ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=91)
-   -   شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=194121)

ابوالوليد المسلم 02-09-2022 08:45 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الإيمان والنذور

(474)

- (باب الحلف بعزة الله) إلى (باب الحلف بالكعبة)




من تعظيم الله تعالى وتوحيده الحلف بأسمائه وصفاته كصفة العزة، وأما الحلف بغيره كالحلف بالآباء والأمهات والكعبة، أو بملة من الملل كاليهودية والنصرانية فهذا مما ينافي هذا التعظيم، فيجب تجنبه.
الحلف بعزة الله تعالى

شرح حديث: (لما خلق الله الجنة والنار أرسل جبريل عليه السلام إلى الجنة ... وعزتك لا يسمع بها أحد إلا أدخلها...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [الحلف بعزة الله تعالى أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أنبأنا الفضل بن موسى حدثني محمد بن عمرو قال حدثنا أبو سلمة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لما خلق الله الجنة والنار أرسل جبريل عليه السلام إلى الجنة فقال: انظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها، فنظر إليها فرجع فقال: وعزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها، فأمر بها فحفت بالمكاره، فقال: اذهب إليها فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها، فنظر إليها فإذا هي قد حفت بالمكاره، فقال: وعزتك لقد خشيت أن لا يدخلها أحد، قال: اذهب فانظر إلى النار وإلى ما أعددت لأهلها فيها، فنظر إليها فإذا هي يركب بعضها بعضاً، فرجع فقال: وعزتك لا يدخلها أحد، فأمر بها فحفت بالشهوات، فقال: ارجع فانظر إليها فنظر إليها فإذا هي قد حفت بالشهوات فرجع، وقال: وعزتك لقد خشيت أن لا ينجو منها أحد إلا دخلها )].
أورد النسائي: الحلف بعزة الله، والعزة هي صفة من صفات الله عز وجل، وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم الاستعاذة بعزة الله: (أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر).
وجاء في هذا الحديث الذي يحكيه عن جبريل أنه أقسم بعزة الله، فقال: وعزتك، يخاطب الله عز وجل.
أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: (أن الله عز وجل لما خلق الجنة والنار قال لجبريل: اذهب إلى الجنة وانظر إلى ما أعددت لأهلها فيها، فذهب إليها ورجع وقال: وعزتك! لا يسمع بها أحد إلا دخلها) ما دام أنها على هذا الوصف كل يطمع فيها، وكل يحرص عليها ولا يبقى أحد إلا وقد دخلها، فأمر بها فحفت بالمكاره.
ثم قال له: (ارجع إليها وانظر إلى ما أعددت لأهلها فيها، فقال: وعزتك! لقد خشيت أن لا يدخلها أحد) يعني: أنها بعدما حفت بالمكاره وصار العمل الموصل إليها شاقاً ويحتاج إلى صبر ومجاهدة النفوس، فإن الوصول إليها ليس بالهين، ولهذا يحتاج من يكون من أهلها إلى أن يصبر على الطاعات ولو شقت على النفوس، ويصبر عن المعاصي ولو مالت إليها النفوس.
ثم إنه قال له: (اذهب إلى النار وانظر إلى ما أعددت لأهلها فيها)، فذهب وإذا بعضها يركب بعضاً من شدة هولها وعظيم ضررها وخطرها، ثم رجع وقال: (وعزتك! لا يدخلها أحد) يعني: لشدتها ونفرة الناس منها وعظم شأنها، ثم أمر بها فحفت بالشهوات فقال: (اذهب إليها وانظر إلى ما أعددت لأهلها فيها، فذهب وقال: وعزتك لا ينجو منها أحد إلا دخلها) يعني: بسبب الشهوات التي تستميل الناس ويتجهون إليها ولا يفكرون في العواقب فينتهي بهم الأمر إلى أن يقعوا في الهاوية، ولهذا جاء في بعض الأحاديث الثابتة في الصحيحين: (حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات)، وجاء: (حجبت الجنة بالمكاره، وحجبت النار بالشهوات) يعني: أن الطريق الموصل إلى الجنة فيه مشقة، ويحتاج إلى صبر، ويحتاج إلى احتساب الأجر عند الله عز وجل، وأن الإنسان يجاهد نفسه.
فمن أمثلة ذلك: كون الإنسان في الشتاء مثلاً مستغرقاً في النوم، وطاب له الفراش، وفي مكان دافئ، وتحت غطاء، ولا يحس بشيء من البرد مع أن البرد موجود خارج المنزل لكنه في مكان دافئ، فيسمع: (حي على الصلاة، حي على الفلاح، الصلاة خير من النوم) فيهب من هذا الذي هو مرتاح إليه، ويعلم أن ما يدعى إليه خير مما هو متلذذ فيه؛ لأن قول المؤذن: (الصلاة خير من النوم) يعني: هذا النوم الذي أنت مطمئن إليه ومرتاح فيه ومنشرح الصدر وهادئ البال في كنفه، هذا الذي تدعى إليه خير من الذي أنت فيه، (الصلاة خير من النوم)، يهب من فراشه ويقوم ويتوضأ وقد يكون الماء بارداً فيصبر على البرودة، ثم يذهب إلى المسجد وفيه الهواء القارس ويصلي.
فهذه من الأمور التي حفت بها الجنة، فالوصول إليها يحتاج إلى صبر على طاعة الله ولو شقت على النفوس، وإلى صبر عن معاصي الله ولو مالت إليها النفوس؛ فكون الإنسان يصبر والعاقبة طيبة وينتهي إلى خير، فهذا هو شأن العاقل الناصح لنفسه، أما إنسان تحدثه نفسه الأمارة بالسوء بأن يقدم على شيء تميل إليه نفسه، ولكن العاقبة وخيمة تفضي إلى الحسرة والندامة والعذاب، فهذا ليس شأن من يكون عاقلاً، ومن يكون ناصحاً لنفسه، ومن يريد الخير لها، فالجنة حفت بالمكاره، وليس الطريق إليها مفروشاً بالورود والرياحين، وإنما فيه التعب والنصب، وما دام أن العاقبة حميدة فعلى الإنسان أن يصبر على تلك الطريق الموصلة إلى هذه الغاية الطيبة، ولو كان هناك مشقة.
أما إرخاء العنان للنفس وتمكينها من ملذاتها من ما حل وحرم، وكون الإنسان لا يبالي في الإقدام على ما تميل إليه نفسه وهو محرم، ثم لا يفكر في العواقب، ويوصله الأمر إلى أن يقع في النار، وإلى أن يتعرض لعذاب الله وسخطه ومقته، فهذا ليس شأن من عنده العقل والإدراك والنصح لنفسه.
فهذا حديث عظيم، وهو من أحاديث الترغيب والترهيب، الترغيب بالجنة والصبر على ما يوصل إليها، والتحذير من النار والصبر عن الملذات والشهوات التي تفضي إليها والتي حفت بها.
وفي الحديث أيضاً دليل على وجود الجنة والنار؛ لأنه لما خلق الجنة قال لجبريل: (اذهب إليها وانظر إلى ما أعددت لأهلها فيها).
والأحاديث كثيرة في أن الجنة موجودة وأن النار موجودة، وأن الجنة قد هيئت لأولياء الله، والنار هيئت لأعداء الله، وهذه أعدت للمتقين، وهذه أعدت للكافرين، فهما موجودتان الآن، ولكن لا يعني أنه قد تكامل خلقهما، بل الله عز وجل ينشئ ويوجد فيهما ما يوجده، ولكن الوجود للجنة والنار قد حصل، والنبي صلى الله عليه وسلم، لما صلى بالناس الكسوف عرضت عليه الجنة والنار، ورأى عناقيد العنب متدلية، ورأى النار يحطم بعضها بعضاً، وأقدم ليأخذ عنقوداً من العنب وترك، ليبقى الناس على الإيمان بالغيب، ويتميز من يؤمن بالغيب ومن لا يؤمن بالغيب، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (لو أخذت منه أي: عنقود العنب، لأكلتم ما بقيت الدنيا)، ولما رأى النار تكأكأ ورجع القهقرى، وأخبر أصحابه بذلك.
والحديث الذي معنا يدل على وجود الجنة وعلى وجود النار، وأن الإنسان عليه أن يحرص على أن يكون مهيئاً نفسه ومستعداً بالأعمال الصالحة لأن يكون من أهل الجنة، وأن يحذر أن يفعل الأمور التي حفت بها النار وإن كانت تميل إليها النفوس، فلا يعرض نفسه للوقوع فيها؛ لأن المشقة التي يعقبها سرور ونعيم دائم يصبر الإنسان عليها؛ لأن الغاية حميدة، واللذة التي تعقبها الحسرة والعذاب شأن العاقل أن يكون حذراً منها وأن يكون يقظاً، بعيداً من أن يعرض نفسه لذلك.
والإنسان يحرص على طريق الخير ولو قل سالكوها، ولا يغتر بطريق الباطل ولو كثر سالكوها؛ لأنه كما قال الحسن البصري رحمه الله: ليس العجب ممن هلك كيف هلك، إنما العجب ممن نجا كيف نجا؛ لأن الهالكين هم الكثير، والناجين هم القليل، والإنسان يحرص على أن يكون من القليل الناجي ويحذر أن يكون من الكثير الهالك.

تراجم رجال إسناد حديث: (لما خلق الله الجنة والنار أرسل جبريل عليه السلام إلى الجنة ... وعزتك لا يسمع بها أحد إلا أدخلها...)


قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي المروزي ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن الفضل بن موسى].
هو الفضل بن موسى المروزي، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن عمرو].
هو محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي، صدوق له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سلمة].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني ثقة، فقيه من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم.
[عن أبي هريرة].
هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عنه صلى الله عليه وسلم، بل هو أكثر السبعة حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.


التشديد في الحلف بغير الله تعالى

شرح حديث: (من كان حالفاً فلا يحلف إلا بالله...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [التشديد في الحلف بغير الله تعالى.أخبرنا علي بن حجر عن إسماعيل وهو ابن جعفر حدثنا عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من كان حالفاً فلا يحلف إلا بالله، وكانت قريش تحلف بآبائها فقال: لا تحلفوا بآبائكم)].
ثم ذكر التشديد في الحلف بغير الله، يعني: أن الواجب هو الحلف بالله عند الإقسام، لا يجوز الحلف بغير الله، وأورد حديث ابن عمر: (من كان حالفاً فلا يحلف إلا بالله)، أي: إذا كان لا بد من الحلف؛ لأن قوله: (من كان حالفاً) يشعر بأن الحلف ما ينبغي الإقدام عليه بتهاون وبتساهل، بل من كان حالفاً فلا يحلف إلا بالله، أي: عليه أن تكون حلفه مقصورة بالله عز وجل، وليس معنى ذلك أنها بلفظ الله، وإنما المقصود بالله عز وجل وبأسمائه وصفاته، والمقصود من ذلك أن لا يحلف بغير الله، وإذا حلف بالله أو حلف باسم من أسمائه أو بصفة من صفاته فهو حلف به سبحانه وتعالى، وإذا كانت بعزة الله، وجلال الله، وكبرياء الله، وعظمة الله، وحياة الله وغير ذلك من صفات الله، أو بالرحمن، والرحيم، والسميع، والبصير، والرحيم، والغفور، والودود وما إلى ذلك، فهو كله حلف بالله عز وجل ليس بغيره؛ لأن الله تعالى بذاته وصفاته الله تعالى هو الخالق ومن سواه مخلوق، فالحلف يكون بالخالق ولا يكون بالمخلوق، فهذا فيه قصر يعني: قصر الحلف على أن يكون بالله وحده ولا يكون بغيره.
(وكانت قريش تحلف بآبائها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تحلفوا بآبائكم) مع أنه عمم بأن الحلف لا يكون إلا بالله، ونص على النهي عن الحلف بالآباء؛ لأنهم كانوا يحلفون بالآباء، فجاء التنصيص بذكر الآباء لبيان الشيء الذي اعتادوه، ليتركوا هذه العادة السيئة وهي الحلف بآبائهم، فلم يرد ذكر الآباء لغير غرض، بل هو لغرض، وهو أنهم كانوا يحلفون بآبائهم، هذا هو السر الذي جعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تحلفوا بآبائكم) مع أنه عمم في الحكم بقوله: (من كان حالفاً فلا يحلف إلا بالله)، ومع ذلك نص على بعض أفراد العام فقال: (لا تحلفوا بآبائكم) مع أنه لا يحلف لا بالآباء، ولا الأمهات، ولا الملائكة، ولا الإنس، ولا الجن، ولا الرسل، ولا الكعبة، ولا أي مخلوق من مخلوقات الله عز وجل، فالحلف لا يكون إلا بالله عز وجل ولا يكون بغيره.

تراجم رجال إسناد حديث: (من كان حالفاً فلا يحلف إلا بالله...)


قوله: [أخبرنا علي بن حجر].هو علي بن حجر بن إياس السعدي المروزي، ثقة أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[عن إسماعيل].
هو ابن جعفر، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن دينار].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر].
وقد مر ذكره.

حديث: (إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم) وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني زياد بن أيوب حدثنا ابن علية حدثنا يحيى بن أبي إسحاق حدثنا رجل من بني غفار في مجلس سالم بن عبد الله قال سالم بن عبد الله: سمعت عبد الله يعني ابن عمر رضي الله عنهما وهو يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم)].ثم أورد النسائي حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم)، وقد عرفنا السر في ذلك في الحديث الذي قبل هذا، وهو أن قريشاً كانت تحلف بآبائها فنهى النبي صلى الله عليه وسلم، عن الحلف بالآباء.
قوله: [أخبرني زياد بن أيوب].
ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن ابن علية].
هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، مشهور بـابن علية.
[عن يحيى بن أبي إسحاق].
صدوق ربما أخطأ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن رجل من بني غفار].
عن رجل من بني غفار لا أدري من هو.
[عن سالم بن عبد الله].
وقد مر ذكره.
[عن عبد الله].
وقد مر ذكره،
لكن كون الحديث فيه رجل مجهول لا يؤثر؛ لأن الحديث جاء من طرق كثيرة عن ابن عمر، وهو ثابت عنه بالأسانيد المتصلة، وبالثقات المعروفين المشهورين، فوجود رجل مبهم في إسناده لا يؤثر على صحته؛ لأنه ما جاء من هذه الطريق وحدها، بل جاء من طرق كثيرة.


الحلف بالآباء

شرح حديث: (إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم...) من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله تعالى: [الحلف بالآباء.أخبرنا عبيد الله بن سعيد وقتيبة بن سعيد واللفظ له قالا: حدثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه رضي الله عنه: (أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، عمر مرة وهو يقول: وأبي وأبي، فقال: إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فو الله ما حلفت بها بعد ذاكراً ولا آثراً)].
ثم أورد النسائي حديث ابن عمر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع عمر وهو يقول: وأبي وأبي)، أي: يحلف بأبيه على ما كانوا اعتادوه، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تحلفوا بآبائكم) وهذا هو السبب في كون النبي ينص على الآباء؛ لأنه لما سمع من يحلف بأبيه قال: (لا تحلفوا بآبائكم)، وكان هذا من عادة العرب أن يحلفوا بآبائهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم، جاء عنه قوله: (لا تحلفوا بآبائكم) أي: أن الحلف لا يكون إلا بالله، هذا الذي أنتم اعتدتموه لا تفعلوه، بل اتركوه، ثم قال: (فوالله ما حلفت بعد ذلك ذاكراً ولا آثراً) وهذا مشهور عن عمر في الروايات الآتية، فيكون هذا الكلام مأثوراً عن عمر، ونقله عبد الله بن عمر عن أبيه أن عمر رضي الله عنه من حين سمع النبي صلى الله عليه وسلم ينهاه وقال له: (لا تحلفوا بآبائكم) أنه ترك ذلك، وقال: إنه ما كان يفعله أي: ما كان يحلف لا ذاكراً ولا آثراً، يعني: لا فاعلاً ذلك من نفسه ابتداءً بأن يقول: وأبي، ولا أن يحكي أيضاً عن واحد حلف بأبيه فقال: قال فلان: وأبي، والمقصود:أنه ما جرى على لسانه الحلف بالآباء، لا ذاكراً، ولا آثراً.
وليس المقصود من قوله: (ما حلفت بذلك ذاكراً ولا آثراً) بأن الذي يحكي حلف غيره يكون حالفاً، بل الذي يحكي حلف غيره لا يكون حالفاً، إذا قلت: قال فلان والله كذا، ما كنت أنا حلفت وإنما حكيت حلفه.
وهذا يدلنا على ما كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم وأرضاهم من الاستسلام والانقياد لاتباع السنن، وأنهم إذا بلغتهم السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أخذوا بها وتركوا الشيء الذي نهاهم عنه؛ لأن عمر رضي الله عنه لما حصل النهي وكان قبل ذلك يقول: وأبي وأبي يكرر، لما سمع النهي أعرض وأمسك، ولم يفعل ذلك في مستقبل حياته لا مبتدئاً الحلف، ولا عازياً الحلف إلى غيره.

تراجم رجال إسناد حديث: (إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم...) من طريق ثانية


قوله: [أخبرنا عبيد الله بن سعيد وقتيبة بن سعيد].عبيد الله بن سعيد السرخسي اليشكري ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والنسائي.
وقتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان].
هو ابن عيينة المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري عن سالم عن أبيه].
وقد مر ذكرهم.

يتبع



ابوالوليد المسلم 02-09-2022 08:45 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
حديث: (إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم...) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد وسعيد بن عبد الرحمن واللفظ له قالا حدثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه عن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، قال عمر: فو الله ما حلفت بها بعد ذاكراً ولا آثراً)]. فيه بيان أن عمر رضي الله عنه التزم واستسلم وانقاد، وهو مثلما تقدم.
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد وسعيد بن عبد الرحمن].
محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ المكي ثقة، أخرج حديثه النسائي، وابن ماجه.
وسعيد بن عبد الرحمن بن حسان، ثقة أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[عن سفيان].
سفيان بن عيينة المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري عن سالم عن أبيه].
الزهري عن سالم عن أبيه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمير المؤمنين، وثاني الخلفاء الراشدين الهاديين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة رضي الله تعالى عنه وأرضاه.

حديث: (إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم...) من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن عثمان بن سعيد حدثنا محمد وهو ابن حرب عن الزبيدي عن الزهري عن سالم عن أبيه أنه أخبره عن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، قال عمر: فو الله ما حلفت بها بعد ذاكراً ولا آثراً)].ثم أورد النسائي حديث عمر من طريق أخرى وهو مثلما تقدم.
قوله: [أخبرنا عمرو بن عثمان بن سعيد].
هو عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن محمد وهو ابن حرب].
هو ابن حرب الحمصي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الزبيدي].
هو محمد بن الوليد الزبيدي الحمصي، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[عن الزهري عن سالم عن أبيه عن عمر].
وقد مر ذكر هؤلاء الأربعة.


الحلف بالأمهات

شرح حديث: (لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [الحلف بالأمهات.أخبرنا أبو بكر بن علي حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا عوف عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد، ولا تحلفوا إلا بالله، ولا تحلفوا إلا وأنتم صادقون)].
أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الحلف بالأمهات، والمقصود: أنه كما يمنع الحلف بالآباء كذلك يمنع الحلف بالأمهات، وإنما ذكر الآباء والأمهات؛ لأنهم أقرب الناس للإنسان، ولقوة صلتهم بهم، ولأنهم سبب وجودهم، ولتمكنهم منهم، فكانوا يحلفون بآبائهم وهذه عادة قريش كما جاء في الحديث، فنهوا عن الحلف بالآباء والأمهات، وحديث أبي هريرة رضي الله عنه فيه النهي عن الحلف بالآباء والأمهات.
قال:(لا تحلفوا بالآباء ولا الأمهات ولا بالأنداد) الأنداد: هي الأصنام التي كانوا يحلفون بها في الجاهلية، فيقول: واللات والعزى، غير ذلك من الأصنام التي كانوا يعظمونها ويحلفون بها، ومن المعلوم أنهم لما دخلوا في الإسلام منعوا، وجاء التنصيص على الأشياء التي كانت موجودة عندهم، والتي كانوا ألفوها واعتادوها.
(ولا تحلفوا إلا بالله) لما ذكر النهي عن الأمور الثلاثة أتى بجملة تشملها وتشمل غيرها، قال: (لا تحلفوا إلا بالله) أي: الثلاثة التي هي الآباء والأمهات والأصنام وغيرها كلها لا يحلف به، بل الحلف يجب أن يكون مقصوراً على الله وحده لا شريك له، (ولا تحلفوا إلا بالله)، وإذا حلفتم بالله (لا تحلفوا إلا وأنتم صادقون)، أيضاً الحلف إذا حصل بالله لا يكون على كذب، بل يكون على صدق، فهو فيه قصر الحلف على أن يكون بالله، وقصر الحلف بالله على أن يكون بالصدق، لا بالكذب.
والحلف بغير الله عز وجل شرك، والحلف بالله عز وجل توحيد، وقد جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (لأن أحلف بالله كاذباً، أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقاً)؛ لأن الحلف بالله توحيد، وكونه يكذب، فالكذب معصية، والحلف بغير الله شرك، والشرك يجب الحذر منه، وكونه حلف بغير الله وهو صادق، أي: الصدق وإن كان مطلوباً إلا أن المطلوب هو ترك الشرك والابتعاد عنه، فالحلف بالله وإن كان الإنسان كاذباً، أهون من الحلف بغير الله صادقاً؛ لأن حسنة التوحيد وإن كان فيها معصية الكذب، أهون من سيئة الشرك وإن كان فيها طاعة الصدق.

تراجم رجال إسناد حديث: (لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم...)


قوله: [أخبرنا أبو بكر بن علي].هو أحمد بن علي المروزي ثقة، أخرج له النسائي وحده.
[عن عبيد الله بن معاذ].
هو عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري، ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[عن أبيه].
هو معاذ بن معاذ العنبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عوف].
هو عوف بن أبي جميلة الأعرابي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن سيرين].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
وقد مر ذكره.


الحلف بملة سوى الإسلام

شرح حديث: (من حلف بملة سوى الإسلام كاذباً فهو كما قال...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [الحلف بملة سوى الإسلامأخبرنا قتيبة حدثنا ابن أبي عدي عن خالد ح وأخبرنا محمد بن عبد الله بن بزيع حدثنا يزيد حدثنا خالد عن أبي قلابة عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من حلف بملة سوى الإسلام كاذباً فهو كما قال. قال قتيبة في حديثه: متعمداً. وقال يزيد: كاذباً فهو كما قال، ومن قتل نفسه بشيء عذبه الله به في نار جهنم)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الحلف بملة سوى الإسلام، يعني: أنه أكد الشيء بانتسابه إلى دين غير دين الإسلام بأن قال: هو يهودي إن فعل كذا وكذا، أو نصراني إن فعل كذا وكذا، أو ما إلى ذلك، أي: أن معناه يعظم الشيء بانتسابه إلى ذلك الدين، وإضافة نفسه إلى ذلك الدين.
أورد النسائي حديث ثابت بن الضحاك رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من حلف بملة سوى الإسلام كاذباً فهو كما قال) يعني: أنه يكون من أهل ذلك الدين، وهذا فيه تفصيل لأهل العلم، يقول: (من حلف بملة سوى الإسلام) أي: راضياً معظماً لهذا الدين ومستحسناً له، فإنه كما قال، أما إذا كان لا يقصد ذلك وإنما قصد استبعاد أن يحصل منه ذلك الشيء الذي أراده، فإنه لا يكون كافراً بذلك، لكن لا يجوز له أن يأتي بهذه الألفاظ الخبيثة والقبيحة التي هي كونه يحلف بملة سوى الإسلام، ويضيف نفسه إلى ملة سوى الإسلام.
(ومن قتل نفسه بشيء عذبه الله تعالى به يوم القيامة) من قتل نفسه بسم، فإنه يتحساه في نار جهنم، ومن رمى نفسه من شاهق، فإنه يهوي في جهنم، وجاء في بعض الأحاديث ما يدل على ذلك وأنه يعذب بذلك الشيء الذي قتل نفسه به يوم القيامة.

تراجم رجال إسناد حديث: (من حلف بملة سوى الإسلام كاذباً فهو كما قال...)


قوله: [أخبرنا قتيبة عن ابن أبي عدي].مر ذكره.
[عن ابن أبي عدي].
هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن خالد].
هو خالد بن مهران الحذاء ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وإنما لقب الحذاء؛ لأنه كان يجالس الحذائين، وليس منسوباً إلى بيع الأحذية ولا صناعتها، ولكن كان يأتي إلى الحذائين ويجلس عندهم، فقيل له: الحذاء، وهي مما يقولون عنه: نسبة إلى غير ما يسبق إلى الذهن، والذي يسبق إلى الذهن أن الحذاء هو الأحذية الذي يصنع.
[ح وأخبرنا محمد بن عبد الله بن بزيع].
ثم أتى بـ(ح) وهي تحول من إسناد إلى إسناد، فقال:ح وأخبرنا محمد بن عبد الله بن بزيع وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، والترمذي، والنسائي.
[عن يزيد].
هو ابن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن خالد].
هو خالد الحذاء وقد مر ذكره.
[عن أبي قلابة].
هو عبد الله بن زيد الجرمي، ثقة كثير الإرسال، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ثابت بن الضحاك].
رضي الله عنه وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

حديث: (من حلف بملة سوى الإسلام كاذباً فهو كما قال...) من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني محمود بن خالد حدثنا الوليد حدثنا أبو عمرو عن يحيى أنه حدثه قال: حدثني أبو قلابة قال: حدثني ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من حلف بملة سوى الإسلام كاذباً فهو كما قال، ومن قتل نفسه بشيء عذب به في الآخرة)].أورد النسائي حديث ثابت بن الضحاك من طريق أخرى، وهو مثلما تقدم.
قوله: [أخبرني محمود بن خالد].
هو محمود بن خالد الدمشقي ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن الوليد].
هو الوليد بن مسلم ثقة، كثير التدليس والتسوية، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي عمرو].
هو أبو عمرو الأوزاعي عبد الرحمن بن عمرو، ثقة، فقيه الشام ومحدثها، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى].
هو يحيى بن أبي كثير اليمامي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي قلابة عن ثابت بن الضحاك].
وقد مر ذكرهما.


الحلف بالبراءة من الإسلام

شرح حديث: (من قال: إني بريء من الإسلام فإن كان كاذباً فهو كما قال...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [الحلف بالبراءة من الإسلام.أخبرنا الحسين بن حريث حدثنا الفضل بن موسى عن حسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قال: إني بريء من الإسلام، فإن كان كاذباً فهو كما قال، وإن كان صادقاً لم يعد إلى الإسلام سالماً)].
أورد النسائي: الحلف بالبراءة من الإسلام، أورد النسائي فيه حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(من قال: إني بريء من الإسلام فإن كان كاذباً..).
لما ذكر النسائي في الترجمة السابقة: الحلف بملة سوى الإسلام يعني كون الإنسان يضيف نفسه إلى دين غير دين الإسلام إن حصل كذا وكذا، ذكر هنا عكس ذلك وهو: أنه ينص على براءته من الإسلام، أي: أنه يقول في حلفه: أنا بريء من الإسلام إن حصل كذا وكذا، قال: (فإن كان كاذباً فهو كما قال) يعني: مثلما تقدم.
(وإن كان صادقاً لم يعد إلى الإسلام سالماً) يعني أنه لا بد له من نقص وخلل إذا عاد.

تراجم رجال إسناد حديث: (من قال: إني بريء من الإسلام فإن كان كاذباً فهو كما قال...)


قوله: [أخبرنا الحسين بن حريث].هو الحسين بن حريث المروزي ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن الفضل بن موسى عن حسين بن واقد].
الفضل بن موسى مر ذكره، والحسين بن واقد المروزي ثقة له أوهام، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عبد الله بن بريدة].
هو عبد الله بن بريدة بن الحصيب المروزي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه]
هو بريدة بن الحصيب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.


الحلف بالكعبة

شرح حديث: (... فأمرهم النبي إن أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [الحلف بالكعبة.أخبرنا يوسف بن عيسى حدثنا الفضل بن موسى حدثنا مسعر عن معبد بن خالد عن عبد الله بن يسار عن قتيلة امرأة من جهينة رضي الله عنها: (أن يهودياً أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إنكم تنددون وإنكم تشركون، تقولون: ما شاء الله وشئت وتقولون: والكعبة، فأمرهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة، ويقولون: ما شاء الله ثم شئت)].
ثم أورد النسائي: الحلف بالكعبة، أي: أنه لا يجوز؛ لأنها مخلوقة، والحلف بالمخلوق لا يجوز، لكن الإنسان الذي عود نفسه أن يحلف بمخلوق وله تعظيم، فعليه أن يضيف إليه كلمة رب قبل ذلك المخلوق فالإنسان إذا كان يحلف بالكعبة يأتي بكلمة رب قبل الكعبة ويقول: ورب الكعبة، وكذلك إذا كان يحلف بالنبي يقول: ورب النبي.
أورد النسائي حديث قتيلة الجهنية أن يهودياً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (إنكم تنددون) أي: تجعلون لله أنداداً، (وتشركون، تقولون: ما شاء الله وشئت، وتقولون: والكعبة)، تقولون: ما شاء الله وشئت فيجمعون بين مشيئة الله ومشيئة غيره، ويحلفون بغير الله عز وجل، يحلفون بالكعبة، قال: إنكم تنددون وتشركون، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم، أن يقولوا: ما شاء الله ثم شئت، بأن يأتوا بكلمة (ثم) التي تدل على عدم التماثل والتساوي، وأن مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله عز وجل، وكذلك أيضاً يأتون برب قبل الكعبة فيقولون: ورب الكعبة بدل والكعبة.

تراجم رجال إسناد حديث: (... فأمرهم النبي إن أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة...)


قوله: [أخبرنا يوسف بن عيسى].هو المروزي، ثقة، أخرج له البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[عن الفضل بن موسى].
مر ذكره.
[مسعر بن كدام]
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن معبد بن خالد].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن يسار].
ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[عن قتيلة].
هي قتيلة الجهنية وهي صحابية خرج حديثها النسائي.


الأسئلة


التخرص في معرفة المحب والمبغض في لعبة العقد


السؤال: نرجو من فضيلتكم البيان والتفصيل في هذا الأمر الذي سنعرضه عليكم وهو ظاهرة قد انتشرت وللأسف الشديد بين الفتيات في المدارس بصورة ملفتة، بل ومحزنة والله المستعان وهي أن تسأل الطالبة من قبل صديقاتها عن تحديد اسم مقرب إلى نفسها أو اسم تحبه بصرف النظر عن كون هذا الاسم يخص الرجل أو المرأة، ثم تأتي بسلسال عادي وهو ما تلبسه المرأة في عنقها ويوضع على كف التي سألت بشكل حلزوني فتقوم تلك بجمع كفيها وتحريكها أو خفضها وقراءة بعض السور القصيرة عدة مرات كالفاتحة أو الإخلاص أو غيرها من السور، ثم تفتح يدها بعد الانتهاء من القراءة وترى إذا عقدت السلسلة وتشابكت مع بعضها تكون تلك التي أشارت إلى اسمها تحبها، وإذا لم تعقد كان العكس، والله المستعان.

تقول هذه: إنه والله لأمر ينفطر القلب كمداً لأجله، والمصيبة الأعظم من ذلك حين سألنا بعضهن عن سبب فعلها ذلك وبينا لها أن ذلك استهزاء بالقرآن وآياته وفيه نوع من البدع على حسب اجتهادنا، قالت متحججة بأنها تمزح وهي غير قاصدة، فما قول فضيلتكم في ذلك مع بيان حكم تلك الفعلة، وتوجيه كلمة لكل من وقعت في شراك تلك الفعلة، وجزاكم الله خيراً.
الجواب: الواجب هو الالتزام بما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم في كل شيء، وإذا أرادت الواحدة أو الإنسان أن يعمل شيئاً يبحث عنه أولاً هل هو سائغ أو غير سائغ، هل هو مشروع أو غير مشروع، والرجوع في ذلك إلى أهل العلم؛ لأن الله تعالى يقول: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifفَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[النحل:43]، هذا هو الواجب على كل مسلم ومسلمة أن يكون متبعاً، لا أن يكون مبتدعاً، ولا أن يكون تابعاً لمن يبتدع أو من يأتي بشيء غير صحيح، بل الواجب هو الحذر من الأمور المنكرة ومن كل شيء يشين، ومن كل أمر ليس طاعة لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وذكر مثل هذه الأمور استهزاء أمر خطير، لا أن يكون جداً ولا أن يكون استهزاء، فكله خطير، فالواجب هو الحذر من الوقوع في أي شيء ليس طاعة لله عز وجل وطاعة لرسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى كل إنسان سواء كان رجل أو امرأة أن يكون متبعاً، وإذا التبس عليه الأمر أو أشكل، فإنه يسأل من عنده علم ويأخذ بالحق ويحذر ما هو باطل لا يسوغ، وهذا هو الجواب على هذا السؤال وعلى غيره مما يشابهه ويماثله، القضية قضية اتباع وحذر من أمور محدثة ليس لها أساس من الدين وليس لها أصل في دين الله عز وجل.





ابوالوليد المسلم 02-09-2022 09:04 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الإيمان والنذور

(475)

- (باب الحلف بالطواغيت) إلى (باب الكفارة بعد الحنث)


الحلف تعظيم للمحلوف به وهذا لا يكون إلا لله تعالى؛ ولهذا حرم الحلف بغير الله كالحلف بالطواغيت واللات والعزى، ومن حلف بذلك فليقل: لا إله إلا الله، ومن حق المسلم على المسلم إبرار قسمه إذا لم يترتب على ذلك ضرر، ومن حلف على شيء فرأى غيره خيراً منه فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير.
الحلف بالطواغيت
شرح حديث: (لا تحلفوا بآبائكم ولا بالطواغيت)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [الحلف بالطواغيت.
أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا يزيد أخبرنا هشام عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (لا تحلفوا بآبائكم ولا بالطواغيت)].
يقول النسائي رحمه الله: الحلف بالطواغيت، والطواغيت هي: الأصنام التي تعبد من دون الله عز وجل، وقد كانت عادتهم في الجاهلية قبل أن يدخلوا في الإسلام أن يحلفوا بآبائهم وأمهاتهم، ويحلفوا بالأصنام والأنداد والطواغيت، فنهاهم الرسول صلى الله عليه وسلم أن يحلفوا بهذه الأيمان التي كانوا اعتادوها في الجاهلية.
وقد مر في بعض الأحاديث أن قريشاً كانت تحلف بآبائها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تحلفوا بآبائكم)، وجاء أيضاً في الحديث: (لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد، ولا تحلفوا إلا بالله، ولا تحلفوا إلا وأنتم صادقون)، والأنداد هي: الأصنام، وإنما قيل لهم ذلك ونص على هذه الأشياء؛ لأنها هي التي كانوا يحلفون بها كما جاء عن عمر رضي الله عنه أنه: (أدركه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: وأبي وأبي) جرياً على ما كانوا عليه في الجاهلية، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تحلفوا بآبائكم) فاستسلم وانقاد عمر رضي الله عنه، وهذا شأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، قال عمر: (فوالله ما حلفت بها ذاكراً ولا آثراً) يعني: ما فعل الحلف بتلك اليمين المنهي عنها، بل ولا حكى حلف غيره بها، عندما يتحدث ويخبر، لا يقول: فلان قال: وأبي أو فلان حلف بأبيه، وإنما كانوا يعرضون عن هذا الشيء الذي نهي عنه، لا بفعلهم ولا بحكاية فعل غيرهم رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، فهم السباقون إلى كل خير، وهم الحريصون على كل خير، والخير كل الخير في الاقتداء بهم والإتساء بهم رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
والطواغيت كما ذكرت هي الأصنام وهي الأنداد، وسبب ذكرها كونهم اعتادوها في الجاهلية، ولهذا سيأتي في بعض الأحاديث أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من قال: واللات أو من حلف باللات فليقل: لا إله إلا الله) يعني: من جرى على لسانه الحلف الذي اعتاده في الجاهلية؛ لأنهم ألفوا ذلك واعتادوه، ويجري على لسانهم من غير قصد، فعلى كل من حصل منه ذلك أن يبادر إلى أن يغسل هذه الكلمة ويمحوها بذكر التوحيد والإتيان به، حتى يكون ذكر الله عز وجل هو الجاري على لسانه، وحتى يذكر الله عز وجل الذي تعظيمه هو التعظيم المطلق، وتعظيم غيره إنما يكون في حدود ما شرعه، وجاء عنه على لسان رسوله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
تراجم رجال إسناد حديث: (لا تحلفوا بآبائكم ولا بالطواغيت)


قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان].
هو أحمد بن سليمان الرهاوي، ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن يزيد].
هو يزيد بن هارون الواسطي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن هشام].
هو هشام بن حسان القردوسي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، يقول ابن حجر: روايته عن الحسن وعطاء فيها مقال؛ قيل: لأنه كان يرسل عنهما، لكنه كما هو معلوم لا يؤثر؛ لأن الذي جاء في هذا الحديث من طريق هشام بن حسان جاء عن طريق غيره، يعني النهي عن الحلف بالآباء والأنداد، وجاء أيضاً في صحيح مسلم النهي عن الحلف بالطواغيت، والأحاديث التي مرت بنا أيضاً: (لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم وبالأنداد) والأنداد هي الطواغيت.
[عن الحسن].
هو الحسن بن أبي الحسن البصري، ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الرحمن بن سمرة].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
الحلف باللات
شرح حديث: (من حلف منكم فقال: باللات فليقل: لا إله إلا الله...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [الحلف باللات.
أخبرنا كثير بن عبيد حدثنا محمد بن حرب عن الزبيدي عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من حلف منكم فقال: باللات فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك فليتصدق)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الحلف باللات، واللات صنم من الأصنام، ووثن من الأوثان كانوا يعبدونها في الجاهلية، وقد جاء القرآن فيها: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifأَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[النجم:19-20] وكانوا يحلفون بها ويحلفون بغيرها من الأصنام، ولما دخلوا في الإسلام، وهم حديثو عهد بالإسلام، صار يجري على لسانهم بعد الإسلام ما كان يجري عليها قبل أن يسلموا، فالنبي صلى الله عليه وسلم أرشدهم إلى أنه من بدر منه مثل هذا اللفظ على ما ألفه في الجاهلية فعليه أن يبادر إلى ذكر الله عز وجل وأن يقول: لا إله إلا الله حتى يكون ذكر الله عز وجل على لسانه، وحتى يغفر بهذه الكلمة ما جرى على لسانه من الباطل مما كانوا ألفوه في الجاهلية واعتادوه في الجاهلية.
و(لا إله إلا الله) هي كلمة الإخلاص وهي كلمة التوحيد مشتملة على النفي والإثبات، نفي عام وإثبات خاص، نفي عام في أولها وإثبات خاص في آخرها، وهو أن الإنسان عندما يقول: لا إله إلا الله ينفي العبادة عن كل ما سوى الله بقوله: لا إله، ويثبتها لله وحده بقوله: إلا الله، فهي مشتملة على ركنين: نفي عام وهو نفي العبادة عن كل ما سوى الله، وإثبات خاص وهو إثباتها أي: العبادة لله عز وجل.
ثم قال: [(ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك فليتصدق)] وكانوا أيضاً يستعملون القمار، وكانوا يتقامرون في الجاهلية وجاء الإسلام وحرم ذلك، وكان يحصل منهم ما كانوا ألفوه، فالنبي صلى الله عليه وسلمن أرشد من تفوه بهذه الكلمة التي اعتادوها أن يبادر إلى الصدقة، وأن يتصدق بشيء يخرجه لله عز وجل، فيكون ذلك كفارة لتلك الكلمة الباطلة التي قالها، وهي قوله: (تعال أقامرك)، قال عليه الصلاة والسلام: (ومن قال: تعال أقامرك فليتصدق) أي: أن هذا المال الذي كان يريد أن يحصله عن طريق الباطل، أمره بأن يخرج منه ما يعود عليه نفعه في الدنيا والآخرة وهو الصدقة التي تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (اتقوا النار ولو بشق تمرة) فأمر عليه الصلاة والسلام من حصلت منه تلك الكلمة الباطلة السيئة الخبيثة وهي الدعوة إلى القمار، بأن يبادر بعدها إلى الصدقة بالمال؛ لأنه بكلمته الأولى أراد أن يحصل باطلاً وهو هنا أريد منه أن يحصل أجراً وثواباً بأن يتصدق مما عنده لله عز وجل.

تراجم رجال إسناد حديث: (من حلف منكم فقال: باللات فليقل: لا إله إلا الله...)

قوله: [أخبرنا كثير بن عبيد].
هو كثير بن عبيد الحمصي، ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن محمد بن حرب].
هو محمد بن حرب الحمصي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الزبيدي].
هو محمد بن الوليد الزبيدي الحمصي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[عن الزهري].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حميد بن عبد الرحمن].
هو حميد بن عبد الرحمن بن عوف المدني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
الحلف باللات والعزى
شرح حديث سعد بن أبي وقاص: (...فحلفت باللات والعزى ... فقال لي: قل: لا إله إلا الله...)

قال المصنف رحمه الله تعالى:[الحلف باللات والعزى
أخبرنا أبو داود حدثنا الحسن بن محمد حدثنا زهير حدثنا أبو إسحاق عن مصعب بن سعد عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (كنا نذكر بعض الأمر وأنا حديث عهد بالجاهلية، فحلفت باللات والعزى، فقال لي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: بئس ما قلت، ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره فإنا لا نراك إلا قد كفرت، فأتيته فأخبرته فقال لي: قل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له ثلاث مرات، وتعوذ بالله من الشيطان ثلاث مرات، واتفل عن يسارك ثلاث مرات ولا تعد له)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الحلف باللات والعزى، وأورد فيها حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه، وهو يفيد أنه كان يحصل منهم ذلك؛ لأنهم ألفوه في الجاهلية، واعتادوه فيها ولهذا قال: (إنه حديث عهد بجاهلية) أي: هذا شيء يجري على ألسنتهم، ولما قال هذه الكلمة أنكر ذلك عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: [(ما نراك إلا قد كفرت، فاذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذهب إليه وقال له: قل: لا إله إلا الله ثلاث مرات، وتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثلاث مرات، واتفل عن يسارك ثلاث مرات ولا تعد لهذا)]، فدل هذا على أن من حصل منه ذلك فعليه أن يذكر الله عز وجل ويتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ويتفل عن يساره، والحديث الذي مر أنه يقتصر على قول: لا إله إلا الله؛ لأنه قال: (من حلف باللات فليقل: لا إله إلا الله) ولم يزد على ذلك، وفي هذا الحديث هذه الزيادة، والشيخ الألباني ضعف الحديث وذكر في إرواء الغليل أن فيه أبا إسحاق السبيعي وقد اختلط وقد عنعنه، وهو في هذا الإسناد الذي معنا من طريقين جاء في أحدهما التصريح بالسماع من مصعب بن سعد؛ لأنه قال: حدثني مصعب بن سعد، فالطريق الأولى فيها العنعنة، والطريق الثانية فيها التصريح بالتحديث وقد ذكر أنه اختلط وقد عنعنه، فالعنعنة إنما صارت في طريق واحد، والطريق الأخرى فيها التصريح بالسماع.
تراجم رجال إسناد حديث سعد بن أبي وقاص: (...فحلفت باللات والعزى ... فقال لي: قل: لا إله إلا الله...)
قوله: [أخبرنا أبو داود].
هو سليمان بن سيف الحراني، ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن الحسن بن محمد].
هو الحسن بن محمد بن أعين، صدوق، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والنسائي.
[عن زهير].
هو زهير بن معاوية أبو خيثمة، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي إسحاق].
هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مصعب بن سعد].
هو مصعب بن سعد بن أبي وقاص، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أحد العشرة المبشرين بالجنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
حديث سعد بن أبي وقاص: (حلفت باللات والعزى ... فقال: قل: لا إله إلا الله...) من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبد الحميد بن محمد حدثنا مخلد حدثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبيه حدثني مصعب بن سعد عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (حلفت باللات والعزى فقال لي أصحابي: بئس ما قلت، قلت هجراً، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكرت ذلك له فقال: قل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وانفث عن يسارك ثلاثاً وتعوذ بالله من الشيطان ثم لا تعد)].
أورد النسائي حديث سعد بن أبي وقاص من طريق أخرى وهو قريب من الذي قبله، وفيه أنهم قالوا له: لقد قلت هجراً. والهجر هو الكلام القبيح.
قوله: [أخبرنا عبد الحميد بن محمد].
هو الحراني، ثقة، أخرج له النسائي.
[أخبرنا مخلد بن يزيد الحراني].
صدوق له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[عن يونس بن أبي إسحاق].
هو يونس بن أبي إسحاق السبيعي، صدوق يهم قليلاً، أخرج له البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبيه عن مصعب عن سعد].
وقد مر ذكرهم.

إبرار القسم

شرح حديث: (أمرنا رسول الله بسبع... وإبراء القسم ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [إبرار القسم.
أخبرنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار عن محمد حدثنا شعبة عن الأشعث بن سليم عن معاوية بن سويد بن مقرن عن البراء بن عازب رضي الله عنهما أنه قال: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسبع: أمرنا باتباع الجنائز، وعيادة المريض، وتشميت العاطس، وإجابة الداعي، ونصر المظلوم، وإبرار القسم، ورد السلام)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: إبرار القسم، يعني: إذا أقسم إنسان على إنسان بقسم، فيستحب له أن يبر بقسمه، وأن لا يجعله حانثاً بقسمه، وهذا فيما إذا لم يكن هناك مضرة، وإلا فإنه إذا كان يترتب على ذلك مضرة فإنه لا يتعين ذلك ولا يلزم ذلك، وإنما له أن يقول له: لا تحلف أو لا تقسم أو ما ينبغي أنك تقسم، ولا يلزمه أن يبر قسمه.
وقد جاء في بعض الأحاديث أن أبا بكر رضي الله عنه لما ذكر رجل رؤيا رآها، وجاء للنبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يعبرها فطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعبرها، فأذن له فعبرها، فسأله وحلف عليه أن يخبره بإصابته أو كذا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تقسم) ولم يبر قسمه، فهذا يدل على أنه ليس كل قسم يبر، ولكن حيث لا يترتب على ذلك محذور، أو مضرة، فإنه يستحب للإنسان أن يبر قسم أخيه وأن لا يجعله حانثاً.
وقد أورد النسائي حديث البراء بن عازب رضي الله عنه: [(أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع: باتباع الجنائز، وعيادة المريض، وإبرار القسم، وإجابة الداعي، وتشميت العاطس)] إذا حمد الله يشمت ويقال: يرحمك الله.
[(ونصر المظلوم، ورد السلام)] هذه أمور مأمور بها، منها ما هو واجب مثل رد السلام، ومنها ما هو مستحب، وكلها مأمور بها وهي من السبع التي هي من حقوق المسلمين بعضهم على بعض، والمقصود منها هنا: وإبرار القسم.
تراجم رجال إسناد حديث: (أمرنا رسول الله بسبع... وإبراء القسم ...)
قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى].
هو الملقب الزمن أبو موسى العنزي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، ومثله محمد بن بشار الذي ذكر معه، وهو بندار بصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[عن محمد].
هو محمد بن جعفر الملقب غندر البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وقد وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث.
[عن الأشعث بن سليم].
هو أشعث بن أبي الشعثاء، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن معاوية بن سويد بن مقرن].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن البراء بن عازب].
رضي الله تعالى عنه وعن أبيه وعن الصحابة أجمعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها
شرح حديث: (ما على الأرض يمين أحلف عليها فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيته)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها.
أخبرنا قتيبة حدثنا ابن أبي عدي عن سليمان عن أبي السليل عن زهدم عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (ما على الأرض يمين أحلف عليها فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيته)].
أورد النسائي: إذا حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها ماذا يفعل؟ أي: أنه يأتي الذي هو خير، ويكفر عن يمينه، وهذا من تيسير الله عز وجل في شرعه، فالإنسان إذا حلف على شيء وهو عازم على فعله، فله المخرج من تلك اليمين، وليس ملزماً بها أو يتعين عليه وفاؤها، وقد يندم ويتبين أن عدمها خير منها، وأن الأولى هو عدم هذا الذي حلف عليه؛ فلهذا جعل الله تعالى مخرجاً للإنسان من هذه اليمين بأن يكفر عنها ويأتي الذي هو خير، وليس بملزم أن يستمر عليها وأن ينفذها، بل هناك مندوحة وهناك مخرج يمكن للإنسان أن يتخلص من هذا الذي وقع فيه ويريد الخلاص منه بأن يكفر ويأتي الذي يريد مما هو خير.
وأورد النسائي حديث أبي موسى الأشعري عبد الله بن قيس رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(ما على الأرض يمين أحلف عليها فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيته)] أي: أتى هذا الذي يريد أن يأتيه؛ لأنه يرى أنه خير.
وقوله: [(ما على الأرض يمين أحلف عليها)]، يعني: عام في المحلوف عليه أنه إذا حلف على شيء ثم تبين له أن غير المحلوف عليه أولى منه، فإنه بإمكانه أن يكفر وأن يأتي الذي هو خير، وهنا ما ذكرت الكفارة لكنها ذكرت في الطرق الأخرى وفي الأحاديث الأخرى.
وأما إذا استثنى فما تلزم كفارة؛ لأنه سيأتي أن الاستثناء في اليمين لا تلزمه كفارة؛ لأنه علق الأمر بمشيئة الله عز وجل، فيمكنه أن لا يحنث بيمينه ولا تلزمه كفارة، يمكنه أن يمضي اليمين ويمكنه أن يتركها وليس عليه كفارة.

تراجم رجال إسناد حديث: (ما على الأرض يمين أحلف عليها فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيته)

قوله: [أخبرنا قتيبة].
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن أبي عدي].
هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سليمان].
هو سليمان بن طرخان التيمي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي السليل].
هو ضريب بن نقير، ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن الأربعة.
[عن زهدم].
هو زهدم بن مضرب، ثقة، أخرج له البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[عن أبي موسى].
هو عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله تعالى عنه، وهو مشهور بكنيته: أبي موسى واسمه: عبد الله بن قيس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
الكفارة قبل الحنث
شرح حديث أبي موسى الأشعري: (... إني والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [الكفارة قبل الحنث.
أخبرنا قتيبة حدثنا حماد عن غيلان بن جرير عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في رهط من الأشعريين نستحمله فقال: والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم، ثم لبثنا ما شاء الله فأتي بإبل فأمر لنا بثلاث ذود، فلما انطلقنا قال بعضنا لبعض: لا يبارك الله لنا، أتينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نستحمله فحلف أن لا يحملنا، قال أبو موسى: فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له، فقال: ما أنا حملتكم، بل الله حملكم، إني والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير)].
أورد النسائي: باب الكفارة قبل الحنث، فالإنسان عندما يرى أن غير المحلوف عليه أولى من المحلوف عليه وأنه يريد أن يرجع في يمينه ولا يريد أن يمضي فيها، بل يريد الحنث فيها، فإن الله قد يسر وخفف فيما شرع إذ جعل للإنسان مخرجاً من هذا الذي ألزم نفسه به.
ثم هل الحنث قبل الكفارة أو الكفارة قبل الحنث؟ كل ذلك سائغ، إن كفَّر قبل أن يحنث وأن يفعل الشيء الذي أراد أن لا يفعله وفعله ثم كفَّر بعد ذلك، أو قدم الكفارة ثم فعل الشيء الذي رأى أنه خير وترك تلك اليمين التي حلف عليها أو الشيء الذي حلف عليه، كل ذلك سائغ.
وقد أورد النسائي بابين: الحنث قبل الكفارة، والكفارة قبل الحنث، وأورد الأحاديث التي وردت في كل منهما، وفي بعضها ذكر الحنث أولاً والتكفير ثانياً، وفي بعضها ذكر التكفير أولاً والحنث ثانياً، وهذا يدلنا على أن الأمر في ذلك واسع، فله أن يكفر قبل أن يحنث وله أن يكفر بعد أن يحنث.
أورد النسائي حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال:
[(أتينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في رهط من الأشعريين نستحمله فقال: والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم)].
أبو موسى الأشعري رضي الله عنه يخبر أنه جاء في رهط من الأشعريين جماعته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحمله يطلب منه إبلاً يركبون عليها ليجاهدوا في سبيل الله، وألحوا عليه فحلف وقال: (والله لا أحملكم، وما عندي ما أحملكم)، ثم بعد ذلك جاءته إبل فأعطاهم ثلاث ذودٍ، أي: ثلاثاً من الإبل، فأخذوها وما ذكروه بالحلف الذي كان حلف أن لا يحملهم وهو مع ذلك أعطاهم، فتحدثوا فيما بينهم وقالوا: لا يبارك لنا في هذا الشيء الذي أخذناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلعله نسي اليمين التي حلف عليها فلو أخبرناه، فرجعوا وأخبروه فقالوا: إنك قلت كذا وكذا، فقال: ما أنا حملتكم بل الله حملكم، هو الذي ساق هذا إليكم ورزقكم ذلك، وهو عليه الصلاة والسلام أخبر بأنه لا يحلف على يمين فيرى غيرها خيراً منها إلا كفَّر عن يمينه وأتى الذي هو خير.
فهذا يدل على أن الحلف إذا لم يرد تنفيذه فهناك طريق التخلص من إمضائه، وذلك بالكفارة ثم لا يمضي ذلك الشيء الذي حلف عليه.

تراجم رجال إسناد حديث أبي موسى الأشعري: (... إني والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير)

قوله: [أخبرنا قتيبة].
مر ذكره.
[عن حماد].
هو ابن زيد، وإذا جاء قتيبة يروي عن حماد، فالمراد به ابن زيد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن غيلان بن جرير].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي بردة].
هو أبو بردة بن أبي موسى الأشعري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو أبو موسى وقد مر ذكره.

شرح حديث عبد الله بن عمرو: (من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى عن عبيد الله بن الأخنس حدثنا عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير)].
أورد النسائي حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: [(من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير)] وهو مثلما تقدم، وأورده النسائي في باب الكفارة قبل الحنث؛ لأنه بدأ بالكفارة قبل الحنث حيث قال: (فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير) فبدأ بالكفارة فدل هذا على أن الكفارة تقدم، والأحاديث التي ستأتي في الباب الذي يليه فيها الحنث قبل الكفارة وأنه يأتي الذي هو خير ويكفر عن يمينه، فدل هذا على أن الأمر سائغ هذا وهذا، كل ذلك صحيح، إن فعل هذا فهو حق، وإن فعل هذا فهو حق.

يتبع



ابوالوليد المسلم 02-09-2022 09:05 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
تراجم رجال إسناد حديث عبد الله بن عمرو: (من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير)
قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].
هو الفلاس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى].
هو يحيى بن سعيد القطان البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبيد الله بن الأخنس].
صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن شعيب].
هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، صدوق، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبيه].
هو شعيب بن محمد، وهو كذلك صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وجزء القراءة، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن جده].
هو عبد الله بن عمرو بن العاص صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

حديث عبد الرحمن بن سمرة: (إذا حلف أحدكم على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليكفر عن يمينه...) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا المعتمر عن أبيه عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (إذا حلف أحدكم على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليكفر عن يمينه ولينظر الذي هو خير فليأته)].
أورد النسائي حديث عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه وهو مثلما تقدم، وفيه تقديم الكفارة على الحنث، وهذا مقصود الترجمة.
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى].
هو محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود في القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[عن المعتمر].
هو المعتمر بن سليمان بن طرخان التيمي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو سليمان بن طرخان، وقد مر ذكره.
[عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة].
وقد مر ذكرهما.


حديث عبد الرحمن بن سمرة: (إذا حلفت على يمين فكفر عن يمينك ثم ائت الذي هو خير) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا عفان حدثنا جرير بن حازم سمعت الحسن حدثنا عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا حلفت على يمين فكفر عن يمينك ثم ائت الذي هو خير)].
أورد النسائي حديث عبد الرحمن بن سمرة من طريق أخرى وهو مثلما تقدم.
قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان].
مر ذكره.
[عن عفان].
هو ابن مسلم الصفار، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن جرير بن حازم].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة].
وقد مر ذكرهما.


حديث عبد الرحمن بن سمرة: (إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فكفر عن يمينك...) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن يحيى القطعي عن عبد الأعلى وذكر كلمة معناها حدثنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير)].
ذكر النسائي حديث عبد الرحمن بن سمرة من طريق أخرى وهو مثلما تقدم.
قوله: [أخبرنا محمد بن يحيى القطعي].
صدوق، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن عبد الأعلى].
هو عبد الأعلى بن عبد الأعلى، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وذكر كلمة معناها].
وذكر كلمة معناها قال: حدثنا، أي: أنه ما ضبط صيغة الأداء فذكرها بالمعنى قال: معناها كذا.
[حدثنا سعيد].
هو سعيد بن أبي عروبة، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة].
وقد مر ذكرهما.

الكفارة بعد الحنث
شرح حديث عدي بن حاتم: (من حلف على يمين فرآى غيرها خيراً منها ...)



قال المصنف رحمه الله تعالى: [الكفارة بعد الحنث.
أخبرنا إسحاق بن منصور حدثنا عبد الرحمن حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة سمعت عبد الله بن عمرو مولى الحسن بن علي يحدث عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الكفارة بعد الحنث، الترجمة الأولى: الكفارة قبل الحنث، وهنا الكفارة بعد الحنث، فالأمر في ذلك واسع، الأحاديث وردت بهذا وبهذا، فدل على أن ذلك كله سائغ، ويمكن أن يقال: إنه قد تكون الكفارة مقدمة على الحنث إذا كان الأمر لا يقتضي استعجالاً في إتيان المحلوف عليه؛ لأن في المبادرة إليها تخلصاً من ذلك الواجب فلا يتأخر ولا ينسى، ولكن إذا كان الأمر يقتضي المبادرة إلى الحنث، وأن الكفارة تحتاج إلى وقت كأن يكون شيء حلف عليه ويراد إنهاؤه في الحال، ولا يتطلب الأمر أن يذهب ليشتري له كفارة ثم يتصدق بها، فيبادر إلى ذلك إذا كانت المصلحة في المبادرة إليه، لكن إذا كان الأمر لا يتطلب استعجالاً، فإن المبادرة في الكفارة فيها تخلص من ذلك الواجب وتخلص من ذلك الدين الذي هو حق من حقوق الله عز وجل على الإنسان، وكما قلت: الأمر في ذلك واسع، إن قدم هذا سائغ وإن أخر هذا سائغ، لكن قد يكون تقديم الكفارة أولى في بعض الأحوال، وقد يكون تقديم الحنث أولى في بعض الأحوال.
أورد حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه وهو بهذا المعنى، وفيه تقديم إتيان الذي هو خير على الكفارة، وهو مقصود الترجمة.


تراجم رجال إسناد حديث عدي بن حاتم: (من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها ...)



قوله: [أخبرنا إسحاق بن منصور].
هو إسحاق بن منصور بن بهرام الكوسج، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.
[عن عبد الرحمن].
هو عبد الرحمن بن مهدي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة].
مر ذكره.
[عن عمرو بن مرة].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن عمرو مولى الحسن بن علي].
مقبول، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن عدي بن حاتم].
رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.


حديث عدي بن حاتم: (من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليدع يمينه ...) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا هناد بن السري حدثنا أبو بكر بن عياش عن عبد العزيز بن رفيع عن تميم بن طرفة عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليدع يمينه وليأت الذي هو خير وليكفرها)].
أورد النسائي حديث عدي بن حاتم من طريق أخرى وهو مثلما تقدم.
قوله: [أخبرنا هناد بن السري].
هو هناد بن السري أبو السري الكوفي، ثقة، أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي بكر بن عياش].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا مسلم في المقدمة.
[عن عبد العزيز بن رفيع].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن تميم بن طرفة].
ثقة، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن عدي بن حاتم].
وقد مر ذكره.


شرح حديث عدي بن حاتم: (من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير...) من طريق ثالثة



قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن يزيد حدثنا بهز بن أسد حدثنا شعبة أخبرني عبد العزيز بن رفيع سمعت تميم بن طرفة يحدث عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من حلف على يمين فرأى خيراً منها فليأت الذي هو خير وليترك يمينه)].
أورد النسائي حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه وهو مثلما تقدم إلا أن فيه اختصاراً؛ لأنه ليس فيه ذكر الكفارة ولكن الأحاديث الأخرى التي جاءت من طرق متعددة عنه والتي مر جملة منها فيها تأخير الكفارة على الحنث.


تراجم رجال إسناد حديث عدي بن حاتم: (من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير...) من طريق ثالثة



قوله: [أخبرنا عمرو بن يزيد].
هو الجرمي، صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن بهز بن أسد].
هو بهز بن أسد العمي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة عن عبد العزيز بن رفيع عن تميم بن طرفة عن عدي بن حاتم].
وقد مر ذكرهم جميعاً.


شرح حديث مالك بن نضلة: (... فأمرني أن آتي الذي هو خير وأكفر عن يميني)



قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن منصور عن سفيان حدثنا أبو الزعراء عن عمه أبي الأحوص عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: قلت: (يا رسول الله! أرأيت ابن عم لي أتيته أسأله فلا يعطيني ولا يصلني ثم يحتاج إلي فيأتيني فيسألني وقد حلفت أن لا أعطيه ولا أصله؟ فأمرني أن آتي الذي هو خير وأكفر عن يميني)].
أورد النسائي حديث مالك بن نضلة رضي الله تعالى عنه أنه كان له ابن عم فكان يذهب إليه ويسأله إذا احتاج فلا يعطيه، ثم يأتي ذلك الشخص الذي سئل ولم يعط يطلب منه الحاجة فأراد أن يقابله بالمثل، وأن لا يحقق له ما يريد، وقد حلف على أن يعامله بالمثل، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأمره بأن يأتي الذي هو خير ويكفر عن يمينه، يأتي الذي هو خير وهو كونه يصله وإن لم يصله ذاك؛ لأنه كما جاء: (ليس الواصل بالمكافئ وإنما الواصل هو الذي إذا قطعت رحمه وصلها) ليست صلة الإنسان عن طريق المبادلة تعطيني وأعطيك وتصلني وأصلك، وإنما هو نفسه يصل على الدوام، لا إن وصله قريبه أو قطعه، فالرسول صلى الله عليه وسلم أرشده إلى أن يبر قريبه، وأن يصله وإن لم يصله هو، وكون الإنسان يحسن ويقابل إساءة من أحسن إليه بالإحسان أيضاً خير من أن يقابل الإساءة بالإساءة.


تراجم رجال إسناد حديث مالك بن نضلة: (... فأمرني أن آتي الذي هو خير وأكفر عن يميني)



قوله: [أخبرنا محمد بن منصور].
هو محمد بن منصور الجواز المكي، ثقة، أخرج له النسائي وحده.
[عن سفيان].
هو سفيان بن عيينة المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الزعراء].
هو عمرو بن عمرو بن مالك بن نضلة الجشمي، ثقة، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن عمه].
أبو الأحوص وهو عوف بن مالك بن نضلة الجشمي، ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبيه].
هو مالك بن نضلة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه البخاري في خلق أفعال العباد، وأصحاب السنن الأربعة.


شرح حديث عبد الرحمن بن سمرة: (إذا آليت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فائت الذي هو خير...)



قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا زياد بن أيوب حدثنا هشيم أخبرنا منصور ويونس عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه أنه قال: (قال لي النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إذا آليت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك)].
أورد النسائي حديث عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا آليت) يعني: حلفت، لأن الإيلاء هو: الحلف، http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifلِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[البقرة:226] يعني: يحلفون، فالإيلاء هو الحلف، (إذا آليت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك) وفيه تقديم الحنث على الكفارة.


تراجم رجال إسناد حديث عبد الرحمن بن سمرة: (إذا آليت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فائت الذي هو خير...)



قوله: [أخبرنا زياد بن أيوب].
ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن هشيم].
هو هشيم بن بشير الواسطي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن منصور].
هو منصور بن زاذان، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وكان عابداً، ومما ذكر عنه: أن بعض العلماء قال: إن منصور بن زاذان لو قيل له: ملك الموت على الباب، ما كان عنده زيادة على الشيء الذي كان يعمله من قبل؛ لأنه كان ملازماً للعبادة رحمة الله عليه.
[ويونس].
هو يونس بن عبيد، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة].
وقد مر ذكرهما.


حديث عبد الرحمن بن سمرة: (إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها...) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده



قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى حدثنا ابن عون عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه أنه قال: قال يعني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فأت الذي هو خير منها وكفر عن يمينك)].
أورد النسائي حديث عبد الرحمن بن سمرة وهو مثلما تقدم.
قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].
مر ذكره.
[عن يحيى].
هو يحيى القطان مر ذكره.
[عن ابن عون].
هو عبد الله بن عون، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة].
وقد مر ذكرهما.


حديث عبد الرحمن بن سمرة: (إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها ...) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده



قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن قدامة في حديثه عن جرير عن منصور عن الحسن البصري قال: قال عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه: (قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك)].
أورد النسائي حديث عبد الرحمن بن سمرة من طريق أخرى وهو مثلما تقدم، وفيه كالذي قبله تقديم الحنث على الكفارة.
قوله: [أخبرنا محمد بن قدامة].
هو محمد بن قدامة المصيصي، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[في حديثه عن جرير].
هو جرير بن عبد الحميد الضبي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن منصور].
هو منصور بن المعتمر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة].
وقد مر ذكرهما.



الأسئلة



حكم كتابة القصص المتخيلة لغرض الدعوة إلى الله


السؤال: هل يجوز كتابة القصص المتخيلة والتي يحدث مثلها في الواقع كثيراً من أجل الدعوة إلى الله بها؟

الجواب: ليس للإنسان أن يأتي بقصص متخيلة، وهي غير صحيحة، ويكفيه الواقع، وخير ما يقص على الناس هو القصص التي جاءت في القرآن، وكذلك القصص التي جاءت عن أصحاب رسول الله رضي الله تعالى عنهم وكذلك التي جاءت في الأحاديث، ففي الصدق ما يغني عن الكذب.


الجلوس على السجاجيد المرسوم عليها المسجد الحرام أو الكعبة



السؤال: يقوم كثير من طلاب المدارس وغيرهم بوضع سجادة على الكرسي ويجلسون عليها أو على الطاولة ويكون مرسوماً على السجادة صورة المسجد الحرام والكعبة المشرفة أو صورة المسجد النبوي، فهل هذا الصنيع جائز؟

الجواب: أقول: لا بأس بذلك، ولكن لا ينبغي أن يكون في هذه السجاجيد هذه الرسومات، وهذه الصور الكعبة وغير الكعبة، لكنها إذا وجدت وجلس الإنسان عليها فلا بأس به.


حكم سماع الأغاني بدون موسيقى


السؤال: سئل بعض طلبة العلم في محاضرة له عن سماع الأغاني بدون موسيقى فأجاب بجواز ذلك إن كانت الأغنية طيبة الكلمات وليس فيها ما يخالف الشرع، فهل فتواه هذه صحيحة؟

الجواب: الأحاديث وردت مطلقة عامة، فلا تخصص بشيء دون شيء، والإنسان عليه أن يحذر من الأغاني مطلقاً، وأن يصون سمعه عن سماع الأغاني، بل يشغله بسماع كلام الله عز وجل، والكلام الحق الذي لا غبار عليه ولا شيء فيه، هذا هو الذي على الإنسان أن يفعله، والأغاني مطلقاً ليس للإنسان أن يسمعها، ولو كانت معانيها جميلة معانيها طيبة؛ لأن المقصود هو الأغاني نفسها وعشق الأصوات والتمتع بالغناء وهو محرم، لكنه إذا صار في أمر محرم والكلام الذي يقال أمر محرم فيصير حشفاً وسوء كيلة، وضرراً إلى ضرر وشراً إلى شر، المعنى فاسد وكذلك الأداء أو التغني.


توجيه حديث: (أفلح وأبيه إن صدق)



السؤال: ما توجيه قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أفلح وأبيه إن صدق) ؟

الجواب: (أفلح وأبيه إن صدق) جاءت في صحيح مسلم، وقد ذكر العلماء لها أجوبة منها جوابان: أحدهما: أن ذلك كان قبل النهي، وهذا هو أمثل القولين، والوجه الثاني قالوا: إن هذا مما كانوا يألفونه أو يجري على ألسنتهم دون أن يقصدوا معناه مثلما كانوا يقولون: عقرى حلقى، وثكلتك أمك، وهي عبارات تطلق ولا يراد معناها، لكن القول الأول أو التوجيه الأول هو الأولى، وبعض أهل العلم قال: إنها مصحفة من: (والله)؛ لأن (وأبيه) قريب رسمها من (والله)، لكنها ثابتة وليست مصحفة، والجواب عنها أو توجيهها هو ما ذكرت.


حال حديث: (إن الأرض لتضج من نومة العلماء في الضحى)



السؤال: وهذا يسأل عن صحة حديث: (إن الأرض لتضج إلى الله من نومة العلماء في الضحى) ؟

الجواب: لا أعرف عن هذا شيئاً.


دخول أماكن النجاسة بما فيه ذكر الله


السؤال: وهذا يسأل عن دخول الحمام وفي جيبه نقود فيها لا إله إلا الله أو أوراق فيها ذكر اسم الله؟

الجواب: هذه أمور عمت بها البلوى، والناس مضطرون إليها ولا يتمكنون من ذلك فنرجو أن ذلك لا بأس به إن شاء الله.


حكم سب الأديان غير الإسلام


السؤال: هل يجوز للإنسان سب دين غير دين الإسلام مثل الوثنية؟ وإذا كان هناك وثني هل يجوز سب دينه؟ وهل يجوز سب دين غير الإسلام مطلقاً؟

الجواب: الأديان غير الصحيحة تسب وهي أهل للسب، لكن إذا كان هذا السب الذي هو حق، سيترتب عليه باطل بأن يقابل أولئك الذين سُبت أديانهم بأن يسبوا هذا الدين، أو يسبوا الرسول صلى الله عليه وسلم، فلا يجوز ذلك؛ لقوله تعالى: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[الأنعام:108] يعني: أن الحق إذا كان سيترتب عليه باطل فإنه يترك بشرطه خشية ترتب مفسدة أكبر من المصلحة، للآية السابقة، وأما الأديان المنزلة، فمعلوم أنها قبل أن تحرف وتبدل هي على حق فلا تسب، وإنما يسب ما حصل فيه التحريف والتبديل، والذي هو بأيدي اليهود والنصارى، وأما المنزل من عند الله عز وجل فنحن نؤمن ونصدق به؛ ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقالوا: آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم) فنحن نؤمن بالمنزل عليهم، ولكن الذي بأيديهم حرفوه وبدلوه، فهو بذلك باطل، ويشتمل على حق أيضاً لم يحرف فلا يسب، إذا ترتب على سبه سب الله أو سب الدين الإسلامي.


حكم إقامة الصلاة بدون إذن الإمام


السؤال: هل يجوز لمؤذن المسجد غير الراتب أن يقيم الصلاة دون إذن الإمام الراتب إذا حضر وقت الإقامة علماً بأن المؤذن لا يسمح؟

الجواب: هذا تطفل، ليس للإنسان أن يفعل؛ لأن الإقامة للإمام، فهو الذي يأمر بها؛ لأنه هو الذي يتولى الصلاة، إلا إذا كان بينه وبين المؤذن مواطأة على أنه في الوقت الفلاني، أو أن يكون مثلاً ما عنده ساعة وقال لشخص كالمؤذن: إذا جاء الوقت أو مضى كذا يقيم الصلاة فلا بأس بذلك، أما أن يأتي واحد غير المؤذن والإمام فيقيم بدون إذن الإمام والمؤذن موجود فهذا لا يجوز، ولا يسوغ أن يقدم عليه؛ لأن هذا ليس من حقه.


جمع وتفريق صيام الاثنين والخميس والثلاثة الأيام من كل شهر



السؤال: أيهما أفضل: صيام الاثنين والخميس أو صيام ثلاثة أيام من كل شهر؟

الجواب: صيام الاثنين والخميس وصيام ثلاثة أيام من كل شهر جاءت بذلك السنة، وإذا كان الإنسان يصوم الاثنين والخميس ويصوم ثلاثة أيام من كل شهر التي هي أيام البيض فهذا شيء جيد، وإذا كانت الثلاثة الأيام يومي اثنين وخميس، أو خميسين واثنين فهذا جيد، وإن جعلها في الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر كما جاءت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو حسن، والأمر في ذلك واسع.


معنى اللام في قوله تعالى: (لعمرك)
السؤال: ما معنى قوله تعالى: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifلَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[الحجر:72]؟

الجواب: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifلَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[الحجر:72] قيل: إن هذا قسم، ومن أهل العلم من قال: إنه ليس بقسم، وإنما هي أداة من أدوات توكيد الكلام، مثل: حقاً، ولا جرم، فهي ألفاظ يؤتى بها لتوكيد الكلام، وليست من باب القسم، والشيخ حماد الأنصاري كتب في هذا بحثاً منشوراً في مجلة الجامعة ذكر فيه النقول على أنها لتوكيد الكلام، وليست بقسم.


ابوالوليد المسلم 18-09-2022 12:01 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الإيمان والنذور

(476)

(باب اليمين فيما لا يملك) إلى (باب في اللغو والكذب)



الله تعالى أمر عباده بطاعته، وتكفل لهم برزقه، وكره لهم النذر وبين أنه إنما يستخرج من البخيل، ومع ذلك فمن نذر طاعة فعليه الوفاء وإلا فعليه كفارة يمين، ومن نذر معصية حرم عليه الوفاء.

النهي عن النذر


شرح حديث ابن عمر في النهي عن النذر


قال المصنف رحمه الله تعالى: [النهي عن النذر.أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا خالد عن شعبة أخبرني منصور عن عبد الله بن مرة عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن النذر وقال: إنه لا يأتي بخير، إنما يستخرج به من البخيل)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: النهي عن النذر، والإنسان لا ينبغي أن يقدم على النذر، وخير له أن لا ينذر، والنذر قد جاء النهي عنه في أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما نهي عنه لأن القربة إلى الله عز وجل ليست متمحضة خالصة عندما ينذر الإنسان، وإنما هو نذر في مقابل، يعني: طاعة في مقابل، بمعنى: إن حصل له كذا، فهو يفعل كذا، ثم مع كونه قربة مشروطة في مقابل، أو مبنية على حصول مقابل أيضاً، فقد يندم ويحصل الندم عندما يحصل المقصود، فالذي نذر ثم أراد أن يكفِّر، يندم ويتلكأ، ويكون مقدماً رجلاً ومؤخراً أخرى، يعني ما هو مرتاح لذلك الشيء، ففيه المحذور من جهتين: من جهة أن القربة مشروطة في مقابل.
والأمر الثاني: أنه عند التنفيذ يحصل منه الندم فلا يكون منشرح الصدر لهذه القربة، ولهذه الطاعة، فلهذا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النذر.
ويحتمل أن يكون النهي عن النذر للتحريم، ويحتمل أن يكون للتنزيه، لكن النذر إذا وجد فإنه يجب الوفاء به، وهذا يشبه ما تقدم قريباً عن العمرى والرقبى، والنهي عنهما، وأنه إذا حصل وأعطي شيء بذلك فإنه يثبت ويستقر، وإن كان قد نهي عنه، والنهي كما أشرنا لما يترتب على ذلك من الندم، وكون الإنسان ما ينشرح صدره لهذه القربة، قالها في أول الأمر تلهفاً وتشوقاً إلى حصول ذلك الذي يريده من شفاء، أو رد غائب، أو ما إلى ذلك من الأشياء، فإذا شفي ورد الغائب وجاء وقت الوفاء إذا نفسه لا ترتاح ولا تطمئن لهذه القربة، يكون الخلل فيها من جهتين.
وقوله: [(نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النذر وقال: إنه لا يأتي بخير)] أي: لا يأتي بخير للإنسان، والمعني: لم يقدر الله له شيئاً فيقدر بسببه، فالذي قدره الله كائن لا محالة، ثم الإنسان أيضاً يصيبه ما يصيبه من الندم والحسرة، وهذا ليس بخير، فهذا فيه إخلال بفعل القربة والطاعة.
[(وإنما يستخرج به من البخيل)] يعني: النتيجة أن البخيل الذي لا ينفق يلزم نفسه بشيء، ثم يترتب عليه أنه يجب عليه أن يخرج ذلك الذي ألزم نفسه به.
إذاً: هو لا يأتي بخير، وإنما البخيل الذي لا ينفق يلزم نفسه بشي، إن حصل كذا، فلله عليّ أن أفعل كذا وكذا، فيستخرج منه، حيث يتصدق البخيل وهو لا يريد أن يتصدق؛ لكونه نذر وألزم نفسه، وكان شحيحاً مسيكاً لا تجود يده بشيء، ولا ينفق شيئاً يتقرب به إلى الله عز وجل، ولكنه لمحبته لأمر من الأمور علق القربة عليه، فقال: إن رد الله غائبي، أو شفى الله مريضي، أو إن شفاني الله، أو حصل لي كذا وكذا، فعليّ لله أن أفعل كذا وكذا.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر في النهي عن النذر


قوله: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود].هو إسماعيل بن مسعود أبو مسعود البصري، ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن خالد].
هو خالد بن الحارث البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة عن منصور].
وقد مر ذكرهما.
[عن عبد الله بن مرة].
وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن عمر].
وقد مر ذكره.

شرح حديث ابن عمر في النهي عن النذر من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن منصور حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن منصور عن عبد الله بن مرة عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن النذر وقال: إنه لا يرد شيئاً، إنما يستخرج به من الشحيح)].أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى وفيه مثل الذي قبله، وأن النذر لا يرد من قضاء الله شيئاً، فالذي قدره الله سيكون نذر أو لم ينذر، فما قدره الله كائن، فهو لا يرد من قدر الله شيئاً، فإن كان الله قد قدر الشفاء، فسيأتي الشفاء، وإن كان الله قدر أن لا يشفى، فلن يشفى، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.
إذاً: النذر لا يقدم ولا يؤخر، ولا يترتب على كونه ينذر أنه يحصل شيء خلاف المقدر أو أنه يتحول؛ لأن المقدر ما يغير ولا يبدل، فالنذر لا يرد شيئاً قدره الله، فإذا كان الله قدر أنه سيشفى هذا المريض شفي، وإن قدر أنه لا يشفى، لا يشفى سواءً نذر أو ما نذر.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر في النهي عن النذر من طريق ثانية


قوله: [أخبرنا عمرو بن منصور].هو عمرو بن منصور النسائي ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن أبي نعيم].
هو أبو نعيم الفضل بن دكين الكوفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن منصور عن عبد الله بن مرة عن عبد الله بن عمر].
وقد مر ذكرهم.


النذر لا يقدم شيئاً ولا يؤخره


شرح حديث: (النذر لا يقدم شيئاً ولا يؤخره ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب النذر لا يقدم شيئاً ولا يؤخره. أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى حدثنا سفيان عن منصور عن عبد الله بن مرة عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (النذر لا يقدم شيئاً ولا يؤخره، إنما هو شيء يستخرج به من الشحيح)].
أورد النسائي الحديث من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم إلا أن فيه: [لا يقدم شيئاً ولا يؤخره]، وهو بمعنى أنه لا يتغير شيء مقدر، فالمقدر كائن لا محالة، وعبر بالشحيح بدل البخيل، والشح: هو شدة البخل، فالبخل أوسع وأعم، والشح أخص، والفرق بين البخل والشح: أن الشح هو شدة البخل، يعني: بخل شديد.

تراجم رجال إسناد حديث: (النذر لا يقدم شيئاً ولا يؤخره ...)

قوله: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى حدثنا سفيان عن منصور عن عبد الله بن مرة عن ابن عمر].كلهم قد مر ذكرهم.

شرح حديث: (لا يأتي النذر على ابن آدم شيئاً لم أقدره عليه ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن حدثنا سفيان حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا يأتي النذر على ابن آدم شيئاً لم أقدره عليه، ولكنه شيء أستخرج به من البخيل)].يقول النسائي: النذر لا يقدم شيئاً ولا يؤخره، ومقصود النسائي من هذه الترجمة كما عرفنا من قبل: أن الإنسان عندما ينذر فنذره ليس هو الذي يحقق له ما يريد بأن يقدم شيئاً أو يؤخره، أو يحصل شفاءً، أو يحصل أي مصلحة نذر عليها، وما قدره الله وقضاه كائن لا بد منه، وإنما النذر يستخرج به من البخيل الذي لا ينفق ابتداءً، ولكنه يربط إنفاقه بشيء يرجوه ويؤمله، وإذا حصل ذلك الشيء الذي يرجوه ويؤمله، فعند ذلك لا ينفق، فهو لا ينفق ابتداءً ولكنه عندما يطمع في شيء، أو يرغب في شيء، أو يحب شيئاً، ينذر بأنه إذا حصل فإنه يتصدق، أو أنه يخرج ذلك الذي نذره، فيكون إنفاقه وإحسانه، أو صرفه في وجوه الخير ليس ابتداءً، وإنما كان في مقابل حصول شيء يريده، أي: إن حصل كذا فأنا أفعل كذا، إن حصل الشفاء فأنا أفعل كذا، فكأنه معاوضة، وكأنه لا يتصدق ولا يحسن إلا بعوض وبمقابل، وهو حصول ما يريده، ثم إذا وجد ذلك الشيء الذي نذر الشيء على حصوله، فإنه يتلكأ ويبحث عن مخرج للتخلص من ذلك الإنفاق، فيندم على ما حصل منه فينفق وهو كاره، فيكون فيه مضرتان:
إحداهما: كونه لا ينفق إلا في مقابل.
الثانية: كونه يندم ويبحث عن مخرج للتخلص من ذلك النذر، ثم إذا كان ولا بد وأخرج فإنه يخرج وهو كاره.
وهذا النذر الذي حصل من الإنسان لا يقدم شيئاً ولا يؤخره، فإذا كان الله قدر الشفاء فالشفاء حاصل، وليس النذر هو الذي يأتي به، وإذا كان الله قدر عدم الشفاء فالشفاء لا يحصل، والنذر ليس هو الذي يأتي به، بل ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.
وأورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وهو بمعنى ما ذكره المصنف، وهو على صفة وصيغة الحديث القدسي؛ لأن الحديث القدسي: هو الذي تكون الضمائر فيه راجعة إلى الله عز وجل، وليس إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا غيره، وإنما تعود إلى الله، مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: (يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي) فلا يقول: (يا عبادي!) إلا رب العباد وهو الله عز وجل، فهو كلام مضاف إلى الله ومسند إليه، ولهذا فالحديث القدسي: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أسنده إلى ربه، يعني: هو من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن لفظه إلا أنه أسنده إلى الله، ولهذا فالضمائر فيه إلى الله عز وجل.
وغالباً ما يتقدمه: فيما يرويه عن ربه، أو قال الله عز وجل في الحديث القدسي، أو فيما رواه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه، يعني: هذه هي الصيغ التي تدل عليه، وهذا الحديث ليس فيه صيغة تدل عليه إلا الضمير الذي يرجع إلى الله عز وجل، وهو قوله: (لا يأتي النذر على ابن آدم شيئاً لم أقدره عليه) الذي يصدق عليه أن يقول: لم أقدره هو الله، ولا يصلح أن يضاف ذلك إلى أحد سوى الله، فصيغة الحديث القدسي وهيئة الحديث القدسي الضمير فيه يرجع إلى الله عز وجل.
(لا يأتي النذر على ابن آدم شيئاً لم أقدره عليه) يعني: لم أقدره له أو أقدره عليه، يعني: أن الشيء الذي قدره الله عليه، أو قدره له ليس النذر هو الذي يقدم أو يؤخر، بل المقدر كائن لا محالة نذر أو لم ينذر، ولكن النذر يستخرج به من البخيل، وقوله: (ولكنه شيء أستخرج به من البخيل) يعني: شيء جعله الله عز وجل سبباً في حصول استخراج شيء من بخيل لا ينفق، ولكنه ينفق في مقابل فيستخرج به منه.

تراجم رجال إسناد حديث: (لا يأتي النذر على ابن آدم شيئاً لم أقدره عليه ...)


قوله: [أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن].هو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة الزهري، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن سفيان].
هو سفيان بن عيينة المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الزناد].
هو عبد الله بن ذكوان المدني، وهو مشهور بلقبه أبي الزناد، وأبو الزناد لقب على صفة الكنية، وكنيته أبو عبد الرحمن، ولقبه أبو الزناد، فهو لقب ليس بكنية ولكنه على هيئة الكنية، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأعرج].
وهو عبد الرحمن بن هرمز لقبه: الأعرج المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو كثيراً ما يروي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، والأعرج لقب لـعبد الرحمن بن هرمز، وألقاب المحدثين نوع من أنواع علوم الحديث، فائدة معرفتها: أن لا يظن الشخص الواحد شخصين فيما إذا ذكر مرة باسمه ومرة بلقبه، فإن من لا يعرف يظن أن هذا شخص وهذا شخص، لكنه عندما يعرف أن عبد الرحمن بن هرمز لقب الأعرج.. فإذا جاء الأعرج بدون ذكر الاسم عرف الشخص، وإذا قال عبد الرحمن بن هرمز عرف أنه الأعرج، ولا يلتبس عليه أنهما شخصان مع أنهما شخص واحد.
وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق، رضي الله تعالى عنه وأرضاه.


النذر يستخرج به من البخيل


شرح حديث: (لا تنذروا فإن النذر لا يغني من القدر شيئاً ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [النذر يستخرج به من البخيل.أخبرنا قتيبة حدثنا عبد العزيز عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا تنذروا فإن النذر لا يغني من القدر شيئاً، وإنما يستخرج به من البخيل)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: النذر يستخرج به من البخيل، يعني: ما هي النتيجة التي تترتب على النذر؟ هل يقدم ويؤخر؟ لا يقدم ولا يؤخر، ولا يرد من قدر الله شيئاً، وقدر الله نافذ لا محالة، ولكن الذي يترتب عليه والنتيجة التي تترتب عليه، أنه يستخرج به من البخيل الذي لا ينفق، ولكنه ينفق وهو كاره إذ ألزم نفسه بمناسبة شيء يؤمله ويرجوه، ثم بعد ذلك يتعين عليه أن يأتي بالنذر، فتكون النتيجة أنه يستخرج به من البخيل، وإلا فإنه لا يأتي بخير ولا يقدم شيئاً ولا يؤخره، ولا يحصل بسببه شفاء، ولا يحصل بسببه رد غائب علق الناذر نذره عليه، أو غير ذلك من أنواع النذور، وإنما النتيجة التي تترتب على ذلك أن البخيل لا ينفق إلا وهو كاره لسبب النذر الذي ألزم نفسه به، ولهذا يقال في تعريف النذر: إيجاب ما ليس بواجب لحدوث أمر، يعني: يوجب الإنسان على نفسه شيئاً ليس بواجب عليه، بل ذلك الشيء الواجب منوط ومربوط بحدوث أمر، يعني: إن شفى الله مريضي.. أدفع كذا وكذا، أو لله عليّ كذا وكذا إن رد غائبي، وإن شفاني الله عز وجل أفعل كذا وكذا، وإن حصل كذا أفعل كذا وكذا.
ثم أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله عنه: [(لا تنذروا)] وهو نهي عن النذر، وذلك لما يشتمل عليه النذر من ربط الإحسان بالمقابل وليس ابتداءً، بل إن حصل كذا فأنا أفعل كذا وكذا، (لا تنذروا)؛ لأن النذر في مقابل هذا لا يصلح، بل الإنسان يتقرب إلى الله عز وجل بالقربة ابتداءً وبدون ربطها بشيء، وأمر آخر وهو أنه لا يعرض نفسه للندم فيما إذا حصل له الشيء الذي نذره، فيترتب على ذلك أنه يستخرج به من البخيل.

تراجم رجال إسناد حديث: (لا تنذروا فإن النذر لا يغني من القدر شيئاً ...)


قوله: [أخبرنا قتيبة].هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وبغلان قرية من قرى بلخ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد العزيز].
هو عبد العزيز بن محمد الدراوردي، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن العلاء].
هو العلاء بن عبد الرحمن الحرقي الجهني، وهو صدوق ربما وهم، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبيه].
هو عبد الرحمن بن يعقوب الحرقي الجهني، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي هريرة].
وقد مر ذكره.


النذر في الطاعة


شرح حديث: (من نذر أن يطيع الله فليطعه ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [النذر في الطاعة.أخبرنا قتيبة عن مالك عن طلحة بن عبد الملك عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه)].
أورد النسائي: النذر في الطاعة، أي: إذا وجد النذر، وإلا فالنذر منهي عنه، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تنذروا) ولكنه إذا وجد فليكن في طاعة لا في معصية، وإذا نذر في طاعة فعليه الوفاء، وإذا نذر في معصية فلا يجوز له الوفاء بالنذر، ولهذا ساق النسائي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها: [(من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه)] فدل هذا على أن النذر إنما يكون في الطاعة، وأنه عليه أن ينفذ ويأتي بالطاعة التي نذرها، أما النذر في المعصية فإنه لا يجوز، يعني: إذا كان النذر من أصله منهي عنه (لا تنذروا) حتى في الطاعة، فإذا كان في معصية فإنه منع على منع؛ ممنوع منه من جهتين: من جهة أن النذر لا يصلح ولا ينبغي أن يكون ولو كان في الطاعة، ومن جهة أنه مع كونه منهي عنه ولو كان في الطاعة، فهو أيضاً من باب أولى منهي عنه في المعصية، فمن نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه، ولا يجوز له الوفاء بذلك النذر.
وعليه أن يكفِّر على خلاف بين أهل العلم في ذلك، والكفارة كفارة يمين.
يتبع



ابوالوليد المسلم 18-09-2022 12:01 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
تراجم رجال إسناد حديث: (من نذر أن يطيع الله فليطعه ...)

قوله: [أخبرنا قتيبة].وقد مر ذكره.
[عن مالك].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث الفقيه، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وهي: مذهب أبي حنيفة، ومذهب مالك، ومذهب الشافعي، ومذهب أحمد، وهم أربعة اشتهروا بالفقه وبالعلم، وكان لهم أتباع عنوا بجمع كلامهم وأقوالهم، فاشتهرت هذه المذاهب وانتشرت، ولم يكن الفقه منحصراً فيهم بل كان في زمانهم وقبل زمانهم وبعد زمانهم أئمة أجلة عندهم علم واسع، مثل: الليث بن سعد في مصر، ومثل: عبد الرحمن الأوزاعي في الشام، ومثل: سفيان الثوري في الكوفة، ومثل: سفيان بن عيينة في مكة، ومثل: إسحاق بن راهويه في مرو، وغيرهم أئمة أجلة وفقهاء معروفون بالفقه، وكذلك سعيد بن المسيب في التابعين، وفي كبار التابعين الفقهاء السبعة المشهورون في المدينة في عصر التابعين.. فقهاء كثيرون، وفي الصحابة قبلهم يعني: منهم مشهورون بالفقه، ومنهم من هو معروف بالفقه، ولكن اشتهر هذا الذكر للأئمة الأربعة الذين هم: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد؛ لأن الله هيأ لهم أصحاباً وتلاميذ عنوا بجمع أقوالهم وآرائهم، وتنظيمها وترتيبها، والتأليف فيها، فصار لهم الاشتهار الذي ما كان لغيرهم، ولا يعني هذا حصر المسألة فيهم كما أشرت إليه؛ لأن هناك من هو مثلهم كثير، ولكن ما رزقوا مثل ما رزق هؤلاء أصحاب يعنون بجمع كلامهم، وجمع أقوالهم وترتيبها، وتنظيمها، ونشرها، والتأليف فيها، وما إلى ذلك مما يتعلق بها، ولهذا اشتهروا بهذه الشهرة، وهي من مذاهب أهل السنة.
ولا يصلح أن يقال: إن مذاهب أهل البدع هي من جنس هذه المذاهب، وأن مذهب الجعفرية، أو مذهب سائر الفرق والمذاهب المنحرفة من أهل البدع أنها مثلها، وأنه لا فرق بينها إلا أن هذا كذا وهذا كذا، فيقال: حنفي، وشافعي، ومالكي، وجعفري.. لا، أهل السنة كلامهم مبني على الكتاب والسنة، أما أولئك فأقوالهم مبنية على باطل، فمثال الرافضة الجعفرية الذين يجعلون أو يسندون ما يقولونه من الفقه إلى ما خرج من عند الأئمة، ويقولون: إن كل شيء لم يخرج من عند الأئمة فهو باطل، فهذه مذاهب ابتداع وانحراف وخروج عن الجادة، وليست مثل هذه المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة.
[عن طلحة بن عبد الملك].
هو طلحة بن عبد الملك الأيلي، وهو ثقة، أخرج له البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن القاسم].
هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق المدني، ثقة، فقيه من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وهم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير بن العوام، وسليمان بن يسار، هؤلاء ستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، والسابع فيه ثلاثة أقوال: قيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
[عن عائشة].
هي عائشة أم المؤمنين، الصديقة بنت الصديق، ذات المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، والتي حفظ الله تعالى بها الكثير من سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا سيما ما يكون بين الرجل وأهل بيته، لا سيما ما يكون في بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإنها وعت وحفظت الكثير، وأدت إلى الناس الشيء الكثير من سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهم ستة رجال وامرأة واحدة، هم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وأنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، وأم المؤمنين عائشة، ستة رجال وامرأة واحدة.


النذر في المعصية


شرح حديث: (من نذر أن يطيع الله فليطعه..) من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله تعالى: [النذر في المعصية.أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى حدثنا مالك حدثني طلحة بن عبد الملك عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: النذر في المعصية، وهو مثل الترجمة السابقة: النذر في الطاعة. وأورد فيه حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أخرى، وهو باللفظ المتقدم: [(من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه)]، أورده في الباب السابق من أجل الجملة الأولى، وأورده في هذا الباب من أجل الجملة الثانية.
ونذر المعصية لا يجوز كما ذكرت من جهتين: من جهة أن النذر من أصله -ولو كان طاعة- منهي عنه، فإذا كان في معصية فهو نهي على نهي، وشيء إلى شيء آخر، يعني: منعاً إلى منع، ونهياً إلى نهي، وكما ذكرت أن أهل العلم متفقون على أنه لا يجوز الوفاء به، ولكنهم اختلفوا في الكفارة، فمنهم من قال: إن فيه كفارة يمين، ومنهم من قال: إنه لا كفارة فيه، ولا يوفى به، وقد جاء في بعض الأحاديث أن النذر كفارته كفارة يمين، فيدخل فيه نذر المعصية، والنذر فيما لا يملكه الإنسان، وغير ذلك من النذور.

تراجم رجال إسناد حديث: (من نذر أن يطيع الله فليطعه..) من طريق ثانية


قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].هوعمرو بن علي الفلاس، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[عن يحيى].
هو يحيى بن سعيد القطان البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مالك عن طلحة بن عبد الملك عن القاسم عن عائشة].
وقد مر ذكر هؤلاء الأربعة.

شرح حديث: (من نذر أن يطيع الله فليطعه..) من طريق ثالثة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن العلاء حدثنا ابن إدريس عن عبيد الله عن طلحة بن عبد الملك عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه)].أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى، وهو مثلما تقدم في لفظه.

تراجم رجال إسناد حديث: (من نذر أن يطيع الله فليطعه..) من طريق ثالثة


قوله: [أخبرنا محمد بن العلاء].هو محمد بن العلاء بن كريب، كنيته: أبو كريب، وهو مشهور بها، ويذكر أحياناً باسمه فيقال: محمد بن العلاء، وأحياناً بكنيته فقط فيقال: أبو كريب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن إدريس].
هو عبد الله بن إدريس الأودي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبيد الله].
هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري المصغر، يعني تمييزاً له عن أخيه عبد الله المكبر؛ لأن هذا عبيد الله وذاك عبد الله، وعبيد الله ثقة، وعبد الله ضعيف، فيميزون أحدهما عن الآخر بأن يقولوا: المصغر والمكبر، وعبيد الله ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن طلحة عن القاسم عن عائشة].
وقد مر ذكرهم.


الوفاء بالنذر


شرح حديث: (خيركم قرني ثم الذين يلونهم ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [الوفاء بالنذر. أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا خالد حدثنا شعبة عن أبي جمرة عن زهدم سمعت عمران بن حصين رضي الله عنه يذكر: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، فلا أدري أذكر مرتين بعده أو ثلاثاً، ثم ذكر قوماً يخونون ولا يؤتمنون، ويشهدون ولا يستشهدون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن). قال أبو عبد الرحمن: هذا نصر بن عمران أبو جمرة].
أورد النسائي الترجمة وهي: الوفاء بالنذر، والنذر منهي عنه، ولكنه إذا وجد في طاعة فيجب الوفاء به، وإذا كان في معصية فلا يجوز الوفاء به، والنذر منهي عنه؛ لأنه لا يأتي بخير للناذر، ولا يترتب على نذره حصول شيء يريده، بل الأمر كما قدر الله وقضاه، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ولكنه يستخرج به من البخيل، فإذا وجد النذر وكان طاعة، وجب الوفاء به باتفاق، وإذا وجد النذر وكان معصية، فلا يجوز الوفاء به باتفاق.
وهل تجب الكفارة في نذر المعصية أو لا تجب؟ خلاف في ذلك بين أهل العلم بالنسبة للكفارة.
وقد جاء في القرآن مدح الذين يوفون بالنذر في سورة الإنسان: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifيُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[الإنسان:7]، فمدحهم وأثنى عليهم بأنهم يوفون بالنذر إذا وجد النذر، فالنذر منهي عنه، ولكنه إذا وجد يجب الوفاء به، ومن أوفى بنذره فهو محمود، ومن لم يوف بنذره فهو مذموم، ويكون جمع بين مصيبتين: كونه نذر وقد نهي عن النذر، وكونه نذر طاعة ولم يوف بها، ولكنه يتعين على كل من نذر طاعة أن يفي إذا كان يقدر على ذلك، وإن لم يقدر فإنه يأتي بكفارة يمين.
أورد النسائي حديث عمران بن حصين رضي الله عنه، وهو الحديث الذي يتعلق بفضائل الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، والذي فيه بيان أوصاف الناس الذين يأتون بعدهم مخالفين لمنهجهم وطريقتهم، فقال: [(خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)].
(خيركم قرني)، أي: القرن الذي بعث فيه رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهم: الصحابة الذين رأوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والذين تشرفوا بصحبة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله عز وجل لما بعث رسوله الكريم، اختار له أصحاباً هم خير أمته، وهم أفضل أمته على الإطلاق؛ لأنهم هم الذين أكرمهم الله بصحبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وجاهدوا مع رسول الله عليه الصلاة والسلام، وذبوا عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وتلقوا الكتاب والسنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وتشرفوا برؤية النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الحياة الدنيا يقظة لا مناماً، وتشرفوا بسماع صوته وكلامه من فمه الشريف صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وتحملوا الكتاب والسنة وأدوها إلى الناس، فهم الواسطة بين الناس وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما عرف الناس كتاباً ولا سنة، ولا عرف الناس حقاً ولا هدى إلا عن طريق الصحابة، فإذا قدح في هذه الطريق، فإنه قدح في الكتاب والسنة، ولهذا جاء عن أبي زرعة الرازي كلام في غاية الحسن، يستحق أن يقال فيه الكلمة المشهورة عند الناس: يكتب بماء الذهب، أو يستحق أن يكتب بماء الذهب، الكلام الذي يعبرون به عن الشيء النفيس، والشيء الجميل، يقولون فيه هذا الكلام.
أبو زرعة الرازي قال كلمة عظيمة من أحسن الكلام، ومن أوضح الكلام، ومن أجمل الكلام، وقد ذكر هذا عنه الخطيب البغدادي في كتاب الكفاية بإسناده إليه، قال: إذا رأيتم أحداً ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلموا أنه زنديق. ثم بين السبب، فقال: وذلك أن الرسول حق، والكتاب حق، وإنما أدى إلينا الكتاب والسنة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي: نحن ما عرفنا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ولا عرفنا ما جاء عن الرسول إلا عن طريق الصحابة، الأسانيد التي جاءت عن طريق الصحابة، وفيها أن الرسول قال كذا، وأنه جاء بكذا وبكذا، فالناس ما عرفوا الحق والهدى الذي جاء به الرسول إلا عن طريق الصحابة، الكتاب جاء عن طريق الصحابة، والسنة جاءت عن طريق الصحابة.
وذلك أن الرسول حق، والكتاب حق، وإنما أدى إلينا الكتاب والسنة -أي: قول الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله وتقريره- أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، فهم الواسطة بيننا وبين الرسول عليه الصلاة والسلام، لم نصل إلى الرسول عليه الصلاة والسلام إلا عن طريق الصحابة، ولم يصل إلينا الحق والهدى إلا عن طريق الصحابة، عن طريق أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وأبو هريرة، وسعد، وغيرهم من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، الذين دونت أحاديثهم وروايتهم في كتب السنة: في الصحاح، والسنن، والمسانيد، والمعاجم، وغيرها، فكلها تنتهي إلى الصحابة، والصحابة يقولون: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام، وذلك أن الرسول حق، والكتاب حق، وإنما أدى إلينا الكتاب والسنة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. الذين يقدحون في الصحابة يريدون أن يجرحوا شهودنا، وما هي النتيجة من جرح الشهود؟
النتيجة إبطال الكتاب والسنة، وهؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، وهم زنادقة؛ لأن من يقطع صلته بالرسول صلى الله عليه وسلم، وهم الصحابة، فلا صلة له بالرسول عليه الصلاة والسلام، ولهذا فإن الرافضة من كلامهم الموجود في كتاب الكافي، باب تحته أحاديث: باب ليس شيء من الحق إلا ما خرج من عند الأئمة، وأن كل شيء لم يخرج من عندهم فهو باطل، يعني: جاء عن طريق أبي بكر، وعمر، وعثمان، وطلحة، والزبير، وسعد، وسعيد، وأبي هريرة هذا كله باطل، القرآن جمعه أبو بكر، وعثمان، والسنة جاءت عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، فمن يجرح الواسطة إنما يقدح في الكتاب والسنة؛ لأن القدح في الناقل قدح في المنقول، ولهذا عند ورود الأسانيد يقولون: فلان ضعيف لا يحتج بحديثه، معناه: أن المنقول ما له قيمة، وإذا كان ثقة قالوا: يحتج به، ويعمل به، ويعول عليه، وإذا كان غير معول عليه وغير حجة، فهو قدح، وإذا كان الصحابة مقدوح فيهم، فمعناه إلغاء الكتاب والسنة، وإبطالها، وهذا هو الخذلان بعينه، وهذا هو الخذلان الذي ليس وراءه خذلان.
قال عليه الصلاة والسلام: (خيركم قرني)، أي: أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حصل لهم شرف ما حصل لغيرهم، أبصارهم تشرفت بالنظر إلى طلعته صلى الله عليه وسلم في الحياة الدنيا يقظة لا مناماً، وأسماعهم سمعت صوته صلى الله عليه وآله وسلم، ثم نقلوا الحق والهدى إلى الناس، فلهم أجور أعمالهم، ولهم أجور كل من استفاد خيراً بسببهم بهذه السنن التي نقلوها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن من دل على خير فله مثل أجر فاعله.

فضل التابعين وأتباعهم

[(خيركم قرني، ثم الذين يلونهم)]، الذين هم التابعون الذين رأوا الصحابة.(ثم الذين يلونهم)، أتباع التابعين الذين رأوا التابعين، ولهذا جاء في بعض الأحاديث أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (يأتي على الناس زمان فيغزوا فئام منهم فيقال: هل فيكم من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟)، يعني هل فيهم صحابة وإلا لا؟ (فيقولون: نعم فينا فلان وفلان، فيفتح لهم، ثم يأتي على الناس زمان فيغزوا فئام)، يعني: جماعات، (فيقال: هل فيكم من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟)، مَن هو مِن التابعين، (فيقولون: نعم، فيفتح لهم، ثم يأتي على الناس زمان فيغزوا فئام منهم فيقال: هل فيكم من صحب من صاحب أصحاب رسول الله؟)، يعني: هل فيكم من رأى من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ لأن الصحابة رأوا الرسول صلى الله عليه وسلم، والتابعون رأوا العيون التي رأت الرسول صلى الله عليه وسلم، وأتباع التابعين رأوا الأشخاص الذين رأوا من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء هم خير القرون، (خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)، يعني: أصحاب رسول الله، ثم التابعين، ثم أتباع التابعين.
قوله: [(فلا أدري أذكر مرتين بعده أو ثلاثاً)]، يعني: الشك في أنه مرتين بعده أو ثلاثاً، لكن جاء في بعض الأحاديث التنصيص على الثلاثة بعد قرنه، وقد جاء في كثير من الأحاديث ذكر القرنين بعد قرنه، أي: القرون الثلاثة المفضلة جاءت في كثير من الأحاديث، عن عمران، وعن غيره، والحديث الذي أشرت إليه، والذي ليس فيه التنصيص على القرون، ولكن فيه التنصيص على الفئام التي تغزوا، ويفتح لهم إذا كان فيهم أحد من هؤلاء، وهم الصحابة والتابعون وأتباع التابعين.
قوله: [(ثم ذكر قوماً يخونون ولا يؤتمنون)].
أي: تظهر فيهم الخيانة، ولا تكون فيهم الأمانة، أي: يخونون ولا يؤتمنون.
قوله: [(ويشهدون ولا يستشهدون)]، يعني: لا يطمع الناس بشهادتهم، ولا يرغب الناس بشهادتهم، وهم يدلون ويأتون بالشهادة، والناس لا يريدونهم أن يشهدوا؛ لأنهم يشهدون زوراً، فهم ليسوا أهلاً للشهادة، فهم يشهدون ولا يستشهدون.
قوله: [(وينذرون ولا يوفون)]، وهذا محل الشاهد: الوفاء بالنذر، يعني: ذم الذين ينذرون ولا يوفون، وعليه: فالذين يوفون بالنذر بعد أن يقعوا فيه محمودون، محمودون ومثنى عليهم، وضدهم مذموم؛ لأنه نذر وقد نهي، ثم لم يوف، فجمع بين مصيبتين، وجمع بين خصلتين ذميمتين: النذر وهو ابتداء مذموم، وعدم الوفاء به ثانياً وهو مذموم، فجمع الذم من جهتين، فكان كما يقولون في المثل: حشفاً وسوء كيلة.
قوله: [(ويظهر فيهم السمن)]، يعني: همهم الدنيا، والافتتان في المطاعم والمشارب والمآكل، ونتيجة ذلك أن يظهر فيهم السمن.
قال أبو عبد الرحمن: هذا...، يعني: الذي ذكر بلقبه هو: أبو جمرة، وهو نصر بن عمران الضبعي، يعني: سماه لأنه ذكر في الإسناد بكنيته أبو جمرة، وأبو عبد الرحمن النسائي أراد أن يبين من هو فقال: هذا نصر بن عمران الضبعي.
فإذا كانوا موجودين في ذلك الوقت، مع قرب العهد بالنبوة، فوجودهم ذلك من باب أولى؛ لأنه لا يأتي عام إلا والذي بعده شر منه كما جاء ذلك في الحديث، ولكن ينبغي أن يفهم أن الحديث ليس على إطلاقه دائماً وأبداً، فقد يأتي في بعض الأزمان زمن يكون خيراً من الذي قبله، كما جاء في أحاديث المهدي: (يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً)، معناه: الزمان الذي هو فيه خير من الزمان الذي قبله، ولهذا ذكر الحافظ ابن حجر في شرح هذا الحديث: (لا يأتي عام إلا والذي بعده شر منه)، قال: قال ابن حبان: هو مخصوص في بعض الأوقات، وفي بعض الأزمان، ويدل على ذلك أحاديث المهدي، وأنه يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، فإن قوله: (يملؤها عدلاً)، معناه: أن الزمن الذي فيه المهدي خير من الذي قبله، فليس هذا الحديث على إطلاقه: أنه لا يأتي عام إلا والذي بعده شر منه دائماً وأبداً، ولكن هذا غالب وكثير، ولكنه ليس على إطلاقه دائماً وأبداً كما قال ذلك أهل العلم.

تراجم رجال إسناد حديث: (خيركم قرني ثم الذين يلونهم ...)


قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى].هو محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود في القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[عن خالد].
هو خالد بن الحارث البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي جمرة].
هو أبو جمرة نصر بن عمران الضبعي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن زهدم].
هو زهدم بن مضرب، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[عن عمران بن حصين].
هو عمران بن حصين أبي نجيد، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.


الأسئلة


حكم الوفاء بالنذر المكروه

السؤال: إذا نذر الإنسان نذراً مكروهاً، أي: نذر على أمر مكروه، فما حكم الوفاء به؟

الجواب: الشيء المكروه لا يفعله الإنسان، أقول: لا يفعله؛ لأنه ما دام منهياً عنه فإنه لا يفعله.


تعريف الزنديق

السؤال: ما معنى كلمة زنديق؟ كما نقلتم ذلك عن أبي زرعة؟
الجواب: الزنديق: هو الملحد الذي ليس أمامه إلا السيف، على خلاف بين أهل العلم: هل يستتاب أو لا؟ كثير من أهل العلم يقولون: الزنديق لا يستتاب، بل يقتل ويستراح منه، ومنهم من يقول: إنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل.

المراد بالقرن

السؤال: قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: (خيركم قرني)، ما المراد بالقرن؟
الجواب: القرن قيل: إنهم الجماعة الذين اشتركوا في عصر من العصور، أو في وقت من الأوقات، مثل قرن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم؛ لأنهم كلهم اشتركوا في أمر، وهو لقي النبي صلى الله عليه وسلم، هذا قدر مشترك بينهم وإن كانوا متفاوتين، منهم من رآه كثيراً، ومنهم من رآه قليلاً، ومنهم من رآه صغيراً، ومنهم من رآه كبيراً، وهكذا.. فهم أشخاص متقاربون.

ومن العلماء من يقول: إن القرن هو مائة سنة؛ لأن الغالب على أهل القرن أنهم ينقضون عن آخرهم عند مائة سنة إلا ما خرج من النوادر بأن زاد عمره على المائة، ولهذا يقولون في القرون الثلاثة؛ القرن الأول: المائة الأولى، والقرن الثاني: المائة الثانية، والقرن الثالث: المائة الثالثة.

كفارة النذر

السؤال: ما المراد بقول الشارح: ولتركب إذا عجزت، قال: وعليها الهدي؟
الجواب: قوله: عليها الهدي؛ لأنه جاء في بعض الروايات: (أنها تهدي)، أي: عليها هدي، فيحتمل أن يكون المراد بالهدي أنه شيء يلزمها كما جاء في بعض الروايات: أنها بدنة، ويحتمل أن تكون المقصود بها الشاة التي هي الكفارة، والمقصود بذلك هدي، أو ما يقوم مقامه من الصيام الذي جاء في الرواية التي بعد هذا، وهي صيام ثلاثة أيام.

أما كفارة النذر فكما هو معلوم أن الصيام ثلاثة أيام لا يأتي إلا بعد العجز عن العتق، وعن الإطعام وعن الكسوة، يعني إذا لم يستطع أياً من ذلك، فإنه يصوم ثلاثة أيام، ولا يجوز له أن يصوم مع القدرة، لكن يمكن أن يكون الذي جاء في الحديث: أنه تهدي بدنة، أو أنه كما جاء في بعض الأحاديث المطلقة التي هي: (كفارة النذر كفارة يمين)، فيما إذا كان معصية أو لا يقدر عليه، أو يكون مثلاً كما جاء في بعض الروايات: هدي بدنة، أنه يهدي بدنة، لكن الأحاديث المطلقة التي جاءت في ذكر الكفارة، وأن كفارة النذر كفارة يمين، سواء كان معصية، أو في شيء لا يقدر على الوفاء به، فإن عليه كفارة يمين، والحديث الذي سيأتي تكلم في ثبوته، وأما من حيث اليمين فإن الصيام لا يأتي ابتداءً، وإنما يأتي عند العجز عن الأمور الثلاثة: العتق، والكسوة، والإطعام لعشرة مساكين، ولم يطق أحدها، عند ذلك يصوم ثلاثة أيام.





ابوالوليد المسلم 18-09-2022 12:12 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الإيمان والنذور

(477)

(باب اليمين فيما لا يملك) إلى (باب في اللغو والكذب)




نهى الشرع الحكيم عن النذر واليمين فيما لا يملك الإنسان، لكن إذا استثنى في يمينه أو نذره فقد صار له الخيار في المضي أو الترك، كما أن النية معتبرة في باب اليمين، وليس في لغو اليمين شيء.

اليمين فيما لا يملك


شرح حديث: (لا نذر ولا يمين فيما لا تملك ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [اليمين فيما لا يملك.أخبرنا إبراهيم بن محمد حدثنا يحيى عن عبيد الله بن الأخنس أخبرني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا نذر ولا يمين فيما لا تملك، ولا في معصية، ولا قطيعة رحم)].
يقول النسائي رحمه الله: اليمين فيما لا يملك، فمراد النسائي من هذه الترجمة: أن اليمين فيما لا يملك، ليس للإنسان أن يعقدها ويأتي بها، وإنما يعقد اليمين فيما يملكه، والشيء الذي لا يملكه، وليس تحت قدرته، وليس من إمكانه أن يفعله، لا يحلف عليه.
وقد أورد النسائي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا نذر ولا يمين فيما لا تملك) هنا نفي يراد به النهي، يعني: لا ينذر ولا يحلف على شيء لا يملكه، (ولا في معصية ولا في قطيعة رحم) يعني: لا يحلف على معصية، ولا على قطيعة رحم، كذلك ولا ينذر في معصية ولا قطيعة رحم.
ومقتضى هذا النهي، أو هذا النفي الذي هو بمعنى النهي: أن اليمين لا تنعقد ولا يلزم الإنسان شيء، وإنما لا يفي بذلك الشيء إذا كان معصية، أو كان في قطيعة رحم.
ومن أهل العلم من قال: إن عليه كفارة، يعني: هذه اليمين تكون سبباً في حصول الكفارة، وأن الإنسان إذا نذر معصية، أو نذر قطيعة رحم، أو حلف على معصية أو قطيعة رحم فإن عليه الكفارة، فهذه اليمين لا يوفى بها، ولكن يترتب عليها أن الإنسان يكفِّر عن هذا الذي حلف عليه، أو الشيء الذي نذره وهو يتعلق بمعصية، أو بقطيعة رحم، أو بشيء لا يملكه.
وقوله: [(ولا في معصية، ولا قطيعة رحم)].
يعني: لا نذر ولا حلف في معصية، ولا في قطيعة رحم، والكلام في الثلاثة واحد.
من أهل العلم من قال: إنه لا ينعقد ولا يترتب عليه كفارة، ومنهم من قال: إنه لا ينعقد ولكن تترتب عليه الكفارة، يعني: المعصية، وكذلك قطيعة الرحم، وكذلك الشيء الذي لا يملكه، فكونه نذر أو حلف فإن عليه أن يكفِّر كفارة، حتى يكون ذلك أدعى إلى كونه لا يقدم على هذه الأشياء؛ لأنه سيرتب عليها كفارة، وقد جاء في بعض الأحاديث ما يدل على أن الإنسان يكفِّر في هذه الأمور، والكفارة هي نفس كفارة اليمين، وهو الأظهر.

تراجم رجال إسناد حديث: (لا نذر ولا يمين فيما لا تملك ...)

قوله: [أخبرنا إبراهيم بن محمد].هو إبراهيم بن محمد الطيبي، وهو ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[عن يحيى].
هو يحيى بن سعيد القطان، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبيد الله بن الأخنس].
صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن شعيب].
صدوق، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبيه].
هو شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وجزء القراءة، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عبد الله بن عمرو بن العاص].
هو جد شعيب؛ لأنه شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو ، فـعمرو يروي عن أبيه شعيب وشعيب يروي عن جده عبد الله بن عمرو، ولا يروي عن أبيه محمد وإنما روايته عن جده عبد الله بن عمرو، وعلى هذا فالحديث يكون متصلاً؛ لأنه رواية حفيد عن جد، وقد ثبت سماعه من جده عبد الله بن عمرو، فهو متصل. وحديث عبد الله بن عمرو أخرجه أصحاب الكتب الستة، وعبد الله بن عمرو هو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: عبد الله بن عمرو، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عباس.


من حلف فاستثنى


شرح حديث: (من حلف فاستثنى فإن شاء مضى، وإن شاء ترك غير حنث)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [من حلف فاستثنى.أخبرني أحمد بن سعيد حدثنا حبان حدثنا عبد الوارث حدثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من حلف فاستثنى، فإن شاء مضى، وإن شاء ترك غير حنث)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: (من حلف فاستثنى)، أي: فقال إن شاء الله، هذا هو الاستثناء في اليمين، والاستثناء يكون متصلاً، يعني يحلف الحلف ويكون الاستثناء متصلاً، ولو لقن فقيل له: قل: إن شاء الله، فقال: إن شاء الله، فإن ذلك ينفع ما دام أنه متصل باليمين، فهو مخير بين أن يفعل أو أن يترك، وليس عليه كفارة؛ لأنه بالخيار بين الفعل والترك؛ لأن الاستثناء لا يجعل اليمين منعقدة لازمة، بل الأمر يرجع إليه: إن أراد أن يمضي أمضى، وإن أراد أن يترك ترك وهو غير حنث، ولهذا قال: (وإن شاء ترك غير حنث) يعني: ليس بحانث وإنما هو بالخيار، وسبب ذلك اليمين؛ لأنه أرجعه إلى مشيئة الله عز وجل، فهو إن فعل فقد شاء الله عز وجل أن يفعل، وإن لم يفعل فقد شاء الله أن لا يفعل، فالأمر يرجع إليه وهو بالخيار، وهذا يدل على أن الاستثناء في اليمين لا يجعل صاحبها ملزماً بالوفاء، بل بإمكانه أن ينفذ ما حلف عليه، وبإمكانه أن يترك ما حنث عليه، ولا يترتب عليه ما حلف عليه، كما لا يترتب عليه حنث فيلزمه كفارة.

تراجم رجال إسناد حديث: (من حلف فاستثنى فإن شاء مضى، وإن شاء ترك غير حنث)


قوله: [أخبرني أحمد بن سعيد].هو المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[حدثنا حبان].
حبان بن هلال أو حبان بن موسى كل منهما ثقة، إلا أن حبان بن هلال أخرج له أصحاب الكتب الستة، وحبان بن موسى أخرج له البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[عن عبد الوارث].
هو عبد الوارث بن سعيد العنبري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أيوب].
هو أيوب بن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن نافع].
هو نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر].
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.


النية في اليمين


شرح حديث: (إنما الأعمال بالنية ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [النية في اليمين. أخبرنا إسحاق بن إبراهيم عن سليمان بن حيان حدثنا يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن علقمة بن وقاص عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (إنما الأعمال بالنية، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: النية في اليمين، ويعني: أنها معتبرة؛ لأن العبرة تكون بالنية، وما عقدت عليه اليمين، ولا بد في ذلك من النية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (إنما الأعمال بالنية)، وفي بعض الروايات: (بالنيات)، ولا تنافي بين النية والنيات؛ لأن النية لفظ مفرد محلاً بالألف واللام فيعم، وليس المقصود به نية واحدة، وإنما المقصود النية لكل عمل، فكل عمل له نية، ولا تنافي بين رواية النيات ورواية النية؛ لأنها على صيغة الإفراد اسم جنس، فيكون عاماً، وعلى صيغة العموم هو العموم، فيكون على ظاهره.
قوله: [(وإنما لكل امرئ ما نوى)] يعني: ما نوى في عمله وفي قوله، ثم بعد ذلك فسر وأتى بجملتين توضحان ما يقوم في القلب، وأن ما يجري على الجوارح، إنما هو تابع لما يكون في القلب، قال: [(فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله)] يعني: من كانت هجرته إلى الله ورسوله نية وقصداً، فهجرته إلى الله ورسوله فعلاً.. يعين بالفعل، ولا يقال: إن الشرط والجزاء متحدان فلا يستقيم؛ لأن الفرق بينهما بالتقدير، الأول بالنية والثاني بالعمل، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله نية، فهجرته إلى الله ورسوله فعلاً، ومن كان قصده بالهجرة الله ورسوله ففعله تابع لقصده.
[(ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه)] سواءً كان امرأة، أو دنيا، أو غير ذلك، فهجرته إلى ما نواه وقصده، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، إن كان أمراً شرعياً يثاب عليه، فهو يؤجر على ذلك، وإن كان أمراً مباحاً، فهو لذلك الذي هو مباح، وإن كان لأمر محرم، فنيته تابعة لذلك الأمر المحرم، وهو يأثم عليه.

تراجم رجال إسناد حديث: (إنما الأعمال بالنية ...)


قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن سليمان بن حيان].
هو سليمان بن حيان أبو خالد الأحمر، وهو صدوق يخطئ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن سعيد].
هو يحيى بن سعيد الأنصاري المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن إبراهيم].
هو محمد بن إبراهيم التيمي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن علقمة بن وقاص].
هو علقمة بن وقاص الليثي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمر بن الخطاب].
عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه هو ثاني الخلفاء الراشدين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، رضي الله تعالى عنه وأرضاه.

أمثلة على الحديث الغريب

وهذا الحديث فيه أربعة أشخاص، وجاء مفرداً، يعني: ما جاء إلا من ذلك الطريق، يعني ما رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عمر، وما رواه عن عمر إلا علقمة، وما رواه عن علقمة إلا محمد بن إبراهيم وما رواه عن محمد بن إبراهيم إلا يحيى بن سعيد، وبعد يحيى بن سعيد انتشر وكثر الرواة والآخذون عنه، حتى صار عدداً كبيراً عظيماً، وهذا من غرائب الصحيح، يعني: من الأشياء التي هي غريبة، وجاءت من طريق واحد، وليس معنى الغريب أن يكون منتقداً؛ لأن الغريب يأتي بمعنى: الطريق الوحيد، أو الطريق الذي ما جاء إلا منه، ومع ذلك فهو في غاية الصحة، وفي غاية السلامة، فيكون ثابتاً ولا يؤثر ذلك.. الغرابة ما تؤثر إلا إذا كان الشخص لا يحتمل تفرده، فهذا هو الذي يؤثر إذا جاء الغريب من طريقه، أما إذا كان انفراده يحتمل، ويعتمد، ويقبل، فإن هذا يسمونه من غرائب الصحيح؛ لأن في الصحيح ما هو غريب، يعني ما جاء إلا من طريق واحد، صحابي ما رواه غيره، ورواه عن الصحابي تابعي ما رواه غيره، وهكذا قد ينزل كما نزل هذا الحديث إلى أربعة أشخاص.
ثم هذا الحديث في إسناده ثلاثة من التابعين: علقمة بن وقاص من كبار التابعين، ومحمد بن إبراهيم من أوساط التابعين، ويحيى بن سعيد من صغار التابعين، فاجتمع فيه ثلاثة من التابعين، ولكنهم في الدرجات الثلاث، وفي الأحوال الثلاث، وفي الطبقات الثلاث للتابعين: طبقة كبارهم، وطبقة أوساطهم، وطبقة صغارهم.
وهذا الحديث هو أول حديث في صحيح البخاري، وآخر حديث في صحيح البخاري هو كذلك غريب من هذا القبيل: (كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم) فهو من غرائب الصحيح؛ لأنه جاء مفرداً من طريق أبي هريرة، وأبو هريرة من طريقه أبو زرعة، وأبو زرعة من طريقه عمارة بن القعقاع.
وهكذا حديث بيع الولاء وهبته، فهو عن ابن عمر، وهو من غرائب الصحيح، ومثله حديث ابن عمر: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله) الحديث المشهور، وقد قال الحافظ ابن حجر في شرحه: وهو من غرائب الصحيح، ولم يرد في مسند الإمام أحمد على سعته. يعني: على سعة مسند الإمام أحمد، وكونه فيه أربعون ألف حديث، ما جاء فيه هذا الحديث عن ابن عمر.
وكما ذكرت في مناسبات كثيرة أن الحديث عند العلماء هو باعتبار الصحابي لا باعتبار المتن؛ لأن المتن قد يكون موجوداً عن صحابي آخر، ولكنه ينفى وجوده عن طريق صحابي آخر، مثل حديث: (أمرت أن أقاتل الناس) موجود في مسند الإمام أحمد من حديث أبي هريرة : (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله)، لكنه ليس من حديث ابن عمر ، وهو الذي نفاه ابن حجر وقال: وقد خلا منه مسند الإمام أحمد على سعته، وكونه يبلغ أربعين ألف حديث ليس فيه حديث ابن عمر: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله) لكن هو موجود في المسند من حديث أبي هريرة، وعلى هذا فالحديث عندما يثبت أو ينفى من رواية شخص آخر، لا يعني أنه لا يوجد برواية غيره من الصحابة، يعني مثل حديث جبريل، هو من مسند عمر ولا وجود له في صحيح البخاري، بل هو من أفراد مسلم، وهو من حديث أبي هريرة متفق عليه عند الشيخين، فهو من حديث عمر عند مسلم ، فهو من أفراد مسلم بالنسبة لحديث عمر، ولهذا الذين يحصون الأحاديث ويجمعونها، يجمعونها باعتبار الصحابي، ثم لو صار فيه تكرار واختصروه فيكون بالنسبة للصحابي، لا بالنسبة للصحابة المتعددين، بل كل صحابي واحد، فإذا جاء الحديث من طريقه اعتبروه حديثاً، وإذا تكرر اقتصروا على موضع واحد من المواضع التي يرد فيها.


تحريم ما أحل الله عز وجل


شرح حديث عائشة في تواطئها مع حفصة على النبي حتى حرم على نفسه العسل

قال المصنف رحمه الله تعالى: [تحريم ما أحل الله عز وجل.أخبرنا الحسن بن محمد الزعفراني حدثنا حجاج عن ابن جريج قال: زعم عطاء أنه سمع عبيد بن عمير يقول: (سمعت عائشة رضي الله عنها، تزعم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كان يمكث عند زينب بنت جحش فيشرب عندها عسلاً، فتواصيت أنا وحفصة أن أيتنا دخل عليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلتقل: إني أجد منك ريح مغافير، أكلت مغافير؟ فدخل على إحداهما، فقالت ذلك له، فقال: لا، بل شربت عسلاً عند زينب بنت جحش ولن أعود له، فنزلت: http://audio.islamweb.net/audio/sqoos.gifيَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ http://audio.islamweb.net/audio/eqoos.gif[التحريم:1] إلى: http://audio.islamweb.net/audio/sqoos.gifإِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ http://audio.islamweb.net/audio/eqoos.gif[التحريم:4] عائشة وحفصة، http://audio.islamweb.net/audio/sqoos.gifوَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا http://audio.islamweb.net/audio/eqoos.gif[التحريم:3] لقوله: بل شربت عسلاً)].
أورد النسائي: تحريم ما أحل الله، يعني: أنه يعامل معاملة اليمين؛ لأن الله تعالى ذكر في القرآن أن هذا التحريم الذي حصل، شرعت له الكفارة، http://audio.islamweb.net/audio/sqoos.gifقَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ http://audio.islamweb.net/audio/eqoos.gif[التحريم:2]، والمقصود منه: أن ذلك الذي حرمه على نفسه، وهو ترك العسل، وأنه لا يعود لشربه، حيث أطلق اللفظ اعتبر يميناً، وعومل معاملة اليمين، فاحتاج إلى كفارة، وقال: http://audio.islamweb.net/audio/sqoos.gifقَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ http://audio.islamweb.net/audio/eqoos.gif[التحريم:2] وهو إنما حصل منه التحريم: http://audio.islamweb.net/audio/sqoos.gifلِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ http://audio.islamweb.net/audio/eqoos.gif[التحريم:1]، فأورده النسائي بهذه الترجمة هنا في كتاب الأيمان، لأنه عومل معاملة اليمين، وشرعت فيه الكفارة التي هي كفارة اليمين؛ لقول الله عز وجل: http://audio.islamweb.net/audio/sqoos.gifقَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ http://audio.islamweb.net/audio/eqoos.gif[التحريم:2]، ثم ذكر الحديث الذي كان سبباً في نزول هذه الآية، وأن عائشة وحفصة رضي الله عنهما تواطأتا على أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاء إليهما، تقول أي واحدة منهما: إنك أكلت مغافير، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يحب الرائحة الطيبة، ويكره الرائحة الخبيثة، فلما قلن له ذلك ظن أن هذا الشيء الذي استعمله فيه شيء من هذه الرائحة الكريهة، والمغافير: هو نوع من النبات أو الشجر، يقال له: مغافير، وله رائحة كريهة.
ويحتمل أنه قد يفهم أن النحل قد أكل من ذلك الشيء الذي هذا رائحته، فالرسول صلى الله عليه وسلم فهم أو قد ظن أن هذا الذي قالتاه أن فيه رائحة كريهة، وكان يكره الرائحة الكريهة ويبتعد عنها، ويحرص على الرائحة الطيبة، صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وقال: (حُبب إلي من دنياكم: النساء، والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة) فالطيب محبب إليه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ولما جاء إلى إحداهما قالت له ذلك الذي تواطأتا عليه، فقال: (بل شربت عسلاً) وأخبر بالشيء الذي كانت تطعمه إياه زينب بنت جحش رضي الله تعالى عنها، فنزلت الآية: http://audio.islamweb.net/audio/sqoos.gifيَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ http://audio.islamweb.net/audio/eqoos.gif[التحريم:1] إلى قوله: http://audio.islamweb.net/audio/sqoos.gifوَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا http://audio.islamweb.net/audio/eqoos.gif[التحريم:3].
يتبع



ابوالوليد المسلم 18-09-2022 12:13 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
تراجم رجال إسناد حديث عائشة في تواطئها مع حفصة على النبي حتى حرم على نفسه العسل

قوله: [أخبرنا الحسن بن محمد الزعفراني].ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن حجاج].
هو حجاج بن محمد المصيصي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن جريج].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، ثقة فقيه، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[زعم عطاء].
زعم: تأتي للخبر المحقق، ولا تأتي للزعم الباطل أو الكلام المردود أو الذي يوصف بغير ما هو حق فقط، بل تأتي زعم للخبر المحقق، وهنا هي من هذا القبيل، فزعم عطاء، وهو عطاء بن أبي رباح المكي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبيد الله بن عمير].
عبيد بن عمير ثقة، هو عبيد بدون إضافة لفظ الجلالة والحديث سبق أن مر وليس فيه عبيد الله بن عمير، في اسم عبيد، يعني: أنها زائدة، وهو والصواب عبيد بن عمير، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
هي أم المؤمنين، الصديقة بنت الصديق رضي الله تعالى عنها وأرضاها، ذات المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، وهي من أوعية السنة وحفظتها، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ستة رجال، وامرأة واحدة، هي هذه المرأة رضي الله تعالى عنها وأرضاها.


إذا حلف أن لا يأتدم فأكل خبزاً بخل


شرح حديث: (...كل فنعم الإدام الخل)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [إذا حلف أن لا يأتدم فأكل خبزاً بخل.أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى حدثنا المثنى بن سعيد حدثنا طلحة بن نافع عن جابر رضي الله عنه أنه قال: (دخلت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيته فإذا فلق وخل، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كل، فنعم الإدام الخل)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: إذا حلف أن لا يأتدم فأكل خبزاً بخل، فالمقصود من هذه الترجمة هو أن من حلف أن لا يأتدم، فإن أكل خبزاً بخل، يقال له إدام فتنطبق عليه اليمين، والحديث الذي أورده النسائي ليس فيه ذكر الحلف، ولكن فيه أن الخل إدام، فلو حلف ألا يأتدم، أي: حتى الخل، فإن الخل يعتبر إداماً فلا يستعمله، وإن استعمله فإنه يكفِّر عن يمينه.
والمقصود من هذا: أن الخل وصف بأنه إدام، وأن من حلف أن لا يأتدم، فالخل نوع من أنواع الإدام، فإن أكله فإنه يكون حانثاً في يمينه، إلا إذا أراد عند يمينه شيئاً معيناً، فله ما نوى؛ لأنه كما سبق أن عرفنا إنما الأعمال بالنيات، فإذا كان يقصد نوعاً معيناً من الإدام، فهذا بينه وبين الله عز وجل، إذا كان في نيته أنه ما يأتدم، ويقصد بذلك نوعاً معيناً من الإدام، فإن اليمين تقتصر على الشيء الذي نواه، والخل هو هذا المائع الحامض الذي يوضع مع الطعام، سواءً كان أسود وإلا أبيض.
قوله: [(دخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم، بيته فإذا فلق)] الفلق هي: الكسر والقطع من الخبز، [وخل]، فكان يأتدم به، يعني: يغمس القطعة من الخبز بالإدام، ثم يأكل؛ لأنه يلينه ويشهيه، يعني فيكون في الإدام فائدتان: تليين الخبز إذا كان قاسياً، أو إذا كان فيه شيء من الصلابة، وفيه النبي صلى الله عليه وسلم كان يشتهيه ويأكله، بخلاف ما لو أكله بدون أن يكون معه إدام.

تراجم رجال إسناد حديث: (...كل فنعم الإدام الخل)


قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].هو عمرو بن علي الفلاس، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى].
هو يحيى القطان، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن المثنى بن سعيد].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن طلحة بن نافع].
صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن جابر].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنه، وعن أبيه، وعن الصحابة أجمعين، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.


في الحلف والكذب لمن لم يعتقد اليمين بقلبه


شرح حديث: (... يا معشر التجار! إن هذا البيع يحضره الحلف والكذب، فشوبوا بيعكم بالصدقة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [في الحلف والكذب لمن لم يعتقد اليمين بقلبه.أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن حدثنا سفيان عن عبد الملك عن أبي وائل عن قيس بن أبي غرزة قال: (كنا نسمى السماسرة، فأتانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونحن نبيع، فسمانا باسم هو خير من اسمنا، فقال: يا معشر التجار! إن هذا البيع يحضره الحلف والكذب، فشوبوا بيعكم بالصدقة)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: في الحلف والكذب لمن لم يعتقد اليمين بقلبه، وهذا هو لغو اليمين، مثل ما جاء عن عائشة: (لغو اليمين: لا والله، وبلى والله) فكون الإنسان يقول هذا الكلام، وما أراد عقد اليمين على شيء يؤكده، وإنما جرى على لسانه، مثل: لا والله، وبلى والله، فهذا من لغو اليمين الذي لا يؤاخذ عليه ولا يكون فيه كفارة، والكذب إذا كان حصل منه من غير قصد ونية -كونه جرى على الإنسان شيء من الكذب- هذا يكفِّره الصدقة.
وأما إذا تعمد الكذب في بيعه وشرائه، فهذا من الكبائر، وقد جاء في الكذب أحاديث كثيرة تدل على تحريمه، وعلى خطورته، لكن إذا جرى شيء على الإنسان من غير قصده، ومن غير أن ينويه، فهذا هو الذي تكفِّره الصدقة، وأما إذا كان كذب، أو حلف في يمين كذب فيها، فيكفِّر ذلك أن يتوب إلى الله عز وجل، وإذا كان حالفاً كذباً على أمر ماض، فهذه يمين غموس، تغمس صاحبها في الإثم، وهذا يدل على أن الإنسان الذي يشتغل في البيع والشراء، يمكن أن يجري على لسانه حلف من غير قصد ونية، وكذلك قد يجري على لسانه شيء من الكذب ولا يتذكره، فيشرع له أن يتصدق صدقة يكفِّر الله عز وجل بها ذلك الشيء الذي حصل منه، أما إذا تعمد الكذب فهذا لا يكفِّره إلا التوبة.
قوله: [(كنا نسمى السماسرة)]، السماسرة: جمع سمسار، وأصلها كلمة أعجمية؛ كون العجم هم الذين كانوا مشتهرين بالبيع والشراء، فانتقلت إلى العرب واستعملوها، وجرت على ألسنتهم وهي ليست عربية، والرسول صلى الله عليه وسلم لما جاءهم وهم يبيعون قال: [(يا معشر التجار)] فأطلق عليهم اسماً هو خير من ذلك الاسم الذي ورد ووفد عليهم وليس من لغتهم، فسماهم باسم هوك التجار، قال: (يا معشر التجار) ما قال يا معشر السماسرة! قال: فسمانا باسم هو خير لنا من ما سمينا به أنفسنا، ومن ما كان يسمينا به غيرنا.
[(إن هذا البيع يحضره الحلف والكذب)]، يعني: لا يسلم من الحلف والكذب، ولكن الإنسان عليه أن يخلط ذلك بالصدقة، فتكون هذه الصدقة مكفرة للغو اليمين، وكذلك الكذب الذي يحصل بدون قصد الإنسان، أو لا يتذكره وليس على باله، فعليه أن يتصدق، والصدقة تكون كفارة لهذه الأمور الصغيرة، أما الكبيرة فتكفيرها إنما هو بالتوبة.

تراجم رجال إسناد حديث: (... يا معشر التجار! إن هذا البيع يحضره الحلف والكذب فشوبوا بيعكم بالصدقة)


قوله: [أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن].هو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة الزهري، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن سفيان بن عيينة].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الملك].
هو عبد الملك بن أعين، وهو صدوق، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي وائل].
هو أبو وائل شقيق بن سلمة الكوفي، ثقة، مخضرم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن قيس بن أبي غرزة].
صحابي، أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة.

شرح حديث: (... يا معشر التجار... إن هذا البيع يحضره الحلف والكذب...) من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد عن سفيان عن عبد الملك وعاصم وجامع عن أبي وائل عن قيس بن أبي غرزة رضي الله عنه أنه قال: (كنا نبيع بالبقيع، فأتانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكنا نسمى السماسرة فقال: يا معشر التجار! فسمانا باسم هو خير من اسمنا، ثم قال: إن هذا البيع يحضره الحلف والكذب، فشوبوه بالصدقة)].أورد النسائي حديث قيس بن أبي غرزة، وقد مر ما يتعلق بالحديث في الذي قبله .. أصل الحديث وسببه.
وفي هذه الرواية بيان مكان البيع، وأنه في البقيع، ويعني: مكان عند البقيع وليس في نفس البقيع إذ البقيع مقبرة.

تراجم رجال إسناد حديث: (... يا معشر التجار! ... إن هذا البيع يحضره الحلف والكذب...) من طريق ثانية

قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد].هو المقرئ المكي، ثقة، أخرج حديثه النسائي، وابن ماجه.
[عن سفيان].
هو ابن عيينة، وقد مر ذكره.
[عن عبد الملك].
مر ذكره.
[و عاصم].
هو ابن أبي النجود، صدوق له أوهام، وهو عاصم بن بهدلة، وبهدلة كنية والده أبي النجود، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وروايته في الصحيحين مقرونة، أي: أنه لم يرو له استقلالاً، وإنما روي له عن طريق المتابعة وكونه مقروناً بغيره، وهذا يبين لنا أن اصطلاح المزي وغيره أنهم يرمزون برمز الأصل فيما ليس بتعليق، ولو كان لم ينفرد وإنما كان متابعاً.
[و جامع].
هو جامع بن أبي راشد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي وائل عن قيس بن أبي غرزة].
وقد مر ذكرهما.
وبالنسبة لـعبد الملك بن أعين أظنه مثل عاصم، قال فيه: روايته في الصحيحين مقرونة أو متابعة، وهو الظاهر، على أنه وصفه بأنه شيعي؛ فلذلك اعتذر عنه، وفي التقريب قال: صدوق، شيعي، له في الصحيحين حديث واحد متابعة.
يعني: ليس استقلالاً، فهو مثل عاصم، يعني هذا متابع وذاك مقرون، المتابعة يقول: تابعه فلان، والمقرون فلان وفلان.
في اللغو والكذب


شرح حديث: (... إن هذه السوق يخالطها اللغو والكذب، فشوبوها بالصدقة) من طريق ثالثة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [في اللغو والكذب.أخبرنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن مغيرة عن أبي وائل عن قيس بن أبي غرزة رضي الله عنه أنه قال: (أتانا النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونحن في السوق فقال: إن هذه السوق يخالطها اللغو والكذب، فشوبوها بالصدقة)].
أورد النسائي حديث قيس بن أبي غرزة وهو مثل الذي قبله: [(إن هذه السوق يخالطها اللغو والكذب)] واللغو أعم من اللغو في اليمين؛ لأن اللغو يعني: الكلام الذي ليس فيه فائدة، ولغو اليمين هو أن يقول: لا والله، وبلى والله، الشيء الذي ما عقد قلبه عليه، فكلمة اللغو تكون في اليمين وفي غير اليمين، يعني لغو اليمين والشيء الذي لا قيمة له، أي: الكلام الذي لا فائدة من ورائه، ولا يترتب عليه فائدة ومصلحة، هذا هو اللغو فسواء كان يميناً أو غير يمين، وكذلك الكذب الذي يجري على لسان الإنسان من غير قصده أو ما يشعر به، يعني: ليس شيئاً متعمداً، كل تلك تكفرها الصدقة.

تراجم رجال إسناد حديث: (... إن هذه السوق يخالطها اللغو والكذب فشوبوها بالصدقة) من طريق ثالثة

قوله: [أخبرنا محمد بن بشار].هو محمد بن بشار الملقب بندار البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن جعفر].
هو محمد بن جعفر غندر البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي، ثم البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مغيرة].
هو مغيرة بن مقسم الضبي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي وائل عن قيس بن أبي غرزة].
وقد مر ذكرهما.

شرح حديث: (... يا معشر التجار! إنه يشهد بيعكم الحلف والكذب فشوبوه بالصدقة) من طريق رابعة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا علي بن حجر ومحمد بن قدامة قالا: حدثنا جرير عن منصور عن أبي وائل عن قيس بن أبي غرزة رضي الله عنه: أنه قال: (كنا بالمدينة نبيع الأوساق ونبتاعها، وكنا نسمي أنفسنا السماسرة ويسمينا الناس، فخرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم، فسمانا باسم هو خير من الذي سمينا أنفسنا وسمانا الناس، فقال: يا معشر التجار! إنه يشهد بيعكم الحلف والكذب، فشوبوه بالصدقة)].أورد النسائي الترجمة السابقة وهي في اللغو والكذب، وهنا ذكر الحلف والكذب، والترجمة في اللغو والكذب، يعني: المقصود به لغو اليمين، لكن اللفظ الأول أعم من الحلف؛ لأن اللغو يكون في الحلف، وفي غير الحلف، وهنا ذكر الحلف والكذب، وهو ألصق بالترجمة السابقة التي فيها ذكر الحلف والكذب، لكن يريد من ذلك أن الحلف بمثل: لا والله، وبلى والله من لغو اليمين الذي يكفِّره كون تصدق الإنسان بصدقة غير معينة ويتصدق بما تيسر، وليست كفارة معينة محدودة مقدرة وإنما بما يتيسر.
وقوله: [(كنا بالمدينة نبيع الأوساق ونبتاعها)].
والأوساق جمع وسق وهو: المقدار من الطعام، والمقدار من المكاييل، وكما هو معلوم أن الزكاة خمسة أوسق، والوسق ستون صاعاً.

تراجم رجال إسناد حديث: (... يا معشر التجار! إنه يشهد بيعكم الحلف والكذب فشوبوه بالصدقة) من طريق رابعة


قوله: [أخبرنا علي بن حجر].هو علي بن حجر بن إياس المروزي السعدي، ثقة، أخرج له البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[و محمد بن قدامة].
هو محمد بن قدامة المصيصي، ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن جرير].
هو جرير بن عبد الحميد ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن منصور].
هو منصور بن المعتمر، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي وائل عن قيس بن أبي غرزة].
وقد مر ذكرهما.

ابوالوليد المسلم 18-09-2022 12:22 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الإيمان والنذور

(478)


(باب النذر فيما لا يراد به وجه الله) إلى (باب من مات وعليه نذر)



جاء النهي في الشريعة الإسلامية عن النذر في معصية الله، وفيما يشق على الإنسان فعله، وفيما لا يملكه، ومن سماحة هذه الشريعة إسقاط وجوب الوفاء بنذر إنسان داهمه الموت قبل التمكن من الوفاء بنذره، لكن إن تمكن ولم يفعل قضاه عنه أولياؤه أو غيرهم فيما تصلح فيه النيابة.

النذر فيما لا يراد به وجه الله



شرح حديث: (مر رسول الله برجل يقود رجلاً في قرن فتناوله فقطعه قال: إنه نذر ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [النذر فيما لا يراد به وجه الله.أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا خالد عن ابن جريج حدثني سليمان الأحول عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (مر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم برجل يقود رجلاً في قرن، فتناوله النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقطعه، قال: إنه نذر)].
أورد النسائي: النذر فيما لا يراد به وجه الله. أي: النذر في شيء لا يصلح، وفي أمر غير سائغ، ولا يراد به قربة إلى الله عز وجل، فمقصود النسائي بالترجمة أنه لا ينفذ، ولا يوفى به.
أورد النسائي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف بالبيت، فمر برجل يقود رجلاً في قرن، أي: رابط له في حبل، بل جاء في بعض الروايات: أنه في أنفه، وفي بعضها: أنه في يده، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم يطوف جاء وقطعه وقال: (قده بيده)، يعني: أن هذا أمر منكر، وهيئة قبيحة، شخص من الناس يقاد بحبل كما تقاد البهيمة، هذا أمر مستهجن، وأشد من هذا ما جاء في بعض الروايات: أنه يقوده بخزامة في أنفه، حيث خرق فيها حلقة وجعل فيها خيطاً يقوده به، فيصير كالبعير المستعصي، والشديد العتو، والنفور؛ فلذلك يخرقونه في أنفه، ويجعلون فيه حبلاً؛ لأنه إذا جر يتألم فينقاد، وهذا تعذيب للحيوان، ومن باب أولى لو حصل للإنسان، فالرسول صلى الله عليه وسلم أنكر هذا وقطع الخيط، وقال: قده بيده، لا أن يكون الحبل مربوطاً بجسده، ولا بأنفه، ولا برأسه، ولا برقبته، ولا بيده، وإنما يقوده بيده، يضع يده بيده ويمشي معه، هذا هو الذي أرشد إليه رسول الله عليه الصلاة والسلام.
وقال: (إنه نذر)، وهذا محل الشاهد في إيراد الحديث، والحديث ورد في البخاري، لكن ليس فيه ذكر النذر، والشيخ الألباني قال: إنه صحيح دون ذكر النذر، لكن لو ثبت فإن ذلك لا يوفى به، وعليه أن يكفِّر كفارة يمين، على خلاف في ذلك بين أهل العلم.
وقد سبق الحديث في الطواف في كتاب الحج، وفيه أن للطائف أن يتكلم وهو يطوف، ويأمر بمعروف وينهى عن منكر؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام غيَّر هذا المنكر وهو يطوف، وقال له: (قده بيدك)، وأرشده إلى ما ينبغي أن يفعل، وهو أن يقوده بيده، ثم النهي عن قيادته بالحبل؛ لأنها مثل هيئة قيادة الحيوان، ولا يصلح أن يشبه الإنسان بالحيوان فيقاد كما تقاد البهيمة.

تراجم رجال إسناد حديث: (مر رسول الله برجل يقود رجلاً في قرن فتناوله فقطعه قال: إنه نذر ...)


قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى عن خالد].وقد مر ذكرهما.
[عن ابن جريج].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، ثقة فقيه، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن سليمان الأحول].
هو سليمان بن أبي مسلم، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن طاوس].
هو طاوس بن كيسان، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وهم عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث: (... وهو يطوف بالكعبة يقوده إنسان بخزامة في أنفه...) من طريق أخرى


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا يوسف بن سعيد حدثنا حجاج عن ابن جريج أخبرني سليمان الأحول: أن طاوساً أخبره عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مر برجلٍ وهو يطوف بالكعبة، يقوده إنسان بخزامة في أنفه، فقطعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيده، ثم أمره أن يقوده بيده). قال ابن جريج: وأخبرني سليمان : أن طاوساً أخبره عن ابن عباس: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مر به وهو يطوف بالكعبة، وإنسانٌ قد ربط يده بإنسانٍ آخر بسيرٍ أو خيطٍ أو بشيءٍ غير ذلك، فقطعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيده، ثم قال: قده بيدك)].أورد النسائي حديث ابن عباس من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم، إلا أن فيه: أنه يقوده بخزامة في أنفه، بسير أو خيط أو نحو ذلك، والسير هو: الخيط الذي يكون من الجلد، المهم أنه يقوده بحبل أو بشيء فهذا أمسكه بيده، وذاك بأنفه أو بيده، فالنبي صلى الله عليه وسلم قطعه وأرشده إلى أن يقوده بيده، وألا يقوده بالخيط كما تقاد البهيمة.

تراجم رجال إسناد حديث: (... وهو يطوف بالكعبة يقوده إنسان بخزامة في أنفه...) من طريق أخرى


قوله: [أخبرنا يوسف بن سعيد].هو يوسف بن سعيد المصيصي، ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن حجاج].
هو حجاج بن محمد المصيصي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن جريج عن سليمان الأحول عن طاوس عن ابن عباس].
وقد مر ذكر هؤلاء الأربعة.


النذر فيما لا يملك


شرح حديث: (لا نذر في معصية الله ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [النذر فيما لا يملك. أخبرنا محمد بن منصور حدثنا سفيان حدثني أيوب حدثنا أبو قلابة عن عمه عن عمران بن حصين رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا نذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم)].
أورد النسائي هذه الترجمة: النذر فيما لا يملك، يعني: أنه لا يجوز؛ لأنه نذر في شيء لا يستطاع، ولا يقدر عليه الإنسان، فالإنسان أولاً منهي عن النذر، وإذا نذر فلينذر في طاعة، وفي شيء يملكه ويستطيعه ويقدر عليه، أما أن ينذر معصية، أو شيئاً لا يقدر عليه فلا، ثم أورد النسائي حديث عمران بن حصين رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(لا نذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم)]، النذر منهي عنه مطلقاً، وإذا كان في المعصية، أو فيما لا يملك، فهو نهي إلى نهي، (لا نذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم).

تراجم رجال إسناد حديث: (لا نذر في معصية الله ...)


قوله: [أخبرنا محمد بن منصور].هو محمد بن منصور الجواز المكي، ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن سفيان].
هو سفيان بن عيينة، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أيوب].
هو أيوب بن أبي تميمة السختياني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي قلابة].
هو عبد الله بن زيد الجرمي، ثقة، كثير الإرسال، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمه].
هو أبو المهلب الجرمي، ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عمران بن حصين].
وقد مر ذكره.

شرح حديث: (من حلف بملةٍ سوى ملة الإسلام كاذباً فهو كما قال...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن منصور حدثنا أبو المغيرة حدثنا الأوزاعي حدثني يحيى عن أبي قلابة عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من حلف بملةٍ سوى ملة الإسلام كاذباً فهو كما قال، ومن قتل نفسه بشيءٍ في الدنيا عذب به يوم القيامة، وليس على رجل نذر فيما لا يملك)].أورد النسائي حديث ثابت بن الضحاك رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من حلف بملةٍ سوى الإسلام كاذباً فهو كما قال).
وهذا الحديث سبق قريباً بترجمة: الحلف بملة سوى الإسلام، وقد عرفنا التفصيل في ذلك، وأنه إذا كان مقصوده بذلك الرضا بتلك الملة، أو أراد أن يكون من أهل تلك الملة، فهو كما قال، وإن كان يريد من ذلك الابتعاد، أو شدة الامتناع، أو ما إلى ذلك، فهو خطأ، وأمر قبيح، ولكنه لا يكفر بذلك.
قوله: [(ومن قتل نفسه بشيءٍ عذب به يوم القيامة)]، الذي يقتل نفسه بحديدة كما جاء في الحديث: (يأتي وحديدته في يده يجأ نفسه بها، والذي تحسى سماً، ومات به فإنه يأتي يتحسى به في نار جهنم، ومن رمى نفسه من شاهق فإنه يهوي في نار جهنم)، وهو يفسر قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: (ومن قتل نفسه بشيءٍ عذب به يوم القيامة)، ولا نذر لابن آدم فيما لا يملك.
قوله: [(وليس على رجلٍ نذرٌ فيما لا يملك)].
أي: ليس له أن ينذر فيما لا يملك، ولكنه إذا نذر يكفر كفارة يمين.

تراجم رجال إسناد حديث: (من حلف بملةٍ سوى ملة الإسلام كاذباً فهو كما قال...)


قوله: [أخبرنا إسحاق بن منصور].هو ابن مهران الكوسج، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.
[عن أبي المغيرة].
هو عبد القدوس بن الحجاج، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأوزاعي].
هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى].
هو يحيى بن أبي كثير اليمامي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي قلابة].
وقد مر ذكره.
[عن ثابت بن الضحاك].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.


من نذر أن يمشي إلى بيت الله تعالى


شرح حديث عقبة بن عامر : (نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله... فقال: لتمش ولتركب)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [من نذر أن يمشي إلى بيت الله تعالى. أخبرنا يوسف بن سعيد حدثنا حجاج عن ابن جريج حدثني سعيد بن أبي أيوب عن يزيد بن أبي حبيب أخبره: أن أبا الخير حدثه عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أنه قال: (نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله، فأمرتني أن أستفتي لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فاستفتيت لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: لتمش ولتركب)].
يقول النسائي رحمه الله: من نذر أن يمشي إلى بيت الله، يعني: ماذا عليه، وماذا يلزمه حيال نذره هذا؟، ومقتضى ما جاء في الحديث: أن من نذر أن يمشي إلى بيت الله فهو نذر طاعة، ويمكن بعض الناس أن يمشي، ويمكن بعضهم أن يعجز، ومن عجز فإن عليه أن يمشي ما أمكنه أن يمشي، ويركب إذا عجز ولم يتمكن من المشي، ولكن عليه كفارة؛ لكونه لم يف بنذره، ولم يحصل منه الوفاء بنذره، والكفارة هي كفارة يمين، وقد أورد النسائي حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه: أن أخته نذرت أن تمشي إلى بيت الله، فأمرته أن يستفتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكأنها أدركت من نفسها أنها لا تستطيع ذلك، فجاء أخوها عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه يستفتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال له: (لتمش ولتركب)، يعني: لتمش ما أمكنها المشي، وإذا عجزت تركب، ولم يذكر هنا الكفارة، ولكنه جاء في بعض الأحاديث أن كفارة النذر كفارة يمين، إذا لم يستطع أن يوفيه، فتكون كفارته كفارة يمين.
فالحاصل: أن نذر المشي إلى بيت الله هو نذر طاعة، وإن كان قادراً فعليه أن يفي، وإن كان غير قادر، فإنه يمشي إذا قدر، ويركب إذا عجز، وعليه الكفارة، أما إذا تمكن من المشي، واستطاع أن يمشي، فليس عليه كفارة؛ لأنه وفى بنذره، ومن المعلوم أن الناس يختلفون في المشي، فمنهم من يمشي، ومنهم من يستطيع المشي المسافات الطويلة الشاسعة على رجليه ولا يركب، ومنهم من يعجز، يلزم نفسه بالشيء ثم يعجز عنه، كالذي حصل لأخت عقبة بن عامر التي جاء ذكرها في هذا الحديث.
يتبع



ابوالوليد المسلم 18-09-2022 12:22 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
تراجم رجال إسناد حديث عقبة بن عامر: (نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله ... فقال: لتمش ولتركب)

قوله: [أخبرنا يوسف بن سعيد].ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن حجاج].
هو حجاج بن محمد المصيصي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن جريج].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، ثقة فقيه، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن أبي أيوب].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يزيد بن أبي حبيب].
ثقة أيضاً، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الخير].
هو أبو الخير مرثد بن عبد الله اليزني المصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عقبة بن عامر الجهني].
رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.


إذا حلفت المرأة لتمشي حافيةً غير مختمرة


شرح حديث عقبة بن عامر: (سأل النبي عن أختٍ له نذرت أن تمشي حافية غير مختمرة...) من طريق أخرى


قال المصنف رحمه الله تعالى: [إذا حلفت المرأة لتمشي حافية غير مختمرة. أخبرنا عمرو بن علي ومحمد بن المثنى، قالا: حدثنا يحيى بن سعيد عن يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن زحر وقال عمرو: إن عبيد الله بن زحر أخبره عن عبيد الله بن مالك: أن عقبة بن عامر رضي الله عنه أخبره أنه: (سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن أختٍ له نذرت أن تمشي حافية غير مختمرة؟ فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: مرها فلتختمر، ولتركب، ولتصم ثلاثة أيام)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: إذا حلفت أن تمشي حافية غير مختمرة، يعني: ليس عليها خمار، فماذا تصنع؟ ومعلوم أن المشي حافياً يجوز، ويصح النذر، ويوفى به، وإذا عجز فإنه يكفر، وأما كونها لا تختمر فهذه معصية، ولا يجوز الوفاء بذلك، لكن الكفارة تلزم، وهي كفارة يمين: عتق، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فمن لم يجد صام ثلاثة أيام كما جاء ذلك مبيناً في سورة المائدة، التي أوضحت وبينت كيفية كفارة اليمين، ومقدار كفارة اليمين، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال له: (لتركب ولتختمر)، لتركب أي: حيث احتاجت إلى الركوب، وكانت عليها مشقة بذلك، كما جاء في الروايات السابقة: (لتمش ولتركب)، وتجمع بين هذا وهذا، وإذا لم تستطع فإنها تركب، ولكن كونها لا تختمر فهذه معصية، ولا يجوز للمرأة أن تترك الخمار وهي بين الرجال بين الأجانب، وكونها تحلف على ذلك أو تنذر فهذا معصية، ولا يجوز لها أن تفي به، وقد نذرت أن تمشي إلى بيت الله، وأن تكون غير مختمرة، الرواية الأولى التي في صحيح البخاري وفي غيره، ليس فيها إلا أنها تمشي، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لتمش ولتركب)، ولم يذكر شيئاً غير ذلك، والحديث الثاني فيه أنها تمشي حافية، وغير مختمرة، فالرسول صلى الله عليه وسلم أمرها أن تركب، وأن تختمر، وأن تصوم ثلاثة أيام، وهذه الثلاثة الأيام تحتمل أنها بدل عن الهدي كما جاء في بعض الروايات؛ لكونها لا تستطيع الهدي فتنتقل إلى الصيام، وتحتمل أنها كفارة اليمين، لكن كفارة اليمين لا يكون الصيام فيها إلا بعد العجز عن الكسوة، والإطعام للعشرة المساكين، أو إعتاق رقبة؛ لأن كفارة اليمين هي الكفارة الوحيدة من بين الكفارات التي جمعت بين التخيير والترتيب؛ لأن فيها تخييراً بين العتق والكسوة، والإطعام للعشرة المساكين، وترتيب للصوم، بأن يكون عند العجز عما سبق.

تراجم رجال إسناد حديث عقبة بن عامر: (سأل النبي عن أختٍ له نذرت أن تمشي حافية غير مختمرة ...) من طريق أخرى


قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].هو عمرو بن علي الفلاس، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[و محمد بن المثنى].
هو العنزي أبو موسى، الملقب بـالزمن، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن سعيد].
هو يحيى بن سعيد القطان، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن سعيد].
هو يحيى بن سعيد الأنصاري المدني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبيد الله بن زحر].
صدوق يخطئ، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن الأربعة، وعند غير النسائي بينه وبين عبيد الله بن مالك، أبو سعيد الرعيني جعثل بن عاهان المصري، واسطة وكذلك في بعض نسخ النسائي موجود هذا الرجل، يعني: بين عبيد الله بن زحر، وعبيد الله بن مالك ، والذي في الإسناد هنا أن عبيد الله بن زحر يروي عن عبيد الله بن مالك، وعند الأئمة الذين خرجوا الحديث غير النسائي، فيه أبو سعيد الرعيني، وعند النسائي في بعض النسخ أيضاً أبو سعيد الرعيني جعثل بن عاهان المصري، وأبو سعيد الرعيني جعثل صدوق، أخرج له أصحاب السنن الأربعة.
[عن عبيد الله بن مالك].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، إلا أبا داود فأخرج له في القدر.
[عن عقبة بن عامر].
وقد مر ذكره.
وقد ضعف الشيخ الألباني الحديث، وجعل سبب ذلك: عبيد الله بن زحر.


من نذر أن يصوم ثم مات قبل أن يصوم


شرح حديث: (ركبت امرأةٌ البحر فنذرت أن تصوم شهراً فماتت قبل أن تصوم...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [من نذر أن يصوم ثم مات قبل أن يصوم.أخبرنا بشر بن خالد العسكري حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة سمعت سليمان يحدث عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (ركبت امرأةٌ البحر فنذرت أن تصوم شهراً، فماتت قبل أن تصوم، فأتت أختها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وذكرت ذلك له، فأمرها أن تصوم عنها)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: من نذر أن يصوم فمات قبل أن يصوم. يعني: أن لغيره أو لوليه أن يصوم عنه، وهذا مما تدخله النيابة، وهو الصوم عن الغير، سواءً كان صوماً واجباً لأصل الشرع الذي هو شهر رمضان، أو واجباً بإلزام الإنسان نفسه والذي هو النذر، وقد جاء في الحديث المتفق عليه: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه)، ثم أورد النسائي حديث ابن عباس.
قوله: [(ركبت امرأةٌ البحر فنذرت أن تصوم شهراً)].
يعني: نجاها الله عز وجل، فماتت قبل أن تفي بنذرها، فسألت أختها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرشدها، أو أمرها أن تصوم عنها، فدل هذا على أن الإنسان إذا نذر نذراً فعلى وليه أن يوفي عنه، كما فعلت هذه المرأة التي نذرت أن تصوم شهراً، وقد استفتت أختها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأفتاها بأن تصوم عنها، فدل هذا على أن صيام النذر لمن عليه نذر صيام سائغ أن يقضى عنه، ويدخل هذا أيضاً تحت عموم قوله: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه)، ويدخل في ذلك الفرض والنفل، وهذا فيما إذا كان الإنسان قد تمكن من القضاء ولم يقض، أما إذا أفطر رمضان لمرض، وبقي معه المرض حتى مات، فإنه لا قضاء عليه؛ لأنه ما تمكن وما فرط، بل هو مرخص له أن يفطر؛ لعجزه، ولمرضه، أما إذا تمكن من الأداء بأن شفي، ولكن مضى وقت عليه وهو ما صام، ومات قبل أن يصوم، فعند ذلك يقضى عنه.
أما النذر فإنه إذا نذر نذراً فلوليه أو لغيره من الناس أن يصوم عنه، وكذلك نذر الكفارة التي تلزم الإنسان بسبب من الأسباب مثل: القتل، إذا مات قبل أن يأتي بها، فلغيره أن يصوم عنه، لكن لا يصوم إلا شخص واحد؛ لأنه يشترط فيها التوالي، أما الشيء الذي لا يشترط فيه التتابع، فيجوز الاشتراك فيه، بأن يصوم عدد من الناس عنه بعدد الأيام التي عليه.

حكم من مات وعليه كفارة قتل


مداخلة: الذي عليه كفارة القتل، لو مات قبل التمكن من الصيام فكيف يقضى عنه؟الشيخ: الذي يبدو أنه عليه كفارة أخرى، يعني تلزم التي هي قضية العتق، فإن لم يستطع العتق فعليه، صيام شهرين، فلم يستطع يعني مثلاً بعد الحادث الذي قتل به، لا أدري، الله أعلم.

تراجم رجال إسناد حديث: (ركبت امرأةٌ البحر فنذرت أن تصوم شهراً فماتت قبل أن تصوم...)


قوله: [أخبرنا بشر بن خالد العسكري].ثقة، أخرج له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[عن محمد بن جعفر].
هو الملقب غندر البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن سليمان].
هو سليمان بن مهران الكاهلي الأعمش، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مسلم البطين].
هو مسلم بن عمران البطين، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن جبير].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.


من مات وعليه نذر


شرح حديث: (أن سعد بن عبادة استفتى رسول الله في نذر كان على أمه ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [من مات وعليه نذر.أخبرنا علي بن حجر والحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع واللفظ له عن سفيان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن سعد بن عبادة رضي الله عنه استفتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في نذرٍ كان على أمه توفيت قبل أن تقضيه، فقال: اقضه عنها)].
أورد النسائي هذه الترجمة من مات وعليه نذر، يعني: هل يقضى عنه أو لا؟ الجواب: أنه يقضى، وذلك أن سعد بن عبادة رضي الله عنه سيد الخزرج من الأنصار؛ والأنصار هم الأوس والخزرج، وسيد كل منهما سعد، فسيد الأوس سعد بن معاذ، وسيد الخزرج سعد بن عبادة الذي ذكر في الحديث، فكانت أمه ماتت وعليها نذر، فجاء سعد يستفتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: (اقضه عنها)، فدل هذا على أن النذر يقضى عن الإنسان الذي نذره.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن سعد بن عبادة استفتى رسول الله في نذر كان على أمه...)


قوله: [أخبرنا علي بن حجر].هو علي بن حجر بن إياس المروزي السعدي، ثقة، أخرج له البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[و الحارث بن مسكين].
هو الحارث بن مسكين المصري، ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن سفيان].
هو سفيان بن عيينة المكي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبيد الله بن عبد الله].
هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود المدني، ثقة فقيه، من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
وقد مر ذكره.

الوفاء بنذر الميت فيما تكون فيه النيابة


مداخلة: قوله: [من مات وعليه نذر]، أي نذر مطلق كمن نذر أن يعتمر، أو نذر أن يحج، أو نذر أن يقرأ القرآن؟الشيخ: لا، وإنما الشيء الذي جاءت فيه النيابة، هذا أمره واضح، وأما غيره مثل: الصلاة فلا؛ لأنه لا يصلي أحد عن أحد، فالصلاة لا تدخلها النيابة، فالذي يبدو أنه ليس على إطلاقه، وإنما هو الشيء الذي يمكن أنه يناب فيه.

حديث: (استفتى سعد بن عبادة في نذر كان على أمه ...) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (استفتى سعد بن عبادة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في نذرٍ كان على أمه، فتوفيت قبل أن تقضيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اقضه عنها)].أورد النسائي حديث ابن عباس من طريق أخرى، وهو يتعلق بقصة استفتاء سعد بن عبادة عن النذر الذي كان على أمه، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم له بأن يقضيه عنها.
قوله: [أخبرنا قتيبة].
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الليث].
هو الليث بن سعد المصري، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس].
وقد مر ذكر هؤلاء الثلاثة.

حديث: (جاء سعد بن عبادة إلى النبي فقال: إن أمي ماتت وعليها نذر...) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن آدم وهارون بن إسحاق الهمداني عن عبدة عن هشام وهو ابن عروة عن بكر بن وائل عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (جاء سعد بن عبادة رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: إن أمي ماتت وعليها نذر فلم تقضه، قال: اقضه عنها)].أورد النسائي حديث ابن عباس من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا محمد بن آدم].
هو محمد بن آدم الجهني، صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن هارون بن إسحاق].
هو هارون بن إسحاق الهمداني، صدوق، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[عن عبدة].
هو عبدة بن سليمان، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن هشام وهو ابن عروة].
هو هشام بن عروة، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن بكر بن وائل].
بكر بن وائل، صدوق، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهم.


الساعة الآن : 05:25 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 310.51 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 310.01 كيلو بايت... تم توفير 0.50 كيلو بايت...بمعدل (0.16%)]