ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=91)
-   -   شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=194121)

ابوالوليد المسلم 07-08-2022 04:38 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
تراجم رجال إسناد حديث: (لا تحرم الإملاجة ولا الإملاجتان)


قوله: [أخبرنا عبد الله بن الصباح بن عبد الله حدثنا محمد بن سواء حدثنا سعيد عن قتادة].
هؤلاء مر ذكرهم.
[وأيوب]
هو: ابن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[سعيد بن أبي عروبة وقتادة].
مر ذكر هؤلاء.
[عن صالح أبي الخليل].
وهو: صالح بن أبي مريم أبي الخليل، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن الحارث بن نوفل].
هو: عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أم الفضل].
وهي: أم الفضل لبابة بنت الحارث الهلالية، زوجة العباس بن عبد المطلب، وأم أولاده، وأكبرهم الفضل؛ ولهذا يقال لها: أم الفضل، فهي أم الفضل وأم عبد الله، وهي أخت ميمونة بنت الحارث الهلالية رضي الله تعالى عنهما وعن الصحابة أجمعين، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.


حديث عبد الله بن الزبير: (لا تحرم المصة ولا المصتان) وتراجم رجال إسناده



قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا شعيب بن يوسف عن يحيى عن هشام حدثني أبي عن عبد الله بن الزبير عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (لا تحرم المصة والمصتان)].
ثم أورد حديث عبد الله بن الزبير، وهو بمعنى الحديث المتقدم، (لا تحرم المصة ولا المصتان).
قوله: [أخبرنا شعيب بن يوسف].
هو شعيب بن يوسف النسائي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن يحيى].
هو يحيى القطان، وقد مر ذكره.
[عن هشام].
هو هشام بن عروة، وهو ثقة، يدلس، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثني أبي].
وقد مر ذكره.
[عن عبد الله بن الزبير].
هو عبد الله بن الزبير بن العوام، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: عبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.


حديث عائشة: (لا تحرم المصة ولا المصتان) وتراجم رجال إسناده



قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا زياد بن أيوب حدثنا ابن علية عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تحرم المصة ولا المصتان)].
أورد النسائي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تحرم المصة ولا المصتان)، وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا زياد بن أيوب].
وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
[حدثنا ابن علية].
هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم المشهور بـابن علية، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أيوب].
وهو السختياني، وقد مر ذكره.
[عن ابن أبي مليكة].
وهو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن الزبير عن عائشة].
وقد مر ذكرهما.


شرح حديث: (لا تحرم الخطفة والخطفتان)



قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن بزيع حدثنا يزيد يعني ابن زريع حدثنا سعيد عن قتادة كتبنا إلى إبراهيم بن يزيد النخعي نسأله عن الرضاع؟ فكتب أن شريحاً حدثنا أن علياً وابن مسعود رضي الله عنهما كانا يقولان: يحرم من الرضاع قليله وكثيره، وكان في كتابه: أن أبا الشعثاء المحاربي حدثنا أن عائشة حدثته رضي الله عنها: أن نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول: (لا تحرم الخطفة والخطفتان)].
أورد حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تحرم الخطفة والخطفتان)، والمقصود من ذلك الرضعة السريعة أنها لا تحرم، وكذلك أيضاً كما عرفنا حتى الثالثة، والرابعة، لا يحصل بها التحريم، وكذلك لا السريعة، ولا البطيئة، يعني سواءً صارت قليلة أو كثيرة، ما دام أنها في حدود الأربع فأقل فهي غير محرمة، طالت أم قصرت، وإنما يحرم الخمس فما فوق.


تراجم رجال إسناد حديث: (لا تحرم الخطفة والخطفتان)



قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن بزيع].
وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم والترمذي والنسائي.
[حدثنا يزيد يعني ابن زريع].
وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وكلمة: يعني ابن زريع هذه الذي قالها النسائي أو من دونه، ولا يقولها تلميذه الذي هو محمد بن بزيع، وإنما يقولها من دون التلميذ، وهو النسائي أو من دون النسائي، وكلمة (يعني) مثل (هو)، هو ابن فلان؛ لأنهم يعبرون بهو ابن فلان أو يقول: يعني ابن فلان، وكلمة (يعني) فعل مضارع فاعله ضمير مستتر يرجع إلى التلميذ، والذي قال كلمة يعني هو من دون التلميذ، فإذاً كلمة يعني لها قائل قالها، ولها فاعل، وهو ضمير مستتر فيها، وذلك الضمير المستتر يرجع إلى التلميذ، والقائل لهذه الكلمة هو من دون التلميذ، فإذاً هذه الكلمة لها فاعل، وهو ضمير مستتر يرجع إلى التلميذ، ولها قائل الذي تلفظ بها، وهو من دون التلميذ، ويزيد بن زريع ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وقد مر بنا في الحديث الماضي أن النسائي نسب شيخاً من شيوخه بمقدار سطر وزيادة حتى أوصله إلى الصحابة، وهو محمد بن عبد الله بن عبد الوهاب بن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير بن العوام، سردهم إلى الزبير بن العوام، فالتلميذ يذكر شيخه كما يريد، يمكن أنه يطول في نسبه، ويمكن أنه يختصر في نسبه لكن إذا اختصر في نسبه، وجاء غيره ليوضح هذا المهمل فعليه أن يأتي بكلمة (هو)، أو يأتي بكلمة (يعني) حتى يعلم أن ما وراء (هو)، ووراء (يعني) ليست من التلميذ، وإنما هي ممن دون التلميذ، وهذا من دقة المحدثين، وعنايتهم بالضبط، وعدم الزيادة على ما يقوله التلميذ، ومع إرادتهم الإيضاح، والبيان، يأتون باللفظ الذي يوضح، ويبين، والذي يدل على أنه من عند من دون التلميذ.
[عن سعيد عن قتادة].
وقد مر ذكرهما.
[يقول: كتبنا إلى إبراهيم بن يزيد النخعي].
يقول قتادة: كتبنا إلى إبراهيم بن يزيد النخعي نسأله عن الرضاع؟ فقال: إن شريحاً حدث عن علي وابن مسعود أنهما كانا يقولان: يحرم الرضاع القليل والكثير، يعني معناه: أن التحريم مطلق وليس مقيداً بعدد، فالرضعة الواحدة تحرم، ثم ذكر في كتابه، يعني بعدما نقل عن شريح عن عبد الله، وعن علي أنهما يقولان: بتحريم الرضاع القليل والكثير.
[عن عائشة].
عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تحرم الخطفة والخطفتان)، وهي من قليل الرضاع، ومع ذلك غير محرمة في نص حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، فالذي ذكره شريح عن علي وابن مسعود أن القليل والكثير يحرم، والذي ساقه بالإسناد إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن القليل الذي هو الواحدة والاثنتين أنها لا تحرم.
[أن أبا الشعثاء المحاربي]
هو: سليم بن الأسود المحاربي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة
[أن عائشة].
عائشة رضي الله عنها، وقد مر ذكرها.


شرح حديث: (... فإن الرضاعة من المجاعة)



قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا هناد بن السري في حديثه عن أبي الأحوص عن أشعث بن أبي الشعثاء عن أبيه عن مسروق قالت عائشة رضي الله عنها: (دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعندي رجل قاعد، فاشتد ذلك عليه، ورأيت الغضب في وجهه، فقلت: يا رسول الله! إنه أخي من الرضاعة، فقال: انظرن ما إخوانكن، ومرة أخرى: انظرن من إخوانكن من الرضاعة، فإن الرضاعة من المجاعة)].
ثم أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها رجل قاعد، فاشتد الغضب، وظهر الغضب في وجهه صلى الله عليه وسلم، فقالت: إنه أخي من الرضاعة، فقال عليه الصلاة والسلام: انظرن من إخوانكن من الرضاعة، فإنما الرضاعة من المجاعة، يعني: ما كل رضاعة تحرم، فلا بد من الاحتياط، ولا بد من معرفة أن التحريم حاصل، فلا يكون الرضاع أقل من خمس؛ لأن الرضاع أقل من خمس لا يحرم ويكون أجنبياً، يعني إذا حصل الرضاع في واحد، أو اثنتين، أو ثلاث، أو أربع، فما حصلت القرابة، وما حصلت الصلة بينهما بسبب ذلك، وكذلك أيضاً أمر آخر، وهو أن الرضاع المحرم هو الذي يكون في الصغر، وهو الذي يسد الجوع، وليس كل رضاع محرم، فما كان بعد الحولين، وما كان في الكبر، فإنه لا يحصل به التحريم؛ لأنه يتغذى بغير اللبن، وبغير رضاع الثدي، فالقليل من الرضاع لا يحرم، وتعتبر أجنبية وهو أجنبي منها، والرضاع بعد الحولين، وهو رضاع الكبير الذي استغنى عن الرضاع وعن التغذي باللبن لبن المرأة فأيضاً كذلك لا يحصل به التحريم.
فقوله صلى الله عليه وسلم: (انظرن من إخوانكن من الرضاعة، فإن الرضاعة من المجاعة)، يعني: هناك نوع من أنواع الرضاع، أو حالة من حالات الرضاع لا يحصل بها التحريم، وهو رضاع الكبير الذي لا يتغذى بالرضاع، ولهذا قال: (إنما الرضاعة من المجاعة)، يعني: ما سد الجوع، يعني جوع الصبي الرضيع، هذا هو الذي ليس بالتحريم، وأما إذا كان يتغذى بالطعام ولا يتغذى باللبن، أو كان كبيراً، فهؤلاء لا يحصل تحريم في حقهم، بل هم أجانب.


تراجم رجال إسناد حديث: (... فإن الرضاعة من المجاعة)



قوله: [أخبرنا هناد بن السري].
مر ذكره.
[وأبو الأحوص].
هو سلام بن سليم، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أشعث بن أبي الشعثاء].
هو سليم المحاربي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه أبي الشعثاء].
وهو الذي مر قبل ذلك، سليم بن الأسود المحاربي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن مسروق].
وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة]
وقد مر ذكرها.

لبن الفحل
شرح حديث: (... إن الرضاعة تحرم ما يحرم من الولادة)



قال المصنف رحمه الله تعالى: [لبن الفحل.
أخبرنا هارون بن عبد الله حدثنا معن حدثنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة أن عائشة رضي الله عنها أخبرتها: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان عندها، وأنها سمعت رجلاً يستأذن في بيت حفصة، قالت عائشة: فقلت: يا رسول الله! هذا رجل يستأذن في بيتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أراه فلاناً لعم حفصة من الرضاعة، قالت عائشة: فقلت: لو كان فلانٌ حياً لعمها من الرضاعة دخل علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الرضاعة تحرم ما يحرم من الولادة)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: لبن الفحل، يعني: أن الحرمة تنتشر من قبل صاحب اللبن الذي هو الزوج، زوج المرأة المرضعة، فالتحريم لا يختص بالمرأة بأن يكون أبناؤها إخواناً للرضيع، وإخوانها أخوالاً للرضيع، وأبوها أب للرضيع وما إلى ذلك، بل حتى أيضاً الزوج الذي هو صاحب اللبن، فإنه تنتشر الحرمة إلى أقاربه، فيكون هو أب للرضيع، وإخوانه أعمام للرضيع، وأولاده إخوان للرضيع.. وهكذا، ولو كان من عدة زوجات، ما دام أنه قد رضع من لبنه، فلو كان له عدة زوجات، وله منهن بنات، فإنهن أخوات لأولاد ذلك الرجل من جميع الزوجات؛ لأن العبرة بكونها رضعت من لبنه، فجميع من رضع من لبنه يعتبرون إخواناً له، سواءً كانوا من زوجات متعددات أو من زوجة واحدة، فالحرمة تنتشر إلى الجميع، ولهذا لو رضع طفل من امرأة خمساً فأكثر؛ فإن أولادها سواءً كانوا من ذلك الزوج الذي هو صاحب اللبن أو من أزواج آخرين هم إخوان له من الرضاعة من الأم، يعني إذا كانوا من أزواج آخرين، وكذلك ذلك الرضيع ابن لزوجها صاحب اللبن من الرضاعة، وهو أخ لجميع أولاده إذا كان له زوجات متعددات، معنى هذا: أن الحرمة تنتشر إلى أقارب الزوجة الذي هو الأم المرضعة، وكذلك إلى الزوج الذي هو صاحب اللبن، فتنتشر الحرمة إلى أقاربه.
وأورد هنا حديث عائشة رضي الله عنها: وأن رجلاً استأذن في بيت حفصة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: عمها من الرضاع؛ لأنه أخو أبيها من الرضاع، يعني أبوها من الرضاع الذي هو صاحب اللبن والذي هو الفحل أخوه يعتبر عماً لها، فالرسول لما قال: عمها من الرضاع، يعني: أخو أبيها من الرضاع، أبوها من الرضاع، وهذا عمها من الرضاع، قالت: [(لو كان فلانٌ حياً لعمها من الرضاعة دخل علي)]، يعني: تريد أو تشير إلى عمها من الرضاعة فلان ابن فلان، هو عم لها من الرضاع، دخل علي؟ قال: نعم، إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة، ففيه الدلالة على ما ترجم له من لبن الفحل؛ لأنه جعل صاحب اللبن أباً، وجعل أخاه عماً، فانتشرت الحرمة إلى جانب الزوج صاحب اللبن مع انتشارها إلى أقارب الزوجة المرضعة.


تراجم رجال إسناد حديث: (... إن الرضاعة تحرم ما يحرم من الولادة)



قوله: [أخبرنا هارون بن عبد الله حدثنا معن].
وقد مر ذكرهما.
[حدثنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة].
وهؤلاء كلهم مر ذكرهم.


شرح حديث عائشة: (جاء عمي أبو الجعد من الرضاعة فرددته... فقال رسول الله: ائذني له)



قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج أخبرنا عطاء عن عروة أن عائشة رضي الله عنها قالت: (جاء عمي أبو الجعد من الرضاعة فرددته، قال: وقال هشام: هو أبو القعيس، فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبرته، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ائذني له)].
أورد النسائي حديث عائشة، وهو أنه جاء عمها من الرضاع أبو الجعد أو أبو القعيس، وأنها رددته، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ائذني له)؛ لأن العم من الرضاع هو محرم من محارم المرأة، له حق الدخول عليها، وله أن يسافر بها، وله أن يخلو بها؛ لأنه يعتبر من محارمها، والمقصود من ذلك أن فيه إثبات لبن الفحل وأن الحرمة تنتشر به، إثبات أن الحرمة تنتشر بلبن الفحل كما تنتشر إلى أقارب المرضعة.


تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (جاء عمي أبو الجعد من الرضاعة فرددته ... فقال رسول الله: ائذني له)



قوله: [أخبرني إسحاق بن إبراهيم].
هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي المروزي، وهو ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[أخبرنا عبد الرزاق].
هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا ابن جريج].

هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، فقيه، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا عطاء].
وهو عطاء بن أبي رباح المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عروة أن عائشة].
وقد مر ذكرهما.


شرح حديث عائشة في أمر النبي لها أن تأذن لأخي أبي القعيس بالدخول عليها



قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث حدثني أبي عن جده عن أيوب عن وهب بن كيسان عن عروة عن عائشة رضي الله عنها: (أن أخا أبي القعيس استأذن على عائشة بعد آية الحجاب فأبت أن تأذن له، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ائذني له، فإنه عمك، فقلت: إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل، فقال: إنه عمك فليلج عليك)].
أورد النسائي حديث عائشة في قصة عمها من الرضاع أبي القعيس وعدم إذنها له، وأنه لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك قال: (إنه عمك من الرضاع فليلج عليك)، وهي أيضاً راجعته، وقالت: إن ما أرضعتني المرأة وليس الرجل، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (ائذني له فليلج عليك)؛ لأن المرأة إنما حصل لها اللبن من الحمل الذي كان من ذلك الزوج، فتكون هي أماً للرضيع من الرضاعة، وزوجها صاحب اللبن يكون أباً للرضيع من الرضاعة، ثم تنتشر الحرمة إلى أقاربه، فإخوانه أعمام، وأولاده إخوان وهكذا.


تراجم رجال إسناد حديث عائشة في أمر النبي لها أن تأذن لأخي أبي القعيس بالدخول عليها



قوله: [أخبرنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث].
وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم والترمذي، والنسائي وابن ماجه، وهذا عبد الوارث الحفيد الذي هو عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث؛ لأن فيه عبد الوارث الجد، وعبد الوارث الحفيد، فالحفيد صدوق.
[عن حدثني أبي].
هو عبد الصمد بن عبد الوارث، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن جده].
هو عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان العنبري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أيوب].
هو أيوب السختياني، وقد مر ذكره.
[عن وهب بن كيسان].
وهب بن كيسان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عروة عن عائشة].
وقد مر ذكرهما.


حديث عائشة في أمر النبي لها أن تأذن لأخي أبي القعيس بالدخول عليها من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده



قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا هارون بن عبد الله أخبرنا معن حدثنا مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كان أفلح أخو أبي القعيس يستأذن علي وهو عمي من الرضاعة، فأبيت أن آذن له، حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبرته، فقال: ائذني له فإنه عمك، قالت عائشة: وذلك بعد أن نزل الحجاب)].
أورد النسائي حديث عائشة في قصة عمها من الرضاع أبي القعيس، وهي مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا هارون بن عبد الله أخبرنا معن حدثنا مالك عن ابن شهاب].
وهؤلاء مر ذكرهم جميعاً.
[عن عروة عن عائشة].
وقد مر ذكرهم أيضاً.


حديث عائشة في أمر النبي لها أن تأذن لأخي أبي القعيس بالدخول عليها من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده



قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبد الجبار بن العلاء عن سفيان عن الزهري وهشام بن عروة عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (استأذن علي عمي أفلح بعدما نزل الحجاب فلم آذن له، فأتاني النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسألته، فقال: ائذني له فإنه عمك، قلت: يا رسول الله! إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل، قال: ائذني له تربت يمينك، فإنه عمك)].
أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها، وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا عبد الجبار بن العلاء].
عبد الجبار بن العلاء، وهو لا بأس به، وهي بمعنى صدوق، أخرج حديثه مسلم، والترمذي، والنسائي.
[عن سفيان].
وهو: ابن عيينة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري وهشام بن عروة عن عروة عن عائشة].
وهؤلاء مر ذكرهم جميعاً.


حديث عائشة في أمر النبي لها أن تأذن لأخي أبي القعيس بالدخول عليها من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده



قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا الربيع بن سليمان بن داود حدثنا أبو الأسود وإسحاق بن بكر قالا: حدثنا بكر بن مضر عن جعفر بن ربيعة عن عراك بن مالك عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (جاء أفلح أخو أبي القعيس يستأذن فقلت: لا آذن له حتى استأذن نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلما جاء نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم قلت له: جاء أفلح أخو أبي القعيس يستأذن، فأبيت أن آذن له، فقال: ائذني له فإنه عمك، قلت: إنما أرضعتني امرأة أبي القعيس ولم يرضعني الرجل، قال: ائذني له فإنه عمك)].
أورد النسائي حديث عائشة في قصة عمها من الرضاع أفلح أخي أبي القعيس، وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا الربيع بن سليمان بن داود].
هو الربيع بن سليمان بن داود الجيزي، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي.
[حدثنا أبي الأسود].
هو النضر بن عبد الجبار، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي، وابن ماجه.
[وإسحاق بن بكر].
هو إسحاق بن بكر بن مضر، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم والنسائي.
[عن بكر بن مضر المصري].
وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن جعفر بن ربيعة].
جعفر بن ربيعة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عراك بن مالك].
عراك بن مالك، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عروة عن مالك].
وقد مر ذكرهما.


الأسئلة

معنى الإمارة الشرعية وما يدخل تحتها
السؤال: ما هي الإمارة الشرعية؟ بعض الجماعات الدعوية عندنا في الكويت تنصب لها أميراً يسمونه أميراً تربوياً أو دعوياً، ويقولون: إن طاعته واجبة، علماً بأنهم لم يأخذوا إذناً من الإمام على هذا.


الجواب: الإمامة الشرعية أو الإمارة الشرعية هي التي يكون بيدها الحل والعقد، وتجوز الإمارة أو وضع الإمارة يعني على غير هذا في السفر، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه إذا سافر جماعة يؤمرون واحداً منهم، وهذه الإمارة المقصود منها أن يكون مرجعاً لهم يستأذنونه إذا أراد أحد أن يذهب، وكذلك يرجعون إليه عند الاختلاف في كونهم ينزلون أو يواصلون؛ لأنهم لو لم يكن لهم أميراً يرجعون إليه، يمكن أن يكون كل واحد منهم يذهب بنفسه ولا يدرى عنه، لكن إذا جعلوا أميراً استأذنوه ورجعوا إليه، فهذه الإمارة التي جاءت في السنة لغير الأمير الذي هو الوالي الذي بيده الحل والعقد، وبيده الأمر، وبيده التنفيذ، وله السلطة على الناس، يعني هذا هو الذي ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم.

ابوالوليد المسلم 07-08-2022 04:39 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب النكاح

(436)


- (باب رضاع الكبير) إلى (باب حق الرضاع وحرمته)




رضاع الكبير لا يغير شيئاً في انتشار المحرمية، وهذا هو مذهب جمهور أهل العلم، وما ورد في حديث سالم مولى أبي حذيفة إنما هي رخصة خاصة به، فلا تتعداه إلى غيره. ووطء الحامل والمرضع لا بأس به، ولا مانع منه؛ لأن النبي إنما همّ أول الأمر أن ينهى عنه ولكنه تركه لأنه لا يضر الأولاد، وإن أراد الزوج العزل فإن كانت أمةً فله وجه في عزلها من جهة أنه لا يستطيع التصرف في بيعها، وإن كانت حرةً فلا يجوز العزل إلا بإذنها وموافقتها كما ذكره العلماء.
رضاع الكبير

شرح حديث عائشة: (في رضاع الكبير)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب رضاع الكبير.أخبرنا يونس بن عبد الأعلى حدثنا ابن وهب: أخبرني مخرمة بن بكير عن أبيه، قال: سمعت حميد بن نافع يقول: سمعت زينب بنت أبي سلمة تقول: سمعت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، تقول: (جاءت سهلة بنت سهيل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: يا رسول الله، إني لأرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم علي، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أرضعيه، قلت: إنه لذو لحية، فقال: أرضعيه يذهب ما في وجه أبي حذيفة، قالت: والله ما عرفته في وجه أبي حذيفة بعد)].
يقول النسائي رحمه الله: باب رضاع الكبير، أي: حكمه، هل يكون به التحريم، أو أنه لا يفيد شيئاً في انتشار المحرمية بالرضاع الذي حصل من الكبير؟ هذا هو مقصود النسائي من الترجمة، أي بيان الحكم.
وقد أورد النسائي حديث عائشة من طرق في قصة سالم مولى أبي حذيفة، وكان قد تبناه، وكان يدخل عليهم ويخرج، وكانت يشق عليها الاحتجاب منه، ولكثرة دخوله وخروجه عليهم في بيتهم، وقد تكون على حالة غير متحجبة، وكان يظهر في وجه زوجها أبي حذيفة الكراهية لهذا الصنيع، فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، جاءت زوجته سهلة بنت سهيل رضي الله تعالى عنها، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: [(أرضعيه، قالت: إنه لذو لحية -يعني: كبير- قال: أرضعيه، يذهب ما في وجه أبي حذيفة، ثم قالت: إنها لم تر في وجه أبي حذيفة شيءٍ بعد)]، أي: شيء يكره بعد أن فعلت هذا الذي أرشدها إليه الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد اختلف العلماء في رضاع الكبير، هل تنتشر به المحرمية أو لا تنتشر به؟ فذهب بعض أهل العلم إلى تأثيره، وأنها تنتشر به المحرمية، وعمدتهم في ذلك ما جاء في هذا الحديث الذي جاء من طرق عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها، في قصة إرضاع سالم مولى أبي حذيفة من زوجة أبي حذيفة لـسالم، وهو كبير، قالوا: فهذا يدل على أن رضاع الكبير يؤثر، وذهب جمهور أهل العلم إلى أنه لا تأثير لرضاع الكبير، وأن ما ورد في حديث سالم إنما هي رخصة خاصة به، لا تتعداه إلى غيره، وممن رأى ذلك سائر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه صلى الله عليهم وسلم سوى عائشة، فإنهن رأين أن هذه رخصة لـسالم لا تتعداه إلى غيره، وأن الأصل هو عدم انتشار الحرمة برضاع الكبير، قالوا: ويدل على ذلك أيضاً قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الرضاعة من المجاعة)، وهذا إنما يتأتى في حق الصغير الذي دون الحولين، أما من كان كبيراً لا سيما إذا كان كبيراً جداً كصاحب اللحية، فإنه لا يؤثر فيه الرضاع من المرضعة شيئاً، لا يؤثر فيه، ولا يشبع، ولا يسد جوعاً في حقه، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما الرضاعة من المجاعة).
الحديث مر بنا أن عائشة رضي الله عنها قالت: (أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل وعندي رجلٌ هو أخوها من الرضاعة، فقال عليه الصلاة والسلام: انظرن من إخوانكن من الرضاعة، فإنما الرضاعة من المجاعة)، يعني: ليست كل رضاعة تؤثر، بل التي تؤثر هي رضاعة من المجاعة، والكبير رضاعه ليس من هذا القبيل، فإذاً ما جاء في قوله: (إنما الرضاعة من المجاعة)، يدل على عدم تأثير الرضاع الكبير، وقد رأى ذلك سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم سوى عائشة، وقالوا: إن ما جاء في حديث عائشة في قصة سالم مولى أبي حذيفة، إنما هي رخصة خاصة بـسالم رضي الله تعالى عنه.
وحديث عائشة هذا يدل على تأثير رضاع الكبير، لكنه كما قال سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم غير عائشة: أنها رخصة لـسالم فلا تتعداه إلى غيره، وذكرت أنه مما يوضح ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إنما الرضاعة من المجاعة)، فرضاع الكبير لا يؤثر، ولا تنتشر فيه محرمية، وما جاء فيه من الحديث فهو رخصة خاصة بـسالم مولى أبي حذيفة رضي الله تعالى عنهما.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (في رضاع الكبير)

قوله: [أخبرنا يونس بن عبد الأعلى].هو يونس بن عبد الأعلى الصدفي المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، والترمذي، والنسائي، ابن ماجه.
[حدثنا ابن وهب].
هو عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني مخرمة بن بكير].
هو مخرمة بن بكير بن عبد الله بن الأشج، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[عن أبيه].
هو بكير بن عبد الله بن الأشج المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[سمعت حميد بن نافع].
حميد بن نافع، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[سمعت زينب بنت أبي سلمة].
زينب بنت أبي سلمة، وهي:صحابية، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[سمعت عائشة].
وهي عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وهي أكثر الصحابيات اللاتي روين الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، هي أكثرهن حديثاً على الإطلاق رضي الله تعالى عنها وعن الصحابة أجمعين.

حديث عائشة في رضاع الكبير من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن حدثنا سفيان سمعناه من عبد الرحمن وهو ابن القاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (جاءت سهلة بنت سهيل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: إني أرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم علي، قال: فأرضعيه، قالت: وكيف أرضعه وهو رجل كبير؟ فقال: ألست أعلم أنه رجل كبير؟ ثم جاءت بعد فقالت: والذي بعثك بالحق نبياً، ما رأيت في وجه أبي حذيفة بعد شيئاً أكرهه)].أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى، وهو مثل الطريق السابقة في قصة سالم مولى أبي حذيفة، وإرضاع سهلة بنت سهيل له، وأنها حرمت عليه بذلك، وقد عرفنا أن هذا خاص به، فلا يتعداه إلى غيره.
قوله: [أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن].
هو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن المخرمي، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا سفيان].
وهو ابن عيينة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الرحمن].
وهو ابن القاسم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وهو ثقة، فقيه من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
هي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وقد مر ذكرها.

شرح حديث عائشة في رضاع الكبير من طريق ثالثة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن يحيى بن الوزير سمعت ابن وهب أخبرني سليمان عن يحيى وربيعة عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، امرأة أبي حذيفة أن ترضع سالماً مولى أبي حذيفة حتى تذهب غيرة أبي حذيفة، فأرضعته وهو رجل، قال ربيعة: فكانت رخصةً لـسالم)].أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى، وفيه ما في الذي قبله من جهة أمر النبي صلى الله عليه وسلم، لزوجة أبي حذيفة بأن ترضع سالماً مولاه، وأنه بذلك يذهب ما في وجه أبي حذيفة من الكراهية، قالوا: فهذا يدل على رضاع الكبير، ولكن عرفنا أن قول الجمهور على أنه لا يؤثر، وأن هذه رخصة خاصة بـسالم مولى أبي حذيفة.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة في رضاع الكبير من طريق ثالثة


قوله: [أخبرنا أحمد بن يحيى بن الوزير].وهو ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[عن ابن وهب].
وقد مر ذكره.
[سمعت سليمان].
هو: سليمان بن بلال، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني يحيى].
هو يحيى بن سعيد الأنصاري المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وربيعة].
هو ربيعة بن أبي عبد الرحمن المعروف بـربيعة الرأي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن القاسم عن عائشة].
وقد مر ذكرهما.

حديث عائشة في رضاع الكبير من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا حميد بن مسعدة عن سفيان وهو ابن حبيب عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (جاءت سهلة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: يا رسول الله! إن سالماً يدخل علينا وقد عقل ما يعقل الرجال، وعلم ما يعلم الرجال، قال: أرضعيه تحرمي عليه بذلك)، فمكثت حولاً لا أحدث به، ولقيت القاسم فقال: حدث به ولا تهابه].أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم في إرضاع الكبير، وعرفنا أن هذه رخصة خاصة لـسالم مولى أبي حذيفة، وفيه أن أحد رواته مكث مدة يعني لا يحدث بالحديث، وبعد ذلك لقي القاسم وقال: حدث به ولا تهابه.
قوله: [أخبرنا حميد بن مسعدة].
حميد بن مسعدة، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن الأربعة.
[عن سفيان وهو ابن حبيب].
هو سفيان بن حبيب ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن.
[عن ابن جريج].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، فقيه، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن أبي مليكة].
وهو محمد بن عبد الرحمن بن أبي مليكة المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن القاسم عن عائشة].
وقد مر ذكرهما.

حديث عائشة في رضاع الكبير من طريق خامسة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي عن عبد الوهاب حدثنا أيوب عن ابن أبي مليكة عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها: (أن سالماً مولى أبي حذيفة كان مع أبي حذيفة وأهله في بيتهم، فأتت بنت سهيل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقالت: إن سالماً قد بلغ ما يبلغ الرجال، وعقل ما عقلوه، وإنه يدخل علينا، وإني أظن في نفس أبي حذيفة من ذلك شيئاً، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أرضعيه تحرمي عليه، فأرضعته، فذهب الذي في نفس أبي حذيفة، فرجعت إليه فقلت: إني قد أرضعته، فذهب الذي في نفس أبي حذيفة)].أورد حديث عائشة من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.
قوله [أخبرنا عمرو بن علي].
هو عمرو بن علي الفلاس، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[عن عبد الوهاب].
هو عبد الوهاب بن عبد المجيد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أيوب].
هو أيوب بن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن أبي مليكة عن القاسم عن عائشة].
وقد مر ذكر هؤلاء الثلاثة.

شرح حديث عائشة في رضاع الكبير من طريق سادسة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا يونس بن عبد الأعلى أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس ومالك عن ابن شهاب عن عروة قال: (أبى سائر أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يدخل عليهن بتلك الرضعة أحدٌ من الناس يريد رضاعة الكبير، وقلن لـعائشة: والله ما نرى الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، سهلة بنت سهيل إلا رخصةً في رضاعة سالم وحده من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والله لا يدخل علينا أحدٌ بهذه الرضعة، ولا يرانا)].أورد النسائي هذا الأثر عن عروة بن الزبير يحكي عن أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهن وأرضاهن، يعني سوى عائشة، وقوله: سائر، يعني: الباقي، أي غير عائشة، وعائشة رضي الله عنها وأرضاها كانت ترى أن رضاع الكبير يؤثر، وأن هذا لا يختص بـسالم مولى أبي حذيفة، وأما بقية أزواج النبي صلى الله عليه وسلم سواها فإنهن يرين أن التحريم لا ينتشر برضاع الكبير، وأن ما جرى في حديث سهلة بنت سهيل إنما هي رخصة خاصة لـسالم مولى أبي حذيفة، فلا تتعداه إلى غيره، وكما ذكرت يوضح ذلك ما جاء في الحديث: (إنما الرضاعة من المجاعة)، فيكون التأثير إنما هو للرضاعة الذي يكون به سد الجوع، وانتفاع الرضيع بالرضاع، وليس الكبير كذلك، فما جاء في حق سالم يكون رخصة خاصة به لا تتعداه إلى غيره، كما قال ذلك سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.

يتبع



ابوالوليد المسلم 07-08-2022 04:40 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
تراجم رجال إسناد حديث عائشة في رضاع الكبير من طريق سادسة

قوله: [أخبرنا يونس بن عبد الأعلى أخبرنا ابن وهب].وقد مر ذكرهما.
[أخبرني يونس].
وهو ابن يزيد الأيلي ثم المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ومالك].
هو مالك بن أنس، إمام دار الهجرة، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة بمذاهب أهل السنة.
[عن ابن شهاب].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عروة].
هو: عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة، فقيه من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
وقد مر ذكرها.

شرح حديث أم سلمة في رضاع الكبير


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبد الملك بن شعيب بن الليث أخبرني أبي، عن جدي حدثني عقيل عن ابن شهاب أخبرني أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة أن أمه زينب بنت أبي سلمة أخبرته أن أمها أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانت تقول: (أبى سائر أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أن يدخل عليهن بتلك الرضاعة، وقلن لـعائشة: والله ما نرى هذه إلا رخصةً رخصها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، خاصة لـسالم، فلا يدخل علينا أحدٌ بهذه الرضاعة، ولا يرانا)].أورد النسائي هذا الأثر عن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن وأرضاهن، وهو أنهن كن يرين، أي: سوى عائشة، أن ذلك الذي جاء في حق سالم إنما هو خاص به، وأنهن لا يسمحن لأحد أن يراهن بسبب تلك الرضاعة، وأن ما جاء في رضاع الكبير فهو عندهن خاص بـسالم مولى أبي حذيفة لا يتعداه إلى غيره.

تراجم رجال إسناد حديث أم سلمة في رضاع الكبير

قوله: [أخبرنا عبد الملك بن شعيب].هو عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي.
[أخبرني أبي].
هو: شعيب بن الليث، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي أيضاً.
[عن جدي].
هو الليث بن سعد، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثني عقيل].
هو عقيل بن خالد بن عقيل، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب].
وقد مر ذكره.
[أخبرني أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة ].
أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة، وهو مقبول، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[أن أمه زينب بنت أبي سلمة أخبرته].
زينب بنت أبي سلمة، وهي صحابية، أخرج حديثها أصحاب الكتب الستة.
[عن أمها أم سلمة].
وهي أم المؤمنين هند بنت أبي أمية، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.


الغيلة

شرح حديث: (لقد هممت أن أنهى عن الغيلة ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [الغيلة. أخبرنا عبيد الله وإسحاق بن منصور عن عبد الرحمن عن مالك عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة رضي الله عنها: أن جدامة بنت وهب حدثتها: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لقد هممت أن أنهى عن الغيلة، حتى ذكرت أن فارس، والروم يصنعه -وقال إسحاق: يصنعونه- فلا يضر أولادهم)].
أورد النسائي: الغيلة، وهي: وطء المرأة الحامل أو المرضع، والنبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أورده النسائي تحت هذه الترجمة، وهو حديث جدامة بنت وهب قالت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لقد هممت أن أنهى عن الغيلة حتى ذكرت أن فارس والروم يصنعه -وفي لفظ إسحاق شيخه الثاني: يصنعونه- فلا يضر أولادهم)، يعني: فلم ينه عنه، أي: أن وطء الحامل، وكذلك وطء المرضع، أنه لا بأس به، ولا مانع منه، والحمل بلا شك لا يترتب عليه مضرة، وأما بالنسبة للمرضع، فهو يؤثر على الرضيع إذا حملت أمه، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم، كما جاء في هذا الحديث همّ أن ينهى عنه، ولكنه تركه؛ لأن فارس، والروم يفعلونه، ولا يضر أولادهم شيئاً.

تراجم رجال إسناد حديث: (لقد هممت أن أنهى عن الغيلة ...)


قوله: [أخبرنا عبيد الله].وهو ابن سعيد السرخسي اليشكري، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والنسائي.
[وإسحاق بن منصور].
هو:إسحاق بن منصور الكوسج، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.
[عن عبد الرحمن].
هو عبد الرحمن بن مهدي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مالك].
وقد مر ذكره.
[عن أبي الأسود].
وهو محمد بن عبد الرحمن النوفلي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عروة، عن عائشة].
وقد مر ذكرهما.
[عن جدامة بنت وهب].
وهي صحابية، أخرج حديثها مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.


العزل

شرح حديث أبي سعيد الخدري في العزل

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب العزل. أخبرنا إسماعيل بن مسعود، وحميد بن مسعدة قالا: حدثنا يزيد بن زريع حدثنا ابن عون عن محمد بن سيرين عن عبد الرحمن بن بشر بن مسعود ورد الحديث حتى رده إلى أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أنه قال: (ذكر ذلك عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: وما ذاكم؟ قلنا: الرجل تكون له المرأة فيصيبها، ويكره الحمل، وتكون له الأمة فيصيب منها، ويكره أن تحمل منه، قال: لا، عليكم أن لا تفعلوا، فإنما هو القدر)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: العزل، والعزل هو إذا وصل الإنزال ينزع، ويفرغ خارج الفرج، هذا هو العزل، وكانوا يفعلونه من أجل ألا يحصل الحمل، لا سيما إذا كانت أمة؛ لأن الأمة إذا حملت يكون لها حال تختلف عن حالها، وهي غير أم ولد؛ لأنها إذا حملت من سيدها صارت أم ولد، فيكون لها أحكام تخصها يعني أنها لا تباع على خلاف بين أهل العلم في المسألة، فكانوا يعزلون عن الإماء، خشية أن يحملن فلا يتمكنون من التصرف فيهن بالبيع، وكذلك يعزلون عن نسائهم من أجل ألا يحملن.
وبالنسبة للعزل عن الأمة له وجه من جهة أنه لا يستطيع التصرف فيها بعد أن تحمل، وتكون أم ولد، وأما بالنسبة للحرة فقد ذكر العلماء أنه لا يعزل عنها إلا بإذنها وبموافقتها، والنبي صلى الله عليه وسلم بين أن العزل إذا قدر الله عز وجل الولد، فإنه يكون مع وجود العزل، وذلك بأنه قد يحصل خروج قطرة من غير أن يريد ذلك فيكون بها الحمل؛ لأنه كما جاء في صحيح مسلم: (ليس من كل المني يكون الولد)، ليس معنى ذلك أنه إذا أنزل من المني الذي يكون يحصل إنزاله عند الجماع، كله يكون منه الحمل، لا، بل قطرة واحدة يكون منها الحمل، أي شيء يسير يكون منه الحمل، ولو أخرج باقيه من الخارج، فإذا انطلق منه قطرة من غير إرادته، والله تعالى قدر ذلك، فلا يستطيع منع ذلك، وقد يحصل الجماع ثم تنطلق قطرة قبل أن ينزع، فيكون منها الولد، فإذا قدر الله عز وجل ذلك حصل، ووجد ما قدره الله عز وجل، وإن كان الإنسان أراد عدم الحمل، وكما ذكرت في صحيح مسلم: (ليس من كل المني يكون الولد)، يعني: أنه يكون من قطرة، فليس معنى هذا أنه كلما حصل العزل يؤمن من الحمل، فقد يكون الجماع ثم تنطلق قطرة يكون بها الحمل، وإن نزع وأفرغ خارج الفرج.
أورد النسائي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أنه ذكر العزل، وقال: (لا، عليكم أن تفعلوا، فإنما هو القدر)، يعني: الشيء الذي قدره الله عز وجل لا بد وأن يوجد، ومن المعلوم أن قضاء الله وقدره أنه لا يكون الولد إلا عن طريق المني الذي يكون من الرجل، لا يأتي الولد بغير هذه الطريق، وبغير هذه الوسيلة، لكن المقصود من هذا أنه مع العزل فإذا شاء الله الولد انطلقت قطرة، ونزلت مع حرصه على عدم نزولها، ثم يقع ما قدره الله وقضاه، فالمقدر كائن، ولو وجد العزل، لكن ليس معنى ذلك أنه يوجد الحمل دون مني، بل لا يكون إلا من مني، هكذا إرادة الله، ومشيئة الله، والمقصود من ذلك أنه يحصل شيء يسير من غير إرادة الرجل، ويحصل بها خلاف ما يريد؛ لأنه ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، فما شئت كان، وإن لم أشأ، وما شئت إن لم تشأ لم يكن، فالرسول صلى الله عليه وسلم أرشدهم إلى أن العزل إذا قدر الله الولد، فإنه لا يمنع منه العزل؛ لإمكان أن ينطلق منه شيء يسير فيذهب إلى الرحم، ويكون به الحمل بإذن الله عز وجل.

تراجم رجال إسناد حديث أبي سعيد الخدري في العزل

قوله: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود].وهو إسماعيل بن مسعود أبو مسعود البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[وحميد بن مسعدة].
مر ذكره.
[قالا: حدثنا يزيد بن زريع].
يزيد بن زريع، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا ابن عون].
هو عبد الله بن عون، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن سيرين].
وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الرحمن بن بشر بن مسعود].
وهو مقبول، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي.
[عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه].
هو سعد بن مالك بن سنان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.

شرح حديث أبي سعيد الزرقي في العزل

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن بشار عن محمد حدثنا شعبة عن أبي الفيض سمعت عبد الله بن مرة الزرقي عن أبي سعيد الزرقي رضي الله عنه: (أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، عن العزل؟ فقال: إن امرأتي ترضع، وأنا أكره أن تحمل، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن ما قد قدر في الرحم سيكون)].أورد النسائي حديث أبي سعيد الزرقي، وهو بمعنى ما تقدم، وذلك أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم، عن العزل، وأن امرأته ترضع، ويكره أن تحمل، يعني خشية أن يتأثر الولد بعدم الرضاع، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إنما قدر في الرحم سيكون)، وهذا مثل قوله: (إنما هو القدر)، يعني الذي قدره الله سيكون، وما قدر في الرحم سيكون يعني من انطلاق قطرة يكون بها الحمل، مع حرص الرجل على عدم نزول تلك القطرة، فتخرج من غير إرادته ومشيئته، ويكون ما قدره الله عز وجل وقضاه؛ لأنه كما قلت في الحديث الذي في صحيح مسلم: (ليس من كل المني يكون الولد)، يعني بل يكون بقطرة يسيرة منه يحصل بها الولد بإذن الله عز وجل.

تراجم رجال إسناد حديث أبي سعيد الزرقي في العزل

قوله: [أخبرنا محمد بن بشار].هو محمد بن بشار الملقب بندار البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[عن محمد].
وهو ابن جعفر الملقب غندر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. ومحمد إذا جاء مهمل غير منسوب يروي عنه محمد بن بشار أو محمد بن المثنى، وهو يروي عن شعبة فالمراد به غندر.
[حدثنا شعبة].
وهو: شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الفيض].
وهو موسى بن أيوب، وهو ثقة، أخرج له أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[سمعت عبد الله بن مرة الزرقي].
وهو مجهول، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن أبي سعيد الزرقي].
وهو صحابي، أخرج حديثه النسائي وابن ماجه.
والحديث فيه مجهول، فكما هو معلوم ليست العمدة عليه، بل العمدة على الأحاديث الكثيرة التي جاءت في معناه، يعني فله أصل، وليس الحديث جاء من هذه الطريق وحدها، بل جاء من طرق متعددة وله شواهد، فيها ذكر العزل، وأن ما قدره الله عز وجل لا بد وأن يوجد.


حق الرضاع وحرمته

شرح حديث حجاج بن مالك في حق الرضاع وحرمته

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حق الرضاع وحرمته. أخبرنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا يحيى عن هشام قال وحدثني أبي عن حجاج بن حجاج عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (قلت: يا رسول الله، ما يذهب عني مذمة الرضاع؟ قال: غرة عبدٍ أو أمة)].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: حق الرضاع وحرمته، المراد من هذه الترجمة يعني ما يحصل للمرضعة بسبب الرضاع من الحق. أورد النسائي في ذلك حديث حجاج بن مالك رضي الله تعالى عنه، حيث سأل النبي صلى الله عليه وسلم: (ما يذهب عني مذمة الرضاع؟) وقيل بالمذمة: أنها يعني من الذمام، وليست من الذنب، يعني الحق الذي يكون من أجل الرضاع، (فقال: غرة عبدٍ أو أمة)، يعني أنه يعطى، أو تعطى المرضعة في مقابل إرضاعها غرة عبد أو أمة، والحديث ما جاء إلا من هذه الطريق، وفيه شخص مقبول، والمقبول كما هو معلوم لا يعتمد حديثه إلا إذا توبع، وعلى هذا فهو غير ثابت، أي: هذا الحديث الذي فيه بيان هذا الحق الذي هو غرة عبد أو أمة، والغرة يعني: عبد أو أمة، وقد فسرها بقوله: (عبد أو أمة).
ويعني: غرة، أي: ناصيته، كأنه يعني يسلم له هذا وهذا، مثل ما جاء في قضية الجنين، والجناية على الجنين، وأن ديته غرة عبد أو أمة، فكأنه ناصية، كأنه يسلم له.
الغرة هي في الأصل البياض الذي يكون في الوجه، أو بياض (غراً محجلين)، والمقصود بالغرة هنا عبد مملوك، سواءً ذكر أو أنثى يقال له: غرة.

تراجم رجال إسناد حديث حجاج بن مالك في حق الرضاع وحرمته

قوله: [أخبرنا يعقوب بن إبراهيم].هو يعقوب بن إبراهيم الدورقي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[حدثنا يحيى].
هو يحيى بن سعيد القطان البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن هشام].
هو هشام بن عروة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[قال وحدثني أبي].
وهو عروة، ثقة، فقيه من فقهاء المدينة السبعة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حجاج بن حجاج].
وهو مقبول، أخرج حديثه أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن أبيه].
هو حجاج بن مالك صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أبو داود، والترمذي، والنسائي.

ابوالوليد المسلم 07-08-2022 04:41 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب النكاح

(437)

- (باب الشهادة في الرضاع) إلى (باب التزويج على سور من القرآن)



من أنواع الأنكحة المحرمة: الشغار، ونكاح ما نكح الآباء، ونكاح المحصنات من النساء، فأما الشغار فهو: أن يزوج الرجل موليته على أن يزوجه الآخر موليته، سواء كان هناك صداق أو لم يكن هناك صداق، وأما نكاح ما نكح الآباء فهو محرم تحريماً مؤبداً، سواء دخل بها أو لم يدخل بها؛ فتحرم بمجرد العقد، وأما المحصنات من النساء وهن ذوات الأزواج، فهنَّ حرام على غير أزواجهن حرمة مؤقتة.
الشهادة في الرضاع

شرح حديث عقبة بن الحارث في الشهادة في الرضاع

قال المصنف رحمه الله تعالى: [الشهادة في الرضاع.أخبرنا علي بن حجر أخبرنا إسماعيل عن أيوب عن ابن أبي مليكة حدثني عبيد بن أبي مريم عن عقبة بن الحارث وسمعته من عقبة ولكني لحديث عبيد أحفظ، قال: (تزوجت امرأةً فجاءتنا امرأةٌ سوداء فقالت: إني قد أرضعتكما، فأتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأخبرته، فقلت: إني تزوجت فلانة بنت فلان، فجاءتني امرأة سوداء فقالت: إني قد أرضعتكما، فأعرض عني، فأتيته من قبل وجهه فقلت: إنها كاذبة، قال: وكيف بها وقد زعمت أنها قد أرضعتكما، دعها عنك)].
يقول النسائي رحمه الله: الشهادة في الرضاع. يعني: الإخبار عن حصول الرضاع، وذلك ممن يعتمد قوله لأهليته، وعدالته، فإنه يعول على تلك الشهادة.
وقد أورد النسائي حديث عقبة بن الحارث، رضي الله تعالى عنه: أنه تزوج امرأةً، فجاءت امرأة سوداء وقالت: إني قد أرضعتكما، أي: هو ومن تزوجها، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأمره بتركها، ثم أعرض عنه فذهب إليه ولقيه من الجانب الآخر وقال: إنها كاذبة، (وكيف بها وقد زعمت أنها أرضعتكما، دعها عنك)، الرسول صلى الله عليه وسلم، لما جاءه أمره بتركها، ثم إنه قال له: إنها كاذبة، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (كيف بها وقد زعمت أنها أرضعتكما، دعها عنك)، يعني: دع عنك هذه المرأة التي تزوجتها؛ لأنه وجد مانع يمنع من الزواج وهو الرضاع، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب).
وهذا إذا كان الشاهد عدلاً مأموناً، ويكون الرضاع قد وصل إلى الحد الذي يحصل به التحريم، فإذا كانت الشهادة على الرضاع بأنها دون الحد دون الخمس، وأنها رضعة أو رضعتين، أو ثلاث، أو أربع، فإنه لا يؤثر؛ لأن الحد الأدنى هو الخمس، فما زاد عليها يكون به التحريم، وما نقص عنها لا يحصل به تحريم، ثم أيضاً كون الشاهد موثوقاً، ومأموناً، فإذا حصل هذا، وهذا، فإنه يحصل التحريم بذلك الرضاع، ولا يجوز الزواج، ولا الاستمرار على ذلك الزواج الذي ثبت أنه حصل الرضاع الذي يقتضي عدم زواج هذين المرتضعين، زواج الرجل بتلك المرأة التي رضع معها من ثدي واحد، ومن لبن واحد.
وفيه أيضاً دلالة على أنه يكفي في ذلك شهادة المرأة الواحدة في ذلك، وأنه لا يحتاج إلى عدد أكثر من الواحد، فإذا حصلت الشهادة ممن هو محل لها، وفيه الأهلية لها، لا سيما في هذه الأمور التي غالباً ما تكون من النساء، والتي يطلع عليها النساء، وهي مسائل الرضاع، فإن ذلك يكون كافياً، ومعتبراً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم اكتفى بشهادة هذه المرأة، وأمره بأن يدعها، وأن يتركها، وقد أخذ بعض أهل العلم بظاهر هذا الحديث وقالوا: إنه لا يجوز الزواج ممن تكون كذلك، ولا الاستمرار في الزواج إذا ثبت أن الرضاع قد حصل، وجمهور أهل العلم قالوا: إن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما أرشده إلى ما هو الأحوط، وإلى ما هو الأولى، لكن الذي يظهر من الحديث أن القضية ليست فيها إرشاد إلى الأحوط، وإلى الأولى، بل هو إرشاد إلى أن ذلك لا يجوز، وأنه لا يسوغ؛ لأن الرضاع قد وجد، والرضاع يحصل به التحريم كما يحصل التحريم بالنسب، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب).

تراجم رجال إسناد حديث عقبة بن الحارث في الشهادة في الرضاع

قوله: [أخبرنا علي بن حجر].هو علي بن حجر بن إياس السعدي المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[أخبرنا إسماعيل].
هو ابن علية، إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أيوب].
هو أيوب بن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن أبي مليكة].
هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي مليكة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثني عبيد بن أبي مريم].
مقبول، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن عقبة].
وهو عقبة بن الحارث صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
والحديث رواه ابن أبي مليكة بإسناد عالٍ، وإسناد نازل، الإسناد العالي هو أنه سمعه من عقبة بدون واسطة، وسمعه منه بواسطة، ولكنه لحديث الواسطة أحفظ منه للإسناد العالي، ولهذا أورد الإسناد عن عبيد بن أبي مريم عن عقبة بن الحارث، وأخبر أنه سمعه من عقبة، ولكنه لحديث عبيد أحفظ، ولهذا أورده بالإسناد النازل، وذكر عبيد بن أبي مريم، ووجود عبيد بن أبي مريم، وهو مقبول، ويحتاج إلى متابعة، لا يؤثر؛ لأن الحديث ثابت بدونه؛ لأن ابن أبي مليكة يرويه عن عقبة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة، ويرويه بواسطة.
فإذاً وجود الواسطة التي فيها كلام لا يؤثر على ثبوت الحديث؛ لأنه موجود عنده بدون هذه الواسطة، ولكنه ذكر الإسناد النازل الذي فيه عبيد بن أبي مريم؛ لأنه أحفظ، وإن كان حافظاً لهذا، ولهذا، إلا أنه أحفظ لهذا، أي: الحديث الذي أخذه بالإسناد النازل أحفظ منه للحديث الذي أخذه بالإسناد العالي، فإذاً الحديث أصله، ومقتضاه، ومؤداه ثابت، بدون عبيد بن أبي مريم، فإنه بإسناد عالٍ، وإسناد نازل.


نكاح ما نكح الآباء

شرح حديث البراء في نكاح ما نكح الآباء


قال المصنف رحمه الله تعالى: [نكاح ما نكح الآباء. أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيم حدثنا أبو نعيم حدثنا الحسن بن صالح عن السدي عن عدي بن ثابت عن البراء رضي الله عنه أنه قال: (لقيت خالي ومعه الراية، فقلت: أين تريد؟ قال: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى رجلٍ تزوج امرأة أبيه من بعده أن أضرب عنقه أو أقتله)].
أورد النسائي هذه الترجمة: نكاح ما نكح الآباء، يعني: أنه حرام، وأنه لا يجوز، وهذا بإجماع، وقد جاء به القرآن، وجاءت به السنة، والله عز وجل يقول: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgوَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[النساء:22]، فجاء تحريمه بنص القرآن، فمنكوحة الأب ولو كان مجرد العقد، فإنها تحرم على الابن على التأبيد، بمجرد العقد عليها، وإن لم يدخل بها، فإنها تحرم على ولد الرجل الذي عقد عليها على التأبيد، ليست القضية قضية كونه دخل أو ما دخل، وإنما مجرد العقد، فهذا الحكم جاء بنص القرآن.
وقد أورد النسائي حديث البراء بن عازب رضي الله عنه: أنه لقي خاله، ومعه الراية، فعرف أنه أمير للجماعة الذين هو فيهم؛ لأن معه الراية يعني أنه هو الأمير، فسأله: أين تذهب؟ قال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم، أرسلني إلى فلان نكح امرأة أبيه، وأمرني أضرب عنقه أو أقتله، شك من الراوي هل قال: أضرب عنقه أو قال: أقتله؟ والنتيجة واحدة، وإنما الكلام في أي اللفظين قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم، هل قال: يضرب عنقه، أو قال: أنه يقتله؟ والنتيجة واحدة، ولكنه إشارة إلى عدم الجزم بأي اللفظين من الراوي، الراوي شك في أي اللفظين قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان من عادة أهل الجاهلية أنهم ينكحون منكوحة الأب، ويعتبرون ذلك إرثاً يرثونه من مورثهم، فجاء الإسلام، وأبطل هذا، ومنع منه ومن أخذ به واستحله فإنه يكون مرتداً، ويقتل على الردة؛ لأنه أنكر شيئاً معلوماً جاء القرآن، وجاء الحديث في ثبوته، ألا وهو تحريم نكاح ما نكح الآباء، فإذاً يقتل على الردة، فالمسلم الذي يستحل منكوحة الأب، ويتزوجها وهو يعلم، فإنه يكون مرتداً، ويقتل على الردة.

تراجم رجال إسناد حديث البراء في نكاح ما نكح الآباء


قوله: [أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيم].وهو ثقة، أخرج له البخاري، ومسلم، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا أبو نعيم].
هو الفضل بن دكين الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته أبو نعيم.
[حدثنا الحسن بن صالح].
هو الحسن بن صالح بن حي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن السدي].
هو إسماعيل بن عبد الرحمن، وهو صدوق يهم، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عدي بن ثابت].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن البراء].
هو البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، صحابي ابن صحابي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن خاله].
هو أبو بردة بن نيار، وحديثه أخرج له أصحاب السنن، وهو: صاحب الأضحية الذي ذبح أضحيته قبل الصلاة، والرسول صلى الله عليه وسلم قال له: (شاتك شاة لحم).

شرح حديث البراء في نكاح ما نكح الآباء من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن منصور حدثنا عبد الله بن جعفر حدثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد عن عدي بن ثابت عن يزيد بن البراء عن أبيه رضي الله عنه، قال: (أصبت عمي ومعه راية، فقلت: أين تريد؟ فقال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إلى رجلٍ نكح امرأة أبيه، فأمرني أن أضرب عنقه، وآخذ ماله)].أورد النسائي حديث البراء بن عازب من طريق أخرى، وفيه ما في الذي قبله: أنه يضرب عنقه ويأخذ ماله، وهذا فيه إضافة أخذ المال، وهذا على أنه فيء؛ لأن المرتد لا يورث، وإنما ماله يكون فيئاً للمسلمين، فهذا الذي فعل هذا الفعل، قتل على الردة، وأخذ ماله، والرسول صلى الله عليه وسلم، بعث إليه من يقوم بهذه المهمة، وهي القتل وأخذ المال؛ لأنه مرتد بذلك عن دين الإسلام.

تراجم رجال إسناد حديث البراء في نكاح ما نكح الآباء من طريق ثانية

قوله: [أخبرنا عمرو بن منصور].هو: عمرو بن منصور النسائي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا عبد الله بن جعفر].
هو عبد الله بن جعفر الرقي، وهو ثقة لكنه تغير بأخرة فلم يفحش اختلاطه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبيد الله بن عمرو]
هو عبيد الله بن عمرو الرقي، ثقة فقيه ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن زيد].
هو ابن أبي أنيسة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عدي بن ثابت].
وقد مر ذكره.
[عن يزيد بن البراء].
صدوق، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[عن البراء بن عازب].
وقد مر ذكره.
[عن عمه].
ففي التقريب فصل المبهمات يقول: البراء بن عازب عن عمه ورمز له بدال، وسين في قتل الرجل الذي نكح امرأة أبيه، وقيل: عن خاله، ورمز له تاء، وسين، وقاف، فأما عمه فلم أر من سماه، وأما خاله فجاء أنه أبو بردة بن نيار، وجاء في هذا الحديث أنه الحارث بن عمرو.
وقد جاء في هذا الحديث أنه الحارث بن عمرو عند ابن ماجه. وفي رواية عن البراء عن أناس وهو في النسائي، وفي رواية عنه عن رهط، وهو في النسائي كذلك.
أقول: القصة واحدة، لكن أيها أثبت وأيها أولى، ويمكن أن يكون عماً، وأن يكون خالاً يعني خالاً من جهة النسب، وعماً من جهة المصاهرة، وما إلى ذلك يحتمل، فيكون الرمز له بأربعة هو تجميع لهذه الروايات.
لأن معناه أنه شخص واحد، وهذا ما حصل إلا في طبعة أبي الأشبال، أما محمد عوامة رمز له في عمه دال سين، وخاله رمز له بتاء سين.


تأويل قول الله عز وجل: (والمحصنات من النساء إلا ما ملكت إيمانكم)

شرح حديث أبي سعيد الخدري في تأويل قوله تعالى: (والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [تأويل قول الله عز وجل: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgوَالْمُحْصَنَات ُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[النساء:24].أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد عن قتادة عن أبي الخليل عن أبي علقمة الهاشمي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (أن نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث جيشاً إلى أوطاس، فلقوا عدواً فقاتلوهم، وظهروا عليهم، فأصابوا لهم سبايا لهن أزواج في المشركين، فكان المسلمون تحرجوا من غشيانهن، فأنزل الله عز وجل: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgوَالْمُحْصَنَات ُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[النساء:24]، أي: هذا لكم حلال إذا انقضت عدتهن)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: تأويل قول الله عز وجل: (وَالْمُحْصنات مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ )[النساء:24]، أي: تفسير هذه الآية، والمقصود منها: أن المحصنات، أي: المزوجات ذوات الأزواج، هنّ حرام على غير أزواجهن، وهذه الحرمة كما هو معلوم مؤقتة؛ لأنها ما دامت في عصمة الرجل فهي حرام على رجل آخر؛ لأنها ذات زوج، فلا تزوج وهي ذات زوج، ولكن هذه الحرمة مؤقتة، يعني معناه: أنه لو مات عنها أو طلقها، فإنه تحل، وإنما هذا التحريم ما دام أنها في عصمة رجل، ولكن يستثنى من ذلك، أي: تحريم المحصنات المزوجات ذوات الأزواج ملك اليمين، الإنسان إذا ملك امرأةً، فإنه يكون له بضعها حلال له، ولكن بعد اعتدادها، واعتدادها إنما هو بحيضة، فإذا سبيت وهي ذات زوج، فإنها تحل للسابي، وتحل له لمن هي له من الجيش، إذا مر حيضة عليها حتى يتبين سلامة رحمها من أن يكون فيه ولد، فتعتد بحيضة واحدة.
فإذاً قول الله عز وجل: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgوَالْمُحْصَنَات ُ مِنَ النِّسَاءِ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[النساء:24]، معطوف على قوله: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgحُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[النساء:23]، ثم قال: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgوَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[النساء:23]، ثم قال: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgوَالْمُحْصَنَات ُ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[النساء:24]، فهي من جملة المعطوفات على المحرمات في قوله: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgحُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[النساء:23]، وهي مثل الجمع بين الأختين تحريم مؤقت، وليس بدائم، ما دامت الأخت في العصمة، فأختها حرام عليه، وإذا ماتت الأخت أو طلقت، وخرجت من العدة، فإن أختها تحل له، وهذا كذلك المحصنات من النساء محرمات مؤقتاً ما دمن في عصمة الأزواج، فإذا مات عنهن أزواجهن أو طلقن، وخرجن من العدة، حللن لغيرهم، ويستثنى من ذلك ملك اليمين؛ ولذلك قال: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgوَالْمُحْصَنَات ُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[النساء:24]، فتكون حلالاً بعد أن تمضي حيضةً واحدةً عليها يتبين سلامة رحمها من أن يكون به ولد، فهذا هو تأويل قول الله عز وجل: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgوَالْمُحْصَنَات ُ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[النساء:24].
وكان سبب نزول الآية: أنهم تحرجوا من غشيانهن وهن ذوات أزواج، فنزلت الآية، يعني: أنهن يكن حلال لهم إذا انتهت العدة، والعدة هي حيضة واحدة في حق المسبية.

تراجم رجال إسناد حديث أبي سعيد الخدري في تأويل قوله تعالى: (والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم...)

قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى].وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود في القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا يزيد بن زريع].
يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سعيد].
هو ابن أبي عروبة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة]
هو ابن دعامة السدوسي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الخليل].
هو صالح بن أبي مريم أبي الخليل، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي علقمة الهاشمي].
هو أبو علقمة الفارس المصري مولى بني هاشم، وكان قاضي إفريقيا من كبار الثالثة، وهو تابعي، وهو ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي سعيد].
هو سعد بن مالك بن سنان، مشهور بكنيته، ونسبته، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

يتبع




ابوالوليد المسلم 07-08-2022 04:41 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
الشغار

شرح حديث: (أن رسول الله نهى عن الشغار)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الشغار. أخبرنا عبيد الله بن سعيد حدثنا يحيى عن عبيد الله أخبرني نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الشغار)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: باب الشغار، والشغار هو نكاح من الأنكحة المحرمة، وهو أن يزوج الرجل موليته على أن يزوجه الآخر موليته، يعني زواج بشرط زواج، لا يتم الزواج إلا بزواج، ومن العلماء من قال: أنه يكون مع عدم وجود الصداق، وأنه إذا وجد الصداق فإنه لا يكون شغاراً، لكن الأظهر أن التحريم مطلق، سواءً كان هناك صداق أو ليس هناك صداق، والسبب في هذا أن المرأة تزوج وقد تكون المصلحة للمزوج، وأن يراعي الإنسان مصلحته، وقد يكون هناك مهر، وقد يتساهل في أمر المهر؛ لأن المهر ليس مهماً، المهم هو التزويج.
والتفسير الذي جاء جاء عن بعض السلف، يعني أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته، وليس بينهما صداق، فالحديث جاء مطلق، والمحظور الذي منع منه ليس هو الخلو من الصداق، بل هو كون المرأة لا تزوج بكفئها بسبب الرغبة في مقابل هذا الزواج، وهو كون الإنسان يريد أن يتزوج امرأةً يريدها، فيزوج موليته من أجل مصلحته هو، لا من أجل مصلحتها هي، ولهذا لا يتم الزواج إلا بزواج، يعني فهذا يزوج، وهذا يزوج، لا بد من هذا، أما كون الإنسان يأتي ويخطب وله رغبة، ويقبل لأهليته، ولصلاحيته لها وكفاءته هذا قد يكون في هذا الباب ليس موجوداً، وإنما المعتبر في ذلك هو جلب المصلحة، ويترتب على ذلك إلحاق المضرة بتلك المولية التي زوجت، وقد تكون كارهة، وممتنعة، ولكنها تلزم بالزواج من أجل هذه المصلحة التي تعود على مزوجها، هذا هو الشغار.
وقيل له: شغار قيل: هو من الشغور وهو الخلو، ويقال: شغر الكلب إذا رفع إحدى رجليه يبول، قالوا: وكأنه لا يتم زواج هذه إلا بهذه، بأن لا ترفع رجل هذه إلا برفع رجل هذه، فيكون هذا مقابل هذا، وعلى هذا فأقول: بأن الشغار هو تزويج مشروط بتزويج، هذا هو الشغار، سواءً كان هناك صداق، أو ليس هناك صداق، لكن لو أن واحداً خطب، وأعطي، ثم خطب منه، وأعطاه، ولكن ليس فيه كلام على الاشتراط على أن لا زواج إلا بزواج، هذا رغب، وأعطي، وهذا رغب، وأعطي، وليس فيه شيء حول الاشتراط، والكل صالح، وأهل، فمثل هذا لا يقال: شغار، الشغار هو ما كان الزواج مشروطاً زواج بزواج، لا يزوج إلا إذا زوج، لا يزوج موليته إلا إذا زوجه ذلك الآخر موليته.
وقد أورد النسائي حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم، نهى عن الشغار).

تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله نهى عن الشغار)

قوله: [أخبرنا عبيد الله بن سعيد].هو عبيد الله بن سعيد السرخسي اليشكري، وهو ثقة، أخرج له البخاري، ومسلم، والنسائي.
[حدثنا يحيى].
هو القطان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبيد الله].
هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر العمري المصغر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني نافع].
نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر].
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث عمران بن حصين: (لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا حميد بن مسعدة حدثنا بشر حدثنا حميد عن الحسن عن عمران بن حصين رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: (لا جلب، ولا جنب، ولا شغار في الإسلام، ومن انتهب نهبةً فليس منا)].أورد النسائي حديث عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا جلب، ولا جنب، ولا شغار في الإسلام، ومن انتهب نهبةً فليس منا).
قوله: [(لا جلب ولا جنب)]، فسر الجلب بأنه يكون في الصدقة، والزكاة، ويكون في السباق، فهو في الصدقة بأن يكون المصدق الذي يبعث لأخذ الصدقات، يكون في جهة وفي مكان، ثم يرسل إلى أصحاب الأموال بأن يسوقوا أغنامهم، وإبلهم، وأبقارهم إليه ليزكيها، وهذا فيه ظلم لهم، وإلحاق الضرر بهم، كونهم ينتقلون بأغنامهم إلى جهته هو، إلى جهة المصدق، ويدفعون إليه الزكاة، يعني هذا منع منه، بل العامل يذهب إليهم على مياههم، وأماكنهم، حتى لا يلحق بهم ضرر في انتقالهم إليه، بل هو ينتقل إليهم لا ينتقلوا إليه، بل هو ينتقل إليهم، ويذهب إليهم، ويأخذ الزكاة منهم على مياههم وفي أماكنهم، وفسر الجلب في السباق بأن يصيح أو يكلف من يصيح على فرسه حتى تشتد في العدو.
والجنب في الزكاة يعني: مثل الجلب في الزكاة، إلا أنه يكون في جانب بعيد، ويطلب من أصحاب الأموال أن يذهبوا إليه، والجنب في السباق أن يكون هناك ناقة أخرى تسير مع ناقته، بحيث إذا تعب أو فترت ناقة التي ركب عليها ينتقل إلى الناقة الثانية، فكل هذا يدخل تحت كلمة: (لا جلب، ولا جنب).
قوله: [(ولا شغار)]، وهذا هو محل الشاهد، وهو الزواج المشروط بزواج، (لا شغار في الإسلام)، (ومن انتهب نهبة)، أخذ مالاً أو اختلسه، (فليس منا)، وهذا فيه تحذير، ووعيد شديد، وأنه ليس على طريقتنا، وليس على منهجنا الذي هو الإبقاء على الحقوق لأصحابها، وعدم التعرض لها بأخذ أو تضييع، فليس هذا من هدي الإسلام، وليس هذا من طريقة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، فهو يدل على أن فيه وعيداً شديداً في حق من انتهب النهبة، أي: أخذ المال الذي لا يستحقه على سبيل الاختلاس، أو غيره، أو نحو ذلك.

تراجم رجال إسناد حديث عمران بن حصين: (لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام...)


قوله: [حدثنا حميد بن مسعدة].حميد بن مسعدة، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن بشر].
هو بشر بن المفضل، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حميد].
هو حميد بن أبي حميد الطويل، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الحسن].
هو الحسن بن أبي الحسن البصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمران بن حصين].
هو عمران بن حصين أبو نجيد صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

حديث أنس: (لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام) وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا علي بن محمد بن علي حدثنا محمد بن كثير عن الفزاري عن حميد عن أنس رضي الله عنه، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا جلب، ولا جنب، ولا شغار في الإسلام)، قال أبو عبد الرحمن: هذا خطأ فاحش، والصواب حديث بشر].أورد النسائي حديث أنس رضي الله تعالى عنه، وهو مثل الذي قبله فيما يتعلق بالأمور الثلاثة التي هي: (لا جلب، ولا جنب، ولا شغار في الإسلام)، والحديث الذي قبله، وفيه النهبة إضافة إليه، فهو مثل ما تقدم قبله.
قوله: [أخبرنا علي بن محمد بن علي].
هو علي بن محمد بن علي المصيصي، وهو ثقة، أخرج له النسائي وحده.
[حدثنا محمد بن كثير].
هو المصيصي، وهو صدوق، كثير الغلط، أخرج حديثه أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن الفزاري].
هو إبراهيم بن محمد أبو إسحاق الفزاري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حميد عن أنس].
وقد مر ذكرهما.
قال أبو عبد الرحمن: [هذا خطأ فاحش، والصواب حديث بشر].
يعني إن حديث بشر الذي تقدم، وهو عن عمران بن حصين أن هذا هو الصواب.


تفسير الشغار

شرح حديث ابن عمر في تفسير الشغار


قال المصنف رحمه الله تعالى: [تفسير الشغار.أخبرنا هارون بن عبد الله حدثنا معن حدثنا مالك عن نافع، (ح)، والحارث بن مسكين قراءةً عليه وأنا أسمع عن ابن القاسم قال مالك: حدثني نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الشغار. والشغار أن يزوج الرجل الرجل ابنته على أن يزوجه ابنته وليس بينهما صداق)].
أورد النسائي تفسير الشغار، يعني ذكر ما جاء في تفسيره عن بعض السلف، وقد أورد فيه حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الشغار، ثم قال: والشغار: أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوج الآخر ابنته ولا صداق بينهما)، فمعناه: أن فيه شرط التزويج وليس فيه مهر، يعني مشتمل على شيئين: أن يكون هناك اشتراط تزويج، وألا مهر بينهما، ولا صداق بينهما، وهذا اللفظ مدرج، وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، الذي هو تفسير الشغار، وإنما هو من كلام نافع، يعني: هو مدرج من كلام نافع يفسر فيه الشغار، وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
والمدرج هو: أن يذكر مع الحديث شيء ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، دون أن يكون هناك شيء يميز أنه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، أما لو جاء تمييزاً، وأنه قال فلان كذا، اتضح الأمر أنه لا إدراج، وإنما الإدراج يكون فيما إذا ضم كلام غير الرسول صلى الله عليه وسلم إلى كلام الرسول، وأوهم أنه كله كلام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، هذا هو المدرج، وأما إذا نص على صاحب الكلام الذي هو ليس كلام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فإنه لا إدراج، وهنا اللفظ مدرج؛ لأنه قال: (نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الشغار)، والشغار كذا وكذا، يعني كأن الرسول صلى الله عليه وسلم، هو الذي فسر الشغار، لكن هذا التفسير ليس للنبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو لـنافع أحد رواة الحديث.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر في تفسير الشغار

قوله: [أخبرنا هارون بن عبد الله].هو هارون بن عبد الله الحمال البغدادي، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا معن].
هو معن بن عيسى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا مالك].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة
[ونافع عن ابن عمر].
وقد مر ذكرهما.
[(ح) والحارث بن مسكين قراءةً].
قال: (ح) الحارث بن مسكين شيخ النسائي، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن ابن القاسم].
هو عبد الرحمن بن القاسم صاحب الإمام مالك، وحديثه أخرجه البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي.
[عن مالك حدثني نافع عن ابن عمر].
قد مر ذكرهم.

شرح حديث أبي هريرة في تفسير الشغار


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن إبراهيم وعبد الرحمن بن محمد بن سلام قالا: حدثنا إسحاق الأزرق عن عبيد الله عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، عن الشغار)، قال عبيد الله: والشغار كان الرجل يزوج ابنته على أن يزوجه أخته].أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم، نهى عن الشغار)، قال عبيد الله -يعني أحد رواة الحديث-: والشغار: أن يزوج الرجل أخته على أن يزوجه الآخر ابنته، وما ذكر الصداق فيما بينهما، يعني معناه: أن مجرد الاشتراط، وأن يكون التزويج مشروط بتزويج، هذا هو الشغار، وهذا هو الأوضح، والأظهر في تفسير الشغار؛ لأنه كما عرفنا يمكن أن يوجد الصداق، ولكن لا يلاحظ مصلحة المولية، وإنما يلاحظ الإنسان الذي هو الولي مصلحته بأن يشترط أن يزوج موليته على أنه يتزوج في مقابل هذه التي هو وليها، فيكون زواجه ما جاء رغبة، وإنما جاء رغبة فيمن يريد أن يزوجها، فتكون تلك المرأة التي زوج إياها، والتي قد لا يكون كفؤاً لها، لكن بسبب الحصول على موليته قد يتغاضى ويتنازل ويزوج، هذا فيما إذا كان بعض الناس ينظر إلى مصلحته ولا ينظر إلى مصلحة غيره.

تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة في تفسير الشغار


قوله: [أخبرنا محمد بن إبراهيم].محمد بن إبراهيم، هنا قال: محمد بن إبراهيم، ومن شيوخ النسائي: محمد بن إبراهيم بن صدران، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والترمذي، والنسائي، لكن الذي في تحفة الأشراف محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الذي هو ابن علية، المشهور أبوه ابن علية، فيكون منسوباً إلى جده، وهذا خلاف ما يفعله النسائي في نسبة محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، فإنه يذكر أباه، ويذكر جده، وقد يذكر اسمه، واسم أبيه فقط، فيقول: محمد بن إسماعيل، أي: ابن علية، وهنا قال: محمد بن إبراهيم، وفي تحفة الأشراف قال: محمد بن إسماعيل بن إبراهيم.
فقد يكون هنا سقط والتصويب من التحفة، والذي يبدو أنه هو هذا، لكن أنا أقول: محمد بن إبراهيم من شيوخ النسائي بهذا الاسم الذي هي الاسم والنسبة محمد بن إبراهيم بن صدران، وفي تحفة الأشراف: محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، فيمكن أن يكون فيه سقط الاسم اسم الأب، أو أنه نسب إلى جده، وهذا خلاف ما هو معروف عن النسائي، فيحتمل أن يكون هناك سقوط، والمزي في تحفة الأشراف قال: محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، وعلى هذا فالذي يظهر أنه مثل ما قال المزي في تحفة الأشراف أنه محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده. وأما ذاك الذي هو: محمد بن إبراهيم بن صدران، وهو صدوق، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي، لكن هو هذا كما نص عليه المزي في تحفة الأشراف الذي هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم المشهور أبوه بـابن علية، وإسماعيل بن إبراهيم مر بنا ذكره قريباً، لعله في أول حديث الشهادة في النكاح، فذاك أبوه إسماعيل بن إبراهيم بن علية، وهذا ابنه.
[وعبد الرحمن بن محمد بن سلام].
وهو: لا بأس به، وهو بمعنى صدوق، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[حدثنا إسحاق الأزرق].
هو إسحاق بن يوسف الأزرق، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبيد الله].
هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر العمري المصغر، وقد مر ذكره، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الزناد].
هو عبد الله بن ذكوان المدني، وأبو الزناد لقب على صيغة الكنية، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأعرج].
هو عبد الرحمن بن هرمز المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، والأعرج لقب.
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.


التزويج على سورٍ من القرآن

شرح حديث: (... ملكتكها بما معك من القرآن)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب التزويج على سور من القرآن. أخبرنا قتيبة حدثنا يعقوب عن أبي حازم عن سهل بن سعد رضي الله عنهما: (أن امرأةً جاءت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقالت: يا رسول الله، جئت لأهب نفسي لك، فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فصعد النظر إليها وصوبه، ثم طأطأ رأسه، فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئاً جلست، فقام رجل من أصحابه فقال: أي رسول الله، إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها، قال: هل عندك من شيء؟ فقال: لا، والله ما وجدت شيئاً، فقال: انظر ولو خاتماً من حديد، فذهب ثم رجع فقال: لا والله يا رسول الله، ولا خاتماً من حديد، ولكن هذا إزاري، قال سهل: ماله رداء، فلها نصفه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما تصنع بإزارك إن لبسته لم يكن عليها منه شيء، وإن لبسته لم يكن عليك منه شيء، فجلس الرجل حتى طال مجلسه، ثم قام فرآه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مولياً، فأمر به فدعي، فلما جاء قال: ماذا معك من القرآن؟ قال: معي سورة كذا، وسورة كذا، عددها، فقال: هل تقرؤهن عن ظهر قلب؟ قال: نعم، قال: ملكتكها بما معك من القرآن)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: التزويج على سور من القرآن، يعني: على تعليم سور من القرآن تكون مهراً لتلك المرأة التي ما استطاع أن يحصل مالاً، وهذا فيه دليل على أنه يجوز مثل ذلك إذا عدم المهر؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام أمره بأن يبحث عن مال، ولم يجد، وطلب منه أن يلتمس ولو خاتماً من حديد فلم يجد، ثم إنه لما ذهب مولياً دعاه وسأله: ماذا يحفظ من القرآن فأخبره عن سور يحفظها، وقال: إني أحفظها عن ظهر قلب، وقال: (ملكتكها بما معك من القرآن)، يعني: على أن يعلمها، وأن ينفعها بهذا الذي عنده بأن يعلمها إياه، فتكون تلك المنفعة هي التي حصل عليها التزويج، وهي بمنزلة المهر، فلما لم يجد المال يعني يكون مهراً انتقل إلى المنفعة التي تكون مهراً، وهي كونه يجلس لها، ويعلمها هذه السور التي زوجه الرسول صلى الله عليه وسلم، هذه المرأة على ما معه من القرآن، يعني على أن يعلمها إياه، فتكون تلك المنفعة قامت مقام المهر الذي لم يستطع الحصول حتى ولا على خاتم من حديد، وهو يدل على ما كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، من قلة ذات اليد، وأن الواحد منهم لا يكون عنده إلا إزار يواري عورته.
وفي هذا الحديث أنه قال: (هذا إزاري)، يعني: لها نصفه، يعني يملكها نصفه، قال: (وماذا تصنع به؟)؛ لأنه إن استفاد منه ما استفاد منه غيره، وإن استفاد منه غيره ما استفاد منه؛ ولهذا قال: ليس معه رداء مجرد إزار، يعني شيء توارى به العورة، وهو يدل على ما كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، من قلة ذات اليد، وهم خير الناس، وأفضل الناس رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، ويدل على التزويج بمثل هذا المهر الذي هو المنفعة التي قامت مقام المال، حيث لم يجد المال، ولا الشيء اليسير التافه من المال الذي هو خاتماً من حديد.
فهذه المرأة جاءت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقالت: جئت أهب نفسي لك، وهذا يدل على ما كان عليه بعض الصحابيات من الحرص على القرب من الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن الواحدة تأتي، وتهب نفسها؛ لأنها تريد أن تظفر بهذا الشرف، وبهذا الفضل الذي هو كونها تكون في عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم، الذي هو خير الناس عليه الصلاة والسلام، ولتكون من أمهات المؤمنين اللاتي لهن منزلة، ولهن اتصال بالرسول صلى الله عليه وسلم يمكنهن من تلقي السنن، ونقلها إلى الناس، والرسول صلى الله عليه وسلم لما عرضت عليه نفسها.
قوله: (صعد النظر إليها وصوبه).
أي: نظر إليها من فوق حتى نظر إلى أعلاها، وإلى أسفلها، يعني: رآها بأكملها، صعد حتى يرى أعلاها، وصوبه حتى يرى رجليها، ثم إنه سكت ولم يجبها بشيء، وكأنه صلى الله عليه وسلم ما له رغبة فيها، ومن أجل ذلك ما ردها، ولكنه سكت، فقام رجل من الحاضرين، وتكلم بأدب وقال: إن لم تكن لك حاجة فيها يا رسول الله زوجنيها، إن لم تكن لك حاجة، هكذا قدم بهذا التقديم: إن لم تكن لك حاجة فزوجنيها، وكأنه فهم أنه لا حاجة له فيها، ومن أجل ذلك سكت، فالرسول صلى الله عليه وسلم، طلب منه هل يجد مالاً؟ فقال: لا، قال: ابحث ولو خاتماً من حديد، فقال: ولا خاتماً من حديد، ثم جلس وأطال المجلس، ثم انصرف هذا الرجل، ولما ولى دعاه النبي صلى الله عليه وسلم، وسأله عما يحفظ من سور القرآن؟ فأخبره بأنه يحفظ سورة كذا وكذا، فقال: (عن ظهر قلب، ثم قال: ملكتكها بما معك من القرآن)، يعني: على أن يعلمها، وليس معنى ذلك أنه زوجها إياه لكونه حامل للقرآن، ولكونه عنده شيء من القرآن، فإن هذا لا منفعة للمرأة فيه، وإنما المنفعة لها أن تعلم القرآن، وأن تحصل هذه المنفعة، فزوجه الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك، وهذا هو محل الشاهد التزويج على سور من القرآن.

تراجم رجال إسناد حديث: (... ملكتكها بما معك من القرآن)


قوله: [أخبرنا قتيبة].هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يعقوب].
هو يعقوب بن عبد الرحمن القاري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن أبي حازم].
هو سلمة بن دينار، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سهل بن سعد].
هو سهل بن سعد الساعدي رضي الله تعالى عنه، وكنيته أبو العباس، ويقال: إنه ليس في الصحابة من يكنى أبي العباس إلا هو وعبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما، وكل واحد منهما كنيته أبو العباس.

ابوالوليد المسلم 07-08-2022 04:44 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب النكاح

(438)

- (باب التزويج على الإسلام) إلى (باب القسط في الأصدقة)




الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه، وممن استحضر هذا المعنى في نفسه أم سليم عندما تقدم لها أبو طلحة، حيث قالت له: إنك كافر وإني مسلمة ولا يصلح أن يتزوج كافر بمسلمة، فأسلم فزوجت به. ويجوز تزوج الجارية بعد إعتاقها، ومن فعل ذلك فله أجران، وقد أمر الله تعالى الناس بالقسط في اليتامى، فلا ينقصها عن مهر مثيلاتها، بل يعطيها كما يعطي مثلها. وينبغي للناس أن لا يغالوا في المهور؛ تحقيقاً للمصالح، ودفعاً للمضار، وتأسياً بالنبي القدوة صلى الله عليه وسلم.
التزويج على الإسلام

شرح حديث أنس في زواج أبي طلحة بأم سليم على الإسلام


قال المصنف رحمه الله تعالى: [التزويج على الإسلام.أخبرنا قتيبة حدثنا محمد بن موسى عن عبد الله بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (تزوج أبو طلحة أم سليم رضي الله عنهما، فكان صداق ما بينهما الإسلام، أسلمت أم سليم قبل أبي طلحة فخطبها، فقالت: إني قد أسلمت، فإن أسلمت نكحتك، فأسلم فكان صداق ما بينهما)].
يقول النسائي رحمه الله: التزويج على الإسلام، المقصود من هذه الترجمة: أن الإسلام وهو أعظم النعم التي أنعم الله تعالى بها على المسلمين، فقد حصل التزويج عليه من بعض الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
وقد أورد النسائي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، وهو ابن أم سليم زوجة أبي طلحة التي حصل زواجها على الإسلام، [وأنها أسلمت قبل أبي طلحة، فخطبها] وهو كافر، فطلبت منه أن يسلم وأن يتزوجها، قال: [فكان صداق ما بينهما]، أي: الإسلام، هو صداق ما بينهما.
ومن العلماء من قال: إن هذا هو السبب الذي دفع إلى الزواج، وأنه لا يعني: أنه لا يدفع لها شيئاً، لكن هذا الباعث، وهذا هو الذي جعلها ترغبه في الإسلام من أجل أن يحصل الزواج بها، فكان سبباً مباركاً لـأبي طلحة رضي الله عنه، أن دخل في الإسلام، وتزوج بـأم سليم أم أنس بن مالك رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين.
ومن المعلوم أن الإسلام نعمة عظيمة لمن أسلم، وأم سليم رضي الله تعالى عنها، ما حصل لها شيء يخصها، أو شيء تتموله من كونه أسلم، اللهم إلا كونها تسببت في إسلامه ورغبته في الإسلام، ودخل في الإسلام وتزوجها، وكان كفئاً لها؛ لأنهما صارا مسلمين، وقال أنس: (فكان صداق ما بينهما الإسلام).

تراجم رجال إسناد حديث أنس في زواج أبي طلحة بأم سليم على الإسلام

قوله: [أخبرنا قتيبة].هو: قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا محمد بن موسى].
وهو محمد بن موسى الفطري، وهو صدوق، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عبد الله بن عبد الله بن أبي طلحة].
هو: عبد الله بن عبد الله بن أبي طلحة، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، والنسائي.
[عن أنس].
هو: أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، وهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، وقد تشرف بخدمة النبي صلى الله عليه وسلم عشرة سنوات منذ قدم المدينة إلى أن توفاه الله عز وجل وهو يخدمه، وكان لهذه الملازمة الأثر الكبير في حفظ الكثير من السنن، وتحمل الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فكان من أكثر الصحابة حديثاً رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
ثم أيضاً من أسباب ذلك كونه عُمِّر وطالت حياته، ومن المعلوم أن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يتحملون ما يتحملون من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتحمل بعضهم من بعض ما يكون عند الآخرين، وما كان من هذا القبيل فهو من قبيل مراسيل الصحابة، ومراسيل الصحابة كلها حجة؛ لأنهم إنما يأخذون عن الصحابة، والصحابة كلهم عدول بتعديل الله عز وجل، وتعديل رسوله صلى الله عليه وسلم.

حديث أنس في زواج أبي طلحة بأم سليم على الإسلام من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن النضر بن مساور أخبرنا جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (خطب أبو طلحة أم سليم رضي الله عنهما، فقالت: والله ما مثلك يا أبا طلحة يرد، ولكنك رجلٌ كافر، وأنا امرأة مسلمة، ولا يحل لي أن أتزوجك، فإن تسلم فذاك مهري ولا أسألك غيره، فأسلم فكان ذلك مهرها، قال ثابت: فما سمعت بامرأةٍ قط كانت أكرم مهراً من أم سليم الإسلام، فدخل بها فولدت له)].أورد النسائي حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله.
قوله: [أخبرنا محمد بن النضر بن مساور].
هو: محمد بن النضر بن مساور، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[أخبرنا جعفر بن سليمان].
صدوق يتشيع، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن ثابت].
هو ثابت بن أسلم البناني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس].
وقد مر ذكره.
وهذان الحديثان من رباعيات النسائي؛ لأنها من أعلى ما يكون عند النسائي؛ لأن الإسناد الأول فيه أربعة بين النسائي وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم: قتيبة، ومحمد بن موسى الفطري، وعبد الله بن عبد الله بن أبي طلحة، وأنس بن مالك، وهذا الإسناد فيه محمد بن النضر بن مساور عن جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس، فهؤلاء أربعة، والذي في الإسناد الذي قبله أربعة، وهما من أعلى الأسانيد عند النسائي. إذاً أعلى ما عنده الرباعيات، وليس عنده شيء من الثلاثيات، ومثله من أصحاب الكتب الإمام مسلم، فأعلى ما عنده الرباعيات، وكذلك أبو داود أعلى ما عنده الرباعيات، أما البخاري فعنده اثنان وعشرون حديثاً ثلاثياً، والترمذي عنده حديث واحد ثلاثي، وابن ماجه عنده خمسة أحاديث ثلاثية، وكلها بإسناد واحد، وذلك الإسناد ضعيف.


التزويج على العتق


شرح حديث أنس في عتق النبي لصفية وجعله مهراً لها


قال المصنف رحمه الله تعالى: [التزويج على العتق. أخبرنا قتيبة حدثنا أبو عوانة عن قتادة وعبد العزيز يعني ابن صهيب عن أنس بن مالك رضي الله عنه، (ح)، وأخبرنا قتيبة حدثنا حماد عن ثابت وشعيب عن أنس رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعتق صفية رضي الله عنها وجعله صداقها)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: التزويج على العتق، يعني: أن يكون عتقه لأمته صداقاً لها، بأن يعتقها، ويتزوجها، ومهرها هو المنة عليها بالحرية، والخروج من الرق، ومن المعلوم أنها ما دامت الأمة مملوكةً فهي مال، ويمكن أن يبيعها، ويأخذ ثمنها، ويمكن أن يكاتبها، وتعمل حتى تأتي له بالمقدار الذي كاتبها عليه، فإذا لم يطلب منها مثل هذا المال، ولم يبعها ويأخذ ذلك المال في مقابل عينها، فإذا أراد أن يعتقها، ويجعل ذلك العتق صداقاً لها، فهذا هو المقصود بالتزويج على العتق، أي: أن يكون العتق صداقاً.
وقد أورد النسائي حديث أنس رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج صفية وجعل عتقها صداقها)، فدل هذا على أن العتق يكون صداقاً للأمة لمن أراد أن يتزوجها؛ لأنها بهذا خرجت من كونها أمةً ليس لها حق في القسم، إلى كونها حرةً، وواحدةً من الزوجات، ولها حق في القسم، فتغيرت حالها من الرق إلى الحرية، ومن كونها لا قسم لها إلى كونها زوجةً يقسم لها، ولها حقوق الزوجات، ومن المعلوم أن الأمة لها قيمة، وهي تباع، وتشترى وتكاتب، فبدلاً من أن يعمل هذه الأمور، ويتحصل على المال ببيعها، وينتهي ذلك بظفره بمال، جعل هذا الذي سيأخذه لو أراد أن يأخذه، جعل ذلك عتقاً لها، وجعل ذلك العتق صداقاً لها، هذا هو الذي جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن العلماء من قال: إن هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، كونه يعتق، ويتزوج، والمهر هو العتق، ومنهم من يقول: إنه ليس بخاص به عليه الصلاة والسلام؛ لأن هذه نعمة، وتلك النعمة نعمة الحرية، وكان بيعها، ويمكن أن يكون بالمال، ويمكن أن تكاتب على نفسها، وتجمع المال ثم تأتي به، وتحصل الحرية بذلك، فيكون مثل هذا صداقاً، ولا يكون خاصاً بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم، بل من أعتق أمته، وتزوجها وجعل عتقها صداقها، فله قدوة برسول الله عليه الصلاة والسلام.

تراجم رجال إسناد حديث أنس في عتق النبي لصفية وجعله مهراً لها

قوله: [أخبرنا قتيبة].قتيبة، قد مر ذكره.
[حدثنا أبو عوانة].
هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. ومشهور بكنيته أبو عوانة، وهو متقدم؛ لأنه في طبقة شيوخ، وشيوخ أصحاب الكتب الستة، ومثله ممن اشتهر بهذه الكنية أبو عوانة الإسفراييني الذي له المستخرج على صحيح مسلم، فهو أيضاً مشهور بهذه الكنية وهي أبو عوانة.
[عن قتادة].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وعبد العزيز يعني ابن صهيب].
وعبد العزيز يعني: ابن صهيب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وكلمة (يعني ابن صهيب) يعني هذه الكلمة الذي قالها من دون التلميذ، وهو أبو عوانة قالها: إما قتيبة، أو النسائي، أو من دون النسائي.
وإذاً فكلمة يعني: هذه فعل مضارع فاعله ضمير مستتر يرجع إلى أبي عوانة الذي هو التلميذ، والذي قال كلمة يعني هو من دون أبي عوانة. فإذاً كلمة يعني لها قائل ولها فاعل، فقائلها من دون تلميذ عبد العزيز بن صهيب وهو أبو عوانة، وأما الضمير المستتر الذي هو فاعل يعني فهو يرجع إلى أبي عوانة.
[عن أنس].
رضي الله تعالى عنه، وهذا رباعي أيضاً، وذكر عبد العزيز وقتادة، لا يعني: أنهما في الإسناد يروي بعضهم عن بعض، بل هما في طبقة واحدة، فالحديث رباعي؛ لأن أبا عوانة يروي عن شيخين هما: قتادة، وعبد العزيز بن صهيب، إذاً هو رباعي، وكون فيه شيخان لـأبي عوانة لا يعني أن يكون خماسياً؛ لأن الاثنين في طبقة واحدة، وهما بمثابة الراوي الواحد، ليس بعضهم يروي عن بعض. إذاً الحديث رباعي مثل الحديثين الذي قبله.
[قال: (ح)، وأخبرنا قتيبة].
ثم قال: (ح)، وهذه (ح) تحويل من إسناد إلى إسناد. قتيبة مر ذكره.
[حدثنا حماد].
هو حماد بن زيد، إذا جاء حماد غير منسوب يروي عنه قتيبة فالمراد به: حماد بن زيد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ثابت].
وقد مر ذكره.
[وشعيب].
هو شعيب بن الحبحاب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن أنس].
وهذا مثل الإسناد الذي قبله، الإسناد الذي قبله خمسة، ولكن اثنين في طبقة، وهذا مثله خمسة، ولكن اثنين في طبقة، بمعنى: أن الحديث رباعي بالإسنادين الأول والثاني، الذي قبل (ح) التحويل، والذي بعد (ح) التحويل هو رباعي.

حديث أنس في عتق النبي لصفية وجعله مهراً لها من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن رافع حدثنا يحيى بن آدم حدثنا سفيان، (ح) وأخبرنا عمرو بن منصور حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن يونس عن ابن الحبحاب عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (أعتق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صفية وجعل عتقها مهرها)، واللفظ لـمحمد].أورد النسائي حديث أنس من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم، (أعتق النبي صلى الله عليه وسلم صفية بنت حيي وجعل عتقها صداقها)، (أعتقها وجعل عتقها صداقها).
قوله: [أخبرنا محمد بن رافع].
محمد بن رافع هو: النيسابوري القشيري، وهو مثل الإمام مسلم رحمة الله عليهما في النسبة إلى البلد، والنسبة إلى القبيلة، فهو قشيري قبيلةً كما أن مسلم قشيري قبيلةً، وكذلك هو نيسابوري، ومسلم نيسابوري، وقد أكثر عنه من الرواية، وإنما هو من هذه القبيلة أصلاً، يعبروا عنه فيقولون: من أنفسهم، وإذا كان ليس من القبيلة، بل هو مولى قالوا: مولاهم، مثل ما قالوا في البخاري: الجعفي مولاهم، فهو منسوب إلى الجعفيين ولاءً، وأما مسلم منسوب إلى القشيريين أصالةً، ونسباً، فهو منهم أصلاً، ومحمد بن رافع هذا هو الذي روى عنه الإمام مسلم الأحاديث التي انتقاها من صحيفة همام بن منبه، فإنها كلها بإسناده عن شيخه محمد بن رافع، عن عبد الرزاق بن همام، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، كلها بإسناد واحد، وشيخه فيها كلها محمد بن رافع النيسابوري القشيري، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[حدثنا يحيى بن آدم].
هو يحيى بن آدم الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وقد وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[(ح) وأخبرنا عمرو بن منصور].
ثم أتى بـ (ح) التحويل فقال: أخبرنا عمرو بن منصور، وهو النسائي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا أبو نعيم].
هو الفضل بن دكين الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان].
هو سفيان الثوري، وهو ثقة، ثبت، أمير المؤمنين في الحديث، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن يونس].
هو يونس بن عبيد العبدي ثم المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن الحبحاب].
وهو الذي مر ذكره.
[شعيب].
مر في الإسناد الأول الذي قبل هذا شعيب، وهنا قال: ابن الحبحاب ولم يذكر اسمه، وقد مر ذكره، وأنه أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن أنس].
هو أنس بن مالك، وقد مر ذكره.


عتق الرجل جاريته ثم يتزوجها

شرح حديث أبي موسى في عتق الرجل جاريته ثم يتزوجها


قال المصنف رحمه الله تعالى: [عتق الرجل جاريته ثم يتزوجها. أخبرنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا ابن أبي زائدة حدثني صالح بن صالح عن عامر عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبي موسى رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ثلاثةٌ يؤتون أجرهم مرتين: رجل كانت له أمة فأدبها فأحسن أدبها، وعلمها فأحسن تعليمها، ثم أعتقها وتزوجها، وعبدٌ يؤدي حق الله، وحق مواليه، ومؤمن أهل الكتاب)].
أورد النسائي عتق الرجل جاريته ثم يتزوجها، يعني: كونه يحصل منه العتق، ثم يحصل منه التزوج بها، يعني: أنه يحسن إليها بعتقها، ويحسن إليها بأن يتزوجها، في هذه الترجمة يخطبها، وتقبله ويتزوجها، أما الترجمة التي قبلها، فإن العتق هو الصداق، ويتزوجها بناءً على ذلك، وأما هذا يعتقها ثم يتزوجها، يعني: ويدفع لها مهراً غير العتق، فيكون جمع لها بين الإحسانين: إحساناً في كونه أعتقها، وإحساناً في كونه تزوجها.
وقد أورد النسائي حديث أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ثلاث يؤتون أجرهم مرتين: رجل كان له أمة فأدبها وأحسن تأديبها، ثم أعتقها وتزوجها)، يعني: فجمع لها بين أمور ثلاثة: بين كونه أدبها وأحسن تأديبها، وعلمها وأحسن تعليمها، وكانت في ملكه وولايته، ثم أعتقها، وهذا إحسان آخر، ثم تزوجها، وهذا إحسان ثالث، فثلاثة يؤتون أجرهم مرتين، أحدهم هذا الذي له أمة، وهذا هو محل الشاهد من إيراد الحديث، هذه الصنف الأول من الناس هو الذي ينطبق عليه الحديث.
قوله: [(وعبدٌ يؤدي حق الله وحق مواليه)].
فهو يؤتي أجره مرتين؛ لكونه يحصل منه أداء حق الله فيؤجر على ذلك، ويؤدي حق مواليه فيؤجر على ذلك، فيكون له الأجر مرتين.
(ومؤمنٌ أهل الكتاب)، الذي آمن بنبيه الذي أرسل إليه، ثم دخل في الإسلام، وآمن بمحمد عليه الصلاة والسلام، فيكون قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم على دين، ومؤمن بنبي، وبعد أن بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم آمن به، ودخل في دينه، فيكون بذلك يؤتى أجره مرتين.

تراجم رجال إسناد حديث أبي موسى في عتق الرجل جاريته ثم يتزوجها

قوله: [أخبرنا يعقوب بن إبراهيم].هو يعقوب بن إبراهيم الدورقي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرةً وبدون واسطة.
[حدثنا ابن أبي زائدة].
هو يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثني صالح بن صالح].
هو صالح بن صالح بن حي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عامر].
هو عامر بن شراحيل الشعبي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي بردة بن أبي موسى].
هو أبو بردة بن أبي موسى الأشعري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي موسى].
هو عبد الله بن قيس رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

يتبع



ابوالوليد المسلم 07-08-2022 04:45 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح حديث: (من أعتق جاريته ثم تزوجها فله أجران)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا هناد بن السري عن أبي زبيد عبثر بن القاسم عن مطرف عن عامر عن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من أعتق جاريته ثم تزوجها فله أجران)].أورد النسائي حديث أبي موسى رضي الله عنه، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: (من أعتق جاريته ثم تزوجها فله أجران)، يعني: أجر على العتق، وأجر على التزوج الذي هو إحسان إليها، فجمع لها بين أن أعتقها وأن تزوجها، فكان في ذلك هذان العملان، ويؤجر عليهما أجرين.

تراجم رجال إسناد حديث: (من أعتق جاريته ثم تزوجها فله أجران)


قوله: [أخبرنا هناد بن السري].هو أبو السري الكوفي، وهو ثقة، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي زبيد عبثر بن القاسم].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مطرف].
هو مطرف بن طريف، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عامر عن أبي بردة عن أبي موسى].
وقد مر ذكر هؤلاء الثلاثة.


القسط في الأصدقة

شرح حديث عروة بن الزبير في القسط في الأصدقة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [القسط في الأصدقة.أخبرنا يونس بن عبد الأعلى، وسليمان بن داود عن ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب أخبرني عروة بن الزبير: (أنه سأل عائشة رضي الله عنها عن قول الله عز وجل: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/06/61.jpgوَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ https://majles.alukah.net/imgcache/2022/06/62.jpg[النساء:3]؟ قالت: يا بن أختي هي اليتيمة تكون في حجر وليها فتشاركه في ماله، فيعجبه مالها وجمالها، فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن، ويبلغوا بهن أعلى سنتهن من الصداق، فأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن، قال عروة: قالت عائشة رضي الله عنها: ثم إن الناس استفتوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد فيهن، فأنزل الله عز وجل: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/06/61.jpgوَيَسْتَفْتُونَ كَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ https://majles.alukah.net/imgcache/2022/06/62.jpg[النساء:127]، إلى قوله: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/06/61.jpgوَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ https://majles.alukah.net/imgcache/2022/06/62.jpg[النساء:127]، قالت عائشة: والذي ذكر الله تعالى أنه يتلى في الكتاب الآية الأولى التي فيها: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/06/61.jpgوَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ https://majles.alukah.net/imgcache/2022/06/62.jpg[النساء:3]، قالت عائشة: وقول الله في الآية الأخرى: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/06/61.jpgوَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ https://majles.alukah.net/imgcache/2022/06/62.jpg[النساء:127]، رغبة أحدكم عن يتيمته التي تكون في حجره حين تكون قليلة المال والجمال، فنهوا أن ينكحوا ما رغبوا في مالها من يتامى النساء إلا بالقسط من أجل رغبتهم عنهن)].
ثم أورد النسائي ترجمة القسط في الأصدقة، الأصدقة المراد بها: جمع صداق، والقسط فيها، يعني: الذي أورده النسائي تحت هذه الترجمة، كون الإنسان الذي يكون ولياً لليتيمة، ويريد أن يتزوجها، لا ينقصها عن مهر مثيلاتها، بل يعطيها كما يعطى مثلها، ولا يكون بسبب ولايته عليها يهضمها حقها، وينقصها، ولا يبلغ بها صداق مثيلاتها ونظائرها.
وأيضاً أورد بها تحت هذه الترجمة الاعتدال، والتوسط، وعدم المغالاة في المهور، وعدم الزيادة فيها، بحيث يكون ذلك عائقاً عن الزواج الذي يترتب عليه المضرة للطرفين الذكور والإناث بسبب المغالاة، فالذكور الأزواج لا يتمكنون من إحضار المال الذي تريده النساء، والنساء يبقين بسبب ذلك بدون أزواج، فيحصل لهن مضرة بأن تفوت أو تمضي عليهن السنين دون أن يحصل أولياؤهن ما يريدون من الصداق لهن، وكذلك أيضاً يحصل لمريدي الزواج من الرجال، عدم التمكن من ذلك بسبب ذلك أو تلك المغالاة، وكونهم لا يستطيعون أن يأتوا بالشيء الذي يريده أولياء تلك المرأة التي يراد الزواج منها، هذا هو المراد بالقسط في الأصدقة.
وقد أورد النسائي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، في سبب نزول قول الله عز وجل: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/06/61.jpgوَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ https://majles.alukah.net/imgcache/2022/06/62.jpg[النساء:3]، وبينت رضي الله تعالى عنها، أن سبب نزولها عندما سألها عروة بن الزبير عن ذلك؟ قالت: إنها اليتيمة تكون في حجر الرجل، وهو ولي لها، يريد أن يتزوجها فلا يعطيها ما تستحقه مثيلاتها من الصداق بسبب ولايته عليها، فأمروا أن يقسطوا لهن، وأن يعطوهن ما يستحققنه من المهر، يعني: مثل مثيلاتهن، وأنهم إذا لم يفعلوا ذلك الذي هو إعطاؤهن ما يستحققن له من المهر، فالمجال مفتوح أمامهم يتزوجون من النساء ما شاءوا سواهن مثنى، وثلاث، ورباع، فهذا هو سبب نزول الآية، أي: أنهم إذا لم يقسطوا لهن في المهور والأصدقة، فيمكنهم أن يتزوجوا ما شاءوا من النساء سواهن مثنى، وثلاث، ورباع، وإن تزوجوهن فعليهم أن يقسطوا لهن.
ثم إن الناس استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت الآية: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/06/61.jpgوَيَسْتَفْتُونَ كَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ https://majles.alukah.net/imgcache/2022/06/62.jpg[النساء:127]، وأحيل على الآية السابقة المتقدمة، وفي قوله: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/06/61.jpgوَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ https://majles.alukah.net/imgcache/2022/06/62.jpg[النساء:127]، محتمل بأن تكون الرغبة فيهن، والرغبة عنهن، وكانوا إذا كانت الواحدة ليست بذات مال، وليست بذات جمال رغب عنها، ولا يريدها، وإذا كانت ذات جمال ومال رغب فيها، فهو محتمل للرغبة والرهبة، للرغبة فيها والرغبة عنها، يرغب فيها إذا كانت ذات مال وجمال، ولا يقسط لها، بأن يعطيها ما تستحق، وإن كانت ليست ذات مال ولا جمال رغب عنها، فأمروا بأنهم إذا أرادوا الزواج منها، وهي ذات مال وجمال، فإنهم لا ينقصونها عن مهر مثيلاتها بسبب ولايتهم عليها.

تراجم رجال إسناد حديث عروة بن الزبير في القسط في الأصدقة

قوله: [أخبرنا يونس بن عبد الأعلى].هو يونس بن عبد الأعلى الصدفي المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، والنسائي، وابن ماجه.
[وسليمان بن داود].
هو سليمان بن داود المصري أيضاً أبو الربيع المصري، وهو ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[عن ابن وهب].
هو عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني يونس].
هو يونس بن يزيد الأيلي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني عروة].
هو: عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة، فقيه من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أم المؤمنين عائشة].
رضي الله تعالى عنها وأرضاها، هي: الصديقة بنت الصديق التي حفظت الكثير من سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث عائشة في القسط في الأصدقة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا عبد العزيز بن محمد عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة قال: (سألت عائشة رضي الله عنها عن ذلك فقالت: فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على اثنتي عشرة أوقية ونشٍ، وذلك خمسمائة درهم)].وهذا الترجمة تتعلق ببيان مقدار الصداق الذي حصل من رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي فيه عدم المغالاة، وقد أورد النسائي حديث عائشة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، أي: أعطى الصداق اثني عشرة أوقية ونشا، والنش هو: نصف الأقية عشرين درهماً، وقيل: إن النش يراد به النصف من كل شيء، وهنا فيما يتعلق بالعدد يراد به نصف أوقية، والأوقية: أربعون درهماً، والنصف عشرون، وهنا اثني عشر أوقية ونش، يعني ونصف، يكون المجموع خمسمائة درهم؛ لأن اثنا عشر من أربعين تكون أربع وثمانين، وهذه أوقية اثنا عشر أوقية، ويضاف إليها نصف أوقية وهي عشرون درهماً، يكون المجموع خمسمائة درهم، والأوقية: أربعون درهماً، اثنا عشر أوقية ونشا، الذي هو نصف أوقية، وهو عشرون درهماً.
وهذا يعني فيه: بيان صداق الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو خير الناس، وأفضل الناس، وهو الذي دفع لخير النساء أزواج الرسول عليه الصلاة والسلام ورضي الله تعالى عنهن وأرضاهن، وفي عدم المغالاة بالمهور تحقيق المصالح، ودفع المضار، المصالح التي تعود على المجتمع، وتعود على المسلمين جميعاً، وتجعل النساء يحصلن الرجال، والرجال يتمكنون من الحصول على النساء، وليست المرأة سلعة تباع وتشترى، ويغالى في مهرها، وإنما هي تحتاج إلى عفة، وإلى صيانة، وإلى ستر، وإلى المتعة الزوجية، وإذا كان الرجل أهلاً للزواج، فإنه يزوج، ولا يمنع من ذلك كونه قليل المال، وليس بكثير المال، فإن الله عز وجل يأتي بالمال، وقد سبق أن مر بنا: (ثلاثةٌ حقٌ على الله عونهم ومنهم: الناكح يريد العفاف)، والله عز وجل يقول: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/06/61.jpgوَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ https://majles.alukah.net/imgcache/2022/06/62.jpg[النور:32].
(فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على اثنتي عشرة أوقيةً ونش، وذلك خمسمائة درهم).

تراجم رجال إسناد حديث عائشة في القسط في الأصدقة

قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم]. هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي، وهو ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن عبد العزيز بن محمد].
هو عبد العزيز بن محمد الدراوردي، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يزيد بن عبد الله بن الهاد].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن إبراهيم].
هو محمد بن إبراهيم التيمي المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سلمة].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني، وهو ثقة، فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم. وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
وقد مر ذكرها.

شرح حديث أبي هريرة: (كان الصداق إذ كان فينا رسول الله عشرة أواق)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا داود بن قيس عن موسى بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (كان الصداق إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عشرة أواق)].أورد النسائي حديث أبي هريرة، وقوله: [(كان الصداق إذا كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر أواقٍ)]، يعني: وهو أقل من الذي مر في الحديث السابق؛ لأن السابق (اثنا عشر أوقية ونصف)، وهنا [عشر أواقي]، يعني: أنها متقاربة، يعني: العشر والاثنا عشر أوقية، والرسول صلى الله عليه وسلم دفع هذا المقدار، وكان الصداق كما يقول أبو هريرة: [حيث كان فيهم النبي صلى الله عليه وسلم عشر أواق].

تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة: (كان الصداق إذ كان فينا رسول الله عشرة أواق)


قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك].هو: محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي.
[حدثنا عبد الرحمن بن مهدي].
هو عبد الرحمن بن مهدي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا داود بن قيس].
ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن موسى بن يسار].
ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق رضي الله تعالى عنه وأرضاه.

شرح حديث عمر بن الخطاب: (ألا لا تغلوا صدق النساء...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا علي بن حجر بن إياس بن مقاتل بن مشمرج بن خالد حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب، وابن عون، وسلمة بن علقمة، وهشام بن حسان: دخل حديث بعضهم في بعض، عن محمد بن سيرين قال سلمة: عن ابن سيرين: نبئت عن أبي العجفاء وقال الآخرون: عن محمد بن سيرين عن أبي العجفاء قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (ألا لا تغلوا صدق النساء، فإنه لو كان مكرمةً في الدنيا أو تقوى عند الله عز وجل كان أولاكم به النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم امرأةً من نسائه، ولا أصدقت امرأةٌ من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقيةً، وإن الرجل ليغلي بصدقة امرأته حتى يكون لها عداوةٌ في نفسه، وحتى يقول: كلفت لكم علق القربة، وكنت غلاماً عربياً مولداً فلم أدر ما علق القربة، قال: وأخرى يقولونها لمن قتل في مغازيكم أو مات: قتل فلانٌ شهيداً، أو مات فلانٌ شهيداً، ولعله أن يكون قد أوقر عجز دابته، أو دف راحلته ذهباً أو ورقاً يطلب التجارة، فلا تقولوا: ذاكم، ولكن قولوا كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: من قتل في سبيل الله أو مات فهو في الجنة)].أورد النسائي حديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه أنه قال: (ألا لا تغلوا صدق النساء).
يعني: لا تغالوا فيه، وتزيدوا فيه؛ حتى يكون ذلك عائقاً من الزواج، وحائلاً بين الأزواج وبين الزواج، وكذلك حائلاً بين البنات والزواج بسبب تلك المغالاة، فإنه لو كانت المغالاة وكثرة الصداق مكرمةً في الدنيا وتقوى عند الله عز وجل لكان أحق الناس بها نساء رسول الله.
قوله: (فإنه لو كان مكرمةً في الدنيا أو تقوى عند الله عز وجل كان أولاكم به النبي صلى الله عليه وآله وسلم).
أي: لو كان فيه مكرمة في الدنيا وتقوى عند الله عز وجل، لكان الأولى بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يسبقكم إلى ذلك، وهو القدوة والأسوة عليه الصلاة والسلام، لكنه ما فعل ذلك صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ثم أخبر عمر بأنه ما زاد في مهر نسائه، ولا في مهر بناته، على اثني عشر أوقية، وهذا لا ينافي ما ذكر من أنه (فعل اثني عشر أوقية ونشا)؛ لأن ذاك كسر، يعني: فيكون ذكر العدد الذي هو بدون كسر، فلا ينافي يعني أنه زاد نشا الذي هو عشرون درهماً على اثنتي عشرة أوقيةً التي هي أربعمائة وثمانين درهماً، وإنما يعني حذف الكسر، واقتصر على ذكر العدد الكامل الذي لا كسر فيه.
وقوله: [(ألا لا تغلوا صدق النساء، فإنه لو كان مكرمةً في الدنيا أو تقوى عند الله عز وجل كان أولاكم به النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم امرأةً من نسائه، ولا أصدقت امرأةٌ من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقيةً، وإن الرجل ليغلي بصدقة امرأته حتى يكون لها عداوةٌ في نفسه، وحتى يقول: كلفت علق القربة)].
ثم ذكر أن المغالاة والزيادة في المهور، وأن الرجل يعني: يغلي في المهر، أو يطلب منه مهر زائد، فيقول متذمراً متألماً يعني: يكون هناك في نفسه شيء من العداوة بسبب هذا الغلاء الباهظ، وبسبب هذه الكثرة التي كلف بها حتى يقول: [كلفت لكم علق القربة]، والمقصود به: الحبل الذي تعلق به القربة، أو الذي يشد به فم القربة، إشارة إلى أنه يذكر التكاليف، والأشياء التي لزمته بسبب ذلك.
وقوله: [(فلم أدر ما علق القربة قال: وأخرى يقولونها لمن قتل في مغازيكم أو مات: قتل فلانٌ شهيداً، أو مات فلانٌ شهيداً، ولعله أن يكون قد أوقر عجز دابته أو دف راحلته ذهباً أو ورقاً يطلب التجارة، فلا تقولوا: ذاكم، ولكن قولوا كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: من قتل في سبيل الله أو مات فهو في الجنة)].
ثم ذكر وأخرى يقولونها يعني: وهي لا تصلح ولا تليق، وهي أنه من قتل قالوا: مات فلان شهيد أو قتل شهيد، مع أنه قد يكون هذا الشخص الذي وصف بهذا الوصف بعينه قد أوقر عجز دابته أو راحلته ذهباً أو فضة، أو دف راحلته أو فضة، معناه: حملها، يعني: يطلب التجارة، إما يكون ذلك على سبيل الغلول، أو يكون على سبيل أنه قصده الدنيا، ويريد من جهاده الدنيا، وما أراد أن يكون ذلك في سبيل الله، فلا تقولوا: ذاك، بأن يقال عن الشخص المعين: بأنه مات شهيداً، ولكن قولوا يعني بالوصف: من قتل دون ماله فهو في الجنة، من قتل في سبيل الله فله الجنة، أو من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ولا يقال: فلان بشهيد؛ لأنه قد يكون هذا الشخص الذي قتل في سبيل الله قصده الدنيا، وما كان قصده الآخرة، والنبي صلى الله عليه وسلم سئل عن (الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل كذا، أي ذلك في سبيل الله؟ قال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله).
ومن أمثلة ذلك: قصة الرجل الذي قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: إنه أبلى بلاءً عظيماً، وأنه حصل منه كذا وكذا، وأنه كذا وكذا، وأنه يعني.. قال الرسول: (هو في النار)، يعني: هم أثنوا عليه، وذكروه ذكراً حسناً وجميلاً، وقال: (هو في النار)، فلحقه أو راقبه بعض الصحابة حتى آل أمره إلى أن قتل نفسه، حيث جرح أو أصابه جرح، ثم ضاق ذرعاً بذلك الألم الذي حصل له، فأخذ سيفه ووضع أصله على الأرض، وجعل ذبابة سيفه على صدره، وتحامل عليه حتى مات بسبب ذلك، فرجع وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بالذي رآه، فهذا على حسب ما يرى الناس أنه شهيد، يعني لو كانوا ما عرفوا عنه شيء؛ لأنه أبلى بلاءً عظيماً والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (هو في النار)، فلا يعني: أن كل من يموت، يرجى أن يكون شهيداً، لكن لا يجزم بأن الشخص الفلاني الذي قتل في المعركة الفلانية أنه شهيد، لكن يقال: بالوصف، (من قتل في سبيل الله فهو في الجنة)، ولا يشهد لمعين بالجنة أو النار إلا إذا حصلت الشهادة من رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

تراجم رجال إسناد حديث عمر بن الخطاب: (ألا لا تغلوا صدق النساء...)


قوله: [أخبرنا علي بن حجر بن إياس بن مقاتل بن مشمرج بن خالد].النسائي كثيراً ما يذكر هذا الشيخ بعلي بن حجر فقط، وهنا ذكره، وأطال في ذكر نسبه، وكما ذكرت سابقاً: أن التلميذ يذكر شيخه كما يريد، يطول في نسبه يقصر، لكن غيره لا يزيد على ما وجده من كلام التلميذ، وإذا أراد أن يزيد يقول: هو فلان أو يعني ابن فلان، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا إسماعيل بن إبراهيم].
هو ابن عليه، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أيوب].
هو أيوب بن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وابن عون].
هو عبد الله بن عون، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وسلمة بن علقمة].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[وهشام بن حسان].
هو هشام بن حسان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
هؤلاء الأربعة يروون عن محمد بن سيرين، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[قال سلمة عن ابن سيرين: نبئت عن أبي العجفاء، وقال الآخرون: عن محمد بن سيرين، عن أبي العجفاء].
ثم ذكر أن هؤلاء الأربعة الذين رووا عن ابن سيرين، سلمة منهم ابن علقمة: أن ابن سيرين قال: نبئت عن أبي العجفاء، ومعنى هذا أن فيه واسطة بينه وبينه ولم يسمها، وهذا يقدح في الحديث؛ لأن فيه جهالة الواسطة، لكن غيره يعني ذكر الاتصال حيث قال: عن محمد بن سيرين عن أبي العجفاء، ومعناه: أنه ما فيه واسطة، وهذا في حق من يكون غير معروفاً بالتدليس، أما من يكون معروفاً بالتدليس، فروايته بالعنعنة تحتمل الانقطاع، وتحتمل أن يكون هناك واسطة، وإذاً هناك فرق بين رواية سلمة بن علقمة؛ لأن فيها التنصيص على أن هناك واسطة وهي محذوفة، حيث قال: نبئت عن أبي العجفاء، يقول محمد بن سيرين: نبئت عن أبي العجفاء، أما غيره فيقولون: عن محمد بن سيرين عن أبي العجفاء، وأبو العجفاء هو البصري السلمي، وهو مقبول، أخرج له أصحاب السنن الأربعة.
[عن عمر رضي الله عنه].
هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثاني الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة، الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما سلكت فجاً يا عمر إلا وسلك الشيطان فجاً غير فجك)، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث أم حبيبة: (أن رسول الله تزوجها وهي بأرض الحبشة... وكان مهر نسائه أربعمائة درهم)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا العباس بن محمد الدوري حدثنا علي بن الحسن بن شقيق أخبرنا عبد الله بن المبارك عن معمر عن الزهري عن عروة بن الزبير عن أم حبيبة رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تزوجها وهي بأرض الحبشة، زوجها النجاشي وأمهرها أربعة آلاف، وجهزها من عنده، وبعث بها مع شرحبيل بن حسنة، ولم يبعث إليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بشيء، وكان مهر نسائه أربعمائة درهم)].ثم أورد النسائي حديث أم حبيبة رضي الله تعالى عنها، وهي: أنها كانت بأرض الحبشة، وأن النجاشي أمهرها أربعة آلاف درهم، وهذا لا ينافي ما تقدم من أن المهور التي دفعها رسول صلى الله عليه وسلم أنها قليلة؛ لأن هذا من فعل النجاشي، وهو الذي قام بذلك، والرسول ما أرسل إليها شيئاً، وإنما هذا عمل عمله النجاشي حيث أعطاها هذا المقدار مهراً لها لزواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا ينافي ما تقدم من أنه كان يزوجهن على هذا المقدار الذي هو أربعمائة وثمانين، ويضاف إليها نش الذي هو عشرون، فيصير خمسمائة، وهنا قال: أربعمائة درهم، وهناك قال: أربعمائة وثمانين، ويضاف إليها النش الذي هو عشرون، فيحتمل أن يكون مثلاً أن فيه اختصاراً، وأنه حذف ما زاد على الأربعمائة، وأن هذا الأدنى داخل في الأعلى، أو أن بعض نسائه حصل كذا، وبعض نسائه حصل كذا، والحاصل: أنها في حدود هذا المقدار القليل، وما حصل من الأربعة الآلاف التي هي أم حبيبة، هذا ليس من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بل هو فعل النجاشي ملك الحبشة.

تراجم رجال إسناد حديث أم حبيبة: (أن رسول الله تزوجها وهي بأرض الحبشة... وكان مهر نسائه أربعمائة درهم)

قوله: [أخبرنا العباس بن محمد الدوري].هو: العباس بن محمد الدوري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا علي بن الحسن بن شقيق].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا عبد الله بن المبارك].
هو عبد الله بن المبارك المروزي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن معمر].
هو معمر بن راشد الأزدي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري عن عروة].
وقد مر ذكرهما.
[عن أم حبيبة].
أم حبيبة، وهي: رملة بنت أبي سفيان رضي الله تعالى عنها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.

ابوالوليد المسلم 07-08-2022 04:46 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب النكاح

(439)

- باب التزويج على نواة من ذهب - باب إباحة التزوج بغير صداق



المهر لا بد منه، ويكون بالقليل والكثير، ولا حد لأكثره ولا لأقله، ولكن حذر الشارع من المغالاة في المهور؛ لأن فيها مشقة وضرراً ولأنها تمثل عقبة كبيرة حائلة بين الرجال والنساء. وللمرأة أن تتزوج بغير صداق مسمى؛ فالعقد صحيح والنكاح يجوز؛ لأن لها مهر مثيلاتها.

التزويج على نواةٍ من ذهب


شرح حديث أنس بن مالك في التزويج على نواة من ذهب


قال المصنف رحمه الله تعالى: [التزويج على نواة من ذهب.أخبرنا محمد بن سلمة والحارث بن مسكين قراءةً عليه وأنا أسمع واللفظ لـمحمد عن ابن القاسم عن مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبه أثر الصفرة، فسأله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبره أنه تزوج امرأةً من الأنصار، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كم سقت إليها؟ قال: زنة نواةٍ من ذهب، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أولم ولو بشاة)].
يقول النسائي رحمه الله: التزويج على نواة من ذهب. فالنواة من الذهب قيل: إن المقصود بها مقدار من الذهب قيمته خمسة دراهم، قيل: هذا هو المقدار من نواة من الذهب، والأصل أن النواة هي: ما تكون في داخل التمرة التي هي أصلها يقال لها: نواة، والمراد من النواة من الذهب مقدار من الذهب يعادل ويساوي خمسة دراهم، كما يقال للأوقية: أربعين درهماً، وللنش عشرين درهماً، قالوا: فيقال للخمسة الدراهم أو ما يعادل خمسة دراهم من الذهب يقال له: نواة.
وقد أورد النسائي حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه: أنه تزوج امرأةً من الأنصار، وعلم بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (كم سقت إليها؟)، أي: كم دفعت إليها مهراً؟ فقال: قدر (زنة نواةٍ من ذهب)، يعني: مقداراً من الذهب يوازي نواةً، وهي خمسة دراهم، أي: ما يعادل خمسة دراهم من الفضة من الورق، قال عليه الصلاة والسلام: (أولم ولو بشاة)، الحديث يدل على أن المهر لا بد منه، وعلى أنه يكون بالقليل؛ لأن زنة نواة من ذهب هو شيء قليل، ولا حد لأقله، أي: المهر، كما أنه لا حد لأكثره؛ لأنه ليس هناك تحديد لأوله ولا لآخره، لكن لا تنبغي المغالاة، وكثرته الكثرة التي يكون فيها مشقة، وفيها ضرر كبير على الزوج، ويجوز باليسير والقليل، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذي طلب منه أن يزوجه الواهبة التي وهبت نفسه للنبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن له بها حاجة، قال: (التمس ولو خاتماً من حديد)، فهذا الحديث وذاك الحديث يدلان على أن الزواج يتم بالمهر اليسير والقليل؛ لأن الخمسة الدراهم شيء يسير، ومقدار نواة من الذهب شيء يسير، وبعض العلماء قال: إنه لا يكون أقل من عشرة دراهم، ومنهم من قال: لا يكون أقل من خمسة دراهم، وليس هناك دليل يدل على هذا التحديد الذي أنه لا ينقص عنه، ولا يكون دون هذا المقدار، بل الأمر في ذلك واسع، ويكون المهر بكل ما يتمول، ولو كان يسيراً، ولو قل عن عشرة دراهم، ولو قل عن خمسة دراهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (التمس ولو خاتماً من حديد).
وقوله صلى الله عليه وسلم: (أولم ولو بشاة)، كذلك لا حد لأكثره، والله عز وجل ذكر ذلك في كتابه: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/06/79.jpgوَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا https://majles.alukah.net/imgcache/2022/06/80.jpg[النساء:20]، يعني: أنه لو أعطي لهن شيء كثير جداً، والإنسان أراد أن يترك المرأة، ويبحث عن امرأة أخرى، فإنه يطلقها ولا يأخذ منها شيئاً، فلا حد لأقله، ولا حد لأكثره، لكن لا تصلح المغالاة في المهور، وتكون عقبةً حائلةً بين الرجال والنساء، وبين الزواج الذي لا بد منه في حق الرجال، وفي حق النساء.
قوله صلى الله عليه وسلم: (أولم ولو بشاة)، فيه، مشروعية الوليمة واستحبابها، وأنها تكون ولو بالشيء اليسير، ولو بشاة في حق الموسرين، وفي حق من كان موسراً يولم ولو بشاة.
المقصود من ذلك: أن الإرشاد إلى الوليمة ولو كانت قليلة، قوله: (ولو بشاة)، هي إشارة إلى الحد الأدنى فيما يذبح من النعم، وقوله: (ولو بشاة)، يعني: إشارة إلى الشيء القليل، لكن هذا في حق الموسرين، وتجوز أن تكون بشيء غير اللحم كما حصل في زواج الرسول صلى الله عليه وسلم على صفية، وجعل وليمةً ليست من اللحم، فتجوز أن تكون بغير اللحم، وأن تكون أقل من ذلك، لكن في حق الموسر تكون بهذا المقدار الذي هو لا يقل عن شاة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (أولم ولو بشاة)، وهذا اللفظ يشعر بالقلة، ومثله في الإشارة إلى القلة: (ولو خاتماً من حديد)، الذي مر بنا، ومثله أيضاً في القلة ما جاء في الحديث (من بنى لله مسجداً ولو كان كمسحة قطاة)، إشارة إلى الصغر، وكذلك (لا تحقرن جارةً جارتها ولو ظلف شاة)، يعني: ولو كان شيئاً يسيراً، فمثل هذه العبارات تأتي في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم يراد بها القلة، ولا يراد بها الكثرة، يعني (أولم بشاة)، أن هذا الحد الأقصى أو الحد الأعلى؛ لأن هذا اللفظ ما عرف في التكثير، وإنما عرف في التقليل، ونظائره كثيرة، ومنها ما أشرت إليه من الأحاديث التي هي مثل هذا الحديث في الإشارة إلى القلة في استعمال لو، (ولو خاتماً من حديد) (ولو فرسِ شاة) (ولو كمسحة قطاة)، (ولو بشاة)، وهكذا.
وقوله (وبه أثر الصفر)، يعني: الذي هو طيب النساء، وقد استدل به أو فهم منه الرسول صلى الله عليه وسلم أنه تزوج، فسأله: (هل تزوجت؟ قال: نعم، قال: ما سقت عليها؟ قال: زنة نواةٍ من ذهب، قال: أولم ولو بشاة).


تراجم رجال إسناد حديث أنس بن مالك في التزويج على نواة من ذهب


قوله: [أخبرنا محمد بن سلمة].هو محمد بن سلمة المرادي المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[والحارث بن مسكين].
هو الحارث بن مسكين المصري أيضاً، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن ابن القاسم].
هو عبد الرحمن بن القاسم، وهو ثقة، أخرج له البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي.
[عن مالك].
هو مالك بن أنس، إمام دار الهجرة، الإمام الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة.
[عن حميد الطويل].
هو حميد بن أبي حميد الطويل، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس].
هو أنس بن مالك رضي الله عنه، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وخادمه، خدمه عشر سنوات، وكان من أكثر الصحابة حديثاً عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ورضي الله عن أنس، وعن الصحابة أجمعين.


شرح حديث عبد الرحمن بن عوف في التزويج على نواة من ذهب

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا النضر بن شميل حدثنا شعبة حدثنا عبد العزيز بن صهيب سمعت أنساً رضي الله عنه يقول: قال عبد الرحمن بن عوف: (رآني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي بشاشة العرس، فقلت: تزوجت امرأةً من الأنصار، قال: كم أصدقتها؟ قال: زنة نواةٍ من ذهب)].ثم أورد النسائي حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم رآه وعليه طلاقة العرس)، يعني: طلاقة الوجه، على إثر الزواج، وعلى إثر العرس، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: تزوجت؟ قال: (نعم امرأةً من الأنصار)، فقال: (كم أصدقتها؟ قال: زنة نواةٍ من ذهب)، وهذا هو المقصود من إيراد الحديث، التزويج على نواة من ذهب، أي: مقدار نواة من ذهب يعادل خمسة دراهم من الورق.


تراجم رجال إسناد حديث عبد الرحمن بن عوف في التزويج على نواة من ذهب


قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي المروزي، وهو ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[حدثنا النضر بن شميل].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبد العزيز بن صهيب].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[سمعت أنساً].
هو أنس بن مالك رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد مر ذكره.
[قال عبد الرحمن].
هو عبد الرحمن بن عوف صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العشرة المبشرين بالجنة الذين بشرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة في حديث واحد، حيث قال عليه الصلاة والسلام في حديث: (أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة)، كل واحد منهم أخبر بأنه في الجنة، مبتدأ وخبر في كل واحد منهم، فلان في الجنة، وفلان في الجنة، وفلان في الجنة، وفلان في الجنة، ولهذا قيل لهم: العشرة المبشرين بالجنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سردهم في حديث واحد.
وذكر العشرة لا مفهوم له بأنه ما بشر في الجنة إلا عشرة، ولكن المقصود أنهم سردوا في حديث واحد، وإلا فقد ثبتت البشارة في الجنة لغيرهم من الصحابة كثيرين، كـالحسن، والحسين، وفاطمة، وكـعكاشة بن محصن، وكـثابت بن قيس بن شماس، وبلال، وعدد من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام جاء تبشيرهم بالجنة في أحاديث، لكن غلب على هؤلاء العشرة لقب العشرة، وحديث عبد الرحمن بن عوف أخرجه أصحاب الكتب الستة.


شرح حديث: (أيما امرأةٍ نكحت على صداق أو حباء أو عدة قبل عصمة النكاح فهو لها...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا هلال بن العلاء حدثنا حجاج قال ابن جريج: حدثني عمرو بن شعيب، (ح)، وأخبرني عبد الله بن محمد بن تميم سمعت حجاجاً يقول: قال ابن جريج: عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (أيما امرأةٍ نكحت على صداقٍ أو حباءٍ أو عدة قبل عصمة النكاح فهو لها، وما كان بعد عصمة النكاح فهو لمن أعطاه، وأحق ما أكرم عليه الرجل ابنته أو أخته)، اللفظ لـعبد الله].ثم أورد النسائي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما: (أيما امرأةٍ نكحت على صداقٍ أو حباءٍ أو عدةٍ قبل عصمة النكاح فهو لها)، (أيما امرأةٍ أنكحت على صداقٍ)، يعني: على مقدار معين، هو صداق لها، (أو حباء)، عطية أعطيت إياها من أجل الزواج، (أو عدة)، وعدت بأنها ستعطى كذا وكذا، وكان هذا قبل الزواج فهو لها، وما كان بعد الزواج فهو لمن أعطيه، يعني: سواءً أعطيت هي، أو أعطي أبوها، أو أعطيت أمها، وما كان بعد الزواج فهو لمن أعطيه؛ لأن ما يعطى قبل الزواج هو من أجل المرأة، ومن أجل الحصول على المرأة، وبعد الزواج يكون المهر قد حصل، ويكون ما يعطى إما لها أو لغيرها، وما كان بعد الزواج فهو لمن أعطيه.
(وأحق ما أكرم عليه الرجل ابنته أو أخته)، يعني: أنه إذا أعطي شيئاً، وأكرم من أجل ابنته وأخته، أن هذا حق، وأنه يبر، ويحسن إليه، ويعطى من أجل أخته وابنته، حيث كان الإنسان تزوج منه، وكان صهراً له، فإذا أعطاه بعد الزواج شيئاً، فإنه لا بأس بذلك، هذا هو معنى الحديث، وقد أورده النسائي تحت نواة من ذهب، وهو لا يدل على الترجمة، ولكنه يدل من حيث المعنى على أن ما أعطيت المرأة من صداق هو لها، لكن ليس فيه تحديد ذلك الصداق، ولا بيان مقدار ذلك الصداق، لا أنه زنة نواة ولا أكثر ولا أقل، وإنما هو مطلق.


تراجم رجال إسناد حديث: (أيما امرأةٍ نكحت على صداق أو حباء أو عدة قبل عصمة النكاح فهو لها...)

قوله: [أخبرنا هلال بن العلاء].صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا حجاج].
هو حجاج بن محمد المصيصي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[قال ابن جريج].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، فقيه، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثني عمرو بن شعيب].
هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، وأصحاب السنن الأربعة.
ثم ذكر حاء التحويل، وهي التحول من إسناد إلى إسناد، فقال:
[أخبرني عبد الله بن محمد بن تميم].
هو: عبد الله بن محمد بن تميم المصيصي، وهو ثقة، أخرج له النسائي وحده.
[سمعت حجاجاً يقول: قال ابن جريج عن عمرو بن شعيب].
وقد مر ذكرهم.
[عن أبيه].
هو شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وفي جزء القراءة، وأصحاب السنن الأربعة.
وهنا قال: [عن عبد الله بن عمرو بن العاص]، ما قال: عن جده، وفهم من هذا كما جاء هنا، وكما جاء في بعض الروايات أنه يصرح بالجد فيقال: عبد الله بن عمرو بن العاص، ففهم منه أن شعيباً يروي عن جده الصحابي عبد الله بن عمرو بن العاص، وليس يروي عن أبيه الذي هو جد عمرو، وهو: محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص؛ لأنه لو كان كذلك يكون مرسلاً؛ لأن محمداً لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، فلو انتهى الإسناد إليه فصار عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، يعني جده هو وليس جد أبيه، فيكون الحديث مرسل؛ لأن محمداً لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن عمرو بن شعيب يروي عن أبيه، وأبوه يروي عن جده، وهو نفس جد عمرو بن شعيب؛ لأن جد أبيه جد له، فهي سواءً قال: عن جده هو أو جد أبيه هو جده؛ لأن جد أبيه جد له، وآباء الأب وأجداده هو أجداد لأبنائه، ففي هذا وغيره من الأحاديث التي فيها التصريح باسم الجد، وأنه عبد الله بن عمرو بن العاص الذي هو جد شعيب، وهو نفسه أيضاً جد لـعمرو بن شعيب، يدل على أن الجد في الأحاديث المجملة التي فيها عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، المراد به عبد الله بن عمرو، وعلى هذا فالحديث متصل، وليس بمنقطع، لكن لو كان المقصود به محمد بن عبد الله بن عمرو، ويقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، فيكون مرسلا؛ لأن التابعي إذا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا فهو مرسل، وعلى هذا فتسميته تدل على أن الجد هو عبد الله بن عمرو، وقد قال الحافظ ابن حجر: وقد صح سماع شعيب من جده عبد الله بن عمرو، وقالوا: إن الحديث إذا صار صحيحاً إلى عمرو بن شعيب فهو لا يقل عن درجة الحسن؛ لأن رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده هي من قبيل الحسن؛ لأن كل منهما صدوق، عمرو صدوق، وأبوه صدوق، فحديثهم حسن، لكن هذا إذا كان الإسناد إلى عمرو سليم، أما إن كان فيه علة انقطاع أو ضعف أو ما إلى ذلك، فالأمر كما يذكر في حق الرجال، لكن إن كان سليماً ومستقيماً إلى عمرو بن شعيب فهو يكون حسناً؛ لأن حديث عمرو حسن، وحديث أبيه شعيب حسن؛ لأن كل منهما صدوق، أي: حديثه من قبيل الحسن.
أما عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، فهو صحابي جليل، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام الذين هم من صغار الصحابة، والحديث ضعفه الشيخ الألباني، وذكره في السلسلة الضعيفة في رقم ألف وسبعة، وحكم بضعفه من أجل أن في إسناده ابن جريج وقد رواه بالعنعنة، لكن كما نرى عند النسائي في الطريق الأولى أنه صرح بالتحديث؛ لأن ابن جريج قال: حدثني عمرو بن شعيب، فهو لم يعنعن عنعنة في الطريقة الثانية التي هي طريق عبد الله بن محمد بن تميم، وأما طريق هلال بن العلاء، فإنه صرح بالتحديث، قال ابن جريج: حدثني عمرو بن شعيب، وعلى هذا فيكون لا تدليس فيه، وزال احتمال التدليس الذي فيه، والشيخ ذكر من خرجه من الأئمة، ومنهم الإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وقال: إنه ضعيف؛ لأن فيه ابن جريج، وهو مدلس وقد عنعنه، لكن الطريق الأولى التي معنا فيها التصريح بالتحديث وليس بالعنعنة، فيزول احتمال التدليس، وإنما احتمال التدليس في الطريق الثانية، لكن المدلس إذا صرح بالسماع في موضع من المواضع، فإنه لا يكون مدلساً، لا يكون الحديث مدلساً أو الإسناد مدلساً، وإنما يكون متصلاً.

يتبع



ابوالوليد المسلم 07-08-2022 04:46 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 

إباحة التزوج بغير صداق


شرح حديث ابن مسعود في إباحة التزوج بغير صداق مسمى


قال المصنف رحمه الله تعالى: [إباحة التزوج بغير صداق. أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن حدثنا أبو سعيد عبد الرحمن بن عبد الله عن زائدة بن قدامة عن منصور عن إبراهيم عن علقمة والأسود قالا: (أتي عبد الله رضي الله عنه في رجلٍ تزوج امرأةً ولم يفرض لها، فتوفي قبل أن يدخل بها، فقال عبد الله: سلوا هل تجدون فيها أثراً؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن ! ما نجد فيها يعني أثراً، قال: أقول برأيي، فإن كان صواباً فمن الله: لها كمهر نسائها لا وكس ولا شطط، ولها الميراث، وعليها العدة، فقام رجلٌ من أشجع فقال: في مثل هذا قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فينا في امرأةٍ يقال لها: بروع بنت واشق، تزوجت رجلاً فمات قبل أن يدخل بها، فقضى لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمثل صداق نسائها، ولها الميراث، وعليها العدة، فرفع عبد الله يديه وكبر)، قال أبو عبد الرحمن: لا أعلم أحداً قال في هذا الحديث الأسود غير زائدة].
أورد النسائي هذه الترجمة إباحة التزويج بغير صداق، المقصود من هذه الترجمة: أن عقد النكاح يتم، ويجوز، ويباح بغير أن يتفق على صداق، لكن لا يعني ذلك أنه ليس فيه صداق أصلاً، فيرجع في ذلك إلى مهر المثل، هذا هو مقصود النسائي من هذه الترجمة، ليس مقصود النسائي أن التزويج يباح بدون صداق، وأن الصداق يسقط، وأنه لا يلزم؛ لأن الأحاديث التي مرت في قصة الواهبة نفسها وقال: (التمس ولو خاتماً من حديد)، ثم صار الأمر إلى أن يعلمها شيئاً من القرآن، يدل على أن الصداق لازم، لكن الترجمة المقصود منها أنه ليس من شرط العقد أن يكون هناك مهر متفق عليه، بل يصح العقد ولو لم يسم مهر، ولم يعين مهر، لكن يرجع في ذلك إلى مهر المثل، هذا المقصود من هذه الترجمة، فلا يفهم منها أن النسائي يقول: بجواز الزواج أو بإباحة الزواج من غير أن يكون هناك صداق أصلاً، والفهم للكلام لا بد منه؛ لأن الحديث الذي أورده تحت هذه الترجمة دال على هذا؛ لأنه تزوج رجل بامرأةً ولم يسم لها مهراً، معناه: العقد صحيح، ولو لم يسم مهرا، لكن هل يسقط المهر؟ لا، لا يسقط المهر، بل يرجع إلى مهر المثل.
وبالمناسبة أقول: إنه ينبغي الاحتياط في فهم الكلام، ومعرفته على حقيقته، وأن لا يفهم شيء غير ما أراده المتكلم، وغير ما قصد المتكلم أو المحدث؛ لأن العبارة إباحة التزويج بغير صداق، هذا هو معناها، وهذا هو مفهومها، يعني معناها: أنه ليس من شرط العقد أن يكون من غير الصداق، فيكون إذا لم يذكر الصداق معناه أنه لا عبرة بالعقد، لا العقد يعتبر، لكن ما يسقط الصداق، ولا يكون الصداق ما له وجود، لا، يوجد ولكن يرجع فيه إلى مهر المثل.
أورد النسائي حديث معقل بن سنان [رجل من أشجع في أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في بروع بنت واشق، وكانت عقد عليها رجل ولم يسم لها مهراً ومات، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن لها مهر نسائها]، يعني مهر مثيلاتها، وعليها العدة، ولها الميراث، هذا هو نفس الحديث، وكانت المسألة عرضت على أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وكان لا يعلم فيها سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (اسألوا هل تجدون فيها أثراً؟) يعني: أثراً عن النبي صلى الله عليه وسلم، فبحثوا فلم يجدوا أثراً عن النبي عليه الصلاة والسلام، فاجتهد برأيه، وقال: [أقول فيها برأيي، فإن يكن صواباً فمن الله]، (وإن يكن خطأً فمني ومن الشيطان) كما جاء في بعض الروايات، ثم قال: (لها مهر نسائها لا وكس ولا شطط)، يعني: لا زيادة ولا نقصان.
(وعليها العدة، ولها الميراث)، وعليها العدة أربعة أشهر وعشر، ولها الميراث؛ لأنها زوجة مات عنها زوجها فترثه.
ثم إن الخبر انتشر، فجاء رجل من أشجع، وجاء في الحديث الذي بعد هذا أنه معقل بن سنان الأشجعي، فقال: (إن الرسول صلى الله عليه وسلم قضى في امرأةٍ منا هي بروع بنت واشق بما قضيت به)، يعني: هذا الذي اجتهدت فيها أصبت فيه ما قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحكمت بما حكم به رسول الله، وأفتيت بما أفتى به رسول الله عليه الصلاة والسلام من أن لها مهر نسائها، وعليها العدة ولها الميراث، فعند ذلك رفع يديه وكبر، فرحاً وسروراً بأنه هذا الاجتهاد الذي اجتهده وافق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا إذا نزلت نازلة يجتهد العالم في بيان حكمها، فإن وفق للصواب حصل أجرين، وإن لم يوفق وأخطأ الصواب حصل أجراً واحداً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإن اجتهد فأخطأ فله أجرٌ واحد).
عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه، اجتهد وأتى بهذه الفتوى، وتبين بعد ذلك أنها مطابقة لما أفتى به الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث جاء معقل بن سنان الأشجعي، وأخبر بأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بمثل ما قضى به عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. وقوله: [فرفع يديه وكبر]، فرحاً وسروراً حيث وافق الصواب، وحيث وافق اجتهاده ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يدلنا على أنه عند الفرح يكبر ويحصل التكبير، ما يحصل التصفيق مثل ما يحصل عند بعض الناس عندما يصفقون، بل السنة هي التكبير كما جاء في هذا الحديث، وكما جاء في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد اعتزل نساؤه، فقال: (طلقت نساءك يا رسول الله؟ قال: لا، فقال: الله أكبر)، يعني: فرحاً وسروراً وكان أشيع أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق نساءه، وكذلك الحديث الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أن تكونوا ثلث أهل الجنة، وأن تكونوا نصف أهل الجنة، وفي كل مرة يكبرون يقولون: الله أكبر)، يعني: فرحاً سروراً، وهنا فعل ابن مسعود رضي الله عنه، [رفع يديه وكبر]، يعني فرحاً وسروراً، بأن اجتهاده وافق ما قضى به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وهكذا يجري من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، يسألون ويبحثون عن الدليل؛ لأن ابن مسعود رضي الله عنه ما أفتى على طول، وإنما تريث وقال: (اسألوا هل تجدون فيها أثراً؟) يعني: هل تجدون فيها أثراً عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ أي: تمهل، وفي بعض الروايات: (أنه تركهم ومكث شهراً، وهم يراجعونه ويترددون عليه)، وفي الآخر بعد أن ألحوا عليه اجتهد وقال لهم ما قال، وتبين أن ما قاله مطابق لما جاء عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ورضي الله تعالى عن ابن مسعود وعن الصحابة أجمعين.
قوله: (فقام رجلٌ من أشجع فقال:...).
إذاً المرفوع هو ما جاء عن الأشجعي، وقد جاء تسميته في الرواية الثانية، وأنه معقل بن سنان الأشجعي، هناك رجل مبهم، وهنا قال: رجل من أشجع، فهو مبهم، وهو صحابي، والصحابة سواءً عرفت أسماؤهم، أو لم تعرف، ما دام هو صحابي، فالمجهول فيهم في حكم المعلوم، المجهول فيهم معلوم، ولا تضر الجهالة في الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، وهذا الرجل المبهم جاء مسمىً في الرواية الثانية، وهو معقل بن سنان الأشجعي، وحديثه أخرجه أصحاب السنن الأربعة.
حديث معقل بن سنان الأشجعي أخرجه أصحاب السنن الأربعة، ومثل هذا الذي حصل لـعبد الله بن مسعود، حصل لـعمر بن الخطاب رضي الله عنه لما ذهب إلى الشام، ولقيه أمراء الأجناد وفيهم أبو عبيدة، وكان الطاعون وقع في الشام، فقالوا له: يا أمير المؤمنين، لا تدخل على الطاعون، معك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تعرضهم للموت، بعض الصحابة قالوا: ادخل ولا ترجع، ولا تفر من قدر الله، فرضي الله عنه استدعى المهاجرين وسألهم: هل يعلمون فيها شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ما كان عندهم شيء، استدعى الأنصار سألهم، استدعى مسلمة الفتح، وكل يختلفون، أحد يشير له بكذا، وأحد يشير بكذا، فاجتهد وعزم على أن يرجع، وقال: إني مصبح على ظهر، يعني: بكرة في الصباح، أي: سأرجع إلى المدينة، فقال له أبو عبيدة: تفر من قدر الله يا أمير المؤمنين، قال: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، فقال: نفر من قدر الله، إلى قدر الله، ثم إن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ما كان حاضراً المحاورة، والكلام الذي جرى، وكان عنده فيها علم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء وقال: عندي فيها علم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عليه الصلاة والسلام: (إذا وقع الطاعون في بلدٍ وأنتم فيها فلا تخرجوا فراراً منه، وإن وقع وأنتم لستم فيها فلا تدخلوا عليه)، فصار اجتهاد عمر، والذي انتهى إليه عمر رضي الله عنه، موافق لما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من كونه اجتهد، ورأى أن يرجع، وألا يدخل على البلد الذي فيه الطاعون، فصار ما صار إليه وما انتهى إليه اجتهاده.
وكان هذا بعد مشاورات وأسئلة للصحابة المهاجرين، والأنصار، ومسلمة الفتح، ولم يذكر أحد فيها سنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، عند ذلك اجتهد وعزم على الرجوع، ورجح أنه لا يدخل بأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم في البلد التي فيه الطاعون، فلا يعرضهم للموت، فكان هذا الذي صار إليه وأداه إليه اجتهاده، مطابقاً لما جاءت به السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، والتي كانت عند عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه وأرضاه، ففرح عمر رضي الله عنه، عندما بلغه حديث عبد الرحمن بن عوف، وأخبره بالحديث؛ ولأن اجتهاده صار مطابقاً لما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كالذي حصل لـعبد الله بن مسعود رضي الله عنه، حيث رفع يديه وكبر فرحاً وسروراً، لكون اجتهاده طابق ما جاء عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.


تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود في إباحة التزوج بغير صداق مسمى


قوله: [أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن].عبد الرحمن هو: أخو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن المخرمي، وهو صدوق، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة، يعني: ليس هناك عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن، ليس في رجال الكتب من هو كذلك، يعني: الذي يروي عنه النسائي، وإنما الذي يروي عنه هو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن، وهو الذي ذكره في تحفة الأشراف؛ لأن في تحفة الأشراف قال: عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن المخرمي، صدوق، أخرج له، مسلم وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا أبو سعيد عبد الرحمن بن عبد الله].
هو أبو سعيد عبد الرحمن بن عبد الله مولى بني هاشم، وهو صدوق ربما أخطأ، أخرج له البخاري، وأبو داود في فضائل الأنصار، والنسائي، وابن ماجه.
[عن زائدة بن قدامة].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن منصور].
هو منصور بن المعتمر الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن إبراهيم].
هو إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن علقمة والأسود].
هو علقمة بن يزيد بن قيس النخعي، والأسود أخوه ابن قيس بن يزيد النخعي، وهما ثقتان، أخرج لكل منهما أصحاب الكتب الستة، وهما خالا إبراهيم النخعي، فـإبراهيم النخعي يروي عن خاليه: علقمة، والأسود.
[عن عبد الله].
هو عبد الله بن مسعود الهذلي صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن رجل من أشجع].
رجل من أشجع، هو مبهم، وقد جاء مبيناً في الحديث الذي بعد هذا في الرواية الثانية، وهو معقل بن سنان الأشجعي، وهو صحابي، أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة.
والصحابي له اجتهاد يجتهد، يعني: عندما تنزل النازلة يجتهد في معرفة الحق، ثم ينتهي إلى ما يؤدي إلى اجتهاده، فإن أصاب الحق في اجتهاده أُجر أجرين: أجر للاجتهاد، وأجر للإصابة، وإن لم يصب الحق فله أجر واحد على اجتهاد وخطؤه مغفور، الصحابة وغير الصحابة يجتهدون في النوازل.
وقوله: [(لم يدخل بها)]، فهنا جزم بأنه كما في بعض الروايات (أربعة أشهر وعشر)؛ لأن المدخول بها قد تكون حاملاً، والحامل عدتها وضع حملها، لكن غير المدخول بها، وكذلك المدخول بها التي ليست حاملاً، تكون عدة الجميع أربعة أشهر وعشراً، يعني: في المتوفى عنها وهي غير مدخول بها، ترث، وعليها العدة، والإحداد على الزوج، أربعة أشهر وعشر، وهي والمدخول بها سواء إذا كانت ليست بحامل، أما إن كانت حاملاً، فعدتها وضع الحمل، لكن هذا يختلف عن حال الطلاق؛ لأن الطلاق إذا طلقها قبل الدخول ليس هناك عدة تبين منه.
[قال أبو عبد الرحمن: لا أعلم أحداً قال في هذا الحديث الأسود غير زائدة].
يعني: قال أبو عبد الرحمن: لا أعلم أحداً ذكر في الحديث الأسود غير زائدة، يعني: هو الذي جاء في إسناده وفي روايته الأسود مع علقمة، أما غيره يذكر علقمة ولا يذكر الأسود، وهو ذكر علقمة، والأسود، فذكر الأسود مما انفرد زائدة، بخلاف علقمة فإنه جاء عن غير زائدة.


شرح حديث ابن مسعود في إباحة التزوج بغير صداق مسمى من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا يزيد حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله رضي الله عنه: (أنه أتي في امرأةٍ تزوجها رجل فمات عنها ولم يفرض لها صداقاً، ولم يدخل بها، فاختلفوا إليه قريباً من شهر لا يفتيهم، ثم قال: أرى لها صداق نسائها لا وكس ولا شطط، ولها الميراث، وعليها العدة، فشهد معقل بن سنان الأشجعي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قضى في بروع بنت واشق بمثل ما قضيت)].وهذه الطريقة الثانية عن ابن مسعود رضي الله عنه، مثل التي قبلها إلا أن فيها تسمية الرجل المبهم من أشجع، وأنه معقل بن سنان الأشجعي رضي الله تعالى عنه، وهو الذي أخبر بأن النبي عليه الصلاة والسلام قضى بمثل هذا القضاء الذي قضى به ابن مسعود، فيكون قضاء ابن مسعود وافق السنة، ووافق قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي هذه الرواية أنهم اختلفوا عليه شهراً يترددون عليه، ما أفتاهم؛ ما وجد فيها نصاً، فلما كثر تردادهم عليه، وأرادوا أن يعرفوا الحكم، اجتهد هذا الاجتهاد الذي وافق فيه الصواب رضي الله عنه وأرضاه.


تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود في إباحة التزوج بغير صداق مسمى من طريق ثانية


قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان].هو أحمد بن سليمان الرهاوي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا يزيد].
هو يزيد بن هارون الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي، وهو ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن منصور].
هو منصور بن المعتمر، وقد مر ذكره.
[عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله].
عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، وهنا ما ذكر الأسود الذي قال النسائي قبل: ما أعلم أحداً ذكر الأسود، يعني في الإسناد إلا زائدة بن قدامة، هذا من الأسانيد التي جاءت من غير طريق زائدة، وليس فيها ذكر الأسود، وإنما فيها ذكر علقمة وحده.
[عن معقل بن سنان الأشجعي].
هو معقل بن سنان الأشجعي رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه أصحاب السنن الأربعة.


حديث ابن مسعود في إباحة التزوج بغير صداقٍ مسمى من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن منصور حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان عن فراس عن الشعبي عن مسروق عن عبد الله رضي الله عنه: (في رجلٍ تزوج امرأةً فمات ولم يدخل بها، ولم يفرض لها؟ قال: لها الصداق، وعليها العدة، ولها الميراث، فقال معقل بن سنان رضي الله عنه: فقد سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم قضى به في بروع بنت واشق)]. ثم أورد النسائي حديث ابن مسعود من طريق أخرى حديث معقل بن سنان الذي فيه فتوى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه من طريق أخرى، وهي مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا إسحاق بن منصور].
هو إسحاق بن منصور المشهور بـالكوسج المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.
[حدثنا عبد الرحمن].
هو عبد الرحمن بن مهدي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان عن فراس].
هو سفيان الثوري، وفراس هو فراس بن يحيى الكوفي، وهو صدوق ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الشعبي].
هو عامر بن شراحيل الشعبي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مسروق].
هو مسروق بن الأجدع، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة أيضاً.
[عن عبد الله عن معقل بن سنان].
وقد مر ذكرهما.


حديث ابن مسعود في إباحة التزوج بغير صداق مسمى من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن منصور حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله رضي الله عنه مثله].أورد الحديث من طريق أخرى، وأحال على الرواية السابقة قبلها فقال: مثله، أي: أن المتن مثل المتن الذي قبله، وكلمة (مثله) تعني: المماثلة، بخلاف كلمة (نحوه) فإنها تعني المماثلة في المعنى مع الاختلاف في اللفظ، أما كلمة مثله فتعني المماثلة في اللفظ والمعنى، والاتفاق في اللفظ والمعنى، أي: إن المتن لهذا الحديث الذي لم يذكر متنه مطابق، ومماثل لمتن الإسناد الذي قبله.
قوله: [أخبرنا إسحاق بن منصور حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله].
وكل هؤلاء قد مر ذكرهم.


شرح حديث ابن مسعود في إباحة التزوج بغير صداق مسمى من طريق خامسة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا علي بن حجر حدثنا علي بن مسهر عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن علقمة عن عبد الله رضي الله عنه: (أنه أتاه قومٌ فقالوا: إن رجلاً منا تزوج امرأةً ولم يفرض لها صداقاً، ولم يجمعها إليه حتى مات؟ فقال عبد الله: ما سئلت منذ فارقت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أشد عليّ من هذه، فأتوا غيري، فاختلفوا إليه فيها شهراً، ثم قالوا له في آخر ذلك: من نسأل إن لم نسألك؟ وأنت من جلة أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم بهذا البلد، ولا نجد غيرك، قال: سأقول فيها بجهد رأيي، فإن كان صواباً فمن الله وحده لا شريك له، وإن كان خطأً فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، أرى أن أجعل لها صداق نسائها لا وكس ولا شطط، ولها الميراث، وعليها العدة أربعة أشهرٍ وعشراً، قال: وذلك بسمع أناس من أشجع، فقاموا فقالوا: نشهد أنك قضيت بما قضى به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في امرأةٍ منا يقال لها: بروع بنت واشق، قال: فما رئي عبد الله فرح فرحة يومئذٍ إلا بإسلامه)].ثم أورد النسائي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن جماعة من أشجع فيهم معقل بن سنان الأشجعي رضي الله تعالى عنه، وذلك في قصة الاستفتاء الذي استفتي عنه في المرأة التي تزوجها رجل، ولم يجمعها إليه، ولم يفرض لها صداق، يعني ما دخل عليها، وما فرض لها صداقاً، فقال: [ما سئلت منذ فارقت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مسألة أشد عليّ من هذه]؛ لأنه ما يعرف فيها جواباً عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، اسألوا عنها غيري، فقالوا له: [من نسأل غيرك؟ لا نعلم أحداً نسأله في هذا البلد، وأنت من جلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم]، يعني: جمع جليل، فليس هناك أحد نسأله فأفتنا، فقال: [أقول فيها برأيي، أو اجتهد رأيي]، ثم ذكر ما انتهى إليه رأيه، وقال في آخره: [إن كان صواباً فمن الله وحده لا شريك له]، وهو المتفضل بالتوفيق والامتنان، [وإن كان خطأً فمني ومن الشيطان، والله ورسوله براء من ذلك، لها مهر نسائها لا وكس ولا شطط، وعليها العدة، ولها الميراث، فشهد أناس من أشجع أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى فيهم بامرأة مات عنها زوجها ولم يدخل بها، ولم يفرض لها صداقاً، وهي بروع بنت واشق، فحكم بأن لها صداق مثيلاتها، وعليها العدة، ولها الميراث، قالوا: فما رأينا عبد الله بن مسعود فرح فرحةً يومئذ إلا بإسلامه]، يعني: ما هناك فرحةً أعظم من هذه الفرحة إلا فرح يوم أنه أسلم، فرحه يوم أسلم هذا يعني أعظم فرح حصل له، وهذا الذي حصل منه فرح شديد ما رأوا مثله إلا فرحته يوم أسلم رضي الله تعالى عنه وأرضاه؛ هذا الفرح لأنه وافق الصواب في اجتهاده، ووافق الحق الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي هذا الحديث بيان أن الذي شهد عدد جماعة من أشجع، ولكن الذي سمي منهم في بعض الأسانيد: معقل بن سنان الأشجعي، وكما هو معلوم الجهالة في الصحابة لا تؤثر، ولكن قد علم واحد من هؤلاء الذين هم من أشجع، وهو: معقل بن سنان رضي الله تعالى عنه.
ومثل هذه الكلمة التي قالوها عن عبد الله بن مسعود في فرحه فرحاً شديد، وأن ما هناك أعظم منه إلا فرحه بالإسلام، ما جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه، كما في صحيح البخاري: أنه لما جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: (يا رسول الله، متى الساعة؟ قال عليه الصلاة والسلام: وماذا أعددت لها؟ قال: أعددت لها حب الله ورسوله، قال عليه الصلاة والسلام: المرء مع من أحب)، قال أنس بن مالك رضي الله عنه: فو الله ما فرحنا بشيء بعد الإسلام أشد منا فرحاً بهذا الحديث، فو الله ما فرحنا بشيء بعد الإسلام، يعني: بعد فرحنا بإسلامنا، وخروجنا من الظلمات إلى النور، ودخولنا في هذا الدين الحنيف الذي هو أعظم نعمة، وأجل نعمة، ما فرحنا بشيء بعد فرحنا بالإسلام أشد منا فرحاً بهذا الحديث؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المرء مع من أحب)، قال أنس: فأنا أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر، وعمر، وأرجو من الله أن يلحقني بهم بحبي إياهم وإن لم أعمل مثل أعمالهم.


تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود في إباحة التزوج بغير صداق مسمى من طريق خامسة


قوله: [أخبرنا علي بن حجر].هو ابن إياس السعدي المروزي، وهو ثقة، أخرج له البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي .
[ حدثنا علي بن مسهر ].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن داود بن أبي هند ].
وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن الشعبي ].
هو عامر بن شراحيل الشعبي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن علقمة ].
هو علقمة بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن مسعود ].
هو عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من أشجع].
وقد مر في بعض الطرق تسمية واحد منهم، وهو: معقل بن سنان الأشجعي رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب السنن الأربعة.

الاسئلة

حكم زواج الأخ من جهة الأب بالأخت من جهة الأم

السؤال: هل يصح زواج أخ من أب بأخته من أمه؟

الجواب: سبق أني سئلت في هذا الدرس عن رجل أخوه من أبيه يريد أن يتزوج أخته من أمه، وقلت: أن هذا لا بأس به؛ لأن أخته من أم أجنبية عن أخيه من أبيه من النسب وهذا لا بأس به، وكذلك من الرضاع إذا وجد لا بأس به؛ لأن كل واحد أجنبي من الآخر، يعني إنسان ولد لأبيه، ثم أبوه تزوج وصار له ولد من المرأة الثانية، فصار أخاً لأبيه، ثم أمه كانت متزوجة من قبل ولها بنت، ثم تزوجها أبوه وولدت له، فصار له أخ من الأب، وأخ من الأم، وأخت من الأم، فأخوه من أبيه له أن يتزوج أخته من أمه؛ لأن أخاه من أبيه أجنبي عن أخته من أمه، فمثل هذا جائز، وليس فيه أن الإنسان يتزوج أخته من أمه من الرضاع؛ لأن هذه مسألة أخرى، ولا يتزوج الإنسان أخته من أمه من الرضاع؛ لأنه يحرم الرضاع ما يحرم من النسب.
وإنما المقصود الذي جاء ذكره في السؤال، والذي سئلت عنه وأجبت عليه: أن رجلاً له أخ من أبيه، وله أخت من أمه، وأراد أن يتزوج أخوه من أبيه أخته من أمه، هل أخوه من أبيه محرم لأخته من أمه؟ أبداً أجنبي منها؛ لأن هذه بنت رجل كان زوجاً لأمه من قبل، وهذا الولد لأبيه من امرأة كانت من قبل، وكان هذا الشخص عقب ما تزوج بهذه المرأة التي لها بنت، فولد له ولد صار ذلك الولد أخ للبنت من الأم، وأخ للولد من الأب، فيجوز لأخيه من أبيه أن يتزوج أخته من أمه، وكذلك لو كان بالنسبة للرضاع؛ لأنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، ومثل هذا لا يحرم من النسب فلا يحرم مثله في الرضاع، لكن الأخت من الأم من الرضاع ما أحد يقول: إنها حلال، وأنه يجوز للإنسان أن يتزوجها؛ لأنها أخته، لكن المسألة ليست في هذه، المسألة ينبغي أن تفهم كما ذكر: أخوه من أبيه يتزوج أخته من أمه، وليس هو يتزوج أخته من أمه من الرضاع.

المراد بالتكبير

السؤال: ما هو التكبير؟
الجواب: هو أن يقول: الله أكبر، هكذا مثل ما يكبر في الصلاة، مثل ما يفعل بعض الناس إذا كانوا في الصفا والمروة يقول: الله أكبر الله أكبر، ويشير إلى الكعبة، هذا خطأ والصحيح أن يقول: الله أكبر الله أكبر، ويأتي بالذكر والدعاء، لكنه رافعاً يديه بدون تكبير، وبدون إشارة إلى الكعبة، وإنما بالرفع الله أكبر ومثل ما حصل لـأبي بكر رضي الله عنه لما كان في الصلاة، والرسول صلى الله عليه وسلم جاء ودخل هذا وأشار إليه بأن يبقى، فرفع يديه وقال: الحمد لله، ثم تأخر وقال: (ما كان لـابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم). فرفع اليدين ما يلزم أن يكون للدعاء، بل يكون أيضاً مع التكبير ومع الحمد.

ابوالوليد المسلم 07-08-2022 04:48 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب النكاح

(440)

- (باب هبة المرأة نفسها لرجل) إلى (باب تحريم المتعة)




من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم أن ينكح بلا صداق، أما من عداه فلا يشرع له ذلك، ولأي امرأة أن تهب نفسها له صلى الله عليه وسلم دون غيره، أما نكاح المتعة فقد حرمه النبي صلى الله عليه وسلم وبقي محرماً حتى قيام الساعة.
هبة المرأة نفسها لرجلٍ بغير صداق

شرح حديث سهل بن سعد في هبة المرأة نفسها لرجل بغير صداق


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب هبة المرأة نفسها لرجلٍ بغير صداق. أخبرنا هارون بن عبد الله حدثنا معن حدثنا مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد رضي الله تعالى عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءته امرأةٌ فقالت: يا رسول الله! إني قد وهبت نفسي لك، فقامت قياماً طويلاً، فقام رجل فقال: زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة، قال رسول الله عليه وسلم: هل عندك شيء؟ قال: ما أجد شيئاً، قال: التمس ولو خاتماً من حديد، فالتمس فلم يجد شيئاً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل معك من القرآن شيء؟ قال: نعم، سورة كذا وسورة كذا، لسورٍ سماها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد زوجتكها على ما معك من القرآن)].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: هبة المرأة نفسها لرجل بغير صداق، هذه الترجمة المراد بها: أن المرأة إذا وهبت نفسها لرجلٍ بغير صداق، فإن ذلك يصح، ولكن هذا من خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو الذي اختص بهذا، وقد جاء ذلك في القرآن: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgوَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[الأحزاب:50]، أي: كون المرأة تهب نفسها له، ويكون ذلك بغير صداق، ولما لم يكن له بحاجة إليها.
أورد النسائي حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه، في قصة المرأة الواهبة نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، إذ جاءت إليه وهو في مجلسه ومعه جماعة، فوهبت نفسها له صلى الله عليه وسلم ليتزوجها، فالرسول صلى الله عليه وسلم صوب فيها النظر وخفضه، ولم يرد جواباً، وكأنه ليس له بها حاجة، فجلست، فقال رجل من الحاضرين: (إن لم يكن لك بها حاجة يا رسول الله! فزوجنيها، فقال: هل عندك شيء؟ - تصدقها إياه- فأخبر بأنه ليس عنده شيء، قال: التمس ولو خاتماً من حديد، فالتمس ولم يجد حتى الخاتم من حديد، ثم إنه سأله: هل عنده شيء من القرآن؟ فذكر سوراً من القرآن يحفظها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: قد زوجتكها بما معك من القرآن)، فهبة المرأة نفسها بغير صداق، هذا إنما هو للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام لما لم يكن له بها حاجة، احتاج الأمر إلى صداق، ولهذا قال له: [ابحث حتى ولو عن خاتمٍ من حديد، فبحث ولم يجد]، ثم بعد ذلك انتقل إلى أن يوصل إليها منفعة، وهي أن يعلمها شيء من القرآن، فهذا يدلنا على أن الصداق لا بد منه، ولكن حصول الزواج هبةً من الواهبة نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم بدون صداق، هو من خصائصه عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
والحديث مر من طرقٍ متعددة في أبوابٍ مختلفة، وقد مر ذكره، وذكر شيءٍ من الكلام فيه.

تراجم رجال إسناد حديث سهل بن سعد في هبة المرأة نفسها لرجل بغير صداق


قوله: [أخبرنا هارون بن عبد الله].هو هارون بن عبد الله الحمال البغدادي، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا معن].
هو عن معن بن عيسى، وهو ثقةٌ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مالك].
وهو الإمام الفقيه المحدث المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي حازم].
سلمة بن دينار وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سهل بن سعد الساعدي].
صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.


إحلال الفرج

شرح حديث النعمان بن بشير في إحلال الفرج

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب إحلال الفرج. أخبرنا محمد بن بشار حدثنا محمد حدثنا شعبة عن أبي بشر عن خالد بن عرفطة عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (في الرجل يأتي جارية امرأته، قال: إن كانت أحلتها له جلدته مائة، وإن لم تكن أحلتها له رجمته)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: إحلال الفرج، يعني: يقصد بذلك المرأة التي لها أمة تملكها، وأحلت فرجها لزوجها لأن يطأها، أي: مكنته من وطئها، أي: المرأة زوجته المالكة للأمة، أحلت فرج أمتها لزوجها، يعني: ما حكم ذلك إذا حصل؟ وإذا وقع فما يترتب عليه؟
ومن المعلوم أن الأبضاع لا تستباح إلا بأمرين اثنين لا ثالث لهما، وهما: الزواج، وملك اليمين، يعني: كون الإنسان يتزوج فيطأ زوجته، أو يملك أمةً فيطؤها بملك اليمين، وليس وراء هذين الطريقين شيءٌ يجوز وتستباح به الفروج، وقد بين الله عز وجل ذلك في كتابه العزيز فقال: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgوَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[المؤمنون:5-7]، فأخبر أنه لا يكون استباحة الفرج أو الفروج إلا بالزواج، أو بملك اليمين، وأن من طلب هذا الأمر الذي هو استباحة الفرج من غير هذين الطريقين، فقد سلك مسلكاً خطيراً، وفعل أمراً محرماً، وعلى هذا فإن كل ما يخالف هذا الذي جاء به القرآن من قصر الأمر على الزواج، وعلى ملك اليمين، يدل على أن كل ما كان خلاف ذلك، فهو مخالفٌ لما جاء به الكتاب والسنة عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وذلك لا يجوز، يعني: كل شيءٍ سوى هذين الطريقين فهو غير جائز، ومن ذلك كون الرجل يطأ أمة زوجته، فإن ذلك غير سائغ، ولو مكنته من ذلك فإنه لا يجوز؛ لأنه تمكين من محرم، والإباحة إنما هي بالطريقين الاثنين، وهما: الزواج وملك اليمين، لأن البضع مقصور الاستفادة منه على أن يكون ذلك من الزوج، أو يكون مالكاً لتلك الأمة التي يستمتع بها.
وقد أورد النسائي حديث النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما، في قصة الرجل الذي وقع على جارية امرأته، فقال عليه الصلاة والسلام: (إن أحلتها له -يعني: زوجته- فإنه يجلد مائة، وإن لم تحلها له فإنه يرجم)، يرجم لأنه محصن، والمحصن حده الرجم، وأما البكر فحده الجلد والتغريب، والذي جاء في الحديث هنا ليس حداً، من كونه يجلد مائة، هذا ليس حداً؛ لأن مثله محصن، والمحصن حده الرجم، وكونه جاء في الحديث: [أنه يجلد مائة]، ليس ذلك حداً، وإنما هو تعزيراً، ومبالغةً في التعزير؛ لأن هناك شيءٌ عول عليه، وهو الترخيص له من زوجته بأن يطأ أمتها، فيكون ذلك يقتضي التعزير والمبالغة فيه إلى مثل حد البكر، وهو أنه يجلد مائة جلدة الذي لم يكن محصناً، أما من كان محصناً، فإن حده الرجم كما هو معلوم، والرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث قال: [(إن أحلتها له يجلد مائة، وإن لم تحلها له)]، أي: أنه هو الذي أقدم على فعل هذه الفاحشة بها وهو محصن، فيكون حكمه الرجم، وحده الرجم، وقيل: إن هذا كان قبل الحدود.
وقد اختلف العلماء في هذه المسألة، فذهب جماعةٌ من الصحابة إلى أن حده الرجم؛ لأنه محصن، وقد فعل أمراً لا يسوغ، وهو ليس بزوج، ولا مالك للأمة، بل المالك لها غيره، فيكون عليه الرجم، وجاء عن عبد الله بن مسعود أن عليه التعزير الذي يبالغ فيه، وجاء عن الإمام أحمد وعن غيره أنه يفصل هذا التفصيل الذي جاء في هذا الحديث، وهو أنها إن حصل من الزوجة شيءٌ في تمكينها منه، وإحلالها فرج أمتها، فإنه يجلد مائةً تعزيراً، وإن كان ذلك بإقدامٍ من الزوج، زوج المرأة على فعل الفاحشة في أمة زوجته، فإن الحكم يكون هو الرجم.
والحديث جاء من طرق متعددة، ولكن بألفاظٍ مختلفة، وفيها اضطراب، وبعض العلماء تكلم عليها من حيث الاضطراب، وقال: إنها لا تصح؛ لأنها مضطربة تأتي على أوجه مختلفة، لا يرجح بعضها على بعض. ومن العلماء من قال: إن فيها ضعف غير الاضطراب، من جهة حصول التدليس من المدلسين، وكذلك الضعف في بعض الرواة.

تراجم رجال إسناد حديث النعمان بن بشير في إحلال الفرج


قوله: [أخبرنا محمد بن بشار].هو: محمد بن بشار الملقب بندار، وهو ثقةٌ، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخٌ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[حدثنا محمد].
هو ابن جعفر الملقب غندر البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
هو ابن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي بشر].
هو جعفر بن إياس المشهور بـابن أبي وحشية، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[خالد بن عرفطة].
مقبولٌ، أخرج حديثه البخاري في الأدب، وأبو داود، والنسائي.
[عن حبيب بن سالم].
وهو لا بأس به، وتعادل صدوق، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن النعمان بن بشير].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صحابي ابن صحابي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وكان من صغار الصحابة رضي الله عنه وأرضاه، توفي رسول الله عليه الصلاة والسلام وعمره ثمان سنين. وصغار الصحابة هناك أشياء يروونها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وبعضها يروونها عن أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وتعتبر ومراسيل الصحابة كلها عمدة، وحجة يعول عليها؛ لأن الغالب عليهم أنهم لا يروون إلا عن الصحابة.
وقد جاء عن النعمان بن بشير التصريح بسماع أحاديث من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهي ليست من مراسيل الصحابة، ومنها الحديث المشهور: (إن الحلال بين، وإن الحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات)، رواه الشيخان البخاري، ومسلم من حديث النعمان بن بشير، وفيه قوله: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا، فتحمل في حال صغره، وأدى في حال كبره، تحمل وعمره أقل من ثمان سنوات؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وعمر النعمان بن بشير ثمان سنوات.
ومعنى هذا: أنه تحمل قبل ذلك، وتحمل الصغير في حال صغره، وتأديته في حال كبره، هذا أمرٌ معتبر؛ لأن المعول عليه هو إخباره وهو مكلف، إخباره، وذكره ما يريد أن يرويه، وهو مكلف، فـالنعمان رضي الله تعالى عنه وأرضاه، سمع من النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأحاديث، وكان عمره لما توفي رسول الله عليه الصلاة والسلام ثمان سنين، ومثل ذلك الكافر إذا تحمل في حال كفره، وأدى في حال إسلامه، فإن ذلك معتبر، الصغير يتحمل في حال الصغر، ويؤدي في حال الكبر، معتبر تحمله وتأديته، والكافر يسلم، ويكون متحملاً في حال كفره، ثم يؤدي بعد إسلامه، ذلك معتبر. ومن ذلك حديث هرقل عظيم الروم مع أبي سفيان، وأبو سفيان، كان مشركاً، وكان يحدث، ويخبر عما جرى له من المعارضة، والمخالفة لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم في حال كفره، وما رواه وأخبر به مما كان تحمله في حال كفره؛ لأن المعتبر في حال الأداء، فإذا أدى وهو أهلٌ للأداء، فإن ذلك هو المعتبر ولو كان تحمله في حال الكفر، فالصغير إذا تحمل في الصغر، وأدى في الكبر، والكافر إذا تحمل في الكفر، وأدى في حال الإسلام، فكلٌ منهما حديثه معتبر ومعولٌ عليه.

شرح حديث النعمان بن بشير في إحلال الفرج من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن معمر حدثنا حبان حدثنا أبان عن قتادة عن خالد بن عرفطة عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير رضي الله عنه: (أن رجلاً يقال له: عبد الرحمن بن حنين وينبز قرقوراً، أنه وقع بجارية امرأته، فرفع إلى النعمان بن بشير فقال: لأقضين فيها بقضية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إن كانت أحلتها لك جلدتك، وإن لم تكن أحلتها لك رجمتك بالحجارة، فكانت أحلتها له فجلد مائة)].ثم أورد النسائي حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه، وهو مثل الذي قبله، إن كانت أحلت له من سيدتها فإنه يجلد مائةً، وإن لم تحلها له فإنه يرجم بالحجارة.
قوله: [قال قتادة: فكتب إلى حبيب بن سالم فكتب إلي بهذا]، معناه: أنه يرويه مكاتبةً، والمكاتبة معتبرة عند العلماء، يعني: كون الإنسان يكتب إلى شخص، ثم يحدثه بالكتاب، ذلك معتبر عند العلماء.

تراجم رجال إسناد حديث النعمان بن بشير في إحلال الفرج من طريق ثانية


قوله: [أخبرنا محمد بن معمر].هو البحراني، وهو صدوقٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخٌ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرةً وبدون واسطة، يعني مثل: محمد بن بشار، ومحمد بن المثنى، وعمرو بن علي الفلاس، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، كل هؤلاء من الذين هم شيوخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنهم مباشرةً وبدون واسطة.
ومحمد بن معمر ذكر المزي في تهذيب الكمال: أنه روى عن حبان بن هلال، وفي تهذيب التهذيب ذكر الحافظ ابن حجر في ترجمة محمد بن معمر الجهني: أنه روى عن حبان بن هلال، فيحتمل هذا وهذا، وكلٌ منهما صدوق، إلا أن البحراني شيخٌ لأصحاب الكتب الستة، وأما الثاني الجهني فروى له أبو داود، والنسائي فقط.
[حدثنا حبان بن هلال].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبان].
هو أبان بن يزيد العطار، وهو ثقة، أخرج له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، أي: أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن قتادة].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقةٌ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن خالد بن عرفطة].
وقد مر ذكره.
[عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير].
وقد مر ذكرهما.

شرح حديث النعمان بن بشير في إحلال الفرج من طريق ثالثة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أبو داود حدثنا عارم حدثنا حماد بن سلمة عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في رجلٍ وقع بجارية امرأته: إن كانت أحلتها له فأجلده مائة، وإن لم تكن أحلتها له فأرجمه)].قوله: (فأجلده) و(فأرجمه) ما أدري إذا كان الضمير يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم يكون بهمزة قطع، لكن الذي مر في بعض الروايات أنه قال له: إن كان كذا فكذا، وإن كان كذا فكذا، أي: إذا كان النبي يخبر عن نفسه صلى الله عليه وآله وسلم فيكون أجلده وأرجمه، وإن كان أمراً منه صلى الله عليه وسلم لمن يتولى هذه المهمة، فيكون فاجلده، وفارجمه، بدون همزة قطع.

تراجم رجال إسناد حديث النعمان بن بشير في إحلال الفرج من طريق ثالثة


قوله: [أخبرنا أبو داود].هو سليمان بن سيف الحراني، وهو ثقة، أخرج له النسائي وحده.
[حدثنا عارم].
هو محمد بن فضل أبو النعمان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا حماد بن سلمة].
هو حماد بن سلمة بن دينار البصري، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن سعيد بن أبي عروبة].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة عن حبيب عن النعمان].
وقد مر ذكر هؤلاء الثلاثة.

شرح حديث سلمة بن المحبق في رجل وقع على جارية امرأته


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن قتادة عن الحسن عن قبيصة بن حريث عن سلمة بن المحبق قال: (قضى النبي صلى الله عليه وسلم في رجل وطأ جارية امرأته، إن كان استكرهها فهي حرةٌ، وعليه لسيدتها مثلها، وإن كانت طاوعته فهي له وعليه لسيدتها مثلها)].أورد النسائي حديث سلمة بن المحبق رضي الله تعالى عنه: أن رجلاً وقع على جارية امرأته، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: [(إن كان استكرهها فهي حرةٌ، وعليه لسيدتها مثلها)]، يعني: تكون حرة بسبب فعله هذا، وعليه أن يأتي لسيدتها بمثلها عوضاً عنها، قوله: [(وإن كانت طاوعته)]، أي: ليست مكرهة، ثم قال: [(فهي له)]، يعني يملكها، وعليه لسيدتها مثلها، وهذا بيان لما يئول إليه أمر الأمة التي فعل فيها هذا الفعل؛ لأن الأول فيه ما يتعلق للرجل وحكمه، هل يجلد أو يرجم؟ وهنا بيان حال تلك الأمة التي حصل لها ذلك الشيء, هل هي باقية على ما هي عليه أو غير باقية؟ فقال: [(إن كان استكرهها فهي حرةٌ وعليه لسيدتها مثلها)]، يغرم لسيدتها مثلها؛ لأنها صارت حرة بهذا العمل، [(وإن كانت طاوعته)]، أي: الأمة لم يكن هناك استكراه, بل مطاوعة، فهي تكون له, ويكون عليه لسيدتها مثلها.

يتبع




الساعة الآن : 04:54 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 297.03 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 296.53 كيلو بايت... تم توفير 0.50 كيلو بايت...بمعدل (0.17%)]