ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=91)
-   -   شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=194121)

ابوالوليد المسلم 23-03-2022 04:34 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب صلاة الخوف)
(281)

كتاب صلاة الخوف [1]
فرض الله الصلاة على عباده بالتعيين، ولا تسقط عن أحد مهما كانت حالته، حتى في حالة الخوف والقتال فإنها تؤدى على اختلاف أحوال القتال ومواجهة العدو.

صلاة الخوف
شرح حديث حذيفة بن اليمان: (صلى رسول الله صلاة الخوف بطائفة ركعة ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [كتاب صلاة الخوف.أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا وكيع أخبرنا سفيان عن الأشعث بن أبي الشعثاء عن الأسود بن هلال عن ثعلبة بن زهدم قال: (كنا مع سعيد بن العاصي بطبرستان ومعنا حذيفة بن اليمان، فقال: أيكم صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف؟ فقال حذيفة: أنا، فوصف فقال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف بطائفةٍ ركعةً صف خلفه، وطائفةٍ أخرى بينه وبين العدو، فصلى بالطائفة التي تليه ركعة، ثم نكص هؤلاء إلى مصاف أولئك، وجاء أولئك، فصلى بهم ركعة)].
يقول النسائي رحمه الله: كتاب صلاة الخوف. وصلاة الخوف جاءت فيها سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام على صفات متعددة، سواء كان الناس حاضرين أو مسافرين، فإن صلواتهم معلومة كيفيتها، وأما في حال الخوف فقد جاءت صفتها عن رسول الله عليه الصلاة والسلام على أوجه مختلفة، وحصلت في مناسبات متعددة، ومن العلماء من فضل كيفية على كيفية، ومنهم من قال: إنها كلها سائغة، وإنما في كل حال ما يناسبها من الكيفيات التي ثبتت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكانت هذه الكيفيات تنقسم إلى قسمين: أحدها: إذا كان العدو بينهم وبين القبلة، والحالة الثانية: إذا كان في جهة أخرى غير القبلة، أي: يكون من ورائهم، ولكل صفة فيما إذا كان العدو في جهة القبلة أو في غير جهتها.
وقد أورد النسائي تحت هذا الكتاب عدة أحاديث، ولم يعقد أبواباً تحت هذا الكتاب، بل أورد سبعةً وعشرين حديثاً مسرودة، ليس فيها أبواب كعادته في بقية الكتب المتقدمة التي يكون كل كتاب تحته أبواب، هنا سرد الكيفيات، وأتى بالأحاديث المشتملة على الكيفيات دون تبويب لها، وقد أورد النسائي في أولها حديث حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه، وكانوا في طبرستان ومعهم سعيد بن العاص الأمير، فسأل: من يعلم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخوف؟ فقال حذيفة: أنا، ثم وصفها، فبين أن النبي عليه الصلاة والسلام صلى بالناس، وجعلهم طائفتين: طائفة يصلون وراءه، وطائفة يبقون تجاه العدو يحرسون إخوانهم، ويعرفون حركات العدو، فصلى بالذين معه ركعة، ثم ذهبوا وصاروا مكان أولئك الذين يحرسون مواجهين للعدو، وجاءوا أولئك الذين لم يصلوا فصلوا معه ركعة، أي: أن كل طائفة منهم صلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة، الطائفة الأولى التي كانت معه صلت معه الركعة الأولى، ثم ذهبت، وبقيت في مقام الذين لم يصلوا معه أولاً، فجاء أولئك الذين كانوا يحرسون، والنبي عليه الصلاة والسلام في الركعة الأولى، فصفوا معه، وصلى بهم الركعة الثانية.
وظاهر الحديث أن كلاً منهم اكتفى بركعة، وجاء في الرواية الأخرى: (أنهم لم يقضوا)، وهذا يوضح اكتفاءهم بركعة، وأن كل طائفة من الطائفتين صلت ركعة ولم تقضِ، والنبي عليه الصلاة والسلام صلى بالناس ركعتين، فهذه إحدى الكيفيات الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء في بعضها، أي: بعض الروايات أو بعض الكيفيات أن كل طائفة تقضي ركعة كما يأتي في بعض الأحاديث، أي: أن الطائفة الأولى صلت معه ركعة، ثم أتمت لنفسها وذهبت، والطائفة الثانية جاءت معه في الركعة الثانية وصلت معه، ولما جلس للتشهد أتمت لنفسها، أي: الركعة الثانية، ثم سلم بها، وهذه الرواية فيها الإطلاق، والتي بعدها من حديث حذيفة فيها التصريح بأنهم لم يقضوا، أي: أن كل واحد منهم، أو كل طائفة منهم صلت ركعةً واحدة.
تراجم رجال إسناد حديث حذيفة بن اليمان: (صلى رسول الله صلاة الخوف بطائفة ركعة ...)
قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].
هو ابن مخلد المشهور بـابن راهويه الحنظلي، وهو ثقة، ثبت، إمام، مجتهد، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه، وقد وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أرفع صيغ التعديل وأعلاها.
[حدثنا وكيع].
هو ابن الجراح الرؤاسي، الكوفي، وهو، ثقة، حافظ، مصنف، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا عن سفيان].
وسفيان غير منسوب، والمراد به سفيان الثوري؛ لأن وكيعاً مكثر من الرواية عن سفيان الثوري، وهو من أهل بلده، ومقل من الرواية عن سفيان بن عيينة، وهو ليس من أهل بلده؛ ولأن ابن عيينة مكي، وأما الثوري فهو كوفي، ووكيع بن الجراح كوفي، فإذا جاء سفيان غير منسوب يروي عنه وكيع فالمراد به: الثوري؛ لأنه معروف بالإكثار من الرواية عنه، وأما ابن عيينة فهو معروف بالإقلال من الرواية عنه، وهذا من بلده الذي هو: سفيان الثوري، وذاك ليس من بلده الذي هو: سفيان بن عيينة، ومن المعلوم أن الإنسان إذا كان مع شيخه في بلد واحد، فإنه يكون كثير الاتصال به، وكثير الأخذ عنه، بخلاف ما إذا كان في بلد آخر، فإنه لا يلتقي به إلا زائراً، أو يلتقي به في بعض الأحيان، فيحمل على من له به كثرة اتصال، ووكيع ممن أكثر عن الثوري، وأقل الرواية عن ابن عيينة، وهذا ما يسمى: المهمل في علم المصطلح، أي: أن الشخص لم ينسب، ويحتمل عدة أشخاص، فإنه يحمل على من للتلميذ به خصوصية، وذلك إذا كان يكون من أهل بلده، أو مكثراً من الرواية عنه.
وسفيان الثوري هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي، وهو ثقة، ثبت، حجة، إمام، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل، وأرفعها، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن الأشعث بن أبي الشعثاء].
هو الأشعث بن أبي الشعثاء المحاربي الكوفي، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
أبوه سليم، أي أن: أبا الشعثاء، هو سليم، وابنه: أشعث بن سليم، ويقال له: أشعث بن أبي الشعثاء، يذكر منسوباً إلى أبيه مكنى، ومنسوباً إلى أبيه باسم أبيه، وهنا جاءت الرواية منسوباً إلى أبيه مكنى، أشعث بن أبي الشعثاء، والطريقة التي ستأتي أشعث بن سليم، وأشعث بن سليم هو أشعث بن أبي الشعثاء.
[عن الأسود بن هلال].
ثقة، خرج له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[عن ثعلبة بن زهدم].
مختلف في صحبته، وقال عنه العجلي: إنه تابعي، ثقة، وحديثه أخرجه أبو داود، والنسائي.
[عن حذيفة].
هو حذيفة بن اليمان صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، صحابي ابن صحابي، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث حذيفة بن اليمان: (أيكم صلى مع رسول الله صلاة الخوف؟ ...) من طريق أخرى
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى حدثنا سفيان حدثني أشعث بن سليم عن الأسود بن هلال عن ثعلبة بن زهدم قال: (كنا مع سعيد بن العاص بطبرستان، فقال: أيكم صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف؟ فقال حذيفة: أنا. فقام حذيفة فصف الناس خلفه صفين، صفاً خلفه وصفاً موازي العدو، فصلى بالذي خلفه ركعة، ثم انصرف هؤلاء إلى مكان هؤلاء، وجاء أولئك فصلى بهم ركعة ولم يقضوا)].أورد النسائي حديث حذيفة رضي الله عنه من طريق أخرى، وهو مثل الطريق السابقة، إلا أن الطريق السابقة فيها حكاية صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم ووصفها، وأما هذه فإنه صلى بهم صلاة الخوف على وفق صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي مثل السابقة، إلا أن فيها التصريح بأنهم لم يقضوا، أي: أن كل جماعة صلوا ركعة ولم يحصل منهم قضاء.

تراجم رجال إسناد حديث حذيفة بن اليمان: (أيكم صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف؟ ...) من طريق أخرى

قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].
عمرو بن علي، هو الفلاس، وهو ثقة ناقد متكلم في الرجال جرحاً وتعديلاً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يحيى].
هو يحيى بن سعيد القطان البصري، وهو ثقة، ثبت، ناقد، متكلم في الرجال جرحاً وتعديلاً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان].
هو الثوري، وقد مر ذكره.
[حدثني أشعث بن سليم].
هو أشعث بن أبي الشعثاء وقد مر في الإسناد الذي قبل هذا.
[ثعلبة بن زهدم].
ثعلبة بن زهدم، وحذيفة، مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.
شاهد لحديث حذيفة من رواية زيد بن ثابت في كيفية صلاة الخوف
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى حدثنا سفيان حدثني الركين بن الربيع عن القاسم بن حسان عن زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (مثل صلاة حذيفة)].أورد النسائي زيد بن ثابت رضي الله عنه في صفة صلاة الخوف، ولكنه لم يذكر المتن، بل أحال على حديث صلاة حذيفة، وهو الحديث المتقدم قبل هذا، الحديث الذي فيه صلاة حذيفة بالناس صلاة الخوف بطبرستان، حيث صلى بهم، ولم يذكر لفظ حديث زيد بن ثابت، بل أحال على حديث حذيفة في صلاته بالناس الخوف في طبرستان، بخلاف الحديث الأول، فإن فيه لم يصل حذيفة، وإنما وصف صلاة الخوف، والحديث الثاني الذي تقدم، فيه أنه صلى بهم صلاة الخوف على وفق صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكلمة: (مثل)، تعني: الموافقة، والمماثلة، ومعناه: أن لفظه على وفق، وعلى مثل ما حصل من حذيفة في صلاته بالناس الخوف في طبرستان، وعند المحدثين فرق بين مثله ونحوه، إذا قالوا: مثله أو قالوا: نحوه، فإن (مثله) تعني: المطابقة، وأما (نحوه) تعني: الاتفاق في المعنى، وإن حصل الاختلاف في الألفاظ، هذا هو الفرق بين (مثله) و(نحوه).
تراجم رجال إسناد شاهد لحديث حذيفة من رواية زيد بن ثابت في كيفية صلاة الخوف
قوله: [أخبرنا عمرو بن علي عن يحيى بن سعيد القطان].
وقد مر ذكرهما.
[حدثنا سفيان].
وقد مر ذكره أيضاً.
[حدثني الركين بن الربيع].
ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن القاسم بن حسان].
مقبول، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن زيد بن ثابت].
صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد كتبة الوحي للرسول عليه الصلاة والسلام، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
والحديث في سنده القاسم بن حسان، وهو مقبول، وحديثه يعتبر عند المتابعة، ومن المعلوم: أن حديث حذيفة المتقدم هو مثله، كما لم يذكر المتن هنا، وأحيل فيه إلى حديث حذيفة، فهذا الذي جاء من طريقه جاء من طريق غيره، وهو ثابت من طريق غيره، وكونه مقبول، فإنه يعتمد على حديثه عند المتابعة، وقد جاء ما يشهد له ويؤيده من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه المتقدم، والذي أحيل إليه عند انتهاء الإسناد في هذا الحديث، وأحيل بمتنه على أنه مثل حديث حذيفة في صلاته بالناس صلاة الخوف، وهو الحديث المتقدم قبل هذا.

شرح حديث ابن عباس: (فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعاً ... وفي الخوف ركعة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة حدثنا أبو عوانة عن بكير بن الأخنس عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: (فرض الله الصلاة على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم في الحضر أربعاً، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة)].أورد النسائي حديث ابن عباس رضي الله عنهما، الذي تقدم في السفر، وتقدم في بعض المواضع، وأتى به هنا في الخوف من أجل ما جاء فيه أن صلاة الخوف ركعة، قال: [(فرض الله على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم صلاة الحضر أربعاً، وصلاة السفر ركعتين، وصلاة الخوف ركعة)]. وهذا فيه دليل على أن صلاة الخوف في بعض صورها، وفي بعض أحوالها، تكون ركعةً واحدة، ومن العلماء من قال: أنها ركعة، أي: تكون مع الإمام، لكن الحديث فصل في صلاة الحضر وأنها أربع، والسفر وأنها ركعتان، والخوف بأنها ركعة، وهذا يفيد بأنها ركعة واحدة وليست ركعةً مع غيرها، وأنها يدركها مع الإمام، وركعةً أخرى يقضيها، وإنما تكون ركعةً واحدة عند الحاجة، وعندما يقتضي الأمر أن تصلى على هذه الكيفية، وعلى هذه الصفة، وحديث ابن عباس رضي الله عنهما واضح الدلالة على ذلك.
وقد جاء في بعض الروايات المتقدمة في حديث حذيفة أن كل طائفة صلت ركعةً واحدة وأنها لم تقض، والذين يقولون: بأنها لا تكون ركعةً واحدة، وإنما يضم إليها غيرها، يقولون في قوله: إنها ركعة واحدة، وأنهم لم يقضوها على أساس أنها مستقلة، بل يضم إليها ركعة، ولكنها لا تقضى قضاءً مستقلاً، بمعنى أنهم يعيدونها، ثم هذه الأحاديث التي مرت، والتي ستأتي، وهي في صلاة الخوف، كلها تدل على لزوم صلاة الجماعة، وأن هذا من الأدلة الدالة على وجوبها، إذا كان الخوف مع شدة حاجة الناس إلى الاستعداد للعدو، وإلى مقابلته، وملاقاته، ومع ذلك ما تركت صلاة الجماعة مع شدة الخوف، قالوا: وهذا يدل على وجوب صلاة الجماعة، وهو من أدلة وجوبها، وهو من أوضح الأدلة الدالة على وجوبها، وأنها مع شدة الخوف، ومع حاجة الناس إلى الاستعداد للعدو، لم تترك صلاة الجماعة، بل أتي بها، لكن على هيئة مخصوصة بينتها الأحاديث عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

يتبع

ابوالوليد المسلم 23-03-2022 04:34 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس: (فرض الله الصلاة على نبيكم في الحضر أربعاً ... وفي الخوف ركعة)
قوله: [أخبرنا قتيبة].
هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وبغلان: قرية من قرى بلخ من بلاد خراسان.
[حدثنا أبو عوانة].
هو الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي، مشهور بكنيته أبي عوانة، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو من طبقة شيوخ شيوخ النسائي، وهناك من اشتهر بكنية أبي عوانة شخص متأخر، وهو: أبو عوانة صاحب المستخرج على صحيح مسلم الذي يقال لكتابه: الصحيح، ويقال له: المسند، ويقال له: المستخرج، فهو مشهور بكنيته أبي عوانة، وهذا مشهور بكنيته أبي عوانة، وهو: الوضاح بن عبد الله اليشكري.
[عن بكير بن الأخنس].
ثقة، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه. أي: ما خرج له البخاري في الصحيح، ولا الترمذي.
[عن مجاهد].
هو مجاهد بن جبر المكي، وهو ثقة، عالم بالتفسير والعلم، مشتهر بأنه عمدة في التفسير، وأنه من أهل العلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
شرح حديث : (أن رسول الله صلى بذي قرد وصف الناس خلفه صفين ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان حدثني أبو بكر بن أبي الجهم عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بذي قرد، وصف الناس خلفه صفين: صفاً خلفه، وصفاً موازي العدو، فصلى بالذين خلفه ركعة، ثم انصرف هؤلاء إلى مكان هؤلاء، وجاء أولئك فصلى بهم ركعة، ولم يقضوا)].أورد النسائي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنه، وهو مثل الحديث الذي تقدم عن حذيفة وعن زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنهما، في أن الرسول صلى الله عليه وسلم صف الناس صفين: صفاً يصلون وراءه، وصفاً تجاه العدو، وكان العدو في غير جهة القبلة، فصلى بالذين معه ركعة، ثم ذهبوا، وجاء أولئك الذين هم مقابلون للعدو، وصلوا معه الركعة الثانية، ولم يقضوا، فهو مثل حديث حذيفة، ومثل حديث زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنهما.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله صلى بذي قرد وصف الناس خلفه صفين ...)
قوله: [أخبرنا محمد بن بشار]. هو الملقب بندار البصري، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، كل واحد من أصحاب الكتب الستة روى عنه مباشرةً وبدون واسطة، وهو من صغار شيوخ البخاري، توفي قبل البخاري بأربع سنوات، فـالبخاري توفي سنة ست وخمسين ومائتين، ومحمد بن بشار توفي سنة اثنتين وخمسين ومائتين، ومثله في تاريخ الوفاة، وفي كونه أيضاً شيخاً لأصحاب الكتب الستة: يعقوب بن إبراهيم الدورقي، ومحمد بن المثنى، فإن هؤلاء الثلاثة ماتوا في سنة واحدة، وكل واحد منهم شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يحيى بن سعيد].
هو يحيى بن سعيد القطان، قد تقدم قريباً مراراً.
[عن سفيان].
هو سفيان الثوري، وقد تقدم أيضاً.
[حدثني أبو بكر بن أبي الجهم].
هو أبو بكر بن عبد الله بن أبي الجهم ينسب إلى جده، واسم أبيه عبد الله، وقوله: ابن أبي الجهم، نسبةً إلى جده، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[عن عبيد الله بن عبد الله].
هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الثقفي، أحد الثقات الفقهاء، وهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين، وهم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود هذا، وخارجة بن زيد بن ثابت، وعروة بن الزبير بن العوام، وسعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، والسابع فيه ثلاثة أقوال: قيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود هذا، هو أحد هؤلاء الفقهاء السبعة باتفاق، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
وقد مر ذكره.
شرح حديث: (قام رسول الله وقام الناس معه ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير عن محمد عن الزبيدي عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: أن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: (قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقام الناس معه، فكبر وكبروا، ثم ركع وركع أناس منهم، ثم سجد وسجدوا، ثم قام إلى الركعة الثانية، فتأخر الذين سجدوا معه وحرسوا إخوانهم، وأتت الطائفة الأخرى فركعوا مع النبي صلى الله عليه وسلم وسجدوا، والناس كلهم في صلاةٍ يكبرون، ولكن يحرس بعضهم بعضاً)].أورد النسائي حديث عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما، وهو فيما إذا كان العدو في جهة القبلة، فإنهم يصلون مع الإمام جميعاً، ويكونون صفين، يقومون معه جميعاً، وإذا ركع فإنهم يركعون جميعاً، وإذا سجد يسجد معه الصف الأول، ويبقى الصف الثاني يحرس، وإذا فرغ أهل الصف الأول معه، فإنهم يسجدون، ثم بعد ذلك يتقدمون ويصلون الركعة الأولى مع رسول الله عليه الصلاة والسلام، والذين وراءهم يكونون مثلهم -الذين تأخروا- وكلهم في صلاة يكبرون، ولكنهم يحرس بعضهم بعضاً، وفي الأخير يسلم بهم جميعاً، بمعنى أن العدو في جهة القبلة، ويصفون صفين: صف إذا سجد يسجدون معه، والذين وراءهم واقفين، فإذا فرغ، وقام فإنهم يسجدون، أي: الصف المؤخر، الذين كانوا واقفين عندما سجد النبي صلى الله عليه وسلم بالصف المقدم، ثم إذا قاموا تقدموا، وتأخر أولئك، فإذا ركع الركعة الثانية وسجد، فالصف الأول الذي كان مؤخراً يسجد معه ويركع، والصف الذي كان مقدماً ثم صار مؤخراً، عندما يخلصون من السجود يسجدون لأنفسهم، ثم يجلسون جميعاً للتشهد ينتظرون التسليم، فيسلم بهم، هذا فيما إذا كان العدو في جهة القبلة، بمعنى أنهم في حال السجود لا يسجدون جميعاً، وإنما يكون بعضهم يحرس وبعضهم يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث: (قام رسول الله وقام الناس معه ...)
قوله: [أخبرنا عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير].
هو عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن محمد].
هو محمد بن حرب الحمصي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الزبيدي].
هو محمد بن الوليد الحمصي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي. ومحمد بن الوليد الزبيدي الحمصي من أثبت أصحاب الزهري.
[عن الزهري].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبيد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، وهو ثقة، فقيه، من صغار التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود].
وقد مر ذكره.
[عن ابن عباس].
وقد مر ذكره.
وهذا الحديث فيه ستة أشخاص، ثلاثة حمصيون في أول السند، وثلاثة مدنيون فيما يليه، عمرو بن كثير، ومحمد بن حرب، ومحمد بن الوليد الذي هو الزبيدي، هؤلاء الثلاثة حمصيون، والزهري، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وعبد الله بن عباس مدنيون، ابن عباس كان آخر أمره في الطائف، وتوفي في الطائف رضي الله تعالى عنه.
شرح حديث: (ما كانت صلاة الخوف إلا سجدتين ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم حدثني عمي حدثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: (ما كانت صلاة الخوف إلا سجدتين كصلاة أخراسكم هؤلاء اليوم، خلف أئمتكم هؤلاء، إلا أنها كانت عقباً، قامت طائفة منهم وهم جميعاً مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وسجدت معه طائفةٌ منهم، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقاموا معه جميعاً، ثم ركع وركعوا معه جميعاً، ثم سجد فسجد معه الذين كانوا قياماً أول مرة، فلما جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذين سجدوا معه في آخر صلاتهم، سجد الذين كانوا قياماً لأنفسهم، ثم جلسوا فجمعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتسليم)].أورد النسائي حديث ابن عباس، وهو مثل الرواية السابقة فيما إذا كان العدو بينهم وبين القبلة، فتصلي الطائفة الأولى التي في الصف الأول معه، والثانية تحرس، ثم إذا قاموا سجدت الطائفة الثانية لأنفسهم، وإذا فرغوا، قاموا وتقدموا إلى الصف الأول، وصاروا وراء الإمام، وتأخر الصف الأول، ثم سجد معه الذين ما سجدوا معه في الأولى، والذين كانوا معه في الأولى تأخروا إلى الصف الثاني، سجدوا لأنفسهم بعد أن فرغ من السجود، وجلس معه الصف الأول، ثم جلسوا جميعاً في التشهد، ثم جمع بهم في التسليم، يعني: سلم بهم جميعاً، فدخلوا بالصلاة وهم معه، إلا أن بعضهم يحرس، وبعضهم يصلي، ثم بعد ذلك سلم بهم جميعاً.
فهذه الرواية هي مثل الرواية التي قبلها، وهي صفة الروايتين واحدة فيما إذا كان العدو بين الناس وبين القبلة.

تراجم رجال إسناد حديث: (ما كانت صلاة الخوف إلا سجدتين ...)

قوله: [أخبرنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم].هو عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي، والبخاري، وأبو داود، والترمذي.
[حدثنا عمي].
هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبي].
وهو أبو الثاني وجد الأول، وهو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، وهو ثقة، حجة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن إسحاق].
هو محمد بن إسحاق بن يسار المدني، وهو صدوق، مدلس، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة. وهنا قد صرح بالتحديث.
[عن داود بن الحصين].
ثقة إلا في عكرمة، وهو يروي عن عكرمة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، لكن كما هو معلوم أن هذه الطريق، والطريق الآخر الذي قبله هو مثله، من حيث وصف الصلاة، وأنه ما جاء من هذه الطريق وحدها التي فيها رواية داود عن عكرمة، بل الطريق الأول التي مضت هي طريق أخرى، فإذاً: لا يؤثر عليه ما قيل: أن في روايته عن عكرمة.
[عن عكرمة].
هو مولى ابن عباس، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
وقد مر ذكره.

الأسئلة
حكم استعمال العطور الممزوجة بالكحول
السؤال: فضيلة الشيخ! حفظكم الله، ما حكم استعمال العطور التي امتزجت بشيء من الكحول، يقال: إنها نوع من الخمر؟الجواب: هذه المسألة كان الشيخ الأمين الشنقيطي يحرم استعمالها ويمنع ذلك، وقد ذكر هذا في كتابه: (أضواء البيان) الذي يسمى: الكلونيا، ومن العلماء من يرى أنه لا بأس به، لكن كما هو معلوم الطيب الطيب -والحمد لله- كثير، أي: الذي لا شبهة فيه كثير، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (دع ما يريبك إلا ما لا يريبك)، فالشيء الذي فيه شبهة يستغنى عنه، وهناك من الطيب ما يغني عنه.

مدى صحة الحكم على عيسى عليه السلام بأنه صحابي
السؤال: فضيلة الشيخ! هل يعد نبي الله عيسى عليه الصلاة والسلام من الصحابة؟الجواب: عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام رآه رسول الله عليه الصلاة والسلام لما عرج به إلى السماء بروحه وجسده؛ لأنه رفع بروحه وجسده عليه الصلاة والسلام، وقد رآه النبي صلى الله عليه وسلم، ورأى هو النبي عليه الصلاة والسلام، ورأى رسول الله عليه الصلاة والسلام عيسى بن مريم وهو في هذه الحياة، أي: بروحه، وجسده الذي سينزل في آخر الزمان ويموت، فهو نبي من أنبياء الله، ولكن من حيث رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم أطلق عليه بعض العلماء أنه صحابي بمعنى: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وآمن به، وصدق به، وفي آخر الزمان عندما ينزل يحكم بشريعته كما ثبتت بذلك الأحاديث، لكن كما هو معلوم: عنده ما هو أكمل من الصحبة، وما هو أفضل من الصحبة، وهي النبوة والرسالة، لكن بعض العلماء ذكره، ولهذا بعضهم يذكره في كتب الصحابة.

أولوية التقديم عند التعارض بين المرفوع الضعيف والموقوف الصحيح
السؤال: فضيلة الشيخ! حديثان متعارضان: أحدهما مرفوع ولكنه ضعيف، والثاني موقوف ولكنه صحيح، فأيهما يقدم؟الجواب: كما هو معلوم: إذا كان حديثاً ضعيفاً فهو غير ثابت، أي: إذا كان ذلك الضعف لا ينجبر، ولا يحتمل، فيعتبر غير ثابت، وأما الحديث الموقوف فهو كلام صحابي، معناه: إذا انتهى الحديث إليه فهو يعتبر كلام صحابي، إلا أن يكون من الأمور التي لا مجال للرأي فيها، ولا مجال للاجتهاد فيها، فهذا يقولون عنه: مرفوع حكماً، وليس مرفوعاً تصريحاً، هذا إذا كان الحديث موقوف على صحابي، ولكنه من الأمور الغيبية، إلا إذا كان الشخص معروفاً بالأخذ عن الإسرائيليات، فإن هذا يحتمل أن يكون مما أخذه من أخبار بني إسرائيل، إذا كان بالأمور الغيبية.
الحاصل: أنه إذا كان الحديث في إسناده ضعيف، والضعف شديد فإنه يعتبر غير ثابت، وذاك الموقوف إذا كان الإسناد صحيح، إن كان مما للرأي فيه مجال، فهو قول صحابي، وثابت إليه، وإن كان مما ليس للرأي فيه مجال، وليس الصحابي معروفاً بالأخذ عن الإسرائيليات، فيكون له حكم الرفع، ولهذا المرفوع يقولون عنه: مرفوعاً تصريحاً ومرفوعاً حكماً، المرفوع تصريحاً: أن يقول الصحابي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، والمرفوع حكماً: أن يقول قولاً لا مجال للرأي فيه، وليس معروفاً بالأخذ عن الإسرائيليات، فإنه يعتبر مرفوعاً حكماً إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام.

مدة القصر في السفر إذا زاد على أربعة أيام
السؤال: فضيلة الشيخ! ذكرت أن المسافر لا يقصر الصلاة إذا نوى الإقامة أكثر من أربعة أيام، ومن المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قصر الصلاة تسعة عشر يوماً في تبوك، فما هو التوفيق؟ جزاكم الله خيراً.الجواب: أنا ذكرت فيما مضى أن ما جاء من إقامة الرسول صلى الله عليه وسلم بمكة عام الفتح، وما جاء بإقامته في تبوك، وهو يقصر الصلاة في مكة، وفي تبوك، لم يكن هناك شيء يدل على أنه عازم على الإقامة هذه المدة عند دخوله مكة، أو وصوله إلى تبوك، لا يوجد ما يدل على هذا، ومن المعلوم: أن المسافر إذا لم يكن عنده عزم على الإقامة، ولا يدري متى تنتهي إقامته في البلد، أي: ما عنده عزم على مدة معينة، فإنه يقصر ولو طالت المدة، ولو بلغت أكثر من هذه المدة، ما دام أنه ما كان عنده عزم للإقامة، مثل: إنسان عنده شغل، ولا يدري متى ينتهي شغله، كل يوم يقول: ينتهي، كل يوم يقول: ينتهي، يستمر يقصر، ولو طالت المدة، لكن إذا كان هناك عند الدخول ووصول البلد عنده عزم على الإقامة هذه المدة، في مكة، ما عندنا ما يفيد بأن الرسول لما دخل مكة عزم على الاقامة تسعة عشر يوماً، وليس عندنا شيء يوضح لنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما وصل تبوك كان سيبقى فيه هذه المدة، فهذا مجهول، ومن المعلوم أن المدة إذا كانت مجهولة أمام الإنسان، وليس عنده عزم على إقامة مدة معينة، أنه يقصر، ولو طالت المدة، مثل ما حصل لبعض الصحابة، كانوا يسافرون ويقصرون الشهرين، وذلك فيما جاء عن ابن عمر في أذربيجان لما كان الثلج موجوداً، وكانوا كل يوم ينتظرون الثلج يذوب، ويمشون، ويقصرون، وتتواصل الأيام حتى تبلغ شهرين، فإذاً: المدة التي عُرف أن النبي علي الصلاة والسلام عزم على إقامتها عند وصوله إلى البلد في حجة الوداع، لما دخل مكة في اليوم الرابع، وهو باق فيها إلى أن يذهب إلى الحج في اليوم الثامن، معنى هذه إقامة محققة عند الدخول؛ لأنه أمامه الحج، وسيخرج من مكة للحج، معناه: أقام في البلد أربعة أيام، فمن هنا قال جمهور العلماء: على أن الإقامة تكون إذا نوى الإنسان أكثر من أربعة أيام، فإنه لا يعتبر مسافراً، بل يعتبر حكمه حكم المقيم، وإن كانت إقامته في حدود أربعة أيام فأقل، فحكمه حكم المسافرين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصر الصلاة في الأربعة الأيام التي كان فيها بمكة من يوم أربعة إلى يوم ثمانية.



ابوالوليد المسلم 23-03-2022 04:36 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب صلاة الخوف)
(282)

صلاة الخوف لها كيفيات كلها واردة من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، منها: أن تقوم طائفة مع الإمام وطائفة تكون بإزاء العدو، فيصلي بالذين معه ركعة، ثم يذهبون فتأتي الطائفة الأخرى فيصلي بهم ركعة ثم تقضي كل طائفة ركعة ركعة.
تابع صلاة الخوف(2)
شرح حديث سهل بن أبي حثمة: (أن رسول الله صلى بهم صلاة الخوف فصف صفاً خلفه ...)


يقول المصنف رحمه الله تعالى في كتاب صلاة الخوف: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى حدثنا شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة رضي الله تعالى عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الخوف، فصف صفاً خلفه، وصفاً مصافو العدو، فصلى بهم ركعة، ثم ذهب هؤلاء وجاء أولئك، فصلى بهم ركعة، ثم قاموا فقضوا ركعةً ركعة)].هذا الحديث من الأحاديث التي أوردها النسائي رحمه الله في كتاب الخوف، وقد مر جملة من الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في ذلك، وهذا الحديث عن سهل بن أبي حثمة رضي الله تعالى عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام صلى فيهم صلاة الخوف، وجعلهم صفين: صفاً وراءه، وصفاً في مواجهة العدو، وصلى بالذين معه ركعة، ثم انصرفوا، وذهبوا إلى مواجهة العدو، وجاء الذين كانوا في المواجهة، وصلوا معه الركعة الثانية، ثم قضوا، أي: بعد أن سلم بالطائفة الأخيرة، قضى كل واحد ركعةً ركعة، أي أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى بهم ركعتين، وكل واحد منهم صلى ركعةً ركعة، فكان لكل واحد منهم ركعتين، أي: أن الذين ذهبوا كانوا لم تكمل صلاتهم، والذين كانوا معه وسلم، صلوا ركعةً بعد أن سلم بهم، فيكون كل من المأمومين صلى ركعتين، ورسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بالجميع ركعتين.
قوله: [(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الخوف، فصف صفاً خلفه، وصفاً مصافو العدو، فصلى بهم ركعة، ثم ذهب هؤلاء وجاء أولئك، فصلى بهم ركعة، ثم قاموا فقضوا ركعةً ركعة)].
أي: أن المأمومين كل واحد منهم قضى ركعةً ركعة، وهذه صفات من صفة صلاة الخوف، وقد تقدمت صفة عن حذيفة، وزيد بن ثابت، وفيه: أنهم لم يقضوا، وفي هذا الحديث أن كل واحد منهم قضى ركعةً ركعة، فهذه تعتبر من صفات صلاة الخوف، وأن الإمام يصلي بهم ركعتين بكل طائفة ركعة، ثم كل واحد منهم يصلي لنفسه ركعةً ركعة، ومعنى ذلك أنهم يتناوبون، بمعنى: أن الذين كانوا معه يقومون ويصلون ركعة، ثم الذين في مواجهة العدو يصلون ركعة، وليس معنى ذلك أنهم يصلون جميعاً ركعة ركعة يقضون؛ لأنه لو كان الأمر كذلك، فإنه يكون العدو ليس في مواجهته إلا الإمام الذي فرغ من صلاته وأتمها.

تراجم رجال إسناد حديث سهل بن أبي حثمة: (أن رسول الله صلى بهم صلاة الخوف فصف صفاً خلفه ...)


قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].
عمرو بن علي، هو: الفلاس، وهو ثقة، ناقد، متكلم في الرجال جرحاً وتعديلاً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يحيى].
هو ابن سعيد القطان، وهو ثقة، ناقد أيضاً متكلم في الرجال جرحاً وتعديلاً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
هو ابن الحجاج الواسطي، ثم البصري، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الرحمن بن القاسم].
هو عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو القاسم بن محمد بن أبي بكر، وهو ثقة، فقيه من فقهاء التابعين، ومن الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، والفقهاء السبعة هم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، والقاسم بن محمد هذا، وعروة بن الزبير بن العوام، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسليمان بن يسار، وسعيد بن المسيب، وأما السابع ففيه ثلاثة أقوال: قيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
[عن صالح بن خوات].
وهو الأنصاري، المدني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سهل بن أبي حثمة].
وهو الأنصاري المدني، وهو صحابي صغير، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وهذا الإسناد كل رجاله خرج لهم في الكتب الستة، عمرو بن علي الفلاس يروي عن يحيى بن سعيد الأنصاري يروي عن شعبة بن الحجاج الواسطي يروي عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر، يروي عبد الرحمن عن أبيه القاسم، وأبوه القاسم يروي عن صالح بن خوات، وصالح بن خوات يروي عن سهل بن أبي حثمة، هؤلاء السبعة كلهم ممن خرج لهم أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع: (أن طائفة صفت معه وطائفة وجاه العدو ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة عن مالك عن يزيد بن رومان عن صالح بن خوات عمن صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم ذات الرقاع صلاة الخوف: (أن طائفةً صفت معه، وطائفةٌ وجاه العدو، فصلى بالذين معه ركعة، ثم ثبت قائماً، وأتموا لأنفسهم، ثم انصرفوا، فصفوا وجاه العدو، وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته، ثم ثبت جالساً وأتموا لأنفسهم، ثم سلم بهم)].وأما الحديث الذي قبل هذا: [(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الخوف، فصف صفاً خلفه، وصفاً مصافو العدو، فصلى بهم ركعة، ثم ذهب هؤلاء وجاء أولئك، فصلى بهم ركعة، ثم قاموا فقضوا ركعةً ركعة)].
هذا حديث آخر عمن صلى خلف رسول الله عليه الصلاة والسلام صلاة الخوف، يعني: عن رجل من الصحابة لم يسم هنا، والإسناد الأول: فيه سهل بن أبي حثمة، ولكنه من صغار الصحابة، فالذي يظهر أنه ليس ممن حضر الصلاة، والصغير لا يشارك في الغزو، والرسول صلى الله عليه وسلم لا يقر من كان عمره أربع عشرة سنة، عن المشاركة في الغزو كما حصل من ابن عمر، قال: عرضت إليه يوم أُحد وأنا ابن أربعة عشرة سنة، فلم يجزني، وعرضت عليه يوم الخندق، فأجازني، فتلك صفة أخرى غير هذه الصفة التي هي: عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة؛ لأن تلك ليس فيها أنه ثبت قائماً وأتموا لأنفسهم، وإنما ذهب أولئك، ثم أولئك جاءوا وصلوا، ثم صلى كل جماعة منهم ركعةً ركعة، أما هذه الصيغة أو هذه الصفة من صلاة الخوف، فالرسول صلى الله عليه وسلم جعلهم صفين: صفاً تجاه العدو، وصفاً وراءه، فالذين صلوا وراءه صلى بهم ركعة، ثم قام للركعة الثانية، وهم أتوا بالركعة الباقية عليهم، وسلموا، وذهبوا، يعني: الرسول صلى الله عليه وسلم لما وقف في الركعة الثانية، وقد فرغ من الأولى، هم قاموا وصلوا الركعة الثانية، وسلموا وانصرفوا، وبقي الرسول الله صلى الله عليه وسلم وحده، ثم جاءت الطائفة الثانية، فصلى بهم الركعة الثانية، ولما فرغ منها وجلس للتشهد، هم قاموا وأتوا بالركعة الثانية التي عليهم، ثم تشهدوا وسلم بهم، يعني: فسلم بالطائفة الأخيرة، لكن كل طائفة صلت معه ركعة، وأتمت لنفسها ركعة، وصار كل واحد من الطائفتين، ذهب وقد فرغ من صلاته.
والراوي الصحابي الذي صلى مع رسول الله لم يسمه صالح بن خوات، فقد ذكر الحافظ في بلوغ المرام: أن عند ابن مندة في المعرفة: عن صالح بن خوات عن أبيه؛ لأنه هنا مهمل، ولكن الحافظ ابن حجر لما ذكر الحديث عن طريق صالح بن خوات، عمن صلى خلف رسول الله صلاة الخوف، قال: وفي المعرفة ابن مندة: عن صالح بن خوات عن أبيه، لا أدري عن إسناد تلك الرواية التي في المعرفة لـابن مندة، لكن كما هو معلوم الصحابي جهالته كالعلم به، لا تؤثر جهالته؛ ما دام عرف أنه صحابي، فالصحابة عدول بتعديل الله عز وجل لهم، وتعديل رسوله عليه الصلاة والسلام، فهم لا يحتاجون إلى تعديل المعدلين، وتوثيق الموثقين بعد أن عدلهم رب العالمين، ورسوله الأمين صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ولهذا نجد أن غير الصحابة لابد من معرفته، ومعرفة شخصه، وحاله، والصحابة يكفي أن يقال عن الشخص: أنه صحابي، وإن لم يذكر اسمه، فالجهالة فيهم لا تؤثر، وإنما الجهالة تؤثر في غيرهم، ولهذا فإن المجهول منهم كالمعلوم.

تراجم إسناد حديث صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع: (أن طائفة صفت معه وطائفة وجاه العدو ...)


قوله: [أخبرنا قتيبة].
هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن مالك].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، الإمام، المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن يزيد بن رومان].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن صالح بن خوات].
وقد مر ذكره.
[عمن صلى خلف رسول الله عليه الصلاة والسلام].
وهو صحابي لم يسم، وعرفنا أن عدم تسميته لا تؤثر، وذكرت أن في المعرفة لـابن مندة كما ذكر الحافظ ابن حجر بعد سياقه الحديث، قال: وفي المعرفة لـابن مندة: عن صالح بن خوات عن أبيه، فمعنى هذا يكون أبوه هو الذي صلى خلف رسول الله عليه الصلاة والسلام، لكن كما ذكرت الصحابي الذي صلى، سواءً علم أو لم يعلم، لا يؤثر على الرواية شيئاً؛ لأن الصحابة كلهم عدول بتعديل الله عز وجل لهم، وتعديل رسوله صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث: (أن رسول الله صلى بإحدى الطائفتين ركعة ...)
وقال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود عن يزيد بن زريع حدثنا معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بإحدى الطائفتين ركعة، والطائفة الأخرى مواجهة العدو، ثم انطلقوا فقاموا في مقام أولئك، وجاء أولئك فصلى بهم ركعةً أخرى، ثم سلم عليهم، فقام هؤلاء فقضوا ركعتهم، وقام هؤلاء فقضوا ركعتهم)].أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، في صفة صلاة الخوف، وهو مثل الصفة التي مرت عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة، أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى بهم فجعلهم صفين: صفٌ في مواجهة العدو، وصف وراءه، فصلى بالذين وراءه ركعة، ثم انصرفوا، وقاموا مقام أولئك الذين في مواجهة العدو، وجاء أولئك وصلى بهم الركعة الثانية، ثم سلم، وبعد أن سلم قام كل طائفة منهم وصلوا ركعة، أي: الركعة التي بقيت عليهم، صلوها بالتناوب، أي: ما صلوا جميعاً، وإنما هؤلاء صلوا على حدة، وهؤلاء صلوا على حدة، أي: قضوا ما فاتهم، وهذه الصفة مثل الصفة التي مرت عن صالح بن خوات الأولى التي عن سهل بن أبي حثمة رضي الله تعالى عنه.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله صلى بإحدى الطائفتين ركعة ...)

قوله: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود]. هو أبو مسعود البصري، وهو ثقة، خرج حديثه النسائي، وهو ممن وافقت كنيته اسم أبيه، وهو نوع من أنواع علوم الحديث، وفائدته: ألا يظن التصحيف فيما لو ذكر مكنىً بعد اسمه، أو ذكر منسوباً بعد اسمه، فإن قيل: إسماعيل بن مسعود، أو إسماعيل أبو مسعود، كل ذلك صحيح، ومن لا يعرف أن كنيته أبو مسعود، يظن أنه لو قيل: إسماعيل أبو مسعود، أن (ابن) صحفت وتحولت إلى (أبو)، مع أن الكل صحيح، إن قيل: ابن مسعود فهو إسماعيل ابن مسعود، وإن قيل: أبو مسعود فهو إسماعيل أبو مسعود.
[عن يزيد بن زريع].
هو يزيد بن زريع البصري، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا معمر].
هو ابن راشد الأزدي البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن عبيد الله بن شهاب بن عبيد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، وهو تابعي جليل، من صغار التابعين، ومحدث، فقيه، وثقة مشهور، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن سالم].
هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وعن عبد الله بن عمر، وسالم هذا من فقهاء المدينة في عصر التابعين، وهو أحد الفقهاء السبعة على أحد الأقوال في السابع منهم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
وأبوه عبد الله بن عمر، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهم: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص، هؤلاء هم العبادلة الأربعة، إذا قيل: العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله، والمقصود بالعبادلة أنهم اشتهروا بهذا اللقب، وهم من صغار الصحابة، ومتقاربون في سنة الوفاة، ولهذا أدركهم من لم يدرك كبار الصحابة.
وممن يسمى عبد الله من الصحابة كثير منهم: عبد الله بن قيس الأشعري أبو موسى الأشعري، وعبد الله بن عثمان أبو بكر الصديق، وابنه عبد الله بن أبي بكر، وعبد الله بن زيد بن عاصم، وعبد الله بن زيد بن عبد ربه، وعبد الله بن مسعود، كثير يسمون عبد الله، ولكن لقب العبادلة الأربعة اشتهر به هؤلاء الأربعة الذي هم من صغار الصحابة، وهو أيضاً أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأنس بن مالك، وأبو سعيد الخدري، وأم المؤمنين عائشة، ستة رجال وامرأة واحدة، هؤلاء السبعة هم الذين عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد جمعهم السيوطي في الألفية بقوله:
والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر
وأنس والبحر كالخدري وجابر وزوجة النبي
زوجة النبي عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها.

يتبع

ابوالوليد المسلم 23-03-2022 04:36 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح حديث ابن عمر: (غزوت مع رسول الله قبل نجد فوازينا العدو وصففناهم ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا كثير بن عبيد عن بقية عن شعيب حدثني الزهري حدثني سالم بن عبد الله عن أبيه رضي الله تعالى عنه قال: (غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نجد، فوازينا العدو وصففناهم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا، فقامت طائفةٌ منا معه، وأقبل طائفةٌ على العدو، فركع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه ركعة، وسجد سجدتين، ثم انصرفوا، فكانوا مكان أولئك الذين لم يصلوا، وجاءت الطائفة التي لم تصل فركع بهم ركعة وسجدتين، ثم سلم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقام كل رجل من المسلمين فركع لنفسه ركعة وسجدتين)].هذه صفة أخرى عن عبد الله بن عمر، وقد مرت هذه الصفة عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم جعلهم صفين: صف في مواجهة العدو، وصف وراءه، فصلى بالذين معه ركعة، ثم انصرفوا، وقاموا مقام الذين في مواجهة العدو، وجاء أولئك وصلوا معه الركعة الثانية، ثم سلم، ولما سلم قام كل رجل من المسلمين فصلى ما بقي له، أي: صلى ركعة، فهذه من صفات صلاة الخوف، وهي أنه يصلي بكل طائفة ركعة، وتصلي الطائفة الأولى ركعة ثم تذهب، وبقي عليهم ركعة من صلاتهم، ثم تأتي الطائفة الثانية وتصلي معه ركعة، ثم يسلم، ثم بعد ذلك يصلي كل واحد ركعة ركعة.
لكن هل يصلي كل واحد على حدة أو يصلون جماعة؟ لأنه قال: كل واحد من المسلمين، أو كل رجل من المسلمين، وهذا يحتمل أن يكون معناه: أنهم صلوا مجموعتين، وأن ما منهم من أحد إلا وقد صلى ركعة قضاءً، ويحتمل أن يكون كل واحد صلى على حدة، لكن الأظهر والله أعلم كما جاء: أن كل طائفة صلت ركعة، فيحتمل أن يكون هذا، ويحتمل أن يكون هذا، لكن الذي هو واضح أن كل طائفة صلت معه ركعة، ثم كل قضى ركعة، وهل قضوا مجتمعين، أي: كل طائفة على حدة أو كل واحد على حدة؟ من المعلوم أنه لا بد من تقسيمهم إلى مجموعة تكون تجاه العدو، ومجموعة تقضي، ولو صلوا جميعاً في وقت واحد، ما حصل المقصود من تقسيمهم إلى مجموعتين؛ لأنه لا يبقى أحد في مواجهة العدو إلا الإمام؛ لأنه هو الذي قضى صلاته، والباقون يقضون ما فاتهم من الصلاة.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر: (غزوت مع رسول الله قبل نجد فوازينا العدو وصففناهم ...)
قوله: [أخبرنا كثير بن عبيد].
هو كثير بن عبيد الحمصي وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن بقية].
هو بقية بن الوليد، وهو صدوق، كثير التدليس عن الضعفاء، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن شعيب].
هو شعيب بن أبي حمزة الحمصي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثني الزهري حدثني سالم بن عبد الله عن أبيه ].
وقد مر ذكرهم.
وهذا الإسناد ستة أشخاص، نصفه الأسفل شاميون، والنصف الأعلى مدنيون.
شرح حديث ابن عمر: (كبر النبي وصف خلفه طائفة منا ...) من طريق ثانية
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي عن عبد الله بن يوسف أخبرنا سعيد بن عبد العزيز عن الزهري كان عبد الله بن عمر يحدث أنه صلى صلاة الخوف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (كبر النبي صلى الله عليه وسلم، وصف خلفه طائفةٌ منا، وأقبلت طائفةٌ على العدو، فركع بهم النبي صلى الله عليه وسلم ركعةً وسجدتين، ثم انصرفوا وأقبلوا على العدو، وجاءت الطائفة الأخرى فصلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ففعل مثل ذلك، ثم سلم، ثم قام كل رجل من الطائفتين فصلى لنفسه ركعةً وسجدتين)].أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه من طريق أخرى، وهي مثل الطريق السابقة، وهما مجموعتان، صلى بالطائفة الأولى ركعة، وبالطائفة الثانية ركعة، وسلم، ثم قام كل رجل من الطائفتين وصلى لنفسه ركعة، فهي مثل الطريق السابقة التي قبلها.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر: (كبر النبي وصف خلفه طائفة منا ...) من طريق ثانية
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي]. هو محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي، المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن عبد الله بن يوسف].
هو عبد الله بن يوسف التنيسي، المصري، وتنيس هي قرية من قرى مصر، يقال له: التنيسي نسبة خاصة، ويقال له: المصري نسبة عامة، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[أخبرنا سعيد بن عبد العزيز].
هو سعيد بن عبد العزيز الدمشقي، وهو ثقة، إمام، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن الزهري].
وقد مر ذكره.
[عن عبد الله بن عمر].
وهنا الزهري يروي عن عبد الله بن عمر، وقد ذكر ابن السني بعد الحديث الذي يليه -وهو مثله في الإسناد- أن الزهري سمع من عبد الله بن عمر حديثين، وليس هذا مما سمعه، فيكون فيه انقطاع، ويكون فيه واسطة، ومن المعلوم أن الواسطة التي بينه وبين عبد الله بن عمر هو سالم بن عبد الله بن عمر كما جاء في الإسناد السابق، والزهري قيل عنه: إنه يدلس نادراً، فيكون من هذا القبيل؛ لأن فيه واسطة، ولم يسمع هذا الحديث منه، وإن كان سمع من ابن عمر حديثين، لكن هذا ليس مما سمعه، وإنما سمعه بواسطة، والواسطة هي ما جاء في الإسناد الذي قبل هذا، وقد ذكر ذلك بعد الحديث الذي يليه، قال أبو بكر بن السني: الزهري سمع من ابن عمر حديثين ولم يسمع هذا، فيكون هذا مما فيه انقطاع، وسمعه بالواسطة، لكن الواسطة هي: سالم، والحديث يعتبر صحيحاً؛ لأنه عرفت الواسطة، وهو: سالم بن عبد الله بن عمر، وهو الحديث الذي قبل هذا، أو الرواية التي قبل هذا، وكونه حصل فيه تدليس، وقد عرفت الواسطة، وأنها سالم بن عبد الله بن عمر كما بينت ذلك الرواية السابقة، وقد قالوا في ترجمة الزهري: إنه يدلس نادراً، وليس كثير التدليس.
شرح حديث ابن عمر: (صلى النبي صلاة الخوف قام فكبر فصلى خلفه طائفة منا ...) من طريق ثالثة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني عمران بن بكار حدثنا محمد بن المبارك حدثنا الهيثم بن حميد عن العلاء وأبي أيوب عن الزهري عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف، قام فكبر، فصلى خلفه طائفةٌ منا، وطائفةٌ مواجهة العدو، فركع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة، وسجد سجدتين، ثم انصرفوا، ولم يسلموا، وأقبلوا على العدو، فصفوا مكانهم، وجاءت الطائفة الأخرى فصفوا خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فصلى بهم ركعةً وسجدتين، ثم سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أتم ركعتين وأربع سجدات، ثم قامت الطائفتان، فصلى كل إنسانٍ منهم لنفسه ركعةً وسجدتين)، قال أبو بكر بن السني: الزهري سمع من ابن عمر حديثين، ولم يسمع هذا منه].أورد النسائي طريق أخرى عن طريق الزهري عن ابن عمر، وهي مثل الطريقة السابقة، وفيها الانقطاع بين الزهري وبين عبد الله بن عمر، وقول ابن السني بعده: إن الزهري سمع من ابن عمر حديثين وليس هذا منه، أي: فهو مما حصل فيه التدليس، والانقطاع، ولكن الواسطة تبينت من الطريق السابقة.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر: (صلى النبي صلاة الخوف قام فكبر فصلى طائفة منا ..) من طريق ثالثة
قوله: [أخبرني عمران بن بكار].
هو عمران بن بكار الحمصي، وهو ثقة، خرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا محمد بن المبارك].
هو الصوري، نزيل دمشق، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الهيثم بن حميد].
صدوق، أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة.
[عن العلاء وأبي أيوب].
العلاء هو ابن الحارث، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن.
وأما أبو أيوب فهو مجهول، خرج حديثه النسائي وحده.
وفي التقريب: أبو أيوب يروي عن الزهري مجهولاً، خرج حديثه النسائي وحده. وكما هو معلوم جهالته لا تؤثر؛ لأنه قد ذكر معه شخص آخر، وهو صدوق، فجهالته لا تؤثر؛ لأنه ليس الاعتماد عليه، وإنما الاعتماد على صاحبه الذي روى معه، والذي قد روى عنهما الهيثم بن حميد، وهما رويا عن الزهري، فجهالة أبي أيوب هذا لا تؤثر؛ لأن العمدة العلاء بن الحارث.
[عن الزهري عن عبد الله بن عمر].
وقد مر ذكرهما.
شرح حديث ابن عمر: (صلى الرسول صلاة الخوف في بعض أيامه ...) من طريق رابعة

وقال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى حدثنا يحيى بن آدم عن سفيان عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف في بعض أيامه، فقامت طائفةٌ معه وطائفة بإزاء العدو، فصلى بالذين معه ركعة، ثم ذهبوا وجاء الآخرون فصلى بهم ركعة، ثم قضت الطائفتان ركعةً ركعة)].أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى مثل ما تقدم، وهو أنه جعلهم طائفتين: طائفة وجاه العدو، وطائفة صلوا معه ركعة، ثم انصرفوا، ووقفوا مكان أولئك الذين هم في مواجهة العدو، وجاءت الطائفة الثانية وصلى بهم ركعة، ثم قضت الطائفتان ركعةً ركعة، وهذا الأظهر فيه، أن كل طائفة صلت ركعة، ويحتمل أن يكون كل واحد صلى ركعة، لكنهم كما هو معلوم منقسمون إلى قسمين، وليس القضاء منهم جميعاً في آن واحد، وفي وقت واحد؛ لأن ذلك يلزم منه انكشاف ما في جهة العدو، وأنه ليس في مواجهة العدو إلا الإمام الذي فرغ من الصلاة، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث: (صلى الرسول صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف في بعض أيامه ...) من طريق رابعة

قوله: [أخبرنا عبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى].ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[حدثنا يحيى بن آدم].
هو يحيى بن آدم الكوفي، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، ثبت، حجة، إمام، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهو محدث، فقيه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[موسى بن عقبة].
هو موسى بن عقبة المدني، وهو ثقة، فقيه، إمام في المغازي، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن نافع].
نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر].
وقد مر ذكره.
الأسئلة


حكم السترة في الصلاة وضابطها
السؤال: فضيلة الشيخ! هل السترة واجبة أم لا؟ وهل السترة بالنعلين تجوز؟الجواب: السترة فيها خلاف بين العلماء، جمهورهم على أنها مستحبة، وبعض العلماء قال بوجوبها، والإنسان يحرص عليها، سواءً كانت واجبة أو مستحبة، ومن يقول بوجوبها يرى أنه يتعين ذلك، وليس له أن يترك اتخاذ السترة، ومن يقول: بأنها مستحبة، يرى أن الأفضل فعلها، وإن لم يفعلها فإنه لا يحصل له إثم؛ لأنه لم يترك أمراً واجباً، وأما السترة، فهي تكون في شيء شاخص، مثل: العمود، أو مثل مؤخرة الرحل، أو شيء يلفت نظر الذي يمر، وإن لم يجد جاء في بعض الأحاديث أنه يخط خطاً حتى يكون علامة لمن يمر فيعرف أن هناك سترة أمام من يصلي، ولو لم يكن هناك سترة فإن المار يترك مقدار ثلاثة أذرع من قدم المصلي، ويمر من وراء ذلك.
رفع اليدين في الدعاء
السؤال: فضيلة الشيخ! ما هو القول الشافي في رفع اليدين للدعاء؟ وجزاكم الله خيراً.الجواب: ما عرف أنه جاء فيه رفع اليدين فإنه يشرع فيه رفعهما؛ مثل الاستسقاء، والوقوف على الصفا وعلى المروة، فإن الإنسان عندما يدعو يرفع يديه، فالمواضع التي ورد في السنة التنصيص على رفع اليدين فيها ترفع اليدين فيها، والمواضع التي لم ترد مع كثرتها وتكرراها فإنها لا ترفع، مثل: بعد الصلوات الخمس، فإن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يصلي بالناس في الصلوات الخمس دائماً، ومع ذلك ما أثر عنه أنه رفع يديه ولا مرةً واحدة، فإذاً: لا ترفع اليدين بعد الصلوات الخمس؛ لأنه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رفع يديه مع كثرة الصلوات التي صلاها بالناس، مثل الخطبة خطبة الجمعة، على كثرة خطبه في الناس فما كان يرفع يديه، وإنما كان يشير بإصبعه كما جاء ذلك في حديث عمارة بن رويبة: (أنه لما رأى الرجل الذي كان رفع يديه، قال: ما زاد الرسول صلى الله عليه وسلم على أن أشار بإصبعه)، معناه: أنكر كونه يرفع يديه؛ لأنه شيء تكرر وكثر فعله وهي الخطبة، ومع ذلك ما كان يرفع يديه.
إذاً: لا ترفع اليدين إلا إذا استسقى في الخطبة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال له الرجل، (هلكت الأموال، وانقطعت السبل، ادع الله أن يغيثنا، رفع يديه ودعا)، وقبل ذلك ما كان يرفع يديه.
فإذاً: المواضع التي جاء فيها الرفع ترفع فيها الأيدي، والمواضع التي ما جاء فيها الرفع -وهي كثيرة ومتكررة- فلا ترفع، والذي ليس من هذا ولا من هذا، الأمر في ذلك واسع، يعني إذا رفع فهو مناسب؛ لأنه جاء في الحديث الرفع مطلقاً، مثل: (أن الله يستحي من عبده إذا رفع يديه أن يردهما صفراً)، أن يردهما خاليتين، وهذا يفيد بأن الشيء المطلق للإنسان أن يرفع يديه، والشيء الذي تكرر من الرسول صلى الله عليه وسلم وما رفع يديه فلا ترفع اليدين فيه، والشيء الذي ثبت عنه رفع اليدين ترفع الأيدي فيه.
إذاً: المسألة فيها تفصيل على ثلاثة أحوال: الذي جاء في ثبوت الرفع ترفع، والذي تكرر ولم يأت فيه الرفع فلا ترفع، مثل: الخطبة، ومثل: بعد الصلوات الخمس، والدعاء المطلق كون الإنسان أراد أن يدعو لنفسه في وقت من الأوقات فإنه يرفع يديه، أو بعد النوافل، فله أن يرفع يديه.
مراسلة المخطوبة وإهداء الهدايا لها
السؤال: فضيلة الشيخ! هل يجوز للرجل قبل عقد الزواج أن يهدي للمرأة هدايا؟ وهل يجوز أن يراسلها؟الجواب: قبل أن يتم العقد بينهما هي أجنبية، لكن كونه يرسل لها شيئاً، أو يرسل لأهلها شيئاً، من أجل تمهيد للزواج، وإن لم يكن حصل العقد أو دفع المهر، أو يقدم لهم شيئاً فلا بأس أنه يعطيهم، لكن كونه يكلمها ويخاطبها، أو يراسلها فالذي ينبغي ألا يفعل ذلك؛ لأنها أجنبية، ولا يدرى هل يتم بينهما زواج أو لا يتم؟ فقد لا يتم الزواج، وتصير المسألة حصول اتصال مع أجنبية، لكن إذا عقد أصبحت زوجة له، فيكلمها ويلتقي بها.
المراد بقول ابن عباس: ما كانت صلاة الخوف إلا سجدتين
السؤال: فضيلة الشيخ! ما معنى قول ابن عباس: ما كانت صلاة الخوف إلا سجدتين كصلاة أحراسكم هؤلاء؟الجواب: سجدتين يعني ركعتين، ما كانت صلاة الخوف إلا ركعتين كالحرس، أي: حرس الأئمة والأمراء.
القراءة في صلاة الخوف بين الجهرية والسرية
السؤال: فضيلة الشيخ! هل القراءة في صلاة الخوف جهراً أم سراً؟الجواب: كما هو معلوم فإن الصلاة الجهرية تكون جهرية، والسرية سرية.
نسيان تكبيرة الإحرام والدخول في الصلاة بنية تكبيرة الانتقال
السؤال: فضيلة الشيخ! ما حكم من نسي تكبيرة الإحرام، ومن نواها للانتقال دون الإحرام، فهل تجزئه؟الجواب: إذا لم ينو تكبيرة الإحرام لم يدخل في الصلاة، بل الدخول في الصلاة هو بتكبيرة الإحرام، وبنية الدخول في الصلاة، فلا تجزئ تكبيرة الركوع عن تكبيرة الإحرام، لكن تكبيرة الإحرام تجزئ عن تكبيرة الركوع في قول بعض أهل العلم؛ لأنها فرض.






ابوالوليد المسلم 23-03-2022 04:37 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب صلاة الخوف)
(283)


كتاب صلاة الخوف [3]


إن من سماحة هذا الدين ويسره أن شرع الله عز وجل لعباده صلاة الخوف، والتي تختلف عن بقية الصلوات، فإنه يتسامح فيها ما لا يتسامح في غيرها من الحركة والتنقل، وهذا يبين يسر هذا الدين، وأن العبد يتعلق بربه في حال الأمن والخوف.
صفة صلاة الخوف
شرح حديث أبي هريرة: (عام غزوة نجد قام رسول الله لصلاة العصر وقامت معه طائفة ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى في كتاب صلاة الخوف: [حدثنا عبيد الله بن فضالة بن إبراهيم حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ ح، وأخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد حدثنا أبي حدثنا حيوة وذكر آخر حدثنا أبو الأسود أنه سمع عروة بن الزبير يحدث عن مروان بن الحكم أنه سأل أبا هريرة رضي الله تعالى عنه: (هل صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف؟ فقال أبو هريرة: نعم. قال: متى؟ قال: عام غزوة نجد، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العصر، وقامت معه طائفة، وطائفة أخرى مقابل العدو، وظهورهم إلى القبلة، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبروا جميعاً؛ الذين معه والذين يقابلون العدو، ثم ركع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة واحدة، وركعت معه الطائفة التي تليه، ثم سجد وسجدت الطائفة التي تليه، والآخرون قيام مقابل العدو، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقامت الطائفة التي معه، فذهبوا إلى العدو فقابلوهم، وأقبلت الطائفة التي كانت مقابل العدو، فركعوا، وسجدوا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم كما هو، ثم قاموا فركع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة أخرى، وركعوا معه، وسجد، وسجدوا معه، ثم أقبلت الطائفة التي كانت مقابل العدو، فركعوا، وسجدوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد ومن معه، ثم كان السلام، فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلموا جميعاً، فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتان، ولكل رجل من الطائفتين ركعتان ركعتان)].وهذا مثل الحديث المتقدم، إلا أن فيه أنه قال: (ثم)، ويحتمل أن يكون قبل السلام، مثل الصفة الأولى التي جاءت عن طريق صالح بن خوات: أنه ثبت جالساً، وأتموا لأنفسهم، ثم سلم بهم، لكن تلك إحدى الطرق التي مرت، وهي: أن كل طائفة تصلي ركعة ركعة، وذلك بعد سلام الإمام، يعني: فهذه الطائفة الأولى قضت الركعة التي عليها، قبل أن تذهب، وسلمت، والطائفة الثانية، جاءت وصلت معهم الركعة الثانية وقضت الركعة التي عليها.


شرح حديث أبي عياش الزرقي: (... فصلى بهم رسول الله العصر فصفهم صفين خلفه ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى في كتاب صلاة الخوف: [أخبرنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار عن محمد حدثنا شعبة عن منصور سمعت مجاهداً يحدث عن أبي عياش الزرقي قال شعبة: كتب به إلي، وقرأته عليه، وسمعته منه يحدث، ولكني حفظته، قال ابن بشار في حديثه: حفظي من الكتاب: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مصاف العدو بعسفان، وعلى المشركين خالد بن الوليد، فصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم الظهر، قال المشركون: إن لهم صلاة بعد هذه، هي أحب إليهم من أموالهم، وأبنائهم، فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر، فصفهم صفين خلفه، فركع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعاً، فلما رفعوا رءوسهم سجد بالصف الذي يليه، وقام الآخرون، فلما رفعوا رءوسهم من السجود سجد الصف المؤخر بركوعهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم تأخر الصف المقدم، وتقدم الصف المؤخر، فقام كل واحد منهم في مقام صاحبه، ثم ركع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعاً، فلما رفعوا رءوسهم من الركوع، سجد الصف الذي يليه وقام الآخرون، فلما فرغوا من سجودهم، سجد الآخرون، ثم سلم النبي صلى الله عليه وسلم عليهم)].فهذا الحديث -حديث أبي عياش الزرقي رضي الله تعالى عنه- اشتمل على صفة صلاة الخوف، فيما إذا كان العدو في جهة القبلة، وقد مرت هذه الصفة في بعض الأحاديث عن غير أبي عياش الزرقي، وهذه الصفة هي: إذا كان العدو في جهة القبلة، والتي جاءت في حديث جابر فيما مضى وغيره، هي: أن النبي عليه الصلاة والسلام صفهم صفين، ودخل في الصلاة، ودخلوا معه جميعاً، ثم إنه كبر، وكبروا معه جميعاً، ثم ركع، وركعوا معه جميعاً، ثم رفع، وقاموا معه جميعاً، ثم سجد، وسجد الصف الذي يليه، وأولئك بقوا على ما هم عليه، أي: الصف المؤخر، ثم لما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه إلى الركعة الثانية، سجدوا لأنفسهم، ثم قاموا، وتقدم الصف المؤخر، وتأخر الصف المقدم، وصلى بهم الركعة الثانية، ثم إنه عمل في الركعة الثانية، كما عمل في الركعة الأولى، ركع، وركع معه الصف الذي يليه، ثم رفعوا جميعاً، ثم سجد، ومعه الصف الذي يليه، ولما استقروا جالسين، سجد أولئك السجدتين، فالصف المقدم تأخر، والصف المؤخر تقدم، وصلى الرسول صلى الله عليه وسلم بأصحابه الركعة الأولى وركعوا، ثم إنه سجد، ومعه الصف الأول الذي كان مؤخراً في الأول، ثم إنه لما جلس سجد الذين كانوا قائمين في الصف الثاني، ثم إنه سلم بهم جميعاً، فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتان، ولكل منهم ركعتان، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه هي الصفة التي مرت في حديث جابر وغيره، يعني: فيما إذا كان العدو في جهة القبلة؛ فإنهم يكونون مع النبي عليه الصلاة والسلام في الركوع، ولكنهم يختلفون في السجود، يسجد الذين وراءه، والصف المؤخر يقضون لأنفسهم، وهكذا، فتكون الركعتان للمأمومين مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كل منهم صلى ركعتين، ورسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين.
تراجم رجال إسناد حديث أبي عياش الزرقي: (... فصلى بهم رسول الله العصر فصفهم صفين خلفه ...)
قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار].
محمد بن المثنى هو الملقب الزمن العنزي، كنيته أبو موسى، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، ومثله: محمد بن بشار الشيخ الثاني، فإنه أيضاً شيخ لأصحاب الكتب الستة، وهو ثقة، وهذان الشيخان للنسائي، وهما من شيوخ أصحاب الكتب الستة، جميعاً ماتا في سنة واحدة، وهي سنة اثنتين وخمسين ومائتين، أي: قبل وفاة البخاري بأربع سنوات، فهما من صغار شيوخه، وكانا متماثلين، قيل: إنهما متفقان في سنة الولادة، وفي سنة الوفاة، وفي التلاميذ، والشيوخ، وكونهم من أهل البصرة، ولهذا قال الحافظ ابن حجر: وكانا كفرسي رهان، وماتا في سنة واحدة، ومثلهما: يعقوب بن إبراهيم الدورقي، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة، وأيضاً توفي في السنة التي مات فيها محمد بن المثنى، ومحمد بن بشار، أي: قبل وفاة البخاري بأربع سنوات.
[عن محمد].
محمد غير منسوب، وهو محمد بن جعفر، الملقب غندر، وإذا جاء محمد، يروي عن شعبة، ويروي عنه محمد بن بشار، أو محمد بن المثنى، وهو غير منسوب، فإن المراد به محمد بن جعفر، الملقب غندر، وهو ثقة، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو بصري أيضاً، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن منصور].
هو ابن المعتمر الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[سمعت مجاهداً].
هو مجاهد بن جبر المكي، وهو ثقة، إمام في التفسير وفي العلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي عياش الزرقي].
صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أبو داود، والنسائي.
شرح حديث أبي عياش الزرقي: (... فصلى بنا رسول الله صلاة العصر ففرقنا فرقتين ...) من طريق أخرى
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد حدثنا منصور عن مجاهد عن أبي عياش الزرقي (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعسفان، فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر وعلى المشركين يومئذ خالد بن الوليد، فقال المشركون: لقد أصبنا منهم غرة، ولقد أصبنا منهم غفلة، فنزلت صلاة الخوف بين الظهر والعصر، فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر، ففرقنا فرقتين: فرقة تصلي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وفرقة يحرسونه، فكبر بالذين يلونه، والذين يحرسونهم، ثم ركع، فركع هؤلاء وأولئك جميعاً، ثم سجد الذين يلونه وتأخر هؤلاء والذين يلونه، ثم سجد الذين يلونه، وتأخر هؤلاء الذين يلونه، وتقدم الآخرون، فسجدوا، ثم قام فركع بهم جميعاً الثانية بالذين يلونه وبالذين يحرسونه، ثم سجد بالذين يلونه، ثم تأخروا فقاموا في مصاف أصحابهم، وتقدم الآخرون فسجدوا، ثم سلم عليهم، فكانت لكلهم ركعتان ركعتان مع إمامهم، وصلى مرة بأرض بني سليم)].لعلها: (هؤلاء الذين يلونه)؛ لأن هؤلاء الذين يلونه، هم الذين تأخروا، يعني (الواو) ليس واضحاً ورودها هنا، يعني: أن هؤلاء الذين في الصف الأول هم الذين سجدوا معه، فهم الذين يلونه، وأولئك تقدموا، إلا إذا كان العطف لشيء على مثله فيمكن، مثلما إذا اختلف اللفظ، يمكن العطف على اختلاف اللفظ، وإن كان المعنى واحداً، مثل قول الشاعر:
وألفى قولها كذباً وميناً
الكذب هو المين، والمين هو الكذب، لكن الذي يبدو أن الواو زائدة، يعني: تأخر هؤلاء الذين يلونه، أي الذين سجدوا معه.
أورد النسائي حديث أبي عياش الزرقي رضي الله عنه، وهو مثل الذي قبله، إلا أن فيه: تقدماً وتأخراً عند السجود، يعني: أن الذين كانوا تقدموا تأخروا، ففيه زيادة عمل، عما كان في الرواية السابقة؛ لأن الرواية السابقة ليس فيها تقدم وتأخر إلا مرة واحدة، وأما هذه الصفة وهذه الرواية، ففيها تقدم وتأخر آخر، يعني: في حال الجلوس؛ لأن الذين كانوا في الركعة الأولى متأخرين وتقدموا في الركعة الثانية، تأخروا عند السجود، وتقدم الذين كانوا متأخرين فصارت النهاية أن الذين كانوا أولاً في البداية، كانوا أولاً في النهاية، ولا أدري، والحديث الراوي له أبو عياش الزرقي، وكان على المشركين خالد بن الوليد، وكل العدو في جهة القبلة، فإن كانت مرة ثانية، فالأمر واضح، وإن كانت مرة واحدة، فإن فيها اختلافاً، والصفة الأولى هي المطابقة لحديث جابر في صفة صلاة الخوف، فيما إذا كان العدو في جهة القبلة.
وكذلك غيره فيما تقدم من الروايات، وهو أنه لا يكون هناك تقدم وتأخر إلا مرة واحدة، ما في تقدم وتأخر مرتين، لكن هذه الرواية فيها التقدم والتأخر مرتين، فإن كانت قصة أخرى فالأمر واضح، وتكون هذه صفة وتلك صفة، وإن كانت قصة واحدة، فإن الرواية الأولى هي التي تؤيدها الرواية الأخرى الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، في بيان صلاة الخوف، فيما إذا كان العدو في جهة القبلة، وهي مثل الصفة الأولى؛ لحديث أبي عياش الزرقي رضي الله تعالى عنه.
تراجم رجال إسناد حديث أبي عياش الزرقي: (... فصلى بنا رسول الله صلاة العصر ففرقنا فرقتين ...) من طريق أخرى
قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].هو الفلاس، لقبه الفلاس، وهو ثقة، ناقد، متكلم في الرجال جرحاً وتعديلاً، وكثيراً ما يأتي ذكره في كتب الرجال: قال الفلاس كذا، وثقه الفلاس، ضعفه الفلاس، وأحياناً يأتي عمرو بن علي كما هنا، وهو بصري، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد].
هو عبد العزيز بن عبد الصمد العمي البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا منصور عن مجاهد عن أبي عياش].
وقد مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.
شرح حديث أبي بكرة: (أن النبي صلى بالقوم في الخوف ركعتين ثم سلم ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى وإسماعيل بن مسعود واللفظ له قالا: حدثنا خالد عن أشعث عن الحسن عن أبي بكرة رضي الله تعالى عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بالقوم في الخوف ركعتين، ثم سلم، ثم صلى بالقوم الآخرين ركعتين، ثم سلم، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم أربعاً)].أورد النسائي حديث أبي بكرة رضي الله تعالى عنه، وهو يشتمل على صفة من صفات صلاة الخوف، وهي: أن النبي عليه الصلاة والسلام قسم أصحابه قسمين، أو جعلهم مجموعتين: مجموعة صلى بهم ركعتين، ثم سلم، ثم جاءت المجموعة الثانية، فصلى بهم ركعتين، ثم سلم، فيكون الرسول صلى الله عليه وسلم صلى مرتين، بالطائفة الأولى صلى الفرض، وبالطائفة الثانية صلى النفل، وهذا من أدلة صحة صلاة المفترض خلف المتنفل؛ لأن المجموعة الثانية مفترضون، ورسول الله صلى الله عليه وسلم متنفل؛ لأن الذي صلاها بالجماعة الأولى هي الفرض، فصلاته الثانية نفل، فهذا من أوضح الأدلة على صحة صلاة المفترض خلف المتنفل.
ومنها: حديث معاذ رضي الله عنه، أنه كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء، ثم ينصرف إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة، وهو متنفل وهم مفترضون، فهذان الحديثان، حديث معاذ في صلاته بأصحابه بعد أن صلى مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يدل على صحة صلاة المفترض خلف المتنفل، وحديث أبي بكرة هذا، في إحدى صفات صلاة الخوف، يدل على صحة صلاة المفترض خلف المتنفل.
إذاً: الرسول صلى الله عليه وسلم هنا صلى مرتين: مرة بالطائفة الأولى، وهو مفترض صلى بهم ركعتين وسلم، ثم ذهبوا، وجاء أولئك فصلى بهم ركعتين، ثم سلم، فصار متنفلاً في صلاته بالطائفة الثانية، فهذه إحدى صفات صلاة الخوف.
تراجم رجال إسناد حديث أبي بكرة: (أن النبي صلى بالقوم في الخوف ركعتين ثم سلم ...)

قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى وإسماعيل بن مسعود].
محمد بن عبد الأعلى، هو البصري، وهو ثقة، خرج حديثه مسلم، وأبو داود في كتاب القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
وإسماعيل بن مسعود، هو أبو مسعود البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
واللفظ له، أي: لـإسماعيل بن مسعود.
[حدثنا خالد].
هو ابن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أشعث].
هو ابن عبد الملك الحمراني، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن الحسن].
هو ابن أبي الحسن البصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي بكرة].
وهو: نفيع بن الحارث، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث جابر: (أن النبي صلى بطائفة من أصحابه ركعتين ثم سلم ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إبراهيم بن يعقوب حدثنا عمرو بن عاصم حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بطائفة من أصحابه ركعتين، ثم سلم، ثم صلى بآخرين أيضا ركعتين، ثم سلم)].أورد النسائي حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه، وهو مثل حديث أبي بكرة المتقدم، يعني: يشتمل على بيان صفة صلاة الخوف، على الصفة التي جاءت في حديث أبي بكرة، وهي أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى بطائفة من أصحابه ركعتين، ثم سلم، ثم صلى بالطائفة الثانية ركعتين، ثم سلم، فهو دال على ما دل عليه حديث أبي بكرة.

تراجم رجال إسناد حديث جابر: (أن النبي صلى بطائفة من أصحابه ركعتين ثم سلم ...)

قوله: [أخبرنا إبراهيم بن يعقوب].هو الجوزجاني، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، والترمذي.
[حدثنا عمرو بن عاصم].
صدوق، في حفظه شيء، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا حماد بن سلمة].
هو حماد بن سلمة بن دينار، وهو ثقة، عابد، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن قتادة].
هو ابن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن الحسن].
هو ابن أبي الحسن البصري، وقد تقدم ذكره في الحديث الذي قبل هذا.
[عن جابر بن عبد الله].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهم: أبو هريرة، وابن عمر وجابر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وأنس بن مالك، وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنهم أجمعين، وقد جمعهم السيوطي في الألفية بقوله:
والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر
وأنس والبحر فالخدري وجابر وزوجة النبي

شرح حديث سهل بن أبي حثمة: (يقوم الإمام مستقبل القبلة وتقوم طائفة منهم معه ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أبو حفص عمرو بن علي حدثنا يحيى بن سعيد عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة في صلاة الخوف قال: (يقوم الإمام مستقبل القبلة، وتقوم طائفة منهم معه، وطائفة قبل العدو ووجوههم إلى العدو، فيركع بهم ركعة، ويركعون لأنفسهم، ويسجدون سجدتين في مكانهم، ويذهبون إلى مقام أولئك، ويجيء أولئك فيركع بهم، ويسجد بهم سجدتين، فهي له اثنتان، ولهم واحدة، ثم يركعون ركعة ركعة، ويسجدون سجدتين)].أورد النسائي حديث سهل بن أبي حثمة، وهو مشتمل على صفة صلاة الخوف، وقد مرت هذه الصفة، وهي: أنه يجعل أصحابه طائفتين: طائفة يصلون معه، وطائفة يصلون تجاه العدو، فالطائفة التي تصلي معه، تذهب وتقف في مواجهة العدو، ويأتي الذين في مواجهة العدو، ويصلون معه الركعة الثانية، ثم يسلم، ثم تقوم كل طائفة تصلي ركعة ركعة، هذه هي إحدى صلاة الخوف، وقد مرت هذه الصفة في بعض الأحاديث السابقة.

تراجم رجال إسناد حديث سهل بن أبي حثمة: (يقوم الإمام مستقبل القبلة وتقوم طائفة منهم معه ...)

قوله: [أخبرنا أبو حفص عمرو بن علي].
هو الفلاس، الذي تقدم ذكره في الإسناد الذي قبل هذا قريباً.
[حدثنا يحيى بن سعيد].
هو يحيى بن سعيد القطان البصري، الثقة، المتكلم في الرجال، جرحاً وتعديلاً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن سعيد].
هو الأنصاري المدني، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن القاسم بن محمد].
هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، أحد الفقهاء السبعة في المدينة، في عصر التابعين، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن صالح بن خوات].
هو صالح بن خوات الأنصاري المدني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سهل بن أبي حثمة].
هو صحابي صغير، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

يتبع


ابوالوليد المسلم 23-03-2022 04:38 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح حديث جابر: (أن النبي صلى بأصحابه صلاة الخوف فصلت طائفة معه ...) من طريق أخرى
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا عبد الأعلى حدثنا يونس عن الحسن حدث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه صلاة الخوف، فصلت طائفة معه، وطائفة وجوههم قبل العدو، فصلى بهم ركعتين، ثم قاموا مقام الآخرين، وجاء الآخرون فصلى بهم ركعتين، ثم سلم)].أورد النسائي حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه، الذي فيه: أن النبي عليه الصلاة والسلام قسم أصحابه مجموعتين، فصلى بالمجموعة الأولى، ثم ذهبت إلى مواجهة العدو، وجاءت الطائفة الثانية، وصلى بهم ركعتين، ثم سلم، فليس فيه ذكر التسليم مع الطائفة الأولى، وإنما فيه أنه صلى بهم ركعتين، ثم ذهبوا، ثم جاءت الطائفة الثانية، فصلى بهم ركعتين، ثم سلم.
وحديث جابر المتقدم يقول: إنه صلى بهم ركعتين، ثم سلم، ثم صلى بالطائفة الثانية ركعتين، ثم سلم، فيحتمل أن يكون هذا مثل ذاك، ويكون مختصراً من المتقدم، الذي فيه ذكر السلام مرتين، ويكون النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه، كل طائفة على حدة ركعتين ثم سلم، أي: يسلم مع كل طائفة، بحيث يكون صلى ركعتين وسلم، ثم صلى ركعتين وسلم، فكان له صلاة فريضة، وصلاة نافلة، ويحتمل أن يكون صلى أربعاً، ويكون ركعتين للأولين ثم سلموا، ثم ركعتين للطائفة الأخيرة ثم سلم بهم، فإذا كان الحديث اختصاراً للأول وهو واحد، فيكون مشتملاً على صفة واحدة، وإلا فإنه يكون مشتملاً على صفة جديدة، وهي: أنه يكون صلى أربعاً: الطائفة الأولى صلت معه ركعتين، والطائفة الثانية صلت معه ركعتين، فتكون صلاته واحدة، ومحتمل أن يكون اختصاراً للحديث المتقدم عن جابر.

تراجم رجال إسناد حديث جابر: (أن رسول الله صلى بأصحابه الخوف فصلت طائفة معه ...) من طريق أخرى

قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].
هو الفلاس، وقد تقدم.
[حدثنا عبد الأعلى].
هو ابن عبد الأعلى البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يونس].
هو ابن عبيد البصري، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الحسن حدث جابر].
وقد مر ذكرهما.
شرح حديث أبي بكرة: (أن النبي صلى صلاة الخوف بالذي خلفه ركعتين والذين جاءوا بعد ركعتين ...) من طريق أخرى

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا الأشعث عن الحسن عن أبي بكرة رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه صلى صلاة الخوف بالذين خلفه ركعتين، والذين جاءوا بعد ركعتين، فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم أربع ركعات، ولهؤلاء ركعتين ركعتين)].أورد النسائي حديث أبي بكرة رضي الله عنه، وهو مثل حديث جابر الذي قبله، ويقال فيه، ما قيل في حديث جابر؛ لأن حديث أبي بكرة الذي مر قبل حديث جابر المتقدم، فيه: أنه صلى ركعتين ثم سلم، ثم صلى ركعتين ثم سلم، وهنا صلى ركعتين، وما ذكر السلام، ثم صلى ركعتين ثم سلم، فإذا كان مختصراً للحديث الذي قبله، فيكون صفة صلاة الخوف واحدة، وإن كان ليس اختصاراً له، وإنما هي صفة أخرى، فيكون معناه: أنه صلى أربعاً، ولكل طائفة من الذين صلوا وراءه ركعتين، فتكون للنبي صلى الله عليه وسلم أربعاً، وهي صلاة واحدة فرض، ولكل طائفة من أصحابه ركعتين.

تراجم رجال إسناد حديث أبي بكرة: (أن النبي صلى صلاة الخوف بالذي خلفه ركعتين والذين جاءوا بعد ركعتين ...) من طريق أخرى

قوله: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى بن سعيد].

وقد مر ذكرهما.
[حدثنا الأشعث].
هو ابن عبد الملك الحمراني، وقد تقدم ذكره.
[عن الحسن عن أبي بكرة].
وقد مر ذكرهما.

الأسئلة

العلة من الوضوء من لحم الإبل دون الغنم
السؤال: ما معنى هذا الحديث: أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت فتوضأ، وإن شئت فلا تتوضأ، قال: أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم، فتوضأ من لحوم الإبل)، لأي سبب يتوضأ من لحوم الإبل؟
الجواب: حديث الرسول صلى الله عليه وسلم جاء بالتفريق بين الإبل والغنم، وأن الإبل يتوضأ الإنسان من أكل لحمها، والغنم هو مخير: إن شاء توضأ، وإن شاء لم يتوضأ، أما التعليل: فالله تعالى أعلم، الواجب هو اتباع الدليل إذا جاء، سواء عرفت العلة أو لم تعرف، لكن إذا بحث عن العلة ووجد تعليلاً، فيزيد الأمر وضوحاً وجلاءً، وإلا فإنه لا يثني الإنسان عن أن يأخذ بالدليل، وإن لم يعرف الحكمة؛ لأن الإنسان عليه أن يستسلم وينقاد، ولو لم يعرف الحكمة، والدليل على هذا: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لما قبل الحجر الأسود قال: (أما إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك)، القضية هي قضية اتباع وانقياد لما جاء عن الله ورسوله عليه الصلاة والسلام، ولا يتوقف الأمر على معرفة الحكمة ومعرفة العلة.
ومن العلماء من علل بأن الإبل فيها شدة، فيكون الوضوء فيه تخفيف لهذه الشدة التي فيها، ومن المعلوم: أن أهل الغنم، معروفون بالسكينة والوقار، وأما أهل الإبل فعندهم الشدة والغلظة، يعني: أهل الإبل، فيهم من صفات الإبل، وأما الغنم ففيها خفة وسهولة ليس فيها شدة، فالذي يرعاها يكون به شيء من صفاتها، يعني: من ناحية السهولة واللين وعدم الشدة.
فالحاصل: أن الرسول صلى الله عليه وسلم سئل عن الوضوء من لحم الإبل؟ فقال: (توضأ)، وسئل عن الوضوء من لحم الغنم؟ فقال: (إن شئت فتوضأ، وإن شئت لا تتوضأ)، وهذا يدلنا على ثبوت هذا الحكم، وهو: وجوب الوضوء من لحم الإبل، أما لحم الغنم، فالإنسان بالخيار: إن شاء توضأ، وإن شاء لم يتوضأ.
حكم رفع اليدين في الدعاء

السؤال: هل من السنة رفع اليدين في الدعاء؟
الجواب: هذا السؤال مطلق، ورفع اليدين في الدعاء له ثلاث حالات: حالة عرف فيها رفع اليدين، وثبت في مواطن، مثل: الاستسقاء، وكون الإنسان على الصفا والمروة، فإن هذا مما ورد فيه رفع اليدين، فترفع فيه اليدان.
والحالة الثانية: الأمور التي وقعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم بكثرة، ولم يشاهد ولا في مرة واحدة أنه رفع يديه، فهذا لا ترفع منه اليدان، مثل: بعد الصلوات الخمس، فإنه عليه الصلاة والسلام كان يصلي بأصحابه الصلوات الخمس، ولم يذكر أنه رفع يديه بعد الصلوات الخمس في الدعاء.
فإذاً: السنة أنه لا ترفع اليدان في هذا الموطن، وكذلك في خطبة الجمعة -على كثرة خطبه عليه الصلاة والسلام ودعائه- فما كان يرفع يديه عليه الصلاة والسلام في الخطبة؛ ولهذا عمارة بن رويبة الصحابي، لما رأى أميراً من الأمراء يرفع يديه وهو في الخطبة، أنكر عليه وقال: (ما زاد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أشار بإصبعه)، يعني: عند التشهد يشير بأصبعه، فهذا يدل على: أن في خطبة الجمعة لا ترفع الأيدي، وبعد صلاة الفرض كذلك لا ترفع الأيدي.
أما الأمور الأخرى المطلقة مثل: كون الإنسان يريد أن يدعو لنفسه، فإنه له أن يرفع يديه، وله ألا يرفع يديه، وكذلك بعد النوافل، الإنسان إذا تنفل وأراد أن يرفع يديه فله أن يرفع يديه، وله ألا يرفع يديه.
إذاً: المسألة فيها تفصيل: ما جاء فيه الرفع ترفع فيه الأيدي، وما عرف حصوله بكثرة منه عليه الصلاة والسلام ولم ينقل عنه ولا مرة واحدة أنه رفع يديه، يترك فيها الرفع، وما كان غير ذلك، مما هو مطلق، فإن شاء رفع، وإن شاء لم يرفع، والرفع جاء ما يدل على الترغيب فيه في قوله: (إن الله يستحي إذا رفع عبده يديه أن يردهما صفراً)، أي: خاليتين.

حكم صلاة الجنازة على الغائب وعلاقتها بالبدعة
السؤال: ما حكم صلاة الجنازة على الغائب مع قول بعض الناس: إنها بدعة؟
الجواب: صلاة الجنازة على الغائب فيما إذا كان الشخص في بلاد كفار ولم يصل عليه، فإنه يصلى عليه صلاة الغائب، مثلما حصل من صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم على النجاشي.
ومن العلماء من رأى أنه يقتصر على مثل هذه الصورة، ومن العلماء من رأى أن من يكون له فضل وشأن، فإنه يصلى عليه صلاة الغائب؛ إظهاراً لشأنه وفضله، ويستدلون على ذلك بقصة النجاشي، وكون الرسول صلى الله عليه وسلم صلى عليه، وفي ذلك إظهار لفضله؛ لأنه قام بجهود عظيمة، وكان يكتم إسلامه، وقام بجهود عظيمة في نصرة المسلمين الذين هاجروا إلى الحبشة عندما آذاهم أهل مكة، فإنهم هاجروا إلى الحبشة مرتين، وقد لقوا منه كل تأييد ومناصرة، ولم يسمع كلام الكفار الذين ذهبوا إليه وأرادوا منه إرجاعهم، فالمسألة خلافية كما ذكرت، فمنهم من يرى الاقتصار على من لم يصل عليه فيصلى عليه صلاة الغائب؛ لأنه ما صلي عليه، ومنهم من يرى أنه من يكون له شأن وفضل فإنه يصلى عليه، وإن كان قد صلي عليه.
حكم أطفال الأنابيب
السؤال: ما حكم أولاد الأنابيب، أو توليد الأنابيب؟
الجواب: هذه أشياء جديدة لا أستطيع أن أقول فيها شيئاً، لكن الذي أستطيع أن أقوله: أنه إذا كان الماء من غير الزوج ووضع في المرأة، فإن ذلك لا يجوز، أما إذا كان ماء الرجل نفسه أخذ ثم أدخل بهذه الطريقة التي يذكرونها، فأنا لا أستطيع أن أقول فيه شيئاً، والأولى أن لا يفعل، لكن لا أستطيع أن أقول: إنه حرام.

حكم توليد البهائم بالحقن
السؤال: ما حكم توليد البهائم بالحقن؟
الجواب: لا بأس بذلك، يعني: كون اللقاح يوضع فيها بواسطة الحقن، لا بأس فيه.
مدى احتمال أن الطائفة الأولى في حديث سهل بن أبي حثمة أتموا لأنفسهم
السؤال: الحديث الذي رواه سهل بن أبي حثمة، هل يحتمل أن الطائفة الأولى لما صلى بهم الرسول صلى الله عليه وسلم ركعة، أتموا لأنفسهم، والرسول صلى الله عليه وسلم قائم، ثم جاءت الطائفة الأخرى؟
الجواب: آخر الحديث يفيد أنه قضى كل منهم ركعة ركعة، فالطائفة الأولى: قضت الركعة التي عليها وسلمت، والطائفة الثانية: جاءت وصلت معه الركعة الثانية، وقضت الركعة التي عليها.
كيفية الجمع بين كيفيات صلاة الخوف المختلفة
السؤال: كيف نجمع بين هذه الكيفيات المختلفة في صلاة الخوف؟ وما الواجب إذا كنا في مثل هذا المجال وبأي صفة نأخذ؟
الجواب: صفات صلاة الخوف كل ما ثبت منها يصح الأخذ به، إلا أن بعض العلماء اختار بعض الصفات، مثل صفة حديث صالح بن خوات، وحديث سهل بن أبي حثمة: أنه صلى بهم، ثم بعدما ركع الركعة الأولى أتموا لأنفسهم، ثم انصرفوا، ثم جاءت الطائفة الثانية مع الركعة الثانية، وثبت جالساً، وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم، بعض العلماء يرجح بعض الصفات، لا على أساس أن غيرها غير سائغ، بل هذا في اختيار بعض الصفات، ومن المعلوم أن هذا فيما إذا كان العدو في غير جهة القبلة، أما إذا كان في جهة القبلة فالصفة واحدة.
ما يلزم من جماع المرأة بعد الطواف وقبل السعي في العمرة
السؤال: إذا جامع المعتمر زوجته بعد الطواف، وقبل السعي، فما الذي عليه وعليها إذا كانت معتمرة مثله؟
الجواب: إذا كان قبل السعي ما أستطيع أن أقول فيه شيئاً.

الفرق بين المبتدع والجاهل في أمور الدين
السؤال: ما الفرق بين المبتدع والجاهل في أمور الدين؟
الجواب: المبتدع هو: الذي يعمل بالبدعة التي هي محدثة في الدين، ومن المعلوم: أن منهم من يكون عنده علم، ومنهم من يكون عنده جهل، وكل منهم على بدعة، إلا أن هذا عالم، وذاك جاهل، والشاعر يقول:
إذا كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
كل منهم على شر، إلا أن بعضهم أشر من بعض.

مدى اعتبار أولاد الزوجة محارم لزوجات الأجداد
السؤال: هل يكون أبناء زوجتي محرم لزوجة جدها لأبيها؟
الجواب: أولاد الأولاد -يعني: جميع الأولاد، آباؤهم، وأجدادهم- سواء من جهة الأم، أو من جهة الأب، هم محارم لزوجات الأجداد، سواء جده من أمه، أو جده من أبيه؛ لأنه داخل تحت قوله: https://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ https://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[النساء:22]، فهم آباء، فسواء كانوا من جهة أمه، أو من جهة أبيه، المقصود أن أولاد المرأة، أو أولاد الرجل يكونون محارم لزوجات أجدادهم.
والعكس كذلك، يعني: أولاد أولاد البنات، وأولاد الأبناء، كلهم إذا كان الجد من جهة الأم، ومن جهة الأب لا ينكح زوجاته؛ لأنه داخل تحت قوله: https://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ https://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[النساء:23]؛ لأنهم من الأبناء، وهذه وعكسها كلها تعتبر محرمية حاصلة.
حكم الجهر في صلاة الوتر
السؤال: هل يجهر في صلاة الوتر؟
الجواب: صلاة الليل يجوز فيها الجهر، ويجوز فيها الإسرار، والوتر من صلاة الليل، لكن إذا كان الجهر يتأذى به أحد فإنه لا يجهر، وإذا كان لا يتأذى به أحد فإن الأولى أن يجهر.

حكم المسح على الوجه بعد الدعاء
السؤال: في المواضع التي ثبت فيها رفع اليدين في الدعاء هل له أن يمسح وجهه بيديه بعد الدعاء؟
الجواب: لم يثبت المسح، ترفع الأيدي ثم تنزل بدون مسح، وقد ورد فيه حديثان ضعيفان.

حكم تقبيل أيدي وأرجل الوالدين وذي الفضل والعلم
السؤال: ما حكم تقبيل رجلي الوالدين، وأهل العلم والفضل، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جاء إليه يهوديان فسألاه سؤلات فأجابهما، فقبلا يده ورجلاه، رواه أحمد، والنسائي، والترمذي، بأسانيد صحيحة، وصححه الترمذي، وفي حديث وفد عبد القيس؟
الجواب: هذا ثابت نعم، حديث عبد القيس، أنهم قبلوا رجليه عليه الصلاة والسلام، وكما هو معلوم: أن الرسول صلى الله عليه وسلم يختلف عن غيره، من جهة عصمته عليه الصلاة والسلام، وكونه لا يحصل منه الاغترار، وغيره يخشى عليه من أن يغتر بنفسه، لا سيما ما هو معروف عند كثير من الناس الذين استسهلوا تقبيل الأيدي، ولا يعرفون إلا أن يمدوا أيديهم للناس ليقبلونها، فإنه يحصل لهم اغترار بذلك، فتقبيل اليد جائز، والرجل الأولى أن لا تقبل، ولا نقول: إنها حرام، وحتى اليد الأولى أن لا تقبل؛ لأن هذا يحصل فيه في الغالب الاغترار ممن يفعل معه ذلك، والغلو ممن يفعل ذلك، وهذا هو المعروف عند من ينتسب إلى التصوف، ومن يعرفون بالبدع، هذا ديدنهم، وهذا شأنهم، لا يعرفون إلا أن يمدوا أيديهم للناس.
حكم دم ما يؤكل لحمه
السؤال: هل دم ما يؤكل لحمه يكون نجساً؟
الجواب: نعم، الدم نجس، وإنما الذي يكون طاهراً هو البول والروث، يعني: ما يؤكل لحمه، يكون روثه وبوله طاهراً، وأما الدم فإنه يكون نجساً، ولو كان مما يؤكل لحمه.
الإشارة بالأصبع عند لفظ الجلالة في قراءة القرآن في الصلاة
السؤال: هل يشار بالإصبع عند قراءة سورة فيها لفظ الجلالة في صلاة الفرض؟
الجواب: لا أعرف شيئاً يدل على هذا.
حكم الاعتقاد بنفع الدواء مع الاعتقاد بأن الله تعالى هو الشافي

السؤال: هل الاعتقاد بأن الدواء يشفي، مع الاعتقاد بأن الله سبحانه وتعالى هو الشافي يؤثر؟
الجواب: الأسباب تنفع بإذن الله، والناس ما يفعلون الأسباب إلا وهم يرجون ويؤملون الشفاء، لكن كما هو معلوم وراء الدواء ما هو أعظم منه، وهو توفيق الله عز وجل، وكون الدواء يفيد، ويحصل له ثمرة، وإلا فإنه قد يوجد الدواء ولا توجد الثمرة والنتيجة المطلوبة والمرجوة، لكن الإنسان يتعاطى الدواء، وقد شرع له ذلك، وهو جائز، ولكن لا يعول على الأسباب، ولا يقول: الأسباب هي كل شيء، ويغفل عن الله، بل يعتقد أنه لا ينفع شيء إلا بإذن الله، وبتوفيق الله عز وجل، ولهذا يقولون: الاعتماد على الأسباب شرك في التوحيد، ومحو الأسباب أن تكون أسباباً نقص في العقل، يعني: الإنسان الذي لا يأخذ بالأسباب ويمحوها، فهذا نقص في العقل، ويقول: إن كان الله مقدراً لي أن يعطيني شيئاً فسيأتي أحد ويطرق الباب، ويعطيني الذي كتبه الله لي، وإن كان الله لم يكتب لي شيئاً فلن يأتيني، وهذا نقص في العقل وسفه، بل الإنسان يخرج ويفعل الأسباب، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله)، وقال: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز)، قال: (احرص على ما ينفعك)، يعني: افعلوا السبب، وقال: (لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً وتروح بطاناً)، فالطيور لا تجلس بأوكارها وتقول: إذا الله مقدر يعطينا، وإنما تخرج في الصباح خماصاً خاوية البطون، وترجع بطاناً ممتلئة البطون، فمحو الأسباب أن تكون أسباباً نقص في العقل، والاعتماد على الأسباب شرك في التوحيد، يعني: كون أن هذا سبب مؤثر، ويغفل عن الله عز وجل، هذا معناه: تعويل على غير الله، وغفلة عنه سبحانه وتعالى.
معنى قوله تعالى: (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد)
السؤال: ما معنى قوله تعالى: https://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ https://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[ق:16]؟
الجواب: للعلماء أو للسلف فيها معنيان، وكل منهما صحيح، أحدهما: https://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ https://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[ق:16]، يعني: بالعلم، وليست الذات حالة في المخلوق، ولهذا قال: https://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ https://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[ق:16]، فأول الآية يرشد إلى هذا، https://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ https://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[ق:16].
والقول الثاني، https://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ https://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[ق:16]، المقصود بذلك قرب الملائكة، وأنها تكون قريبة من الإنسان، والناس لا يرونها، وهو مثل قول الله عز وجل في آخر سورة الواقعة: https://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifوَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ https://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[الواقعة:85]، أي: الملائكة التي تقبض الروح، وإتيان الضمير في بعض المواضع بالجمع مضافاً إلى الله عز وجل، ويراد به الملائكة جاء ما يدل عليه، وهذا منه، ومن ذلك قول الله عز وجل: https://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifيُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ https://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[هود:74]، يعني: المجادلة إنما هي للملائكة التي جاءت على إبراهيم، فقال: (يجادلنا)، أي: يجادل رسلنا، فالذي ورد فيه شيء يدل على أنه يراد به ملائكة الله عز وجل مثل هذه المواضع، والتي يرشد إليها ما ذكرته، هذا من أقوال السلف في هذه المسألة.

حكم طلاق الحائض
السؤال: ما حكم الشرع في رجل أوقع يمين الطلاق على زوجته وهي حائض؟
الجواب: المعروف أن الطلاق في الحيض يقع، وبعض العلماء يرى أنه لا يقع؛ لأنه لا يجوز الطلاق فيه، لكن الذي يظهر أنه يقع؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام كما في قصة عبد الله بن عمر قال: (مره فليراجعها)؛ لأن المراجعة تعني: أنه حصل أو وقع الطلاق.

مدى ثبوت سماع الحسن البصري من جابر رضي الله عنه
السؤال: هل سمع الحسن البصري من جابر رضي الله عنهما؟
الجواب: لا أتذكر، لكن هذا الحديث صحيح، وأنا لا أذكر الجواب على هذا السؤال من حيث أن سماع الحسن من جابر رضي الله عنه مختلف فيه.

تطبيق قاعدة الجمع بين الروايات المتحدة ثم الترجيح على روايات صلاة الخوف
السؤال: القاعدة عند أهل العلم: أنه إذا اتحدت مخارج الروايات، فالواجب الجمع إذا أمكن، ثم الترجيح وإلا التوقف، فهل تطبق هذه القاعدة هنا في هذا الباب؟
الجواب: المعلوم أن هذه صفات، وكل صفة تعتبر مستقلة، فلا ترجح صفة على صفة، بمعنى: أن الصفة هذه تلغى، لا، بل كل صفة تثبت، فإنها تعتبر حقاً، والأخذ بها أخذ بالدليل، والاختلاف فيها من اختلاف التنوع، يعني: هذا نوع، وهذا نوع، مثل ألفاظ التشهد، وألفاظ الأذان، وألفاظ الاستفتاح؛ لأنها كلها ثابتة، من أتى بهذا أصاب، ومن أتى بهذا أصاب، فهذا من جنسه، وصلاة الخوف ثبتت من أوجه كلها صحيحة، وأي وجه منها أخذ به فقد أخذ بالدليل، إلا أن بعض العلماء يفضل أو يرجح أو يختار بعض الصفات على بعض؛ لكونها أقل حركة وأقل عمل مثل: حديث صالح بن خوات، عمن صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف، فإن بعض العلماء يرجح هذه الصفة؛ لأنها أقل من غيرها يعني: ذهاباً وإياباً ... إلى آخره.
وهذا فيما إذا كان العدو في غير جهة القبلة، أما إذا كان العدو في جهة القبلة فالصفة معروفة.
أما إذا اتحد المخرج فالجمع ممكن، أنا قلت: أنه في قضية حديث أبي بكرة، الذي جاء من طريقين، وحديث جابر الذي جاء من طريقين، أنه صلى بطائفة ركعتين ثم سلم، وطائفة ركعتين ثم سلم، وحديث أبي بكرة كذلك، ثم جاء الحديث عن جابر، أنه صلى بطائفة ركعتين ثم ذهبت، وصلى بطائفة ركعتين ثم سلم، وما ذكر السلام في موضع واحد، وحديث أبي بكرة كذلك، أقول: محتمل هذا، ومحتمل هذا، وإذا كانت إحدى الطريقتين مختصرة، فتكون الصفة واحدة، ولا تكون صفتين.
حكم زواج الرجل من زوجة زوج أمه
السؤال: تزوج زيد بأم خالد، فهل يجوز لخالد أن ينكح زوجة زيد بعد موت زيد، علماً بأن لزيد زوجتين؟
الجواب: زوجات الزوج ليس للابن علاقة بهن، يعني: كونه ابن زوجة، فله أن يتزوج زوجة زوج أمه؛ لأنه ليس من محارمها، وهي أجنبية منه، بل يمكن أيضاً أن يجمع بين بنت الرجل ومطلقته؛ لأنه ليس هناك مانع يمنع من هذا، فكونه يأخذ بنت رجل، ويأخذ مطلقته، أو التي توفى عنها، فيجمع بينها وبين بنت جارتها، لا مانع يمنع من هذا.

ضوابط تكفير المعين
السؤال: نرجو ذكر ضوابط تكفير المعين.
الجواب: التكفير هذا من أصعب ما يكون الكلام فيه؛ لأن أمره خطير، وأمره ليس بالهين، ومن المعلوم أن التكفير الضابط فيه: أنه يكفر على حسب الدليل، من كفَّره الله ورسوله عليه الصلاة والسلام فهو كافر، ومن ثبت تكفيره عن الله وعن رسوله عليه الصلاة والسلام فهذا هو الذي يكفر، وهناك خلاف بين العلماء: هل يعذر بالجهل، أو لا يعذر بالجهل إذا حصل أمر مكفر؟ من العلماء من يقول: إنه لا يعذر بالجهل، ومنهم من يقول: يعذر بالجهل، لكن مسائل التكفير هذه من أصعب وأخطر ما يكون، والكلام فيها ليس بالهين.

تكرار الطهارة من النجاسة عند تعسر الحصول على الماء
السؤال: من المعلوم: أن الطهارة من شروط صحة الصلاة، وهناك من يعيش بعيداً عن مصادر المياه، ويتعسر عليه الحصول على الماء إلا للأكل والشرب، وكثير من النساء ذوات الأطفال يصيبهن بول الصبيان في البدن، والثوب فتمتنع من الصلاة، لما يتبادر إلى ذهنهن من أن الصلاة على غير طهارة تأثم بها، فما حكمهن، علماً بأن التطهر بالتكرار يعني: تصاب بالنجاسة ثم تتطهر، وقد تتطهر في اليوم مرات، ثم يحصل لها التنجس؟
الجواب: الماء إذا كان موجوداً ووجدت النجاسة فإنها تزال بالماء ولو تكرر ذلك، كلما تكررت النجاسة يكرر الغسل، لأنه إذا وجد نجاسة ثم غسلت، ثم جاءت النجاسة فإنها تحتاج إلى غسل آخر وهكذا.
وأما إذا كان الماء غير موجود فإنه: يشرع التيمم، ويصلي الإنسان على حسب حاله، ولا يجوز له أن يؤخر صلاة عن وقتها بحجة أن الماء غير موجود، بل إن كان موجوداً فإنه يأتي به ويتوضأ ويصلي، وإن كان غير موجود فإنه يتيمم ويصلي، ولا يجوز له أن يؤخر الصلاة عن وقتها؛ لكون الماء غير موجود، بل يتيمم ويصلي.






ابوالوليد المسلم 23-03-2022 04:39 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب صلاة العيدين)
(284)



كتاب صلاة الخوف [3]

كتاب صلاة العيدين - إلى (باب ترك الأذان للعيدين)



للمسلمين يومان يفرحون فيهما، وهما عيد الفطر وعيد الأضحى، وشرع في هذين العيدين صلاة معينة، وأمر بالخروج لها كل من الرجال والنساء والصبيان والعواتق حتى الحيض لكن يعتزلن المصلى، وليس لصلاة العيد أذان ولا إقامة، وليس لأحدٍ أن يصلي قبل الإمام.


صلاة العيدين

شرح حديث: (كان لكم يومان تلعبون فيهما، وقد أبدلكم الله بهما خيراً منهما يوم الفطر ويوم الأضحى)

يقول المصنف رحمه الله تعالى: [كتاب صلاة العيدين.أخبرنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل حدثنا حميد عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: (كان لأهل الجاهلية يومان في كل سنة يلعبون فيهما فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة قال: كان لكم يومان تلعبون فيهما، وقد أبدلكم الله بهما خيراً منهما يوم الفطر ويوم الأضحى)].
يقول النسائي رحمه الله تعالى: كتاب العيدين. هذا الكتاب يتعلق بيومين في السنة هما عيد الأضحى وعيد الفطر، وقد جعلهما الله عز وجل بعد إتمام مناسك وإتمام شعائر من شعائر الدين، فجعل عيد الفطر بعد إكمال شهر رمضان، وجعل عيد الأضحى بعد حصول الحج وبعد الوقوف بعرفة الذي هو الركن الأعظم في الحج والذي له وقت معين لا يتقدم فيه ولا يتأخر، وجعل الله عز وجل عيد الأضحى بعد يوم عرفة الذي هو أفضل أيام السنة والذي صيامه يكفر السنة الماضية والسنة الآتية.
فإذاً هذان العيدان جُعلا بعد إتمام شعيرتين عظيمتين وهما الصيام والحج، وأضيفا إلى الأضحى وإلى الفطر، فأضيف إلى الفطر للإشارة إلى أن هذا العيد شكر لله عز وجل على إتمام شهر رمضان، وعلى حصول الفطر من شهر رمضان، وعلى توفيق الله عز وجل لإكمال هذا الشهر، صيامه وقيامه، فهو يفطر هو أول يوم من شوال، وهو عيد الفطر شكراً لله عز وجل على هذه النعمة، ولهذا قيل له: عيد الفطر.
وكذلك عيد الأضحى؛ لأن فيه قيام غير الحجاج بالتقرب إلى الله عز وجل بالذبائح والأضاحي كما يتقرب الحجاج إلى الله عز وجل بالذبح في يوم النحر والأيام التي بعده هدياً، فالحجاج يتقربون إلى الله بذبح الهدي. وغير الحجاج يتقربون إلى الله عز وجل بذبح الأضاحي، فأضيف العيد إلى الأضحى؛ لأنه اليوم الذي يحصل فيه ذبح الإبل، والبقر والغنم تقرباً إلى الله عز وجل في ذلك الموسم، وفيه مشابهة للحجاج الذين يتقربون إلى الله عز وجل بذبح الهدي.
فإذاً: كلا العيدين جاءا بعد إتمام شعيرة من شعائر الدين هي ركن من أركان الإسلام، فعيد الفطر جاء بعد إكمال شهر رمضان الذي هو ركن من أركان الإسلام، وعيد الأضحى جاء بعد الإتيان بالحج الذي هو ركن من أركان الإسلام.
وليس للمسلمين أعياد سوى هذين العيدين فلذلك حرم صيامهما، فهذان اليومان لا يجوز صيامهما مطلقاً، وأما أيام التشريق فكذلك لا يجوز صيامها إلا أنه يستثنى من لم يجد الهدي فإنه يصوم هذه الأيام الثلاثة، لكن يوم العيد لا يصام أبداً ولا حتى لمن لم يجد الهدي، وإنما أيام التشريق هذه يصومها من لم يجد الهدي كما جاء في الحديث (لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي)، فإنه لمن لم يجد الهدي أن يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، فيصوم هذه الأيام الثلاثة التي هي أيام التشريق.
وقد كان أهل الجاهلية لهم عيدان يلعبون فيهما، ومن المعلوم أن أهل الجاهلية كانوا على أمور يعتقدونها وأمور اعتادوها، والإسلام قد جاء بإقرار بعض الأمور التي كانت في الجاهلية، وجاء بإنكار وإبطال أمور كانت معلومة في الجاهلية.
وأما الأعياد فقد كان في الجاهلية عيدان، لكن الله عز وجل بعد أن أرسل رسوله الكريم صلى الله عليه وآله وسلم وأنزل عليه الوحي وجاء هذا الدين الحنيف شرع لعباده يومين هما يوما شكر لله عز وجل، لكن ليسا كما هما في الجاهلية مجالاً للعب، وإنما هما مجال للشكر وحمد الله عز وجل وفرح وسرور بإتمام العبادة وبالإتيان بالعبادة.
وبالنسبة للعب يمكن الأطفال الصغار أن يلعبوا وأن يمكنوا من اللعب وأن يوسع عليهم في هذين اليومين بحيث يلعبون الألعاب التي ليس فيها محذور، وقد جاء فيما يتعلق بالنسبة للأطفال والأولاد وحصول اللعب منهم أحاديث تدل على جوازه، وأما بالنسبة للكبار فإن شأنهم الجد وشأنهم الفرح والسرور بإكمال الصيام وبإكمال هذه العبادة، فإن الله عز وجل وفقهم لأن تأتي هذه المناسبة وقد أدوا الصيام وحصلوا الحج، فيأتي التقرب إلى الله عز وجل بالهدي والأضاحي هذا شأن الكبار، فليس شأنهم أن يلعبوا وأن يلهوا وأن يتخذوا من العيد فرصة للسهو، واللهو، والغفلة، وإنما هذا شأن الصغار يمكن أن يمكنوا من اللعب فيما ليس فيه محذور.
وقد أورد النسائي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في هذا، وهو أنه كان لهم في الجاهلية -يعني قبل أن يبعث فيهم الرسول عليه الصلاة والسلام- عيدان يلعبون فيهما، وأن الله تعالى أبدلهم في الإسلام بخير من هذين العيدين وهما عيد الأضحى وعيد الفطر، وليس للمسلمين سوى هذين العيدين.

تراجم رجال إسناد حديث:(كان لكم يومان تلعبون فيهما، وقد أبدلكم الله بهما خيراً منهما يوم الفطر ويوم الأضحى)

قوله:
[علي بن حجر].
علي بن حجر هو ابن إياس السعدي المروزي، وهو ثقة، حافظ، أخرج له البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.

[عن إسماعيل].
هو ابن جعفر، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حميد].
هو ابن أبي حميد الطويل، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه].
هو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، خدمه عشر سنين منذ قدم المدينة عليه الصلاة والسلام إلى أن توفاه الله، وكان من صغار الصحابة، وقد عاش وعُمّر وأدركه صغار التابعين، وهو من المكثرين من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، بل هو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأنس، وجابر، وأبو سعيد الخدري، وعائشة أم المؤمنين.
وهذا الإسناد من رباعيات النسائي، وهو من أعلى الأسانيد عند النسائي؛ لأن أعلى ما عند النسائي الرباعيات -أي بينه وبين رسول الله عليه الصلاة والسلام فيه أربعة أشخاص- وليس عنده ثلاثيات، وهذا الإسناد سبق أن مر بنا في الحديث ألف وخمسمائة وستة وعشرين بنفس الرجال علي بن حجر عن إسماعيل عن حميد عن أنس، وذكرنا فيما مضى أن إسماعيل بن جعفر، وهو إسماعيل بن جعفر وليس إسماعيل بن علية ذكر ذلك المزي في تحفة الأشراف، وجعل هذين الحديثين كليهما من ضمن الأحاديث التي رواها إسماعيل بن جعفر عن حميد عن أنس، وهما متقاربان -يعني في الموضع- واحد منهما ليس بينه وبين الثاني إلا حديثان، وهما من جملة أحاديث جاءت بإسناد واحد.


الخروج إلى العيدين من الغد
شرح حديث أنس في الخروج إلى العيدين من الغد

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الخروج إلى العيدين من الغد.أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى القطان حدثنا شعبة حدثنا أبو بشر عن أبي عمير بن أنس عن عمومة له: (أن قوماً رأوا الهلال فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأمرهم أن يفطروا بعدما ارتفع النهار وأن يخرجوا إلى العيد من الغد)].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي الخروج إلى العيد من الغد، يعني أنه إذا ما حصل معرفة العيد إلا بعدما مضى جزء من الوقت بحيث لا يتيسر مع ذلك الاستعداد والخروج له في يومه ضحى أو في أول وقته، فإن الناس يخرجون من الغد ويصلون صلاة العيد، ولكنهم يفطرون إذا تبين أن الهلال قد رئي البارحة ولم يبلغهم الخبر إلا في الضحى أو في النهار؛ لأنه ليس لهم أن يصوموا ذلك اليوم ولو كانوا دخلوا فيه جاهلين بأن الهلال قد رئي فإنهم إذا علموا يفطرون.
ومثل ذلك لو كان في أول الشهر ما علموا دخول شهر رمضان إلا في النهار فإنهم يمسكون ولا يأكلون بقية اليوم، ويقضون ذلك اليوم الذي ما بلغهم الخبر إلا بعد طلوع الفجر وبعد أن دخل وقت الصيام فإنهم يصومون ويمسكون ويمتنعون عن الأكل والشرب، ولو كانوا أكلوا في أول ذلك اليوم؛ لأن اليوم الواحد من أيام الشهر له حرمته فيمتنع من الأكل والشرب فيه.
ومثل ذلك المسافر، إذا كان مسافراً فله أن يأكل ويشرب، فإذا وصل إلى البلد فعليه أن يمسك ولو كان قد أكل وشرب لما كان مسافراً، فيمسك بقية اليوم عندما يصل إلى البلد، ويكون من الحاضرة وليس من المسافرين.
فالرسول عليه الصلاة والسلام أمرهم أن يفطروا وأن يخرجوا ويصلوا صلاة العيد من الغد، وهذا يدل على أهمية صلاة العيد وعلى أنه إذا حصل فوات الوقت فإنها لا تترك وإنما يؤتى بها من الغد، وهذا يدلنا على تأكدها.
وحكم صلاة العيد اختلف فيه العلماء، منهم من قال: إنها فرض كفاية، ومنهم من قال: إنها فرض عين. والقول بأنها فرض عين قول قوي قال به شيخ الإسلام ابن تيمية، وقال به بعض أهل العلم وعليه أدلة، وهذا الحديث مما يدل على أهمية الصلاة وعلى عظم شأنها وأنه لو فات الوقت الذي تؤدى به في نفس اليوم، فإنها يؤتى بها من الغد، ومن الأدلة على أنها فرض عين الحديث الذي سيأتي والذي فيه الأمر بإخراج العواتق وذوات الخدور والحيض، النساء، يخرجن ويحضرن الخير ودعوة المسلمين، وتعتزل الحيض المصلى، قالوا: فلما كان الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج ذوات الخدور -وهن البنات اللاتي لم يتزوجن- والعواتق -وهن اللواتي قاربن البلوغ-، وكذلك الحيض اللاتي ليس عليهن صلاة، ولكنهن يخرجن إلى صلاة العيد ويحضرن الخير ودعوة المسلمين، ويعتزلن المصلى.
وكذلك ما جاء من أنه إذا وافق يوم عيد يوم جمعة وحضر الإنسان العيد، له أن يتخلف عن الجمعة، قالوا: وهذا مما يوضح القول بوجوبها وجوب عين؛ لأنه لو لم تكن كذلك ما كان العيد يغني عن حضور الجمعة، لأن الجمعة فرض، فرض عين، ولما كان العيد يغني عنها لمن حضره، فقالوا: هذا مما يؤيد ومما يقوي أن يكون فرض عين.
الحاصل أن جمهور العلماء قالوا: إنه فرض كفاية، وبعض أهل العلم قال: إنه فرض عين والقول بأنه فرض عين، قول قوي، ومهما يكن من شيء حتى على القول بأنه فرض كفاية فإنه تنبغي العناية والاهتمام وعدم التخلف عن صلاة العيد، وكما قلت: الأدلة واضحة وهي التي أشرت إليها، وخاصة كون حضور العيد يغني عن حضور الجمعة، ولو لم يكن واجباً ما أغنى، أي ما يغني شيء غير واجب عن واجب، فهذا مما استدل به بعض أهل العلم على أنه فرض عين.
وعلى كل حال، في هذا تأكيد الحرص على صلاة العيد والمحافظة عليها والعناية بها وكونها يؤمر بها حتى النساء ولا سيما الصغيرات البالغات: أو القريبات من البلوغ، وأنهن يؤمرن بالذهاب إلى الصلاة، أي صلاة العيد، وكذلك الحيض يخرجن ويعتزلن المصلى.
وحديث عمومة أو أبي عمير بن أنس بن مالك، وهم من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، جاء في بعض الأحاديث عمومة له من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو تابعي يروي عن صحابة مبهمين وغير مسمين، والجهالة في الصحابة لا تؤثر وإبهام الصحابة لا يؤثر؛ لأنهم عدول بتعديل الله عز وجل لهم وتعديل رسوله صلى الله عليه وسلم.

تراجم رجال إسناد حديث أنس في الخروج إلى العيدين من الغد
قوله:
[أخبرنا عمرو بن علي].
عمرو بن علي هو الفلاس البصري، وهو ثقة، ناقد، متكلم في الرجال جرحاً وتعديلاً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

[عن يحيى بن سعيد القطان].
يحيى بن سعيد القطان وهو كذلك ثقة، متكلم في الرجال جرحاً وتعديلاً، بصري، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة].
شعبة وهو ابن الحجاج الواسطي البصري، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

[حدثنا أبو بشر].

أبو بشر هو جعفر بن أبي وحشية، واسم والده إياس، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي عمير بن أنس].
هو أبو عمير بن أنس بن مالك، قيل اسمه: عبد الله، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن عمومة له].
عن عمومة له من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام وهم لم يسموا، وعلمنا أن إبهام الصحابة لا يؤثر، الإبهام وجهالة العين وعدم معرفة الشخص في غير الصحابة هي التي تؤثر، أما الصحابة فالمجهول منهم في حكم المعلوم والجهل فيهم لا يؤثر؛ لأنهم عدول جميعاً رضي الله عنهم وأرضاهم.
خروج العواتق وذوات الخدور في العيدين
شرح حديث أم عطية في إخراج النساء لصلاة العيد واعتزال الحيض المصلى

وقال المصنف رحمه الله تعالى: [باب خروج العواتق وذوات الخدور في العيدين.أخبرنا عمرو بن زرارة حدثنا إسماعيل عن أيوب عن حفصة قالت: (كانت أم عطية رضي الله تعالى عنها لا تذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قالت: بأبا، فقلت: أسمعتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر كذا وكذا؟ فقالت: نعم بأبا، قال: لتخرج العواتق وذوات الخدور والحيض، ويشهدن العيد ودعوة المسلمين، وليعتزل الحيض المصلى)].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي خروج العواتق وذوات الخدور في العيدين، أي في صلاة العيدين، أورد فيه حديث أم عطية رضي الله تعالى عنها وهو أن النبي عليه الصلاة والسلام أُمر بإخراج العواتق وذوات الخدور والحيض وأن يعتزل الحيض المصلى، ففيه تأكيد الذهاب إلى العيدين حتى من المخبئات، ومن ذوات الخدور والعواتق، ومن الحيض اللاتي لا يصلين، ولكن يشهدن الخير ودعوة المسلمين ويعتزلن المصلى، وهذا يدل على تأكد هذه الصلاة، بل من العلماء من قال بوجوبها عيناً كما أشرت.
والعواتق قيل: هن اللاتي قاربن البلوغ، وذوات الخدور قيل: هن البالغات، أو هن اللاتي لسن مثل غيرهن من الكبار اللاتي يخرجن كما يردن، بل وضعهن يختلف، فهن من ملازمات البيوت، والباقيات في البيوت، لكن أمرن أو أمر بإخراجهن، أو أرشد عليه الصلاة والسلام إلى خروجهن وأن يشهدن العيد، وكذلك الحيض، وهن لا يصلين، لكن يحضرن الخير ودعوة المسلمين، ويعتزلن المصلى فلا يكن مع المصليات، وإنما يكن خارج المصلى الذي يصلى فيه، فإن كان محاطاً بسور، فإنهن يكن من وراء السور وعند الباب، وإن كان غير مسور وإنما هي صحراء، فإنهن لا يكن مع النساء، وإنما يكن معتزلات. أي: متأخرات عن النساء بينهن فاصل، بحيث لا يكن مع الطاهرات المصليات.

يتبع







ابوالوليد المسلم 23-03-2022 04:39 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
تراجم رجال إسناد حديث أم عطية في إخراج النساء لصلاة العيد واعتزال الحيض المصلى
قوله:
[أخبرنا عمرو بن زرارة].
هو عمرو بن زرارة النيسابوري، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والنسائي.

[حدثنا إسماعيل].
إسماعيل هو ابن علية، إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي البصري، ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أيوب].
وهو أيوب بن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن حفصة بنت سيرين].
وهي تابعية، ثقة، أخرج حديثها أصحاب الكتب الستة.
[عن أم عطية].
هي نسيبة بنت كعب الأنصارية، صحابية مشهورة، أخرج حديثها أصحاب الكتب الستة.
اعتزال الحيض مصلى الناس
شرح حديث أم عطية في إخراج النساء لصلاة العيد واعتزال الحيض المصلى من طريق أخرى

وقال المصنف رحمه الله تعالى: [باب اعتزال الحيض مصلى الناس.أخبرنا قتيبة حدثنا سفيان عن أيوب عن محمد قال: (لقيت أم عطية فقلت لها: هل سمعتِ من النبي صلى الله عليه وسلم وكانت إذا ذكرته قالت: بأبا قال: أخرجوا العواتق، وذوات الخدور، فيشهدن العيد ودعوة المسلمين، وليعتزل الحيض مصلى الناس)].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: اعتزال الحيض المصلى، أي: إذا خرجت الحيض لحضور العيدين، فإنها تشهد الخير ودعوة المسلمين، ولكنها تعتزل المصلى، والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بخروج النساء، وأن الحيض يعتزلن المصلى فلا يكن مع المصليات، وإنما ينحزن إلى جانب بحيث يتميزن عن المصليات، ولا يختلطن بهن، ولا يكن معهن، ولكنهن يشهدن الخير ودعوة المسلمين.
وفي الحديث أن أم عطية كانت إذا ذكرت الرسول صلى الله عليه وسلم قالت: بأبا: أو بأبي، وليس المقصود بذلك الحلف وإنما المقصود التفدية أي هو مفدي بأبي، إلا أنها تجعل بدل الياء ألفا، تقول: بأبا أي: بأبي معناه مفدي بأبي، وكانوا إذا ذكر النبي عليه الصلاة والسلام يفتدونه، أي: يذكرون تفديته بآبائهم، وأمهاتهم، هذا هو المعروف عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، وأم عطية هي منهم، ولكنها كانت تقول: بأبي، والمقصود من ذلك: هو مفدي بأبي وليس حلفاً بأبيها أو قسماً بأبيها، وإنما هي تفدية، وهذه العبارات يستعملونها ولو كان الأبوان قد ماتا، فهذه عبارات درجت على ألسنتهم واعتادوها.
وكذلك أيضاً من بعدهم -من بعد الصحابة- كانوا يستعملون ذلك عندما يأتي ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أحياناً يقولون: فداه أبي وأمي، أو هو مفدي بأبي وأمي، ومن المعلوم: أن الرسول عليه الصلاة والسلام محبته مقدمة على محبة الأب والأم، وعلى محبة الناس جميعاً، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين)، لماذا؟ لأن النعمة التي ساقها الله على يديه، أعظم من النعمة التي ساقها الله للإنسان على يد أبويه، وهما سبب وجوده، وهما اللذان ربياه، ونشأه، ولكن النعمة التي أنعم الله تعالى بها عليه على يد الرسول صلى الله عليه وسلم وهي نعمة الإسلام، هذه أعظم النعم وأجل النعم، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين)، أي: حتى يكون الرسول صلى الله عليه وسلم أحب إليه من أصوله، ومن فروعه، ومن الناس أجمعين؛ لأن النعمة التي حصلت للمسلمين على يديه لا يماثلها نعمة، ولا يدانيها نعمة، صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ولهذا استعمال التفدية له عليه الصلاة والسلام واضحة جلية من حيث أن محبته مقدمة على محبة الأب والأم، وعلى محبة الناس أجمعين صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
والحديث مثل الذي قبله إلا أن النسائي رحمه الله أورده من طريق أخرى من أجل الاستدلال به على اعتزال الحيض المصلى، مع أن الحديث السابق دال على ذلك، ولكن عادة النسائي مثل طريقة البخاري ويأتي بالحديث من طرق متعددة ليستدل به على مسألة من المسائل، فمن أجل عناية النسائي بالتبويب والاستدلال على المسائل كان النسائي يأتي بالحديث الواحد ويضع أبواب متعددة، ولكنه عندما يأتي بالحديث يأتي به بإسناد آخر في الغالب، مثل البخاري يأتي به بإسناد آخر، وقد يأتي بإسناد واحد ولكنه قليل وقد قيل: إن الأحاديث التي أوردها البخاري بمتن واحد وإسناد واحد ما تصل إلى خمسة وعشرين، أي في حدود هذا العدد أربعة وعشرين أو ثلاثة وعشرين حديثاً بإسناد واحد ومتن واحد، فـالنسائي طريقته مثل طريقة البخاري، يأتي بالأبواب ويأتي بالأحاديث من طرق أخرى، وأحياناً يأتي بالحديث بنفس الطريق ويكرره بنفس الطريق.
تراجم رجال إسناد حديث أم عطية في إخراج النساء لصلاة العيد واعتزال الحيض المصلى من طريق أخرى
قوله:
[أخبرنا قتيبة].
قتيبة هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[حدثنا سفيان].
وهو ابن عيينة، وسفيان غير منسوب، وكلما جاء سفيان يروي عنه قتيبة فالمراد به ابن عيينة وليس المراد به الثوري: وليس لـقتيبة رواية عن الثوري: وإنما روايته عن ابن عيينة، إذ أن عمره لما مات الثوري تسع سنوات، فـقتيبة ولد سنة مائة واثنتين وخمسين والثوري توفي سنة مائة وواحد وستين، فعمره حين وفاة الثوري تسع سنوات، فكلما جاء سفيان مهملاً غير منسوب والراوي قتيبة فالمراد به ابن عيينة.
وسفيان بن عيينة الهلالي المكي، هو ثقة، ثبت، حجة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أيوب].
أيوب وهو ابن أبي تميمة السختياني، وقد مر ذكره.
[عن محمد].
محمد وهو ابن سيرين، والسابق مروي عن حفصة وهنا الرواية عن محمد وهو ابن سيرين البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أم عطية].
وقد مر ذكرها.
الزينة للعيدين
شرح حديث عمر في الزينة للعيدين


وقال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الزينة للعيدين. أخبرنا سليمان بن داود عن ابن وهب أخبرني يونس بن يزيد، وعمرو بن الحارث عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه رضي الله تعالى عنه قال: (وجد عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه حلة من استبرق بالسوق، فأخذها فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا رسول الله، ابتع هذه، فتجمل بها للعيد، والوفد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما هذه لباس من لا خلاق له، أو إنما يلبس هذه من لا خلاق له، فلبث عمر ما شاء الله، ثم أرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بجبة ديباج، فأقبل بها حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا رسول الله، قلت: إنما هذه لباس من لا خلاق له، ثم أرسلت إلي بهذه؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بعها وتصب بها حاجتك)].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الزينة للعيدين -أي التجمل ولبس الثياب الجميلة للعيد- وقد أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن عمر رضي الله عنه رأى حلة من ديباج -وهو حرير- فأتاه بها وقال: ابتع -أي اشتري- تتجمل بها للعيد وللوفد محل الشاهد هنا يتجمل للعيد، وهذا شيء مستقر ومعلوم عندهم وهو التجمل للعيد والرسول صلى الله عليه وسلم أقره على ما أشار من حيث التجمل، ولكنه بين له أن هذا اللباس -أي الحرير- لا يلبسه إلا من لا خلاق له في الآخرة؛ لأن الحرير لا يجوز لبسه للرجال والذي يلبسه في الدنيا لا خلاق له في الآخرة، معناه أنه لبس لباساً وقد جعله الله عز وجل لباساً في الجنة، ولباساً في الآخرة، https://audio.islamweb.net/audio/sqoos.gifوَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ https://audio.islamweb.net/audio/eqoos.gif[الحج:23]، فحرم عليهم -أي: الرجال- لبس الحرير في الدنيا، ولهذا قال: [(من لا خلاق له في الآخرة)]، الذي يتعجل الطيبات، ويلبس الشيء الذي حرم عليه لبسه وهو لباس أهل الجنة، فقال: [(إنما يلبس هذا من لا خلاق له في الآخرة)]، ولكن محل الشاهد كون الرسول أقره وما قال: لا يتجمل للعيد أو لا يحتاج، بل هذا كان شيئاً معتاداً ومستقراً عندهم، فأقره على أصل العرض الذي عرضه عليه، ولكنه بين أن هذا اللباس -أي الحرير- لا يجوز لبسه؛ لأنه حرير ولبس الحرير لا يجوز للرجال، والنبي عليه الصلاة والسلام أخذ ذهباً وحريراً وأشار بهما وقال: (هذان حرام على ذكور أمتي حل لإناثها).
ثم إن النبي عليه الصلاة والسلام جاءته ألبسة من حرير فأعطى عمر فقال: يا رسول الله إنك قلت: إنما يلبس هذا من لا خلاق له وأنت أعطيتني إياه؟ فأجابه النبي عليه الصلاة والسلام: بأن يبيعه وليصيب به حاجته، أي أنه يستفيد من قيمته ولا يلبسه هو، وليس معنى ذلك أنه إذا أعطي شيئاً لا يجوز له لبسه فلا يجوز له تملكه بل له أن يتملكه مثلما يتملك الذهب ولا يلبسه، فيملك الحرير ولكنه لا يلبسه؛ لأنه يمكن أن يبيعه ويستفيد من قيمته.
الحاصل أن الحديث دال على ما ترجم له المصنف من حصول التجمل للعيد .
تراجم رجال إسناد حديث عمر في الزينة للعيدين

قوله:
[أخبرنا سليمان بن داود].
سليمان بن داود وهو أبو الربيع المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.

[عن ابن وهب].
وهو عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني يونس بن يزيد].
هو يونس بن يزيد الأيلي، ثم المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[وعمرو بن الحارث].
وهو ثقة، فقيه، مصري، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب].
ابن شهاب هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، ينسب إلى جده زهرة فيقال: الزهري، وينسب إلى جده شهاب فيقال: ابن شهاب، وهو ثقة، مكثر من رواية الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وفقيه، وهو من صغار التابعين، ومما ذكر في ترجمته: أنه كان يقبل على كتبه وعلى العلم ويشتغل به وكانت له زوجة فكانت تقول له: والله لهذه الكتب أشد عليّ من ثلاث ضرائر. معناه أنه يشتغل بها ويعنى بها، فكان معنياً بالعلم رحمة الله عليه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن سالم عن أبيه].
هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وهو ثقة، من فقهاء التابعين، وقد عُدَّ من الفقهاء السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وهو فقيه، محدث، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو عبد الله بن عمر صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الصلاة قبل الإمام يوم العيد
شرح حديث أبي مسعود في الصلاة قبل الإمام يوم العيد


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الصلاة قبل الإمام يوم العيد.أخبرنا إسحاق بن منصور أخبرنا عبد الرحمن عن سفيان عن الأشعث عن الأسود بن هلال عن ثعلبة بن زهدم: (أن علياً رضي الله تعالى عنه استخلف أبا مسعود رضي الله تعالى عنه على الناس فخرج يوم عيد فقال: يا أيها الناس إنه ليس من السنة أن يصلى قبل الإمام)].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الصلاة قبل الإمام يوم العيد. مقصود النسائي من هذه الترجمة: أن العيد تصلى جماعة، والإمام هو الذي يتولى الصلاة بالناس، ولا يصلي أحد قبل صلاة الإمام، لا في المصلى ولا في غير المصلى، وإنما الإمام هو الذي يصلي أولاً، ومن فاتته الصلاة فإنه يمكن أن يصلي، لكن لا يصلى قبل صلاة الإمام، وقد أورد النسائي حديث أبي مسعود الأنصاري البدري رضي الله تعالى عنه: (أن علياً استخلفه يوم عيد، فخرج، وقال: أيها الناس، إنه ليس من السنة أن يصلى قبل الإمام).
قوله: [(من السنة)]، أي: سنة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن الصحابي إذا قال: من السنة كذا أو السنة كذا فهي سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، هذا هو المقصود بالسنة عند إطلاقها، أي تنصرف إلى سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، مثلما جاء عن ابن عباس قيل له: (ما بال المسافر إذا صلى وحده صلى ركعتين وإذا صلى وراء إمام مقيم أتم؟ قال: تلك السنة)، أي تلك سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث أبي مسعود في الصلاة قبل الإمام يوم العيد
قوله:
[أخبرنا إسحاق بن منصور].
إسحاق بن منصور وهو إسحاق بن منصور الكوسج المروزي، لقبه الكوسج، وهناك شخص آخر يقال له: إسحاق بن منصور السلولي، ولكنه لا يلتبس بهذا؛ لأن السلولي متقدم على الكوسج هذا بطبقة، وكانت وفاته سنة مائتين وأربع من الهجرة، وخرج له أصحاب الكتب الستة ولكن بواسطة، فـالسلولي أعلى طبقة من الكوسج.

[عن عبد الرحمن].
عبد الرحمن وهو ابن مهدي البصري، وهو ثقة، ثبت، عارف بالرجال والعلل متكلم في الرجال جرحاً وتعديلاً، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، ثبت، حجة، إمام، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن الأشعث].
هو الأشعث بن أبي الشعثاء الكوفي المحاربي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الأسود بن هلال].
الأسود بن هلال ثقة، أخرج له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[عن ثعلبة بن زهدم].
ثعلبة بن زهدم، مختلف في صحبته، وقال العجلي: تابعي، ثقة، وقد خرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن أبي مسعود].
أبو مسعود وهو عقبة بن عمرو الأنصاري رضي الله تعالى عنه، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وأما علي رضي الله عنه فهو ليس من رجال الإسناد هنا، وإنما ذكر لأنه هو الذي استخلف أبا مسعود فخطب أو فكان مما قاله هذه الكلمة: أنه ليس من السنة أن يصلي أحد قبل الإمام.
ترك الأذان للعيدين
شرح حديث جابر: (صلى بنا رسول الله في عيد قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة)

وقال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ترك الأذان للعيدين.أخبرنا قتيبة حدثنا أبو عوانة عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر رضي الله تعالى عنه قال: (صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في عيد قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة)].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي باب ترك الأذان للعيدين، أي أنه ليس في صلاة العيدين أذان، فلا يؤذن لها ولا ينادى لها بشيء، وإنما إذا بلغ الناس العيد -عيد الفطر- وعلموا ذلك فإنهم من الغد يخرجون لصلاة العيدين ويفطرون بدون أذان.
ومثل ذلك: الاستسقاء، ليس فيه أذان، وإنما الناس يخبرون بأنهم يخرجون في يوم من الأيام، وأما الكسوف، فإن لها أذان؛ لأنه شيء ما يعلم وإنما يطرأ فينبه الناس للكسوف، فينادى: الصلاة جامعة، والعيد لا يحتاج إلى أذان، فالرسول صلى الله عليه وسلم خرج بلا أذان، ولا إقامة، فصلى قبل الخطبة، فدل هذا على أن السنة أن لا يؤذن ولا يقام لصلاة العيد.
تراجم رجال إسناد حديث جابر: (صلى بنا رسول الله في عيد قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة)

قوله:
[أخبرنا قتيبة].
قتيبة، وقد مر ذكره.

[حدثنا أبو عوانة].
حدثنا أبو عوانة هو الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته أبي عوانة، وهذا غير أبي عوانة المتأخر الذي هو صاحب المستخرج على صحيح مسلم؛ لأن ذاك متأخر، وهذا متقدم، هذا من طبقة شيوخ شيوخ مسلم، وشيوخ البخاري.
[عن عبد الملك بن أبي سليمان].
عبد الملك بن أبي سليمان، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عطاء].
هو عطاء بن أبي رباح المكي، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن جابر بن عبد الله الأنصاري].
وهو جابر بن عبد الله بن حرام الأنصاري، صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عنه وعن الصحابة أجمعين.





ابوالوليد المسلم 23-03-2022 04:40 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب صلاة العيدين)
(285)

كتاب صلاة العيدين - (باب الخطبة يوم العيد) إلى (باب القراءة في العيدين بسبح اسم ربك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية)


الخطبة يوم العيد
شرح حديث البراء بن عازب في الخطبة يوم العيد

يقول المصنف رحمه الله تعالى: [باب الخطبة يوم العيد.أخبرنا محمد بن عثمان حدثنا بهز حدثنا شعبة أخبرني زبيد سمعت الشعبي يقول: حدثنا البراء بن عازب عند سارية من سواري المسجد، قال: (خطب النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر فقال: إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ثم نذبح، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا، ومن ذبح قبل ذلك فإنما هو لحم يقدمه لأهله، فذبح أبو بردة بن نيار، فقال: يا رسول الله عندي جذعة خير من مسنة، قال: اذبحها ولن توفي عن أحد بعدك)].
يقول النسائي رحمه الله تعالى: الخطبة يوم العيد، أي: الخطبة مشروعة يوم العيد، فيبدأ بالصلاة ثم يؤتى بالخطبة، فهي سنة ثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام. وقد أورد النسائي حديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما أن النبي عليه الصلاة والسلام صلى بالناس يوم العيد ثم خطب، فقال: [(إن أول شيء نبدأ به الصلاة ثم نذبح، فمن ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم يقدمه إلى أهله)]، أي أن وقت الذبح إنما يبدأ بعد الفراغ من الصلاة، ولا يجوز للإنسان أن يذبح الأضاحي قبل الصلاة، وإذا كان ذبحها قبل الصلاة فهي ليست أضحية وإنما تعتبر طعاماً قدمه إلى أهله كالطعام الذي يقدمه لهم في الأيام المختلفة من أيام السنة؛ لأنه لا يعتبر قربة ولا يعتبر أضحية إلا إذا ذبح بعد صلاة عيد الأضحى.
ثم إن واحداً من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام وهو أبو بردة بن نيار كان قد ذبح قبل الصلاة ولما سمع كلام الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبته قال: (إن عندي عناقاً هي خير من مسنة)، يعني أنه يريد أن يذبحها بدل تلك الذبيحة التي ذبحها قبل الصلاة، فقال عليه الصلاة والسلام: (اذبحها ولن توفي عن أحد بعدك)، وفي بعض الروايات: (ولن تجزئ عن أحد بعدك)، أي أن النبي عليه الصلاة والسلام رخص له أن يذبح هذه الذبيحة التي هي دون الإجزاء -بمعنى أن يذبح جذعة من المعز وهي لم تبلغ سن الأضحية- فهذا حكم خاص بـأبي بردة بن نيار؛ لأنه ذبح قبل أن يعلم الحكم، ولما علم الحكم في الخطبة التي خطبها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين له أنه إنما ذبح كما جاء في بعض الروايات (لتكون أضحيته أول لحم يقدم بعد الصلاة)؛ لأن الذي دفعه إلى المبادرة أن الناس قد اشتهوا اللحم، فعندما يأتون من الصلاة وإذا اللحم قد فرغ منه وقد طهي فيقدمه فتكون أضحيته أول شيء يؤكل، فعلم في الخطبة أن الذبح قبل الصلاة ليس أضحية وإنما هو ذبيحة كالذبائح التي تكون في أيام السنة.
فقال: (إن عندي عناقاً) يعني يمدحها ويثني عليها، وإنها خير من مسنة أفتجزئ لو ذبحتها بدل الذبيحة التي ذبحتها قبل الصلاة؟ قال: (نعم ولن توفي عن أحد بعدك)، وفي بعض الروايات: (ولن تجزئ -يعني تقضي- عن أحد بعدك)، معنى هذا: أن من ذبح قبل الصلاة غير هذا الرجل ثم احتاج إلى أن يأتي بشيء بدل فإنه لا يجزئه إلا ما يجزئ في الأضحية، وهي ما تم لها سنة من المعز بخلاف الضأن فإن الضأن يجزئ في الأضحية ما له ستة أشهر وهو الجذع، ولكن الجذع من المعز لا يجزئ والجذع من الضأن يجزئ كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

العمل إذا وقع غير مطابق للسنة لا يعتبر ولو كان قصد صاحبه حسناً
ثم إن هذا الحديث يدل على أن العمل إذا فعل غير مطابق للسنة فإنه لا يعتبر ولو كان قصد صاحبه حسناً، وهذا يبين لنا أن ما يفعله بعض من يأتي بالأمور المبتدعة ويقول: إنما نفعل ذلك تقرباً إلى الله عز وجل، ففعله ذلك لا ينفع؛ لأن العمل إذا لم يكن مطابقاً للسنة فإنه لا يعتبر، ولهذا ذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري نقلاً عن بعض العلماء أنه قال: وفي هذا دليل على أن العمل إذا وقع غير مطابق للسنة فإنه لا يعتبر ولو كان قصد صاحبه حسناً.ويوضح هذا: الأثر الذي جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه وذلك أن أبا موسى جاء إلى باب عبد الله بن مسعود وإذا الناس مجتمعون عند بابه ينتظرون خروجه ليرافقوه إلى المسجد وليسألوه عن العلم وليتعلموا منه، فجاء أبو موسى وقال: أخرج أبو عبد الرحمن ؟ قالوا: ما خرج، ولما خرج أبو عبد الرحمن قال له: إنه حصل كذا وكذا، وإن في المسجد أناساً يتحلقون ومعهم حصى وفي كل حلقة واحد يقول: سبحوا مائة، هللوا مائة، كبروا مائة، فقال: ماذا قلت لهم؟ قال: ما قلت لهم شيئاً ولكن أنت تراهم، فلما ذهب إليهم قال: ألا قلت لهم: عدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء. فجاء إليهم ووقف عليهم وقال: ما هذا؟ إما أن تكونوا على طريقة أهدى مما كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو أنكم مفتتحوا باب ضلالة؟! -أي واحدة من اثنتين: إما هذه وإما هذه- قالوا: سبحان الله، يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير قال: وكم من مريد للخير لم يصبه. يعني أن العمل إذا وقع غير مطابق للسنة فإنه لا يعتبر ولو كان قصد صاحبه حسناً.
وهذا صحابي من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام ذبح أضحيته قبل الصلاة، وكان قصده أن الناس قد احتاجوا اللحم واشتهوا اللحم، فإذا فرغوا من الصلاة وإذا أضحيته قد فرغ من طبخها فيقدمها فتكون ذبيحته أو أضحيته أول شيء يؤكل، وهذا قصد طيب، ولكن لما كان الفعل غير مطابق للسنة -وهو أن الذبح وقع قبل وقته- لم يعتبر هذا العمل الذي عمله، وصارت شاته شاة لحم وليست شاة أضحية التي هي قربة يتقرب بها إلى الله عز وجل، فهذا الحديث أو هذه القصة تدل دلالة واضحة على هذا المعنى، وهو أن العمل من شرط قبوله: أن يكون مطابقاً للسنة.
ومن المعلوم أن دين الإسلام بني على أساسين: أن يكون العمل لله خالصاً، وأن يكون على سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فإن اختل واحد منهما فإنه لا يقبل العمل وإن كان خالصاً لله؛ لأنه مبني على بدعة وليس على سنة، ولو وقع العمل مطابقاً للسنة، ولكن أشرك مع الله غيره فإنه أيضاً لا يقبل؛ لأنه لم يخلص لله ولم يفرد الله عز وجل به، بل جعل مع الله شريكاً فيه، فلا بد في العمل المقبول عند الله أن يكون لله خالصاً وأن يكون لسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم مطابقاً وموافقاً، ولهذا جاء، عن الفضيل بن عياض رحمة الله عليه أنه قال في قول الله عز وجل: https://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifلِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا https://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[الملك:2]، فقال: العمل الأحسن هو ما كان خالصاً صواباً، فالخالص ما كان لله والصواب ما كان على سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
والدليل على أن العمل إذا كان غير مطابق للسنة يكون غير معتبر قوله عليه الصلاة والسلام: (من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد)، وهذا لفظ متفق عليه من حديث أم المؤمنين عائشة، وفي رواية عنها في صحيح مسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، وهذا أعم من الأول؛ لأنه -أي من عمل عملاً- سواءً كان هو المحدث له أو مسبوقاً إلى إحداثه ولكنه تابع غيره فيه، فمن عمل عملاً أعم ممن أحدث في أمرنا؛ لأنه يشمل ما إذا كان الذي عمله محدثاً له أو كان متابعاً لغيره فيه، فإنه عليه الصلاة والسلام قال: (من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد)، وفي رواية لـمسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد).
والحديث فيه مشروعية الخطبة للعيد، وأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يخطب للعيد وخطبته قبل الصلاة، وأن مما تشتمل عليه الخطبة في عيد الأضحى بيان أحكام الأضاحي وما يتعلق بها، كما أن صلاة عيد الفطر يكون فيها بيان شيء من أحكام العيد وشيء مما يتعلق بزكاة الفطر وإظهار شكر الله عز وجل على نعمة إتمام الصيام وعلى أداء تلك العبادة العظيمة التي هي الصيام.
فهذا الحديث كان أو الخطبة كانت يوم عيد أضحى، فكان في بيانه عليه الصلاة والسلام في خطبته شيء يتعلق بالأضاحي وبأحكام الأضاحي ووقت الأضحية -أي: ابتدائه- وأما نهايته فهو آخر أيام التشريق الثلاثة؛ لأن أيام الذبح أربعة: يوم العيد وثلاثة أيام من بعد يوم العيد التي هي أيام التشريق.
تراجم رجال إسناد حديث البراء بن عازب في الخطبة يوم العيد
قوله:
[أخبرنا محمد بن عثمان].
وهو محمد بن عثمان الثقفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[حدثنا بهز].
وهو بهز بن أسد العمي البصري، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
وهو ابن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني زبيد].
زبيد، وهو ابن الحارث اليامي، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[سمعت الشعبي].
الشعبي، هو عامر بن شراحيل الشعبي، وهو ثقة، فقيه، وإمام مشهور، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو الذي تؤثر عنه الكلمة المشهورة في بيان حقيقة الرافضة وبعدهم عن الحق والصواب، وهي أن اليهود والنصارى فاقوا الرافضة بخصلة -أي تميزوا عليهم وصاروا أحسن منهم وهم يهود ونصارى أحسن من الرافضة في خصلة من الخصال- وهي أن اليهود لو قيل لهم: من خير أهل ملتكم؟ لقالوا: أصحاب موسى، والنصارى لو قيل لهم: من خير أهل ملتكم؟ لقالوا: أصحاب عيسى، والرافضة لو قيل: من شر أهل ملتكم؟ لقالوا: أصحاب محمد. فهذا حال الصحابة عندهم وأنهم شر هذه الملة، وهذا الكلام الذي قاله الشعبي، قاله في رافضي له شعر يقطر من الحقد، والذم، والشتم، والعيب لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصيدة طويلة، يقول فيها هذا المعنى الذي قاله الشعبي، فهو يقول في قصيدته:
أهم خير أمة أخرجت للناس هيهات ذاك بل أشقاها
فسبب الكلام الذي قاله الشعبي، هو ما قاله هذا الرافضي الخبيث، وكان مما قاله وهو دال على منتهى وقاحته وخبثه في بيت من أبيات تلك القصيدة الخبيثة: إن سورة براءة لم تأت في أولها بسملة؛ لأنه ذكر فيها أبو بكر. يعني: هذا هو السبب الذي لم يبسمل في سورة براءة في أولها، ونقول: إن أبا بكر رضي الله عنه ذكر فيها لكن بأحسن الذكر، سماه الله صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأطلق الله عليه هذا الوصف حيث قال: https://audio.islamweb.net/audio/sqoos.gifإِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ https://audio.islamweb.net/audio/eqoos.gif[التوبة:40]، يعني: يقول الرسول صلى الله عليه وسلم لصاحبه، فسماه الله صاحب رسول الله وأطلق عليه أنه صاحب رسول الله، وهو وصف حصل من الله تبارك وتعالى لـأبي بكر رضي الله عنه.
ثم أيضاً قال: https://audio.islamweb.net/audio/sqoos.gifثَانِيَ اثْنَيْنِ https://audio.islamweb.net/audio/eqoos.gif[التوبة:40]، يعني: أن الله عز وجل ثالثهما كما جاء في الحديث عندما جاء الذين يبحثون عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى الغار، ووقفوا عند باب الغار وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يرون أقدامهم، فقال أبو بكر: (لو أبصر أحدهم إلى موضع قدمه لرآنا، قال: يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما)، فأبو بكر ذكر بأحسن الذكر وأثني عليه وصارت هذه من أجل مناقبه ومن خير مناقبه رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهذا الخبيث يقول: إن سورة براءة أخليت من البسملة؛ لأن أبا بكر ذكر فيها.
الحاصل: أن سبب هذه الكلمة المأثورة عن الشعبي هو ما قاله رافضي في قصيدته.
أهم خير أمة أخرجت للناس هيهات ذاك بل أشقاها
أي بل أشقى أمة أخرجت للناس والعياذ بالله، وهذا هو الضلال وهذا هو العمى، والمسلم عندما يسمع مثل هذا الكلام يحمد الله عز وجل ويشكره، ويكثر من الدعاء بأن يقول: https://audio.islamweb.net/audio/sqoos.gif رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ https://audio.islamweb.net/audio/eqoos.gif[آل عمران:8] لا شك أن هذا من زيغ القلوب وهذا من الخذلان وهذا من الحرمان، أن تلوك الألسنة أعراض أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام الذين اختارهم الله لصحبة نبيه عليه الصلاة والسلام والجهاد معه والذب عنه ونشر الدين، وكونهم الواسطة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين الناس، ولم يعرف حق وهدى إلا عن طريقهم، ثم يأتي من خذله الله ويقول مثل هذا الكلام الوقح الساقط الهابط الذي يدل على أن من قاله قد بالغ في الجناية على نفسه وألحق الضرر أو سعى في إلحاق الضرر الكبير على نفسه، نسأل الله السلامة والعافية.
عامر بن شراحيل الشعبي هو الذي قال هذه الكلمة، وقد ذكرها عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في أول كتاب منهاج السنة، وكما قلت: سبب هذا الكلام الذي قاله هو ما تفوه به ذلك المخذول في تلك القصيدة، ومنها ذلك البيت الذي فيه ذم أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام ووصفهم بأنهم أشقى هذه الأمة والعياذ بالله، وبهذا يصدق قول الشعبي: إن اليهود والنصارى فاقوا الرافضة، أولئك قالوا: أصحاب موسى هم خير أمتهم، والنصارى قالوا: أصحاب عيسى خير أمتهم، وهذه الأمة التي وفقها الله عز وجل -وهم من سار على نهج الرسول صلى الله عليه وآله وسلم- يقولون: خير هذه الأمة أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، مثلما قالت اليهود والنصارى عن أصحاب النبيين الكريمين موسى وعيسى، يقول أهل السنة والجماعة -أهل الحق-: إن أصحاب رسول الله هم خير هذه الأمة التي هي خير أمة أخرجت للناس، فخير الأمة بعد النبيين والمرسلين أصحاب رسول الله؛ لأن هذه الأمة هي خير أمة أخرجت للناس، وخير هذه الأمة أصحاب رسول الله، أما أولئك المخذولون فيقولون: إنهم شر أهل الملة والعياذ بالله.
وحديث الشعبي أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن البراء بن عازب].
والبراء بن عازب، صحابي ابن صحابي، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

يتبع

ابوالوليد المسلم 23-03-2022 04:41 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
صلاة العيدين قبل الخطبة
شرح حديث ابن عمر في صلاة العيدين قبل الخطبة

وقال المصنف رحمه الله تعالى: [باب صلاة العيدين قبل الخطبة.أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبدة بن سليمان حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر، وعمر رضي الله عنهما كانوا يصلون العيدين قبل الخطبة)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي باب صلاة العيدين قبل الخطبة، أي أن الصلاة تسبق الخطبة، هذه هي سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأورد حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: [(أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يصلون العيدين قبل الخطبة)]، فهذا يدل على أن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وسنة الخليفتين الراشدين من بعده أنهم كانوا يصلون العيدين قبل الخطبة.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر في صلاة العيدين قبل الخطبة

قوله:
[أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].
إسحاق بن إبراهيم هو ابن مخلد المشهور بـابن راهويه الحنظلي المروزي، وهو ثقة، ثبت، إمام مجتهد، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجه.
[أخبرنا عبدة بن سليمان].
عبدة بن سليمان، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبيد الله].
عبيد الله هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، الذي يقال له: العمري، وهو المصغر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن نافع].
نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن عمر].
عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما هو صحابي جليل، وأحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
صلاة العيدين إلى العنزة
شرح حديث: (أن رسول الله كان يخرج العنزة يوم الفطر... فيصلي إليها)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب صلاة العيدين إلى العنزة.أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج العنزة يوم الفطر ويوم الأضحى يركزها فيصلي إليها)].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الصلاة في العيدين إلى العنزة -أي إلى سترة- والعنزة هي عصا في رأسها حديدة تغرز في الأرض فتكون قائمة وتكون سترة للإمام، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى عنزة، وفي العيدين الأضحى والفطر، كان يخرج معه العنزة ليجعلها سترة له.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله كان يخرج العنزة يوم الفطر... فيصلي إليها)
قوله:
[أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].
وقد مر ذكره.
[أخبرنا عبد الرزاق].
هو ابن همام الصنعاني، وهو ثقة، حافظ، مصنف، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا معمر].
وهو ابن راشد الأزدي البصري، نزيل اليمن، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أيوب].
وهو ابن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة، حجة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن نافع عن ابن عمر].
وقد مر ذكرهما.
عدد صلاة العيدين
شرح حديث عمر في عدد صلاة العيدين

وقال المصنف رحمه الله تعالى: [باب عدد صلاة العيدين.أخبرنا عمران بن موسى حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سفيان بن سعيد عن زبيد اليامي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ذكره عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، قال: (صلاة الأضحى ركعتان، وصلاة الفطر ركعتان، وصلاة المسافر ركعتان، وصلاة الجمعة ركعتان تمام ليس بقصر على لسان النبي صلى الله عليه وسلم)].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي باب عدد صلاة العيدين -أي: عدد ركعاتها، وأن صلاة العيدين ركعتان- وأورد فيه حديث عمر رضي الله تعالى عنه قال: [(صلاة الأضحى ركعتان، وصلاة الفطر ركعتان، وصلاة الجمعة ركعتان، وصلاة السفر ركعتان، تمام غير قصر على لسان محمد صلى الله عليه وسلم)]، والحديث سبق أن مر، وفيه رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عمر، وقد قال النسائي فيما مضى: إنه لم يسمع منه. لكن هذا الحديث جاء أنه سمعه منه، والحديث واضح الدلالة على الترجمة من جهة أن صلاة العيد ركعتان، الأضحى ركعتان، والفطر ركعتان، وقد تقدم الحديث في الجمعة وتقدم في القصر في السفر.
تراجم رجال إسناد حديث عمر في عدد صلاة العيدين
قوله:
[أخبرنا عمران بن موسى].
وهو البصري، وهو صدوق، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا يزيد بن زريع].
هو يزيد بن زريع البصري، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان بن سعيد].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، ثبت، حجة، إمام، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن زبيد].
وهو ابن الحارث اليامي، وقد تقدم ذكره قريباً، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الرحمن بن أبي ليلى].
هو عبد الرحمن بن أبي ليلى الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه].
وهو أمير المؤمنين، ثاني الخلفاء الراشدين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
القراءة في العيدين بقاف واقتربت
شرح حديث أبي واقد الليثي في القراءة في العيدين بقاف واقتربت

وقال المصنف رحمه الله تعالى: [باب القراءة في العيدين بقاف واقتربت.أخبرنا محمد بن منصور حدثنا سفيان حدثني ضمرة بن سعيد عن عبيد الله بن عبد الله، قال: (خرج عمر رضي الله تعالى عنه يوم عيد فسأل أبا واقد الليثي رضي الله تعالى عنه: بأي شيء كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في هذا اليوم؟ فقال: بقاف، واقتربت)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي القراءة في صلاة العيدين بقاف واقتربت الساعة وانشق القمر، وأورد فيه حديث أبي واقد الليثي رضي الله تعالى عنه: أن النبي عليه الصلاة والسلام قرأ في العيد بسورة قاف واقتربت الساعة وانشق القمر. وهاتان السورتان اشتملتا على بيان المبعث والمعاد وعلى ذكر أخبار الأمم الماضية -يعني إحدى السورتين اشتملت على أخبار الأمم الماضية على سبيل التفصيل، وسورة قاف ذكرتها على سبيل الإجمال- فمن أجل ذلك كان عليه الصلاة والسلام بقراءته لهاتين السورتين يذكر الناس بما اشتملتا عليه من العبر ومن الأحكام ومن التذكير بالوعد والوعيد وذكر ما يحصل بعد الموت وما حصل للأمم السابقة التي كذبت الرسل وكيف آل أمرها إلى أن أهلكت؛ لأنها لم تستجب للرسل، فهاتان السورتان مشتملتان على أمور عظيمة، لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأهما في العيدين.
تراجم رجال إسناد حديث أبي واقد الليثي في القراءة في العيدين بقاف واقتربت
قوله:
[محمد بن منصور].
هو الجواز، الأغلب أنه الجواز المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي.
[عن سفيان].
هو ابن عيينة المكي، وهو ثقة، ثبت، حجة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ضمرة بن سعيد].
وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عبيد الله بن عبد الله].
هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين.
[عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه].
وعمر رضي الله عنه سأل أبا واقد الليثي عن الذي كان يقرؤه صلى الله عليه وسلم في العيدين؟ وهذا الإسناد فيه أن عبيد الله يروي عن عمر، وعمر سأل أبا واقد الليثي، لكن قيل: إن عبيد الله لم يدرك عمر ولم يسمع منه، فنقول: جاء في صحيح مسلم أن عبيد الله يروي عن أبي واقد وهو الذي يحكي أن عمر سأله، فعن أبي واقد الليثي. قال: سألني عمر عن كذا. هذا هو الذي في صحيح مسلم، يعني أنه من رواية عبيد الله عن أبي واقد، فعلى هذا يكون الحديث متصلاً كما هو في صحيح مسلم.
ثم الحديث معلوم لأن عمر رضي الله عنه كان قد حضر صلاة العيد مراراً مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فكيف يسأل أبا واقد الليثي عما كان يقرؤه الرسول صلى الله عليه وسلم؟! وقد أجيب عن هذا الاستشكال: بأن عمر رضي الله تعالى عنه أراد أن يختبر أبا واقد ليعلم ماذا عنده لا أن عمر لا يعلم ذلك الحكم، أو أنه كان عنده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بهاتين السورتين وبسبح اسم ربك الأعلى والغاشية وأراد من غيره أن يحدث بشيء يوافقه ويتفق مع ما عنده، أو أنه نسي وأراد أن يتثبت، أو لغير ذلك من الأسباب فسؤال عمر يحتمل كذا، ويحتمل كذا، ويحتمل كذا؛ لأنه كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويكون قريباً منه ويسمع الخطبة ويسمع الصلاة وما يجري في الصلاة وما يحصل في الصلاة.
وعمر بن الخطاب رضي الله عنه، قد مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.
[عن أبي واقد].
هو أبو واقد الليثي فقيل: اسمه الحارث بن عوف، وقيل غير ذلك، وهو صحابي مشهور بكنيته، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
القراءة في العيدين بسبح اسم ربك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية
شرح حديث: (أن رسول الله كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة بسبح اسم ربك وهل أتاك حديث الغاشية)

وقال المصنف رحمه الله تعالى: [باب القراءة في العيدين بسبح اسم ربك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية.أخبرنا قتيبة حدثنا أبو عوانة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية، وربما اجتمعا في يوم واحد فيقرأ بهما)].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي القراءة في صلاة العيدين بسبح والغاشية، وأورد فيه حديث النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما، أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقرأ في العيدين والجمعة بسبح اسم ربك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية، وربما اجتمعت الجمعة والعيد فكان يقرأ فيهما، يعني يصلي العيد ويقرأ فيه بهاتين السورتين: سبح اسم ربك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية، ثم بعد ذلك عندما تأتي الجمعة يقرأ فيها بسبح اسم ربك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية.
فالحديث دال على أنه يقرأ في الجمعة وكذلك في العيدين هاتين السورتين.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة بسبح اسم ربك وهل أتاك حديث الغاشية...)
قوله: [أخبرنا قتيبة].وهو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبو عوانة].
وهو الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته أبي عوانة.
[عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر].
هو إبراهيم بن محمد بن المنتشر الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[يروي عن أبيه].
وهو محمد بن المنتشر الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة أيضاً.
[حبيب بن سالم].
وهو مولى النعمان بن بشير وكاتبه، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن النعمان بن بشير].
وهو صحابي ابن صحابي، وهو من صغار الصحابة، توفي رسول الله عليه الصلاة والسلام وعمره ثمان سنوات، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.





الساعة الآن : 01:20 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 200.46 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 199.96 كيلو بايت... تم توفير 0.50 كيلو بايت...بمعدل (0.25%)]