ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=91)
-   -   شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=194121)

ابوالوليد المسلم 16-08-2022 08:16 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
تراجم رجال إسناد حديث: (... لا، حتى تذوق عسيلته)

قوله: [ أخبرنا عمرو بن علي ].هو: عمرو بن علي الفلاس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا محمد بن جعفر ].
محمد بن جعفر هو: غندر البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا شعبة ].
هو: شعبة بن الحجاج الواسطي، ثم البصري، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن علقمة بن مرثد ].
علقمة بن مرثد، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ سمعت سلم بن زرير يحدث ].
سلم بن زرير، وهو ثقة، وثقه أبو حاتم وقال النسائي: ليس بالقوي، وحديثه أخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[ عن سالم بن عبد الله ].
هو: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وهو ثقة، فقيه من فقهاء المدينة السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
هو: عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
سالم عن سعيد بن المسيب، وهو ثقة، فقيه من فقهاء المدينة السبعة بالاتفاق؛ لأن سعيداً من الفقهاء السبعة باتفاق، وسالم على خلاف في السابع: هل هو سالم بن عبد الله بن عمر، أو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، أو أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، أما سعيد بن المسيب فهو أحد الستة المتفق على عدهم في الفقهاء السبعة.

شرح حديث: (... لا تحل للأول حتى يجامعها الآخر)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا محمود بن غيلان حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن علقمة بن مرثد عن رزين بن سليمان الأحمري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ( سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يطلق امرأته ثلاثاً فيتزوجها الرجل فيغلق الباب ويرخي الستر ثم يطلقها قبل أن يدخل بها، قال: لا تحل للأول حتى يجامعها الآخر ) قال أبو عبد الرحمن: هذا أولى بالصواب ].أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله رجل كانت عنده امرأة وطلقها طلاقاً بائناً وتزوجها آخر وخلا بها وأرخى الستر وتمكن منها إلا أنه ما فعل شيئاً، ثم طلقها هل تحل لأول؟ لا تحل للأول حتى يذوق الثاني عسيلتها كما ذاقها الأول.

تراجم رجال إسناد حديث: (... لا تحل للأول حتى يجامعها الآخر)


قوله: [ أخبرنا محمود بن غيلان ].هو: محمود بن غيلان المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.
[ حدثنا وكيع ].
هو: وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا سفيان ].
سفيان وهو: سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وإذا جاء وكيع يروي عن سفيان وهو غير منسوب فالمراد به الثوري؛ لأن وكيعاً معروف بالرواية عن سفيان الثوري.
[ عن علقمة بن مرثد ].
علقمة بن مرثد وقد مر ذكره.
[ عن رزين بن سليمان ].
هو: رزين بن سليمان الأحمري، وهو مجهول، أخرج حديثه النسائي وابن ماجه.
[ عن ابن عمر ].
ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، وقد مر ذكره، وكونه مجهولاً لا يؤثر؛ لأن الحديث جاء من طرق كثيرة كلها تدل على ما دل عليه الحديث، وقال النسائي في آخره: هذا أولى بالصواب أي: من الذي قبله، وقد نص على ذلك في الكبرى، حيث قال: أولى بالصواب من الذي قبله.


إحلال المطلقة ثلاثاً وما فيه من التغليظ


شرح حديث: (لعن رسول الله الواشمة والموتشمة ... والمحلل والمحلل له)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب إحلال المطلقة ثلاثاً وما فيه من التغليظ.أخبرنا عمرو بن منصور حدثنا أبو نعيم عن سفيان عن أبي قيس عن هزيل عن عبد الله رضي الله عنه قال: ( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواشمة والموتشمة والواصلة والموصولة، وآكل الربا وموكله، والمحلل والمحلل له ) ].
أورد النسائي إحلال المطلقة ثلاثاً وما فيه من التغليظ، يعني: كون الإنسان يتزوج المرأة ليحلها للأول، يعني: لا يريد أن يتزوجها رغبة، بل يريد أن يتزوجها لتحل للأول الذي طلقها بائناً، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، فذلك الغير الذي أراد أن يتزوجها قصده إحلالها للأول، وهذا حرام لا يسوغ، ولا يجوز، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل، والمحلل له، المحلل الذي هو الزوج الثاني الذي تزوج لإحلالها للأول والمحلل له الأول إذا كان تواطأ معه واتفق معه على هذا العمل فكل منهما ملعون، إذا كان تواطأ معه، واتفق معه، أو طلب منه، وتواطأ معه على أن يتزوج ويتركها فهذا محلل له، والذي تزوج لأجل أن يحلها للأول محلل، وكل منهما معلون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويدل هذا على أن ذلك من الكبائر.
أورد النسائي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواشمة والموتشمة ) الواشمة هي: التي تغرز في جسدها إبرة ثم تضع في مكانها شيئاً من الأخضر أو الأزرق فيتغير لون الجسد بذلك الذي حشي به ذلك الغرز الذي غرز بالإبرة، هذا يسمى وشماً، فلعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواشمة التي تفعل في نفسها، والموتشمة هي: التي تطلب من غيرها أن يفعل بها، وأن يغرز غيرها بها هذه الإبر التي يذر عليها وتحشى بهذا اللون، أو هذا الذي لونه أزرق أو أخضر وتكون علامة واضحة في الجسد ثابتة، هذه الواشمة والموتشمة كل منهما ملعون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم.
( والواصلة والموصولة ) الواصلة: التي تصل شعرها بشعر آخر، والموصولة: التي تطلب من غيرها أن يفعل بها ذلك، مثل الموتشمة، واشمة وموتشمة وواصلة وموصولة، إما هي تصل، أو يصل غيرها، أو يعمل ذلك الوصل لها غيرها.
(ولعن آكل الربا وموكله)، المقصود من ذلك: من تعاطاه وليس مجرد الأكل فقط، بل إذا تصرف فيه إذا حصل المال عن طريق الربا، وتصرف فيه بأي نوع من أنواع التصرف سواء أكل أو غير أكل، فإنه هو حرام، ولكنه عبر عن الأكل، لكونه أكثر وجوه الانتفاع والغالب على الانتفاع في الأموال، أنها تؤكل وأن الإنسان يأكل، لكن لا يعني ذلك أنه لو أخذ الربا وصرفه في أمور أخرى غير الأكل أنه لا يكون ملعوناً؛ لأن التعبير بالأكل إنما هو للغالب في استعمال الناس للمال، وأنه لو أخذ الربا وصرفه في غير الأكل أنه يكون سليماً ولا يستحق اللعنة، بل مجرد أخذ الربا وتحصيل الربا هو حرام آخذه ومعطيه، الآخذ للربا، والمعطي للربا، كل منهما ملعون، ولكن التعبير بالأكل لكونه أغلب وجوه الانتفاع.
ولعن المحلل والمحلل له، المحلل هو الزوج الثاني الذي تزوج المطلقة ثلاثاً ليحلها للأول، والمحلل له هو الزوج الأول الذي طلقها ثلاثاً، ولا يتمكن من الوصول إليها إلا بعد زواجها بشخص آخر، فيتفق مع شخص يتزوجها ثم يطلقها لتحل له، كل منهما معلون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم.
قال: وما فيه من التغليظ، هذا هو التغليظ كونه معلون؛ لأن اللعنة على الشيء تغليظ فيه، وبيان خطورته.

تراجم رجال إسناد حديث: (لعن رسول الله الواشمة والموستشمة ... والمحلل والمحلل له)


قوله: [ أخبرنا عمرو بن منصور ].هو: عمرو بن منصور النسائي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ حدثنا أبو نعيم ].
هو: أبو نعيم الفضل بن دكين الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سفيان ].
سفيان وهو الثوري، وقد مر ذكره.
[ عن أبي قيس ].
أبو قيس وهو: الأودي الكوفي هو: عبد الرحمن بن ثروان الأودي الكوفي، صدوق ربما خالف، يعني: خالف غيره من الثقات، أخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن هزيل بن شرحبيل بن حسنة الأودي ].
هو: ابن شرحبيل بن حسنة الأودي، وهو ثقة، أخرج له البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن عبد الله ].
هو: عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله عنه، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.


مواجهة الرجل المرأة بالطلاق


شرح حديث عائشة في قول النبي للكلابية الحقي بأهلك

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب مواجهة الرجل المرأة بالطلاق.أخبرنا الحسين بن حريث حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي سألت الزهري عن التي استعاذت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أخبرني عروة عن عائشة رضي الله عنها، ( أن الكلابية لما دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم قالت: أعوذ بالله منك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد عذت بعظيم، الحقي بأهلك ) ].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: مواجهة الرجل المرأة بالطلاق، يعني: كونه يعطيها الطلاق مباشرة ويخاطبها بالطلاق ويقول: طلقتك، أو الحقي بأهلك، أو ما إلى ذلك، هذه مواجهة المرأة بالطلاق، يعني: أنه قد يكتب الطلاق أو قد يطلقها وهي غير موجودة عنده، ولكنه قد يواجهها به، ويخاطبها به، ويقول: أنت مطلقة، أو طلقتك، أو الحقي بأهلك، ويقصد الطلاق؛ لأن هذه من كنايات الطلاق، فإذا قال: الحقي بأهلك، وهو يريد طلاقاً صار طلاقاً، وإن كان قالها لها يريد أن تذهب إلى أهلها ولكنه ما أراد طلاقاً فإنه لا يكون طلاقاً، والرسول صلى الله عليه وسلم لما دخلت عليه الكلابية وقالت: أعوذ بالله منك قال: لقد عذت بعظيم، الحقي بأهلك، فطلقها وهذا هو محل الشاهد للترجمة لأنه قال: الحقي؛ لأنه مواجهة المرأة بالطلاق ويخاطبها به قال: الحقي بأهلك.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة في قول النبي للكلابية الحقي بأهلك


قوله: [ أخبرنا الحسين بن حريث ].هو: الحسين بن حريث المروزي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[ حدثنا الوليد بن مسلم ].
هو: الوليد بن مسلم الدمشقي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا الأوزاعي ].
هو: عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ سألت الزهري ].
الزهري، وقد مر ذكره.
[أخبرني عروة عن عائشة ].
وقد مر ذكرهما.


إرسال الرجل إلى زوجته بالطلاق


شرح حديث فاطمة بنت قيس في إرسال الرجل إلى زوجته بالطلاق

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب إرسال الرجل إلى زوجته بالطلاق.أخبرنا عبيد الله بن سعيد حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن أبي بكر وهو ابن أبي الجهم قال: سمعت فاطمة بنت قيس تقول: ( أرسل إلي زوجي بطلاقي فشددت علي ثيابي ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كم طلقك؟ فقلت: ثلاثاً، قال: ليس لك نفقة واعتدي في بيت ابن عمك ابن أم مكتوم، فإنه ضرير البصر، تلقين ثيابك عنده، فإذا انقضت عدتك فآذنيني ) مختصر ].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: باب إرسال الرجل إلى زوجته بالطلاق، يعني: ذكر الترجمة السابقة كونه يواجهها بالطلاق ويخاطبها به، فذكر بعدها ترجمة أخرى وهي: أنه لا يخاطبها به وليست أمامه، وإنما يرسل إليها الخبر بأنه طلقها، بأن يكتب لها كتاباً فيه طلاقها، أو يخبر أناسا بأن يبلغوها بأنه قد طلقها، فهي تقابل الترجمة السابقة، الترجمة السابقة مواجهة، ومقابلة، ومخاطبة بالطلاق، وهذا هو غائب عنها ويطلقها ويرسل إليها بالطلاق مكتوباً، أو مع من يخبرها به.
أورد النسائي حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، الذي مر من طرق عديدة وفي أبواب متعددة، أن زوجها أرسل إليها بالطلاق فشدت عليها ثيابها وذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كم طلقك؟ فقالت: ثلاث، يعني: مجموع ما طلقها به ثلاث، والذي طلقها به هي الطلقة الأخيرة، فأمرها أن تعتد عند ابن أم مكتوم لأنه ضرير لا يراها، فإذا فرغت من العدة تخبره، والحديث جاء مختصراً، والمقصود منه قوله: أنه أرسل إليها بالطلاق ولم يواجهها به.

تراجم رجال إسناد حديث فاطمة بنت قيس في إرسال الرجل إلى زوجته بالطلاق

قوله: [ أخبرنا عبيد الله بن سعيد ].هو: عبيد الله بن سعيد السرخسي اليشكري، وهو ثقة مأمون سني، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والنسائي.
[ حدثنا عبد الرحمن ].
هو: عبد الرحمن بن مهدي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سفيان ].
هو: الثوري، وقد مر ذكره.
[ عن أبي بكر وهو ابن أبي الجهم ].
أبو بكر بن عبد الله بن أبي الجهم، وهو ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[ قال: سمعت فاطمة بنت قيس ].
فاطمة بنت قيس، رضي الله تعالى عنها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.

طريق أخرى لحديث فاطمة بنت قيس في إرسال الرجل الطلاق إلى امرأته وتراجم رجال إسنادها

أخبرنا عبيد الله بن سعيد حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن منصور عن مجاهد عن تميم مولى فاطمة عن فاطمة نحوه.أورد النسائي الحديث من طريق أخرى، وقال فيها: نحوه بعد أن ساق الإسناد قال: نحوه، أي: نحو المتن المتقدم أي: أنه بمعناه وليس بألفاظه وحروفه؛ لأنه لو كان بالألفاظ والحروف، لكان المناسب لذلك أن يقول: (مثله)، لكن لما قال: (نحوه) عرف أن هناك اختلاف في الألفاظ والحروف لكن المعنى واحد.
قوله: [أخبرنا عبيد الله بن سعيد ].
هو عبيد الله بن سعيد اليشكري، وهو ثقة، أخرج له البخاري، ومسلم، والنسائي.
[ عن عبد الرحمن ].
هو عبد الرحمن بن مهدي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سفيان].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن منصور ].
هو منصور بن المعتمر الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مجاهد ].
هو مجاهد بن جبر المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن تميم مولى فاطمة ].
تميم مولى فاطمة بنت قيس، وهو مقبول، أخرج له النسائي وحده.
[ عن فاطمة ].
هي فاطمة بنت قيس رضي الله تعالى عنها، صحابية، أخرج حديثها أصحاب الكتب الستة.

ابوالوليد المسلم 16-08-2022 08:18 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الطلاق

(446)

- (باب تأويل قوله عز وجل (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك) ) إلى (باب طلاق العبد)





من الطلاق ما هو صريح ومنه ما هو مكني، ومن ألفاظ الكناية في الطلاق تحريم الرجل زوجته على نفسه، ومنه قوله لها: الحقي بأهلك، وفي الحالين يرجع في وقوع الطلاق إلى نية الرجل، فإن نوى من تحريمه أو قوله لها: الحقي بأهلك طلاقاً، وقع الطلاق وحسبت عليه واحدة، أما إن نوى من تحريمه اليمين، فعليه كفارة اليمين ولا تحسب عليه طلقة.

تأويل قوله عز وجل: (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك)


شرح أثر ابن عباس في تحريم الرجل امرأته



قال المصنف رحمه الله تعالى: [ تأويل قوله عز وجل: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ )[التحريم:1].
أخبرنا عبد الله بن عبد الصمد بن علي الموصلي حدثنا مخلد عن سفيان عن سالم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: أتاه رجل فقال: إني جعلت امرأتي علي حراماً، قال: كذبت ليست عليك بحرام، ثم تلا هذه الآية: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ )[التحريم:1] عليك أغلظ الكفارة عتق رقبة ].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: تأويل قول الله عز وجل: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ )[التحريم:1]، (تأويل) المقصود به التفسير، يعني: بيان المعنى وتوضيح المعنى لهذه الآية، هذا هو المراد بالتأويل، والتأويل يأتي بمعنى التفسير وهذا هو الذي يستعمله ابن كثير في تفسيره، ويقول: تأويل قول الله عز وجل كذا وكذا، يعني: تفسير، فالتأويل بمعنى التفسير.
ويأتي التأويل بمعنى: ما يؤول إليه الأمر من الحقيقة، هذا يقال له تأويل، ومن ذلك قول الله عز وجل: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ )[النساء:59] قال: ( ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً )[النساء:59] ومنه قوله: ( وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ )[آل عمران:7] على قراءة الوقف على لفظ الجلالة، والراسخون في العلم مستأنف.. ( وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ )[آل عمران:7] يعني: وما يعلم تأويله إلا الله، يعني: حقيقة صفات الله عز وجل وما يؤول إليه الأمر من الحقيقة لا يعلم ذلك إلا الله، أو أن المقصود بقوله: ( وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ 9[آل عمران:7] على أن المقصود به المعنى مثل الحروف المقطعة في أول السور لا يعلم تأويلها وتفسيرها أو المراد بها إلا الله سبحانه وتعالى.
ويأتي التأويل بمعنى آخر وهو إخراج الكلام عن اللفظ المتبادر منه إلى معنى آخر، والتأويل هنا بمعنى التفسير وهو الذي يستعمله ابن جرير بكثرة في تفسيره، تأويل قول الله تعالى أي: تفسيره.
أورد النسائي أثر ابن عباس رضي الله تعالى عنه، لما جاءه رجل وقال: إنه حرم زوجته عليه قال: كذبت ليست عليك بحرام، ثم تلا الآية: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ )[التحريم:1]، ثم قال بعد ذلك: ( قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ )[التحريم:2]، ثم قال ابن عباس: عليك أغلظ الكفارة عتق رقبة، ومن المعلوم أن كفارة اليمين هي تخيير بين ثلاثة أشياء: عتق رقبة وإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فمن لم يجد العتق أو الإطعام أو الكسوة فإنه يصوم ثلاثة أيام، كما جاء ذلك مبيناً في سورة المائدة.
وابن عباس رضي الله تعالى عنه وأرضاه لعله ذكر له الكفارة الغليظة من باب الزجر والتخويف؛ لأن الله تعالى خير بين العتق وبين الإطعام والكسوة ثم بعد ذلك من لم يجد ينتقل إلى الصيام، فهو ذكر له ما هو أغلظ والذي هو عتق الرقبة (عليك أغلظ الكفارة عتق رقبة).
والله عز وجل خير في كفارة اليمين بين الأمور الثلاثة، بين العتق وبين الإطعام والكسوة، فإذا اختار أي واحد منها أجزأه ذلك، لكن ابن عباس رضي الله تعالى عنه لعله ذكر له العتق فقط من باب التخويف والزجر والردع وألا يتهاون الناس في ذلك فيأتوا بمثل هذه العبارات وبمثل هذه الألفاظ، فإذا علموا أن فيه عقوبة شديدة وهو كونه يعتق رقبة فإنه يحسب لذلك حساباً، والأثر ثابت عن ابن عباس في صحيح البخاري إلا ذكر ما جاء في آخره: عليك أغلظ الكفارة، وإلا كون (عليك كفارة يمين) ثبت عن ابن عباس في صحيح البخاري.
وأما: عليك أغلظ الكفارة فهي ليست في الصحيح ولكنها جاءت هنا ولعله أراد بذلك التخويف إذ ذكر له ما هو أغلظ وما هو أشد في الأمور الثلاثة التي وقع التخيير فيها.


تراجم رجال إسناد أثر ابن عباس في تحريم الرجل امرأته



قوله: [ أخبرنا عبد الله بن عبد الصمد بن علي الموصلي ].
صدوق، أخرج له النسائي وحده.
[ عن مخلد ].
هو مخلد بن يزيد، وهو صدوق له أوهام، أخرج له أصحاب الكتب الستة ما عدا الترمذي.
[ عن سفيان ].
سفيان هو الثوري، وقد مر ذكره.
[ عن سالم ].
هو سالم بن عجلان الأفطس، وهو ثقة، أخرج له البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[ عن سعيد بن جبير ].
سعيد بن جبير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، أحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.



تأويل هذه الآية على وجه آخر


شرح حديث عائشة في تحريم ما أحل الله



قال المصنف رحمه الله تعالى: [ تأويل هذه الآية على وجه آخر.
أخبرنا قتيبة عن حجاج عن ابن جريج عن عطاء أنه سمع عبيد بن عمير قال: سمعت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب ويشرب عندها عسلاً، فتواصيت وحفصة أيتنا ما دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فلتقل: إني أجد منك ريح مغافير، فدخل على أحديهما فقالت ذلك له، فقال: بل شربت عسلاً عند زينب، وقال: لن أعود له، فنزل: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/07/57.jpg يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ https://majles.alukah.net/imgcache/2022/07/58.jpg[التحريم:1] إلى قوله: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/07/57.jpg إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ https://majles.alukah.net/imgcache/2022/07/58.jpg[التحريم:4] لـعائشة وحفصة: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/07/57.jpg وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً https://majles.alukah.net/imgcache/2022/07/58.jpg[التحريم:3]، لقوله: بل شربت عسلاً ) كله في حديث عطاء ].
أورد النسائي تأويل هذه الآية على وجه آخر، يعني: غير الوجه الأول، والوجه الأول ما فيه ذكر التأويل، إلا أن فيه كفارة اليمين عندما يحصل التحريم لما يحله الله عز وجل يكون فيه كفارة يمين، لكن جاء أن سبب نزول الآية أنه كان وطئ جاريته مارية أم إبراهيم عند إحدى زوجاته صلى الله عليه وسلم فوجدت في نفسها، فوعدها أو قال لها: إنه يحرمها على نفسه وأنه لا يعود إلى وطئها، فأنزل الله عز وجل الآية وأنزل: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/07/57.jpg قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ https://majles.alukah.net/imgcache/2022/07/58.jpg[التحريم:2] وأنه يخلص من ذلك بأن يكفر كفارة يمين، هذا مما فسرت به الآية.
وفسرت بتفسير آخر وهو الذي ذكره النسائي في هذا الحديث الآخر عن عائشة رضي الله عنها، وهي أن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا كان عند زينب بنت جحش تسقيه عسلاً كان عندها، فتواصت وتواطأت عائشة وحفصة أنه إذا جاء عند واحدة منهما تقول: إنها تشم منه ريح مغافير، والمغافير هي: مادة صمغية تخرج من بعض الشجر حلوة المذاق ولكن لها رائحة كريهة، ولما جاء عند واحدة من اللتين تواطأتا عليه واتفقتا عليه قالت له ذلك، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما شربت عسلاً عند زينب، ولن أعود إلى ذلك؛ لأنه كان عليه الصلاة والسلام يكره الرائحة الكريهة أو أن يشم منه رائحة كريهة، فأنزل الله هذه الآية: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/07/57.jpg يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ https://majles.alukah.net/imgcache/2022/07/58.jpg[التحريم:1] والآيات بعدها، ثم جاء بعد ذلك تحلة اليمين بالكفارة التي هي كفارة اليمين.
فهذا تفسير للآية على وجه آخر، وعلى هذا فالذي جاء في تفسير الآية هو تحريمه لـمارية القبطية على نفسه وامتناعه من وطئها، والثاني تحريمه العسل على نفسه بعد أن ذكرت عائشة أو حفصة الذي اتفقتا عليه من القول أنها تشم ريح مغافير.


تراجم رجال إسناد حديث عائشة في تحريم ما أحل الله



قوله: [أخبرنا قتيبة ].
قتيبة هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حجاج ].
هو حجاج بن محمد المصيصي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن جريج ].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، فقيه، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عطاء ].
هو عطاء بن أبي رباح المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبيد بن عمير ].
هو عبيد بن عمير بن قتادة الليثي المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
هي عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ستة رجال وامرأة واحدة، الستة الرجال هم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد، وجابر، وأنس، وسابع هؤلاء الستة أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها.
في آخره يقول: كله في حديث عطاء.
كله يعني هذه الأشياء التي ذكرها في التفسير في السبب، وفي بيان المراد بالمرأتين اللتين قيل: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpg إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[التحريم:4] وكذلك: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpg وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[التحريم:3] كل ذلك في حديث عطاء.



الحقي بأهلك


شرح حديث كعب بن مالك في قول الرجل لأهله: الحقي بأهلك



قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الحقي بأهلك.
أخبرنا محمد بن حاتم بن نعيم حدثنا محمد بن مكي بن عيسى حدثنا عبد الله حدثنا يونس عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أنه قال: سمعت كعب بن مالك يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وقال فيه: إذا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ح وأخبرني سليمان بن داود أخبرنا ابن وهب عن يونس قال: قال: ابن شهاب أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن عبد الله بن كعب بن مالك قال: سمعت كعب بن مالك يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وساق قصته، وقال: ( إذا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك فقلت: أطلقها أم ماذا؟ قال: لا، بل اعتزلها فلا تقربها، فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله عز وجل في هذا الأمر ) ].
أورد النسائي باب: الحقي بأهلك، يعني: باب الحقي بأهلك هل يكون طلاقاً أو لا يكون طلاقاً؟
إذا أريد به الطلاق يكون طلاقاً، وإذا أريد به غير الطلاق ولم يرد الطلاق، فإنه لا يكون طلاقاً، وقد سبق أن مر بنا الحديث في أنه يكون طلاقاً في باب مواجهة الرجل امرأته بالطلاق، وجاء في ذلك حديث الكلابية التي دخل عليها رسول الله عليه الصلاة والسلام فقالت: أعوذ بالله منك، فقال: ( لقد عذت بعظيم، الحقي بأهلك ) فهذا طلاق؛ لأنه أراد بذلك الطلاق، لكن إذا لم يرد الطلاق بأن أراد أنها تذهب عند أهلها وتجلس عند أهلها وهذا هو الذي يريده الإنسان من هذا الكلام، فإنه لا يكون طلاقاً، وورد في ذلك حديث كعب بن مالك من طرق متعددة الذي يقول فيه: الحقي بأهلك حتى يقضي الله في هذا الأمر، معناه اعتزال وليس طلاقاً، يعني: تبقى عند أهلها حتى يتبين الأمر أو حتى يستقر الأمر على شيء، فإذا قال الإنسان لامرأته: الحقي بأهلك، إن كان يريد طلاقاً فهو طلاق، وإن كان لا يريد طلاقاً فهو على حسب نيته؛ لأن هذا ليس من صريح الطلاق، لأنه يفتقر إلى النية، وأما ما كان من صريح الطلاق لا يفتقر إلى نية، اللهم إذا كان سبق لسان من غير إرادة فهو معذور، وأما كونه يتلفظ بلفظ الطلاق بقصده وإرادته، فإنه يثبت ويحصل الطلاق، وأما إذا كان من الألفاظ المحتملة التي تحتمل الطلاق وتحتمل غيره فيكون طلاقاً إذا نواه، وإن نوى غير الطلاق فإنه لا يكون طلاقاً، والذي فيه الطلاق الحديث الذي مر وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم للكلابية: الحقي بأهلك، معناه أنه طلقها، لأنها قالت: ( أعوذ بالله منك، فقال: لقد عذت بعظيم، الحقي بأهلك ) يعني: تخلص منها، وأما كعب بن مالك رضي الله عنه فإنه سأل: هل يطلقها؟ يعني: لما قيل اعتزلها، فقيل له: لا، وإنما لا تقربها، فقال: الحقي بأهلك حتى يقضي الله في هذا الأمر، فهذا واضح أنه ليس طلاقاً.
إذاً: هذا اللفظ الذي هو: الحقي بأهلك من الألفاظ المحتملة، وهو من الكنايات غير الصريحة، إن أريد به الطلاق صار طلاقاً، وإن أريد به غير الطلاق لا يكون طلاقاً، وحديث: ( الحقي بأهلك ) الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم للكلابية ونوى الطلاق صار طلاقاً، وحديث كعب بن مالك الذي فيه قوله: الحقي بأهلك وما كان يريد طلاقاً، ولهذا قال: الحقي بأهلك حتى يقضي الله في هذا الأمر، والرسول صلى الله عليه وسلم قال له: لا تقربها، ما قال له: طلقها، فإذاً: أتى بعبارة الحقي بأهلك يريد أنها تذهب إلى أهلها وتجلس عندهم إلى أن يقضي الله في هذا الأمر، فلا يكون طلاقاً.
وكعب بن مالك رضي الله تعالى عنه في قصة تخلفه عن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، وهي قصة طويلة وحديث طويل من أطول الأحاديث، ولكن النسائي فرقه في مواضع، وأتى في هذا الموضع بجزء منه، ولهذا قال: في قصة تخلفه، لأنها قصة طويلة، ولكنه أشار منها إلى مقطع من مقاطعها وجزء من أجزائها وهو أنه قال: (إذا برسول رسول الله عليه الصلاة والسلام يأتيني ويقول: اعتزل أهلك، قلت: أطلقها أم ماذا؟ قال: لا، لا تقربها، فقال لها: الحقي بأهلك حتى يقضي الله في هذا الأمر).
الحاصل: أن الحقي بأهلك إذا أريد به الطلاق صار طلاقاً، وإن لم يرد به الطلاق لا يكون طلاقاً.

يتبع




ابوالوليد المسلم 16-08-2022 08:18 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
تراجم رجال إسناد حديث كعب بن مالك في قول الرجل لأهله: الحقي بأهلك


قوله: [ أخبرنا محمد بن حاتم بن نعيم ].
محمد بن حاتم بن نعيم ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن محمد بن مكي بن عيسى ].
محمد بن مكي بن عيسى مقبول، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[ عن عبد الله ].
هو ابن المبارك المروزي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، واللذان قبله كلهم مروزيون محمد بن يحيى بن نعيم، ومحمد بن مكي بن عيسى، وعبد الله بن المبارك كل هؤلاء مروزيون.
[ عن يونس ].
هو يونس بن يزيد الأيلي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ].
عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[ عن كعب ].
هو كعب بن مالك يعني: عبد الرحمن يروي عن جده كعب بن مالك رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد الثلاثة الذين خلفوا وجاء في القرآن، بالتنويه بشأنهم، وتوبة الله عز وجل عليهم، حيث قال الله عز وجل: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpg وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[التوبة:118] فهو أحد الثلاثة الذين نزل بشأنهم قرآن، ونزلت توبتهم، ونجاهم الله بالصدق لأنهم صدقوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وأبدوا ما عندهم من الحقيقة، ولم يتجهوا إلى أن يأتوا بشيء خلاف الحقيقة، فنجاهم الله عز وجل بالصدق، وبعد هذه الآية مباشرة قال الله عز وجل: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpg يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[التوبة:119] يعني: كونوا مع أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام الذين هم صادقون.
كعب بن مالك رضي الله تعالى عنه أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ ح وأخبرني سليمان بن داود ].
هو المهري المصري أبو الربيع، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[ عن ابن وهب ].
هو عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يونس عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن عبد الله بن كعب بن مالك ].
وهذا الإسناد مثل الذي قبله إلا أن فيه زيادة عبد الله بن كعب بن مالك، يعني: أن عبد الرحمن بن عبد الله في الإسناد الأول يروي عن جده مباشرة، وأما هنا يروي عن جده بواسطة أبيه، وهو من رواية أبيه عن جده، فالطريق الأولى أعلى والطريق الثانية أنزل لأن فيها زيادة رجل وهو عبد الله بن كعب؛ لأن في الطريق الأولى عبد الرحمن يروي عن جده كعب، وفي الطريق الثانية عبد الرحمن يروي عن أبيه، وأبوه يروي عن أبيه كعب، فهو من رواية أبيه عن جده، والطريق الأولى هو من رواية الحفيد عن الجد، والطريق الثانية من رواية الابن عن أبيه عن جده، عبد الرحمن يروي عن أبيه عبد الله، وعبد الله يروي عن أبيه كعب بن مالك، وهذا ما فيه إشكال من حيث أن الإنسان يحصل الحديث نازلاً ثم يحصله عالياً فيرويه بالحالتين حالة النزول لأنه حصله نازلاً، ويرويه بالعلو لأنه حصله عالياً، فلا تؤثر رواية على رواية، ولا تقدح رواية في رواية؛ لأن الطريقين كل منهما صحيح إلا أن هذا نازل وهذا عالٍ، ومن حصل الحديث بطريق نازل ثم ظفر به بطريق عالٍ، فإنه يرويه على النازل ويرويه على العالي، وعبد الله بن كعب بن مالك أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
عن كعب بن مالك وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
لكن هذه الطريقة وهي أنه يجده عالياً ومرة يجده نازلاً هل يسمى المزيد في متصل الأسانيد؟
نقول: لا، ما يقال له: مزيد في متصل الأسانيد؛ لأن المزيد في متصل الأسانيد معلول وضعيف، وأما هذا فهو ثابت ولكنه بهذه الطريقة التي أشرت إليها يحصله نازلاً ثم يظفر به عالياً، فيرويه على الحالتين، وكان بعض المحدثين إذا حصله نازلاً يسافر إلى الشخص الذي يعلو بالإسناد، وتكون مدة السفر طويلة ليأخذ الحديث عنه مباشرة بدون واسطة، ولكنه مع ذلك يرويه على الحالين كما هنا، وكما في مواضع كثيرة في البخاري، وفي غير البخاري يذكر بالطريق العالية والنازلة، ولا تقدح العالية في النازلة، ولا النازلة في العالية.
يعني: المزيد في متصل الأسانيد يكون في أحد طرقيه انقطاع، لكن أحياناً يكون فيه اتصال؛ لأنه إذا صرح بالسماع في موضع الزيادة يكون ذلك متصلاً بحصول التصريح في موضع الزيادة.


حديث كعب بن مالك في قول الرجل لأهله: الحقي بأهلك من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده



قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا محمد بن جبلة ومحمد بن يحيى بن محمد قالا: حدثنا محمد بن موسى بن أعين حدثنا أبي عن إسحاق بن راشد عن الزهري أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه قال: سمعت أبي كعب بن مالك قال وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم يحدث قال: ( أرسل إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى صاحبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تعتزلوا نساءكم، فقلت للرسول: أطلق امرأتي أم ماذا أفعل؟ قال: لا، بل تعتزلها فلا تقربها، فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك فكوني فيهم فلحقت بهم ) ].
بل تعتزلها فلا تقربها، يعني: كله خبر.
أورد النسائي الحديث من طريق أخرى، وهي مثل الطريق السابقة من حيث النزول، لأن عبد الرحمن يروي عن أبيه عن جده، مثل الطريق الثانية في الطريقين الماضيتين في الإسناد المتقدم؛ لأن الإسناد المتقدم جاء من طريقين وفيه تحويل والأولى عالية والثانية نازلة، وهذه نازلة بالنسبة للعالية؛ لأن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب يروي عن أبيه عبد الله عن جده، وأبوه يروي عن أبيه، وهو من رواية عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب عن أبيه عن جده.
قوله: [ محمد بن جبلة ومحمد بن يحيى بن محمد].
هو: محمد بن جبلة بن خالد بن جبلة الرافقي، خراساني الأصل، وهو صدوق، من الحادية عشرة، أخرج له البخاري، والنسائي.
أما محمد بن يحيى بن محمد الحراني، فهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن محمد بن موسى بن أعين ].
محمد بن موسى بن أعين صدوق، أخرج له البخاري، والنسائي يعني: كالأول، محمد بن جبلة .
[ عن أبيه ].
وهو موسى بن أعين، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[ عن إسحاق بن راشد ].
إسحاق بن راشد ثقة، في حديثه عن الزهري بعض الوهن، أخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن الزهري ].
الزهري مر ذكره.
[ عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب عن أبيه عن كعب ].
عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب عن أبيه عن كعب مثل الطريق السابقة، وهنا الحديث من رواية إسحاق عن الزهري؛ ولكن ذلك لا يؤثر،؛ لأنه جاء من طرق عديدة غير هذه الطريق، التي قبلها والتي بعدها.


حديث كعب بن مالك في قول الرجل لأهله: الحقي بأهلك من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده



قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا يوسف بن سعيد حدثنا حجاج بن محمد حدثنا الليث بن سعد حدثني عقيل عن ابن شهاب قال: أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب أن عبد الله بن كعب قال: سمعت كعباً يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وقال فيه: (إذا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني ويقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك فقلت: أطلقها أم ماذا أفعل؟ قال: بل اعتزلها ولا تقربها، وأرسل إلى صاحبي بمثل ذلك، فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك، وكوني عندهم حتى يقضي الله عز وجل في هذا الأمر)، خالفهم معقل بن عبيد الله ].
أورد النسائي الحديث من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله من كونه من رواية عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه عن جده، وهو مثل الذي قبله من حيث المتن والمعنى.
قوله: [ أخبرنا يوسف بن سعيد ].
هو يوسف بن سعيد المصيصي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن حجاج بن محمد ].
هو المصيصي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الليث ].
هو الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عقيل ].
هو ابن خالد بن عقيل المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب عن عبد الله بن كعب عن كعب ].
وهؤلاء الأربعة مر ذكرهم.
[ خالفهم معقل بن عبيد الله ].
خالفهم معقل بن عبيد الله يعني: هؤلاء الرواة الذين رووه يعني: من رواه عن عبد الرحمن عن جده، أو رواه عن عبد الرحمن عن أبيه عن جده خالفهم معقل بن عبيد الله وقد ذكره بالطريق التي بعد هذه، ذكر رواية معقل بن عبيد الله في الطريق التالية.


حديث كعب بن مالك في قول الرجل لأهله: الحقي بأهلك من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده



قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا محمد بن معدان بن عيسى حدثنا الحسن بن أعين حدثنا معقل عن الزهري أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب عن عمه عبيد الله بن كعب قال: سمعت أبي كعباً يحدث قال: (أرسل إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى صاحبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تعتزلوا نساءكم، فقلت للرسول: أطلق امرأتي أم ماذا أفعل؟ قال: لا، بل تعتزلها ولا تقربها، فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك فكوني فيهم حتى يقضي الله عز وجل، فلحقت بهم). خالفه معمر ].
أورد النسائي قصة تخلفه، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يعتزل امرأته، وقوله لامرأته: الحقي بأهلك حتى يقضي الله في هذا الأمر، وهو من طريق عبد الرحمن بن كعب عن عمه عبيد الله عن جده كعب بن مالك، وعلى هذا فأعبد الرحمن رواه عن جده مباشرة، ورواه عن أبيه عن جده، ورواه عن عمه عن جده، كل هذه الطرق روى الحديث بها عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، الطريق الأولى: عبد الرحمن عن جده كعب بن مالك، والطرق السابقة كلها هي: عبد الرحمن عن عبد الله بن كعب بن مالك عن جده كعب بن مالك، وهذه الطريق التي مرت الآن عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن عمه عبيد الله بن كعب بن مالك.
قوله: [أخبرنا محمد بن معدان بن عيسى ].
هو محمد بن معدان بن عيسى ثقة، أخرج له النسائي وحده.
[ عن الحسن بن أعين ].
هو الحسن بن محمد بن أعين، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والنسائي.
[ عن معقل ].
هو معقل بن عبيد الله، وهو صدوق يخطئ، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي .
[ عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب عن عمه عبيد الله بن كعب ].
وقد مر ذكرهم إلا عبيد الله بن كعب بن مالك، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
خالفه معمر ثم ذكر طريق معمر.


حديث كعب بن مالك في قول الرجل لأهله: الحقي بأهلك من طريق خامسة وتراجم رجال إسناده



قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا محمد وهو ابن ثور عن معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه قال في حديثه: (إذا رسول من النبي صلى الله عليه وسلم قد أتاني فقال: اعتزل امرأتك، فقلت: أطلقها؟ قال: لا، ولكن لا تقربها) ولم يذكر فيه الحقي بأهلك ].
أورد النسائي الحديث من طريق أخرى، وهو من طريق معمر عن الزهري، وليس فيه ذكر كعب بن مالك وإنما ذكر عبد الرحمن عن أبيه، ثم ذكر قصة كعب وما جرى له، ومن المعلوم أن المتكلم هو كعب بن مالك، وعبد الله، لم يشهد القصة؛ لأنه تابعي فيكون مرسلاً، ولكن الحديث جاء من طرق كثيرة صحيحة ثابتة عن كعب بن مالك رضي الله عنه.
وفي الحديث لم يذكر محل الشاهد من الترجمة؛ لأن الترجمة هي: باب الحقي بأهلك، وليس فيه ما يطابق الترجمة.
قوله: [ أخبرنا محمد بن عبد الأعلى ].
محمد بن عبد الأعلى ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود في القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[ عن محمد وهو ابن ثور ].
محمد بن ثور، ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[ عن معمر ].
هو معمر بن راشد البصري ثم اليماني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ].
الزهري وقد مر ذكره عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
أبوه هو كعب بن مالك وقد مر ذكره.



طلاق العبد


شرح حديث ابن عباس في طلاق العبد


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب طلاق العبد.
أخبرنا عمرو بن علي سمعت يحيى حدثنا علي بن المبارك حدثنا يحيى بن أبي كثير عن عمر بن معتب أن أبا حسن مولى بني نوفل أخبره قال: (كنت أنا وامرأتي مملوكين فطلقتها تطليقتين ثم أعتقنا جميعاً، فسألت ابن عباس فقال: إن راجعتها كانت عندك على واحدة، قضى بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم).
خالفه معمر ].
أورد النسائي طلاق العبد، وطلاق العبد له تطليقتان، وقد أورد النسائي حديث ابن عباس في قصة المملوك الذي كان مع زوجته وكانا مملوكين وقد طلقها تطليقتين ثم عتق وجاء يستفتي ابن عباس ، هل يتزوجها؟
قال: طلقتها تطليقتين ثم أعتقنا جميعاً، فسألت ابن عباس فقال: إن راجعتها كانت عندك على واحدة.
فقال: إن راجعتها كانت لك على واحدة، يعني: أنه حصل اثنتين، ثم بعد العتق يبقى أمامه واحدة يعني: إذا راجعها يبقى أمامه طلقة واحدة تضاف إلى الاثنتين السابقتين؛ لأنه في حال الحرية لو طلق طلقتين فإنه يكون أمامه واحدة، وهنا صار حراً وقد مضى منه طلقتان فيكون بقي عليه واحدة، لكن هذا فيه إشكال من ناحية أنه إذا كان العبد له تطليقتان وقد مضتا فمعناه أنه قد استوفى الطلاق، فهل له أن يتزوجها، أو يراجعها، أو أنه لابد أن يتزوجها شخص آخر ثم ترجع إليه، لأنه طلقها وهو عبد، وقد مضى له طلقتان، فهل ترجع إليه بعد زوج آخر أو أنه يراجعها لأنه حصل الحرية ويكون الحر له ثلاث، فيكون مضى اثنتان في حال عبوديته، ويبقى أمامه واحدة في حال حريته تضم إلى الاثنتين اللتين حصلتا في حال عبوديته، أنا ما أدري ما الراجح في المسألة، يعني نقول: يرجع إلى زوجته ويكون أمامه طلقة، أو أنه استنفد طلقاته وأنه يحتاج إلى أن يرجع إليها بعد زوج لا أدري ما الحكم في هذه المسألة.


تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في طلاق العبد



قوله: [ أخبرنا عمرو بن علي ].
هو عمرو بن علي الفلاس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى ].
هو يحيى القطان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن علي بن المبارك ].
علي بن المبارك، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى بن أبي كثير ].
هو يحيى بن أبي كثير اليمامي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة أيضاً.
[ عن عمر بن معتب ].
عمر بن معتب، وهو ضعيف، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[ عن أبي الحسن مولى بني نوفل ].
أبو الحسن مولى بني نوفل، وهو مقبول، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[ عن ابن عباس ].
ابن عباس مر ذكره.


بيان سبب كون العبد له تطليقتان


والعبد له تطليقتان اثنتان؛ لأنه جاء أن العبد على النصف في الحد وفي أمور متعددة، والثلاث لا تتنصف فيجبر الكسر وتصير ثنتين، ما فيه إلا القياس على http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpg نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[النساء:25] الحديث هذا فيه عمر بن معتب هذا وهو ضعيف.
وأما قوله: (ثم أعتقنا) على بناء المفعول فقال: (إن راجعتها) ظاهره أن الحر يملك ثلاث طلقات، وإن صار حراً بعد الطلقتين فله الرجوع بعد الطلقتين لبقاء الثالثة الحاصلة بالعتق، لكن العمل على خلافه، فيمكن أن يقال: إن هذا كان حين كانت الطلقات الثلاث واحدة كما رواه ابن عباس، فالطلقتان للعبد حينئذ كانتا واحدة، وهذا أمر قد تقرر أنه منسوخ الآن.
فالجواب: كما هو معلوم الطلقات الثلاث أنها واحدة، حديث ابن عباس ليس منسوخاً، هو باقٍ، وإنما عمر رضي الله عنه اجتهد وأمضى على الناس الثلاث، لأنهم استعجلوا في أمر لهم فيه أناة، فأمضى عليهم الثلاث، وجمهور أهل العلم على أن العمل بأنه إذا طلق ثلاثاً بلفظ واحد فهي ثلاث، لكن الذي يقتضيه حديث ابن عباس أنها تكون واحدة.


شرح حديث ابن عباس في طلاق العبد من طريق أخرى


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرني معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عمر بن معتب عن الحسن مولى بني نوفل قال: (سئل ابن عباس عن عبد طلق امرأته تطليقتين ثم عتقا أيتزوجها؟ قال: نعم، قال: عمن؟ قال: أفتى بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم).
قال عبد الرزاق: قال ابن المبارك لـمعمر : الحسن هذا من هو؟ لقد حمل صخرة عظيمة ].
أورد النسائي الحديث من طريق أخرى، وفيه ذكر الحسن، وهو سهو وخطأ، وإنما هو أبو الحسن كما في الطريق الأولى، وقالوا: إن الخطأ والوهم إما من النسائي أو من شيخه محمد بن رافع؛ لأن عبد الرزاق روي عنه من طرق وفيها يقول أبو الحسن؛ لأن عبد الرزاق بالإسناد روي عنه من طرق وعدد رووا عنه ويقولون في الإسناد: أبو الحسن على الصواب كما في الطريق السابقة، وإنما جاء عند النسائي وحده في هذه الطريق التي فيها عبد الرزاق ويروي عن محمد بن رافع فيها ذكر الحسن، قالوا: فهو وهم إما من النسائي أو من شيخه وليس من عبد الرزاق ومن فوقه؛ لأن عبد الرزاق جاء من طرق عنه أنه قال أبو الحسن ولم يقل الحسن.
والمتن يختلف عن المتن السابق، المتن السابق فيه مراجعة والثاني هنا قال: هل يتزوجها؟ ومن المعلوم أن الزواج غير المراجعة، يعني: أنه يعقد عليها، وقال: عمن؟ قال: أفتى بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما في الطريق الأولى قال أنه يراجعها ويبقى له تطليقة واحدة مضمومة إلى الطلقتين السابقتين فتكون ثلاثاً؛ لأنه حصل اثنتين في حال العبودية، ثم صار حراً فيبقى له واحدة تضم إلى الاثنتين، والطريق الثانية ما فيها ذكر المراجعة ولا ذكر عدد الطلقات ولا ما يبقى له، وإنما يتزوجها، قال: هل يتزوجها؟ قال: نعم، ولعل وجه الاستغراب أو الإنكار فيه من جهة أنه بعد الطلقتين وهو عبد يتزوجها فلعل ذلك لكون المرأة بعد أن تستنفد الطلقات لا تحل إلا بعد زوج -كما في الحر- وكذلك العبد بعد الاثنتين ما تحل إلا بعد زوج، فلعل الاستغراب والإنكار الشديد مما جاء في هذا الحديث أنه من هذه الناحية.
(قال ابن المبارك لـمعمر: الحسن هذا من هو فقد حمل صخرة عظيمة؟).
حمل صخرة عظيمة حيث جاء بهذا الكلام وبهذا الحديث الذي تفرد به، وهو كما مر مقبول، وفيه مع كونه مقبول رجل ضعيف.


تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في طلاق العبد من طريق أخرى



قوله: [أخبرنا محمد بن رافع ].
هو محمد بن رافع النيسابوري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[ عن عبد الرزاق ].
هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عمر بن معتب عن الحسن مولى بني نوفل عن ابن عباس ].

الحسن هو أبو الحسن؛ لأن الحسن هنا جاءت خطأ ولم تأت إلا عند النسائي في هذا الموضع، وكما ذكرت قالوا: إن الوهم من النسائي أو من شيخه وليس من عبد الرزاق ومن فوقه؛ لأن عبد الرزاق روى عنه من طرق ويقول فيها أبو الحسن لا يقول الحسن.

ابوالوليد المسلم 16-08-2022 08:19 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الطلاق

(447)

- (باب الإبانة والإفصاح بالكلمة الملفوظ بها) إلى (باب خيار الأمة تعتق وزوجها حر)




الكلام إذا أريد منه ما لا يحتمل فإنه لا يترتب عليه حكم، بل يحمل على ظاهره، وبيّن الشارع الحكيم أن التخيير للزوجة لا يكون طلاقاً، ثم إن الأحكام والشروط المخالفة لشرع الله باطلة لا تجوز.

الإبانة والإفصاح بالكلمة الملفوظ بها إذا قصد بها لما لا يحتمل معناها لم توجب شيئاً ولم تثبت حكماً


شرح حديث: (انظروا كيف يصرف الله عني شتم قريش ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الإبانة والإفصاح بالكلمة الملحوظ بها إذا قصد بها لما لا يحتمل معناها لم توجب شيئاً ولم تثبت حكماً.أخبرنا عمران بن بكار حدثنا علي بن عياش حدثني شعيب حدثني أبو الزناد مما حدثه عبد الرحمن الأعرج ذكر أنه سمع أبا هريرة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( انظروا كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم، إنهم يشتمون مذمماً، ويلعنون مذمماً وأنا محمد ) ].
يقول النسائي رحمه الله: باب: الإبانة والإفصاح بالكلمة الملفوظة إذا أريد بها ما لا يحتمله معناها، لا توجب حكماً ولا يترتب عليها شيء، ومقصود النسائي من هذه الترجمة: أن الكلام إذا أريد به ما لا يحتمل معناه أنه لا يترتب عليه حكم، وقد أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( انظروا كيف يصرف الله عني سب قريش وشتمهم، إنهم يسبون مذمماً، ويشتمون مذمماً، وأنا محمد ) أي: أن قريشاً عندما يسبون النبي عليه الصلاة والسلام لا يذكرونه باسمه، وإنما يذكرون ما يقابل اسمه، وهو محمد عليه الصلاة والسلام اسماً ووصفاً، وهم يسبون مذمماً الذي هو ضد محمد وما يقابل محمداً، أي: أنهم لا يسبون الرسول صلى الله عليه وسلم باسمه، ولكنهم يأتون بلفظ آخر ليس اسمه عليه الصلاة والسلام وإنما ما يقابل اسمه؛ لأن اسمه محمد عليه الصلاة والسلام وعكسه مذمم؛ لأن محمداً من الحمد، ومذمما من الذم، فهم لا يأتون باسمه ولا يسبونه باسمه، وهو: محمد ويسبون محمداً، وإنما يسبون مذمماً، فشتمهم وسبهم إنما يقع على غير اسمه وعلى غير شخصه صلى الله عليه وسلم، فمقصود النسائي من الترجمة هو: أنه لما سبوا محمداً أي: سبوا ما يقابل اسمه وليس اسمه صلى الله عليه وسلم فإنه لا يقع ذلك عليه، عليه الصلاة والسلام، لا من حيث اللفظ، ولا من حيث المعنى، لا من حيث اللفظ، لأنهم ما سبوه باسمه، ولا من حيث المعنى؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لا يستحق ذلك الذم، فانتفى عنه لفظاً ومعنى، وعاد عليهم ذمهم؛ لأنهم هم المستحقون للذم وهو المستحق للحمد والمدح؛ لأنه محمد فهو محمود وهو محمد لفظاً ومعنى، وهم مذمومون وذمهم يرجع إليهم، وهو بريء مما وصفوه به صلوات الله وسلامه وبركاته عليه من الذم.

تراجم رجال إسناد حديث: (انظروا كيفي يصرف الله عني شتم قريش ...)


قوله: [ أخبرنا عمران بن بكار ].هو عمران بن بكار الحمصي وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن علي بن عياش ].
هو الحمصي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن شعيب ].
هو شعيب بن أبي حمزة الحمصي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي الزناد ].
أبو الزناد هو عبد الله بن ذكوان المدني، وكنيته أبو عبد الرحمن، وأبو الزناد لقب ولكنه على صيغة الكنية وعلى لفظ الكنية، وكنيته أبو عبد الرحمن، فهذا مما جاء فيه اللقب على صفة وصيغة الكنية، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن بن هرمز ].
هو عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
أبو هريرة رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هو أكثر السبعة حديثاً، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأنس بن مالك، وأم المؤمنين عائشة، ستة رجال وامرأة واحدة رضي الله عنهم وعن الصحابة أجمعين، وأبو هريرة رضي الله عنه هو أكثر السبعة حديثاً رضي الله عنه وأرضاه.


التوقيت في الخيار

شرح حديث عائشة في تخيير الرسول نساءه بين الفراق والبقاء


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب التوقيت في الخيار.أخبرنا يونس بن عبد الأعلى حدثنا ابن وهب أنبأنا يونس بن يزيد وموسى بن علي عن ابن شهاب أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: ( لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه بدأ بي فقال: إني ذاكر لك أمراً فلا عليك أن تعجلي حتى تستأمري أبويك، قالت: قد علم أن أبواي لم يكونا ليأمراني بفراقه، قالت: ثم تلا هذه الآية: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpg يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[الأحزاب:28] إلى قوله: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpg جَمِيلاً http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[الأحزاب:28] فقلت: أفي هذا أستأمر أبوي؟! فإني أريد الله عز وجل ورسوله والدار الآخرة، قالت عائشة: ثم فعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما فعلت، ولم يكن ذلك حين قال لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم واخترنه طلاقاً من أجل أنهن اخترنه ) ].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: التوقيت في الخيار. يعني: عندما يحصل التخيير للزوجة بين البقاء والفراق، يمكن أن يكون مؤقتاً وأن يكون هناك مهلة، يعني: لا يلزم أن يكون على الفور، بل يمكن أن يكون فيه إمهال؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام أزواجه بين البقاء على ما هو عليه من قلة العيش، وعلى أن يسرحهن سراحاً جميلاً، ويحصلن ما يحصلن من متع الدنيا ولذتها، فقال لـعائشة: (لا عليك أن تعجلي)، يعني: معناه فكري، وتأملي وشاوري أبويك، ففيه توقيت وإمهال في الخيار أو التخيير.
لما نزلت الآية: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpg يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنّ َ سَرَاحاً جَمِيلاً * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[الأحزاب:28-29]، فـعائشة رضي الله عنها وأرضاها لصغر سنها خشي الرسول صلى الله عليه وسلم أنها قد تستعجل في الأمر ولا تتريث فيه، فأمرها أن تستأذن أبويها، ولكنها رضي الله عنها وأرضاها كانت حريصة على البقاء معه عليه الصلاة والسلام فقالت: (أبهذا أستأمر أبوي؟ بل أريد الله ورسوله والدار الآخرة) وهذا يدل على كمال ورجاحة عقلها مع صغر سنها، رضي الله عنها وأرضاها، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما أمرها بأن تستأمر أبويها لأنها قد تكون مع حداثة سنها تتطلع إلى الدنيا وتفكر فيها، وقد تستعجل في الرأي، ولكنها رضي الله عنها وأرضاها أبدت رغبتها في البقاء وإرادة الله عز وجل ورسوله والدار الآخرة، ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم فعل مع نسائه مثل ما فعل معها، وكلهن اخترن البقاء مع النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك يدل على فضلهن ونبلهن، وحرصهن على إرادة الخير، وإرادة ما عند الله عز وجل، وأنهن لم يردن الدنيا وزينتها، وإنما أردن الله ورسوله وما أعد لهن من الأجر العظيم والثواب الجزيل، وكونهن أمهات المؤمنين، وكونهن أزواجه في الدنيا والآخرة رضي الله عنهن وأرضاهن.
ولما خيرهن واخترنه لم يكن ذلك طلاقاً؛ لأنه صلى الله عليه وسلم خيرهن بين أن يبقين أو أن يخترن الفراق فيسرحهن، ومن المعلوم أن التخيير إذا خيرها: اختاري كذا أو كذا واختارت فإنه يقع ما اختارت، ولكن الذي جاء في القرآن أنه إن اخترن الله عز وجل والدار الآخرة بقين على ما كنّ عليه، وإن اخترن الفراق فهو يفارقهن، والأمر ليس إليهن، وإنما إليه بعد أن يخترن الفراق، ولهذا قال: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpg إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[الأحزاب:28] ما قال: اخترن وأمركن بيدكن وإنما قال: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpg فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنّ َ سَرَاحاً جَمِيلاً http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[الأحزاب:28] فمجرد التخيير والاختيار للبقاء لا يكون ولا يعتبر طلاقاً، لأن الزوجية باقية على ما هي عليه، فلم يعد ذلك التخيير طلاقاً ولم يقع الطلاق بل حصل اختيار البقاء وبقين على ما كنّ عليه رضي الله تعالى عنهن وأرضاهن، وهذا يدل على فضلهن ونبلهن، رضي الله عنهن وأرضاهن.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة في تخيير الرسول نساءه بين الفراق والبقاء


قوله: [ أخبرنا يونس بن عبد الأعلى ].هو يونس بن عبد الأعلى المصري الصدفي، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، والنسائي، وابن ماجه.
[ حدثنا ابن وهب ].
عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن يونس ].
هو: يونس بن يزيد الأيلي، ثم المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ وموسى بن علي ].
هو موسى بن علي المصري، وهو صدوق ربما أخطأ، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن ابن شهاب ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، وهو ثقة، فقيه مكثر من الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، فقيه من فقهاء المدينة السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
رضي الله تعالى عنها أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق، وأكثر الصحابيات رواية لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله تعالى عنهن وأرضاهن.

شرح حديث عائشة في تخيير الرسول نساءه بين البقاء والفراق من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله: [ أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة أنها قالت: ( لما نزلت: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpg وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[الأحزاب:29] دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بي فقال: يا عائشة! إني ذاكر لك أمراً فلا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك، قالت: قد علم والله أن أبوي لم يكونا ليأمراني بفراقه، فقرأ علي: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgيَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[الأحزاب:28] فقلت: أفي هذا أستأمر أبوي؟ فإني أريد الله ورسوله ) قال أبو عبد الرحمن: هذا خطأ والأول أولى بالصواب، والله سبحانه وتعالى أعلم ].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها من طريق آخر، وهو مثل الذي قبله؛ أنه بعد نزول الآية في التخيير بدأ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وطلب منها التريث وعدم التعجل، وأن تستأذن أبويها، وقالت: (إنه قد علم أن أبوي لا يأمراني بفراقه، وقالت: أبهذا أستأمر أبوي؟) أي: مثل هذا لا أتردد فيه، ولا أختار سوى البقاء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاختارت البقاء مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك أمهات المؤمنين سرن على ما سارت عليه عائشة رضي الله عنها وأرضها، واخترن البقاء على قلة الدنيا، وعلى شظف العيش، وعدم التوسع في المآكل والمشارب، رغبة فيما عند الله عز وجل والدار الآخرة، وبقاء في عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يكن أمهات المؤمنين، وأن يكن أزواجه في الدنيا والآخرة، رضي الله عنهن وأرضاهن.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة في تخيير الرسول نساءه بين البقاء والفراق من طريق ثانية


قوله: [ أخبرنا محمد بن عبد الأعلى ].محمد بن عبد الأعلى ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود في القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[ حدثنا محمد بن ثور ].
محمد بن ثور ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[ عن معمر ].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري، ثم اليماني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
الزهري وقد مر ذكره
[عن عروة ].
هو عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة ].
رضي الله عنها قد مر ذكرها.


باب في المخيرة تختار زوجها

شرح حديث عائشة في تخيير النبي نساءه من طريق ثالثة


[ باب في المخيرة تختار زوجها.أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى هو: ابن سعيد عن إسماعيل عن عامر عن مسروق عن عائشة أنها قالت: خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه، فهل كان طلاقاً ].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: المخيرة تختار زوجها، أي: أنها باقية في عصمته ولا تكون مطلقة بالتخيير؛ لأنها لم تختر الفراق، وكما ذكرت: إذا كان جعل الأمر إليها في البت يختلف عما إذا قال أخيرك بين كذا وكذا، فأنت ترين ماذا تختارين لأنظر فيه، ولأبت فيه أنا على ما أريد؛ لأن هذه العبارة تختلف عن هذه العبارة، جعل الأمر إليها ليس ككون الأمر معلقاً بما يبت به ويجزم به، وبما يصير إليه في آخر الأمر.
أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خير نساءه اخترنه ولم يعد ذلك طلاقاً؛ لأنهن خيرن بين البقاء والترك فاخترن البقاء، فبقي الأمر على ما هو عليه، ولم يكن هناك طلاق بهذا التخيير الذي قد حصل.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة في تخيير النبي نساءه من طريق ثالثة


قوله: [ أخبرنا عمرو بن علي ].هو عمرو بن علي الفلاس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[ عن يحيى هو ابن سعيد ].
هو يحيى بن سعيد القطان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إسماعيل ].
إسماعيل هو ابن أبي خالد الأحمسي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عامر ].
عامر هو ابن شراحيل الشعبي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مسروق ].
هو مسروق بن الأجدع، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
عائشة قد مر ذكرها.

حديث عائشة في تخيير النبي نساءه من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله: [ أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا خالد حدثنا شعبة عن عاصم قال الشعبي عن مسروق عن عائشة أنها قالت: قد خير رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه فلم يكن طلاقاً ]. أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى وهو مثل ما تقدم، التخيير قد حصل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعد ذلك طلاقاً.
قوله: [ أخبرنا محمد بن عبد الأعلى ].
وقد مر ذكره.
[ حدثنا خالد ].
هو ابن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن شعبة ].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي، ثم البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وقد وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها.
[ عن عاصم ].
عاصم وهو ابن سليمان الأحول، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الشعبي عن مسروق عن عائشة ].
قد مر ذكرهم.

حديث عائشة في تخيير النبي نساءه من طريق خامسة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله: [ أخبرنا محمد بن إبراهيم بن صدران عن خالد بن الحارث حدثنا أشعث وهو ابن عبد الملك عن عاصم عن الشعبي عن مسروق عن عائشة أنها قالت: قد خير النبي صلى الله عليه وسلم نساءه فلم يكن طلاقاً ]. أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أخرى وهو مثل ما تقدم.
قوله: [ أخبرنا محمد بن إبراهيم بن صدران ].
هو محمد بن إبراهيم بن صدران، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[ عن خالد ].
هو خالد بن الحارث وقد مر ذكره.
[ عن أشعث هو ابن عبد الملك ].
أشعث وهو: ابن عبد الملك الحمراني، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن عاصم عن الشعبي عن مسروق عن عائشة ].
قد مر ذكر هؤلاء الأربعة.

حديث عائشة في تخيير النبي نساءه من طريق سادسة


قال المصنف رحمه الله: [ أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا خالد حدثنا شعبة عن سليمان عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة قالت: قد خير رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه، أفكان طلاقاً! ].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم إلا أن فيه: أنه لما خير نساءه أفكان طلاقاً؛ لأن هناك قال: فلم يكن طلاقاً، وهنا: أفكان طلاقاً! أي: ولم يكن طلاقاً.

يتبع



ابوالوليد المسلم 16-08-2022 08:20 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
تراجم رجال إسناد حديث عائشة في تخيير النبي نساءه من طريق سادسة

قوله: [ أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا خالد ].وقد مر ذكرهما.
[ عن شعبة ].
شعبة وقد مر ذكره.
[ عن سليمان ].
وهو الأعمش سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بلقبه الأعمش ويأتي ذكره بالاسم أحياناً، ومعرفة ألقاب المحدثين نوع من أنواع علوم الحديث، فائدة معرفتها ألا يظن الشخص الواحد شخصين فيما إذا ذكر مرة باسمه ومرة بلقبه، من لا يفهم ومن لا يعرف يظن أن الأعمش شخص وأن سليمان شخص آخر، لكن من يعرف أن الأعمش لقب لـسليمان لا يلتبس عليه الأمر.
[ عن أبي الضحى ].
أبو الضحى هو مسلم بن صبيح ومشهور بكنيته، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مسروق عن عائشة ].
قد مر ذكرهما.

حديث عائشة في تخيير النبي نساءه من طريق سابعة


قال المصنف رحمه الله: [ أخبرني عبد الله بن محمد الضعيف حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن مسلم عن مسروق عن عائشة أنها قالت: خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه فلم يعدها علينا شيئاً ]. أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم، يعني: خير الرسول صلى الله عليه وسلم نساءه فاخترنه ولم يعده ذلك طلاقاً، بل بقين في عصمته صلى الله عليه وسلم.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة في تخيير النبي نساءه من طريق سابعة


قوله: [ أخبرنا عبد الله بن محمد الضعيف ].وهو الطرسوسي، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، والضعيف لقب لقب به وهو ليس على ما يتبادر إلى الذهن من لفظ الضعيف، وإنما قيل له الضعيف لكثرة عبادته، أو لنحول جسمه قيل له الضعيف، وقيل: لإتقانه وضبطه، ويكون هذا من قبيل ما يقال للديغ: سليم تفاؤلاً بالسلامة، وأنه لا يضره ما حصل له من اللدغ، فهو مقابل وضد للشيء الذي أطلق عليه، فكلمة ضعيف لا يراد بها الضعف في الحديث والرواية، بل هو قوي وثقة، ولكن هذه نسبة أو وصف في غير ما يتبادر إلى الذهن.
[عن أبي معاوية].
هو أبو معاوية محمد بن خازم الضرير الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته أبو معاوية.
[ عن الأعمش عن مسلم ].
عن الأعمش عن مسلم، ومسلماً هو: أبو الضحى جاء في إسناد بكنيته، وجاء في إسناد آخر باسمه، ومعرفة كنى أصحاب الأسماء نوع من أنواع علوم الحديث، وفائدته ألا يظن الشخص الواحد شخصين مثلما جاء أبو الضحى في إسناد، وجاء مسلم في إسناد، من لا يعرف الحقيقة يظن أن أبا الضحى شخص، وأن مسلماً شخص آخر، لكن مسلماً هو ابن صبيح أبو الضحى جاء مرة باسمه ومرة بكنيته.
[ عن مسروق عن عائشة ].
قد مر ذكرهما.


خيار المملوكين يعتقان

شرح حديث عائشة في خيار عتق المملوكين


قال المصنف رحمه الله: [ خيار المملوكين يعتقان.أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا حماد بن مسعدة حدثنا ابن موهب عن القاسم بن محمد قال: ( كان لـعائشة غلام وجارية، قالت: فأردت أن أعتقهما، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ابدئي بالغلام قبل الجارية ) ].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: خيار المملوكين يعتقان.
المقصود من هذه الترجمة: أن المملوكين عندما يعتقان وهما زوجان، فإذا أعتقت الأمة الزوجة، فإنها تخير إذا بقي زوجها في العبودية بين البقاء وعدمه، وإذا اختارت الفراق فلها ذلك، كما حصل لـبريرة رضي الله عنها عندما اختارت فراق زوجها لما عتقت وهو مملوك، فالخيار إنما يكون للزوجة إذا عتقت قبل الزوج، يعني: وهما مملوكان، هذا هو الذي يفهم من ذكر الخيار في المملوكين يعتقان.
وأما بالنسبة لكون الرجل يعتق وهي باقية في العبودية، فليس لها خيار، والزوج لا يحتاج إلى خيار؛ لأن الأمر بيده، الطلاق لمن أخذ بالساق، إذا أراد أن يتخلص منها تخلص منها، وإنما الذي يحتاج إلى خيار من أمرها ليس بيدها وإنما بيد الزوج، وعندما تخالفه في العبودية بأن تكون حرة وهو عبد، ولا ترضى بالبقاء معه، فإن الأمر بيدها إن أرادت البقاء بقيت وإن أرادت الفراق فارقت، وليس له حق الإبقاء عليها ما دام أنه عبد وهي حرة.
أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها: أنه كان لها جارية وغلام أي: والغلام زوج الجارية؟ وأرادت أن تعتقهما، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( ابدئي بالغلام قبل الجارية ) قيل: إن الحكمة من إرشادها إلى أن تبدأ بالغلام قبل الجارية حتى لا يحصل منها لو أعتقت اختيار فراقه، وإنما يبدأ به لأن البدء به لا يترتب عليه مضرة بالنسبة للزوج؛ لأنها تبقى في عصمته، وإن أراد الخلاص منها سواء في العبودية أو في الحرية، فالأمر بيده في الحالين، لكن المرأة إذا بدأ بها وأعتقها قبل أن يعتق الزوج، وخيرت فاختارت الفراق، تذهب الزوجية. وتنتهي.
قيل: إن هذه هي الحكمة من إرشادها إلى أن تبدأ بالغلام قبل الأمة، لكن يمكن التخلص من هذا بأن يعتقهما معاً في وقت واحد، ولا يبدأ بأحد منهما، يقول: هما حران، فينتقلان جميعاً من العبودية إلى الحرية، وتبقى الزوجية على ما هي عليه، عبدان ثم صارا حرين، لكن الخيار والشيء الذي يترتب عليه الفرقة هو كونها تعتق قبله، ثم تخير فتختار الفراق، هذا هو معنى هذا الحديث.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة في خيار عتق المملوكين


قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ].هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي المروزي، وهو ثقة فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[ حدثنا حماد بن مسعدة ].
حماد بن مسعدة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا ابن موهب ].
هو عبيد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن موهب، وقال عنه: ليس بالقوي، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[ عن القاسم بن محمد ].
هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وهو ثقة، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
هي عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وقد مر ذكرها، والحديث جعله الشيخ الألباني في الضعيفة، ولعله من أجل ابن موهب هذا الذي هو عبيد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن موهب.


خيار الأمة

شرح حديث عائشة في قصة بريرة

قال المصنف رحمه الله: [ باب خيار الأمة.أخبرنا محمد بن سلمة أنبأنا ابن القاسم عن مالك عن ربيعة عن القاسم بن محمد عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: ( كان في بريرة ثلاث سنن: إحدى السنن أنها أعتقت فخيرت في زوجها، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الولاء لمن أعتق، ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم والبرمة تفور بلحم، فقرب إليه خبز وأدم من آدم البيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألم أر برمة فيها لحم؟ فقالوا: بلى يا رسول الله! ذلك لحم تصدق به على بريرة، وأنت لا تأكل الصدقة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو عليها صدقة، وهو لنا هدية ) ].
أورد النسائي هذه الترجمة: خيار الأمة، يعني: إذا عتقت وهي تحت زوج مملوك في الرق فهي تخير بين البقاء معه في عصمته، أو الفراق وعدم البقاء في العصمة.
أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها في قصة بريرة، وقالت: إن فيها ثلاث سنن، حديث بريرة فيه أمور كثيرة من الفقه، ألف فيه بعض العلماء تأليفاً خاصاً، استوعب واستخرج ما فيه من الفوائد، لكن الذي اشتهر أن ثلاث سنن جاءت في قصة بريرة، واستفيدت مما حصل لـبريرة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهي أولاً: أنها كانت وزوجها مغيث في الرق فعتقت فخيرت بين البقاء وعدم البقاء، فاختارت الترك وعدم البقاء، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( الولاء لمن أعتق ) ولو شرط الولاء لغير من أعتق، فإن الولاء إنما يكون لمن أعتق، ويبطل الشرط الذي يخالف الشرع المخالف لهذه السنة.
والسنة الثالثة: أنها تصدق عليها بلحم وأهدته للنبي صلى الله عليه وسلم، فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه لها صدقة ولهم هدية، ومعنى هذا أن العين الواحدة إذا تغيرت وانتقلت من ملك، فإنه يتغير وضعها لأنها أعطيت وقدمت لـبريرة على أنها صدقة، ولكنها لما ملكتها تتصرف فيها ما يتصرف الملاك في أملاكهم، فلها أن تبيع، ومن باعت عليه خرج من كونه صدقة، ما يبقى صدقة وقد بيع، وكذلك لو أهدى أو وهب لأحد، فإن وصف الصدقة ذهب عنها، يعني: وصف الصدقة حصل من كونها أعطيت، لكن كونها تتصرف بأن تقدم طعاماً تطبخ وتعطي للناس، أو تهدي أو تبيع من المال الذي تصدق به عليها، فملكها خرج عن كونه صدقه؛ لأن كونها ملكته وتصرفت بكونها تقدم طعاماً لأحد يأكله ولو كان ممن لا تحل له الصدقة؛ لأنه ملكها، فإذا قدمته مطبوخاً أو قدمت شيئاً غير مطبوخ ليطبخ وأهدته، فإنه يكون حلالاً لمن أهدي له ولو كان ممن لا تحل له الصدقة؛ لأن العين الواحدة تغير وضعها من ملك إلى ملك، فهي قبل لما قدمت لـبريرة كانت صدقة، والذي قدمها متصدق، ولكن بريرة لما ملكتها وأعطتها لمن تريد صار هدية، فخرج عن كونه صدقة؛ لأن الصدقة إنما هي في انتقالها من المتصدق إلى المتصدق عليه، وبعد أن ملكها المتصدق عليه فسواء طبخها وقدمها لأحد يأكل ولو كان فيهم من لا تحل له الصدقة، فهو ليس بصدقة منها على من قدم له، وكذلك من إذا أهدي، أو وهب، أو بيع، فإنه يخرج عن كونه صدقة، هذه ثلاث سنن استفيدت، وكان سببها ما حصل لـبريرة رضي الله عنها وأرضاها في قصة مكاتبتها، وأنه حصل قبل عتقها وبعد عتقها هذه السنن الثلاث، التي جاءت مبينة في حديث عائشة رضي الله عنها وأرضاها.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة في قصة بريرة


قوله [ أخبرنا محمد بن سلمة ].هو محمد بن سلمة المرادي المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[ أنبأنا ابن القاسم ].
هو عبد الرحمن بن القاسم صاحب الإمام مالك، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي.
[عن مالك ].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، محدث، فقيه، وإمام مشهور، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن ربيعة ].
هو ربيعة بن أبي عبد الرحمن، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن القاسم بن محمد عن عائشة ].
قد مر ذكرهما.

شرح حديث عائشة في قصة بريرة من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله: [أخبرني محمد بن آدم حدثنا أبو معاوية عن هشام عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنها قالت: (كان في بريرة ثلاث قضيات: أراد أهلها أن يبيعوها ويشترطوا الولاء، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: اشتريها وأعتقيها فإنما الولاء لمن أعتق، وأعتقت فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختارت نفسها، وكان يُتصدق عليها فتهدي لنا منه، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: كلوه، فإنه عليها صدقة وهو لنا هدية ) ].أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، وقصة بريرة رضي الله عنها أنها كانت عند جماعة، وأنهم كاتبوها، أي: اتفقوا معها على أن تحضر لهم مبلغاً من المال ومنجماً، وإذا أحضرته فإنها تعتق، ويكون الولاء لهم؛ لأنهم هم الذين يعتقون بعد أن يقدم لهم المال، لكن عائشة رضي الله عنها لما جاءت بريرة تستعين بها وتطلب منها المعونة على ما كوتبت عليه قالت عائشة وعرضت عليها: أنا أعد لهم تلك الأشياء التي طلبوها منك عداً دفعة واحدة وأشتريك فهم اللذين يملكون بريرة قالوا: يكون لهم الولاء، يعني: معناه أنهم يأخذون الثمن من عائشة، ولكن يكون لهم الولاء، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: إن الولاء لمن أعتق، لا يكون لغيره، لكن لو بقيت بريرة على مكاتبتها واستعانت بـعائشة وغير عائشة، وكل أعطاها ما أعطاها وجمعت المبلغ وأعطتهم إياه، فهم يعتقونها والولاء لهم، ولكن عائشة أرادت أن تشتريها شراء، وتملكها ثم تعتقها، وتدفع لهم المبلغ الذي طلبوه منها، وتعده لهم عداً، وليس الأمر بحاجة إلى أن تعينها بشيء قليل، بل هي ستدفع المبلغ كله وتشتريها فلم يوافقوا إلا أن يكون لهم الولاء، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما الولاء لمن أعتق ) فهذه الأمور الثلاثة التي في قضية بريرة رضي الله عنها وفي قصتها، وهي كانت سبباً في بيان تلك السنن التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة في قصة بريرة من طريق ثانية


قوله: [أخبرني محمد بن آدم ].هو محمد بن آدم الجهني، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[ حدثنا أبو معاوية ].
هوأبو معاوية محمد بن خازم الضرير وقد مر ذكره.
[ عن هشام ].
هو هشام بن عروة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن بن القاسم ].
هو عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
هو القاسم بن محمد، وقد مر ذكره.
[ عن عائشة ].
قد مر ذكرها.


خيار الأمة تعتق وزوجها حر

شرح حديث عائشة في قصة بريرة من طريق ثالثة


قال المصنف رحمه الله: [ باب خيار الأمة تعتق وزوجها حر.أخبرنا قتيبة حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: ( اشتريت بريرة فاشترط أهلها ولاءها، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: أعتقيها فإنما الولاء لمن أعطى الورق، قالت: فأعتقتها فدعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فخيرها من زوجها، قالت: لو أعطاني كذا وكذا ما أقمت عنده، فاختارت نفسها وكان زوجها حراً ) ].
أورد النسائي: باب خيار الأمة تعتق وزوجها حر.
معلوم أن الأمة إذا كانت مملوكة، وكان زوجها حراً، ثم أعتقت، فإنها تساويه في الحرية فلا يكون لها خيار؛ لأنها قبل كانت أنقص منه، وبعد أن عتقت ساوته، فهو كما لو أعتقا جميعاً يبقيان على ما كانا عليه، فهي كانت أنقص منه، ثم بالإعتاق صارت مساوية له فلا تخير.. لا خيار لها، والنسائي عقد هذه الترجمة على ما جاء في الحديث من أنه كان حراً، وأنها اختارت نفسها، وقضية بريرة رضي الله عنها قصة واحدة جاء في بعضه أنه كان حراً، وفي بعض الروايات أنه كان عبداً، وما جاء من أنه كان عبداً هو المحفوظ، وما جاء من أنه كان حراً هو الشاذ، والشاذ هو: ما وجدت فيه مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه، وهو مع سلامة الإسناد، وسلامة رجال الإسناد، إلا أنه يكون مع ذلك شاذاً لا يعتبر، وإنما يعتبر المحفوظ الذي هو مقابل الشاذ، والمحفوظ هو كونه عبداً، وهو الذي يناسب التخيير، وكونه حراً ثم عتقت تكون هي ساوته، فما كان هناك شيء يقتضي أن تخير، وإنما الذي يقتضي أن تخير أن تكون هي أعلى منه وهو أنقص منها، فهذه التي هي تخير.
إذاً: فقصة بريرة واحدة، جاء في بعضها أن زوجها حر، وأنها خيرت واختارت نفسها، وفي بعضها أنه عبد، والمحفوظ أنه عبد، والشاذ حديث من روى أنه حر.
فإذاً: لا خيار للأمة إذا عتقت وهي تحت حر؛ لأنها قد ساوته في الحرية، فليس لها ميزة عليه، وإنما يكون لها الخيار إذا كانت فوقه بأن تكون حرة وهو عبد، فهذا هو الذي يكون به التخيير؛ لأنها كانت أعلى منه.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة في قصة بريرة من طريق ثالثة


قوله: [ أخبرنا قتيبة ].هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن جرير].
هو جرير بن عبد الحميد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن منصور].
هو منصور بن المعتمر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إبراهيم ].
هو إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأسود].
هو الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، خال إبراهيم النخعي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
عائشة قد مر ذكرها.

حديث عائشة في قصة بريرة من طريق رابعة


قال المصنف رحمه الله: [ أخبرنا عمرو بن علي عن عبد الرحمن حدثنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة (: أنها أرادت أن تشتري بريرة فاشترطوا ولاءها، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: اشتريها وأعتقيها فإنما الولاء لمن أعتق، وأتي بلحم فقيل: إن هذا مما تصدق به على بريرة، فقال: هو لها صدقة ولنا هدية، وخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان زوجها حراً )].أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى وهو مثل ما تقدم.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة في قصة بريرة من طريق رابعة

قوله: [ أخبرنا عمرو بن علي ].هوعمرو بن علي الفلاس وقد مر ذكره.
[ عن عبد الرحمن ].
هو عبد الرحمن بن مهدي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن شعبة ].
شعبة قد مر ذكره.

[ عن الحكم ].
هو الحكم بن عتيبة الكندي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة].
قد مر ذكرهم.

ابوالوليد المسلم 16-08-2022 08:21 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الطلاق

(448)

- (باب خيار الأمة تعتق وزوجها مملوك) إلى (باب الظهار)




للأمة المعتقة الخيار في البقاء مع زوجها المملوك وعدم البقاء؛ لتميزها بالعتق، وقد جعل الشارع للذي يحلف على عدم إتيان زوجته مدة أربعة أشهر إما أن يفيء وإما أن يطلق، دفعاً للضرر عن الزوجة، وإذا ظاهر الرجل من زوجته فقد حرم الله عليه إتيانها حتى يأتي بالكفارة التي ذكرها الله في كتابه.
خيار الأمة تعتق وزوجها مملوك

شرح حديث عائشة في قصة بريرة من طريق خامسة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب خيار الأمة تعتق وزوجها مملوك.أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أنبأنا جرير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: ( كاتبت بريرة على نفسها بتسع أواق في كل سنة بأوقية، فأتت عائشة تستعينها فقالت: لا، إلا أن يشاءوا أن أعدها لهم عدة واحدة ويكون الولاء لي، فذهبت بريرة فكلمت في ذلك أهلها فأبوا عليها إلا أن يكون الولاء لهم، فجاءت إلى عائشة وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك فقالت لها ما قال أهلها، فقالت: لا ها الله إذاً إلا أن يكون الولاء لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هذا؟ فقالت: يا رسول الله، إن بريرة أتتني تستعين بي على كتابتها فقلت: لا إلا أن يشاءوا أن أعدها لهم عدة واحدة ويكون الولاء لي فذكرت ذلك لأهلها فأبوا عليها إلا أن يكون الولاء لهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابتاعيها واشترطي لهم الولاء؛ فإن الولاء لمن أعتق، ثم قام فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله عز وجل؟ يقولون: أعتق فلاناً والولاء لي، كتاب الله عز وجل أحق، وشرط الله أوثق، وكل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم من زوجها، وكان عبداً فاختارت نفسها، قال عروة: فلو كان حراً ما خيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ].
يقول النسائي رحمه الله: باب خيار الأمة تعتق وزوجها مملوك.
المقصود من هذه الترجمة كما هو واضح: أن العبد والأمة إذا كانا مملوكين وأعتقت الأمة والعبد لا يزال مملوكاً فإن الأمة تخير في أن تبقى مع زوجها أو أن تتخلص منه وتفارقه؛ لأنها لم تعد مساوية له؛ بل تميزت عليه بأن صارت حرة وهو لا يزال مملوكاً، فهما لو أعتقا جميعاً كانا متساويين ويبقى الزواج على ما هو عليه؛ لأنه لا فضل لها عليه ولو أعتق هو وهي لا تزال مملوكة فليس لها خيار؛ لأنه صار أعلى منها من حيث أن بيده الطلاق والعصمة، وهو أعلى منها أيضاً من جهة أنه حصل الحرية وهي لا تزال في العبودية فلا تخير، وقد سبق معنا في بعض الروايات: أن زوجها حر وأنها خيرت، وعرفنا أن تلك الروايات شاذة مخالفة للروايات الأخرى الدالة على أنه مملوك مثل هذه الرواية والروايات التي بعدها.
ولما أعتقت وهو لا يزال مملوكاً فإنها تخير؛ لأنها زادت عليه وتميزت عليه بالحرية، وهو لا يزال مملوكاً. أورد النسائي حديث عائشة في قصة بريرة، وقد مر هذا الحديث من طرق متعددة، وأورده هنا للاستدلال به على تخيير الأمة إذا أعتقت وزوجها مملوك، وهو واضح الدلالة على ما ترجم له المصنف، فقد قال في آخره نقلاً عن عروة بن الزبير قال: فلو كان زوجها حراً ما خيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنها تكون بإعتاقها ساوت زوجها فلا يكون لها فضلٌ وميزة عليه، بل كانت مساوية له، فيقول: لو كان زوجها حراً ما خيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكيف تخير وقد ساوته في الحرية.
وبريرة كانت كاتبت أهلها على تسع أواق تدفع في كل سنة أوقية، فإذا مضت السنوات وأدت لهم الذي كاتبتهم عليه فإنها تعتق بذلك والولاء يكون لهم، وقد جاءت إلى عائشة رضي الله عنها وأرضاها، تطلب منها المعونة على تلك الأقساط وتلك المقادير التي تلزمها كل سنة من أجل أن تظفر بالحرية، فعائشة رضي الله عنها وأرضاها، لم تر أن تعينها على ما كاتبتهم أو كاتبها أهلها عليه، ولكنها أرادت أن تشتريها منهم بالمبلغ الذي قسطوه على تسع سنوات في كل سنة أوقية، فـعائشة تريد أن تدفع لهم التسع الأواق وتعدها لهم ناجزاً وحاضراً، ويكون الولاء لها، على اعتبار أنها هي المعتقة، فلما أخبرتهم بريرة بذلك قالوا: لا، إذا كانت تريد أن تشتريها وتعتقها والولاء لنا فلا بأس، أما إذا كان الولاء ليس لنا فلا.
ولما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرته بالذي حصل، قال: ( الولاء لمن أعتق )، كيف يكون العتق من شخص والولاء لشخص آخر؟! الولاء شيء حصل بسبب العتق يحصل به التوارث وهو كالنسب لا يباع، ولا يوهب، ولا يتصرف فيه وإنما هو تابع لمن حصل منه العتق، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: اشترطي لهم، يعني: اشتريها والشيء الذي قالوه وافقيهم عليه، وذلك الذي طلبوه باطل، وهو مخالف لشرع الله ولكتاب الله، فلا عبرة به ولا قيمة له؛ لأن الولاء إنما يكون لمن أعتق، وهم لم يكونوا معتقين، فإذا اشترت عائشة منهم بريرة وأعتقتها فالمعتق هو الذي له الولاء، وليس هم، أما لو بقيت بريرة على المكاتبة وكل سنة تأتي لهم بالمقدار الذي بينها وبينهم وفي الآخر يحصل إعتاقهم إياها فالولاء يكون لهم؛ لأنهم هم الذين أعتقوا، لكن عائشة تريد أن تشتري شراء والذي سيُدفع لهم في تسع سنوات ستدفعه لهم مقدماً، وناجزاً، وعاجلاً، وتكون هي المعتقة، والمعتق هو الذي يكون له الولاء.
الحاصل: أن الحديث أورده النسائي في أبواب متعددة، ومن طرق مختلفة، وأورده هنا للاستدلال به على أن الأمة المملوكة إذا أعتقت وزوجها لا يزال مملوكاً فإنها تخير في البقاء مع زوجها أو عدم البقاء، فإن اختارت البقاء فالزوجية على ما هي عليه، وإن اختارت الفراق فالأمر يرجع إليها، وبريرة زوجها مغيث رضي الله تعالى عنهما، وقد اختارت فراقه، والنبي صلى الله عليه وسلم شفع له عندها بأن تبقى على ما هم عليه، ولكنها لم ترض بذلك واختارت فراقه ففارقها رضي الله عنهما وعن الصحابة أجمعين.
[ ثم قال: (ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست ..) ].
الرسول صلى الله عليه وسلم لما سمع هذا الكلام وقال لعائشة ما قال أراد أن يعلن ذلك للناس وأن يبين للناس هذه السنة، وأن يكون ذلك على المنبر حتى تعم الفائدة وحتى ينتشر الخبر والحديث الذي يحدث به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وكان من هديه عليه الصلاة والسلام أنه عندما يحصل أمر منكر من أحد من الناس ويعلن هذا فإنه لا يسمي من حصل منه الأمر المنكر، وإنما يأتي بهذه العبارة: ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا، فلا يسميهم ولا يعينهم، ولكن يبين أن هذا قد حصل، وأن أناساً حصل منهم كذا وكذا، وأن الواجب هو كذا وكذا، فالإنسان الذي حصل منه ذلك الذي أشار إليه الرسول صلى الله عليه وسلم يتنبه ويعلم أن ما أقدم عليه أمر منكر، وإذا كان أناس ينطبق عليهم هذا الشيء والرسول صلى الله عليه وسلم لم يعلم عنهم أيضاً يفهمون أنهم داخلون تحت هذا الإطلاق وتحت هذا الإيماء والتنبيه الذي ليس فيه التصريح بالأسماء وتعيين الذين حصل منهم الخطأ.
( ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله )، وكتاب الله عز وجل يراد به ما هو أعم من القرآن، يعني: يراد به شرع الله، ويراد به ما كتبه الله أي: ما شرعه، وفرضه، وأوجبه سواء كان ذلك في القرآن أو في السنة؛ لأن السنة هي قرينة القرآن، وهي وحي من الله عز وجل، كما أن القرآن وحي، إلا أن القرآن متعبد بتلاوته وموصوف بالإعجاز، والسنة ليست كذلك ولكنها تشترك مع القرآن في أن الأخذ بهما جميعاً لازم، وأمر متعين، ولا يؤخذ بالقرآن وتترك السنة، وإنما يؤخذ بالجميع، ويلتزم الجميع، وعلى هذا فكتاب الله عز وجل يشمل ما هو أوسع من القرآن وما هو أعم؛ لأن السنة قد أرشد إليها القرآن وأمر بالتزامها في قول الله عز وجل: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/07/67.jpg وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا https://majles.alukah.net/imgcache/2022/07/68.jpg[الحشر:7] فكل ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم فهو داخل في هذا الأمر وهذا النهي، كل السنة من أولها إلى آخرها داخلة تحت هذه الآية، ولهذا لما جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه لعن النامصة، والمتنمصة، والواشمة، والمستوشمة، والواصلة، والمستوصلة وغيرها مما جاء به الحديث، قال: ما لي لا ألعن من لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو موجود في كتاب الله، فكانت واحدة من الصحابيات استعرضت القرآن ولم تجد فيه ما يتعلق بالنامصة، والمتنمصة، والواشمة، والمستوشمة، والواصلة، والمستوصلة فجاءت إلى عبد الله بن مسعود فقالت: إنك قلت: كذا وكذا، وإنني قرأت المصحف من أوله إلى آخره فما وجدت فيه هذا الذي قلت، فقال رضي الله عنه: إن كنت قرأتيه فقد وجدتيه، قال الله عز وجل: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/07/67.jpg وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا https://majles.alukah.net/imgcache/2022/07/68.jpg[الحشر:7] فلعن النامصة، والمتنمصة، والواشمة، والمستوشمة، والواصلة، والمستوصلة موجود في كتاب الله في قول الله عز وجل: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/07/67.jpg وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا https://majles.alukah.net/imgcache/2022/07/68.jpg[الحشر:7].
( ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله، يقولون: أعتق فلاناً والولاء لي؟!) يعني: أن شخصاً يتولى العتق وشخصاً آخر يكون له الولاء، هذا ليس بصحيح؛ بل من حصل منه العتق فيكون له الولاء، كما أن الإنسان ينسب إلى أبيه ولا ينسب إلى غيره، فكذلك الولاء يضاف إلى صاحب النعمة نعمة الإعتاق ولا يضاف إلى غيره ولا يملكه غيره ولا يتنازل عنه لغيره، لا يبيعه ولا يهبه؛ لأنه ليس شيئاً يتصرف فيه تصرف الملاك في أملاكهم، وإنما هو عصوبة سببها نعمة المعتق على عتيقه بالعتق، ويحصل التوارث بذلك من جانب المعتق حيث يرث العتيق إذا لم توجد العصوبة التي تكون من جهة النسب، ويكون الولاء بدلاً عن العصوبة النسبية المفقودة.
( يقولون: أعتق فلاناً والولاء لي ) المعتق هو الذي له الولاء ولا يكون الولاء لغير المعتق، بل الولاء خاص بالمعتق لا يستطيع المعتق أن يهبه، أو يبيعه؛ لأن هذا شيء مثل النسب لا يتصرف فيه الإنسان بالبيع، والهبة، وإنما هو عصوبة سببها نعمة المعتق على عتيقه بالعتق، ويحصل التوارث بها من جانب واحد وهو جانب المعتق، حيث يرث العتيق إذا لم توجد العصوبة التي من جهة النسب، والتي هي مقدمة على عصوبة الولاء.
( كتاب الله عز وجل أحق ) يعني: أحق بالاتباع، وأحق بالأخذ، وأحق بأن يعمل بما فيه ولا يكون العمل بما يخالفه مما يتواطأ عليه الناس ومما يشترطه الناس كاشتراط الولاء لغير المعتق وشرط الله أوثق، وهو الذي يتمسك به، ويؤخذ به، وأما الشرط الذي ليس في شرع الله فإنه لا عبرة به، ولا قيمة له، وهو لاغ وباطل ولا يؤخذ به، وليس له قرار ولا ثبوت، وإنما الثبوت والقرار والأخذ إنما يكون بشرط الله عز وجل الذي هو أوثق.
( وكل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ) المقصود: إذا كان يخالف ما جاء في كتاب الله أي: القرآن والسنة، (وإن كان مائة شرط) وإن كثرت تلك الشروط وتضاعفت ووصلت إلى مائة شرط، وهي ليست في كتاب الله فإنها لاغية، وباطلة، ووجودها مثل عدمها.
ومعنى قوله: (ابتاعيها واشترطي لهم الولاء ) ابتاعيها يعني: اشتريها، وأبرمي الاتفاق معهم، وإذا أصروا فاقبلي منهم ذلك وهو مردود عليهم؛ لأنه يخالف ما جاء في كتاب الله عز وجل، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
وليس فيه خدعة، فالولاء لـعائشة رضي الله عنها، لكونها المشترية والمعتقة.
وأما بالنسبة لتبويب النسائي الأول: وزوجها حر، وهذا: وزوجها مملوك، هل مراده بيان علة حديث بحديث؟
فالجواب: يحتمل ذلك، لكن كونه يجعل الباب: عتق الأمة وزوجها حر، ثم عتقها وزوجها مملوك فلعله يريد بذلك ما ورد من الروايات في هذا وفي هذا، لكن المحفوظ هو كونه مملوكاً وليس كونه حراً، فيحتمل أن يكون أراد بذلك أن بعض الطرق معلولة، وشاذة، والمحفوظ سواها، ويحتمل غير ذلك.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة في قصة بريرة من طريق خامسة

قوله: [ أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ].هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي المروزي ثقة، ثبت، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث وهو لقب رفيع لم يظفر به إلا القليل النادر من المحدثين، مثل: شعبة، وسفيان الثوري، والبخاري، والدارقطني وعدد قليل من المحدثين، وصف كل واحد منهم بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديث إسحاق بن راهويه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[ عن جرير ].
هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن هشام بن عروة ].
هو هشام بن عروة بن الزبير، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
هو عروة بن الزبير بن العوام، ثقة، فقيه، من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
هي عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، الصحابية الجليلة، الصديقة بنت الصديق، ذات المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة التي أنزل براءتها مما رميت به من الإفك في آيات تتلى من كتاب الله عز وجل، وهي من أوعية السنة وحفظتها، حفظ الله تعالى بها الشيء الكثير من سنة النبي صلى الله عليه وسلم لا سيما الأمور التي تقع بين الرجل وأهل بيته، والتي لا يطلع عليها إلا نساؤه، فإنها حفظت من ذلك ما لم يحفظه غيرها رضي الله عنها وأرضاها.

حديث عائشة في قصة بريرة من طريق سادسة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أنبأنا المغيرة بن سلمة حدثنا وهيب عن عبيد الله بن عمر عن يزيد بن رومان عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان زوج بريرة عبداً ].ثم أورد النسائي قطعة مختصرة من حديث بريرة وذلك من حديث عائشة بإسناد آخر، وهو مطابق لما ترجم له من كونه عبداً؛ ولهذا خيرت؛ لأنها تميزت عليه بالحرية، وهو دونها، ولو كان حراً ما خيرت كما قال عروة بن الزبير؛ لأنها إذا عتقت ساوته؛ ولم يكن ميزة عليه حتى تخير، ولكنها تخير حينما صارت لها ميزة عليه بكونه عبداً وهي ظفرت بالحرية.
قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم عن المغيرة بن سلمة ].
إسحاق بن إبراهيم مر ذكره، والمغيرة بن سلمة، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[ عن وهيب ].
هو وهيب بن خالد، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبيد الله بن عمر ].
هو: عبيد الله بن عمر العمري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يزيد بن رومان ].
يزيد بن رومان، ثقة، أيضاً أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عروة عن عائشة ].
وقد مر ذكرهما.

شرح حديث عائشة في قصة بريرة من طريق سابعة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا القاسم بن زكريا بن دينار حدثنا حسين عن زائدة عن سماك عن عبد الرحمن بن القاسم ( عن عائشة رضي الله عنها أنها اشترت بريرة من أناس من الأنصار فاشترطوا الولاء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الولاء لمن ولي النعمة، وخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان زوجها عبداً، وأهدت لـعائشة لحماً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو وضعتم لنا من هذا اللحم، قالت عائشة: تصدق به على بريرة، فقال: هو عليها صدقة، وهو لنا هدية ) ].أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى، وهو مشتمل على ما اشتمل عليه الذي قبله من جهة ما ترجم له المصنف وهو كونه مملوكاً، والنبي صلى الله عليه وسلم خيرها لكونه كان مملوكاً، فهو مشتمل على ما اشتمل عليه الذي قبله، وفي قوله: ( الولاء لمن ولي النعمة ) أي: هي نعمة العتق؛ لأن المعتق أنعم على عتيقه بالعتق، ولهذا يقولون في تعريف الولاء: عصوبة سببها نعمة المعتق على عتيقه بالعتق، والله عز وجل يقول: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/07/67.jpg وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ https://majles.alukah.net/imgcache/2022/07/68.jpg[الأحزاب:37] أي: أنعمت عليه بالعتق.
[ ( عن عائشة رضي الله عنها أنها اشترت بريرة من أناس من الأنصار فاشترطوا الولاء ) ] أي: لهم، أما لو ساعدت بريرة وأعطتها نجوم الكتابة، وبريرة دفعتها لهم فإن الولاء يكون لهم؛ لأنهم أعتقوها بعد أن أخذوا النقود التي جمعتها لهم بريرة، لكن عائشة أرادت الشراء، فتكون هي المعتقة بعد أن تشتري، فكونهم يطلبون الولاء لهم وهم ليسوا معتقين فطلبهم في غير محله، وشرط ليس في كتاب الله فهو باطل.
[ ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الولاء لمن ولي النعمة، وخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان زوجها عبداً ) ].
وخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أن تبقى مع زوجها مغيث وهو لا يزال عبداً، وبين أن تفارقه، والمقصود من ذلك: أن زوجها الذي خيرت بفراقه والبقاء معه كان عبداً ولم يكن حراً؛ لأنه لو كان حراً ما خيرت كما قال عروة بن الزبير؛ لأنها ساوته في الحرية، فليس لها ميزة عليه.
[ ( وأهدت لـعائشة لحماً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو وضعتم لنا من هذا اللحم، قالت عائشة: تصدق به على بريرة، فقال: هو عليها صدقة وهو لنا هدية ) ].
ومما حصل لـبريرة أنها تصدق عليها بشيء من اللحم فأهدته إلى بيت الرسول صلى الله عليه وسلم، والرسول صلى الله عليه وسلم سأل عن هذا الذي رآه يطبخ في بيته ولم يقدم له منه شيء، فقيل له: إن هذا تصدق به على بريرة، وأنت لا تأكل الصدقة، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: هو لها صدقة، ولنا هدية، ومعناه: أنه لما تصدق عليها به ملكته فتتصرف به كيف تشاء، إن باعته فلها أن تبيعه ومن اشتراه ما له علاقة بالصدقة، وإن أهدته لأحد فالمهدى إليه يتصرف فيه، ويستفيد منه، ولا علاقة له بالصدقة؛ لأن العين تغيرت، فاللحم عين، فكان انتقاله من المحسنين الذين أحسنوا إلى بريرة صدقة منهم، ولكنه لما وصل إلى بريرة صار ملكاً لها، فإذا خرج من ملكها عن طريق الهبة أو الهدية، أو البيع فلا يقال: إنه صدقة؛ لأنه تغير وضع العين من كونها صدقة إلى كونها ملكاً يتصرف فيه، فلم تبق صدقة، ولهذا فإن الفقير الذي يتصدق عليه بالشيء إذا طبخ طعاماً، ودعا إليه أناساً، وأكلوا منه لا يقال: إنهم أكلوا صدقة، وإنما أكلوا شيئاً ملكه ذلك الذي أطعمهم إياه، فالذي لا يحل له أكل الصدقة يحل له أن يأكل؛ لأنه خرج عن أن يكون صدقة إلى كونه ملكاً ويتصرف مالكه فيه تصرف الملاك في أملاكهم.


تراجم رجال إسناد حديث عائشة في قصة بريرة من طريق سابعة


قوله: [ أخبرنا القاسم بن زكريا بن دينار ].القاسم بن زكريا بن دينار، ثقة، أخرج له مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[ عن حسين ].
هو حسين بن علي الجعفي الكوفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زائدة ].
هو زائدة بن قدامة، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سماك ].
هو: سماك بن حرب، صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن عبد الرحمن بن القاسم ].
هو عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
عائشة رضي الله عنها وأرضاها، وقد مر ذكرها.

شرح حديث عائشة في قصة بريرة من طريق ثامنة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم حدثنا يحيى بن أبي بكير الكرماني حدثنا شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها، قال: وكان وصي أبيه، قال: وفرقت أن أقول سمعته من أبيك قالت عائشة: ( سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بريرة وأردت أن أشتريها واشترط الولاء لأهلها ) ] كذا صحيح.إذا كان اللفظ: (أشترط الولاء) فهم اشترطوا أن يكون لهم الولاء، لكن هي ما أرادت أن تشترط الولاء لهم، وإنما تريد أن تشترط الولاء لها وليس لهم، لكن يمكن أن يكون اللفظ هكذا: (واشتُرط الولاء) أي: أنهم اشترطوا الولاء.
[ ( واشترط الولاء لأهلها فقال: اشتريها؛ فإن الولاء لمن أعتق، قال: وخيرت وكان زوجها عبداً ثم قال بعد ذلك: ما أدري، وأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بلحم فقالوا: هذا مما تصدق به على بريرة، قال: هو لها صدقة، ولنا هدية ) ].
وهو مثل الذي قبله، وفيه قول شعبة لـعبد الرحمن بن القاسم قال عنه: وكان وصي أبيه، أي: القاسم بن محمد، قال: فرقت يعني: خفت أن أقول: سمعته من أبيك، وفرق من الفرق، وهو الخوف، أي: خاف أن يقول له: سمعته من أبيك، يخاطب شعبة عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة في قصة بريرة من طريق ثامنة


قوله: [ أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم ].هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم المشهور أبوه بـابن علية، ثقة، أخرج له النسائي وحده.
[ عن يحيى بن أبي بكير الكرماني ].
يحيى بن أبي بكير الكرماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن شعبة ].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي، ثم البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه].
عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة أي: القاسم.
[عن عائشة].
عائشة وقد مر ذكرها.

يتبع




ابوالوليد المسلم 16-08-2022 08:21 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
الإيلاء

شرح حديث ابن عباس في حكم الإيلاء


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الإيلاء.أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الحكم البصري حدثنا مروان بن معاوية حدثنا أبو يعفور عن أبي الضحى: تذاكرنا الشهر عنده فقال بعضنا: ثلاثين، وقال بعضنا: تسعاً وعشرين، فقال أبو الضحى: حدثنا ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: ( أصبحنا يوماً ونساء النبي صلى الله عليه وسلم يبكين عند كل امرأة منهن أهلها، فدخلت المسجد فإذا هو ملآن من الناس، قال: فجاء عمر رضي الله عنه فصعد إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في علّية له فسلم عليه فلم يجبه أحد، ثم سلم فلم يجبه أحد، ثم سلم فلم يجبه أحد، فرجع فنادى بلالاً فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أطلقت نساءك؟ فقال: لا، ولكني آليت منهن شهراً، فمكث تسعاً وعشرين ثم نزل فدخل على نسائه ) ].
أورد النسائي الإيلاء، والإيلاء هو: الحلف على عدم قربان النساء، إما مقيداً بمدة معينة كالشهر، وإما مطلقاً بدون تحديد وتعيين للمدة، والإيلاء جاء في القرآن الكريم أن من آلى من زوجته فله تربص أربعة أشهر إما أن يفيء فيها ويترك ما آل عليه، وإما أن يعزم على الطلاق ويطلقها، والرسول صلى الله عليه وسلم حلف ألا يقرب نساءه شهراً ومكث ذلك الشهر ولما مضى تسع وعشرون دخل على نسائه؛ لأنه أكمل المدة التي آلى عليها، فقيل له: إنك آليت شهراً، قال: الشهر تسعة وعشرون؛ لأن الحد الأدنى في الشهور القمرية: تسعة وعشرون، والحد الأعلى ثلاثون، ما فيه واحد وثلاثون ولا فيه ثمانية وعشرون، إما هذا وإما هذا، ولهذا الرسول صلى الله عليه وسلم لما قال: ( إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا، وهكذا، وهكذا، وأشار بيديه ثلاث مرات، ثم عاد فأشار بيديه ثلاث مرات وقبض الإبهام في الثالثة ) ومعناه: مرة يكون ثلاثين، ومرة يكون تسعاً وعشرين، فهو إما هذا وإما هذا، فالرسول صلى الله عليه وسلم لما آلى من نسائه شهراً، وجلس في غرفة وفي مكان مرتفع يسمى مشربة، يقال له: علية وجلس فيه شهراً معتزلاً نساءه، وكان أشيع أنه طلق نساءه، وجاء عن عمر رضي الله عنه وأرضاه، أنه كان في بستان له في عوالي المدينة، وكان يتناوب مع جار له بحيث ينزل هذا يوماً وهذا يوماً، ثم من نزل عندما يأتي في المساء يخبر صاحبه بما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديث، ولما كان اليوم الذي ينزل فيه صاحبه، جاء وطرق عليه الباب بشدة، وبشيء يظهر فيه الذعر، والخوف، فجاء عمر رضي الله عنه، وقال: ما هذا؟ قال: الرسول صلى الله عليه وسلم طلق نساءه، فنزل وجاء إلى حفصة وتكلم معها ثم جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم واستأذن، ولما دخل عليه بادر وقال: يا رسول الله! أطلقت نساءك؟ قال: لا، فكبر عمر وحمد الله عز وجل، وفرح وسُر بما حصل من كونه صلى الله عليه وسلم لم يطلق نساءه، وإنما اعتزلهن شهراً، والقرآن جاء فيه قول الله عز وجل: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/07/67.jpg لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ https://majles.alukah.net/imgcache/2022/07/68.jpg[البقرة:226-227] يعني: إما أن يتركوا في خلال هذه المدة ويفيئوا وإما أن يعزموا الطلاق، ولا يبقى تعليق مستمر، ويستمر ذلك التعليق إلى غير نهاية، بل إما هذا وإما هذا، والرسول صلى الله عليه وسلم ما حلف على أن لا يقرب نساءه مدة مطلقة، وإنما حلف على شهر وقد أنهى ذلك الشهر ثم جاء إلى نسائه صلى الله عليه وسلم، ولما دخل وكان آلى شهراً وقد مضى تسع وعشرون وكن يعددنها عداً قالوا: إنك آليت شهراً، وإن اليوم تسع وعشرون قال: الشهر تسع وعشرون.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في حكم الإيلاء

قوله: [ أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الحكم البصري ].هو أحمد بن عبد الله بن الحكم البصري، ثقة، أخرج له مسلم، والترمذي، والنسائي.
[ عن مروان بن معاوية ].
مروان بن معاوية الفزاري، ثقة، يدلس تدليس الشيوخ، وتدليس الشيوخ غير تدليس الإسناد، تدليس الشيوخ هو: أن يعمد إلى شيخ من شيوخه معروف بشهرة فيذكره بغير ما اشتهر به، بأن يذكر كنيته وكنية أبيه ولا يذكر اسمه ولا اسم أبيه، أو يذكر اسمه وكنية أبيه، المهم أنه يذكر شيخه بغير ما اشتهر به، هذه الطريقة فيها تدليس؛ لأن فيها توعير الطريق لمعرفة الشخص، وقد يقال: إن الشخص غير معروف، مجهول لم نقف له على ترجمة، ولكن سبب الجهالة هو التدليس في كونه ذكر بغير ما اشتهر به، وقد ذكروا عن مروان بن معاوية الفزاري أنه كان يدلس تدليس الشيوخ، أما تدليس الإسناد فهو: أن يروي الراوي عن شيخه ما لم يسمعه منه بلفظ موهم السماع: كعن أو قال، يروي عن شيخه ما لم يسمعه منه بلفظ موهم للسماع.
[ عن أبي يعفور ].
أبو يعفور الأصغر، وهو عبد الرحمن بن عبيد بن نسطاس، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي الضحى ].
أبو الضحى مسلم بن صبيح، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

حديث أنس في حكم الإيلاء وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا خالد حدثنا حميد عن أنس رضي الله عنه أنه قال: ( آلى النبي صلى الله عليه وسلم من نسائه شهراً في مشربة له، فمكث تسعاً وعشرين ليلة ثم نزل، فقيل: يا رسول الله، أليس آليت على شهر؟ قال: الشهر تسع وعشرون ) ].أورد النسائي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، وهو مثل حديث ابن عباس المتقدم: أن النبي صلى الله عليه وسلم آلى من نسائه شهراً وجلس في مشربة والمشربة: غرفة في مكان مرتفع وهناك قال: علية، وهناك قال: مشربة، والمقصود بها شيء واحد، ولما مضى تسع وعشرون نزل، وهذا يفيد أنه كان في مكان عالٍ، يعني: نزل من ذلك المكان الذي وصف بأنه علية في الحديث السابق، فقيل: إنك آليت شهراً، فقال: الشهر تسع وعشرون.
قوله: [ أخبرنا محمد بن المثنى ].
هو محمد بن المثنى أبو موسى الزمن البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[ عن خالد ].
هو: خالد بن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حميد ].
هو: حميد بن أبي حميد الطويل، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس بن مالك ].
رضي الله عنه خادم رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الحديث من رباعيات النسائي التي هي أعلى الأسانيد عنده؛ لأن أعلى ما يكون عنده الرباعيات، وليس عنده شيء من الثلاثيات والرباعيات كثيرة في النسائي، لا يمر بنا الإسناد والعدد الذي بين النسائي ورسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أشخاص، والنسائي توفي في أوائل القرن الرابع الهجري، توفي سنة ثلاث بعد الثلاثمائة وبينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أشخاص، فهو من أعلى ما يكون عند النسائي، وقد عرفنا فيما مضى أن أنزل ما عند النسائي العشاريات، أي: الذي إسناده عشرة أشخاص بين النسائي ورسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد مر بنا حديث في فضل قل هو الله أحد، وقال النسائي عنه: إن هذا أطول إسناد.


الظهار

شرح حديث ابن عباس في حكم الظهار


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الظهار.أخبرنا الحسين بن حريث حدثنا الفضل بن موسى عن معمر عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما (أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم قد ظاهر من امرأته فوقع عليها، فقال: يا رسول الله! إني ظاهرت من امرأتي فوقعت قبل أن أكفر، قال: وما حملك على ذلك يرحمك الله؟ قال: رأيت خلخالها في ضوء القمر، فقال: لا تقربها حتى تفعل ما أمر الله عز وجل ) ].
أورد النسائي باب الظهار، والظهار هو: أن يقول الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي، أو كظهر أختي، وقد جاء ذكره في القرآن في سورة المجادلة، وبين الكفارة التي تكون على من ظاهر وهي عتق رقبة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً، وتكون الكفارة قبل المسيس، فاذا كفر ساغ له المسيس.
أورد النسائي حديث ابن عباس، أن رجلاً ظاهر من امرأته ثم واقعها قبل أن يكفر، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: ما الذي حملك على ذلك؟ قال: إنه رأى خلخالها في ضوء القمر فأقدم على ما أقدم عليه، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: لا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله به، أي: لا تقربها مرة ثانية؛ لأن المرة الأولى قد حصلت فأرشده ألا يقربها، أو الحكم أنه لا يجوز قرب المرأة التي حصلت المظاهرة منها إلا بعد أن يكفر الإنسان الكفارة التي أمر الله عز وجل بها في أول سورة المجادلة: بأن يعتق رقبة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع الصيام أطعم ستين مسكيناً، والكفارة متقدمة على مسيس الزوجة، فلابد من تقديم الكفارة على ذلك، لكن هذا الذي استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ألزمه بشيء لكونه خالف ما نهي عنه، ولكنه أرشده إلى ألا يقربها إلا بعد أن يفعل ما أمره الله عز وجل به من الكفارة.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في حكم الظهار

قوله: [ أخبرنا الحسين بن حريث ].هو الحسين بن حريث المروزي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[ عن الفضل بن موسى ].
هو الفضل بن موسى المروزي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن معمر ].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري، ثم اليماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الحكم بن أبان ].
الحكم بن أبان، صدوق، له أوهام، أخرج له البخاري في جزء القراءة، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن عكرمة ].
عكرمة مولى ابن عباس، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
وقد مر ذكره.

حديث ابن عباس في حكم الظهار من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن الحكم بن أبان عن عكرمة قال: ( تظاهر رجل من امرأته فأصابها قبل أن يكفر، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما حملك على ذلك؟ قال: رحمك الله يا رسول الله! رأيت خلخالها أو ساقيها في ضوء القمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فاعتزلها حتى تفعل ما أمرك الله عز وجل ) ].أورد النسائي الحديث من طريق أخرى وهو مثل ما تقدم.
قوله: [ أخبرنا محمد بن رافع ].
هو محمد بن رافع النيسابوري القشيري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[ عن عبد الرزاق ].
هو ابن همام الصنعاني اليماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن معمر عن الحكم بن أبان عن عكرمة ].
وقد مر ذكرهم.
[ولم يذكر ابن عباس].
ولم يذكر ابن عباس فهو مرسل، لكن كما هو معلوم الإسناد الذي قبله فيه الصريح بـابن عباس.

شرح حديث ابن عباس في حكم الظهار من طريق ثالثة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أنبأنا المعتمر (ح) وأنبأنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا المعتمر قال: سمعت الحكم بن أبان قال: سمعت عكرمة قال: ( أتى رجل نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله! إنه ظاهر من امرأته ثم غشيها قبل أن يفعل ما عليه، قال: ما حملك على ذلك؟ قال: يا نبي الله! رأيت بياض ساقيها في القمر، قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: فاعتزل حتى تقضي ما عليك، وقال إسحاق في حديثه: فاعتزلها حتى تقضي ما عليك ) واللفظ لـمحمد، قال أبو عبد الرحمن: المرسل أولى بالصواب من المسند، والله سبحانه وتعالى أعلم ].فهذا الحديث من الأحاديث المتعلقة بالظهار، وقد سبق بعض الأحاديث في ذلك، وهذا الحديث عن عكرمة مرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يذكر فيه أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وذكر أنه ظاهر من امرأته، أي: قال لها: أنت علي كظهر أمي، أو كظهر أختي، وأنه غشيها، أي: وطئها قبل أن يفعل ما عليه، أي: قبل أن يقوم بالشيء الذي أمر الله أن يفعل، وهو أن يعتق رقبة قبل المسيس، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً، هذا هو الواجب عليه قبل المسيس كما جاء منصوصاً عليه في القرآن الكريم، ولكن هذا الرجل غشيها قبل أن يفعل ما عليه من الكفارة، وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه فعل أمراً خلاف ما جاء في القرآن، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال له: ما حملك على ذلك؟ يعني: ما الذي دفعك إلى أن تفعل هذا الفعل، والله عز وجل إنما أذن في ذلك بعد الكفارة؟ فقال: إنه رأى ساقيها في ضوء القمر، أي: حصل له شيء دفعه إلى أن يقدم على هذا الذي أقدم عليه، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: اعتزل حتى تفعل ما أمرك الله، وعند الشيخ الثاني: اعتزلها حتى تفعل ما أمرك الله، ولم يترتب على ذلك حكم، يعني: لم يلزمه بشيء بكونه حصلت منه هذه المخالفة، وإنما أرشده إلى أن عليه أن يأتي بالكفارة قبل المسيس.
وكونه فعل هذا الفعل قبل المسيس لم يلزمه النبي صلى الله عليه وسلم بشيء بسبب ذلك، ولكنه أرشده إلى عدم قربانها إلا بعد المسيس، وهذا إسناد مرسل، والمرسل هو ما قال فيه التابعي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، أو حصل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، بمعنى: يحكي ما يحكيه الصحابي، ومن المعلوم أنه لم يدرك، فعلى هذا يكون مرسلاً، وهذا المرسل سبق أن مر في بعض الطرق تسمية الصحابي فيكون صحيحاً بما تقدم من المسند المضاف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والنسائي قال: إن المرسل أولى بالصواب من المسند، والمسند ثابت، والقصة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أرشده إلى ذلك أي: إلى أنه لا يقربها إلا بعد الكفارة، وقد سبقت الأحاديث بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في حكم الظهار من طريق ثالثة


قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه المروزي الحنظلي، ثقة، ثبت، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[ عن المعتمر].
هو المعتمر بن سليمان بن طرخان التيمي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ح وأنبأنا محمد بن عبد الأعلى].
ثم أتى بـ(ح) الدالة على التحويل والتحول من إسناد إلى إسناد، ومحمد بن عبد الأعلى، ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود في القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[ عن المعتمر عن الحكم بن أبان ].
المعتمر عن الحكم بن أبان، والحكم بن أبان، صدوق، له أوهام، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن عكرمة ].
هو عكرمة مولى ابن عباس، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أنبأنا جرير عن الأعمش عن تميم بن سلمة عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، لقد جاءت خولة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تشكو زوجها، فكان يخفى علي كلامها، فأنزل الله عز وجل: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpg قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[المجادلة:1] ]. أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها، الذي قالت فيه: الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، أي: أنه ما من صوت ولو دق وخفي إلا والله تعالى يسمعه، وقد وسعه سمع الله عز وجل الذي يسمع كل شيء، والذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، وهو يدل على إثبات صفة السمع لله عز وجل، وأن سمع الله عز وجل لا يخفى عليه شيء، فما من صوت ولو دق ولو خفي إلا والله عز وجل يسمعه؛ لأنه هو السميع العليم.
قالت عائشة رضي الله عنها وأرضاها، هذا الكلام ثم وضحت ذلك: بأن خولة بنت حكيم جاءت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم تشتكي زوجها وتجادله فيه، وكان كلامها مع رسول الله سراً، ويخفى على عائشة شيء منه، والله عز وجل سمع هذا الكلام الذي خفي على عائشة؛ لأنه عز وجل يسمع السر والنجوى، ويسمع الخفي والجلي من الأصوات، وقد وسع سمعه الأصوات سبحانه وتعالى، فهو دال على إثبات صفة السمع لله عز وجل، وأن سمعه محيط بكل صوت، وبكل شيء له صوت.

تراجم رجال إسناد حديث: (الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات ...)

قوله: [ أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ].إسحاق بن إبراهيم قد مر ذكره.
[ عن جرير ].
هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الأعمش ].
هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن تميم بن سلمة ].
تميم بن سلمة، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[ عن عروة ].

هو عروة بن الزبير بن العوام، فقيه أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ عن عائشة ].
عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق التي حفظ الله بها الكثير من سنة النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

ابوالوليد المسلم 16-08-2022 08:22 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الطلاق

(449)

- (باب ما جاء في الخلع) إلى (باب اللعان في قذف الرجل زوجته برجل بعينه)




إن من وسائل الفرقة بين الزوجين المخالعة واللعان، والأول يكون الأمر فيه راجعاً للمرأة إذا أرادت أن تفتدي نفسها من الزوج بأن تدفع له مالاً مقابل تطليقه إياها، أما الثاني وهو اللعان فيلجأ إليه إذا اتهم الرجل زوجته بالزنا ولم تعترف هي بذلك، ولا أتى هو بأربعة شهداء على ذلك، فعندها تكون الملاعنة بينهما، والتي ينتج عنها فرقة أبدية بينهما.

ما جاء في الخلع


شرح حديث: (المنتزعات والمختلعات هن المنافقات)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في الخلع.أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أنبأنا المخزومي وهو المغيرة بن سلمة حدثنا وهيب عن أيوب عن الحسن عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( المنتزعات والمختلعات هن المنافقات ) قال الحسن: لم أسمعه من غير أبي هريرة، قال أبو عبد الرحمن: الحسن لم يسمع من أبي هريرة شيئاً ].
أورد النسائي باب: ما جاء في الخلع، الخلع هو: كون المرأة تفتدي نفسها من زوجها بأن تدفع له مالاً لتتخلص منه، المرأة تفتدي نفسها من زوجها تريد الخلاص منه، وهو لا يريد طلاقها ولكنها تريد أن تدفع له مالاً حتى يطلقها، وتتخلص منه بذلك المبلغ الذي تدفعه له في مقابل تخلية سبيلها، هذه هو الخلع، وقد أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( المنتزعات والمختلعات هن المنافقات ) المنتزعات المراد بهن اللاتي يطلبن الطلاق بغير عذر وبغير سبب يقتضي ذلك الطلب، والمختلعات اللاتي يفتدين أنفسهن من أزواجهن بمال يدفعنه للخلاص منهم بدون أمر يقتضي ذلك، وصفهن بأنهن المنافقات، وهذا النفاق من المعلوم أنه نفاق عملي وليس اعتقادياً، ومن المعلوم أن النفاق العملي من أمثلته كما جاء في الأحاديث: ( إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان، وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر )، فهذه من أمثلة النفاق العملي، أما الاعتقادي فهو كفر مخرج من الملة، والمنافقون النفاق الاعتقادي هم في الدرك الأسفل من النار، وهم خالدون مخلدون في النار، لكن تجري عليهم أحكام الإسلام ظاهراً، لأنهم أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر، فهم في الآخرة خالدون مخلدون في النار، وهم في الدرك الأسفل من النار، لكن النفاق العملي هو من جملة الذنوب والمعاصي والكبائر التي أمرها إلى الله عز وجل، فالذي يناسب المقام هنا أن النفاق المراد به النفاق العملي وليس الاعتقادي، وذكر في الحاشية أنه المقصود بذلك، أنهن لا يدخلن الجنة في أول الأمر مع من يدخلها، وهذا لا يتأتى إلا بالنفاق العملي؛ لأن النفاق الاعتقادي لا سبيل إلى دخول الجنة لأهله لا في الأول ولا في الآخر، بل ليس هناك إلا النار والخلود في النار أبد الآباد، وعلى هذا فالنفاق المذكور في الحديث هو نفاق العمل الذي هو من جملة المعاصي والذنوب، وليس نفاقاً اعتقادياً الذي صاحبه في الدرك الأسفل من النار، والذي لا سبيل إلى خروجه من النار أبداً، بل هو خالد مخلد فيها أبد الآبدين والعياذ بالله.
فالمنتزعات والمختلعات هن المنافقات، وقد عرفنا أن المنتزعات الطالبات للطلاق بدون سبب، والمختلعات اللاتي يدفعن المال للحصول على الفكاك من أزواجهن وذلك بدون سبب.
قوله: (قال الحسن: لم أسمعه من غير أبي هريرة).
قول الحسن: لم أسمعه من غير أبي هريرة وهذا يفيد أنه سمعه من أبي هريرة، وعلى هذا يكون متصلاً ولا انقطاع فيه، وسماع الحسن من أبي هريرة اختلف فيه هل سمع منه أو لم يسمع، والنسائي قال بعد ذلك أنه لم يسمع شيئاً، ولكن كلام الحسن يدل على سماعه هذا الحديث من أبي هريرة، وهو يدل على ثبوت سماعه في الجملة وإن لم يكن سمع منه الكثير وإنما سمع منه شيئاً ولكن هذا الحديث مما سمعه منه لقوله: لم أسمعه من غير أبي هريرة، ففيه إثبات سماعه هذا الحديث من أبي هريرة.
فهو متصل، ولا انقطاع فيه، ولا تدليس فيه، لحصول التصريح بالسماع من الحسن نفسه، وأنه سمع من أبي هريرة، وفيه أيضاً دليل على سماع الحسن من أبي هريرة بالجملة.


تراجم رجال إسناد حديث: (المنتزعات والمختلعات هن المنافقات)


قوله: [ أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أنبأنا المخزومي وهو المغيرة بن سلمة ].هو المغيرة بن سلمة المخزومي، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[ عن وهيب ].
هو وهيب بن خالد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أيوب ].
هو أيوب بن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الحسن ].
هو الحسن بن أبي الحسن البصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة ].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.

شرح حديث حبيبة بنت سهل في اختلاعها من زوجها ثابت بن قيس


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا محمد بن سلمة أنبأنا ابن القاسم عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن ( أنها أخبرته عن حبيبة بنت سهل رضي الله عنها أنها كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الصبح فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه في الغلس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من هذه؟ قالت: أنا حبيبة بنت سهل يا رسول الله، قال: ما شأنك؟ قالت: لا أنا ولا ثابت بن قيس لزوجها، فلما جاء ثابت بن قيس قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذه حبيبة بنت سهل قد ذكرت ما شاء الله أن تذكر، فقالت حبيبة: يا رسول الله! كل ما أعطاني عندي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لـثابت: خذ منها، فأخذ منها وجلست في أهلها ) ].أورد النسائي حديث حبيبة بنت سهل رضي الله عنها، في قصتها مع زوجها ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه، وقد جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشتكي وكان في ذهابه إلى صلاة الصبح، فسأل عنها فأخبرته باسمها، وقال لها: ما شأنك؟ قالت: لا أنا ولا ثابت لزوجها، تعني زوجها، يعني: لا أنا مجتمعة معه ولا ثابت مجتمع معي، يعني: معناه أنني لا أريد البقاء معه، فجاء ثابت وقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إن حبيبة بنت سهل ذكرت ما شاء الله أن تذكر، قالت: إن ما أعطاني عندي، يعني: تريد أن ترد عليه ما أعطاها وأن تتخلص منه بأن يطلقها ويأخذ الشيء الذي أعطاها، فدفعت إليه ما أعطاها وجلست عند أهلها، يعني: أنها ظفرت بما تريد من الفكاك والخلاص منه.
وجاء في الحديث في الرواية التي ستأتي: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بأن يأخذ الحديقة وأن يطلقها تطليقة، لكن هذه التطليقة تكون بائنة ليس له الرجعة فيها، وتعتد بحيضة تستبرئ بها رحمها ثم بعد ذلك تنتهي عدتها ويمكنها أن تتزوج، ويمكن أن ترجع إليه بعقد إذا أرادت الرجوع إليه.

تراجم رجال إسناد حديث حبيبة بنت سهل في اختلاعها من زوجها ثابت بن قيس


قوله: [ أخبرنا محمد بن سلمة ].هو محمد بن سلمة المرادي المصري، وهو ثقة، خرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[ عن ابن القاسم ].
هو عبد الرحمن بن القاسم صاحب الإمام مالك، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي.
[ عن مالك ].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى بن سعيد ].
هو يحيى بن سعيد الأنصاري المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمرة بنت عبد الرحمن ].
هي عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية وهي ثقة، أخرج حديثها أصحاب الكتب الستة.
[ عن حبيبة بنت سهل ].
حبيبة بنت سهل صحابية، أخرج حديثها أبو داود، والنسائي.

شرح حديث ابن عباس في مخالعة حبيبة بنت سهل لزوجها ثابت بن قيس


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا أزهر بن جميل حدثنا عبد الوهاب حدثنا خالد عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما: ( أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس أما إني ما أعيب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة ) ].أورد النسائي حديث ابن عباس في قصة حبيبة بنت سهل، وطلبها الخلع من زوجها ثابت بن قيس بن شماس رضي الله تعالى عنهما، وهو مثل الذي قبله، إلا أنه هنا نص على الشيء الذي أخذته منه وهي الحديقة، والنبي صلى الله عليه وسلم عرض عليها أن ترد عليه الحديقة، فوافقت فقال: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة، وفي هذا الحديث أيضاً أنها أثنت على ثابت بن قيس بن شماس، وأنها لا تعيبه في خلق، ولا في دين، ولكنها ليس في قلبها مودة له ومحبة له، ولا تريد البقاء معه، وقالت: إنها تكره الكفر والمقصود من ذلك قيل: أخلاق الكفار، أو ما يؤول إليه الأمر لو بقيت معه وحصل البغض الشديد فقد يؤدي ذلك إلى أمر خطير، فهي تريد الخلاص منه ولا تعيبه في خلق ولا دين، ولكنها تبغضه ولم يجعل الله في قلبها له مودة، ولهذا هي تريد الخلاص منه وترد إليه الشيء الذي أخذته منه، فالرسول صلى الله عليه وسلم أجابها إلى ما طلبت وطلب من زوجها ثابت أن يقبل الحديقة، وأن يطلقها تطليقة.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في مخالعة حبيبة بنت سهل لزوجها ثابت بن قيس


قوله: [ أخبرنا أزهر بن جميل ].أزهر بن جميل صدوق، أخرج حديثه البخاري، والنسائي.
[ عن عبد الوهاب ].
عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن خالد ].
خالد بن مهران المشهور بـالحذاء، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، والحذاء لقب به وقيل: إنه لقب به لكونه كان يجالس الحذائين، فنسب إليهم أو إلى عملهم وإن لم يكن يعمل الحذاء أو يبيع الحذاء، فليس بائعاً للأحذية ولا عاملاً لها، وإنما كان يجالس الحذائين، فهي نسبة إلى غير ما يسبق إلى الذهن؛ لأن الذي يسبق إلى الذهن أنه يصنع الأحذية أو أنه يبيع الأحذية وهو لا هذا ولا هذا، ولكنه كان يجالس الحذائين، وقيل: إنه كان إذا كان عند الحذاء قال له: احذ على كذا، أعطاه مقاساً وقال له: احذ على كذا، يعني: اعمل نعلاً على هذا الوصف وعلى هذا المنوال فقيل له: الحذاء، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عكرمة عن ابن عباس ].
عكرمة مر ذكره، وابن عباس هو: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث ابن عباس في وصف الرجل زوجته أنها لا ترد يد لامس


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا الحسين بن حريث حدثنا الفضل بن موسى حدثنا الحسين بن واقد عن عمارة بن أبي حفصة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: ( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن امرأتي لا تمنع يد لامس، فقال: غربها إن شئت، قال: إني أخاف أن تتبعها نفسي، قال: استمتع بها ) ].أورد النسائي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إن امرأته لا ترد يد لامس، والمقصود من ذلك: أنها عندها شيء من الانطلاق وعدم التحرز، وعندها شيء من التبذل، وليس معناه أنها كانت تفعل الفاحشة وتزني، وإنما عندها شيء من السعة، وشيء من الانطلاق والكلام مع الرجال، وما إلى ذلك من الأشياء المذمومة، ولكن ليس من شأنها أنها تزني والعياذ بالله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يأذن له ولا يأمره بأن يبقى مع زانية، لأن زنا المرأة فيه تخريب البيوت، وتلويث الفراش، وإلحاق الولد في غير أهله، بأن تلحق في زوجها من ليس له بسبب الزنا والعياذ بالله.
إذاً: المقصود: أنها عندها شيء من السعة، وليس عندها تحرز وابتعاد عن الرجال، بل كانت تتكلم مع الرجال وتبرز للرجال، ولكنها لا تعرف بالزنا؛ لأنها لو كانت كذلك ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمره بإمساكها وأن يبقى معها، بل من حقه أن يطلقها، وأن يتخلص منها، وأن يبتعد عنها، إذا كانت تلوث فراشه، وتكون سبباً في أن تلحق به من ليس منه، فهذا هو معنى كونها لا ترد يد لامس.
وقيل المقصود: أنها يدها سخية، وأن من جاء يطلب منها شيئاً أعطته، وهذا لا يستقيم لأنه لا يقال: لامس، وإنما يقال: ملتمس، الذي يريد شيئاً ويريد رفداً ويريد عطاء يقال له: ملتمس ولا يقال له: لامس، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: غربها إن شئت يعني: بعدها، يعني: ابتعد عنها بالطلاق، وقوله: إن شئت، يعني: الأمر إليك، قال: أخشى أن تتبعها نفسي، يعني: أنه إذا طلقها، وهو يحبها، وهو متعلق بها، أن ينشغل بها، وأن تتبعها نفسه، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال له: أمسكها، فأمره إياه بالإمساك يدل على أن ما ذكر عنها ليس زنا، ولكنه صفات ذميمة هي الانطلاق، والسعة، والكلام مع الرجال، وما إلى ذلك، يعني: مما يوصف أو توصف المرأة به بأن يقال في المثل للمرأة التي تكون بهذا الوصف والمتبذلة: استديكت الدجاجة، وعكسها الرجل الذي يتصف بصفات النساء يقال: استنوق الجمل، فاستديكت الدجاجة يعني: صار عندها اتصاف بصفات الديكة، فكذلك تلك المرأة عندها مرح، وعندها كلام مع الرجال، وعندها حديث مع الرجال، وعندها عدم تستر وما إلى ذلك ولا يصل إلى حد الزنا.

يتبع



ابوالوليد المسلم 16-08-2022 08:22 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في وصف الرجل زوجته بأنها لا ترد يد لامس

قوله: [ أخبرنا الحسين بن حريث ].هو الحسين بن حريث المروزي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[ عن الفضل بن موسى ].
هو الفضل بن موسى المروزي، وهو ثقة أيضاً، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الحسين بن واقد ].
هو الحسين بن واقد المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن عمارة بن أبي حفصة ].
عمارة بن أبي حفصة ثقة، أخرج له البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن عكرمة عن ابن عباس ].
مر ذكرهما.

حديث ابن عباس في وصف الرجل زوجته أنها لا ترد يد لامس من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا النضر بن شميل حدثنا حماد بن سلمة أنبأنا هارون بن رئاب عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن ابن عباس رضي الله عنهما: ( أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن تحتي امرأة لا ترد يد لامس، قال: طلقها، قال: إني لا أصبر عنها، قال: فأمسكها ) قال أبو عبد الرحمن: هذا خطأ، والصواب مرسل ].أورد النسائي حديث ابن عباس من طريق أخرى وهو مثل ما تقدم.
قوله: [ أخبرنا إسحاق بن إبراهيم عن النضر بن شميل ].
إسحاق بن إبراهيم مر ذكره، والنضر بن شميل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حماد بن سلمة ].
هو حماد بن سلمة بن دينار، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن هارون بن رئاب ].
هارون بن رئاب أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي.
[ عن عبد الله بن عبيد بن عمير ].
هو عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن ابن عباس ].
ابن عباس رضي الله عنه مر ذكره.

توجيه إيراد النسائي لهذا الحديث والذي قبله في باب الخلع


[ قال أبو عبد الرحمن: هذا خطأ، والصواب مرسل ].قال أبو عبد الرحمن: هذا خطأ، والصواب مرسل، يعني: أنه ليس فيه ذكر ابن عباس، وإنما هو عن عبد الله بن عبيد بن عمير، وهو ذكرهما في الخلع، ولا يتضح دخولهما في الخلع؛ لأنه يمكن أن يكون إدخاله إياهما في الخلع أنه أنكر عليها شيئاً وأنه لو طلقها لذهب ماله، فيعني له أن يفتدي بأن يأخذ شيئاً، لعل هذا هو السبب الذي جعله يورد أن من حقه أن يأخذه؛ لأنه يريد أن يطلقها لأنه يعيب عليها شيئاً، فإذا أخذ شيئاً منها فإنه أخذ بحق؛ لأنه تزوجها ودفع لها ماله فلو طلقها والجناية منها والخطأ منها يكون فات عليه ذلك الشيء، لعل هذا هو السبب أو الوجه لإيراد الحديث من الطريقين في هذا الباب الذي هو باب الخلع، وليس فيه تصريح بالخلع، ولكن فيه إشارة إلى أن من حقه أن يأخذ منها شيئاً، لأن السبب منها.


بدء اللعان

شرح حديث سهل بن سعد في بدء اللعان


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب بدء اللعان.أخبرنا محمد بن معمر حدثنا أبو داود حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة وإبراهيم بن سعد عن الزهري عن سهل بن سعد رضي الله عنهما عن عاصم بن عدي رضي الله عنه أنه قال: ( جاءني عويمر رجل من بني العجلان فقال: أي عاصم! أرأيتم رجلاً رأى مع امرأته رجلاً أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل يا عاصم، سل لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عاصم عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فعاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل وكرهها، فجاءه عويمر فقال: ما صنعت يا عاصم، فقال: صنعت أنك لم تأتني بخير، كره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها، قال عويمر: والله لأسألن عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أنزل الله عز وجل فيك وفي صاحبتك فائت بها، قال سهل: وأنا مع الناس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء بها فتلاعنا، فقال: يا رسول الله، والله لئن أمسكتها لقد كذبت عليها، ففارقها قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بفراقها، فصارت سنة المتلاعنين ) ].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي بدء اللعان، يعني: أول ما بدأ وأول ما جاء التشريع فيه: أن عويمر العجلاني جاء إلى عاصم بن عدي رضي الله تعالى عنهما، وقال: لو أن رجلاً وجد على امرأته رجلاً فقتله أتقتلونه؟ سل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فجاء عاصم إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام فسأله، فالرسول صلى الله عليه وسلم كره المسائل وعابها، يعني: مثل هذه المسائل التي فيها ضرر وفيها مشقة وأمرها أمر مكروه، يعني: هذا الذي سئل عنه، فرجع وأخبر عويمراً بأن الرسول صلى الله عليه وسلم عاب المسائل وكرهها، فقال: لأسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء وسأل الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال: إن الله أنزل فيك وفي صاحبتك قرآناً فائت بها، وأتى بها وتلاعنا، فصارت سنة المتلاعنين، يعني: أن هذا سنة يسار عليها في حق من قذف زوجته بالزنا، وليس له شهود أربعة يشهدون بذلك، فإن أمامه اللعان، واللعان هو كما جاء في القرآن يشهد أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم ينتقل إليها وتشهد أربع شهادات بالله أنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، ثم يفرق بينهما إذا تم اللعان، فكانت هذه القصة التي نزلت فيها هذه الآية سنة للمتلاعنين يسار عليها، ويصار إليها في حق كل من اتهم زوجته بالزنا وليس عنده شهود أربعة يشهدون عليها بذلك وهي لم تعترف؛ لأنها إذا اعترفت ما فيه حاجة إلا اللعان وإذا وجد شهود ليس بحاجة إلى اللعان، ولكن حيث لا شهود ولا اعتراف فيكون التلاعن على الوصف الذي بينه الله عز وجل في كتابه العزيز في أول سورة النور.
ولو أن المرأة هي التي اتهمت زوجها فليس أمامها إلا إحضار الشهود أو يقام عليها حد القذف.

تراجم رجال إسناد حديث سهل بن سعد في بدء اللعان


قوله: [أخبرنا محمد بن معمر ].محمد بن معمر هو البحراني، وهو صدوق، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[ عن أبي داود ].
أبو داود سلميان بن داود الطيالسي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن عبد العزيز بن أبي سلمة ].
هو عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وإبراهيم بن سعد ].
هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، وهو ثقة، فقيه مكثر من الرواية، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن سهل بن سعد ].
هو سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه، صحابي جليل، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عاصم بن عدي ].
عاصم بن عدي رضي الله تعالى عنه، وهو صحابي، أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة.


اللعان بالحبل

شرح حديث: (لاعن رسول الله بين العجلاني وامرأته وكانت حبلى)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب اللعان بالحبل.حدثنا أحمد بن علي حدثنا محمد بن أبي بكر حدثنا عمر بن علي حدثنا إبراهيم بن عقبة عن أبي الزناد عن القاسم بن محمد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: ( لاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين العجلاني وامرأته وكانت حبلى ) ].
أورد النسائي: اللعان بالحبل، يعني: بالحمل الذي ينفيه الزوج ويقول: إنها قد زنت، وليس عنده شهود، وسواء حصل لها حمل أو ما حصل لها حمل إذا اتهمها بالزنا وليس عنده شهود فالذي أمامه أن يلاعنها، ولكن الحبل وهو الحمل هو ينفيه؛ لأنه إذا كان اتهمها بالزنا ووجد الحبل، فهو ينفي ذلك الولد وهو يريد التخلص منها ومن حملها فليس أمامه إلا اللعان، أورد النسائي حديث ابن عباس في قصة عويمر العجلاني، وأنه لاعن امرأته وكانت حبلى، يعني: حصلت الملاعنة بينه وبين زوجته التي قذفها بالزنا وكانت حبلى.

تراجم رجال إسناد حديث: (لاعن رسول الله بين العجلاني وامرأته وكانت حبلى)


قوله: [ حدثنا أحمد بن علي ].أحمد بن علي هو المروزي، وهو ثقة، أخرج له النسائي.
[ عن محمد بن أبي بكر ].
هو محمد بن أبي بكر المقدمي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والنسائي.
[ عن عمر بن علي ].
عن عمه، وهو عمر بن علي المقدمي، وهو ثقة، يدلس شديداً، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن إبراهيم بن عقبة ].
هو أخو موسى بن عقبة المدني، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[ عن أبي الزناد ].
أبو الزناد هو عبد الله بن ذكوان المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن القاسم بن محمد ].
هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وهو ثقة، فقيه أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
ابن عباس مر ذكره.


اللعان في قذف الرجل زوجته برجل بعينه

شرح حديث أنس في قذف الرجل زوجته برجل بعينه

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب اللعان في قذف الرجل زوجته برجل بعينه.أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أنبأنا عبد الأعلى قال: ( سئل هشام عن الرجل يقذف امرأته، فحدثنا هشام عن محمد قال: سألت أنس بن مالك عن ذلك وأنا أرى أن عنده من ذلك علماً، فقال: إن هلال بن أمية قذف امرأته بـشريك بن السحماء وكان أخو البراء بن مالك لأمه، وكان أول من لاعن، فلاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما ثم قال: أبصروه فإن جاءت به أبيض سبطاً قضيء العينين فهو لـهلال بن أمية، وإن جاءت به أكحل جعداً أحمش الساقين فهو لـشريك بن السحماء، قال: فأنبئت أنها جاءت به أكحل جعداً أحمش الساقين ) ].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: اللعان في قذف الرجل زوجته برجل بعينه، مقصود النسائي من هذه الترجمة هو: أن القذف قد يكون بتعيين، وقد يكون بغير تعيين، والحكم واحد؛ لأنه إذا قذفها بالزنا سواء سمى الذي قذفها به، أو لم يسمه فليس أمامه إلا أن يأتي بأربعة شهود أو يلاعن، وهذه الترجمة فيها شيء مما يدخل تحت الملاعنة، ولكن لا يلزم أن يكون اللعان فيما إذا قذف شخصاً بعينه وعين الشخص الذي قذفها به أو اتهمها به، بل هذا فرد من أفراد القذف وهو قذف الزوج زوجته بالزنا، وكما ذكرت لا فرق بين أن يسمي من يتهم أو لا يسميه، النتيجة واحدة، ولكن النسائي عقد هذه الترجمة لوجود التسمية في حق من قذفت به الزوجة، وذلك أن هلال بن أمية قذف زوجته بـشريك بن السحماء أي: قذفها بأنه حصل الزنا من شريك مع زوجة هلال، قوله:(وكان أخو البراء بن مالك لأمه) ].
وكان أخو، الأصل أن يكون أخا البراء، يعني: خبر كان، واسمها ضمير يرجع إلى شريك بن السحماء.
(إن هلال بن أمية قذف امرأته بـشريك بن السحماء وكان أخو البراء بن مالك لأمه).
وكان أخا البراء بن مالك لأمه، يبدو أنه لـشريك بن السحماء الذي هو أقرب مذكور.
(وكان أول من لاعن، فلاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما ثم قال: أبصروه).
ثم لاعن النبي صلى الله عليه وسلم بينهما، يعني: لما قذفها بالزنا بهذا الرجل المعين لاعن بينها وبين زوجها، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أبصروه، يعني: انظروا الولد إذا جاء.
(فإن جاءت به أبيض سبطاً قضيء العينين فهو لـهلال بن أمية).
فإن جاء على هذا الوصف فهو لزوجها ومتخلق من وطء زوجها، إن جاء أبيض سبطاً، وهو الذي شعره مسترسل، قضيء العينين، قيل: فاسد العينين إما باحمرارها، أو بوصف آخر من الأوصاف التي تدل على ضرر العينين، وفسر في الحديث تفسيراً لعله من النسائي الذي قال الشيخ كما سيأتي في الحديث الذي بعده.
القضيء: طويل شعر العينين ليس بمفتوح العينين ولا جاحظهما.
طويل شعر العينين ليس بمفتوح العينين، ولا جاحظهما يعني: بل هو بين ذلك.
(وإن جاءت به أكحل جعداً).
أكحل يعني: شديد سواد شعر العينين، وجعداً الذي شعره ليس مسترسلاً، وإنما هو منكمش، وفيه تجعد بأن لا يكون مسترسلاً، وإنما يكون يرتفع بعضه إلى بعض، هذا هو الجعد، جعد الشعر الذي هو ضد السبط، السبط هو: المسترسل الذي ليس فيه تجعد وليس فيه تثن، وإنما هو مستقيم.
(أحمش الساقين).
أحمش الساقين يعني: دقيق الساقين.
(فهو لشيرك بن السحماء).
فهو لـشريك بن السحماء وهو الذي قذفت به، أو اتهمها به والذي قال أنه زنى بزوجته، فالمقصود من ذلك من حيث الشبه، وإلا فإنه لا يكون له من حيث النسب، فلا يلحق ولد الزنا بالزاني، وإنما يلحق بأمه، ويضاف إلى أمه، ولا يضاف إلى الزاني؛ لأن الزاني لا يكتسب من زناه ولد وإنما له الحجر.
قال: (فأنبئت أنها جاءت به أكحل جعداً أحمش الساقين).

تراجم رجال إسناد حديث أنس في قذف الرجل زوجته برجل بعينه


قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم عن عبد الأعلى ].إسحاق بن إبراهيم مر ذكره، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن هشام ].
هو هشام بن حسان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد ].

هو ابن سيرين، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس ].
هو ابن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ابوالوليد المسلم 16-08-2022 08:23 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الطلاق

(450)

- (باب كيف اللعان) إلى (باب نفي الولد باللعان وإلحاقه بأمه)




من الأحكام المتعلقة باللعان أن يؤتى بالرجل أولاً فيحلف أربعة أيمان أنه صادق فيما اتهم به امرأته من الزنا، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان كاذباً، ثم يؤتى بالمرأة فتحلف أربعة أيمان أنه كاذب في اتهامه لها، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان صادقاً، ثم يعظهما الإمام ويفرق بينهما فلا يجتمعان بعدها أبداً، وإذا قدر ولد فإنه ينسب إلى أمه.

كيف اللعان


شرح حديث أنس في كيفية اللعان

قال المصنف رحمه الله تعالى: [كيف اللعانأخبرنا عمران بن يزيد حدثنا مخلد بن حسين الأزدي حدثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: ( إن أول لعان كان في الإسلام أن هلال بن أمية قذف شريك بن السحماء بامرأته، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أربعة شهداء وإلا فحد في ظهرك، يردد ذلك عليه مراراً، فقال له هلال: والله يا رسول الله إن الله عز وجل ليعلم أني صادق، ولينزلن الله عز وجل عليك ما يبرئ ظهري من الجلد، فبينما هم كذلك إذ نزلت عليه آية اللعان: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/07/77.jpg وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ https://majles.alukah.net/imgcache/2022/07/78.jpg[النور:6] إلى آخر الآية، فدعا هلالاً فشهد أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم دعيت المرأة فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، فلما أن كان في الرابعة أو الخامسة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وقفوها فإنها موجبة، فتلكأت حتى ما شككنا أنها ستعترف، ثم قالت: لا أفضح قومي سائر اليوم، فمضت على اليمين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انظروها فإن جاءت به أبيض سبطاً، قضيء العينين، فهو لـهلال بن أمية، وإن جاءت به آدم جعداً ربعاً حمش الساقين فهو لـشريك بن السحماء، فجاءت به آدم جعداً، ربعاً، حمش الساقين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لولا ما سبق فيها من كتاب الله لكان لي ولها شأن ).
قال الشيخ: والقضيء، طويل شعر العينين، ليس بمفتوح العين ولا جاحظها، والله سبحانه وتعالى أعلم].
يقول النسائي رحمه الله: كيف اللعان، ذكر جملة من الأبواب فيما سبق تتعلق باللعان، وهذه الترجمة تتعلق بكيفية اللعان أو الصفة التي يكون عليها اللعان كيف يتم اللعان، هذا هو المقصود من هذه الترجمة.
أورد النسائي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إليه هلال بن أمية وأخبره بأنه يتهم شريك بن السحماء في زوجته وأنه وقع عليها، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: أربعة شهداء وإلا حد في ظهرك، يعني: أن هذا قذف، والقاذف إذا لم يأت بالشهود الذين يثبت بشهادتهم حد الزنا فإنه يكون عليه حد القذف، فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبره بأن عليه أن يأتي بأربعة شهود يشهدون بحصول الزنا وإلا فليس هناك إلا الحد والجلد لظهره حد القذف، فقال هلال بن أمية رضي الله عنه: الله يعلم أني صادق، وسينزل الله عليك ما يبرئ ظهري من الجلد، لكونه يعلم أنه صادق فيما قال، فبينما هم كذلك إذ نزلت آية اللعان، فدعا بالمرأة وحصل اللعان بينهما بأن طلب من هلال بن أمية أن يشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم دعيت المرأة فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، ولما جاء عند الخامسة أو الرابعة قال: وقفوها فإنها موجبة، فتلكأت حتى ظنوا أنها ستعترف ثم أقدمت على اليمين وقالت: لا أفضح قومي سائر اليوم، وحصل اللعان، ثم بعد ذلك قال عليه الصلاة والسلام: إن جاءت به -أي: هذا الذي في بطنها- سبطاً قضيء العينين فهو لـهلال بن أمية، وإن جاءت به آدم جعداً ربعاً أحمش الساقين فهو لـشريك بن السحماء فأتت به على الوصف الذي أشار عليه الرسول صلى الله عليه وسلم بالنسبة لـشريك بن السحماء.
وقوله: لـشريك، يعني: أنه متخلق من مائه وإلا فإنه لا ينسب إليه، والزاني لا ينسب إليه ولد، ولا يحصل ولداً بزناه، بل ليس له إلا الحد ولا يظفر من زناه أن يحصل ولداً وينسب إليه ولد، لكن قوله: وإن جاءت به كذا فهو كذا وإن جاءت به كذا أي: متخلق من مائه لا أنه يكون ولداً له، والحاصل: أن الحديث دال على كيفية اللعان أو أورده المصنف للدلالة على كيفية اللعان، وقد جاء ذلك مبيناً في القرآن في هذه الآيات التي أشار إليها في الحديث والتي حصل تطبيقها وتنفيذها في حق هذين المتلاعنين، فإنه أجري عليهما ما جاء في القرآن من حصول اللعان الذي هو أن يبدأ بالزوج الذي ادعى زنا زوجته فيشهد أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين أنها زانية، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم يدرأ عنها الحد والعذاب الدنيوي بأن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين عليها، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما يقول، ثم يترتب على ذلك التفريق بين المتلاعنين وأن المرأة لا تحل له أبداً فيفرق بينهما.
وقوله: (إن أول لعان كان في الإسلام) هذا الذي حصل في قصة هلال بن أمية وزوجته، وقد سبق أن مر في قصة عويمر العجلاني أنه أول لعان، فيحتمل أن تكون هذه الأولية كل أخبر بما علم وأن هذا علم هذا ورأى أنه أول شيء حصل فيه التلاعن، وأحد رأى أن هذا أول شيء حصل فيه التلاعن فكان أن حكى كل الأولية على حسب ما علم، يحتمل أن يكون هذا هو وجه التوفيق بين ذكر الأولية في قصة هلال بن أمية والأولية في قصة عويمر العجلاني الذي سبق أن مر ذكره في بعض الأحاديث فيما يتعلق باللعان.
قال: (والقضيء طويل شعر العينين).
والذي يبدو أنه النسائي، ويقول ذلك الراوي عنه أو من دونه، يعني: هذا تفسير لكلمة من كلمات الحديث التي هي من غريب الحديث وهي (قضيء العينين)، فقال: إنه طويل شعر العينين.
وقوله: (طويل شعر العينين ليس بمفتوح العين ولا جاحظها).
وقد سبق أن ذكرنا أن بعض العلماء فسر القضيئ بأنه فاسد العين إما لاحمرارها، أو لحصول شيء حصل فيها مما هو مضر بها.

تراجم رجال إسناد حديث أنس في كيفية اللعان


قوله: [أخبرنا عمران بن يزيد ].هو عمران بن يزيد الدمشقي، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن مخلد بن حسين الأزدي ].
هو مخلد بن حسين الأزدي، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، والنسائي.
[ عن هشام بن حسان ].
هشام بن حسان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن سيرين ].
محمد بن سيرين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس ].
هو أنس بن مالك رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأنس، وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين، ستة رجال وامرأة واحدة، هؤلاء هم أكثر الصحابة حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم على الإطلاق رضي الله عنهم وعن الصحابة أجمعين.

اقتصار مسلم في روايته عن بعض الثقات على مقدمته


الرواية لـمسلم في المقدمة يرمز لها (م ق)، أما في الصحيح فيرمز لها (م)، وكون الشخص يروي له مسلم في المقدمة لا يعني أن يكون لا يحتج به، يعني: المقصود أن هذا هو الذي حصل وهذا هو الذي جرى أن حصلت له رواية في المقدمة، وإلا فإن مسلماً روى في المقدمة لـعبد الله بن الزبير المكي شيخ البخاري الذي روى عنه أول حديث في الصحيح، فإنه روى له مسلم في المقدمة فلا يعني أنه إذا ما روي له في الصحيح أنه يكون فيه كلام؛ لأن كثيراً من الرجال الثقات ما خرج لهم في الصحيح؛ لأن صاحبي الصحيحين ما التزما أن يخرجا لكل ثقة، ولم يلتزما أن يخرجا كل حديث صحيح، فكم من ثقة لم يخرج له في الصحيحين؛ لأن صاحبي الصحيح زهدا فيه، وأنه ليس أهلاً لأن يروى عنه، بل هكذا اتفق أن الأحاديث التي اختاروها ما كان في رجالها بعض هؤلاء الثقات الذين لا كلام فيهم، ومن هؤلاء أبو عبيد القاسم بن سلام هذا إمام من الأئمة، ومع ذلك ليس له رواية في الصحيحين، فليس معنى ذلك: أنه ليس أهلاً للرواية عنه؛ لأن القضية كما ذكرت لم يلتزم الشيخان الرواية لكل ثقة، كما أنهما لم يلتزما إخراج كل حديث صحيح، وكما ذكرت مسلم روى لـعبد الله بن الزبير الحميدي المكي في المقدمة وما روى له في الصحيح، وليس ذلك لأن فيه كلاماً، فلا كلام فيه، ولكن هكذا اتفقا، هو ذكر هذا وذكر هذا، أيهما أول لا ندري، لكن معناه تعدد سبب النزول.

قول الإمام اللهم بين


شرح حديث ابن عباس في قول الإمام: (اللهم بين) في حضرة المتلاعنين

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب قول الإمام: اللهم بين.أخبرنا عيسى بن حماد أنبأنا الليث عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم بن محمد عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: ( ذكر التلاعن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عاصم بن عدي في ذلك قولاً ثم انصرف، فأتاه رجل من قومه يشكو إليه أنه وجد مع امرأته رجلاً، قال عاصم: ما ابتليت بهذا إلا بقولي، فذهب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بالذي وجد عليه امرأته، وكان ذلك الرجل مصفراً قليل اللحم سبط الشعر، وكان الذي ادعى عليه أنه وجده عند أهله آدم خدلاً كثير اللحم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم بين، فوضعت شبيهاً بالرجل الذي ذكر زوجها أنه وجده عندها، فلاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما، فقال رجل لـابن عباس في المجلس: أهي التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو رجمت أحداً بغير بينة رجمت هذه؟ قال ابن عباس: لا، تلك امرأة كانت تظهر في الإسلام الشر ) ].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي قول الإمام: اللهم بين، يعني: بين الأمر في حق هؤلاء المتلاعنين، وقد أورد النسائي حديث ابن عباس في قصة عاصم بن عدي وعويمر العجلاني الذي سبق أن مر أنه طلب من عاصم أن يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه سأل الرسول صلى الله عليه وسلم وعاب المسائل وكرهها، وجاء وأخبر عويمر بما حصل عند النبي صلى الله عليه وسلم، وجاء عويمر وقال: إنه لابد وأن يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم، فذهب به إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وأخبره، ونزل القرآن ولاعن النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين زوجته أي: بين هذا الرجل الذي جاء بواسطة عاصم بن عدي رضي الله عنه، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم بين، وذكر صفة الرجل الذي هو الزوج، وصفة الرجل الذي اتهمت به المرأة، وجاء الولد شبيهاً بالرجل الذي اتهمت به المرأة، والذي نفاه الزوج باللعان الذي حصل بينه وبين زوجته.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في قول الإمام: (اللهم بين) في حضرة المتلاعنين


قوله: [ أخبرنا عيسى بن حماد ].هو عيسى بن حماد التجيبي المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[ عن الليث ].
هو الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى بن سعيد ].
هو يحيى بن سعيد الأنصاري المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن بن القاسم ].
هو عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وهو ثقة، فقيه، من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
ابن عباس هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وهم عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم وعن الصحابة أجمعين، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وسبق أن مر بنا حديث عن عائشة من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق فيما يتعلق بالخلع برقم (3453).
هذا جاء فيه عبد الرحمن بن القاسم عن عائشة، وقد جاء في السنن الكبرى: عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه، وجاء أيضاً في تحفة الأشراف في نفس الحديث الذي هو عند النسائي هذا أنه عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة.
وعلى هذا فتكون هذه الرواية التي هنا فيها سقط وهو سقط عن أبيه، فيحتمل أن يكون ساقط عن أبيه ويحتمل أن تكون (ابن) بين عبد الرحمن والقاسم مصحفة عن (عن)، يعني: جاء (ابن) بدل (عن)، أو أنه سقط منها عن أبيه، أو أنه سقط من الرواية عن أبيه لأنه موجود في تحفة الأشراف الحديث من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة، يعني: ففيه الواسطة بين عبد الرحمن وبين عائشة وهو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق وهو كذلك في السنن الكبرى، وأنا ذكرت في الدرس الماضي أنني كأنني رأيت في تحفة الأشراف وفي أعلى الصفحات عبد الرحمن بن القاسم عن عائشة، والواقع أنه حصل فهي تصحيف يعني: بين ابن وعن بالنسبة لي؛ لأن فيه عبد الرحمن عن القاسم عن عائشة، عن عبد الرحمن عن القاسم عنها، فكنت ظننت أنه عن عبد الرحمن بن القاسم عنها، فتصحفت ابن إلى عن أو عن إلى ابن، مع أن الذي موجود عن عبد الرحمن ولم ينسبه وقال: عن القاسم، عبد الرحمن عن القاسم عن عائشة، وعلى هذا فالرواية التي مرت بين عبد الرحمن بن القاسم وعائشة القاسم بن محمد فإما أن تكون الرواية كما كانت ولكن صحفت عن إلى ابن فصار عن عبد الرحمن بن القاسم، يعني: صحفت عن ابن القاسم، أو سقط (عن أبيه) بعد عن عبد الرحمن بن القاسم، والذي في تحفة الأشراف: عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه، يقول: عبد الرحمن بن القاسم أدرك عائشة يقول: ما أدري.
وفي الحديث: (ذكر التلاعن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عاصم بن عدي في ذلك قولاً).
يعني: يبدو أنه يفسر الحديث الذي سبق أن مر، وهو أنه جاء يسأل عن ذلك، وأن الرسول كره المسائل وعابها.
ثم قوله: (فقال رجل لـابن عباس في المجلس: أهي التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو رجمت أحداً بغير بينة رجمت هذه؟).
يعني: قال رجل لـابن عباس في المجلس الذي حدث فيه بهذا الحديث: أهذه المرأة التي حصل التلاعن بينها وبين زوجها هي التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كنت راجماً أحداً بغير بينة لرجمت هذه؟ فقال: لا، تلك امرأة كانت تظهر الشر في الإسلام، يعني: قال بعض أهل العلم: إن المقصود من ذلك: أنها كانت شاع عنها واشتهر وانتشر بين الناس أنها تأتي بالفاحشة، لكن ما حصل اعتراف ولا حصل بينة، لكن لكونه شاع وانتشر وكان كأنه في حكم المعلوم عند الناس أنها كانت تظهر الشر الذي هو الفاحشة، ولكن الحكم الشرعي لا يكون إلا بثبوت ما يقتضيه وهو إما شهود أربعة يشهدون بالزنا، وإما اعتراف من الزانية أو الزاني، وعند ذلك يقام الحد، وأما مجرد الإشاعة ومجرد الحديث الذي لا يثبت أو لا يكون معه ثبوت بهاتين الطريقتين وهما أربعة شهود أو اعتراف، إما هذا وإما هذا، قال: ( لو كنت راجماً أحداً بغير بينة لرجمت هذه ).

شرح حديث ابن عباس في قول الإمام: (اللهم بين) في حضرة المتلاعنين من طريق أخرى


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا يحيى بن محمد بن السكن حدثنا محمد بن جهضم عن إسماعيل بن جعفر عن يحيى قال: سمعت عبد الرحمن بن القاسم يحدث عن أبيه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: ( ذكر التلاعن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عاصم بن عدي في ذلك قولاً ثم انصرف، فلقيه رجل من قومه فذكر أنه وجد مع امرأته رجلاً فذهب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بالذي وجد عليه امرأته، وكان ذلك الرجل مصفراً قليل اللحم سبط الشعر، وكان الذي ادعى عليه أنه وجد عند أهله آدم خدلاً كثير اللحم جعداً قططاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم بين، فوضعت شبيها بالذي ذكر زوجها أنه وجده عندها، فلاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما، فقال رجل لـابن عباس في المجلس: أهي التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو رجمت أحداً بغير بينة رجمت هذه؟ قال ابن عباس: لا، تلك امرأة كانت تظهر الشر في الإسلام ) ].أورد النسائي حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما من طريق أخرى، وهي مثل الطريق السابقة التي مرت قبل هذه الطريق.
وفيه ذكر الوصف للرجلين كما في التي قبلها إلا أنها أكثر وصفاً، حيث قال في الأول الذي هو الزوج: كان مصفراً قليل اللحم سبط الشعر، (كان مصفراً) يعني: وجهه فيه صفرة، (قليل اللحم) يعني: ناحل، (سبط الشعر) يعني: مسترسل وليس متجعداً.
والآخر: (آدم)، يعني: فيه أدمة، يعني الذي هو أسمر أو لونه لون الأرض، ليس أبيض وليس أسود، وإنما هو آدم.
(خدلاً): هو الغليظ الممتلئ الساقين.
(كثير اللحم جعداً قططاً): كثير اللحم يعني: سمين، ضد ذاك الذي كان خفيف اللحم، أو قليل اللحم، (جعداً) يعني: متجعد ومنكمش الشعر وليس مسترسلاً، (قططاً) يعني: شديد الجعودة، وهي التكسر والتثني وارتفاع الشعر بدل ما يكون مسترسلاً، وتلك الجعودة شديدة، يعني: ليس مجرد تجعد بل قال: قططاً أي: شديد الجعودة.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في قول الإمام: (اللهم بين) في حضرة المتلاعنين من طريق أخرى


قوله: [ أخبرنا يحيى بن محمد بن السكن ].يحيى بن محمد بن السكن صدوق، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي.
[ عن محمد بن جهضم ].
محمد بن جهضم صدوق، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[ عن إسماعيل بن جعفر ].
إسماعيل بن جعفر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى ].
هو ابن سعيد الأنصاري، وقد مر ذكره.
[ عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن ابن عباس ].
مر ذكرهم.


الأمر بوضع اليد على في المتلاعنين عند الخامسة


شرح حديث ابن عباس في الأمر بوضع اليد على فم المتلاعنين

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الأمر بوضع اليد على في المتلاعنين عند الخامسة.أخبرنا علي بن ميمون حدثنا سفيان عن عاصم بن كليب عن أبيه عن ابن عباس: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجلاً حين أمر المتلاعنين أن يتلاعنا أن يضع يده عند الخامسة على فيه وقال: إنها موجبة) ].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الأمر بوضع اليد على في المتلاعنين عند الخامسة، يعني: أنه عندما يتم اللعان ويشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، عندما يأتي إلى الخامسة توضع اليد على فمه، يعني: يطلب منه أن يتمهل وألا يستعجل، وأن يعترف إذا كان هناك شيء خلاف ما يقول في أنه كاذب وليس صادقاً فيما يقول، وقال: (إنها موجبة) يعني: كون الإنسان يكون كاذباً ويفتري هذا الافتراء ويلصق هذا العيب وهذا الذنب في المرأة وهو كاذب عليها يعني: أراد منه أن يتمهل، وألا يستعجل في إتمام اللعان بأن يأتي بالخامسة.
وأورد النسائي حديث ابن عباس (وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجلاً حين أمر المتلاعنين أن يتلاعنا أن يضع يده عند الخامسة على فيه).
أمر رجلاً أن يضع يده على فيه يعني: في الرجل الذي يشهد بالشهادات في اللعان عندما يأتي إلى الخامسة أو قبل أن يبدأ بالخامسة التي هي: أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، يضع يده على فيه يريد منه ألا يستعجل وأن يتريث، وأن الأمر خطير، وأنه ما بقي إلا أن يأتي بالشيء الذي ليس وراءه شيء، وينتهي اللعان بهذه الطريقة، وإذا كان كاذباً معناه: أنه ارتكب إثماً كبيراً، وإثماً عظيماً حيث كذب، وافترى، وقذف، فيمكن أنه عندما يعمل معه هذا العمل أنه يتريث، ويتمهل، ويعترف بالواقع وينجو من مغبة الكذب إن كان كاذباً، وإلحاق العيب بها، والعار إن كان كاذباً، وهذا بالنسبة للرجال، وأما بالنسبة للنساء فلا توضع اليد على فيها إلا إذا كان من محارمها، هذا هو الذي يمكن أن يفعل ذلك، أما الأجنبي فلا يتصور في حقه أن يضع يده على فم امرأة أجنبية، وإنما يتصور ذلك ممن كان من أقاربها، ويمكن إذا كان ليس هناك أقارب أنها تقرب اليد ولكنها لا تلمس الجسد، يعني: إشارة إلى الامتناع وعدم التسرع في إنهاء اللعان.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في الأمر بوضع اليد على فم المتلاعنين


قوله: [ أخبرنا علي بن ميمون ].هو علي بن ميمون الرقي، وهو ثقة، أخرج له النسائي، وابن ماجه.
[ عن سفيان ].
سفيان هو ابن عيينة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عاصم بن كليب ].
عاصم بن كليب صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن أبيه ].
هو كليب بن شهاب، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في رفع اليدين، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن ابن عباس ].
ابن عباس مر ذكره.

يتبع





الساعة الآن : 09:40 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 294.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 294.41 كيلو بايت... تم توفير 0.50 كيلو بايت...بمعدل (0.17%)]