ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=91)
-   -   شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=194121)

ابوالوليد المسلم 03-03-2022 08:48 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
  1. شرح سنن النسائي
    - للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
    - كتاب الصلاة
    (كتاب الجمعة)
    (266)

    - (باب حض الإمام في خطبته على الغسل يوم الجمعة) إلى (باب مخاطبة الإمام رعيته وهو على المنبر)
    من سنة الله عز وجل في خلقه وكونه أن فضل بعض الأيام على بعض، ومن ذلك يوم الجمعة، فقد فضله الله على سائر أيام الأسبوع؛ لاجتماع عدة فضائل فيه، منها أنه اليوم الذي يجتمع فيه المسلمون لاستماع الخطبة، فينبغي لمن حضر الجمعة أن يغتسل، والأمر للاستحباب، ولا يأثم من تركه، ولكن الاهتمام والعناية به أمر مطلوب.
    حض الإمام في خطبته على الغسل يوم الجمعة
    شرح حديث: (إذا راح أحدكم إلى الجمعة فليغتسل)
    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب حض الإمام في خطبته على الغسل يوم الجمعة.أخبرنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن الحكم عن نافع عن ابن عمر قال: (خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إذا راح أحدكم إلى الجمعة فليغتسل)].
    يقول النسائي رحمه الله: باب حض الإمام على الغسل في خطبته يوم الجمعة، مقصود الترجمة واضح، وهو أن الرسول عليه الصلاة والسلام، كان يحث على الغسل يوم الجمعة، وهو على منبره يخطب، وقد أورد فيه النسائي حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: [(إذا راح أحدكم إلى الجمعة فليغتسل)]، وهذا أمر منه عليه الصلاة والسلام بالاغتسال لمن يذهب إلى الجمعة، وقد مر في الأحاديث: (غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم)، وعرفنا أنه قد جاءت بعض الأحاديث التي فيها ما يفيد أن هذا للوجوب، أنه مصروف إلى الاستحباب لا يأثم الإنسان إذا تركه، ولكن الاهتمام والعناية به أمر مطلوب، وأنه أمر متأكد.
    وقوله عليه الصلاة والسلام: [(إذا راح أحدكم)]، أي: إذا ذهب؛ لأن (راح) تأتي بمعنى: ذهب في أي وقت، وتأتي في الذهاب في آخر النهار، وغالباً ما يكون الإتيان بها، في تفسير آخر النهار، فإذا قيل: غدا أو راح؛ فإن هذه تفيد السير في آخر النهار، وأما هنا فإن المراد بها الذهاب إلى الجمعة، ومن المعلوم أن التبكير للجمعة يكون في أول النهار، وليس في آخر النهار، فالعشي يبدأ من الزوال، وقد جاء في الحديث في قصة ذي اليدين: أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى (إحدى صلاتي العشي)، أي: الظهر والعصر؛ لأنهما يقعان بعد نصف النهار، وما بعد نصف النهار يقال له: العشي، ويقال له: الرواح، أو الذهاب إليه يقال له: الرواح.
    الحاصل: أن كلمة (راح) في الحديث معناها: ذهب، وليس المقصود منها راح بمعنى أنه سار في آخر النهار أو بعد الزوال.
    وكون النبي عليه الصلاة والسلام خطب بذلك على المنبر، هذا يدل على أهمية الاغتسال، وعلى عظم شأنه، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم، حث عليه وهو على المنبر، وفيه بيان السنن على المنابر، وأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يبين سنته في مختلف المجالات على المنابر، وفي المناسبات المختلفة، وقد أدى ما عليه، صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، على التمام والكمال.
    تراجم رجال إسناد حديث: (إذا راح أحدكم إلى الجمعة فليغتسل)
    قوله: [أخبرنا محمد بن بشار].هو الملقب بندار البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة، وبدون واسطة، وهو من صغار شيوخ البخاري؛ لأنه مات قبل وفاة البخاري بأربع سنوات، البخاري توفي سنة مائتين وست وخمسين، ومحمد بن بشار، الملقب بندار توفي سنة اثنتين وخمسين ومائتين.
    [حدثنا محمد بن جعفر].
    هو الملقب غندر، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا شعبة].
    هو ابن الحجاج الواسطي البصري، وهو ثقة، حجة، ووصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهو من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن الحكم].
    هو الحكم بن عتيبة الكندي الكوفي، وهو ثقة، ثبت، فقيه ،ربما دلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
    [عن نافع].
    هو مولى عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، وهو ثقة، ثبت، أخرجه حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن عبد الله].
    هو عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، وهو: صحابي جليل، وأبوه صحابي، وهو من العبادلة الأربعة، من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهم: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وهو أيضاً من السبعة الذين عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيهم يقول السيوطي في الألفية:
    والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر
    وأنس والبحر كالخدري وجابر وزوجة النبي
    فهؤلاء السبعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، تميزوا على غيرهم بكثرة رواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    وهذا الحديث إسناده: محمد بن بشار عن محمد بن جعفر عن شعبة عن الحكم عن نافع عن ابن عمر، كلهم ممن خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    شرح حديث ابن عمر في تكلم النبي بغسل يوم الجمعة على المنبر من طريق ثانية
    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن سلمة حدثنا ابن وهب عن إبراهيم بن نشيط: (أنه سأل ابن شهاب عن الغسل يوم الجمعة؟ فقال: سنة، وقد حدثني به سالم بن عبد الله عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم بها على المنبر)].أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر من طريق أخرى، وفيه: أن إبراهيم بن نشيط سأل ابن شهاب الزهري عن الغسل يوم الجمعة؟ فقال: سنة، ثم حدث عن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن أبيه عبد الله بن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم تحدث به على المنبر.
    وقد حدثني به سالم بن عبد الله عن أبيه، يعني يقول الزهري: حدثني به سالم بن عبد الله، وهو: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو من فقهاء التابعين، ومن الفقهاء السبعة في المدينة، في عصر التابعين على أحد الأقوال في السابع؛ لأن السابع منهم فيه ثلاثة أقوال: قيل: سالم بن عبد الله بن عمر، وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وغير السابع متفق عليهم، وهم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وخارجة بن زيد بن ثابت، وعروة بن الزبير بن العوام، وسليمان بن يسار، وسعيد بن المسيب، هؤلاء الستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، وعبد الله بن عمر مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.
    ثم أيضاً الحديث يدلنا على ما كان عليه سلف هذه الأمة، من الحرص على معرفة السنن، وسؤال العلماء عنها؛ فإن إبراهيم بن نشيط، سأل الزهري عن الغسل يوم الجمعة؟ فقال: سنة، والمقصود بالسنة هنا ليس المقصود بها السنة في اصطلاح الفقهاء، وإنما المقصود بها أنها جاءت بها السنة عن رسول الله، أي: أنها ثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، والسنة في الشرع المراد بها: كل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم يقال له: سنة، فقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (من رغب عن سنتي فليس مني)، المراد به: كل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من القرآن والسنة، القرآن والسنة كله سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكله طريقة الرسول عليه الصلاة والسلام.
    وتطلق السنة ويراد بها ما هو أخص مما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام، مما يجب العمل به، وهو يشمل الكتاب والسنة، تطلق على السنة التي تذكر مع الكتاب، مع القرآن، وهي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، أو الوحي الذي أوحاه الله إلى رسوله، مما ليس قرآناً، فإن هذا يقال له: سنة، ويطلق عليه سنة، وإذا قيل في بعض المسائل الفقهية: دل عليها الكتاب والسنة والإجماع، المراد بذلك السنة حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، المراد بها حديث الرسول صلى الله عليه وسلم.
    فإذاً: السنة تطلق ويراد بها كل ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام، ومن ذلك قوله: (من رغب عن سنتي فليس مني)، وتطلق ويراد بها السنة التي هي: شقيقة القرآن، والتي تذكر مع القرآن، والتي يقول فيها الرسول عليه الصلاة والسلام: (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله وسنتي)، وكذلك قول الفقهاء في المسائل الفقهية: دل عليها الكتاب والسنة والإجماع؛ فإن المراد بالسنة الحديث، فالحديث والسنة يكونان بمعنى واحد، أي: بهذا الاعتبار الذي كونه يراد بها ما أوحاه الله على رسوله صلى الله عليه وسلم مما ليس قرآناً.
    وتطلق في اصطلاح الفقهاء على المندوب والمستحب، أي: المأمور به وليس بواجب، فيقال: مسنون أو يسن، أو يندب أو يستحب، فهي عند الفقهاء بمعنىً واحد، لكن السنة في الشرع، تختلف عن السنة في اصطلاح الفقهاء، وهي: أن السنة في الشرع تشمل: كل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم كتاباً وسنة، وتشمل على المعنى الثاني، وهي ما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام، من الوحي الذي ليس قرآن، الوحي الغير المتلو الذي هو سنة الرسول، والذي هو حديث الرسول صلى الله عليه وسلم.
    إذاً قول الزهري: سنة، المراد بها أنه جاءت به السنة عن رسول الله، وثبتت به السنة عن رسول الله، وهو من سنة رسول الله التي كما هو معلوم تشمل الواجب، والمستحب، والمحرم، والمكروه، فكل ما جاءت به السنة عن رسول الله يقال له: سنة، (عليكم بسنتي)، أي: خذوا الأوامر، واتركوا المناهي، خذوا الأوامر، سواءً كانت متحتمة، أو غير متحتمة، واتركوا النواهي، سواءً كانت للتحريم، أو لما هو دون التحريم، هذا هو المقصود بالسنة، أي: بخلاف السنة في اصطلاح الفقهاء، فإنها تختلف عن هذا؛ لأن هذا اصطلاح غير الاصطلاح الذي يأتي في الشرع، وفي الكتاب والسنة، وإذا قال الصحابي: من السنة كذا، أي: من ما جاءت به السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، يعني سواءً كان واجباً أو مندوباً، قال: سنة.
    ثم إنه ساق بإسناده إلى عبد الله بن عمر، وروى من طريق ابنه سالم عن عبد الله بن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم تكلم به على المنبر، أي: بالغسل، وأرشد إليه، وحث عليه، كما تقدم في الحديث الذي قبل هذا: (من راح إلى الجمعة فليغتسل)، يعني: من ذهب إلى الجمعة فليغتسل، أي: من أراد الذهاب إلى الجمعة فليغتسل.
    تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر في تكلم النبي بغسل يوم الجمعة على المنبر من طريق ثانية
    قوله: [أخبرنا محمد بن سلمة].هو المرادي المصري، وهو ثقة، خرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، هذا محمد بن سلمة المرادي المصري، وهو من شيوخ النسائي، وفيهم محمد بن سلمة الحراني، وهذا ليس من شيوخ النسائي، بل هو من طبقة شيوخ شيوخه، يروي عنه بواسطة، فإذا جاء محمد بن سلمة، يروي عنه النسائي مباشرة، فالمراد به: المرادي المصري، وإذا جاء محمد بن سلمة، يروي عنه النسائي بواسطة، فالمراد به الحراني.
    [حدثنا ابن وهب].
    هو عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
    [عن إبراهيم بن نشيط].
    ثقة، أخرج له البخاري في الأدب، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، ما خرج له مسلم، ولا الترمذي، وما خرج له البخاري في الصحيح.
    [عن ابن شهاب].
    هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، ينتهي نسبه إلى زهرة بن كلاب، ويلتقي نسبه مع نسب الرسول صلى الله عليه وسلم في كلاب، وزهرة أخو قصي بن كلاب، فينسب إلى جده الأبعد الذي هو: زهرة، وينسب أيضاً إلى جد جده وهو: شهاب، فيقال له: ابن شهاب، وهو مشهور بهاتين النسبتين، يقال: ابن شهاب، ويقال: الزهري، وهو ثقة، إمام، جليل، ومحدث، فقيه، ومن صغار التابعين، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [حدثني به سالم].
    هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وهو ثقة، فقيه، أحد الفقهاء السبعة على أحد الأقوال في السابع، وعبد الله بن عمر تقدم.
    شرح حديث ابن عمر: (من جاء منكم الجمعة فليغتسل) من طريق ثالثة
    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن ابن شهاب عن عبد الله بن عبد الله عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال وهو قائم على المنبر: (من جاء منكم الجمعة فليغتسل). قال أبو عبد الرحمن: ما أعلم أحداً تابع الليث على هذا الإسناد غير ابن جريج، وأصحاب الزهري يقولون: عن سالم بن عبد الله عن أبيه بدل عبد الله بن عبد الله بن عمر].أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر من طريق أخرى، وفيه: [(من جاء منكم الجمعة فليغتسل)]، وهو مثل الذي قبله: (إذا راح أحدكم إلى الجمعة فليغتسل)، ويقول النسائي بعد هذا: أنه لا يعلم أحداً تابع الليث بن سعد في روايته عن الزهري إلا ابن جريج، فإنه رواه كما رواه الليث، وذلك أنه من طريق عبد الله بن عبد الله عن أبيه عبد الله، وغير ابن جريج، والليث، لا يذكرون إلا سالم كما مر في الرواية السابقة، يعني: يذكرونه من رواية الزهري عن سالم عن أبيه عبد الله، ومن المعلوم أن كلاً منهما ثقة، كل من سالم، وعبد الله ابني عبد الله بن عمر ثقة.
    ورواية الليث، وابن جريج ليست معلولة؛ لأن الزهري قد يكون رواه عن هذا وهذا، وكلٌ حدث بما سمع، فما ذكره النسائي ليس فيه علة للحديث؛ لأن الحديث كيفما دار فهو على ثقة، وكل منهما روى عنه الزهري، فيكون الزهري رواه عن هذا وهذا، وكلٌ رواه كما سمعه.
    تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر: (من جاء منكم الجمعة فليغتسل) من طريق ثالثة
    قوله: [أخبرنا قتيبة].هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، ثبت، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [حدثنا الليث].
    هو الليث بن سعد المصري، ثقة، ثبت، فقيه، إمام، مشهور، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
    [عن الزهري].
    وقد مر ذكره.
    [عن عبد الله بن عبد الله].
    هو عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، اسمه على اسم أبيه، اسمه متفق مع اسم أبيه، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
    [وعبد الله بن عمر].
    مر ذكره.
    حث الإمام على الصدقة يوم الجمعة في خطبته
    يتبع




ابوالوليد المسلم 03-03-2022 08:49 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح حديث أبي سعيد الخدري: (...وحث الناس على الصدقة فألقوا ثياباً...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب حث الإمام على الصدقة يوم الجمعة في خطبته.أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد حدثنا سفيان عن ابن عجلان عن عياض بن عبد الله سمعت أبا سعيد الخدري يقول: (جاء رجل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب بهيئة بذة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصليت؟ قال: لا. قال: صل ركعتين، وحث الناس على الصدقة، فألقوا ثياباً، فأعطاه منها ثوبين، فلما كانت الجمعة الثانية، جاء ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فحث الناس على الصدقة، قال: فألقى أحد ثوبيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: جاء هذا يوم الجمعة بهيئة بذة، فأمرت الناس بالصدقة فألقوا ثياباً، فأمرت له منها بثوبين، ثم جاء الآن فأمرت الناس بالصدقة، فألقى أحدهما، فانتهره وقال: خذ ثوبك)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: حث الإمام أو حض الإمام على الصدقة في خطبة الجمعة. أي: ما يحتاج الناس إلى بيانه ومعرفته، ومن ذلك الحث على الصدقة عند الحاجة إلى ذلك، وقد أورد النسائي في هذه الترجمة حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: [(أن رجلاً دخل والنبي عليه الصلاة والسلام يخطب يوم الجمعة، وكان عليه هيئة بذة)]، يعني: ثيابه ليست كما ينبغي، وهذا يدل على فقره، وقلة ذات يده، فالنبي عليه الصلاة والسلام قال له: [(أصليت؟ قال: لا. قال: قم فصل ركعتين)]، وهذا يدلنا على أن الإنسان إذا دخل والإمام يخطب، فإنه يصلي ركعتين ولا يجلس، وأنه لو جلس عليه أن يقوم، يعني: إذا نسي فعليه أن يقوم؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام أمر هذا أن يقوم، وأن يصلي ركعتين، وهذا يدلنا على أن تحية المسجد في حال خطبة الجمعة لا تسقط، وأن على الإنسان أن يأتي بها؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام أمر هذا الرجل بأن يصلي ركعتين.
ثم إن النبي عليه الصلاة والسلام حث على الصدقة في خطبته، (فألقوا ثياباً)، أي: الحاضرون ألقوا ثياباً؛ لأنهم يلبسون ثوبين، وقد مر أن الرسول صلى الله عليه وسلم سئل: (أيصلي الرجل في ثوبين؟ قال: وأيكم يجد ثوبين؟)، يعني: لو كان أنه ما يصلى إلا في ثوبين، من الذي يتمكن أنه يجد ثوبين ويصلي في ثوبين؟! لكن الإنسان يصلي في ثوب واحد، وإن صلى في ثوبين فلا بأس، فكان يكون على الواحد منهم ثوبان، فيلقون عندما يحثهم الرسول على الصدقة، وليس عندهم إلا ثيابهم، فإنهم يلقون بعض ثيابهم التي عليهم، وهذا يدلنا على مبادرتهم إلى الخير، وأنهم عندما يسمعون الحث على الصدقة، ولا يجد الإنسان ما يتصدق به إلا بعض ثيابه، فإنه يلقي بعض ثيابه ويتصدق بها، فهم سباقون إلى الخير رضي الله عنهم وأرضاهم.
ومثل هذا ما حصل من حث الرسول صلى الله عليه وسلم النساء على الصدقة يوم العيد، وأنهن بادرن إلى ذلك، كن يلقين من خواتمهن وأقراطهن، يعني: يلقين من الشيء الذي عليهن، يبادرن إلى الصدقة، ويتصدقن مما على آذانهن وعلى أصابعهن، فيدلنا على مسارعة أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم وأرضاهم إلى الخير وإلى الصدقة، (فأمر النبي عليه الصلاة والسلام له بثوبين).
ثم إن هذا الرجل دخل في الجمعة الأخرى، والنبي عليه الصلاة والسلام حث على الصدقة، فتصدقوا وألقوا ثياباً، وهذا الذي عليه هذان الثوبان اللذان أعطيهما في الجمعة الماضية لفقره ولحاجته، قام وبادر وألقى واحداً منها، وهذا يدلنا على ما أشرت إليه من قبل، مسارعة أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الخير، ولو كانوا قليلي ذات اليد؛ لأن هذا الرجل قليل ذات اليد، ومع ذلك لما سمع الحث على الصدقة في الجمعة القادمة، وقد أعطي ثوبان، خلع ثوباً منهما ووضعه، فقال صلى الله عليه وسلم: (جاء هذا يوم الجمعة بهيئة بذة، فأمرت الناس بالصدقة فألقوا ثيابهم، فأمرت له منها بثوبين، ثم جاء الآن فأمرت الناس بالصدقة، فألقى أحدهما، فانتهره وقال: خذ ثوبك).
قوله: [(أمرت الناس بالصدقة فألقى أحد ثوبيه فانتهره)]، يعني: رفع صوته وقال: [(خذ ثوبك)]، يعني: أنت أولى به من غيرك، وهذا يدل على أن الإنسان إذا كان محتاج له، فهو أولى به من غيره، لاسيما وهو قد أعطيه من قبل، وهو بحاجة إليه.
الحاصل: أن الحديث مطابق للترجمة من جهة حث الرسول صلى الله عليه وسلم على الصدقة، وذلك في خطبتين من خطب الجمعة، يعني في يومين، حث على الصدقة في الجمعة الأولى، ثم حث على الصدقة في الجمعة الثانية.
وبعض العلماء قال: إن هذا الرجل الذي أمره أن يقوم يصلي، قالوا: ليس الأمر المقصود به الصلاة، وإنما المقصود أن يراه الناس حتى يتصدقوا، وحتى يرأفوا به، وحتى يرقوا له ويتصدقوا عليه، وهذا ليس بصحيح، فإن المقصود الإتيان بتحية المسجد، ولهذا الرسول سأله قال: [(أصليت؟)]، فلو كان الأمر يتعلق بكونه يراد الرفق والإحسان إليه لما قال له: (قم صل ركعتين)، يعني: يمكن إذا كان صلى والناس ما تنبهوا له، لكنه قال: [(أصليت؟ قال: لا. قال: قم فصل)]، إذاً: القضية قضية كونه مأموراً بأن يصلي، وليس المقصود من كونه يقوم ليراه الناس، ويتصدقوا عليه، والرسول عليه الصلاة والسلام حث على الصدقة، وأعطاه من الصدقة، ما أعطاه الذي تجمع، وأن المقصود بالحث هو وحده، بل هو وغيره.
تراجم رجال إسناد حديث أبي سعيد الخدري: (... وحث الناس على الصدقة فألقوا ثياباً ...)
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله].هو محمد بن عبد الله بن يزيد، وهو ثقة، أخرج النسائي، وابن ماجه.
[حدثنا سفيان].
وهو ابن عيينة، وهنا غير منسوب، لكن كما قلت: من الطرق التي يعرف بها تعيين المهمل أن تنظر الطرق الأخرى، والحديث ممن خرجه ابن ماجه، وفيه قال: أخبرنا سفيان بن عيينة، نص على تسميته، فهذا من الطرق التي يعرف بها المهمل، إذا عرفت طرق الحديث وتتبعت، قد يكون في بعضها التنصيص على نسبه، فيتبين المراد، ويتبين المقصود.
وسفيان بن عيينة، ثقة، ثبت، حجة، إمام، وهو مكي، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، وهو مدلس، ولكنه معروف أنه لا يدلس إلا عن الثقات، وذكر سفيان غير منسوب يسمى المهمل في علم المصطلح، بخلاف المبهم، المبهم هو الذي لا يسمى الرجل، مثل أن يقال: حدثني رجل، أو حدثني ثقة، هذا مبهم؛ لأنه ما سمي، لكن إذا سمي ولم ينسب قيل له: المهمل، ومعرفة المهمل تكون إما بتتبع طرق الحديث، ويوجد التنصيص على أحد الأشخاص المحتمل أن يكونوا الراوي منهم، أو ينظر بالشيوخ والتلاميذ، ويعرف من يكون له ملازمة، ومن يكون له إكثار في الرواية، فإنه يحمل عليه.
[عن ابن عجلان].
هو محمد بن عجلان المدني، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عياض بن عبد الله].
هو عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[سمعت أبا سعيد الخدري].
صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو مشهور بكنيته وبنسبته، فيذكر أحياناً بالنسبة والكنية، وأحياناً بالكنية فقط، فيقال كثيراً: أبو سعيد الخدري، ويقال في بعض الأحيان: أبو سعيد بدون النسبة، واسمه سعد بن مالك بن سنان، وهذا من أنواع علوم الحديث، يعني كون الشخص مشهور بنسبته، أو اسمه وكنيته، فيعرف باسمه، يعني: يحتاج إلى معرفة اسمه، وقد يكون الشخص معروفاً باسمه ليس مشهوراً بالكنية، فيحتاج إلى معرفة الكنية، وهذا من قبيل من اشتهر بالكنية، فيحتاج إلى معرفة اسمه، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أصحابه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم.
مخاطبة الإمام رعيته وهو على المنبر


شرح حديث جابر بن عبد الله: (... قال: أصليت؟ قال: لا. قال: قم فاركع)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [مخاطبة الإمام رعيته وهو على المنبر.أخبرنا قتيبة حدثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله قال: (بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، إذ جاء رجل فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: صليت؟ قال: لا. قال: قم فاركع)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: مخاطبة الإمام الرعية وهو يخطب يوم الجمعة، أي: كونه يحدثهم، ويتكلم معهم، ويسأل ويجاب، هذا هو المقصود بالترجمة، وأورد النسائي فيه حديث جابر بن عبد الله: [(أن رجلاً دخل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال له: أصليت؟ قال: لا، قال: قم فاركع)]، أي: فصل، أي: تحية المسجد، فالرسول خاطبه، الرسول قال له: [(أصليت؟ قال: لا. قال: اركع)]، ففيه مخاطبة الإمام رعيته وهو يخطب، مخاطبة الخطيب الناس عند الحاجة إلى ذلك؛ لأن المخاطبة حصلت من جهتين؛ لأنه أولاً قال له: أصليت؟ فأجابه قائلاً: لا، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال له: [(قم فاركع)]، أو اركع، يعني: ففيه مخاطبة الإمام، وهذا يدلنا على: أن كلام الإمام مع الرعية، وكلام أحد الناس أو بعض الناس مع الإمام وهو يخطب، أنه لا بأس به؛ لأنه سبق أن جاء في الحديث: أن رجلاً دخل والرسول يخطب فقال: (يا رسول الله، هلكت الأموال، وحصل كذا وكذا، فادع الله أن يغيثنا)، فتكلم معه وخاطبه، ففيه مخاطبة الخطيب للناس، ومخاطبة بعض الناس للخطيب، وذلك لا بأس به، وليس من قبيل كون الإنسان يتكلم، والرسول أمر بالإنصات، قال: (من لم ينصت فقد لغا)، فإن هذا ليس من هذا القبيل؛ لأن ذاك في الكلام مع الناس، أما الكلام مع الإمام، فقد جاءت به السنة عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
فالحديث واضح الدلالة على الترجمة.
تراجم رجال إسناد حديث جابر بن عبد الله: (... قال: أصليت؟ قال: لا. قال: قم فاركع)
قوله: [أخبرنا قتيبة].وقد مر ذكره.
[حدثنا حماد بن زيد].
هو البصري، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن دينار].
هو المكي، وهو ثقة، ثبت، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن جابر بن عبد الله].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، صحابي ابن صحابي، وهو من السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، من أصحابه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم.
شرح حديث: (.. إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن منصور حدثنا سفيان حدثنا أبو موسى إسرائيل بن موسى سمعت الحسن يقول: سمعت أبا بكرة يقول: (لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر والحسن معه، وهو يقبل على الناس مرة وعليه مرة، ويقول: إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين عظيمتين)].أورد النسائي حديث أبي بكرة رضي الله عنه، وفيه: أنه كان يخطب على المنبر، ومعه الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما، فكان ينظر إليه مرة، وإلى الناس مرة، أي: حامله وهو يخطب، فينظر إليه، ثم ينظر إلى الناس، وقال عليه الصلاة والسلام وهو يخاطب الناس: [(إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين عظيمتين)]، فمقصود الترجمة كون النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو يخاطب الناس: [(إن ابني هذا سيد)]، يعني: ففيه مخاطبة الإمام للرعية؛ لأنه كان عليه الصلاة والسلام يخاطبهم بهذا؛ لأن هذا ليس من الخطبة، وليس من موضوع الخطبة، وإنما بالمناسبة، فالحديث دال على الترجمة من هذه الجهة، وهي مخاطبة الإمام للرعية.
والحديث أيضاً دال على ما كان عليه الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، من الشفقة والرحمة بالصغار، فإنه عطف على ابن ابنته الحسن بن علي رضي الله تعالى عنه، وفيه أيضاً وصفه بأنه سيد، وهذا يدلنا على أن إطلاق مثل هذا اللفظ على الناس، أو على بعض المخلوقين، أنه سائغ، وعلى من يكون أهلاً لذلك، ولا يجوز إطلاقه على من لا يستحقه، مثل ما شاع في هذا الزمان، من إطلاق السيد حتى على الكفار، فضلاً عن الفساق، يطلق على الكفار أنهم سادة، وكثيراً ما نسمع في الإذاعة: السيد فلان، السيد فلان، وهم كفار لا يؤمنون بالله، أو لا يؤمنون بمحمد عليه الصلاة والسلام من اليهود، والنصارى، فذلك لا يجوز، وقد جاءت السنة في النهي عنه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
ثم أيضاً: هذا الحديث يدل على الإخبار عن أمر مغيب، وقد وقع ذلك الأمر المغيب كما أخبر به الرسول عليه الصلاة والسلام، قد جاء في بعض الأحاديث: [(وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين)]، وهذا إخبار عن أمر لم يقع، وقد وقع كما أخبر عليه الصلاة والسلام، فإنه لما حصل ما حصل بين أهل الشام والعراق، وكان بعدما توفي علي رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وتولى الأمر من بعده الحسن، تنازل لـمعاوية، فاجتمع المسلمون على معاوية رضي الله تعالى عنه، وكان هذا مما أخبر به الرسول عليه الصلاة والسلام، فقد وقع كما أخبر، وهذا من دلائل نبوته عليه الصلاة والسلام، وهو أنه يخبر بالأمر المستقبل، فيقع طبقاً لما أخبر به عليه الصلاة والسلام؛ لأنه لا ينطق عن الهوى عليه الصلاة والسلام.
ثم أيضاً قوله: [(فئتين من المسلمين عظيمتين)]، فيه وصف الفئتين بأنهما مسلمتان، وأنهم مسلمون، وأنه ليس أحد منهم كافراً، بل هم مسلمون، يعني هذه الفئة مسلمة، وهذه الفئة مسلمة، ولهذا كان يقول سفيان بن عيينة رحمة الله عليه: إن قول النبي صلى الله عليه وسلم: [(من المسلمين)]، يعجبنا جداً، أي: لأن فيه إطلاق الإسلام، أو الحكم على الفئتين بأنهما مسلمتان، علي ومن معه، ومعاوية ومن معه، هم مسلمون، وإن حصل بينهم القتال، وإن جرى بينهم ما جرى، فكل منهما اجتهد، والمجتهد المصيب له أجران، والمجتهد المخطئ له أجر واحد، وكلهم مسلمون، والله تعالى أخبر بقوله: ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا )[الحجرات:9]، فهما طائفتان من المؤمنين اقتتلوا، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: [(ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين)]، وفي بعض الروايات: [(وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين)]، فكلمة (المسلمين) هذه فيها بيان أن كلاً من الطائفتين هم من أهل الإسلام، وما خرج أحد منهم عن الإسلام.
تراجم رجال إسناد حديث: (.. إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين ...)
قوله: [أخبرنا محمد بن منصور].هو الجواز المكي، وهو ثقة، حديثه عند النسائي وحده، وسبق أن ذكرت أن النسائي له شيخ آخر اسمه محمد بن منصور، وهو الطوسي، إلا أن الرواية عن سفيان، وهو ابن عيينة، يرجح أنه الجواز المكي؛ لأنه من بلده، وهذه من الأشياء التي يميز بها المهمل، يعني: يكون أقرب ممن ليس من بلده؛ لأن الذي يكون من بلده يكون على صلة به دائماً، ويأخذ عنه كثيراً، والذي ليس من بلده، يراه مرة واحدة أو مرتين، بحيث يرحل لطلب العلم، ويلقى ذلك الشيخ، ويأخذ منه ما يأخذ، لكن ليس مثل الذي هو ملازم للشيخ، ودائماً مع الشيخ، فـمحمد بن منصور مكي، وسفيان بن عيينة مكي، ومحمد بن منصور طوسي، فإذاً: عندما يأتي محمد بن منصور، يروي عن سفيان وليس منسوباً، فإنه يحمل على الجواز المكي.
ويأتي في بعض الروايات مسمى، يعني منسوباً، محمد بن منصور المكي عن سفيان، في بعض الأحايين، وقد مر بنا في بعض المواضع نسبته، وأنه المكي.
وسفيان بن عيينة، قد مر ذكره.
[حدثنا أبو موسى إسرائيل بن موسى].
ثقة، خرج حديثه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، ما خرج حديثه مسلم، ولا ابن ماجه، وأبو موسى إسرائيل بن موسى، ممن وافقت كنيته اسم أبيه، وهذا نوع من أنواع علوم الحديث، وفائدته: أن لا يظن التصحيف، لو جاء في بعض الروايات: إسرائيل أبو موسى بدل إسرائيل بن موسى، يعني من لا يعرف أن كنيته توافق اسم أبيه، يظن أن هذا تصحيف، ابن صحفت إلى أبي، فإذا عرف هذا يندفع هذا التوهم.
[سمعت الحسن].
هو ابن أبي الحسن البصري، وهو ثقة، فقيه، إمام، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، وهو يدلس ويرسل كثيراً.
[عن أبي بكرة].
صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو نفيع بن الحارث الثقفي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.


ابوالوليد المسلم 03-03-2022 08:51 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب الجمعة)
(267)


- (باب القراءة في الخطبة) إلى (باب ما يستحب من تقصير الخطبة)
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يقرأ سورة (ق) في خطبة الجمعة، وإذا أتى بشهادة التوحيد فيها لا يزيد على أن يشير بالسبابة، وكان يقصر الخطبة ويطيل الصلاة.
القراءة في الخطبة
شرح حديث ابنة حارثة بن النعمان: (حفظت ق والقرآن المجيد من في رسول الله وهو على المنبر يوم الجمعة)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب القراءة في الخطبة.أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا هارون بن إسماعيل حدثنا علي وهو ابن المبارك عن يحيى عن محمد بن عبد الرحمن عن ابنة حارثة بن النعمان، قالت: (حفظت ق والقرآن المجيد من في رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يوم الجمعة)].
يقول النسائي رحمه الله: باب القراءة في الخطبة، مقصود النسائي رحمه الله في هذه الترجمة: أن الخطبة يوم الجمعة، يمكن أن تشتمل على شيء من القرآن، وأن يقرأ فيها شيء من القرآن؛ لأن القرآن هو أعظم زاجر، وفيه أعظم تذكير بما ينبغي أن يذكر به، فاشتمال الخطبة على شيء من القرآن، جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومقصود النسائي هو: أن الخطبة أنها يمكن أن تشتمل، أو ينبغي أن تشتمل على شيء من القرآن.
وأورد النسائي حديث ابنة حارثة بن النعمان الأنصارية رضي الله تعالى عنها، أنها قالت: [(حفظت ق من في رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وهو يخطب)]، والحديث واضح الدلالة على ما ترجم له المصنف، وعلى أن قراءة (ق) تكررت من رسول الله عليه الصلاة والسلام، في الخطبة يوم الجمعة، وأن هذه الصحابية رضي الله عنها حفظت هذه السورة من قراءة النبي عليه الصلاة والسلام لها في خطبة الجمعة، وإنما قرأ النبي عليه الصلاة والسلام في الخطبة هذه السورة العظيمة؛ لأنها مشتملة على أمور عديدة من الخلق الأول، والبعث، والنشور، والقوارع، والزواجر، التي اشتملت عليها هذه السورة، فهي سورة عظيمة فيها عبر وعظات، وفيها تذكير، وفيها ذكر الخلق الأول، والخلق الثاني، وأن إعادة الناس وخلقهم وبعثهم اشتملت عليه هذه السورة من وجوه متعددة، ثم كذلك ما جاء فيه من ذكر الجنة والنار، ومن ذكر الأمور الأخرى التي فيها عبر وعظات، فهي سورة عظيمة مشتملة على أمور فيها عبر وذكرى، والقرآن كله عبر وعظات، لكن هذه السورة، مشتملة على أمور عظيمة، فيها تذكير بالمبدأ والمعاد، وحشر الناس، ودخولهم الجنة أو النار، فهي مشتملة على أمور عظيمة لأجلها كان النبي عليه الصلاة والسلام يأتي بها في خطبة الجمعة.
ثم جاء في بعض الأحاديث: أن الرسول صلى الله عليه وسلم، كان يقصر الخطبة ويطيل الصلاة، ومن المعلوم أن قصر الخطبة قصر نسبي، وإلا فإنه إذا قرئ فيها سورة (ق)، واشتملت الخطبة على قراءة سورة (ق)، فإن فيها شيء من الطول، إلا أنه وصف بأنه يقصر الخطبة، المقصود بها القصر النسبي، وكون هذه السورة يأتي بها في خطبة الجمعة، يدل على أنها مشتملة على ما هو أكثر من ذلك، وإذاً فالقصر إنما هو نسبي.
كما أن الحديث الذي سيأتي أنه كان يقصر الخطبة ويطيل الصلاة، وقد جاء الأمر بالتخصيص أن هذه الإطالة إطالة نسبية، الطول والقصر أمران نسبيان، والحديث واضح الدلالة على الترجمة، وهي: أن الخطبة يوم الجمعة، ينبغي أن تشتمل على ذكر شيء من القرآن، وعلى تلاوة شيء من القرآن؛ لأن هذا الحديث واضح الدلالة على هذه الترجمة.
تراجم رجال إسناد حديث ابنة حارثة بن النعمان: (حفظت ق والقرآن المجيد من في رسول الله وهو على المنبر يوم الجمعة)
قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى].هو العنزي أبو موسى، الملقب: الزمن، كنيته أبو موسى، وهو مشهور بها، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة، وهو من صغار شيوخ البخاري، ولم يكن بين وفاته وبين وفاة البخاري إلا أربع سنوات، فإن البخاري، توفي سنة ست وخمسين ومائتين، ومحمد بن المثنى، توفي سنة اثنتين وخمسين ومائتين.
[عن هارون].
هو ابن إسماعيل البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، إلا أبا داود.
[عن علي هو ابن المبارك].
وكلمة: (هو ابن المبارك)، هي التي زادها من دون هارون بن إسماعيل؛ لأن هارون بن إسماعيل، لا يحتاج إلى أن يقول: هو ابن المبارك، وإنما يقول: علي بن المبارك، بدون أن يقول: هو، وإنما الذي يحتاج إلى أن يقول: (هو) هو من دون التلميذ؛ لأن التلميذ اقتصر على علي، ومن دون التلميذ، أراد أن يوضح من هو هذا المهمل، فأتى بكلمة (هو) الدالة على أن هذه الإضافة، هي ممن دون التلميذ، وليست من التلميذ، وهذا موجود في الأسانيد، في الكتب المختلفة، كتب الحديث، وهذا هو المقصود منه، وهذا من دقة المحدثين وعنايتهم، وأن الواحد منهم إذا أراد أن يوضح، أو أتى بشيء يوضح من عنده، فإنه يأت بما يدل عليه؛ لأنه لو لم يأت بكلمة: (هو) لفهم أن الذي قال: علي بن المبارك مثلاً هو تلميذه، مع أن تلميذه ما قال في هذا الإسناد: علي بن المبارك، وإنما قال: علي فقط، فمن دون هارون بن إسماعيل، هو الذي أتى بهذه الإضافة، وأتى بكلمة (هو) الدالة على أن الإضافة ليست من التلميذ وإنما هي ممن دونه، ومثلها عبارة أخرى يؤتى بها وهي: (يعني)، (يعني ابن فلان)، (يعني) بدل (هو) ابن فلان، يقال: يعني ابن فلان، هذه أيضاً تأتي.. عبارة أخرى يؤتى بها لتمييز المهمل، حيث يميزه من دون التلميذ.
وعلي بن المبارك هذا ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى].
هو ابن أبي كثير اليمامي، ثقة، ثبت، يرسل ويدلس، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن عبد الرحمن].
هو محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصاري، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابنة حارثة بن النعمان الأنصارية].
وقيل: هي أم هشام، وهي صحابية مشهورة، أخرج حديثها مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
الإشارة في الخطبة

شرح حديث عمارة بن رويبة: (ما زاد رسول الله على هذا وأشار بأصبعه السبابة)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الإشارة في الخطبة.
أخبرنا محمود بن غيلان حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن حصين (أن بشر بن مروان رفع يديه يوم الجمعة على المنبر، فسبه عمارة بن رويبة الثقفي وقال: ما زاد رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا، وأشار بأصبعه السبابة)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الإشارة في الخطبة، يعني: الإشارة بالإصبع بالسبابة بالتوحيد، يعني عندما يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، يحرك أصبعه هكذا، فـالنسائي رحمه الله، أورد حديث عمارة بن رويبة الثقفي رضي الله تعالى عنه، يقول حصين بن عبد الرحمن: أن بشر بن مروان وهو أحد الأمراء، كان يخطب على المنبر يوم الجمعة، فكان يرفع يديه في الدعاء، فسبه عمارة بن رويبة وقال: [(ما زاد رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا، وأشار بأصبعه السبابة)]، فهذا يدل على ثبوت الإشارة عند التشهد، وعند ذكر الله عز جل، إذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله، يشير بأصبعيه هكذا إلى وحدانية الله عز وجل، وإلى إفراده بالعبادة، وأنه هو المستحق للعبادة وحده لا شريك له.
ويدل على أن رفع اليدين عند خطبة الجمعة، ليس من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا أنكر عمارة بن رويبة عمل هذا الأمير، وقال: [(إن النبي صلى الله عليه وسلم ما زاد هكذا، وأشار بأصبعه)]، فهو يدل على مشروعية، أو جواز الإشارة بالأصبع عند التشهد في الخطبة، ويدل على عدم رفع اليدين في الدعاء، في الخطبة إلا في الاستسقاء؛ فإنه جاء ما يدل على ذلك، في قصة الرجل الذي دخل والرسول صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، فقال: (يا رسول الله! هلكت الأموال... إلى آخره، فرفع يديه ودعا)، فدل هذا على أن رفع اليدين للدعاء في خطبة الجمعة، إنما يكون عند الاستسقاء، وأما غير ذلك، فإنه لا يؤتى برفع اليدين؛ لأنه ما جاء ذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ ولهذا أنكر هذا الصحابي على هذا الأمير فعله، وأخبر بأن الرسول صلى الله عليه وسلم، ما زاد على أن يشير بأصبعه السبابة، أي: عند ذكر الله عز وجل، وعند التشهد، ففيه الدلالة على ما ترجم له، وهو الإشارة في الخطبة، يعني: بالأصبع عند أشهد أن لا إله إلا الله.
تراجم رجال إسناد حديث عمارة بن رويبة: (ما زاد رسول الله على هذا وأشار بأصبعه السبابة)
قوله: [أخبرنا محمود بن غيلان].هو محمود بن غيلان المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.
[عن وكيع].
هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان].
وسفيان هنا غير منسوب، يحتمل أنه الثوري، ويحتمل ابن عيينة، ولكن المراد به الثوري، وليس ابن عيينة؛ لأن وكيع معروف بالرواية عن الثوري، وهو مكثر من الرواية عن الثوري، ومقل من الرواية عن ابن عيينة، فإذا أهمل شيخه، فإنه يحمل على من له به كثرة اتصال، وذلك أنه من أهل بلده، أي: وكيع بن الجراح كوفي، وسفيان بن عيينة كوفي، وهو كثير الاتصال به، وكثير الأخذ عنه؛ ولهذا قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: إذا جاء وكيع عن سفيان، فالمراد به: الثوري؛ لأنه معروف بالإكثار من الرواية عن سفيان، ومقل من روايته عن سفيان بن عيينة، وهذا مما يعرف به المهمل ويميز المهمل: بأن يحمل على من له كثرة اتصال، ومن له خصوصية بشيخه من حيث كونه من بلده، أو كونه كثير الحديث عنه.
فـسفيان الثوري، هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي، إمام، محدث، فقيه، وثقة، حجة، ثبت، وإمام مشهور، وقد وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن حصين].
هو حصين بن عبد الرحمن الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمارة بن رويبة].
وهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
وأما بشر بن مروان، فهذا ليس من رواة الحديث، ليس من رجال الإسناد، وإنما هو سبب إيراد الحديث، والمناسبة التي روي فيها الحديث كونه يخطب ويرفع يديه، وهو أمير من الأمراء، وقد أنكر فعله هذا عمارة بن رويبة، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخبر بأنه ما زاد رسول الله عليه الصلاة والسلام، على أن يشير بأصبعه.
نزول الإمام عن المنبر قبل فراغه من الخطبة، وقطعه كلامه ورجوعه إليه يوم الجمعة
شرح حديث: (كان النبي يخطب فجاء الحسن والحسين ... فنزل النبي فقطع كلامه فحملهما...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب نزول الإمام عن المنبر قبل فراغه من الخطبة، وقطعه كلامه ورجوعه إليه يوم الجمعة.أخبرنا محمد بن عبد العزيز حدثنا الفضل بن موسى عن حسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فجاء الحسن والحسين رضي الله عنهما وعليهما قميصان أحمران يعثران فيهما، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم فقطع كلامه فحملهما، ثم عاد إلى المنبر، ثم قال: صدق الله: ( إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ )[التغابن:15]، رأيت هذين يعثران في قميصيهما، فلم أصبر حتى قطعت كلامي فحملتهما)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: باب نزول الإمام عن المنبر وقطعه كلامه ثم رجوع إليه، مقصود النسائي من هذه الترجمة أن الإمام وهو يخطب، يجوز له أن يقطع الخطبة لشيء، أو لأمر ما من الأمور التي قد يحتاج إليها، ثم يعود إلى مواصلة الكلام، بعد أن يرجع ويصعد المنبر مرة أخرى، بعد أن يكون فعل ما يريد من النزول، فإنه يقطع كلامه، ثم يعود إليه، هذا هو مقصود النسائي من الترجمة، أن ذلك سائغاً، والحديث الذي أورده واضح الدلالة على هذا؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام، كان يخطب في الناس، فجاء الحسن والحسين، ابني ابنته فاطمة رضي الله تعالى عنهم أجمعين، عنهما وعن أمهما وعن الصحابة أجمعين، وعليهما ثوبان أحمران يعثران فيهما، فالرسول صلى الله عليه وسلم قطع خطبته، وقطع كلامه، ونزل وحملهما، ثم عاد إلى كلامه وقال: [(صدق الله: ( إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ )[التغابن:15]، رأيت هذين يعثران، فلم أصبر حتى قطعت كلامي فحملتهما)]، الحديث واضح الدلالة على الترجمة.
وفيه بيان ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، من الشفقة والرحمة بالصغار، والعطف عليهم، فإن النبي عليه الصلاة والسلام لما رآهما ما صبر، بل قطع كلامه وهو يخطب، ونزل وحملهما، ثم عاد إلى خطبته صلى الله عليه وسلم، وهو دال على ما ترجم له المصنف، من قطع الخطبة والرجوع إليها، ودال أيضاً على جواز لبس الثياب الحمر كما جاء في هذا الحديث: أنهما عليهما ثوبان أحمران.
وأما قوله: [(يعثران فيهما)]، معنى هذا: أنهما لصغرهما يحصل منهما التعثر والسقوط في الأرض؛ لأنهما صغيران، ولا يفهم منه أنهما يجران الثياب، وأنهما ثيابهما نازلة، وأنهما يعثران بها لأنها طويلة، وإنما يحمل هذا على صغرهما، وعلى كون الواحد يميل يميناً وشمالاً، فيحصل منه التعثر بسبب صغره، وكونه صغيراً، وليس معنى ذلك أنهما كانا يجران الثياب، ومن المعلوم أن الصغار يعاملون معاملة الكبار، بحيث أنهم يعودون على ما يسوغ، ويمنعون مما لا يسوغ، فلا يلبسون الملابس الطويلة، التي فيها الإسبال، وكما أنهم لا يلبسون الحرير، ولا يلبسون الشيء الذي لا يجوز أن يلبسه الكبار، وإنما المقصود منه هو هذا.
ثم أيضاً فيه دلالة على أن الإنسان عندما يقع شيء، ثم يكون هذا الذي وقع مطابق لما جاء في القرآن، فإنه يقول: صدق الله: (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ )[التغابن:15]؛ لأن الله عز وجل قال: ( إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ )[التغابن:15]، ولما رآهما الرسول صلى الله عليه وسلم، شق عليه أن يتركهما، فنزل وحملهما وقال: ( إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ )[التغابن:15]، صدق الله، في قوله كذا، فإن هذا الذي حصل، هو من جملة هذا الذي نص الله عليه في كتابه العزيز، وأن هذه من فتنة الولد، وأن الوالد يفتن بولده، ولهذا نزل الرسول صلى الله عليه وسلم وأشفق عليهما وحملهما، ولم يتركهما، لم يصبر عليه الصلاة والسلام، ففيه الدلالة على جواز مثل ذلك حينما يكون الإنسان وقع شيء مطابق لما جاء في القرآن، وأنه مثال من الأمثلة التي اشتمل عليها القرآن، يقول: صدق الله، يعني: الذي قال كذا وكذا، هذا هو الواقع، وهذا هو الذي حصل.

يتبع


ابوالوليد المسلم 03-03-2022 08:51 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
تراجم رجال إسناد حديث: (كان النبي يخطب فجاء الحسن والحسين ... فنزل النبي فقطع كلامه فحملهما ...)
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد العزيز].هو محمد بن عبد العزيز بن غزوان، وهو مروزي، ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة، وأبوه يقال له: أبو رزمة، واسمه غزوان، وقد ذكره النسائي مرة منسوباً إلى أبي بكر، وفي الإسناد الذي بعد هذا ذكره منسوباً إلى جده فقال: محمد بن عبد العزيز بن غزوان.
[عن الفضل بن موسى].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مروزي أيضاً.
[عن حسين بن واقد].
هو بصري نزل مرو، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، فهو أيضاً يقال له: مروزي.
[عن عبد الله بن بريدة بن الحصيب].
هو مروزي وقاضي بمرو، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
بريدة بن الحصيب الأسلمي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، وأربعة من رجال هذا الإسناد، مروزيون نسبتهم المروزي: محمد بن عبد العزيز، والفضل بن موسى، وحسين بن واقد، وعبد الله بن بريدة، إلا الصحابي الذي هو بريدة بن الحصيب رضي الله تعالى عنه.
وقوله: [صدق الله العظيم].
العظيم وصف لله عز وجل، إذا قال: صدق الله العظيم، أو صدق الله الكريم، أو صدق الله الجليل، أو ما إلى ذلك، ما في بأس، كون الإنسان يقولها بمناسبة وقوع شيء فيعتبر مثال من الأمثلة التي تندرج تحت الآية، والتي يظهر فيها ما جاء في القرآن واضحاً جلياً في المشهد المعاين، وهو كون الإنسان يفتتن بأولاده، فيحرص عليهم ويشفق عليهم إلى حد أنه ترك الخطبة ونزل وحملهما، فإذا أضيف إليه (العظيم) قال: صدق الله العظيم أو ما إلى ذلك، ما في بأس، لكن ليس هذا من قبيل ما اعتاده كثير من القراء، عندما ينتهي من القرآن، أو يقرأ شيئاً من القرآن، يقول: صدق الله العظيم؛ فإن هذا ما فيه شيء يدل على ملازمته، وعلى ثبوته، وإنما هذا الذي نحن فيه شيء آخر، غير الكلام الذي اعتاده الكثير من القراء، وهي أنهم يختمون قراءتهم بـ(صدق الله العظيم).
ما يستحب من تقصير الخطبة


شرح حديث: (كان رسول الله يكثر الذكر ويقل اللغو ويطيل الصلاة ويقصر الخطبة)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما يستحب من تقصير الخطبة.أخبرنا محمد بن عبد العزيز بن غزوان أخبرنا الفضل بن موسى عن الحسين بن واقد حدثني يحيى بن عقيل سمعت عبد الله بن أبي أوفى يقول: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر الذكر، ويقل اللغو، ويطيل الصلاة، ويقصر الخطبة، ولا يأنف أن يمشي مع الأرملة والمسكين فيقضي له الحاجة)].
أورد النسائي رحمه الله: باب ما يستحب من تقصير الخطبة، أي: كونها قصيرة، ومن المعلوم أن القصر كما ذكرت آنفاً نسبي؛ لأن الخطبة تشتمل على شيء خاص في بعض الأحيان، ومثل هذا فيه شيء من الطول، ولكن القصر هو وصف نسبي.
أورد النسائي تحت هذه الترجمة: حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله تعالى عنه: [(أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يكثر الذكر، ويقل اللغو، ويطيل الصلاة، ويقصر الخطبة، ولا يأنف أن يمشي مع الأرملة والمسكين فيقضي له الحاجة)]، هذه من صفات رسول الله عليه الصلاة والسلام: أنه كان يكثر الذكر، ويقل اللغو.
[(يقل اللغو)]، فسر بتفسيرين: إما أن يكون المقصود بالقل هنا العدم، لأنه يعبر به عن العدم، أي: أنه لا يحصل منه اللغو، أو أنه يراد باللغو: هو الكلام الذي يكون دون غيره في عظم الفائدة، مثل المزح فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يمزح، ولا يقول إلا حقاً في مزحه صلى الله عليه وسلم، لكن ما كان يكثر المزح، ولو كان مزحه لا يكون إلا في حق، وإنما الذي كان يكثر منه الكلام الجامع، والكلام الذي هو غير المزح، الذي مثله يصلح أن يقال: إنه لغو، بمعنى أنه أقل فائدة من غيره، فكثرة كلامه صلى الله عليه وسلم، إنما هي في الكلام الجامع الذي هو كثير الفوائد، وأحياناً يحصل منه أنه يمزح، ولكن مع كونه يمزح لا يقول إلا حقاً عليه الصلاة والسلام في مزحه، مثلما قال في بعض الأحاديث، المرأة التي قال: (لا يدخل الجنة عجوز)، ويريد أنها لا تدخلها وهي عجوز، وإنما تدخلها وقد عادت شابة بكراً، تدخلها في هذه الهيئة وهذه الصورة، من كونها عجوز، فهذا من مزحه صلى الله عليه وسلم، وهو حق، وكذلك الرجل الذي قال له: (نحملك على ولد الناقة، قال: وكيف يحملني ولد الناقة؟ قال: وهل الإبل كلها إلا من أولاد النوق)، يعني: فهذا من مزحه صلى الله عليه وسلم، فيكون يحمل اللغو على ما كان من هذا القبيل، فهو من ما يفسر إقلاله اللغو، بأن الإقلال معناه العدم، وأنه مثل (قليلاً ما يؤمنون)، أي: أنهم لا يؤمنون.
[(ويطيل الصلاة، ويقصر الخطبة)]، وهذا هو محل الشاهد، (يقصر الخطبة).
[(ولا يأنف أن يمشي مع الأرملة والمسكين ليقضي له الحاجة)]، وهذا من تواضعه صلى الله عليه وسلم، وقربه من الناس، وشفقته عليهم، وقربه منهم صلى الله عليه وسلم، فهذه من صفاته وشمائله، أنه كان قريباً من الناس، وكان رفيقاً رحيماً، لا يأنف أن يمشي مع الأرملة، والمسكين، ليقضي له الحاجة صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فهذه من صفاته.
ومحل الشاهد من الحديث هو قوله: [(ويقصر الخطبة)].
تراجم رجال إسناد: (كان رسول الله يكثر الذكي ويقل اللغو ويطيل الصلاة ويقصر الخطبة)
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد العزيز بن غزوان].وهو الذي مر ذكره.
[عن الفضل بن موسى].
وقد مر ذكره.
[عن حسين بن واقد].
وقد مر ذكره، وهؤلاء الثلاثة مروزيون.
[عن يحيى بن عقيل].
وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وعقيل بالتصغير.
[سمعت عبد الله بن أبي أوفى].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
الأسئلة

المراد بالإشارة بالأصبع يوم الجمعة
السؤال: هل المقصود بالإشارة بالأصبع يوم الجمعة هو عند الدعاء؟الجواب: الله تعالى أعلم، لكن الذي ورد في التشهد يحركها يدعو بها، لكن هذا أنه ما كان يزيد على أن يشير بأصبعه، والذي يظهر أنه عندما يأتي التشهد يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، يشير بأصبعه.
ترتب الأجر على حج الصغير
السؤال: فضيلة الشيخ، هل الصبي يؤجر إذا حج ولم يبلغ الحلم؟ وإن كان يؤجر، فما الدليل؟ وإن لم يكن له أجر، فلماذا شرع له الحج؟الجواب: الصبي إذا حج به وهو قبل البلوغ، فإنه له حج، وأجره له، وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم للمرأة التي كانت رفعت صبياً وقالت: (ألهذا حج يا رسول الله؟! قال: نعم ولكِ أجر)، فأثبت له الحج، فقال: نعم له حج، ولكن لها أجر لكونها حجت به؛ لأنها كانت السبب في ذلك، فحجه له، ووليه له أجر إذا قام بتحجيجه، يعني: كونه سبباً في ذلك، ومن المعلوم: أن حجه له، لكنه لا يكفي عن حجة الإسلام، إذا بلغ عليه أن يأتي بحجة الإسلام، وهذا من المسائل التي يقال فيها: إنه يصح النفل، ولا يصح الفرض، يعني: يؤتى بالنفل أو يجوز النفل، ولا يجوز الفرض؛ لأنه قبل البلوغ ما يجوز الفرض، ولا يصح الفرض، وإنما يصح النفل.
العبرة بالمحرمية بزوجة الابن مجرد العقد
السؤال: يقول: يا شيخ! رجل عقد على امرأة، ثم فارقها قبل الدخول، فهل لوالد هذا الرجل، أو ابنه أن يتزوج بتلك المرأة؟الجواب: أبداً، بمجرد العقد تحرم على الأب وعلى الابن، ليست القضية بالدخول، وإنما هو بالعقد، فإذا عقد رجل على امرأة، بمجرد عقده عليها حرمت على أبيه، وحرمت على ابنه.
هل يعتبر الرجل محرماً لزوجة والد زوجته
السؤال: فضيلة الشيخ! هل يعتبر الرجل محرماً لزوجة والد زوجته؟الجواب: يعني أنها جارة أم زوجته، لأن الرجل قد يكون له زوجات وواحدة من الزوجات تزوج بنتها، فطبعاً هو محرم لأم زوجته، أما الزوجة الثانية التي ليست أم زوجته، فهي أجنبية منه؛ ولهذا يجوز له أن يجمع بين بنت الرجل ومطلقته، أو المتوفى عنها، التي هي غير أم الزوجة، يجوز له أن يجمع بينهما؛ لأنها أجنبية.
قطع النافلة للحوق صلاة الجنازة
السؤال: فضيلة الشيخ! ما الحكم في رجل دخل في صلاة النافلة، ومضى منها ركعة، فكبر لصلاة الجنازة، فقطع النافلة ودخل في صلاة الجنازة، هل هذا العمل له دليل؟الجواب: ما أعلم، لكن لو أتمها خفيفة، وصلى الجنازة، ما أدرك صلى وما فاته قضى، فهذا هو الأولى، وأما كونه يقطع النافلة بمثل هذا، ما أعلم شيئاً يدل عليه، لكن الأولى في العمل هو كون الإنسان يتمها خفيفة.
وقت الإشارة بالسبابة في الصلاة
السؤال: فضيلة الشيخ! هل الإشارة بالسبابة تكون أيضاً في التشهد الأول والثاني في الصلاة؟الجواب: إي نعم، تكون في التشهدين.
دعاء الاستخارة بعد السلام
السؤال: فضيلة الشيخ! دعاء الاستخارة هل يكون في داخل الصلاة؟الجواب: بعد السلام، بعدما يسلم يأتي بالدعاء.
حكم رفع اليدين في دعاء الاستخارة
السؤال: هل يشرع في دعاء الاستخارة رفع اليدين؟الجواب: لا أعلم، لكن ما فيه بأس؛ لأن الذي ما ورد فيه شيء فيه ملازمة، وفيه دلالة على الترك، الأصل هو رفع اليدين، إلا إذا جاء شيء فيه رفع اليدين في أماكن معينة، مثل شيء تحصل المداومة عليه، كما عرف في رفع اليدين، مثل الخطبة، ومثل بعد الصلاة بعد الفريضة، مع كثرته، ما نقل أنه رفع يديه، فإن الأصل أنه ترفع اليدين، ولكن بالنسبة لصلاة الاستخارة بالذات، هل ورد أنها ترفع اليدين فيها؟ لا أدري.
كيفية التفريق بين من خرج له النسائي باسم سمي أحدهما ثقة والآخر مجهول
السؤال: يقول: فضيلة الشيخ! يوجد ممن خرج له الإمام النسائي رحمه الله من اسمه سمي اثنان، وفي طبقة واحدة، أحدهما ثقة، والآخر مجهول كما في التقريب، فكيف نفرق بينهما؟الجواب: طبعاً المعروف الذي خرج له أصحاب الكتب الستة، هو: سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، هذا هو المشهور.
التعريف بالجيلاني وطريقته
السؤال: من هو عبد القادر الجيلاني ؟ وما معنى أن له طريقة وله أتباعها؟الجواب: عبد القادر الجيلاني رجل من العلماء المتقدمين، ويقال للطريقة التي تنسب إليه، القادرية، بالنسبة إلى عبد القادر الجيلاني، ومن المعلوم أنه ليس هناك طرق توصل إلى الله عز وجل إلا طريق واحد، وهو ما كان عليه رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، هذا هو الطريق الذي ليس هناك طريق يوصل إلى عز وجل إلا هو، وأما طريقة الجيلاني وتفاصيلها ما أذكرها، لكن الذي أعلمه، أنه ليس هناك طريق يوصل إلى عز وجل إلا طريق واحد، وهو ما كان عليه رسول الله عليه الصلاة والسلام وأصحابه الكرام؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام جاءت عنه الأحاديث الدالة على ذلك: (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، من هي يا رسول الله الفرقة الناجية؟ قال: من كان على ما أنا عليه وأصحابي).
حكم إعطاء راتب العمال في بلد بسعر عملة بلدهم
السؤال: فضيلة الشيخ! جاء تاجر من بلد عربي، ويستلم العاملين هنا ريالات سعودية، ويعطيهم مكتوباً بذلك على أن يكون التسليم في رمضان بعملة ذلك البلد في ذلك البلد، وعادة يعطي سعراً أعلى، فإذا كان ريالاً فهو الآن مائة وثلاثون من عملة ذلك البلد، يعطي عند الأجل الريال بمائة وسبعين؟الجواب: إذا كان بيعاً فهو لا يجوز؛ لأن البيع لا بد من القبض، ولا يجوز النسيئة فيه، أما إذا كان يقترض منهم ريالات سعودية، على أنه يوفيهم إياها في البلد بعملة أخرى، أي: توفية القرض، هذا لا بأس به، إذا اقترض ريالات وأوفاها بعملة أخرى، أما كونه يبيع ويشتري، والعملة غائبة، فهذا هو النسيئة التي لا تجوز.
القول بمشروعية سب الأمراء أخذاً من بعض الأحاديث
السؤال: فضيلة الشيخ! هل يؤخذ من حديث عمارة بن رويبة الثقفي مشروعية سب الأمراء؟الجواب: لا، هو الذي يحصل منه شيء يخالف السنة ينكر عليه؛ لأنه ما سب هذا الأمير إلا لأنه خالف السنة، يعني فعل فعلاً ما جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
الأكل والشرب مضطجعاً ومتكئاً
السؤال: يا شيخ! هل يجوز الأكل والشرب مضطجعاً أو نائماً؟ وهل يجوز الاتكاء على يد واحدة؟الجواب: الأكل كما هو معلوم الأكل والشرب يكون عن جلوس، وأولى من أن يكون عن قيام، وأما في حال الاضطجاع ما أدري، ما أستطيع أقول فيه شيء في الأكل، وكذلك الشرب.
وكون الإنسان يميل على أحد جنبيه أو يديه ويتكئ عليها، هذا ما أعلم شيئاً يمنعه، كونه يضطجع، ولكنه يكون متكئاً على عضده، على ذراعه، ما أعلم شيئاً يمنع هذا.
معنى الإسفار بالفجر
السؤال: فضيلة الشيخ! الإسفار بالفجر قلتم معناه: التأكد من دخول الوقت، هل معنى ذلك حتى يؤذن أم الإقامة؟الجواب: المراد طبعاً الصلاة، الدخول في الصلاة، المراد بالإسفار بالصلاة -يعني: الفجر- أي: أنه لا يسفر بمعنى أنها تؤخر، وإنما الأذان يكون في أول الوقت، والصلاة يبادر بها، فالمراد بالإسفار: أنه يدخل فيها، ومع طول القراءة يكون حصل شيء من الإسفار، وليس معنى ذلك أنه لا ينادى لها إلا بعدما يحصل الإسفار.






ابوالوليد المسلم 03-03-2022 08:52 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب الجمعة)
(268)


- (باب كم يخطب) إلى (باب الكلام والقيام بعد النزول عن المنبر)

من السنة في خطبة الجمعة أن تكون خطبتان يفصل الخطيب بينهما بجلوس لا يتكلم فيه. ثم يقوم للخطبة الثانية ويقرأ فيها آيات ويذكر الله، وله بعد نزوله من المنبر أن يتكلم مع الناس في حاجتهم ثم يصلي.
كم يخطب
شرح حديث: (... ثم يقوم فيخطب الخطبة الآخرة)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب كم يخطب.أخبرنا علي بن حجر حدثنا إسرائيل عن سماك عن جابر بن سمرة قال: (جالست النبي صلى الله عليه وسلم فما رأيته يخطب إلا قائماً، ويجلس ثم يقوم فيخطب الخطبة الآخرة)].
يقول المصنف رحمه الله: باب كم يخطب، أي: الخطيب يوم الجمعة، كم خطبة يخطب؟ المراد بهذه الترجمة عدد خطب الجمعة وأنها اثنتان، ليست خطبة واحدة، ولا أكثر من اثنتين، وإنما هما اثنتان فقط، هذا هو المقصود من الترجمة: باب كم يخطب.
وقد أورد النسائي حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه أنه قال: (جالست النبي عليه الصلاة والسلام فما رأيته يخطب إلا قائماً، وكان يخطب خطبة، ويجلس، ثم يقوم، ويخطب الخطبة الآخرة)، أي: أنه يخطب خطبتين، خطبة أولى وخطبة ثانية، والخطبتان للجمعة اثنتان لا بد منهما، فإنه لا بد لإقامة الجمعة: أن يتقدمها خطبتان.
وجابر بن سمرة رضي الله عنه، يقول: (إنني ما رأيته يخطب إلا قائماً). وفي هذا بيان أن الخطبة تكون عن قيام، ولا تكون عن جلوس، ويخطب خطبتين يجلس بينهما، هذا هو الذي دل عليه هذا الحديث.
وكونه جالس النبي عليه الصلاة والسلام، يفيدنا أنه عرف كونه يخطب قائماً، وكونه يخطب خطبتين، من مجالسته له وملازمته له.
تراجم رجال إسناد حديث ... (ثم يقوم فيخطب الخطبة الآخرة)
قوله: [أخبرنا علي بن حجر].هو علي بن حجر بن إياس السعدي المروزي، وهو ثقة، حافظ، أخرج له البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وهو من شيوخ الإمام مسلم الذين أكثر الرواية عنهم.
[عن شريك].
هو ابن عبد الله النخعي القاضي الكوفي، وهو صدوق، يخطئ كثيراً، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة. وفي بعض نسخ النسائي المجتبى: إسرائيل وفي بعضها شريك والذي في تحفة الأشراف والسنن الكبرى شريك والذي يروي عنه في هذا الإسناد هو شريك.
[عن سماك].
هو سماك بن حرب الكوفي، وهو صدوق يخطئ، أو صدوق له أوهام، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن جابر بن سمرة].
هو ابن جنادة السوائي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صحابي ابن صحابي، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
والحديث جاء من طرق أخرى منها صحيح ثابت، أي: حديث جابر بن سمرة المشتمل على كون النبي عليه الصلاة والسلام يخطب قائماً، وكونه يخطب للجمعة خطبتين.
الفصل بين الخطبتين بجلوس



شرح حديث ابن عمر: (... وكان يفصل بينهما بجلوس)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الفصل بين الخطبتين بجلوس.أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا بشر بن المفضل حدثنا عبيد الله عن نافع عن عبد الله: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب الخطبتين وهو قائم، وكان يفصل بينهما بجلوس)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الفصل بين الخطبتين بجلوس، فيكون بينهما فاصل، ويكون أيضاً عن جلوس، فلا يكون عن قيام فقط، يعني يقف، ويسكت، ثم يستأنف الخطبة الثانية، وإنما يكون عن جلوس، هذا هو هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه كان يخطب خطبتين يفصل بينهما بجلوس.
ففيه إثبات أن الخطبة تكون عن قيام، وإثبات أن الجمعة لها خطبتان، وإثبات أنه يفصل بين الخطبتين بجلوس.
تراجم رجال إسناد حديث: (... وكان يفصل بينهما بجلوس)
قوله: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود].هو أبو مسعود البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي، وهو ممن وافقت كنيته اسم أبيه؛ لأن أباه مسعود، وهو أبو مسعود، وهذا نوع من أنواع علوم الحديث، وفائدة معرفة هذا النوع: أن لا يظن التصحيف فيما إذا كانت الرواية بالاسم، ثم جاء مذكوراً بالكنية بأن قيل: أخبرنا إسماعيل أبو مسعود، فإن من لا يعرف أن كنيته أبو مسعود قد يظن أن ابن صحفت إلى أبي، فصار إسماعيل أبو مسعود تصحيفاً، مع أنه ليس بتصحيف، بل هو أبو مسعود، وهو ابن مسعود، فإن ذكر باللقب فهو صواب، وإن ذكر بالكنية فهو صواب، ولا تصحيف في اللفظ.
[حدثنا بشر].
هو بشر بن المفضل البصري، وهو ثقة، ثبت، عابد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبيد الله].
هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري، يقال له: العمري، ويقال له: المصغر؛ تمييزاً بينه، وبين أخيه عبد الله المكبر، فإنهما أخوان، عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، وعبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، والمصغر ثقة، ثبت، وأما المكبر فهو ضعيف، المكبر عبد الله بن عمر أخوه، هذا ضعيف، فيقال له: المصغر تمييزاً له عن أخيه المكبر الذي هو عبد الله.
[عن نافع].
هو مولى ابن عمر، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله].
هو ابن عمر بن الخطاب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم عن هؤلاء الأربعة وعن الصحابة أجمعين.
والعبادلة الأربعة هم: عبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن الزبير بن العوام، وعبد الله بن عباس بن عبد المطلب، رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين، وهم من صغار الصحابة، ويطلق عليهم لقب العبادلة الأربعة، وإلا فإن في أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام ممن يسمى عبد الله كثير، فيهم عبد الله بن قيس أبو موسى الأشعري، وعبد الله بن أبي أوفى، وعبد الله أبو بكر، عبد الله بن أبي بكر، وعبد الله بن مسعود، كل هؤلاء عبادلة، لكن العبادلة الأربعة يراد بهم هؤلاء الأربعة من صغار أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام، ورضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، فإذا جاءت مسألة فقهية وقيل فيها: قال العبادلة الأربعة، أو قال بها العبادلة الأربعة، فالمراد بهم هؤلاء الأربعة، وابن مسعود ليس منهم، وقد عده بعضهم منهم، ولكن الصحيح عند العلماء أنه ليس منهم؛ لأن المراد بهم أربعة من صغار الصحابة، متقاربون في السن، وأدركهم من لم يدرك ابن مسعود، لأن ابن مسعود توفي سنة اثنتين وثلاثين في أواخر خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه، وأما هؤلاء العبادلة الأربعة فإنهم ماتوا بعد الستين، ماتوا بعد الستين، وأدركهم من لم يدرك عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عن الجميع.
وأيضاً عبد الله بن عمر أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن المكثرين من رواية حديث الرسول صلى الله عليه وسلم سبعة من أصحابه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، وهم: أبو هريرة رضي الله عنه، وعبد الله بن عمر رضي الله عنه، وعبد الله بن عباس رضي الله عنه، وجابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه، وأبو سعيد الخدري رضي الله عنه، وأنس بن مالك رضي الله عنه، وعائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، فهؤلاء سبعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جمعهم السيوطي في الألفية بقوله:
والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر
وأنس والبحر كالخدري وجابر وزوجة النبي
السكوت في القعدة بين الخطبتين

شرح حديث جابر بن سمرة: (رأيت رسول الله يخطب يوم الجمعة قائماً يقعد قعدة لا يتكلم فيها)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب السكوت في القعدة بين الخطبتين.أخبرنا محمد بن عبد الله بن بزيع حدثنا يزيد يعني: ابن زريع، حدثنا إسرائيل حدثنا سماك عن جابر بن سمرة قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة قائماً، ثم يقعد قعدة لا يتكلم، ثم يقوم فيخطب خطبة أخرى، فمن حدثكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب قاعداً فقد كذب)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: السكوت في الجلسة بين الخطبتين، ومعناه: أنه لا يتكلم في ذلك الجلوس، وليس له ذكر يخصه، وليس له كلام يخصه، وإنما هو جلوسه سكوت فقط، جلوس بين الخطبتين، وسكوت في ذلك الجلوس، فالمقصود هنا السكوت في الجلوس؛ لأنه قد مر الترجمة في عدد الخطب، وأنها اثنتان، وهذه الترجمة تتعلق بالفصل بين الخطبتين بجلوس، أو تبين المراد بالسكوت في ذلك الجلوس، وأنه يسكت، ولا يتكلم، ولا يأتي بشيء، ليس فيها دعاء يخصها، وليس فيها ذكر يخصها، ولا يتكلم فيها بشيء، وإنما يجلس يرتاح قليلاً، ثم يقوم إلى الخطبة الثانية.
وقد أورد النسائي حديث جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنه، أنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب قائماً، ثم يجلس جلسة لا يتكلم)، وهذا هو محل الشاهد من الترجمة: لا يتكلم، يعني: لا يتكلم في تلك الجلسة، (ثم يخطب الخطبة الآخرة).
(ثم يقوم يخطب خطبة أخرى، فمن حدثكم أنه كان يخطب جالساً فقد كذب)، وهذا فيه: دليل على أن الخطبة تكون عن قيام لا تكون عن جلوس، وأن الخطب اثنتان، وأنه يفصل بينهما بجلوس، وأنه لا يتكلم في ذلك الجلوس، أي: لا يتكلم الإمام بين الخطبتين، وإذا كان هناك حاجة للكلام من الإمام أو من المأمومين لأمر يقتضي ذلك، كما هو معلوم بالنسبة للإمام حتى في الخطبة يمكن أن يتكلم، وأما بالنسبة للمأمومين فليس لهم أن يتكلموا في حال الخطبة، ويجوز لهم أن يتكلموا بين الخطبتين فيما إذا أراد الإنسان أن ينبه على شيء، فيتكلم بذلك بين الخطبتين، لا بأس بذلك، وإنما ليس لها شيء يخصها، أو ليس لها ذكر يخصها، أو دعاء يخصها، وإنما يكون السكوت، وإذا احتاج إلى الكلام لأمر يقتضي ذلك، فإنه لا مانع منه؛ لأن المنع إنما يكون في حال الخطبة؛ حتى يكون الإنسان مقبلاً على الخطبة، ومتجهاً إليها وإلى تفهمها، وإلى معرفتها والبعد عن الانشغال عنها.

يتبع

ابوالوليد المسلم 03-03-2022 08:53 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
تراجم رجال إسناد حديث جابر بن سمرة: (رأيت رسول الله يخطب يوم الجمعة قائماً ثم يقعد قعدة لا يتكلم فيها)
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن بزيع].ثقة، أخرج حديثه مسلم، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا يزيد].
هو ابن زريع، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. وكلمة: (يعني: ابن زريع)، هذه الذي قالها النسائي أو من دون النسائي، لم يقلها محمد بن عبد الله بن بزيع الذي هو تلميذ يزيد بن زريع؛ لأن التلميذ لا يحتاج إلى أن يقول: هو، بل ينسبه كما يريد، يمكن أن يطيل في نسبه، وأن يقتصر في نسبه، لا يحتاج إلى أن يقول: هو، وإنما الذي يحتاج إليه هو من دون التلميذ، يعني: تلميذه اقتصر على ذكر الاسم فقط، فمن دونه أراد أن يضيف شيئاً يوضح هذا المهمل، ولكنه أتى بكلمة (يعني) أو بكلمة (هو)؛ حتى يبين أن هذا الإيضاح والبيان لنسب ذلك الرجل، إنما كان ممن دون التلميذ.
وكلمة: (يعني) جملة فعلية، من فعل وفاعل، الفاعل فيها ضمير مستتر يرجع إلى التلميذ، يعني.. أي: يقول النسائي، أو من دون النسائي: أخبرنا يزيد يعني: محمد بن عبد الله بن بزيع ، فالفاعل ضمير مستتر يرجع إلى التلميذ، والقائل هو من دون التلميذ، القائل للكلمة من دون التلميذ، وفاعل الفعل المضارع هو التلميذ، ففيه ضمير مستتر يرجع إلى التلميذ، وقائلها من دون التلميذ.
وهذا من دقة المحدثين، وعنايتهم بالإتيان بالألفاظ كما سمعوها، وإذا أرادوا أن يوضحوا أتوا بشيء يدل على ذلك، ولو لم يقولوا: (يعني) أو يقل: (هو) لفهم كلام من التلميذ، لو كان في الإسناد يزيد بن زريع هكذا بدون كلمة (يعني)، لفهم أن الذي قال يزيد بن زريع: هو محمد بن عبد الله بن بزيع، لكن محمد بن عبد الله بن بزيع قال: يزيد فقط ولا زاد عليها، فمن دونه أتى بكلمة (ابن زريع)، وأتى قبلها بكلمة (يعني)؛ حتى يعرف أن هذا الكلام ليس من التلميذ، وإنما هو ممن دون التلميذ.
[حدثنا إسرائيل].
هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وأبو إسحاق السبيعي هو عمرو بن عبد الله الهمداني، وإسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، وهو ثقة، خرج له أصحاب الكتب الستة.
فذاك شريك، وأما هذا فهو إسرائيل، ففي تحفة الأشراف في هذا الإسناد: إسرائيل هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، وأما ذاك ليس فيه إسرائيل، وإنما فيه شريك، فالمراد به هنا إسرائيل.
ففي الإسناد الأول شريك، وفي هذا الإسناد: إسرائيل.
[حدثنا سماك عن جابر بن سمرة].
وقد مر ذكرهما.
القراءة في الخطبة الثانية والذكر فيها

شرح حديث: (كان النبي يخطب قائماً ثم يجلس ثم يقوم ويقرأ آيات ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب القراءة في الخطبة الثانية والذكر فيها.
أخبرنا عمرو بن علي عن عبد الرحمن حدثنا سفيان عن سماك عن جابر بن سمرة قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائماً ثم يجلس، ثم يقوم، ويقرأ آيات ويذكر الله عز وجل، وكانت خطبته قصداً، وصلاته قصداً)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: القراءة في الخطبة الثانية، والذكر، أي: أن الخطبة الثانية تشتمل على قراءة شيء من القرآن، وعلى ذكر لله عز وجل، وأورد النسائي حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائماً ثم يجلس، ثم يقوم ويقرأ آيات ويذكر الله عز وجل)، أي: في الخطبة الثانية، أي: أنها تشتمل على قراءة شيء من القرآن، وعلى ذكر لله عز وجل، أي: الخطبة الثانية.
تراجم رجال إسناد حديث: (كان النبي يخطب قائماً ثم يجلس ثم يقوم ويقرأ آيات ...)
قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].هو عمرو بن علي الفلاس، المحدث، الناقد، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وكثيراً ما يأتي ذكره في كتب الرجال في الجرح والتعديل، يقال: وثقه الفلاس، ضعفه الفلاس، قال فيه الفلاس كذا، فهو يأتي كثيراً بلقبه الفلاس، وأحياناً يأتي باسمه، ونسبه عمرو بن علي.
[عن عبد الرحمن].
هو ابن مهدي البصري، وهو ثقة، ثبت، عارف بالرجال والعلل، وهو متكلم في الرجال، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان].
سفيان غير منسوب هنا، فيقال له: مهمل، هذا النوع من أنواع الحديث يقال له: المهمل، كون الشخص يذكر اسمه، ولا يذكر نسبه، فيحتمل عدة أشخاص، هذا يسمى المهمل، كيف يعرف المهمل؟ كيف يميز المهمل بأنه سفيان بن عيينة أو سفيان الثوري؟ يعرف ذلك عن طريق الشيوخ، والتلاميذ، أو عن طريق الأسانيد، عن طريق الإسناد في كونه جاء في بعض الأسانيد ما يدل على أنه هذا أو هذا، وفي تحفة الأشراف هو سفيان الثوري، وفي سنن ابن ماجه: روى الحديث عن سفيان جماعة منهم وكيع، ووكيع معروف بالرواية عن سفيان الثوري، مكثر من الرواية عنه، ومقل من الرواية عن سفيان بن عيينة.
فإذاً: الرجل المهمل هنا هو سفيان الثوري، وليس سفيان بن عيينة، وهو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، ثبت، حجة، إمام، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن سماك].
سماك عن جابر بن سمرة، وقد مر ذكرهما.
الكلام والقيام بعد النزول عن المنبر


شرح حديث: (كان رسول الله ينزل عن المنبر فيعرض له الرجل فيكلمه ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [الكلام والقيام بعد النزول عن المنبر.
أخبرني محمد بن علي بن ميمون حدثنا الفريابي حدثنا جرير بن حازم عن ثابت البناني عن أنس قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل عن المنبر، فيعرض له الرجل فيكلمه، فيقوم معه النبي صلى الله عليه وسلم حتى يقضي حاجته، ثم يتقدم إلى مصلاه فيصلي)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الكلام والقيام بعد النزول عن المنبر، أي: أنه إذا نزل من المنبر له أن يقوم، وله أن يتكلم، وله أن يقف، ويتكلم مع من يريد الكلام معه، هذا هو المقصود من الترجمة، فليس بلازم أن يذهب إلى المصلي، ويدخل في الصلاة، وإنما إذا احتاج الأمر أن يتكلم مع أحد، وأن يقف مع أحد، ويحدثه، ويتكلم معه، فإنه لا بأس بذلك، هذا هو الذي تقتضيه الترجمة.
ثم أورد النسائي في هذا حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينزل من المنبر، فيعرض له الرجل فيقف معه، ويكلمه، ويقضي حاجته، ثم يتقدم إلى مصلاه فيدخل في الصلاة.
النسائي رحمه الله أورد هذه الترجمة، وأورد تحتها هذا الحديث، وفي إسناد هذا الحديث جرير بن حازم، وهو ثقة، له أوهام، وقد قال بعض العلماء: إنه وهم في هذا الحديث، وإنما المقصود أن كون النبي صلى الله عليه وسلم يقف مع الرجل، ليس بعد نزوله من المنبر يوم الجمعة، وإنما كان في صلاة العشاء، فقد جاء وثبت عن طريق الثقات أنهم حدثوا أنه كانت تقام الصلاة، ثم يقف مع الرجل، ويتكلم معه، ويقضي حاجته، ثم يدخل في الصلاة، أي: يتقدم ويدخل في صلاة العشاء؛ ولهذا الشيخ الألباني ذكر هذا الحديث في الضعيفة وقال: إنه شاذ، والمحفوظ أنه في صلاة العشاء وليس في الجمعة، وقد ذكر الترمذي وكذلك أبو داود أنه ما توبع جرير بن حازم على هذا الحديث، وقال بعضهم: أنه وهم في هذا الحديث، وأن المحفوظ أنه في غير الجمعة، أي: كونه يقف بعد أن تقام الصلاة، ويتكلم مع من يريد الكلام معه، لم يكن هذا في الجمعة، وإنما كان في غيرها، أي: كان في صلاة العشاء.
تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله ينزل عن المنبر فيعرض له الرجل فيكلمه ...)
قوله: [أخبرني محمد].
هو محمد بن علي بن ميمون، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي.
[حدثنا الفريابي].
هو محمد بن يوسف الفريابي، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا جرير بن حازم].
هو جرير بن حازم البصري، وهو ثقة، له أوهام، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن ثابت البناني].
هو ثابت بن أسلم البناني، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس بن مالك] رضي الله تعالى عنه.
وهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، خدمه عشر سنين منذ أن قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة حتى توفاه الله عز وجل، وهو: أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، والذين مر ذكرهم آنفاً عند ذكر عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وعن أنس وعن الصحابة أجمعين.
الأسئلة



حكم قول الخطيب: أستغفر الله لي ولكم بين الخطبتين
السؤال: هل يا شيخ يجوز أن يقال: أستغفر الله لي ولكم بين الخطبتين؟الشيخ: الذي يخطب خطبة يقول في آخرها: أستغفر الله لي ولكم، جاء في صحيح البخاري في حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه في آخر كتاب الإيمان: أنه لما مات المغيرة بن شعبة قام وخطب الناس وقال: استغفروا لأخيكم، واطلبوا له العفو، فإنه كان يحب العفو، وانتظروا حتى يأتيكم أمير، ثم قال: إني ناصح لكم، ثم استغفر ونزل. فالاستغفار، والنزول جاء في أحاديث، لكن بالنسبة لخطبة الجمعة ما أتذكر.
حكم التسمي بفراس والتكني به
السؤال: فضيلة الشيخ! هل هناك من السلف من تسمى باسم فراس، أو تكنى بأبي فراس؟ وهل هذه التسمية جائزة شرعاً مع العلم أني لم أجدها في كتب السير، والتراجم؟الجواب: قضية الاسم أنا لا أعلم شيئاً يدل على المنع، وأما كونه تسمى به أحد أو ما تسمى به أحد، فما أذكر، لكن أذكر هذا الشاعر الفرزدق كانت كنيته أبو فراس على ما أذكر وغيره مثل أبي فراس المهدي كما في التقريب أخرج له أبو داود والنسائي ويمكن الرجوع إلى كتب التراجم والكنى مثل: كنى الإمام مسلم وغيره.
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والتأمين على دعاء الخطيب وقت الخطبة
السؤال: فضيلة الشيخ! هل ورد الدعاء آخر الخطبة؟ وهل يؤمن الحاضرون؟ وهل يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم خلال الخطبة؟الجواب: نعم، إذا دعا الخطيب يؤمن السامعون، وإذا جاء ذكر النبي عليه الصلاة والسلام يصلون عليه، عليه الصلاة والسلام، وليس هذا من الممنوع منه في حال الخطبة؛ لأن هذا إقبال على الخطبة، ومتابعة للخطيب، وفهم لما يقوله، وهذا مطلوب، وإنما المحذور أن ينشغل عنه، أن ينشغل عن الخطيب، وعن الخطبة، هذا هو الذي يمنع، أما كونه يصلي على الرسول صلى الله عليه وسلم عندما يأتي ذكره، أو كونه يؤمن عندما يدعو الإمام، لا مانع من ذلك.
الحكم في ترجمة العمري ومدى صحة توثيق الشيخ الألباني له
السؤال: فضيلة الشيخ! يقول: إنه قرأ في ترجمة عبد الله العمري المكبر في السلسلة الصحيحة للشيخ الألباني في الجزء الثاني أن الشيخ أحمد شاكر وثقه، ووافقه الشيخ الألباني، وذكر أشياء يدافع عنه، فما وجهة نظركم؟الجواب: أنا ما أعرف، المشهور عن عبد الله المكبر بأنه ضعيف، ويميزون بينه، وبين المصغر بأن هذا ثقة وهذا ضعيف. كما قال في التقريب عن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بأنه ضعيف.
الحكم على حديث: (من قرأ قل هو الله أحد والمعوذتين سبع مرات من الجمعة القادمة)
السؤال: فضيلة الشيخ! ما صحة الحديث الذي قال: من قرأ قل هو الله أحد والمعوذتين يوم الجمعة سبع مرات من الجمعة القادمة؟الجواب: لا أعرف عنه شيئاً.
قيام الموظف وقت دوامه بالعبادة بحجة أنه لا يوجد عمل
السؤال: فضيلة الشيخ! السلام عليكم ورحمة الله. إذا كان الإنسان يعمل في دائرة حكومة، ويوجد كثير من أوقات الفراغ في أثناء العمل، فهل يجوز له أن يقرأ القرآن أو يتنفل بالصلاة في أثناء هذا الفراغ، وهو لا يعلم مواعيد مراجعة المراجعين؟الجواب: الذي عليه أن يجلس في مكانه، وينتظر المراجعين، لا يذهب يصلي، فيأتي المراجعون، وهو يصلي، لكن إذا جلس يقرأ القرآن من حفظه ينتظر الناس، ما في بأس؛ لأن الناس إذا رأوه جاءوا، لكن كونه يقوم، ويذهب بحجة أن ما فيه أحد، لا، ليس له ذلك.
حكم الاشتراك بالجمعيات الخاصة بالموظفين
السؤال: فضيلة الشيخ! ما حكم التعامل بالجمعيات، يعني: أن يشترك مجموعة في مبلغ من المال يتفقون عليه؟الجواب: والله هذه مسألة اختلف فيها العلماء في هذا الوقت، منهم من أجازها، ومنهم من منعها، والأحوط أن الإنسان يتجنبها؛ لأن فيها شبهة، وأن كل إنسان يعتبر مقرضاً ومقترضاً، كل واحد منهم ما أقرض إلا ليقترض.
حكم تحويل النية في الصلاة من فرض إلى نفل والعكس
السؤال: فضيلة الشيخ! ما حكم تغيير النية في الصلاة؟الجواب: كون الإنسان يكون في نفل ويحولها إلى فرض ليس له ذلك؛ لأن صلاة الفرض لا بد للإنسان أن يبدأها من أولها، وأما كونها فرض ثم يحولها إلى نفل عند أمر اقتضى ذلك، ليس فيه مانع؛ لأن التحويل من فرض إلى نفل.
كما أن الشفع يحوله إلى وتر، ما فيه مانع أبداً، خاصة إن خشي الفجر كأن يكون أتى بركعة توتر ما مضى، كونه يفوت عليه وقت الوتر، يأتي بالوتر، ولو كان أراد إنه يصلي ركعتين، لكن تبين له أن الوقت قارب أو ضاق، ما فيه بأس.
حكم هدم المساجد المتقاربة في حين واحد لجمع المصلين
السؤال: فضيلة الشيخ! إذا كان هناك في الحي الصغير عدة مساجد، فهل يجوز هدم بعضها ليجتمع المصلون في مسجد واحد؟الجواب: إذا كانت متقاربة جداً، فهذا لا يصلح تقاربها الشديد، وليس هناك أمر يقتضيه، قد تكون متقاربة، ولكن هناك أمر يقتضيه، مثل وجود شارع تمر فيه السيارات بكثرة، وهي مع تقاربها يخشى الناس من أخطار السيارات عندما يذهبون، فمثل هذا لا بأس به، أما إذا كانت كلها في مكان واحد، ومتقاربة جداً، فالحكم للأول منها.
وقت التهجد في الليل
السؤال: فضيلة الشيخ! من قام الساعة الرابعة قبل الفجر وصلى ما كتب له، هل يعتبر قام للتهجد؟الجواب: التهجد والله أعلم هي صلاة آخر الليل، والإنسان إذا صلى في آخر الليل يعتبر تهجداً، ولكن صلاة التهجد فيه من يصلي ركعتين، وفيه من يصلي أكثر من ذلك.
مدى صحة القول بأن الإسناد الذي فيه سفيان مهمل
السؤال: فضيلة الشيخ! ما صحة القول بأن الإسناد الذي فيه سفيان مهمل، وبينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم اثنين وهو الثوري أو ابن عيينة ؟ الجواب: ما أظنه مستقيماً؛ لأن سفيان بن عيينة وإن كان متأخراً عن سفيان الثوري، إلا أنه متقدم كثير، يعني أدرك صغار التابعين، هو معمَّر أدرك صغار التابعين، روى عن الزهري، والزهري توفي سنة مائة وأربعة وعشرين، وهو توفي سنة مائتين واثنتين وتسعين، بين وفاتيهما مدة طويلة، فأقول: مثل هذا ما يستقيم؛ لأن مثل الزهري من صغار التابعين، وقد أكثر عنه سفيان بن عيينة، فلا يستقيم هذا، سفيان بن عيينة، والزهري يروي عن أنس بن مالك صاحب الرسول صلى الله عليه وسلم، فبين سفيان بن عيينة وبين الرسول صلى الله عليه وسلم شخصين.
حكم الأكل متكئاً
السؤال: فضيلة الشيخ! هل يجوز الأكل متكئاً؟الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إني لا آكل متكئاً)، فهذا يدل على تركه.
سبب اختلاف أئمة الجرح والتعديل على التوثيق والتضعيف
السؤال: فضيلة الشيخ! ما سبب اختلاف أئمة الجرح والتعديل في التضعيف، والتوثيق؟الجواب: أقول: كل على حسب ما بلغه أو ظهر له، هذا هو سبب اختلافهم.
حكم الصلاة على السقط
السؤال: فضيلة الشيخ! ما حكم السقط؟ هل يعتبر ولادة من حيث ترك الصلاة؟الجواب: السقط يصلى عليه، ويدعى لوليه بالرحمة، والأم يعتبر لها ولادة فتعتبر نفساء إذا كان مخلق.
حكم الإعلان عن شيء بعد الخطبة مباشرة قبل الصلاة
السؤال: فضيلة الشيخ! بعض الأئمة بعد الانتهاء من الخطبة الثانية يعلن عن أشياء فوق المنبر، كأن يقول: سينعقد اجتماع في المكان الفلاني أو كذا، فهل هذا جائز؟الجواب: ما أعلم فيه شيئاً، لكن لو كان بعد الصلاة قد يكون أولى.
حكم الجلوس مع المدخنين
السؤال: فضيلة الشيخ! دعانا أحد الزملاء لوليمة، وكان هناك مدخنون، وجلسة، فهل يجوز علماً بأن المجلس مع المدخنين؟الجواب: إذا كان يعرف أن المجلس سيكون كذلك لا يذهب إليه، وإذا جاء ودخل ينصحهم، إن امتنعوا وإلا قام وترك المجلس.


ابوالوليد المسلم 03-03-2022 08:54 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب الجمعة)
(269)


- (باب عدد صلاة الجمعة) إلى (باب من أدرك ركعة من صلاة الجمعة)

صلاة الجمعة ركعتان، ويستحب فيها قراءة الجمعة والمنافقون أو (سبح اسم ربك) والغاشية، كما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عدد صلاة الجمعة
شرح حديث: (صلاة الجمعة ركعتان ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [عدد صلاة الجمعة.أخبرنا علي بن حجر حدثنا شريك عن زبيد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال عمر: (صلاة الجمعة ركعتان، وصلاة الفطر ركعتان، وصلاة الأضحى ركعتان، وصلاة السفر ركعتان، تمام غير قصر على لسان محمد صلى الله عليه وسلم). قال أبو عبد الرحمن: عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من عمر].
يقول النسائي رحمه الله: عدد صلاة الجمعة، يعني: عدد ركعات صلاة الجمعة، أي: عدد ركعات صلاة الجمعة، وأنها ركعتان. وقد أورد النسائي حديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (صلاة الجمعة ركعتان، وصلاة الفطر أي: عيد الفطر؛ ركعتان، وصلاة عيد الأضحى ركعتان، وصلاة السفر ركعتان، تمام غير قصر على لسان محمد صلى الله عليه وسلم).
الحديث دال على ما ترجم له المصنف من عدد ركعات صلاة الجمعة، وأنها اثنتان، وهو أمر مجمع عليه بين العلماء أن صلاة الجمعة ركعتان، وقد دل عليها هذا الحديث حديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه في كتابه (معارج الأصول إلى معرفة أن أصول الدين وفروعه قد بينها الرسول صلى الله عليه وسلم): أنه ما من مسألة إجماعية إلا وهناك دليل يدل عليها؛ لأن مسائل الإجماع تكون مستندة إلى نص، ويقول: إنه ما من مسألة من مسائل الإجماع إلا وهي مستندة إلى نص.
وابن حزم في كتابه (مراتب الإجماع) قال: إنه ما من مسألة أُجمع عليها إلا وهي مستندة إلى نص إلا القراض. الذي هو المضاربة، وهي نوع من أنواع الشركة، وعلق على هذا شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه حتى هذه المسألة جاء فيها النص، وقال: إن هذه المعاملة كانت موجودة في الجاهلية، وأقرها الإسلام، التي هي المضاربة، كون الإنسان يدفع رأس مال لشخص يعمل، وما حصل من ربح فهو بينهما على النسبة التي يتفقان عليها، هذه تسمى المضاربة، وتسمى القراض، وقد أجمع العلماء عليها، وقال ابن حزم: إنها ليست مستندة إلى نص، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: إنها مستندة إلى نص، وأنها كانت من المعاملات التي كانت في الجاهلية، وجاء الإسلام وأقرها، والسنة هي القول، والفعل والتقرير، إذا فعل شيء في زمنه، وبحضرته عليه الصلاة والسلام، وسكت، ولم ينكره، فإنه يعتبر إقراراً له، وهو عليه الصلاة والسلام لا يقر على باطل، لا يقر إلا على حق، صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
وكذلك صلاة العيدين الأضحى، والفطر هي ركعتان، وكذلك السفر ركعتان، أي: في غير المغرب؛ لأن المغرب لا تقصر، بل هي ثلاث دائماً وأبداً، ولا يدخلها القصر بالإجماع، بل هي ثلاث كما هي حضراً، وسفراً.
ثم قال: (تمام غير قصر على لسان محمد صلى الله عليه وسلم)، وهذا قوله: ( تمام غير قصر)، يعني: هذا يدل على ما دل عليه حديث عائشة : أن أول ما فرضت الصلاة ركعتان، فأقرت صلاة السفر وأتمت صلاة الحضر، أي: زيد في صلاة الحضر، ومن العلماء من يقول: إنها زيدت في صلاة الحضر، ثم حصل القصر، وقد جاء ذلك في الكتاب، وجاء في السنة الذي هو القصر، وجاءت السنة أن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تجتنب مناهيه.
وهو يدل على أن القصر إنما هو رخصة، وأنه تخفيف، وما جاء في حديث عائشة كان أولاً، ثم أتمت الصلاة، ثم قصرت الصلاة، أي: الرباعية قصرت في السفر إلى ركعتين.
ورفع الحديث في قول عمر: (على لسان محمد صلى الله عليه وسلم)؛ لأنه أضافه إلى النبي عليه الصلاة والسلام.
والحديث قال فيه النسائي بعد أن أورد الحديث، قال أبو عبد الرحمن: عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من عمر. وقال الحافظ في التقريب: واختلف في سماعه من عمر، فمنهم من قال: بأنه لم يسمع منه، ومنهم من قال: إنه سمع، بل قال: إن هذا الحديث نفسه صرح به عبد الرحمن بسماعه من عمر، في بعض طرقه من طريق يزيد بن هارون أن عبد الرحمن بن أبي ليلى صرح بسماعه من عمر، والشيخ الألباني ذكر هذا في الصحيحة، وفي إرواء الغليل أن عبد الرحمن سمع من عمر، وأن هذا الحديث جاء فيه التصريح بأنه أي عبد الرحمن سمعه من عمر؛ فإن الحديث متصل، ثم أيضاً الحديث بالنسبة لما فيه، كل ذلك ثابت، يعني كون صلاة الجمعة ركعتان، والفطر ركعتان، والأضحى ركعتان، والسفر ركعتان، كل هذا ثابت في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث: (صلاة الجمعة ركعتان ...)
قوله: [أخبرنا علي بن حجر].هو ابن إياس السعدي المروزي، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا شريك].
هو ابن عبد الله النخعي الكوفي القاضي، وهو صدوق، يخطئ كثيراً، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن زبيد].
هو زبيد اليامي الكوفي، وهو ثقة، ثبت، عابد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وليس في الكتب الستة من يسمى زبيد بهذا الاسم سواه، فهو من الأسماء المفردة التي لم تتكرر التسمية بها.
[عن عبد الرحمن].
هو عبد الرحمن بن أبي ليلى المدني، ثم الكوفي، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمر].
هو ابن الخطاب رضي الله عنه، أمير المؤمنين، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وثاني الخلفاء الراشدين، وأفضل هذه الأمة بعد أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وأرضاه، ومناقبه جمة، ومناقبه كثيرة، وقد أعز الله تعالى به الإسلام، ومكث في الخلافة عشر سنوات، وأشهراً حصل فيها الفتوحات العظيمة، وانتشر الحق، والهدى في أنحاء الأرض في خلافته، وفتحت الفتوح، بل قضي على الدولتين العظميين في ذلك الزمان، وهما دولة فارس، والروم في خلافته رضي الله تعالى عنه وأرضاه. وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
القراءة في صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين

شرح حديث ابن عباس في قراءة سورة الجمعة والمنافقين في صلاة الجمعة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [القراءة في صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين.أخبرنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني حدثنا خالد بن الحارث حدثنا شعبة أخبرني مخول سمعت مسلماً البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ يوم الجمعة في صلاة الصبح (ألم تنزيل) و(هل أتى على الإنسان)، وفي صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: القراءة في الجمعة بسورة الجمعة، وسورة المنافقين، وأورد فيه النسائي حديث عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما: (أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقرأ في فجر يوم الجمعة: (ألم تنزيل) و(هل أتى على الإنسان)، ويقرأ في صلاة الجمعة بسورة الجمعة، وسورة المنافقين)، سورة الجمعة في الركعة الأولى، وبسورة المنافقين في الركعة الثانية، فالحديث دال على مشروعية قراءة هاتين السورتين في بعض الأحيان؛ فإنه جاء القراءة في الجمعة بالمنافقين، وجاء أيضاً (بسبح اسم ربك الأعلى)، و(هل أتاك حديث الغاشية)، وجاء أيضاً قراءة الجمعة، ومعها (هل أتاك حديث الغاشية)، فالذي جاءت به السنة يؤخذ به، يؤخذ بهذا أحياناً، وبهذا أحياناً، هذا هو هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهذا هو الذي جاءت به سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحديث دال على ما ترجم له المصنف من مشروعية قراءة الجمعة، والمنافقين في صلاة الجمعة.
وفيه: أيضاً قراءة (ألم تنزيل السجدة)، و(هل أتى على الإنسان) في فجر يوم الجمعة، وقيل في حكمة ذلك: أن هاتين السورتين مشتملتان على المبدأ، والمعاد، وعلى الخلق، والإعادة، ويوم الجمعة حصل فيه خلق آدم الذي هو أبو البشر، ويحصل فيه قيام الساعة، كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ففي قراءتهما في فجر ذلك اليوم التذكير بهذه الأمور التي اشتملت عليها هاتان السورتان العظيمتان، وهما: سورة ألم السجدة، و(هل أتى على الإنسان).
أما بالنسبة لقراءة الجمعة، والمنافقين، فلعل ذلك لكونها مشتملة على ذكر الجمعة، أي: سورة الجمعة، وسورة المنافقون أيضاً مشتملة على بيان صفات المنافقين وأحوالهم، والتحذير من ذلك، وفي آخرها: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ )[المنافقون:9-10]، ففيها أعظم زاجر، وأعظم تنبيه على عدم الاغترار بهذه الحياة الدنيا، والافتتان بها، وأن الإنسان يستعد للدار الآخرة بالأعمال الصالحة، ولا يهمل، ويفرط حتى إذا جاء الأجل تمنى أن يرجع إلى الدنيا ليعمل صالحاً، وأنى له الرجوع؛ لأنه لا يؤخر الأجل إذا جاء الأجل، وإنما على الإنسان أن يعرف أن هذا المصير الذي لا بد منه، وأن العاقل هو الذي يستعد لذلك اليوم، ولذلك الأجل، قبل أن يأتي الأجل، وحتى لا يحصل منه التمني، فهاتان السورتان مشتملتان على معان عظيمة، كالتذكير بهما في هذا اليوم الذي هو يوم الجمعة، وفي اجتماع الناس في الجمعة، في تلاوتهما تذكير، وعبر، وعظات.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في قراءة سورة الجمعة والمنافقين في صلاة الجمعة
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني].هو محمد بن عبد الأعلى الصنعاني البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود في كتاب القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا خالد].
هو ابن الحارث البصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
هو ابن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني مخول].
هو مخول بن راشد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[سمعت مسلماً البطين].
هو مسلم بن عمران البطين، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن جبير].
هو سعيد بن جبير الكوفي، وهو ثقة، ثبت، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، وهم: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وأنس بن مالك، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عن الجميع، فـعبد الله بن عباس هو أحد هؤلاء السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
القراءة في صلاة الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية

شرح حديث: (كان رسول الله يقرأ في صلاة الجمعة بـ(سبح اسم ربك الأعلى) و(هل أتاك حديث الغاشية))
قال المصنف رحمه الله تعالى: [القراءة في صلاة الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية.أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا خالد عن شعبة أخبرني معبد بن خالد عن زيد بن عقبة عن سمرة قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: القراءة في الجمعة، في صلاة الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى، وهل أتاك حديث الغاشية، وأورد فيه حديث سمرة بن جندب: (أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقرأ في الجمعة) بهاتين السورتين، ولا تنافي بينه، وبين ما جاء في الحديث الذي قبله؛ فإن المقصود أنه يقرأ أحياناً بهاتين السورتين، وأحياناً بهاتين السورتين، فهو يأتي بهاتين السورتين أحياناً، وبهاتين السورتين أحياناً، وهاتان السورتان أيضاً مشتملتان على عبر، وعظات، وعلى زواجر، وتذكير باليوم الآخر، وعدم الارتكان إلى الدنيا، والاشتغال بها، والاستعداد ليوم المعاد، والاستعداد لذلك بالأعمال الصالحة، فهما مشتملتان على هذه الأمور التي في قراءتهما في يوم الجمعة في الصلاة تذكير بما اشتملتا عليه، وتنبيه إلى الاستعداد ليوم المعاد، وذلك بالأعمال الصالحة التي تقرب العبد إلى ربه زلفى، والتي ترفعه عند الله عز وجل وتنفعه.
تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله يقرأ في صلاة الجمعة بـ(سبح اسم ربك الأعلى) و(هل أتاك حديث الغاشية))
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى].وقد مر ذكره.
[حدثنا خالد بن الحارث البصري].
وقد مر ذكره.
[عن شعبة].
وقد مر ذكره.
[أخبرني معبد بن خالد].
هو معبد بن خالد بن مرين، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن زيد بن عقبة].
هو زيد بن عقبة الفزاري الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أبو داود، والترمذي، والنسائي، ما خرج له الشيخان ولا ابن ماجه.
[عن سمرة].
هو سمرة بن جندب، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صحابي مشهور، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

يتبع


ابوالوليد المسلم 03-03-2022 08:54 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
ذكر الاختلاف على النعمان بن بشير في القراءة في صلاة الجمعة
شرح حديث: ( كان رسول الله يقرأ هل أتاك حديث الغاشية) من طريق ثانية
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر الاختلاف على النعمان بن بشير في القراءة في صلاة الجمعة.أخبرنا قتيبة عن مالك عن ضمرة بن سعيد عن عبيد الله بن عبد الله: (أن الضحاك بن قيس سأل النعمان بن بشير: ماذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ يوم الجمعة على إثر سورة الجمعة؟ قال: كان يقرأ هل أتاك حديث الغاشية)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الاختلاف على النعمان بن بشير في القراءة في صلاة الجمعة، وأورد فيه أولاً حديث النعمان الذي فيه: (أن الضحاك بن قيس سأل النعمان بن بشير: ماذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقرأ في يوم الجمعة على إثر سورة الجمعة؟)، أي: السورة الثانية التي بعدها، فقال: (يقرأ بـ(هل أتاك حديث الغاشية))، وهذا يدلنا على أنه في بعض الأحيان كان يقرأ بهاتين السورتين: سورة الجمعة، وسورة هل أتاك حديث الغاشية، يجمع بين هاتين السورتين، وفي بعض الأحيان يقرأ الجمعة، والمنافقين، وفي بعضها سبح، والغاشية، وفي بعضها الجمعة، وهل أتاك حديث الغاشية.
فجاء في بعض الروايات عنه: أنه يقرأ بعد الجمعة بـ(هل أتاك حديث الغاشية) كما جاء في هذه الرواية، وهو دال على أنه يقرأ فيها في بعض الأحيان، يقرأ في هاتين السورتين في بعض الأحيان.
تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله يقرأ هل أتاك حديث الغاشية) من طريق ثانية
قوله: [أخبرنا قتيبة].هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن مالك].
هو ابن أنس إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن ضمرة بن سعيد].
ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عبيد الله بن عبد الله].
هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وهو ثقة، ثبت، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو من فقهاء المدينة السبعة المشهورين في عصر التابعين وهم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود هذا، وعروة بن الزبير بن العوام، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسليمان بن يسار، وسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير بن العوام، هؤلاء الستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، أما السابع ففيه ثلاثة أقوال: قيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف.
وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة يروي عن النعمان بن بشير، والضحاك ليس من رجال الإسناد، وإنما جاء ذكره في الإسناد؛ لأنه هو الذي سأل، وإلا فإن عبيد الله يروي عن النعمان، ما يروي عن الضحاك؛ لأنه ما قال: حدثني الضحاك أو أخبرني الضحاك أنه سأل، وإنما قال: أنه سأل، فمعناه أن عبيد الله سمع السؤال والجواب، فيكون تلقيه عن المجيب مباشرة وبدون واسطة، فعلى هذا الضحاك بن قيس ليس من رجال الإسناد، وهو صحابي صغير، ورمز له في التقريب بـالنسائي، فلا أدري هل له أحاديث عند النسائي، أو أنه رمز له من أجل ذكره في هذا الحديث؟ وهو ليس من رجال الإسناد، بل هو سائل سأل، والذي يروي عن النعمان وهو: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وهو الذي سمع السؤال، والجواب، ومن عادة المزي، وكذلك الذين تبعوه، أنهم يرمزون للشخص إذا كان له ذكر في الكتب الستة، ذكر مجرد الذكر، وإن لم يكن راوياً، بل مجرد الذكر يذكرون له ترجمة، ويرمزون له بالكتاب الذي جاء ذكره فيه، مثل: أويس القرني، أويس القرني ما كان له رواية، وإنما جاء ذكره في بعض الأحاديث، وإلا فإنه ليس له رواية، ومع ذلك جاء في التهذيب وما تفرع عنه، في تهذيب الكمال وما تفرع عنه جاء ذكر أويس القرني، وكذلك يأتي أحياناً ذكر أشخاص ليس لهم إلا مجرد الذكر، ويأتي ذكرهم في رجال الكتب الستة، فلا أدري الضحاك هل له رواية، أو أنه مجرد هذا الذكر الذي جاء في هذا الحديث.
فـعبيد الله يروي عن النعمان بن بشير.
[عن النعمان بن بشير].
وهو صحابي صغير؛ لأنه توفي رسول الله عليه الصلاة والسلام وعمره ثمان سنوات، وقد روى عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وصرح بالسماع عنه في أحاديث، منها حديث: (الحلال بين والحرام بين)، الحديث المشهور، حديث النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الحلال بين والحرام بين..)، إلى آخر الحديث، فإنه هنا صرح فيه بأنه سمعه من رسول الله، فلا يعتبر من المراسيل؛ لأن بعض الأحاديث التي يرويها صغار الصحابة مراسيل، يعني عن الصحابة، ولا يؤثر ذلك؛ لأنها محمولة على الاتصال؛ لأن أصلها عن الصحابة، ولكن يأتي أحياناً من هؤلاء الصغار أنهم يصرحون بالسماع من رسول الله عليه الصلاة والسلام، كما صرح النعمان بن بشير في سماعه حديث: (الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات)، وهو في الصحيحين، وقد صرح فيه النعمان بالسماع من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من صغار الصحابة.
ومن المعلوم أن الصغير يتحمل في حال صغره، ويؤدي في حال كبره، وأن ذلك معتبر، كما أن الكافر إذا أسلم، وقد تحمل في حال كفره، وأدى بعد إسلامه، فإن ذلك معتبر، وكذلك الصغير سمع في حال صغره، وأدى في حال كبره، كل ذلك معتبر عند العلماء.
والنعمان بن بشير حديثه عند أصحاب الكتب الستة رضي الله عنه وأرضاه.
شرح حديث: (كان رسول الله يقرأ بسبح اسم ربك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية ...) من طريق ثالثة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا خالد عن شعبة: أن إبراهيم بن محمد بن المنتشر أخبره سمعت أبي يحدث عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى، وهل أتاك حديث الغاشية، وربما اجتمع العيد، والجمعة فيقرأ بهما فيهما جميعاً)].أورد النسائي حديث النعمان بن بشير، وفيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى، و(هل أتاك حديث الغاشية)، وهو بمعنى الحديث الأول الذي جاء فيه (هل أتاك حديث الغاشية) مع الجمعة، وهذا الحديث فيه أن هل أتاك حديث الغاشية مع (سبح اسم ربك الأعلى)، وكل منهما ثابت، فيقرأ بها أحياناً بالجمعة، و(سبح اسم ربك الأعلى) و(هل أتاك حديث الغاشية)، وأحياناً بالجمعة، وهل أتاك حديث الغاشية، وأحياناً بالجمعة، والمنافقين كما مر في الحديث السابق، فهذا الاختلاف غير مؤثر؛ لأن كل ذلك ثابت، ويقرأ بما جاء في الحديث الأول أحياناً، وبما جاء في الحديث الثاني أحياناً، والاختلاف في كون (هل أتاك حديث الغاشية)، جاء في بعض الأحاديث: أنها تكون مع الجمعة، وفي بعضها: أنها تكون مع (سبح اسم ربك الأعلى).
تراجم إسناد حديث: (كان رسول الله يقرأ بسبح اسم ربك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية ...) من طريق ثالثة
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني حدثنا خالد بن الحارث عن شعبة].وقد مر ذكرهم.
[أن إبراهيم بن محمد بن المنتشر].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبره، سمعت أبيه].
هو محمد بن المنتشر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حبيب بن سالم].
هو مولى النعمان بن بشير وكاتبه، وحديثه أخرجه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن النعمان بن بشير].
وقد مر ذكره.
من أدرك ركعة من صلاة الجمعة

شرح حديث: (من أدرك من صلاة الجمعة ركعة فقد أدرك)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [من أدرك ركعة من صلاة الجمعة.أخبرنا قتيبة ومحمد بن منصور واللفظ له عن سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أدرك من صلاة الجمعة ركعة فقد أدرك)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: من أدرك ركعة من الجمعة، أي: ما حكمه؟ والحكم كما دل عليه الحديث أنه أدرك الجمعة، (من أدرك ركعة من الجمعة، فقد أدرك الجمعة)، يضيف إليها أخرى، ويصليها صلاة جمعة ركعتان، أما إذا لم يدرك الركعة الأخيرة من الجمعة، فإنه يدخل مع الإمام، ويدرك فضل الجماعة، ولكنه إذا قام يصلي أربعاً، يصليها ظهراً، لا يصليها جمعة، وإنما إدراك الجمعة بإدراك ركعة مع الإمام، وتدرك الركعة بإدراك الركوع كما هو معلوم.
وقد أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله عنه: [(من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك)]، أي: فقد أدرك الجمعة، ويضيف إليها ركعة أخرى، ويصليها صلاة جمعة، أي: ركعتين، ولكنه إذا لم يدرك الركعة، أي: فاته ركوع الركعة الثانية، فإنه يدخل مع الإمام، ولكنه إذا قام يصلي أربعاً.
تراجم رجال إسناد حديث: (من أدرك من صلاة الجمعة ركعة فقد أدرك)
قوله: [أخبرنا قتيبة].مر ذكره قريباً.
[ومحمد بن منصور].
هو الجواز المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي.
[عن سفيان].
سفيان غير منسوب، وقتيبة لا يروي إلا عن الزهري، ما يروي عن سفيان الثوري، ومحمد بن منصور الجواز مكي، وسفيان بن عيينة مكي، وللنسائي شيخ آخر اسمه: محمد بن منصور الطوسي، ولكنه إذا ذكر يروي عن سفيان، فالمراد به: المكي، يحمل على المكي؛ لأنه من بلده، وله به خصوصية، أي: بـسفيان بن عيينة؛ لأنه عند الإهمال يحمل على من له به خصوصية، وهنا يكون هو الجواز؛ لأن الجواز مكي، وسفيان بن عيينة مكي، فعند الإطلاق، وعند الإهمال يحمل على من له فيه خصوصية؛ بأن يكون من أهل بلده، وممن يلازمه.
وسفيان بن عيينة، ثقة، ثبت، حجة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، مشهور بالنسبة إلى جده زهرة يقال له: الزهري، ومشهور بالنسبة إلى جده شهاب يقال له: ابن شهاب، وهو محدث فقيه إمام، وهو من صغار التابعين، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة
[عن أبي سلمة].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو من الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين على أحد الأقوال في السابع، وقد أشرت إليهم آنفاً.
[عن أبي هريرة].
صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو: عبد الرحمن بن صخر الدوسي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هو أكثر السبعة على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.
الأسئلة

حكم من لم يدرك الركوع من الركعة الأخيرة من صلاة الجمعة
السؤال: فضيلة الشيخ، بالنسبة لمن جاء متأخراً يوم الجمعة إن كان يعلم أنه فاتته صلاة الجمعة ينوي الظهر وإلا ينوي الجمعة؟الجواب: على كل إذا دخل معه وقد فاتته ركعتان ينويها ظهراً.
حكم جمع العصر مع الجمعة في السفر أو مع عذر في الحضر
السؤال: فضيلة الشيخ، هل يجوز جمع العصر مع الجمعة إذا كان هناك مطر ووحل شديد؟الجواب: جمع الجمعة مع العصر لا بأس به، إذا كان هناك أمر يقتضيه بأن تجمع العصر معها، أو يكون الإنسان مثلاً في المسجد الحرام، فيصلي الجمعة ويريد أن يسافر، فيصلي العصر بمائة ألف صلاة، بدل ما يصليها في البر بصلاة واحدة، فيصليها بمائة ألف صلاة هناك، ما فيه بأس.
حكم لبس خاتم الفضة
السؤال: فضيلة الشيخ، هل يجوز لبس خاتم الفضة؟الجواب: نعم يجوز، لبس خاتم الفضة جائز، وقد لبسه الرسول صلى الله عليه وسلم، كما جاء حديث أنس: (كأني أنظر إلى وبيصه في يده صلى الله عليه وسلم)، يعني: خاتماً من فضة.
حكم توريث الحمل والنفقة عليه من ماله قبل أن يولد
السؤال: فضيلة الشيخ، هل الحمل الذي ما زال في بطن أمه يورث؟الجواب: نعم، الحمل يورث، كما هو معروف في أبواب الفقه في باب ميراث الحمل.
وله طريقة خاصة يعني: أنه يقدر كذا، إن قدر كذا فيكون كذا، فهو موجود له باب في أبواب الفرائض كيفية ميراث الحمل.
أما الإنفاق فإذا كان أحد سيتبرع بالإنفاق عليه، وما دام أن له مالاً، فيمكن إذا كان ما هناك من يقوم بالإنفاق عليه، فإنه ينفق عليه من ماله.
مدى أحقية الزوجة بتركة زوجها الميت من أثاث البيت وبقية الورثة
السؤال: أثاث البيت هل هو من حق زوجة المتوفى أو من حق جميع الورثة؟الجواب: هو ميراثهم، كل ما يتركه الميت فهو ميراث، لا يختص به أحد دون أحد.
المقصود بقراءة (ألم السجدة) يوم الجمعة
السؤال: فضيلة الشيخ، هناك من يقرأ بعض سورة السجدة في صلاة الفجر يوم الجمعة، وهي الآيات المشتملة على السجدة، ويكتفي بذلك دون قراءة السورة بكاملها، وهل من السنة قراءة بعض الآيات التي فيها سجدة من غير سورة السجدة في نفس الصلاة؟الجواب: السنة أن تقرأ السورتان معاً كما جاء ذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، هذا هو المشروع والمستحب، وأما قراءة آيات فيها سجدة ليست ألم السجدة، وتخصيص ذلك بالجمعة، فلا ينبغي هذا؛ لأنه ليس المقصود السجدة، وإنما المقصود قراءة ألم السجدة، ما هي القضية قضية وجود سجدة في الصلاة، فيبحث عن سورة أخرى يسجد فيها، وإنما المقصود قراءة هذه السورة وهي مشتملة على سجدة، ومعها سورة هل أتى على الإنسان.
المقصود من قول عمر (تمام غير قصر)
السؤال: فضيلة الشيخ، في الحديث الذي قال فيه عمر: (تمام غير قصر)، هل هي صفة للجميع أو لصلاة السفر؟ الجواب: يبدو أنها للسفر فقط؛ لأن تمام غير قصر المقصود به: السفر، وأنا ذكرت أن هذا يتفق مع ما جاء في حديث عائشة: (أن صلاة السفر ركعتان، فأقرت صلاة السفر وأتمت صلاة الحضر).
حكم الحجاج عند العلماء
السؤال: فضيلة الشيخ، هل من العلماء المتقدمين من كفَّر الحجاج ؟الجواب: لا أعلم، لا أعلم أحداً كفره، بل كانوا يصلون وراءه.
الجزء من الكلب الذي يغسل منه سبعاً
السؤال: هل من مس كلباً وهو مبلول يغسل سبعاً؟الجواب: لا، إذا كان لمس جلده ما يغسل، أقول: لأن الغسل جاء في ولوغه وفي لعابه، وأما مجرد لمس جسده ما يكون الإنسان لمس نجاسة.
حكم تحمل الصغير وروايته قبل الكبر
السؤال: هل تقبل رواية الصغير وهو صغير؟الجواب: لا، كونه يؤدي في حال صغره ما تقبل، وإنما يتحمل في حال صغره ويؤدي في حال كبره.
من الكتب المشهورة في الناسخ والمنسوخ
السؤال: يسأل عن كتاب في الناسخ والمنسوخ؟الجواب: كتاب الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار وهو للحازمي، لـأبي بكر الحازمي، هذا هو من الكتب المشهورة في هذا الفن.
السبب في عدم ذكر الشيخ العباد في شرح النسائي أقوال الأئمة والخلاف المسائل
السؤال: فضيلة الشيخ، ما أسمعكم تذكرون مذاهب الأئمة فيما تذكرون في شروح الأحاديث؟الجواب: كما هو معلوم أنا ما التزمت أني أذكر أقوال القائلين، وإنما أذكر ما يدل عليه الحديث، ما يدل عليه دون أن أذكر من قال بالأقوال إذا كان مختلفاً، إذا كانت المسألة فيها خلاف أذكر القائلين، أنا ليست هذه من عادتي، وإنما أشير إلى الخلاف، وأن بعض العلماء قال كذا، وبعضهم قال كذا، لا أذكر الأئمة ولا غيرهم.
حقيقة المجاز في القرآن واللغة العربية
السؤال: فضيلة الشيخ، هل في القرآن أو السنة مجاز؟الجواب: القرآن ليس فيه مجاز، وهو أسلوب من أساليب اللغة العربية الحقيقة، والذي يسمونه مجازاً كله حقيقة، إلا أن هذا قليل الاستعمال، وهذا كثير الاستعمال، أقول: هذا يستعمل في اللغة بكثرة، وهذا يستعمل في اللغة بقلة، وكله يقال له: حقيقة ولا يقال له: مجاز، فليس في القرآن مجاز، بل ليس في اللغة العربية؛ لأن المسألة فيها أقوال ثلاثة، منهم من يقول بالمجاز في اللغة والقرآن، ومنهم من يقول بعدمه فيهما، ومنهم من يقول بإثباته في اللغة وعدم إثباته في القرآن.
المقصود من كلمة (تمام) في حديث عائشة
السؤال: فضيلة الشيخ، إذا كانت كلمة (تمام) صفة لصلاة السفر، فما المقصود من معنى (تمام غير قصر على لسان محمد صلى الله عليه وسلم)؟الجواب: أنا قلت: إن المقصود من هذا أن هذه هي صلاة السفر، مثلما جاء في حديث عائشة: (أنها أول ما فرضت الصلاة ركعتين، فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر)، فهي غير مقصورة.




ابوالوليد المسلم 03-03-2022 08:56 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب الجمعة)
(270)

- كتاب تقصير الصلاة في السفر

اختار الله تعالى لهذه الأمة من الأمور أيسرها، وخفف عنها ما لم يخففه عن غيرها من الأمم، ومن هذه الأمور: قصر الصلاة وجمعها في السفر، وهي سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله وفعله، وكذلك صحابته من بعده، وهي صدقة تصدق الله بها على عباده.
تقصير الصلاة في السفر
شرح حديث: (... إنها صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [كتاب تقصير الصلاة في السفر.أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الله بن إدريس أخبرنا ابن جريج عن ابن أبي عمار عن عبد الله بن بابيه عن يعلى بن أمية قلت لـعمر بن الخطاب: ((فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا )[النساء:101]، فقد أمن الناس، فقال عمر رضي الله عنه: عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته)].
يقول النسائي رحمه الله في هذه الترجمة: كتاب تقصير الصلاة. المراد من هذا الكتاب أي: الأحكام المتعلقة بالقصر، أي: قصر الرباعية إلى اثنتين في السفر، وقد أورد النسائي رحمه الله هذا الكتاب بعد كتاب الجمعة، وبعد الكتب المتقدمة؛ لأن الكتب المتقدمة قبل الجمعة هي تتعلق بالصلاة المفروضة التي فرضها الله عز وجل على عباده في اليوم والليلة خمس مرات، ثم أتى بعده بكتاب الجمعة، الذي هو فرض في الأسبوع يُصلى على هيئة خاصة، ولما فرغ مما يتعلق بالصلاة فيما يتعلق بتمامها، وفيما يتعلق بالجمعة، أورد هذا الكتاب الذي يتعلق بقصرها في السفر، وهو: أن الرباعية تُقصر إلى اثنتين، وتُصلى ركعتين بدل من أن تُصلى أربعاً كما كان في الحضر، فكان هذا الترتيب مناسباً من جهة أنه ذكر أولاً ألأبواب المتعلقة بالصلاة، وصفتها، وأحكامها، وصلاة الجماعة وما يتعلق بذلك، ثم ذكر الجمعة التي هي فرض مرة واحدة في الأسبوع، يأتي على هيئة معينة، ثم ذكر صلاة المسافر، وأنها تكون ركعتين بالنسبة للرباعية.
وقد أورد النسائي أولاً: حديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، عندما سأله يعلى بن أمية رضي الله تعالى عنه، وقال: (إن الله عز وجل يقول: (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا )[النساء:101]، وقد أمن الناس أي: فكيف الناس يقصرون مع أن القرآن إنما جاء بذكر الخوف، والناس قد أمنوا، فقال: إنني قد عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنها صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته)، أي: أن القصر في السفر جاءت به السنة، وأنها رخصة، وأنها صدقة تصدق الله بها على عباده، فاقبلوا رخصته، ومن المعلوم أن الأحكام الشرعية إنما تؤخذ من الكتاب، وتؤخذ من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وهذا الحديث دال على أن القصر في السفر مع الأمن، إنما هو مستفاد من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودالة عليه سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام في أحاديث كثيرة، منها هذا الحديث، وفي الحديث بيان أن أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام كانوا يرجعون إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام فيما لا يتضح لهم من الآيات القرآنية، وكذلك الصحابة يرجع بعضهم إلى بعض؛ لأن يعلى بن أمية سأل عمر، وكان عمر قد سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الآية التي ذكر فيها الخوف، والمسافر إنما يصلي ركعتين، وكون ذلك في حال الأمن، والآية إنما جاءت في حال الخوف، فبين رسول الله عليه الصلاة والسلام أن هذه صدقة تصدق الله تعالى بها على عباده، فاقبلوا صدقته، فالسنة دالة في أحاديث عديدة على قصر الصلاة، وأنها تكون ركعتين في السفر، ومنها هذا الحديث.
ثم أيضاً: الحديث يدل على اعتبار مفهوم المخالفة؛ لأن يعلى بن أمية سأل عمر؛ ولأن النص فيه ذكر الخوف، ومعناه: أنه غيره إنما يكون بخلافه، وكذلك عمر استشكل هذا الذي استشكله ابن أمية، وسأل رسول الله عليه الصلاة والسلام، فبين أن هذا الحكم -الذي هو القصر في السفر- إنما هو ثابت في سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إنها صدقة تصدق الله تعالى بها عليكم فاقبلوا صدقته).
تراجم رجال إسناد حديث: (... إنها صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته)
قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو ابن مخلد المشهور بـابن راهويه الحنظلي المروزي، ثقة، ثبت، مجتهد، محدث، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً، وكلمة (ابن راهويه)، هذه من الألفاظ التي هي مختومة بالواو، والياء، والهاء، المحدثون ينطقون بها بهذه الصيغة فيقولون: راهْويه، بسكون الواو وضم ما قبلها وفتح الياء التي بعدها وسكون الهاء، وأما أهل اللغة فإنهم يأتون بها مفتوحة الواو ساكنة الياء فيقولون: راهَويه.
[أخبرنا عبد الله بن إدريس].
ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا ابن جريج].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، مشهور بالنسبة إلى جده، وهو ثقة، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن أبي عمار].
هو عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عبد الله بن بابيه].
ويقال: ابن باباه، ويقال: ابن بابي بدون (ها)، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن يعلى بن أمية].
صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، ويقال له: يعلى بن منية، وهي: أمه، وهو: صحابي مشهور، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والخليفة الثاني من الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، وهو: عمر بن الخطاب، ذو المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، وقد ولي الخلافة ومكث فيها عشر سنوات وأشهر، اتسعت فيها البلاد الإسلامية، وكثرت الفتوحات، وفتحت الشام، وفتحت بلاد فارس والروم، وقضي على الدولتين العظميين اللتين كانتا في ذلك الزمان؛ في زمن خلافته، وأوتي بكنوزهما، وأُنفقت في سبيل الله على يدي الفاروق، كما أخبر بذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام في قوله: (لتنفقن كنوزهما في سبيل الله)، فأما الجيوش المظفرة التي أرسلها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقد قضت على تلك الدولتين، وأتت بكنوز كسرى وقيصر، وأُنفقت في سبيل الله كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
شرح حديث ابن عمر: (إنا نجد صلاة الحضر وصلاة الخوف في القرآن ولا نجد صلاة السفر في القرآن...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن ابن شهاب عن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أمية بن عبد الله بن خالد: أنه قال لـعبد الله بن عمر: إنا نجد صلاة الحضر وصلاة الخوف في القرآن، ولا نجد صلاة السفر في القرآن؟ فقال له ابن عمر: يا ابن أخي! إن الله عز وجل بعث إلينا محمداً صلى الله عليه وسلم ولا نعلم شيئاً، وإنما نفعل كما رأينا محمداً صلى الله عليه وسلم يفعل].أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر، وهو: بمعنى حديث أبيه عمر رضي الله عنه؛ لأن عمر رضي الله عنه روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (صدقة تصدق الله بها عليكم)، أي: أنه جاءت به السنة عن رسول الله، وهنا ابن عمر سئل: أننا نجد صلاة الحضر وصلاة الخوف في القرآن، ولا نجد صلاة السفر؟ فكان جواب عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه قال: بعث الله فينا محمداً صلى الله عليه وسلم ولم نكن نعلم شيئاً، يعني: ما كنا نعلم شيئاً من الحق والهدى حتى جاءنا رسول الله عليه الصلاة والسلام بالكتاب والسنة، وإنما نفعل كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل، أي: نقصر الصلاة في السفر كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقصر؛ إذاً: قصر الصلاة في السفر جاءت به سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام من قوله وفعله، فحديث عمر المتقدم فيه القول؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته)، وأما حديث ابن عمر؛ فإنه ذكر الفعل، وأنه قال: إنما كنا نقصر اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه كان يقصر الصلاة في السفر كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقصر.
وفي هذا بيان أن السنة أصل في القرآن، وأنه يجب الأخذ بما جاء فيها، كما يجب الأخذ بالقرآن، وأنه لا بد من العمل بهما جميعاً، يُعمل بالقرآن كما يعمل السنة، ويُعمل بالسنة كما يُعمل بالقرآن، وقول الذي سأل ابن عمر: إنا كنا نجد صلاة الحضر وصلاة الخوف، يقصد بصلاة الحضر ما جاء من الآيات التي فيها إطلاق الصلاة، هذا هو ما يتعلق بالنسبة لصلاة الحضر.
وأما الخوف ففي قوله: (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا )[النساء:101]؛ فإن هذا في صلاة القصر، وكان جواب عبد الله بن عمر: أن صلاة القصر في السفر جاءت بها سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام من فعله، وأننا نفعل كما رأينا النبي عليه الصلاة والسلام يفعل، وفي هذا بيان على ما كان عليه أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام ورضي الله عنهم وأرضاهم من الاتباع للرسول صلى الله عليه وسلم والاقتداء به، وأنهم يتابعونه في أقواله، وأفعاله، وتقريراته عليه الصلاة والسلام؛ لأن السنة قول من رسول الله عليه الصلاة والسلام، وفعل منه، وتقرير منه لغيره ممن فعل شيء بحضرته، وأقره على ذلك، ولم ينكر عليه، وهو عليه الصلاة والسلام لا يقر على باطل، ولا يسكت على باطل.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر: (إنا نجد صلاة الحضر وصلاة الخوف في القرآن ولا نجد صلاة السفر في القرآن...)
قوله: [أخبرنا قتيبة].هو ابن سعيد بن جميل طريف البغلاني، ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الليث].
هو ابن سعد المصري، المحدث، الفقيه، فقيه مصر ومحدثها، وهو إمام مشهور، وثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، ينتهي نسبه إلى زهرة بن كلاب، ويلتقي نسبه مع نسب الرسول صلى الله عليه وسلم بـكلاب الذي هو أبو قصي، وزهرة، أبو قصي بن كلاب، وهو: مشهور بهاتين النسبتين إلى جده زهرة فيقال له: الزهري، وإلى جده شهاب فيقال: ابن شهاب، وهو جد جده الذي هو ابن شهاب أحد أجداده، وهو ثقة، إمام، فقيه، مشهور، هو من صغار التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام].
أبوه هو أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، الذي هو أحد الفقهاء السبعة على أحد الأقوال في السابع، وعبد الله هذا صدوق، أخرج حديثه النسائي، وابن ماجه، ولم يخرج له البخاري، ومسلم، ولا أبو داود، والترمذي، وإنما خرج له النسائي، وابن ماجه.
[عن أمية بن عبد الله بن خالد].
ثقة، أخرج له النسائي، وابن ماجه، مثل تلميذه عبد الله بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وأمية بن عبد الله بن خالد، كل منهما خرج حديثه النسائي، وابن ماجه، إلا أن الأول صدوق، وأما الثاني: فهو ثقة.
أنه سأل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما هذا السؤال، وهو أنا نجد صلاة الحضر وصلاة الخوف في القرآن ولا نجد صلاة السفر؟ فقال: إن الله بعث نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم ولا نعلم شيئاً، ما كنا نعلم شيئاً من الحق والهدى الذي جاء به رسول الله عليه الصلاة والسلام قبل أن يأتينا، ثم جاءنا الله تعالى بالحق والهدى على يدي الرسول عليه الصلاة والسلام، وإنما نفعل كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل، أي: نقصر كما كان النبي عليه الصلاة والسلام يقصر، فنحن نقصر الصلاة في السفر اقتداءً بالنبي عليه الصلاة والسلام، حيث كان يفعل ذلك صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث: (أن رسول الله خرج من مكة إلى المدينة لا يخاف إلا الله رب العالمين ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة حدثنا هشيم عن منصور بن زاذان عن ابن سيرين عن ابن عباس رضي الله عنهما، (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: خرج من مكة إلى المدينة لا يخاف إلا رب العالمين يصلي ركعتين).أورد النسائي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: (أن النبي عليه الصلاة السلام خرج من مكة إلى المدينة لا يخاف إلا رب العالمين يصلي ركعتين) يعني: يصلي في السفر ركعتين من غير خوف، والذي جاء في القرآن فيه ذكر الخوف، وهنا فيه بيان أنه صلى الله عليه وسلم كان يقصر مع الأمن وبدون خوف.
وقوله: (لا يخاف إلا رب العالمين) أي: لا يخاف من أحد من الناس، ومن المعلوم أن الله تعالى يُخاف دائماً وأبداً، وأما المخلوقين فيُخافون في بعض الأحيان دون بعض، ولهذا شرعت الصلاة على وجه مخصوص، وهي: صلاة الخوف، وإذا ذهب الخوف تُصلى الصلاة كما كانت تُصلى بدون خوف، ولهذا قال: (لا يخاف إلا رب العالمين)، فهذا فيه بيان أن القصر إنما جاءت به السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأنه مع الأمن وفي السفر، وليس مقيداً بالخوف؛ لأن المسألة ليست مقصورة على الخوف؛ بل أيضاً مع الأمن، ومع ذلك كان يصلي ركعتين.

يتبع


ابوالوليد المسلم 03-03-2022 08:56 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله خرج من مكة إلى المدينة لا يخاف إلا الله رب العالمين ...)
قوله: [أخبرنا قتيبة].وقد مر ذكره.
[عن هشيم].
هو هشيم بن بشير الواسطي، وهو ثقة، ثبت، كثير التدليس، والإرسال الخفي.
والمقصود بالإرسال الخفي هو: أن يروي الشخص عمن عاصره، ولم يعرف أنه لقيه، يروي الشخص عمن عاصره ولم يُعرف أنه لقيه؛ فإن هذا يُقال له: إرسال خفي؛ لأنه يحتمل أنه لقيه؛ لأنه معاصر له، أما إذا كان الشخص لم يدرك عصره، فهذا إرسال جلي، وإرسال واضح، أي: كون الإنسان يروي عن إنسان مات قبل أن يولد، ويكون بينه وبينه مسافة طويلة، فهذا يُقال له: إرسال جلي؛ لأنه واضح أن فيه انقطاع، لكن إذا كان الشخص معاصر لمن روى عنه، ولم يعرف أنه لقيه، فهذا هو المرسل الخفي، ووصف بالخفاء لأنه ضد الجلي؛ ولأنه محتمل اللقيا، لكنها لم تثبت، فهو يعتبر من قبيل الإرسال الخفي، ولهذا فإن الفرق بين التدليس والإرسال الخفي: أن التدليس يختص بمن روى عمن عرف لقاءه إياه، يعني: شيخ من مشايخه عُرف لقاؤه إياه، يروي عنه ما لم يسمع منه بلفظ موهم السماع، كعن أو قال، مع أنه شيخ من شيوخه، معروف بالرواية عنه، وأما الإرسال الخفي: فهو أن يروي عمن عاصره، ولم يعرف أنه لقيه، فـهشيم بن بشير كثير التدليس، والإرسال الخفي.
وحديث هشيم بن بشير الواسطي أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن منصور بن زاذان].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن سيرين].
هو محمد بن سيرين البصري، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب].
هو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، الذين وصفوا بلقب العبادلة الأربعة، وهم: أربعة من صغار الصحابة في عصر واحد متقاربون في السن، وهم: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمر بن العاص، وعبد الله بن الزبير، وأيضاً هو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأبو سعيد الخدري، وأنس بن مالك، وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين.
شرح حديث: (كنا نسير مع رسول الله بين مكة والمدينة ...) من طريق أخرى
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا خالد حدثنا ابن عون عن محمد عن ابن عباس قال: (كنا نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة لا نخاف إلا الله عز وجل نصلي ركعتين)].أورد النسائي حديث ابن عباس من طريق أخرى، وهي: بمعنى الطريق السابقة، أنهم كانوا يسافرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة لا يخافون إلا الله، يصلون ركعتين، فيقصرون الرباعية، ويجعلونها اثنتين، مع أنه ليس هناك خوف؛ بل هم آمنون، فهذا مثل الذي قبله دال على أن قصر الصلاة في السفر جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله كما في حديث عمر المتقدم، ومن فعله كما جاء في حديث ابن عمر وحديث ابن عباس، الذي جاء من طريقين، هذه الطريق، والطريق الأولى التي قبلها.
تراجم رجال إسناد حديث: (كنا نسير مع رسول الله بين مكة والمدينة..) من طريق أخرى
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى].هو الصنعاني البصري، وهو ثقة، خرج حديثه مسلم، وأبو داود في كتاب القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا خالد].
هو ابن الحارث، وإذا جاء محمد بن عبد الأعلى يروي عن خالد، وهذا كثيراً ما يأتي ذكره في الأسانيد فيروي عن خالد غير منسوب، فالمراد به خالد بن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا ابن عون].
هو عبد الله بن عون، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد].
هو ابن سيرين، وقد مر ذكره.
[عن ابن عباس].
وقد مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.
شرح حديث: (رأيت عمر يصلي بذي الحليفة ركعتين ... فقال:إنما أفعل ما رأيت رسول الله يفعل)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا النضر بن شميل أخبرنا شعبة عن يزيد بن خمير سمعت حبيب بن عبيد يحدث عن جبير بن نفير عن ابن السمط قال: (رأيت عمر بن الخطاب يصلي بذي الحليفة ركعتين، فسألته عن ذلك؟ فقال: إنما أفعل كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل)].أورد النسائي حديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، أنه صلى ركعتين في ذي الحليفة، ولما سئل عن ذلك؟ قال: (إنما أفعل كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل)، وهو: دال على جواز قصر الصلاة في السفر مع الأمن، وأنه يصلي الرباعية ركعتين، وفيه أيضاً دليل على أنه إذا خرج من بلده وجاوز البيوت فإنه يصلي ما دام أنه سافر سفراً تُقصر فيه الصلاة، فيبدأ بأحكام السفر؛ لأن عمر رضي الله عنه وأرضاه خرج من المدينة، وقصر في ذي حليفة، والرسول صلى الله عليه وسلم كان قد قصر في ذي الحليفة لما خرج في حجة الوادع، فصلى الظهر أربعاً ثم خرج، وصلى بذي الحليفة العصر ركعتين.
فحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه دال على القصر في السفر، وأن المعول عليه في ذلك الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قال: (إنما أفعل كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل)، وفيه أيضاً كما ذكرت، الدلالة على أن أحكام السفر تبدأ من حين ما يجاوز المسافر البلد الذي سافر منه.
تراجم رجال إسناد حديث: (رأيت عمر يصلي بذي الحليفة ركعتين ... فقال:إنما أفعل ما رأيت رسول الله يفعل)
قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].وقد مر ذكره.
[أخبرنا النضر بن شميل].
ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا شعبة].
هو ابن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وقد أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن يزيد بن خمير].
صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
ويزيد بن خمير، حمصي، والذي بعده حمصي، ثلاثة حمصيون، وكلهم أخرج لهم البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنة الأربعة، والأول صدوق والآخران ثقات، يزيد بن خمير، وحبيب بن عبيد، وجبير بن نفير.
[عن ابن السمط].
هو شرحبيل بن السمط، وقيل: له وفادة، أي: ممن وفد على رسول الله عليه الصلاة والسلام فله صحبه، وحديثه أخرجه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[قال: رأيت عمر بن الخطاب].
يعني: ابن السمط وهو الذي سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد مر ذكره.
شرح حديث أنس: (خرجت مع رسول الله من مكة إلى المدينة فلم يزل يقصر ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة حدثنا أبو عوانة عن يحيى بن أبي إسحاق عن أنس قال: (خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة، فلم يزل يقصر حتى رجع فأقام بها عشراً)].أورد النسائي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: (خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة، فلم يزل يقصر حتى رجع)، أي: إلى المدينة، (وقام بها عشراً)، أي: بمكة. والمقصود بهذا: أنه كان ذلك في حجة الوداع، وأنه أقام بمكة وما حولها، وليست الإقامة كلها بمكة، بل بعضها بعرفة، وبعضها بمنى، وجملة ذلك عشرة أيام، وكان يقصر الصلاة، لكن البلد الذي أقام به وهو مكة أربعة أيام من اليوم الرابع إلى اليوم الثامن، وكان يقصر الصلاة، ثم بعد ذلك انتقل إلى منى، وجلس فيها اليوم الثامن، ثم ذهب إلى عرفة اليوم التاسع، ثم رجع إلى منى، وجلس فيها يوم العيد، والثلاثة الأيام التي بعده، وكانت مدة إقامته صلى الله عليه وسلم بمكة وما حولها عشرة أيام، وكان يقصر الصلاة منذ خرج من المدينة إلى أن رجع إليها، وهو دال على ما ترجم له النسائي من حيث أن المسافر يقصر الصلاة؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان في حجة الوداع منذ خرج من المدينة إلى أن رجع إليها وهو يقصر الصلاة، لكنه ما أقام في مكان واحد أكثر من أربعة أيام؛ بل إقامته بمكة أربعة أيام، ثم بمنى يوم، ثم بعرفة يوم، ثم رجع إلى منى وأقام بها يوم العيد، والثلاثة الأيام التي بعده، وخرج في آخر اليوم في الثالث عشر، حيث تأخر ولم يتعجل عليه الصلاة والسلام، ونزل بالمحصب الذي هو: الأبطح، فالحديث دال على قصر الصلاة في السفر، وأنه ثابت بسنة رسول الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
تراجم رجال إسناد حديث أنس: (خرجت مع رسول الله من مكة إلى المدينة فلم يزل يقصر ...)
قوله: [أخبرنا قتيبة].وقد مر ذكره.
[حدثنا أبو عوانة].
هو الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي، مشهور بكنيته أبي عوانة، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته، وممن أشتهر أيضاً بكنية أبي عوانة، صاحب المستخرج على صحيح مسلم: أبو عوانة الإسفراييني، وله كتاب يقال له: المستخرج، ويُقال له: الصحيح، ويُقال له: المسند، وكل هذه صفات له، فهو صحيح؛ لأنه مبني على كتاب صحيح، وهو مستخرج؛ لأنه مستخرج على كتاب معين، وهو مسند؛ لأنه بالأسانيد يرويه بأسانيده منه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[عن يحيى بن أبي إسحاق].
هو البصري الحضرمي مولاهم، وهو صدوق ربما أخطأ، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه].
صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا الإسناد إسناد رباعي من أعلى الأسانيد عند النسائي، قتيبة، وأبو عوانة، ويحيى بن أبي إسحاق، وأنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، فهؤلاء أربعة بين النسائي وبين رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ ولأن أعلى ما عنده الرباعيات، ليس عنده ثلاثيات في شيء، وأصحاب الكتب الستة ثلاثة منهم عندهم ثلاثيات، وثلاثة منهم ليس عندهم ثلاثيات، فأما الذين عندهم ثلاثيات فهم: البخاري، والترمذي، وابن ماجه، البخاري عنده اثنان وعشرون حديثاً ثلاثياً، والترمذي عنده حديث واحد ثلاثي، وابن ماجه عنده خمسة أحاديث ثلاثية، وهي بإسناد واحد، وإسناده ضعيف، وهي خمسة بإسناد واحد وذلك الإسناد ضعيف، وأما الثلاثة الذين ليس عندهم ثلاثيات، بل أعلى ما عندهم الرباعيات، فهم: مسلم، وأبو داود، والنسائي.
شرح حديث ابن مسعود: (صليت مع رسول الله في السفر ركعتين ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق قال أبي: أنبأنا أبو حمزة وهو: السكري عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله رضي الله تعالى عنه، قال: (صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر ركعتين، ومع أبي بكر ركعتين، ومع عمر ركعتين رضي الله عنهما)].أورد النسائي في هذه الترجمة حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، وفيه (أنه صلى مع الرسول صلى الله عليه وسلم في السفر ركعتين، ومع أبي بكر ركعتين)، ومع عمر ركعتين، ففيه إثبات صلاة القصر، وأنها ثابتة بسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام والخليفتين الراشدين من بعده. فهو دال على ما ترجم له المصنف من تقصير صلاته في السفر.
تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود: (صليت مع رسول الله في السفر ركعتين ...)
قوله: [أخبرنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق].ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[قال أبي].
هو علي بن الحسن بن شقيق، وهو: المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أنبأنا أبو حمزة وهو السكري].
هو محمد بن ميمون المروزي، ويقال له: السكري، وإنما قيل له: السكري؛ إشارة إلى حلاوة منطقه، وإلى حسن تعبيره، فهذه سبب النسبة، وهي نسبة إلى غير ما يسبق إلى الذهن؛ لأن الذي يسبق إلى الذهن نسبة إلى السكر، لكن هنا نسبة إلى حلاوة المنطق، وأنه يشبه السكر في حلاوة منطقه، وهو مشهور بكنيته أبي حمزة، وهو ثقة، فاضل، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وكلمة (هو السكري)، هذه أتى بها من دون تلميذه، وهو: محمد بن علي بن الحسن بن شقيق أو النسائي أو من دون النسائي، هؤلاء هم الذين يحتمل أن يكونوا قالوا: هو السكري) وأما تلميذه علي بن الحسن بن شقيق فلا يحتاج إلى أن يقول: السكري، وإنما يقول: فلان بن فلان، وينسبه كما يريد.
[عن منصور].
هو ابن المعتمر الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو من أقران الأعمش.
[عن إبراهيم].
هو ابن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن علقمة].
هو ابن قيس النخعي الكوفي، وهو ثقة، ثبت، فقيه، عابد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله].
هو عبد الله بن مسعود الهدلي صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو من المهاجرين، وهو من علماء الصحابة، وقد قال بعض العلماء: أنه أحد العبادلة الأربعة، ولكن الصحيح أن العبادلة الأربعة كلهم من صغار الصحابة.
ولأن ابن مسعود توفي سنة اثنتين وثلاثين في أواخر خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديث عبد الله بن مسعود أخرجه أصحاب الكتب الستة فليس داخلاً معهم.
الأسئلة


بداية القصر في صلاة المسافر إن اتصل العمران
السؤال: شيخنا حفظكم الله! ذكرتم بأن الإنسان يبدأ القصر إذا جاوز العمران، الآن في بعض البلاد قد تصل العمران فيها عشرات الكيلو مترات أو زيادة؟الجواب: إذا اتسع البلد وامتد فإنه يكون من ضمن البلد، الأماكن التي حول البلد إذا وصلها العمران وامتد إليها بحيث أن العمران انتشر وامتد فإنه يعتبر من البلد، فلا تقصر الصلاة فيها، حتى يكون الإنسان قد خرج من البنيان، ومن الامتداد الذي قد حصل؛ لأن الامتداد إذا حصل والتوسع في البنيان؛ فإنه لا تقصر الصلاة فيه.
وحديث مكان ذي الحليفة، يعني: إذا كان البنيان امتد إليه ووصل -أنا ما أتذكر الآن هل وصل إليه من غير انقطاع ومن غير تقطع- إذا كان وصل إليه يصلي من المدينة وليس خارج المدينة؛ لأن كل البنيان إذا امتد وانتشر؛ فإنه يكون في المدينة، ولو كان خارج الحرم؛ لأن الحرم شيء، والمدينة شيء، قد يطلق على المكان أنه مدينة وليس حرم؛ لأن الحرم محصور بحدود معينة، فإذا امتد البنيان وخرج عن الحرم يُقال: من المدينة، ولا يقال: من الحرم، أي: إذا خرج عن الحرم.
حكم القصر في السفر بين العزيمة والرخصة
السؤال: هل القصر في السفر عزيمة أم رخصة؟ وما هو الدليل؟الجواب: هذا فيه خلاف بين العلماء، فبعض العلماء قالوا: أنه عزيمة، ويستدل على ذلك بحديث أم المؤمنين عائشة: (أول ما فرضت الصلاة ركعتين أقرت صلاة السفر وزيدت في صلاة الحضر)، وكذلك ما جاء في حديث عمر رضي الله عنه: (إتمام غير قصر على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، ومنهم من قال: بأنه رخصة؛ بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صدقة تصدق الله تعالى بها عليكم فاقبلوا صدقته).
الأفضلية بين صلاة المسافر قصراً أو مع الجماعة إتماماً
السؤال: أيهما أفضل: القصر في السفر، أم صلاة الجماعة للمسافر؟الجواب: الإنسان في السفر يصلي صلاة جماعة، ولا يترك الإنسان في السفر صلاة الجماعة؛ لأن الله تعالى أوجب الجماعة حتى مع الخوف، وهذا دليل على أن الجماعة واجبة، وأن الله تعالى شرعها حتى في الخوف، فكذلك في السفر، والناس إذا كانوا جماعة يصلون جماعة، وإذا كان الإنسان في بلد وسمع حي على الصلاة حي على الفلاح؛ فإنه يخرج ويصلي مع الجماعة، لكنه إن صلى وحده، أو جاء بعدما فاتته الصلاة؛ فإنه يصليها ركعتين، ولكنه إذا صلى وراء إمام مقيم فإنه يتم، كما جاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه أنه قيل له: ما بال المسافر إذا صلى وحده صلى ركعتين، وإذا صلى وراء إمام يتم قال ابن عباس رضي الله عنه: (تلك السنة)، أي: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
مدى صحة القول بأن صوت المرأة عورة
السؤال: فضيلة الشيخ! هل صوت المرأة عورة؟الجواب: صوت المرأة ليس بعورة إلا إذا كان فيه افتتان، كالتلذذ به وسماعه من أجل التلذذ، فالتلذذ لا يجوز، أما إذا كان للحاجة فيما يتعلق ببيع، وشراء، أو غير ذلك، أو استفتاء، أو ما إلى ذلك من الأمور، فإنه لا مانع من الكلام مع النساء مع أمن الفتنة، لكن إذا كان هناك صوت يتلذذ به الإنسان فإنه لا يجوز، كما قال الله عز وجل: (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ )[الأحزاب:32]؛ لأنه إذا كان الصوت فيه شيء يؤدي إلى التلذذ فيه، وسماعه من أجل التلذذ لا يجوز ولا يسوغ.
حد الرجال الذين تقوم بهم الجمعة
السؤال: فضيلة الشيخ! كم عدد الأشخاص الذين تقام بهم جمعة؟
الجواب: ليس هناك حد معين.



الساعة الآن : 05:03 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 274.13 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 273.63 كيلو بايت... تم توفير 0.50 كيلو بايت...بمعدل (0.18%)]