ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الإنشاء (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=76)
-   -   سيرة الإئمة الكرام ( المشاركة للجميع ) (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=273)

أمة_الله 24-03-2007 02:32 AM

الجـــزء الثاني : ورعه وتقواه...صفاته
 
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

ورعه وتقواه
من عظيم ما عُرِفَ به الإمام أحمد هو تعففه وله في ذلك قصص رائعة، فقد كان يسترزق بأدنى عمل وكان يرفض أن يأخذ من صديق ولا شيخ ولا حاكم قرضاً أو هبة أو إرثاً لأحد يؤثره به. وقد يقبل هدية ولكنه يعجل في إعطاء من أهداه هدية مثلها أو خيراً منها، رافعاً بذلك شأن العلم و العلماء. ولقد أجمعت الأمَّة على صلاحه وكان مضرب مَثَلٍ في الصلاح والتقوى حتى أنَّ بعض العلماء قال: لو أنَّ أحداً قال إنَّ الإمام أحمد هو من أهل الجنة لم يحنث ولم يتألى على الله تعالى، ودليلهم على ذلك إجماع أهل العراق والشام وغيرهم على هذا الأمر و الإجماع حجة.
تنبيه: إجماع الأمة على هذا الأمر إنما كان بعد مماته.

صفــاته
اتصف الإمام أحمد -رحمه الله- بصفات كانت السبب في شهرته،بعضها هبات من الله تعالى يهبها لمن شاء من خلق،وبعضها اكتسبها بالتربية،والتوجيه،والنشأة...من صفاته :
- الحافظة القوية الواعية التي هي أساس كل عالم،فد شُهد له بقوة حفظه حتى عُد أحفظهم.
- صفة الصبر والجلد وقوة الاحتمال وهي أبرز صفات الإمام والتي أذاعت ذكره،وكانت المزاج الذي اختص به إمامنا والقوة التي تمده بالعون.
- النزاهة بأدق معانيها وتعدد أشكالها وصورها فقد كان رحمه الله: نزيه النفس : لم يأخذ قليلا ولا كثيرا من مال غيره. نزيه الإيمان: فلم يجعل عليه سلطانا.نزيه في عقله: فقد كان يحرص على ألا يخرج عن السنة وكان متبعا للرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة في كل فقهه.
- الإخلاص فقد آتاه الله حظا كبيرا من الإخلاص في طلب علم الكتاب السنة،فما طلبه لجاه ولا شهرة وكان يتجنب الرياء -لدرجة أنه كان يخفي محبرته حتى لا يذكره الناس بحرصه على الكتابة- كان بعيدا عن الزهو والافتخار.
- الهيبة :امتاز بالهيبة،فقد كان موضع إجلال من أساتذته،ومن الشرطة،وأما هيبة تلاميذه فقد كانت أعظم يقول أحد تلاميذه (...فما رأيت أهيب من أحمد بن حنبل،صرت إليه أكلمه في شيء فوت علي رعدة حين رأيته...).
يتبع بعد قليل بإذن الله........:rolleyes:

أمة_الله 24-03-2007 02:43 AM

منهجه العلمي...رفضه للفتوى في أول حياته
 
منهجه العلمي ومميزات فقهه:

إشتُهِرَ الإمام أنه محدِّث أكثر من أن يشتهر أنه فقيه مع أنه كان إماماً في كليهما. ومن شدة ورعه ما كان يأخذ من القياس إلا الواضح وعند الضرورة فقط وذلك لأنه كان محدِّث عصره وقد جُمِعَ له من الأحاديث ما لم يجتمع لغيره، فقد كتب مسنده من أصل سبعمائة وخمسين حديث، و كان لا يكتب إلا القرآن والحديث .
* تميز فقهه أنه في العبادات لا يخرج عن الأثر قيد شعرة، فليس من المعقول عنده أن يعبد أحد ربه بالقياس أو بالرأي و كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " صلوا كما رأيتموني أصلي "، ويقول في الحج: " خذوا عني مناسككم ". كان الإمام أحمد شديد الورع فيما يتعلق بالعبادات التي يعتبرها حق لله على عباده وهذا الحق لا يجوز مطلقاً أن يتساهل أو يتهاون فيه.
* أما في المعاملات فيتميز فقهه بالسهولة والمرونة و الصلاح لكل بيئة وعصر، فقد تمسَّك أحمد بنصوص الشرع التي غلب عليها التيسير لا التعسير.
و لما علم الله تعالى صدق نيته وقصده قيَّض له تلامذة من بعده يكتبون فتاويه وقد كتبوا عنه أكثر من ستين ألف مسألة.

رفضه للفتوى في أول حياته:

مع انتشار علمه في الآفاق، لم يفتِ وقد أصرَّ الناس عليه بالفتوى فلم يفتِ إلا بعد أن بلغ الأربعين من عمره وذلك لأسباب:
1- تقليد النبي صلى الله عليه وسلم وهو في هذا كعبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
2- كان يعتبر الفقه أو مجلس الفتيا مجلس الوراثة النبوية.
3- كيف يفتي والشافعي شيخه وإمامه وهو لا يزال على قيد الحياة‍‍‍‍.
::: يتبع بإذن الله :::

أمة_الله 28-03-2007 02:22 AM

الجزء الثالث:طبيعة عصره ...موقفه من مسألة خلق القرآن...محنته
 
السـلام عليكـم ورحمـة الله تعالـى وبركـاته
* العصر الذي عاش فيه الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله-
عاش الإمام أحمد ف عصر المأمون ثم المعتصم ثم الواثق ثم المتوكل.في هذه العصور،كانت صولة المعتزلة وجولتهم في أعلى ذروتها لاسيما في عصر المأمون.فقد كان المأمون تلميذا لأحد رؤساء المعتزلة فافتُتن بالفلسفة اليونانية.واستغل أحمد بن أبي ذؤاد المعتزلي هذه الصلة فتودد إليه ليعينه وزيرا خاصا له ومستشاره.وكان الإمام أحمد بعيدا كل البعد عن الفلسفة وعن الاعتزال.وفي هذه الفترة قال المعتزلة بخلق القرآن أي أن القرآن حادث مخلوق وليس كلام الله الأزلي القديم،وتبنى المأمون هذا القول وأرسل كتابا إلى نائبه ببغداد يوضح فيه القول مدعوما بالحجج العلمية،وأمره أن يجمع كل العلماء ليقنعهم بأن القرآن مخلوق كما أمره بأن يقطع رزق وجراية كل من لم يقتنع،لكن رغم ذلك رفض العلماء هذا القول.فأمره المأمون مرة ثانية بإرسال كل من لم يقتنع إليه مقيدا بالأغلال وتحت تهديد القتل.
* موقف الإمام أحمد من مسألة خلق القرآن :
كان إمامنا الكريم من بين الثلة التي رفضت أن تقتنع ولم تتراجع،فقيدوا جميعا بالأغلال وذُهب بهم إلى المأمون.وفي الطريق تراجع البعض خوفا ومات البعض الآخر ولم يبق إلا الإمام أحمد الذي هدده خادم المأمون بالقتل إن لم يجب،لكنه رفض التراجع عن الحق.
وبينما هو في الطريق لا يفصله إلا ساعات من السير للوصول إلى المأمون،جثى الإمام أحمد على ركبتيه ورمق طرفه إلى السماء داعيا: سيدي غرَّ حِلْمُكَ هذا الفاجر حتى تجرأ على أوليائك بالضرب والقتل،اللهم فإن يكن القرآن كلامك غير مخلوق فألقنا مؤنته.توفي المأمون قبل أن يصل إليه الإمام أحمد فأعيد وأودع بالسجن ريثما تستقر الأمور.
* محنته العظيمة :
وفي عصر المعتصم استدعِيَ الإمام أحمد وهو مثقل بالحديد وكان عند المعتصم ثلة من المعتزلة من بينهم بن أبي ذؤاد المعتزلي الذي كان يضمر كيدا شديدا لإمامنا أحمد،عرض المعتصم أن يناقشوا الإمام حول مسألة خلق القرآن وكاد أن يقتنع بقول أحمد ولكن المعتزلة و ابن أبي ذؤاد قالوا إن أحمد لضال مبتدع. عرض المعتصم على الإمام أحمد أن يرجع عما يقول مغرياً إياه بالمال والعطايا ولكن الإمام أحمد قال له: أرني شيئاً من كتاب الله أعتمد عليه.فسيق أحمد إلى الضرب والتعذيب. وكان يُضرَب ضرباً مبرحاً حتى يغشى عليه ثم يأتون به في اليوم المقبل. وبرغم ذلك أقبل أحمد على الناس في السجن يعلِّمهم ويهديهم.
ثم قام ابن أبي ذؤاد بنقله إلى سجن خاص،وضاعفوا له القيود والأغلال وأقاموا عليه سجانين غلاظ،وكم سالت دماؤه وكم اهين وهو رغم ذلك يرفض أن يذعن لغير قول الحق.
بعد مرور عامين ونصف على هذه المعاناة وهذه المحنة،أوشكت الثورة أن تشتعل في بغداد على الخليفة المعتصم،حيث وقف الفقهاء مطالبين بإطلاق سراح الإمام وإعادته لبيته ومعالجة جراحه.
وفي عهد الخليفة المتوكل حاول أن يكرم الإمام أحمد ويصله ولكنه رفض شاكرا،وندم المعتصم على ما وقع منه وكان يرسل كل يوم من يطمئن على حاله.
يتبع بإذن الله ....الجزء الرابع والأخير

أمة_الله 03-04-2007 12:40 AM

الجزء الرابع :حجه..شيوخه..تلامذته..أقواله..كتبه ..مسنده.. وفاته
 
السـلام عليكم ورحـمة الله تعالى وبركـاته
أولا آسفـة على التأخير لتتمة الموضوع:o
ثانيا إليكم الجزء الرابع والأخير من
-- سيرة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله --
حجه بيت الله الحرام:
حج الإمام أحمد خمس مرات إلى بيت الله،حج منها ثلاث مرات ماشيا وراجلا وذلك لأنه كان قليل المال،ولكن ما منعه ذلك من الحج.
شيــوخــه :
لقد أحصى ابن الجوزي في مناقب الإمام أحمد شيوخا عدة،فتجاوزت حسبتهم المائة،سواء من تلقى منهم الفقه،أو أخذ عنهم الحديث.أهم شخصيتين أثرتا في الإمام أحمد بن حنبل وهما:
* هشيم ابن بشير بن ابي خازم:الشيخ الذي استقبله ووجهه ونمَّى نزوعه،وحثه على طلب العلم في مختلف الأقطار والفيافي.
* الشافعي : اتصل به إمامنا عقب وفاة شيخه هشيم،وقد أثار إعجابه عقله الفقهي وقوة استنباطه،وقد وجهه الشافعي إلى أصول الاستنباط.
وهناك أيضا:إسماعيل بن إبراهيم ابن علية ، والأسود بن عامر شاذان ، والحسن بن موسى الأشيب ، وسفيان بن عيينة ، وسليمان بن داود الطيالسي ، وعبد الله بن أدريس وغيرهم من كبار علماء الأمة.
* تلامذته :
البخاري محمد بن إسماعيل ، ومسلم بن الحجاج _ صاحبا الصحيحين _ وأبو داود _ صاحب ((السنن)) ، وأبو بكر أحمد بن محمد المروذي ، وأبو بكر أحمد بن محمد بن هانىء الأثرم , وإسحاق بن منصور الكوسج ، والحسين بن حريث المروزي ، وابن عمه حنبل بن إسحاق ، وابناه عبد الله ، وصالح ، وعباس العنبري ، وعباس الدوري ، وأبو زرعة الدمشقي ، وأبو الحسن عبد الملك بن عبد الحميد الميموني ، وأبو زرعة الرازي ، وغيرهم.
من أقوالـه:
- إذا أردتَ أن يدوم لك الله كما تحب فكن كما يحب عملت هذا الكتاب -المسند- إماما،أذا اختلفت الناس فس سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم رجع إليه.
- كان يقول بخصوص نفوره من الثناء :"أريدأن أكون في بعض الشعاب بمكة،حتى لا أعرف،قد بليت بالشهرة،إني لأتمنى الموت،صباح مساء"
- سأله أحد أصحابه ذات يوم: إلى متى تستمر في طلب العلم، وقد أصبحت إمامًا للمسلمين وعالمًا كبيرًا؟! فقال له: (مع المحبرة إلى المقبرة)
أهم كتبه :
وقد ترك الإمام أحمد كتبًا كثيرة منها: (المسند) وهو أكبر كتبه وأهمها بل هو أكبر دواوين السنة النبوية، إذ يحتوي على أربعين ألف حديث، وكتاب (الزهد) و(الناسخ والمنسوخ).
مسند الإمـام أحمد بن حنبل:
مجموعة من الأحاديث التي رواها الإمام أحمد بن حنبل،وسعى جادا في جمعها،وهو خلاصة ما تلقاه من الأحاديث ودونها بإسنادها،ويبتدئ جمعه من وقت أن ابتدأ تلقى الحديث أي في سن السادسة عشرة من عمره،وقرر علماء السنة أنه ابتدأ في سنة 180 هـ.سجل الأحاديث بأسانيدها في أوراق منثورة ظل على هذا الحال إلى أن قارب الوفاة.ولما شعر بدنو أجله بدأ يجمعها ويحذف منها...وأملى الأحاديث كلها على أولاده وأهل بيته وأنبأهم بالعمل الذي قام به وأوصى ابنه عبد الله بجمع هذه الأحاديث وتنسيقها،فجمعها عبد الله بطريقة السند،الطريقة التي كان الإمام أحمد ينتقي فيها الأحاديث.
وفـاته رحمه الله :
ومرض الإمام أحمد -رضي الله عنه- واشتد عليه المرض يوم خميس، فتوضأ، فلما كانت ليلة الجمعة الثاني عشر من شهر ربيع الأول سنة 241هـ، وفي بغداد صعدت روحه إلى بارئها، فحزن عليه المسلمون حزنًا شديدًا.

][انـتـهـى بـفضــل الله وعـــونـــه ][

نور 03-04-2007 08:51 AM

تحياتي و إحترامي - أمة الله
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
مشرفتنا الرقيقة
:_11: أمة الله :_11:
ما شاءالله جهد مبارك تشكرين عليه
تلخيص سيرة الإمام الكريم أحمد أبن حنبل
طريقة مميزة في التلخيص
و التعريف شامل ما شاءالله
كنت أنتظر أن تنتهي من التلخيص حتى أشكرك
و لم أشأ أن أكتب أي مداخلة خلال الحلقات المتواصلة
بارك الله فيك و جزاك خيراً على جل ما تقدمين في المنتدى
و وفقك الله تعالى و أكرمك بالخير و السعادة في الدارين
تحياتي و إحترامي
في أمان الله و السلام ختام و خير الكلام و الصلاة و السلام على رسول الله

عبد اللطيف 04-04-2007 10:31 PM


حياة الإمام الشافعي
هو محمد بن ادريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن هشام بن عبد المطلب بن عبد مناف بن قصي ، ولد بمدينة غزة بفلسطين سنة 150 هـ ، حيث خرج إليها والده إدريس من مكة في حاجة له ، فمات بها و أمه حامل به فولدته فيها ثم عادت به بعد سنتين إلى مكة ، و قد حفظ الشافعي القرآن في سن السابعة و حفظ موطأ مالك في سن العشرين فقد كان شديد الذكاء شديد الحفظ حتى إنه كان يضع يده على المقابلة للتي يحفظها لئلا يختلطا حيث أنه كان يحفظ من أول نظرة للصفحة .. و قد إختلط الشافعي بقبائل هذيل الذين كانوا من أفصح العرب فاستفاد منهم و حفظ أشعارهم و ضرب به المثل في الفصاحة .

عبد اللطيف 04-04-2007 10:33 PM

. و قد تلقى الشافعي فقه مالك على يد الإمام مالك و تفقه في مكة على يد شيخ الحرم و مفتيه (مسلم بن خالد الزنجي) و (سفيان بن عيينه الهلالي) و غيرهما من العلماء ثم رحل إلى اليمن ليتولى منصبا جاءه به (مصعب بن عبد الله القرشي) قاضى اليمن ثم رحل إلى العراق سنة 184 هـ و أطلع على ما عند علماء العراق و أفادهم بما عليه علماء الحجاز و عرف (محمد بن الحسن الشيبانى) صاحب أبى حنيفة و تلقى منه فقه أبى حنيفة ، و ناظره في مسائل كثيرة و رفعت هذه المناظرات إلى الخليفة هارون الرشيد فسر منه ، ثم رحل الشافعي بعدها إلى مصر و إلتقى بعلمائها و أعطاهم و أخذ منهم ثم عاد مرة أخرى إلى بغداد سنة 195 هـ في خلافة الأمين

عبد اللطيف 04-04-2007 10:33 PM

و أصبح الشافعي في هذه الفترة إماما له مذهبه المستقل و منهجه الخاص به و إستمر بالعراق لمدة سنتين عاد بعدها إلى الحجاز بعد أن ألف كتابه (الحجة) ثم عاد مرة ثالثة إلى العراق سنة 198 هـ و أقام بها أشهرا ثم رحل إلى مصر سنة 199 هـ و نزل ضيف عزيزا على (عبد الله بن الحكم) بمدينة الفسطاط و بعد أن خالط المصريين و عرف ما عندهم من تقاليد و أعراف و عادات تخالف ما عند أهل العراق و الحجاز أعاد النظر في مذهبه القديم المدون بكتابه (الحجة) و جاء منه ببعض المسائل في مذهبه الجديد في كتاب (الأم) الذي أملاه على تلاميذه في مصر و يمكن إعتبار فقه الشافعي وسط بين أهل الحديث و أهل الرأي .. و قد رتب الشافعي أصول مذهبه كالآتي كتاب الله أولا و سنة الرسول صلى الله عليه و سلم ثانيا ثم الإجماع و القياس و العرف و الاستصحاب و قد دون الشافعي مذهبه بنفسه.
و يعد الشافعي أول من ألف في علم أصول الفقه و يتضح ذلك في كتابه المسمى (الرسالة) و قد كتبها في مكة و أرسلها إلى (عبد الرحمن بن مهدي) حاكم العراق حينذاك - مع الحارث بن شريح الخوارزمي البغدادي الذي سمى بالنقال بسبب نقله هذه الرسالة و لما رحل الشافعي إلى مصر أملاها مرة أخرى على (الربيع بن سليمان المردى) و قد سمى ما أملاه على الربيع (بالرسالة الجديدة) و ما أرسله إلى (عبد الرحمن المهدي) (بالرسالة القديمة) ، وقد ذهبت الرسالة القديمة و ما بين أيدينا هو الرسالة الجديدة التي أملاها على الربيع .. و من أقوال الشافعي (من حفظ القرآن نبل قدره و من تفقه عظمت قيمته و من حفظ الحديث قويت حجته و من حفظ العربية و الشعر رق طبعه و من لم يصن نفسه لم ينفعه العلم) و من أشعاره: "نعيب زماننا و العيب فينا - و ما لزماننا عيب سوانا \ و نهجو ذا الزمان بغير ذنب - و لو نطق الزمان لنا هجانا \ و ليس الذئب يأكل لحم ذئب - و يأكل بعضنا بعضا عيانا" و قد انتشر مذهب الشافعي في الحجاز و العراق و مصر و الشام و فلسطين و عدن و حضر موت و هو المذهب الغالب في أندونيسيا و سريلانكا و لدى مسلمي الفلبين و جاوه و الهند الصينية و أستراليا.
و قد استمر الشافعي في مصر يفتي و يعلم حتى توفي - رحمه الله - سنة 204 هـ.

عبد اللطيف 08-04-2007 02:25 PM

دون الشافعي الاصول التي اعتمد عليها في فقهه ، والقواعد التي التزمها في اجتهاده في رسالته الأصولية "الرسالة " وطبق هذه الأصول في فقهه ، وكانت أصولا عملية لا نظرية ، ويظهر هذا واضحا في كتابه " الام " الذي يذكر فيه الشافعي الحكم مع دليله ، ثم يبين وجه الاستدلال بالدليل وقواعد الاجتهاد وأصول الاستنباط التي اتبعت في استنباطه ، فهو يرجع أولا إلى القران وما ظهر له منه ، إلا إذا قام دليل على وجوب صرفه عن ظاهره ،ثم إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى الخبر الواحد الذي ينفرد راو واحد بروايته ، وهو ثقة في دينه ، معروف بالصدق ، مشهور بالضبط . وهو يعد السنة مع القرآن في منزلة واحدة ، فلا يمكن النظر في القرآن دون النظر في السنة التي تشرحه وتبينه ، فالقرآن يأتي بالأحكام العامة والقواعد الكلية ، والسنة هي التي تفسر ذلك ،فهي التي تخصص عموم القرآن أو تقيد مطلقه ، أو تبين مجمله .
ولم يشترط الشافعي في الاحتجاج بالسنة غير اتصال سند الحديث وصحته ، فإذا كان كذلك صح عنده وكان حجة عنده ، ولم يشترط في قبول الحديث عدم مخالفته لعمل أهل المدينة مثلما اشترط الإمام مالك ، أو أن يكون الحديث مشهورا ولم يعمل راويه بخلافه . ووقف الشافعي حياته على الدفاع عن السنة ، وإقامة الدليل على صحة الاحتجاج بالخبر الواحد ، وكان هذا الدفاع سببا في علو قدر الشافعي عند أهل الحديث حتى سموه ( ناصر السنة ) . ولعل الذي جعل الشافعي يأخذ بالحديث أكثر من أبي حنيفة حتى انه يقبل خبر الواحد متى توافرت فيه الشروط ، إنه كان حافظا للحديث بصيرا بعلله ، لايقبل منه إلا ما ثبت عنده ، وربما صح عنده من الأحاديث ما لم يصح عند أبي حنيفة وأصحابه . وبعد الرجوع إلى القرآن والسنة يأتي الإجماع إن لم يعلم له مخالف ، ثم القياس شريطة أن يكون له أصل من الكتاب والسنة ، ولم يتوسع فيه مثلما توسع الإمام أبو حنيفة .

عبد اللطيف 08-04-2007 02:36 PM

ولنتطرق الآن إلى بعض من أقوال الشافعي التي تبين عقيدته :
في جزء الاعتقاد المنسوب للشافعي من رواية أبي طالب العشاري ما نصه قال وقد سئل عن صفات الله عز وجل وما ينبغي أن يؤمن به فقال : " لله تبارك وتعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه وخبر بها نبيه صلى الله عليه وسلم أمته لا يسع أحد من خلق الله عز وجل قامت لديه الحجة إن القرآن نزل به وصحيح عنده قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عنه العدل خلافه فإن خالف ذلك بعد ثبوت الحجة عليه فهو كافر بالله عز وجل فأما قبل ثبوت الحجة عليه من جهة الخبر فمعذور بالجهل لان علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا بالدراية والفكر ، ونحو ذلك إخبار الله عز وجل أنه سميع وأن له يدين بقوله عز وجل : [ بل يداه مبسوطتان ] وأن له يمينا بقوله عز وجل : [ والسموات مطويات بيمينه ] وأن له وجها بقوله عز وجل : [ كل شيء هالك إلا وجهه ] وقوله : [ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ] وأن له قدما بقوله صلى الله عليه وسلم : (حتى يضع الرب عز وجل فيها قدمه ) يعني جهنم . وقوله صلى الله عليه وسلم للذي قتل في سبيل الله عز وجل : ( أنه لقي الله عز وجل وهو يضحك إليه ) وأنه يهبط كل ليلة إلى السماء الدنيا بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، وأنه ليس بأعور لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذ ذكر الدجال فقال انه أعور وان ربكم ليس بأعور وأن المؤمنين يرون ربهم عز وجل يوم القيامة بأبصارهم كما يرون القمر ليلة البدر ) وأن له أصبعا بقوله صلى الله عليه وسلم : ( ما من قلب إلا هو بين أصبعين من أصابع الرحمن عز وجل ) ، وأن هذه المعاني التي وصف الله بها نفسه ووصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم لا يدرك حقه ذلك بالذكر والدراية ويكفر بجهلها أحد إلا بعد انتهاء الخبر إليه وإن كان الوارد بذلك خبرا يقوم في الفهم مقام المشاهدة في ا لسماع "وجبت الدينونة " على سامعه بحقيقته والشهادة عليه كمن عاين وسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن نثبت هذه الصفات وننفي التشبيه كما نفى ذلك عن نفسه تعالى ذكره فقال : ليس كمثله شيء وهو السميع البصير "


الساعة الآن : 05:08 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 34.47 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 34.00 كيلو بايت... تم توفير 0.46 كيلو بايت...بمعدل (1.35%)]