ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   الملتقى الاسلامي العام (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=3)
-   -   منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=241779)

ابوالوليد المسلم 30-09-2020 04:51 AM

منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
بطاقة الكتاب وفهرس الموضوعات


https://i.gr-assets.com/images/S/com...l/23575373.jpg

الكتاب: منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
المؤلف: تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي
(المتوفى: 728هـ)
المحقق: محمد رشاد سالم
الناشر: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
الطبعة: الأولى، 1406 هـ - 1986 م
عدد المجلدات: 9 [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بحواشي المحقق] تعريف بالمؤلف




ابن تيمِيَّة، تقي الدين (661 - 728 هـ، 1263 - 1328 م). تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي. • شيخ الإسلام في زمانه وأبرز علمائه، فقيه أصولي ومفتي الدين الحصيف وصاحب الآثار الكبرى في علوم الدين والفكر الإسلامي. ولد بحرَّان بتركيا، ورحل إلى دمشق مع أسرته هربًا من غزو التتار. وتلقى العلم على والده وعلى مشايخ دمشق وظهرت عليه علامات النجابة منذ نعومة أظفاره، فكان قوي الذاكرة سريع الحفظ. نهل من منهج النبوة، حتى آلت إليه الإمامة في العلم والعمل سنة 720 هـ. • كان من أشد مفكري الإسلام نقدا للفلسفة وعلم الكلام، ودعا إلى وضع العقل بعد النقل وليس قبله. وقد صنف كتاباً ضخماً سماه درء تعارض العقل والنقل أو موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول رد فيه على شطحات الفلاسفة، وفند فيه دعاوى أهل الفرق الضالة حسب رأيه واجتهاده، ودافع فيه عن المنطق الفطري، وهو المنطق السليم، منطق القرآن الكريم. وفي كتابه الرد على المنطقيين حمل على دعوى أتباع أرسطو من المنطقيين الذين ذهبوا إلى أن المفاهيم التي ليست بديهية لاتدرك إلا بالحد (الدليل) بحجة أنها لما كانت غير بديهية كان لابد لها من دليل، وإلا كانت دعوتهم باطلة، وبيَّن ابن تيمية أن تحديد المفاهيم تكتنفه الصعاب، وحتى من دافع عن المنطق من أهل الفلسفة وعلم الكلام، اضطر إلى التسليم بصعوبة تحديد الجنس أو الفصل الخاص، الذي يقوم عليه التعريف، ونسبه ابن تيمية إلى اختلاف الناس في سرعة إدراك الحد الأوسط في القياس مثل حيوان يمشي على أربع، والكلب حيوان، الكلب يمشي على أربع، فالحد الأوسط هنا وهو الكلب حيوان لا يحتاج إليه الذكي، ولا يستفيد منه الغبي. والنتيجة تحصيل حاصل. وانتقد كذلك نظريات البرهان عند أرسطو باعتبار أن البرهان يتناول الكلّيات الذهنية، في حين أن الكائنات موجودات جزئية، ولذلك فالبرهان لايؤدي إلى معرفة إيجابيته بالكائنات بشكل عام وبالله بشكل خاص. • ذهب ابن تيمية إلى مصر فسُجن بها، ورجع إلى دمشق، وجاهد ضد التتار وحبسه السلطان لفتواه عن طلاق الثلاث، وتحرش به علماء دمشق عند السلطات ليوقعوا به، فَحُبِس ثانية في قلعة دمشق ومات فيها. وخرجت البلدة على بكرة أبيها تشيع جنازته. • كان ابن تيمية صالحاً مصلحاً، داعيا إلى الإصلاح والعودة إلى القرآن والسنة، وكان ذا باع طويل في اللغة العربية وعلومها، وفي مختلف العلوم. تربو مصنفاته على ثلاثمائة مجلد في علوم الإسلام المختلفة من أهمها: اقتضاء الصراط المستقيم في الرد على أهل الجحيم؛ السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية؛ الصارم المسلول على شاتم الرسول؛ الواسطة بين الخلق والحق؛ العقيدة التدمرية؛ الكلام على حقيقة الإسلام والإيمان؛ العقيدة الواسطية؛ بيان الفرقان بين أولياء الشيطان وأولياء الرحمن؛ تفسير سورة البقرة؛ درء تعارض العقل والنقل؛ منهاج السنة النبوية؛ مجموعة الفتاوى. • خالف بعضُ الأئمة والعلماء بعضَ آراء ابن تيمية وفتاويه وردوا عليه. ومن هؤلاء العلماء: صفي الدين الهندي وتقي الدين السبكي وشمس الدين الذهبي وابن حجر العسقلاني والعز بن جماعة وبدر الدين محمد بن إبرهيم بن جماعة وغيرهم. نقلا عن الموسوعة العربية العالمية


ابوالوليد المسلم 30-09-2020 04:51 AM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://i.imgur.com/xOziErR.gif
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي

المجلد الاول
الحلقة (2)
صـ 3إلى صـ 6


[مقدمة المؤلف]
[خطبة الكتاب]
بسم الله الرحمن الرحيم
[وبه نستعين] (1)
قال الشيخ الإمام العالم، الحبر الكامل، الأوحد العلامة الحافظ، الخاشع القانت، إمام الأئمة، ورباني الأمة، شيخ الإسلام، بقية الأعلام، تقي الدين، خاتمة المجتهدين، (2) أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن تيمية الحراني، قدس الله روحه، ونور ضريحه (3) .الحمد لله الذي بعث النبيين مبشرين، ومنذرين، وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم، فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه (4) ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كما شهد هو سبحانه وتعالى (5) : {أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم} [سورة آل عمران: 18] وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، الذي [ختم به أنبياءه، وهدى به أولياءه] (6) ، ونعته (7) بقوله في القرآن الكريم: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم - فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم} [سورة التوبة: 128 - 129] صلى الله عليه [وعلى آله (8) أفضل صلاة، وأفضل (9) . تسليم] (10) .
[سبب تأليف ابن تيمية للكتاب]
أما بعد، فإنه قد (11) أحضر إلي طائفة من أهل السنة والجماعة كتابا صنفه بعض [شيوخ الرافضة في عصرنا منفقا] (12) لهذه البضاعة، يدعو به (13) إلى مذهب الرافضة الإمامية، من أمكنه دعوته من ولاة الأمور، [وغيرهم أهل الجاهلية، ممن قلت معرفتهم] (14) بالعلم والدين، ولم يعرفوا أصل دين المسلمين، وأعانه على ذلك من عادتهم إعانة [الرافضة من المتظاهرين بالإسلام، من] (15) أصناف الباطنية الملحدين (16) الذين هم في الباطن من الصابئة (17) الفلاسفة الخارجين عن حقيقة [متابعة (18) المرسلين الذين لا يوجبون اتباع] (19) دين الإسلام (20) ، ولا يحرمون [اتباع] ما سواه (21) من الأديان، بل يجعلون الملل بمنزلة المذاهب، والسياسات [التي يسوغ اتباعها، وأن النبوة] نوع من السياسة العادلة التي وضعت لمصلحة العامة في الدنيا.فإن هذا الصنف يكثرون ويظهرون [إذا كثرت الجاهلية، وأهلها] ، ولم يكن هناك من أهل العلم بالنبوة، والمتابعة لها من يظهر أنوارها الماحية لظلمة (22) الضلال، [ويكشف ما في خلافها من الإفك] ، والشرك، والمحال.وهؤلاء لا يكذبون بالنبوة تكذيبا مطلقا، بل هم يؤمنون ببعض أحوالها، ويكفرون [ببعض الأحوال (23) ، وهم متفاوتون فيما] يؤمنون به، ويكفرون به من تلك الخلال، فلهذا يلتبس أمرهم بسبب تعظيمهم للنبوات على كثير من أهل (24) [الجهالات.
(1) وبه نستعين: زيادة في (م) ، (أ) ، وفي (ن) : وبالله التوفيق.
(2) أ، ل: بقية المجتهدين.
(3) م، ن: قال الشيخ الإمام العالم العلامة الرباني، وحيد عصره، وفريد دهره، أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني رضي الله عنه، وتغمده برحمته، وأسكنه بحبوحة جنته، آمين. ولم تظهر بعض هذه الكلمات في مصورة (ن) .
(4) بإذنه: ساقطة من (أ) فقط.
(5) وتعالى: ليست في (م) ، (ل) . وفي (ن) : لا شريك له، كما قال: (شهد الله أنه لا إله. . إلخ) .
(6) ما بين المعقوفتين مكانه بياض في (ن) .
(7) أ، ب، ل: وبعثه.
(8) وعلى آله: زيادة في (م) فقط.
(9) ب: وأكمل.
(10) ما بين المعقوفتين مكانه بياض في (ن) .
(11) قد: زيادة في (م) ، (ن) .
(12) ما بين المعقوفتين مكانه بياض في (ن) .
(13) ن (فقط) : بدعوته.
(14) ما بين المعقوفتين مكانه بياض في (ن) .
(15) ما بين المعقوفتين مكانه بياض في (ن) .
(16) الباطنية هم الذين جعلوا لكل ظاهر من الكتاب باطنا، ولكل تنزيل تأويلا، ويذكر الشهرستاني (الملل والنحل 1/172) أن " الباطنية القديمة " كانت تخلط كلامها ببعض كلام الفلاسفة. أما الباطنية على زمانه فقد جعلهم هم والإسماعيلية الغلاة فرقة واحدة، وذكر أنهم يسمون في العراق بالباطنية والقرامطة والمزدكية، وفي خراسان بالتعليمية والملحدة، وأضاف محمد بن الحسن الديلمي في كتابه " قواعد عقائد آل محمد " (القاهرة سنة 1950) ص 34، الألقاب التالية: السبعية، والخرمية، والبابكية، والمحمرة، والمباركية، والإباحية، والزنادقة، والخرمدينية، ونقل ابن طاهر البغدادي (الفرق بين الفرق، ص 196) عن أصحاب المقالات قولهم بأن الذين أسسوا دعوة الباطنية جماعة منهم ميمون بن ديصان المعروف بالقداح، ومحمد بن الحسين الملقب بدندان.
وانظر أيضا: الملل والنحل 1/170 - 178؛ الفرق بين الفرق، ص 169 - 188؛ مقالة كارادي فوفي دائرة المعارف الإسلامية، مادة: الباطنية؛ كتاب " الصراع بين الموالي والعرب " تأليف الدكتور محمد بديع شريف، ص 57 - 65، القاهرة، 1954.
(17) قال الرازي عن " الصابئة " (اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص [0 - 9] 0) : " قوم يقولون: إن مدبر هذا العالم وخالقه هذه الكواكب السبعة والنجوم، فهم عبدة الكواكب ". وأما الشهرستاني (الملل والنحل 1/210 - 211) فيذكر أن الفرق كانت في زمان إبراهيم - عليه السلام - ترجع إلى صنفين اثنين: الصابئة، والحنفاء، وقال الصابئة بالحاجة إلى وجود " متوسط " روحاني، وجعل بعضهم هذا " المتوسط " من الكواكب وبعضهم جعلوه من الأصنام. وابن تيمية كثيرا ما يصف الفلاسفة بأنهم من الصابئة المشركين وهو يذكر بأن الفارابي قدم حران - التي كانت مركزا للصابئة المشركين - في القرن الرابع الهجري وتعلم منهم وأخذ عنهم الفلسفة، وكذلك فعل ثابت بن قرة الحراني وغيره قبل الفارابي. ويفرق ابن تيمية بين هؤلاء الصابئة المشركين الذين يذكرهم الله تعالى في كتابه [سورة الحج: 17] وبين الصابئة الموحدين الذين يثني الله عليهم [سورة البقرة: 62] . انظر تفصيل ذلك وغيره في الرد على المنطقيين، ص [0 - 9] 87 - 290، 454 - 458؛ منهاج السنة (بولاق 1/197) ؛ مجموعة الرسائل والمسائل 4/37، 38.؛ مجموعة رسائل شيخ الإسلام ابن تيمية 58، 74، 93، 94، 97 - 99. ويسمي ابن تيمية المعتزلة وغيرهم من النفاة بالصابئة المعطلة، انظر مثلا مجموعة الرسائل والمسائل 1/183.
(18) م: اتباع.
(19) ما بين المعقوفتين مكانه بياض في (ن) . وسأكتفي فيما يلي بوضع المعقوفتين بدون الإشارة إلى وجود البياض في (ن) إن شاء الله.
(20) ن، م: دين المسلمين.
(21) ن، م: ولا يحرمون ما سواه.
(22) ن، م: لظلم.
(23) الأحوال: ساقطة من (م) .
(24) أهل: ساقطة من (أ) ، (ل) .
https://i.imgur.com/NRtalT0.gif




ابوالوليد المسلم 30-09-2020 04:52 AM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://i.imgur.com/xOziErR.gif
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي

المجلد الاول
الحلقة (3)
صـ 7إلى صـ 13


والرافضة، والجهمية] (1) هم الباب لهؤلاء الملحدين، منهم يدخلون إلى سائر أصناف الإلحاد في أسماء الله، وآيات [كتابه المبين، كما قرر ذلك] رءوس [الملحدة من] القرامطة (2) الباطنية (3) ، وغيرهم من المنافقين.وذكر من أحضر هذا الكتاب أنه من [أعظم الأسباب في تقرير مذاهبهم] عند من مال إليهم من الملوك، وغيرهم، وقد صنفه (4) للملك المعروف الذي سماه فيه (5) [خدابنده (6) ، وطلبوا مني بيان ما في هذا]
(1) الجهمية هم المنتسبون إلى جهم بن صفوان أبي محرز مولى بني راسب، وهو من أهل خراسان، وقد تتلمذ على الجعد بن درهم، كما اتصل بمقاتل بن سليمان من المرجئة. وكان الجهم كاتبا للحارث بن سريج من زعماء خراسان، وخرج معه على الأمويين، فقتلا بمرو سنة 128 هـ.
والجهمية تطلق أحيانا بمعنى عام ويقصد بها نفاة الصفات عامة، وتطلق أحيانا بمعنى خاص ويقصد بها متابعو الجهم بن صفوان في آرائه وأهمها نفي الصفات والقول بالجبر والقول بفناء الجنة والنار. انظر مقالات الأشعري 1/197 - 198، 224، 312؛ الملل والنحل 1/79 - 81؛ الفرق بين الفرق 128 - 129؛ التبصير في الدين 63 - 64. وانظر أيضا ما ذكره ابن تيمية عن الجهمية في " التسعينية " ضمن الفتاوى 5/31 - 35، القاهرة 1329.
(2) القرامطة من الباطنية هم الذين ينتسبون إلى حمدان بن الأشعث الذي كان يلقب بقرمط وقد تتلمذ على حسين الأهوازي رسول عبيد الله بن ميمون القداح، ثم اتخذ لنفسه مقرا قرب الكوفة سماه " دار الهجرة " وأخذ هو وأتباعه يشنون منه الغارات على المسلمين، وقد انتشرت دعوته في أنحاء كثيرة في العالم الإسلامي وكانت سببا في كثير من القلاقل والحروب. وذكر ابن طاهر البغدادي (الفرق بين الفرق، ص 177) أن حمدان قرمط كان من الصابئة الحرانية. انظر أيضا: هيوار في دائرة المعارف الإسلامية، مادة: حمدان قرمط؛ آدم متز: الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري 2/45 - 49، القاهرة، 1948؛ الفرق بين الفرق 169 - 172؛ مقالات الأشعري 1/98.
(3) م: الباطنة.
(4) أ: صنعه.
(5) فيه: زيادة في (م) ، (ن) .
(6) خدابنده: كذا في (ب) . وفي سائر النسخ: خذابنده.
*******************************
الكتاب من الضلال، وباطل الخطاب، لما في ذلك من نصر عباد الله المؤمنين، وبيان [بطلان أقوال المفترين الملحدين] .فأخبرتهم أن هذا الكتاب، وإن كان من أعلى (1) ما يقولونه في باب الحجة والدليل، فالقوم [من أضل الناس عن سواء السبيل، فإن] الأدلة إما نقلية، وإما عقلية، والقوم من أضل الناس في المنقول، والمعقول في المذاهب [والتقرير، وهم من أشبه (2) الناس بمن] قال الله فيهم: {وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير} [سورة الملك: 10] ، [والقوم (3) من أكذب الناس في النقليات، ومن أجهل (4) ] الناس في العقليات، يصدقون من المنقول بما يعلم العلماء بالاضطرار (5) أنه من [الأباطيل، ويكذبون بالمعلوم من الاضطرار (6) ] المتواتر أعظم تواتر في الأمة جيلا بعد جيل، ولا يميزون في نقلة العلم، ورواة [الأحاديث (7) ] ، والأخبار (8) [بين المعروف بالكذب، أو] الغلط، أو الجهل (9) بما ينقل، وبين العدل الحافظ الضابط المعروف بالعلم بالآثار (10) .


(1) من أعلى: ساقطة من (ل) .
(2) م: ومن أشبه.
(3) أ، ب، ل: وهم.
(4) م: وأجهل.
(5) م: من الاضطرار.
(6) م: بالاضطرار.
(7) الأحاديث: زيادة في (م) .
(8) والاخبار: كذا في (م) وفي سائر النسخ: الأخبار.
(9) م، ن: والجهل.
(10) بالآثار: كذا في (م) . وفي يسار النسخ: والآثار.
*********************************
[وعمدتهم في نفس الأمر على التقليد] ، وإن ظنوا إقامته بالبرهانيات، فتارة يتبعون المعتزلة، والقدرية (1) ، وتارة يتبعون المجسمة (2) ، [والجبرية (3) ، وهم من أجهل هذه الطوائف] بالنظريات، ولهذا كانوا عند عامة أهل العلم والدين من أجهل الطوائف الداخلين في المسلمين.


(1) القدرية هم الذين كانوا يخوضون في القدر ويذهبون إلى إنكاره. وأول القدرية هو - على الأرجح - معبد الجهني المقتول سنة 80 هـ. (انظر شرح مسلم للنووي 1/150 - 151) وتبعه على ذلك غيلان بن مسلم الدمشقي المقتول في عهد عبد الملك بن مروان. انظر الفرق بين الفرق 70؛ " المعتزلة " تأليف زهدي جار الله (القاهرة، 1947) ص [0 - 9]- 7.
وقد ذكر الأشعري في مقالاته اختلاف الرافضة في أصول الدين وبين أن بعضهم كانوا يتابعون المعتزلة والقدرية. انظر المقالات 1/105، 110، 114، 115، (ونقل ابن تيمية بعض كلامه فيما يلي من هذا الكتاب: بولاق 1/214) . وانظر أيضا ضحى الإسلام لأحمد أمين 3/267 - 268، القاهرة، 1949.
(2) المجسمة هم القائلون بأن الله جسم من الأجسام، وقد أورد الأشعري (المقالات 1/102 - 105) آراء خمس فرق من الشيعة الأوائل وكلها تذهب إلى التجسيم مثل قول هشام بن الحكم بأن الله تعالى جسم " طوله مثل عرضه، وعرضه مثل عمقه " ثم قال الأشعري (1/105) " وقالوا في التوحيد بقول المعتزلة والخوارج، فأما أوائلهم فإنهم كانوا يقولون ما حكينا عنهم من التشبيه ". وقد نقل ابن تيمية في كتابنا هذا (بولاق 1/203) كلام الأشعري في هذا الصدد، وانظر ما ذكره أيضا عن المجسمة (1/238 - 240) . وانظر أيضا دائرة المعارف الإسلامية، مادة " جسم "، 6/460 - 461، ومادة " التشبيه ": 5/257 - 258.
(3) م: الجبرية والمجسمة. والجبرية هم الذين لا يثبتون للعبد فعلا، ولا قدرة على الفعل أصلا، بل يضيفون الفعل إلى الله تعالى. ولا توجد - فيما نعلم - فرق تنفرد بالقول بالجبر، بل أكثر الجبرية يقولون به مع قولهم بأمور أخرى مثل الجهمية والنجارية والضرارية الذين جمعوا بين الجبر ونفي الصفات. انظر الملل والنحل 1/79 - 83؛ الفرق بين الفرق 126 - 130؛ اعتقادات فرق المسلمين والمشركين 68 - 69.
ولم أجد فيما بين يدي من المراجع ما يدل على متابعة الشيعة للجبرية، وانظر في ذلك المقالات 1/110 - 112؛ الملل والنحل 1/146 - 147، 154.
*********************************
[ومنهم من أدخل على الدين] من الفساد ما لا يحصيه إلا رب العباد، فملاحدة الإسماعيلية (1) ، والنصيرية (2) ، وغيرهم من [الباطنية


(1) انقسمت الشيعة الإمامية بعد وفاة جعفر الصادق حوالي سنة 147 هـ إلى عدة فرق أهمها الموسوية والإسماعيلية، قالت الأولى منهما بإمامة موسى الكاظم بن جعفر الصادق وهم الموسوية، وقالت الثانية منهما بإمامة إسماعيل بن جعفر وهم الإسماعيلية. وانقسمت الإسماعيلية بدورها إلى فرقتين، قالت الأولى منهما: إن إسماعيل لم يمت بل أظهر الموت تقية (والقرامطة عند الأشعري من هؤلاء) ، وقالت الفرقة الثانية: بل مات والإمام بعده محمد بن إسماعيل وهؤلاء هم المباركية. ثم انقسموا بعد ذلك إلى من وقف على محمد بن إسماعيل وقال برجعته بعد غيبته، وإلى من ساق الإمامة في " المستورين " منهم ثم في " الظاهرين القائمين " وهؤلاء هم الإسماعيلية الباطنية. انظر المقالات 1/98 - 99، 100 - 101؛ الملل والنحل 1/149، 170 - 178. وانظر أيضا كتاب الدكتور محمد كامل حسين: طائفة الإسماعيلية، القاهرة، 1959؛ هيوار: مقالة عن الإسماعيلية، دائرة المعارف الإسلامية؛ جولد تسيهر: العقيدة والشريعة، ص 212 - 220 (الطبعة الأولى) ؛ محمد بن الحسن الديلمي: كتاب قواعد عقائد آل محمد الباطنية، شتروتمان: مقالة السبعية، دائرة المعارف الإسلامية. Donaldson shi، ite religion pp. 153، 357 - 358، luzac. London 1993.
(2) النصيرية فرقة من غلاة الشيعة قالوا بظهور " الحق " بصورة علي والأئمة ولذلك أطلقوا عليهم اسم الإلهية. يقول الشهرستاني (الملل والنحل 1/168 - 169) على لسانهم " وإنما أثبتنا هذا الاختصاص لعلي - رضي الله عنه - دون غيره، لأنه كان مخصوصا بتأييد إلهي من عند الله تعالى فيما يتعلق بباطن الأسرار. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنا أحكم بالظاهر والله يتولى السرائر ". ويذكر جولد تسيهر (العقيدة والشريعة، ص [0 - 9] 84 - 185) أن النصيرية جعلوا محمدا في منزلة أقل شأنا من علي وزعموا أنه كان حجابا له، وفي موضع آخر (ص 220 - 221) يقول جولدتسيهر إن النصيرية يسكنون الإقليم الواقع بين طرابلس وأنطاكية وأن مذهبهم الأصلي هو اثنا عشري ولكن غلبت عليه الأفكار والعقائد الوثنية القائلة بتأليه علي والأئمة. أما Donaldson فيذهب في كتابه سالف الذكر (ص 153) إلى أن النصيرية يمكن - إلى حد ما - إرجاع أصلهم إلى السبعية. ولابن تيمية رسالة في الرد على النصيرية ضمن مجموع رسائل (المطبعة الحسينية، القاهرة، 1323) ، ص 94 - 102، وانظر ما سيرد عنهم في كتابنا هذا، 1/240 بولاق.
************************
المنافقين من بابهم (1) دخلوا] ، وأعداء المسلمين من المشركين، وأهل الكتاب بطريقهم وصلوا، واستولوا بهم على بلاد [الإسلام، وسبوا الحريم، وأخذوا] الأموال، وسفكوا الدم الحرام، وجرى على الأمة بمعاونتهم من فساد الدين والدنيا (2) [ما لا يعلمه إلا رب العالمين] .إذ كان أصل المذهب من إحداث الزنادقة المنافقين الذين عاقبهم في حياته علي أمير المؤمنين [رضي الله عنه] (3) ، فحرق منهم طائفة (4) بالنار، وطلب قتل بعضهم، [ففروا] من سيفه البتار، وتوعد بالجلد (5) طائفة مفترية (6) فيما عرف (7) عنه من الأخبار، (8) [إذ قد تواتر عنه من الوجوه الكثيرة] (8) (8) أنه قال على منبر الكوفة، وقد أسمع من حضر: خير [هذه] (9)


(1) أ، ل: المنافقين بأنهم. .، وهو تحريف.
(2) أ، ل، ب: الدنيا والدين.
(3) رضي الله عنه: ليست في (ن) ، (م) .
(4) م: طائفة منهم.
(5) أ، ل: بالخلد، وهو تحريف ظاهر.
(6) مفترية: كذا في (ن) ، (م) ، (ل) ، وفي (أ) ، (ب) : مغيرية. والمغيرية هم أصحاب المغيرة بن سعيد البجلي وسيأتي الكلام عنه فيما بعد. وقد رجحت قراءة مفترية لاتفاقها مع سياق الكلام. وقد روى ابن الجوزي في " تلبيس إبليس "، (ص 101، الطبعة الثانية بالمطبعة المنيرية، القاهرة، 1368) من كلمة لعلي - رضي الله عنه - قوله: ألا فمن أوتيت به يقول بعد هذا اليوم (كذا ولعل صوابها: هذا بعد اليوم. والمقصود هنا القول الذي يتضمن الطعن على أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -) فإن عليه ما على المفتري. وسيذكر ابن تيمية فيما يلي (1/84 بولاق) هذه القصة، ولكنه يطلق عليهم اسم " المفضلة " أي الذين يفضلون عليا على أبي بكر وعمر - رضي الله عنهم أجمعين -
(7) ن، م: تواتر.
(8) (8 - 8) ساقط من (ن) ، (م) ومكانها بياض.
(9) هذه: ساقطة من (ن) ، (م) .
*****************************************
الأمة بعد نبيها أبو بكر، ثم عمر، وبذلك أجاب ابنه (1) [محمد ابن الحنفية] (2) فيما رواه البخاري في صحيحه (3) ، وغيره من علماء الملة الحنيفية.


(1) ن، م، أ، ل: لابنه.
(2) هو أبو القاسم محمد بن علي بن أبي طالب، ويعرف بابن الحنفية نسبة إلى أمه، وقد توفي على الأرجح سنة 81 هـ. انظر ترجمته في ابن خلكان 3/310 - 313؛ شذرات الذهب 1/88 - 90. والفرقة المختارية (أصحاب المختار بن أبي عبيد الثقفي) وهي واحدة من فروع الفرقة الكيسانية كانت تعتقد بإمامته. ويذكر الشهرستاني (الملل والنحل 1/132 - 133) أن ابن الحنفية تبرأ من المختار لما وقف على مزاعمه. وانظر أيضا مقالات الأشعري 1/90 - 91.
(3) الأثر في: البخاري 5/7 (كتاب فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب حدثنا الحميدي ومحمد بن عبد الله) ونصه. . عن محمد ابن الحنفية قال: قلت لأبي: أي الناس خير بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: أبو بكر. قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر. وخشيت أن يقول: عثمان. قلت: ثم أنت. قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين. وهذا الأثر مع اختلاف يسير في الألفاظ - في: سنن أبي داود 4/288 (كتاب السنة، باب في التفضيل) . وفي سنن ابن ماجه 1/39 (المقدمة، فضل عمر) . . عن عبد الله بن سلمة قال: سمعت عليا يقول: خير الناس بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر وخير الناس بعد أبي بكر عمر. وورد الأثر في مسند أحمد في الجزء الثاني (ط. المعارف) بألفاظ متقاربة 24 مرة كالآتي: عن أبي جحيفة (الأحاديث رقم 833، 835 - 837، 871، 878 - 880، 1054) وعن عبد خير الهمداني (الأرقام 908، 909، 922، 932 - 934، 1030، 1031، 1040، 1052، 1060) . وعن عبد خير عن أبيه (926، 932) وعن وهب السوائي (834) . وعن علقمة بن قيس (1051) وقد صحح الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - سند جميع هذه الآثار ما عدا سند الآثار 922، 1030 فقد حسنهما، 1052 فقد ضعفه. وذكر السيوطي في الجامع الكبير 1/518 حديثين الأول هو: " خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر " ثم قال: " كر = ابن عساكر في تاريخه عن علي وقال: المحفوظ موقوف " والثاني هو: " خير أمتي بعدي أبو بكر وعمر " ثم قال: " كر = ابن عساكر في تاريخه عن علي والزبير معا، ك = الحاكم في تاريخه عن أبي هريرة " وجاء الحديث الثاني في الجامع الصغير 2/10 (ط. مصطفى الحلبي، 1358 1939) ولم. يذكر أن الحديث عن الحاكم، وحسن السيوطي هذا الحديث، ولكن الألباني ضعفه في " ضعيف الجامع الصغير 3/137 ".
****************************
ولهذا كانت الشيعة المتقدمون الذين صحبوا عليا، [أو كانوا (1) في ذلك الزمان] لم يتنازعوا في تفضيل أبي بكر، وعمر، وإنما كان نزاعهم في [تفضيل] (2) علي، وعثمان، وهذا مما يعترف به (3) [علماء الشيعة الأكابر من] الأوائل، والأواخر حتى ذكر مثل ذلك (4) أبو القاسم البلخي (5) . قال: سأل سائل شريك بن عبد الله بن [أبي] نمر (6) ، [فقال له: (7) أيهما أفضل أبو بكر، أو علي؟ فقال له] : أبو بكر، فقال له السائل: أتقول هذا، وأنت من الشيعة؟ (8) فقال: نعم إنما الشيعي [من قال مثل هذا (9) ، والله لقد] رقى علي (10) هذا الأعواد، فقال: ألا إن خير (11) هذه الأمة


(1) م: وكانوا.
(2) تفضيل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن: مما يعرفه، م: مما تعرفه.
(4) أ، ل: ذكر ذلك مثل.
(5) هو أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود الكعبي البلخي صاحب " المقالات ". ورأس فرقة الكعبية من فرق المعتزلة، وقد توفي سنة 319، وقيل سنة 317. انظر ابن خلكان 2/248 - 249؛ الفرق بين الفرق، ص 108 - 110؛ الملل والنحل 1/73
(6) ن، م: شريك بن عبد الله بن نمر؛ أ: لشريك بن عبد الله. والصواب ما أثبتناه. ويذكر ابن تيمية هذه الرواية فيما بعد (1/168 بولاق) . وشريك بن عبد الله بن أبي نمر القرشي أبو عبد الله المدني، توفي سنة 140 هـ. ترجمته في: تهذيب التهذيب 4/337 - 338؛ خلاصة تهذيب الكمال للخزرجي، ص 140.
(7) م: نمر أنه قال له قائل.
(8) أ، ل، ب: تقول هذا وأنت شيعي.
(9) أ، ل، ب: فقال له: نعم، من لم يقل هذا فليس بشيعي (في " ب " فليس شيعيا) .
(10) علي: ساقطة من " أ "، " ل "، " ب ".
(11) م: فقال ألا خير؛ ل: فقال: إن خير.
https://i.imgur.com/NRtalT0.gif





ابوالوليد المسلم 30-09-2020 04:53 AM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://i.imgur.com/xOziErR.gif
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي

المجلد الاول
الحلقة (4)
صـ 7إلى صـ 13

بعد نبيها أبو بكر، ثم عمر، أفكنا (1) نرد [قوله؟ أكنا (2) نكذبه؟ والله ما كان] كذابا! ذكر هذا [أبو القاسم] البلخي. (3) في النقض على ابن الراوندي (4) اعتراضه (5) على الجاحظ (6) . نقله عنه القاضي [عبد الجبار الهمداني
(1) أفكنا: كذا في (ن) ، (ل) . وفي (م) ، (أ) : فكنا. وفي (ب) : فكيف.
(2) أ: لكنا؛ ب: وكيف.
(3) ن، م: ذكر هذا البلخي؛ أ، ل، ب: نقل هذا عبد الجبار الهمداني في كتاب " تثبيت النبوة " قال ذكره أبو القاسم البلخي.
(4) هو أبو الحسين أحمد بن يحيى بن إسحاق الراوندي المتوفى سنة 298 وقيل: 245. كان من أئمة المعتزلة ثم فارقهم وهاجم مذهبهم وصار ملحدا زنديقا، وقد عده الشهرستاني (الملل والنحل 1/170) والأشعري (المقالات 1/127) من مؤلفي كتب الشيعة. وذكر الأشعري (المقالات 1/205) أنه كان يقول بقول أصحاب بشر المريسي في الإرجاء. وقد تكلم عنه الخوانساري في " روضات الجنات " (ص 54) بالتفصيل وذكر ما قيل من أن ابن الراوندي كان يهوديا ثم أسلم منتصبا قائلا بإمامة العباس بن عبد المطلب ومن أنه كان يرمى عند الجمهور بالزندقة والإلحاد وقد أورد ابن تيمية فيما بعد (1/136) ما ذكره ابن حزم (الفصل 4/154) عن الراوندية القائلين بإمامة العباس بن عبد المطلب (نسبهم الرازي في " اعتقادات فرق المسلمين والمشركين "، ص [0 - 9] 3، إلى أبي هريرة الراوندي، وانظر مقالات الأشعري 1/94) ويقول الخوانساري باحتمال كون ابن الراوندي الملحد غير ابن الراوندي الشيعي، والأمر كما نرى في حاجة إلى مزيد من التحقيق. وقد ألف " ابن الراوندي " كتبا عدة منها كتاب " الإمامة " وكتاب " فضيحة المعتزلة " الذي كتبه معترضا به على كتاب الجاحظ " فضيلة المعتزلة " فرد عليه من المعتزلة الخياط في كتابه " الانتصار " والبلخي في الكتاب الذي يشير إليه ابن تيمية. وانظر أيضا عن " ابن الراوندي ": ابن خلكان 1/78 - 79؛ تكملة الفهرست لابن النديم 4 - 5؛ مقدمة الدكتور نيبرج لكتاب " الانتصار " للخياط، القاهرة 1925؛ الأعلام 1/252 - 253.
(5) أ، ل، ب: على اعتراضه.
(6) الجاحظ (أبو عثمان عمرو بن بحر الكناني الليثي المتوفى سنة 250 وقيل: 255) من أئمة المعتزلة وهو رأس فرقة الجاحظية المنسوبة إليه، ومن أشهر كتبه كتاب " فضيلة المعتزلة " الذي أشرنا إليه في التعليق السابق. انظر وفيات الأعيان 3/140 - 144؛ شذرات الذهب 2/121 - 122؛ ياقوت: معجم الأدباء (ط. رفاعي) 16 - 114؛ الملل والنحل 1/71 - 72؛ الفرق بين الفرق ص 105 - 107
************************************
في كتاب] (تثبيت النبوة) (1) .
[تحريم كتمان العلم]
[ (فصل (2) .) ]
.فلما ألحوا في طلب الرد لهذا الضلال المبين، ذاكرين أن في الإعراض [عن ذلك خذلانا للمؤمنين] ، وظن (3) أهل الطغيان نوعا من العجز [عن] (4) رد هذا البهتان، فكتبت ما يسره الله من البيان، [وفاء بما أخذه الله من] الميثاق على أهل العلم، والإيمان، وقياما بالقسط، وشهادة


(1) في (أ) ، (ب) ، (ل) : نقل هذا. إلخ، كتبت العبارة مقلوبة ومضطربة. والقاضي عبد الجبار هو القاضي عماد الدين أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد الهمداني الأسدابادي، شيخ المعتزلة في عصره، وهم يلقبونه " قاضي القضاة "، توفي سنة 415، وله مؤلفات كثيرة أهمها " المغني في العدل والتوحيد " و " شرح الأصول الخمسة " و " تثبيت دلائل النبوة " و " تنزيه القرآن عن المطاعن ". انظر ترجمته ومذهبه في: شرح العيون للجشمي (ضمن كتاب " فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة "، تحقيق الأستاذ فؤاد سيد، الدار التونسية للنشر، 1393 - 1974) ص 365 - 371؛ طبقات الشافعية 5/97 - 98؛ لسان الميزان 3/386 - 387؛ تاريخ بغداد 11/113 - 115؛ شذرات الذهب 3/202 - 203؛ الأعلام 4/47. وترجم له سزكين مجلد 1 ج [0 - 9] ص [0 - 9] 1 - 84 وذكر أنه توجد نسخة خطية من كتاب تثبيت دلائل النبوة في مكتبة شهيد علي (إستانبول) . وتوجد مصورة من هذه النسخة في معهد المخطوطات العربية بالقاهرة برقم 60 توحيد) . وقد ذكر هذا الخبر الذي يشير إليه ابن تيمية القاضي عبد الجبار في كتابه " تثبيت دلائل النبوة " 1/549 تحقيق د. عبد الكريم عثمان (رحمه الله) ، ط. دار العربية، بيروت، 1386/1966.
(2) فصل: زيادة في (أ) ، (ل) ، (ب) .
(3) ن، م: فظن.
(4) عن: ساقطة من (ن) فقط.
***************************************
لله (1) ، كما قال تعالى: {ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا} [سورة النساء: 135] ، واللي (2) هو تغيير الشهادة، [والإعراض كتمانها.والله تعالى] قد أمر بالصدق، والبيان، ونهى عن الكذب، والكتمان فيما يحتاج [إلى معرفته، وإظهاره، كما قال: النبي] (3) - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق عليه: ( «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا، وبينا بورك [لهما في بيعهما، وإن كتما، وكذبا» (4) ] «محقت بركة بيعهما» (5) .) .وقال تعالى: {ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى} [سورة المائدة: 8] .


(1) ن، م: شهادة الله.
(2) أ: واللائي، وهو تحريف ظاهر.
(3) النبي: زيادة في (م) .
(4) م: وإن كذبا وكتما.
(5) الحديث عن حكيم بن حزام (رضي الله عنه) في مواضع عديدة في البخاري ومسلم. انظر مثلا البخاري 3/58 (كتاب البيوع، باب إذا بين البيعان ولم يكتما.) ، 3/64 (كتاب البيوع، باب البيعان بالخيار ما لم يتفرقا) ؛ مسلم 3/1164 (كتاب البيوع، باب الصدق في البيع والبيان) . والحديث عنه وعن غيره من الصحابة - رضوان الله عليهم - بمعناه في: سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ومسند أحمد.
************************************
ومن أعظم الشهادات ما جعل الله [أمة محمد (1) ] شهداء عليه حيث قال: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا} [سورة البقرة: 143] .وقال تعالى: {وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس} [سورة الحج: 78] ، والمعنى [عند الجمهور أن الله سماهم] المسلمين من قبل نزول القرآن، وفي القرآن.وقال تعالى: {ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله} [سورة البقرة: 140] ، وقال تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه} [سورة آل عمران: 187] ، وقال تعالى: {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون - إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم} [سورة البقرة: 159 - 160] ، لا سيما الكتمان إذا لعن [آخر هذه الأمة أولها، كما في الأثر: «إذا لعن] آخر هذه الأمة أولها، فمن كان عنده علم فليظهره، فإن كاتم العلم يومئذ ككاتم [ما أنزل الله على محمد» (2) .


(1) م: محمد صلى الله عليه وسلم.
(2) م: ما أنزل على محمد. وفي سنن ابن ماجه 1/96 - 97. (المقدمة، باب من سئل عن علم فكتمه) عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " إذا لعن آخر هذه الأمة أولها، فمن كتم حديثا فقد كتم ما أنزل الله " وذكر المحقق: " في الزوائد في إسناده حسين بن أبي السري كذاب. وعبد الله بن السري، ضعيف. وفي الأطراف: أن عبد الله بن السري لم يدرك محمد بن المنكدر. وذكر أن بينهما وسائط ففيه انقطاع أيضا ".
*****************************
وذلك أن أول] هذه الأمة هم (1) الذين قاموا بالدين تصديقا، وعلما، وعملا، وتبليغا، فالطعن فيهم [طعن في الدين موجب للإعراض عما] بعث الله به (2) النبيين.وهذا كان مقصود أول من أظهر بدعة التشيع (3) ، فإنما كان قصده (4) [الصد عن سبيل الله، وإبطال ما جاءت] به الرسل عن الله، ولهذا كانوا يظهرون ذلك بحسب ضعف الملة، فظهر [في الملاحدة حقيقة هذه البدع المضلة] لكن راج كثير منها على من ليس من المنافقين الملحدين، لنوع من الشبهة، والجهالة [المخلوطة (5) بهوى، فقبل (6) معه الضلالة] ، وهذا أصل كل باطل.قال الله تعالى: (7) {والنجم إذا هوى - ما ضل صاحبكم وما غوى - وما ينطق عن الهوى - إن هو إلا وحي يوحى} [سورة النجم: 1 - 4] إلى قوله: {أفرأيتم اللات والعزى - ومناة الثالثة الأخرى - ألكم الذكر وله الأنثى - تلك إذا قسمة ضيزى - إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى} [سورة النجم: 19 - 23] ، فنزه الله رسوله عن الضلال، والغي، والضلال عدم العلم، والغي اتباع الهوى.


(1) هم: زيادة في (ن) ، (م) .
(2) به: ساقطة من (م) .
(3) ن: الشيع.
(4) ن، م: مقصوده.
(5) م: المختلطة.
(6) م: تقبل.
(7) أ، ل، ب: قال تعالى.
********************************
كما قال تعالى: {وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا} [سورة الأحزاب: 72] ، فالظلوم غاو، والجهول ضال إلا من تاب الله عليه، كما قال تعالى: {ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما} [سورة الأحزاب: 73] (1) .ولهذا أمرنا الله أن نقول في صلاتنا: {اهدنا الصراط المستقيم - صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} ، [فالضال الذي لم يعرف الحق] كالنصارى، والمغضوب عليه (2) الغاوي الذي يعرف الحق، ويعمل بخلافه كاليهود.والصراط [المستقيم يتضمن معرفة الحق] والعمل به، كما في الدعاء المأثور: «اللهم أرني الحق حقا، ووفقني لاتباعه، وأرني الباطل [باطلا، ووفقني لاجتنابه، ولا تجعله] مشتبها علي، فأتبع الهوى» .وفي صحيح مسلم عن عائشة [رضي الله عنها (3) ] «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (4) كان إذا قام من الليل يصلي يقول: (اللهم رب جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم» ) (5) ، فمن خرج


(1) ن، م: والمؤمنات. . الآية.
(2) ن، م: عليهم.
(3) رضي الله عنها: ساقطة من (ن) .
(4) م: عليه وآله وسلم.
(5) الحديث في مسلم 1/534 (كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه) وأوله:. . حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: سألت عائشة أم المؤمنين: بأي شيء كان نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يفتتح صلاته إذا قام من الليل؟ قالت: كان إذا قام من الليل افتتح صلاته: " اللهم رب جبرائيل. . الحديث ".
*******************************
عن الصراط المستقيم كان متبعا لظنه، وما تهواه نفسه، ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين.وهذا حال أهل البدع المخالفة للكتاب والسنة، فإنهم إن يتبعون إلا الظن، وما تهوى الأنفس، ففيهم جهل، وظلم، لا سيما الرافضة، فإنهم أعظم ذوي الأهواء جهلا وظلما يعادون خيار أولياء الله [تعالى] (1) من بعد النبيين، من السابقين الأولين من المهاجرين، والأنصار (2) ، والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم، ورضوا عنه، ويوالون الكفار، والمنافقين من اليهود، والنصارى، والمشركين، وأصناف الملحدين كالنصيرية، والإسماعيلية، وغيرهم من الضالين (3) ، فتجدهم، أو كثيرا منهم إذا اختصم خصمان في ربهم من المؤمنين، والكفار، واختلف الناس فيما جاءت به الأنبياء، فمنهم من آمن، ومنهم من كفر - سواء كان الاختلاف بقول، أو عمل كالحروب التي بين المسلمين، وأهل الكتاب، والمشركين - تجدهم يعاونون المشركين، وأهل الكتاب على المسلمين أهل القرآن.كما قد جربه الناس منهم غير مرة في مثل إعانتهم للمشركين (4) من الترك، وغيرهم على أهل الإسلام بخراسان، والعراق، والجزيرة، والشام، وغير


(1) تعالى: ليست في (ن) ، (م) .
(2) ن: من السابقين والمهاجرين والأنصار.
(3) ن، م: الغالين.
(4) ن، م: المشركين.


https://i.imgur.com/NRtalT0.gif


ابوالوليد المسلم 06-10-2020 03:03 PM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://i.imgur.com/xOziErR.gif
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (5)
صـ 21إلى صـ 28


وغير ذلك، وإعانتهم للنصارى (1) على المسلمين بالشام، ومصر، وغير ذلك في وقائع متعددة من أعظمها (2) الحوادث التي كانت في الإسلام في المائة الرابعة، والسابعة، فإنه (3) لما قدم كفار الترك إلى بلاد الإسلام، وقتل من المسلمين ما (4) لا يحصي عدده إلا رب الأنام كانوا من أعظم الناس عداوة للمسلمين، ومعاونة للكافرين (5) ، وهكذا معاونتهم لليهود أمر شهير (6) حتى جعلهم الناس لهم كالحمير.
[كلام عام عن الرافضة]
[مشابهة الرافضة لليهود والنصارى]
(فصل)
.
وهذا المصنف سمى كتابه (منهاج الكرامة في معرفة الإمامة) (7) ، وهو خليق بأن يسمى (منهاج الندامة) ، كما أن من ادعى الطهارة، وهو من الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم، بل من أهل الجبت، [والطاغوت] ، والنفاق (8) كان وصفه بالنجاسة، والتكدير أولى من وصفه [بالتطهير] (9) .
(1) م: النصارى.
(2) أ، ل، ب: أعظم.
(3) ن: فإنهم.
(4) م: من.
(5) ن، م: للكفار.
(6) ن، م: اشتهر؛ أ: شهر.
(7) في هامش (م) أمام هذا الموضع: " مطلب في الرد على الرافضي، سمى كتابه منهاج الكرامة ".
(8) ن، م: من أهل الخبث والنفاق.
(9) ذكر الصفدي في ترجمته لابن تيمية (الوافي بالوفيات - نسخة خطية في مكتبة البودليان بأكسفورد، ج [0 - 9] 6 ص (21) ، أنه سمع ابن تيمية يقول: ابن المنجس، ويريد به ابن المطهر الحلي.
************************************
ومن أعظم خبث القلوب أن يكون في قلب العبد غل لخيار (1) المؤمنين، [وسادات أولياء] الله بعد النبيين، ولهذا لم يجعل الله [تعالى] (2) في الفيء نصيبا لمن بعدهم إلا الذين يقولون: {ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم} [سورة الحشر: 10] .ولهذا كان بينهم وبين اليهود من [المشابهة في الخبث] (3) ، واتباع الهوى، وغير ذلك من أخلاق اليهود، وبينهم وبين النصارى من المشابهة في الغلو، والجهل (4) ، وغير ذلك من أخلاق النصارى ما أشبهوا به هؤلاء من وجه، وهؤلاء من وجه، وما زال الناس يصفونهم بذلك.ومن أخبر [الناس بهم] الشعبي (5) وأمثاله من علماء الكوفة، وقد ثبت عن الشعبي أنه قال: (ما رأيت أحمق من الخشبية (6) لو كانوا من الطير لكانوا رخما (7) ، ولو كانوا من البهائم لكانوا حمرا، والله لو طلبت منهم أن


(1) م: على خيار، وهو تحريف.
(2) تعالى: ليست في (ن) ، (م) ، (ل) .
(3) في الخبث: زيادة في (م) ، (ل) وظهر جزء من الكلمة في (ن) .
(4) أ، ب، ل: والجهل واتباع الهوى.
(5) هو أبو عمرو عامر بن شراحيل بن عبد الشعبي، كوفي تابعي جليل القدر وافر العلم، توفي سنة 104. ترجمته في: وفيات الأعيان 2/227 - 229؛ شذرات الذهب 1/126 - 128.
(6) أ، ل: الحبشية، وهو تحريف. والخشبية نسبة إلى الخشب، وذلك لأنهم كانوا يرفضون القتال بالسيف ويقاتلون بالخشب كما سيرد بعد قليل (ص 22) . وذكر ابن حزم (الفصل 5/45) أن بعض الشيعة كانوا " لا يستحلون حمل السلاح حتى يخرج الذي ينتظرونه فهم يقتلون الناس بالخنق وبالحجارة، والخشبية بالخشب فقط ".
(7) الرخم نوع من الطير، واحدته رخمة، يوصف بالغدر والقذر وهو من لئام الطير. لسان العرب 12/235 (ط. بيروت) .
***********************
يملئوا لي (1) هذا البيت ذهبا على أن أكذب على علي [لأعطوني، ووالله ما] أكذب عليه أبدا) ، وقد روي هذا الكلام مبسوطا عنه أكثر من هذا، لكن (2) الأظهر أن المبسوط من كلام غيره.كما [روى أبو حفص بن] شاهين في كتاب اللطيف في السنة (3) : حدثنا (4) محمد بن [أبي] القاسم (5) بن هارون، حدثنا أحمد بن الوليد الواسطي، حدثني جعفر [بن نصير الطوسي الواسطي] ، عن عبد الرحمن بن مالك بن مغول، عن أبيه قال: قال لي (6) الشعبي: (أحذركم هذه الأهواء (7) [المضلة، وشرها الرافضة] لم يدخلوا في الإسلام رغبة، ولا رهبة، ولكن مقتا لأهل الإسلام، وبغيا عليهم قد حرقهم علي - رضي الله عنه - بالنار (8) ، ونفاهم إلى البلدان، منهم عبد الله بن سبأ: يهودي من يهود صنعاء نفاه إلى ساباط، وعبد الله بن يسار نفاه إلى خازر (9) .


(1) لي: ساقطة من (ب) فقط.
(2) أ، ل، ب: الكلام عنه مبسوطا لكن. والمثبت من (ن) ، (م) .
(3) أ، ل، ب: اللطف في السنة؛ م: اللطيف في السنية. وابن شاهين هو أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان بن أحمد البغدادي المتوفى سنة 385. ترجمته في: تذكرة الحفاظ للذهبي 3/183 - 184؛ سزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص 425 - 427.
(4) ن، م: وقد روى.
(5) ن، م: محمد بن القاسم.
(6) لي: زيادة في (ن) .
(7) ب (فقط) : أحذركم أهل هذه الأهواء.
(8) بالنار: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(9) أ، ل خارز، ن: حادر؛ م. . حادن. وقد ذكر الحسن بن موسى النوبختي (وهو من كبار علماء الشيعة) في كتابه " فرق الشيعة " (ط. إستانبول 1931) ، ص 19 - 20 ما يلي: فلما قتل. علي - عليه السلام - افترقت التي ثبتت على إمامته وأنها فرض من الله - عز وجل - ورسول الله - عليه السلام - فصاروا فرقا ثلاثا: فرقة منهم قالت: إن عليا لم يقتل ولم يمت ولا يقتل ولا يموت حتى يسوق العرب بعصاه ويملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا، وهي أول فرقة قالت في الإسلام بالوقف بعد النبي - صلى الله عليه وسلم وآله - من هذه الأمة، وأول من قال منها بالغلو وهذه الفرقة تسمى " السبئية " أصحاب عبد الله بن سبأ، وكان ممن أظهر الطعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة وتبرأ منهم وقال إن عليا - عليه السلام - أمره بذلك، فأخذه علي فسأله عن قوله هذا فأقر به فأمر بقتله. وحكى جماعة من أهل العلم من أصحاب علي - عليه السلام - أن عبد الله بن سبأ كان يهوديا فأسلم ووالى عليا - عليه السلام -، وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون بعد موسى - عليه السلام - بهذه المقالة فقال في إسلامه بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وآله - في علي - عليه السلام - بمثل ذلك، وهو أول من شهر القول بفرض إمامة علي - عليه السلام - وأظهر البراءة من أعدائه وكاشف مخالفيه فمن هناك قال من خالف الشيعة: إن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية ".
وانظر عن عبد الله بن سبأ والسبئية ما ذكر في مقالات الأشعري 1/85 - 86؛ الإسفراييني: التبصير في الدين، ص 71 - 72؛ الفرق بين الفرق، ص 143 - 145، الملل والنحل 1/155 - 156؛ كتاب " الشيعة والتشيع " للأستاذ إحسان إلهي ظهير، ص 67 - 77، ط. هور، باكستان، 1404 1984.
ويذكر ابن طاهر البغدادي (الفرق بين الفرق ص 18) أن السبئية أظهروا بدعتهم في زمان علي - رضي الله عنه - فقال بعضهم لعلي: أنت الإله، فأحرق علي قوما منهم ونفى ابن سبأ إلى ساباط المدائن (ويسميها ياقوت في " معجم البلدان " بساباط كسرى بالمدائن) . وأما عبد الله بن يسار فهو عبد الله بن أبي ليلى. ذكره الذهبي (ميزان الاعتدال 2/527) وابن حجر (لسان الميزان 3/379) ولم يذكرا سنة وفاته وقالا إن حديثه عن علي لا يصح. وخازر (بكسر الزاي) نهر بين إربل والموصل (ياقوت) .
*****************************
وآية (1) ذلك أن محنة الرافضة محنة اليهود، قالت [اليهود] (2) : لا يصلح الملك إلا في آل داود، وقالت الرافضة: لا تصلح الإمامة إلا في


(1) أ، ب: وأيد.
(2) أ، ل: قالوا اليهود؛ ن، م: قالوا: (بدون كلمة اليهود) .
**********************
ولد (1) علي، وقالت اليهود (2) : لا جهاد في سبيل الله حتى يخرج المسيح الدجال، وينزل سيف (3) من السماء، وقالت الرافضة: لا جهاد في سبيل الله حتى يخرج المهدي، وينادي مناد من السماء، واليهود يؤخرون [الصلاة إلى اشتباك النجوم] ، وكذلك الرافضة يؤخرون المغرب إلى اشتباك النجوم، والحديث عن النبي - صلى [الله عليه وسلم - أنه قال (4) : ( «لا تزال] أمتي على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب إلى اشتباك النجوم.» ) (5) ، واليهود تزول عن القبلة شيئا، وكذلك [الرافضة، واليهود] تنود (6) في الصلاة، وكذلك الرافضة، واليهود تسدل أثوابها في الصلاة، وكذلك الرافضة، [واليهود لا يرون على النساء] عدة، وكذلك الرافضة، واليهود حرفوا التوراة، وكذلك الرافضة حرفوا القرآن، واليهود قالوا: [افترض الله علينا خمسين] صلاة، وكذلك الرافضة (* واليهود لا يخلصون السلام على


(1) م: أولاد.
(2) وقالت اليهود: كذا في (ن) . وفي (أ) ، (ل) ، (ب) : النصارى، وهو خطأ.
(3) أ، ب: سيد.
(4) أنه قال: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) الحديث عن أبي أيوب الأنصاري وعقبة بن عامر - رضي الله عنهما - في: سنن أبي داود 1/169 (كتاب الصلاة، باب في وقت المغرب. ونصه: " لا تزال أمتي بخير، أو قال: على الفطرة، ما لم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم. والحديث عن العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه - في سنن ابن ماجه 1/225 (كتاب الصلاة، باب وقت صلاة المغرب) وعن أبي أيوب الأنصاري في المسند (ط. الحلبي) 4/147، 5/417، 422. وصحح الألباني الحديث في صحيح الجامع الصغير 6/145.
(6) ناد الرجل ينود إذا حرك رأسه وأكتافه.
********************************
المؤمنين (1) إنما يقولون: السام عليكم، والسام الموت، وكذلك الرافضة *) (2) واليهود لا يأكلون الجري، والمرماهى، [والذناب] (3) ، وكذلك الرافضة، واليهود لا يرون (4) المسح على الخفين، وكذلك الرافضة.واليهود يستحلون أموال الناس كلهم، وكذلك الرافضة، وقد أخبرنا (5) الله عنهم بذلك (6) في القرآن [أنهم] (7) : {قالوا ليس علينا في الأميين سبيل} [سورة آل عمران: 75] ، [وكذلك الرافضة] (8) ، واليهود تسجد على


(1) ن، م: المسلمين.
(2) ما بين النجمتين ترتيبه في (ن) ، (م) بعد العبارات التالية.
(3) الجري ضرب من السمك زعموا أنه كان أمة ثم مسخ (الحيوان 1/397) ، وذكر ابن الجوزي في " تلبيس إبليس "، ص 100، نقلا عن كتاب المرتضى فيما انفردت به الإمامية أنهم يحرمون السمك الجري، والمرماهى هو سمك شبيه بالحيات وليس من الحيات (الحيوان 4/129) .
والذناب. كذا في (ب) فقط. وفي (أ) ، (ل) : الزناب. وسقطت الكلمة من (ن) ، (م) . ولعل صوابه " الأرنب " وسيرد بعد قليل (ص 20) قول الشعبي: واليهود حرموا الأرنب والطحال، وكذلك الرافضة. وقد ذكر العاملي في " أعيان الشيعة " (1/502) ، أن الشيعة يحرمون أكل الثعلب والأرنب والضب والجري وكل ما لا فلس له من السمك، كما ذكر ذلك أيضا زين الدين الجبعي العاملي في " الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية " 2/277، 278، بيروت، 1379 1960 وقرأ محمد المهدي الكاظمي القزويني في كتابه " منهاج الشريعة في الرد على ابن تيمية " 1/35، 37، كلمة " الذناب " على أنها " الذئاب " وهي قراءة غير صحيحة؛ لأن أهل السنة يحرمون الذئاب أيضا كما هو معلوم. ويقول الشيعة بتحريم الذباب (الروضة البهية 2/281) ، وعلى ذلك فقد تكون الكلمة هي " الذباب " وقد تكون " الضباب " جمع " ضب " أو تكون " الزمار ".
(4) ن، م: لا ترى.
(5) م: أخبر.
(6) ن، م: بهذا.
(7) أنهم: زيادة في (ل) .
(8) وكذلك الرافضة: ساقطة من (أ) ، (ل) ، (ب) .
**************************************
قرونها في الصلاة، وكذلك الرافضة، [واليهود لا تسجد حتى] تخفق برءوسها مرارا شبه (1) الركوع، وكذلك الرافضة، واليهود تبغض (2) جبريل، ويقولون هو عدونا من الملائكة، وكذلك الرافضة يقولون: غلط [جبريل] (3) بالوحي على محمد - صلى الله عليه وسلم - (4) ، [وكذلك الرافضة] (5) وافقوا النصارى في خصلة النصارى: ليس لنسائهم صداق إنما يتمتعون بهن تمتعا (6) ، وكذلك الرافضة يتزوجون بالمتعة (7) ، ويستحلون المتعة.وفضلت اليهود والنصارى على الرافضة بخصلتين: سئلت اليهود من خير أهل ملتكم.؟ قالوا: أصحاب موسى، وسئلت النصارى من خير أهل ملتكم؟ قالوا: حواري عيسى (8) ، وسئلت الرافضة: من شر أهل ملتكم؟ قالوا: أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - (9) أمروا بالاستغفار لهم فسبوهم، فالسيف (10) عليهم مسلول إلى يوم القيامة، لا تقوم لهم راية، ولا يثبت لهم قدم، ولا تجتمع لهم كلمة (11) ، ولا تجاب لهم دعوة،


(1) م: تشبه؛ أ، ل: تشبيه؛ ب: تشبيها.
(2) أ، ب: ينقصون؛ ل: يبغضون.
(3) جبريل: زيادة في (أ) ، (ل) ، (ب) .
(4) صلى الله عليه وسلم: ساقطة من (أ) ، (ل) ، (ب) .
(5) وكذلك الرافضة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) تمتعا: ساقطة من (ل) فقط.
(7) ن، م: المتعة، وهو تحريف.
(8) م: عيسى ابن مريم.
(9) صلى الله عليه وسلم: ساقطة من (أ) ، (ل) ، (ب) .
(10) أ، ب: والسيف.
(11) أ، ل، ب: ولا مجتمع لهم.
*******************************
دعوتهم مدحوضة، وكلمتهم مختلفة، وجمعهم متفرق (1) كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله.قلت: هذا الكلام بعضه [ثابت عن الشعبي كقوله] : لو كانت الشيعة من البهائم لكانوا (2) حمرا، ولو كانت من الطير لكانوا (3) رخما، فإن هذا ثابت عنه.قال ابن شاهين: حدثنا محمد بن العباس (4) النحوي، حدثنا إبراهيم الحربي، حدثنا أبو الربيع الزهراني (5) ، حدثنا وكيع بن الجراح، حدثنا مالك بن مغول، فذكره، وأما السياق المذكور، فهو معروف عن عبد الرحمن بن مالك بن مغول عن أبيه عن الشعبي.وروى أبو عاصم خشيش بن أصرم. (6) في كتابه، ورواه من طريقه أبو عمرو الطلمنكي في كتابه في الأصول قال (* أبو عاصم، حدثنا أحمد بن محمد، وعبد الوارث بن إبراهيم، حدثنا السندي بن سليمان


(1) ن، م: مفترق.
(2) ن، م، ل: لكانت.
(3) ن، م، ل: لكانت.
(4) ن، م: محمد بن العباس، وهو خطأ. وأبو عبد الله محمد بن العباس اليزيدي النحوي. قال عنه ابن خلكان (3/461) إنه كان إماما في النحو والأدب ونقل النوادر وكلام العرب، وذكر أنه توفي سنة 310.
(5) ن، م: الزهري، والصواب ما في (أ) ، (ل) ، (ب) . وهو سليمان بن داود العتكي أبو الربيع الزهراني البصري، توفي سنة 234. انظر تهذيب التهذيب 4/191.
(6) ن: خشيش بن أضرم؛ أ: حسيس بن صرم؛ ل: حسيس بن صرام والصواب ما في (م) ، (ب) . وهو خشيش بن أصرم بن الأسود أبو عاصم النسائي المتوفى سنة 253. انظر تهذيب التهذيب 3/142.
**********************************







ابوالوليد المسلم 06-10-2020 03:04 PM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://i.imgur.com/xOziErR.gif
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (6)
صـ 29إلى صـ 36


الفارسي، حدثني عبد الله *) (1) بن جعفر الرقي (2) ، عن عبد الرحمن بن مالك بن مغول، عن أبيه قال (3) : (قلت لعامر الشعبي: ما ردك عن هؤلاء القوم، [وقد كنت] فيهم رأسا؟ قال: رأيتهم يأخذون بأعجاز لا صدور لها، ثم قال لي: يا مالك لو أردت أن يعطوني رقابهم عبيدا، أو يملئوا لي بيتي ذهبا، أو يحجوا إلى بيتي هذا على أن أكذب على علي - رضي الله عنه - لفعلوا، ولا والله لا أكذب عليه أبدا. يا مالك إني قد درست الأهواء (4) ، فلم أر فيها (5) أحمق من الخشبية (6) ، فلو كانوا من الطير لكانوا رخما، ولو كانوا من الدواب لكانوا حمرا. يا مالك لم يدخلوا في الإسلام رغبة فيه [لله] (7) ، ولا رهبة من الله، ولكن مقتا من الله عليهم (8) ، وبغيا (9) منهم على أهل الإسلام يريدون أن يغمصوا (10) دين الإسلام، كما غمص (11) بولص بن يوشع ملك اليهود دين النصرانية، ولا تجاوز (12)
(1) ما بين النجمتين ساقط من (ب) فقط.
(2) ب: حدثنا ابن جعفر الرقي.
(3) الرواية التالية مذكورة مع بعض الاختلاف في " العقد الفريد " 2/409 - 411 (ط. لجنة التأليف، القاهرة، 1940) ، وهي مروية عن مالك بن معاوية، وسأذكر فيما يلي الاختلافات الهامة فقط إن شاء الله.
(4) ب: أهل الأهواء.
(5) أ، ل، ب: فيهم.
(6) العقد الفريد (2/409) : الرافضة.
(7) لله: ليست في (ن) ، (م) .
(8) عليهم: ساقطة من (م) . وفي " العقد الفريد ": ولكن مقتا لأهل الإسلام وبغيا عليهم.
(9) ن، م، ل: ومقتا.
(10) ن: يغمضوا.
(11) ن: غمض، وهو تحريف وفي " اللسان ": غمصه وغمصه (بفتح الميم وكسرها) : حقره وعابه وطعن عليه.
(12) ب: تتجاوز؛ أ، ل: يتجاوز؛ م: يجاوز.
************************
صلاتهم آذانهم، قد حرقهم علي [بن أبي طالب - رضي الله عنه - بالنار] (1) ، ونفاهم من البلاد، منهم عبد الله بن سبأ يهودي من يهود صنعاء نفاه إلى ساباط (2) ، وأبو بكر الكروس نفاه إلى الجابية (3) ، وحرق منهم قوما أتوه، فقالوا: أنت هو، فقال: من أنا؟ فقالوا: أنت ربنا، فأمر بنار، فأججت، فألقوا فيها، وفيهم قال (4) . علي رضي الله عنه (5) :لما رأيت الأمر أمرا منكرا ... أججت ناري، ودعوت قنبرا (6)يا مالك، إن محنتهم محنة اليهود قالت اليهود: لا يصلح الملك إلا في آل داود، وكذلك قالت الرافضة (7) : لا تصلح الإمامة إلا في. ولد علي (8) ، وقالت اليهود: لا جهاد في سبيل الله حتى يبعث الله المسيح الدجال، وينزل سيف (9) من السماء، وكذلك الرافضة قالوا: لا جهاد في.


(1) ما بين المعقوفتين زيادة في (أ) ، (ب) . وفي (ل) : علي بن أبي طالب بالنار.
(2) العقد الفريد (2/409) " منهم عبد الله بن سبأ نفاه إلى ساباط، وعبد الله بن سباب نفاه إلى الجازر ". والجازر: قرية من نواحي النهروان، من أعمال بغداد قرب المدائن.
(3) وأبو بكر الكروس: كذا في (أ) ، (ل) ، (ب) ، وفي العقد الفريد (2/409) (وفيه الاسم مشكلا) وفي (ن) ، (م) : وأبو الكروش. ولم أجد للرجل ذكرا فيما بين يدي من المراجع، والجابية قرية من أعمال دمشق.
(4) وفيهم قال: ساقطة من (م) .
(5) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ل) ، (ب) .
(6) الرجز في الفصل لابن حزم 5/47، وفي شرح ابن أبي الحديد على نهج البلاغة 8/169 (ط. عيسى الحلبي) ، مع اختلاف في الرواية.
(7) ن، م: وقالت الرافضة.
(8) ن، م، ل: لا تصلح الأئمة إلا من ولد علي؛ العقد الفريد (2/409) : لا يكون الملك إلا في آل علي بن أبي طالب.
(9) أ، ب: سيد.
*******************************
سبيل الله حتى يخرج الرضا من آل محمد، وينادي مناد من السماء: اتبعوه.وقالت اليهود: فرض الله علينا خمسين صلاة في كل يوم وليلة، وكذلك الرافضة، واليهود لا يصلون المغرب حتى تشتبك النجوم، وقد جاء عن النبي. (1) - صلى الله عليه وسلم -: ( «لا تزال أمتي على الإسلام ما لم يؤخروا (2) المغرب إلى اشتباك النجوم مضاهاة لليهود.» ) ، وكذلك الرافضة، واليهود إذا صلوا زالوا عن القبلة شيئا، وكذلك الرافضة.واليهود تنود. (3) في صلاتها، وكذلك الرافضة، واليهود يسدلون أثوابهم. (4) في الصلاة، وقد بلغني «أن رسول الله. (5) - صلى الله عليه وسلم - مر برجل سادل ثوبه، فعطفه عليه» (6) .، واليهود يسجدون في صلاة الفجر


(1) ن، م: عن نبينا.
(2) أ، ل، ب: تؤخر.
(3) م: تميد. والكلمة غير ظاهرة في (ن) .
(4) ن، م، ل: أثوابها.
(5) أ، ل، ب: أن النبي.
(6) م: فقطعه عليه. وقال ابن الأثير عن السدل (النهاية في غريب الحديث) : " وهو أن يلتحف بثوبه ويدخل يديه من داخل فيركع ويسجد وهو كذلك، وكانت اليهود تفعله فنهوا عنه، وهذا مطرد في القميص وغيره من الثياب. وقيل: هو أن يضع وسط الإزار على رأسه ويرسل طرفيه عن يمينه وشماله من غير أن يجعلهما على كتفيه ". ولم أجد الأثر الذي يذكره ابن تيمية، ولكن أخرج أبو داود في سننه 1/245 (كتاب الصلاة، باب ما جاء في السدل في الصلاة) عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن السدل في الصلاة وأن يغطي الرجل فاه. ثم قال. عن ابن جريج قال: أكثر ما رأيت عطاء يصلي سادلا. قال أبو داود: وهذا يضعف ذلك الحديث. وأورد الترمذي حديث أبي هريرة في سننه 1/234 - 235 ثم قال: ". وقد اختلف أهل العلم في السدل في الصلاة، فكره بعضهم السدل في الصلاة، وقالوا: هكذا تصنع اليهود. وقال بعضهم: إنما كره السدل في الصلاة إذا لم يكن عليه إلا ثوب واحد، فأما إذا سدل على القميص فلا بأس، وهو قول أحمد. وكره ابن المبارك السدل في الصلاة ". وحديث أبي هريرة في المسند (ط. المعارف) 15 - 76 (وانظر تعليق الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله -) ، 16/207، 228، 239
*************************
الكندرة (1) ، وكذلك الرافضة.واليهود لا يخلصون بالسلام إنما يقولون: سام عليكم، وهو الموت، وكذلك الرافضة، (2 واليهود حرفوا التوراة، وكذلك الرافضة حرفوا القرآن 2) (2) ، واليهود عادوا جبريل، فقالوا: هو عدونا، وكذلك الرافضة قالوا: أخطأ جبريل بالوحي، واليهود يستحلون أموال الناس، وقد نبأنا الله عنهم أنهم قالوا: {ليس علينا في الأميين سبيل} [سورة آل عمران: 75] ، وكذلك الرافضة [يستحلون مال كل مسلم] (3) (4 [واليهود يستحلون دم كل مسلم، وكذلك الرافضة، واليهود يرون غش الناس، وكذلك الرافضة] 4) (4) .


(1) يسجدون في صلاة الفجر الكندرة: كذا في جميع النسخ، والعبارة ليست مذكورة في العقد الفريد. وفي " لسان العرب ": " والكندرة من الأرض: ما غلظ وارتفع. وكندرة البازي: مجثمه الذي يهيأ له من خشب أو مدر، وهو دخيل ليس بعربي ". والأرجح أن معنى العبارة أن: اليهود يسجدون على جبينهم وهو ما ارتفع من وجوههم. يقول لبيد (ص 183، شرح ديوان لبيد، تحقيق د. إحسان عباس، الكويت، 1962) : يلمس الأحلاس في منزله بيديه كاليهودي المصل وفي الشرح: " وقوله: كاليهودي المصل. قال أبو الحسن الطوسي: كأنه يهودي يصلي في جانب يسجد على جبينه. قال البغدادي: يسجد على شق وجهه ".
(2) (2 - 2) : جاءت هذه العبارات في (أ) ، (ل) ، (ب) قبل مكانها هنا.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . وفي (ل) : يستحلون دم كل مسلم.
(4) (4 - 4) : ساقط من (ن) .
******************************
واليهود لا يعدون الطلاق شيئا إلا عند كل حيضة، وكذلك الرافضة، واليهود ليس لنسائهم صداق إنما يمتعوهن، وكذلك الرافضة يستحلون المتعة (1) ، واليهود لا يرون العزل عن السراري، وكذلك الرافضة.واليهود يحرمون الجري، والمرماهى، وكذلك الرافضة، واليهود حرموا الأرنب، والطحال، وكذلك الرافضة، واليهود لا يرون المسح على الخفين، وكذلك الرافضة.واليهود لا يلحدون، وكذلك الرافضة، وقد ألحد لنبينا - صلى الله عليه وسلم -، واليهود يدخلون مع موتاهم في الكفن (2) سعفة رطبة (3) ، وكذلك الرافضة.ثم قال. لي (4) : يا مالك: وفضلتهم اليهود، والنصارى بخصلة. قيل لليهود: من خير أهل ملتكم؟ قالوا: أصحاب موسى، وقيل للنصارى: من خير أهل (5) ملتكم؟ قالوا: حواري عيسى، وقيل للرافضة: من شر أهل ملتكم؟ قالوا: حواري محمد يعنون [بذلك] (6) طلحة، والزبير.


(1) (1 - 1) جاءت هذه العبارات في (أ) ، (ل) ، (ب) في غير هذا الموضع مع اختلاف في بعض الألفاظ.
(2) في الكفن: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: سعفة أبطنة؛ ل: سعفة بطنة.
(4) لي: ساقطة من (أ) ، (ل) ، (ب) .
(5) أهل: ساقطة من (م) .
(6) بذلك: زيادة في (أ) ، (ل) ، (ب) .
******************************
أمروا أن يستغفروا لهم (1) فسبوهم، فالسيف عليهم مسلول (2) إلى يوم القيامة (3) ، ودعوتهم مدحوضة، ورايتهم مهزومة، وأمرهم متشتت كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله، ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين.وقد روى أبو القاسم الطبري في (شرح أصول السنة.) نحو هذا الكلام من حديث وهب بن بقية الواسطي، عن محمد بن حجر الباهلي (4) ، عن عبد الرحمن بن مالك بن مغول، فهذا الأثر (5) قد روي عن عبد الرحمن بن مالك بن مغول من. وجوه متعددة يصدق بعضها بعضا، وبعضها يزيد على بعض، لكن عبد الرحمن بن مالك [بن مغول] (6) ضعيف (7) ، وذم الشعبي لهم ثابت من طرق أخرى.لكن لفظ الرافضة إنما ظهر لما رفضوا زيد بن علي بن الحسين في خلافة هشام، وقصة زيد بن علي بن الحسين كانت بعد العشرين


(1) أ، ل: أمروا بالاستغفار؛ ب: أمروا بالاستغفار لهم.
(2) أ: فالسيف مسلول عليهم؛ ب: والسيف مسلول عليهم؛ ل: فالسيف مسلول (وسقطت عليهم) .
(3) إلى يوم القيامة: ساقطة من (م) .
(4) أ، ب: محمد بن حجم، ولم أجد له ذكرا.
(5) أ، ل، ب: وهذا الأثر؛ م: فهذا الأمر، وهو تحريف.
(6) بن مغول: زيادة في (أ) ، (ل) ، (ب) .
(7) انظر ترجمة ابن مغول في: ميزان الاعتدال 2/584 - 585؛ لسان الميزان 3/427 - 428 (ولم تذكر فيهما سنة وفاته) . ولكن ذكر الخزرجي في " الخلاصة ص [0 - 9] 68) عن أبيه مالك بن مغول أنه مات سنة 158 وذكر الذهبي في ترجمته له في " ميزان الاعتدال ": روى عن أبيه وعن الأعمش. قال أحمد والدارقطني: متروك. وقال أبو داود: كذاب. وقال مرة: يضع الحديث. وقال النسائي وغيره: ليس بثقة. قال ابن عدي: عبد الرحمن مع ضعفه يكتب حديثه ".
****************************
ومائة، سنة إحدى وعشرين، أو اثنتين وعشرين ومائة في أواخر (1) خلافة هشام. قال أبو حاتم البستي (2) : قتل زيد بن علي بن الحسين بالكوفة سنة اثنتين وعشرين ومائة. (3) ، وصلب على خشبة، وكان من أفاضل أهل البيت، وعلمائهم، وكانت الشيعة تنتحله.[. قلت: ومن زمن خروج زيد افترقت الشيعة إلى رافضة، وزيدية، فإنه لما سئل عن أبي بكر، وعمر، فترحم عليهما رفضه (4) قوم، فقال. لهم: رفضتموني، فسموا رافضة (5) لرفضهم إياه، وسمي من لم يرفضه (6) من الشيعة زيديا؛ لانتسابهم إليه] (7) ، ولما صلب كانت العباد تأتي إلى خشبته (8) بالليل، فيتعبدون عندها (9) ، والشعبي توفي في أوائل (10) خلافة هشام، أو آخر خلافة يزيد بن عبد الملك أخيه سنة خمس ومائة، أو قريبا


(1) أ، ل، ب: في آخر.
(2) أ، ل، ب: السبتي؛ م: السني.
(3) أ، ل، ب: سنة اثنتين وعشرين؛ م: سنة ثامن وعشرين ومائة، وهو خطأ.
(4) أ، ل: فترحم عليهم فرفضه.
(5) ل: أرفضتموني فسموا الرافضة.
(6) أ، ل: ومنهم من لم يرفضه، وهو تحريف.
(7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(8) ن، م: إلي الخشبة.
(9) قصة خروج زيد واختلافه مع الرافضة (وسبب تسميتهم بذلك) ثم مقتله وصلبه يرويها الأشعري، المقالات 1/129 - 130؛ ويروي الفخر الرازي بعض ذلك، اعتقادات فرق المسلمين والمشركين، ص 52. ولكن يذكر الأشعري سببا آخر لاسم الرافضة، وهو أنهم إنما سموا رافضة لرفضهم إمامة أبي بكر وعمر (المقالات 1/87) .
(10) ن، ل: توفي في أول؛ م: توفي أول.
****************************
من ذلك، فلم يكن لفظ الرافضة معروفا إذ ذاك، وبهذا وغيره (1) يعرف كذب [لفظ الأحاديث المرفوعة التي فيها لفظ] (2) الرافضة.ولكن كانوا يسمون بغير ذلك الاسم، كما كانوا (3) يسمون الخشبية لقولهم: إنا لا نقاتل بالسيف إلا مع إمام معصوم، فقاتلوا بالخشب، ولهذا جاء في بعض الروايات عن الشعبي قال (4) : ما رأيت أحمق من الخشبية (5) .فيكون المعبر عنهم بلفظ الرافضة ذكره بالمعنى مع ضعف عبد الرحمن، ومع أن الظاهر أن هذا الكلام إنما هو نظم عبد الرحمن بن مالك بن مغول، وتأليفه، وقد سمع طرفا منه (6) عن الشعبي، وسواء كان هو ألفه، أو نظمه لما رآه من أمور الشيعة في زمانه، ولما سمعه (7) عنهم، أو لما سمع من أقوال أهل العلم فيهم، أو بعضه، أو مجموع الأمرين، أو بعضه لهذا، أو بعضه لهذا، فهذا (8) الكلام معروف بالدليل لا يحتاج إلى نقل (9) ، وإسناد.وقول القائل: إن الرافضة تفعل كذا، وكذا (10) المراد به بعض الرافضة


(1) وغيره: ساقطة من (أ) ، (ل) ، (ب) .
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . وفي (م) : وبهذا - أي بما روي عن الشعبي وغيره يعرف كذب الرافضة.
(3) كانوا: ساقطة من (ل) ، (ب) .
(4) قال: ساقطة من (أ) ، (ل) ، (ب) .
(5) عند كلمة " الخشبية " تنتهي نسخة (ل) .
(6) أ، ب: منه طرفا.
(7) أ، ب: سمع.
(8) ن، م: وهذا.
(9) أ: بالدليل الذي يحتاج إليه في نقل؛ ب: بالدليل الذي لا يحتاج فيه إلى نقل.
(10) وكذا الثانية ساقطة من (أ) ، (ب) .
********************




ابوالوليد المسلم 06-10-2020 04:03 PM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://i.imgur.com/xOziErR.gif
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (7)
صـ 37إلى صـ 44

كقوله تعالى: {وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله} [سورة التوبة: 30] . {وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم} [سورة المائدة: 64] لم يقل ذلك كل يهودي، بل قاله بعضهم (1) (2 وكذلك قوله تعالى: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم} [سورة آل عمران: 173] المراد به جنس الناس، وإلا فمعلوم أن القائل لهم غير الجامع، وغير المخاطبين المجموع لهم 2) (2) .[. وما ذكره موجود في الرافضة] (3) ، وفيهم أضعاف ما ذكر (4) : مثل تحريم بعضهم للحم الإوز، والجمل (5) مشابهة لليهود، ومثل جمعهم بين الصلاتين دائما، فلا يصلون إلا في ثلاثة أوقات مشابهة لليهود، ومثل قولهم: إنه لا يقع الطلاق إلا بإشهاد (6) على الزوج مشابهة لليهود، ومثل تنجيسهم لأبدان غيرهم من المسلمين، وأهل الكتاب، وتحريمهم لذبائحهم، وتنجيس (7) ما يصيب ذلك من المياه، والمائعات، وغسل الآنية التي يأكل منها غيرهم مشابهة للسامرة (8) الذين هم شر اليهود، ولهذا يجعلهم الناس في.
(1) أ، ب: بل فيهم من قال ذلك.
(2) (2 - 2) : ساقطة من (أ) ، (ب) . وبعد هذه العبارات توجد فقرة طويلة في (ن) ، (م) جاءت في غير موضعها وتكررت في النسختين بعد ذلك فلم أثبتها هنا
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
(4) أ، ب: ذكره.
(5) ن: للحم الإوز أو للجمل؛ م: للحم الأرانب والجمل.
(6) أ، ب: بالإشهاد.
(7) وتنجيسهم.
(8) ن، م، أ: للسمرة، وهو تحريف. وذكر الشهرستاني (الملل والنحل 1/199 - 200) أن السامرة قوم يسكنون جبال بيت المقدس وقرى من أعمال مصر، ويتقشفون في الطهارة أكثر من تقشف سائر اليهود، وقد أثبتوا نبوة موسى وهارون ويوشع بن نون - عليهم السلام -، وأنكروا نبوة من بعدهم من الأنبياء إلا نبيا واحدا، وظهر فيهم رجل يقال له: الألفان ادعى النبوة، وزعم أنه هو الذي بشر به موسى - عليه السلام -، وقد افترقوا إلى دوستانية وكوستانية، والدوستانية منهم تزعم أن الثواب والعقاب في الدنيا.
***************************
المسلمين كالسامرة في اليهود، ومثل استعمالهم التقية (1) ، وإظهار خلاف ما يبطنون (2) [من العداوة] (3) مشابهة لليهود، [ونظائر ذلك كثير] (4) .
[بعض حماقات الشيعة]
وأما سائر حماقاتهم فكثيرة جدا: مثل كون بعضهم لا يشرب من نهر (5 حفره يزيد مع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - والذين معه (5) كانوا يشربون من آبار، وأنهار 5) (6) حفرها الكفار، وبعضهم لا يأكل من التوت الشامي، ومعلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن معه كانوا يأكلون (7) مما يجلب من بلاد الكفار من الجبن، ويلبسون ما تنسجه الكفار، بل غالب ثيابهم كانت من نسج الكفار.ومثل كونهم يكرهون التكلم بلفظ العشرة، أو فعل شيء يكون عشرة حتى في (8) البناء لا يبنون على عشرة أعمدة (9) ، ولا بعشرة جذوع، ونحو ذلك


(1) سيتكلم ابن تيمية فيما يلي بالتفصيل عن التقية (1/159 - 160) بولاق) . وانظر عنها أيضا: أحمد أمين، ضحى الإسلام، 3/246 - 249؛ جولدتسيهر، العقيدة والشريعة، ص 180 - 181؛ دائرة المعارف الإسلامية، 5/419 - 424.
(2) ن، م، أ: ما يبطن. والمثبت من (ب) .
(3) من العداوة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ما بين المعقوفتين زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) ب: والذين كانوا معه.
(6) (5 - 5) : ساقط من (أ) .
(7) ن، م: ما.
(8) في: ساقطة من (ن) ، (م) .
(9) ن: لا يثبتون على عشرة عواميد؛ م: لا يبنون على عشرة عواميد.
***********************************
لكونهم يبغضون خيار الصحابة، وهم العشرة المشهود لهم بالجنة - أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد [بن عمرو بن نفيل] (1) ، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح - رضي الله عنهم - (2) - يبغضون هؤلاء إلا علي بن أبي طالب [رضي الله عنه] (3) ، ويبغضون سائر المهاجرين، والأنصار من السابقين الأولين (4) الذين بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت الشجرة - وكانوا ألفا وأربعمائة - وقد أخبر الله أنه قد رضي عنهم.وثبت في صحيح مسلم، وغيره عن جابر أيضا (5) «أن غلام حاطب بن أبي بلتعة قال: يا رسول الله، والله ليدخلن حاطب النار، فقال. النبي - صلى الله عليه وسلم -: (كذبت إنه شهد بدرا والحديبية» .) (6) .وهم يتبرأون من جمهور هؤلاء، بل [يتبرأون] من سائر (7) أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا نفرا قليلا نحو بضعة عشر.ومعلوم أنه لو فرض في العالم عشرة من أكفر الناس لم يجب هجر هذا


(1) بن عمرو بن نفيل: زيادة في (ب) . وفي (أ) : بن زيد بن نفيل.
(2) أ، ب: عنهم أجمعين.
(3) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) ب (فقط) : ويبغضون السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار.
(5) ن، م: وفي صحيح مسلم عن جابر أن.
(6) الحديث - مع اختلاف يسير في الألفاظ - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - في: مسلم 4/1942 (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل الصحابة، باب من فضائل أهل بدر - رضي الله عنهم - وقصة حاطب بن أبي بلتعة) ؛ المسند (ط. الحلبي) 6/362.
(7) ن، م: من جمهورهم بل من سائر.
****************************
الاسم [لذلك] (1) ، كما أنه سبحانه [وتعالى] (2) لما قال: {وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون} [سورة النمل: 48] لم يجب هجر اسم التسعة مطلقا، بل اسم العشرة قد مدح الله مسماه في مواضع (3) كقوله [تعالى في متعة الحج] (4) : {فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة} [سورة البقرة: 196] (5) ، وقال تعالى: {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة} [سورة الأعراف: 142] (6) ، وقال تعالى: {والفجر - وليال عشر} [سورة الفجر 1 - 2] ، (* وقد ثبت في الصحيح «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعتكف العشر الأواخر من شهر رمضان حتى توفاه الله تعالى» (7) ، وقال في ليلة القدر: ( «التمسوها في العشر الأواخر» . *) (8) ، وقد ثبت في الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال (9) ( «ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب.


(1) لذلك: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) وتعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) ن، م: قد مدحه الله سبحانه في مواضع.
(4) ما بين المعقوفتين زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) في (ن) ، (م) : كقوله: (تلك عشرة كاملة) .
(6) في (ن) ، (م) ذكر الناسخان إلى قوله تعالى (وأتممناها بعشر) .
(7) في: البخاري 3/47 - 48 (كتاب الاعتكاف، باب الاعتكاف في العشر الأواخر) ؛ مسلم 2/830 - 831 (كتاب الاعتكاف، باب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان) . عن عبد الله بن عمر وعائشة - رضي الله عنهم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان (زادت عائشة: حتى توفاه الله) .
(8) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب)
(9) ن، م: وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال.
*****************************
إلى الله من هذه الأيام العشر» .) (1) ، ونظائر ذلك متعددة.[. ومن العجب أنهم يوالون لفظ التسعة، وهم يبغضون التسعة من العشرة، فإنهم يبغضونهم إلا عليا] (2) .وكذلك هجرهم لاسم أبي بكر، وعمر، وعثمان، ولمن يتسمى بذلك حتى [إنهم] يكرهون (3) معاملته، ومعلوم أن هؤلاء لو كانوا من أكفر الناس لم يشرع أن لا يتسمى الرجل بمثل أسمائهم، فقد كان في الصحابة من اسمه الوليد، «وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقنت له. (4) في الصلاة، ويقول: اللهم أنج الوليد بن الوليد» (5) ، وأبوه الوليد بن المغيرة كان (6) من أعظم الناس كفرا، وهو الوحيد المذكور في قوله تعالى: {ذرني ومن خلقت وحيدا} ، [سورة المدثر: 11] (7) وفي الصحابة من اسمه عمرو، وفي المشركين من


(1) جاء الحديث بهذا اللفظ عن ابن عباس - رضي الله عنه - في: سنن الترمذي 2/129 (كتاب الصوم، باب ما جاء في العمل في أيام العشر) . وجاء الحديث بمعناه عنه - رضي الله عنه - في: البخاري 2/20 (كتاب العيدين، باب فضل العمل في أيام التشريق. .) .
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(3) ن: حتى يكرهوا؛ أ، ب: حتى يكرهون. والمثبت من (م) .
(4) له: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) في: البخاري 6/48 - 49 (كتاب التفسير، سورة النساء، باب فعسى الله أن يعفو عنهم. .) . عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: بينا النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي العشاء إذ قال: سمع الله لمن حمده. ثم قال قبل أن يسجد: اللهم نج عياش بن أبي ربيعة، اللهم نج سلمة بن هشام، اللهم نج الوليد بن الوليد. الحديث. وهو في: مسلم 1/466 - 467 (كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب القنوت في جميع الصلاة إذا نزلت بالمسلمين نازلة) .
(6) أ، ب: اللهم أنج الوليد بن الوليد بن المغيرة، وأبوه كان. .
(7) انظر تفسير ابن كثير للآية.
*****************************
اسمه عمرو [مثل عمرو] (1) بن عبد ود، وأبو جهل اسمه عمرو بن هشام، (2 وفي الصحابة خالد بن سعيد بن العاص من السابقين الأولين، وفي المشركين خالد بن سفيان الهذلي 2) (2) ، وفي الصحابة من اسمه هشام مثل هشام بن حكيم، وأبو جهل كان اسم أبيه هشاما، وفي الصحابة من اسمه عقبة مثل أبي مسعود عقبة بن عمرو البدري، وعقبة بن عامر الجهني (3) .وكان في المشركين عقبة بن أبي معيط، وفي الصحابة علي، وعثمان (4) ، وكان في المشركين من اسمه علي مثل علي بن أمية بن خلف قتل يوم بدر كافرا، ومثل عثمان بن [أبي] طلحة قتل قبل أن يسلم (5) ، ومثل هذا كثير.فلم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والمؤمنون يكرهون اسما من الأسماء لكونه قد تسمى به كافر من الكفار، فلو (6) قدر أن المسمين بهذه


(1) ما بين المعقوفتين زيادة في (م) .
(2) (2 - 2) : ساقط من (ن) ، (م) .
(3) ن، م: وفي الصحابة من اسمه عقبة مثل ابن عامر أبي مسعود البدري (بدون ذكر عقبة بن عامر الجهني) والصواب هو الذي أثبته من (أ) ، (ب) : والأول هو عقبة بن عمرو بن ثعلبة الأنصاري أبو مسعود البدري، رجح ابن حجر أنه مات بعد سنة أربعين من الهجرة، انظر الإصابة في تمييز الصحابة، 2/483 - 484 القاهرة، 1358/1939. والثاني هو عقبة بن عامر بن عيسى بن جهينة الجهني، مات في خلافة معاوية سنة 58 هـ. الإصابة 2/482، الخلاصة للخزرجي، ص 226.
(4) م: علي وعمر، وهو خطأ.
(5) م: مثل عمر بن طلحة قتل قبل أن يسلم. وفي النسخ الثلاث الأخرى عثمان بن طلحة، وهو خطأ كذلك. والصواب ما أثبته. وعثمان بن طلحة أسلم في هدنة الحديبية وهاجر قبل الفتح مع خالد بن الوليد (سيرة ابن هشام 2/113) وأما عثمان بن أبي طلحة فقد قتل كافرا قتله حمزة بن عبد المطلب - رضي الله عنه - يوم أحد (ابن هشام 3/134) .
(6) م: ولو
*************************
[الأسماء] (1) كفار لم يوجب ذلك كراهة هذه الأسماء مع العلم لكل أحد بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدعوهم بها، ويقر الناس على دعائهم بها، وكثير منهم يزعم أنهم كانوا منافقين، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم أنهم منافقون، وهو مع هذا (2) يدعوهم بها، وعلي [بن أبي طالب رضي الله عنه] (3) قد سمى أولاده بها (4) فعلم أن جواز الدعاء بهذه الأسماء (5) - سواء كان [ذلك] (6) المسمى بها مسلما، أو كافرا - أمر معلوم (7) من دين الإسلام، فمن كره أن يدعو أحدا بها كان من أظهر الناس مخالفة لدين الإسلام، ثم مع هذا إذا تسمى الرجل عندهم [باسم] (8) علي، أو جعفر، أو حسن، أو حسين، أو نحو ذلك (9) عاملوه، وأكرموه، ولا دليل لهم. [في ذلك] (10) على أنه منهم، (11 بل أهل السنة يتسمون بهذه الأسماء، فليس في التسمية بها ما يدل على أنهم منهم 11) (11) ، والتسمية بتلك الأسماء قد تكون فيهم، فلا يدل على أن المسمى [بها] من أهل السنة لكن القوم


(1) الأسماء: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) م: مع ذلك.
(3) ما بين المعقوفتين زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) أ، ب: بها أولاده.
(5) ن، م: الدعاء بها.
(6) ذلك: زيادة في (أ) ، (ب) .
(7) ن، م: من المعلوم.
(8) باسم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(9) أو نحو ذلك: زيادة في (أ) ، (ب) .
(10) في ذلك: زيادة في (أ) ، (ب) .
(11) (11 - 11) ساقط من (أ) ، (ب) .
****************************
في غاية الجهل، والهوى.وينبغي [أيضا] (1) أن يعلم أنه ليس كل ما أنكره بعض الناس عليهم يكون باطلا، بل من أقوالهم أقوال خالفهم فيها بعض أهل السنة، ووافقهم بعض، والصواب مع من وافقهم لكن ليس لهم مسألة انفردوا بها أصابوا فيها، فمن الناس من يعد من بدعهم الجهر بالبسملة، وترك المسح على الخفين إما مطلقا، وإما في الحضر، والقنوت في الفجر، ومتعة الحج، ومنع لزوم الطلاق البدعي (2) ، وتسطيح القبور، وإسبال اليدين في الصلاة، ونحو ذلك من المسائل التي تنازع فيها علماء السنة، وقد يكون الصواب فيها القول (3) الذي يوافقهم، كما يكون الصواب هو القول الذي يخالفهم لكن المسألة اجتهادية، فلا تنكر إلا إذا صارت شعارا لأمر لا يسوغ، فتكون دليلا على ما يجب إنكاره، وإن كانت نفسها يسوغ فيها الاجتهاد، ومن هذا. وضع الجريد على القبر، فإنه منقول عن بعض الصحابة، وغير ذلك من المسائل.ومن حماقتهم أيضا أنهم يجعلون للمنتظر عدة مشاهد ينتظرونه فيها كالسرادب (4) الذي بسامرا الذي يزعمون أنه غاب فيه (5) ، ومشاهد أخر، وقد


(1) أيضا: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: طلاق البدعة.
(3) ب: للقول.
(4) ن، م: السرداب.
(5) أ، ب: غائب فيه. وفي معجم البلدان: " سامراء، لغة في سر من رأى، مدينة كانت بين بغداد وتكريت على شرقي دجلة وقد خربت. وبسامراء قبر الإمام علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر، وابنه الحسن بن علي العسكريين، وبها غاب المنتظر في زعم الشيعة الإمامية ". وينكر العاملي ذلك في كتابه " أعيان الشيعة " 1 ويقول: " فالإمامية تعتقد في. الإمام المهدي أنه حي غائب عن الأبصار موجود في الأمصار لا أنه في السرداب ولا أنه مات ثم يرجع إلى الدنيا. والمهدي المنتظر متفق عليه بين جميع المسلمين، وإنما اختلفوا في أنه ولد أو سيولد ". على أن هذا الإنكار تكذبه كتب الشيعة وغير الشيعة فالشهرستاني يذكر في " الملل والنحل "، (1/150) أن الإمام الثاني عشر هو " محمد القائم المنتظر الذي بسر من رأى ". وينقل (donaldson) في كتابه المشار إليه آنفا (p. 233) عن المجلسي في كتابه " جنات الخلود " أن محمد بن الحسن اختفى في سرداب في منزله الذي ورثه عن أبيه بسامراء. كما ينقل (- 245) عن كتاب " نزهة القلوب " للمستوفى أن المهدي اختفى في سامراء سنة 246 هـ - 878 م. وانظر أيضا، دائرة المعارف الإسلامية، مادة " سامراء "
******************************



ابوالوليد المسلم 08-12-2020 01:24 PM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://i.imgur.com/xOziErR.gif
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (8)
صـ 45 إلى صـ 52


يقيمون هناك دابة - إما بغلة، وإما فرسا، [وإما غير ذلك] (1) - ليركبها إذا خرج، ويقيمون هناك إما في طرفي النهار، وإما في أوقات أخر من ينادي عليه بالخروج يا مولانا اخرج [يا مولانا اخرج] (2) ، ويشهرون السلاح، ولا أحد هناك يقاتلهم (3) ، وفيهم من يقول في أوقات الصلاة (4) دائما لا يصلي خشية أن يخرج، وهو في الصلاة، فيشتغل بها عن [خروجه] ، وخدمته (5) ، وهم في
(1) وإما غير ذلك: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) عبارة " يا مولانا اخرج " الثانية: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) ذكر ابن بطوطة في رحلته " تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار " 1/164، الطبعة الخيرية، القاهرة 1322، عند كلامه عن مدينة " الحلة " ما يلي: " وبمقربة من السوق الأعظم بهذه المدينة مسجد على بابه ستر حرير مسدول وهم يسمونه مشهد صاحب الزمان ومن عادتهم أنه يخرج في كل ليلة مائة رجل من أهل المدينة عليهم السلاح وبأيديهم سيوف مشهورة فيأتون أمير المدينة بعد صلاة العصر فيأخذون منه فرسا ملجما أو بغلا. ويأتون مشهد صاحب الزمان فيقفون بالباب ويقولون: " باسم الله يا صاحب الزمان، باسم الله اخرج، قد ظهر الفساد، وكثر الظلم وهذا أوان خروجك. إلخ وانظر donaldson المرجع المشار إليه آنفا، pp - 245 - 46.
(4) الصلاة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) ن، م: عن خدمته.
**********************************
أماكن بعيدة عن مشهده كمدينة النبي - صلى الله عليه وسلم - إما في العشر الأواخر من [شهر] (1) رمضان، وإما في غير ذلك (2) يتوجهون إلى المشرق، وينادونه بأصوات عالية يطلبون خروجه.ومن المعلوم أنه لو كان موجودا، وقد أمره الله بالخروج، فإنه يخرج سواء نادوه، أو لم ينادوه، وإن لم يؤذن له، فهو لا يقبل منهم، وأنه إذا خرج فإن الله يؤيده، ويأتيه بما يركبه، وبمن يعينه، وينصره لا يحتاج إلى أن يوقف [له] (3) دائما من الآدميين من ضل سعيهم في الحياة الدنيا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.والله سبحانه قد عاب في كتابه من يدعو من لا يستجيب له دعاءه، فقال تعالى: {ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير - إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير} [سورة فاطر: 13 - 14] هذا مع أن الأصنام موجودة، وكان يكون فيها (4) أحيانا شياطين تتراءى لهم، وتخاطبهم، ومن خاطب معدوما كانت حالته أسوأ من حال من خاطب موجودا، وإن كان جمادا، فمن دعاء المنتظر الذي لم يخلقه الله (5) كان


(1) شهر: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: وإما في غيره.
(3) له: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) أ، ب: بها.
(5) أورد النوبختي اختلاف فرق الشيعة في أمر المهدي، فذكر أن فرقة تقول: إن المهدي (محمد بن الحسن القائم الحجة) ولد قبل والده (الحسن بن علي العسكري) بسنين وهو مستور لا يرى خائف من جعفر وغيره من أعدائه وإنها إحدى غيباته (انظر فرق الشيعة، ص 84 - 85) . وفرقة تقول: بل ولد للحسن ولد بعد وفاته بثمانية شهور وهو مستور لا يرى. (ص 85) . وفرقة ثالثة تقول: إنه لا ولد للحسن أصلا؛ لأنا قد امتحنا ذلك وطلبناه بكل وجه فلم نجده، ولو جاز أن نقول في مثل الحسن وقد توفي ولا ولد له إن له ولدا خفيا، لجاز مثل هذه الدعوى في كل ميت من غير خلف، ولجاز مثل ذلك في النبي - صلى الله عليه وآله - أن يقال: خلف ابنا نبيا رسولا (ص 85 - 87) . وفرقة رابعة قالت: إنه لا يوجد إمام بعد الحسن وإن جاز أن يبعث الله القائم إذا شاء (ص 87 - 88) . وأما الإمامية فيقولون: إن الحسن العسكري قد توفي، وإن ابنه هو الإمام من بعده، وهو خائف مستور بستر الله تعالى، وليس علينا البحث في أمره، بل البحث عن ذلك وطلبه محرم لا يحل (ص 90 - 93) . على أنه لا توجد فرقة أخرى تجعل المهدي شخصا آخر غير محمد بن الحسن، فبعضهم يجعله محمد ابن الحنفية، كما ذكرنا من قبل. وغيرهم يقولون: هو الحسن بن علي، وآخرون يقولون: بل هو إسماعيل بن جعفر، وهم الإسماعيلية.
*******************************
ضلاله أعظم من ضلال هؤلاء، وإذا قال: أنا أعتقد وجوده، كان بمنزلة قول أولئك: نحن نعتقد أن هذه الأصنام لها شفاعة عند الله، فيعبدون من دون الله ما لا ينفعهم، ولا يضرهم (1) ، ويقولون: هؤلاء شفعاؤنا عند الله.والمقصود أن كليهما (2) يدعو من لا ينفع دعاؤه، وإن كان أولئك اتخذوهم [شفعاء] (3) آلهة، وهؤلاء يقولون: هو إمام معصوم، فهم يوالون عليه، ويعادون عليه كموالاة المشركين على آلهتهم، ويجعلونه ركنا في الإيمان لا يتم الدين (4) إلا به، كما يجعل بعض المشركين آلهتهم كذلك.وقد قال (5) تعالى: {ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون - ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون} ،


(1) ن، م: ما لا يضرهم ولا ينفعهم.
(2) أ، ن، م: أن كلاهما.
(3) شفعاء: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) الدين: ساقطة من (م) .
(5) أ، ب: وقال.
*********************************
[سورة آل عمران: 79 - 80] (1) فإذا كان من يتخذ الملائكة والنبيين أربابا بهذه الحال، فكيف بمن يتخذ إماما معدوما لا وجود له، وقد قال تعالى: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون} [سورة التوبة: 31] .وقد ثبت في الترمذي، وغيره من [حديث] «عدي بن حاتم [أنه] قال (2) : يا رسول الله ما عبدوهم، فقال: (إنهم أحلوا لهم الحرام، وحرموا عليهم الحلال، فأطاعوهم، فكانت تلك عبادتهم إياهم» .) (3) فهؤلاء اتخذوا أناسا (4) موجودين أربابا، وهؤلاء يجعلون الحلال والحرام معلقا بالإمام المعدوم الذي لا حقيقة له، ثم يعملون بكل ما يقول (5) المنتسبون إليه (6) إنه يحلله، ويحرمه، وإن خالف الكتاب والسنة، وإجماع سلف الأمة حتى أن طائفتهم


(1) آية 80 من سورة آل عمران ليست في (ن) ، (م) .
(2) ن، م: عن عدي بن حاتم قال.
(3) في: سنن الترمذي 4/341 - 342 (كتاب التفسير، سورة التوبة) عن عدي بن حاتم قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي عنقي صليب من ذهب، فقال: يا عدي اطرح عنك هذا الوثن، وسمعته يقرأ في سورة براءة (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) قال: " أما أنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه ". " قال الترمذي: " هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب، وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث ".
(4) م: ناسا.
(5) ن: بما يقول.
(6) ب: المثبتون.
************************
إذا اختلفت على قولين قالوا: القول (1) الذي لا يعرف قائله هو الحق؛ لأنه قول هذا الإمام المعصوم، فيجعلون الحلال ما حلله، والحرام ما حرمه هذا الذي لا يوجد، وعند (2) من يقول إنه موجود لا يعرفه أحد، ولا يمكن أحد أن ينقل عنه كلمة واحدة.ومن حماقاتهم تمثيلهم لمن يبغضونه (* بالجماد (3) ، أو حيوان، ثم يفعلون بذلك الجماد، والحيوان ما يرونه عقوبة لمن يبغضونه *) (4) مثل اتخاذهم نعجة - وقد تكون نعجة حمراء لكون عائشة تسمى الحميراء (5) - يجعلونها عائشة، ويعذبونها بنتف شعرها، وغير ذلك، ويرون أن ذلك عقوبة لعائشة.ومثل اتخاذهم حلسا مملوءا سمنا، ثم يبعجون (6) بطنه، فيخرج السمن، فيشربونه، ويقولون: هذا مثل ضرب عمر، وشرب دمه (7) ، ومثل تسمية بعضهم لحمارين من حمر الرحا أحدهما بأبي بكر، والآخر بعمر، ثم يعاقبون (8) الحمارين جعلا منهم تلك العقوبة [عقوبة] (9) لأبي بكر، وعمر. .


(1) ب: على قولين فالقول. .
(2) ب: عنه؛ وهو خطأ.
(3) م: لجماد.
(4) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(5) (4 - 4) : ساقط من (ن) ، (م) .
(6) أ: يبيعون؛ ب: يشقون.
(7) ينقل Donaldson في كتابه المشار إليه آنفا (- 4) عن قاموس الإسلام Dictionary of islam وصفا لما يفعله الشيعة في عيد الغدير فيقول: إنهم يصنعون ثلاثة تماثيل من العجين تمثل أبا بكر وعمر وعثمان ويملئونها بالعسل ثم يطعنونها بالمدى فيسيل منها العسل ليرمز بذلك إلى دم الخلفاء الثلاثة الغاصبين.
(8) أ، ب: عقوبة.
(9) عقوبة: زيادة في (أ) ، (ب) .
************************
وتارة يكتبون أسماءهم على أسفل أرجلهم [حتى أن بعض الولاة جعل يضرب رجلي من فعل ذلك، ويقول: إنما ضربت أبا بكر، وعمر، ولا أزال أضربهما حتى أعدمهما، ومنهم من يسمي كلابه باسم أبي بكر، وعمر، ويلعنهما، ومنهم من إذا سمى كلبه، فقيل له (بكير.) يضارب من يفعل ذلك، ويقول: تسمي كلبي باسم أصحاب النار، ومنهم (1) يعظم أبا لؤلؤة المجوسي الكافر الذي كان غلاما للمغيرة بن شعبة لما قتل عمر، ويقولون: واثارات أبي لؤلؤة، فيعظمون (2) كافرا مجوسيا باتفاق المسلمين لكونه قتل عمر - رضي الله عنه -ومن حماقتهم إظهارهم لما يجعلونه مشهدا، فكم كذبوا الناس، وادعوا أن في هذا المكان ميتا من أهل البيت، وربما جعلوه مقتولا، فيبنون ذلك مشهدا، وقد يكون ذلك قبر كافر، أو قبر بعض الناس، ويظهر ذلك بعلامات كثيرة.ومعلوم أن عقوبة الدواب المسماة بذلك (3) ] ، ونحو هذا الفعل لا يكون إلا (4) من فعل أحمق الناس، وأجهلهم، فإنه من المعلوم أنا (5) لو أردنا أن نعاقب فرعون، وأبا لهب، وأبا جهل، وغيرهم ممن ثبت بإجماع المسلمين أنهم من أكفر الناس مثل هذه العقوبة لكان هذا من أعظم الجهل؛ لأن (6)

(1) أ: وفيهم.
(2) فيتولون.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) .
(4) أ: ونحو هذا مثل هذا الفعل إلا؛ ن، م: فهل مثل هذا الفعل إلا. والمثبت من (ب) .
(5) أنا: ساقطة من (م) .
(6) ن، م: فإن.
***************************
ذلك لا فائدة فيه، بل إذا قتل كافر يجوز قتله، أو مات حتف أنفه لم يجز بعد قتله، أو موته أن يمثل به، فلا يشق بطنه، ولا (1) يجدع أنفه، وأذنه، [ولا تقطع يده] (2) إلا أن يكون ذلك على سبيل المقابلة.[فقد ثبت.] في صحيح (3) مسلم، وغيره عن بريدة «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا بعث أميرا على جيش، أو سرية (4) أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله [تعالى] (5) ، وأوصاه بمن معه من المسلمين خيرا، وقال: (اغزوا في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله لا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا.» ) (6) .وفي السنن أنه «كان في خطبته يأمر بالصدقة، وينهى عن المثلة» (7) . مع أن


(1) أ، ب: أو.
(2) ولا تقطع يده: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن، م: ففي صحيح.
(4) ن، م: على سرية أو جيش.
(5) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) الحديث في: مسلم 3/1356 - 1358 (كتاب الجهاد والسير، باب تأمير الإمام الأمراء.) عن سليمان بن بريدة عن أبيه - رضي الله عنه -، وأوله: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه. ثم قال: اغزوا بسم الله في سبيل الله. الحديث، وهو - مع اختلاف في اللفظ - في: سنن أبي داود 3/51 - 52 (كتاب الجهاد، باب في دعاء المشركين) ؛ سنن الترمذي 3/85 - 86 (كتاب السير، باب ما جاء في وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - في القتال) ؛ سنن ابن ماجه 2/953 - 954 (كتاب الجهاد، باب وصية الإمام) ؛ المسند (ط. الحلبي) 5/358.
(7) في: سنن الدارمي 1/390 (كتاب الزكاة، باب الحث على الصدقة) عن عمران بن حصين قال: ما خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أمرنا فيها بالصدقة ونهانا عن المثلة. وفي: البخاري 5/129 (كتاب المغازي، باب قصة عكل وعرينة) . قال قتادة: بلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك كان يحث على الصدقة وينهى عن المثلة. وانظر: سنن أبي داود 3 (كتاب الجهاد، باب في النهي عن المثلة)
************************
التمثيل بالكافر بعد موته منه نكاية بالعدو لكن نهي عنه؛ لأنها زيادة إيذاء (1) بلا حاجة، فإن المقصود كف شره بقتله، [وقد حصل] (2) .فهؤلاء الذين يبغضونهم لو كانوا كفارا، وقد ماتوا لم يكن لهم بعد موتهم أن يمثلوا بأبدانهم لا يضربونهم، ولا يشقون بطونهم، ولا ينتفون شعورهم مع أن في ذلك نكاية فيهم، فأما إذا فعلوا ذلك بغيرهم ظنا أن ذلك يصل إليهم كان غاية الجهل، فكيف إذا كان بمحرم (3) كالشاة التي يحرم إيذاؤها بغير حق، فيفعلون ما لا يحصل لهم[به] (4) منفعة أصلا، بل ضرر في الدين. والدنيا، والآخرة مع تضمنه غاية الحمق، والجهل.ومن حماقتهم إقامة المأتم (5) ، والنياحة على من قد (6) قتل من سنين عديدة (7) ، ومن المعلوم أن المقتول، وغيره من الموتى إذا فعل مثل ذلك بهم عقب موتهم كان ذلك مما حرمه الله، ورسوله، فقد ثبت في الصحيح (8) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( «ليس منا من لطم الخدود، وشق


(1) أ: لأنه زائدة إيذاء؛ ب: لأنه زيادة إيذاء.
(2) وقد حصل: ساقطة من (ن، (م) .
(3) ن، م: بمحترم، وهو تحريف.
(4) به: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) أ: المآتم.
(6) قد: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7) ن، م: عظيمة.
(8) ن، م: وفي الصحيح.





ابوالوليد المسلم 08-12-2020 01:25 PM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://i.imgur.com/xOziErR.gif
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (9)
صـ 53 إلى صـ 60


الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية» .) (1) . وثبت في الصحيح عنه (2) «أنه بريء من الحالقة، والصالقة، والشاقة» (3) (4 [فالحالقة التي تحلق شعرها عند المصيبة] 4) (4) ، والصالقة هي (5) التي ترفع صوتها [عند المصيبة] (6) بالمصيبة، والشاقة التي تشق ثيابها.وفي الصحيح عنه أنه قال: ( «إن النائحة إذا لم تتب قبل موتها، فإنها تلبس
(1) الحديث بألفاظ مقاربة عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في: البخاري 2/81 (كتاب الجنائز، باب ليس منا من شق الجيوب) ، 2/82 (كتاب الجنائز، باب ليس منا من ضرب الخدود) ، 4/183 - 184 (كتاب المناقب، باب ما ينهى عن دعوة الجاهلية) ؛ مسلم 1/99 (كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود) ؛ سنن الترمذي 2/234 (كتاب الجنائز، باب ما جاء في النهي عن ضرب الخدود) ؛ سنن النسائي 4/17 (كتاب الجنائز، باب الخدود) ، 4/18 (كتاب الجنائز، باب شق الجيوب) ؛ سنن ابن ماجه 1/504 - 505 (كتاب الجنائز، باب ما جاء في النهي عن ضرب الخدود وشق الجيوب) ؛ المسند (ط. المعارف) 5/240، 6/79، 116، 167. .
(2) ن، م: وفي الصحيح عنه.
(3) الحديث عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - في: البخاري 2/81 - 82 (كتاب الجنائز، باب ما ينهى من الحلق عند المصيبة) ولفظه: ". إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بريء من الصالقة والحالقة والشاقة ". . الحديث. وهو في مسلم 1/100 (كتاب الإيمان؛ باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية) . وقال النووي (شرح مسلم 2/110) : " فالصالقة: وقعت في الأصول بالصاد، وسلق بالسين، وهما صحيحان، وهما لغتان: السلق والصلق وسلق وصلق وهي صالقة وسالقة؛ وهي التي ترفع صوتها عند المصيبة. والجالقة: هي التي تحلق شعرها عند المصيبة. والشاقة التي تشق ثوبها عند المصيبة. هذا هو المشهور الظاهر المعروف. وحكى القاضي عياض عن ابن الأعرابي أنه قال: الصلق ضرب الوجه. وأما دعوى الجاهلية فقال القاضي: هي النياحة، وندب الميت والدعاء بالويل وشبهه. والمراد بالجاهلية ما كان في الفترة قبل الإسلام.
(4) (4 - 4) : ساقط من (ن) ، (م) .
(5) هي: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(6) عند المصيبة: ساقطة من (ن) ، (م) .
**************************
يوم القيامة درعا من جرب، وسربالا من قطران.» ) (1) ، وفي الصحيح عنه أنه قال: ( «من ينح عليه، فإنه يعذب بما ينح عليه» .) (2) ، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.وهؤلاء يأتون من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعوى الجاهلية، وغير


(1) الحديث عن أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه - مع حديث آخر قبله في: مسلم 2/644 (كتاب الجنائز، باب التشديد في النياحة) وأول الحديث الأول: " أربع في أمتي من أمر الجاهلية. " والحديث الثاني نصه: " النائحة إذا لم تتب قبل موتها، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب ". وجاء الحديث مع اختلاف في الألفاظ في: سنن ابن ماجه 1/503 - 504 (كتاب الجنائز، باب في النهي عن النياحة) ؛ المسند (ط. الحلبي) 5/342 - 343. وذكر ابن ماجه في سننه 1/405 حديثا بلفظ مقارب عن ابن عباس - رضي الله عنهما - وجاء في التعليق عليه ما يبين ضعفه.
(2) هذا الحديث جاء في (أ) ، (ب) قبل الحديث السابق وفيهما: من نيح عليه. . بما نيح عليه. والحديث جاء بهذا اللفظ عن ابن عمر - رضي الله عنهما - في: المسند (ط. المعارف) 2/186 - 187 وفيه ". . بما نيح عليه يوم القيامة " وصحح الشيخ أحمد شاكر الحديث. وجاء الحديث بلفظ: " من نيح عليه يعذب بما نيح عليه " عن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - (وجاء مطولا في بعض الروايات) في: البخاري 2/80 (كتاب الجنائز، باب ما يكره من النياحة على الميت) وأوله: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن كذبا علي ليس ككذب على أحد " مسلم 2/644 (كتاب الجنائز، باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه) ؛ سنن الترمذي 2/234 - 235 (كتاب الجنائز، باب في كراهية النوح) ؛ المسند (ط. الحلبي) 4/245 - 252. وأطال النووي في شرحه على مسلم 6/228 - 229 الكلام على هذا الحديث وأمثاله ومن ذلك قوله: " واختلف العلماء في هذه الأحاديث فتأولها الجمهور على من وصى بأن يبكى عليه ويناح بعد موته فنفذت وصيته، فهذا يعذب ببكاء أهله عليه ونوحهم لأنه بسببه ومنسوب إليه: قالوا: فأما من بكى عليه أهله وناحوا من غير وصية منه فلا يعذب؛ لقول الله تعالى: (ولا تزر وازرة وزر أخرى) [سورة الأنعام: 164] . قالوا: وكان من عادة العرب الوصية بذلك ومنه قول طرفة بن العبد: إذا مت فانعيني بما أنا أهله وشقي علي الجيب يا ابنة معبد قالوا: فخرج الحديث مطلقا حملا على ما كان معتادا لهم.
**************************
ذلك من المنكرات بعد موت الميت بسنين كثيرة ما لو فعلوه عقب موته لكان ذلك من أعظم المنكرات التي حرمها الله ورسوله، فكيف بعد هذه المدة الطويلة.ومن المعلوم أنه قد قتل من الأنبياء، وغير الأنبياء (1) ظلما وعدوانا من هو أفضل من الحسين قتل أبوه ظلما، وهو أفضل منه. وقتل عثمان بن عفان، وكان قتله أول الفتن العظيمة التي وقعت بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وترتب عليه من الشر، والفساد أضعاف ما ترتب على قتل الحسين. وقتل غير هؤلاء ومات، وما فعل أحد - لا من المسلمين، ولا غيرهم - مأتما ولا نياحة على ميت، ولا قتيل بعد مدة طويلة من قتله إلا هؤلاء الحمقى الذين لو كانوا من الطير لكانوا رخما، ولو كانوا من البهائم لكانوا حمرا.ومن ذلك أن بعضهم لا يوقد خشب الطرفاء (2) ؛ لأنه بلغه أن دم الحسين، وقع على شجرة من الطرفاء، ومعلوم. أن تلك الشجرة بعينها لا يكره وقودها، ولو كان عليها من (3) أي دم كان، فكيف بسائر الشجر الذي لم يصبه الدم؟ ! .وحماقاتهم يطول وصفها لا يحتاج إلى أن تنقل (4) بإسناد، [ولكن ينبغي


(1) ن، م: من الأنبياء وغيرهم.
(2) في اللسان: الطرفة شجرة وهي الطرف، والطرفاء جماعة الطرفة. وقال أبو حنيفة: الطرفاء من العضاه، وهدبه مثل هدب الأثل، وليس له خشب وإنما يخرج عصيا سمحة في السماء، وقد تتمحض بها الإبل إذا لم تجد حمضا غيره. وقال أبو عمرو: الطرفاء من الحمض.
(3) من: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) أ: ومن حماقاتهم كما يطول وصفها لا يحتاج أن تنقل؛ ب: ومن حماقاتهم ما يطول وصفها ولا يحتاج أن تنقل.
**********************
أن يعلم مع هذا] (1) أن المقصود (2) أنه من ذلك الزمان القديم يصفهم الناس بمثل هذا من عهد التابعين، وتابعيهم، (3 [كما ثبت بعض ذلك إما عن الشعبي، وإما أن يكون من كلام عبد الرحمن، وعلى التقديرين، فالمقصود حاصل، فإن عبد الرحمن كان في زمن تابعي التابعين، وإنما ذكرنا هذا؛ لأن عبد الرحمن] 3) (3) ، وكثيرا من الناس لا يحتج بروايته المفردة إما لسوء حفظه، وإما لتهمة. (4) في تحسين الحديث، وإن كان له علم، ومعرفة بأنواع من العلوم - ولكن يصلحون (5) للاعتضاد، والمتابعة كمقاتل بن سليمان، ومحمد بن عمر الواقدي، وأمثالهما، فإن كثرة الشهادات، والأخبار قد توجب العلم، وإن لم يكن كل من المخبرين ثقة حافظا (6) حتى يحصل العلم بمخبر الأخبار المتواترة، وإن كان المخبرون من أهل الفسوق إذا لم يحصل بينهم تشاعر (7) ، وتواطؤ، والقول الحق الذي يقوم عليه الدليل يقبل من كل من قاله، وإن لم يقبل بمجرد إخبار المخبر به.فلهذا ذكرنا ما ذكره عبد الرحمن بن مالك بن مغول، فإن غاية ما فيه أنه قاله ذاكرا لا آثرا (8) ، وعبد الرحمن هذا يروي عن أبيه، وعن الأعمش، وعن


(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: والمقصود.
(3) (3 - 3) : ساقط من (ن) ، (م) .
(4) ب: لتهمته؛ أ: التهمة.
(5) ب: يصلح.
(6) ن، م: حافظا ثقة.
(7) ب: تشاغر؛ م: تشاور.
(8) ب: إنه قال ذاكرا لأثر.
******************************
عبيد (1) الله بن عمر، ولا يحتج بمجرد (2) مفرداته، فإنه ضعيف.ومما ينبغي أن يعرف أن ما يوجد في جنس الشيعة من الأقوال، والأفعال المذمومة، وإن كان أضعاف ما ذكر لكن قد لا يكون هذا كله في الإمامية [الاثني عشرية] (3) ، ولا في الزيدية، ولكن يكون كثير منه في الغالية، وفي كثير من عوامهم مثل ما يذكر عنهم من تحريم لحم الجمل، وأن الطلاق يشترط فيه رضا المرأة، ونحو ذلك مما يقوله بعض عوامهم (4) ، وإن كان علماؤهم لا يقولون ذلك لكن لما كان أصل مذهبهم (5) مستندا إلى جهل كانوا أكثر الطوائف كذبا. وجهلا (6) .[الرافضة هم أضل الناس في المعقول والمنقول](فصل)ونحن نبين إن شاء الله تعالى طريق الاستقامة في معرفة هذا الكتاب (7) (منهاج الندامة.) بحول الله وقوته، وهذا الرجل سلك مسلك


(1) ن: عبد.
(2) بمجرد: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) الاثني عشرية: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) أ، ب: ونحو ذلك مما يقوله من يقوله من عوامهم. وسقطت (بعض) من (م) .
(5) ن، م: لكن لما ضار أهل مذهبهم، وهو تحريف.
(6) الفقرة الطويلة التي أولها: ولكن ينبغي أن يعلم مع هذا أن المقصود أنه من ذلك الزمان القديم (ص 35 س [0 - 9] ) . . كانوا أكثر الطوائف كذبا وجهلا، هي الفقرة التي أشرت إليها في (ص 23 ت [0 - 9] ) . وقد كان إثباتها في ذلك الموضع في نسختي (ن) ، (م) خطأ من الناسخ.
(7) م: ما في هذا الكتاب.
**************************
سلفه شيوخ الرافضة كابن النعمان المفيد (1) ، ومتبعيه: كالكراجكي (2) ، وأبي القاسم الموسوي (3) ، والطوسي (4) ، وأمثالهم، فإن الرافضة في الأصل ليسوا أهل علم، وخبرة بطريق النظر، والمناظرة، ومعرفة الأدلة، وما يدخل فيها من المنع، والمعارضة، كما أنهم من أجهل الناس بمعرفة المنقولات، والأحاديث، والآثار، والتمييز بين صحيحها وضعيفها، وإنما عمدتهم في المنقولات على تواريخ منقطعة الإسناد، وكثير منها من وضع المعروفين بالكذب، بل (5) وبالإلحاد، وعلماؤهم يعتمدون على نقل مثل أبي مخنف


(1) محمد بن محمد بن النعمان بن عبد السلام البغدادي الملقب بالشيخ المفيد. قال الخوانساري (روضات الجنات، ص [0 - 9] 36) : كان من أجل مشايخ الشيعة ورئيسهم وأستاذهم، وكل من تأخر عنه استفاد منه، توفي سنة 413. وانظر ترجمته في روضات الجنات، ص [0 - 9] 36 - 543؛ تنقيح المقال 3/180 - 181؛ شذرات الذهب 3/199 - 200.
(2) محمد بن علي الكراجكي الشيخ أبو الفتح المتوفى سنة 449، وهو من تلامذة المفيد. ترجمته في تنقيح المقال 3/159؛ روضات الجنات، ص [0 - 9] 52 - 553؛ لسان الميزان 5/300.
(3) علي بن الحسين بن موسى بن محمد أبو القاسم ويعرف بالسيد المرتضى علم الهدى. ذكر الخوانساري أنه قرأ على الشيخ المفيد، وقد توفي سنة 436. ترجمته في روضات الجنات، ص [0 - 9] 74 - 379؛ الرجال للنجاشي، ص [0 - 9] 06 - 207؛ لسان الميزان 4/223 - 225؛ مقدمة " أمالي المرتضى " تحقيق الأستاذ أبي الفضل إبراهيم، القاهرة، 1954.
(4) محمد بن الحسن بن علي الطوسي أبو جعفر شيخ الإمامية ورئيس الطائفة، كان تلميذا للشيخ المفيد وتوفي سنة 460. ترجمته في تنقيح المقال 3/104 - 105؛ روضات الجنات، ص [0 - 9] 53؛ الرجال للنجاشي، ص [0 - 9] 16؛ لسان الميزان 5/135.
(5) بل: زيادة في (ن) فقط.
*************************
لوط بن يحيى (1) ، وهشام بن محمد بن السائب (2) ، وأمثالهما من المعروفين بالكذب عند أهل العلم مع أن أمثال هؤلاء هم من (3) أجل من يعتمدون عليه في النقل إذ كانوا يعتمدون على من هو في غاية الجهل، والافتراء ممن لا يذكر في الكتب، ولا يعرفه أهل العلم بالرجال.[الرافضة هم أكذب الطوائف]وقد اتفق أهل العلم بالنقل، والرواية، والإسناد على أن الرافضة أكذب الطوائف، والكذب فيهم قديم، ولهذا كان أئمة الإسلام يعلمون امتيازهم بكثرة الكذب قال: أبو حاتم الرازي (4). سمعت يونس بن عبد الأعلى (5) يقول: (6) قال أشهب بن عبد العزيز (7) سئل مالك عن


(1) أ، ب: أبي مخنف لوط بن علي، وهو خطأ في ميزان الاعتدال 2/260. " لوط بن يحيى أبو مخنف، إخباري تالف لا يوثق به تركه أبو حاتم وغيره. وقال ابن عدي شيعي محترق صاحب أخبارهم، وقد مات قبل السبعين ومائة ". وانظر ترجمته في: روضات الجنات، ص 732؛ الرجال للنجاشي، ص 245.
(2) هو هشام بن محمد السائب الكلبي في ميزان الاعتدال 3/256. قال الدارقطني وغيره: متروك، وقال ابن عساكر: رافضي ليس بثقة. مات سنة أربع ومائتين ". وانظر ترجمته أيضا في: الرجال للنجاشي، ص [0 - 9] 39 - 340.
(3) من: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) أبو حاتم الرازي الحافظ الكبير من أقران البخاري ومسلم، وهو محمد بن إدريس الحنظلي ولد بالري سنة 195 وتوفي ببغداد سنة 227. انظر ترجمته في تهذيب التهذيب 9/31 - 34؛ تذكرة الحفاظ 2/557 - 559؛ تاريخ بغداد 2 - 77؛ طبقات الحنابلة 1/283 - 386؛ سزكين 1/273 - 274؛ الأعلام 6
(5) يونس بن عبد الأعلى بن ميسرة أبو موسى المصري المتوفى سنة 264. ذكر عنه الشافعي: ما رأيت بمصر أعقل من يونس بن عبد الأعلى. ترجمته في ابن خلكان 6/247 - 250؛ الخلاصة للخزرجي، ص [0 - 9] 79.
(6) ن، م: قال.
(7) أبو عمرو أشهب بن عبد العزيز بن داود القيسي المتوفى سنة 204. ترجمته في ابن خلكان 1/215 - 217؛ تهذيب التهذيب 1/359 - 360.
*************************
الرافضة، فقال: لا تكلمهم، ولا ترو عنهم، فإنهم يكذبون، وقال. أبو حاتم: حدثنا حرملة (1) [قال] (2) : سمعت الشافعي يقول: لم أر أحدا أشهد بالزور من الرافضة، وقال. مؤمل بن إهاب (3) : سمعت يزيد بن هارون (4) يقول: يكتب عن كل صاحب بدعة إذا لم يكن داعية إلا الرافضة، فإنهم يكذبون، وقال. محمد بن سعيد الأصبهاني (5) : سمعت شريكا يقول: أحمل العلم عن كل من لقيت إلا الرافضة، فإنهم يضعون الحديث، ويتخذونه دينا، [وشريك هذا هو شريك بن عبد الله القاضي، قاضي الكوفة، من أقران الثوري، وأبي حنيفة، وهو من الشيعة الذي يقول بلسانه: أنا من الشيعة، وهذه شهادته فيهم] (6) ، وقال أبو معاوية (7) : سمعت الأعمش يقول: أدركت الناس، وما يسمونهم إلا الكذابين، يعني


(1) أبو عبد الله حرملة بن يحيى بن عبد الله التجيبي الزميلي المصري صاحب الإمام الشافعي، المتوفى سنة 243. ترجمته في ابن خلكان 1/353 - 354؛ الخلاصة للخزرجي، ص 63.
(2) قال: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) مؤمل بن إهاب بن عبد العزيز الربعي المتوفى سنة 254. قال عنه أبو حاتم: صدوق، ترجمته في الخلاصة للخزرجي، ص 237.
(4) يزيد بن هارون السلمي أبو خالد الواسطي أحد الأعلام الحفاظ المشاهير، توفي سنة 206. ترجمته في الخلاصة للخزرجي، ص 374.
(5) محمد بن سعيد بن سليمان الكوفي المعروف بابن الأصبهاني، روى عن شريك وروى عنه البخاري، وقال النسائي عنه: ثقة، توفي سنة 220. الخلاصة للخزرجي، ص 288.
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(7) هو محمد بن حازم التميمي أبو معاوية الضرير تلميذ الأعمش، وثقه النسائي وقال ابن شيبة: ربما دلس، توفي سنة 195. الخلاصة للخزرجي، ص 284 - 285.

ابوالوليد المسلم 08-12-2020 01:26 PM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://i.imgur.com/xOziErR.gif
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (10)
صـ 61 إلى صـ 68

أصحاب المغيرة بن سعيد (1) قال. الأعمش: ولا عليكم ألا تذكروا (2) هذا، فإني لا آمنهم أن يقولوا: إنا أصبنا الأعمش (3) مع امرأة.وهذه آثار ثابتة رواها (4) [أبو عبد الله] (5) بن بطة في (الإبانة الكبرى.) (6) هو وغيره، وروى أبو القاسم الطبري (* كلام الشافعي فيهم من وجهين من رواية الربيع (7) قال: سمعت *) (8) . الشافعي يقول: ما رأيت في أهل الأهواء قوما
(1) هو المغيرة بن سعيد البجلي أبو عبد الله الكوفي. كان مولى لخالد بن عبد الله القسري، ولما ادعى النبوة لنفسه قتله خالد وصلبه وأحرقه في حدود العشرين ومائة. وقد وصف الذهبي (ميزان الاعتدال 3/191) المغيرة بأنه الرافضي الكذاب. انظر ترجمته في ميزان الاعتدال 3/191 - 192؛ الملل والنحل 1/157 - 158؛ الإسفراييني، ص [0 - 9] 3؛ الفرق بين الفرق، 146 - 148؛ المقالات 1/68 - 73، 75 - 76.
(2) أ، ب: أن تذكروا.
(3) الأعمش هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي في ميزان الاعتدال 1/423: أحد الأئمة الثقات، عداده في صغار التابعين، ما نقموا عليه إلا التدليس. يحسن الظن بمن يحدثه ويروي عنه، ولا يمكننا بأن نقطع عليه بأنه علم ضعف ذلك الذي يدلسه فإن هذا حرام. ونقل ابن حجر (تهذيب التهذيب 4/223) ؛ عن العجلي أن الأعمش كان فيه تشيع، وقد توفي سنة 148. انظر ترجمته في: شذرات الذهب 1/220 - 223؛ تهذيب التهذيب 4/222 - 226؛ روضات الجنات 319 - 320.
(4) ب: قد رواها؛ أ: قد رواه.
(5) أبو عبد الله: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) عبد الله بن محمد بن محمد بن حمدان أبو عبد الله العكبري المعروف بابن بطة، توفي سنة 387. ذكر ابن أبي يعلى من مصنفاته " الإبانة الكبرى " و " الإبانة الصغرى ". انظر ترجمته في طبقات الحنابلة 2/144 - 153؛ شذرات الذهب 3/122 - 124.
(7) هو الربيع بن سليمان بن عبد الجبار المرادي المصري صاحب الشافعي وراوي " الأم ". روى له الترمذي ووثقه ابن يونس، توفي سنة 270. الخلاصة للخزرجي، ص [0 - 9] 8؛ ابن خلكان 2 (52 - 53) .
(8) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) ومكانه في (أ) : وروى أبو القاسم الطبري كلام؛ (ب) : وروى أبو القاسم الطبري كان
******************
أشهد بالزور من الرافضة، ورواه أيضا من طريق حرملة، وزاد في ذلك: ما رأيت أشهد على الله بالزور من الرافضة، وهذا المعنى، وإن كان صحيحا، فاللفظ الأول هو الثابت عن الشافعي، ولهذا ذكر الشافعي ما ذكره أبو حنيفة، وأصحابه أنه يرد (1) شهادة من عرف بالكذب كالخطابية (2) ورد شهادة من عرف بالكذب متفق عليه بين الفقهاء، وتنازعوا في شهادة سائر أهل الأهواء هل تقبل مطلقا؟ أو ترد مطلقا؟ أو ترد شهادة الداعية إلى البدع؟ وهذا القول الثالث هو الغالب على أهل الحديث لا يرون الرواية عن الداعية إلى البدع، ولا شهادته، ولهذا لم يكن في كتبهم الأمهات كالصحاح، والسنن، والمسانيد (3) الرواية عن المشهورين بالدعاء إلى البدع، وإن كان فيها الرواية عمن فيه نوع من


(1) أ، ب: رد.
(2) الخطابية من غلاة الشيعة أتباع أبي الخطاب محمد بن أبي زينب مقلاص الأسدي الكوفي الأجدع المقتول سنة 143. قال النوبختي (فرق الشيعة، ص [0 - 9] 7 - 38) : " كان أبو الخطاب يدعي أن. أبا عبد الله جعفر بن محمد (الصادق) - عليهما السلام - جعله قيمه ووصيه من بعده، وعلمه اسم الله الأعظم، ثم تراقى إلى أن ادعى النبوة، ثم ادعى الرسالة، ثم ادعى أنه من الملائكة وأنه رسول الله إلى أهل الأرض والحجة عليهم ". وذكر الأشعري أن الخطابية خمس فرق. انظر: مقالات الإسلاميين 1 - 81؛ الملل والنحل 1/380 - 385، الفرق بين الفرق ص [0 - 9] 50 - 155؛ التبصير في الدين ص [0 - 9] 3 - 74؛ أصول الدين، ص [0 - 9] 98، 331؛ الفصل لابن حزم 4/187، الخطط للمقريزي 2/352؛ التنبيه للملطي، ص [0 - 9] 54، فرق الشيعة، ص [0 - 9] 3 - 64؛ البدء والتاريخ 5/131؛ الرجال للكشي (ط. الأعلمي، النجف) ، ص [0 - 9] 46 - 260. .
(3) أ، ب: والمساند.
**************************
بدعة كالخوارج (1) ، والشيعة، والمرجئة (2) ، والقدرية، وذلك. لأنهم (3) لم يدعوا الرواية عن هؤلاء للفسق كما يظنه بعضهم، ولكن من أظهر بدعته. وجب الإنكار عليه بخلاف من أخفاها، وكتمها، وإذا وجب الإنكار عليه كان من ذلك أن يهجر حتى ينتهي عن إظهار بدعته، ومن هجره أن لا يؤخذ عنه العلم، ولا يستشهد.وكذلك تنازع الفقهاء في الصلاة خلف أهل الأهواء، والفجور منهم من أطلق (4 الإذن، ومنهم من أطلق 4) (4) المنع، والتحقيق أن الصلاة خلفهم لا ينهى عنها لبطلان صلاتهم في نفسها لكن لأنهم إذا أظهروا المنكر استحقوا أن يهجروا، وأن لا يقدموا في الصلاة على المسلمين، ومن هذا الباب ترك عيادتهم، وتشييع جنائزهم كل هذا من باب الهجر المشروع في إنكار المنكر للنهي عنه (5) .وإذا عرف أن هذا هو من باب العقوبات الشرعية علم أنه يختلف


(1) ن، م: الخوارج.
(2) المرجئة هم الذين كانوا يؤخرون العمل عن الإيمان، بمعنى أنهم كانوا يجعلون مدار الإيمان على المعرفة بالله والمحبة له والإقرار بوحدانيته، ولا يجعلون هذا الإيمان متوقفا على العمل. وأكثر المرجئة يرون أن الإيمان لا يتبعض ولا يزيد ولا ينقص، وبعضهم يقول إن أهل القبلة لن يدخلوا النار مهما ارتكبوا من المعاصي. انظر المقالات 1/197 - 215؛ الملل والنحل 1/125 - 130؛ الفرق بين الفرق، ص [0 - 9] 22 - 125؛ الفصل لابن حزم 5 - 75؛ التبصير في الدين، ص [0 - 9] 9 - 61؛ الحور العين، ص [0 - 9] 03 - 204؛ البدء والتاريخ 5/144 - 146؛ الخطط للمقريزي 2/349 - 350؛ كشاف اصطلاحات الفنون (ط. بيروت) 2/252 - 256.
(3) ن، م: أنهم.
(4) (4 - 4) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(5) ن، م: المنهي عنه.
*************************
باختلاف الأحوال من قلة البدعة، وكثرتها، وظهور السنة، وخفائها، وأن المشروع (1) قد يكون (2) هو التأليف تارة، والهجران أخرى، كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتألف أقواما من المشركين ممن هو (3) حديث عهد بالإسلام (4) ، [ومن يخاف عليه الفتنة] (5) ، فيعطي المؤلفة قلوبهم ما لا يعطي غيرهم.قال في الحديث الصحيح: ( «إني أعطي رجالا، وأدع رجالا (6) ، والذي أدع أحب إلي من الذي (7) أعطي. أعطي رجالا لما جعل الله. (8) في قلوبهم من الهلع، والجزع، وأدع رجالا لما [جعل الله.] (9) في قلوبهم من الغنى، والخير، منهم عمرو بن تغلب.» ) (10)وقال: ( «إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يكبه الله على


(1) أ: الشروع، وهو تحريف.
(2) قد يكون: ساقطة من (ب) فقط.
(3) ب (فقط) : ومن هو.
(4) ن، م: بإسلام.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(6) وأدع رجالا: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7) ن، م: من الذين.
(8) جعل الله: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(9) جعل الله: ساقطة من (ن) ، (م) .
(10) ن، م: عمرو بن تعلب؛ أ، ب: عمرو بن ثعلبة. والصواب ما أثبته. انظر: الإصابة 2/519. والحديث - مع اختلاف يسير في الألفاظ - عن عمرو بن تغلب - رضي الله عنه - في: البخاري 2/10 - 11 (كتاب الجمعة، باب من قال في الخطبة بعد الثناء: أما بعد) ، 9/156 (كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: إن الإنسان خلق هلوعا.) ؛ المسند (ط. الحلبي) 5/69.
*************************
وجهه في النار.» ) (1) ، [أو كما قال] (2) . وكان يهجر بعض المؤمنين، (3) كما هجر الثلاثة الذين خلفوا في (4) غزوة تبوك (5) ؛ لأن المقصود دعوة الخلق إلى طاعة الله بأقوم طريق، فيستعمل الرغبة حيث تكون أصلح، والرهبة حيث تكون أصلح.ومن عرف هذا تبين له أن من رد الشهادة والرواية مطلقا من أهل البدع المتأولين، فقوله ضعيف، فإن السلف قد دخلوا بالتأويل في أنواع عظيمة.ومن جعل المظهرين للبدعة أئمة في العلم، والشهادة لا ينكر عليهم بهجر، ولا ردع، فقوله ضعيف أيضا، وكذلك من صلى خلف المظهر للبدع، والفجور من غير إنكار عليه، ولا استبدال به من هو خير منه مع القدرة على ذلك، فقوله ضعيف، وهذا يستلزم إقرار المنكر الذي يبغضه الله، ورسوله مع القدرة على إنكاره، وهذا لا يجوز، ومن أوجب الإعادة على [كل] (6)


(1) أ: أن يكبه في النار؛ ب: أن يكبه الله في النار على وجهه. والحديث عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - في: البخاري 1/10 (كتاب الإيمان، باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة.) وأوله: عن سعد - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطى رهطا وسعد جالس. الحديث وفيه: ثم قال: " يا سعد إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يكبه الله في النار ". وهو في: مسلم 1/132 - 133 (كتاب الإيمان، باب تألف قلب من يخاف على إيمانه لضعفه.) .
(2) أو كما قال: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) ن، م: وهجر بعض المؤمنين.
(4) ب (فقط) : تخلفوا عن.
(5) قصة الثلاثة الذي خلفوا في غزوة تبوك وهجر النبي - صلى الله عليه وسلم - جاءت في أكثر من كتاب من الصحاح وهي في: البخاري 6/70 (كتاب التفسير، سورة براءة، وعلى الثلاثة الذين خلفوا) .
(6) كل: زيادة في (أ) ، (ب) .
**********************
من صلى خلف كل (1) ذي، فجور، وبدعة، فقوله ضعيف، فإن السلف، والأئمة (2) من الصحابة، والتابعين صلوا خلف هؤلاء، وهؤلاء لما كانوا ولاة عليهم، ولهذا كان من أصول أهل السنة أن الصلوات التي يقيمها ولاة الأمور تصلى خلفهم على أي حال كانوا، كما يحج معهم، ويغزى معهم، وهذه المسائل (3) مبسوطة في غير هذا الموضع.والمقصود هنا أن العلماء كلهم متفقون على أن الكذب في الرافضة أظهر منه في سائر طوائف أهل القبلة، ومن تأمل كتب الجرح، والتعديل المصنفة في أسماء الرواة، والنقلة، وأحوالهم - مثل كتب يحيى بن سعيد القطان، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين، والبخاري، وأبي زرعة، وأبي حاتم الرازي، والنسائي، وأبي حاتم بن حبان، وأبي أحمد بن عدي. والدارقطني، وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني السعدي، ويعقوب بن سفيان الفسوي (4) ، وأحمد بن عبد الله بن صالح العجلي، والعقيلي، ومحمد بن عبد الله بن عمار الموصلي، والحاكم النيسابوري، والحافظ عبد الغني بن سعيد المصري، وأمثال هؤلاء الذين هم جهابذة، ونقاد، وأهل معرفة بأحوال الإسناد - رأى المعروف عندهم بالكذب في الشيعة (5) أكثر منهم في جميع الطوائف حتى أن أصحاب الصحيح كالبخاري


(1) كل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: فإن السلف من الأئمة.
(3) أ، ب: الأمور.
(4) الفسوي: ساقطة من (م) .
(5) أ، ب: الكذب في الشيعة.
*************************
لم يرو عن أحد من قدماء الشيعة مثل عاصم بن ضمرة (1) ، والحارث الأعور (2) ، وعبد الله بن سلمة (3) ، وأمثالهم مع أن هؤلاء [من] (4) خيار الشيعة، (5 وإنما يروي أصحاب الصحيح حديث علي عن أهل بيته 5) (5) كالحسن، والحسين (6) ، ومحمد ابن الحنفية، وكاتبه [عبيد الله] (7) بن أبي رافع، أو عن (8) أصحاب عبد الله (9) بن مسعود: كعبيدة السلماني، والحارث بن قيس، أو عمن يشبه هؤلاء، وهؤلاء أئمة النقل، ونقاده من أبعد الناس عن الهوى، وأخبرهم بالناس، وأقولهم بالحق (10) لا يخافون في الله لومة لائم.والبدع متنوعة (11) ، فالخوارج مع أنهم مارقون يمرقون من الإسلام كما.


(1) ن: عاصم بن صحره، وهو خطأ. وهو عاصم بن ضمرة السلولي الكوفي من أصحاب علي، وثقه ابن المديني وابن معين، وتكلم فيه ابن عدي وابن حبان، توفي سنة 174. انظر الخلاصة للخزرجي ص 154؛ ميزان الاعتدال 1/3.
(2) وهو الحارث بن عبد الله الهمداني الأعور. قال الذهبي (ميزان الاعتدال 2/202) : من كبار علماء التابعين على ضعف فيه، وذكر أن البخاري أخرج له حديثا في كتاب " الضعفاء ". وقال الخزرجي (الخلاصة، ص [0 - 9] 8) : أحد كبار الشيعة. وقال الشعبي وابن المديني: كذاب. قال ابن معين في رواية والنسائي: ليس به بأس. توفي سنة 165.
(3) عبد الله بن سلمة (بكسر اللام) الهمداني المرادي الكوفي صاحب علي. قال البخاري: لا يتابع في حديثه، ووثقه العجلي. انظر ميزان الاعتدال 2/42؛ الخلاصة للخزرجي ص [0 - 9] 69.
(4) من: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) (5 - 5) : بدلا من هذه العبارات جاء في (أ) ، (ب) : وإنما يروون عن أهل البيت.
(6) ن، م: بيته كالحسين.
(7) عبيد الله: زيادة في (أ) ، (ب) .
(8) ن، م: وعن.
(9) عبد الله: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(10) ن: وأقوالهم وأحوالهم.
(11) ن، م: مبتدعة.
************************
يمرق السهم من الرمية، وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتالهم، واتفق الصحابة، وعلماء المسلمين على قتالهم، وصح فيهم الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من عشرة أوجه رواها مسلم. [في صحيحه] (1) روى البخاري ثلاثة منها (2) ليسوا ممن يتعمد الكذب، بل هم معروفون بالصدق حتى يقال: إن حديثهم من أصح الحديث لكنهم جهلوا، وضلوا في بدعتهم، ولم تكن بدعتهم عن زندقة، وإلحاد، بل عن جهل، وضلال في معرفة معاني الكتاب.وأما الرافضة، فأصل بدعتهم عن زندقة، وإلحاد، وتعمد الكذب كثير فيهم (3) ، وهم يقرون بذلك حيث يقولون: ديننا التقية، وهو أن يقول أحدهم بلسانه خلاف ما في قلبه، وهذا هو الكذب والنفاق، ويدعون مع هذا أنهم هم المؤمنون دون غيرهم من أهل الملة، ويصفون السابقين الأولين بالردة، والنفاق، فهم في ذلك، كما قيل: رمتني بدائها، وانسلت


(1) في صحيحه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) أ، ب: منها ثلاثة. وقد خصص مسلم - رحمه الله - باب 47 وهو باب ذكر الخوارج وصفاتهم من كتاب الزكاة أورد فيه الأحاديث من أرقام: 142 - 153 في ج [0 - 9] ص [0 - 9] 40 - 746 ثم جعل بابا آخر في نفس الكتاب بعنوان: باب التحريض على الخوارج (ص [0 - 9] 46 - 749) فيه الأحاديث من رقم 154 إلى رقم 157، ثم أفرد بابا ثالثا بعده بعنوان: باب الخوارج شر الخلق والخليقة فيه الأحاديث 158، 159، 160. وأما البخاري - رحمه الله - فذكر حديثا عن الخوارج 4/137 (كتاب الأنبياء، باب قول الله - عز وجل -: وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية) وذكر بعد ذلك حديثين 4/200 - 201 (كتاب المناقب، باب علامات النبوة) .
(3) أ، ب: فيهم كثير.




ابوالوليد المسلم 08-12-2020 01:27 PM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://i.imgur.com/xOziErR.gif
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (11)
صـ 69 إلى صـ 75

إذ ليس في المظهرين (1) للإسلام أقرب إلى النفاق والردة منهم، ولا يوجد المرتدون، والمنافقون في طائفة أكثر مما يوجد فيهم، واعتبر ذلك بالغالية من النصيرية، وغيرهم، وبالملاحدة الإسماعيلية، وأمثالهم.وعمدتهم في الشرعيات ما نقل لهم عن بعض أهل البيت، وذلك النقل منه ما هو صدق، ومنه ما هو كذب عمدا، أو خطأ، وليسوا أهل معرفة بصحيح المنقول وضعيفه كأهل المعرفة بالحديث، ثم إذا صح [النقل] (2) عن بعض (3) هؤلاء، فإنهم بنوا وجوب قبول قول الواحد من هؤلاء على ثلاثة أصول: على أن الواحد من هؤلاء معصوم مثل عصمة الرسول، وعلى أن ما يقوله أحدهم، فإنما يقول نقلا عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأنهم قد علم منهم أنهم قالوا: مهما قلنا، فإنما نقوله نقلا عن الرسول، ويدعون العصمة في أهل (4) النقل، والثالث (5) : أن إجماع العترة حجة، ثم يدعون أن العترة هم الاثنا عشر، ويدعون أن ما نقل عن أحدهم، فقد أجمعوا [كلهم] (6) عليه.فهذه أصول الشرعيات عندهم، وهي أصول فاسدة، كما سنبين ذلك في موضعه لا يعتمدون على القرآن، ولا على الحديث، ولا على إجماع إلا لكون المعصوم منهم، ولا على القياس، وإن كان، واضحا جليا (7) .
(1) أ، ب: المظاهرين.
(2) النقل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) بعض: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) أ، ب: هذا.
(5) ن، م: الثالث.
(6) كلهم: زيادة في (أ) ، (ب) .
(7) أ، ب: جليا واضحا.
**************************
[اعتماد متأخري الإمامية على المعتزلة في المعقولات]
وأما
عمدتهم في النظر، والعقليات، فقد اعتمد متأخروهم على كتب المعتزلة، ووافقوهم في مسائل الصفات، والقدر، والمعتزلة في الجملة (1) أعقل، وأصدق، وليس في المعتزلة من يطعن في خلافة أبي بكر، وعمر، وعثمان [رضوان الله تعالى عليهم أجمعين] (2) ، بل هم متفقون على تثبيت خلافة الثلاثة.وأما التفضيل، فأئمتهم، وجمهورهم كانوا يفضلون أبا بكر، وعمر [رضي الله عنهما] (3) ، وفي متأخريهم من توقف في التفصيل، وبعضهم فضل عليا، فصار بينهم وبين الزيدية نسب واشج (4) من جهة المشاركة في التوحيد، والعدل، والإمامة، والتفضيل، وكان قدماء المعتزلة، [وأئمتهم] (5) كعمرو بن عبيد (6) ، وواصل بن عطاء، (7) وغيرهم متوقفين. (8) في عدالة


(1) ما بين النجمتين ساقط من (أ) وسقط من (ب) إلا كلمة والمعتزلة.
(2) ما بين المعقوفتين زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) رضي الله عنهما: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) أ، ب: راجح.
(5) وأئمتهم: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) عمرو بن عبيد بن باب أبو عثمان من أئمة المعتزلة، توفي سنة 144، انظر ترجمته في: المنية والأمل لابن المرتضى، ص [0 - 9] 2 - 24؛ ابن خلكان 3/130 - 133؛ شذرات الذهب 1/210 - 211؛ تاريخ بغداد 12/166 - 188؛ ميزان الاعتدال 3/273 - 280؛ مروج الذهب للمسعودي 3/313 - 314؛ سزكين 2/361 - 362؛ الأعلام 5/252. وإليه تنسب فرقة العمروية من فرق المعتزلة، انظر عنها: الفرق بين الفرق، ص [0 - 9] 2 - 73؛ الإسفراييني، ص [0 - 9] 2.
(7) واصل بن عطاء الغزال، كان من تلاميذ الحسن البصري ثم اعتزله فقيل إن أتباعه سموا المعتزلة لذلك، فهو رأس المعتزلة، توفي سنة 131. ترجمته في شذرات الذهب 1/182 - 183. وتسمى فرقته بالواصلية، انظر عنها: الملل والنحل 1
- 53؛ الإسفراييني، ص [0 - 9] 0 - 42؛ الفرق بين الفرق، ص [0 - 9] 0 - 72.
(8) ن: متوقفون؛ م: متفقون.
**********************
علي، فيقولون - أو من يقول منهم -: قد فسقت إحدى الطائفتين - إما علي، وإما طلحة، والزبير - لا يعينها (1) ، فإن شهد هذا، وهذا لم تقبل شهادتهما لفسق أحدهما لا يعينه (2) ، وإن شهد علي مع شخص آخر عدل، ففي قبول شهادة علي بينهم نزاع.وكان متكلمو الشيعة كهشام بن الحكم (3) ، وهشام بن الجواليقي (4) ، ويونس بن عبد الرحمن القمي (5) ، وأمثالهم يزيدون في إثبات الصفات على مذهب أهل السنة، فلا يقنعون بما يقوله أهل السنة، والجماعة من


(1) ن: بعينهما؛ أ، ب: لا بعينها.
(2) ن، أ، ب: لا بعينه.
(3) ب: هشام بن عبد الحكم، وهو خطأ. وهشام بن الحكم البغدادي الكندي مولى ابن شيبان من الشيعة الإمامية الذين غالوا في التجسيم والتشبيه، توفي بعد نكبة البرامكة (187 هـ) بمدة يسيرة، وقيل: بل في خلافة المأمون (198 - 218) . انظر الكلام عنه وعن الهشامية (من فرق الإمامية وتنسب إليه وإلى هشام بن سالم الجواليقي أحيانا ويميز بين فرقة كل منهما أحيانا أخرى) في: المقالات 1/102 - 104؛ الملل والنحل 1/164 - 166؛ الإسفراييني، ص [0 - 9] 3 - 24؛ الفرق بين الفرق، ص [0 - 9] 9، 34، 41، 42، 67، 139؛ ابن النديم: تكملة الفهرست، ص [0 - 9] ، الفهرست، ص [0 - 9] 75 - 176؛ فهرست الطوسي، ص [0 - 9] 74 - 176، أخبار الرجال للكشي، ص [0 - 9] 65 - 181.
(4) هشام بن سالم الجواليقي الجعفي العلاف من الإمامية المشبهة. ترجمته في فهرست الطوسي، ص [0 - 9] 74؛ فهرست ابن النديم، ص [0 - 9] 77؛ أخبار الرجال للكشي، ص [0 - 9] 81 - 184. وتسمى فرقته بالهشامية أو الجواليقية. انظر: المقالات 1/105؛ الفرق بين الفرق ص [0 - 9] 2 - 43؛ الملل والنحل 1/164 - 166.
(5) يونس بن عبد الرحمن القمي، من الإمامية المشبهة أيضا، توفي سنة 208. انظر ترجمته في: فهرست الطوسي، ص [0 - 9] 81 - 182. وإليه تنسب فرقة اليونسية. انظر المقالات 1/106؛ الفرق بين الفرق، ص 43؛ التبصير في الدين، ص [0 - 9] 4؛ الملل والنحل 1/168.
***************************
أن (1) القرآن غير مخلوق، وأن الله يرى في الآخرة، وغير ذلك من مقالات أهل السنة، [والحديث] (2) حتى يبتدعون في الغلو في الإثبات، والتجسيم، والتبعيض (3) ، والتمثيل ما هو معروف من مقالاتهم [التي ذكرها الناس] (4) .ولكن في أواخر المائة الثالثة دخل من دخل من الشيعة في أقوال المعتزلة كابن النوبختي صاحب كتاب (الآراء والديانات.) (5) ، وأمثاله، وجاء بعد (6) هؤلاء المفيد بن النعمان، وأتباعه.ولهذا تجد (7) . المصنفين في المقالات - كالأشعري - لا يذكرون عن أحد من الشيعة أنه. وافق المعتزلة في توحيدهم، وعدلهم إلا عن بعض متأخريهم، وإنما يذكرون عن بعض (8) قدمائهم التجسيم، وإثبات القدر، وغيره، وأول من عرف عنه في الإسلام أنه قال (9) : إن الله جسم،


(1) أ: أهل السنة بما يقوله أهل السنة والجماعة فلا يمنعون من القرآن؛ ب: أهل السنة بما يقوله أهل السنة والجماعة فلا يمنعون من القول بأن القرآن.
(2) والحديث: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: والتنقيص؛ م: والتقيص.
(4) التي ذكرها الناس: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) ابن النوبختي هو أبو محمد الحسن بن موسى النوبختي، المتوفى سنة 300. انظر ترجمته في مقدمة كتاب " فرق الشيعة " تحقيق ريتر. وقد ذكر ابن النديم (الفهرست، ص [0 - 9] 77) أن ابن النوبختي ألف كتاب " الآراء والديانات " ولم يتمه. وانظر مقدمة " فرق الشيعة " (ص يز) ؛ سزكين م [0 - 9] ، 3/289 - 290.
(6) ن، م: وأمثاله وبعد. .
(7) ب: نجد.
(8) بعض: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(9) ن، م: عنه أنه قال في الإسلام.
**************************
[هو] (1) هشام بن الحكم (* بل قال: الجاحظ في كتابه " الحجج في النبوة " (2) ليس على ظهرها رافضي إلا وهو يزعم أن ربه مثله، وأن البدوات تعرض له، وأنه لا يعلم الشيء قبل كونه إلا بعلم يخلقه لنفسه *) (3) ، وقد كان (4) ابن الراوندي، وأمثاله من المعروفين بالزندقة، [والإلحاد] (5) صنفوا (6) لهم كتبا أيضا على أصولهم.
[فصل مقدمة كتاب ابن المطهر]
[الإمامة هي أهم المطالب في أحكام الدين وأشرف مسائل المسلمين](فصل)قال. المصنف [الرافضي] (7) :أما بعد (8) ، فهذه رسالة شريفة، ومقالة لطيفة، اشتملت على.


(1) هو زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) ن: بصحيح النبوة؛ م: تصحيح النبوة. وأرجو أن يكون الصواب ما أثبته. وقد ذكره ياقوت في معجم الأدباء 6/77، كما ذكر له (6) كتاب " النبي والمتنبئ ". وقد نشرت قطعة من كتاب " حجج النبوة " في: رسائل الجاحظ، جمعها ونشرها حسن السندوبي (ص [0 - 9] 17 - 154) القاهرة، 1352 1933، وذكر بروكلمان الكتاب وأسماه حجة (أو حجج) النبوة، وذكر أن منه نسخة مخطوطة في المتحف البريطاني بلندن، وأنه نشر عدة مرات. انظر: تاريخ الأدب العربي لبروكلمان، ترجمة الدكتور عبد الحليم النجار 3/112، ط. المعارف، القاهرة، 1962. .
(3) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(4) ن، م: وكان.
(5) والإلحاد: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) ن، م: صنف.
(7) الرافضي: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) أما بعد: ساقطة من (م) .
****************************
أهم المطالب في أحكام الدين، وأشرف مسائل المسلمين، وهي مسألة الإمامة التي يحصل بسبب إدراكها نيل درجة الكرامة، وهي أحد أركان الإيمان المستحق بسببه الخلود في الجنان، والتخلص من غضب الرحمن، [فقد قال] رسول الله. (1) - صلى الله عليه وسلم -: «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» .خدمت بها خزانة السلطان الأعظم مالك رقاب الأمم ملك ملوك طوائف العرب، والعجم مولى النعم، ومسدي (2) الخير، والكرم شاهنشاه المكرم (3) ، غياث الملة والحق. والدين الجايتو خدابنده (4) قد لخصت فيه خلاصة الدلائل، وأشرت إلى رءوس المسائل (5) ، وسميتها (منهاج الكرامة في معرفة الإمامة.) (6) .ورتبتها على فصول: الفصل الأول: في نقل المذاهب في هذه المسألة.) .ثم ذكر الفصل الثاني: (في أن مذهب الإمامية. واجب.


(1) ك (منهاج الكرامة) : وقد قال رسول الله؛ ن، م: قال رسول.
(2) ك: مسند.
(3) ك: المعظم.
(4) الجايتوخدابنده: كذا في (ك) وهو الصواب. وفي (ب) : أولجايوخدابنده، وفي (ن) : أولحانوحدابندا؛ (م) : ولحاهبوحذابندا. وفي (ك؛ توجد هذه الزيادة. الجايتوخدابندة محمد خلد الله سلطانه وثبت قواعد ملكه وشيد أركانه، وأمد بعنايته وألطافه، وأيده بجميل إسعافه، وقرن دولته بالدوام إلى يوم القيامة.
(5) توجد بعد ذلك هذه الزيادة في (ك) : من غير تطويل ممل، ولا إيجاز مخل.
(6) توجد بعد ذلك هذه الزيادة في (ك) : والله الموفق للصواب، وإليه المرجع والمآب.
*****************************
الاتباع.) ، ثم ذكر الفصل الثالث: (في الأدلة على إمامة علي [رضي الله عنه] (1) بعد رسول الله. [- صلى الله عليه وسلم -] (2) .) ، ثم ذكر الفصل الرابع: (في الاثني عشر.) ، ثم ذكر الفصل الخامس: (في إبطال خلافة أبي بكر، وعمر، وعثمان.) .
[إبطال كلام ابن المطهر من وجوه]

[الوجه الأول الإيمان بالله ورسوله أهم من مسألة الإمامة]
فيقال: الكلام على هذا من وجوه:أحدها: أن يقال. أولا: إن قول القائل: (إن مسألة الإمامة أهم المطالب في أحكام الدين، وأشرف مسائل المسلمين.) كذب (3) بإجماع المسلمين سنيهم، وشيعيهم، بل هذا (4) كفر.فإن الإيمان بالله، ورسوله أهم من مسألة الإمامة، وهذا معلوم بالاضطرار من دين الإسلام، فالكافر لا يصير مؤمنا (5) حتى يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله (6) ، وهذا هو الذي قاتل عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - الكفار أولا (7) ، كما استفاض عنه في الصحاح، وغيرها أنه قال: ( «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله.) ، وفي رواية (8) : ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك، فقد عصموا مني


(1) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: بعد الرسول.
(3) ب: كاذب.
(4) أ، ب: هو.
(5) ن، م: مسلما.
(6) وأن محمدا رسول الله: ساقطة من (م) .
(7) أولا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) عبارة " وفي رواية ": ساقطة من (أ) ، (ب) .




ابوالوليد المسلم 08-12-2020 01:28 PM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://i.imgur.com/xOziErR.gif
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (12)
صـ 76 إلى صـ 82

دماءهم، وأموالهم إلا بحقها» .) (1) .وقد قال تعالى: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم} [سورة التوبة: 5] ، (2 فأمر بتخلية سبيلهم إذا تابوا من الشرك، وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة 2) (2) (3 [وكذلك قال. لعلي لما بعثه إلى خيبر] 3) (3) .وكذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسير في الكفار، فيحقن دماءهم بالتوبة من الكفر لا يذكر لهم الإمامة بحال، وقد قال تعالى بعد هذا: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين} [سورة التوبة: 11] ، فجعلهم إخوانا في الدين بالتوبة (4 وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، ولم يذكر الإمامة بحال.ومن المتواتر 4) (4) أن (5) الكفار على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا إذا أسلموا أجرى عليهم أحكام الإسلام، ولم يذكر لهم الإمامة
(1) الحديث عن عدد من الصحابة بروايات مختلفة في: البخاري 1/10 (كتاب الإيمان، باب فإن تابوا وأقاموا الصلاة. إلخ) ، 9/15 (كتاب استتابة المرتدين والمعاندين، باب قتل من أبى قبول الفرائض) ؛ مسلم 1/52 - 53 (كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس. إلخ) وقال السيوطي في " الجامع الصغير ": متفق عليه، رواه الأربعة عن أبي هريرة، وهو متواتر ".
(2) (2 - 2) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(3) (3 - 3) : ساقط من (ن) ، (م) .
(4) (4 - 4) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(5) أ، ب: فإن.
**************************
بحال (1) ، ولا نقل هذا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (2) أحد من أهل العلم لا نقلا خاصا (3) ، ولا عاما، بل نحن نعلم بالاضطرار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يكن (4) يذكر للناس إذا أرادوا الدخول في دينه الإمامة لا مطلقا، ولا معينا، فكيف تكون أهم المطالب في أحكام الدين؟ .ومما يبين ذلك أن الإمامة - بتقدير الاحتياج إلى معرفتها - لا يحتاج إليها من مات على عهد النبي. (5) - صلى الله عليه وسلم - من الصحابة، ولا يحتاج إلى التزام حكمها من عاش منهم إلى (6) بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكيف يكون أشرف مسائل المسلمين، وأهم المطالب في الدين لا يحتاج إليه أحد على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ أوليس الذين آمنوا بالنبي. [- صلى الله عليه وسلم -] (7) في حياته، واتبعوه باطنا، وظاهرا، ولم يرتدوا، ولم يبدلوا هم أفضل الخلق باتفاق المسلمين: أهل السنة، والشيعة؟ فكيف يكون أفضل المسلمين لا يحتاج إلى أهم المطالب في الدين، وأشرف مسائل المسلمين؟ .[قول الرافضة إن الإمامة هي الأهم والرد على ذلك]فإن قيل: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان هو الإمام في حياته، وإنما يحتاج إلى الإمام بعد مماته، فلم تكن هذه المسألة أهم مسائل الدين


(1) بحال: ساقطة من (م) .
(2) أ، ب: عن الرسول.
(3) ن، م: لا خاصا.
(4) أ، ب: بالاضطرار أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن.
(5) أ، ب: رسول الله.
(6) أ، ب: إلا.
(7) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) .
**********************************
في حياته، وإنما صارت (1) أهم مسائل الدين بعد موته.قيل: الجواب عن هذا من. وجوه:أحدها: أنه بتقدير صحة ذلك لا يجوز أن يقال: إنها أهم مسائل الدين مطلقا، بل في وقت دون وقت، وهي في خير الأوقات ليست أهم المطالب في أحكام الدين، ولا أشرف مسائل المسلمين.الثاني: أن يقال: الإيمان بالله، ورسوله في كل زمان، ومكان أعظم من مسألة الإمامة، فلم تكن في. وقت من الأوقات لا الأهم، ولا الأشرف.الثالث: أن يقال: قد كان يجب بيانها من النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمته الباقين [من] (2) بعده، كما بين لهم أمور الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، [وعين] أمر (3) الإيمان بالله (4) ، وتوحيده، واليوم الآخر، ومن المعلوم أنه ليس بيان مسألة الإمامة في الكتاب والسنة كبيان (5) هذه الأصول.فإن قيل: بل الإمامة في كل زمان هي الأهم، والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان نبيا إماما، وهذا كان معلوما لمن آمن به أنه [كان] (6) إمام ذلك الزمان.قيل: الاعتذار بهذا باطل من.وجوه:


(1) ن، م: كانت.
(2) من: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) ن، م: وأمر.
(4) ن، م: بأسماء الله.
(5) أ، ب: ببيان.
(6) كان: زيادة في (أ) ، (ب) .
****************************
أحدها: أن قول القائل: الإمامة أهم المطالب في أحكام الدين: إما أن يريد به إمامة الاثني عشر، أو إمام كل زمان بعينه في زمانه بحيث يكون الأهم في زماننا الإيمان بإمامة محمد المنتظر، والأهم في زمان الخلفاء الأربعة الإيمان بإمامة علي عندهم، والأهم في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - الإيمان بإمامته، وإما أن يراد (1) به الإيمان بأحكام الإمامة مطلقا غير معين، وإما أن يراد (2) به معنى رابعا.أما الأول: فقد علم بالاضطرار أن هذا لم يكن معلوما شائعا بين الصحابة، ولا التابعين، بل الشيعة تقول: إن كل واحد إنما يعين بنص من قبله، فبطل أن يكون هذا أهم أمور الدين.وأما الثاني: فعلى هذا التقدير يكون أهم المطالب في كل زمان الإيمان بإمام ذلك الزمان، ويكون الإيمان من سنة ستين ومائتين (3) إلى هذا التاريخ إنما هو الإيمان بإمامة محمد بن الحسن، ويكون هذا أعظم من الإيمان بأنه لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ومن الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت، ومن الإيمان بالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج (4) ، وسائر الواجبات، وهذا مع أنه معلوم فساده بالاضطرار من دين


(1) أ: تريد؛ ب: يريد.
(2) أ: تريد؛ ب: يريد.
(3) ن، م: خمس ومائتين، وهو خطأ. وسنة ستين ومائتين هي سنة وفاة أبي محمد الحسن بن علي الإمام الحادي عشر، وهي بالتالي السنة التي بدأت فيها إمامة ابنه محمد بن الحسن المهدي المنتظر عند الإمامية (شذرات الذهب 2/141) .
(4) ن، م: والحج والصيام.
**********************
المسلمين (1) ، فليس هو مذهب (2) الإمامية، فإن اهتمامهم بعلي، وإمامته أعظم من اهتمامهم بإمامة المنتظر، كما ذكره (3) هذا المصنف، وأمثاله من شيوخ الشيعة.وأيضا: فإن كان هذا هو أهم المطالب في الدين، فالإمامية أخسر الناس صفقة في الدين؛ لأنهم جعلوا الإمام المعصوم هو الإمام المعدوم الذي لم ينفعهم في دين، ولا دنيا، فلم يستفيدوا من أهم الأمور الدينية شيئا من منافع الدين، ولا الدنيا.فإن قالوا: إن المراد [أن] (4) الإيمان بحكم الإمامة مطلقا هو أهم أمور الدين كان هذا أيضا باطلا للعلم الضروري أن غيرها من أمور الدين أهم منها.وإن أريد معنى رابع، فلا بد من بيانه لنتكلم (5) عليه.الوجه الثاني: أن يقال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم تجب طاعته على الناس لكونه إماما، بل لكونه رسول الله إلى الناس، وهذا المعنى ثابت له حيا، وميتا، فوجوب طاعته على من بعده (6) كوجوب طاعته على أهل زمانه، وأهل زمانه فيهم الشاهد الذي يسمع أمره، ونهيه، وفيهم الغائب الذي بلغه الشاهد أمره، ونهيه، فكما يجب على الغائب عنه في حياته طاعة


(1) أ، ب: الإسلام.
(2) أ، ب: قول.
(3) ن، م: كما ذكره.
(4) أن: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: ليتكلم.
(6) أ، ب: على من بعد موته.
*****************************
أمره ونهيه، يجب ذلك على من يكون بعد موته.وهو - صلى الله عليه وسلم - أمره شامل عام لكل مؤمن شهده، أو غاب عنه في حياته، وبعد موته، وليس هذا (1) لأحد من الأئمة، ولا يستفاد هذا بالإمامة حتى أنه - صلى الله عليه وسلم - إذا أمر ناسا معينين بأمور، وحكم في أعيان معينة بأحكام لم يكن حكمه، وأمره مختصا بتلك المعينات، بل كان ثابتا في نظائرها وأمثالها إلى يوم القيامة، فقوله -[صلى الله عليه وسلم -] (2) لمن شهده: ( «لا تسبقوني بالركوع، ولا بالسجود» (3) .) هو حكم ثابت لكل مأموم بإمام أن لا يسبقه بالركوع، ولا بالسجود، وقوله لمن قال: «لم أشعر، فحلقت قبل أن أرمي قال: (ارم ولا حرج.) » ، ولمن قال: «نحرت قبل أن أحلق. قال: (احلق ولا حرج.) » أمر لمن كان مثله (4) ، وكذلك قوله لعائشة [رضي الله عنها] (5) لما حاضت، وهي معتمرة: ( «اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا


(1) أ، ب: وهذا ليس.
(2) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) جاء النهي عن السبق بالركوع والسجود في أحاديث كثيرة عن عدد من الصحابة في: مسلم 1/320 (كتاب الصلاة، باب تحريم سبق الإمام بركوع أو سجود ونحوهما) ؛ سنن ابن ماجه 1/308 - 309 (كتاب إقامة الصلاة، باب النهي أن يسبق الإمام بالركوع والسجود) ؛ سنن الدارمي 1/301 - 302 (كتاب الصلاة، باب النهي عن مبادرة الأئمة بالركوع والسجود) .
(4) جاءت أحاديث في جواز عدم الترتيب في المناسك عن عدد من الصحابة. انظر: البخاري 2/173 - 175 (كتاب الحج، باب الذبح قبل الحلق، باب إذا رمى بعدما أمسى.) ؛ مسلم 2/948 - 950 (كتاب الحج، باب من حلق قبل النحر.) .
(5) رضي الله عنها: زيادة في (أ) ، (ب) .
********************************
تطوفي بالبيت» (1) ] ، وأمثال هذا كثير بخلاف الإمام إذا أطيع (2) .وخلفاؤه بعده في تنفيذ أمره، ونهيه كخلفائه في حياته، فكل آمر بأمر يجب طاعته [فيه] (3) إنما هو منفذ لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الله أرسله إلى الناس، وفرض عليهم طاعته لا لأجل كونه إماما له شوكة، وأعوان، أو لأجل أن غيره عهد إليه بالإمامة، [أو غير ذلك] (4) ، فطاعته لا تقف على ما تقف عليه طاعة الأئمة من عهد من قبله، أو موافقة ذوي الشوكة (5) ، أو غير ذلك، بل تجب طاعته. [- صلى الله عليه وسلم -] (6) ، وإن لم يكن معه أحد، وإن كذبه جميع الناس.وكانت طاعته واجبة بمكة قبل أن يصير له أنصار، وأعوان (7) يقاتلون معه، فهو (8) كما قال. سبحانه [فيه] (9) : {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين} [سورة آل عمران: 144] (10) بين


(1) الحديث عن عائشة - رضي الله عنها - في: البخاري 2/159 (كتاب الحج، باب تقضي الحائض المناسك.) .
(2) إذا أطيع: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (م) .
(3) فيه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) أو غير ذلك: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) ب: أو موافقته أو الشوكة؛ أو موافقة ذوي الشوكة. 1
(6) صلى الله عليه وسلم " زيادة في (أ) ، (ب) .
(7) أ، ب: أعوان وأنصار.
(8) ن، م: وهو.
(9) فيه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(10) ن، م: أعقابكم، الآية.
*************************


ابوالوليد المسلم 08-12-2020 01:28 PM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://i.imgur.com/xOziErR.gif
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (13)
صـ 76 إلى صـ 82

سبحانه وتعالى أنه ليس بموته، ولا قتله ينتقض حكم رسالته، كما ينتقض حكم الإمامة بموت الأئمة وقتلهم، وأنه ليس من شرطه أن يكون خالدا لا يموت، فإنه ليس هو ربا، وإنما هو رسول الله قد خلت من قبله الرسل، وقد بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وعبد الله حتى أتاه اليقين من ربه، فطاعته واجبة بعد مماته. وجوبها في حياته وأوكد؛ لأن الدين كمل، واستقر بموته، فلم يبق فيه نسخ، ولهذا جمع القرآن بعد موته لكماله، واستقراره بموته.فإذا قال. القائل: إنه كان إماما في حياته، وبعده صار الإمام غيره إن أراد بذلك أنه صار بعده من هو نظيره يطاع، كما يطاع الرسول، فهذا باطل.وإن أراد أنه قام من يخلفه في تنفيذ أمره، ونهيه، فهذا كان حاصلا في حياته، فإنه إذا غاب كان هناك من يخلفه.وإن قيل: إنه بعد موته لا يباشر معينا بالأمر بخلاف حياته.قيل: مباشرته بالأمر ليست شرطا في. وجوب طاعته، بل تجب طاعته على من بلغه أمره، [ونهيه] (1) ، كما تجب طاعته على من سمع كلامه، وقد كان يقول: ( «ليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع» .) (2) .وإن قيل: إنه في حياته كان يقضي في قضايا معينة مثل إعطاء شخص بعينه، وإقامة الحد على شخص بعينه (3) ، وتنفيذ جيش بعينه.
(1) ونهيه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) الحديث عن أبي بكرة - رضي الله عنه - في: البخاري 2/176 - 177 (كتاب الحج، باب الخطبة أيام منى) وهو بمعناه في: البخاري 1/20 (كتاب العلم، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: رب مبلغ أوعى من سامع) .
(3) ن، م: معين.
*****************************
قيل: نعم وطاعته واجبة في نظير ذلك إلى يوم القيامة بخلاف الأئمة لكن قد يخفى الاستدلال [على نظير ذلك] (1) ، كما يخفى العلم على من غاب عنه، فالشاهد أعلم بما قال. وأفهم له من الغائب، وإن كان، فيمن غاب، وبلغ أمره من هو أوعى له من بعض السامعين لكن هذا لتفاضل الناس في معرفة أمره، ونهيه لا [لتفاضلهم.] (2) في وجوب طاعته عليهم، فما تجب طاعة ولي الأمر (3) بعده إلا كما تجب طاعة ولاة الأمور في حياته، فطاعته. واجبة (4) شاملة لجميع العباد شمولا واحدا، وإن تنوعت طرقهم في البلاغ، والسماع، والفهم، فهؤلاء يبلغهم من أمره لم يبلغ هؤلاء، وهؤلاء يسمعون من أمره ما لم يسمعه هؤلاء، وهؤلاء يفهمون من أمره ما لم يفهمه هؤلاء.وكل من أمر بما أمر به الرسول وجبت طاعته طاعة الله، ورسوله لا له، وإذا كان للناس ولي أمر قادر ذو شوكة (5) ، فيأمر بما يأمر (6) ، ويحكم بما يحكم انتظم الأمر بذلك، ولم يجز أن يولى غيره، ولا يمكن بعده أن يكون شخص واحد مثله إنما يوجد من هو أقرب إليه من غيره، فأحق الناس بخلافة نبوته أقربهم إلى الأمر بما يأمر به، والنهي عما نهى عنه، ولا يطاع أمره طاعة ظاهرة غالبة إلا بقدرة، وسلطان يوجب الطاعة، كما لم يطع أمره


(1) على نظير ذلك: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) لتفاضلهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) أ، ب: أمر.
(4) واجبة: زيادة في (ن) فقط.
(5) ن، م: قادر وشوكة.
(6) ن: يأمر بها ويأمر؛ م: يأمر بها بأمر.
****************************
في حياته طاعة [ظاهرة] (1) غالبة حتى صار معه من يقاتل على طاعة أمره.فالدين كله طاعة لله، ورسوله، وطاعة الله، ورسوله هي الدين كله، فمن يطع الرسول، فقد أطاع الله، ودين المسلمين بعد موته طاعة الله ورسوله، وطاعتهم لولي الأمر فيما أمروا بطاعته فيه هو طاعة لله ورسوله، وأمر ولي الأمر الذي أمره الله أن يأمرهم به، وقسمه وحكمه هو طاعة لله، ورسوله، فأعمال الأئمة، والأمة في حياته، ومماته التي يحبها الله، ويرضاها كلها طاعة لله، ورسوله، ولهذا كان أصل الدين شهادة أن لا إله إلا الله، وأن (2) محمدا رسول الله.فإذا قيل: هو كان إماما، وأريد بذلك إمامة خارجة عن الرسالة، أو إمامة يشترط فيها ما لا يشترط في الرسالة، أو إمامة (3) تعتبر فيها طاعته بدون طاعة (4) (* الرسول، فهذا كله باطل، فإن (5) كل ما يطاع به داخل في رسالته، وهو في كل ما يطاع فيه يطاع بأنه رسول الله، ولو قدر أنه كان إماما مجردا لم يطع حتى تكون طاعته *) (6) داخلة في طاعة رسول آخر، فالطاعة إنما تجب لله، ورسوله، ولمن أمرت الرسل بطاعتهم.فإن قيل: أطيع بإمامته طاعة داخلة في رسالته كان هذا عديم التأثير، فإن مجرد رسالته كافية في وجوب طاعته بخلاف الإمام، فإنه إنما يصير


(1) ظاهرة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) أ، ب: وشهادة أن.
(3) ن، م: وإمامة. 11
(4) ن، م: تعتبر طاعتها بدون طاعة.
(5) أ، ن: فإنه.
(6) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
*************************
إماما بأعوان ينفذون أمره، وإلا كان كآحاد أهل العلم والدين إن كان من أهل العلم والدين (1) .فإن قيل: إنه - صلى الله عليه وسلم - لما صار له شوكة بالمدينة صار له مع الرسالة إمامة القدرة (2) .قيل: بل صار رسولا له أعيان، وأنصار ينفذون أمره، ويجاهدون من خالفه، وهو ما دام في الأرض من يؤمن بالله ورسوله، ويجاهد في سبيله (3) له أعوان، وأنصار (4) ينفذون أمره، ويجاهدون من خالفه، فلم يستفد بالأعوان ما يحتاج أن يضمه إلى الرسالة مثل كونه إماما، أو حاكما، أو. ولي أمر إذ كان هذا كله داخلا في رسالته، ولكن بالأعوان حصل له كمال قدره أوجبت عليه من الأمر، والجهاد ما لم يكن واجبا بدون القدرة، والأحكام تختلف باختلاف حال القدرة، والعجز، والعلم، وعدمه، كما تختلف باختلاف الغنى، والفقر (5) ، والصحة، والمرض، والمؤمن مطيع لله في ذلك كله، وهو مطيع لرسول الله في ذلك كله، ومحمد رسول الله فيما أمر به، ونهى عنه [مطيع لله.] (6) في ذلك كله.وإن قالت الإمامية: الإمامة واجبة بالعقل بخلاف الرسالة، فهي أهم من هذا الوجه.


(1) إن كان من أهل العلم والدين: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) أ، ب: إمامة بالعدل.
(3) ويجاهد في سبيله: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) أ، ب: أنصار وأعوان.
(5) ن، م: الفقر والغنى.
(6) مطيع لله: ساقطة من (ن) ، (م) .
***************
قيل: الوجوب العقلي فيه نزاع كما سيأتي، وعلى القول بالوجوب العقلي، فما يجب من الإمامة جزء من أجزاء الواجبات العقلية، وغير الإمامة أوجب من ذلك كالتوحيد، والصدق، والعدل، وغير ذلك من الواجبات العقلية.وأيضا: فلا ريب أن الرسالة يحصل بها هذا الواجب، فمقصودها جزء من مقصود (1) الرسالة، فالإيمان بالرسول يحصل به مقصود الإمامة في حياته، وبعد مماته بخلاف الإمامة.وأيضا: فمن ثبت عنده أن محمدا رسول الله، وأن طاعته. واجبة عليه، واجتهد في طاعته حسب الإمكان إن قيل: إنه يدخل الجنة، فقد استغنى عن مسألة الإمامة.وإن قيل: لا يدخل الجنة كان هذا خلاف نصوص القرآن، فإنه سبحانه أوجب الجنة لمن أطاع الله، ورسوله في غير موضع كقوله [تعالى] (2) : {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا} [سورة النساء: 69] ، وقوله: {ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم} [سورة النساء: 13] .[الكلام على الإمام المنتظر عند الرافضة]وأيضا: فصاحب الزمان الذي (3) يدعون إليه لا سبيل للناس إلى معرفته، ولا معرفة ما يأمرهم به، وما ينهاهم عنه، وما يخبرهم به، فإن.


(1) أ، ب: أجزاء.
(2) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) ب (فقط) : الذين.
**************************
كان أحد لا يصير سعيدا إلا بطاعة هذا الذي لا يعرف أمره، ولا نهيه لزم أنه (1) . لا يتمكن أحد من طريق النجاة، والسعادة، وطاعة الله، وهذا من أعظم تكليف ما لا يطاق، وهم (2) من أعظم الناس إحالة له.وإن (3) قيل: بل هو يأمر بما عليه الإمامية.قيل: فلا حاجة إلى وجوده، ولا شهوده، فإن هذا معروف سواء كان هو حيا، أو ميتا، وسواء كان شاهدا، أو غائبا، وإذا كان معرفة ما أمر الله به الخلق ممكنا بدون هذا الإمام المنتظر علم أنه لا حاجة إليه، ولا يتوقف عليه طاعة الله ورسوله (4) ، ولا نجاة أحد، ولا سعادته، وحينئذ فيمتنع القول بجواز إمامة مثل هذا، فضلا عن القول بوجوب إمامة مثل هذا، وهذا أمر بين لمن تدبره لكن الرافضة من أجهل الناس.وذلك أن فعل الواجبات العقلية الشرعية، وترك المستقبحات العقلية، والشرعية إما أن يكون موقوفا على معرفة ما يأمر به، وينهى عنه هذا المنتظر، وإما أن لا يكون موقوفا، فإذا كان موقوفا لزم تكليف ما لا يطاق، وأن يكون فعل الواجبات، وترك المحرمات موقوفا على شرط لا يقدر عليه عامة الناس، بل ولا أحد منهم، فإنه ليس في الأرض من يدعي دعوى صادقة أنه رأى هذا المنتظر، أو سمع كلامه، وإن لم يكن موقوفا على ذلك أمكن فعل الواجبات العقلية والشرعية، وترك القبائح العقلية والشرعية بدون هذا المنتظر، فلا يحتاج إليه، ولا يجب وجوده، ولا شهوده.


(1) ب (فقط) : أن.
(2) أ، ب: وهو.
(3) ن، م: فإن.
(4) ورسوله: ساقطة من (أ) ، (ب) .
**************************



ابوالوليد المسلم 04-06-2021 11:05 PM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://i.imgur.com/xOziErR.gif
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (14)
صـ 89 إلى صـ 95


وهؤلاء الرافضة علقوا نجاة الخلق، وسعادتهم، وطاعتهم لله ورسوله بشرط ممتنع لا يقدر عليه الناس، بل (1) ولا يقدر عليه أحد منهم،
وقالوا للناس:
لا يكون أحد ناجيا من عذاب الله بذلك، ولا يكون سعيدا إلا بذلك، ولا يكون أحد مؤمنا إلا بذلك.
فلزم أحد أمرين:
إما بطلان قولهم، وإما أن يكون الله قد آيس عباده من رحمته، وأوجب عذابه لجميع الخلق المسلمين، وغيرهم، وعلى هذا التقدير، فهم أول الأشقياء المعذبين، فإنه ليس لأحد منهم طريق إلى معرفة أمر هذا الإمام الذي يعتقدون أنه موجود غائب، ولا نهيه، ولا خبره، بل عندهم من الأقوال المنقولة عن شيوخ الرافضة ما يذكرون أنه منقول عن الأئمة
[المتقدمين على هذا المنتظر]
(2) ، وهم لا ينقلون شيئا عن المنتظر، وإن قدر أن بعضهم نقل عنه شيئا علم أنه كاذب، وحينئذ فتلك الأقوال إن كانت كافية، فلا حاجة إلى المنتظر، وإن لم تكن كافية، فقد أقروا بشقائهم، وعذابهم حيث كانت سعادتهم موقوفة على آمر لا يعلمون بماذا أمر.وقد رأيت طائفة من شيوخ الرافضة كابن العود الحلي (3) يقول: إذا اختلفت الإمامية على قولين أحدهما يعرف قائله، والآخر لا يعرف قائله، كان القول الذي لا يعرف قائله هو القول الحق الذي يجب اتباعه؛ لأن المنتظر المعصوم في تلك الطائفة.
(1) بل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(3) لم أجد له ذكرا فيما بين يدي من مراجع.
****************************
وهذا غاية الجهل، والضلال، فإنه بتقدير وجود المنتظر المعصوم لا يعلم أنه قال ذلك القول إذ لم ينقله عنه أحد (1) ، ولا عمن نقله عنه، فمن أين يجزم بأنه قوله؟ ولم لا يجوز أن يكون القول الآخر هو قوله، وهو لغيبته، وخوفه من الظالمين لا يمكنه إظهار قوله، كما يدعون ذلك فيه؟ .فكان أصل دين هؤلاء الرافضة مبنيا على مجهول، ومعدوم لا على موجود، ولا معلوم يظنون أن إمامهم موجود معصوم، وهو مفقود معدوم، ولو كان موجودا معصوما، فهم معترفون بأنهم لا يقدرون أن يعرفوا أمره ونهيه، كما [كانوا] (2) يعرفون أمر آبائه، ونهيهم.والمقصود بالإمام إنما هو طاعة أمره، فإذا كان العلم بأمره ممتنعا كانت طاعته ممتنعة، فكان المقصود [به] (3) ممتنعا، فكان المقصود به ممتنعا، وإذا كان المقصود [به] (4) ممتنعا لم يكن. [في] (5) إثبات الوسيلة فائدة أصلا، بل كان إثبات الوسيلة التي لا يحصل بها مقصودها من باب السفه، والعبث، والعذاب القبيح باتفاق أهل الشرع، [وباتفاق] (6) العقلاء القائلين بتحسين العقول، وتقبيحها (7) ، بل باتفاق العقلاء مطلقا، فإنهم إذا فسروا القبح (8) بما يضر كانوا متفقين على أن معرفة الضار يعلم بالعقل، والإيمان بهذا الإمام الذي


(1) ن، م: ولم ينقله أحد عنه.
(2) كانوا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) به: ساقطة من (ن) .
(4) به: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) في: ساقطة من (ن) .
(6) باتفاق: زيادة في (أ) ، (ب) .
(7) ن، م: القائلين بتقبيح العقول.
(8) أ، ب: القبيح.
*********************************
ليس فيه منفعة، بل مضرة في العقل، والنفس، والبدن، والمال، وغير ذلك قبيح شرعا، وعقلا (1) .ولهذا كان المتبعون له من أبعد الناس عن مصلحة الدين والدنيا، لا تنتظم لهم مصلحة دينهم، ولا دنياهم إن (2) لم يدخلوا في طاعة غيرهم، كاليهود الذين لا تنتظم لهم مصلحة إلا بالدخول في طاعة من هو خارج عن دينهم، فهم يوجبون وجود الإمام المنتظر المعصوم؛ لأن مصلحة الدين والدنيا لا تحصل إلا به عندهم، وهم لم يحصل لهم بعد المنتظر مصلحة في الدين ولا في الدنيا، والذين كذبوا به لم تفتهم مصلحة في الدين ولا في الدنيا، بل كانوا أقوم بمصالح الدين والدنيا من أتباعه.فعلم بذلك أن قولهم في الإمامة لا ينال به إلا ما يورث الخزي، والندامة، وأنه ليس فيه شيء من الكرامة، وأن ذلك إذا كان أعظم مطالب الدين، فهم أبعد الناس عن الحق، والهدى في أعظم مطالب الدين، وإن لم يكن أعظم مطالب الدين ظهر بطلان ما ادعوه من ذلك، فثبت بطلان قولهم على التقديرين، وهو المطلوب.
[إيمان الرافضة بالمنتظر ليس مثل إيمان الصوفية برجال الغيب]
فإن قال هؤلاء الرافضة: إيماننا بهذا المنتظر المعصوم مثل إيمان كثير من شيوخ الزهد والدين بإلياس، والخضر، والغوث، والقطب (3) ، [ورجال


(1) ن، م: عقلا وشرعا.
(2) ن، م: وإن.
(3) في كتاب " التعريفات " للجرجاني: " الغوث هو القطب حينما يلتجأ إليه ولا يسمى في غير ذلك الوقت غوثا ". وفي كتاب " اصطلاحات الصوفية " لابن عربي، ص [0 - 9] 35 (طبع مع التعريفات للجرجاني القاهرة، 1938) : " القطب وهو الغوث عبارة عن الواحد الذي هو موضع نظر الله من العالم في كل زمان ومكان، وهو على قلب إسرافيل - عليه السلام - ". والمقصود. بالغوث الذي يزعمه الصوفية هو - كما يقول الأستاذ الدكتور محمد مصطفى حلمي - رحمه الله - في تعليقه على مادة " بدل " في دائرة المعارف الإسلامية -: " إن القطب بالمعنى الخاص يدل دلالة قوية على مذهب فلسفي في الحقيقة المحمدية التي هي عند متفلسفة الصوفية، أو صوفية الفلاسفة: المخلوق الأول الذي خلقه الله وكان واسطة في خلق كل ما في العالم من الكائنات الروحية والمادية ". وانظر تعليقي على " درء تعارض العقل والنقل " 5/315 - 316. وانظر كتاب " اصطلاحات الصوفية " للقاشاني.
*******************************
الغيب] (1) ، ونحو ذلك من الأشخاص الذين لا يعرف (2) وجودهم، ولا بماذا يأمرون، ولا عماذا ينهون (3) فكيف يسوغ لمن يوافق هؤلاء أن ينكر علينا ما ندعيه؟ .
قيل: الجواب من وجوه:
أحدها:
أن الإيمان بوجود هؤلاء ليس واجبا عند أحد من علماء المسلمين، وطوائفهم المعروفين، وإذا كان بعض الغلاة يوجب على أصحابه الإيمان بوجود هؤلاء،
ويقول:

إنه لا يكون مؤمنا وليا لله إلا من يؤمن بوجود هؤلاء في هذه الأزمان كان قوله مردودا كقول الرافضة (* فإن من قال من هؤلاء الغلاة: إنه لا يكون وليا لله إن لم يعتقد (4) الخضر، ونحو ذلك كان قوله مردودا كقول الرافضة *) (5) .
الوجه الثاني:
أن يقال: من الناس من يظن أن التصديق بهؤلاء يزداد به


(1) ورجال الغيب: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) أ، ب: يعرفون. 1
(3) ن، م، أ: ولا بماذا يأمرون به، ولا بماذا ينهون عنه.
(4) ن: يعقد له؛ م: يقعده.
(5) ما بين النجمتين ساقط من (ب) فقط.
*****************************
الرجل (1) إيمانا وخيرا، وموالاة لله، وأن المصدق بوجود هؤلاء أكمل [وأشرف] (2) ، وأفضل عند الله ممن لم يصدق بوجود هؤلاء، وهذا القول ليس مثل قول الرافضة من كل وجه، بل هو مشابه له من بعض الوجوه لكونهم جعلوا كمال الدين موقوفا على ذلك.
وحينئذ فيقال:
هذا القول أيضا باطل باتفاق علماء المسلمين، وأئمتهم، فإن العلم بالواجبات، والمستحبات، وفعل الواجبات، والمستحبات كلها ليس موقوفا على التصديق بوجود أحد من (3) هؤلاء، ومن ظن من أهل النسك، والزهد، والعامة أن شيئا من الدين - واجبه، أو مستحبه - موقوفا (4) على التصديق بوجود هؤلاء، فهو (5) جاهل ضال باتفاق أهل العلم، والإيمان العالمين بالكتاب والسنة، إذ قد علم بالاضطرار من دين الإسلام أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يشرع لأمته التصديق بوجود هؤلاء، ولا أصحابه كانوا يجعلون ذلك من الدين، [ولا أئمة المسلمين.وأيضا، فجميع هذه الألفاظ لفظ الغوث، والقطب، والأوتاد، والنجباء (6) ، وغيرها لم ينقل أحد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بإسناد معروف أنه


(1) أ، ب: يزداد الرجل به.
(2) وأشرف: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) عبارة " أحد من ": ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) م: واجبه ومستحبه موقوفا؛ ب: واجبا أو مستحبا موقوف.
(5) أ، ب: فهذا.
(6) يقول ابن عربي (رسالة في اصطلاحات الصوفية، ص [0 - 9] 35) : " الأوتاد عبارة عن أربعة رجال منازلهم على منازل أربعة أركان من العالم: شرق وغرب وشمال وجنوب مع كل واحد منهم مقام تلك الجهة. النجباء: هم أربعون، وهم المشغولون بحمل أثقال الخلق فلا يتصرفون إلا في حق الغير " وانظر التعريفات ص [0 - 9] 3، 214.
******************************
تكلم بشيء منها، ولا أصحابه، ولكن لفظ الأبدال (1) تكلم به بعض السلف، ويروى فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديث ضعيف، وقد


(1) يقول ابن عربي (نفس المرجع ونفس الصفحة) : " البدلاء هم سبعة، ومن سافر من القوم عن موضعه وترك جسدا على صورته حتى لا يعرف أحد أنه فقد فذلك هو البدل لا غير، وهم على قلب إبراهيم - عليه السلام - ". ويختلف الصوفية في تحديد عدد الأبدال وغيرهم من رجال الغيب (وهم على زعمهم الأولياء الذين لا يعرفهم الناس، والذين يشتركون بما لهم من قوة في حفظ نظام الكون) . ويذكر جولدتسيهر (دائرة المعارف الإسلامية، مادة: أبدال) أنه وفقا لأكثر الآراء الصوفية شيوعا يؤلف الأبدال، وعددهم أربعون، الطبقة الخامسة من طبقات الأولياء. أما الأوتاد فعددهم خمسة وهم يؤلفون الطبقة الثالثة، والنجباء عددهم سبعون وهم يمثلون الطبقة السادسة. ويعرف نيكلسون في " دائرة المعارف الإسلامية " البدل بقوله: " الأبدال جمع البدل، والبدلاء جمع البديل يتصلان بطريق الصوفية الذي يرجع تاريخه إلى القرن الثالث الهجري، وهو أن نظام العالم مكلف بحفظه عدد معين من الأولياء، إذا مات واحد منهم حل محله بدل أو بديل والجمع أبدال، يستعمل عادة في الفارسية والتركية مفردا. ويفسر بعض الكتاب البدل بأنه الشخص الذي له قدرة على أن يخلف شخصا روحانيا عندما يترك مكانه، أو الشخص الذي له قدرة على التحول الروحاني. والاختلاف بين فيما أوردوه عن عدد الأبدال ومكانهم من سلسلة المراتب الصوفية التي يكون القطب على رأسها. وقد أورد ابن حنبل في مسنده أربعين من الأبدال خلقهم الله في الشام (ج [0 - 9] ص [0 - 9] 12) ويذكر أيضا أن هناك ثلاثين منهم في أمة محمد (ج [0 - 9] 322) ويشير المكي إلى ثلاثمائة من الأبدال يضمون الصديقين والشهداء والصالحين (قوت القلوب، ج [0 - 9] ص [0 - 9] 8. انظر سورة النساء الآية 71) . ويقول الهجويري إنهم أربعون وإنهم في المرتبة الرابعة، يلون الأبرار السبعة، وفوقهم الأوتاد الأربعة، ثم النقباء الثلاثة (كشف المحجوب، ط. شوكوفسكي، ص [0 - 9] 69، ترجمة نيكلسون، ص [0 - 9] 84) . ويحدد ابن عربي عدد الأبدال بسبعة ويضعهم في المرتبة تحت الأوتاد (الفتوحات، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] ) . وقد أخذ بهذا الرأي ابن الفارض في التائية الكبرى ". وانظر تعريف " البدلاء " في التعريفات للجرجاني؛ " اصطلاحات الصوفية " للقاشاني. وانظر تعليق الدكتور محمد مصطفى حلمي على " بدل " في دائرة المعارف الإسلامية ".
***************************
بسطنا الكلام على ذلك في غير هذا الموضع] (1) .
الوجه الثالث:
أن يقال: القائلون بهذه الأمور منهم من ينسب إلى أحد هؤلاء ما لا تجوز نسبته إلى [أحد من] البشر (2) مثل دعوى بعضهم أن الغوث، أو القطب هو الذي يمد أهل الأرض في هداهم، ونصرهم، ورزقهم، فإن هذا لا يصل إلى أحد من أهل الأرض (3) إلا بواسطة نزوله على ذلك الشخص، وهذا باطل بإجماع المسلمين، وهو من جنس قول النصارى في الباب.وكذلك ما يدعيه بعضهم من أن الواحد من هؤلاء قد (4) يعلم كل ولي لله كان، ويكون، واسمه (5) ، واسم أبيه، ومنزلته من الله، ونحو ذلك من


(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . والحديث الضعيف الذي. يشير إليه ابن تيمية جاء في المسند (ط. المعارف) 2/171 من مسند علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وعلق عليه الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - بقوله: " إسناده ضعيف لانقطاعه. وسيأتي في شأنهم حديث آخر في مسند عبادة بن الصامت 5/322 قال فيه أحمد هناك: " وهو منكر ". وأورد الألباني الحديثين في " ضعيف الجامع الصغير 2/275 وقال عن كل منهما: " ضعيف " والأول هو: " الأبدال بالشام، وهم أربعون رجلا، كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلا، يسقى بهم الغيث، وينتصر بهم على الأعداء، ويصرف عن أهل الشام بهم العذاب ". والثاني: " الأبدال في أمتي ثلاثون، بهم تقوم الأرض، وبهم تمطرون، وبهم تنصرون ". وانظر سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني (ط. دمشق 1399) ، 2/339 - 341 الحديثان رقم 935، 936. وقد تكلم ابن تيمية على الألفاظ المذكور في هذه الفقرة، ومنها لفظ " الأبدال " في أكثر من موضع من رسائله. انظر مثلا: مجموعة الرسائل والمسائل 1/46 - 51.
(2) ن، م: إلى بشر.
(3) عبارة " من أهل الأرض ": ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) قد: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) أ: كان يكون اسمه؛ ب: كان أو يكون اسمه.
**********************



ابوالوليد المسلم 04-06-2021 11:06 PM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://i.imgur.com/xOziErR.gif
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (15)
صـ 96 إلى صـ 102

المقالات الباطلة التي تتضمن أن الواحد من البشر يشارك الله في بعض خصائصه مثل أنه بكل شيء عليم، أو على كل شيء قدير، ونحو ذلك، كما يقول بعضهم في النبي - صلى الله عليه وسلم -،
وفي شيوخه:
إن علم أحدهم ينطبق على علم الله، وقدرته منطبقة على قدرة الله، فيعلم ما يعلمه الله، ويقدر على ما يقدر الله عليه (1) .فهذه المقالات، وما يشبهها من جنس قول النصارى، والغالية في علي، وهي باطلة بإجماع علماء (2) المسلمين، ومنهم من ينسب إلى الواحد من هؤلاء ما تجوز نسبته إلى الأنبياء، وصالحي المؤمنين من الكرامات كدعوة مجابة، ومكاشفة (3) من مكاشفات الصالحين، ونحو ذلك.فهذا القدر يقع كثيرا من الأشخاص الموجودين [المعاينين] (4) ، ومن نسب ذلك إلى من لا يعرف وجوده، فهؤلاء وإن كانوا مخطئين في نسبة ذلك إلى شخص معدوم، فخطؤهم كخطأ من اعتقد أن في البلد الفلاني رجالا من أولياء الله، وليس فيه أحد، أو اعتقد في ناس معينين أنهم أولياء الله، ولم يكونوا كذلك، ولا ريب أن هذا خطأ. وجهل، وضلال يقع فيه كثير من الناس لكن خطأ الإمامية، وضلالهم (5) أقبح، وأعظم.
الوجه الرابع:
أن يقال: الصواب الذي عليه محققو العلماء أن إلياس،
(1) ن، م: عليه الله.
(2) علماء: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: ومكاشفات.
(4) المعاينين: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: وضلالتهم.
******************************
والخضر ماتا (1) ، وأنه ليس أحد من البشر واسطة بين الله وبين خلقه في رزقه، وخلقه (2) ، وهداه، ونصره، وإنما الرسل وسائط في تبليغ رسالاته لا سبيل لأحد إلى السعادة إلا بطاعة الرسل (3) ، وأما خلقه، ورزقه، وهداه، ونصره (4) ، [فلا يقدر عليه إلا الله تعالى] (5) ، فهذا لا يتوقف [على حياة الرسل، وبقائهم،. بل. ولا يتوقف نصر الخلق، ورزقهم على وجود الرسل أصلا] (6) ، بل قد يخلق الله ذلك بما شاء من الأسباب بواسطة الملائكة، [أو غيرهم] (7) ، وقد يكون لبعض البشر في ذلك من الأسباب ما هو معروف في البشر.وأما كون ذلك لا يكون إلا بواسطة البشر (8) ، أو أن أحدا من البشر يتولى ذلك كله، ونحو ذلك، فهذا كله باطل،
وحينئذ فيقال:

للرافضة إذا احتجوا بضلال الضلال: {ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون} [سورة الزخرف: 39] .


(1) انظر في تحقيق أمر إلياس والخضر رسالة ابن حجر العسقلاني " الزهر النضر في نبأ الخضر " ضمن مجموعة الرسائل المنيرية، ج [0 - 9] ص [0 - 9] 95 - 234، القاهرة 1343. وفي خاتمتها (ص 234) يقول ابن حجر: " والذي تميل إليه النفس من حيث الأدلة القوية خلاف ما يعتقده العوام من استمرار حياته ".
(2) أ، ب: بين الله - عز سلطانه - وبين خلقه في خلقه ورزقه.
(3) ن، م: الرسول.
(4) أ، ب: وأما خلقه وهداه، ونصره ورزقه.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(6) بدلا من العبارات بين المعقوفتين جاء في (ن) ، (م) : على وجود سبب معين.
(7) أو غيرهم: زيادة في (أ) ، (ب) .
(8) أ، ب: بواسطة من البشر.
***********************************
وأيضا: فمن المعلوم أن أشرف مسائل المسلمين، وأهم المطالب في الدين ينبغي أن يكون ذكرها في كتاب الله أعظم من غيرها، وبيان الرسول لها أولى من بيان غيرها، والقرآن مملوء بذكر توحيد الله، وذكر أسمائه. وصفاته، وآياته، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقصص، والأمر، والنهي، والحدود، والفرائض بخلاف الإمامة، فكيف يكون القرآن مملوءا بغير الأهم الأشرف؟ .
وأيضا: فإن الله تعالى قد علق السعادة بما لا ذكر فيه للإمامة،
فقال:
[ {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا} [سورة النساء: 69] ، وقال] (1) : {تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم - ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين} [سورة النساء: 13 - 14] ، فقد بين الله في القرآن أن من أطاع الله ورسوله كان سعيدا في الآخرة، ومن عصى الله ورسوله، وتعدى حدوده كان معذبا، فهذا (2) هو الفرق بين السعداء، والأشقياء، ولم يذكر الإمامة.فإن قال قائل: إن الإمامة داخلة في طاعة الله ورسوله.
قيل: غايتها (3) أن تكون كبعض الواجبات كالصلاة، والزكاة، والصيام،


(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) أ، ب: وهذا.
(3) أ، ب: نهايتها.
**************************************
والحج، وغير ذلك مما يدخل في طاعة الله ورسوله، فكيف تكون هي وحدها أشرف مسائل المسلمين، وأهم مطالب الدين؟ .فإن قيل: لا يمكننا طاعة (1) الرسول إلا بطاعة إمام (2) ، فإنه هو الذي يعرف الشرع.
قيل:
هذا [هو] (3) دعوى المذهب، ولا حجة فيه، ومعلوم أن القرآن لم يدل على هذا، كما دل على سائر أصول الدين، [وقد تقدم أن هذا الإمام الذي يدعونه لم ينتفع به أحد في ذلك، وسيأتي إن شاء الله تعالى أن ما جاء به الرسول لا يحتاج في معرفته إلى أحد من الأئمة] (4) .
[الوجه الثاني الإمامية أنفسهم يجعلون الإمامة آخر المراتب في أصول الدين]
الوجه الثاني:
أن يقال: أصول الدين عن الإمامية أربعة: التوحيد، والعدل، والنبوة، والإمامة، فالإمامة (5) هي آخر المراتب، والتوحيد، والعدل، والنبوة (6) قبل ذلك، وهم يدخلون في التوحيد نفي الصفات، والقول بأن القرآن مخلوق، وأن الله لا يرى في الآخرة، ويدخلون في العدل التكذيب بالقدر (7) ، وأن الله لا يقدر أن يهدي من يشاء، ولا يقدر أن يضل من يشاء، وأنه قد يشاء ما لا يكون، ويكون ما لا يشاء، وغير ذلك، فلا يقولون: إنه


(1) أ، ب: إطاعة.
(2) أ، ب: الإمام.
(3) هو: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(5) فالإمامة: ساقطة من (ب) فقط.
(6) ن، م: النبوة والعدل. .
(7) أ، ب: بالقدرة.
*******************************
خالق (1) كل شيء، ولا إنه على كل شيء قدير، ولا إنه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن لكن التوحيد، والعدل، والنبوة مقدم (2) على الإمامة، فكيف تكون [الإمامة] (3) أشرف، وأهم؟ .
وأيضا: فإن الإمامة (4) إنما أوجبوها لكونها لطفا في الواجبات، فهي. واجبة الوسائل، فكيف تكون الوسيلة أهم، وأشرف (5) من المقصود؟ .
[الوجه الثالث الإمامة عند الرافضة لا تحقق اللطف والمصلحة]
الوجه الثالث:
أن يقال: إن كانت الإمامة أهم مطالب الدين، وأشرف مسائل المسلمين، فأبعد الناس عن هذا الأهم الأشرف هم الرافضة، فإنهم [قد] (6) قالوا في الإمامة أسخف قول، وأفسده في العقل والدين، كما سنبينه إن شاء الله تعالى [إذا تكلمنا عن حججهم] (7) ، ويكفيك أن مطلوبهم بالإمامة أن يكون لهم رئيس معصوم يكون لطفا في مصالح دينهم، ودنياهم، وليس في الطوائف أبعد عن (8) مصلحة اللطف، والإمامة منهم، فإنهم يحتالون على مجهول، ومعدوم لا يرى له عين، ولا أثر، ولا يسمع له حس، ولا خبر، فلم يحصل لهم من الأمر المقصود بإمامته شيء.وأي من فرض إماما نافعا في بعض مصالح الدين والدنيا كان خيرا ممن


(1) ن، م: ولا يقولون إن الله خالق.
(2) ب (فقط) : مقدمه.
(3) الإمامة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) أ، ب: فالإمامة.
(5) ب (فقط) : أشرف وأهم.
(6) قد: زيادة في (أ) ، (ب) .
(7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(8) ن، م: من.
*********************************
لا ينتفع به في شيء من مصالح الإمامة، ولهذا تجدهم لما فاتهم مصلحة الإمامة يدخلون في طاعة كافر، أو ظالم لينالوا به بعض مقاصدهم، فبينما هم يدعون الناس إلى طاعة إمام معصوم أصبحوا يرجعون إلى طاعة ظلوم كفور، فهل يكون أبعد عن مقصود الإمامة، وعن الخير والكرامة ممن سلك منهاج الندامة؟ .وفي الجملة، فالله تعالى قد علق بولاة الأمور مصالح في الدين والدنيا، سواء كانت الإمامة أهم الأمور، أو لم تكن، والرافضة أبعد الناس عن حصول هذه المصلحة لهم، فقد فاتهم على قولهم الخير المطلوب من أهم مطالب الدين، وأشرف مسائل المسلمين.ولقد طلب [مني] (1) أكابر شيوخهم الفضلاء أن يخلو بي، وأتكلم معه في ذلك، فخلوت به، وقررت له ما يقولونه في هذا الباب كقولهم إن الله أمر العباد، ونهاهم (2 لينالوا به بعض مقاصدهم 2) (2) ، فيجب أن يفعل بهم اللطف الذي يكونون عنده أقرب إلى فعل الواجب، وترك القبيح؛ لأن من دعا شخصا ليأكل طعامه، فإذا كان مراده الأكل فعل ما يعين على ذلك من الأسباب كتلقيه بالبشر، وإجلاسه في مجلس يناسبه، وأمثال ذلك، وإن لم يكن مراده (3) أن يأكل عبس في. وجهه، وأغلق الباب، ونحو ذلك.وهذا أخذوه من المعتزلة ليس هو من أصول شيوخهم القدماء.
ثم قالوا:
والإمام لطف؛ لأن الناس إذا كان لهم إمام يأمرهم بالواجب،


(1) مني: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) (2 - 2) ساقط من (أ) ، (ب) .
(3) ن، م: وإن لم يكن ذلك مراده.
**********************************
وينهاهم عن القبيح كانوا أقرب إلى فعل المأمور، وترك المحظور، فيجب أن يكون لهم إمام، ولا بد أن يكون معصوما؛ لأنه إذا لم يكن معصوما لم يحصل به المقصود، ولم تدع العصمة لأحد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا لعلي، فتعين أن يكون هو إياه للإجماع على انتفاء ما سواه، وبسطت له العبارة في هذه المعاني.
ثم قالوا: وعلي نص على الحسن، والحسن على الحسين (1) إلى أن انتهت النوبة إلى المنتظر محمد بن الحسن صاحب السرداب الغائب.فاعترف بأن هذا تقرير مذهبهم على غاية الكمال.
قلت له:
فأنا وأنت طالبان للعلم، والحق، والهدى،
وهم يقولون:
من لم يؤمن بالمنتظر فهو كافر، فهذا المنتظر هل رأيته؟ . أو رأيت من رآه؟ أو سمعت له بخبر؟ (2) أو تعرف شيئا من كلامه الذي قاله هو؟ أو ما أمر به، أو ما نهى عنه مأخوذا عنه، كما يؤخذ عن (3) الأئمة؟ .
قال:
لا.قلت: فأي فائدة في إيماننا هذا؟ وأي لطف يحصل لنا بهذا، ثم كيف يجوز أن يكلفنا الله بطاعة شخص، ونحن لا نعلم ما يأمر به، ولا ما ينهانا عنه، ولا طريق لنا إلى معرفة ذلك بوجه من الوجوه؟ وهم من أشد الناس


(1) ن، م: حسين.
(2) أ، ب: أو سمعت بخبره.
(3) أ، ب: من.
**********************************


ابوالوليد المسلم 04-06-2021 11:07 PM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://i.imgur.com/xOziErR.gif
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (16)
صـ 103 إلى صـ 109

إنكارا لتكليف ما لا يطاق، فهل يكون في تكليف ما لا يطاق أبلغ من هذا؟ ! .
فقال:
إثبات هذا مبني على تلك المقدمات.
قلت: لكن المقصود لنا من تلك المقدمات هو ما يتعلق بنا نحن، وإلا فما علينا ما مضى إذا لم يتعلق بنا منه أمر ولا نهي، وإذا كان كلامنا في تلك المقدمات لا يحصل لنا فائدة ولا لطفا، ولا يفيدنا إلا تكليف (1) ما لا يقدر عليه علم أن الإيمان بهذا المنتظر من باب الجهل، والضلال لا من باب المصلحة واللطف (2) .
والذي عنه الإمامية من النقل عن الأئمة الموتى: إن كان حقا يحصل به سعادتهم، فلا حاجة (3) بهم إلى المنتظر، وإن كان (4) باطلا، فهم أيضا لم ينتفعوا بالمنتظر في رد هذا الباطل، فلم ينتفعوا بالمنتظر [لا.] (5) في إثبات حق، ولا في نفي باطل، ولا أمر بمعروف، ولا نهي عن منكر، ولم يحصل لواحد منهم به شيء من المصلحة، واللطف المطلوب (6) من الإمامة.والجهال الذين يعلقون أمورهم بالمجهولات كرجال الغيب، والقطب،
(1) ن، م: بتكليف.
(2) أ، ب: اللطف والمصلحة.
(3) ن، م: ولا حاجة.
(4) ن، م: فإن كان.
(5) لا: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) ب (فقط) : واللطف والمنفعة المطلوبة. 1
*****************************
[والغوث] (1) ، والخضر، ونحو [ذلك مع جهلهم، وضلالهم] ، وكونهم (2) يثبتون ما لم يحصل لهم به مصلحة، ولا لطف، ولا منفعة لا في الدين، ولا في الدنيا أقل ضلالا من الرافضة.فإن الخضر كان موجودا، وقد ذكره الله في القرآن، وفي قصته عبرة، وفوائد، وقد يرى أحدهم شخصا صالحا يظنه الخضر، فينتفع به، وبرؤيته، وموعظته (3) ، وإن كان غالطا في اعتقاده أنه الخضر، [فقد يرى أحدهم بعض الجن، فيظن أنه الخضر، ولا يخاطبه الجني إلا بما يرى أنه يقبله منه ليربطه على ذلك، فيكون الرجل أتى من نفسه لا من ذلك المخاطب له، ومنهم من يقول: لكل زمان خضر، ومنهم من يقول: لكل ولي خضر، وللكفار كاليهود مواضع يقولون: إنهم يرون الخضر فيها، وقد يرى الخضر على صور مختلفة، وعلى صورة هائلة، وأمثال ذلك، وذلك. لأن هذا الذي يقول إنه الخضر هو جني، بل هو شيطان يظهر لمن يرى أنه يضله، وفي ذلك حكايات كثيرة يضيق هذا الموضع عن ذكرها] (4) .وعلى كل تقدير، فأصناف الشيعة أكثر ضلالا من هؤلاء، فإن منتظرهم (5) ليس عنده نقل ثابت عنه، ولا يعتقدون فيمن يرونه أنه المنتظر، ولما دخل السرداب كان عندهم صغيرا لم يبلغ سن التمييز،


(1) والغوث: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: والخضر ونحوهم مع كونهم.
(3) أ: فإن الخضر كان موجودا. فينتفع بروايته أو بموعظته؛ ب: فإن الخضر ينتفع برؤيته وبموعظته.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(5) أ: فإن منتظر؛ ب: فإن المنتظر.
***************************
وهم يقبلون من الأكاذيب (1) أضعاف ما يقبله هؤلاء، (2 ويعرضون عن الاقتداء بالكتاب والسنة أكثر من إعراض هؤلاء 2) (2) ، ويقدحون في خيار المسلمين قدحا يعاديهم عليه هؤلاء، فهم أضل عن مصالح الإمامة من جميع طوائف الأمة، فقد فاتهم على قولهم أهم الدين وأشرفه.[الوجه الرابع الكرامة لا تنال بمجرد معرفة الإمام]
الوجه الرابع:
أن يقال: قوله: (التي يحصل بسبب إدراكها نيل درجة الكرامة.) كلام باطل، فإن مجرد معرفة الإنسان (3) إمام وقته، وإدراكه (4) بعينه لا يستحق به الكرامة إن لم يوافق أمره، ونهيه (5) ، وإلا فليست معرفة إمام الوقت بأعظم من معرفة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ومن عرف أن محمدا رسول الله، فلم يؤمن به، ولم يطع أمره لم (6) يحصل له شيء من الكرامة، ولو آمن بالنبي، وعصاه، فضيع الفرائض، وتعدى الحدود (7) كان مستحقا للوعيد عند الإمامية، وسائر طوائف المسلمين، فكيف بمن عرف الإمام، وهو مضيع للفرائض متعد للحدود.


(1) ن، م: من الأحاديث.
(2) (2 - 2) : ساقط من (م) .
(3) الإنسان: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ن، م: فإدراكه.
(5) ونهيه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(6) ن: ولم.
(7) ب: وضيع الفرائض وتعدى الحدود؛ أ: وضيع الفرائض واعتدى الحدود.
*************************
وكثير من هؤلاء يقول: حب علي حسنة لا يضر معها سيئة (1) ، وإن (2) كانت السيئات لا تضر مع حب علي، فلا حاجة إلى الإمام المعصوم الذي هو لطف في التكليف، فإنه إذا لم يوجد إنما توجد سيئات ومعاص، فإن كان حب علي كافيا، فسواء. وجد الإمام أو لم يوجد.
[الوجه الخامس الإمامة ليست من أركان الإيمان]
الوجه الخامس:
قوله: (وهي أحد أركان الإيمان المستحق بسببه الخلود في الجنان) .فيقال.
له:
من جعل هذا من الإيمان إلا أهل الجهل، والبهتان؟ . وسنتكلم إن شاء الله على ما ذكره من ذلك.والله تعالى وصف المؤمنين، وأحوالهم، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قد فسر الإيمان، وذكر شعبه، ولم يذكر الله ولا رسوله الإمامة في أركان الإيمان، ففي [الحديث] (3) الصحيح حديث جبريل لما أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - في صورة أعرابي، وسأله عن الإسلام، والإيمان، والإحسان قال. [له] (4) : ( «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت.) قال: والإيمان أن

(1) يرد محمد مهدي الكاظمي القزويني على ذلك بقوله (منهاج الشريعة 1/98) " ما نسبه إلى كثير من الشيعة من القول بأن حب علي حسنة ليس يضر معه سيئة فإنه بهتان منه، فإنهم جميعا متفقون على ذلك، فتخصيصه الكثير منهم بهذه العقيدة ليس له وجه سوى الكذب "! ! .
(2) أ، ب: وإن.
(3) الحديث: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) له: زيادة في (أ) ، (ب) .
*******************************
تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، [واليوم الآخر] (1) ، والبعث بعد الموت، وتؤمن بالقدر خيره، وشره» .) ،
ولم يذكر الإمامة قال:
( «والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك.» ) ، وهذا الحديث متفق على صحته متلقى بالقبول أجمع أهل العلم بالنقل على صحته، وقد أخرجه أصحاب الصحيح من غير وجه، فهو متفق عليه (2) من حديث أبي هريرة، وفي [أفراد] (3) مسلم من حديث عمر (4) .وهؤلاء (5) وإن كانوا لا يقرون بصحة (6) هذه الأحاديث، فالمصنف [قد] (7) احتج بأحاديث موضوعة كذب باتفاق أهل المعرفة، فإما أن نحتج بما يقوم الدليل على صحته نحن وهم، أو لا نحتج بشيء من ذلك لا (8) نحن ولا هم، فإن تركوا الرواية رأسا أمكن أن نترك الرواية، وأما إذا رووا هم، فلا بد من معارضة الرواية [بالرواية] (9) ، والاعتماد على ما تقوم به

(1) واليوم الآخر: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) أ، ب: فهو من المتفق عليه.
(3) أفراد: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) الحديث عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في: مسلم 1/36 - 38، (كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام. إلخ) . وفي الباب أحاديث أخرى بنفس المعنى عن أبي هريرة - رضي الله عنه - 1/39 - 40. وانظر الحديث برواياته المتعددة في: ابن الأثير: " جامع الأصول من أحاديث الرسول " 1/128 - 136، طبعة حامد الفقي، القاهرة، 1368/1949.
(5) أ، ب: وهم.
(6) ن، م: لا يرون صحة.
(7) قد: زيادة في (أ) ، (ب) .
(8) لا: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(9) بالرواية: ساقطة من (ن) .
*************************
الحجة، ونحن نبين الدلائل الدالة على كذب ما يعارضون به أهل السنة من الروايات الباطلة، والدلائل الدالة على صحة ما نقله أهل العلم بالحديث، وصححوه.وهب أنا لا نحتج بالحديث،
فقد قال الله تعالى:
{إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون - الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون - أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم} [سورة الأنفال: 2 - 4] (1) ، فشهد لهؤلاء بالإيمان من غير ذكر للإمامة (2) .
وقال تعالى: {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون} [سورة الحجرات: 15] ، فجعلهم صادقين في الإيمان من غير ذكر للإمامة.
وقال تعالى: {ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون} [سورة البقرة: 177] ، ولم يذكر الإمامة.
وقال تعالى:
{الم - ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين - الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون - والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون - أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون} [سورة البقرة: 1 - 5] ،

(1) ن، م: هم المؤمنون حقا. . . الآية.
(2) ن، م: الإمامة.
**************************
فجعلهم مهتدين مفلحين (1) ، ولم يذكر الإمامة.
وأيضا:
فنحن نعلم بالاضطرار من دين محمد [بن عبد الله.] (2) - صلى الله عليه وسلم - كانوا إذا أسلموا لم يجعل إيمانهم موقوفا على معرفة الإمامة، ولم يذكر لهم شيئا من ذلك، وما كان أحد أركان الإيمان لا بد أن يبينه الرسول لأهل الإيمان ليحصل لهم [به] (3) الإيمان، فإذا علم بالاضطرار أن هذا مما لم يكن الرسول يشترطه في الإيمان علم أن اشتراطه في الإيمان من أقوال أهل البهتان.
فإن قيل: قد دخلت في عموم النصوص (4) ، أو هي من باب ما لا يتم الواجب إلا به، أو دل (5) عليها نص آخر.
قيل: هذا كله لو صح لكان غايته أن تكون من بعض فروع الدين لا (6) تكون من أركان الإيمان، فإن ركن الإيمان ما لا يحصل الإيمان إلا به كالشهادتين، فلا يكون الرجل مؤمنا حتى يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فلو كانت الإمامة ركنا في الإيمان لا يتم إيمان أحد إلا به لوجب أن يبين ذلك الرسول بيانا عاما قاطعا للعذر، كما بين

(1) ن، م: مفلحين مهتدين.
(2) بن عبد الله: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) به: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) أ، ب: النص.
(5) ن: ودل. 1
(6) ن، م: فلا.
**********************



ابوالوليد المسلم 04-06-2021 11:07 PM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://i.imgur.com/xOziErR.gif
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (17)
صـ 110 إلى صـ 116

الشهادتين، والإيمان بالملائكة، والكتب، والرسل، واليوم الآخر، فكيف ونحن نعلم بالاضطرار من دينه أن الناس الذين (1) دخلوا في دينه أفواجا لم يشترط على أحد منهم في الإيمان الإيمان بالإمامة لا مطلقا، ولا معينا؟ .
[الوجه السادس الحديث الذي يستشهد به ابن المطهر لا أصل له]
الوجه السادس:قوله: فقال رسول الله. (2) - صلى الله عليه وسلم -: «من مات، ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» .يقال له (3) أولا: من روى هذا الحديث بهذا اللفظ، وأين إسناده؟ . وكيف يجوز أن يحتج بنقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير بيان الطريق الذي به يثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله؟ وهذا لو كان مجهول الحال عند أهل العلم بالحديث، فكيف وهذا الحديث بهذا اللفظ لا يعرف؟ .إنما الحديث المعروف مثل ما روى مسلم في صحيحه (4) عن نافع قال: «جاء [عبد الله] (5) بن عمر إلى عبد الله بن مطيع حين كان من أمر الحرة ما كان زمن يزيد بن معاوية، فقال: اطرحوا لأبي عبد الرحمن، وسادة.
(1) الناس: ساقطة من (ب) فقط.
(2) ن، م: فقال النبي؛ ب: قال رسول الله.
(3) أ، ب: فيقال له.
(4) أ، ب: هذا.
(5) صحيح مسلم 3/1478 (كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن) .
*************************
فقال: إني لم آتك لأجلس أتيتك لأحدثك حديثا سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوله.
سمعته يقول: (من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية.) » .وهذا حدث به (1) [عبد الله] (2) بن عمر لعبد الله بن مطيع [بن الأسود] (3) لما خلعوا طاعة أمير وقتهم يزيد مع أنه كان فيه من الظلم ما كان، ثم إنه اقتتل هو وهم، وفعل بأهل الحرة أمورا منكرة.فعلم أن هذا الحديث دل على ما دل عليه سائر الأحاديث الآتية من أنه لا يخرج على ولاة أمور المسلمين بالسيف، وأن من لم يكن (4) مطيعا لولاة الأمور مات ميتة جاهلية، وهذا ضد قول الرافضة، فإنهم أعظم الناس مخالفة لولاة الأمور، وأبعد الناس عن طاعتهم إلا كرها.ونحن نطالبهم أولا بصحة النقل، ثم بتقدير أن يكون ناقله واحدا، فكيف يجوز أن يثبت أصل الإيمان بخبر مثل هذا [الذي] (5) لا يعرف له ناقل، وإن عرف له ناقل أمكن خطؤه، وكذبه، وهل يثبت أصل الإيمان إلا بطريق علمي.
[الوجه السابع لا حجة للإمامة في الحديث]
الوجه السابع:أن يقال: إن كان هذا الحديث من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -،.

(1) ب (فقط) : وهذا حديث حدث به.
(2) عبد الله: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) بن الأسود: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) أ، ب: فإن لم يكن. . . إلخ.
(5) ن: هذا ولا؛ م: هذا لا.
********************************
فليس فيه حجة لهذا القائل (1) ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم -[قد] (2) قال: ( «من (3) مات ميتة جاهلية» .) (* في أمور ليست (4) من أركان الإيمان التي من تركها كان كافرا.كما في صحيح مسلم عن جندب بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( «من قتل تحت راية عمية يدعو عصبية، أو ينصر عصبية، فقتلته جاهلية» *) (5) . (6) ، وهذا الحديث يتناول من قاتل في العصبية، والرافضة رءوس هؤلاء، ولكن لا يكفر المسلم بالاقتتال في العصبية، كما دل على ذلك الكتاب والسنة، فكيف يكفر بما هو دون (7) ذلك.وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة [رضي الله عنه] (8) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( «من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة، ثم مات،.

(1) ن، م: الناقل.
(2) قد: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) من: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ن، م: وليست.
(5) ما بين النجمتين ساقط من (ب) فقط.
(6) الحديث في: مسلم 3/1478 (كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة. . .) وفيه: فقتلة جاهلية. وراية عمية: قال النووي (شرح صحيح مسلم 12/238) : هي بضم العين وكسرها لغتان مشهورتان. والميم مكسورة ومشددة والياء مشددة أيضا. قالوا: هي الأمر الأعمى لا يستبين وجهه، كذا قاله أحمد بن حنبل والجمهور. قال إسحاق بن راهويه: هذا كتقاتل القوم للعصبية.
(7) م: بمن هو دون؛ أ: بمن؛ ب: بما دون.
(8) رضي الله تعالى عنه: زيادة في (أ) ، (ب) .
***************************
مات ميتة جاهلية» .) (1) ، وهذا حال الرافضة، فإنهم يخرجون عن الطاعة، ويفارقون الجماعة.وفي الصحيحين (2) عن ابن عباس [رضي الله عنهما] (3) عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال:
( «من رأى من أميره شيئا يكرهه، فليصبر عليه، (4 فإن من فارق الجماعة، فمات، مات ميتة جاهلية» .) ،
وفي لفظ:
( «من رأى من أميره شيئا يكرهه، فليصبر عليه 4) (4) فإن من خرج من السلطان شبرا مات ميتة جاهلية» .) (5) .وهذه النصوص مع كونها صريحة في حال الرافضة، فهي وأمثالها المعروفة عند أهل العلم لا بذلك (6) اللفظ الذي نقله.
[الوجه الثامن الحديث حجة عليهم]
الوجه الثامن:أن هذا الحديث الذي ذكره حجة على الرافضة؛ لأنهم لا يعرفون إمام زمانهم، فإنهم يدعون أنه الغائب المنتظر محمد بن الحسن الذي دخل

(1) الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في: صحيح مسلم 3/1476 - 1477 (الكتاب والباب السابقان) . 1
(2) ن، م: وفي الصحيح.
(3) رضي الله عنهما: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) (4 - 4) ساقط من: (أ) ، (ب) . وفي: م: من خرج من الطاعة.
(5) الحديث بروايتيه - مع اختلاف يسير في الألفاظ - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في: البخاري 9/47 (كتاب الفتن، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - سترون بعدي أمورا تنكرونها) ؛ مسلم 3/1477 - 1478 (الكتاب والباب السابقان) سنن الدارمي 2/241 (كتاب السير، باب في لزوم الطاعة والجماعة) ؛ المسند (ط. المعارف) 4/164، 245 - 246، 297.
(6) ن، م: ذلك.
**************************
سرداب سامرا سنة ستين، ومائتين، أو نحوها، ولم يميز بعد (1) ، بل كان عمره إما سنتين، أو ثلاثا، أو خمسا (2) ، أو نحو ذلك، وله الآن - على قولهم - أكثر من أربعمائة وخمسين (3) سنة، ولم ير له عين، ولا أثر، ولا سمع له حس، ولا خبر.فليس فيهم أحد يعرفه لا بعينه،
ولا صفته لكن يقولون:
إن هذا الشخص الذي لم يره أحد، ولم يسمع له خبر هو إمام زمانهم، ومعلوم أن هذا ليس هو معرفة بالإمام.ونظير هذا أن يكون لرجل قريب من بني عمه في الدنيا، ولا يعرف شيئا من أحواله، فهذا لا يعرف ابن عمه، وكذلك المال الملتقط إذا عرف أن له مالكا، ولم يعرف عينه لم يكن عارفا لصاحب اللقطة (4) ، بل هذا أعرف؛ لأن هذا (5) يمكن ترتيب بعض أحكام الملك، والنسب [عليه] (6) ، وأما المنتظر، فلا يعرف له حال ينتفع به في الإمامة.فإن معرفة الإمام الذي يخرج (7) الإنسان من الجاهلية هي المعرفة التي يحصل بها طاعة وجماعة، خلاف ما كان عليه أهل الجاهلية، فإنهم لم يكن لهم إمام يجمعهم، ولا جماعة تعصمهم، والله (8) تعالى بعث محمدا - صلى الله عليه وسلم -، وهداهم به إلى الطاعة، والجماعة، وهذا المنتظر لا.

(1) أ، ب: ولم يعد.
(2) أ، ب: وإما ثلاثا وإما خمسا.
(3) وخمسين: ساقطة من (ب) فقط.
(4) الضمير في " عرف " لملتقط المال.
(5) ن، م: لأنه هنا.
(6) عليه: زيادة في (ب) .
(7) ب (فقط) : التي تخرج.
(8) ن، م: فالله.
****************************
يحصل بمعرفته طاعة، ولا جماعة، فلم يعرف معرفة تخرج الإنسان من [حال] (1) الجاهلية، بل المنتسبون إليه أعظم الطوائف جاهلية، وأشبههم بالجاهلية، وإن لم يدخلوا في طاعة غيرهم - إما طاعة كافر، وإما (2) طاعة مسلم هو عندهم من الكفار، أو النواصب (3) - لم ينتظم لهم مصلحة لكثرة اختلافهم، وافتراقهم، وخروجهم عن الطاعة، والجماعة (4) .وهذا يتبين (5) .بالوجه (6)
[الوجه التاسع الأمر بطاعة الأئمة في غير المعصية]
التاسع:وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بطاعة الأئمة الموجودين (7) [المعلومين] (8) الذين لهم سلطان يقدرون به على سياسة الناس لا بطاعة معدوم ولا مجهول، ولا من ليس له سلطان، ولا قدرة (9) على شيء أصلا، كما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالاجتماع، والائتلاف، ونهى عن الفرقة، والاختلاف، ولم يأمر بطاعة الأئمة مطلقا، بل أمر بطاعتهم في طاعة

(1) حال: ساقطة من (ب) فقط.
(2) أ، ب: أو. .
(3) في اللسان: " النواصب: قوم يتدينون ببغضة علي ". وفي كليات أبي البقاء الكفوري (ط. بولاق) ص [0 - 9] 61: " والنصب يقال أيضا لمذهب هو بغض علي بن أبي طالب وهو طرف النقيض من الرفض ".
(4) والجماعة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) ب: " فقط ": يبينه.
(6) في جميع النسخ: الوجه. وما أثبته يستقيم به الكلام.
(7) أ، ب: الموحدين.
(8) المعلومين: ساقطة من (ن) ، (م) .
(9) ن، م: وقدرة.
**************************
الله دون معصيته، وهذا يبين أن الأئمة الذين أمر بطاعتهم في طاعة الله ليسوا معصومين.ففي (1) صحيح مسلم عن عوف بن مالك الأشجعي قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم -
يقول:
( «خيار أئمتكم الذين تحبونهم، ويحبونكم، وتصلون عليهم، ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم، ويبغضونكم، وتلعنونهم، ويلعنوكم.) قال: قلنا: يا رسول الله،
أفلا ننابذهم عند ذلك قال:
(لا ما أقاموا فيكم الصلاة ألا من ولي عليه وال، فرآه يأتي شيئا من معصية الله، فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يدا من طاعة» .) (2) .وفي [صحيح] (3) مسلم عن أم سلمة أن النبي. (4) - صلى الله عليه وسلم -
قال:
( «ستكون أمراء، فتعرفون، وتنكرون، فمن عرف برئ، ومن أنكر سلم، ولكن من رضي وتابع.) قالوا: [يا رسول الله] (5) أفلا نقاتلهم؟
قال:
(لا ما صلوا» .) (6) .

(1) أ، ب: وفي.
(2) الحديث عن عوف بن مالك الأشجعي - رضي الله عنه - في: مسلم 3/1481، 1482 (كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم) ؛ سنن الدارمي 2/324 (كتاب الرقاق، باب في الطاعة ولزوم الجماعة) ؛ المسند (ط. الحلبي) 6/24. وجاء جزء من حديث آخر بمعنى هذا الحديث عن عمر - رضي الله عنه - في: سنن الترمذي 3/360 (كتاب الفتن، باب حدثنا موسى بن عبد الرحمن الكندي) وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد بن أبي حميد ومحمد يضعف من قبل حفظه.
(3) صحيح: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) أ، ب: أن رسول الله.
(5) يا رسول الله: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) الحديث عن أم سلمة - رضي الله عنها - في: مسلم 3/1480 - 1481 (كتاب وجوب الإنكار. على الأمراء فيما يخالف الشرع.) ؛ سنن أبي داود 4/333 - 334 (كتاب السنة، باب في قتل الخوارج) ؛ سنن الترمذي 3/361 (كتاب الفتن، باب منه) ؛ المسند (ط. الحلبي) 6/295، 302، 305، 321.
***********************


ابوالوليد المسلم 04-06-2021 11:08 PM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://i.imgur.com/xOziErR.gif
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (18)
صـ 117 إلى صـ 123


وهذا يبين أن الأئمة هم الأمراء ولاة الأمور، وأنه يكره، وينكر ما يأتونه من معصية الله، ولا تنزع (1) اليد من طاعتهم، بل يطاعون في طاعة الله، وأن منهم خيارا، وشرارا من يحب، ويدعى له، ويحب الناس، ويدعو لهم، ومن يبغض، ويدعو على الناس، ويبغضونه، ويدعون عليه.وفي الصحيحين (2) [عن أبي هريرة] (3) عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال:
( «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وستكون خلفاء، فتكثر (4) قالوا: فما تأمر؟
قال:
(فوا ببيعة الأول، فالأول، وأعطوهم حقهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم» .) (5) ، فقد أخبر أن بعده خلفاء كثيرين (6) ، وأمر أن يوفى ببيعة
(1) أ، ب: ولا تنزعن.
(2) ن، م: وفي الصحيح.
(3) عن أبي هريرة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) في (ن) ،: وتنكر، (م) : تنكر؛ وفي صحيح مسلم (3/1471) : وتكثر. ويقول النووي في شرحه على مسلم (12 - 231) : فتكثر بالثاء المثلثة من الكثرة وهذا هو الصواب المعروف. قال القاضي: وضبطه بعضهم فتكبر بالباء الموحدة كأنه من إكبار قبيح فعالهم، وهذا تصحيف. وفي صحيح البخاري (4/169) : فيكثرون.
(5) الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في: البخاري 4/169 (كتاب الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل) ؛ مسلم 3/1471 (كتاب الإمارة، باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء.) ؛ سنن ابن ماجه 2/958 - 959 (كتاب الجهاد، باب الوفاء بالبيعة) ؛ المسند (ط. المعارف) 15/109 - 110.
(6) ن: تنكر؛ م: ينكرون؛ أ: كثيرون. والمثبت من (ب) .
**********************
الأول فالأول، وأن يعطوهم (1) حقهم.وفي الصحيحين عن [عبد الله] (2) بن مسعود قال: قال. لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( «إنكم سترون بعدي أثرة، وأمورا تنكرونها.) قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟
قال:
(أدوا إليهم حقهم، وسلوا الله حقكم» .) ،
وفي لفظ:
( «ستكون أثرة، وأمور تنكرونها.) قالوا: يا رسول الله، فما تأمرنا؟
قال:
(تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم» .) (3) .
وفي الصحيحين عن عبادة بن الصامت قال: «بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السمع، والطاعة في اليسر، والعسر (4) ، والمنشط، والمكره، وعلى أثرة علينا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله، وعلى أن نقول بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم» (5) .

(1) ن: تعطوهم.
(2) عبد الله: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) الحديث عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في: البخاري 9/47 (كتاب الفتن، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: سترون بعدي أمورا تنكرونها) ؛ مسلم 3/1472 (كتاب الإمارة، باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول) ؛ سنن الترمذي (ط. المدينة المنورة) 3/327 (كتاب الفتن، باب ما جاء في الأثرة) ؛ المسند (ط. المعارف) 5/231 - 232، 242، 6/64.
(4) ن، م: في العسر واليسر.
(5) الحديث عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - في: البخاري 9/47 (كتاب الفتن، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: سترون بعدي أمورا تنكرونها) ؛ مسلم 3/1470 - 1471 (كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية.) ؛ سنن النسائي 7/124 - 126 (كتاب البيعة، باب البيعة على السمع والطاعة، وباب البيعة على أن لا ننازع الأمر أهله، وباب البيعة على القول بالحق، وباب البيعة على القول بالعدل، وباب البيعة على الأثرة) ؛ سنن ابن ماجه 2/957 (كتاب الجهاد، باب البيعة) ؛ الموطأ. 2/445 - 446 (كتاب الجهاد، باب الترغيب في الجهاد) ؛ المسند (ط. الحلبي) 3/441، 5/314، 316. وجاء الحديث في مواضع أخرى في المسند.
************************
وفي الصحيحين عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( «على المرء المسلم السمع، والطاعة فيما أحب، وكره إلا أن يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية، فلا سمع، ولا طاعة» .) (1) .
فإن قال: أنا أردت بقولي إنها (أهم المطالب في الدين، وأشرف مسائل المسلمين.) المطالب التي تنازعت الأمة فيها بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذه هي مسألة الإمامة.
قيل له: فلا لفظ فصيح، ولا معنى صحيح، فإن ما ذكرته لا يدل على هذا المعنى، بل مفهوم اللفظ، ومقتضاه أنها أهم المطالب في الدين مطلقا، وأشرف مسائل المسلمين مطلقا.وبتقدير أن يكون هذا مرادك، فهو معنى باطل، فإن المسلمين تنازعوا بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - في مسائل أشرف من هذه، وبتقدير أن تكون هي الأشرف، فالذي ذكرته فيها أبطل المذاهب، وأفسد المطالب.وذلك أن النزاع في الإمامة لم يظهر إلا في خلافة علي - رضي الله عنه - (2) ، [وأما] (3) على عهد الخلفاء الثلاثة، فلم يظهر نزاع إلا ما جرى يوم السقيفة،

(1) الحديث عن ابن عمر - رضي الله عنهما - في: البخاري 9/63 (كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية) . وهو بمعناه مع اختلاف في اللفظ في: البخاري 4/49 - 50 (كتاب الجهاد والسير، باب السمع والطاعة للإمام) ؛ مسلم 3/1469 (كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء.) ؛ سنن الترمذي 3/125 - 126 (كتاب الجهاد، باب ما جاء لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) .
(2) رضي الله عنه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) وأما: ساقطة من (ن) ، (م) .
********************
وما انفصلوا حتى اتفقوا، ومثل هذا لا يعد نزاعا، ولو قدر أن النزاع فيها كان عقب موت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فليس كل ما (1) تنوزع فيه عقب موته. [- صلى الله عليه وسلم -] (2) يكون أشرف مما تنوزع فيه بعد موته بدهر طويل.وإذا كان كذلك، فمعلوم أن مسائل (3 القدر، والتعديل، والتجوير، والتحسين، والتقبيح 3) (3) ، والتوحيد، والصفات، والإثبات، والتنزيه أهم وأشرف من مسائل الإمامة، ومسائل الأسماء، والأحكام، والوعد، والوعيد، والعفو، والشفاعة، والتخليد أهم من مسائل الإمامة.ولهذا كل من صنف في أصول الدين يذكر مسائل الإمامة في الآخر حتى الإمامية يذكرون مسائل التوحيد، والعدل، والنبوة قبل مسائل الإمامة، وكذلك المعتزلة يذكرون (4) أصولهم الخمس: التوحيد، والعدل، والمنزلة بين المنزلتين، وإنفاذ الوعيد، والخامس: هو الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وبه تتعلق مسائل الإمامة.ولهذا كان جماهير الأمة نالوا الخير بدون مقصود الإمامة التي تقولها الرافضة، فإنهم يقرون بأن الإمام الذي هو صاحب الزمان مفقود لا ينتفع به أحد، وأنه دخل السرداب سنة ستين ومائتين، أو قريبا من ذلك، وهو الآن غائب أكثر من أربعمائة وخمسين سنة، فهم في هذه المدة لم ينتفعوا

(1) ن: فليس كما، وهو تحريف.
(2) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) (3 - 3) : جاءت هذه العبارات في (أ) ، (ب) وبعد كلمة التنزيه، وفي (ب) : التجويز، وهو خطأ.
(4) يذكرون: ساقطة من (أ) ، (ب) .
****************************
بإمامته لا في دين، ولا في دنيا، بل يقولون: إن عندهم علما منقولا عن غيره.فإن كانت أهم مسائل الدين، وهم لم ينتفعوا بالمقصود منها، فقد فاتهم من الدين أهمه، وأشرفه، وحينئذ فلا ينتفعون بما حصل لهم من التوحيد، والعدل؛ لأنه يكون ناقصا بالنسبة إلى مقصود الإمامة، فيستحقون العذاب، كيف وهم يسلمون أن مقصود الإمامة إنما هو. (1) في الفروع الشرعية، وأما الأصول العقلية فلا يحتاج فيها إلى الإمام، وتلك هي أهم وأشرف.ثم بعد هذا كله، فقولكم في الإمامة من أبعد الأقوال عن الصواب، ولو لم يكن فيه إلا أنكم أوجبتم الإمامة لما فيها من مصلحة الخلق في دينهم، ودنياهم، وإمامكم صاحب الوقت لم يحصل لكم من جهته مصلحة لا في الدين، ولا في الدنيا، فأي سعي أضل من سعي من يتعب التعب الطويل، ويكثر القال والقيل. ويفارق جماعة المسلمين، ويلعن السابقين، والتابعين، ويعاون الكفار، والمنافقين، ويحتال بأنواع الحيل، ويسلك ما أمكنه من السبل. ويعتضد بشهود الزور، ويدلي أتباعه بحبل الغرور، ويفعل ما يطول وصفه، ومقصوده بذلك أن يكون له إمام يدله على أمر الله، ونهيه، ويعرفه ما يقربه إلى الله [تعالى] (2) ؟ .ثم إنه لما علم اسم ذلك الإمام، ونسبه لم يظفر بشيء من مطلوبه، ولا وصل إليه [شيء] (3) من تعليمه، وإرشاده، ولا أمره، ولا نهيه، ولا حصل له

(1) إنما هو: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) تعالى: ليست في (ن) فقط.
(3) شيء: ساقطة من (ن) ، (م) .
*****************************
من جهته منفعة، ولا مصلحة أصلا إلا إذهاب نفسه، وماله، وقطع الأسفار، وطول الانتظار بالليل والنهار، ومعاداة الجمهور لداخل في سرداب ليس له عمل، ولا خطاب، ولو كان موجودا بيقين لما حصل به منفعة لهؤلاء المساكين، فكيف عقلاء الناس يعلمون أنه ليس معهم إلا الإفلاس، وأن الحسن بن علي العسكري لم ينسل، ولم يعقب، كما ذكر ذلك محمد بن جرير الطبري (1) ، وعبد الباقي بن قانع (2) ، وغيرهما من أهل العلم بالنسب؟ .وهم يقولون: إنه دخل السرداب بعد موت أبيه، وعمره إما سنتان، وإما ثلاث، وإما خمس، وإما نحو ذلك، ومثل هذا بنص القرآن يتيم يجب أن يحفظ له ماله حتى يؤنس منه الرشد، ويحضنه من يستحق حضانته من أقربائه (3) ، فإذا صار له سبع سنين أمر بالطهارة، والصلاة، فمن لا توضأ، ولا صلى، وهو تحت حجر وليه في نفسه، وماله بنص القرآن لو كان موجودا يشهده العيان لما جاز أن يكون هو إمام أهل الإيمان، فكيف إذا كان معدوما، أو مفقودا مع طول هذه الغيبة؟ .

(1) هو أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن خالد الطبري صاحب التفسير الكبير والتاريخ الشهير، كان من الأئمة المجتهدين، وقد توفي سنة 310 هـ. انظر ترجمته في ابن خلكان 3/332. وقد أشار الأستاذ محب الدين الخطيب في تعليقه على " المنتقى من منهاج الاعتدال " (تعليق (2) ص [0 - 9] ) إلى واقعة حديث سنة 302، وهي مذكورة في تاريخ الطبري، تبين أن الحسن العسكري لم يعقب. وقد ذكر الواقعة عريب بن سعد القرطبي في: " صلة تاريخ الطبري "، 8 - 35، القاهرة، 1358 - 1939.
(2) عبد الباقي بن قانع بن مرزوق بن واثق، ولد سنة 256 وتوفي سنة 351. انظر ترجمته في: لسان الميزان 3/283؛ الأعلام 4/46.
(3) أ، ب: قرابته.
******************************
والمرأة إذا غاب عنها (1) وليها زوجها الحاكم، أو الولي الحاضر لئلا تفوت مصلحة المرأة بغيبة الولي المعلوم الموجود، فكيف تضيع مصلحة الأمة (2) مع طول هذه المدة مع هذا الإمام المفقود؟ .[الفصل الأول من منهاج الكرامة عرض عام لرأي الإمامية وأهل السنة في الإمامة](فصل)قال. المصنف (3) الرافضي:(. الفصل الأول. (في نقل المذاهب في هذه المسألة.) :ذهبت الإمامية إلى أن الله (4) عدل حكيم لا يفعل قبيحا، ولا يخل بواجب، وأن أفعاله إنما تقع لغرض [صحيح] (5) ، وحكمة، وأنه لا يفعل الظلم، ولا العبث، وأنه رءوف (6) بالعباد يفعل ما هو الأصلح لهم، والأنفع، وأنه تعالى كلفهم تخييرا [لا إجبارا] (7) ، ووعدهم الثواب، وتوعدهم بالعقاب على لسان أنبيائه، ورسله المعصومين بحيث لا يجوز عليهم (8) الخطأ، [ولا] النسيان (9) ، ولا المعاصي،

(1) عنها: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) أ، ب: الإمامة.
(3) أ، ب: الإمام.
(4) ك (منهاج الكرامة) : الله تعالى. 1
(5) صحيح: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) أ، ب: رءوف رحيم.
(7) لا إجبارا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) ن (فقط) : لهم.
(9) ن، م: والنسيان.
********************


ابوالوليد المسلم 04-06-2021 11:08 PM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://i.imgur.com/xOziErR.gif
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (19)
صـ 124 إلى صـ 130

وَإِلَّا لَمْ يَبْقَ وُثُوقٌ بِأَقْوَالِهِمْ، [وَأَفْعَالِهِمْ] (1) ، فَتَنْتَفِي فَائِدَةُ الْبَعْثَةِ.ثُمَّ أَرْدَفَ الرِّسَالَةَ بَعْدَ مَوْتِ الرَّسُولِ بِالْإِمَامَةِ، فَنَصَّبَ أَوْلِيَاءَ مَعْصُومِينَ (2) لِيَأْمَنَ النَّاسُ مِنْ غَلَطِهِمْ، وَسَهْوِهِمْ، وَخَطَئِهِمْ، فَيَنْقَادُونَ إِلَى أَوَامِرِهِمْ لِئَلَّا يُخَلِّيَ اللَّهُ الْعَالَمَ مِنْ لُطْفِهِ، وَرَحْمَتِهِ.وَأَنَّهُ لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا. (3) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (4) قَامَ بِنَقْلِ (5) الرِّسَالَةِ، وَنَصَّ عَلَى أَنَّ الْخَلِيفَةَ بَعْدَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ [عَلَيْهِ السَّلَامُ] (6) ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى وَلَدِهِ (7) الْحَسَنِ الزَّكِيِّ، (8 ثُمَّ عَلَى وَلَدِهِ الْحُسَيْنِ الشَّهِيدِ 8) (8) ، ثُمَّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ زَيْنِ الْعَابِدِينَ، ثُمَّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ، ثُمَّ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ، ثُمَّ عَلَى مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ الْكَاظِمِ، ثُمَّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا، ثُمَّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَوَادِ، ثُمَّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَادِي، ثُمَّ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيِّ، ثُمَّ عَلَى الْخَلَفِ الْحُجَّةِ
(1) وَأَفْعَالِهِمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2) ب (فَقَطْ) : مَعْصُومِينَ مَنْصُوصِينَ.
(3) ك: بَعَثَ رَسُولَهُ مُحَمَّدًا.
(4) ك: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ.
(5) كَذَا فِي (ك) ، (أ) وَفِي (ن) : فَأَمَرَ بِنَقْلِ، وَفِي (ب) : قَامَ بِثِقَلِ.
(6) عَلَيْهِ السَّلَامُ: كَذَا فِي (أ) ، (ب) وَفِي (ك) : عَلَيْهِمَا السَّلَامُ.
(7) ن، م: ثُمَّ مِنْ بَعْدِ عَلِيٍّ وَلَدُهُ.
(8) (8 - 8) : بَدَلًا مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ فِي (ك) : ثُمَّ عَلَى الْحُسَيْنِ الشَّهِيدِ أَخِيهِ.
****************************
مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ (1) [عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ] (2) ، وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (3) لَمْ يَمُتْ إِلَّا عَنْ، وَصِيَّةٍ بِالْإِمَامَةِ.) .قَالَ: (وَأَهْلُ السُّنَّةِ ذَهَبُوا (4) إِلَى خِلَافِ ذَلِكَ كُلِّهِ، فَلَمْ يُثْبِتُوا الْعَدْلَ، وَالْحِكْمَةَ فِي أَفْعَالِهِ تَعَالَى (5) ، وَجَوَّزُوا عَلَيْهِ. (6) [فِعْلَ] (7) الْقَبِيحِ، وَالْإِخْلَالَ بِالْوَاجِبِ، وَأَنَّهُ تَعَالَى (8) لَا يَفْعَلُ لِغَرَضٍ، (9 بَلْ كُلُّ أَفْعَالِهِ لَا لِغَرَضٍ 9) (9) مِنَ الْأَغْرَاضِ، وَلَا لِحِكْمَةٍ أَلْبَتَّةَ، وَأَنَّهُ يَفْعَلُ الظُّلْمَ، وَالْعَبَثَ، وَأَنَّهُ لَا يَفْعَلُ مَا هُوَ الْأَصْلَحُ لِعِبَادِهِ (10) ، بَلْ مَا هُوَ الْفَسَادُ (11) فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ فِعْلَ (12) الْمَعَاصِي، وَأَنْوَاعَ الْكُفْرِ وَالظُّلْمِ، وَجَمِيعَ أَنْوَاعِ الْفَسَادِ الْوَاقِعَةِ فِي الْعَالَمِ مُسْنَدَةٌ (13) إِلَيْهِ - تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ (14) - وَأَنَّ الْمُطِيعَ لَا يَسْتَحِقُّ ثَوَابًا، وَالْعَاصِيَ لَا يَسْتَحِقُّ عِقَابًا،


(1) ب (فَقَطْ) : مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمَهْدِيِّ.
(2) عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: كَذَا فِي (أ) ، (ب) وَفِي (ك) : عَلَيْهِمَا أَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ.
(3) ك: عَلَيْهِ وَآلِهِ.
(4) ك: وَذَهَبَ أَهْلُ السُّنَّةِ.
(5) تَعَالَى: لَيْسَتْ فِي (ك) .
(6) ن، م: عَلَيْهِ تَعَالَى.
(7) فِعْلَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(8) تَعَالَى: لَيْسَتْ فِي (ك) .
(9) (9 - 9) : سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(10) ك: لِلْعِبَادِ.
(11) ن، م: بَلْ. هُوَ مِنَ الْفَسَادِ؛ أ: بَلْ هُوَ الْفَسَادُ.
(12) ن، م، أ: فِي الْحَقِيقَةِ كَفِعْلِ.
(13) مُسْنَدَةٌ: كَذَا فِي (ك) ، وَفِي (أ) ، (ب) ، (ن) ، (م) : مُسْتَنِدَةٌ.
(14) ك: إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ.
************************
بَلْ قَدْ يُعَذِّبُ الْمُطِيعَ طُولَ عُمْرِهِ الْمُبَالِغَ فِي امْتِثَالِ أَوَامِرِهِ تَعَالَى كَالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيُثِيبُ الْعَاصِيَ طُولَ عُمْرِهِ بِأَنْوَاعِ الْمَعَاصِي، وَأَبْلَغِهَا كَإِبْلِيسَ، وَفِرْعَوْنَ.وَأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ غَيْرُ مَعْصُومِينَ، بَلْ قَدْ يَقَعُ مِنْهُمُ الْخَطَأُ، وَالزَّلَلُ، وَالْفُسُوقُ، وَالْكَذِبُ، وَالسَّهْوُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ.وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (1) لَمْ يَنُصَّ عَلَى إِمَامٍ (2) ، وَأَنَّهُ مَاتَ عَنْ غَيْرِ (3) . وَصِيَّةٍ، وَأَنَّ الْإِمَامَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ بِمُبَايَعَةِ (4) عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لَهُ (5) بِرِضَاءِ (6) أَرْبَعَةٍ: أَبِي عُبَيْدَةَ [بْنِ الْجَرَّاحِ] (7) ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي (8) حُذَيْفَةَ، وَأُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ (9) ، وَبَشِيرِ بْنِ سَعْدِ [بْنِ عُبَادَةَ] (10) .ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عُمَرُ [بْنُ الْخَطَّابِ] (11) بِنَصِّ أَبِي بَكْرٍ عَلَيْهِ، ثُمَّ


(1) ك: عَلَيْهِ وَآلِهِ.
(2) ن، م، أ: عَلَى إِمَامَةٍ؛ ك: عَلَى إِمَامٍ بَيْنَهُمْ.
(3) ن، م: مِنْ غَيْرِ؛ ك: بِغَيْرِ.
(4) ك: لِمُبَايَعَةِ.
(5) ن، م: عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لَهُ.
(6) ن، م: بِرِضَا.
(7) بْنِ الْجَرَّاحِ: لَيْسَتْ فِي (ن) ، (م) ، (ك) .
(8) أَبِي: سَاقِطَةٌ مِنْ (ك) .
(9) أ: أُسَيْدِ بْنِ حُصَيْنٍ؛ ك: أَسَدِ بْنِ حُضَيْرٍ.
(10) بْنِ عُبَادَةَ: لَيْسَتْ فِي (ن) ، (م) ، (ك) .
(11) بْنُ الْخَطَّابِ: لَيْسَتْ فِي (ن) ، (م) .
******************************
عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ بِنَصِّ عُمَرَ عَلَى سِتَّةٍ هُوَ أَحَدُهُمْ، فَاخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ، ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (1) لِمُبَايَعَةِ (2) الْخَلْقِ لَهُ.ثُمَّ اخْتَلَفُوا، فَقَالَ. بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْإِمَامَ بَعْدَهُ الْحَسَنُ (3) ، وَبَعْضُهُمْ قَالَ: إِنَّهُ مُعَاوِيَةُ [بْنُ أَبِي سُفْيَانَ] (4) .ثُمَّ سَاقُوا الْإِمَامَةَ فِي بَنِي أُمَيَّةَ إِلَى أَنْ ظَهَرَ (5) السَّفَّاحُ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ، فَسَاقُوا الْإِمَامَةَ إِلَيْهِ.ثُمَّ انْتَقَلَتِ الْإِمَامَةُ (6) مِنْهُ إِلَى أَخِيهِ الْمَنْصُورِ.ثُمَّ سَاقُوا الْإِمَامَةَ فِي بَنِي الْعَبَّاسِ إِلَى الْمُسْتَعْصِمِ.) (7) .[رد ابن تيمية الكذب والتحريف في نقل مذهب أهل السنة ومذهب الرافضة][الوجه الأول إثبات القدر ونفيه معروف عند طوائف من الفريقين]قُلْتُ: فَهَذَا النَّقْلُ لِمَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَالرَّافِضَةِ فِيهِ مِنَ الْكَذِبِ، وَالتَّحْرِيفِ مَا سَنَذْكُرُ (8) بَعْضَهُ.وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ مِنْ وُجُوهٍ:أَحَدُهَا:أَنَّ إِدْخَالَ مَسَائِلِ الْقَدَرِ، وَالتَّعْدِيلِ، وَالتَّجْوِيرِ. (9) فِي هَذَا الْبَابِ كَلَامٌ بَاطِلٌ


(1) ك: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.
(2) ن، م، أ: بِمُبَايَعَةِ.
(3) ك: إِنَّ الْإِمَامَ بَعْدَهُ ابْنُهُ الْحَسَنُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.
(4) بْنُ أَبِي سُفْيَانَ: لَيْسَتْ فِي (ن) ، (م) .
(5) ك: حَتَّى ظَهَرَ.
(6) الْإِمَامَةُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (أ) .
(7) ن، م، أ: الْمُعْتَصِمِ.
(8) ن، م: مَا نَذْكُرُ.
(9) فِي النُّسَخِ الْأَرْبَعِ: التَّجْوِيزِ، وَالصَّوَابُ مَا أَثْبَتْنَاهُ.
************************
مِنَ الْجَانِبَيْنِ، إِذْ كُلٌّ مِنَ الْقَوْلَيْنِ قَدْ قَالَ بِهِ طَوَائِفُ مِنْ [أَهْلِ] (1) السُّنَّةِ، وَالشِّيعَةِ، فَالشِّيعَةُ فِيهِمْ طَوَائِفُ تُثْبِتُ الْقَدَرَ، وَتُنْكِرُ مَسَائِلَ التَّعْدِيلِ، وَالتَّجْوِيرِ (2) ، وَالَّذِينَ يُقِرُّونَ بِخِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ فِيهِمْ طَوَائِفُ تَقُولُ بِمَا ذَكَرَهُ مِنَ التَّعْدِيلِ، وَالتَّجْوِيرِ (3) كَالْمُعْتَزِلَةِ، وَغَيْرِهِمْ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُعْتَزِلَةَ هُمْ أَصْلُ هَذَا الْقَوْلِ، وَأَنَّ شُيُوخَ الرَّافِضَةِ كَالْمُفِيدِ، وَالْمُوسَوِيِّ، وَالطُّوسِيِّ، وَالْكَرَاجِكِيِّ، وَغَيْرِهِمْ إِنَّمَا أَخَذُوا ذَلِكَ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ، وَإِلَّا فَالشِّيعَةُ الْقُدَمَاءُ لَا يُوجَدُ فِي كَلَامِهِمْ شَيْءٌ مِنْ هَذَا.وَإِنْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ فِي ذَلِكَ لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِمَذْهَبِ الْإِمَامَةِ، بَلْ قَدْ يُوَافِقُهُمْ عَلَى قَوْلِهِمْ فِي الْإِمَامِيَّةِ مَنْ لَا يُوَافِقُهُمْ عَلَى قَوْلِهِمْ فِي الْقَدَرِ (4) ، وَقَدْ تَقُولُ بِمَا ذَكَرَهُ فِي الْقَدَرِ طَوَائِفُ لَا تُوَافِقُهُمْ عَلَى الْإِمَامَةِ (5) - كَانَ ذِكْرُ هَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْإِمَامَةِ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ مَسَائِلِ النِّزَاعِ الَّتِي وَافَقُوا فِيهَا بَعْضَ الْمُسْلِمِينَ كَمَسَائِلِ فِتْنَةِ الْقَبْرِ، وَمُنْكَرٍ (6) ، وَنَكِيرٍ، وَالْحَوْضِ، وَالْمِيزَانِ، وَالشَّفَاعَةِ، وَخُرُوجِ أَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنَ النَّارِ، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ مِنَ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا تَتَعَلَّقُ بِالْإِمَامَةِ، بَلْ هِيَ مَسَائِلُ مُسْتَقِلَّةٌ بِنَفْسِهَا، وَبِمَنْزِلَةِ الْمَسَائِلِ الْعَمَلِيَّةِ كَمَسَائِلِ الْخِلَافِ الَّتِي صَنَّفَهَا الْمُوسَوِيُّ، وَغَيْرُهُ مِنْ شُيُوخِ الْإِمَامِيَّةِ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ إِدْخَالَ مَسَائِلِ الْقَدَرِ فِي مَسْأَلَةِ (7) الْإِمَامِيَّةِ إِمَّا جَهْلٌ، وَإِمَّا تَجَاهُلٌ.


(1) أَهْلِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2) م: وَالتَّجْوِيزِ.
(3) م: وَالتَّجْوِيزِ.
(4) ن (فَقَطْ) : الْقُدْرَةِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(5) ن، م: لَا يُوَافِقُهُمْ عَلَيْهِ الْإِمَامِيَّةُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(6) ن، م: الْقَبْرِ مُنْكَرٍ.
(7) أ، ب: مَسَائِلِ.
*********************************
[الْوَجْهُ الثَّانِي تمام قول الإمامية في القدر]الْوَجْهُ الثَّانِي:أَنْ يُقَالَ: مَا نَقَلَهُ عَنِ الْإِمَامِيَّةِ لَمْ يَنْقُلْهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِنَّهُ (1) مِنْ تَمَامِ قَوْلِ [الْإِمَامِيَّةِ] الَّذِي (2) حَكَاهُ - وَهُوَ قَوْلُ مَنْ وَافَقَ الْمُعْتَزِلَةَ. (3) فِي تَوْحِيدِهِمْ، وَعَدْلِهِمْ مِنْ مُتَأَخِّرِي الشِّيعَةِ - أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ شَيْئًا مِنْ أَفْعَالِ الْحَيَوَانِ: لَا الْمَلَائِكَةِ، وَلَا الْأَنْبِيَاءِ، وَلَا غَيْرِهِمْ، بَلْ هَذِهِ الْحَوَادِثُ الَّتِي تَحْدُثُ (4) تَحْدُثُ بِغَيْرِ قُدْرَتِهِ، وَلَا خَلْقِهِ.وَمِنْ قَوْلِهِمْ أَيْضًا: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَقْدِرُ أَنْ يَهْدِيَ ضَالًّا، وَلَا [يَقْدِرُ] أَنْ (5) يُضِلَّ مُهْتَدِيًا، وَلَا يَحْتَاجُ أَحَدٌ مِنَ الْخَلْقِ إِلَى أَنْ يَهْدِيَهُ اللَّهُ، بَلِ اللَّهُ قَدْ هَدَاهُمْ هُدَى الْبَيَانِ، وَأَمَّا الِاهْتِدَاءُ، فَهَذَا يَهْتَدِي بِنَفْسِهِ لَا بِمَعُونَةِ اللَّهِ لَهُ، وَهَذَا يَهْتَدِي بِنَفْسِهِ (6) لَا بِمَعُونَةِ اللَّهِ لَهُ.وَمِنْ قَوْلِهِمْ: إِنَّ هُدَى اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِينَ (7) ، وَالْكُفَّارِ سَوَاءٌ لَيْسَ لَهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ نِعْمَةٌ فِي الدِّينِ أَعْظَمُ مِنْ نِعْمَتِهِ عَلَى الْكَافِرِينَ، بَلْ قَدْ هَدَى عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، كَمَا هَدَى أَبَا جَهْلٍ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ الَّذِي يُعْطِي أَحَدَ بَنِيهِ دَرَاهِمَ، وَيُعْطِي الْآخَرَ مِثْلَهَا لَكِنَّ هَذَا أَنْفَقَهَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ، وَهَذَا فِي مَعْصِيَتِهِ (8) ،


(1) ب (فَقَطْ) : فَإِنَّ.
(2) ن، م: مِنْ تَمَامِ قَوْلِهِمُ الَّذِي.
(3) ن، م: قَوْلٌ مِنْ أَقْوَالِ الْمُعْتَزِلَةِ؛ أ: قَوْلٌ وَافَقَ الْمُعْتَزِلَةَ.
(4) الَّتِي تَحْدُثُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ) .
(5) ن، م: وَلَا أَنْ.
(6) بِنَفْسِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(7) أ، ب: الْمُؤْمِنِينَ.
(8) ن، م: فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ.
***************************
فَلَيْسَ لِلْأَبِ مِنَ الْإِنْعَامِ عَلَى هَذَا فِي دِينِهِ أَكْثَرُ مِمَّا لَهُ مِنَ الْإِنْعَامِ عَلَى الْآخَرِ.وَمِنْ أَقْوَالِهِمْ: إِنَّهُ يَشَاءُ اللَّهُ مَا لَا يَكُونُ (1) ، وَيَكُونُ مَا لَا يَشَاءُ.فَإِنْ قِيلَ: فِيهِمْ مَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ يَخُصُّ بَعْضَهُمْ مِمَّنْ عَلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا خَصَّهُ بِمَزِيدِ لُطْفٍ (2) مِنْ عِنْدِهِ اهْتَدَى بِذَلِكَ (3) ، وَإِلَّا فَلَا.قِيلَ: فَهَذَا هُوَ حَقِيقَةُ قَوْلِ أَهْلِ السُّنَّةِ الْمُثْبِتِينَ لِلْقَدَرِ، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: كُلُّ مَنْ خَصَّهُ اللَّهُ بِهِدَايَتِهِ (4) إِيَّاهُ صَارَ مُهْتَدِيًا، وَمَنْ لَمْ يَخُصَّهُ بِذَلِكَ لَمْ يَصِرْ مُهْتَدِيًا، فَالتَّخْصِيصُ، وَالِاهْتِدَاءُ مُتَلَازِمَانِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ.فَإِنْ قِيلَ: بَلْ قَدْ يَخُصُّهُ بِمَا لَا يُوجِبُ الِاهْتِدَاءَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [سُورَةُ الْأَنْفَالِ: 23] .قِيلَ: هَذَا التَّخْصِيصُ حَقٌّ، لَكِنَّ دَعْوَى: لَا تَخْصِيصَ إِلَّا هَذَا، غَلَطٌ - كَمَا سَيَأْتِي - بَلْ كُلُّ مَا يَسْتَلْزِمُ الِاهْتِدَاءَ هُوَ مِنَ التَّخْصِيصِ] (5) .وَفِي الْجُمْلَةِ، فَالْقَوْمُ (6) لَا يُثْبِتُونَ لِلَّهِ مَشِيئَةً عَامَّةً، وَلَا قُدْرَةً تَامَّةً (7) ، وَلَا خُلُقًا مُتَنَاوِلًا لِكُلِّ حَادِثٍ، وَهَذَا الْقَوْلُ أَخَذُوهُ عَنِ الْمُعْتَزِلَةِ هُمْ (8) أَئِمَّتُهُمْ فِيهِ،


(1) م: إِنَّهُ يَشَاءُ اللَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ؛ أ: إِنَّهُ يَشَاءُ مَا لَمْ يَكُنْ؛ ب: إِنَّهُ يَشَاءُ مَا لَا يَكُونُ.
(2) أ: لُطْفِهِ.
(3) أ: خَصَّهُ بِذَلِكَ.
(4) أ: لِهِدَايَتِهِ.
(5) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(6) أ، ب: الْقَوْمُ.
(7) وَلَا قُدْرَةً تَامَّةً: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) . 1
(8) ب (فَقَطْ) : وَهُمْ.
******************************


ابوالوليد المسلم 04-06-2021 11:09 PM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://i.imgur.com/xOziErR.gif
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (20)
صـ 131 إلى صـ 137


وَلِهَذَا كَانَتِ الشِّيعَةُ فِيهِ (1) عَلَى قَوْلَيْنِ.[الْوَجْهُ الثَّالِثُ الإمامة عندهم لا يحصل بها اللطف]الْوَجْهُ الثَّالِثُ:أَنَّ قَوْلَهُ: إِنَّهُ نَصَبَ أَوْلِيَاءَ مَعْصُومِينَ لِئَلَّا يُخْلِيَ اللَّهُ الْعَالَمَ مِنْ لُطْفِهِ، وَرَحْمَتِهِ.إِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: إِنَّهُ نَصَبَ أَوْلِيَاءَ أَنَّهُ مَكَّنَهُمْ، وَأَعْطَاهُمُ الْقُدْرَةَ عَلَى سِيَاسَةِ النَّاسِ حَتَّى يَنْتَفِعَ النَّاسُ بِسِيَاسَتِهِمْ (2) ، فَهَذَا كَذِبٌ وَاضِحٌ، وَهُمْ لَا يَقُولُونَ. ذَلِكَ، بَلْ يَقُولُونَ: إِنَّ الْأَئِمَّةَ مَقْهُورُونَ مَظْلُومُونَ عَاجِزُونَ لَيْسَ لَهُمْ سُلْطَانٌ، وَلَا قُدْرَةٌ، وَلَا مُكْنَةٌ، وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُمَكِّنْهُمْ، وَلَمْ يُمَلِّكْهُمْ، فَلَمْ يُؤْتِهِمْ (3) وِلَايَةً، وَلَا مُلْكًا كَمَا آتَى الْمُؤْمِنِينَ وَالصَّالِحِينَ (4) ، وَلَا كَمَا آتَى الْكُفَّارَ وَالْفُجَّارَ.فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ آتَى الْمُلْكَ لِمَنْ آتَاهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، كَمَا قَالَ فِي دَاوُدَ: {وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 251] ، وَقَالَ تَعَالَى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 54] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ} [سُورَةُ يُوسُفَ 54] .وَقَالَ: {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} [سُورَةُ الْكَهْفِ: 79] ،
(1) . أ، ب: فِي هَذَا. .
(2) م: حَتَّى يَنْتَفِعَ بِسِيَاسَتِهِمْ؛ أ: حَتَّى يَنْتَفِعُوا النَّاسُ بِسِيَاسَتِهِمْ.
(3) ن، م: وَلَمْ يُوَلِّهِمْ.
(4) أ، ب: الْمُؤْمِنِينَ الصَّالِحِينَ.
*****************************
وَقَالَ [تَعَالَى] (1) : {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 258] .فَقَدْ آتَى الْمُلْكَ لِبَعْضِ الْكُفَّارِ، كَمَا آتَاهُ لِبَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ، وَمِنْ بَعْدِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَالْحَسَنِ لَمْ يُؤْتِ الْمُلْكَ لِأَحَدٍ (2) مِنْ هَؤُلَاءِ، كَمَا أُوتِيَهُ الْأَنْبِيَاءُ، وَالصَّالِحُونَ، وَلَا كَمَا أُوتِيَهُ غَيْرُهُمْ مِنَ الْمُلُوكِ، فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ نَصَبَ هَؤُلَاءِ الْمَعْصُومِينَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ.فَإِنْ قِيلَ: الْمُرَادُ بِنَصْبِهِمْ أَنَّهُ أَوْجَبَ عَلَى الْخَلْقِ طَاعَتَهُمْ، فَإِذَا أَطَاعُوهُمْ هَدَوْهُمْ لَكِنَّ الْخَلْقَ عَصَوْهُمْ.فَيُقَالُ: فَلَمْ يَحْصُلْ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ فِي الْعَالَمِ لَا لُطْفٌ، وَلَا رَحْمَةٌ، بَلْ (3) إِنَّمَا حَصَلَ تَكْذِيبُ النَّاسِ لَهُمْ، وَمَعْصِيَتُهُمْ إِيَّاهُمْ، وَأَيْضًا، فَالْمُؤْمِنُونَ بِالْمُنْتَظَرِ لَمْ يَنْتَفِعُوا بِهِ، وَلَا حَصَلَ [لَهُمْ] (4) بِهِ لُطْفٌ، وَلَا مَصْلَحَةٌ مَعَ كَوْنِهِمْ يُحِبُّونَهُ، وَيُوَالُونَهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ لُطْفٌ (5) ، وَلَا مَصْلَحَةٌ لَا لِمَنْ أَقَرَّ بِإِمَامَتِهِ، وَلَا لِمَنْ جَحَدَهَا.فَبَطَلَ مَا يَذْكُرُونَ أَنَّ الْعَالَمَ حَصَلَ فِيهِ اللُّطْفُ، وَالرَّحْمَةُ بِهَذَا الْمَعْصُومِ، وَعُلِمَ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ هَذَا (6) الْعَالَمَ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ بِهَذَا الْمُنْتَظَرِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَا لِمَنْ آمَنَ بِهِ، وَلَا لِمَنْ كَفَرَ بِهِ بِخِلَافِ الرَّسُولِ، وَالنَّبِيِّ الَّذِي بَعَثَهُ اللَّهُ،


(1) تَعَالَى: لَيْسَتْ فِي (ن) .
(2) أ: أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ فَقَدَ آتَى اللَّهُ الْمُلْكَ لِأَحَدٍ؛ ب: أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ فَلَمْ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُلْكَ لِأَحَدٍ. 1
(3) بَلْ: لَيْسَتْ فِي (أ) ، (ب) .
(4) لَهُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(5) أ، ب: بِهِ لَا لُطْفٌ.
(6) هَذَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
**********************************
وَكَذَّبَهُ قَوْمٌ، فَإِنَّهُ انْتَفَعَ بِهِ مَنْ آمَنَ بِهِ، وَأَطَاعَهُ، فَكَانَ رَحْمَةً فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِ بِهِ الْمُطِيعِ لَهُ (1) ، وَأَمَّا الْعَاصِي فَهُوَ الْمُفَرِّطُ.وَهَذَا الْمُنْتَظَرُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ لَا مُؤْمِنٌ بِهِ (2) ، وَلَا كَافِرٌ بِهِ (3) ، وَأَمَّا سَائِرُ الِاثْنَيْ عَشَرَ سِوَى عَلِيٍّ (4) ، فَكَانَتِ الْمَنْفَعَةُ بِأَحَدِهِمْ كَالْمَنْفَعَةِ بِأَمْثَالِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ مِنْ جِنْسِ تَعْلِيمِ الْعِلْمِ، وَالتَّحْدِيثِ، وَالْإِفْتَاءِ (5) ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْمَنْفَعَةُ الْمَطْلُوبَةُ مِنَ الْأَئِمَّةِ ذَوِي السُّلْطَانِ وَالسَّيْفِ، فَلَمْ تَحْصُلْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنَ اللُّطْفِ، وَالْمَصْلَحَةِ بِالْأَئِمَّةِ تَلْبِيسٌ مَحْضٌ، وَكَذِبٌ.[الْوَجْهُ الرَّابِعُ مقالة أهل السنة في عدل الله وحكمته]الْوَجْهُ الرَّابِعُ:أَنَّ قَوْلَهُ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ إِنَّهُمْ لَمْ يُثْبِتُوا الْعَدْلَ، وَالْحِكْمَةَ، وَجَوَّزُوا عَلَيْهِ فِعْلَ الْقَبِيحِ، وَالْإِخْلَالَ بِالْوَاجِبِ نَقْلٌ بَاطِلٌ عَنْهُمْ مِنْ وَجْهَيْنِ:أَحَدُهُمَا: أَنَّ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ الَّذِينَ لَا يَقُولُونَ فِي الْخِلَافَةِ بِالنَّصِّ (6) عَلَى عَلِيٍّ، وَلَا بِإِمَامَةِ الِاثْنَيْ عَشَرَ يُثْبِتُونَ مَا ذَكَرَهُ مِنَ الْعَدْلِ، وَالْحِكْمَةِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قَالَهُ هُوَ - وَشُيُوخُهُ عَنْ هَؤُلَاءِ أَخَذُوا ذَلِكَ - كَالْمُعْتَزِلَةِ، وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ وَافَقَهُمْ مُتَأَخِّرُو (7) الرَّافِضَةِ عَلَى الْقَدَرِ، فَنَقَلَهُ عَنْ جَمِيعِ أَهْلِ السُّنَّةِ


(1) ن، م: فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ الْمُطِيعِ لَهُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(2) بِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(3) بِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(4) عِبَارَةُ " سِوَى عَلِيٍّ ": سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) فَقَطْ.
(5) ن، م: وَالْحَدِيثُ فِي الْإِفْتَاءِ.
(6) ن، م، أ: أَهْلِ السُّنَّةِ فِي الْخِلَافَةِ الَّذِينَ لَا يَقُولُونَ بِالنَّصِّ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ب) .
(7) أ، ب: مِنْ مُتَأَخِّرِي.
**************************
- الَّذِينَ هُمْ فِي اصْطِلَاحِهِ، وَاصْطِلَاحِ الْعَامَّةِ [مَنْ] (1) سِوَى الشِّيعَةِ - هَذَا الْقَوْلُ كَذِبٌ بَيِّنٌ (2) مِنْهُ.الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ سَائِرَ أَهْلِ السُّنَّةِ الَّذِينَ يُقِرُّونَ بِالْقَدَرِ لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ [تَعَالَى] (3) لَيْسَ بِعَدْلٍ، وَلَا مَنْ يَقُولُ: [إِنَّهُ] (4) لَيْسَ بِحَكِيمٍ، وَلَا فِيهِمْ مَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتْرُكَ. وَاجِبًا، وَلَا أَنْ يَفْعَلَ قَبِيحًا.فَلَيْسَ فِي الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَتَكَلَّمُ بِمِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ الَّذِي أَطْلَقَهُ، وَمَنْ أَطْلَقَهُ كَانَ (5) كَافِرًا مُبَاحَ الدَّمِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ.وَلَكِنَّ هَذِهِ مَسْأَلَةُ الْقَدَرِ، وَالنِّزَاعُ فِيهَا مَعْرُوفٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ: فَأَمَّا نُفَاةُ الْقَدَرِ - كَالْمُعْتَزِلَةِ، وَنَحْوِهِمْ - فَقَوْلُهُمْ هُوَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مُتَأَخِّرُو الْإِمَامِيَّةِ.و [أَمَّا] الْمُثْبِتُونَ (6) لِلْقَدَرِ، وَهُوَ جُمْهُورُ الْأُمَّةِ، وَأَئِمَّتُهَا كَالصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَأَهْلُ الْبَيْتِ، وَغَيْرُهُمْ، فَهَؤُلَاءِ تَنَازَعُوا فِي تَفْسِيرِ عَدْلِ اللَّهِ، وَحِكْمَتِهِ، وَالظُّلْمِ الَّذِي يَجِبُ تَنْزِيهُهُ عَنْهُ، وَفِي تَعْلِيلِ أَفْعَالِهِ، وَأَحْكَامِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّ الظُّلْمَ مُمْتَنِعٌ مِنْهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ، وَهُوَ مُحَالٌ لِذَاتِهِ كَالْجَمْعِ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ (7) ، وَإِنَّ كُلَّ مُمْكِنٍ مَقْدُورٌ، فَلَيْسَ هُوَ ظُلْمًا، وَهَؤُلَاءِ.


(1) مَنْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2) بَيِّنٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(3) تَعَالَى: لَيْسَتْ فِي (ن) ، (م) .
(4) إِنَّهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(5) أ، ب: الْكَلَامُ الَّذِي أَطْلَقَهُ كَانَ. 1
(6) ن: وَالْمُثْبِتُونَ.
(7) ن، م: الضِّدَّيْنِ.
***************************
هُمُ الَّذِينَ قَصَدُوا الرَّدَّ عَلَيْهِمْ، وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: إِنَّهُ لَوْ عَذَّبَ الْمُطِيعِينَ، وَنَعَّمَ الْعُصَاةَ لَمْ يَكُنْ ظَالِمًا (1) ، وَقَالُوا: الظُّلْمُ التَّصَرُّفُ فِيمَا لَيْسَ لَهُ، وَاللَّهُ تَعَالَى لَهُ كُلُّ شَيْءٍ، أَوْ هُوَ مُخَالَفَةُ الْأَمْرِ، وَاللَّهُ لَا آمِرَ لَهُ، وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ الْمُثْبِتِينَ لِلْقَدَرِ، وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنَ الْفُقَهَاءِ أَصْحَابِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ.وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: بَلِ الظُّلْمُ مَقْدُورٌ مُمْكِنٌ، وَاللَّهُ تَعَالَى مُنَزَّهٌ (2) لَا يَفْعَلُهُ لِعَدْلِهِ، وَلِهَذَا مَدَحَ اللَّهُ نَفْسَهُ (3) حَيْثُ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا، وَالْمَدْحُ إِنَّمَا يَكُونُ بِتَرْكِ الْمَقْدُورِ [عَلَيْهِ] (4) لَا بِتَرْكِ الْمُمْتَنِعِ.قَالُوا: وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} [سُورَةُ طه: 112] قَالُوا: الظُّلْمُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ سَيِّئَاتُ غَيْرِهِ وَالْهَضْمُ أَنْ يُهْضَمَ حَسَنَاتُهُ.وَقَالَ تَعَالَى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ - وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} [سُورَةُ هُودٍ: 100 - 101] ، فَأَخْبَرَ (5) أَنَّهُ لَمْ يَظْلِمْهُمْ لَمَّا أَهْلَكَهُمْ، بَلْ أَهْلَكَهُمْ بِذُنُوبِهِمْ.وَقَالَ تَعَالَى: {وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [سُورَةُ الزُّمَرِ: 69] ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ بَيْنَهُمْ بِغَيْرِ الْقِسْطِ ظُلْمٌ، وَاللَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْهُ.وَقَالَ تَعَالَى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا} [سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ: 47] .


(1) أ، ب: ظُلْمًا.
(2) مُنَزَّهٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: مَدَحَ نَفْسَهُ.
(4) عَلَيْهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(5) ن: وَأَخْبَرَ. وَسَقَطَتِ الْكَلِمَةُ مِنْ (م) .
*****************************
أَيْ لَا تَنْقُصُ مِنْ حَسَنَاتِهَا، وَلَا (1) تُعَاقَبُ بِغَيْرِ سَيِّئَاتِهَا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ ظُلْمٌ يُنَزَّهُ اللَّهُ عَنْهُ.وَقَالَ تَعَالَى: {قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ - مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [سُورَةُ ق: 28 - 29] ، وَإِنَّمَا نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنْ أَمْرٍ يَقْدِرُ عَلَيْهِ لَا عَنِ الْمُمْتَنِعِ (2) لِنَفْسِهِ.وَمِثْلُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ اللَّهَ يَنْتَصِفُ مِنَ الْعِبَادِ، وَيَقْضِي بَيْنَهُمْ بِالْعَدْلِ، وَأَنَّ الْقَضَاءَ بَيْنَهُمْ بِغَيْرِ الْعَدْلِ ظُلْمٌ يُنَزَّهُ (3) اللَّهُ عَنْهُ، وَأَنَّهُ لَا يَحْمِلُ عَلَى أَحَدٍ ذَنْبَ غَيْرِهِ.وَقَالَ تَعَالَى: (4) {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: 164] ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُنَزَّهُ اللَّهَ عَنْهُ، بَلْ لِكُلِّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ، [وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ] (5) .وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ اللَّهَ [تَعَالَى] (6) يَقُولُ: (يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا» .) (7) ، فَقَدْ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ الظُّلْمَ، كَمَا كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ فِي قَوْلِهِ: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: 54] .


(1) أ، ب: فَلَا.
(2) ن، م: مُمْتَنِعٍ.
(3) أ، ب: يَتَنَزَّهُ.
(4) وَقَالَ تَعَالَى: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(5) وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(6) تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(7) سَيَرِدُ هَذَا الْحَدِيثُ بَعْدَ قَلِيلٍ، فَانْظُرْ كَلَامِي عَلَيْهِ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
**********************
وَفِي [الْحَدِيثِ] الصَّحِيحِ: (1) ( «لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابٍ (2) فَهُوَ مَوْضُوعٌ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ: إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي» .) (3) ، وَالْأَمْرُ الَّذِي كَتَبَهُ اللَّهُ (4) عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ حَرَّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ لَا يَكُونُ إِلَّا مَقْدُورًا لَهُ (5) [سُبْحَانَهُ] (6) ، فَالْمُمْتَنِعُ لِنَفْسِهِ لَا يَكْتُبُهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَا يُحَرِّمُهُ عَلَى نَفْسِهِ.وَهَذَا الْقَوْلُ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَالْمُثْبِتِينَ (7) لِلْقَدَرِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَالتَّفْسِيرِ، وَالْفِقْهِ، وَالْكَلَامِ، وَالتَّصَوُّفِ [مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَغَيْرِهِمْ] (8) .وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ، فَهَؤُلَاءِ هُمْ (9) الْقَائِلُونَ بِعَدْلِ اللَّهِ [تَعَالَى] (10) ، وَإِحْسَانِهِ دُونَ مَنْ يَقُولُ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ: إِنَّ مَنْ فَعَلَ كَبِيرَةً حَبِطَ إِيمَانُهُ، فَإِنَّ هَذَا نَوْعٌ مِنَ الظُّلْمِ الَّذِي نَزَّهَ اللَّهَ [سُبْحَانَهُ] (11) نَفْسَهُ عَنْهُ، وَهُوَ الْقَائِلُ:


(1) ن، م: وَفِي الصَّحِيحِ.
(2) أ، ب: كَتَبَ كِتَابًا.
(3) الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: الْبُخَارِيِّ 4/106 (كِتَابُ بَدْءِ الْخَلْقِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) ، 9/159 (كِتَابُ التَّوْحِيدِ، بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ) ؛ مُسْلِمٍ 4/2107 - 2108 (كِتَابُ التَّوْبَةِ، بَابٌ فِي سِعَةِ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى) ؛ سُنَنَ ابْنِ مَاجَهْ 2/1435 (كِتَابُ الزُّهْدِ، بَابُ مَا يُرْجَى مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) ؛ سُنَنَ التِّرْمِذِيِّ 5/209 - 210 (كِتَابُ الدَّعَوَاتِ، بَابُ 109) ؛ الْمُسْنَدَ (ط. الْمَعَارِفِ) 13/23، 243، 265 (ط. الْحَلَبِيِّ) 2/313، 358، 381.
(4) لَفْظُ الْجَلَالَةِ فِي (ن) فَقَطْ.
(5) أ: مُقَدِّرًا لَهُ.
(6) سُبْحَانَهُ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(7) ن، م: أَهْلِ السُّنَّةِ الْمُثْبِتِينَ.
(8) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(9) هُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(10) تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(11) سُبْحَانَهُ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
****************************





ابوالوليد المسلم 20-06-2021 03:34 AM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://i.imgur.com/xOziErR.gif
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (21)
صـ 138 إلى صـ 144

{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ - وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}
[سُورَةُ الزَّلْزَلَةِ: 7 - 8.] .

وَأَمَّا مَنِ اعْتَقَدَ أَنْ مِنَّتَهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِالْهِدَايَةِ دُونَ الْكَافِرِينَ ظُلْمٌ مِنْهُ، فَهَذَا جَهْلٌ لِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا تَفَضُّلٌ [مِنْهُ] (1) ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [سُورَةُ الْحُجُرَاتِ: 17] .

وَكَمَا قَالَتِ الْأَنْبِيَاءُ: {إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ: 11] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: 53] .

فَتَخْصِيصُ هَذَا بِالْإِيمَانِ كَتَخْصِيصِ هَذَا بِمَزِيدِ عِلْمٍ، وَقُوَّةٍ، وَصِحَّةٍ، وَجَمَالٍ (2) ، وَمَالٍ. قَالَ تَعَالَى: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا} [سُورَةُ الزُّخْرُفِ: 32] .

وَإِذَا خَصَّ أَحَدَ الشَّخْصَيْنِ بِقُوَّةٍ، وَطَبِيعَةٍ تَقْضِي غِذَاءً صَالِحًا خَصَّهُ بِمَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ مِنَ الصِّحَّةِ، [وَالْعَافِيَةِ] (3) ، وَإِذَا (4) لَمْ يُعْطِ الْآخَرَ ذَلِكَ (5) نَقَصَ عَنْهُ، وَحَصَلَ لَهُ ضَعْفٌ، وَمَرَضٌ.

(1) مِنْهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2) أ، ب: وَحَالٍ.
(3) وَالْعَافِيَةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4) ب (فَقَطْ) : وَإِنْ.
(5) ذَلِكَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ)
*************
وَالظُّلْمُ. (1) وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، فَهُوَ لَا يَضَعُ الْعُقُوبَةَ إِلَّا فِي الْمَحَلِّ الَّذِي يَسْتَحِقُّهَا لَا يَضَعُهَا (2) عَلَى مُحْسِنٍ أَبَدًا.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ (3) عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: ( «يَمِينُ اللَّهِ مَلْأَى لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَمِينِهِ، وَالْقِسْطُ بِيَدِهِ الْأُخْرَى يَقْبِضُ، وَيَبْسُطُ» .) (4) فَبَيَّنَ (5) أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يُحْسِنُ، وَيَعْدِلُ، وَلَا يَخْرُجُ فِعْلُهُ عَنِ الْعَدْلِ، وَالْإِحْسَانِ، وَلِهَذَا قِيلَ: كُلُّ نِعْمَةٍ مِنْهُ فَضْلٌ، وَكُلُّ نِقْمَةٍ مِنْهُ عَدْلٌ.
وَلِهَذَا يُخْبِرُ أَنَّهُ تَعَالَى يُعَاقِبُ النَّاسَ بِذُنُوبِهِمْ، وَأَنَّ إِنْعَامَهُ عَلَيْهِمْ إِحْسَانٌ مِنْهُ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْإِلَهِيِّ: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: (يَا عِبَادِي [إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا] (6) إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ
(1) لَمْ يَذْكُرِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِيمَا سَبَقَ إِلَّا وَجْهًا وَاحِدًا وَلَعَلَّ مَا يَلِي فِيهِ بَيَانٌ لِلْوَجْهِ الثَّانِي.
(2) أ، ب: لَا يَضَعُ الْعُقُوبَةَ.
(3) ن: وَفِي الصَّحِيحِ.
(4) فِي اللِّسَانِ: سَحَّ الدَّمْعُ وَالْمَطَرُ وَالْمَاءُ يَسِحُّ سَحًّا وَسُحُوحًا أَيْ: سَالَ مِنْ فَوْقُ وَاشْتَدَّ انْصِبَابُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ: يَمِينُ اللَّهِ سَحَّاءُ. أَيْ دَائِمَةُ الصَّبِّ وَالْهَطْلِ بِالْعَطَاءِ. وَالْحَدِيثُ - مَعَ اخْتِلَافٍ يَسِيرٍ فِي الْأَلْفَاظِ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الْبُخَارِيُّ 9/122 - 123، 124 (كِتَابُ التَّوْحِيدِ، بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ، وَبَابُ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ) ؛ مُسْلِمٌ 3/690 - 691 (كِتَابُ الزَّكَاةِ، بَابُ الْحَثِّ عَلَى النَّفَقَةِ.) ؛ سُنَنَ ابْنِ مَاجَهْ 1/71 (الْمُقَدِّمَةُ، بَابٌ فِيمَا أَنْكَرَتِ الْجَهْمِيَّةُ) ؛ الْمُسْنَدَ (ط. الْمَعَارِفِ) 16/43 - 44 (ط. الْحَلَبِيِّ) 2/500 - 501. وَرَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ الْحَدِيثَ فِي كِتَابِ " التَّوْحِيدِ " ص 47، الْقَاهِرَةَ 1353.
(5) أ، ب: فَتَعَيَّنَ.
(6) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
****************************
وَجَدَ خَيْرًا، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ.» ) (1) .
وَقَدْ قَالَ (2) تَعَالَى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 79] أَيْ مَا أَصَابَكَ مِنْ نِعَمٍ تُحِبُّهَا كَالنَّصْرِ، وَالرِّزْقِ، فَاللَّهُ أَنْعَمَ بِذَلِكَ عَلَيْكَ، وَمَا أَصَابَكَ مِنْ نِقَمٍ (3) تَكْرَهُهَا، فَبِذُنُوبِكَ، وَخَطَايَاكَ، فَالْحَسَنَاتُ، وَالسَّيِّئَاتُ هُنَا (4) أَرَادَ بِهَا النِّعَمَ، وَالْمَصَائِبَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ} [سُورَةُ الْأَعْرَافِ: 68] ، وَكَمَا قَالَ [تَعَالَى] (5) : {إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 50] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 120] .وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُهُ [تَعَالَى] (6) : {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} [سُورَةُ الرُّومِ: 36] .
فَأَخْبَرَ أَنَّ مَا يُصِيبُ بِهِ النَّاسَ مِنَ الْخَيْرِ فَهُوَ رَحْمَةٌ مِنْهُ أَحْسَنَ بِهَا إِلَى


(1) الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: مُسْلِمٍ 4/1994 (كِتَابُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ، بَابُ تَحْرِيمِ الظُّلْمِ) ؛ سُنَنَ التِّرْمِذِيِّ 4/67 - 68 (كِتَابُ صِفَةِ الْقِيَامَةِ، بَابُ 15 حَدِيثٌ رَقْمُ 2613: حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ) ؛ سُنَنَ ابْنِ مَاجَهْ 2/1422 (كِتَابُ الزُّهْدِ، بَابُ ذِكْرِ التَّوْبَةِ) ؛ الْمُسْنَدَ (ط. الْحَلَبِيِّ) 5/154، 160، 177.
(2) ن، م: وَقَالَ.
(3) ن، م: نِقْمَةٍ.
(4) هُنَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(5) تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(6) تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
*************************
عِبَادَهُ، وَمَا أَصَابَهُمْ [بِهِ] (1) مِنَ الْعُقُوبَاتِ، فَبِذُنُوبِهِمْ، وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ (2) .
وَكَذَلِكَ الْحِكْمَةُ أَجْمَعُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَوْصُوفٌ بِالْحِكْمَةِ لَكِنْ تَنَازَعُوا فِي تَفْسِيرِ ذَلِكَ.
فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْحِكْمَةُ تَرْجِعُ إِلَى عِلْمِهِ بِأَفْعَالِ الْعِبَادِ، وَإِيقَاعِهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَرَادَهُ، وَلَمْ يُثْبِتُوا إِلَّا الْعِلْمَ وَالْإِرَادَةَ وَالْقُدْرَةَ.
وَقَالَ الْجُمْهُورُ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَغَيْرُهُمْ: بَلْ هُوَ حَكِيمٌ فِي خَلْقِهِ، وَأَمْرِهِ، وَالْحِكْمَةُ لَيْسَتْ مُطْلَقَ الْمَشِيئَةِ إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ كُلُّ مُرِيدٍ حَكِيمًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْإِرَادَةَ تَنْقَسِمُ إِلَى مَحْمُودَةٍ وَمَذْمُومَةٍ، بَلِ الْحِكْمَةُ [تَتَضَمَّنُ] (3) مَا فِي خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ مِنَ الْعَوَاقِبِ الْمَحْمُودَةِ وَالْغَايَاتِ الْمَحْبُوبَةِ، وَالْقَوْلُ بِإِثْبَاتِ هَذِهِ الْحِكْمَةِ لَيْسَ هُوَ قَوْلَ الْمُعْتَزِلَةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنَ الشِّيعَةِ فَقَطْ، بَلْ هُوَ قَوْلُ جَمَاهِيرِ طَوَائِفِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ، وَالْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَالتَّصَوُّفِ وَالْكَلَامِ وَغَيْرِهِمْ. فَأَئِمَّةُ الْفُقَهَاءِ مُتَّفِقُونَ عَلَى إِثْبَاتِ الْحِكْمَةِ وَالْمَصَالِحِ فِي أَحْكَامِهِ الشَّرْعِيَّةِ، وَإِنَّمَا يُنَازِعُ. (4) فِي ذَلِكَ


(1) بِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2) م، أ، ب: مَوْضِعٌ آخَرُ. وَانْظُرْ مَثَلًا رِسَالَتَهُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: " مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ " نَشَرَهَا الشَّيْخُ حَامِدٌ الْفِقِيُّ تَحْتَ عُنْوَانِ الْحَسَنَةِ وَالسَّيِّئَةِ وَمَوْقِفِ الْعَبْدِ عِنْدَهُمَا، ضِمْنَ مَجْمُوعَةِ شَذَرَاتِ الْبِلَاتِينِ، ص 165/292، الْقَاهِرَةِ، 1375/1956.
(3) تَتَضَمَّنُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4) أ، ب: يَتَنَازَعُ.
**********************
طَائِفَةٌ مِنْ نُفَاةِ الْقِيَاسِ (1) . وَغَيْرُ نُفَاتِهِ، وَكَذَلِكَ مَا فِي خَلْقِهِ مِنَ الْمَنَافِعِ وَالْحِكَمِ وَالْمَصَالِحِ لِعِبَادِهِ مَعْلُومٌ.
وَأَصْحَابُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ كَجَهْمِ [بْنِ صَفْوَانَ وَمُوَافِقِيهِ] : كَالْأَشْعَرِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ (2) مِنَ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ يَقُولُونَ: لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ لَامُ التَّعْلِيلِ فِي أَفْعَالِ اللَّهِ، بَلْ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا لَامُ الْعَاقِبَةِ.
وَأَمَّا الْجُمْهُورُ فَيَقُولُونَ: بَلْ (3) لَامُ التَّعْلِيلِ دَاخِلَةٌ فِي أَفْعَالِ اللَّهِ تَعَالَى، [وَأَحْكَامِهِ] (4) .
وَالْقَاضِي أَبُو يَعْلَى (5) ، وَأَبُو الْحَسَنِ بْنُ الزَّاغُونِيِّ (6) ، وَنَحْوِهِمَا مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ، وَإِنْ كَانُوا [قَدْ] (7) يَقُولُونَ بِالْأَوَّلِ، فَهُمْ يَقُولُونَ بِالثَّانِي أَيْضًا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَكَذَلِكَ أَمْثَالُهُمْ مِنَ الْفُقَهَاءِ [أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَغَيْرِهِمَا] (8) .


(1) أ، ب: الْقَدَرِ.
(2) ن، م: الْأَوَّلُ كَالْأَشْعَرِيِّ وَجَهْمٍ وَمَنْ وَافَقَهُ
(3) بَلْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(4) وَأَحْكَامِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(5) أَبُو يَعْلَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَفِ بْنِ الْفَرَّاءِ مِنْ كِبَارِ الْحَنَابِلَةِ وَعَالِمٌ فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ. وُلِدَ سَنَةَ 380 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 458. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي طَبَقَاتِ الْحَنَابِلَةِ (لِابْنِهِ أَبِي الْحُسَيْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ) 2/193، 230 ; تَارِيخِ بَغْدَادَ 2/256 ; شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 4/306 - 307 ; الْوَافِي بِالْوَفِيَّاتِ 3/7 ; الْأَعْلَامِ 6/331 ; بُرُوكِلْمَانَ gal الْمُلْحَقِ 3/503.
(6) ب: أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الزَّعْفَرَانِيِّ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَأَبُو الْحَسَنِ بْنُ الزَّاغُونِيِّ هُوَ عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ نَصْرٍ السِّرِّيُّ (وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ) وُلِدَ سَنَةَ 455 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 527. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي الذَّيْلِ لِابْنِ رَجَبٍ 1/180 - 184 ; شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 4/80 - 81 ; الْأَعْلَامِ 5/124 - 125.
(7) قَدْ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(8) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
***************************
وَأَمَّا ابْنُ عَقِيلٍ (1) . وَالْقَاضِي. (2) فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ، وَأَبُو خَازِمِ بْنُ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى (3) ، وَأَبُو الْخَطَّابِ (4) ، فَيُصَرِّحُونَ بِالتَّعْلِيلِ وَالْحِكْمَةِ فِي أَفْعَالِ اللَّهِ تَعَالَى مُوَافَقَةً لِمَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ.
وَالْحَنَفِيَّةُ هُمْ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ الْقَائِلِينَ بِالْقَدَرِ، وَجُمْهُورُهُمْ يَقُولُونَ بِالتَّعْلِيلِ (* وَالْمَصَالِحِ، وَالْكَرَّامِيَّةُ (5) ، وَأَمْثَالُهُمْ هُمْ (6) أَيْضًا مِنَ الْقَائِلِينَ


(1) أَبُو الْوَفَاءِ عَلِيُّ بْنُ عَقِيلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ الْبَغْدَادِيُّ، مِنَ الْحَنَابِلَةِ الَّذِينَ خَالَفُوا الْمَذْهَبَ وَلَجَأُوا إِلَى التَّأْوِيلِ مِثْلُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ، كَانَ يُعَظِّمُ الْحَلَّاجَ فَأَرَادَ الْحَنَابِلَةُ قَتْلَهُ. وُلِدَ سَنَةَ 431 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 513. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي الذَّيْلِ لِابْنِ رَجَبٍ 1/142 - 163 ; شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 4/35 - 40 ; لِسَانِ الْمِيزَانِ 4/243 - 244 ; الْأَعْلَامِ 5/129 ; بُرُوكِلْمَانَ GAL الْمُلْحَقِ 3/503.
(2) وَالْقَاضِي: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: وَأَبُو حَازِمِ بْنُ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى ; ن، م: وَأَبُو حَازِمٍ. وَالصَّوَابُ أَبُو خَازِمٍ. وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَّاءِ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 527. انْظُرِ الذَّيْلَ لِابْنِ رَجَبٍ 1/184 - 185.
(4) ن، م: وَأَبُو الْخَطَّابِ الصَّغِيرُ. وَهُوَ خَطَأٌ. وَلَعَلَّ الصَّوَابَ " وَأَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ " وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَرَّاءِ أَبُو الْحُسَيْنِ صَاحِبُ كِتَابِ " طَبَقَاتِ الْحَنَابِلَةِ ". انْظُرِ الذَّيْلَ 1/176 - 178.
(5) الْكَرَّامِيَّةُ هُمْ أَتْبَاعُ مُحَمَّدِ بْنِ كَرَّامٍ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ السِّجِسْتَانِيِّ الْمُتَوَفَّى فِي الْقُدْسِ سَنَةَ 255 (انْظُرْ شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 2/131) . وَالْكَرَّامِيَّةُ يُوَافِقُونَ السَّلَفَ فِي إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ وَلَكِنَّهُمْ يُبَالِغُونَ فِي ذَلِكَ إِلَى حَدِّ التَّشْبِيهِ وَالتَّجْسِيمِ، وَهُمْ يُوَافِقُونَ السَّلَفَ أَيْضًا فِي إِثْبَاتِ الْقَدَرِ وَالْقَوْلِ بِالْحِكْمَةِ، وَلَكِنَّهُمْ يُوَافِقُونَ الْمُعْتَزِلَةَ فِي وُجُوبِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْعَقْلِ وَفِي أَنَّ الْعَقْلَ يُحَسِّنُ وَيُقَبِّحُ قَبْلَ الشَّرْعِ. كَمَا يَعُدُّهُمُ الْأَشْعَرِيُّ وَابْنُ حَزْمٍ مِنَ الْمُرْجِئَةِ لِقَوْلِهِمْ إِنَّ الْإِيمَانَ هُوَ الْإِقْرَارُ وَالتَّصْدِيقُ بِاللِّسَانِ دُونَ الْقَلْبِ. انْظُرِ الْمَقَالَاتِ 1/205 ; الْفِصَلَ لِابْنِ حَزْمٍ 4/5، 111، 5 - 75، الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/99 - 104 ; الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ 130 - 137 ; التَّبْصِيرَ فِي الدِّينِ 65 - 70 ; اعْتِقَادَاتِ فِرَقِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ 67.
(6) هُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
************************
بِالْقَدَرِ الْمُثْبِتِينَ لِخِلَافَةِ الْخُلَفَاءِ الْمُفَضِّلِينَ لِأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَهُمْ أَيْضًا يَقُولُونَ بِالتَّعْلِيلِ *) (1) ، وَالْحِكْمَةِ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ[مَالِكٍ] (2) ، وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يَقُولُونَ بِالتَّعْلِيلِ، وَالْحِكْمَةِ، وَبِالتَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ [الْعَقْلِيَّيْنِ] (3) كَأَبِي بَكْرٍ الْقَفَّالِ (4) ، وَأَبِي عَلِيٍّ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ (5) ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي الْحَسَنِ التَّمِيمِيِّ (6) ، وَأَبِي الْخَطَّابِ (7) مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ.
وَفِي الْجُمْلَةِ النِّزَاعُ فِي تَعْلِيلِ أَفْعَالِ اللَّهِ وَأَحْكَامِهِ مَسْأَلَةٌ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْإِمَامَةِ أَصْلًا. وَأَكْثَرُ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى إِثْبَاتِ الْحِكْمَةِ وَالتَّعْلِيلِ.
وَلَكِنِ الَّذِينَ أَنْكَرُوا ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ (8) احْتَجُّوا بِحُجَّتَيْنِ:


(1) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) فَقَطْ.
(2) مَالِكٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(3) الْعَقْلِيَّيْنِ سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4) هُوَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 365 هـ. انْظُرِ ابْنَ خِلِّكَانَ 3/338 - 339 ; تَبْيِينَ كَذِبِ الْمُفْتَرِي لِابْنِ عَسَاكِرَ 182، 183.
(5) هُوَ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 345. انْظُرِ ابْنَ خِلِّكَانَ 1/358 ; الْأَعْلَامَ 2/202.
(6) ن، م: وَالتَّمِيمِيِّ. وَهُوَ أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ أَسَدٍ التَّمِيمِيُّ، مِنْ فُقَهَاءِ الْحَنَابِلَةِ. وُلِدَ سَنَةَ 317 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 371. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي طَبَقَاتِ الْحَنَابِلَةِ 2/139 ; الْمُنْتَظِمِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ 7/110 ; الْأَعْلَامِ 4/139.
(7) ن، م: وَابْنِ الْخَطَّابِ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَهُوَ أَبُو الْخَطَّابِ مَحْفُوظُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْكَلْوَذَانِيُّ، إِمَامُ الْحَنَابِلَةِ فِي عَصْرِهِ، وُلِدَ بِبَغْدَادَ سَنَةَ 432 وَتُوُفِّيَ بِهَا سَنَةَ 510. مِنْ كُتُبِهِ التَّمْهِيدُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: طَبَقَاتِ الْحَنَابِلَةِ 2/258 ; الذَّيْلِ لِابْنِ رَجَبٍ 1/116 - 127 ; شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 4/27 - 28 ; الْأَعْلَامِ 6/178. وَانْظُرْ: دَرْءَ تَعَارُضِ الْعَقْلِ وَالنَّقْلِ 9
- 62.
(8) عِبَارَةُ " مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ " سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .





ابوالوليد المسلم 20-06-2021 03:35 AM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://i.imgur.com/xOziErR.gif
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (22)
صـ 145 إلى صـ 151

إِحْدَاهُمَا: أَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ التَّسَلْسُلَ، فَإِنَّهُ إِذَا فَعَلَ (1) لِعِلَّةٍ، فَتِلْكَ الْعِلَّةُ أَيْضًا حَادِثَةٌ، فَتَفْتَقِرُ إِلَى عِلَّةٍ إِنْ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ حَادِثٍ عِلَّةٌ.
وَإِنْ عُقِلَ الْإِحْدَاثُ بِغَيْرِ عِلَّةٍ لَمْ يُحْتَجْ إِلَى إِثْبَاتِ عِلَّةٍ، فَهُمْ يَقُولُونَ: إِنْ أَمْكَنَ الْإِحْدَاثُ بِغَيْرِ عِلَّةٍ لَمْ يُحْتَجْ إِلَى عِلَّةٍ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَبَثًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وُجُودُ الْإِحْدَاثِ إِلَّا لِعِلَّةٍ، فَالْقَوْلُ فِي حُدُوثِ الْعِلَّةِ كَالْقَوْلِ فِي حُدُوثِ الْمَعْلُولِ، وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ التَّسَلْسُلَ.
الْحُجَّةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُمْ قَالُوا: مَنْ فَعَلَ لِعِلَّةٍ كَانَ مُسْتَكْمَلًا بِهَا ; لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ حُصُولُ الْعِلَّةِ أَوْلَى مِنْ عَدَمِهَا لَمْ تَكُنْ عِلَّةً، وَالْمُسْتَكْمَلُ بِغَيْرِهِ نَاقِصٌ بِنَفْسِهِ، وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ عَلَى اللَّهِ.
وَأَوْرَدُوا عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنَ الشِّيعَةِ حُجَّةً تَقْطَعُهُمْ عَلَى أُصُولِهِمْ، فَقَالُوا: الْعِلَّةُ الَّتِي فَعَلَ لِأَجْلِهَا إِنْ كَانَ وُجُودُهَا وَعَدَمُهَا بِالنِّسْبَةِ (2) إِلَيْهِ سَوَاءً امْتَنَعَ أَنْ تَكُونَ عِلَّةً، وَإِنْ كَانَ وُجُودُهَا أَوْلَى، فَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً عَنْهُ لَزِمَ أَنْ يُسْتَكْمَلَ بِغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِهِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لِلْحَوَادِثِ.
وَأَمَّا الْمُجَوِّزُونَ لِلتَّعْلِيلِ، فَهُمْ مُتَنَازِعُونَ، فَالْمُعْتَزِلَةُ وَأَتْبَاعُهُمْ مِنَ الشِّيعَةِ تُثْبِتُ مِنَ التَّعْلِيلِ مَا لَا يُعْقَلُ، وَهُوَ أَنَّهُ فَعَلَ لِعِلَّةٍ مُنْفَصِلَةٍ عَنِ الْفَاعِلِ مَعَ كَوْنِ وُجُودِهَا وَعَدَمِهَا [بِالنِّسْبَةِ] (3) إِلَيْهِ سَوَاءً.
وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ الْقَائِلُونَ بِالتَّعْلِيلِ، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
(1) أ، ب: فَعَلَهُ.
(2) بِالنِّسْبَةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(3) بِالنِّسْبَةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ جَمِيعِ النُّسَخِ وَبِهَا يَتِمُّ الْمَعْنَى.
********************************
، وَيَرْضَى كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَيَقُولُونَ: إِنَّ الْمَحَبَّةَ وَالرِّضَا أَخَصُّ مِنَ الْإِرَادَةِ، وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ الْأَشْعَرِيِّ، فَيَقُولُونَ: إِنَّ (1) الْمَحَبَّةَ، وَالرِّضَا وَالْإِرَادَةَ سَوَاءٌ، فَجُمْهُورُ أَهْلِ السُّنَّةِ يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ، وَلَا يَرْضَاهُ، وَإِنْ كَانَ دَاخِلًا فِي مُرَادِهِ، كَمَا دَخَلَتْ سَائِرُ الْمَخْلُوقَاتِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْحِكْمَةِ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ شَرًّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْفَاعِلِ، فَلَيْسَ كُلُّ مَا كَانَ شَرًّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى شَخْصٍ يَكُونُ عَدِيمَ الْحِكْمَةِ، بَلْ لِلَّهِ فِي الْمَخْلُوقَاتِ حِكَمٌ قَدْ يَعْلَمُهَا بَعْضُ النَّاسِ، وَقَدْ لَا يَعْلَمُهَا.
وَهَؤُلَاءِ يُجِيبُونَ عَنِ التَّسَلْسُلِ بِجَوَابَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُقَالَ: هَذَا التَّسَلْسُلُ فِي الْحَوَادِثِ الْمُسْتَقْبَلَةِ (2) لَا فِي الْحَوَادِثِ الْمَاضِيَةِ، فَإِنَّهُ إِذَا فَعَلَ فِعْلًا لِحِكْمَةٍ كَانَتِ الْحِكْمَةُ حَاصِلَةً بَعْدَ الْفِعْلِ، فَإِذَا كَانَتْ تِلْكَ الْحِكْمَةُ يُطْلَبُ مِنْهَا حِكْمَةٌ أُخْرَى بَعْدَهَا كَانَ تَسَلْسُلًا فِي الْمُسْتَقْبَلِ. وَتِلْكَ الْحِكْمَةُ الْحَاصِلَةُ مَحْبُوبَةٌ لَهُ وَسَبَبٌ لِحِكْمَةٍ ثَانِيَةٍ، فَهُوَ لَا يَزَالُ سُبْحَانَهُ يُحْدِثُ مِنَ الْحِكَمِ مَا يُحِبُّهُ وَيَجْعَلُهُ سَبَبًا لِمَا يُحِبُّهُ.
قَالُوا: وَالتَّسَلْسُلُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ جَائِزٌ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ وَغَيْرِ أَهْلِ الْمِلَلِ (3) ، فَإِنَّ نَعِيمَ الْجَنَّةِ [وَعَذَابَ] (4) النَّارِ دَائِمَانِ (5) مَعَ تَجَدُّدِ الْحَوَادِثِ فِيهِمَا، وَإِنَّمَا أَنْكَرَ ذَلِكَ الْجَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ،

(1) إِنَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: فِي الْحَوَادِثِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.
(3) ن، م: مِنْ أَهْلِ الْمَلِكِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(4) وَعَذَابَ: سَاقِطَةٌ مِنْ جَمِيعِ النُّسَخِ وَبِهَا يَتِمُّ الْمَعْنَى.
(5) أ: دَائِمًا ; ب: دَائِمٌ، وَهُوَ خَطَأٌ.
*****************************
فَزَعَمَ أَنَّ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ يَفْنَيَانِ، وَأَبُو الْهُذَيْلِ الْعَلَّافُ (1) زَعَمَ أَنَّ حَرَكَاتِ [أَهْلِ] (2) الْجَنَّةِ، وَالنَّارِ تَنْقَطِعُ (3) ، وَيَبْقَوْنَ فِي سُكُونٍ دَائِمٍ.
وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا اعْتَقَدُوا أَنَّ التَّسَلْسُلَ فِي الْحَوَادِثِ مُمْتَنِعٌ فِي الْمَاضِي، وَالْمُسْتَقْبَلِ قَالُوا هَذَا الْقَوْلَ الَّذِي ضَلَّلَهُمْ بِهِ أَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ.
وَأَمَّا تَسَلْسُلُ الْحَوَادِثِ فِي الْمَاضِي، فَفِيهِ أَيْضًا قَوْلَانِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ: لِأَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْكَلَامِ وَغَيْرِهِمْ.
فَمَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ تَعَالَى (4) لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إِذَا شَاءَ، وَلَمْ يَزَلْ، فَعَّالًا إِذَا شَاءَ أَفْعَالًا (5) تَقُومُ بِنَفْسِهِ - بِقُدْرَتِهِ (6) ، وَمَشِيئَتِهِ - شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ - يَقُولُ: إِنَّهُ لَمْ يَزَلْ يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ، وَيَفْعَلُ بِمَشِيئَتِهِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ مَعَ قَوْلِهِ: إِنَّ كُلَّ مَا سِوَى اللَّهِ مُحْدَثٌ [مَخْلُوقٌ كَائِنٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ] (7) ، وَإِنَّهُ لَيْسَ فِي


(1) أَبُو الْهُذَيْلِ مُحَمَّدُ بْنُ الْهُذَيْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَكْحُولٍ الْعَبْدِيُّ الْعَلَّافُ، شَيْخُ الْمُعْتَزِلَةِ الْبَصْرِيِّينَ، وَرَأْسُ الطَّائِفَةِ الْهُذَيْلِيَّةِ، وُلِدَ بِالْبَصْرَةِ سَنَةَ 135 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 226 أَوْ 227 أَوْ 235 عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ. قَالَ الشَّهْرَسْتَانِيُّ (الْمِلَلُ وَالنِّحَلُ 1/54) : إِنَّ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ أَبُو الْهُذَيْلِ عَنْ سَائِرِ الْمُعْتَزِلَةِ قَوْلَهُ: إِنَّ حَرَكَاتِ أَهْلِ الْخُلْدَيْنِ تَنْقَطِعُ وَإِنَّهُمْ يَصِيرُونَ إِلَى سُكُونٍ دَائِمٍ خُمُودًا، وَتَجْتَمِعُ اللَّذَّاتُ فِي ذَلِكَ السُّكُونِ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ، وَتَجْتَمِعُ الْآلَامُ فِي ذَلِكَ السُّكُونِ لِأَهْلِ النَّارِ. وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ مَذْهَبِ جَهْمٍ إِذْ حَكَمَ بِفَنَاءِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ. انْظُرْ تَرْجَمَةَ أَبِي الْهُذَيْلِ وَالْكَلَامَ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي: لِسَانِ الْمِيزَانِ 5/413 - 414 ; ابْنِ خِلِّكَانَ 3/396 - 397 ; تَارِيخِ بَغْدَادَ 3/366 - 370 ; الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ 1/53 - 56 ; الْفَرْقِ بَيْنَ الْفِرَقِ 73 - 79 ; الْمَقَالَاتِ 1/217، 224، 225 ; عَلِيُّ مُصْطَفَى الْغُرَابِي: أَبُو الْهُذَيْلِ الْعَلَّافُ، الْقَاهِرَةِ، 1949.
(2) أَهْلِ: سَاقِطَةٌ مِنْ جَمِيعِ النُّسَخِ وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهَا.
(3) ن، م، أ: يَنْقَطِعَانِ.
(4) أ، ب: إِنَّ اللَّهَ.
(5) أ، ب: وَلَمْ يَزَلْ يَفْعَلُ أَفْعَالًا.
(6) أ، ب: وَقُدْرَتِهِ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(7) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
***********************
الْعَالَمِ شَيْءٌ قَدِيمٌ مُسَاوِقٌ لِلَّهِ، كَمَا تَقُولُهُ الْفَلَاسِفَةُ الْقَائِلُونَ بِقِدَمِ الْأَفْلَاكِ، وَأَنَّهَا مُسَاوِقَةٌ لِلَّهِ فِي وُجُودِهِ، فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ أَقْوَالِ الْمُسْلِمِينَ.
[الاستطراد في الرد على قول الفلاسفة بقدم العالم]
[مجمل الرد على قول الفلاسفة بقدم العالم]
وَقَدْ بَيَّنَّا فَسَادَ قَوْلِ هَؤُلَاءِ فِي [غَيْرِ] (1) هَذَا الْمَوْضِعِ، وَبَيَّنَّا أَنَّ قَوْلَهُمْ بِأَنَّ الْمُبْدِعَ عِلَّةٌ تَامَّةٌ مُوجِبٌ بِذَاتِهِ هُوَ نَفْسُهُ يَسْتَلْزِمُ فَسَادَ قَوْلِهِمْ، فَإِنَّ الْعِلَّةَ التَّامَّةَ تَسْتَلْزِمُ مَعْلُولَهَا، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْهَا شَيْءٌ مِنْ مَعْلُولِهَا.
فَالْحَوَادِثُ مَشْهُودَةٌ فِي الْعَالَمِ، فَلَوْ كَانَ الصَّانِعُ مُوجِبًا بِذَاتِهِ عِلَّةً تَامَّةً مُسْتَلْزِمَةً لِمَعْلُولِهَا لَمْ يَحْدُثْ شَيْءٌ مِنَ الْحَوَادِثِ فِي الْوُجُودِ إِذِ الْحَادِثُ يَمْتَنِعُ (2) أَنْ يَكُونَ صَادِرًا عَنْ عِلَّةٍ تَامَّةٍ أَزَلِيَّةٍ، فَلَوْ كَانَ الْعَالَمُ قَدِيمًا لَكَانَ مُبْدِعُهُ عِلَّةً تَامَّةً، وَالْعِلَّةُ التَّامَّةُ لَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا شَيْءٌ مِنْ مَعْلُولِهَا، فَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا يَحْدُثَ فِي الْعَالَمِ شَيْءٌ، فَحُدُوثُ الْحَوَادِثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فَاعِلَهَا لَيْسَ بِعِلَّةٍ تَامَّةٍ فِي الْأَزَلِ، وَإِذَا (3) انْتَفَتِ الْعِلَّةُ التَّامَّةُ فِي الْأَزَلِ بَطَلَ الْقَوْلُ بِقِدَمِ شَيْءٍ مِنَ الْعَالَمِ لَكِنَّ هَذَا لَا يَنْفِي أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إِذَا شَاءَ، وَلَمْ يَزَلْ حَيًّا فَعَّالًا لِمَا يَشَاءُ.
[مناقشة الفلاسفة تفصيلا على قولهم بقدم العالم]
وَعُمْدَةُ الْفَلَاسِفَةِ عَلَى قِدَمِ الْعَالَمِ هُوَ قَوْلُهُمْ يَمْتَنِعُ (4) حُدُوثُ الْحَوَادِثِ بِلَا سَبَبٍ حَادِثٍ، فَيَمْتَنِعُ تَقْدِيرُ ذَاتٍ مُعَطَّلَةٍ (5) عَنِ الْفِعْلِ لَمْ تَفْعَلْ، ثُمَّ فَعَلَتْ مِنْ غَيْرِ حُدُوثِ سَبَبٍ.وَهَذَا الْقَوْلُ لَا يَدُلُّ عَلَى قِدَمِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ مِنَ الْعَالَمِ لَا الْأَفْلَاكِ، وَلَا


(1) غَيْرِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(2) أ: فِي الْوُجُودِ الْحَادِثِ مُمْتَنِعٌ، ب: مِنَ الْحَوَادِثِ فَالْمَوْجُودُ الْحَادِثُ يَمْتَنِعُ.
(3) ن، م: فَإِذَا.
(4) ن، م: امْتِنَاعُ.
(5) ن، م: تَقْدِيرَاتٍ مُعَطَّلَةٍ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
************************
غَيْرِهَا إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ فَعَّالًا، وَإِذَا (1) قُدِّرَ أَنَّهُ فَعَّالٌ لِأَفْعَالٍ تَقُومُ بِنَفْسِهِ أَوْ مَفْعُولَاتٍ حَادِثَةٍ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ كَانَ ذَلِكَ وَفَاءً بِمُوجِبِ هَذِهِ الْحُجَّةِ مَعَ الْقَوْلِ بِأَنَّ كُلَّ مَا سِوَى اللَّهِ مُحْدَثٌ [مَخْلُوقٌ] (2) بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، [كَمَا أَخْبَرَتِ الرُّسُلُ أَنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ] (3) ، وَإِنْ كَانَ النَّوْعُ لَمْ يَزَلْ مُتَجَدِّدًا، كَمَا فِي الْحَوَادِثِ الْمُسْتَقْبَلَةِ كُلٌّ مِنْهَا حَادِثٌ [مَخْلُوقٌ] (4) ، وَهِيَ لَا تَزَالُ تَحْدُثُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ.
قَالَ هَؤُلَاءِ:
وَاللَّهُ قَدْ (5) أَخْبَرَ أَنَّهُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، وَلَا يَكُونُ الْمَخْلُوقُ إِلَّا مَسْبُوقًا [بِالْعَدَمِ] (6) ، فَالْقُرْآنُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ (7) مَا سِوَى اللَّهِ مَخْلُوقٌ مَفْعُولٌ مُحْدَثٌ.
فَلَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الْمَوْجُودَاتِ مُقَارِنًا لِلَّهِ تَعَالَى، كَمَا يَقُولُهُ [دَهْرِيَّةُ] (8) الْفَلَاسِفَةِ: إِنَّ الْعَالَمَ مَعْلُولٌ لَهُ، وَهُوَ مُوجِبٌ لَهُ مُفِيضٌ لَهُ، وَهُوَ مُتَقَدِّمٌ (9) عَلَيْهِ بِالشَّرَفِ، وَالْعَلِيَّةِ (10) ، وَالطَّبْعِ، وَلَيْسَ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ بِالزَّمَانِ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ

(1) أ، ب: وَإِذَا.
(2) مَخْلُوقٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(3) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4) مَخْلُوقٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(5) قَدْ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(6) بِالْعَدَمِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(7) كُلَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(8) دَهْرِيَّةُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(9) ن، م: مُقَدَّمٌ.
(10) ن: وَالْغَلَبَةُ.


*********************************
عِلَّةً تَامَّةً مُوجِبَةً يَقْتَرِنُ بِهَا مَعْلُولُهَا - كَمَا زَعَمُوا - لَمْ يَكُنْ فِي الْعَالَمِ شَيْءٌ مُحْدَثٌ، فَإِنَّ ذَلِكَ الْمُحْدَثَ لَا يَحْدُثُ عَنْ عِلَّةٍ تَامَّةٍ أَزَلِيَّةٍ يُقَارِنُهَا مَعْلُولُهَا، فَإِنَّ الْمُحْدَثَ الْمُعَيَّنَ لَا يَكُونُ أَزَلِيًّا.
وَسَوَاءٌ قِيلَ. إِنَّهُ حَدَثَ بِوَسَطٍ أَوْ بِغَيْرِ وَسَطٍ (1) - كَمَا يَقُولُونَ: إِنَّ الْفَلَكَ تَوَلَّدَ عَنْهُ بِوَسَطِ عَقْلٍ، أَوْ عَقْلَيْنِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُقَالُ - فَإِنَّ كُلَّ قَوْلٍ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ (2) مِنَ الْعَالَمِ قَدِيمًا لَازِمًا لِذَاتِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ ; لِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ كَوْنَ الْبَارِئِ مُوجِبًا بِالذَّاتِ بِحَيْثُ يُقَارِنُهُ (3) مُوجَبِهِ إِذْ لَوْلَا ذَلِكَ لَمَا قَارَنَهُ بِذَلِكَ الشَّيْءِ، وَلَوْ كَانَ مُوجِبًا بِالذَّاتِ لَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ مُوجَبِهِ وَمُقْتَضَاهُ، فَكَانَ يَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْعَالَمِ شَيْءٌ مُحْدَثٌ.
[بطلان القول بأن البارئ موجب بذاته للفلك]
وَلَوْ قِيلَ: إِنَّهُ مُوجِبٌ بِذَاتِهِ لِلْفَلَكِ، وَأَمَّا حَرَكَاتُ الْفَلَكِ، فَيُوجِبُهَا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ كَانَ هَذَا بَاطِلًا مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا:
أَنْ يُقَالَ:
إِنْ كَانَتْ حَرَكَةُ الْفَلَكِ لَازِمَةً لَهُ - كَمَا هُوَ قَوْلُهُمْ - امْتَنَعَ إِبْدَاعُ الْمَلْزُومِ دُونَ لَازِمِهِ، وَكَوْنُهُ مُوجِبًا بِالذَّاتِ عِلَّةً تَامَّةً لِلْحَرَكَةِ مُمْتَنِعٌ ; لِأَنَّ الْحَرَكَةَ تَحْدُثُ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَالْعِلَّةُ (* التَّامَّةُ الْمُوجِبَةُ لِمَعْلُولِهَا [فِي الْأَزَلِ] (4) لَا يَتَأَخَّرُ عَنْهَا شَيْءٌ مِنْ مَعْلُولِهَا، فَلَا تَكُونُ الْحَرَكَةُ مَعْلُولَةً

(1) أ، ب: بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ.
(2) ن، م: أَنْ يَكُونَ كُلُّ شَيْءٍ. . .
(3) ن، م: يُفَارِقُهُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(4) فِي الْأَزَلِ: سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

**************************
لِلْمُوجَبِ بِذَاتِهِ فِي الْأَزَلِ *) (1) الَّذِي يَلْزَمُهُ (2) مَعْلُولُهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَازِمَةً [لَهُ] (3) فَهِيَ حَادِثَةٌ، فَتَقْتَضِي سَبَبًا وَاجِبًا (4) حَادِثًا، وَذَلِكَ بِالْحَادِثِ لَا يَحْدُثُ عَنِ الْعِلَّةِ التَّامَّةِ الْأَزَلِيَّةِ إِذِ الْمُوجَبُ بِذَاتِهِ لَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ مُوجَبُهُ.
وَلِهَذَا كَانَ قَوْلُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ الْحَوَادِثَ صَادِرَةً عَنْ عِلَّةٍ تَامَّةٍ أَزَلِيَّةٍ لَا يَحْدُثُ فِيهَا، وَلَا مِنْهَا شَيْءٌ أَشَدَّ فَسَادًا مِنْ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ حَدَثَتْ عَنِ الْقَادِرِ بِدُونِ سَبَبٍ حَادِثٍ ; لِأَنَّ هَؤُلَاءِ أَثْبَتُوا فَاعِلًا. وَلَمْ يُثْبِتُوا سَبَبًا حَادِثًا، وَأُولَئِكَ (5) يَلْزَمُهُمْ نَفْيُ الْفَاعِلِ لِلْحَوَادِثِ ; لِأَنَّ الْعِلَّةَ التَّامَّةَ الْمُوجِبَةَ بِذَاتِهَا فِي الْأَزَلِ لَا تَكُونُ مُحْدِثَةً لِشَيْءٍ أَصْلًا. وَلِهَذَا كَانَتِ الْحَوَادِثُ عِنْدَهُمْ إِنَّمَا تَحْدُثُ بِحَرَكَةِ الْفَلَكِ، وَهُمْ لَا يَجْعَلُونَ فَوْقَ الْفَلَكِ شَيْئًا أَحْدَثَ حَرَكَتَهُ، بَلْ قَوْلُهُمْ فِي حَرَكَاتِ الْأَفْلَاكِ وَسَائِرِ الْحَوَادِثِ مِنْ جِنْسِ قَوْلِ الْقَدَرِيَّةِ فِي أَفْعَالِ الْحَيَوَانِ، وَحَقِيقَةُ ذَلِكَ أَنَّهَا تَحْدُثُ بِلَا مُحْدِثٍ، لَكِنَّ الْقَدَرِيَّةَ خَصُّوا ذَلِكَ بِأَفْعَالِ الْحَيَوَانِ، وَهَؤُلَاءِ قَالُوا ذَلِكَ فِي كُلِّ حَادِثٍ عُلْوِيٍّ وَسُفْلِيٍّ.
الْوَجْهُ الثَّانِي:
أَنَّ الْفَاعِلَ سَوَاءٌ كَانَ قَادِرًا، أَوْ مُوجِبًا بِذَاتِهِ، أَوْ قِيلَ: هُوَ قَادِرٌ يُوجِبُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا عِنْدَ وُجُودِ الْمَفْعُولِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْدُومًا عِنْدَ وُجُودِ الْمَفْعُولِ إِذِ الْمَعْدُومُ لَا يَفْعَلُ مَوْجُودًا، وَنَفْسُ

(1) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ب) فَقَطْ.
(2) أ، ب: يَلْزَمُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(3) لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(4) وَاجِبًا: زِيَادَةٌ فِي (ن) فَقَطْ.
(5) ن، م: فَأُولَئِكَ.


ابوالوليد المسلم 20-06-2021 03:35 AM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://i.imgur.com/xOziErR.gif
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (23)
صـ 152 إلى صـ 158

إِيجَابِهِ وَفِعْلِهِ، وَاقْتِضَائِهِ، وَإِحْدَاثِهِ لَا [بُدَّ أَنْ] يَكُونَ (1) ثَابِتًا بِالْفِعْلِ عِنْدَ وُجُودِ الْمَفْعُولِ الْمُوجَبِ الْمُحْدَثِ (2) فَلَا يَكُونُ فَاعِلًا حَقِيقَةً إِلَّا مَعَ وُجُودِ الْمَفْعُولِ.
فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ فَعَلَهُ وَاقْتَضَاهُ (3) ، فَوُجِدَ (4) بَعْدَ عَدَمٍ لَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ فِعْلُهُ (5) ، وَإِيجَابُهُ عِنْدَ عَدَمِ الْمَفْعُولِ الْمُوجَبِ، وَعِنْدَ عَدَمِهِ، فَلَا إِيجَابَ، وَلَا فِعْلَ.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَالْمُوجِبُ لِحُدُوثِ الْحَوَادِثِ إِذَا قُدِّرَ أَنَّهُ يَفْعَلُ الثَّانِيَ بَعْدَ الْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْدُثَ لَهُ حَالٌ يَكُونُ بِهَا فَاعِلًا [لِلثَّانِي] (6) . كَانَ الْمُؤَثِّرُ التَّامُّ مَعْدُومًا عِنْدَ وُجُودِ الْأَثَرِ، وَهَذَا مُحَالٌ، فَإِنَّ حَالَهُ عِنْدَ وُجُودِ الْأَثَرِ وَعَدَمِهِ سَوَاءٌ، وَقَبْلَهُ كَانَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا لَهُ، فَكَذَلِكَ عِنْدَهُ،
أَوْ يُقَالُ:
قَبْلَهُ لَمْ يَكُنْ فَاعِلًا فَكَذَلِكَ عِنْدَهُ.إِذْ لَوْ جُوِّزَ أَنْ يَحْدُثَ الْحَادِثُ الثَّانِي مِنْ غَيْرِ حُدُوثِ حَالٍ لِلْفَاعِلِ بِهَا (7) صَارَ فَاعِلًا لَزِمَ حُدُوثُ الْحَوَادِثِ كُلِّهَا بِلَا سَبَبٍ، وَتَرْجِيحُ الْفَاعِلِ لِأَحَدِ طَرَفَيِ الْمُمْكِنِ - بَلْ لِوُجُودِ الْمُمْكِنِ - بِلَا مُرَجِّحٍ ; لِأَنَّ حَالَهُ قَبْلَ وَمَعَ وَبَعْدَ (8) سَوَاءٌ، فَتَخْصِيصُ بَعْضِ الْأَوْقَاتِ بِذَلِكَ الْحَادِثِ تَخْصِيصٌ بِلَا مُخَصِّصٍ، فَإِنْ كَانَ هَذَا جَائِزًا جَازَ حُدُوثُ كُلِّ الْحَوَادِثِ بِلَا سَبَبٍ
(1) ن، م: لَا يَكُونُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(2) الْمُحْدَثِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(3) ب: أَنَّ فِعْلَهُ اقْتَضَاهُ ; أ: أَنَّهُ فَعَلَهُ وَاقْتَضَتْهُ.
(4) أَيِ الْفَلَكِ.
(5) أَيْ فِعْلُ الْفَاعِلِ وَهُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ.
(6) لِلثَّانِي: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(7) أ، ب: لَهَا، وَهُوَ خَطَأٌ.
(8) أ، ب: قَبْلَ وَبَعْدَ وَمَعَ.
**************************



حَادِثٍ، وَبَطَلَ (1) قَوْلُهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَائِزًا بَطَلَ أَيْضًا قَوْلُهُمْ، فَثَبَتَ بُطْلَانُ قَوْلِ هَؤُلَاءِ الْمُتَفَلْسِفَةِ الدَّهْرِيَّةِ عَلَى تَقْدِيرِ النَّقِيضَيْنِ، وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.
وَالْوَاحِدُ مِنَ النَّاسِ إِذَا قَطَعَ مَسَافَةً، وَكَانَ قَطْعُهُ لِلْجُزْءِ الثَّانِي. مَشْرُوطًا بِالْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ إِذَا قَطَعَ الْأَوَّلَ حَصَلَ لَهُ أُمُورٌ تَقُومُ بِهِ مِنْ قُدْرَةٍ أَوْ إِرَادَةٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا (2) [تَقُومُ بِذَاتِهِ] (3) بِهَا صَارَ (4) حَاصِلًا فِي الْجُزْءِ الثَّانِي. لَا أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ (5) عَدَمِ الْأَوَّلِ صَارَ قَاطِعًا لِلثَّانِي.
فَإِذَا شَبَّهُوا فِعْلَهُ لِلْحَوَادِثِ بِهَذَا لَزِمَهُمْ أَنْ يَتَجَدَّدَ لِلَّهِ أَحْوَالٌ تَقُومُ بِهِ عِنْدَ إِحْدَاثِ الْحَوَادِثِ، وَإِلَّا فَإِذَا (6) كَانَ هُوَ لَمْ يَتَجَدَّدْ لَهُ حَالٌ، وَإِنَّمَا. وُجِدَ [الْحَادِثُ الثَّانِي. بِمُجَرَّدِ] عَدَمِ الْأَوَّلِ (7) ، فَحَالُهُ قَبْلَ وَبَعْدَ سَوَاءٌ، فَاخْتِصَاصُ أَحَدِ الْوَقْتَيْنِ بِالْإِحْدَاثِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُخَصِّصٍ، وَنَفْسُ صُدُورِ الْحَوَادِثِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ فَاعِلٍ، وَالتَّقْدِيرُ أَنَّهُ عَلَى حَالٍ وَاحِدَةٍ مِنَ الْأَزَلِ إِلَى الْأَبَدِ، فَيَمْتَنِعُ مَعَ هَذَا التَّقْدِيرِ اخْتِصَاصُ وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ بِشَيْءٍ، أَوْ
(1) أ، ب: فَبَطَلَ.
(2) أ، ب: مِنْ قُدْرَةٍ وَإِرَادَةٍ وَغَيْرِهِمَا
(3) تَقُومُ بِذَاتِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4) ن، م: يَصِيرُ.
(5) ن، م: مُجَرَّدِ.
(6) ن، م: إِذَا.
(7) فِي النُّسَخِ الْأَرْبَعِ: وَإِنَّمَا وَجَدَ عَدَمَ الْأَوَّلِ، وَالْكَلَامُ هَكَذَا لَا يَسْتَقِيمُ، وَلَعَلَّ مَا أَثْبَتْنَاهُ يَتِمُّ بِهِ الْمَعْنَى الْمَقْصُودُ.


****************
أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا لِلْحَوَادِثِ، فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ وَلَا (1) يَفْعَلُ هَذَا الْحَادِثَ، وَهُوَ الْآنَ كَمَا كَانَ، فَهُوَ الْآنَ لَا يَفْعَلُ هَذَا الْحَادِثَ.
وَابْنُ سِينَا وَأَمْثَالُهُ مِنَ الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ بِهَذَا احْتَجُّوا عَلَى [أَهْلِ الْكَلَامِ مِنْ] (2) الْمُعْتَزِلَةِ، وَالْجَهْمِيَّةِ، [وَمَنْ وَافَقَهُمْ] (3) ، فَقَالُوا: إِذَا كَانَ فِي الْأَزَلِ، وَلَا يَفْعَلُ، وَهُوَ الْآنَ عَلَى حَالِهِ، فَهُوَ الْآنَ لَا يَفْعَلُ، وَقَدْ فَرَضَ فَاعِلًا هَذَا خُلْفٌ، وَإِنَّمَا لَزِمَ ذَلِكَ مِنْ تَقْدِيرِ ذَاتٍ مُعَطَّلَةٍ عَنِ الْفِعْلِ.
فَيُقَالُ لَهُمْ: هَذَا بِعَيْنِهِ (4) حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ فِي إِثْبَاتِ ذَاتٍ بَسِيطَةٍ لَا يَقُومُ بِهَا فِعْلٌ وَلَا وَصْفٌ مَعَ صُدُورِ الْحَوَادِثِ عَنْهَا، فَإِنْ (5) كَانَ بِوَسَائِطَ لَازِمَةٍ لَهَا، فَالْوَسَطُ اللَّازِمُ لَهَا قَدِيمٌ بِقِدَمِهَا، وَقَدْ قَالُوا: إِنَّهُ يَمْتَنِعُ صُدُورُ الْحَوَادِثِ عَنْ قَدِيمٍ هُوَ عَلَى حَالٍ وَاحِدٍ، كَمَا كَانَ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ:

أَنْ يُقَالَ:
هُمْ يَقُولُونَ بِأَنَّ الْوَاجِبَ (6) فَيَّاضٌ دَائِمُ الْفَيْضِ، وَإِنَّمَا يَتَخَصَّصُ بَعْضَ الْأَوْقَاتِ بِالْحُدُوثِ لِمَا يَتَجَدَّدُ مِنْ حُدُوثِ الِاسْتِعْدَادِ وَالْقَبُولِ، وَحُدُوثُ الِاسْتِعْدَادِ وَالْقَبُولِ هُوَ سَبَبُ حُدُوثِ الْحَرَكَاتِ.
وَهَذَا كَلَامٌ بَاطِلٌ، فَإِنَّ هَذَا إِنَّمَا يُتَصَوَّرُ إِذَا كَانَ الْفَاعِلُ (7) الدَّائِمُ الْفَيْضِ لَيْسَ هُوَ الْمُحْدِثَ لِاسْتِعْدَادِ الْقَبُولِ، كَمَا يَدَّعُونَهُ فِي الْعَقْلِ
(1) ن، م: كَانَ لَا. 1
(2) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(3) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4) ن، (فَقَطْ) : هَذَا بِفِعْلِهِ بِعَيْنِهِ.
(5) أ، ب: وَإِنْ
(6) ن، م: الْمُوجَبُ.
(7) أ، ب: الْفَعَّالُ.
*******************
الْفَعَّالِ، فَيَقُولُونَ: إِنَّهُ دَائِمُ الْفَيْضِ، وَلَكِنْ يُحْدِثُ اسْتِعْدَادَ الْقَوَابِلِ بِسَبَبِ حُدُوثِ الْحَرَكَاتِ الْفَلَكِيَّةِ وَالِاتِّصَالَاتِ الْكَوْكَبِيَّةِ، وَتِلْكَ لَيْسَتْ صَادِرَةً عَنِ الْعَقْلِ الْفَعَّالِ، وَإِنَّمَا. (1) فِي الْمُبْدِعِ الْأَوَّلِ، فَهُوَ الْمُبْدِعُ لِكُلِّ مَا سِوَاهُ، فَعَنْهُ يَصْدُرُ الِاسْتِعْدَادُ وَالْقَبُولُ وَالْقَابِلُ وَالْمَقْبُولُ.
وَحِينَئِذٍ فَيُقَالُ: إِذَا كَانَ عِلَّةً تَامَّةً مُوجِبًا بِذَاتِهِ، وَهُوَ دَائِمُ الْفَيْضِ لَا يَتَوَقَّفُ فَيْضُهُ عَلَى [شَيْءٍ] (2) غَيْرِهِ أَصْلًا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَا يَصْدُرُ عَنْهُ بِوَاسِطَةِ أَوْ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ (3) لَازِمًا لَهُ قَدِيمًا بِقِدَمِهِ، فَلَا يَحْدُثُ عَنْهُ شَيْءٌ لَا بِوَسَطٍ وَلَا بِغَيْرِ وَسَطٍ ; لِأَنَّ فِعْلَهُ وَإِبْدَاعَهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى اسْتِعْدَادٍ أَوْ قَبُولٍ (4) يَحْدُثُ عَنْ غَيْرِهِ، وَلَكِنْ هُوَ الْمُبْدِعُ لِلشَّرْطِ وَالْمَشْرُوطِ وَالْقَابِلِ وَالْمَقْبُولُ وَالِاسْتِعْدَادِ، وَمَا يَفِيضُ عَلَى الْمُسْتَعِدِّ، وَإِذَا كَانَ وَحْدَهُ هُوَ الْفَاعِلَ لِذَلِكَ كُلِّهِ امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً تَامَّةً أَزَلِيَّةً مُسْتَلْزِمَةً لِمَعْلُولِهَا ; لِأَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُولُهُ كُلُّهُ أَزَلِيًّا قَدِيمًا بِقِدَمِهِ، وَكُلُّ مَا سِوَاهُ مَعْلُولٌ لَهُ، فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَا سِوَاهُ قَدِيمًا أَزَلِيًّا، وَهَذَا مُكَابَرَةٌ لِلْحِسِّ.
وَمَنْ تَدَبَّرَ هَذَا وَفَهِمَهُ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ فَسَادَ قَوْلِ هَؤُلَاءِ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ بَعْدَ التَّصَوُّرِ التَّامِّ.
[النتائج التي أدى إليها امتناع المتكلمين عن القول بحوادث لا أول لها]
وَإِنَّمَا عَظُمَتْ حُجَّتُهُمْ، وَقَوِيَتْ شَوْكَتُهُمْ عَلَى أَهْلِ الْكَلَامِ الْمُحْدَثِ [الْمُبْتَدَعِ] (5) الَّذِي ذَمَّهُ السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ، وَمَنْ

(1) أ، ب: وَأَمَّا.
(2) شَيْءٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(3) أ، م: بِوَسَطٍ أَوْ بِغَيْرِ وَسَطٍ.
(4) ن، م: وَقَبُولٍ.
(5) أ، ب: الْمُبْدَعِ. وَالْكَلِمَةُ سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ الصَّوَابُ مَا أَثْبَتُّهُ.



**************************
وَافَقَهُمْ مِنَ الْأَشْعَرِيَّةِ وَالْكَرَّامِيَّةِ وَالشِّيعَةِ، وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ لَمَّا اعْتَقَدُوا (1) أَنَّ الرَّبَّ فِي الْأَزَلِ كَانَ يَمْتَنِعُ مِنْهُ الْفِعْلُ وَالْكَلَامُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ - وَكَانَ حَقِيقَةُ قَوْلِهِمْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا فِي الْأَزَلِ عَلَى الْكَلَامِ وَالْفِعْلِ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ لِكَوْنِ ذَلِكَ مُمْتَنِعًا لِنَفْسِهِ، وَالْمُمْتَنِعُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْمَقْدُورِ - صَارُوا (2) حِزْبَيْنِ:
حِزْبًا قَالُوا:
إِنَّهُ صَارَ قَادِرًا عَلَى الْفِعْلِ وَالْكَلَامِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَيْهِ [لِكَوْنِهِ صَارَ الْفِعْلُ وَالْكَلَامُ مُمْكِنًا بَعْدَ أَنْ كَانَ (3) مُمْتَنِعًا، وَإِنَّهُ انْقَلَبَ مِنْ الِامْتِنَاعِ الذَّاتِيِّ إِلَى الْإِمْكَانِ الذَّاتِيِّ] (4) ، وَهَذَا قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ، وَالْجَهْمِيَّةِ، وَمَنْ. وَافَقَهُمْ مِنَ الشِّيعَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْكَرَّامِيَّةِ، وَأَئِمَّةِ الشِّيعَةِ كَالْهَاشِمِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ.
[وَحِزْبًا] قَالُوا (5) : صَارَ الْفِعْلُ مُمْكِنًا بَعْدَ أَنْ كَانَ مُمْتَنِعًا مِنْهُ، وَأَمَّا الْكَلَامُ، فَلَا يَدْخُلُ (6) تَحْتَ الْمَشِيئَةِ، وَالْقُدْرَةِ، بَلْ هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَازِمٌ لِذَاتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ كُلَّابٍ (7) ، وَالْأَشْعَرِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُمَا.
(1) أ: لِمَا قَالُوا اعْتَقَدُوا ; ب: لَمَّا قَالُوا وَاعْتَقَدُوا.
(2) ن، م: وَصَارُوا.
(3) ن، م: وَغَيْرُهُمْ وَقَالُوا.
(4) ن (فَقَطْ) : بَعْدَ مَا كَانَ.
(5) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(6) ن (فَقَطْ) : فَلَا بُدَّ يَدْخُلُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(7) ابْنُ كُلَّابٍ (بِضَمِّ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ) هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ كُلَّابِ الْقَطَّانُ الْمُتَوَفَّى بَعْدَ سَنَةِ 240 بِقَلِيلٍ. عَدَّهُ الشَّهْرَسْتَانِيُّ (الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/85) وَالْأَشْعَرِيُّ (الْمَقَالَاتِ 1/325) وَابْنُ طَاهِرٍ الْبَغْدَادِيُّ (أُصُولَ الدِّينِ، ص 254) مِنْ مُتَكَلِّمِي أَهْلِ السُّنَّةِ، وَقَالَ عَنْهُ ابْنُ حَزْمٍ (الْفِصَلَ 5/77) إِنَّهُ شَيْخٌ قَدِيمٌ لِلْأَشْعَرِيَّةِ. وَمَقَالَةُ ابْنِ كُلَّابٍ فِي كَلَامِ اللَّهِ ذَكَرَهَا الْأَشْعَرِيُّ فِي الْمَقَالَاتِ 2/202، 233، 245. وَانْظُرْ أَيْضًا عَنِ ابْنِ كُلَّابٍ وَمَذْهَبِهِ: طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ 2/299 - 300 ; الْفِهْرِسْتَ لِابْنِ النَّدِيمِ ص 180 ; لِسَانَ الْمِيزَانِ 3/290 - 291 ; الْخُطَطَ لِلْمَقْرِيزِيِّ 2/358، 259 ; مَقَالَاتِ الْأَشْعَرِيِّ 1/298 - 299، 2/52، 54، 112، 202 - 203، 231 ; نِهَايَةَ الْإِقْدَامِ، ص 181، 203 ; الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/148 ; أُصُولَ الدِّينِ، ص 89، 90، 97، 104، 109، 113، 123، 132، 222، 254 ; الْفِصَلَ لِابْنِ حَزْمٍ 2/289، 5/77.


*****************************
أَوْ قَالُوا: إِنَّهُ (1) حُرُوفٌ، أَوْ حُرُوفٌ وَأَصْوَاتٌ قَدِيمَةُ الْأَعْيَانِ لَا تَتَعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهِ، وَقُدْرَتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ طَوَائِفَ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ (2) ، وَيُعْزَى ذَلِكَ إِلَى السَّالِمِيَّةِ (3) ، وَحَكَاهُ (4) الشَّهْرَسْتَانِيُّ عَنِ السَّلَفِ، وَالْحَنَابِلَةِ، وَلَيْسَ هُوَ (5) قَوْلَ جُمْهُورِ أَئِمَّةِ الْحَنَابِلَةِ، وَلَكِنَّهُ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ.
وَأَصْلُ هَذَا الْكَلَامِ كَانَ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ [أَصْحَابِ جَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ] (6) ، وَأَبِي الْهُذَيْلِ الْعَلَّافِ وَنَحْوِهِمَا (7) قَالُوا: لِأَنَّ الدَّلِيلَ قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ دَوَامَ
(1) أ، ن، م: أَوْ قَالَ إِنَّهُ ; ب: أَوْ أَنَّهُ. وَلَعَلَّ الصَّوَابَ مَا أَثْبَتُّهُ.
(2) ن، م: وَالْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ.
(3) أَتْبَاعُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ (الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 297) وَابْنِهِ أَبِي الْحَسَنِ أَحْمَدَ بْنِ سَالِمٍ (الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 350) . وَقَدْ تَتَلْمَذَ مُحَمَّدُ بْنُ سَالِمٍ عَلَى سَهْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيِّ. وَأَبُو طَالِبٍ الْمَكِّيُّ وَأَبُو الْحَكَمِ بْنُ بُرْجَانِ مِنْ أَشْهَرِ رِجَالِ السَّالِمِيَّةِ. وَيَجْمَعُ السَّالِمِيَّةُ فِي مَذْهَبِهِمْ بَيْنَ كَلَامِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَكَلَامِ الْمُعْتَزِلَةِ مَعَ مَيْلٍ إِلَى التَّشْبِيهِ وَنَزْعَةٍ صُوفِيَّةٍ اتِّحَادِيَّةٍ. انْظُرْ: شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 3/36 ; مَاسِينْيُونَ: دَائِرَةَ الْمَعَارِفِ الْإِسْلَامِيَّةِ، مَادَّةَ: السَّالِمِيَّةِ ; أَبُو نَصْرٍ السَّرَّاجُ: اللُّمَعَ، ص 472 - 476، الْقَاهِرَةِ، 1960 ; الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ، ص 157، 202 ; طَبَقَاتِ الصُّوفِيَّةِ، ص 414 - 416 ; الطَّبَقَاتِ الْكُبْرَى لِلشَّعْرَانِيِّ، ص 99 - 100.
(4) أ، ب: وَنَقَلَهُ.
(5) هُوَ: لَيْسَتْ فِي (أ) ، (ب) .
(6) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(7) ب (فَقَطْ) : وَغَيْرِهِمَا.
**********************


الْحَوَادِثِ مُمْتَنِعٌ، وَأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لِلْحَوَادِثِ مَبْدَأٌ لِامْتِنَاعِ حَوَادِثَ لَا أَوَّلَ لَهَا، كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
قَالُوا:
فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ. وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَا تُقَارِنُهُ الْحَوَادِثُ مُحْدَثًا، فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الْبَارِئُ لَمْ يَزَلْ فَاعِلًا مُتَكَلِّمًا بِمَشِيئَتِهِ، وَقُدْرَتِهِ (1) .
بَلْ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ لَمْ يَزَلْ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ ; لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْمُمْتَنِعِ مُمْتَنِعَةٌ، فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى دَوَامِ الْفِعْلِ وَالْكَلَامِ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ.
[رد أئمة الفلاسفة وأئمة أهل الملل على المتكلمين]
قَالُوا:
وَبِهَذَا يُعْلَمُ حُدُوثُ الْجِسْمِ ; لِأَنَّ الْجِسْمَ لَا يَخْلُو عَنِ الْحَوَادِثِ، وَمَا لَا يَخْلُو عَنِ الْحَوَادِثِ فَهُوَ حَادِثٌ.
وَلَمْ يُفَرِّقْ هَؤُلَاءِ بَيْنَ مَا لَا يَخْلُو عَنْ نَوْعِ الْحَوَادِثِ، وَبَيْنَ مَا لَا يَخْلُو عَنْ عَيْنِ الْحَوَادِثِ (2) ، وَلَا فَرَّقُوا فِيمَا لَا يَخْلُو عَنِ الْحَوَادِثِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا مَعْلُولًا. أَوْ أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا. وَاجِبًا بِنَفْسِهِ (3) .
فَقَالَ. (4) لِهَؤُلَاءِ أَئِمَّةِ الْفَلَاسِفَةِ، وَأَئِمَّةِ [أَهْلِ] (5) الْمِلَلِ وَغَيْرِهِمْ: فَهَذَا الدَّلِيلُ الَّذِي أَثْبَتُّمْ بِهِ حُدُوثَ الْعَالَمِ (6 هُوَ يَدُلُّ عَلَى امْتِنَاعِ حُدُوثِ الْعَالِمِ 6) (6) ، وَكَانَ مَا ذَكَرْتُمُوهُ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى نَقِيضِ مَا قَصَدْتُمُوهُ.
وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَادِثَ إِذَا حَدَثَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ (7) مُحْدَثًا، فَلَا بُدَّ أَنْ
(1) وَقُدْرَتِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(2) أ، ب: الْحَادِثِ.
(3) أ، ب: وَأَنْ يَكُونَ وَاجِبًا بِنَفْسِهِ.
(4) أ، ب: فَيُقَالُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(5) أَهْلِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(6) (6 - 6) : سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(7) يَكُنْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) فَقَطْ.




ابوالوليد المسلم 20-06-2021 03:36 AM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (24)
صـ 159 إلى صـ 165

يكون ممكنا، والإمكان ليس له وقت محدود، فما من وقت يقدر إلا والإمكان ثابت قبله، فليس لإمكان الفعل وجواز ذلك وصحته مبدأ ينتهى إليه، فيجب أنه لم يزل الفعل ممكنا جائزا صحيحا، (1 فيلزم أنه لم يزل الرب قادرا عليه 1) (1) ، فيلزم جواز حوادث لا نهاية لأولها (2) .
قال المناظر عن أولئك (3) المتكلمين من الجهمية، والمعتزلة وأتباعهم: نحن لا نسلم أن إمكان الحوادث لا بداية له لكن نقول إمكان الحوادث بشرط كونها مسبوقة بالعدم لا بداية له، وذلك لأن الحوادث عندنا يمتنع أن تكون قديمة النوع، بل يجب حدوث نوعها، ويمتنع قدم نوعها لكن لا يجب الحدوث في وقت بعينه، فإمكان الحوادث بشرط (4) كونها مسبوقة العدم لا أول له بخلاف جنس الحوادث.
فيقال لهم:
هب أنكم تقولون ذلك لكن يقال: إمكان جنس الحوادث عندكم له بداية، فإنه صار جنس الحدوث (5) عندكم ممكنا بعد أن لم يكن ممكنا، وليس لهذا الإمكان وقت معين، بل ما من وقت يفرض إلا والإمكان ثابت قبله، فيلزم دوام الإمكان، وإلا لزم انقلاب الجنس من الإمكان إلى الامتناع من غير حدوث شيء ولا تجدد شيء.
(1) (1 - 1) : ساقط من (ب) فقط.
(2) ن، م: لا نهاية لها.
(3) ب: قال المناظر لأولئك ; أ: قال المناظر أولئك.
(4) ن: يشترط، وهو تحريف.
(5) ن، م: الحوادث.


******************************
ومعلوم أن انقلاب حقيقة جنس الحدوث أو جنس (1) الحوادث، أو جنس الفعل، أو جنس الإحداث، أو ما يشبه هذا من العبارات من الامتناع إلى الإمكان هو مصير ذلك ممكنا جائزا بعد أن كان ممتنعا من غير سبب تجدد (2) ، وهذا ممتنع في صريح العقل، وهو أيضا انقلاب الجنس من الامتناع الذاتي إلى الإمكان الذاتي، فإن ذات جنس الحوادث عندهم تصير ممكنة بعد أن كانت ممتنعة.
وهذا الانقلاب لا يختص بوقت معين، فإنه ما من وقت يقدر إلا والإمكان ثابت قبله، (3 فيلزم أنه لم يزل هذا الانقلاب 3) (3) ، فيلزم أنه لم يزل الممتنع ممكنا، وهذا أبلغ في الامتناع من قولنا لم يزل الحادث ممكنا، فقد لزمهم فيما فروا [إليه أبلغ مما لزمهم فيما فروا] (4) منه، فإنه يعقل كون الحادث ممكنا (5) ، ويعقل أن هذا الإمكان لم يزل، وأما كون الممتنع ممكنا، فهو ممتنع في نفسه، فكيف إذا قيل: لم يزل إمكان هذا الممتنع! .
وأيضا فما ذكروه من الشرط: وهو أن جنس الفعل، أو جنس الحوادث - بشرط (6) كونها مسبوقة بالعدم - لم يزل ممكنا، فإنه يتضمن الجمع بين النقيضين أيضا، فإن كون هذا (7) لم يزل يقتضي أنه لا بداية لإمكانه،.
(1) ن، م: الحدوث إلى جنس.
(2) ن (فقط) : محدود.
(3) (3 - 3) : ساقط من (ب) فقط.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(5) أ، ب: ممتنعا.
(6) ن، م: يشترط.
(7) ن، م: وأيضا فإن كون هذا. . إلخ.


***************************
وأن إمكانه قديم أزلي، وكونه مسبوقا بالعدم يقتضي أن له بداية، وأنه ليس بقديم أزلي (1) ، فصار قولهم مستلزما أن الحوادث يجب أن يكون لها بداية، وأنه لا يجب أن يكون لها بداية.
وذلك لأنهم قدروا تقديرا ممتنعا، والتقدير الممتنع قد يلزمه حكم ممتنع كقوله تعالى: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} [سورة الأنبياء: 22] .
فإن قولهم:
إمكان جنس الحوادث - بشرط كونها مسبوقة بالعدم - لا بداية له مضمونة أن ما له بداية ليس له بداية، فإن المشروط بسبق العدم له بداية (2) ، وإن (3) قدر أنه لا بداية له كان جمعا بين النقيضين.
وأيضا فيقال:
هذا تقدير لا حقيقة له في الخارج، فصار بمنزلة قول القائل: جنس الحوادث بشرط (4) كونها ملحوقة بالعدم هل لإمكانها نهاية؟ أم ليس لإمكانها نهاية؟ فكما أن هذا يستلزم الجمع بين النقيضين في النهاية، فكذلك الأمل يستلزم الجمع بين النقيضين في البداية (5) .
وأيضا فالممكن لا يترجح أحد طرفيه على الآخر إلا بمرجح تام يجب به الممكن، وقد يقولون: لا يترجح وجوده على عدمه إلا بمرجح تام يستلزم وجود ذلك الممكن.
[وهذا الثاني أصوب، كما عليه نظار المسلمين المثبتين، فإن بقاءه
(1) ن: وأنه غير قديم ليس أولى ; م: وأنه ليس بقديم أولى.
(2) ب (فقط) : فإن للمشروط بسبق العدم بداية.
(3) أ، ب: وإذا.
(4) ن (فقط) : يشترط.
(5) ن، م: النهاية.


******************************
معدوما لا يفتقر إلى مرجح، ومن قال: إنه يفتقر إلى مرجح قال: عدم مرجحه يستلزم عدمه، ولكن يقال: هذا مستلزم لعدمه لا أن هذا هو الأمر الموجب لعدمه، ولا يجب عدمه في نفس الأمر، بل عدمه في نفس الأمر لا علة له، فإن عدم المعلول يستلزم عدم العلة، وليس هو علة له، والملزوم أعم من كونه علة] (1) ; لأن ذلك المرجح التام لو لم يستلزم وجود الممكن لكان وجود الممكن مع المرجح التام جائزا لا واجبا ولا ممتنعا، وحينئذ فيكون ممكنا، فيتوقف على مرجح ; لأن الممكن لا يحصل إلا بمرجح.
فدل ذلك على أن الممكن إن لم يحصل مرجح يستلزم وجوده امتنع وجوده، وما دام وجوده ممكنا جائزا غير لازم لا يوجد، وهذا هو الذي يقوله أئمة أهل السنة المثبتين للقدر مع موافقة أئمة الفلاسفة لهم (2) ، وهذا مما احتجوا به على أن الله خالق أفعال العباد.
[القدرية التامة والإرادة الجازمة تقتضي وجود الفعل]

والقدرية من المعتزلة وغيرهم تخالف في هذا، وتزعم أن القادر يمكنه ترجيح الفعل على الترك بدون ما يستلزم ذلك، وادعوا أنه إن لم يكن القادر كذلك لزم أن يكون موجبا بالذات لا قادرا قالوا: والقادر المختار هو الذي إن شاء فعل، وإن شاء ترك، فمتى قيل: إنه لا يفعل إلا مع لزوم أن يفعل لم يكن مختارا بل مجبورا.
فقال لهم الجمهور من أهل الملة وغيرهم (3) : بل هذا خطأ، فإن
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) لهم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: وغير الملة.
****************************
القادر هو الذي إن شاء فعل، وإن شاء ترك ليس هو الذي إن شاء الفعل مشيئة جازمة، وهو قادر عليه قدرة تامة يبقى (1) الفعل ممكنا جائزا لا لازما واجبا ولا ممتنعا محالا.
بل نحن نعلم أن القادر المختار إذا أراد الفعل إرادة جازمة، وهو قادر عليه قدرة تامة لزم وجود الفعل، وصار واجبا بغيره لا بنفسه، كما قال المسلمون: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وما شاء (2) سبحانه، فهو قادر عليه، فإذا شاء شيئا حصل مرادا له، وهو مقدور عليه، فيلزم (3) وجوده، وما لم يشأ لم يكن، فإنه ما لم يرده وإن كان قادرا عليه لم يحصل المقتضى التام لوجوده، فلا يجوز وجوده.
قالوا:
ومع القدرة التامة والإرادة الجازمة يمتنع عدم الفعل، ولا يتصور عدم الفعل إلا لعدم كمال القدرة أو لعدم كمال الإرادة، وهذا أمر يجده الإنسان من نفسه، وهو معروف بالأدلة اليقينية، فإن فعل المختار لا يتوقف إلا على قدرته وإرادته، فإنه قد يكون قادرا، ولا يريد الفعل، فلا يفعله، وقد يكون مريدا للفعل لكنه عاجز عنه، فلا يفعله، أما (4) مع كمال قدرته وإرادته فلا يتوقف الفعل على شيء غير ذلك، والقدرة التامة والإرادة الجازمة هي المرجح التام للفعل الممكن، فمع وجودهما يجب وجود ذلك الفعل.
والرب تعالى قادر مختار يفعل بمشيئته لا مكره له، وليس هو موجبا

(1) ب: فبقي ; أ: تنفى.
(2) أ، ب: وما شاءه.
(3) أ، ب: فلزم.
**********************
بذاته بمعنى (1) أنه علة أزلية مستلزمة للفعل، ولا بمعنى أنه يوجب بذات (2) لا مشيئة لها، ولا قدرة (3) ، بل هو يوجب بمشيئته، وقدرته ما شاء وجوده، وهذا هو القادر المختار، فهو قادر مختار يوجب بمشيئته ما شاء وجوده.
وبهذا التحرير يزول الإشكال. (4) في هذه المسألة، فإن الموجب بذاته إذا كان أزليا يقارنه موجبه، فلو كان الرب تعالى موجبا بذاته [للعالم.] (5) في الأزل [لكان كل ما في العالم مقارنا له في الأزل] (6) ، وذلك ممتنع بل ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. فكل ما شاء الله وجوده من العالم فإنه يجب وجوده بقدرته ومشيئته، وما لم يشأ يمتنع وجوده إذ لا يكون شيء إلا بقدرته، ومشيئته، وهذا يقتضي وجوب وجود ما شاء تعالى وجوده.
ولفظ الموجب بالذات فيه إجمال، فإن أريد به أنه يوجب ما يحدثه بمشيئته، وقدرته، فلا منافاة بين كونه فاعلا بالقدرة والاختيار، وبين كونه موجبا بالذات بهذا التفسير، وإن أريد بالموجب بالذات أنه يوجب شيئا من الأشياء بذات مجردة عن القدرة والاختيار، فهذا باطل ممتنع، (* وإن

(1) ن، م: يعني.
(2) ن: ولا يعلم أنه موجب بذاته، م: ولا يعني بأنه يوجب بذات، وهو تحريف.
(3) ب (فقط) : لا مشيئة لها لا قدرة.
(4) ن، م: الإشكالات.
(5) للعالم: ساقطة من (ن) فقط.
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
**************************


أريد أنه علة تامة أزلية تستلزم (1) معلولها الأزلي بحيث يكون من العالم ما هو قديم بقدمه لازم لذاته أزلا وأبدا - الفلك، أو غيره - فهذا أيضا باطل *) (2) .
فالموجب بالذات إذا فسر بما يقتضي قدم شيء من العالم مع الله، أو فسر بما يقتضي سلب (3) صفات الكمال عن الله، فهو باطل، وإن فسر بما يقتضي أنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، فهو حق، فإن ما شاء وجوده فقد وجب وجوده بقدرته ومشيئته، لكن لا يقتضي هذا أنه شاء شيئا من المخلوقات بعينه في الأزل، بل مشيئته لشيء معين في الأزل ممتنع لوجوه متعددة.
ولهذا كان عامة العقلاء على أن الأزلي لا يكون مرادا مقدورا، ولا أعلم نزاعا بين النظار أن ما كان من صفات الرب أزليا لازما لذاته لا يتأخر منه شيء لا يجوز أن يكون مرادا مقدورا، وأن ما كان مرادا مقدورا لا يكون إلا حادثا شيئا بعد شيء، وإن كان نوعه لم يزل موجودا، أو كان نوعه كله حادثا بعد أن لم يكن.
ولهذا كان الذين اعتقدوا أن القرآن قديم لازم لذات الله متفقين على أنه لم يتكلم بمشيئته، وقدرته (4) ، وإنما يكون بمشيئته، وقدرته (5) خلق إدراك في العبد لذلك المعنى القديم، والذين قالوا: كلامه قديم، وأرادوا أنه
(1) ن، م: يستلزم.
(2) ما بين النجمتين ساقط من (أ) . (ب) .
(3) ب: تأخر. وسقطت الكلمة من (أ) .
(4) ن (فقط) : بمشيئة الله وقدرته.
(5) أ، ب: بقدرته ومشيئته.







http://www7.0zz0.com/thumbs/2017/12/09/22/222987075.jpg

ابوالوليد المسلم 20-06-2021 03:36 AM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (25)
صـ 166 إلى صـ 172

قديم العين متفقون على أنه لم يتكلم بمشيئته وقدرته، سواء قالوا: هو معنى واحد قائم بالذات، أو قالوا: هو حروف، أو حروف وأصوات قديمة أزلية الأعيان.
بخلاف أئمة السلف الذين قالوا:
إنه يتكلم بمشيئته، وقدرته، وإنه لم يزل متكلما إذا شاء، وكيف شاء، (1 فإن هؤلاء يقولون: الكلام قديم النوع، وإن كلمات الله لا نهاية لها، بل لم يزل متكلما بمشيئته، وقدرته، ولم يزل يتكلم كيف شاء إذا شاء 1) (1) ، ونحو ذلك من العبارات، والذين قالوا: إنه يتكلم بمشيئته وقدرته، وكلامه حادث بالغير (2) قائم (3) بذاته، أو مخلوق منفصل عنه يمتنع عندهم أن يكون قديما.
فقد اتفقت الطوائف كلها على أن المعين القديم الأزلي لا يكون مقدورا مرادا بخلاف ما كان نوعه لم يزل موجودا شيئا بعد شيء، فهذا مما يقول أئمة السلف وأهل السنة والحديث: إنه يكون بمشيئته وقدرته، كما يقول ذلك جماهير الفلاسفة الأساطين الذين يقولون بحدوث الأفلاك وغيرها وأرسطو، وأصحابه الذين يقولون بقدمها.
فأئمة أهل الملل وأئمة الفلاسفة يقولون: إن الأفلاك محدثة كائنة بعد أن لم تكن مع قولهم: إنه لم يزل النوع المقدور المراد موجودا شيئا بعد شيء.ولكن كثيرا من أهل الكلام يقولون: ما كان مقدورا مرادا يمتنع أن
(1) (1 - 1) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(2) ن: بالعين ; م: العين، وهو تحريف.
(3) ن، م: قديم.
********************************
يكون لم يزل شيئا بعد شيء، ومنهم من يقول بمنع ذلك في المستقبل أيضا.
وهؤلاء هم الذين ناظرهم الفلاسفة القائلون بقدم العالم، ولما ناظروهم واعتقدوا أنهم قد خصموهم وغلبوهم اعتقدوا أنهم قد خصموا أهل الملل مطلقا لاعتقادهم الفاسد الناشئ عن جهلهم بأقوال أئمة أهل الملل بل وبأقوال أساطين الفلاسفة القدماء وظنهم أنه (1) ليس لأئمة الملل وأئمة الفلاسفة قول إلا قول هؤلاء المتكلمين، وقولهم أو قول المجوس والحرانية (2) ، أو قول من يقول بقدم مادة بعينها، ونحو ذلك من الأقوال التي قد يظهر فسادها للنظار، وهذا مبسوط في موضع آخر.
والمقصود هنا أن عامة العقلاء مطبقون على أن العلم بكون الشيء المعين مرادا مقدورا يوجب العلم بكونه حادثا كائنا بعد أن لم يكن، بل هذا عند العقلاء من المعلوم بالضرورة (3) ، ولهذا كان مجرد تصور العقلاء أن الشيء مقدور للفاعل مراد له فعله بمشيئته وقدرته موجب للعلم (4) بأنه حادث، بل مجرد تصورهم كون الشيء مفعولا. أو مخلوقا أو مصنوعا أو نحو ذلك من العبارات يوجب العلم بأنه محدث كائن بعد أن لم يكن، ثم بعد هذا قد ينظر في أنه فعله بمشيئته وقدرته، وإذا

(1) أ، ب: أن.
(2) يقصد ابن تيمية بالمجوس هنا المعتزلة (لقولهم بأن الخير من الله والشر من الإنسان) . ويقصد بالحرانية الفلاسفة المنتسبين إلى الإسلام وخاصة الفارابي الذي تعلم الفلسفة من الصابئة المشركين في حران (انظر الرد على المنطقيين، ص [0 - 9] 87 - 288) .
(3) ن، م: من العلوم الضرورية.
(4) أ، ب: يوجب العلم.
**********************************


علم أن الفاعل لا يكون فاعلا إلا بمشيئته وقدرته، وما كان مقدورا مرادا، فهو محدث كان هذا أيضا دليلا ثانيا (1) على أنه محدث.
ولهذا [كان] (2) كل من تصور من العقلاء أن الله تعالى خلق السماوات والأرض أو خلق (3) شيئا من الأشياء كان هذا مستلزما لكون ذلك المخلوق محدثا كائنا بعد أن لم يكن.
وإذا قيل لبعضهم: هو قديم مخلوق، أو قديم [محدث] (4) ، وعنى بالمخلوق والمحدث ما يعنيه هؤلاء المتفلسفة الدهرية المتأخرون الذين يريدون بلفظ المحدث أنه معلول، ويقولون: إنه قديم أزلي مع كونه معلولا ممكنا يقبل الوجود والعدم، فإذا تصور العقل [الصريح] (5) هذا المذهب جزم بتناقضه، وأن أصحابه جمعوا بين النقيضين حيث قدروا مخلوقا محدثا معلولا مفعولا ممكنا أن يوجد وأن يعدم، وقدروه مع ذلك قديما أزليا واجب الوجود بغيره يمتنع عدمه.
وقد بسطنا هذا في مواضع في الكلام على المحصل وغيره، وذكرنا أن ما ذكره الرازي (6) عن أهل الكلام من أنهم يجوزون وجود مفعول
(1) ن، م: أ: ثابتا.
(2) كان: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن، م: وخلق.
(4) محدث: ساقطة من (ن) ، (م) ، (أ) .
(5) الصريح: ساقطة من (ن) فقط.
(6) أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين الرازي، فخر الدين، المعروف بابن الخطيب، المتوفى سنة 606، من أئمة الأشاعرة الذين مزجوا المذهب الأشعري بالفلسفة والاعتزال. ومن أهم مؤلفاته " محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين من العلماء والحكماء والمتكلمين ". طبع بالقاهرة سنة 1323. ولابن تيمية كتاب بعنوان " شرح أول المحصل " ذكره ابن عبد الهادي في: " العقود الدرية، ص [0 - 9] 7، طبع القاهرة، 1356/1938 ; وابن القيم في: " أسماء مؤلفات ابن تيمية، ص 19، طبع دمشق، 1953 (بتحقيق الدكتور صلاح المنجد) . وانظر ترجمة الرازي في ابن خلكان 3/381 - 385 ; شذرات الذهب 5/21 ; طبقات الشافعية 8/81 - 96 ; لسان الميزان 4/246 - 249 ; الأعلام 7/203.
******************************
معلول أزلي للموجب بذاته لم يقله (1) أحد منهم، بل هم متفقون على أن كل مفعول، فإنه لا يكون إلا محدثا.
وما ذكره هو وأمثاله موافقة لابن سينا من أن الممكن وجوده وعدمه قد يكون قديما أزليا قول باطل عند جماهير العقلاء من الأولين والآخرين.
حتى عند أرسطو وأتباعه القدماء والمتأخرين، فإنهم موافقون لسائر العقلاء في أن كل ممكن يمكن وجوده وعدمه لا يكون إلا محدثا كائنا بعد أن لم يكن، وأرسطو إذا قال: إن الفلك قديم لم يجعله مع ذلك ممكنا يمكن وجوده وعدمه.
والمقصود أن العلم بكون الشيء مقدورا مرادا يوجب العلم بكونه محدثا، بل العلم بكونه مفعولا يوجب العلم بكونه محدثا، فإن الفعل والخلق والإبداع والصنع ونحو ذلك لا يعقل إلا مع تصور حدوث المفعول.
وأيضا، فالجمع بين كون الشيء مفعولا وبين كونه قديما أزليا مقارنا لفاعله. (2) في الزمان جمع بين المتناقضين، ولا يعقل قط في الوجود

(1) ب (فقط) : أنه لم يقله.
(2) أ، ب: للفاعل.
*************************


فاعل قارنه مفعوله المعين (1) سواء سمي [علة] فاعلة، أو لم يسم (2) ، ولكن يعقل كون الشرط مقارنا للمشروط.
[المعنى الصحيح للتقدم والتأخر]
والمثل (3) الذي يذكرونه من قولهم حركت يدي، فتحرك خاتمي، أو كمي (4) ، أو المفتاح (5) ، ونحو ذلك حجة عليهم لا لهم، فإن حركة اليد ليست هي العلة التامة، ولا الفاعل لحركة الخاتم، [بل الخاتم] (6) مع الإصبع كالإصبع مع الكف، فالخاتم متصل (7) بالإصبع، والإصبع متصلة بالكف لكن الخاتم يمكن نزعها بلا ألم بخلاف الإصبع، وقد يعرض بين الإصبع والخاتم خلو يسير (8) بخلاف أبعاض الكف.
ولكن حركة الإصبع شرط في حركة الخاتم، كما أن حركة الكف شرط في حركة الإصبع أعني في الحركة المعينة التي مبدؤها من اليد بخلاف الحركة التي تكون للخاتم، أو للإصبع ابتداء، فإن هذه [متصلة] (9) منها إلى الكف كمن يجر إصبع غيره، فيجر معه كفه.
وما يذكرونه من أن التقدم والتأخر يكون بالذات والعلة كحركة
(1) أ، ب: ولا يعقل قط في الوجود مقارنة مفعوله المعين.
(2) ن، م: سواء سمي فاعله أو لم يسم.
(3) ن، م: والمثال.
(4) أ، ب: فمي، وهو خطأ.
(5) انظر ابن سينا: (الشفاء: الإلهيات، 1/165، القاهرة، 1380/1960 ; الإشارات والتنبيهات، 3/105، القاهرة، 1948) حيث يتكلم عن ارتباط حركة المفتاح بحركة اليد.
(6) بل الخاتم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) أ، ب: متصلة.
(8) أ، ب: ولكن يفرق بين الإصبع والخاتم بيسير.
(9) أ، ب: منفصلة ; ن، م: متصل. والصواب ما أثبتناه، ويكون المعنى: فإن هذه الحركة متصلة من إلى الإصبع الكف.
*****************************


الإصبع، ويكون بالطبع كتقدم الواحد على الاثنين، و [يكون] بالمكانة (1) كتقدم العالم على الجاهل، و [يكون] بالمكان (2) كتقدم الصف الأول على الثاني: وتقدم مقدم المسجد على مؤخره، ويكون بالزمان كلام مستدرك.
فإن التقدم والتأخر المعروف هو التقدم والتأخر بالزمان، [فإن قبل] (3) وبعد ومع ونحو ذلك، معانيها لازمة للتقدم والتأخر الزماني، وأما التقدم بالعلية (4) ، أو الذات مع المقارنة في الزمان، فهذا لا يعقل ألبتة، ولا له مثال مطابق في الوجود، بل هو مجرد تخيل لا حقيقة له.
وأما تقدم الواحد على الاثنين، فإن عنى به الواحد المطلق، (5 فهذا لا وجود له في الخارج، ولكن في الذهن، والذهن يتصور الواحد المطلق 5) (5) قبل الاثنين المطلق، فيكون متقدما في التصور تقدما زمانيا، وإن لم يعن به هذا فلا تقدم، بل الواحد شرط في الاثنين مع كون الشرط لا يتأخر عن المشروط، بل (6) قد يقارنه وقد يكون معه، فليس هنا تقدم واجب (7) غير التقدم الزماني.
وأما التقدم بالمكان، فذاك نوع آخر، وأصله من التقدم بالزمان، فإن
(1) ن، م: وبالمكانة.
(2) ن، م: وبالمكان.
(3) عبارة " فإن قبل ": ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ن: بالغلبة، وهو تحريف.
(5) (5 - 5) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(6) بل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7) ن، م: تقدما واجبا، وهو خطأ.
******************************
مقدم المسجد تكون فيه الأفعال المتقدمة بالزمان على مؤخره، فالإمام يتقدم فعله بالزمان لفعل المأموم، فسمي محل الفعل المتقدم متقدما، وأصله هذا.
وكذلك التقدم بالرتبة، فإن أهل الفضائل مقدمون في الأفعال الشريفة والأماكن (1) ، وغير ذلك على من هو (2) دونهم، فسمي ذلك تقدما، وأصله هذا.
وحينئذ فإن كان الرب هو الأول المتقدم على كل ما سواه (3) كان كل شيء متأخرا عنه، وإن قدر أنه لم يزل فاعلا فكل فعل معين ومفعول معين هو متأخر عنه.
[الزمان المطلق مقدار الحركة المطلقة]
وإذا قيل:
الزمان مقدار الحركة، فليس هو مقدار حركة معينة كحركة الشمس، أو الفلك (4) ، بل الزمان المطلق مقدار الحركة المطلقة، وقد كان قبل أن يخلق الله (5) السماوات والأرض والشمس والقمر حركات وأزمنة، وبعد أن يقيم الله القيامة، فتذهب الشمس، والقمر تكون في الجنة حركات وأزمنة (6) ، كما قال تعالى: {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا} [سورة مريم: 62] .
وجاء في الآثار أنهم يعرفون الليل والنهار بأنوار تظهر من جهة

(1) أ، ب: والأمكنة.
(2) هو: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: فإذا كان الرب هو الأول كالمتقدم على ما سواه. إلخ.
(4) ب:. حركة معينة للشمس أو الفلك ; أ: حركة معينة الشمس أو الفلك.
(5) لفظ الجلالة ليس في (أ) ، (ب) .
(6) وأزمنة: ساقطة من (أ) ، (ب) .


ابوالوليد المسلم 20-06-2021 03:37 AM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (26)
صـ 173 إلى صـ 178

العرش، وكذلك لهم في الآخرة يوم المزيد يوم الجمعة يعرف بما يظهر فيه من الأنوار الجديدة القوية، وإن كانت الجنة كلها نورا يزهر، ونهرا يطرد (1) لكن يظهر بعض الأوقات نور آخر يتميز به النهار عن الليل (2) .
فالرب تعالى إذا [كان] (3) لم يزل متكلما بمشيئته، فعالا بمشيئته كان مقدار كلامه وفعاله (4) الذي لم يزل هو الوقت الذي يحدث فيه ما يحدث من مفعولاته، وهو سبحانه متقدم على كل ما سواه التقدم الحقيقي المعقول (5) .
ولا نحتاج أن نجيب عن هذا بما ذكره الشهرستاني والرازي وغيرهما:
من أن في أنواع التقدمات تقدم أجزاء الزمان على بعض، وأن هذا نوع آخر، وأن تقدم الرب على العالم هو من هذا الجنس.
فإن هذا قد يرد لوجهين:
أحدهما: أن تقدم بعض أجزاء الزمان على بعض هو بالزمان، فإنه
(1) أ، ب: يطرب، وهو خطأ. وسقطت عبارة " ونهرا يطرد " من (م) . ونقل ابن قيم الجوزية في كتابه " حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح "، ص [0 - 9] 02، الطبعة الثانية، القاهرة، 1938، عن سنن ابن ماجه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " ألا هل مشمر للجنة، فإن الجنة لا حظر لها، هي ورب الكعبة نور يتلألأ، وريحانة تهتز، وقصر مشيد، ونهر مطرد. " الحديث (وقد رواه المنذري في الترغيب والترهيب 5/475 - 476، القاهرة، 1352/1933) . وفي اللسان: وجدول مطرد: سريع الجرية، والأنهار تطرد أي تجري، وفي حديث الإسراء: وإذا نهران يطردان أي يجريان وهما يفتعلان.
(2) ب: يتميز به الليل والنهار ; أ: يتميز به عن الليل والنهار.
(3) كان: ساقطة في النسخ الأربع، وأضفتها ليستقيم الكلام.
(4) ب: وفعله.
(5) ن، م: هو الوقت الذي يحدث فيه ما يحدث وهو من مفعولاته، متقدم سبحانه على كل ما سواه التقدم الحقيقي المفعول. وسقطت " وهو " من (م) .
*************************
ليس المراد بالتقدم بالزمان أن يكون هناك (1) زمان خارج عن التقدم والمتقدم وصفاتهما، بل المراد أن المتقدم يكون قبل المتأخر (2) القبلية المعقولة كتقدم اليوم على غد، وأمس على اليوم، ومعلوم أن تقدم طلوع الشمس، وما يقارنه من الحوادث على الزوال نوع واحد، فلا فرق بين تقدم نفس الزمان المتقدم على المتأخر، وبين تقدم ما يكون في الزمان المتقدم على ما يكون في الزمان المتأخر.
الوجه الثاني: أن يقال: أجزاء (3) الزمان متصلة متلاحقة ليس فيها فصل (4) عن (5) الزمان، ومن قال: إن الباري لم يزل غير فاعل، ولا يتكلم بمشيئته، ثم صار. [فاعلا. و] متكلما (6) بمشيئته وقدرته يجعل بين هذا وهذا من الفصل (7) ما لا نهاية له، فكيف يجعل هذا بمنزلة تقدم أجزاء الزمان بعضها على بعض (8) ؟ .
وبالجملة فالعلم بأن الفاعل بمشيئته وقدرته، بل الفاعل مع قطع النظر عن كونه إنما يفعل بمشيئته، وقدرته - وإن كان هذا لازما له في نفس الأمر - فالعلم (9) بمجرد كونه فاعلا للشيء المعين يوجب العلم بأنه

(1) هناك ; ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) أ، ب: التقدم يكون قبل التأخر.
(3) ن (فقط) : آخر، وهو تحريف.
(4) ن: فضل، وهو تحريف.
(5) أ، ب: غير.
(6) ن: ثم صار متكلما ; م: ثم صار فاعلا متكلما.
(7) ن: الفضل، وهو تحريف.
(8) ن: إلى بعض.
(9) فالعلم: ساقطة من (ن) ، (م) .
***********************


أبدعه، وأحدثه، وصنعه، (1 ونحو ذلك من معاني العبارات التي تقتضي أن المفعول كان بعد أن لم يكن 1) (1) (2 وأن ما فعله بقدرته وإرادته كان بعد أن لم يكن، وإن قدر دوام كونه فاعلا بقدرته، وإرادته 2) (2) .
فعلم أن إرادته لشيء معين في الأزل [ممتنع] (3) ; لأن إرادة وجوده تقتضي إرادة وجود لوازمه ; لأن وجود الملزوم بدون [وجود] (4) اللازم محال، فتلك الإرادة القديمة لو اقتضت وجود مراد معين في الأزل لاقتضت وجود لوازمه، وما من وجود معين من المرادات إلا. وهو مقارن لشيء آخر (5) من الحوادث كالفلك الذي لا ينفك عن الحوادث، وكذلك العقول والنفوس التي يثبتها هؤلاء الفلاسفة هي لا تزال مقارنة للحوادث، وإن قالوا: إن الحوادث معلولة لها، فإنها ملازمة مقارنة لها على كل تقدير.
وذلك أن الحوادث مشهودة في العالم، فإما أن تكون لم تزل مقارنة للعالم، أو تكون حادثة فيه بعد أن لم تكن، فإن لم تزل مقارنة له ثبت أن العالم لم يزل مقارنا للحوادث، وإن قيل: إنها حادثة فيه بعد أن لم تكن كان العالم خاليا عن الحوادث، ثم حدثت فيه، وذلك يقتضي حدوث الحوادث بلا سبب حادث، وهذا ممتنع على ما تقدم، وكما سلموه هم.
(1) (1 - 1) : الكلام الذي يقابل هذا السطر في نسخة: ن (فقط) (ص 16) ناقص ومضطرب.
(2) (2 - 2) بدلا من هذه العبارة جاء في أ، ب: وأن (ب: وأنه) فعله بقدرته وإرادته.
(3) ممتنع: ساقطة من (ن) فقط.
(4) وجود: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) آخر: ساقطة من (م) ، (أ) ، (ب) .
******************************
فإن (1) قيل: إن هذا جائز أمكن (2) وجود العالم بما فيه من الحوادث مع القول بأن الحوادث حدثت بعد أن لم تكن حادثة أعني نوع الحوادث، وإلا فكل حادث معين فهو حادث بعد أن لم يكن.
[الأقوال الثلاثة في دوام أنواع الحوادث أزلا وأبدا]

وإنما النزاع في نوع الحوادث هل يمكن دوامها في المستقبل والماضي، أو في المستقبل فقط، أو لا يمكن دوامها لا في الماضي ولا في المستقبل (3) على ثلاثة أقوال معروفة عند أهل (4) النظر من المسلمين وغيرهم أضعفها قول من يقول: لا يمكن دوامها لا في الماضي، ولا في المستقبل كقول جهم بن صفوان (5) ، وأبي الهذيل العلاف، وثانيها قول من يقول: يمكن دوامها في المستقبل دون الماضي كقول كثير من أهل الكلام من الجهمية والمعتزلة، ومن وافقهم من الكرامية والأشعرية والشيعة، ومن وافقهم من الفقهاء وغيرهم، والقول الثالث قول من يقول: [يمكن] (6) دوامها في الماضي والمستقبل. كما يقوله أئمة أهل الحديث وأئمة الفلاسفة وغيرهم.
لكن القائلون بقدم الأفلاك كأرسطو، وشيعته يقولون. بدوام حوادث الفلك، وأنه ما من دورة إلا وهي (7) مسبوقة بأخرى لا إلى أول وأن الله

(1) ن، م: وإن.
(2) ن، م: لكن.
(3) أ، ب: أو في الماضي فقط، وهو خطأ.
(4) ن، م: لأهل.
(5) ن، م: كقول الجهم.
(6) يمكن: ساقطة من (ن) فقط.
(7) وهي: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (م) .
****************************
لم يخلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، [بل حقيقة قولهم: إن الله لم يخلق شيئا، كما بين في موضع آخر] (1) ، وهذا كفر باتفاق أهل الملل: المسلمين، واليهود والنصارى.
وهؤلاء القائلون بقدمها يقولون. بأزلية الحوادث في الممكنات، وأما الذين يقولون: إن الله خالق كل شيء، [وربه، ومليكه] (2) ، وما سواه مخلوق محدث كائن بعد أن لم يكن، فهم يفرقون بين الخالق الواجب، والمخلوق الممكن في دوام الحوادث وهذا قول أئمة أهل الملل وأئمة الفلاسفة [القدماء] (3) ، فهم وإن قالوا: إن الرب لم يزل متكلما إذا شاء، ولم (4) يزل حيا فعالا فإنهم يقولون: إن ما سواه مخلوق حادث بعد أن لم يكن.
والمقصود هنا أن الفلاسفة القائلين بقدم العالم إن جوزوا حدوث الحوادث بلا سبب حادث بطلت عمدتهم في قدم العالم، وإن منعوا ذلك امتنع خلو العالم عن الحوادث، وهم [لا] يسلمون (5) أنه لم يخل من الحوادث.
وإذا كان [كل] (6) موجود معين من مرادات الله التي يخلقها، فإنه مقارن (7)

(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) وربه ومليكه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) أ، ب: وهذا قول أئمة الفلاسفة القدماء وأئمة الملل.
(4) أ، ب: أو لم.
(5) ن، م، أ: وهم يسلمون.
(6) كل: ساقطة من (ن) فقط.
(7) ن (فقط) : مفارق.
******************************
للحوادث مستلزم لها امتنع إرادته دون إرادة لوازمه التي لا ينفك عنها، والله رب كل شيء، وخالقه لا رب غيره، فيمتنع أن يكون بعض ذلك بإرادته، وبعضه بإرادة غيره، بل الجميع بإرادته.
وحينئذ فالإرادة الأزلية القديمة (1) إما أن تكون مستلزمة لمقارنة مرادها لها، وإما أن لا تكون كذلك، فإن كان الأول لزم أن يكون المراد ولوازمه قديما أزليا، والحوادث لازمة لكل مراد مصنوع، فيجب أن تكون مرادة له، وأن تكون قديمة أزلية (2) ، إذ التقدير أن المراد مقارن للإرادة، فيلزم أن تكون جميع الحوادث المتعاقبة قديمة أزلية، وهذا ممتنع لذاته.
[اعتراض يشبه قول ابن ملكا والرد عليه]

وإن قيل:
إنه أراد القديم بإرادة قديمة، وأراد الحوادث المتعاقبة عليه (3) بإرادات متعاقبة، كما قد يقوله طائفة من الفلاسفة، وهو يشبه قول صاحب المعتبر (4) .

(1) أ، ب: القديمة الأزلية.
(2) أ، ب: فيجب أن يكون مراده وإن تكرر قديما أزليا (أ: قديمة أزلية) ، والصواب ما أثبتناه، وهو الذي في (ن) ، (م) . وتقدير الكلام: فيجب أن تكون هذه الحوادث مرادة وأن تكون في نفس الوقت قديمة أزلية.
(3) ن، م: عليها.
(4) وهو أبو البركات هبة الله بن ملكا صاحب كتاب " المعتبر في الحكمة " اختلف في اسمه فسماه بعض المؤرخين: هبة الله بن علي، وقال بعضهم: ابن ملكا، وقال آخرون: ابن ملكان، كما اختلفوا في سنة وفاته فجعلها بعضهم 547، وقال آخرون: إنها 560 أو 570، وهو طبيب وفيلسوف كان يهوديا وأسلم، يعرف بأوحد الزمان وبفيلسوف العراقين. طبع كتابه " المعتبر " في حيدر آباد سنة 1357. انظر ترجمته والكلام عن كتابه في: آخر الجزء الثالث من كتابه " المعتبر " ص [0 - 9] 30 - 252 ; طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة (ط. بيروت) 2/296 - 300 ; أخبار الحكماء لابن القفطي، ص [0 - 9] 43 - 346 ; تاريخ حكماء الإسلام لظهير الدين البيهقي، ص 152 - 154 ; نكت الهميان للصفدي، ص 304 ; وفيات الأعيان 5/124، 125 ; الأعلام 9/63.

ابوالوليد المسلم 20-06-2021 03:37 AM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (27)
صـ 179 إلى صـ 185

قيل: أولا: كون الشيء مرادا يستلزم حدوثه، بل وتصور كونه مفعولا يستلزم حدوثه، فإن مقارنة المفعول المعين لفاعله ممتنع في بداية (1) العقول.
وقيل:
ثانيا: إن (2) جاز أن يكون له إرادات متعاقبة دائمة النوع لم يمتنع أن يكون كل ما سواه حادثا بتلك الإرادات، فالقول حينئذ بقدم شيء من العالم قول بلا حجة أصلا.
وقيل:
ثالثا: إن (3) الفاعل الذي من شأنه أن يفعل شيئا بعد شيء بإرادات متعاقبة يمتنع قدم شيء معين من إراداته (4) ، وأفعاله، وحينئذ فيمتنع قدم شيء من مفعولاته، فيمتنع قدم شيء من العالم.
وقيل:
رابعا: إذا قدر أنه في الأزل كان مريدا لذلك المعين - كالفلك - إرادة مقارنة للمراد [لزم أن يكون مريدا للوازمه إرادة مقارنة للمراد] (5) ، فإن وجود الملزوم بدون اللازم محال، واللازم له نوع الحوادث، وإرادة النوع إرادة مقارنة (6 له في الأزل محال لامتناع وجود النوع كله في الأزل.
[قول الكلابية]
وإذا قيل: اللازم له دوام 6) (6) الحوادث (7) ، فيكون مستلزما لدوام الإرادة لتلك الحوادث.
(1) أ، ب: بداهة.
(2) ن، م: إذا. .
(3) إن: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (م) .
(4) ن، م: إرادته.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) .
(6) (6 - 6) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(7) ن: الحادث ; ب: للحوادث، والصواب ما أثبتناه.
****************************
قيل: معلوم أن إرادة هذا الحادث ليست إرادة هذا الحادث، وإن جوزوا هذا لزمهم أن يجوزوا وجود جميع الكائنات بإرادة واحدة قديمة [أزلية] (1) ، كما يقوله من يقوله من المتكلمين كابن كلاب وأتباعه، وحينئذ يبطل قولهم.
وإذا كان كذلك، فالمعلول المعين القديم إذا قدر كان [مرادا] (2) بإرادة قديمة أزلية باقية، ولم يقترن بها إرادة (3) شيء من الحوادث ; لأن (4) الحادث لا يكون قديما، ونوع الإرادات والحوادث ليس فيه شيء بعينه قديم لكن قد يقال: يقترن بها النوع الدائم (5) لكن هذا ممتنع من وجوه قد ذكر بعضها.
[قول الأشعرية والكرامية وموافقيهم]
وإن قيل:
إن الإرادة القديمة الأزلية [ليست] (6) مستلزمة لمقارنة مرادها لها لم يجب أن يكون المراد قديما أزليا، ولا يجوز أن يكون حادثا ; لأن حدوثه بعد أن لم يكن يفتقر إلى سبب حادث كما تقدم.
وإن (7) جاز أن يقال: [إن] (8) الحوادث تحدث بالإرادة القديمة الأزلية من غير تجدد أمر من الأمور - كما يقول ذلك كثير من أهل الكلام

(1) أزلية: زيادة في (م) .
(2) مرادا: ساقطة من (ن) فقط.
(3) إرادة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ن، م: أن.
(5) أ: القائم، ب: القديم.
(6) ليست: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) ن: فإن.
(8) إن: ساقطة من (ن) ، (م) .
*************************
من الأشعرية، والكرامية، [وغيرهم] (1) ، ومن وافقهم من أتباع الأئمة أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم - كان هذا مبطلا لحجة هؤلاء الفلاسفة على قدم العالم.
فإن أصل حجتهم أن الحوادث لا تحدث إلا بسبب حادث، فإذا جوزوا حدوثها (2) عن القادر المختار بلا سبب حادث، أو جوزوا حدوثها بالإرادة القديمة الأزلية بطلت عمدتهم، وهم لا يجوزون (3) ذلك.
وأصل هذا الدليل أنه لو كان شيء من العالم قديما للزم أن يكون صدر عن مؤثر تام سواء سمي علة تامة، أو موجبا بالذات، أو قيل: إنه قادر مختار، واختياره أزلي مقارن لمراده في الأزل (4) ، ويمتنع (5) أن يكون في الأزل، ويمتنع أن يكون في الأزل قادر مختار يقارنه مراده سواء سمي ذلك علة تامة، أو لم يسم، وسواء سمي موجبا بالذات، [أو لم يسم] (6) ، بل يمتنع أن يكون شيء من المفعولات [المعينة] (7) العقلية مقارنا لفاعله الأزلي في الزمان، وامتناع هذا معلوم بصريح العقل عند جماهير العقلاء من الأولين والآخرين، ويمتنع أن يكون في الأزل علة تامة، أو موجب بالذات سواء (8) سمي قادرا مختارا، أو لم يسم.

(1) وغيرهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) أ، ب: إحداثها.
(3) أ، ب: ولا يجوزون.
(4) في الأزل: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (م) .
(5) ن، م: فيمتنع.
(6) أو لم يسم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) المعينة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) سواء: ساقطة من (أ) ، (ب) .
********************
وسر ذلك: أن ما كان كذلك لزم أن يقارنه أثره المسمى معلولا. أو مرادا، أو موجبا بالذات، أو مبدعا، أو غير ذلك من الأسماء لكن مقارنة ذلك له في الأزل تقتضي أن لا يحدث عنه شيء بعد أن لم يكن حادثا، ولو لم يكن كذلك لم يكن للحوادث فاعل، بل كانت حادثة بنفسها، وهذا ممتنع بنفسه، فإثبات موجب بالذات أو فاعل مختار يقارنه مراده في الأزل يستلزم أن لا يكون للحوادث. (1) فاعل، وهذا محال.
[قول ابن سينا]
لا سيما قول من يقول: إن العالم صدر عن ذات بسيطة لا يقوم بها صفة ولا فعل، كما يقوله ابن سينا، وأمثاله، فإن هؤلاء يقولون بصدور الأمور المختلفة عن ذات بسيطة، وإن العلة البسيطة التامة الأزلية توجب معلولات مختلفة، وهذا من أعظم الأقوال امتناعا في صريح المعقول.
ومهما أثبتوه من الوسائط كالعقول وغيرها، فإنه لا يخلصهم من هذا القول الباطل.
فإن تلك الوسائط -[كالعقول]- (2) صدرت عن غيرها، وصدر عنها غيرها.
فإن كانت بسيطة من كل وجه، فقد صدر المختلف الحادث (3) عن البسيط الأزلي، وإن كان فيها (4) اختلاف، أو قام بها حادث، فقد صدرت أيضا (5) المختلفات والحوادث عن البسيط التام [الأزلي] (6) ،

(1) ن: في الحوادث.
(2) كالعقول: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) أ، ب: فقد صدر البسيط المختلف الحادث.
(4) ن: بها ; م: فيهما.
(5) أيضا: زيادة في (ن) فقط.
(6) الأزلي: ساقطة من (ن) ، فقط.
***********************
وكلاهما باطل، فهم مع القول (1) بأن مبدع العالم علة له أبعد الناس عن مراعاة موجب التعليل.
وهؤلاء يقولون. [أيضا] (2) : إنه علة تامة أزلية لبعض العالم كالأفلاك مثلا. وليس علة تامة في الأزل لشيء من الحوادث، بل لا يصير علة تامة لشيء من الحوادث إلا عند حدوثه، فيصير علة بعد أن لم يكن علة (3) مع أن حاله قبل [ومع] (4) ، وبعد حال. (5) واحدة، فاختصاص كل وقت بحوادثه، وبكونه صار علة تامة فيه لتلك الحوادث لا بد له من مخصص، ولا مخصص إلا الذات البسيطة، وحالها في نفسها. [واحد أزلا وأبدا، فكيف يتصور أن يخص بعض الأوقات بحوادث مخصوصة دون بعض مع تماثل أحوالها في نفسها؟] (6) .
وهذا بعينه تخصيص (7) لكل حال من الأحوال الحادثة (8) المتماثلة (9) عن سائر أمثاله بذلك الإحداث، وبتلك المحدثات من غير مخصص يختص به ذلك المثل، فقد وقع هؤلاء في أضعاف ما فروا منه وأضعاف أضعافه إلى ما لا يتناهى.

(1) ن، م: فهم مع القول الأول. إلخ.
(2) أيضا: ساقطة من (ن) ، وفي (م) : أيضا يقولون.
(3) علة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ومع: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن: حالة.
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(7) م: مخصص.
(8) الحادثة: في (ن) فقط.
(9) ن، م: المماثلة.
*******************************
وإذا قيل: حدوث الحادث الأول أعد الذات لحدوث الثاني. .
قيل لهم: فالذات نفسها هي علة الجميع، ونسبتها إلى الجميع نسبة واحدة، فما الموجب لكونها جعلت ذلك يعدها لهذا دون العكس مع أنه لم يقم بها شيء يوجب التخصيص.؟ .وأيضا: فكيف تصير هي فاعلة (1) لهذا الحادث بعد أن لم تكن فاعلة له (2) من غير أمر يقوم بها؟ .
وأيضا:
فكيف يكون معلولها يجعلها فاعلة بعد أن لم تكن فاعلة بدون فعل يقوم بها؟ .
وإذا قالوا:
أفعالها تختلف، وتحدث لاختلاف القوابل والشرائط وحدوث ذلك الاستعداد، [و] سبب (3) ذلك الحدوث هو الحركات الفلكية والاتصالات الكوكبية.قيل لهم: هذا إن كان ممكنا، فإنما يمكن فيما يكون فيه فاعل الإعداد غير فاعل الإمداد كالشمس التي يفيض نورها وحرارتها على العالم، ويختلف فعلها، ويتأخر كمال تأثيرها عن شروقها لاختلاف القوابل وحدوثها، والقوابل ليست من فعل الشمس.
وكذلك ما يدعونه من العقل الفعال الذي يختلف فيضه في هذا العالم باختلاف قوابله، فإن القوابل اختلفت باختلاف حركات الأفلاك، وليست حركات كل الأفلاك عن العقل الفياض.

(1) ن: تصير علة ; م: تصير هي علة.
(2) له: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) ن، م: ذلك الاستعداد سبب. إلخ.
************************



فأما الذات: التي منها الإعداد، ومنها الإمداد، ومنها الفيض، ومنها القبول، وهي الفاعلة للقابل والمقبول والشرط والمشروط، فلا يتصور أن يقال: إنما اختلف فعلها أو فيضها أو إيجابها، [وتأخر] (1) لاختلاف القوابل والشروط، أو لتأخر ذلك، فإنه يقال: القول (2) في اختلاف القوابل والشروط وتأخرها كالقول في اختلاف [المقبول] (3) ، والمشروط وتأخر ذلك، فليس هناك سبب وجودي يقتضي ذلك إلا مجرد الذات التي هي عندهم بسيطة، وهي [عندهم] (4) علة تامة أزلية، فهل هذا القول إلا من أفسد الأقوال في صريح المعقول؟ .
وإن قالوا:
السبب في ذلك أنه لم يكن إلا هذا، وأن الممكنات لا تقبل إلا هذا.
قيل:
الممكنات قبل وجودها ليس لها حقيقة موجودة تجعل هي السبب في تخصيص أحد الموجودين بالوجود دون الآخر، ولكن بعد وجودها يعقل كون الممكن شرطا لغيره ومانعا لغيره كوجود (5) أحد الضدين فإنه مانع من الآخر [دون غيره] (6) ، ووجود اللازم، فإنه شرط في وجود الملزوم أي لا بد من وجوده مع وجوده سواء وجدا معا، أو سبق أحدهما الآخر.
(1) وتأخر: ساقطة من (ن) فقط.
(2) ن، م، أ: فإنه يقال والقول.
(3) المقبول: ساقطة من (أ) فقط.
(4) عندهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: لوجود.
(6) دون غيره: ساقطة من (ن) ، (م) .





ابوالوليد المسلم 20-06-2021 03:38 AM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (28)
صـ 186 إلى صـ 192

وإنما يقدر وجود شيء من الممكنات، فكيف يعقل أن أحد الممكنين الجائزين اللذين لم يوجد واحد منهما هو الذي أوجب في الذات البسيطة أن يوجد هذا دون هذا ويجعل هذا قديما دون هذا مع أنها واحدة بسيطة نسبتها إلى جميع الممكنات نسبة واحدة.
وإذا قيل: ماهية الممكن أوجبت ذلك دون وجوده.
قيل:
الجواب من وجهين:
أحدهما: أن الماهية المجردة عن الوجود إنما تعقل في العلم الذي يعبر عنه بالوجود الذهني دون الوجود الخارجي، والعلم تابع للمعلوم، فإن لم يكن من الذات الفاعلة سبب (* يقتضي تخصيص ماهية دون ماهية بالوجود، بل كانت بسيطة لا اختصاص لها بشيء من الماهيات لم يعقل *) (1) اختصاص إحدى الماهيتين بالوجود دون الأخرى، ومعلوم أن الفاعل إذا تصور ما يريد فعله قبل أن يفعله، فلا بد من أن يكون فيما يراد. (2) فعله سبب يوجب تخصيصه بالإرادة، والعبد لإرادته أسباب خارجة عنه (3) توجب التخصيص، وأما الرب تعالى، فلا يخرج عنه إلا ما هو منه، وهو مفعوله، فإن لم يكن في ذاته ما يوجب التخصيص امتنع التخصيص منه، فامتنع الفعل.
الثاني:
أن يقال: هب أن ماهية الممكن ثابتة في الخارج لكن القول في (4) تخصيص تلك الماهيات المقارنة لوجودها بالوجود دون
(1) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: يريد.
(3) عنه: ساقطة من (ب) فقط.
(4) القول في: ساقطة من (أ) ، (ب) .
***************************
بعض، كالقول في تخصيص وجودها إذ (1) كان كل ما يقدر وجوده فماهيته مقارنة له.
وإن قيل:
إن الماهيات أمر محقق في الخارج غني عن الفاعل، فهذا تصريح بأنها واجبة بنفسها مشاركة للرب في إبداع (2) الوجود، وهذا باطل، وهذا يتوجه على القول بأن المعدوم ليس بشيء، وهو الصواب، [و] على قول (3) من قال: إنه شيء في الخارج أيضا.
[البرهنة على صحة هذا الدليل من وجوه شتى]
(فصل) (4)
ثم إنه يمكن تحرير (5) هذا الدليل بطريق التقسيم على كل تقدير تقوله طائفة من طوائف المسلمين.
مثل أن يقال (6) : [إن] (7) الحوادث إما أن يمتنع دوامها، ويجب أن يكون لها ابتداء، وإما أن لا يمتنع دوامها، بل يجوز حوادث لا أول لها.
فإن كان الأول:
لزم وجود الحوادث عن القديم الواجب الوجود بنفسه من غير حدوث شيء من الأشياء، كما يقول ذلك كثير من أهل الكلام

(1) ب (فقط) : إن.
(2) أ، ب: الإبداع.
(3) ن (فقط) : وهو الصواب على قول.
(4) فصل: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) أ، ب: تجويز.
(6) في جميع النسخ: يقول. ولعل الصواب ما أثبته.
(7) إن: زيادة في (أ) ، (ب) .
**************************
سواء قالوا (1) : إنها تصدر عن القادر (2) المختار، ولم يثبتوا له إرادة قديمة، كما تقوله المعتزلة والجهمية، أو قالوا: إنها تصدر عن القادر المختار المريد بإرادة قديمة أزلية، كما تقوله الكلابية والأشعرية والكرامية.
وعلى هذا القول فيمتنع قدم شيء من العالم، (3 فإنه ما من شيء من العالم 3) (3) إلا. وهو مقرون بالحوادث لم يسبقها سواء جعل كل (4) ذلك جسما، أو قيل: إن هناك عقولا ونفوسا ليست أجساما، فإنه لا ريب أنها مقارنة للحوادث، فإنها (* فاعلة (5) مستلزمة لها، فإذا امتنع وجود حوادث لا أول لها امتنع أن يكون للحوادث *) (6) علة مستلزمة لها سواء كانت ممكنة أو واجبة، وعلى هذا التقدير فالإرادة القديمة لا تستلزم وجود المراد معها لكن يجب وجود المراد في الوقت المتأخر عن الإرادة.
وإن قيل:
إنه يمكن دوام الحوادث، وأن لا يكون لها ابتداء.
فيقال:
على هذا التقدير يمتنع أن يكون شيء من العالم قديما أزليا لا الأفلاك ولا العقول ولا النفوس ولا المواد (7) العنصرية ولا الجواهر المفردة (8) ، ولا غير ذلك ; لأن كل ما كان قديما من العالم أزليا، فلا بد أن

(1) ن، م: قال.
(2) في (أ) الفاعل. وكتب في الهامش: " والأصل: القادر ".
(3) (3 - 3) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(4) كل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) م: علة.
(6) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(7) ن: المراد، وهو تحريف.
(8) أ: المنفردة، ب: الفردة.
************************
يكون فاعله موجبا له بالذات سواء سمي علة تامة، أو مرجحا تاما، أو سمي قادرا مختارا.
لكن وجود الموجب بالذات. [في الأزل] (1) محال ; لأنه يستلزم أن يكون موجبه ومقتضاه أزليا، وهذا ممتنع لوجوه:
منها:
أن المفعول المعين [للفاعل] (2) يمتنع أن يكون مقارنا له في الزمان أزليا معه، لا سيما إذا اعتبر مع ذلك أن يكون فاعلا بإرادته وقدرته، فإن مقارنة مقدوره المعين له بحيث يكون أزليا معه محال، بل هذا [محال] (3) ممتنع فيما يقدر قائما به، فإنه يمتنع كونه (4) مرادا أزليا، فلأن يكون ممتنعا فيما هو منفصل عنه بطريق الأولى.
ومنها:
أنه إذا قدر علة تامة موجبا بذاته لزم أن يقارنه معلوله مطلقا، فيكون كل شيء من العالم أزليا، وهذا محال خلاف المشاهدة وإجماع العقلاء.
[القول بأن بعض العالم أزلي وبعضه ليس بأزلي يقتضي بطلان قولهم من وجوه]
وإذا قيل: إن بعض العالم أزلي كالأفلاك ونوع الحركات، وبعضه ليس بأزلي كآحاد الأشخاص، والحركات.
قيل:
هذا يقتضي بطلان قولهم من وجوه:
أحدها: أنه إذا جاز كونه فاعلا للحوادث شيئا بعد شيء أمكن أن يكون كل ما سواه حادثا، فالقول بقدم شيء معين من العالم قول بلا حجة.

(1) في الأزل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) للفاعل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) محال: ساقطة من (ن) فقط.
(4) ن، م: قائما به يمتنع أن يكون.
****************************
الثاني: أن كونه محدثا للحوادث شيئا بعد شيء بدون قيام سبب به يوجب الإحداث ممتنع، فإن الذات إذا كان حالها قبل هذا، وبعد هذا، ومع هذا. (1) واحدة امتنع أن تخص هذا بالإحداث دون هذا، بل امتنع أن تحدث شيئا.
الثالث: [أنه] (2) إن (3) جوز أن تحدث شيئا بدون سبب يقوم بها جاز أن يكون لجميع الحوادث ابتداء، فلا يكون في العالم شيء قديم، وإن لم يجوز ذلك (4) بطل قولهم بأنها تحدث الحوادث بدون سبب يقوم بها.
الرابع: أن إحداث الحوادث إن لم يجز بدون سبب يقوم بها بطل قولهم، وإن (5) افتقر إلى سبب يقوم بها لزم أن يقوم بها تلك الأمور دائما شيئا بعد شيء، فلا تكون فاعلة قط إلا مع قيام ذلك بها، فيمتنع أن يكون لها مفعول معين أزلا وأبدا ; لأن صدور ذلك عن ذات تفعل ما يقوم بها شيئا بعد شيء ممتنع ; لأن ما تفعل بهذه الواسطة لا يكون فعلها إلا شيئا بعد شيء، فيمتنع أن يكون لها فعل معين لازم لها، وإذا امتنع ذلك امتنع أن يكون لها مفعول معين لازم لها.
الخامس:
أنه إذا قدر أن شيئا من معلولاتها لازم لها أزلا وأبدا لم يكن ذلك إلا لكون الذات علة تامة موجبة له، ومعلوم أن المعين

(1) أ، ب، م: أو بعد هذا أو مع هذا.
(2) أنه: ساقطة من (ن) .
(3) أ، ب: إذا.
(4) أ، ب: إن لم يجوزوا ذلك.
(5) ن، م: فإن.
************************


مخصوص بقدر وصفة وحال (1) ، وهذا التخصيص الذي فيه يستلزم أن يكون الاختصاص في علته، وإلا فالعلة التي لا اختصاص لها لا توجب ما هو مختص بقدر وحال وصفة.
ومعلوم أنه إذا قدر أن الفاعل هو الذات المجردة عن الأحوال المتعاقبة عليها سواء قيل:
إنه لا يقوم بها الأحوال، أو قيل: إنها تقوم بها لكن على التقديرين (2) لا تكون موجبة لشيء قديم أزلي إلا لمجرد الذات المجردة عن الأحوال المتعاقبة ; لأن الأحوال المتعاقبة آحادها موجودة شيئا بعد شيء، فيمتنع أن تكون موجبة (3) لشيء قديم أزلي، فإن الموجب القديم المعين الأزلي أولى أن يكون قديما أزليا معينا، والأحوال المتعاقبة ليس منها (4) شيء قديم معين (5) أزلي، فيمتنع أن يكون الموجب المشروط بها قديما أزليا.
فإذا قدر أنه قديم أزلي لم يكن ذلك إلا بتقدير أن تكون الذات المجردة هي الموجبة والذات المجردة ليس فيها اختصاص يوجب تخصيص الفلك دون غيره بكونه معلولا بخلاف ما إذا قيل:
إنه حدث بعد أن لم يكن لأسباب أوجبت الحدوث، والتخصيص، فإن هذا السؤال يندفع، وهذا دليل مستقل في المسألة، ولم يتقدم بعد ذكره في هذا الكتاب.
(1) أ، ب: وحالة.
(2) أ، ن، م: على التقدير. والمثبت من (ب) .
(3) ن (فقط) : فيمتنع أن تكون قديمة موجبة.
(4) أ، ب: فيها.
(5) ن، م: معين قديم.
***********************


السادس: أنه إذا كانت الأحوال لازمة لها كان بتقدير فعلها بدون الأحوال تقديرا ممتنعا، وحينئذ فالذات المستلزمة للأحوال المتعاقبة لا تفعل بدونها، وإذا كان الفاعل لا يفعل إلا بأحوال متعاقبة امتنع قدم شيء من مفعولاته ; لأن القديم يقتضي علة تامة أزلية، وما يستلزم الأحوال المتعاقبة لا يكون اقتضاؤه في الأزل لشيء معين تاما أزليا، بل إنما يتم اقتضاؤه لكل مفعول عند وجود الأحوال التي بها يصير فاعلا.
السابع:
أنه إن جاز أن يقوم بالفاعل الأحوال المتعاقبة جاز، بل وجب حدوث كل ما سواه، وإن لم يجز ذلك، فإما أن يقال: يمتنع حدوث شيء، ومعلوم وجود الحوادث، وإما أن يقال: بل تحدث بلا سبب حادث في الفاعل، وحينئذ فيلزم جواز حدوث كل ما سوى الله تعالى، فإنه إذا جاز أن يحدث الحوادث دائما بلا سبب يقتضي حدوثها، فلأن تحدث جميعها بلا سبب يقتضي حدوثها أولى، فإن هذا أقل محذورا، فإذا جاز الحدوث مع المحذور الأعظم، فمع الأخف أولى.
وأيضا، فالأول إن كان مستلزما لتلك الحوادث كان الجميع قديما، وهو ممتنع كما تقدم (1) ، وإن لم يكن مستلزما لتلك الحوادث كانت حادثة بعد أن لم تكن، فيلزم حدوث الحوادث بدون سبب حادث، [وإن كان مستلزما لنوعها دون الآحاد، فقد عرف بطلان ذلك من وجوه] (2) ، ولو (3) جاز حدوث الحوادث بدون سبب حادث لجاز حدوث العالم،
(1) أ: تقدر ; ب: تقرر.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(3) أ، ب: إذا.


ابوالوليد المسلم 20-06-2021 03:39 AM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (29)
صـ 193 إلى صـ 199

وإذا جاز حدوث العالم امتنع قدمه ; لأنه [لا] (1) يكون قديما إلا لقدم العلة الموجبة له.
وإذا قدر أن ثم علة موجبة [له] (2) ، فإنه يجب القدم، ويمتنع الحدوث، وإذا جاز حدوثه امتنع قدمه، فكذلك إذا جاز قدمه امتنع حدوثه، فإنه لا يجوز قدمه إلا لقدم موجبه، ومع ذلك يمتنع حدوثه، فكما أن الممكن الذهني الذي يقبل الوجود والعدم إذا حصل المقتضى التام. وجب وجوده، وإلا وجب عدمه، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وليس في الخارج إلا ما وجب وجوده بنفسه أو بغيره، أو ما امتنع وجوده بنفسه أو بغيره، فكذلك (3) القول في قدم الممكن وحدوثه: ليس في الخارج إلا ما يجب قدمه، أو يمتنع قدمه، فإذا حصل موجب قدمه بنفسه أو بغيره، وإلا امتنع قدمه، ولزم إما دوام عدمه، وإما حدوثه، فمع القول بجواز حدوثه يمتنع قدم العلة الموجبة له، فيمتنع قدمه، فلا يمكن أن يقال: إنه يجوز حدوثه مع إمكان أن يكون قديما، بل (4) إذا ثبت جواز حدوثه ثبت امتناع قدمه.
ولهذا كان كل من جوز حدوث الحوادث (5) بدون سبب حادث يقول بحدوثه، ومن قال بقدمه لم يقل أحد منهم بجواز حدوث الحوادث بدون سبب حادث - وإن كان هذا القول مما يخطر بالبال تقديره بأن
(1) لا: ساقطة من (ن) فقط.
(2) له: ساقطة من (ن) فقط.
(3) ن، م: وكذلك.
(4) بل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) ن، م: الحادث.
***************************
يقال: يمكن حدوث الحوادث بلا سبب حادث ; لأن [الفاعل] القادر المختار (1) يرجح أحد مقدوريه على الآخر بلا مرجح، ويمكن مع ذلك قدم العالم بأن يكون المختار رجح قدمه بلا مرجح - فإن هذا القول لظهور بطلانه لم يقله أحد من العقلاء فيما نعلم ; لأنه مبني على مقدمتين كل منهما باطلة في نظر (2) العقول - وإن كان من العقلاء من التزم بعضهما (3) ، فلا يعرف من التزمهما معا (4) .
إحداهما: كون الفاعل المختار يرجح بلا سبب، فإن أكثر العقلاء يقولون: إن فساد هذا معلوم بالضرورة، أو [هو] (5) قطعي غير ضروري.
والثانية:
كون القادر المختار يكون فعله مقارنا له لا يحدث شيئا بعد شيء، فإن هذا أيضا مما يقول العقلاء، - أو جمهورهم -: إن فساده معلوم بالضرورة، أو قطعا، بل جمهور العقلاء يقولون: إن مفعول الفاعل لا يكون مقارنا له أبدا.
[موضع الارتباط بين الاستطراد في مسألة قدم العالم وبين الكلام في مشكلة القدر]
ثم من النظار من قال بإحدى المقدمتين دون الأخرى، فالقدرية وبعض الجهمية يقولون بالأولى، وبعض الجبرية يقولون بالأولى في حق الرب دون العبد، وأما الثانية فلم يقل بها إلا من جعل الفاعل مريدا، أو جعل (6) بعض العالم قديما كأبي البركات ونحوه.

(1) ن، م: لأن القادر المختار ; أ، ب: لأن الفاعل المختار.
(2) أ: ظن ; ب: ظاهر.
(3) ن، م، أ: بعضها. والصواب ما في (ب) .
(4) أ: فلم يعرف من التزمها جميعا ; ب: فلم يعرف من التزمهما جميعا ; م: فلم يعرف من التزمهما مع.
(5) هو: ليست في (ن) ، (م) .
(6) ن، م: وجعل.
********************************
[. وأما القائلون بقدم شيء من العالم، فلا يقولون: بأن الفاعل مريد] (1) ، وهؤلاء (2) قولهم أفسد من قول أبي البركات وأمثاله، فإن كون (3) المفعول المعين لم يزل مقارنا لفاعله هو مما يقول جمهور العقلاء إنه معلوم الفساد بالضرورة، فإذا قيل: مع ذلك إن الفاعل غير مريد كان زيادة ضلال، ولم يكن هذا مما يقوي قولهم، بل نفس كون الفاعل فاعلا لمفعوله المعين يمنع مقارنته له، وما يذكرونه من حركة الخاتم مع اليد، وحركة الشعاع مع الشمس (4) ، وأمثال ذلك ليس فيه أن المفعول قارن فاعله، وإنما قارن شرطه، وليس في العالم فاعل لم يزل مفعوله مقارنا له.
وأما سائر القائلين بقدم شيء من العالم، فلا يقولون.
بأن الفاعل مريد.ثم كل من الطائفتين من أعظم الناس إنكارا لمقدمة القدرية، وهو أن الفاعل المختار يرجح بلا مرجح حادث، ومتى جوزوا ذلك بطل قولهم بقدم شيء من العالم، فإن أصل قولهم إنما هو أن الفاعل يمتنع أن يصير فاعلا بعد أن لم يكن لامتناع حدوث الحوادث بلا سبب، فيمتنع أن يكون معطلا.
ثم يصير فاعلا. بل إذا قدر أنه كان معطلا لزم دوام تعطيله،
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: فهؤلاء.
(3) ن، م: فكون.
(4) ن، م: من حركة اليد وحركة الخاتم والشعاع مع الشمس.


********************************

(1 فإذا قدر أنه فاعل لزم دوام فعله، وعندهم يمتنع ما قاله أولئك المتكلمون من جواز تعطيله 1) (1) ، ثم فعله، (2 فمتى جوزوا أن يكون معطلا لم يفعل لم يمكنهم نفي 2) (2) ما قاله أولئك، ولا القول بقدم شيء من العالم.
لكن غاية من جوز هذا أن يصير شاكا يقول: هذا ممكن، وهذا ممكن، ولا أدري أيهما الواقع، وحينئذ فيمكن أن يعلم أحدهما بالسمع، ومعلوم أن الرسل صلوات الله عليهم أخبرت بأن الله خالق كل شيء، وأنه خلق السماوات والأرض، وما بينهما في ستة أيام، فمن قدر أن عقله جوز الأمرين، فبقي (3) شاكا أمكنه أن يعلم، وقوع أحد الجائزين بالسمع.
والعلم بصدق الرسول ليس موقوفا على العلم بحدوث العالم، وهذه طريقة صحيحة لمن سلكها، فإن المقدمات الدقيقة [الصحيحة] (4) العقلية قد لا تظهر لكل أحد، والله تعالى قد وسع طريق (5) الهدى لعباده، فيعلم أحد المستدلين المطلوب بدليل، ويعلمه الآخر بدليل آخر، ومن علم صحة الدليلين [معا] (6) كان كل منهما يدله على المطلوب، وكان
(1) (1 - 1) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(2) (2 - 2) : هذه العبارة في (ن) ، (م) محرفة.
(3) ن، م: فيهن، وهو تحريف.
(4) الصحيحة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) أ، ب، م: طرق.
(6) معا: ساقطة من (ن) ، (م) .
***************************


اجتماع الأدلة يوجب قوة العلم، وكل منهما يخلف الآخر إذا عزب (1) الآخر عن الذهن.
[دليل آخر على بطلان القول بقدم العالم]
ولكن مع كون أحد من العقلاء لم يعلم أنه قال:
هذا، ومع كون نقيضه [مما] (2) يعلم بالسمع، فنحن نذكر دلالة العقل على فساده أيضا، فنقول:
كما أنه ما يثبت قدمه امتنع عدمه، فما جاز عدمه امتنع قدمه، فإنه لو كان قديما لامتنع عدمه، والتقدير أنه جائز العدم، فيمتنع قدمه، وما جاز حدوثه لم يمتنع عدمه، بل جاز عدمه، وقد تقدم أن ما جاز عدمه امتنع قدمه ; لأنه لو كان قديما لم يجز عدمه، بل امتنع عدمه.
وتلك المقدمة متفق عليها بين النظار متكلمهم، ومتفلسفهم وغيرهم، وبيان صحتها: أن ما يثبت قدمه، فإما أن يكون قديما بنفسه، أو بغيره، فالقديم بنفسه واجب بنفسه، والقديم بغيره واجب بغيره، ولهذا كان كل من قال: إن العالم أو شيئا منه قديم، فلا بد من أن يقول هو واجب بنفسه، أو بغيره، ولا يمكنه مع ذلك أن يقول: ليس هو بواجب بنفسه، ولا بغيره، فإن القديم بنفسه لو لم يكن واجبا بنفسه لكان ممكنا مفتقرا إلى غيره، فإن كان محدثا لم يكن قديما، وإن كان قديما بغيره لم يكن قديما بنفسه، وقد فرض أنه قديم بنفسه، فثبت أن ما هو قديم بنفسه، فهو واجب بنفسه.
وأما القديم بغيره، فأكثر العقلاء يقولون: يمتنع أن يكون شيء قديما بفاعل، ومن جوز ذلك فإنه يقول: قديم بقدم موجبه الواجب بنفسه،
(1) أ، ب: يخلفه الآخر إذا غاب الآخر عن الذهن.
(2) مما: ساقطة من (ن) ، (م) .
**********************


ففاعله لا بد أن يوجبه فيكون علة موجبة أزلية إذ لو لم يوجبه، بل جاز وجوده، وجاز عدمه - وهو من (1) نفسه ليس له إلا العدم - لوجب عدمه، ومع وجوب العدم يمتنع وجوده فضلا عن قدمه، فما لم يكن موجودا بنفسه، ولا قديما بنفسه إذا لم يكن له في الأزل ما يوجب وجوده لزم عدمه، فإن المؤثر التام إذا حصل لزم وجود الأثر، وإن لم يحصل لزم عدمه.
وإذا قيل: التأثير أولى به مع إمكان عدم التأثير قيل: هذه مقدمة باطلة كما تقدم، وأنتم تسلمون صحتها، والذين ادعوا صحتها لم يقولوا بباطل قولكم، فلم يجمع أحد بين هذين القولين الباطلين.
ونحن في مقام الاستدلال، فإن قلتم: نحن نقول هذا على طريق الإلزام لمن قال هذا من الجبرية، والقدرية الذين يجوزون ترجيح القادر المختار بدون مرجح تام يوجب الفعل، فنقول لهم هلا قلتم بأن الرب فاعل مختار، وهو مع هذا. (2) فعله لازم له.
قيل لكم (3) : هؤلاء يقولون: إن الفعل القديم ممتنع لذاته، ولو قدر أن الفاعل غير مختار، فكيف إذا كان الفاعل مختارا.
فقد علم أن فعل القادر المختار يمتنع أن يكون مقارنا له.
ويقولون: لا يعقل الترجيح إلا مع الحدوث،
ويقولون:
إن الممكن لا يعقل ترجيح وجوده على عدمه إلا مع كونه حادثا، فأما الممكن المجرد بدون الحدوث (4) فلا يعقل كونه مفعولا. بل يقولون: إن هذا معلوم
(1) ب: في.
(2) ن، م: ومع هذا.
(3) ن، م، أ: قيل لهم، وهو خطأ.
(4) ن: الحدث.
****************************
بالضرورة، وهو كون (1) الممكن مما يمكن وجوده بدلا من عدمه، وعدمه بدلا من وجوده، وهذا إنما يكون فيما يمكن أن يكون [موجودا، ويمكن أن يكون] (2) معدوما، وما وجب قدمه بنفسه أو بغيره امتنع أن يكون معدوما، فيمتنع أن يكون ممكنا.
قالوا:
وهذا ما اتفق عليه جماهير العقلاء حتى أرسطو وأتباعه القدماء يقولون: إن الممكن لا يكون إلا محدثا، وكذلك ابن رشد الحفيد، وغيره من متأخريهم.
وإنما قال إن الممكن يكون قديما طائفة [منهم] (3) كابن سينا، وأمثاله، واتبعه على ذلك الرازي، وغيره، ولهذا ورد على هؤلاء من الإشكالات ما ليس [لهم] (4) عنه جواب صحيح، كما أورد بعض ذلك الرازي في (محصله) ، ومحققوهم لا يقولون: إن المحوج إلى الفاعل هو مجرد الحدوث حتى يقولوا إن المحدث في حال بقائه غني عن الفاعل، بل يقولون: إنه محتاج إلى الفاعل في حال حدوثه وحال بقائه، وإن الممكن لا يحدث ولا يبقى إلا بالمؤثر.
فهذا الذي عليه جماهير المسلمين، بل عليه جماهير (5) العقلاء لا يقولون: إن شيئا من العالم غني عن الله في حال بقائه، بل يقولون: متى قدر أنه ليس بحادث امتنع أن يكون مفعولا محتاجا إلى المؤثر، فالقدم

(1) ن، م:. بالضرورة ويقولون الممكن يمكن. . إلخ.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(3) منهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) لهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: بل وجماهير.


ابوالوليد المسلم 13-07-2021 11:46 PM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (30)
صـ 200 إلى صـ 206

عندهم ينافي الحاجة إلى الفاعل (1) ، وينافي كونه مفعولا فالحدوث (2) عندهم من لوازم كون الشيء مفعولا فيمتنع عندهم أن يكون مفعول قديما، وهذا ليس قول القدرية والجبرية فقط، بل هذا (3) قول جماهير العقلاء من أهل الملل وغير [أهل الملل] (4) ، وهو قول جماهير أئمة الفلاسفة.
وأما (5) كون الفلك مفعولا قديما، فإنما هو قول طائفة قليلة من الفلاسفة، وعند جمهور العقلاء أنه معلوم الفساد بالضرورة، ولهذا كل من تصور من العقلاء أن الله خلق السماوات والأرض تصور أنها كانت بعد أن لم تكن، وكل من تصور أن شيئا من الموجودات مصنوع مفعول لله تصور أنه حادث، فأما تصور أنه مفعول، وأنه قديم، فهذا إنما تتصوره العقول تقديرا له، كما تتصور الجمع بين النقيضين تقديرا له، والذي يقول ذلك يتعب تعبا كثيرا في تقدير إمكان ذلك، وتصويره، كما يتعب سائر القائلين بأقوال ممتنعة، ثم مع هذا فالفطر ترد ذلك وتدفعه، ولا تقبله (6) .
وأعجب من ذلك تسمية هؤلاء (7) العالم محدثا، ويعنون بكونه محدثا
(1) ن، م: الحاجة في الفاعل.
(2) ن، م: فالحدث.
(3) هذا: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ن، م: من أهل الملل وغيرهم.
(5) ن، م: فأما.
(6) ن: فالفطن يرد ذلك ويدفعه ولا يقبله ; م: فالفطر يرد ذلك ويدفعه ولا يقبله.
(7) أ، ب: هذا.
***********************
أنه معلول العلة القديمة، وإذا سئل أحدهم: هل العالم محدث أو قديم؟ يقول: هو محدث وقديم، ويعني بذلك أن الفلك قديم بنفسه (1) لم يزل، وأنه محدث يعنون بكونه محدثا له أنه معلول (2) علة قديمة.
[بطلان الاحتجاج بالأفول على الإمكان والحركة]
وهذه العبارة يقولها ابن سينا وأمثاله من الباطنية، فإنهم يأخذون عبارات المسلمين،
فيطلقونها على (3) معانيهم، كما قال مثل ذلك في لفظ (الأفول.) ، فإن أهل الكلام المحدث لما احتجوا بحدوث الأفعال على حدوث الفاعل الذي قامت به الأفعال، وزعموا أن إبراهيم الخليل احتج بهذا، وأن المراد بالأفول (4) الحركة والانتقال، وأنه استدل بذلك على حدوث المتحرك والمنتقل. نقل ابن سينا هذه المادة إلى أصله، وذكر هذا في (إشاراته) فجعل هذا (5) الأفول عبارة عن الإمكان، وقال: إن ما هوى في حظيرة الإمكان هوى في حظيرة الأفول (6) ، ولفظه: (7) (فإن الهوى في حظيرة الإمكان أفول ما.) .
وذلك أنه أراد أن يقول بقول سلفه الفلاسفة مع قوله بما يشبه طريقة المتكلمين، والمتكلمون استدلوا على حدوث الجسم بطريقة التركيب،

(1) ن، م: في نفسه.
(2) أ، ب: وأنه محدث بمعنى أنه معلول، م: وأنه محدث يعني معلول. .
(3) ن، م: في.
(4) ن، م: بالأقوال، وهو تحريف.
(5) ن، م، أ: هو.
(6) ن، م: إن كل ممكن هاو في حضيرة الأفول والإمكان هوى في حضيرة الأفول ; أ: كل ممن هاوى في حظيرة الأفول هوى في حظيرة الأفول.
(7) في: الإشارات والتنبيهات 3، 4/532 تحقيق د. سليمان الدنيا، ط. المعارف، القاهرة 1958.
**************************



فجعل هو التركيب دليلا على الإمكان، والمتكلمون جعلوا دليلهم هو دليل إبراهيم الخليل بقوله: {لا أحب الآفلين} [سورة الأنعام: 76] وفسروه بأن الأفول هو الحركة، فقال ابن سينا:
(1) (قال قوم إن هذا الشيء المحسوس موجود لذاته واجب لنفسه لكنك إذا تذكرت ما قيل (2) في شرط واجب الوجود لم تجد هذا المحسوس. واجبا، وتلوت (3) قوله تعالى: {لا أحب الآفلين} ، فإن الهوى في حظيرة الإمكان أفول ما.) .
ويريد بالشرط أنه ليس بمركب، وأن المركب ممكن ليس بواجب، والممكن آفل لأن الإمكان أفول ما (4) ، والآفل (5) عندهم هو الذي يكون موجودا بغيره، ويقولون: نحن نستدل بإمكان الممكنات على الواجب، ونقول: العالم قديم لم يزل ولا يزال، ونجعل معنى قوله تعالى: {لا أحب الآفلين} أي (6) لا أحب الممكنين، وإن كان الممكن واجب الوجود بغيره قديما أزليا (7) لم يزل ولا يزال.
ومعلوم أن كلا القولين من باب تحريف الكلم عن مواضعه، وإنما الأفول هو المغيب (8) ، والاحتجاب ليس هو الإمكان، ولا الحركة
(1) المرجع السابق 3، 4/531 - 532.
(2) الإشارات 3، 4/532: ما قيل لك.
(3) ن: ويكون، وهو تحريف.
(4) ما: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) ن، م: والأفول.
(6) أي: زيادة في (ن) ، (م) .
(7) أزليا: ساقطة من (أ) ، (ب) ومكانها كلمة " لدليل ".
(8) ب (فقط) : الغيب، وهو تحريف.
*****************************
وإبراهيم الخليل (1) لم يحتج بذلك على حدوث الكواكب، ولا على إثبات الصانع، وإنما احتج بالأفول على بطلان عبادتها، فإن قومه كانوا مشركين يعبدون الكواكب، ويدعونها من دون الله لم يكونوا يقولون: إنها هي التي خلقت السماوات والأرض، فإن هذا لا يقوله عاقل، ولهذا قال: {ياقوم إني بريء مما تشركون} [سورة الأنعام: 78] وقال: {أفرأيتم ما كنتم تعبدون - أنتم وآباؤكم الأقدمون - فإنهم عدو لي إلا رب العالمين} [سورة الشعراء: 75 - 77] وقد بسط [الكلام على] (2) هذا في غير هذا الموضع (3) .
والمقصود هنا أن هؤلاء [القوم] (4) يأخذون عبارات المسلمين التي عبروا بها عن معنى، فيعبرون بها عن معنى آخر يناقض دين المسلمين ليظهر بذلك أنهم موافقون للمسلمين في أقوالهم، [وأنهم] (5) يقولون: العالم محدث، وأن كل ما سوى الله فهو عندنا آفل محدث بمعنى أنه معلول له، وإن كان قديما أزليا معه واجبا به لم يزل ولا يزال.
وإذا كان جماهير العقلاء يقولون: إن المفعول لا يكون إلا حادثا، لا سيما المفعول لفاعل باختياره، فإذا كان من هؤلاء من قال: إنه يفعل بدون سبب حادث، وإنه يرجح أحد مقدوريه على الآخر بلا مرجح لم

(1) الخليل: زيادة في (ن) ، (م) .
(2) عبارة " الكلام على " ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) انظر مثلا: شرح حديث النزول، ص 194 - 197، مطبعة الإمام، القاهرة، 1366/1947 ; السبعينية، ص 69 - 77.
(4) القوم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) وأنهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
*****************************
يلزمه أن يقول مع هذا (1) : إن مفعوله قديم رجحه بلا مرجح، فإنه يقول: إن (2) هذا القول باطل، وقولي الآخر إن كان باطلا فلا أجمع بين قولين باطلين، وإن كان حقا، فقول الحق لا يوجب علي (3) أن أقول الباطل، فإن الحق لا يستلزم الباطل، بل الباطل قد يستلزم الحق، وهذا لا يضر [الحق] (4) ، فإنه إذا وجد الملزوم وجد اللازم، فالحق لازم سواء قدر وجود الباطل أو عدمه أما الباطل فلا يكون لازما للحق ; لأن لازم الحق حق، والباطل لا يكون حقا، فلا يلزم من قال الحق أن يقول الباطل، وهذا ظاهر.
والمقصود هنا أنه متى قيل بجواز (5) حدوث الحوادث بدون (6) سبب حادث أمكن أن يفعل الفاعل الحوادث بعد أن لم يكن فاعلا بدون سبب حادث، كما يقول ذلك من يقوله من طوائف النظار من متكلمة المسلمين وغيرهم من القدرية والجبرية وغيرهم، ومتى كان ذلك ممكنا في نفس الأمر لم يجب دوام الفاعل فاعلا. وأمكن حدوث الزمان والمادة وغير ذلك، كما يقول ذلك من يقوله من النظار من أهل الكلام، والفلسفة، ومتى كان ذلك ممكنا بطل كل ما يحتج به على قدم شيء من العالم، فبطل القول بقدم العالم، وعلم أيضا امتناع قدمه ; لأنه لا يكون

(1) أ، ب: مع هذا أن يقول.
(2) إن: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: فقولي لا يوجب علي. . . إلخ.
(4) الحق: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) أ، ب: يجوز.
(6) أ، ب: بلا.
**************************
قديما إلا إذا كان واجبا بنفسه، أو كان (1) الفاعل مستلزما بنفسه (2) له، فإذا لم يكن هناك فاعل مستلزم له امتنع أن يكون قديما، وكان كل من حجج القائلين بالحدوث والقائلين بالقدم مبطلة لهذا القول.
أما (3) القائلون بالقدم، فعمدتهم أن المؤثر التام يستلزم (4) أثره، فيمتنع عندهم القول بمفعول قديم من غير علة تامة موجبة ; لأنه أثر عن غير مؤثر تام.
وأما القائلون بالحدوث، فعمدتهم أن الفاعل المختار (5) ، بل الفاعل مطلقا لا يكون مفعوله إلا حادثا، وأن مفعولا قديما ممتنع (6) .
فصار عمدة هؤلاء وهؤلاء مبطلة لهذا القول الذي لم يقله أحد، ولكن يقال على سبيل الإلزام لكل من الطائفتين إذا التزمت فاسد (7) قولها دون صحيحه (8) ، فإذا التزمت (القدمية) جواز حدوث الحوادث بلا سبب، وأن الأثر لا يحتاج إلى مؤثر تام، بل القادر يرجح أحد مقدوريه بلا مرجح، والتزمت (الحدوثية) أن المفعول مطلقا أو المفعول بالقدرة والاختيار لم يزل قديما أزليا مع فاعله مقارنا له لزم من هذين اللازمين إمكان أن يكون الفاعل قادرا مختارا يرجح بلا مرجح، ومفعوله مع هذا قديما

(1) ن، م: وكان.
(2) بنفسه: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (م) .
(3) ن: وأما ; م: فأما.
(4) ن، م: مستلزم.
(5) أ، ب: بالاختيار.
(6) أ: وإن كان مفعولا قديما ممتنع ; ب: وأن كون مفعول قديم ممتنع.
(7) فاسد: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) ب (فقط) : صحته.
***********************
[بقدمه] (1) . لكن أحد من العقلاء لم يلتزم هذين فيما علمناه، وإن قدر أنه التزم ذلك، فقد التزم ملزومين باطلين كل منهما باطل بالبرهان، والجمع بينهما لم يقله أحد من العقلاء، وكان كل من العقلاء يرد عليه ببرهان قاطع، ولكن هو يعارض كلام كل طائفة بكلام الطائفة الأخرى، وغايته فساد بعض قول هؤلاء وفساد بعض قول هؤلاء، لكن لا يلزم أن يسلم له الجمع بين فساد كل من القولين ولا الجمع بين هذا الفساد وهذا الفساد، بل هذا يكون أبلغ في رد قوله.
وأيضا فإن كلا من الطائفتين فرت من أحد الفسادين، وظنت الآخر ليس بفاسد، ولم تهتد إلى الجمع بين الصحيح كله والسلامة من الفاسد كله، فليس له أن يلزمها ما علمت فساده مع ما لم تعلم فساده، فيلزمها الفاسد كله ويخرجها من الصحيح كله، فإن غاية (2) قولها أبلق أن يكون (3) فيه بياض وسواد، [والأبلق خير من الأسود] (4) .
فإن الطائفة التي قالت:
إن القادر يمكنه ترجيح أحد مقدوريه على الآخر بلا مرجح إنما قالته لما علمت (5) أن القادر الفاعل لا بد أن يكون فعله حادثا، وأن (6) كونه فاعلا مع كون الفعل قديما جمع بين المتناقضين، ولم يهتدوا إلى الفرق بين نوع الفعل، وبين عينه، بل

(1) ن، م: ومفعوله مع هذا قديم.
(2) ن (فقط) : عامة.
(3) أن يكون: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ما بين المعقوفتين ساقطة من (ن) ، (م) وفي " لسان العرب ": " والبلق: سواد وبياض ".
(5) أ، ب: علمته.
(6) ن، م: فإن.

ابوالوليد المسلم 13-07-2021 11:57 PM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (31)
صـ 207 إلى صـ 213

اعتقدت أيضا أن حوادث لا أول لها ممتنع، فقالت حينئذ: فيمتنع دوام الفعل، فيلزم كونه فاعلا بعد أن لم يكن، فيلزم ترجيح القادر لأحد مقدوريه على الآخر بلا مرجح ; لأن القادرية لا تختص ولم تزل (1) ، وإن قيل باختصاصها، أو حدوثها لزم حدوث القادرية (2) بلا محدث، وتخصيصها بغير مخصص، وأنه صار قادرا بعد أن لم يكن بغير سبب، وانتقل الفعل من الامتناع إلى الإمكان بدون سبب يوجب هذا الانتقال. وإذا جاز ذلك، فجواز كونه مرجحا لأحد مقدوريه أولى بالجواز.
وهذه اللوازم - وإن قال الجمهور ببطلانها - فإنهم يقولون: ألجأنا إليها تلك الملزومات (3) لما ذكرناه من ظنهم أنه لا فرق بين النوع والعين، وإذا قيل لهم: فقولوا مع هذه اللوازم بانتفاء تلك الملزومات، فقالوا (4) : إن القادر يرجح أحد المقدورين على الآخر (5) بلا مرجح، ويحدث الحوادث بلا سبب مع أن الفاعل القادر يقارنه مفعوله المعين، وأنه لا أول لعين الفعل والمفعول، فقد لزمهم (6) أن يقولوا باللوازم التي يظهر بطلانها مع نفي الملزومات التي أوجبت تلك في نظرهم التي فيها ما يظهر بطلانه، وفيها ما يخفى بطلانه، فقد لزمهم (7) أن يقولوا باللازم الباطل
(1) أ، ب: لأن القادر لا يختص ولم يزل.
(2) أ، ب: القدرية، وهو خطأ.
(3) أ، ب: المقدمات.
(4) ن، م: فإذا قيل لهم: قولوا مع اللوازم. فقولوا.
(5) على الآخر: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(6) ن، م: فقد ألزمهم.
(7) ن، م: فقد ألزمهم.
***************************
الذي لا حاجة بهم (1) إليه، مع نفي ما أحوجهم إليه مع أن فيه حقا، أو فيه حقا وباطلا.
وكذلك الطائفة التي قالت بقدم العالم، فإنها لما اعتقدت أن الفاعل يمتنع أن يصير فاعلا بعد أن لم يكن، وأن يحدث حادثا (2) لا في وقت، ويمتنع الوقت في العدم المحض، ولم يهتدوا إلى الفرق بين دوام النوع ودوام العين (3) ظنت أنه يلزم قدم عين المفعول، فالتزمت مفعولا قديما أزليا لفاعل، ثم قال: من قال منهم: لا يعقل (4) كون الفاعل فاعلا بالاختيار مع كون مفعوله قديما مقارنا له، فقالوا: هو موجب بالذات لا فاعل بالاختيار، والتزموا (5) ما هو معلوم الفساد عند جمهور العقلاء من مفعول معين مقارن لفاعله (6) أزلا وأبدا حذرا من إثبات كونه (7) يصير فاعلا بعد أن لم يكن.
فإذا قيل لهم:
فقولوا بهذه الأقوال مع قولكم: إنه يمكن أن يصير فاعلا بعد أن لم يكن، فيرجح أحد مقدوريه بلا مرجح، فقد لزمهم أن يقولوا الباطل كله، وأن يقولوا باللازم الذي يظهر بطلانه بدون الملزوم الذي فيه حق وباطل - الذي ألجأهم إلى هذا اللازم.

(1) أ، ب، م: لهم.
(2) ن، م: يحدث حادث.
(3) أ، ب: دوام العين ودوام النوع.
(4) أ، ب: لا نعقل.
(5) ن: فالزموا ; م: فالتزموا.
(6) ن، م لفعله.
(7) ب (فقط) : أنه.
***************************



وأيضا، فإنه على هذا التقدير الذي نتكلم عليه، وهو تقدير أن لا يكون الأزلي مستلزما لتلك الحوادث، بل كانت حادثة بعد أن لم تكن، فيلزم (1) أن العالم كان خاليا عن جميع الحوادث، ثم حدثت (2) فيه بلا سبب حادث، وهو شبيه بقول الحرانيين القائلين (3)
بالقدماء الخمسة الواجب بنفسه، والمادة، والمدة، والنفس، والهيولي، كما يقوله ديمقراطيس (4) ، وابن زكريا الطبيب (5) ومن. وافقهما، أو بقول يحكى عن بعض القدماء، وهو أن جواهر العالم (6) أزلية، وهو القول بقدم المادة -
(1) ب (فقط) : يلزم.
(2) أ، ب: حدث.
(3) أ، ب: وهم من يقول.
(4) وهو ديموقريطس DEMOKRITOS الفيلسوف اليوناني المشهور، وقد ولد في أبديرا من أعمال تراقيا، ولكننا لا نعلم تاريخ ولادته ووفاته بالضبط، وإنما نعلم أنه اشتهر حوالي سنة 420 ق. م. (انظر مثلا بروتراندرسل: تاريخ الفلسفة الغربية 1/114، ترجمة الدكتور زكي نجيب محمود، القاهرة، 1954) . وهو أهم شخصيات المدرسة الذرية ومذهبها - كما ذكر العرب فيما بعد - هو مذهب القائلين بالجزء الذي لا يتجزأ أو بالجوهر الفرد. وانظر ترجمته ومذهبه في الكتب العربية مثل طبقات الأطباء والحكماء لابن جلجل، ص [0 - 9] 3 ; إخبار العلماء بأخبار الحكماء لابن القفطي، ص [0 - 9] 82 ; الملل والنحل 1/107 - 108، 120 - 122.
(5) وهو أبو بكر محمد بن زكريا الرازي الطبيب والفيلسوف المتوفى سنة 313، وهو أحد القائلين بمذهب الجوهر الفرد من المنتسبين إلى الإسلام. انظر ترجمته في طبقات الأطباء لابن جلجل، ص 77، 78 ; ابن القفطي، 271 - 277 ; ابن ظهير البيهقي، تاريخ حكماء الإسلام (دمشق 1946) ، ص [0 - 9] 1، 22. وقد تكلم الدكتور س. بينيس في كتابه " مذهب الذرة عند المسلمين " (ترجمة الدكتور محمد عبد الهادي أبي ريده، القاهرة، 1946) على مذهب الرازي بالتفصيل، وذكر (ص [0 - 9] 0) قول الرازي: إن القدماء أو الجواهر خمسة: الباري والنفس والهيولى والزمان والمكان. وانظر نفس الكتاب ص [0 - 9] 1 - 56 ; انظر أيضا: الفصل لابن حزم 5 - 197.
(6) ن، م: العوالم.
******************************
وكانت متحركة على غير انتظام فاتفق اجتماعها، وانتظامها، فحدث هذا العالم.
[الرد على ديموقريطس وأبو بكر الرازي]

وكلا القولين في غاية الفساد، وأما الأولون فيقولون: إن النفس عشقت الهيولي، فعجز الرب عن تخليصها من الهيولي حتى تذوق وبال اجتماعها بالهيولي، وهم قالوا هذا فرارا من حدوث حادث بلا سبب، وقد وقعوا فيما فروا منه، وهو حدوث محبة النفس للهيولي، فيقال لهم: ما الموجب لذلك؟ فقد لزمهم حدوث حادث بلا سبب، ولزمهم ما هو أشنع من ذلك، وهو حدوث الحوادث بدون صدورها عن رب العالمين والقول بقدماء معه.
فإن قالوا بوجوب (1) وجودها لزم كون واجب الوجود مستحيلا موصوفا بما يستلزم حدوثه ونقصه وإمكانه.
وإن لم تكن واجبة بأنفسها، بل به لزم أن يكون موجبا لها دون غيرها، والعلة القديمة تستلزم معلولها، فيلزم من ذلك تغير (2) معلولها، واستحالته من حال إلى حال بدون فعل منها، واستحالة (3) المعلول اللازم بدون تغير في العلة محال، وإلا لم يكن معلولا لها، وإن جوزوا ذلك، فليجوزوا كون العالم قديما أزليا لازما لذات الرب، وهو مع هذا (4) ينتقض، وتنشق السماء، وتنفطر، وتقوم القيامة بدون فعل من الرب ولا حدوث شيء منه أصلا. بل بمجرد حدوث حادث في العالم بلا محدث.

(1) أ، ب: وإن قالوا: لو وجب.
(2) ن (فقط) : نفس، وهو خطأ.
(3) ن (فقط) : واستحال، وهو تحريف.
(4) ب (فقط) : ومع هذا.
**************************
وإن قالوا: هو بغض النفس للهيولي كان من جنس قولهم: إن سبب حدوثه محبة النفس للهيولي، فإذا جاز أن يحدث بمحبة النفس بدون اختيار الرب تعالى جاز أن ينتقض ببغض النفس بدون اختيار الرب.
وأما الآخرون (1) فإنهم أثبتوا حدوث العالم، فإن كانوا ينفون الصانع بالكلية، فقد قالوا بحدوث الحوادث (2) بلا محدث، وإن كانوا يقولون بالصانع، فقد أثبتوا إحداثه لهذا النظام بلا سبب حادث إن قالوا (3) : إن الرب لم يكن يحركها قبل انتظامها،
وإن قالوا:
إنه كان يحركها قبل انتظامها، ثم إنه ألفها، فهؤلاء قائلون بإثبات الصانع وحدوث هذا العالم، وقولهم خير من قول القائلين بقدم هذا العالم.
ثم إن قولهم يحتمل شيئين:
أحدهما: إثبات شيء من العالم قديم بعينه، فيكون قولهم بعض قول القائلين [بقدم هذا العالم، وهو من جنس قول القائلين بالقدماء الخمسة من حيث أثبتوا قديما معينا غير الأفلاك] (4) ، وهو من جنس قول أهل الأفلاك (5) حيث أثبتوا حوادث لم تزل، ولا تزال إن كانوا يقولون بأن تلك المواد لم تزل متحركة، وإن قالوا: بل كانت ساكنة، ثم تحركت، فقولهم من جنس قول أهل القدماء الخمسة، فما دل على فساد قول هؤلاء وهؤلاء يدل على فساد قولهم،

(1) م، ن: والآخرون.
(2) م، ن: بحدوث الحدوث.
(3) ن، م: بلا سبب حادث. وإن قالوا: والصواب ما في (ب) ، (أ) .
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(5) ن (فقط) : ومن جنس (العقلاء) قول أهل الأفلاك.
***************************
وما ذكرنا من التقسيم يأتي على كل قول، وإن كان كل قول باطل له دلائل خاصة تدل على فساده.
[بطلان قول المعتزلة والأشاعرة بالجوهر الفرد]
وأيضا فالمتكلمون الذين يثبتون الجوهر الفرد (1) ، أو يقولون: إن الحركة والسكون أمران وجوديان كجمهور المعتزلة والأشعرية وغيرهم يقولون: إن العالم لم يخل من الحركة والسكون، ومن (2) الاجتماع والافتراق، وهي حادثة، فالعالم مستلزم للحوادث.
وهذا مبسوط في موضعه، وفيه نزاع بين النظار، ومقدماته فيها طول ونزاع، وقد لا يتقرر بعضها، فلا نبسطه في هذا الموضع إذ لا حاجة بنا إليه، وهو من الكلام المذموم،
فإن كثيرا من النظار يقولون:
إن السكون أمر عدمي، ونقول (3) : إثبات الجوهر الفرد باطل،
والأجسام ليست مركبة من الجواهر الفردة (4) ، ولا من الهيولي والصورة، بل الجسم واحد في نفسه، وأما كون الأجسام كلها تقبل التفريق، أو لا يقبله إلا بعضها، فليس هذا موضع بسطه، وبتقدير أن يقبل ما يقبل التفريق (5) ، فلا يجب أن يقبله إلى غير غاية، بل يقبله إلى غاية (6) ، وبعدها يكون الجسم صغيرا لا يقبل التفريق الفعلي، بل يستحيل إلى جسم آخر، كما يوجد في أجزاء الماء إذا تصغرت (7) ، فإنها تستحيل هواء مع أن أحد جانبيها متميز عن

(1) ن (فقط) : الجوهر والفرد، وهو خطأ.
(2) ن (فقط) : أو من.
(3) ب: ويقولون ; أ: ويقول.
(4) م، ن: الجوهر الفرد.
(5) وبتقدير أن يقبل ما يقبل التفريق: كذا في جميع النسخ. ولعل الصواب: وبتقدير أن يقبل جسم ما التفريق.
(6) يقبله: ساقطة من. (أ) ، (ب) .
(7) ب: تصعدت ; أ: تصفت.
****************************
الآخر، فلا يحتاج إلى إثبات جزء لا يتميز منه جانب عن جانب، ولا يحتاج إلى إثبات تجزئة وتفريق (1) لا يتناهى، بل تتصغر (2) الأجسام، ثم تستحيل إذا تصغرت (3) ، فهذا القول أقرب إلى العقول من غيره.
فلما كان دليل أولئك مبنيا على إحدى هاتين المقدمتين إثبات الجواهر الفردة (4) ، وأن الأجسام مركبة منها، أو إثبات أن السكون (5) أمر وجودي، والنزاع في ذلك مشهور، والبرهان عند التحقيق لا يقوم إلا على نقيض ذلك لم يبسط الكلام في تقريره (6) .
ولا يحتاج. (7) في إثبات شيء مما جاءت به الرسل إلى طرق باطلة مثل هذه الطرق، وإن كان الذين دخلوا فيها أعلم وأعقل من المتفلسفة (8) المخالفين، وأقرب إلى صريح المعقول وصحيح المنقول لكن بسبب ما غلطوا فيه من السمعيات والعقليات شاركهم في بعض الغلط في ذلك أهل الباطل من المتفلسفة وغيرهم، وضموا إليه أمورا أخرى أبعد عن العقل والشرع منه، وصاروا يحتجون على أولئك المتكلمين الذين هم أولى بالشرع والعقل منهم ببطلان ما خالفوهم فيه (9) ، وخالفوا فيه

(1) ن: ولا تفريق.
(2) ب: تتصعد.
(3) ب: تصعدت.
(4) م، ن: المفردة ; أ: المنفردة.
(5) ن، م: وأن إثبات السكون.
(6) ن، م: لم نبسط الكلام على تقريره.
(7) ن، م: فلا يحتاج ; أ: ولا نحتاج.
(8) المتفلسفة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(9) ن (فقط) : به.
***************************





ابوالوليد المسلم 14-07-2021 12:06 AM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (32)
صـ 214 إلى صـ 220


الحق، وصاروا يجعلون ذلك حجة على مخالفة الحق مقدرين أنه (1) لا حق عند الرسل وأتباعهم إلا ما يقوله هؤلاء المتكلمون، وصاروا بمنزلة من جاور بعض جهال المسلمين وفساقهم من المشركين وأهل الكتاب، فصار يورد (2) بعض ما أولئك فيه من الجهل والظلم، ويجعل ذلك حجة على بطلان دين المسلمين مقدرا أن دين المسلمين هو ما أولئك عليه مع كونه هو أجهل، وأظلم منهم، كما يحتج طائفة (3) من أهل الكتاب من اليهود والنصارى على القدح في دين المسلمين بما يجدون في بعضهم من الفواحش إما بنكاح التحليل، وإما (4) غيره، وما يجدونه من الظلم، أو الكذب، أو الشرك، فإذا قوبلوا على وجه الإنصاف وجدوا الفواحش والظلم والكذب والشرك (5) فيهم أضعاف ما يجدونه في المنتسبين إلى [دين] (6) الإسلام، وإذا بين لهم حقيقة الإسلام تبين أنه ليس فيه شيء من تلك الفواحش، والظلم، والكذب، والشرك، فإنه ما من ملة إلا وقد دخل في بعض أهلها نوع من الشر لكن [الشر] (7) الذي دخل في غير المسلمين أكثر مما دخل في المسلمين والخير الذي يوجد في المسلمين أكثر مما يوجد في غيرهم، وكذلك أهل السنة في الإسلام
(1) ن، م: أن.
(2) ن، م، أ: ورد. والمثبت من (ب) .
(3) ن، م، أ: كما يحتج به طائفة. والمثبت من (ب) .
(4) أ، ب: أو.
(5) ن (فقط) : والشرك والكذب.
(6) دين: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) الشر: ساقطة من (ن) ، (م) .
**********************
الخير فيهم (1) أكثر منه في أهل البدع، والشر [الذي] (2) في أهل البدع أكثر منه في أهل السنة.فإن قيل: ما ذكرتموه يدل على أنه يمتنع أن يكون العالم خاليا عن الحوادث ثم تحدث فيه، لكن نحن نقول إنه لم يزل مشتملا على الحوادث، والقديم هو أصل (3) العالم كالأفلاك، ونوع الحوادث مثل جنس حركات الأفلاك، فأما أشخاص الحوادث، فإنها حادثة بالاتفاق، وحينئذ فالأزلي مستلزم لنوع (4) الحوادث لا لحادث معين، فلا (5) يلزم قدم جميع الحوادث، ولا حدوث جميعها، بل يلزم قدم نوعها وحدوث أعيانها، كما يقول أئمة أهل السنة منكم: إن الرب لم يزل متكلما إذا شاء، وكيف شاء، ويقولون: إن الفعل من لوازم الحياة والرب لم يزل حيا، فلم يزل فعالا. وهذا (6) معروف من قول أئمتكم كأحمد بن حنبل والبخاري [صاحب الصحيح] (7) ، ونعيم بن حماد الخزاعي، وعثمان بن سعيد الدارمي وغيرهم ممن قبلهم مثل ابن عباس، وجعفر الصادق وغيرهما، ومن بعدهم.وهم ينقلون ذلك عن أئمة أهل السنة، ويقولون: إن من خالف هذا

(1) ن (فقط) : وكذلك أهل السنة فيهم في الإسلام الخير فيهم.
(2) الذي: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن، م، أ: أصول.
(4) ن، م: أنواع.
(5) أ، ب: ولا.
(6) أ، ب: فهذا.
(7) صاحب الصحيح: زيادة في (أ) ، (ب) .
************************************
القول فهو مبتدع ضال، وهؤلاء وأمثالهم عندكم هم أئمة أهل السنة (1) ، والحديث، وهم من أعلم الناس بمقالة الرسول والصحابة والتابعين [لهم بإحسان] (2) ، ومن أتبع الناس لها.وهؤلاء وغيرهم كسفيان بن عيينة احتجوا على أن كلام الرب غير مخلوق بأن الله لم يخلق شيئا إلا بـ (كن.) ، فلو كانت كن مخلوقة لزم التسلسل المانع من الخلق، وهذا التسلسل (3) ، فلو كانت (كن) مخلوقة لزم التسلسل في أصل كونه خالقا وفاعلا فهو (4) تسلسل في أصل التأثير، وهو ممتنع باتفاق العقلاء.بخلاف التسلسل في الآثار المعينة، فإنه إذا لم يكن خالقا إلا بقوله (كن) امتنع أن يكون القول (5) مخلوقا، كما إذا قيل: لا يكون خالقا إلا بعلم وقدرة امتنع أن يكون العلم والقدرة مخلوقين ; لأنه يلزم (6) أن يكون ذلك المخلوق يمتنع وجوده إلا بعد وجوده، فإنه لا يكون خالقا إلا به، فيجب كونه متقدما (7) على كل مخلوق، فلو كان مخلوقا للزم تقدمه (8) على نفسه، وهذه (9) حجة صحيحة عقلية [شرعية] (10) .

(1) أ، ب: عندكم أئمة السنة.
(2) لهم بإحسان: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) ن، م: وهو تسلسل.
(4) ن، م: وهو.
(5) ن، م: القرآن.
(6) ن: مخلوقين لا يلزم، وهو تحريف.
(7) أ، ب: مقدما.
(8) ن، م: تقديمه.
(9) ن، م: وهذا.
(10) شرعية: ساقطة من (ن) ، (م) .
***********************************
بخلاف ما إذا قيل: إنه يخلق هذا بكن، وهذا بكن أخرى (1) ، فإن هذا يستلزم وجود أثر بعد أثر، وهذا في جوازه نزاع بين العقلاء وأئمة السنة منكم، ثم إن أساطين الفلاسفة وكثيرا (2) من أهل الكلام يجيز ذلك.والمقصود أنكم إذا جوزتم وجود حادث بعد حادث عن القديم الأزلي الذي هو الرب عندكم، فكذلك يقول هؤلاء في حوادث العالم التي تحدث في الفلك، وغيره.قيل: هذا قياس باطل، وتشبيه فاسد، وذلك أن هؤلاء (3) إذا قالوا. هذا قالوا: الرب نفسه يفعل شيئا بعد شيء، أو أن يتكلم بشيء، وهذا ليس بممتنع، بل هو جائز في صريح العقل، فإن غاية ما يقال أن يكون وجود [الأول] (4) وانقضاؤه شرطا في الثاني، كما يكون وجود الوالد شرطا في وجود الولد، وأن يكون تمام فاعلية الثاني إنما حصلت عند عدم الأول، ويكون عدم الأول إذا اشترط في الثاني فهو من جنس اشتراط عدم أحد الضدين في وجود الضد الآخر مع أن الفاعل للضد الحادث ليس هو عدم الأول، فكيف إذا كان هو المعدم للأول.وإذا قيل: فعله للثاني (5) مشروط بعدم الأول كان من باب اشتراط عدم الضد لوجود ضده، ثم إن كان الشرط إعدام الأول كان فعله مشروطا بفعله، والإعدام أمر وجودي، وأيضا، فالفاعل عند عدم الضد

(1) أ، ب: هذا بكن أخرى وهذا بكن أخرى.
(2) ن، م: منكم مع أساطين الفلاسفة وكثير.
(3) وهم أئمة أهل السنة.
(4) يكون: ساقطة من (ن) .
(5) ن، م: الثاني.
***************************
المانع يتم كونه مريدا قادرا، وتلك أمور (1) وجودية، وهو المقتضي لها إما بنفسه، أو بما منه، فلم يحصل موجود إلا منه وعنه.وأما هؤلاء (2) ، فيقولون: إن الفاعل الأول [لا] (3) تقوم به صفة ولا فعل، بل هو ذات مجردة بسيطة، وإن الحوادث المختلفة تحدث عنها دائما بلا أمر يحدث منه، وهذا مخالفة لصريح المعقول سواء سموه (4) موجبا (5) بالذات أو فاعلا بالاختيار، فإن تغير المعلولات واختلافها (6) بدون تغير العلة، واختلافها أمر مخالف لصريح المعقول، وفعل الفاعل المختار لأمور حادثة مختلفة بدون ما يقوم به من الإرادة، بل من الإرادات المتنوعة (7) مخالف لصريح المعقول.وهؤلاء يقولون: مبدأ الحوادث كلها حركة الفلك، وليس فوقه أمور حادثة توجب حركته مع أن حركات الفلك تحدث شيئا بعد شيء بلا أسباب حادثة تحدثها، وحركات الأفلاك (8) هي الأسباب لجميع الحوادث عندهم، فإذا لم يكن لها محدث كان حقيقة قولهم أنه ليس لشيء من الحوادث محدث، وإن كان للفلك عندهم نفس ناطقة (9) ،

(1) أ، ب: الأمور.
(2) وهم أصحاب الاعتراض.
(3) لا: ساقطة من (ن) فقط.
(4) أ، ب: سمي.
(5) ن (فقط) : واجبا.
(6) ن، م: المعلولات في اختلافها، وهو تحريف.
(7) ن، م: المتبوعة.
(8) ن، م: الفلك.
(9) ب: وإن كان الفلك عندهم نفسا ناطقة.
****************************
فحقيقة قولهم في جميع الحوادث من جنس قول القدرية في فعل الحيوان.ولهذا اضطر (1) ابن سينا في هذا الموضع إلى جعل الحركة ليست شيئا يحدث شيئا بعد شيء، بل هو أمر واحد لم يزل موجودا، كما قد (2) ذكرنا ألفاظه، وبينا فسادها، وأنه إنما قال ذلك لئلا يلزمه أنه (3) يحدث عن العلة التامة حادث بعد حادث، فخالف صريح العقل، والحس في حدوث الحركة شيئا بعد شيء ليسلم له ما ادعاه من أن رب العالمين لم يحدث شيئا ; لأنه عنده علة تامة، وقد اعترف حذاقهم بفساد قولهم.[مقالة ابن ملكا والرد عليها]وأما من قال منهم بقيام الإرادات المتعاقبة به - كأبي البركات وأمثاله - فهؤلاء يقولون: إنه موجب بذاته للأفلاك، وموجب للحوادث المتعاقبة فيه بما يقوم به من الإرادات المتعاقبة.فيقال لهؤلاء أولا من جنس ما قيل لإخوانهم، والحجة إليهم أقرب، فإنهم أقرب إلى الحق، فيقال لهم: إذا جاز أن يحدث الحوادث شيئا بعد شيء لما يقوم به من الإرادات [شيئا بعد شيء] (4) ، فلماذا لا يجوز أن تكون الأفلاك حادثة بعد أن لم تكن لما يقوم به من الإرادات المتعاقبة؟ .

(1) ن، م: اضطراب، وهو تحريف.
(2) أ، ب: موجودا وقد.
(3) أ، ب: أن.
(4) عبارة " شيئا بعد شيء ": ساقطة من (ن) ، (م) .
******************************
وقد تفطن لهذا طائفة من حذاق هؤلاء (1) النظار - كالأثير الأبهري (2) - فقال: يجوز أن يحدث جميع ذلك لما يقوم به من إرادة (3) ، وإن كانت مسبوقة بإرادة أخرى لا إلى غاية.
ويقال لهم أيضا:
لم لا يجوز أن تكون السماوات والأرض بأنفسها مسبوقة (4) بمادة (5) بعد مادة لا إلى غاية، وكل ما سوى الله مخلوق حادث كائن بعد أن لم يكن، وإن كان كل حادث قبله حادث، كما يقوله من يقوله في الأمور القائمة بذاته من إرادات، أو غيرها فإن تسلسل الحوادث ودوامها إن كان ممكنا، فهذا ممكن، وإن كان ممتنعا لزم امتناع قدم الفلك فعلى التقديرين لا يلزم قدم الفلك، ولا حجة لكم على قدمه مع أن الرسل قد أخبرت بأنه مخلوق، فما الذي أوجب [مخالفة] (6) ما اتفقت عليه الرسل وأهل الملل وأساطين الفلاسفة القدماء من غير أن يقوم على مخالفته دليل عقلي أصلا.؟ .
إذ غاية ما يقولونه إنما هو إثبات قدم نوع الفعل لا عينه، فإن جميع ما يحتج به القائلون بقدم العالم لا يدل (7) على قدم شيء بعينه من


(1) هؤلاء: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) هو أثير الدين المفضل بن عمر المفضل الأبهري السمرقندي صاحب كتاب " هداية الحكمة " (وهو مطبوع) وقد توفي سنة 663 هـ. انظر ترجمته في: تاريخ مختصر الدول لابن العبري، ص [0 - 9] 45 (ط. بيروت، سنة 1890) ; دائرة المعارف الإسلامية بروكلمان: مادة (الأبهري) ; الأعلام 8/203.
(3) ن (فقط) : إرادته.
(4) ن: مسبوقة بأنفسها.
(5) ن، م: مادة.
(6) مخالفة: ساقطة من (ن) فقط.
(7) أ، ب: لم يدل.
************************************











ابوالوليد المسلم 14-07-2021 12:23 AM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (33)
صـ 221 إلى صـ 227


العالم (1) ، بل إذا قالوا: اعتبار أسباب الفعل - وهو الفاعل والغاية والمادة، والصورة - يدل على قدم الفعل، فإنما يدل ذلك - إن دل - على قدم نوعه لا عينه، وقدم نوعه ممكن مع القول بموجب سائر الأدلة العقلية الدالة على أن الفعل لا يكون إلا حادثا - وإن كان حادثا شيئا بعد شيء - وأن الفاعل مطلقا، أو الفاعل بالاختيار لا يكون فعله إلا حادثا، ولو كان شيئا بعد شيء، وأن دوام الحوادث لمخلوق معين قديم أزلي ممتنع، وكذلك المفعول المعين المقارن لفاعله (2) لم يزل معه ممتنع.مع أن الرسل قد أخبرت بأن الله تعالى خالق كل شيء، وأن الله خلق (3) السماوات والأرض.
(4)
في ستة أيام، فكيف عدلتم عن صحيح المنقول وصريح المعقول إلى ما يناقضه، بل أثبتم قدم ما لا يدل دليل إلا على حدوثه لا على قدمه.
ثم يقال لهؤلاء أيضا:
إذا كان الرب فاعلا بإراداته، كما سلمتموه، وكما دلت عليه الأدلة، بل إذا كان فاعلا كما سلمتموه أنتم وإخوانكم القائلون بأنه قديم عن موجب قديم وموجبه فاعله، فلا يعقل فاعل مفعوله مقارن له لم يتقدم عليه بزمان ابتداء (5) ، بل تقدير هذا في العقل تقدير لا يعقل.
(1) ن، م: من العالم بعينه.
(2) أ: وكذلك المفعول المعين مقارنا لفاعله ; ب: وكذلك كون المفعول المعين مقارنا لفاعله.
(3) ن، م: وأنه خلق.
(4) ب (فقط) : والأرض وما بينهما.
(5) ب: أبدا.
******************************
وأنتم شنعتم (1) على مخالفيكم لما أثبتوا حدوثا في غير زمان، وقلتم هذا لا يعقل، فيقال لكم: ولا يعقل أيضا فعل في غير زمان (2) أصلا. ولا يعقل مفعول (3) مقارن لفاعله لم يتقدم عليه بزمان أصلا.
[عود لمناقشة رأي الفلاسفة في التقدم والتأخر]
وما ذكرتموه من أن التقدم بالذات أمر معقول - وهو تقدم العلة على المعلول - أمر قدرتموه في الأذهان لا وجود له في الأعيان، فلا يعقل في الخارج فاعل يقارنه (4) مفعوله سواء سميتموه علة تامة، أو لم تسموه، وما تذكرونه من كون الشمس فاعلة للشعاع، وهو مقارن لها في الزمان (5) مبني على مقدمتين:
على أن مجرد الشمس هي الفاعلة، وأنه مقارن لها بالزمان، وكلتا المقدمتين باطلة، فمعلوم أن الشعاع لا يكفي في حدوثه مجرد الشمس، بل لا بد من حدوث جسم قابل له، ولا بد مع ذلك من زوال الموانع.
وأيضا: فلا نسلم لكم أن الشعاع مقارن للشمس في الزمان،
بل قد يقال:
إنه متأخر عنها، ولو (6) بجزء يسير من الزمان، وهكذا ما تمثلون به من قول القائل حركت يدي فتحرك المفتاح أو كمي مبني على هاتين المقدمتين الباطلتين، فمن الذي يسلم أن حركة اليد هي العلة التامة لحركة الكم، والمفتاح؟ بل الفاعل للحركتين واحد لكن تحريكه للثاني

(1) ن، م: شفعتم، وهو تحريف.
(2) أ، ب: ولا نعقل أيضا فعلا من غير زمان.
(3) مفعول: ساقطة من (ب) فقط.
(4) ن (فقط) يقاربه، وهو تحريف.
(5) ن، م: لها بالزمان.
(6) ولو: ساقطة من (ب) وفي (أ) : بل.
*******************************
مشروط بتحريكه للأول، فالحركة الأولى شرط في الثانية لا فاعلة لها، والشرط يجوز أن يقارن المشروط، وإذا قدر أن أحدهما فاعل للآخر لم يسلم أنه مقارن له في الزمان، بل يعقل تحريك الإنسان لما قرب منه قبل تحريكه لما بعد منه، فتحريكه لشعر جلده متقدم على تحريكه لباطن ثيابه، وتحريكه لباطن ثيابه متقدم على تحريكه لظاهرها، وتحريكه لقدمه متقدم (1) على تحريكه لنعله، وتحريكه ليده متقدم (2) على تحريكه لكمه.
والمقارنة يراد بها شيئان (3) ،
أحدهما:
الاتصال كاتصال أجزاء الزمان وأجزاء الحركة الحادثة شيئا بعد شيء، فكل (4) واحد (5) يكون متصلا بالآخر يقال: إنه مقارن له لاتصاله به - وإن كان عقبه - ويقال أيضا لما هو معه من غير تقدم في الزمان (6) أصلا.
ومعلوم أن الأجسام المتصل بعضها ببعض إذا كان مبدأ الحركة من أحد طرفيها، فإن الحركة تحصل فيها شيئا بعد شيء، فهي متصلة مقترنة بالاعتبار الأول،
ولا يقال:
إنها مقترنة في الزمان بالمعنى الثاني. .ومبدأ ما يحركه الإنسان منه، فإذا حرك يده تحرك الكم المتصل بها، وتحرك ما اتصل بالكم لكن حركة اليد قبل حركة الكم مع اتصالها، وهكذا سائر النظائر.

(1) ن، م: مقدم.
(2) ن، م: مقدم.
(3) ن: سببان.
(4) ن، م: وكل.
(5) أ، ب: أحد.
(6) م، ن: تقدم بالزمان.
*****************************
والإنسان إذا حرك حبلا بسرعة، فإنه تتصل الحركة بعضها ببعض مع العلم بأن الطرف الذي يلي يده تحرك قبل الطرف الآخر، ولا يعقل (1) قط فعل من الأفعال إلا حادثا شيئا بعد شيء لا يعقل فعل مقارن لفاعله في الزمان أصلا.
[وإذا قيل]
: (2) إن الفاعل لم يزل فاعلا كان المعقول منه أنه لم يزل يحدث شيئا بعد شيء لم يعقل منه أنه لم يزل مفعوله المعين مقارنا له لم يتقدم عليه بزمان أصلا.
وأيضا: فالرب تعالى إذا لم يحدث شيئا إلا بقدرته، ومشيئته (3) ،
فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن:
{إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} [سورة يس: 82] فلا بد أن يريد الفعل قبل أن يفعله، ولا بد أن يكون الفعل قبل المفعول، وإن كانت الإرادة والفعل موجودين عند وجود المفعول، كما يقول (4) أهل السنة: إن القدرة لا بد أن تكون مع الفعل.
لكن إذا قيل: لم يزل المفعول لازما للفاعل لم يكن فرق بين الصفة القائمة به وبين المفعول المخلوق [له] (5) ، فلا يكون فرق بين حياته وبين مخلوقاته، بل ولا بين الخالق، والمخلوق.والعقلاء يعلمون الفرق بين ما يفعله الفاعل - لا سيما ما يفعله

(1) ن (فقط) : ولا يفعل، وهو تحريف.
(2) عبارة " وإذا قيل " مكانها بياض في (ن) ، (م) .
(3) أ، ب: إلا بمشيئته وقدرته.
(4) ن، م، أ: كما يقوله.
(5) له: ساقطة من (ن) فقط.
***************************
باختياره - وبين ما هو صفة له من لوازم ذاته، ويعلمون أن لون (1) الإنسان وطوله وعرضه ليس مرادا له ولا مقدورا له ولا مفعولا له ; لأنه لازم له لا يدخل تحت قدرته ومشيئته (2) ، وأما أفعاله الداخلة تحت قدرته ومشيئته (3) فهي أفعال له مقدورة مرادة، فإذا قدر أن هذه لازمة لذاته كاللون (4) ، والقدر كان هذا غير معقول، بل كان هذا مما يعلم [به] (5) أن هذه ليست أفعالا له، ولا مفعولات، بل صفات [له] (6) .
وأيضا، فإذا كان العالم لم يخل من نوع الحوادث - كما سلمتموه، وكما يقوم عليه البرهان، بل كما اتفق عليه جماهير العقلاء - لم يمكن (7) فعل العالم بدون الحوادث لامتناع وجود الملزوم بدون اللازم، ولم يمكن أن يكون ملزوم الحوادث المصنوع (8) المفعول قديما، وكل جزء من أجزاء العالم يمتنع أن يخلو من الحوادث.
وما يدعيه هؤلاء المتفلسفة من أن العقول خالية عن الحوادث من أبطل الكلام لو كان للعقول وجود في الخارج [فكيف ولا حقيقة لها في الخارج] (9) وذلك أن معلول (10) العقول عندهم - وهي النفوس

(1) أ، ب: كون.
(2) أ، ب: مشيئته وقدرته.
(3) أ، ب: مشيئته وقدرته.
(4) ب، م: كالكون.
(5) به: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) له: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) أ، ب: يكن.
(8) أ، ب: للمصنوع.
(9) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(10) أ: معقول ; ب: مفعول.
******************************
الفلكية أو الأفلاك أو ما (1) شئت من العالم - مستلزم للحوادث، فإن النفوس والأفلاك لا يمكن خلوها من الحوادث عندهم، ولو خلت لم تكن نفوسا، بل تكون عقولا (2) .
وحينئذ فإذا كان المعلول لم يخل عن الحوادث لزم أن تكون علته لم تخل من الحوادث، وإلا لزم حدوث الحوادث في المعلول بلا علة، وهو ممتنع، فإنه لا بد للحوادث من سبب تحدث عنده (3) ، فإن لم يكن في علة النفوس والأفلاك ما يقتضي ذلك بطل أن تكون علة لها لامتناع صدور الحوادث المختلفة عن علة بسيطة على حال واحدة (4) .
وهذا مما استدل به أئمتهم (5) ، وغير أئمتهم القائلون بأن (6) الرب تقوم به الأمور الاختيارية قالوا: لأن المفعولات فيها من التنوع والحدوث ما يوجب أن يكون سبب ذلك عن الفاعل، وإلا لزم حدوث الحوادث بلا محدث، وإذا كان كل جزء من [أجزاء] (7) العالم ملزوما للحوادث، وهو مصنوع، فإبداعه بدون الحوادث ممتنع، وإحداث [الحوادث] (8) شيئا بعد شيء مع قدم ذات محلها المعلول ممتنع ; لأن القديم الموجب

(1) ن: وما.
(2) ن، م: بل كانت تكون عقلا.
(3) ن، م، أ: من سبب يحدث عندها، والمثبت من (ب) .
(4) أ، ب: على حالة واحدة ; ن: على حال وحده.
(5) ن، م: أئمتهم وغيرهم.
(6) ن: إن.
(7) أجزاء: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) الحوادث: ساقطة من (ن) ، (م) .
********************
لذاته لا يوجبها إلا مع الحوادث، فلا يكون موجبا لها قط إلا مع فعل (1) حادث يقوم به، وإذا كان لا يفعل إلا بفعل حادث امتنع أن يكون المفعول (2 قديما ; لأن قدم المفعول 2) (2) يقتضي قدم الفعل بالضرورة.
وإذا قيل: فعل الملزوم قديم،
وفعل الحوادث حادث شيئا بعد شيء لزم أن يقوم بذات الفاعل فعلان:
أحدهما: فعل للذات القديمة، وهو قديم بقدمها دائم بدوامها،
والآخر:
أفعال لحوادثها، وهي حادثة شيئا بعد شيء، فتكون ذات الفاعل فاعلة للملزوم بفعل، وفاعلة للازم بفعل آخر أو أفعال، وفعلها للملزوم يوجب فعلها للازم لامتناع انفكاك الملزوم عن اللازم، وإرادتها للملزوم توجب إرادتها للازم ; لأن المريد للملزوم العالم بأن هذا يلزمه إن لم يرد اللازم لكان إما غير مريد لوجود الملزوم، وإما غير عالم بالملزوم.
والرب تعالى مريد للملزوم (3) ، وعالم بالملزوم، فيمتنع أن يريد الملزوم دون اللازم، وهذا وإن كان لا بد منه فيما يريد إحداثه، ويريد أن يحدث له حوادث متعاقبة، كما يحدث الإنسان ويحدث له أحوالا متجددة شيئا بعد شيء، ويحدث الأفلاك، ويحدث حوادثها شيئا بعد شيء لكنه إذا فرض أن الملزوم غير محدث له لم يعقل كونه مفعولا له، ولا يعقل [أيضا] (4) كونه معلولا له قديما بقدمه، فإن المعلول له صفات ومقادير

(1) فعل: ساقطة من (م) فقط.
(2) (2 - 2) : ساقط من (ب) فقط.
(3) ن، م: بالملزوم.
(4) أيضا: ساقطة من (ن) فقط.
******************************






ابوالوليد المسلم 14-07-2021 12:35 AM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (34)
صـ 228 إلى صـ 234


مختصة به، والعلة المجردة عن الأحوال الاختيارية إنما تستلزم ما يكون من لوازمها، وإنما يكون من لوازمها ما يناسبها مناسبة المعلول لعلته، والمعلول فيه من الأقدار والأعداد والصفات المختلفة ما يمتنع (1) وجود ما يشابه ذلك في علته، فتمتنع المناسبة، وإذا امتنعت المناسبة امتنع كونه علة له.
وأيضا، فإذا قدر أنها موجب أزلي للمعلول الأزلي كان إيجابها له إما بالذات مجردة عن أحوالها المتعاقبة، وإما مع أحوالها، والأول ممتنع، فإن خلو الذات (2) عن لوازمها ممتنع، والثاني ممتنع ; لأن الذات المستلزمة لصفاتها وأحوالها لا تفعل إلا بصفاتها، وأحوالها، والأحوال المتعاقبة يمتنع أن يكون لها معلول معين قديم أزلي، ويمتنع أن تكون شرطا في المعلول الأزلي ; لأن المعلول الأزلي لا بد أن يكون مجموع علة (3) أزلية،
والأحوال المتعاقبة لا يكون مجموعها ولا شيء منها أزليا (4) ،.
وإنما الأزلي هو النوع القديم الذي يوجد شيئا فشيئا، وهذا يمتنع أن يكون شرطا في الأزل.
وهذا كما لو قيل:
إن الفلك المتحرك دائما (5) يوجب ذاتا أزلية متحركة، [أو غير متحركة، فإن هذا ممتنع عندهم وعند غيرهم، فإن ما كان فعله مشروطا بالحركة يمتنع أن يكون مفعوله المعين قديما، ولو قدر أن
(1) أ، ب: ما يمنع.
(2) ن: فإن خلو الذات الحوادث ; م: فإن خلو الحوادث الذات.
(3) ن، أ: علته.
(4) أ، ب: لا يكون مجموعها ولا شيء معين.
(5) م: المتحرك إنما.
*************************
المتحرك الأزلي يوجب متحركا أزليا لم يوجب] (1) إلا ما يناسبه، وأما المتحركات المختلفة في قدرها وصفاتها وحركاتها فيمتنع صدورها عن متحرك حركة متشابهة.
وأيضا، فإن المفعول المخلوق مفتقر إلى الفاعل من جميع الوجوه ليس له شيء إلا من الفاعل، والفاعل الخالق غني عنه من جميع الوجوه، واقترانهما (2) أزلا وأبدا يمنع كون أحدهما فاعلا غنيا والآخر مفعولا فقيرا، بل يمنع كونه متولدا عنه، ويوجب كونه صفة له، فإن الولد وإن تولد عن والده بغير قدرته [وإرادته] (3) ، واختياره ومشيئته (4) ، فهو حادث عنه، وأما كون المتولد عن الشيء ملازما للمتولد عنه مقارنا له في وجوده، فهذا أيضا لا يعقل.
ولهذا كان قول من قال من مشركي العرب: إن الملائكة أولاد الله وإنهم بناته، مع ما في قولهم من الكفر والجهل (5) ، فقول هؤلاء أكفر منه من وجوه، فإن أولئك يقولون: إن الملائكة حادثة كائنة بعد أن لم تكن،
وكانوا يقولون:
إن (6) الله خلق السماوات والأرض ولم يكونوا يقولون بقدم العالم.
وأما هؤلاء فيقولون: إن العقول والنفوس - التي يسمونها الملائكة،

(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(2) أ، ب: واقترانها.
(3) وإرادته: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ومشيئته: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) ن، م: من الجهل والكفر.
(6) إن: ساقطة من (أ) ، (ب) .
*******************************
[والسماوات] (1) - قديمة بقدم الله لم يزل الله والدا لها،
فهم مع قولهم بأن الله ولدها يقولون:
لم تزل معه، وهذا أمر لا يعقل لا في الولد ولا في الفعل، فكان قولهم مخالفا لما تعرفه العقول من جميع الجهات، وسر الأمر أنهم جمعوا بين النقيضين، فأثبتوا فعلا وصنعا وإبداعا (2) من غير إبداع ولا صنع ولا فعل.وقولهم في فعل الرب كقولهم في ذاته وصفاته، فأثبتوا واجب الوجود (3) ، ووصفوه بما يستلزم أن يكون ممتنع الوجود، وأثبتوا صفاته، وقالوا فيها ما يوجب نفي صفاته، فهم دائما يجمعون في أقوالهم بين النقيضين، وذلك أنهم في الأصل معطلة محضة، ولكن أثبتوا ضربا من الإثبات، وأرادوا أن يجمعوا بين الإثبات والتعطيل، فلزمهم التناقض.ولهذا يمتنعون من أن يوصف بنفي أو إثبات (4) ،
فمنهم من يقول: لا يقال: هو موجود (5 ولا معدوم ولا حي ولا ميت،
وقد يقولون:
لا يقال: هو موجود ولا يقال 5)
: (5) ليس بموجود،
ولا يقال:
هو حي، ولا يقال: ليس بحي (6) ، فيرفعون النقيضين جميعا، أو يمتنعون من إثبات أحد النقيضين ورفع النقيضين ممتنع، كما أن جمع النقيضين ممتنع، والامتناع من إثبات أحد النقيضين هو الإمساك عن النفي والإثبات،

(1) والسماوات: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ب: وإبداعا وصنعا.
(3) ب (فقط) : الوجود للواجب.
(4) ن، م: وإثبات.
(5) (5 - 5) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(6) أ، ب: هو حي ولا ليس بحي.
*******************************
والحق، والباطل، وذلك جهل وامتناع عن معرفة الحق والتكلم به.ومدار ذلك على أن الله لا يعرف ولا يذكر ولا يمجد ولا يعبد، وهو من أنواع السفسطة، فإن السفسطة منها ما هو نفي للحق، ومنها ما هو نفي للعلم به، ومنها ما هو تجاهل، وامتناع عن إثباته، ونفيه، ويسمى [أصحاب هذا القول] اللا أدرية (1) لقولهم: لا ندري (2) .
كما قال فرعون:
{وما رب العالمين} [سورة الشعراء: 23] متجاهلا أنه لا يعرفه، وأنه منكور لا يعرف، فخاطبه موسى بما بين له أنه أعرف من أن ينكر، وأعظم من أن يجحد (3) ، فقال: {رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين - قال لمن حوله ألا تستمعون - قال ربكم ورب آبائكم الأولين} [سورة الشعراء: 24 - 26] .
وكذلك قالت الرسل لمن قال من قومهم: {إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب - قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم} [سورة إبراهيم: 9 - 10] إلى أمثال ذلك، وهذا المقام مبسوط في موضعه، ولكن نبهنا عليه هنا لاتصال الكلام به.
والمقصود هنا أنه إذا جوزنا حدوث الحوادث بلا سبب حادث امتنع القول بقدم العالم، كما سنبين امتناع ذلك على القول بامتناع حدوث

(1) ن، م: ويسمى هؤلاء الأدرية.
(2) أ، ب: لقولهم فيما لا نعلم: لا ندري.
(3) ن (فقط) : ممن أن يجد، وهو تحريف.
****************************
الحوادث بلا سبب، فيلزم القول بامتناع قدمه (1) على التقديرين، فيلزم امتناع القول بقدمه على تقدير النقيضين، وهو المطلوب.
[القول بإمكان حوادث لا أول لها مبطل للقول بقدم العالم]
وهذا التقدير الذي نريد أن نتكلم عليه، وهو تقدير إمكان دوام الحوادث وتسلسلها وإمكان حوادث لا أول لها، وعلى هذا القول فيمتنع حدوث حادث بلا سبب حادث بالضرورة، واتفاق العقلاء فيما نعلم ; لأن ذلك ترجيح لأحد طرفي الممكن بلا مرجح تام مع إمكان المرجح التام، وحدوث الحوادث بلا سبب حادث مع إمكان حدوث السبب الحادث دائما.
وهذا لم يقله أحد من العقلاء [فيما نعلم] (2) ، وهو باطل ; لأن ذلك (3) يقتضي ترجيح أحد المتماثلين على الآخر بلا مرجح، وذلك لأنه إذا كان نسبة الحادث المعين إلى جميع الأوقات نسبة واحدة، ونسبتها إلى قدرة الفاعل القديم وإرادته في جميع الأحوال نسبة واحدة، والفاعل على حال واحدة لم يزل عليها كان من المعلوم بالضرورة أن تخصيص وقت بدون وقت بالإحداث ترجيح (4) لأحد المتماثلين على الآخر بلا مرجح.
وأيضا فإذا قيل:
إن هذا جائز، ونحن نتكلم على تقدير جواز دوام الحوادث جاز أن يريد حادثا بعد حادث لا إلى أول لا يقتضي (5) أن يريد حادثا بعينه في الأزل ; لأن وجود الحادث المعين في الأزل محال

(1) أ، ب: امتناع القول بقدمه.
(2) فيما نعلم: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: لأنه.
(4) ن، م: ترجيحا.
(5) في (أ) ، (ب) : لا ينقضي، وفي (ن) ، (م) : لا إلى أول يقتضي. وأرجو أن يكون الصواب ما أثبته.
*********************
بالضرورة واتفاق العقلاء، فإن المحدث المعين لا يكون قديما إذ هذا جمع بين النقيضين، وإنما النزاع في دوام نوع الحوادث لا في قدم حادث معين.وفي الجملة (1) ،
فإذا قيل:
بجواز دوام الحوادث، وأن نوعها قديم (2) لم يقل إن نوعها حادث (3) بعد أن لم يكن، فإن ما جاز قدمه امتنع عدمه (4) .
والمراد هنا الجواز الخارجي لا مجرد الجواز الذهني الذي هو عدم العلم بالامتناع، فإن ذلك لا يدل على قدم شيء بخلاف الأول، وهو العلم بإمكان قدمه ; لأنه إذا جاز قدمه لم يكن إلا لوجوبه بنفسه، أو لصدوره عن واجب الوجود (5) ، وعلى التقديرين، فما كان واجبا بنفسه، أو لازما للواجب بنفسه لزم كونه قديما، وامتنع كونه معدوما ; لأن الواجب بنفسه يجب قدمه، ويمتنع عدمه، ويمتنع وجود الملزوم بدون اللازم، فيجب قدم لوازمه، ويمتنع عدمها.
وإذا قيل (6) : بجواز دوام الحوادث جاز قدم نوعها، وإنما يجوز قدمها، [ويمتنع عدم نوعها] (7) إذا كان له موجب أزلي، وحينئذ فيجب قدم نوعها، (8 ويمتنع عدم نوعها 8) (8) ، فلا يجب أن يكون بعض العالم أزليا، ثم إنه

(1) ن، م: وبالجملة.
(2) ن، م: وأن يكون نوعها قديما.
(3) ن، م: حادثا، وهو خطأ.
(4) أ، ب: فإن ما جاز قدمه وجب قدمه وامتنع عدمه.
(5) أ، ب: عن واجب الوجود بنفسه.
(6) ن، م: فإذا.
(7) عبارة " ويمتنع عدم نوعها ": ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) (8 - 8) ساقط من (أ) ، (ب) .
******************************
يحدث فيه الحوادث مع القول بجواز دوامها، بل يمتنع ذلك، كما تقدم، وهذه كلها مقدمات بينة لمن تدبرها وفهمها.
فتبين أنه لو كان شيء من العالم أزليا قديما للزم أن يكون فاعله موجبا بالذات، ولو كان فاعل العالم موجبا بالذات لم يحدث في العالم شيء من الحوادث، والحوادث فيه مشهودة (1) ، فامتنع أن يكون فاعل (2 العالم موجبا بذاته، فامتنع أن يكون 2) (2) العالم قديما، كما قاله أولئك (3) الدهرية، بل ويمتنع أيضا أن يكون المعين الذي هو مفعول الفاعل أزليا، لا سيما مع العلم بأنه فاعل باختياره، فيمتنع أن يكون في العالم شيء أزلي على هذا التقدير الذي هو تقدير إمكان الحوادث ودوامها وامتناع صدور الحوادث بلا سبب حادث.
وإذا قيل:
إن فاعل العالم (4) قادر مختار - كما هو مذهب المسلمين، وسائر أهل الملل، وأساطين الفلاسفة الذين كانوا قبل أرسطو (5) - فإنه لا بد أن يكون الفاعل المبدع مريدا لمفعولاته حين فعله لها،
كما قال تعالى:
{إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون} [سورة النحل: 40] .
ولا يكفي وجود إرادة قديمة تتناول جميع المتجددات بدون تجدد إرادة ذلك الحادث المعين ; لأنه على هذا التقدير يلزم جواز حدوث الحوادث بلا سبب حادث.

(1) ن، م: مشهورة.
(2) (2 - 2) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(3) ن، م: هؤلاء.
(4) ن (فقط) : إن الفاعل العالم، وهو تحريف.
(5) ن، م: أرسطو.
******************************






ابوالوليد المسلم 14-07-2021 12:44 AM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (35)
صـ 235 إلى صـ 241


ونحن نتكلم على التقدير الآخر، وهو امتناع حدوثها بدون سبب حادث، وإذا كان على هذا التقدير لا بد من ثبوت الإرادة عند وجود المراد، ولا بد من إرادة مقارنة للمراد مستلزمة له امتنع أن يكون في الأزل إرادة يقارنها مرادها سواء كانت عامة لكل ما يصدر عنه (1) ، أو كانت (2) خاصة ببعض المفعولات، فإن مرادها هو مفعول الرب، وهذه الإرادة هي إرادة أن يفعل، ومعلوم أن الشيء الذي يريد الفاعل أن يفعله لا يكون شيئا قديما أزليا لم يزل، ولا يزال، بل لا يكون إلا حادثا بعد أن لم يكن.
[ابن سينا مخالف لأرسطو ولجمهرة الفلاسفة]
وهذا معلوم بضرورة العقل عند عامة العقلاء، وهو متفق عليه عند نظار الأمم المسلمين وغير المسلمين، وجماهير الفلاسفة الأولين والآخرين حتى أرسطو وأتباعه، ولم ينازع في ذلك إلا شرذمة قليلة من المتفلسفة جوز بعضهم أن يكون مفعولا ممكنا، وهو قديم أزلي كابن سينا وأمثاله، وجوز بعضهم مع ذلك أن يكون مرادا.
وأما جماهير العقلاء فيقولون:
إن فساد كل من هذين القولين معلوم بضرورة العقل حتى المنتصرون (3) لأرسطو وأتباعه - كابن رشد الحفيد، وغيره - أنكروا كون الممكن يكون قديما أزليا على إخوانهم كابن سينا، وبينوا أنهم خالفوا في هذا القول أرسطو وأتباعه، وهو كما قال. هؤلاء.
(1) ن، م: لكل من يصدر عنه.
(2) ن (فقط) : أو تكون.
(3) ن، م: حتى المنتصرين.
****************************
وكلام أرسطو بين في ذلك في (مقالة اللام) التي هي آخر كلامه في علم ما بعد الطبيعة (1) ، وغير ذلك.وأرسطو وقدماء أصحابه - مع سائر العقلاء - يقولون: إن الممكن الذي يمكن وجوده وعدمه لا يكون إلا محدثا كائنا بعد أن لم يكن، والمفعول لا يكون إلا محدثا، وهم إذا قالوا بقدم الأفلاك لم يقولوا إنها ممكنة ولا مفعولة ولا مخلوقة، بل يقولون: إنها تتحرك للتشبه بالعلة الأولى، فهي [محتاجة إلى العلة الأولى] (2) التي يسميها ابن سينا وأمثاله واجب الوجود من جهة أنه لا بد في حركتها من التشبه به، فهو لها (3) من جنس العلة الغائية لا أنه علة فاعلة لها عند أرسطو. وذويه.وهذا القول - وإن كان من أعظم الأقوال كفرا وضلالا ومخالفة لما عليه جماهير العقلاء [من الأولين والآخرين] (4) ، ولهذا عدل متأخرو الفلاسفة [عنه] (5) ، وادعوا موجبا وموجبا، كما زعمه ابن سينا، وأمثاله،

(1) مقالة " اللام " هي المقالة الثانية عشرة من أربع عشرة مقالة كتبها أرسطو في العلم الإلهي أو الفلسفة الأولى، وقد ضمت هذه المقالات ورتبت حسب أحرف الهجاء اليونانية وسميت بكتاب " الحروف " أو كتاب " الإلهيات " أو كتاب " ما بعد الطبيعة "، وقد ترجم الفلاسفة العرب والمسلمون هذا الكتاب وشرحوه - كما فعل ابن رشد - ولكنهم اهتموا بمقالة اللام بوجه خاص، فترجموها أكثر من مرة وشرحوها وعلقوا عليها. وانظر في ذلك كتاب " أرسطو عند العرب " نشر الدكتور عبد الرحمن بدوي، القاهرة، 1947 ; وانظر الفهرست لابن النديم، ص 251. وقد ترجم الدكتور أبو العلا عفيفي مقالة اللام (انظر: مجلة كلية الآداب بجامعة القاهرة (فؤاد الأول) ، الجزء الأول من المجلد الخامس، القاهرة 1939) .
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط
(3) ن، م: فهو له، وهو خطأ.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(5) عنه: ساقطة من (ن) فقط.
*******************************
وأساطين الفلاسفة قبل أرسطو لم يكونوا يقولون بقدم العالم، بل كانوا مقرين بأن الأفلاك محدثة كائنة بعد أن لم تكن مع نزاع منتشر لهم في المادة - فالمقصود (1) هنا أن هؤلاء مع ما فيهم من الضلال لم يرضوا لأنفسهم أن يجعلوا الممكن الذي يمكن وجوده وعدمه قديما أزليا،
بل قالوا:
إنه لا يكون إلا محدثا،
ولا رضوا لأنفسهم أن يقولوا:
إن المفعول المصنوع المبدع قديم أزلي، ولا أن المراد الذي أراد الباري فعله هو قديم أزلي، فإن فساد هذه الأقوال ظاهر في بدايه (2) العقول، وإنما ألجأ إليها من قالها من متأخريهم ما التزموه من الأقوال المتناقضة التي ألجأتهم إليها.
كما أن كثيرا من أهل الكلام ألجأتهم أصول لهم فيها إلى أقوال يعلم فسادها بضرورة العقل مثل إرادة أو كلام لا في محل، ومثل شيء واحد بالعين يكون حقائق متنوعة (3) ، ومثل أمر سبق (4) بعضه بعضا يكون قديم الأعيان لم يزل كل شيء منه قديما أزليا، وأمثال ذلك.
وما يذكره الرازي، [وأمثاله.] (5) في هذه المسألة، وغيرها من إجماع الحكماء كدعواه إجماعهم على علة الافتقار هي الإمكان، وأن الممكن المعلول يكون قديما أزليا، فهو إنما يذكر ما وجده في كتب ابن سينا، ويظن أن هذا إجماع الفلاسفة.

(1) ن، م: والمقصود.
(2) ن، م، أ: بداية ; ب: بداهة. ولعل الصواب ما أثبته.
(3) ن، حقائقا متنوعة ; أ: حقائق متبوعة.
(4) أ، ب: يسبق.
(5) وأمثاله: ساقطة من (ن) ، (م) .
******************************
[أكثر الفلاسفة يقولون إن الفعل لا يكون إلا بعد عدم]
ولما كان كون المفعول لا يعقل إلا بعد العدم ظاهرا كان الفلاسفة يجعلون من جملة علل الفعل (1) العدم، ويجعلون العدم من جملة المبادئ، وعندهم من جملة الأجناس العالية للأعراض أن يفعل وأن ينفعل، ويعبرون عنهما (2) بالفعل والانفعال.
فإذا قيل:
إن البارئ فعل شيئا من العالم لزم أن يقوم به أن يفعل، وهو الفعل، فيقوم به الصفات التي سموها الأعراض، ولزم أن الفعل لا يكون إلا بعد عدم لا يكون مع كون المفعول قديما أزليا،
وقالوا:
لما كان ما يسمونه الحركة أو التغير (3) ، أو الفعل محتاجا إلى العدم، والعدم ليس بمحتاج إليه كان العدم مبدءا له بهذا الاعتبار، ومرادهم أنه شرط في ذلك، فإنه لا يكون حركة ولا فعل ونحو ذلك مما قد يسمونه تغيرا واستكمالا إلا بوجود بعد عدم إما عدم ما كان موجودا وإما عدم مستمر كعدم المستكمل ما كان معدوما له، ثم حصل، فإذن هذا المتغير والمستكمل (4) ، والمتحرك والمفعول محتاج إلى العدم، والعدم غير محتاج إليه، فصار العدم مبدءا له بهذا الاعتبار، ولهذا كان الفعل، والانفعال المعروف في العالم إنما هو ما (5) يحدث من تأثير الفاعل وتأثير الفعل، لا يعقل فعل (6) . ولا انفعال بدون حدوث شيء بعد عدم.

(1) ن (فقط) : العقل، وهو تحريف.
(2) ن، م: عنها.
(3) ن: والتغيير ; م: والتغير.
(4) أ، ب: المستكمل والمتغير.
(5) ما: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(6) ن (فقط) : وفعل، وهو تحريف.
*********************************
[حجج ابن سينا وغيره على أن الفعل لا يشترط فيه تقدم العدم]
[البرهان الأول والرد عليه]
.
ثم هؤلاء الشذوذ من المتأخرين الذين زعموا أن الفعل لا يشترط فيه تقدم العدم قد ذكروا لهم (1) حججا ذكرها ابن سينا وغيره من متأخريهم، واستقصاها الرازي في (مباحثه المشرقية) ، وذكر في ذلك ما سماه عشرة (2) براهين، وكلها باطلة (3) .قال (4) :
الأول (5) : المحتاج (6) إلى العدم السابق إما أن يكون هو وجود الفعل، وإما أن يكون [هو] (7) تأثير الفاعل فيه، ومحال أن يكون المفتقر إلى العدم السابق هو وجود الفعل (8) ; لأن الفعل لو افتقر في وجوده إلى العدم لكان ذلك العدم مقارنا له، والعدم المقارن مناف لذلك الوجود، ومحال أن يكون المفتقر إليه تأثير الفاعل (9) ; لأن تأثير الفاعل يجب أن يكون مقارنا للأثر، ووجود الأثر ينافي عدمه، والمنافي لما يجب أن يكون مقارنا يجب أن يكون منافيا، والمنافي لا يكون شرطا، فإذن لا الفعل

(1) لهم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: عشر، وهو خطأ.
(3) سيورد ابن تيمية نصوصا من كلام الرازي في كتابه " المباحث المشرقية " وسأقابل هذه النصوص على الجزء الأول من الأصل المطبوع بحيدرأباد سنة 1343 هـ، وهو الذي سأرمز له بحرف " ش ".
(4) ما يلي من كلام الرازي في " ش "، ج [0 - 9] ، ص 485.
(5) ب: البرهان الأول.
(6) ش: (إن) المحتاج.
(7) هو: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) ن، م: العقل، وهو تحريف.
(9) ش:. (هو) تأثير.
***************************
في كونه موجودا. ولا (1) حاصلا. ولا الفاعل في كونه مؤثرا يفتقر (2) إلى العدم المنافي (3)) .فيقال [في] (4) الجواب: إنه ليس المراد بكون المفعول أو فعل الفاعل مفتقرا إلى العدم أن العدم مؤثر فيه حتى يجب أن يكون مقارنا له، بل المراد أنه لا يكون إلا بعد العدم، كما قالوا هم: إن العدم من جملة المبادئ سواء جعلوه مبدءا لمطلق الفعل [أو الحركة] (5) ، أو الحركة والتغير والاستكمال، فالمقصود أنهم جعلوا ذلك مفتقرا إلى العدم بمعنى أنه لا يكون إلا بعد عدم شيء لا بمعنى أن العدم مقارن له.ومعلوم أنه إذا قيل: إن الحركة لا تكون إلا شيئا بعد شيء - أو الصوت - كان الحادث من ذلك موقوفا على وجود ما قبله، وإن لم يكن مقارنا له.وأيضا، فالشيء المعدوم إذا عدم بعد وجوده كان هذا العدم الحادث مفتقرا إلى ذلك الوجود السابق، ولم يكن مقارنا له.[وأيضا] (6) ، فهذا الذي قاله يلزمه في كل ما يحدث [فإن كل ما يحدث فإنما يحدث] (7) بعد عدمه، فحدوثه متوقف على عدمه السابق لوجوده مع أن ذلك العدم ليس مقارنا (8) له، فإن طردوا حجتهم لزمهم

(1) ولا: ليست في (ش) .
(2) يفتقر: كذا في جميع النسخ، وفي (ش) : مفتقرا.
(3) المنافي: كذا في جميع النسخ، وفي (ش) : السابق.
(4) في: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) أو الحركة: ساقطة من (ن) فقط.
(6) وأيضا: ساقطة من (ن) فقط.
(7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(8) أ: العدم مقارنا ; ب: العدم مقارن.
***********************************
أن لا يحدث حادث، وهذه مكابرة، وهذا شأنهم في عامة (1) حججهم التي يذكرونها في قدم العالم، (2 فإن مقتضاها أن لا يحدث شيء وحدوث الحوادث في العالم 2) (2) مشهود (3) ، فكانت حججهم مما يعلم أنها من جنس شبه السوفسطائية.وهذا كحجتهم (4) العظمى التي يحتجون بها على أنه مؤثر تام في الأزل، وأن المؤثر التام يستلزم أثره، فإن مقتضاها (5) أن لا يحدث شيء، وهم ضلوا حيث لم يفرقوا بين مطلق المؤثر، وبين المؤثر في كل ممكن.
فإذا قالوا (6) : كونه مؤثرا إما أن يكون لذاته المخصوصة، أو لأمر لازم لها، أو لأمر منفصل عنها، والثالث ممتنع ; لأن ذلك المنفصل هو من جملة آثاره، فيمتنع أن يكون مؤثرا فيه لامتناع الدور في العلل، وعلى الأول والثاني يلزم [دوام] (7) كونه مؤثرا.
قيل لهم: كونه مؤثرا يراد به أنه مؤثر في وجود كل ما صدر عنه، ويراد به أنه مؤثر في شيء معين من العالم، ويراد به أنه مؤثر في الجملة: مثل (8) أن يكون مؤثرا في شيء (9) بعد شيء.

(1) عامة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) (2 - 2) : ساقطة من (م) فقط.
(3) ن، م: مشهودة.
(4) م، ن: فهذا حجتهم.
(5) أ، ب: فإن مقتضى هذه.
(6) ن، م: فإذا قيل.
(7) دوام: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) ن (فقط) : قبل، وهو تحريف.
(9) أ، ب: مؤثرا شيئا.
***********************






ابوالوليد المسلم 14-07-2021 12:55 AM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://majles.alukah.net/imgcache/2020/09/93.jpg
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (36)
صـ 242 إلى صـ 248


والأول والثاني ممتنعان في الأزل لا سيما الأول (1) ، فإنه لا يقوله عاقل، والحجة لا تدل على تأثيره في كل شيء في الأزل، ولا في شيء معين في الأزل.وأما الثالث فيناقض قولهم لا يوافقه، بل يقتضي حدوث كل ما سواه، فإذا (2) كان تأثيره من لوازم ذاته، والحوادث مشهودة، بل التأثير لا يعقل إلا مع الإحداث كان الإحداث الثاني مشروطا بسبق الأول وبانقضائه أيضا، وذلك من لوازم ذاته شيئا بعد شيء.
فلا يكون في الحجة ما يدل على قولهم، ولا على ما يناقض ما أخبرت به الرسل، وإن دل على بطلان قول طائفة من أهل الكلام المحدث في دين الإسلام من الجهمية، والقدرية، ومن اتبعهم.
وكذلك ما يحتجون به على بطلان الإحداث والتأثير، ونحو ذلك من الشبه المقتضية (3) نفي التأثير ونفي ترجيح وجود الممكن على عدمه، ونفي كونه فاعلا لحكمة، أو لا لحكمة، وغير ذلك مما يذكر في هذا الباب، فإن جميعها تقتضي أن لا يحدث في العالم حادث، وهذا خلاف المشاهدة، وكل حجة تقتضي خلاف المشهود فهي من جنس [حجج] (4) السفسطة.وهم كلهم متفقون على أن العدم من جملة العلل، وهو مأخوذ عن
(1) عبارة " لا سيما الأول: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) أ، ب: وإذا.
(3) ب: أو نحو ذلك مثل الشبهة المقتضية.
(4) حجج: ساقطة من (ن) ، (م) .
*****************************
أرسطو قال أرسطو في (مقالة اللام) التي هي منتهى فلسفته، وهي علم ما بعد الطبيعة:(. وأما على طريق المناسبة، فأخلق بنا - إن نحن اتبعنا ما وصفنا -
أن نبين أن مبادئ جميع الأشياء الموجودة ثلاثة:
العنصر، والصورة، والعدم. مثال ذلك في الجوهر المحسوس أن الحر نظير الصورة والبرد نظير العدم والعنصر هو الذي له هذان بالقوة، وفي باب الكيف يكون البياض نظير الصورة والسواد نظير العدم، والشيء الموضوع لهما هو السطح في قياس العنصر، ويكون الضوء نظير الصورة، والظلمة نظير العدم، والجسم القابل للضوء هو الموضوع لهما، فليس يمكن على الإطلاق أن تجد عناصر هي بأعيانها عناصر لجميع الأشياء، وأما على طريق المناسبة والمقايسة فأخلق بها أن توجد)
.
قال:
(وليس طلبنا الآن طلب عنصر الأشياء الموجودة لكن قصدنا إنما هو طلب مبدئها، وكلاهما سبب لها إلا أن (1) المبدأ قد يجوز أن يوجد خارجا عن الشيء مثل السبب المحرك، وأما العناصر فلا يجوز أن تكون إلا في الأشياء التي هي منها، وما كان عنصرا، فليس [مانع] (2) يمنع من أن يقال له مبدأ، وما كان مبدءا، فليس له عنصر لا محالة.وذلك أن المبدأ المحرك قد يجوز أن يكون خارجا عن المحرك، ولكن (3) المحرك القريب من الأشياء الطبيعية هو مثل الصورة، وذلك أن

(1) ن (فقط) : لأن.
(2) مانع: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن، م: لأن.
***************************
الإنسان إنما يلده إنسان، وأما في الأشياء الوهمية، فالصورة أو العدم، مثال ذلك الطب والجهل به، [والبناء والجهل به] (1) ، وفي كثير من الأمور يكون السبب المحرك هو الصورة، من ذلك أن الطب من وجه ما هو الصحة ; لأنها المحركة، وصورة البيت من وجه ما هي البناء، والإنسان إنما يلده إنسان (2) .وليس قصدنا لطلب المحرك القريب لكن قصدنا للمحرك الأول الذي منه يتحرك جميع الأشياء، فالأمر فيه بين أنه جوهر، وذلك أنه مبدأ الجواهر (3) ،
ولا يجوز أن يكون مبدأ الجواهر (4) إلا جوهرا، وهو مبدأ الجواهر (5) ،
ومبدأ جميع الأشياء الموجودة، ولم يكن التهيب من التصريح بهذا فيما تقدم صوابا، فإن سائر الأشياء إنما هي أحداث وحالات للجوهر، وحركات له، وينبغي أن نبحث عن هذا الجوهر الذي يحرك الجسم كله ما هو هل يجب أن نضع أنه نفس، أو أنه عقل، أو أنه غيرهما بعد أن نحذر ونتوقى أن نحكم على المبدأ الأول بشيء من الأعراض التي تلزم الأواخر من الأشياء الموجودة، ولكنه قد يوجد في أواخر الأشياء الموجودة ما هو بالقوة، وأن يكون الشيء في الأوقات المختلفة على حالات مختلفة، وأن لا يكون دائما على حال واحدة، والأشياء التي تقبل الكون والفساد هي التي توجد بهذه الحال، فإنك تجد الشيء فيها بعينه مرة بالقوة، ومرة بالفعل.


(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(2) أ، ب: الإنسان.
(3) ن، م: الجوهر.
(4) ن، م: الجوهر.
(5) ن، م: الجوهر.
*********************************
مثال ذلك أن الخمر توجد بالفعل (1) بعد أن تغلى وتسكر، وقد تكون موجودة بالقوة في وقت آخر إذ (2) كانت الرطوبة التي فيها تتولد إنما هي في نفس الكرم واللحم. وربما كان بالفعل، وربما كان بالقوة في العناصر التي عنها تتولد، وإذا قلنا بالقوة، أو بالفعل، فليس نعني شيئا غير الصورة والعنصر، ونعني بالصورة التي يمكن أن تنفرد (3) من المركب من الصورة والعنصر، فأما المنفرد فمثل الضوء والظلمة إذ كان يمكن فيها أن تنفرد عن الهواء، والمركب منهما فمثل البدن الصحيح، [والبدن] السقيم (4) ، وأعني بالعنصر الشيء الذي يمكن فيه أن يحتمل الحالتين كلتيهما مثل البدن، فربما كان صحيحا، وربما كان سقيما.
فهذا الشيء الذي بالفعل، والذي بالقوة قد يختلف لا في العناصر الموجودة في الأشياء المركبة منهما أعني من الصورة والعنصر (5) لكن في الأشياء الخارجة عن الأشياء المركبة أيضا التي لم يكن عنصرها عنصر الأشياء التي تكون عنها ولا صورتها صورتها لكن غيرها.
فينبغي أن يكون هذا الأمر قائما في وهمك إذا قصدت البحث عن السبب الأول أن بعض العلل المحركة موافقة في الصورة للشيء المتحرك (6) قريبة منه، وبعضها أبعد منه أما العلة القريبة (7) ، فمثل الأب،


(1) ن، م: بالعقل، وهو تحريف.
(2) ن، م: إذا.
(3) ب: تقرر.
(4) ن، م: البدن الصحيح والسقيم.
(5) ن، م، أ: منها أعني في الصورة والعنصر. والمثبت من (ب) .
(6) م، أ، ب: المحرك.
(7) القريبة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
***********************************
وأما الشمس، فهي (1) علة أبعد، وأبعد من الشمس الفلك المائل، وهذه الأشياء ليست عللا على طريق عنصر الشيء الحادث، أو (2) على طريق صورة، ولا على طريق عدم لكنها إنما هي محركة، وهي محركة لا على أنها موافقة. (3) في الصورة قريبة مثل الأب لكنها أبعد، وأقوى فعلا إذ كانت هي ابتداء العلل القريبة أيضا (4)) .
وذكر كلاما آخر ليس هذا موضع بسطه.
[البرهان الثاني والرد عليه]
ثم ذكر الرازي:(البرهان الثاني (5) : وهو أن الفعل ممكن الوجود في الأزل لثلاثة أوجه:أحدها: أنه لو [لم يكن كذلك] لكان ممتنعا، ثم صار ممكنا، ولكان الممتنع (6) لذاته قد انقلب ممكنا لذاته (7) ، وهذا يرفع الأمان (8) عن القضايا العقلية (9) .


(1) ن، م: فهو.
(2) ب (فقط) : ولا.
(3) أ، ب: لموافقة.
(4) لا نعلم بالضبط أي ترجمة من ترجمات " مقالة اللام " رجع إليها ابن تيمية على أن النصوص التي أوردها هنا تقابل تقريبا ما أورده ابن رشد في كتاب " تفسير ما بعد الطبيعة " (انظر المجلد الثالث، الجزء السابع، ص (1517، 1523، 1522، 1528، 1531، 1537، 1535)
(5) لا يتقيد ابن تيمية في سرده للبرهان الثاني بألفاظ الرازي، وإنما يلخص المعنى ويذكره بعباراته الخاصة أحيانا.
(6) ن، م: لو كان ممتنعا ثم صار ممكنا لكان الممتنع.
(7) لذاته: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) أ، ب: الإمكان ; ن، م، ش (ص 486) : الأمان، وهو الصواب.
(9) القضايا العقلية: كذا في (ن) ، (م) ، (ش) وهو الصواب. وفي (أ) ، (ب) : القضاء بالعقلية.
*****************************
وثانيها: أنه ممكن فيما لا يزال، فإن كان إمكانه لذاته، أو لعلة دائمة لزم دوام الإمكان، وإن كان لعلة حادثة كان باطلا ; لأن الكلام في إمكان حدوث تلك العلة كالكلام في إمكان حدوث غيرها، فيلزم دوام إمكان (1) الفعل.
وثالثها:
أن امتناع الفعل إن كان لذاته، أو لسبب واجب لذاته (2) لزم دوام الامتناع، وهو باطل بالحس والضرورة وإجماع العقلاء لوجود الممكنات، وإن كان لسبب غير واجب امتنع كونه قديما، فإن ما وجب قدمه امتنع عدمه، ثم الكلام (3) فيه كالكلام في الأول،
[فكونه ممتنعا في الأزل لعلة حادثة ظاهر البطلان، فإن القديم لا يكون لعلة حادثة] (4)) .
قال (5) : (فثبت أنه لا يمكن دعوى امتناع حصول الممكنات في الأزل،
ولا يمكن أن يقال:
المؤثر (6)
ما كان يمكن أن يؤثر فيه، ثم صار يمكن، فإن القول في امتناع التأثير وإمكانه كالقول في امتناع وجود الأثر وإمكانه) .قال (7) : فثبت أن استناد الممكنات إلى المؤثر لا يقتضي تقدم العدم عليها.


(1) ن (فقط) : إمكان دوام.
(2) ن، م: أو بسبب واجب دائم.
(3) ن، م: عدمه والكلام.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(5) أي الرازي في " المباحث المشرقية " 1/486.
(6) ش: يقال بأن المؤثر. إلخ.
(7) في " ش " 1/487.
************************
قال (1) : (وعلى هذه الطريقة إشكال ; لأنا نقول: (الحادث) إذا اعتبرناه من حيث كونه مسبوقا بالعدم،
فهو مع هذا الشرط لا يمكن أن يقال:
بأن إمكانه يتخصص بوقت دون وقت لما ذكرتموه من الأدلة، فإذن (2) إمكانه ثابت دائما، ثم لا يلزم من دوام إمكانه خروجه عن الحدوث ; لأنا لما أخذناه من حيث كونه مسبوقا بالعدم كانت مسبوقيته بالعدم جزءا ذاتيا له، والجزء الذاتي لا يرفع، وإذا لم يلزم من إمكان حدوث الحادث من حيث إنه حادث خروجه عن كونه حادثا، فقد بطلت هذه الحجة) .قال (3) : (فهذا شك لا بد من حله) .
قلت:
فيقال: (4) هذا الشك هو المعارضة التي اعتمد عليها في كتبه الكلامية (كالأربعين) (5) ، وغيره، وعليها اعتمد الآمدي في (دقائق الحقائق) ، وغيره (6) ،
وهي باطلة لوجهين: أحدهما: أنه ليس فيها جواب عن حجتهم، بل هي معارضة محضة،
الثاني: أن يقال: قوله (الحادث)


(1) بعد الكلام السابق مباشرة.
(2) ن: فإن ذا ; م: فإن إذا.
(3) بعد الكلام السابق مباشرة.
(4) فيقال: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) وهو كتاب " الأربعين في أصول الدين " وقد طبع بحيدرآباد سنة 1353.
(6) هو أبو الحسن علي بن أبي علي محمد بن سالم الثعلبي، سيف الدين الآمدي الحنبلي ثم الشافعي، من أئمة الأشاعرة، وقد صنف في أصول الدين والفقه والمنطق والحكمة والخلاف. ومن أشهر كتبه " أبكار الأفكار " و " دقائق الحقائق " وقد توفي بدمشق سنة 631. ترجمته في ابن خلكان 2/455 - 456 ; طبقات الشافعية 8/306 - 307 ; شذرات الذهب 5/144 - 145 ; الأعلام 5/153.
******************************











ابوالوليد المسلم 10-08-2021 05:53 PM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://i.imgur.com/xOziErR.gif
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (37)
صـ 249 إلى صـ 255

إذا (1 اعتبر من حيث هو حادث أتعني به إذا قدر أن الحوادث كلها لها أول، فإذا 1) (1) اعتبر مع ذلك إمكانها، فلا أول له، أم تعني به أن كل حادث تعتبره إذا اعتبر إمكانه؟ .فإن عنيت الأول قيل لك (2) : لا نسلم إمكان هذا التقدير، فإنك قدمت أنه لا بد لكل حادث من أول وجملة الحوادث مسبوقة بالعدم وأن لا يكون الفاعل أحدث شيئا ثم أحدث، وقدرت [مع] (3) ذلك أن إحداثه لم يزل ممكنا، ونحن لا نسلم إمكان الجمع بين هذين، فأنت (4) إنما منعت دوام كونه محدثا في الأزل لامتناع حوادث لا أول لها، ومع امتناع ذلك يستحيل أن يكون الإحداث لم يزل ممكنا، فقد قدرت إمكان دوام الحدوث (5) مع امتناع دوامه، وهذا تقدير لاجتماع النقيضين.
وأما إن عنيت بما تقدره حدوث حادث معين، فلا نسلم أن إمكانه أزلي، بل حدوث كل حادث معين جاز أن يكون مشروطا بشروط تنافي أزليته، وهذا هو الواقع، كما يعلم ذلك في كثير من الحوادث، فإن حدوث ما هو مخلوق من مادة يمتنع قبل وجود المادة، [ولكن الجواب عن هذه الحجة أنها لا تقتضي إمكان قدم شيء بعينه، كما قد بسط في موضع آخر، فلا يلزم من ذلك إمكان قدم شيء بعينه من الممكنات، وهو المطلوب] (6) .
(1) (1 - 1) : ساقط من (أ) ، (ب)
(2) ن، م: لكم.
(3) مع: ساقطة من (ن) فقط.
(4) ن، م: وأنت.
(5) ن، م: دوام إمكان الحدث.
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
************************



[البرهان الثالث والرد عليه].
قال. الرازي: (1) .
(. البرهان الثالث: الحوادث إذا وجدت واستمرت، فهي في حال استمرارها محتاجة إلى المؤثر ; لأنها ممكنة في حال بقائها، كما كانت ممكنة في حال حدوثها، والممكن يفتقر إلى المؤثر)
(2) .
فيقال:
هذه الحجة إنما تدل على أن الممكنات المحدثة تحتاج حال بقائها إلى المؤثر، ونحن نسلم هذا. (3) كما سلمه جمهور النظار [من] (4) المسلمين، وغيرهم، وإنما نازع في ذلك طائفة من متكلمي المعتزلة، وغيرهم لكن هذا لا يدل على أن الممكن أن يوجد وأن يعدم يمكن مقارنته للفاعل أزلا وأبدا إلا إذا بين إمكان كونه أزليا أبديا مع إمكان وجوده وعدمه، وهذا محل النزاع كيف وجمهور العقلاء يقولون: لا يعقل ما يمكن أن يوجد وأن لا يوجد إلا ما يكون حادثا، وأما القديم الأزلي الواجب بنفسه أو بغيره فلا يعقل فيه أن (5) يمكن أن يوجد وأن لا يوجد، فإن عدمه ممتنع.
وإذا قيل:
هو باعتبار ذاته يقبل الأمرين.
قيل:
عن هذا جوابان:
أحدهما: أنه مبني على أن له حقيقة في الخارج غير وجوده الثابت في الخارج، وهذا باطل.
(1) في (ش) 1/487 بعد الكلام السابق مباشرة.
(2) اختصر ابن تيمية البرهان الثالث اختصارا شديدا، انظر (ش) : ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 87، 488.
(3) ن، م: ذلك.
(4) من: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: أنه.
*******************


الثاني: أنه لو قدر أن الأمر كذلك فمع وجوب موجبه الأزلي يكون واجبا أزلا وأبدا، فيمتنع العدم، كما يقوله أهل السنة في صفات الرب تعالى، وهذا لا يعقل فيه أنه يمكن وجوده وعدمه، ولا أن له فاعلا يفعله (1) ، كما أنه لا يعقل مثل ذلك في الصفات اللازمة للقديم تعالى.
[البرهان الرابع والرد عليه]
قال الرازي:(البرهان الرابع: أن افتقار الأثر إلى المؤثر إما لأنه (2) موجود في الحال، أو لأنه كان معدوما، أو لأنه سبقه عدم (3) ، ومحال أن يكون العدم السابق هو المقتضي، فإن العدم نفي محض، فلا حاجة له إلى المؤثر أصلا. ومحال أن يكون هو كونه مسبوقا بالعدم ; لأن [كون] (4) الوجود مسبوقا بالعدم كيفية تعرض للوجود بعد حصوله على طريق الوجوب ; لأن وقوعه على (5) نعت المسبوقية بالعدم (6) كيفية لازمة بعد وقوعه، فإنه يستحيل أن يقع إلا (7) كذلك، والواجب غني عن المؤثر، فإذن المفتقر هو الوجود، والوجود عارض للماهية، فلا يعتبر في افتقاره إلى الفاعل تقدم العدم) (8) .
(1) يفعله: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) ش (ص 489) : إما أن يكون لأنه. إلخ.
(3) أ، ب: سبقه الحدث ; ن، ش (ص 489) : سبقه عدم، وهو الصواب.
(4) كون: ساقطة من (ن) فقط.
(5) على: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(6) ش: على طريق الوجوب (فإن حصول الوجود وإن كان على طريق الجواز) إلا أن وقوعه على نعت المسبوقية بالعدم. إلخ.
(7) إلا: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) اختصر ابن تيمية البرهان الرابع كما فعل في البرهان الثالث.
******************************
والجواب أن يقال: قوله: افتقاره إلى المؤثر إما أن يكون لكذا أو لكذا. إما أن يريد به إثبات السبب الذي لأجله صار مفتقرا إلى المؤثر، وإما أن يريد به إثبات دليل يدل على كونه مفتقرا إلى المؤثر، فإن ما يقرن بحرف اللام على جهة التعليل قد يكون علة للوجود في الوجود الخارجي، وقد يكون علة للعلم بذلك وثبوته في الذهن، وهذا يسمى دليلا وبرهانا وقياس الدلالة وبرهان الدلالة، والأول إذا استدل به سمي قياس العلة، وبرهان العلة، وبرهان (لم) لأنه يفيد علة الأثر في الخارج، وفي الذهن (1) .
فقول القائل:
الافتقار إلى المؤثر: إما أن يكون لأجل الحدوث أو الإمكان، أو لمجموعهما، وما يذكره طائفة من المتأخرين من الأقوال الثلاثة في ذلك، فحقيقته أن يقال: أتريدون البحث عن [نفس] (2) العلة الموجبة في نفس الأمر لهذا الافتقار أم البحث عن الدليل الدال على هذا الافتقار؟ .
فإن أردتم الأول قيل لكم:
هذا فرع ثبوت كون افتقار المفعول إلى الفاعل إنما هو لعلة أخرى، ولم تثبتوا ذلك، بل لقائل أن يقول: كل ما سوى الله مفتقر إليه لذاته، وحقيقته لا لعلة أوجبت كون ذاته وحقيقته مفتقرة إلى الله، ومن المعلوم أنه لا يجب في كل حكم وصفة توصف بها الذوات (3) أن تكون ثابتة لعلة (4) ، فإن هذا يستلزم التسلسل الممتنع،

(1) ن، م: في الخارج في الذهن.
(2) نفس: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن، م: الذات.
(4) أ (فقط) : لفعله، وهو تحريف.
**************************


فإن (1) افتقار كل ما سوى الله إلى الله هو حكم وصفة ثبت لما سواه، فكل ما سواه سواء سمي محدثا أو ممكنا أو مخلوقا أو غير ذلك هو مفتقر محتاج إليه لا يمكن استغناؤه عنه بوجه من الوجوه، ولا في حال من الأحوال، بل كما أن غنى الرب من لوازم ذاته، ففقر الممكنات من لوازم ذاتها، وهي لا حقيقة لها إلا إذا كانت موجودة، فإن المعدوم ليس بشيء، فكل [ما هو] (2) موجود سوى الله، فإنه مفتقر إليه دائما حال حدوثه وحال بقائه.
وإن أريد بعلة الافتقار إلى الفاعل ما يستدل به على ذلك، فيقال: كون الشيء حادثا بعد أن لم يكن دليل على أنه مفتقر إلى محدث يحدثه (3) ، وكونه ممكنا لا يترجح (4) وجوده على عدمه إلا بمرجح تام، دليل على أنه مفتقر إلى واجب يبدعه، وكونه ممكنا محدثا دليلان ; لأن كلا منهما (5) دليل على افتقاره، وهذه الصفات وغير ذلك من صفاته: مثل كونه محدثا (6) ، وكونه، فقيرا، [وكونه مخلوقا] (7) ، ونحو ذلك تدل على احتياجه إلى خالقه، فأدلة احتياجه إلى خالقه (8) كثيرة، وهو محتاج إليه لذاته لا لسبب آخر.
(1) ن، م: فإذن.
(2) ما هو: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن: إلى حادث يحدثه.
(4) ن، م: لا يرجح.
(5) ن، م: دليلان كل منهما.
(6) عبارة " كونه محدثا ": ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7) عبارة " وكونه مخلوقا ": ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) ن، م: إلى الخالق.
********************************


وحينئذ فيمكن أن يقال: وجوده دليل على افتقاره إلى خالقه (1) ، وعدمه السابق دليل على افتقاره إلى الخالق (2) ، وكونه موجودا بعدم العدم دليل على افتقاره إلى الخالق، فلا منافاة بين الأقسام، وعلى هذا، فلا يصح قوله: (العدم نفي محض، فلا حاجة له إلى المؤثر أصلا) وذلك أنا (3) [إذا] (4) جعلنا عدمه دليلا على أنه (5) لا يوجد بعد العدم إلا بفاعل لم يجعل عدمه هو المحتاج إلى المؤثر، بل نظار المسلمين يقولون: إن الممكن لا يفتقر إلى المؤثر إلا في وجوده، وأما عدمه المستمر فلا يفتقر فيه إلى المؤثر.
وأما هؤلاء الفلاسفة (6) كابن سينا، [ومن تبعه] كالرازي (7) ، فيقولون: إنه لا يترجح أحد طرفي الممكن على الآخر إلا بمرجح، فيقولون: لا يترجح عدمه على وجوده إلا بمرجح، كما يقولون: لا يترجح وجوده على عدمه إلا بمرجح، ثم قالوا: مرجح العدم عدم المرجح، فعلة كونه معدوما عدم علة كونه موجودا.
وأما نظار المسلمين، فينكرون هذا غاية الإنكار، كما ذكر ذلك
(1) ن، م: إلى الخالق.
(2) م: دليل على إمكانه ; أ، ب: دليل على افتقاره. وسقطت عبارة " إلى الخالق ".
(3) ب: وكذلك.
(4) إذا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) أ، ب: أن.
(6) ن، م: المتفلسفة.
(7) ن، م: كابن سينا والرازي.
*****************************
القاضي أبو بكر (1) ، والقاضي أبو يعلى وغيرهما من نظار المسلمين، وهذا هو الصواب.
وقول أولئك: علة عدمه عدم علته، فيقال لهم: أتريدون أن عدم علته مستلزم لعدمه، ودليل على عدمه أم تريدون أن عدم علته هو الذي جعله معدوما في الخارج؟ .
أما الأول فصحيح، ولكن ليس هو قولكم.وأما الثاني فباطل، فإن عدمه المستمر لا يحتاج إلى علة إلا كما يحتاج عدم العلة إلى علة، ومعلوم أنه إذا قيل: عدم لعدم علته قيل: وذلك العدم أيضا لعدم علته، وهذا مع أنه يقتضي التسلسل في العلل، والمعلولات، وهو باطل بصريح العقل، فبطلانه ظاهر، ولكن المقصود بيان بعض تناقض هؤلاء الملاحدة المتفلسفة المخالفين لصريح المعقول، وصحيح المنقول.
وكذلك قوله:
(لأن كونه مسبوقا بالعدم كيفية تعرض للوجود بعد حصوله) . وهي لازمة [له] لا علة له (2) .
فيقال: هذا ليس بصفة ثبوتية له، بل هي صفة إضافية معناها أنه كان بعد أن لم يكن، ثم لو قدر أنها صفة لازمة له، فالمراد أنها دليل على افتقاره إلى المؤثر، وأيضا فأنت قدرت هذا علة افتقاره لم تقدره معلول افتقاره، فكونه غنيا (3) لا يمنع كونه علة، وإنما يمنع كونه معلولا.

(1) وهو ابن الباقلاني.
(2) ن، م: وهي لازمة لا علة لها ; أ: وهي لازمة له لا علة لها. والمثبت من (ب) .
(3) ن، م: فكونه عينا، وهو تحريف.






ابوالوليد المسلم 10-08-2021 05:53 PM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://i.imgur.com/xOziErR.gif
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (38)
صـ 256 إلى صـ 262

وإن (1) قال: هذه متأخرة عن افتقاره، والمتأخر لا يكون علة للمتقدم.
قيل: هذا ذكرته في مواضع أخر لا هاهنا، وجوابه أنه دليل على الافتقار لا موجب له. والدليل متأخر عن المدلول عليه باتفاق العقلاء.
فإن قيل: إن كان الحدوث دليلا على الافتقار إلى المؤثر لم يلزم (2) أن يكون كل مفتقر إلى المؤثر حادثا ; لأن الدليل يجب طرده، ولا يجب عكسه.
قيل:
نعم،
انتفاء الدلالة من هذا الوجه لا ينفي الدلالة من وجوه أخر مثل أن يقال:
شرط افتقاره إلى الفاعل كونه محدثا، والشرط يقارن المشروط، وهذا أيضا مما يبين به (3) الاقتران فيقال: علة الافتقار [بمعنى شرط افتقاره] (4) كونه محدثا أو ممكنا أو مجموعهما، والجميع حق،
ومثل أن يقال:
إذا أريد بالعلة المقتضي لافتقاره إلى الفاعل هو حدوثه أي كونه مسبوقا بالعدم، فإن كل ما كان مسبوقا بالعدم (5) هو ثابت حال افتقاره إلى الفاعل، فإن افتقاره إلى الفاعل هو حال حدوثه، وتلك الحال هو فيها مسبوق بالعدم، فإن كل ما كان مسبوقا بالعدم كان كائنا بعد أن لم يكن، وهذا المعنى يوجب افتقاره إلى الفاعل.
(1) أ، ب: وإذا.
(2) ن، م: لم يلزمه.
(3) م، أ، ب: مما تبين به.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: وكونه مسبوقا بالعدم.
**************************
[البرهان الخامس والرد عليه].
قال [الرازي] (1)
:(. البرهان الخامس: أنه إما أن يتوقف جهة افتقار الممكنات إلى المؤثر، أو جهة تأثير المؤثرات (2) فيها على الحدوث، أو لا تتوقف، والأول قد أبطلناه في باب (3) (القدم والحدوث) فثبت أن الحدوث غير معتبر في جهة الافتقار) .
فيقال:
ما ذكرته في ذلك قد بين إبطاله أيضا، وأن كل ما يفتقر إلى الفاعل لا يكون إلا حادثا، وأما القديم الأزلي، فيمتنع أن يكون مفعولا. والذي ذكرته في كتاب (الحدوث والقدم) في (المباحث المشرقية) هو الذي جرت عادتك بذكره في (المحصل) وغيره، وهو أن الحدوث عبارة عن كون الوجود مسبوقا بالعدم، وبالغير، فهو صفة للوجود، فيكون متأخرا عنه، وهو متأخر عن تأثير المؤثر فيه، المتأخر عن احتياجه إليه المتأخر عن علة الحاجة، فلو كان الحدوث علة الحاجة إلى الحدوث، أو شرطها لزم تأخر الشيء عن نفسه بأربع مراتب.
جوابه:
أن هذا ليس صفة وجودية قائمة به حتى يتأخر عن وجوده، بل معناه أنه كان بعد أن لم يكن، وهو إنما يحتاج إلى المؤثر في هذه الحال، وهو في هذه الحال مسبوق بالعدم، والتأخرات المذكورات هنا اعتبارات عقلية ليست تأخرات زمانية، والعلة هنا المراد بها المعنى الملزوم لغيره ليس المراد بها أنها فاعل متقدم على مفعوله بالزمان.

(1) الرازي: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) ش (ص 490) : أو جهة (صحة) تأثير المؤثرات.
(3) أ (فقط) : كتاب.



*********************************
واللازم والملزوم (1) قد يكون زمانهما جميعا،
كما يقولون:
(2) الصفة تفتقر إلى الموصوف، والعرض إلى الجوهر، وإن كانا موجودين معا، ويقولون: (3) إنما افتقر العرض إلى الموصوف لكونه معنى قائما بغيره، وهذا المعنى مقارن لافتقاره إلى الموصوف.
[البرهان السادس والرد عليه]
قال [الرازي] : (4)(البرهان السادس: أن الممكن إذا لم يوجد فعدمه إما أن يكون لأمر أو لا لأمر، ومحال أن يكون لا لأمر، فإنه حينئذ يكون معدوما لما هو هو، وكل ما (هويته) كافية في عدمه، فهو ممتنع الوجود، فإذن الممكن العدم (5) ممتنع الوجود، هذا خلف، فتبين (6) أن يكون لأمر، ثم ذلك المؤثر لا يخلو إما أن يشترط في تأثيره فيه تجدده أو لا يشترط، ومحال أن يشترط ذلك، [فإن الكلام] (7) مفروض في العدم السابق على وجوده، والعدم المتجدد هو العدم بعد الوجود، فإذن لا يشترط في استناد عدم الممكنات إلى ما يقتضي عدمها تجدده (8) ، وإذا كان العدم الممكن مستندا إلى
(1) ن، م: والملزوم واللازم.
(2) ن، م: يقول إن.
(3) ن، م: ويقول.
(4) الرازي: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) ن، م: الممكن المعدوم، وهو خطأ.
(6) أ، ب، ن، م: فتبين ; ش (490) فبقي، وكلاهما صواب.
(7) عبارة " فإن الكلام ": ساقطة من (ن) فقط.
(8) ش: تجددها.
****************************


المؤثر من غير شرط التجدد علمنا أن الحاجة والافتقار لا يتوقف على التجدد، وهو المطلوب) (1) .
فيقال: من العجائب، بل من أعظم المصائب أن يجعل مثل هذا الهذيان برهانا في هذا (2) المذهب الذي حقيقته أن الله لم يخلق شيئا، بل الحوادث تحدث بلا خالق، وفي إبطال أديان [أهل] (3) الملل، وسائر العقلاء من الأولين والآخرين لكن هذه (4)
الحجج الباطلة وأمثالها لما صارت تصد كثيرا من أفاضل الناس وعقلائهم وعلمائهم عن الحق المحض الموافق لصريح المعقول وصحيح المنقول، بل تخرج أصحابها عن العقل والدين كخروج الشعرة من العجين إما بالجحد والتكذيب وإما بالشك والريب احتجنا إلى بيان بطلانها للحاجة إلى مجاهدة أهلها، وبيان فسادها من أصلها (5) إذ كان فيها من الضرر بالعقول والأديان ما لا يحيط به إلا الرحمن.
والجواب من وجوه:أحدها: أن يقال: قد تقدم قولكم قبل هذا بأسطر إن العدم نفي محض، فلا حاجة به إلى المؤثر أصلا. وجعلتم هذا مقدمة في الحجة التي قبل هذه فكيف تقولون بعد هذا بأسطر المعدوم الممكن لا يكون عدمه إلا لموجب؟ .
(1) نقل ابن تيمية البرهان السادس بنصه فيما عدا الاختلافات التي ذكرناها.
(2) هذا: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) أهل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) أ، ب: لكن مثل هذه.
(5) ن: فاسدها من أضلها ; م: فاسدها من أصلها.


********************************
وقدمنا أن جماهير نظار المسلمين وغيرهم يقولون: إن العدم لا يفتقر إلى علة، وما علمت أحدا من النظار جعل عدم الممكن مفتقرا إلى علة إلا هذه الطائفة القليلة من متأخري (1) المتفلسفة كابن سينا وأتباعه وإلا فليس هذا قول قدماء الفلاسفة لا أرسطو ولا أصحابه كبرقلس (2) ، والإسكندر الأفروديسي (3) شارح كتبه، وثامسيطوس (4) ، ولا غيرهم [من
(1) ن، م: متأخرة.
(2) برقلس proclus آخر وأشهر ممثلي الأفلاطونية الجديدة neoplatonism ولد بالقسطنطينية سنة 412 (ميلادية) وتلقى الفلسفة في الإسكندرية ثم في أثينا حتى صار زعيم مدرستها الفلسفية، وقد كان برقلس من القائلين بقدم العالم، وكانت وفاته سنة 485. وقد ترجم له ابن النديم في الفهرست (ص [0 - 9] 52 - 253) وذكر مصنفاته وأورد الشهرستاني في الملل والنحل 2/157 - 162 أدلته على قدم العالم. وقد نشر الدكتور عبد الرحمن بدوي رسالة له في قدم العالم (مع رسائل أخرى) في كتابه " الأفلاطونية المحدثة عند العرب "، القاهرة 1955.
(3) ن، م: الأفرديوسي، أ، ب: الأفرديوسي ; والمشهور ما أثبتناه وهو الموجود في أكثر كتب التراجم العربية. والإسكندر الأفروديسي ale \ ander of aphrodisias من أعظم شراح أرسطو وقد ولد في أفروديسيا من أعمال آسيا الصغرى، وتولى تدريس الفلسفة الأرسطية في أثينا ما بين سنتي 198، 211. انظر تاريخ الفلسفة اليونانية ليوسف كرم، ص [0 - 9] 2، القاهرة 1958 ; وانظر ترجمته ومصنفاته في ابن أبي أصيبعة 1/105 - 107 ; الفهرست لابن النديم، ص [0 - 9] 52 - 253 ; الملل والنحل 2/163 - 164. وقد نشر له الدكتور عبد الرحمن بدوي بعض مقالاته في كتابه " أرسطو عند العرب ".
(4) أ، ب: والإسكندر الأفرديوسي شارح كتب تامسيطوس، وهو خطأ. وتامسيطوس themistius. (في (م) : تامسيطوس ; (أ) ، (ب) : تامسيطوس من شراح أرسطو مع أنه كان أفلاطونيا جديدا، وقد ولد سنة 317 م، وعاش في القسطنطينية وأيد الإمبراطور جوليان في العمل على بعث الوثنية، وتوفي سنة 388 م. انظر: يوسف كرم، المرجع السابق، ص [0 - 9] 03 ; وانظر ترجمته والكلام عن آرائه ومصنفاته في ابن النديم، ص [0 - 9] 53 ; ابن القفطي، ص 107 ; الملل والنحل 2/162 - 163 وقد نشر له الدكتور عبد الرحمن بدوي في كتابه " أرسطو عند العرب " السالف الذكر مقالة وشطرا من شرحه لمقالة " اللام ".
***********************************
الفلاسفة] (1) ، ولا هو قول أحد من النظار كالمعتزلة والأشعرية والكرامية وغيرهم، فليس هو قول طائفة من طوائف النظار لا المتكلمة، ولا المتفلسفة، ولا غيرهم.
الوجه الثاني:
أن يقال: قوله: (محال أن يكون (معدوما) لا لأمر، فإنه حينئذ يكون معدوما لما هو هو، وكل ما هويته كافية في عدمه، فهو ممتنع الوجود) .
فيقال:
هذا تلازم باطل، فإنه إذا كان معدوما لا لأمر لم يكن معدوما لا لذاته، ولا لغير ذلك،
فقولك:
(فإنه حينئذ يكون معدوما لما هو هو) باطل، فإنه يقتضي أنه معدوم لأجل ذاته، وأن ذاته هي العلة في كونه معدوما كالممتنع لذاته، وهذا يناقض قولنا معدوم لا لأمر، فكيف يكون نفي (2) الشيء لازما لثبوته؟ .
فإن قيل:
مراده إما أن يكون لأمر، أو لا لأمر خارجي قيل: فتكون القسمة غير حاصرة، وهو أن يكون معدوما لا لعلة.
الوجه الثالث: أن يقال: الفرق معلوم بين قولنا: ذاته لا تقتضي وجوده ولا عدمه، أو لا تستلزم (3) وجوده، ولا عدمه، أو لا توجب وجوده ولا عدمه، وبين قولنا تقتضي وجوده أو عدمه، أو تستلزم ذلك أو توجبه، فإن ما استلزمت ذاته وجوده كان واجبا بنفسه، وما استلزمت عدمه كان ممتنعا، وما لم تستلزم واحدا منهما لم يكن واجبا ولا ممتنعا، بل كان هو الممكن.

(1) من الفلاسفة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) أ، ب: نفس، وهو خطأ.
(3) ن (فقط) : يستلزمه، وهو تحريف.
********************************



فإذا قيل: إنه معدوم لا لأمر لم يوجب أن يكون هناك أمر يستلزم عدمه (1) ، بل يقتضي ألا يكون هناك أمر (2) يستلزم وجوده، ومعلوم أنه على هذا التقدير لا يكون ممتنع الوجود.
ولهذا يقول المسلمون: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فمشيئته مستلزمة لوجود مراده، وما لا يشاؤه لا يكون، فعدم مشيئته مستلزم لعدمه لا أن العدم (3) فعل شيئا، بل هو ملزوم له، وإذا فسرت العلة هنا بالملزوم، وكان النزاع لفظيا، ولم يكن لهم فيه حجة.
وقولنا:
ذاته استلزمت وجوده، أو استلزمت عدمه (4) لا ينبغي أن يفهم منه أن في الخارج شيئا كان ملزوما لغيره، فإن الممتنع ليس بشيء أصلا في الخارج باتفاق العقلاء، ولكن حقيقة الأمر أن نفسه هي اللازم، والملزوم إما الوجود وإما العدم (5) ، فعدم الممتنع ملزوم عدمه، ووجود الواجب ملزوم وجوده، وأما الممكن فليس له من نفسه وجود ولا عدم ملزوم [لوجود] (6) ولا عدم، بل إن حصل ما يوجده، وإلا بقي معدوما.[الوجه] (7) الرابع: أن يقال: إذا كان كل ممكن لا يعدم إلا بعلة
(1) في (ن) فقط: عنه، والتصويب من (م) .
(2) (1 - 1) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(3) ن: لأن العدم ; م: لأن المعدوم.
(4) ن، م: واستلزمت.
(5) ن، م، أ: والملزوم إما للوجود وإما للعدم. والمثبت من (ب) .
(6) لوجود: ساقطة من (ن) فقط.
(7) الوجه: ساقطة من (ن) ، (م) .




ابوالوليد المسلم 10-08-2021 05:54 PM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://i.imgur.com/xOziErR.gif
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (39)
صـ 263 إلى صـ 269

معدومة مؤثرة في عدمه، فتلك العلة المعدومة إن كان عدمها واجبا كان وجودها ممتنعا، فإن المعلول يجب بوجوب علته، ويمتنع بامتناعها، وحينئذ فيكون عدم الممكن علته واجبة، ووجوده ممتنعا، فإن المعلول يجب بوجوب علته، ويمتنع بامتناعها، وحينئذ (1) كل ممكن يقدر إمكانه، فإنه ممتنع،
وهذا فيه من الجمع بين النقيضين ما هو في غاية الاستحالة:
كيفية وكمية.
وإن قيل: عدم علته يفتقر إلى عدم يؤثر في وجودها وعدم ذاك المؤثر لعدم مؤثر فيه، وهلم جرا، فلذلك يستلزم التسلسل الباطل الذي هو أبطل من تسلسل المؤثرات الوجودية.[الوجه] (2) الخامس: [أن يقال] (3) :
إنه لو فرض أن العدم المستمر له علة قديمة، وأن المعلول إذا كان عدما مستمرا كانت علته التي هي عدم مستمر علة أزلية لم يلزم من ذلك أن يكون الموجود المعين الذي يمكن أن يوجد وأن يعدم قديما أزليا، ويكون الفاعل له لم يزل فاعلا له بحيث يكون فاعل الموجودات لم يحدث شيئا قط، فإن قياس الموجود الواجب القديم الأزلي الخالق فاعل الموجودات المخلوقة على العدم المستمر المستلزم لعدم مستمر من أفسد القياس، وهو قياس محض من غير جامع، فكيف يجوز الاحتجاج بمثل هذا التشبيه الفاسد في مثل هذا
(1) (1 - 1) : ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) الوجه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) أن يقال: ساقطة من (ن) ، (م) .
**********************************



الأصل العظيم، ويجعل (1) خلق رب العالمين لمخلوقاته مثل كون العدم علة للعدم (2) .
وهل هذا إلا أفسد من قول الذين ذكر الله عنهم إذ قال: {فكبكبوا فيها هم والغاوون - وجنود إبليس أجمعون - قالوا وهم فيها يختصمون - تالله إن كنا لفي ضلال مبين - إذ نسويكم برب العالمين} [سورة الشعراء: 94 - 98] فإذا كان هذا حال من سوى (3) بينه وبين بعض الموجودات، فكيف بمن سوى بينه وبين العدم المحض.
[البرهان السابع والرد عليه]
قال [الرازي] (4) :
(البرهان السابع: واجب الوجود لذاته يمتنع أن يكون أكثر من واحد، فإذن (5)
صفات واجب الوجود - وهي تلك الأمور الإضافية والسلبية على رأي الحكماء والصفات والأحوال والأحكام على اختلاف آراء المتكلمين في ذلك - ليس شيء منها واجب الثبوت بأعيانها (6) ، بل هي بما (7) هي ممكنة الثبوت في نفسها. (8) واجبة الثبوت نظرا إلى ذات واجب الوجود، فثبت أن التأثير لا يتوقف على سبق العدم وتقدمه.
(1) ن، م: ويجعلون.
(2) ن (فقط) : للمعدوم.
(3) ن: سووا ; م: يسوي.
(4) الرازي: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) ش 1/490، ن، م: فإذن ; أ، ب: فإن.
(6) بأعيانها: كذا في جميع النسخ ; وفي (ش) : لأعيانها.
(7) بما: كذا في (ب) فقط ; وفي (ن) ، (م) ، (أ) ، (ش) : لما. وسترد العبارة مرة أخرى في النسخ الأربع: بما انظر ص 271 ت [0 - 9] .
(8) ش: لما هي (هي) ممكنة الثبوت في (أنفسها) .
****************************
فلئن قالوا: تلك الصفات والأحكام ليست من قبيل الأفعال، ونحن إنما نوجب (1) سبق العدم في الأفعال،
فنقول:
إن مثل هذه المسائل العظيمة لا يمكن التعويل فيها على مجرد الألفاظ، فهب أن ما لا يتقدمه العدم لا يسمى فعلا لكن ثبت أن ما هو ممكن الثبوت لما هو هو يجوز استناده إلى مؤثر يكون دائم الثبوت مع الأثر، وإذا كان ذلك معقولا لا يمكن دعوى الامتناع فيه في بعض المواضع، اللهم إلا أن يمتنع صاحبه عن إطلاق لفظ الفعل، وذلك مما لا يعود إلى فائدة عظيمة) (2) .
فيقال: الجواب (3) عن هذه الحجة من وجوه:
أحدها: أن قوله: (واجب الوجود لذاته يمتنع أن يكون أكثر من واحد) [إن] (4) أريد به يمتنع أن يكون أكثر من إله واحد أو رب واحد أو خالق واحد أو معبود واحد، أو حي واحد أو قيوم واحد أو صمد واحد أو قائم بنفسه واحد، ونحو ذلك، فهذا صحيح.لكن لا يستلزم ذلك أن لا يكون له صفات من لوازم ذاته يمتنع تحقق ذاته بدونها، وأن لا يكون.
(5) واجب الوجود هو تلك الذات المستلزمة لتلك الصفات، والمراد بكونه واجب الوجود أنه موجود بنفسه يمتنع عليه العدم بوجه من الوجوه ليس له فاعل، ولا ما يسمى علة فاعلة ألبتة، وعلى هذا فصفاته داخلة في مسمى اسمه ليست ممكنة الثبوت، فإنها

(1) ش (ص [0 - 9] 91) : نقول بوجوب.
(2) نقل ابن تيمية البرهان السابع بنصه (1/490 - 491) فيما عدا الاختلافات المشار إليها.
(3) ن، م: عظيمة والجواب.
(4) أن: ساقطة من (ن) فقط.
(5) ن، م، أ: وأن يكون. والمثبت من (ب) .
********************************


ليست ممكنة يمكن أن توجد ويمكن أن تعدم (1) ولا تفتقر إلى فاعل يفعلها ولا علة فاعلة، بل هي من لوازم الذات التي هي بصفاتها اللازمة لها واجبة الوجود، فدعوى المدعي أن الصفات اللازمة ممكنة الثبوت تقبل الوجود والعدم كدعواه أن الذات الملزومة تقبل الوجود والعدم،
وإن أراد بقوله: واجب الوجود واحد، أن (2) واجب الوجود هو ذات مجردة عن صفات كان هذا ممنوعا، ولم يذكر عليه دليلا.
الوجه الثاني:
أن يقال: دعوى المدعي أن واجب الوجود هو الذات دون صفاتها، وأن صفاتها هي ممكنة الوجود إن أراد بواجب الوجود أنه يمتنع عدمه (3) من غير فاعل فعله، فكلاهما يمتنع عدمه من غير فاعل فعله، وإن أراد بواجب الوجود أنه القائم بنفسه الذي لا يفتقر إلى محل كان حقيقة هذا أن الصفات لا بد لها من محل تقوم به بخلاف الذات لكن هذا لا يقتضي أنها ممكنة الثبوت مفتقرة إلى فاعل، وإن أراد بواجب الوجود ما لا يمكن عدمه، وبممكن الوجود ما يمكن وجوده وعدمه، فمعلوم أن الصفات لا يمكن عدمها، كما لا يمكن عدم الذات، فوجوب الوجود يتناولهما، وإن أراد بواجب الوجود ما لا ملازم له لم يكن في الوجود شيء واجب الوجود، لا سيما على قولهم بأنه ملازم لمفعولاته، فلا يكون واجب الوجود.ومن تناقض هؤلاء ومن اتبعهم - كصاحب الكتب المضنون بها:
(1) ن، م: أن توجد وأن تعدم.
(2) ن: وإن.
(3) ب: أن ذاته ; أ: ذاته.
******************************


صاحب (المضنون الكبير) (1) أنهم يفسرون واجب الوجود بأنه ما لا يلازم غيره لينفوا بذلك صفاته اللازمة له ويقولون: لو قلنا إن له صفات لازمة له لم يكن واجب الوجود، ثم يجعلون الأفلاك وغيرها لازمة له أزلا وأبدا،
ويقولون:
إن ذلك لا ينافي كونه واجب الوجود، فأي تناقض أعظم من هذا؟ .
الوجه الثالث:
أن يقال: الواحد المجرد عن جميع الصفات ممتنع الوجود، كما بسط في غير هذا الموضع (2) ، وبين (3) أنه لا بد من ثبوت معان ثبوتية مثل كونه حيا وعالما وقادرا (4) ، وأنه يمتنع أن يكون كل معنى هو الآخر، أو أن تكون تلك المعاني هي الذات، وما كان ممتنع الوجود امتنع أن يكون واجب الوجود، فإذا ما زعم أنه واجب الوجود، فهو ممتنع،
فضلا عن أن يقال:
إنه فاعل لصفاته، كما هو فاعل لمخلوقاته، أو إنه مؤثر،
(1) صاحب الكتب المضنون بها الذي يشير إليه ابن تيمية هو الغزالي، فمن الكتب التي تنسب إليه كتاب " المضنون به على غير أهله " أو " كتاب المضنون الكبير "، وكتاب " المضنون الصغير، الموسوم بالأجوبة الغزالية في المسائل الأخروية " وقد طبعا أكثر من مرة: منها طبعة على هامش الجزء الثاني من كتاب " الإنسان الكامل " للجيلي، الطبعة الثانية، المطبعة الأزهرية، القاهرة سنة 1328 هـ. وقد اختلف الباحثون في حقيقة هذه الكتب المضنون بها على غير أهلها، وفي مدى صحة نسبتها إلى الغزالي، ونشير هنا إلى بحثين في هذا الموضوع الأول ما كتبه الأستاذ سليمان دنيا في كتابه " الحقيقة في نظر الغزالي "، ص [0 - 9] 7 وما بعدها، وانظر خاصة ص 128 - 134، القاهرة 1947 ; والثاني: هو مقالة الأستاذ وات (.) watt في مجلة joumal of the royal asiatic society، london، 1952، pp. 24 - 25 بعنوان the authenicity of the works attributed to al - ghazali.
(2) ن، م: كما قد بسط في موضعه.
(3) أ، ب: ويمكن، وهو خطأ.
(4) ن، م: حيا عالما قادرا.
********************************


ومقتض ومستلزم لمخلوقاته، كما هو مؤثر ومقتض ومستلزم لصفاته.
[الوجه] (1) الرابع: أن يقال: قوله: (وهي تلك الأمور الإضافية والسلبية على رأي الحكماء) إنما هو على رأي نفاة الصفات منهم كأرسطو وأتباعه، وأما أساطين الفلاسفة فهم مثبتون للصفات، كما قد نقلنا أقوالهم في غير هذا الموضع، وكذلك كثير من أئمتهم المتأخرين كأبي البركات وأمثاله.وأيضا فنفاة الصفات منهم كابن سينا وأمثاله متناقضون يجمعون بين نفيها وإثباتها، كما قد بسط [الكلام عليهم.] (2) في غير الموضع، فإن كانوا مثبتيها فهم كسائر المثبتين،
وإن كانوا نفاة قيل لهم:
أما السلب فعدم محض، وأما الإضافة مثل كونه فاعلا أو مبدءا (3) ، فإما أن تكون وجودا أو عدما،
فإن كانت وجودا لأنها من مقولة:
(أن يفعل وأن ينفعل) - وهذه المقولة من جملة الأجناس العالية العشرة التي هي أقسام الموجودات - كانت الإضافة التي يوصف بها وجودا، فكانت صفاته الإضافية وجودية قائمة به، وإن كانت الإضافة (4) عدما محضا فهي داخلة في السلب، فجعل الإضافة قسما ثالثا ليس وجودا ولا عدما خطأ.وحينئذ فإذا (5) لم يثبتوا صفة ثبوتية لم تكن ذاته مستلزمة لشيء (6) من
(1) الوجه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) عبارة " الكلام عليهم ": ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن، م: ومبدءا.
(4) ن، م: الإضافات.
(5) ن، م: إذا.
(6) ن، م: بشيء.
********************************
الصفات إلا أمرا عدميا،
وأما المخلوقات فإنها موجودات:
جواهر، وأعراض، ومعلوم أن اقتضاء الواجب وغير الواجب للعدم المحض ليس كاقتضائه للوجود، وسواء سمي ذلك استلزاما أو إيجابا، أو فعلا أو غير ذلك، فإن وجود الشيء يستلزم عدم ضده، ولا يقول عاقل إنه فاعل لعدم ضده، ووجود الشيء يناقض عدم نفسه، ولا يقول عاقل إن وجوده هو الفاعل لعدم عدمه (1) ، فإن عدم عدمه هو وجوده، ووجوده واجب لا يكون مفعولا ولا معلولا.وأيضا فالعدم المحض إما أن لا يكون له علة، [كما هو] (2) عند جمهور العقلاء،
وإما أن يقال:
علته عدم علة وجوده (3) ، فيجعل علة العدم عدما، ولا يجعل للعدم الممكن علة وجودية، فالعدم الواجب أولى ألا يفتقر إلى علة وجودية،
[فإن العدم الواجب اللازم لذاته عدم واجب، فلا يحتاج إلى علة وجودية] (4) ، فإن العدم الواجب يتصف به الممتنع، والممتنع الذي يمتنع وجوده لا يفتقر إلى علة وجودية، وعدم وجود الرب (5) ممتنع لنفسه، كما أن وجود الرب واجب لنفسه، فلا يكون له علة.
الوجه الخامس:
قوله: (والصفات والأحوال، والأحكام (6) على اختلاف آراء المتكلمين في ذلك) .

(1) أ، ب: هو الفاعل لعدمه.
(2) كما هو: ساقطة من (ن) ، (م) ، (أ) والمثبت من (ب) .
(3) ن، م: علته علة عدم وجوده.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: وعدم (ما يناقض) وجود الرب.
(6) أ، ب: والأحكام والأحوال.
*******************************





ابوالوليد المسلم 10-08-2021 05:55 PM

رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
 
https://i.imgur.com/xOziErR.gif
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (40)
صـ 270 إلى صـ 276

فيقال. له: إثبات الصفات لله هو مذهب جماهير الأمة سلفها وخلفها، وهو مذهب الصحابة والتابعين [لهم بإحسان] (1) ، وأئمة المسلمين المتبعين (2) ، وأهل السنة والجماعة، وسائر طوائف أهل الكلام مثل الهشامية (3) ، والكرامية والكلابية والأشعرية، وغيرهم، وإنما نازع.
(4)
في ذلك الجهمية، وهم عند سلف الأمة وأئمتها، [وجماعتها] (5) من أبعد الناس عن الإيمان بالله ورسوله، ووافقهم المعتزلة ونحوهم ممن هم عند الأمة مشهورون بالابتداع.وأما الأحكام فهي الحكم على الله بأنه حي عالم قادر، وهذا هو الخبر عنه بذلك، وهذا تثبته المعتزلة كلهم (6)
مع سائر المثبتة لكن غلاة الجهمية ينفون أسماءه، ويجعلونها مجازا، فيجعلون الخبر عنه كذلك، وهؤلاء هم من النفاة، وعلى قولهم فالذات لم تقتض شيئا ; لأن كلام المخبرين وحكمهم أمر قائم بهم ليس قائما بذات الرب، وأما من لم يثبت الأحكام (7) كأبي هاشم (8) . . وأتباعه، فهؤلاء يقولون: هي لا موجودة،
(1) لهم بإحسان: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) ن: المثبتين: وسقطت الكلمة من (م) .
(3) والمقصود بهم أتباع هشام بن الحكم وهشام بن سالم الجواليقي، وسبق الكلام عليهم. انظر ص 71 ت 3، 4.
(4) ن، م: ينازع.
(5) وجماعتها: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) ن، م: كلها.
(7) ن، م: الأحوال، وهو خطأ. وقد يكون الصواب: وأما من يثبت الأحوال.
(8) هو أبو هاشم عبد السلام بن أبي علي محمد الجبائي، كان هو وأبوه من كبار معتزلة البصرة، والفرقة التي تنسب إليه هي فرقة " البهشمية " والتي تنسب إلى أبيه هي " الجبائية " وقد توفي سنة 321 هـ. انظر عنه: وفيات الأعيان 2/355 ; تاريخ بغداد 11 - 56 ; ميزان الاعتدال 3/618 ; الخطط للمقريزي 2/348 ; الأعلام 4/130 - 131. وانظر عن البهشمية: الملل والنحل 1/118 - 129 ; الفرق بين الفرق 111 - 119 ; التبصير في الدين 53 - 54



********************************
ولا معدومة (1) ، فلا يجعل ذلك كالموجودات.
بقي الكلام على مثبتة الصفات الذين يقولون: صفاته موجودة قائمة به (2) ، ومخلوقاته موجودة بائنة (3) عنه، فهؤلاء عندهم صفاته واجبة الثبوت يمتنع عليها العدم لا يقال إنها يمكن أن تكون موجودة، ويمكن أن تكون معدومة، كما يقال مثل ذلك في الممكنات التي أبدعها،
ولا يقولون:
إن الصفات لها ذوات ثابتة غير وجودها، وتلك الذوات تقبل الوجود والعدم، كما يقول ذلك من يقوله في الممكنات المفعولة، فتبين أن تمثيل صفاته بمخلوقاته. (4) في غاية الفساد على قول كل طائفة.
الوجه السادس: قوله: (ليس شيء منها واجب الثبوت بأعيانها، بل هي بما هي ممكنة الثبوت في نفسها. (5) واجبة الثبوت نظرا إلى ذات واجب الوجود) كلام ممنوع بل باطل، بل الصفات ملازمة للذات (6) لا يمكن وجود الذات بدون صفاتها اللازمة ولا وجود الصفات اللازمة بدون الذات، وكل منهما لازم للآخر ملزوم له، ودعوى المدعي أن
(1) ب (فقط) : لا معدومة ولا موجودة.
(2) ن: صفاته موجودة قائمة ; أ، ب: صفاته قائمة موجودة به. والمثبت من (م) .
(3) ن، م: ثابتة، وهو خطأ.
(4) ن: لمخلوقاته، وهو خطأ.
(5) ن ; م، أ، ب: بل هي بما هي ممكنة الثبوت في نفسها، وانظر إلى ما سبق أن ذكرناه عند نقل كلام الرازي في البرهان السابع (264 ت 7) .
(6) ن (فقط) : لذات.
*********************************
الذات هي واجبة الوجود دون الصفات ممنوع وباطل،
وهو بمنزلة قول من يقول: (الصفات واجبة الوجود دون الذات لكن الذات واجبة نظرا إلى وجوب الصفات) سواء فسروا. (1) واجب الوجود بالموجود نفسه (2) ، أو بما لا يقبل العدم، أو بما لا فاعل له ولا علة فاعلة أو نحو ذلك، وإنما يفترقان إذا فسر الواجب بالقائم بنفسه، والممكن بالقائم بغيره، ومعلوم أن تفسيره بذلك باطل ووضع محض، وغايته منازعة لفظية لا فائدة فيها.
الوجه السابع: قوله: (فثبت أن التأثير لا يتوقف على سبق العدم) ، فيقال. له (3) : هذا إنما يصح إذا كانت الذات المستلزمة لصفاتها هي المؤثرة في الصفات.وحينئذ فلفظ التأثير إن أريد به الاستلزام فكلاهما مؤثر في الآخر إذ هو مستلزم له، فيلزم أن يكون كل منهما واجبا بنفسه لا ممكنا (4) ، وهو باطل، وإن أريد بلفظ التأثير أن أحدهما أبدع الآخر، أو فعله أو جعله موجودا، ونحو ذلك مما يعقل. (5) في إبداع المصنوعات، فهذا باطل،
فإن عاقلا لا يقول:
إن الموصوف أبدع صفاته اللازمة (6) ، ولا خلقها، ولا صنعها، ولا فعلها، ولا جعلها موجودة، ولا نحو ذلك مما يدل على هذا المعنى.

(1) ن، م: فسر.
(2) ن، م: بنفسه.
(3) له: ساقطة: من (أ) ، (ب) .
(4) ن، م: فيلزم أن يكون كل منهما واجبا بنفسه (لا واجبا بغيره ممكنا) لا ممكنا. إلخ. والصواب ما أثبتناه.
(5) ن (فقط) : مما يفعل، وهو تحريف.
(6) ن (فقط) : الملازمة.
******************************
بل ما يحدث في الحي من الأعراض والصفات بغير اختياره مثل الصحة والمرض والكبر ونحو ذلك لا يقول عاقل إنه فعل ذلك أو أبدعه أو صنعه، فكيف بما يكون من الصفات لازما [له] (1) كحياته ولوازمها، وكذلك لا يقول عاقل هذا في غير الحي مثل الجماد (2) ، والنبات، وغيرهما من الأجسام لا يقول عاقل إن شيئا من ذلك فعل قدره اللازم، وفعل تخيره (3) ، وغير ذلك من صفاته اللازمة (4) ، بل العقلاء كلهم المثبتون للأفعال الطبيعية والإرادية، والذين لا يثبتون إلا الإرادية ليس فيهم من يجعل ما يلزم الذات من صفاتها مفعولا لها لا بالإرادة ولا بالطبع، بل يفرقون بين آثارها الصادرة عنها التي هي أفعال لها ومفعولات، وبين صفاتها اللازمة لها، بل.
(5)
وغير اللازمة.وقد يكون للذات تأثير في حصول بعض صفاتها العارضة، فيضاف ذلك إلى فعلها لحصول ذلك به كحصول العلم بالنظر والاستدلال، وحصول الشبع والري بالأكل والشرب، بخلاف اللازمة، وما يحصل بدون قدرتها وفعلها واختيارها (6) ،
فإن هذا لا يقول عاقل: إنها مؤثرة فيه، وإنه من أثرها، بل يقول إنه لازم لها وصفة لها، وهي مستلزمة له وموصوفة به، وقد يقول إن ذلك مقوم لها ومتمم لها، ونحو ذلك، وهم يسلمون

(1) له: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) أ، ب: الجمادات.
(3) ن، م: خيره، وهو تحريف.
(4) هذه الجملة الأخيرة (لا يقول عاقل. . اللازمة) تحتاج إلى تأمل وأخشى أن يكون في عبارتها نقص أو تحريف.
(5) بل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(6) ن، م: باختيارها.
***********************


أن فاعل الشيء هو فاعل صفاته اللازمة لامتناع فعل الشيء بدون صفاته (1) اللازمة.وأيضا، فالذات مع تجردها عن الصفات يمتنع أن تكون مؤثرة في شيء، فضلا عن أن تكون مؤثرة في صفات نفسها، فإن شرط كونها مؤثرة أن تكون حية عالمة قادرة (2) ، فلو كانت هي المؤثرة في كونها حية عالمة قادرة لكانت مؤثرة بدون اتصافها بهذه الصفات، وهذا مما يعلم امتناعه بصريح العقل، بل صفاتها اللازمة لها أكمل من كل موجود، فإذا امتنع أن يؤثر في شيء من الموجودات بذات مجردة عن هذه الصفات، فكيف يؤثر في هذه الصفات بمجرد هذه الذات (3) .
فتبين أنه ليس هاهنا تأثير بوجه من الوجوه في صفاتها إلا أن يسمي المسمى الاستلزام تأثيرا، كما تقدم،
وحينئذ فيقال له:
مثل هذه المسائل العظيمة لا يمكن التعويل فيها على مجرد الألفاظ، فإن تسميتك لاستلزام (4) الذات المتصفة بصفاتها اللازمة لها تأثيرا لا يوجب أن يجعل هذا كإبداعها لمخلوقاتها، فهب أنك سميت كل استلزام تأثيرا، لكن دعواك بعد هذا أن المخلوق المفعول ملازم لخالقه وفاعله، مما يعلم فساده ببديهة العقل، كما اتفق على ذلك جماهير العقلاء من الأولين والآخرين، وأنت لا تعرف هذا في شيء من الموجودات، لا يعرف قط شيء أبدع شيئا، وهو مقارن له بحيث يكونان متقارنين في الزمان
(1) ن، م: صفاتها، وهو تحريف.
(2) قادرة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) ن، م: فكيف تؤثر (م: يؤثر) في هذه الصفات مجردة هذه الذات.
(4) ن، م: لا تستلزم، وهو تحريف.
********************************
لم يسبق أحدهما الآخر، بل من المعلوم بصريح العقل أن التأثير الذي هو إبداع الشيء وخلقه، وجعله موجودا لا يكون إلا بعد عدمه، وإلا فالموجود الأزلي الذي لم يزل موجودا لا يفتقر قط إلى مبدع خالق يجعله موجودا، ولا يكون ممكنا يقبل الوجود والعدم، بل ما وجب قدمه امتنع عدمه، فلا يمكن أن يقبل العدم.
الوجه الثامن:
أن تسمية تأثير الرب في مخلوقاته فعلا وصنعا وإبداعا وإبداء وخلقا وبرءا (1) ، وأمثال ذلك من العبارات هو مما تواتر عن الأنبياء، بل. (2) ومما اتفق عليه جماهير العقلاء، وذلك من العبارات التي تتداولها الخاصة والعامة تداولا كثيرا، ومثل هذه العبارات لا يجوز أن يكون معناها المراد بها أو الذي وضعت له ما (3) لا يفهمه إلا الخاصة، فإن ذلك يستلزم أن لا يكون جماهير الناس يفهم بعضهم عن بعض ما يعنونه بكلامهم، ومعلوم أن المقصود من الكلام الإفهام.
وأيضا، فلو كان المراد بها غير المفهوم منها لكان الخطاب بها تلبيسا (4) ، وتدليسا وإضلالا.وأيضا، فلو قدر أنهم أرادوا بها خلاف المفهوم لكان ذلك مما يعرفه خواصهم.ومن المعلوم بالاضطرار أن خواص الصحابة وعوامهم كانوا يقرون أن

(1) ب (فقط) : وبدءا.
(2) بل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: كما، وهو خطأ. وسقطت " له " في (أ) .
(4) ن، م: تلبيسات.
***********************************
الله خالق كل شيء، [ومليكه] (1) ، وأن الله خلق السماوات والأرض في ستة أيام، وأنه خلق السماوات والأرض، وما بينهما، فحدثت [هذه] (2) المخلوقات بعد أن لم تكن.وإذا كان كذلك حصل لنا علم بمراد الأنبياء وجماهير العقلاء بهذه العبارات، واستفدنا بذلك (3) أن من قصد بها غير هذا المعنى لم يكن موافقا لهم في المراد بها، فإذا ادعى أن مرادهم هو مراده في كونها ملازمة للرب أزلا وأبدا، علم أنه كاذب على الأنبياء وجماهير (4) العقلاء كذبا صريحا.كما يصنعون مثل ذلك في لفظ (الإحداث) ، فإن الإحداث معناه معقول عند الخاصة والعامة، وهو مما تواتر معناه في اللغات كلها، وهؤلاء جعلوا لهم وضعا (5) مبتدعا،
فقالوا:
الحدوث يقال: على وجهين: أحدهما: زماني، ومعناه حصول الشيء بعد أن لم يكن له وجود في زمان سابق،
والثاني:
أن لا يكون الشيء مستندا إلى ذاته (6) ، بل إلى غيره سواء كان ذلك الاستناد مخصوصا بزمان معين، أو كان مستمرا في [كل] (7) الزمان قالوا: وهذا هو الحدوث (8) الذاتي.

(1) ومليكه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) هذه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: ومستندنا لذلك.
(4) ن، م: وجمهور
(5) ن: لفظا ; م: وصفا.
(6) ب: أن لا يكون للشيء مستند إلى ذاته ; أ: أن لا يكون للشيء مستندا إلى ذاته.
(7) كل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) ن، م: الحادث.
***********************************





الساعة الآن : 11:03 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 582.64 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 580.87 كيلو بايت... تم توفير 1.77 كيلو بايت...بمعدل (0.30%)]