، أنها تؤدى متتابعة، وغير متتابعة، ولا فضل لأحدهما على الآخر. وعند الحنفية، والشافعية: الأفضل صومها متتابعة، عَقِبَ العيد. -------------------------------------------------------------------------------- (1) هذا لمن صام رمضان كل سنة. قال العلماء: الحسنة بعشرة أمثالها، ورمضان بعشرة شهور، والأيام الستة بشهرين. (2) مسلم: كتاب الصوم - باب استحباب صوم ستة أيام من شوال اتباعاً لرمضان، برقم (204) (2 / 822)، وأبو داود: كتاب الصوم - باب في صوم ستة أيام من شوال، برقم (2433) (2 / 812، 813)، والترمذي: كتاب الصوم - باب ما جاء في صيام ستة أيام من شوال، برقم (759) (3 / 123)، وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه: كتاب الصيام - باب صيام ستة أيام من شوال، برقم (1716) (1 / 547). صيام عشر ذي الحجة صومُ عشر ذي الحجة، وتأكيدُ يوم عرفةَ لغير الحاج: 1ـ عن أبي قتادة _ رضي اللّه عنه _ قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "صوم يوم عرفة يكفِّر سنتين؛ ماضية ومستقبلةً، وصوم يوم عاشوراء يُكفر سنة ماضية"(1). رواه الجماعة، إلا البخاري، والترمذي. 2ـ وعن حفصة، قالت: أربع لم يكن يدعهن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم؛ صيام عاشوراء، والعشر(2)، وثلاثة أيام من كل شهر، والركعتين قبل الغداة (3). رواه أحمد، والنسائي. 3ـ وعن عقبة بن عامر، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب"(4). رواه الخمسة، إلا ابن ماجه، وصححه الترمذي. 4ـ وعن أبي هريرة، قال: نهى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفةَ بعرفات(5). رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه. قال الترمذي: قد استحب أهل العلم صيام يوم عرفة، إلا بعرفة. 5ـ وعن أم الفضل، أنهم شَكُّوا في صوم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يوم عرفة، فأرسلتُ إليه بلبن فشرب، وهو يخطب الناس بعرفة(6). متفق عليه. -------------------------------------------------------------------------------- (1) ابن ماجه بمعناه: كتاب الصيام - صيام يوم عرفة، برقم (1730، 1731) (1 / 551)، وأحمد في "المسند" (5 / 296، 297، 304). (2) أي؛ من ذي الحجة. (3) النسائي: كتاب الصيام - باب كيف يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، وذكر اختلاف الناقلين للخبر في ذلك، برقم (2416) (4 / 220)، وأحمد في "المسند" (6 / 287). (4) أبو داود: كتاب الصوم - باب صيام أيام التشريق، برقم (2419) (2 / 804)، والترمذي: كتاب الصوم - باب كراهة صوم أيام التشريق، برقم (773) (3 / 134)، وقال: حسن صحيح، والنسائي: كتاب المناسك - باب النهي عن صوم يوم عرفة، برقم (3004) (5 / 252)، والدارمي: كتاب الصوم - باب في صيام يوم عرفة (2 / 23)، وأحمد في "المسند" (4 / 152). (5) أبو داود: كتاب الصوم - باب في صوم يوم عرفة بعرفة، برقم (2440) (2 / 816) والنسائي: كتاب الحج - باب النهي عن صوم يوم عرفة (ح 3004) (5 / 278)، وابن ماجه: كتاب الصوم - باب صيام يوم عرفة، برقم (1732) (1 / 551) وأحمد في "المسند" (2 / 304، 446)، وهو ضعيف، انظر "الضعيفة" (404). (6) البخاري: كتاب الصوم - باب صوم يوم عرفة (3 / 55)، ومسلم: كتاب الصيام - باب استحباب الفطر للحاج يوم عرفة، برقم (110، 111) (2 / 791)، والترمذي، من حديث ابن عباس: كتاب الصوم - باب صوم يوم عرفـة بعرفة، برقم (750) وقال: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح (3 / 115)، وأحمد في "المسند" (1 / 217، 278، 279، 344، 359، 360، 6 / 338 _ 340)، وأبو داود: كتاب الصوم - باب في صوم يوم عرفة بعرفة، برقم (2441) (2 / 817). صيام عاشوراء صيامُ المحرّم، وتأكيدُ صَوْمِ عاشوراءَ، ويوماً قبلها ويوماً بعدها: 1ـ عن أبي هريرة، قال: سُئِلَ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة ؟ قال: "الصلاة في جوف الليل". قيل: ثم أيُّ الصيام أفضل بعد رمضان ؟ قال:"شهر اللّه(1) الذي تدعونه المحرم"(2). رواه أحمد، ومسلم، وأبو داود. 2ـ وعن معاوية بن أبي سفيان، قال: سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إن هذا يومُ عاشوراء، ولم يُكتَـبْ عليكم صيامُه، وأنا صائـم، فمن شاء صـام، ومن شاء فَليُفْطِر"(3). متفق عليه. 3ـ وعن عائشة _ رضي اللّه عنها _ قالت: كان يوم عاشوراء يوماً تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يصومه، فلما قدِمَ المدينة صامه، وأمر الناس بصيامه، فلما فُرِض رمضان، قال: "من شاء صامه، ومن شاء تركه"(4). متفق عليه. 4ـ عن ابن عباس _ رضي اللّه عنهما _ قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، فرأى اليهود تصوم عاشوراء، فقال: "ما هذا ؟" قالوا: يومٌ صالح، نجَّى اللّه فيه موسى وبني إسرائيل من عَدُوّهم، فصامه موسى. فقال صلى الله عليه وسلم: "أنا أحَقُّ بموسى منكم". فصامه، وأمر بصيامه(5). متفق عليه. 5ـ وعن أبي موسى الأشعري _ رضي اللّه عنه _ قال: كان يوم عاشوراء تُعظمه اليهود، وتَتّخِذه عيداً، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "صوموه أنتم"(6). متفق عليه. 6ـ وعن ابن عباس _ رضي اللّه عنهما _ قال: لما صام رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء، وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول اللّه، إنّهُ يوم تُعظمه اليهود والنصارى ! فقال: "إذا كان العام المقبل - إن شاء اللّه - صُمْنَا اليوم التاسع". قال: فلم يَأت العام المقبل، حتى تُوُفي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم (7). رواه مسلم، وأبو داود. وفي لفظ: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "لئن بَقِيتُ إلى قابل، لأصُومَنَّ التاسع". يعني، مع يوم عاشوراء(8). رواه أحمد، ومسلم. وقد ذكر العلماء، أن صيام يوم عاشوراء على ثلاث مراتبَ؛ المرتبة الأولى، صوم ثلاثة أيام؛ التاسع، والعاشر، والحادي عشر. المرتبة الثانية، صوم التاسع، والعاشر. المرتبة الثالثة، صوم العاشر وحده. التَّوسعةُ يومَ عاشوراءَ: عن جابر بن عبد اللّه _ رضي اللّه عنه _ أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: "من وسّع على نفسه وأهله يوم عاشوراء، وَسّع اللّه عليه سائر سنته"(9). رواه البيهقي في "الشُّعَب"، وابن عبد البر، وللحديث طرق أخرى، كلها ضعيفة، ولكن إذا ضُمَّ بعضها إلى بعض، ازدادت قوةً، كما قال السخاوي. -------------------------------------------------------------------------------- (1) الإضافة للتشريف. (2) مسلم: كتاب الصيام - باب فضل صوم المحرم، برقم (202، 203) (2 / 821)، وأبو داود: كتاب الصوم - باب في صوم المحرم، برقم (2429) (2 / 811)، والترمذي، مختصراً: كتاب الصوم - باب ما جاء في صوم المحرم، برقم (740 3 / 108) وقال: حديث حسن. وابن ماجه مختصراً: كتاب الصيام - باب صيام أشهر الحـرم، برقـم (1742) (1 / 554)، والدارمي: كتـاب الصيـام - بـاب في صيـام المحـرم (2 / 21)، وأحمد (2 / 303، 342، 344، 535). (3) البخاري: كتاب الصوم - باب صيام يوم عاشوراء (3 / 57)، ومسلم: كتاب الصيام - باب صوم يوم عاشوراء، برقم (126) (2 / 795)، والموطأ: كتـاب الصيـام - بـاب صيـام يـوم عاشـوراء، برقم (34) (1 / 299)، وأحمد في "المسند" (4 / 95). (4) البخاري، بألفاظ متقاربة: كتاب الصوم - باب صيام يوم عاشوراء (3 / 57)، وباب وجوب صوم رمضان (3 / 31)، ومسلم: كتاب الصيام - باب صوم يوم عاشوراء، برقم (113) (2 / 792)، وأبو داود: كتاب الصوم - باب في صوم يوم عاشوراء، برقم (2442) (2 / 817)، والترمذي: كتاب الصوم - باب ما جاء في الرخصة في ترك صوم يوم عاشوراء، برقم (753)، وقال: وهو حديث صحيح (3 / 118)، والدارمي: كتاب الصيام - باب في صيام يـوم عاشوراء ( عن ابن عمر) (2 / 22)، والموطأ: كتاب الصيام - باب صيام يوم عاشوراء، برقم (33) (1 / 299)، وأحمد في "المسند" (2 / 57، 143) (6 / 162). (5) البخاري: كتـاب الصـوم - باب صيـام يـوم عاشوراء (3 / 57)، ومسلم: كتـاب الصيام - باب صوم يوم عاشوراء، برقم (127) (2 / 795)، وابن ماجه: كتـاب الصيـام - بـاب صيام يوم عاشوراء، برقم (1734) (1 / 552). (6) البخاري: كتـاب الصـوم - بـاب صيـام يـوم عاشوراء (3 / 57)، ومسلم: كتـاب الصيـام - باب صوم يوم عاشوراء، برقم (129) (2 / 796). (7) مسلم: كتاب الصيام - باب أي يوم يصام في عاشوراء، برقم (133) (2 / 797، 798)، وأبو داود: كتاب الصوم - باب ما روي أن عاشوراء اليوم التاسع، برقم (2445) (2 / 818). (8) مسلم: كتاب الصيام - باب أي يوم يصام في عاشوراء، برقم (134) (2 / 798)، وأحمد في "المسند" (1 / 224، 225، 345)، وابن ماجه: كتـاب الصيـام - بـاب صـيام يـوم عاشـوراء، برقم (1736) (1 / 552). (9) عزاه في "الكنز" إلى ابن عبد البر في "الاستذكار"، عن جابر، برقم (24258) (8 / 576)، وطرقه مدارها على متروكين، أو مجهولين، فالحديث موضوع، وانظر: تمام المنة (410، 411). شعبان صيامُ أكثرِ شَعْبانَ: كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يصوم أكثر شعبان؛ قالت عائشة: ما رأيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط، إلا شهر رمضان، وما رأيته في شهر أكثر منه صياماً، في شعبان(1). رواه البخاري، ومسلم. وعن أسامة بن زيد _ رضي اللّه عنهما _ قال: قلت: يا رسول اللّه، لم أرك تصوم من شهر من الشهور، ما تصوم من شعبان ! قال: "ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي، وأنا صائم"(2). رواه النسائي، وصححه ابن خزيمة. وتخصيص صوم يوم النصف منه ظنّاً، أن له فضيلة على غيره، مما لم يأت به دليل صحيح. -------------------------------------------------------------------------------- (1)البخاري: كتاب الصوم - باب صوم شعبان (3 / 50)، ومسلم: كتاب الصيام - باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان، واستحباب ألاّ يخلى شهراً عن صوم، برقم (175) (2 / 810)، وأبو داود: كتاب الصوم - باب كيف كان يصوم النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (2434) (2 / 813)، والنسائي بمعناه: كتاب الصيام - باب التقدم قبل رمضان، وذكر اختلاف الناقليـن لخبر عائشـة فيه، برقم (2179، 2180) (4 / 151)، والموطأ: كتـاب الصيام _ باب جامع الصيام، برقم (56) (1 / 309). (2) النسائـي: كتـاب الصـوم _ بـاب صـوم النبـي صلى الله عليه وسلم، برقـم (2357) (4 / 201)، وأحمد في "المسنـد" (5 / 201)، وابن خزيمة بمعناه: كتاب الصيام - باب في صفة صوم النبي صلى الله عليه وسلم... (3 / 304، 305) الأشهر الحرم صَوْمُ الأشهرِ الحرمِ: الأشهر الحرم؛ ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب، ويستحب الإكثار من الصيام فيها؛ فعن رجل من باهلة، أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول اللّه، أنا الرجل الذي جئتك عام الأول، فقال: "فما غيّرك، وقد كنت حسن الهيئةِ ؟" قال: ما أكلت طعاماً إلا بليل، منذ فارقتك. فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم. "لِمَ عذبْتَ نفسك !". ثم قال: "صم شهر الصّبرِ، ويوماً من كل شهر". قال: زدني؛ فإن بي قوة. قال: "صم يومين". قال: زدني. قال: "صم من الحرم واترك، صم من الحرم واترك، صم من الحرم واترك". وقال بأصابعه الثلاثة، فضَمّها، ثم أرسلها(1)(2). رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والبيهقي بسند جيد. وصيام رجب ليس له فضل زائد على غيره من الشهور، إلا أنه من الأشهر الحرم. ولم يرد في السنة الصحيحة، أن للصيام فضيلة بخصوصه، وأن ما جاء في ذلك مما لا ينتهض للاحتجاج به؛ قال ابن حجر: لم يرد في فضله، ولا في صيامه، ولا في صيام شيء منه معين، ولا في قيام ليلة مخصوصة منه حديث صحيح يصلح للحجة. -------------------------------------------------------------------------------- (1) أرسلها: أي؛ أشار إليه بصيام ثلاثة أيام، وفطر ثلاثة أخرى. (2) أبو داود: كتاب الصوم - باب في صوم أشهر الحرم، برقم (2428) (2 / 809، 810)، وابن ماجه: كتاب الصوم - باب صيام أشهر الحرم، برقم (1741) (1 / 554)، وهو ضعيف، انظر: ضعيف أبي داود (419) الاثنين والخميس صَوْمُ يومَي الاثنين والخميسِ: عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أكثر ما يصوم الاثنين والخميس، فقيل له ؟ (1) فقال: "إن الأعمال تعرض كل اثنين وخميس، فيغفر اللّه لكل مسلم، أو لكل مؤمن، إلا المتهاجِرين، فيقول: أخِّرْهما"(2). رواه أحمد بسند صحيح. وفي "صحيح مسلم"، أنه صلى الله عليه وسلم سئِلَ عن صوم يوم الاثنين ؟ فقال: "ذاك يوم وُلِدْتُ فيه، وأنزِلَ عليَّ فيه". أي؛ نزل الوحي عليَّ فيه(3). -------------------------------------------------------------------------------- (1) فقيل له: أي؛ سئل عن الباعث على صوم يومي الخميس والاثنين. (2) أحمد في "المسند" (2 / 329) بلفظه، وبدون لفظة: "إلا المتهاجرين، فيقول: أخرهما" أحمد (5 / 204، 205، 209). (3) مسلم: كتاب الصيام - باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، برقم (198) (2 / 820)، وأحمد في "المسند" (5 / 297، 299). ثلاثة أيام من كل شهر صيامُ ثلاثةِ أيامٍ من كلِّ شهْرِ: قال أبو ذَرّ الغِفاري _ رضي اللّه عنه _: أمرنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام البيض؛ ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة، وقال: "هي كصوم الدهر"(1). رواه النسائي، وصححه ابن حبان. وجاء عنه صلى الله عليه وسلم، أنه كان يصوم من الشهر السبت، والأحد، والاثنين، ومن الشهر الآخر الثلاثاء، والأربعاء، والخميس، وأنه كان يصوم من غرة كل هلال ثلاثة أيام، وأنه كان يصوم الخميس من أول الشهر، والاثنين الذي يليه، والاثنين الذي يليه(2). -------------------------------------------------------------------------------- (1) أبو داود: كتاب الصوم - باب في صوم الثلاث من كل شهر، برقم (2449) (2 / 821)، والنسائي بدون لفظ: "هي كصوم الدهر": كتاب الصوم - باب ذكر الاختلاف على موسى بن طلحة في الخبر في صيام ثلاثة أيام من الشهر، برقم (2423، 2422) (4 / 222)، وابن ماجه، من طريق عبد الملك بن المنهال، عن أبيه، عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: كتاب الصيام - باب ما جاء في صيام ثلاثة أيام من كل شهر، برقم (1707) (1 / 544)، وأحمد في "المسند" (5 / 27)، والإحسان بترتيب صحيح ابن حبان: باب صوم التطوع، برقم (3648) (5 / 265). (2) الترمذي، مختصراً: كتاب الصوم - باب ما جاء في صوم الاثنين والخميس، برقم (746) (3 / 113)، وأبو داود مختصراً - كتاب الصيام - باب في صوم الثلاث من كل شهر، برقم (2450) (2 / 822)، والنسائي: كتـاب الصيـام - بـاب كيف يصـوم ثلاثـة أيـام، برقم (2415، 2418) (4 / 220، 221)، وأحمد في "المسند" (1 / 406)، وانظر _ لزاماً _ تمام المنة (414، 415). صيام يوم وإفطار يوم صيامُ يومٍ وفطْرُ يومٍ: عن أبي سلمةَ بن عبد الرحمن، عن عبد اللّه بن عمرو، قال: قال لي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "لقد أُخبرت أنك تقومُ الليلَ، وتصوم النهار ؟". قال: قلت: يا رسول اللّه، نعم. قال: "فصم وأفطر، وصَلِّ ونم، فإن لجسدك عليك حقّاً، وإن لزوجك عليك حقّاً، وإن لِزَوْرِك(1) عليك حقّاً، وإن بحسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام". قال: فشدَّدت، فشدَّد عليَّ. قال: فقلت: يا رسول اللّه، إني أجد قوة. قال: "فصم من كل جمعة ثلاثة أيام". قال: فشددت، فشدد عليَّ. قال: فقلت: يا رسول اللّه، إني أجد قوة. قال: "صم صومَ نبي اللّه داود، ولا تَزِدْ عليه". قلت: يا رسول اللّه، وما كان صيام داود _ عليه السلام _ ؟ قال: "كان يصوم يوماً، ويفطِرُ يوماً "(2). رواه أحمد، وغيره. وروي أيضاً، عن عبد اللّه بن عمرو، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "أحبُّ الصيام إلى اللّه صيامُ داود، وأحبُّ الصلاة إلى اللّه صلاة داود، كان ينام نصفه، ويقوم ثلثه، وينام سدُسَه، وكان يصومُ يوماً، ويفطِرُ يوماً "(3). -------------------------------------------------------------------------------- (1) "زورك": أي؛ ضيفك. (2) البخاري بمعنـاه: كتـاب الصوم - باب صوم داود، عليه السلام (3 / 52)، ومسلم: كتاب الصيام - باب النهي عن صـوم الدهـر...، برقم (182) (2 / 813)، وأحمد في "المسند" (2 / 195، 197، 198، 200، 225). (3) ابن ماجه: كتـاب الصيـام - باب ما جاء في صيام داود، عليه السلام، برقم (1712) (1 / 546)، وأحمد في "المسند" (2 / 160). جواز فطر الصائم المتطوع جوازُ فطْرِ الصّائمِ المتطوعِ: 1- عن أم هانئ _ رضي اللّه عنها _ أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الفتح، فأتيَ بشراب فشرب، ثم ناولني، فقلت: إني صائمة. فقال: "إن المتطوِّع أميرٌ على نفسه؛ فإن شئت فصومي، وإن شئتِ فأفطري"(1). رواه أحمد، والدارقطني، والبيهقي، ورواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد، ولفظه: "الصائم المتطوع أمير نفسه؛ إن شاء صام، وإن شاء أفطر"(2). 2- وعن أبي جحيفة، قال: آخَى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدَّرْدَاء، فزار سلمان أبا الدرداء، فرأى أمَّ الدرداء متَبَذّلة، فقال لها: ما شأنك ؟ قالت: أخوك أبو الدرداء، ليس له حاجة في الدنيا. فجاء أبو الدرداء، فصنع له طعاماً، فقال: كل، فإني صائم. فقال: ما أنا بآكل، حتى تأكل. فأكل، فلما كان الليل، وذهب أبو الدرداء يقوم، قال: نَمْ. فنام، ثم ذهب، فقال: نم. فلما كان في آخر الليل، قال: قم الآن. فصليَا، فقال له سلمان: إن لربِّك عليك حقّاً، ولنفسك عليك حقّاً، ولأهلك عليك حقّاً، فأعط كل ذي حق حقه. فأتي النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "صدق سلمان"(3). رواه البخاري، والترمذي. 3- وعن أبي سعيد الخدريِّ _ رضي اللّه عنه _ قال: صنعت لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم طعاماً، فأتاني هو وأصحابه، فلما وُضِعَ الطعام، قال رجلٌ من القوم: إني صائم. فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "دعاكم أخوكم، وتكلف لكم". ثم قال: "أفطِرْ، وصُمْ يوماً مكانه، إن شئت"(4). رواه البيهقي بإسناد حسن، كما قال الحافظ. وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى جواز الفطر، لمن صام متطوعاً، واستحبوا له قضاء ذلك اليوم؛ استدلالاً بهذه الأحاديث الصحيحة الصريحة. -------------------------------------------------------------------------------- (1) الدارقطني: كتاب الصيام - باب الشهادة على رؤية الهلال، برقم (7) (2 / 173، 174)، والبيهقي: كتاب الصيام - باب صيام المتطوع والخروج منه قبل تمامه (4 / 276، 277)، وأحمد في "المسند" (6 / 343). (2) الحاكم في "المستدرك": كتاب الصوم - باب صوم التطوع (1 / 439)، وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وتلك الأخبار المعارضة لم يصح منها شيء. ووافقه الذهبي. (3) البخاري: كتاب الصوم - باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع، ولم ير عليه قضاء (3 / 49)، وكتاب الأدب - باب صنع الطعام والتكلف للضيف (8 / 40)، والترمذي: كتاب الزهد - باب حدثنا محمد بن بشار...، برقم (2413)، وقال أبو عيسى: هذا حديث صحيح (4 / 608، 609). (4) البيهقي: كتاب الصيام - باب التخيير في القضاء إن كان صومه تطوعاً (4 / 279). صيــــام التطــــوع صيام ستة أيام من شوال رغّب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في صيام هذه الأيام الآتية: صيامُ ستةِ أيامٍ من شوالَ: روى الجماعة، إلا البخاري، والنسائي، عن أبي أيوب الأنصاري، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صام رمضان، ثم أتبعه ستّاً من شوَّال، فكأنما صام الدهر(1)"(2). وعند أحمد، أنها تؤدى متتابعة، وغير متتابعة، ولا فضل لأحدهما على الآخر. وعند الحنفية، والشافعية: الأفضل صومها متتابعة، عَقِبَ العيد. -------------------------------------------------------------------------------- (1) هذا لمن صام رمضان كل سنة. قال العلماء: الحسنة بعشرة أمثالها، ورمضان بعشرة شهور، والأيام الستة بشهرين. (2) مسلم: كتاب الصوم - باب استحباب صوم ستة أيام من شوال اتباعاً لرمضان، برقم (204) (2 / 822)، وأبو داود: كتاب الصوم - باب في صوم ستة أيام من شوال، برقم (2433) (2 / 812، 813)، والترمذي: كتاب الصوم - باب ما جاء في صيام ستة أيام من شوال، برقم (759) (3 / 123)، وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه: كتاب الصيام - باب صيام ستة أيام من شوال، برقم (1716) (1 / 547). صيام عشر ذي الحجة صومُ عشر ذي الحجة، وتأكيدُ يوم عرفةَ لغير الحاج: 1ـ عن أبي قتادة _ رضي اللّه عنه _ قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "صوم يوم عرفة يكفِّر سنتين؛ ماضية ومستقبلةً، وصوم يوم عاشوراء يُكفر سنة ماضية"(1). رواه الجماعة، إلا البخاري، والترمذي. 2ـ وعن حفصة، قالت: أربع لم يكن يدعهن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم؛ صيام عاشوراء، والعشر(2)، وثلاثة أيام من كل شهر، والركعتين قبل الغداة (3). رواه أحمد، والنسائي. 3ـ وعن عقبة بن عامر، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب"(4). رواه الخمسة، إلا ابن ماجه، وصححه الترمذي. 4ـ وعن أبي هريرة، قال: نهى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفةَ بعرفات(5). رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه. قال الترمذي: قد استحب أهل العلم صيام يوم عرفة، إلا بعرفة. 5ـ وعن أم الفضل، أنهم شَكُّوا في صوم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يوم عرفة، فأرسلتُ إليه بلبن فشرب، وهو يخطب الناس بعرفة(6). متفق عليه. -------------------------------------------------------------------------------- (1) ابن ماجه بمعناه: كتاب الصيام - صيام يوم عرفة، برقم (1730، 1731) (1 / 551)، وأحمد في "المسند" (5 / 296، 297، 304). (2) أي؛ من ذي الحجة. (3) النسائي: كتاب الصيام - باب كيف يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، وذكر اختلاف الناقلين للخبر في ذلك، برقم (2416) (4 / 220)، وأحمد في "المسند" (6 / 287). (4) أبو داود: كتاب الصوم - باب صيام أيام التشريق، برقم (2419) (2 / 804)، والترمذي: كتاب الصوم - باب كراهة صوم أيام التشريق، برقم (773) (3 / 134)، وقال: حسن صحيح، والنسائي: كتاب المناسك - باب النهي عن صوم يوم عرفة، برقم (3004) (5 / 252)، والدارمي: كتاب الصوم - باب في صيام يوم عرفة (2 / 23)، وأحمد في "المسند" (4 / 152). (5) أبو داود: كتاب الصوم - باب في صوم يوم عرفة بعرفة، برقم (2440) (2 / 816) والنسائي: كتاب الحج - باب النهي عن صوم يوم عرفة (ح 3004) (5 / 278)، وابن ماجه: كتاب الصوم - باب صيام يوم عرفة، برقم (1732) (1 / 551) وأحمد في "المسند" (2 / 304، 446)، وهو ضعيف، انظر "الضعيفة" (404). (6) البخاري: كتاب الصوم - باب صوم يوم عرفة (3 / 55)، ومسلم: كتاب الصيام - باب استحباب الفطر للحاج يوم عرفة، برقم (110، 111) (2 / 791)، والترمذي، من حديث ابن عباس: كتاب الصوم - باب صوم يوم عرفـة بعرفة، برقم (750) وقال: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح (3 / 115)، وأحمد في "المسند" (1 / 217، 278، 279، 344، 359، 360، 6 / 338 _ 340)، وأبو داود: كتاب الصوم - باب في صوم يوم عرفة بعرفة، برقم (2441) (2 / 817). صيام عاشوراء صيامُ المحرّم، وتأكيدُ صَوْمِ عاشوراءَ، ويوماً قبلها ويوماً بعدها: 1ـ عن أبي هريرة، قال: سُئِلَ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة ؟ قال: "الصلاة في جوف الليل". قيل: ثم أيُّ الصيام أفضل بعد رمضان ؟ قال:"شهر اللّه(1) الذي تدعونه المحرم"(2). رواه أحمد، ومسلم، وأبو داود. 2ـ وعن معاوية بن أبي سفيان، قال: سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إن هذا يومُ عاشوراء، ولم يُكتَـبْ عليكم صيامُه، وأنا صائـم، فمن شاء صـام، ومن شاء فَليُفْطِر"(3). متفق عليه. 3ـ وعن عائشة _ رضي اللّه عنها _ قالت: كان يوم عاشوراء يوماً تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يصومه، فلما قدِمَ المدينة صامه، وأمر الناس بصيامه، فلما فُرِض رمضان، قال: "من شاء صامه، ومن شاء تركه"(4). متفق عليه. 4ـ عن ابن عباس _ رضي اللّه عنهما _ قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، فرأى اليهود تصوم عاشوراء، فقال: "ما هذا ؟" قالوا: يومٌ صالح، نجَّى اللّه فيه موسى وبني إسرائيل من عَدُوّهم، فصامه موسى. فقال صلى الله عليه وسلم: "أنا أحَقُّ بموسى منكم". فصامه، وأمر بصيامه(5). متفق عليه. 5ـ وعن أبي موسى الأشعري _ رضي اللّه عنه _ قال: كان يوم عاشوراء تُعظمه اليهود، وتَتّخِذه عيداً، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "صوموه أنتم"(6). متفق عليه. 6ـ وعن ابن عباس _ رضي اللّه عنهما _ قال: لما صام رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء، وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول اللّه، إنّهُ يوم تُعظمه اليهود والنصارى ! فقال: "إذا كان العام المقبل - إن شاء اللّه - صُمْنَا اليوم التاسع". قال: فلم يَأت العام المقبل، حتى تُوُفي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم (7). رواه مسلم، وأبو داود. وفي لفظ: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "لئن بَقِيتُ إلى قابل، لأصُومَنَّ التاسع". يعني، مع يوم عاشوراء(8). رواه أحمد، ومسلم. وقد ذكر العلماء، أن صيام يوم عاشوراء على ثلاث مراتبَ؛ المرتبة الأولى، صوم ثلاثة أيام؛ التاسع، والعاشر، والحادي عشر. المرتبة الثانية، صوم التاسع، والعاشر. المرتبة الثالثة، صوم العاشر وحده. التَّوسعةُ يومَ عاشوراءَ: عن جابر بن عبد اللّه _ رضي اللّه عنه _ أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: "من وسّع على نفسه وأهله يوم عاشوراء، وَسّع اللّه عليه سائر سنته"(9). رواه البيهقي في "الشُّعَب"، وابن عبد البر، وللحديث طرق أخرى، كلها ضعيفة، ولكن إذا ضُمَّ بعضها إلى بعض، ازدادت قوةً، كما قال السخاوي. -------------------------------------------------------------------------------- (1) الإضافة للتشريف. (2) مسلم: كتاب الصيام - باب فضل صوم المحرم، برقم (202، 203) (2 / 821)، وأبو داود: كتاب الصوم - باب في صوم المحرم، برقم (2429) (2 / 811)، والترمذي، مختصراً: كتاب الصوم - باب ما جاء في صوم المحرم، برقم (740 3 / 108) وقال: حديث حسن. وابن ماجه مختصراً: كتاب الصيام - باب صيام أشهر الحـرم، برقـم (1742) (1 / 554)، والدارمي: كتـاب الصيـام - بـاب في صيـام المحـرم (2 / 21)، وأحمد (2 / 303، 342، 344، 535). (3) البخاري: كتاب الصوم - باب صيام يوم عاشوراء (3 / 57)، ومسلم: كتاب الصيام - باب صوم يوم عاشوراء، برقم (126) (2 / 795)، والموطأ: كتـاب الصيـام - بـاب صيـام يـوم عاشـوراء، برقم (34) (1 / 299)، وأحمد في "المسند" (4 / 95). (4) البخاري، بألفاظ متقاربة: كتاب الصوم - باب صيام يوم عاشوراء (3 / 57)، وباب وجوب صوم رمضان (3 / 31)، ومسلم: كتاب الصيام - باب صوم يوم عاشوراء، برقم (113) (2 / 792)، وأبو داود: كتاب الصوم - باب في صوم يوم عاشوراء، برقم (2442) (2 / 817)، والترمذي: كتاب الصوم - باب ما جاء في الرخصة في ترك صوم يوم عاشوراء، برقم (753)، وقال: وهو حديث صحيح (3 / 118)، والدارمي: كتاب الصيام - باب في صيام يـوم عاشوراء ( عن ابن عمر) (2 / 22)، والموطأ: كتاب الصيام - باب صيام يوم عاشوراء، برقم (33) (1 / 299)، وأحمد في "المسند" (2 / 57، 143) (6 / 162). (5) البخاري: كتـاب الصـوم - باب صيـام يـوم عاشوراء (3 / 57)، ومسلم: كتـاب الصيام - باب صوم يوم عاشوراء، برقم (127) (2 / 795)، وابن ماجه: كتـاب الصيـام - بـاب صيام يوم عاشوراء، برقم (1734) (1 / 552). (6) البخاري: كتـاب الصـوم - بـاب صيـام يـوم عاشوراء (3 / 57)، ومسلم: كتـاب الصيـام - باب صوم يوم عاشوراء، برقم (129) (2 / 796). (7) مسلم: كتاب الصيام - باب أي يوم يصام في عاشوراء، برقم (133) (2 / 797، 798)، وأبو داود: كتاب الصوم - باب ما روي أن عاشوراء اليوم التاسع، برقم (2445) (2 / 818). (8) مسلم: كتاب الصيام - باب أي يوم يصام في عاشوراء، برقم (134) (2 / 798)، وأحمد في "المسند" (1 / 224، 225، 345)، وابن ماجه: كتـاب الصيـام - بـاب صـيام يـوم عاشـوراء، برقم (1736) (1 / 552). (9) عزاه في "الكنز" إلى ابن عبد البر في "الاستذكار"، عن جابر، برقم (24258) (8 / 576)، وطرقه مدارها على متروكين، أو مجهولين، فالحديث موضوع، وانظر: تمام المنة (410، 411). شعبان صيامُ أكثرِ شَعْبانَ: كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يصوم أكثر شعبان؛ قالت عائشة: ما رأيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط، إلا شهر رمضان، وما رأيته في شهر أكثر منه صياماً، في شعبان(1). رواه البخاري، ومسلم. وعن أسامة بن زيد _ رضي اللّه عنهما _ قال: قلت: يا رسول اللّه، لم أرك تصوم من شهر من الشهور، ما تصوم من شعبان ! قال: "ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي، وأنا صائم"(2). رواه النسائي، وصححه ابن خزيمة. وتخصيص صوم يوم النصف منه ظنّاً، أن له فضيلة على غيره، مما لم يأت به دليل صحيح. -------------------------------------------------------------------------------- (1)البخاري: كتاب الصوم - باب صوم شعبان (3 / 50)، ومسلم: كتاب الصيام - باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان، واستحباب ألاّ يخلى شهراً عن صوم، برقم (175) (2 / 810)، وأبو داود: كتاب الصوم - باب كيف كان يصوم النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (2434) (2 / 813)، والنسائي بمعناه: كتاب الصيام - باب التقدم قبل رمضان، وذكر اختلاف الناقليـن لخبر عائشـة فيه، برقم (2179، 2180) (4 / 151)، والموطأ: كتـاب الصيام _ باب جامع الصيام، برقم (56) (1 / 309). (2) النسائـي: كتـاب الصـوم _ بـاب صـوم النبـي صلى الله عليه وسلم، برقـم (2357) (4 / 201)، وأحمد في "المسنـد" (5 / 201)، وابن خزيمة بمعناه: كتاب الصيام - باب في صفة صوم النبي صلى الله عليه وسلم... (3 / 304، 305) الأشهر الحرم صَوْمُ الأشهرِ الحرمِ: الأشهر الحرم؛ ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب، ويستحب الإكثار من الصيام فيها؛ فعن رجل من باهلة، أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول اللّه، أنا الرجل الذي جئتك عام الأول، فقال: "فما غيّرك، وقد كنت حسن الهيئةِ ؟" قال: ما أكلت طعاماً إلا بليل، منذ فارقتك. فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم. "لِمَ عذبْتَ نفسك !". ثم قال: "صم شهر الصّبرِ، ويوماً من كل شهر". قال: زدني؛ فإن بي قوة. قال: "صم يومين". قال: زدني. قال: "صم من الحرم واترك، صم من الحرم واترك، صم من الحرم واترك". وقال بأصابعه الثلاثة، فضَمّها، ثم أرسلها(1)(2). رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والبيهقي بسند جيد. وصيام رجب ليس له فضل زائد على غيره من الشهور، إلا أنه من الأشهر الحرم. ولم يرد في السنة الصحيحة، أن للصيام فضيلة بخصوصه، وأن ما جاء في ذلك مما لا ينتهض للاحتجاج به؛ قال ابن حجر: لم يرد في فضله، ولا في صيامه، ولا في صيام شيء منه معين، ولا في قيام ليلة مخصوصة منه حديث صحيح يصلح للحجة. -------------------------------------------------------------------------------- (1) أرسلها: أي؛ أشار إليه بصيام ثلاثة أيام، وفطر ثلاثة أخرى. (2) أبو داود: كتاب الصوم - باب في صوم أشهر الحرم، برقم (2428) (2 / 809، 810)، وابن ماجه: كتاب الصوم - باب صيام أشهر الحرم، برقم (1741) (1 / 554)، وهو ضعيف، انظر: ضعيف أبي داود (419) الاثنين والخميس صَوْمُ يومَي الاثنين والخميسِ: عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أكثر ما يصوم الاثنين والخميس، فقيل له ؟ (1) فقال: "إن الأعمال تعرض كل اثنين وخميس، فيغفر اللّه لكل مسلم، أو لكل مؤمن، إلا المتهاجِرين، فيقول: أخِّرْهما"(2). رواه أحمد بسند صحيح. وفي "صحيح مسلم"، أنه صلى الله عليه وسلم سئِلَ عن صوم يوم الاثنين ؟ فقال: "ذاك يوم وُلِدْتُ فيه، وأنزِلَ عليَّ فيه". أي؛ نزل الوحي عليَّ فيه(3). -------------------------------------------------------------------------------- (1) فقيل له: أي؛ سئل عن الباعث على صوم يومي الخميس والاثنين. (2) أحمد في "المسند" (2 / 329) بلفظه، وبدون لفظة: "إلا المتهاجرين، فيقول: أخرهما" أحمد (5 / 204، 205، 209). (3) مسلم: كتاب الصيام - باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، برقم (198) (2 / 820)، وأحمد في "المسند" (5 / 297، 299). ثلاثة أيام من كل شهر صيامُ ثلاثةِ أيامٍ من كلِّ شهْرِ: قال أبو ذَرّ الغِفاري _ رضي اللّه عنه _: أمرنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام البيض؛ ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة، وقال: "هي كصوم الدهر"(1). رواه النسائي، وصححه ابن حبان. وجاء عنه صلى الله عليه وسلم، أنه كان يصوم من الشهر السبت، والأحد، والاثنين، ومن الشهر الآخر الثلاثاء، والأربعاء، والخميس، وأنه كان يصوم من غرة كل هلال ثلاثة أيام، وأنه كان يصوم الخميس من أول الشهر، والاثنين الذي يليه، والاثنين الذي يليه(2). -------------------------------------------------------------------------------- (1) أبو داود: كتاب الصوم - باب في صوم الثلاث من كل شهر، برقم (2449) (2 / 821)، والنسائي بدون لفظ: "هي كصوم الدهر": كتاب الصوم - باب ذكر الاختلاف على موسى بن طلحة في الخبر في صيام ثلاثة أيام من الشهر، برقم (2423، 2422) (4 / 222)، وابن ماجه، من طريق عبد الملك بن المنهال، عن أبيه، عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: كتاب الصيام - باب ما جاء في صيام ثلاثة أيام من كل شهر، برقم (1707) (1 / 544)، وأحمد في "المسند" (5 / 27)، والإحسان بترتيب صحيح ابن حبان: باب صوم التطوع، برقم (3648) (5 / 265). (2) الترمذي، مختصراً: كتاب الصوم - باب ما جاء في صوم الاثنين والخميس، برقم (746) (3 / 113)، وأبو داود مختصراً - كتاب الصيام - باب في صوم الثلاث من كل شهر، برقم (2450) (2 / 822)، والنسائي: كتـاب الصيـام - بـاب كيف يصـوم ثلاثـة أيـام، برقم (2415، 2418) (4 / 220، 221)، وأحمد في "المسند" (1 / 406)، وانظر _ لزاماً _ تمام المنة (414، 415). صيام يوم وإفطار يوم صيامُ يومٍ وفطْرُ يومٍ: عن أبي سلمةَ بن عبد الرحمن، عن عبد اللّه بن عمرو، قال: قال لي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "لقد أُخبرت أنك تقومُ الليلَ، وتصوم النهار ؟". قال: قلت: يا رسول اللّه، نعم. قال: "فصم وأفطر، وصَلِّ ونم، فإن لجسدك عليك حقّاً، وإن لزوجك عليك حقّاً، وإن لِزَوْرِك(1) عليك حقّاً، وإن بحسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام". قال: فشدَّدت، فشدَّد عليَّ. قال: فقلت: يا رسول اللّه، إني أجد قوة. قال: "فصم من كل جمعة ثلاثة أيام". قال: فشددت، فشدد عليَّ. قال: فقلت: يا رسول اللّه، إني أجد قوة. قال: "صم صومَ نبي اللّه داود، ولا تَزِدْ عليه". قلت: يا رسول اللّه، وما كان صيام داود _ عليه السلام _ ؟ قال: "كان يصوم يوماً، ويفطِرُ يوماً "(2). رواه أحمد، وغيره. وروي أيضاً، عن عبد اللّه بن عمرو، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "أحبُّ الصيام إلى اللّه صيامُ داود، وأحبُّ الصلاة إلى اللّه صلاة داود، كان ينام نصفه، ويقوم ثلثه، وينام سدُسَه، وكان يصومُ يوماً، ويفطِرُ يوماً "(3). -------------------------------------------------------------------------------- (1) "زورك": أي؛ ضيفك. (2) البخاري بمعنـاه: كتـاب الصوم - باب صوم داود، عليه السلام (3 / 52)، ومسلم: كتاب الصيام - باب النهي عن صـوم الدهـر...، برقم (182) (2 / 813)، وأحمد في "المسند" (2 / 195، 197، 198، 200، 225). (3) ابن ماجه: كتـاب الصيـام - باب ما جاء في صيام داود، عليه السلام، برقم (1712) (1 / 546)، وأحمد في "المسند" (2 / 160). جواز فطر الصائم المتطوع جوازُ فطْرِ الصّائمِ المتطوعِ: 1- عن أم هانئ _ رضي اللّه عنها _ أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الفتح، فأتيَ بشراب فشرب، ثم ناولني، فقلت: إني صائمة. فقال: "إن المتطوِّع أميرٌ على نفسه؛ فإن شئت فصومي، وإن شئتِ فأفطري"(1). رواه أحمد، والدارقطني، والبيهقي، ورواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد، ولفظه: "الصائم المتطوع أمير نفسه؛ إن شاء صام، وإن شاء أفطر"(2). 2- وعن أبي جحيفة، قال: آخَى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدَّرْدَاء، فزار سلمان أبا الدرداء، فرأى أمَّ الدرداء متَبَذّلة، فقال لها: ما شأنك ؟ قالت: أخوك أبو الدرداء، ليس له حاجة في الدنيا. فجاء أبو الدرداء، فصنع له طعاماً، فقال: كل، فإني صائم. فقال: ما أنا بآكل، حتى تأكل. فأكل، فلما كان الليل، وذهب أبو الدرداء يقوم، قال: نَمْ. فنام، ثم ذهب، فقال: نم. فلما كان في آخر الليل، قال: قم الآن. فصليَا، فقال له سلمان: إن لربِّك عليك حقّاً، ولنفسك عليك حقّاً، ولأهلك عليك حقّاً، فأعط كل ذي حق حقه. فأتي النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "صدق سلمان"(3). رواه البخاري، والترمذي. 3- وعن أبي سعيد الخدريِّ _ رضي اللّه عنه _ قال: صنعت لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم طعاماً، فأتاني هو وأصحابه، فلما وُضِعَ الطعام، قال رجلٌ من القوم: إني صائم. فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "دعاكم أخوكم، وتكلف لكم". ثم قال: "أفطِرْ، وصُمْ يوماً مكانه، إن شئت"(4). رواه البيهقي بإسناد حسن، كما قال الحافظ. وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى جواز الفطر، لمن صام متطوعاً، واستحبوا له قضاء ذلك اليوم؛ استدلالاً بهذه الأحاديث الصحيحة الصريحة. -------------------------------------------------------------------------------- (1) الدارقطني: كتاب الصيام - باب الشهادة على رؤية الهلال، برقم (7) (2 / 173، 174)، والبيهقي: كتاب الصيام - باب صيام المتطوع والخروج منه قبل تمامه (4 / 276، 277)، وأحمد في "المسند" (6 / 343). (2) الحاكم في "المستدرك": كتاب الصوم - باب صوم التطوع (1 / 439)، وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وتلك الأخبار المعارضة لم يصح منها شيء. ووافقه الذهبي. (3) البخاري: كتاب الصوم - باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع، ولم ير عليه قضاء (3 / 49)، وكتاب الأدب - باب صنع الطعام والتكلف للضيف (8 / 40)، والترمذي: كتاب الزهد - باب حدثنا محمد بن بشار...، برقم (2413)، وقال أبو عيسى: هذا حديث صحيح (4 / 608، 609). (4) البيهقي: كتاب الصيام - باب التخيير في القضاء إن كان صومه تطوعاً (4 / 279). |
رد: فقه الصيام
زكاة الفطر
|
رد: فقه الصيام
زكاة الفطر زكاة الفطر: أي؛ الزكاة التي تجب بالفطر من رمضان. وهي واجبة على كل فرد من المسلمين؛ صغير أو كبير، ذكر أو أنثى، حر أو عبد. روى البخاري، ومسلم، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان؛ صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير على العبد؛ والحرِّ، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من ا لمسلمين ( 1 ). -------------------------------------------------------------------------------- (1) البخاري: كتاب الزكاة - باب قرض صدقة الفطر (2 / 61 1 )، وباب صدقة الفطر على العبد وغيره من المسلمين (2 / 161 )، ومسلم: كتاب الزكاة - باب زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير، برقم (12 - 4 1، 16) (2 / 677، 678)، وأبو داود: كتاب الزكاة - باب كم يؤدى قي صدقة الفطر، برقم ( 1611 - 1613 ) (2 / 263 - 266)، وابن ماجه: كتـاب الزكاة - بـاب صدقة الفطر، برقم (1826 ) ( 1 / 584)، والنسائي:كتاب الزكاة - باب فرض زكـاة الفطر على المسلين دون المعاهديـن برقـم (3 0 5 2، 4 0 5 2 ) (5 / 48 )، والدارمي: كتاب الزكاة - باب قي زكاة الفطر ( 1 / 2 39)، والموطأ: كتاب الزكاة - باب مكيلة زكاة الفطر، برقم (2 5) ( 1 / 4 8 2)، وأحمد في " المسند" (2 / 2 0 1، 37 1 ). حكمتُهَا شرعت زكاة الفطر في شعبان، من السنة الثانية من الهجرة؛ لتكون طهرة للصائم، مما عسى أن يكون وقع فيه؛ من اللغو، والرفث، ولتكون عوناً للفقراء والمعوزين. روى أبو داود، وابن ماجه، والدارقطني، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: فرض رسول اللّه صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر؛ طهرة (1) للصائم؛ من اللغو(2)، والرفث (3)، وطعمة (4) للمساكين: " من أَداها قبل الصلاة، فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة، فهي صدقة من الصدقات "(5). -------------------------------------------------------------------------------- (1) " طهر ة " تطهيرً ا. (2) "اللغو" هو ما لا فائدة فيه؛ من القول، أو الفعل. (3) " الرفث " فاحش الكلام. (4) "طعمة" طعام. (5) أبو داود: كتاب الزكاة - باب زكاة الفطر، برقم(9 0 6 1 ) (2 / 62 2)، وابن ماجه: كتاب الزكاة - باب صدقة الفطر، برقم (7 2 8 1 ) ( 1 / 5 58)، والدارقطني: كتاب زكاة الفطر، حديث رقم ( 1 ) ( 2 / 38 1 ).. على مَنْ تجبُ ؟ تجب على الحر المسلم، المالك لمقدار صاع يزيد عن قوته وقوت عياله، يوماً(1) وليلة، وتجب عليه عن نفسه، وعمن تلزمه نفقته؛ كزوجته، وأبنائه، وخدمه الذين يتولى أمورهم، ويقوم بالإنفاق عليهم. -------------------------------------------------------------------------------- (1) هذا مذهب مالك، والشافعي، وأحمد، قال الشوكاني: وهذا هو الحق، وعند الأحناف، لابد من ملك النصاب.. قَدْرُهَا الواجب في صدقة الفطر صاع (1)؛ من القمح، أو الشعير، أو التمر، أو الزبيب، أو الأقط (2)، أو الأرز، أو الذرة، أو نحو ذلك مما يعتبر قوتاً. وجوز أبو حنيفة إخراج القيمة، وقال: إذا أخرج المزكى من القمح، فإنه يجزئ نصف صاع. قال أبو سعيد الخدري: كنا إذا كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، نخرج زكاة الفطر عن كل صغير وكبير، حر ومملوك، صاعاً من طعام، أو صاعاً من أقط، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من زبيب، فلم نزل نخرجه، حتى قدم معاوية حاجا أو معتمراً، فكلم الناس على المنبر، فكان فيما كلم به، أن قال؛ إنى أرى أن مدين (3) من سمراء(4) الشام تعدل صاعاً من تمر. فأخذ الناس بذلك، قال أبو سعيد: فأما أنا، فلا أزال أخرجه أبداً ما عشت (5). رواه الجماعة. قال الترمذي: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، يرون من كل شيء صاعاً، وهو قول الشافعي،وإسحاق. وقال بعض أهل العلم: من كل شيء صاع إلا البر؛ فإنه يجزئ نصف صاع، وهو قول سفيان، وابن المبارك، وأهل الكوفة. -------------------------------------------------------------------------------- (1)الصاع؛ أربعة أمداد، والمد؛ حفنة بكفي الرجل المعتدل الكفين، ويساوى قدحاً وثلث قدح، أو قدحين. (2) الأقط: لبن مجفف، لم تنزع زبدته. (3) المدان: نصف صاع. (4)سمراء: أي؛ قمح. (5) البخاري، مطولاَ ومختصرا: كتاب الزكاة - باب صاع من زبيب ( 2 /161، 62 ا)، ومسلم: كتاب الزكاة - باب زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير، برقم (8 1، 9 1 ) ( 2 / 678، 9 7 6)، وأبو داود؛ كتاب الزكاة - باب كم يؤدى في صدقة الفطر، برقم (6 1 6 1، ( 2 / 67 2) والترمذي: كتاب الزكاة - باب ما جاء في صدقة الفطر، برقم (673) (3 / 50)، وابن ماجه: كتاب الزكاة - باب صدقة الفطر، برقم (9 82 1 ) ( 1 / 585)، والنسائي: كاب الزكاة - باب ما جاء في صدقة الفطر، برقم (3 1 5 2) (5 / 51)، - والدارمي: كتاب الزكاة - باب في زكاة الفطر ( 1 / 392). متى تجبُ ؟ اتفق الفقهاء على أنها تحب فى آخر رمضان، واختلفوا فى تحديد الوقت الذي تجب فيه؛ فقال الثوري، وأحمد، وإسحاق، والشافعي، في الجديد، وإحدى الروايتين عن مالك: إن وقت وجوبها غروب الشمس، ليلة الفطر لأنه وقت الفطر من رمضان. وقال أبو حنيفة، والليث، والشافعي، في القديم، والرواية الثانية عن مالك: إن وقت وجوبها طلوع الفجر من يوم العيد. وفائدة هذا الاختلاف، في المولود يولد قبل الفجر من يوم العيد، وبعد مغيب الشمس، هل تجب عليه، أم لا تجب ؟ فعلى القول الأول، لا تجب؛ لأنه وُلد بعد وقت الوجوب. وعلى الثاني، تجب؛ لأنه ولد قبل وقت الوجوب. تعجيل زكاة الفطر عن وقتِ الوجُوبِ جمهور الفقهاء على أنه يجوز تعجيل صدقة الفطر، قبل العيد بيوم أو بيومين. قال ابن عمر _ رضي الله عنهما _: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر، أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة(1). قال نافع: وكان ابن عمر يؤديها، قبل ذلك باليوم أو اليومين. واختلفوا فيما زاد على ذلك؛ فعند أبي حنيفة، يجوز تقديمها على شهر رمضان. وقال الشافعي: يجوز التقديم من أول الشهر. وقال مالك، ومشهور مذهب أحمد: يجوز تقديمها يوماً، أو يومين. واتفقت الأئمة على أن زكاة الفطر لا تسقط بالتأخير بعد الوجوب، بل تصير ديناً في ذمة من لزمته، حتى تؤدى، ولو في آخر العمر. واتفقوا على أنه لا يجوز تأخيرها عن يوم العيد(2)، إلا ما نقل عن ابن سيرين، والنخعي، أنهما قالا: يجوز تأخيرها عن يوم العيد. وقال أحمد: أرجو ألا يكون به بأس. وقال ابن رسلان: إنه حرام، بالاتفاق؛ لأنها زكاة، فوجب أن يكون في تأخيرها إثم، كما في إخراج الصلاة عن وقتها. وقد تقدم في الحديث: "من أداها قبل الصلاة، فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة، فهي صدقة من الصدقات(3)". -------------------------------------------------------------------------------- (1) البخاري: كتاب الزكاة - باب فرض صدقة الفطر (2 / 161)، وباب الصدقة قبل العيد (2 / 162)، ومسلم: كتاب الزكاة - باب الأمر بإخراج زكاة الفطر قبل الصلاة، برقم (22، 23) (2 / 679)، والنسائي: كتاب الزكاة - باب الوقت الذي يستحب أن تؤدى صدقة الفطر فيه، برقم (2521) (4 / 54)، والترمذي: كتاب الزكاة - باب تقديمها قبل الصلاة، برقم (677) (3 / 53)، وأبو داود: كتاب الزكاة - باب متى تؤدى، برقم (1610) (2 / 263). (2) وجزموا، بأنها تجزئ إلى آخر يوم الفطر. (3) أي؛ التي يتصدق بها في سائر الأوقات. مصرِف زكاة الفطر مصرفُ زكاة الفطر مصرف الزكاة، أي؛ أنها توزع على الأصناف الثمانية المذكورة، في آية: " إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ " [ التوبة: 60]. والفقراء هم أَولى الأصناف بها؛ لما تقدم في الحديث: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر؛ طهرة للصائم من اللغو، والرفث، وطعمة للمساكين. ولما رواه البيهقي، والدارقطني، عن ابن عمر _ رضي الله عنهما _ قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر، وقال: "أغنوهم في هذا اليوم"(1). وفي رواية للبيهقي: "أغنوهم عن طواف هذا اليوم"(2). وتقدم الكلام على المكان الذي تؤدى فيه، عند الكلام على نقل الزكاة. -------------------------------------------------------------------------------- (1) الدارقطني: كتاب زكاة الفطر، برقم (67) (2 / 152، 153). (2) البيهقي: كتاب الزكاة - باب وقت إخراج زكاة الفطر (4 / 175).. إعطاء زكاة الفطر للذمى أجاز الزهري، وأبو حنيفة، ومحمد، وابن شبرمة إعطاء الذمي من زكاة الفطر(1)؛ لقول اللّه تعالى: " لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ " [الممتحنة: 8]. -------------------------------------------------------------------------------- (1) انظر التحقيق، في: تمام المنة (388). |
رد: فقه الصيام
بارك الله فيك وجزاك الجنة ان شاء الله |
رد: فقه الصيام
جزاك الله الف خير
|
رد: فقه الصيام
|
رد: فقه الصيام
كل عام وانتم بخير وبارك الله فى شهر رمضان وجعله شهر طاعة وعبادة |
| الساعة الآن : 11:36 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour