ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=91)
-   -   شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=194121)

ابوالوليد المسلم 30-11-2021 08:09 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب التطبيق)
(216)


- (باب الاستواء للجلوس عند الرفع من السجدتين) إلى (باب التكبير للنهوض)
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يقوم إلى الركعة الثانية أو الركعة الرابعة في الصلاة الرباعية حتى يستوي جالساً، وهي ما تسمى بجلسة الاستراحة، وهي جلسة خفيفة بمقدار ما يستقر الإنسان جالساً، ثم ينهض ويقوم.
الاستواء للجلوس عند الرفع من السجدتين

شرح حديث مالك بن الحويرث في جلسة الاستراحة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الاستواء للجلوس عند الرفع من السجدتين. أخبرنا زياد بن أيوب، حدثنا إسماعيل حدثنا أيوب، عن أبي قلابة: جاءنا أبو سليمان مالك بن الحويرث رضي الله عنه إلى مسجدنا، فقال: (أريد أن أريكم كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي. قال: فقعد في الركعة الأولى حين رفع رأسه من السجدة الآخرة)]. يقول النسائي رحمه الله: باب الاستواء للجلوس عند الرفع من السجدتين. المراد بهذه الترجمة هو: الجلوس المسمى جلسة الاستراحة، وهي التي تكون بعد الركعة الأولى بالنسبة للصلوات الثنائية، وكذلك الثلاثية، التي هي الفجر والمغرب، وكذلك السنن التي هي من ركعتين، وكذلك عند القيام من الركعة الثالثة في الصلوات الرباعية: الظهر، والعصر، والعشاء. وعلى هذا: فإن الجلوس للاستراحة في الصلوات المفروضة، يكون بعد الركعة الأولى، وقبل أن ينهض إلى الثانية في الثنائية والثلاثية، ويكون -أيضاً- بالصلوات الرباعية بعد الركعة الثالثة، وتسمى جلسة الاستراحة، وهي جلسة خفيفة، يعني بمقدار ما يستقر الإنسان جالساً، ينهض ويقوم، فيكون قيامه إلى الركعة الثانية أو الرابعة عن جلوس لا عن سجود، يعني: يقوم من جلوس لا من سجود. وقد أورد النسائي حديث مالك بن الحويرث، وهذه سنة سنها رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد رواها مالك بن الحويرث بهذا الحديث من طرق متعددة، وهو موجود في الصحيحين وفي غيرهما، ويدل على مشروعية هذا الجلوس الذي هو الجلوس الخفيف، وأورد فيه النسائي هذا الحديث. قوله: (عن أبي قلابة قال: (جاءنا أبو سليمان مالك بن الحويرث إلى مسجدنا، فقال: أريد أن أريكم كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، قال: فقعد في الركعة الأولى حين رفع رأسه من السجدة الآخرة) ). يقول أبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي البصري (جاءنا أبو سليمان مالك بن الحويرث إلى مسجدنا، وقال: إنه يريد أن يريهم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي)، وجاء في بعض الأحاديث، أن هذا لم يكن في وقت صلاة، ولكنه صلى صلاةً نافلة ليبين لهم الهيئة والطريقة التي كان يفعلها، والتي يرويها عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وهذا يبين لنا ما كان عليه أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام، ورضي الله عنهم وأرضاهم من بيان السنن، والحرص على تبليغ الحق والهدى للناس، وأنهم يعرضون على الناس أن يبينوا لهم ما كان يفعله رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولا يقف الأمر عندهم إلى أنهم يجيبوا عند السؤال إن سئلوا، بل هم يعرضون أنفسهم على الناس بأن يبينوا لهم ما كان يفعله رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وهو دال على فضلهم ونبلهم، وحرصهم على تبليغ السنن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا فإن لهم مثل أجور كل من عمل بسنة جاءت عن طريق صحابي منهم، ذلك الصحابي الذي روى تلك السنة، وحفظ تلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم دل الناس إليها، فإن له مثل أجور من عمل بها؛ لأنه هو الدال على الخير، [(ومن دل على خير فله مثل أجر فاعله)]، كما قال ذلك رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. ولما قام من السجدة الثانية، في الركعة الأولى جلس، أي: جلس جلسة الاستراحة، وهي سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأخذ بها هو الذي يقتضيه الحديث، وبعض العلماء يقول: إنه لا يؤخذ بها، ويعللون ذلك بأن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما فعل ذلك في آخر أمره لما كبر، فكان يجلس هذه الجلسة للاستراحة، لكونه كبر وثقل، وإنما فعل ذلك من أجل العارض، ومن المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: [(صلوا كما رأيتموني أصلي)]، ومالك بن الحويرث تعلم هذه الصلاة، وعرف هذه الكيفية، ورواها عن رسول الله عليه الصلاة والسلام. فإذاً الأخذ بها سنة، والقول بأن ذلك إنما كان في حال الكبر، فلا يفعل، هذا خلاف الصحيح الذي يقتضيه فعل مالك بن الحويرث، والذي في بعض رواياته: أنه أرشدهم إلى أن يصلوا كما كان يصلي رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
تراجم رجال إسناد حديث مالك بن الحويرث في جلسة الاستراحة
قوله: [أخبرنا زياد بن أيوب]. وهو زياد بن أيوب البغدادي، لقبه دلويه، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وهو حافظ، وكان أحمد بن حنبل يلقبه شعبة الصغير؛ لأن شعبة معروف بالحفظ ومشهور بالحفظ، فهو يلقبه بهذا اللقب الذي هو شعبة الصغير؛ لحفظه، واللقب الذي لقب به دلويه.
[حدثنا إسماعيل].
وهو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم المشهور بـابن علية، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أيوب].
وهو أيوب بن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة ثبت حجة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي قلابة].
وهو عبد الله بن زيد الجرمي البصري، وهو ثقة، كثير الإرسال، ومشهور بكنيته أبي قلابة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن مالك بن الحويرث].
هو مالك بن الحويرث الليثي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث مالك بن الحويرث في جلسة الاستراحة من طريق أخرى
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا علي بن حجر، أخبرنا هشيم، عن خالد، عن أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه أنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي جالساً)].أورد النسائي حديث مالك بن الحويرث من طريق أخرى، وهو دال على شمول ما بعد الأولى وما بعد الثالثة، ولعله في الرواية الأولى ما ذكر إلا الركعة الأولى؛ لأنه صلى صلاة تطوع، يعني: من ركعتين، وجلس بعد الأولى؛ لأنه يريهم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، وفعل ذلك بعد الركعة الأولى، أما هنا فقد حكى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه إذا كان في وتر..، ومن المعلوم أن الوتر بالنسبة للنافلة التي هي ركعتين بعد الأولى هي الوتر؛ لأن الثانية تكون شفع، وبالنسبة للفريضة، فالثنائية والثلاثية ما فيه إلا بعد الأولى، الثنائية الفجر والثلاثية المغرب، ما فيه إلا بعد الأولى، وأما الرباعية فإنه يكون فيها وتر آخر، وهي الثالثة بالإضافة إلى الأولى، يعني بعد الثالثة يجلس للاستراحة، معناه: أن نهوضه يكون عن جلوس وليس من سجود، ما يقوم من سجوده رأساً ينهض، وإنما يجلس ثم ينهض من جلوس، فالحديث دال على أن جلسة الاستراحة تكون بعد الركعة التي هي وتر، سواءً كانت هي الأولى أو الثالثة.
تراجم رجال إسناد حديث مالك بن الحويرث في جلسة الاستراحة من طريق أخرى
قوله: [أخبرنا علي بن حجر]. هو علي بن حجر بن إياس السعدي المروزي، ثقة حافظ، أخرج له البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[أخبرنا هشيم].
وهو ابن بشير الواسطي، وهو ثقة كثير التدليس والإرسال الخفي، والتدليس هو: رواية الراوي عن شيخه ما لم يسمعه منه بلفظ موهم السماع كـ(عن) أو (قال)، ويكون هناك واسطة بينه وبين شيخه الذي روى عنه بلفظ موهم للسماع، هذا هو التدليس، وأما الإرسال الخفي فهو أن يروي عمن عاصره ولم يعرف أنه لقيه، هذا يسمى إرسالاً خفياً؛ لأن الإرسال إرسال خفي، وإرسال جلي، الإرسال الجلي بأن يروي عمن لم يدرك عصره، هذا يعرف أنه فيه ساقط، وهو إرسال جلي؛ لأنه ما دام أنه لم يدرك عصره، فإن كونه يقول: (عن فلان) أو (قال فلان)، معناه أنه أرسل عنه، لكن إذا كان مدركاً لعصره، ولكنه لم يعرف بلقائه، فهذا هو الإرسال الخفي، وهشيم بن بشير الواسطي خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن خالد].
وهو ابن مهران البصري، الملقب بـالحذاء، ولقبه الحذاء المتبادر إلى الذهن أنه يبيع الأحذية أو يصنعها، هذا هو المتبادر للذهن، لكن ليس الأمر كذلك، وإنما كان يجلس عند الحذائين، فنسب هذه النسبة، وهي نسبة إلى غير ما يسبق إلى الذهن، وقيل: إنه كان يقول للحذاء: احذ على كذا، يعني على هذا المنوال، وعلى هذا المقياس، يشق الجلد على قدر النعل، فقيل له: الحذاء لهذا، وهي نسبة إلى غير ما يسبق إلى الذهن، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث].
وقد مر ذكرهما في الإسناد الذي قبل هذا.
الاعتماد على الأرض عند النهوض

شرح حديث مالك بن الحويرث في الاعتماد على الأرض عند النهوض في الصلاة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الاعتماد على الأرض عند النهوض.أخبرنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الوهاب، حدثنا خالد، عن أبي قلابة، قال: كان مالك بن الحويرث رضي الله عنه يأتينا فيقول: (ألا أحدثكم عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيصلي في غير وقت الصلاة، فإذا رفع رأسه من السجدة الثانية في أول الركعة استوى قاعداً، ثم قام فاعتمد على الأرض)].
أورد النسائي رحمه الله هذه الترجمة وهي: الاعتماد على الأرض عند النهوض، وأورد فيه حديث مالك بن الحويرث رضي الله تعالى عنه، وهو أنه لما جاء إلى المسجد الذي فيه أبو قلابة، وقال: (ألا أحدثكم عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيصلي في غير وقت الصلاة)، أي: يصلي أمامهم في غير وقت الصلاة، مقصوده من ذلك أن يريهم الكيفية، أي لم يكن يصلي بهم إماماً؛ لأنه ما كان في وقت صلاة، وإنما هو في غير وقت الصلاة، فيصلي نافلة، وهم يشاهدونه وينظرون إلى حركاته وإلى هيئته، فكان يقعد بعد السجود الأخير من الركعة الأولى، وهذه كما هو معلوم وكما عرفنا في الحديث الأول أنها نافلة، وجلسة الاستراحة تكون بعد الركعة الأولى؛ لأن الركعة الثانية تكون شفعاً، فيجلس ثم ينهض معتمداً على الأرض، ما فيه ذكر اليدين.
وقد اختلف في كيفية النهوض، يعني: هل ينهض الإنسان معتمداً على ركبتيه، أو ينهض معتمداً على يديه؟ من العلماء من قال: بأنه ينهض معتمداً على ركبتيه، وهم الذين قالوا: إنه يقدم ركبتيه عند النزول، والذين قالوا: إنه يقدم ركبتيه عند النزول، يقولون: إنه يكون آخر ما ينهض من الأرض منه ركبتاه؛ لأنه يرفع يديه قبل ذلك، والذين قالوا: بأنه يقدم يديه عند النزول، قالوا: إنه يعتمد على يديه عند القيام، وحديث مالك بن الحويرث، ليس فيه التنصيص على ما يعتمد عليه، هل هو على الركبتين أو على اليدين؟ وبكل من الحالتين قال جماعة من أهل العلم، والخلاف هنا كالخلاف في تقديم اليدين أو تقديم الركبتين، فالذين قالوا: بتقديم الركبتين قالوا: الركبتان هما آخر ما ينهض من الأرض، أو يرتفع من الأرض، والذين قالوا: بتقديم اليدين قالوا: إن اليدين هي آخر ما يرفع من الأرض.
تراجم رجال إسناد حديث مالك بن الحويرث في الاعتماد على الأرض عند النهوض في الصلاة
قوله: [أخبرنا محمد بن بشار]. وهو الملقب بندار البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرةً وبدون واسطة.
[حدثنا عبد الوهاب].
وهو ابن عبد المجيد الثقفي، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا خالد، عن أبي قلابة قال: كان مالك].
خالد هو الحذاء عن أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي عن مالك بن الحويرث، وقد مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.

يتبع

ابوالوليد المسلم 30-11-2021 08:09 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
رفع اليدين عن الأرض قبل الركبتين

شرح حديث وائل بن حجر في رفع اليدين عن الأرض قبل الركبتين
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب رفع اليدين عن الأرض قبل الركبتين. أخبرنا إسحاق بن منصور، أخبرنا يزيد بن هارون، حدثنا شريك عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر رضي الله عنه أنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه)، قال أبو عبد الرحمن: لم يقل هذا عن شريك غير يزيد بن هارون، والله تعالى أعلم].
أورد النسائي رحمه الله باب تقديم رفع اليدين عن الأرض قبل الركبتين. وأورد فيه حديث وائل بن حجر رضي الله تعالى عنه، والحديث الذي سبق أن مر فيما يتعلق بالنزول إلى الأرض عند السجود، وأنه يقدم ركبتيه ثم يديه، وعند النهوض يرفع يديه قبل ركبتيه، فيكون على حديث وائل بن حجر، أنه عندما ينزل يكون النزول بالأسافل ثم الذي يليها، أول ما يصل الأرض الركبتان، وهي أسفل شيء من الإنسان، ثم اليدان، وهي التي تليهما، ثم الوجه يصل إلى الأرض بالترتيب، وعندما ينهض يرفع رأسه ثم يرفع يديه، ثم يرفع ركبتيه، يعني فيكون عند النزول للأسافل، فالذي يليها، وعند النهوض الأعالي، ثم الذي يليها الوجه ثم اليدان ثم الركبتان.
وحديث وائل بن حجر، سبق أن مر بنا، أن بعض العلماء أثبته واحتج به، والكلام فيه باعتبار شريك بن عبد الله القاضي، الذي هو أحد رجال الإسناد، وفيه كلام، والقول الذي دل عليه حديث وائل بن حجر، هو ما جاء في حديث أبي هريرة في قضية تقديم اليدين على الركبتين، وقالوا: أن الركبتين ترفعان قبل اليدين، وأن اليدين هي آخر ما يرفع، وقد سبق أن ذكرت عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه أنه قال: لا خلاف بين العلماء في جواز تقديم اليدين أو الركبتين، وإنما الخلاف بينهم في الأفضل منهما، هل الأفضل هذا أو الأفضل هذا.
تراجم رجال إسناد حديث وائل بن حجر في رفع اليدين عن الأرض قبل الركبتين
قوله: [أخبرنا إسحاق بن منصور]. وهو الملقب بـالكوسج المروزي، وهو ثقة ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة، إلا أبا داود.
[أخبرنا يزيد بن هارون].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شريك].
وهو ابن عبد الله القاضي النخعي الكوفي، وهو صدوق يخطئ كثيراً، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عاصم بن كليب].
هو عاصم بن كليب بن شهاب، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبيه].
وهو كليب بن شهاب، وهو صدوق، أخرج له البخاري في رفع اليدين، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن وائل بن حجر].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند البخاري في جزء القراءة، وعند مسلم وأصحاب السنن الأربعة.
وقول النسائي: في آخر الإسناد: [قال أبو عبد الرحمن: لم يقل هذا عن شريك غير يزيد بن هارون].
أي هذا الإسناد أو هذه الرواية، لم يقلها عن شريك غير يزيد بن هارون ويزيد بن هارون كما هو معلوم ثقة، حافظ.
التكبير للنهوض

شرح حديث أبي هريرة في التكبير للنهوض
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب التكبير للنهوض. أخبرنا قتيبة بن سعيد عن مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة: (أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يصلي بهم، فيكبر كلما خفض ورفع، فإذا انصرف قال: والله إني لأشبهكم صلاةً برسول الله صلى الله عليه وسلم)].
أورد النسائي: التكبير للنهوض، أي: للقيام، وأنه يكبر، ومن المعلوم أن جميع أحوال الصلاة الانتقال من هيئة إلى هيئة، واللفظ هو التكبير، إلا عند القيام من الركوع، فيقال: سمع الله لمن حمده، وعند الخروج من الصلاة يقال: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله. وما عدا ذلك، عند جميع الانتقال من هيئة إلى هيئة، فاللفظ الذي يقال هو: (الله أكبر)، وقد أورد النسائي حديث أبي هريرة، وأنه كان يصلي بهم، ويكبر عند كل خفض ورفع، ويقول: (إني أشبهكم صلاةً برسول الله صلى الله عليه وسلم)، ومحل الشاهد منه (عند كل خفض ورفع) لأن هذا يدخل تحت الرفع، لأنه عندما يقوم من الركعة ينهض ويرفع، معناه: أنه يكبر عند كل خفض ورفع، يعني عند الركوع وعند السجود، وكل رفع للقيام من السجود، وعند القيام إلى الركعة الثانية.
تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة في التكبير للنهوض
قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد].هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وبغلان قرية من قرى بلخ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن مالك].
وهو ابن أنس إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، الإمام، المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة، من مذاهب أهل السنة، التي حصل لأصحابها أصحاب عنوا بجمع أقوالهم، وتدوينها، وتنظيمها، والعناية بها، وهذا هو الذي جعل هذه المذاهب تشتهر، وليس معنى ذلك أنه ليس هناك من الأئمة المجتهدين إلا هؤلاء، فالأئمة المجتهدون كثيرون، قبلهم وبعدهم وفي زمنهم، فممن كان في زمنهم: الأوزاعي، والثوري، والليث بن سعد، وغيرهم، فهؤلاء أئمة ومحدثون، فقهاء، مجتهدون، ومعروفون بالفقه والحديث، وقبلهم من فقهاء المدينة السبعة وغيرهم، وقبلهم الصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وبعدهم الأئمة الكثيرون المعروفون بالاجتهاد والعلم والفقه في دين الله عز وجل، ولكن هؤلاء الأئمة الأربعة رحمة الله عليهم حصل لهم أتباع، عنوا بجمع أقوالهم وتدوينها، فاشتهرت، ثم أيضاً حصل الانتساب من كثير من الناس إليها، فصار لها الشهرة، وصار لها الذيوع والانتشار، وهي من مذاهب أهل السنة.
ومن المعلوم: أن هؤلاء الأئمة الأربعة، كغيرهم من علماء أهل السنة، يحثون على اتباع الدليل، ويوصون من وجد لهم قولاً يخالف الحديث، بأن يتركوا أقوالهم، وأن يأخذوا بالأحاديث الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن كل واحد من هؤلاء الأئمة الأربعة نقل عنه ذلك، ولا شك أن الطريقة المثلى هي: كون طالب العلم يحرص على الحديث، ويحرص على الفقه، ويحرص على كلام الفقهاء، ويحرص على أن يقرأ في كتب الحديث، وكتب الفقه، ولا يترك هذا ويعول على هذا، وإنما يعنى بالحديث ويعنى بالفقه؛ لأن مسائل الفقه فيها أشياء ما يجد الإنسان عليها حديثاً يدل عليها، وإنما تكون قاعدة من قواعد الشريعة، أو يكون في قياس على نص من النصوص، وما إلى ذلك من الاستنباط، ومن المعلوم أن الناس يتفاوتون بالفهم والإدراك، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم قال: (نظر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها وأداها كما سمعها، فرب مبلغ أوعى من سامع، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه)، ومن المعلوم أن الحديث الواحد، يأخذه العالم فيستنبط منه كذا مسألة، ثم يأتي آخر، ويستنبط من الحديث أكثر مما استنبطه منه هذا، وتأتي -أحياناً- مسائل دقيقة ما كل أحد يتنبه لها، وهذا فهم يعطيه الله عز وجل من شاء من عباده، فلا يستغنى عن كتب الفقه، ولكن لا يقال: إن كتب الفقه هي العمدة، وأنه يعرض عن كتب الحديث. فإن من اشتغل بكتب الحديث، ولم يلتفت إلى كتب الفقه يفوته خير كثير، وذلك أن فيه مسائل ما يجد الكلام عليها إلا في كتب الفقه؛ لأن هؤلاء عنوا بحصر المسائل وتجميعها، والاستنباط والاستدلال عليها، ومعرفة أحكامها؛ لأن مهمتهم تجميع المسائل، وأما كتب الحديث فإنها تجمع أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وتشرح تلك الأحاديث التي جمعوها أو التي جمعت، لكن كتب الفقه فيها الوقوف على أحكام دقيقة، قد لا يجدها الإنسان في بعض كتب الحديث.
إذاً فلا يستغني طالب العلم عن كتب الحديث، ولا عن كتب الفقه، لكن لا يتعصب لأحد من الفقهاء، ولا يقول: إن الحق مع فلان، وإن التعويل على قول فلان، وإن فلاناً هو المحق، ولا يقال: إن كل أقوال الأئمة هي صواب؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد) وخطؤه مغفور، معنى هذا: أن المجتهد يجتهد في معرفة الوصول إلى الحق، فقد يصيبه، وقد يخطئه، وقد يكون الحق مع الإمام الشافعي، وقد يكون الحق مع الإمام مالك، والحق مع أبي حنيفة، والحق مع الإمام أحمد، وقد يكون الحق مع غيرهم، يعني ليست القضية موقوفة عليهم، ومحصورة عليهم، لكن أكثر المسائل، أو غالب المسائل التي يجتمعون عليها يكون عليها الدليل، وقد يكون الدليل بخلاف المسائل التي يتفقون عليها، وكل مجتهد غير معصوم، ليست العصمة إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أما غيره فإنه يخطئ ويصيب، ولكنه لا يعدم الأجر أو الأجرين، إن اجتهد وأصاب فله أجران: أجر على اجتهاده، وأجر على إصابته، وإن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد، وخطؤه مغفور، إذاً فالحق هو الاعتدال في الأمور والتوسط، وعدم الإفراط والتفريط، لا يغلى في الأئمة ولا يجفى في الأئمة، وإنما يتوسط، ويذكرون بالجميل اللائق بهم، ويثنى عليهم، ويستفاد من علمهم، ويكون الأمر كما قال ابن القيم رحمة الله عليه في آخر كتاب الروح: إن طالب العلم يرجع إلى كتبهم، ليتوصل بها إلى الدليل، وليستعين بهم على فهم الدليل، وإلى الوصول إلى الدليل، وقال: إن هذا مثله مثل الذي يهتدي إلى القبلة بالنجوم، إذا كان في الفلاة، يعني يتعرف إلى جهة القبلة عن طريق النجوم، لكن إذا وصل إلى القبلة وصار عند الكعبة، ما يحتاج إلى النظر في النجوم يبحث عن القبلة، القبلة أمامه يشاهدها، لكنه يحتاج إلى النجوم حيث لا تكون القبلة أمامه، فكذلك الإنسان عندما يستفيد من كتب العلماء، وينتهي إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وصل إلى النهاية، فيستعان بهم على معرفة الحق والوصول إليه، ولكن إذا عرف الحق، وعرف أن قول الواحد منهم يخالف الدليل، فإنه يؤخذ بالدليل، وهذا هو الذي فيه الأخذ بوصاياهم، التي أوصوا بها رحمة الله عليهم، وهذا هو الذي يليق بالإنسان، أما كون الإنسان يتعصب لأحد منهم، فهذا لا يرضاه الأئمة أنفسهم، وهو مخالف للوصايا التي أوصوا بها؛ لأن الذي يأخذ بالدليل، هذا هو الممتثل لوصايا الأئمة، والذي يتعصب لهم، هذا هو المخالف للأئمة، ولإرشاد الأئمة وتوجيه الأئمة رحمة الله عليهم. وحديث الإمام مالك عند أصحاب الكتب الستة.
قوله: [عن ابن شهاب].
وهو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، وهو ثقة، معروف بالفقه والحديث، وتابعي من صغار التابعين، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سلمة].
هو ابن عبد الرحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على أحد الأقوال في السابع منهم، وهو من أهل المدينة، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر الصحابة على الإطلاق حديثاً رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
حديث أبي هريرة في التكبير للنهوض من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا نصر بن علي وسوار بن عبد الله بن سوار، قالا: حدثنا عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنهما (صليا خلف أبي هريرة رضي الله عنه، فلما ركع كبر، فلما رفع رأسه قال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد. ثم سجد وكبر، ورفع رأسه وكبر، ثم كبر حين قام من الركعة، ثم قال: والذي نفسي بيده، إني لأقربكم شبهاً برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ما زالت هذه صلاته حتى فارق الدنيا)، واللفظ لـسوار].أورد النسائي حديث أبي هريرة من طريق أخرى، ولكن فيها التفصيل؛ لأن الطريق الأولى فيها إجمال عند كل خفض ورفع، وأما هنا فذكر التفصيل، ومحل الشاهد منه (عندما يقوم من الركعة)؛ لأن محل الشاهد للتكبير عند النهوض، عند قوله: عندما يقوم من الركعة، فالحديث هذا فيه تفصيل التكبير عن كل خفض ورفع، يكبر تفصيلاً، وأما ذاك يكبر عند كل خفض ورفع إجمالاً، ما ذكر التفصيل، هذا هو الفرق بين الحديثين.
قوله: [أخبرنا نصر بن علي].
وهو ابن نصر بن علي، يعني: اسمه واسم أبيه وافق اسم جده وجد أبيه، نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي، وهو ثقة ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[وسوار بن عبد الله بن سوار].
وهو ثقة، أخرج له أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[قالا: حدثنا عبد الأعلى].
وهو ابن عبد الأعلى البصري، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن معمر].
وهو معمر بن راشد الأزدي البصري، نزيل اليمن، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري].
وقد مر ذكره قريباً.
[عن أبي بكر بن عبد الرحمن].
وهو أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وهو ثقة، فقيه، فاضل، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. وهو أحد الفقهاء السبعة على أحد الأقوال في السابع؛ لأن الأقوال في السابع ثلاثة، قيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، فقد جاء معه أيضاً في هذا الإسناد وفي الإسناد الذي قبل هذا، والثالث: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
قوله في آخر الحديث: [واللفظ لـسوار].
قوله: واللفظ لـسوار؛ لأنه لما ذكر شيخين هما: نصر بن علي، وسوار بن عبد الله بن سوار، يعني: أشار بعد المتن إلى أن اللفظ لـسوار، يعني هذا المتن وهذا السياق هو لفظ سوار، وليس لفظ نصر بن علي، وسبق أن مر بنا أن النسائي يقول ذلك، وأحياناً يكون للثاني، وأحياناً يكون للأول، وهذا فيه أن اللفظ للثاني، وسبق أن مر بنا في بعض الأحاديث أن اللفظ للأول منهما، وقال: واللفظ لفلان، أي: والمراد به الأول، وليس للنسائي طريقة معينة، يعني إذا ذكر شيخين، أن اللفظ يكون لواحد منهما، بل قد يكون للأول، وقد يكون للثاني، وهذا بخلاف طريقة البخاري، البخاري له طريقة معينة ثابتة، وهي أنه إذا ذكر شيخين فاللفظ يكون للثاني منهما وليس للأول، وأما النسائي فإنه على حسب تنصيصه في المواضع المتعددة، أحياناً يكون للأول، وأحياناً يكون للثاني.


ابوالوليد المسلم 30-11-2021 08:11 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب التطبيق)
(217)
- (باب كيف الجلوس للتشهد الأول) إلى (باب الإشارة بالإصبع في التشهد الأول)
من السنة في التشهد أن يفرش المصلي رجله اليسرى ويجلس عليها، وينصب رجله اليمنى مستقبلاً بأطراف أصابعه القبلة، ويضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ويده اليسرى على فخذه اليسرى، ويشير بأصبعه التي تلي الإبهام ويرمي ببصره إليها.
كيف الجلوس للتشهد الأول

شرح حديث: (إن من سنة الصلاة أن تضجع رجلك اليسرى وتنصب اليمنى)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب كيف الجلوس للتشهد الأول.أخبرنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن يحيى عن القاسم بن محمد عن عبد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبيه رضي الله عنهما أنه قال: (إن من سنة الصلاة أن تضجع رجلك اليسرى وتنصب اليمنى)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: كيف الجلوس للتشهد الأول، والمقصود من ذلك: الجلوس بالنسبة للرجلين، فأورد فيه حديث ابن عمر، وهو (إن من سنة الصلاة أن تضجع رجلك اليسرى وتنصب اليمنى)، تضجعها يعني: يفرشها ويجلس عليها، واليمنى ينصبها لا يجعلها معترضة، وإنما يجعلها منتصبة مثل هيئتها في حال السجود، تكون منتصبة، وأطراف أصابعها، -أي: اليمنى،- متجهةً إلى القبلة، هذه كيفية الجلوس في التشهد الأول.
والصحابي إذا قال: من السنة، فإن هذا له حكم الرفع؛ لأن هذه الصيغة إذا قال الصحابي: من السنة، فالمراد بذلك سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فله حكم الرفع، يعني مرفوع حكماً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث: (إن من سنة الصلاة أن تضجع رجلك اليسرى وتنصب اليمنى)
قوله: [أخبرنا قتيبة]. هو: ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وقد مر ذكره قريباً.
[حدثنا الليث].
وهو ابن سعد المصري، المحدث، الفقيه، فقيه مصر ومحدثها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى].
وهو يحيى بن سعيد الأنصاري المدني، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن القاسم بن محمد].
وهو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وهو ثقة، من فقهاء المدينة السبعة المعروفين في عصر التابعين، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن عبد الله بن عمر].
يعني اسمه يوافق اسم أبيه، وقيل: إنه وصي أبيه، وهو ثقة، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجه .
[عن أبيه].
عن أبيه عبد الله بن عمر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وهم: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الاستقبال بأطراف أصابع القدم القبلة عند القعود للتشهد

شرح حديث: (من سنة الصلاة أن تنصب القدم اليمنى واستقباله بأصابعها القبلة ..)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الاستقبال بأطراف أصابع القدم القبلة عند القعود للتشهد.أخبرنا الربيع بن سليمان بن داود حدثنا إسحاق بن بكر بن مضر حدثني أبي عن عمرو بن الحارث عن يحيى: أن القاسم حدثه عن عبد الله، وهو ابن عبد الله بن عمر، عن أبيه قال: (من سنة الصلاة أن تنصب القدم اليمنى، واستقباله بأصابعها القبلة، والجلوس على اليسرى)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: استقبال القبلة بأصابع الرجل اليمنى عند الجلوس للتشهد، وأورد فيه حديث ابن عمر المتقدم، إلا أن فيه زيادة كونه ينصب اليمنى ويستقبل بأصابعه القبلة، فهي تكون مثل هيئة السجود، تكون أصابع الرجل اليمنى عند الجلوس للتشهد كهيئتها عند السجود، أي: أنه ينصبها ويجعل أصابعها متجهةً إلى القبلة.
تراجم رجال إسناد حديث: (من سنة الصلاة أن تنصب القدم اليمنى واستقباله بأصابعها القبلة..)
قوله: [أخبرنا الربيع بن سليمان].هو الربيع بن سليمان بن داود الجيزي المصري، وهو ثقة، خرج حديثه أبو داود، والنسائي، وهناك شخص آخر اسمه: الربيع بن سليمان بن عبد الجبار، وهذا صاحب الشافعي، إذا قيل: الربيع بن سليمان صاحب الشافعي، فالمراد به الربيع بن سليمان بن عبد الجبار المصري، والذي معنا هو الربيع بن سليمان بن داود، هذه تميزه عن الثاني الذي هو ابن عبد الجبار، وهو ثقة، خرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[حدثنا إسحاق بن بكر بن مضر].
وهو إسحاق بن بكر بن مضر المصري، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم، والنسائي.
[عن أبيه].
وهو بكر بن مضر المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجه .
[عن عمرو بن الحارث].
وهو عمرو بن الحارث المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة أيضاً.
[عن يحيى] عن القاسم]
وهوابن سعيد.
[عن القاسم] هو ابن محمد.
[عن عبد الله] هو ابن عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمر، هؤلاء الأربعة مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا، يحيى بن سعيد الأنصاري والقاسم بن محمد، وعبد الله بن عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمر، هم الذين مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.
وقوله: وصي أبيه، يعني أوصى إليه بالأشياء التي يريد تمثيلها، مثل ما يعني الإنسان يوصي بعد موته، يعني أن واحداً من أولاده يقوم بمهمة كذا وكذا، يعني يسدد الديون، ويكون مسئولاً عن الأموال، يعطيها لمن يستحقها، هذا هو الوصي.
موضع اليدين عند الجلوس للتشهد الأول

شرح حديث وائل بن حجر في موضع اليدين عند الجلوس للتشهد الأول
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب موضع اليدين عند الجلوس للتشهد الأول. أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ حدثنا سفيان حدثنا عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر رضي الله عنه أنه قال: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيته يرفع يديه إذا افتتح الصلاة حتى يحاذي منكبيه، وإذا أراد أن يركع، وإذا جلس في الركعتين أضجع اليسرى ونصب اليمنى، ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ونصب أصبعه للدعاء، ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى، قال: ثم أتيتهم من قابل فرأيتهم يرفعون أيديهم في البرانس)].
يقول النسائي رحمه الله: باب موضع اليدين عند الجلوس للتشهد الأول، المراد من ذلك أنه عندما يجلس المصلي للتشهد الأول، فكيف يكون وضع يديه؟ ووضعهما في التشهد الأول وهو في الأخير، أن اليسرى توضع على الفخذ اليسرى، واليمنى على اليمنى، وتقبض الخنصر والبنصر، فتحلق الإبهام مع الوسطى، وينصب السبابة يشير بها يدعو بها، وقد مر بعض الأحاديث في ذلك، وكذلك سيأتي بعض الأحاديث المتعلقة في هذا، وقد أورد النسائي في هذه الترجمة حديث وائل بن حجر رضي الله تعالى عنه الذي وصف فيه كيفية أو شيء من كيفية صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه كان يرفع يديه إذا كبر وافتتح الصلاة، وإذا ركع، وكذلك كان إذا جلس أضجع اليسرى، ونصب اليمنى، ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى.
ونصب إصبعه للدعاء، ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى، والمقصود من ذلك هو ما جاء في آخره مما يتعلق بوضع اليد اليمنى ووضع اليد اليسرى، وأن هذه على الفخذ اليمنى، وتكون على هذه الهيئة، وهذه على الفخذ اليسرى، الأصابع ممدودة عليها ومبسوطة على الفخذ اليسرى، وأما اليمنى فإنها ليست كاليسرى، بل تقبض الخنصر والبنصر، وتحلق الوسطى مع الإبهام، ويدعو المصلي بإصبعه السبابة يحركها كما سبق أن مر التصريح بذلك، وكما سيأتي في الأحاديث التي ستأتي بعد ذلك، يعني في الجزء الثاني في كتاب السهو.
وقد أورد النسائي حديث وائل بن حجر المشتمل على هذه الأمور فيما يتعلق بالتكبير، ورفع اليدين، وفيما يتعلق بكيفية الجلوس بالنسبة للرجل اليسرى واليمنى، وفيما يتعلق باليدين اليمنى واليسرى.
قال في آخر الحديث: [ثم أتيتهم ..].
ثم أتيتهم، يعني: أتى إلى النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه يعني فيما بعد؛ يعني أنه حضر في هذا الوقت الذي رأى فيه هذه الكيفية، ثم إنه غاب عنهم، ولما رجع إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه وجدهم يرفعون أيديهم بالبرانس، يعني من شدة البرد، يعني كانوا يدخلون أيديهم في داخل ثيابهم من شدة البرد.

يتبع



ابوالوليد المسلم 30-11-2021 08:11 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
تراجم رجال إسناد حديث وائل بن حجر في موضع اليدين عند الجلوس للتشهد الأول
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ].وهو المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي، وابن ماجه .
[عن سفيان].
وهو سفيان بن عيينة المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عاصم].
وهو عاصم بن كليب بن شهاب، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبيه].
هو كليب بن شهاب، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في رفع اليدين، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن وائل بن حجر].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
موضع البصر في التشهد

شرح حديث عبد الله بن عمر في موضع البصر في التشهد
قال المصنف رحمه الله تعالى: [موضع البصر في التشهد.أخبرنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل وهو ابن جعفر عن مسلم بن أبي مريم عن علي بن عبد الرحمن المعاوي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أنه رأى رجلاً يحرك الحصى بيده وهو في الصلاة، فلما انصرف قال له عبد الله: لا تحرك الحصى وأنت في الصلاة، فإن ذلك من الشيطان، ولكن اصنع كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع، قال: وكيف كان يصنع؟ قال: فوضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، وأشار بأصبعه التي تلي الإبهام في القبلة، ورمى ببصره إليها أو نحوها، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع)].
أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما: أنه صلى إلى جواره رجل، وكان يعبث بالحصى وهو جالس، فعلمه ابن عمر رضي الله عنه وأرضاه نهاه عن هذا الفعل الذي فعله، وأرشده إلى أن يفعل كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: [(لا تحرك الحصى فإن هذا من الشيطان)]، يعني: كون الإنسان يعبث في صلاته ويعبث بالحصى ويحركه، فإن هذا من العبث، وهو من الشيطان الذي يريد أن يفسد على الإنسان صلاته، ويريد أن ينقص أجر صلاته إذا لم تفسد عليه، فالشيطان حريص على أن يخسر المسلم، وأنه إذا لم يحصل له أن يضيع صلاته ويسعى في إبطالها، فعلى الأقل يسعى فيما ينقصها، وفيما يقلل أجرها، وهذا هو شأن الشيطان والعياذ بالله، حريص على إضلال الإنسان، وعلى إغوائه، وعلى حرمانه الخير، إما الحرمان الكلي، وإما الحرمان الجزئي، إذا لم يحصل الحرمان الكلي، فإنه يريد ويحب أن يحصل الحرمان الجزئي، وقال له: [(ولكن اصنع كما صنع رسول الله، قال: وكيف كان يصنع؟ قال: فوضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، وأشار بأصبعه التي تلي الإبهام في القبلة، ورمى ببصره إليها أو نحوها، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع)].
وأشار بإصبعه التي تلي الإبهام التي هي السبابة، يعني: يشير بها في الدعاء، ورمى ببصره إليها أو نحوها، يعني أنه كان ينظر إلى مكان سجوده، ولكنه عند الإشارة للتوحيد وعند الدعاء، فإنه ينظر إليها ويرمي ببصره إليها، وفي الحديث أنه رمى ببصره إليها أو نحوها، يعني: إما أن العبارة إليها، أو نحوها، أي: رمى ببصره إليها أو رمى ببصره نحوها، هذا شك من الراوي، هل قال: إليها، أو قال: نحوها؟
والمقصود منه أنه عندما يشير بأصبعه ويتشهد، فإنه ينظر إلى إصبعه، والأصل، أن المصلي ينظر إلى مكان سجوده في جميع أحواله، يعني حيث يكون قائماً أو راكعاً أو جالساً، فإنه ينظر إلى مكان سجوده، وعندما يشير بإصبعه إلى التشهد شهادة أن لا إله إلا الله، فإنه يرمي ببصره إلى إصبعه.
تراجم رجال إسناد حديث عبد الله بن عمر في موضع البصر في التشهد
قوله: [أخبرنا علي بن حجر].وهو: علي بن حجر بن إياس السعدي المروزي، ثقة، حافظ، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا إسماعيل وهو ابن جعفر]، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وكلمة هو ابن جعفر، الذي قالها هو النسائي أو من دونه؛ لأن علي بن حجر الذي هو تلميذ إسماعيل بن جعفر، لا يحتاج إلى أن يقول: هو، بل ينسبه كما يريد، ولكنه اقتصر على أن قال: إسماعيل، فـالنسائي أو من دون النسائي، هم الذين أضافوا جعفراً وأتوا قبلها بهذه الكلمة وهو ابن جعفر؛ ليعلم أو ليعرف هذا المهمل الذي أهمله تلميذه علي بن حجر.
[عن مسلم بن أبي مريم].
وهو مسلم بن أبي مريم المدني، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[عن علي بن عبد الرحمن].
هو المعاوي، نسبة إلى بني معاوية من الأنصار، وفي بعض النسخ المعافري، والصحيح أنه المعاوي، وهو نسبة إلى بني معاوية من الأنصار، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي.
[عن عبد الله بن عمر].
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة في الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله تعالى عن الصحابة أجمعين.
الإشارة بالإصبع في التشهد الأول

شرح حديث عبد الله بن الزبير في الإشارة بالإصبع في التشهد الأول
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الإشارة بالإصبع في التشهد الأول. أخبرنا زكريا بن يحيى السجزي يعرف بـخياط السنة، نزل بدمشق أحد الثقات حدثنا الحسن بن عيسى أخبرنا ابن المبارك حدثنا مخرمة بن بكير أخبرنا عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه رضي الله عنهما أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في الثنتين أو في الأربع يضع يديه على ركبتيه، ثم أشار بأصبعه)].
أورد النسائي الترجمة وهي: باب الإشارة بالإصبع في التشهد الأول، وأورد فيه حديث عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما، أن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا جلس في الثنتين أو الأربع، يعني: إذا جلس في التشهد الأول أو في التشهد الأخير، أي: سواءً كانت الصلاة ثنائية، أو رباعية، فإنه في التشهدين الأول والثاني، ولكن الترجمة المعقودة في التشهد الأول، والمراد به أنه بعد الثنتين يعني في الرباعية، يعني يشير بإصبعه تلك الإشارة التي قال عنها عبد الله بن الزبير: [(يضع يديه على ركبتيه، ثم أشار بإصبعه)].
أي: أنه يشير بها في الدعاء، يعني في التشهد الأول وفي التشهد الثاني؛ لأن قوله: [(في الاثنتين والأربع)]، في الاثنتين يقصد بذلك التشهد الأول، وفي الأربع في التشهد الثاني، ومثله الصلاة الثلاثية التي تكون بعد الثالثة، وهذا لا يعني أن حكمها يختلف، بل الحكم واحد في الثنائية والثلاثية والرباعية، ولكنه ذكر الذي هو الغالب، الذي هو الثنائية والرباعية، التي هي تشهد أول وتشهد ثاني في ثلاث صلوات من الصلوات الخمس: الظهر، والعصر، والعشاء، وأما المغرب فهي مثلها.
وقوله: [(على ركبتيه)]، وقد جاء في بعض الروايات المتقدمة: أنه على فخذه اليسرى، وهذا لا ينافي، يمكن أن يكون الجمع بينهما، يعني أن تكون اليد على الركبة، وتكون أيضاً على الفخذ، فيكون جمع بينهما.
تراجم رجال إسناد حديث عبد الله بن الزبير في الإشارة بالإصبع في التشهد الأول
قوله: [أخبرنا زكريا بن يحيى].وهو زكريا بن يحيى السجزي المعروف بـخياط السنة، أحد الثقات، والنسائي ذكر شيخه بهذا التوضيح وهذا البيان الذي هو مقدار سطر، وذلك أن الراوي يذكر شيخه كما يريد، لا يحتاج إلى أن يقول: هو ابن فلان أو ما إلى ذلك، مثل ما يفعله من دون التلميذ، ولكنه ينسبه كما يريد، ويصفه كما يريد، ويعدله إذا أراد، كل ذلك يفعله التلميذ، لا يحتاج إلى أن يأتي بكلمة هو، مثل ما يحتاج إليها من دونه، ولهذا قال: زكريا بن يحيى السجزي نسبة إلى سجستان، وهي نسبة على غير القياس، ويقال له: خياط السنة، قيل: لأنه كان يخيط أكفان أهل السنة، فقيل له: خياط السنة، وقال عنه النسائي: أحد الثقات، وثقه النسائي في هذا الإسناد عندما روى عنه، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا الحسن بن عيسى].
هو الحسن بن عيسى بن ماسرجس أبو علي النيسابوري، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي.
[أخبرنا ابن المبارك].
وهو عبد الله بن المبارك، وعبد الله بن المبارك مر ذكره كثيراً، وكان في الغالب يروي عنه سويد بن نصر المروزي، وكان بينه وبين النسائي واسطة واحدة، وهو سويد بن نصر، وهنا جاء بينهما واسطتان؛ لأن شيخه زكريا بن يحيى السجزي متأخر، هو من صغار شيوخه الذين أدرك النسائي الكثير من زمنه ومن زمن حياته، وكانت وفاته سنة مائتين وتسع وثمانين، بعد أصحاب الكتب الستة كلهم، إلا النسائي؛ لأن أصحاب الكتب الستة آخرهم توفي سنة مائتين وتسع وسبعين، من غير النسائي، كلهم مائتين وتسع وسبعين فما قبل، أولهم البخاري مائتين وست وخمسين، ومسلم مائتين وواحد وستين، ثم اثنين مائتين وتسع وسبعين، وواحد مائتين وثلاث وسبعين، والنسائي ثلاثمائة وثلاثة، وهذا عاش بعد أولئك كلهم، عاش بعد آخرهم وهو النسائي بعشر سنوات، ولهذا يعني الإسناد عن ابن المبارك بواسطتين بواسطة رجلين، وعبد الله بن المبارك قال عنه الحافظ: أنه ثقة، ثبت، جواد، مجاهد، عالم، جمعت فيه خصال الخير، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا مخرمة بن بكير].
وهو مخرمة بن بكير بن عبد الله بن الأشج، وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[أخبرنا عامر بن عبد الله].
وهو عامر بن عبد الله بن الزبير بن العوام، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
وهو عبد الله بن الزبير بن العوام رضي الله تعالى عنهما، وهو أول مولود ولد في الإسلام في المدينة من المهاجرين، يعني لما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وكانت أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما من المهاجرات، وكان نزول الرسول صلى الله عليه وسلم أول ما نزل في قباء، وكان معهم أبو بكر، وابنته أسماء، وولدت أسماء بنت أبي بكر عبد الله بن الزبير في قباء، يعني أول ما وصلوا إلى المدينة، فحنكه رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولهذا هو أول مولود ولد في الإسلام بالمدينة من المهاجرين؛ لأنه ولد في قباء من حين ما وصل رسول الله عليه الصلاة والسلام ومعه المهاجرون.
وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وهم من صغار الصحابة، وهم: عبد الله بن الزبير هذا، وكانت وفاته سنة ثلاث وسبعين، وعبد الله بن عمر، وكانت وفاته ثلاث وسبعين أيضاً مثله، وعبد الله بن عباس، وكانت وفاته ثمان وستين، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وكانت وفاته في ليالي الحرة، وعبد الله بن الزبير كما قلت: هو أحد العبادلة، لكن ابن عمر، وابن عباس بالإضافة إلى كونهم من العبادلة الأربعة، هم من السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله تعالى عن الصحابة أجمعين. وكنيته أبو بكر، ويكنى أيضاً بـأبي خبيب.


ابوالوليد المسلم 30-11-2021 08:12 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب التطبيق)
(218)

- باب كيف التشهد الأول
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه التشهد كما يعلمهم السورة من القرآن، وهذا يدل على حرص النبي عليه الصلاة والسلام على تعليم الأمة ما ينفعها.
كيف التشهد الأول

شرح حديث ابن مسعود في كيفية التشهد الأول

قال المصنف رحمه الله تعالى: [كيف التشهد الأول.أخبرنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي عن الأشجعي عن سفيان عن أبي إسحاق عن الأسود عن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: (علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقول إذا جلسنا في الركعتين: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله)].
هنا أورد النسائي هذه الترجمة وهي: كيف التشهد؛ أي: كيف يتشهد الإنسان، وكيف يأتي بهذا الذكر الذي يكون في التشهد الأول، أو في التشهد الأخير؟ أي في الجلوس الأول بعد الركعتين، وفي الجلوس الثاني بعد الأربع، أو بعد الثلاث، أو بعد الثنتين إذا كانت الفجر أو نافلة، فإن المراد هذا بالترجمة [كيف التشهد]:
ما هي صيغة التشهد التي يأتي بها الإنسان عندما يجلس في وسط الصلاة إذا كانت ثلاثية أو رباعية، أو قبل السلام إذا كانت رباعية أو ثلاثية أو ثنائية؟ معناه: أنه في أي تشهد سواءً أول أو ثاني أو هو الوحيد فيما إذا كانت الصلاة ثنائية مثل الفجر، أو التطوع الذي هو ركعتين ركعتين، فإنه يأتي بهذه الصيغة: [التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله]، هذا هو التشهد الذي علم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أصحابه إياه، فقد جاء في الحديث (إنه كان يعلمهم إياه كما يعلمهم السورة من القرآن)؛ لأنه لفظ وذكر يؤتى به على هيئته، وعلى لفظه، فكان يعلمهم إياه كما يعلمهم السورة من القرآن حتى يحفظوه، وحتى يتقنوه ويضبطوه.
و(التحيات لله) فسرت بأنها الثناء، وأنه كما أن الناس يعظم بعضهم بعضاً في التحية، ويقدر بعضهم بعضاً في التحية، فإن التحيات الحقيقية لله عز وجل. والصلوات التي هي المفروضة والتطوعات أو الدعاء؛ لأن الصلاة تطلق على الدعاء، وهذا هو المعنى اللغوي، وتطلق على الصلاة المعروفة، التي هي: أقوال وأفعال تبدأ بالتكبير وتختتم بالتسليم؛ أقوال وأفعال مخصوصة تبتدأ بالتكبير وتختتم بالتسليم، هذه هي الصلاة بعرف الشرع أو بالمعنى الشرعي، وأما الصلاة في اللغة: فهي الدعاء، والصلاة الشرعية مشتملة على الصلاة اللغوية التي هي الدعاء؛ لأن كثيراً منها ثناء ودعاء.
و(الطيبات)، أي: الكلام الطيب والثناء الحسن هو لله سبحانه وتعالى، فهو المستحق للثناء الحسن.
وقوله: (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته)، هذا دعاء للنبي عليه الصلاة والسلام بالسلامة والرحمة والبركة.
وقوله: (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين)، يسلم الإنسان على نفسه، وعلى كل عبد صالح في السماء والأرض، والإنسان إذا وفق لأن يكون من أهل الصلاح، فإنه له نصيباً من هذا الدعاء الذي يحصل من كل مصل، فإنه يدعو لعباد الله الصالحين، فمن ثمرات الصلاح، ومن فوائد الصلاح، وكون الإنسان يستقيم على طاعة الله عز وجل، أنه يكون له نصيب من دعاء الداعين في صلواتهم، أي مصل يصلي يقول: [السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين]، وإذا كان الإنسان من عباد الله الصالحين، فإن أي مصل يصلي، ويدعو بهذا الدعاء، يكون له نصيب منه، وهذه من ثمرات الاستقامة، وثمرات الملازمة لطاعة الله وطاعة رسوله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
قوله: [أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله]. أطلق على التشهد تشهد؛ لأنه مشتمل على الشهادة لله بالوحدانية، ولنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالعبودية والرسالة؛ أشهد أن لا إله إلا الله، هذه كلمة التوحيد، كلمة الإخلاص، الكلمة التي هي المفتاح، وهي المدخل، وهي المنتهى كما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام لما بعثه الله كان ينادي في مكة ويقول: (يا أيها الناس! قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا)، وقال عليه الصلاة والسلام: (لقنوا موتاكم لا إله إلا الله، فإنه من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة)، فهي البداية والنهاية، وكلمة الإخلاص -لا إله إلا الله- مكونة من ركنين: نفي، وإثبات، نفي عام في أولها، وإثبات خاص في آخرها، لا إله تنفي العبادة عن كل من سوى الله، وإلا الله يثبتها لله وحده لا شريك له، لا إله، أي: لا معبود بحق إلا الله سبحانه وتعالى، فتنفي العبادة عن كل ما سوى الله، وتثبتها لله عز وجل.
[وأشهد أن محمداً عبده ورسوله]، فكما يشهد لله بالوحدانية، لا بد مع الشهادة لله بالوحدانية والألوهية، بأن يشهد لمحمد عليه الصلاة والسلام بالرسالة، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فذكر هذين الوصفين من أوصافه، وهما عبوديته لله عز وجل، وكونه رسولاً أرسله الله عز وجل، وهذا اللفظ هو الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يقال فيه؛ ولهذا جاء في حديث عمر بن الخطاب في البخاري: (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله)، ولهذا من خير ما يثنى على الرسول صلى الله عليه وسلم به ويذكر به الرسول أن يوصف بأنه عبد الله ورسوله تحقيقاً لرغبته، وامتثالاً لأمره صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، حيث قال: (وقولوا: عبد الله ورسوله)، فتعظيم الرسول عليه الصلاة والسلام، بأن يوصف بأنه عبد الله ورسوله، فهو عبد لا يعبد، ورسول لا يكذب، بل يطاع ويتبع، فوصفه بأنه عبد يشعر بأنه لا نصيب له في العبادة؛ لأنه من عباد الله الذين يعبدون الله، والعبادة هي لله عز وجل لا شريك له فيها، كما أنه لا شريك له في الخلق والإيجاد، فلا شريك له في العبادة، فهو عبد لا يعبد، لا يصرف له شيء من أنواع العبادة، لا يدعى وإنما يدعى له عليه الصلاة والسلام؛ لأن السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته دعاء له، وصلى الله عليه وسلم دعاء له، فهو يدعى له ولا يدعى، وإنما الذي يدعى هو الله عز وجل، هو الذي يدعى سبحانه وتعالى.
وكذلك وصفه بأنه رسول فلا يكذب بل يصدق، ويتبع فيما جاء به؛ تصدق أخباره، وتمتثل أوامره، وتجتنب نواهيه، وتكون عبادة الله طبقاً لما شرعه رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فهو عبد لا يعبد، ورسول لا يكذب، ولهذا جاء في القرآن وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بالعبودية في المقامات الشريفة، والمناسبات العظيمة، فجاء ذكره عند إنزال القرآن: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ )[الفرقان:1]، وقوله: (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ )[الجن:19]. يعني: وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بالعبودية في المقامات الشريفة، وفي الإسراء: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ )[الإسراء:1].

يتبع

ابوالوليد المسلم 30-11-2021 08:13 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود في كيفية التشهد الأول
قوله: [أخبرنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي].ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرةً وبدون واسطة، وهو أحد الثلاثة الذين هم من صغار شيوخ البخاري، وكانت وفاتهم في سنة واحدة، وهي سنة اثنتين وخمسين ومائتين، أي: قبل البخاري بأربع سنوات، وهم: يعقوب بن إبراهيم الدورقي، ومحمد بن بشار، ومحمد بن المثنى.
[عن الأشجعي].
هو عبيد الله بن عبيد الرحمن، بالتصغير فيهما، والأشجعي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[عن سفيان].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، المحدث، الفقيه، الثقة، المعروف الذي وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي إسحاق].
هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي الكوفي، وسبيع بطن من همدان، سبيع هم من همدان ينسب نسبة عامة ونسبة خاصة، ولكنه مشهور بالنسبة الخاصة وهي سبيع، السبيعي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الأسود].
هو الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، وهو ثقة، مخضرم، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله].
هو عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد فقهاء الصحابة وعلمائهم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث ابن مسعود في كيفية التشهد الأول من طريق ثانية
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا محمد حدثنا شعبة سمعت أبا إسحاق يحدث عن أبي الأحوص عن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: (كنا لا ندري ما نقول في كل ركعتين غير أن نسبح ونكبر ونحمد ربنا، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم علم فواتح الخير وخواتمه، فقال: إذا قعدتم في كل ركعتين فقولوا: التحيات لله، والصلوات، والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وليتخير أحدكم من الدعاء أعجبه إليه، فليدع الله عز وجل)].هنا أورد النسائي حديث ابن مسعود من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، الصيغة هي نفس الصيغة، وقال فيه: أنهم كانوا قبل ذلك يكبرون ويسبحون ويحمدون، أي في ذلك الجلوس، وكان النبي صلى الله عليه وسلم علم فواتح الخير وخواتمه، أي: علم الخير، وبين للناس كل ما يحتاجون إليه، وكان مما بينه لهم أن علمهم التشهد، وعلمهم كيف يقولون في تشهدهم، ثم ذكر الصيغة التي مرت.
ثم قال: [وليتخير من الدعاء أعجبه إليه]، أي: بعد ذلك يدعو، ويتخير من الدعاء أعجبه إليه، وينبغي أن يكون الذي يتخير هو ما جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، والألفاظ الواردة عن الرسول، والأدعية الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فهي أولى من غيرها، وهي التي تكون أعجب من غيرها.
تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود في كيفية التشهد الأول من طريق ثانية
قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى].هو الملقب بـالزمن المكنى بـأبي موسى العنزي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة كما أشرت إلى ذلك عند يعقوب بن إبراهيم الدورقي قبل هذا.

[حدثنا محمد].
هو ابن جعفر الملقب غندر، فإذا جاء محمد بن المثنى أو محمد بن بشار يرويان عن محمد غير منسوب، أو محمد يروي عن شعبة غير منسوب، فالمراد به ابن جعفر الملقب غندر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
هو ابن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[سمعت أبا إسحاق].
قد مر ذكره.
[عن أبي الأحوص].
هو عوف بن مالك، وهذا غير أبي الأحوص وهو سلام بن سليم الذي مر بنا كثيراً؛ لأن هذا في طبقة متقدمة، وذاك في طبقة متأخرة، أبو الأحوص سلام بن سليم من طبقة شيوخ شيوخ النسائي، وأما هذا يروي عن الصحابة، هذا من طبقة التابعين، في طبقة متقدمة، فإذا جاء أبو الأحوص متقدم من طبقة التابعين، يروي عن الصحابة، فالمراد به عوف بن مالك بن نضلة، وقد أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، والحاصل أن أبا الأحوص كنية اشتهر بها سلام بن سليم، وهو متأخر في الطبقة، وعوف بن مالك، متقدم في الطبقة.
فإذا جاء أبو الأحوص يروي عن الصحابة فهو عوف بن مالك، وإذا جاء أبو الأحوص في طبقة شيوخ شيوخ النسائي، فهو سلام بن سليم الكوفي.
[عن عبد الله].
قد مر ذكره.
حديث ابن مسعود في كيفية التشهد الأول من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة حدثنا عبثر عن الأعمش عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله رضي اله عنه قال: (علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد في الصلاة، والتشهد في الحاجة، فأما التشهد في الصلاة: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إلى آخر التشهد)].هنا أورد النسائي حديث ابن مسعود من طريق أخرى، وفيه قوله: [(إن النبي عليه الصلاة والسلام علمنا التشهد في الصلاة، والتشهد في الحاجة)]، ثم قال: [(أما التشهد في الصلاة فأورد التحيات لله)]، إلى آخره الذي سبق أن مر في الروايات السابقة، واختصر الحديث ولم يذكر التشهد في الحاجة، والمقصود بالتشهد في الحاجة هو خطبة الحاجة، وهنا أورد ما يتعلق بالترجمة، وهو التشهد في الصلاة؛ التحيات لله والصلوات إلى آخره.
قوله: [أخبرنا قتيبة].
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبثر].
هو عبثر بن القاسم وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأعمش].
هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، مشهور بلقبه الأعمش، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. وهنا جاء ذكره باللقب، ويأتي ذكره بالاسم، ومعرفة ألقاب المحدثين فائدتها ألَّا يظن الشخص الواحد شخصين، إذا ذكر باسمه مرة، ثم ذكر بلقبه مرةً أخرى، فإن من لا يعرف يظن أن الأعمش غير سليمان بن مهران، ومن يعرف يعرف أن هذا شخص واحد يذكر باسمه أحياناً، وبلقبه أحياناً.
[عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن ابن مسعود].
قد مر ذكرهم.
طريق رابعة لحديث ابن مسعود في كيفية التشهد وتراجم رجال إسنادها
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا يحيى وهو ابن آدم سمعت سفيان يتشهد بهذا في المكتوبة والتطوع، ويقول: حدثنا أبو إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم ح، وحدثنا منصور وحماد عن أبي وائل عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم].هنا أورد الحديث من طريق أخرى وليس فيه ذكر المتن، ولكن فيه إحالة على المتن الذي قبله، وهو التشهد التحيات لله، ويحيى بن آدم يقول: يتشهد بهذا في المكتوبة والتطوع، ويقول: أخبرنا أبو إسحاق، وساق السند إلى عبد الله بن مسعود، يعني أنه كان يتشهد بذلك التشهد الذي هو تشهد ابن مسعود، ثم يروي الإسناد إلى عبد الله بن مسعود عن النبي عليه الصلاة والسلام.
ثم حول الإسناد، يعني: التحويل هذا من سفيان، أي أن سفيان هو الذي يروي عن أبي إسحاق، وعن منصور، وعن حماد، فالتحويل ((ح)) هذه لا ترجع إلى النسائي، فالذي بعدها ليس شيخاً للنسائي كما هو الغالب على ما يأتي من ألفاظ التحويل، عندما يقول النسائي: ((ح))، يعني يكون بعدها اسم شيخه، لكن هنا التحول من إسناد ذكره عن أبيه من طريق أبي إسحاق إلى إسناد آخر من طريق منصور، وحماد، عن أبي وائل، عن عبد الله.
قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].
هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه المشهور بـابن راهويه الحنظلي المروزي، وهو ثقة، ثبت، إمام، مجتهد، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل، وهو محدث، فقيه، وأخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه .
[حدثنا يحيى وهو ابن آدم].
هو يحيى بن آدم الكوفي، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وكلمة (هو ابن آدم)، هذه قالها من دون إسحاق بن إبراهيم؛ أي النسائي أو من دون النسائي.
[سمعت سفيان].
هو الثوري، فيتشهد، أي يأتي بهذا الذكر الذي هو التحيات لله والصلوات.. إلى آخره.
[حدثنا أبو إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله].
قد مر ذكر هؤلاء الثلاثة.
[وحدثنا منصور].
هو ابن المعتمر الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[وحماد].
هو حماد بن أبي سليمان الأشعري الكوفي، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة. وحماد هنا غير منسوب، والمراد به ابن أبي سليمان؛ لأنه في طبقة متقدمة عن الحمادين: حماد بن زيد، وحماد بن سلمة؛ لأن حماد بن زيد، وحماد بن سلمة من طبقة شيوخ شيوخ النسائي.

ابوالوليد المسلم 30-11-2021 08:14 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب التطبيق)
(219)


- تابع باب كيف التشهد الأول
وردت في السنة عدة صور للتشهد، لكن أصحها تشهد ابن مسعود، وكلمات التشهد من جوامع الكلم الذي أوتيه النبي صلى الله عليه وسلم، فقد اشتمل على معاني الوحدانية والتعظيم لله سبحانه، والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم وغيرها.
تابع كيف التشهد الأول


شرح حديث ابن مسعود في كيفية التشهد الأول من طريق خامسة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [كيف التشهد الأول؟
أخبرني محمد بن جبلة الرافقي حدثنا العلاء بن هلال حدثنا عبيد الله وهو ابن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن حماد عن إبراهيم عن علقمة بن قيس: عن عبد الله رضي الله عنه قال: (كنا لا ندري ما نقول إذا صلينا، فعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم، فقال لنا: قولوا: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، قال عبيد الله: قال زيد عن حماد عن إبراهيم عن علقمة قال: لقد رأيت ابن مسعود يعلمنا هؤلاء الكلمات كما يعلمنا القرآن)].
فالترجمة التي لا زلنا في الأحاديث الواردة فيها هي: كيف التشهد الأول؟ وقد ذكر المصنف في هذه الترجمة فيما مضى حديث عبد الله بن مسعود من طرق متعددة عنه، وقد مضى كثير منها، وبقي طرق أخرى لهذا الحديث الذي هو تشهد ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، وقول العلماء: إن أصح تشهد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو تشهد ابن مسعود، وردت تشهدات صحيحة لكن هذا هو أصحها؛ لأنه جاء عن عبد الله بن مسعود من طرق عديدة، وفي هذه الطريق يقول ابن مسعود: [(كنا لا ندري ما نقول إذا صلينا، فعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم)]، فكان مما علمهم إياه أن يقولوا إذا جلسوا في التشهد: [(التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله)].
وقد مرت الطرق المتعددة وكلها بهذا اللفظ الذي ذكره المصنف هنا، وذكره فيما مضى بالطرق المختلفة، والرسول عليه الصلاة والسلام أعطي جوامع الكلم، وفواتحه، وخواتمه، وهذا من جوامع كلمه عليه الصلاة والسلام ومن فواتح الخير، وخواتم الخير المشتمل على كل خير، هدي رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فإن الأخذ بهديه هو طريق السلامة، والنجاة لأنه لا طريق للعباد لوصولهم إلى السلامة والنجاة وتمكينهم من الظفر بسعادة الدنيا، وسعادة الآخرة إلا ما جاء في الكتاب العزيز، والسنة المطهرة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا طريق للهداية ولا طريق لصلاح القلوب إلا بالتمسك بهذا الوحي الذي نزل به جبريل على رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود في كيفية التشهد الأول من طريق خامسة
قوله: [أخبرنا محمد بن جبلة الرافقي].صدوق، أخرج له النسائي وحده.
[حدثنا العلاء بن هلال].
قال: فيه لين، أخرج له النسائي وحده، لكن كما هو معلوم الشخص إذا كان فيه لين، وقد جاء هذا الحديث الذي جاء من طرق عديدة ثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام يعني أن هذا الضعف ينجبر بكثرة الطرق التي جاءت عن عبد الله بن مسعود في بيان هذا الحديث، يعني:أن الحديث جاء من طرق عديدة، ومثل هذا لا يؤثر؛ لأنه لم يأت الحديث من هذه الطريق وحدها، وإنما جاء من طرق عديدة، يعني: أن هذا الذي في ضعف ينجبر، وجد للحديث طرق كثيرة يدل على أنه لا يؤثر ذلك الذي قيل فيه في هذا الحديث لكونه مروياً من طرق كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[حدثنا عبيد الله].
هو ابن عمرو الرقي، وهو ثقة، فقيه، ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وقوله: هو ابن عمرو هذه الزيادة ممن دون العلاء بن هلال، وهو محمد بن جبلة، أو النسائي، أو ممن دون النسائي؛ لأنه كما عرفنا التلميذ لا يحتاج إلى أن يقول هو، وإنما ينسبه كما يريد.
[عن زيد بن أبي أنيسة].
ثقة له أفراد، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[عن حماد].
هو حماد بن أبي سليمان الأشعري الكوفي وهو صدوق له أوهام، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن إبراهيم].
هو إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي وهو ثقة، فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو الشخص الذي ذكرت مراراً أنه هو الذي يذكر عنه أنه هو أول من عبر بالعبارة المشهورة: (ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه) فإنه هو الذي أثر عنه أنه أول من عبر بهذه العبارة، ما لا نفس له سائلة يعني: ما لا دم له، مثل الذباب، والجراد وما إلى ذلك لا ينجس الماء إذا مات فيه؛ لأنه ليس له دم، ويستدلون على ذلك بحديث الذباب الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه) وقالوا: إن غمسه قد يكون الماء حاراً فيترتب على غمسه أنه يموت، والرسول صلى الله عليه وسلم أرشد إلى استعمال الماء بعد غمس الذباب فيه، واحتمال أنه يموت بغمسه إذا كان حاراً، قالوا: فهذا يستفاد منه، ويستنبط منه أن ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه، وهو الذي اشتهر عنه الكلمة المشهورة: كانوا يضربوننا على اليمين، والعهد ونحن صغار، يعني: يؤدبونهم بألا يتهاونوا بأمر اليمين، والعهود، وأنهم يعودون أنفسهم عليها فلا يكون لها احترام عندهم، بل يعظمون ذلك عندهم وفي نفوسهم حتى لا يتساهلوا فيه وحتى لا يكون الحلف على الواحد منهم سهلاً ميسوراً، وكذلك العهد لا يكون سهلاً ميسوراً عليه، بل يجد هناك ما يمنعه، ويحول بينه وبين أن يقدم على ذلك، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن علقمة بن قيس].
هو علقمة بن قيس النخعي الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله].
هو عبد الله بن مسعود، رضي الله تعالى عنه الصحابي الجليل من المهاجرين ومن فقهاء الصحابة وعلمائهم وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
قال في آخره: قال عبيد الله قال زيد عن إبراهيم عن علقمة قال: لقد رأيت ابن مسعود يعلمنا هؤلاء الكلمات كما يعلمنا السورة من القرآن، فكان يعلمهم ذلك كما كان يعلمهم السورة من القرآن، والرسول عليه الصلاة والسلام كما جاء عن ابن مسعود أنه قال: كان يعلمهم هذا التشهد كما كان يعلمهم القرآن، فالرسول صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه والصحابة كانوا يعلمون التابعين، وهذا يدلنا على أن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام بلغ البلاغ المبين، وعلى أن أصحابه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم أدوا ما تحملوه على التمام، والكمال، ونصحوا للأمة غاية النصح، وبذلوا الجهود العظيمة المضنية في بيان الحق، وإظهاره والدلالة عليه رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، فلهم الفضائل الجمة، وهم المتصفون بالصفات الحميدة، وهم السباقون إلى كل خير، والحريصون على كل خير، والذين ما كان مثلهم في الماضي، ولا يكون مثلهم في المستقبل، ولا يحبهم إلا مؤمن، ولا يغضبهم إلا منافق يسوؤه نصرة الإسلام وانتشار الإسلام، وظهور الحق؛ لأن الحق ما عرف إلا عن طريق الصحابة، وما عرف الناس كتاباً، ولا سنة إلا عن طريق الصحابة، والذي يقدح في الصحابة يقدح في الكتاب والسنة؛ لأن الكتاب جاء عن الصحابة، والسنة جاءت عن الصحابة، ومن يعيب الصحابة، ويقدح فيهم فإنه لا صلة له بالرسول صلى الله عليه وسلم إطلاقاً، بل الصلة بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم مبتوتة مقطوعة لا علاقة له بالنبي الكريم عليه الصلاة والسلام؛ لأن الحق والهدى ما عرفه من جاء بعد الصحابة إلا عن طريق الصحابة، وهذا من أجل مناقبهم وأفضل مناقبهم، أنهم أكرمهم الله عز وجل في الحياة الدنيا بصحبة النبي صلى الله عليه وسلم، والجهاد معه، والدفاع عنه، والذب عنه، وكذلك مشاهدته، والنظر إلى أفعاله، وحركاته، وسكناته، وسماعه كلامه من فمه الشريف، وتحملوا الكتاب والسنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم وأدوها كاملة على التمام، والكمال فكانوا هم الواسطة بين الناس وبين رسول الله عليه الصلاة والسلام.
ومن المعلوم أن القدح في الناقل قدح في المنقول، فالذي يقدح في الصحابة يقدح في الكتاب والسنة، والذي لا يعتبر ما جاء عن الصحابة لا يعتبر الكتاب والسنة، وهذا شأن المنافقين الذين يظهرون الإيمان، ويبطنون الكفر.
شرح حديث ابن مسعود في كيفية التشهد الأول من طريق سادسة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبد الرحمن بن خالد الرقي حدثنا حارث بن عطية وكان من زهاد الناس عن هشام عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (كنا إذا صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نقول: السلام على الله، السلام على جبريل، السلام على ميكائيل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقولوا السلام على الله فإن الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله)].أورد النسائي حديث ابن مسعود رضي الله عنه من طريق أخرى، وفيه أنهم كانوا يقولون: [(السلام على الله من عباده، السلام على جبريل، السلام على ميكائيل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم، لا تقولوا: السلام على الله فإن الله هو السلام)]، والصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم كانوا يقولون هذا الكلام، والنبي عليه الصلاة والسلام قال لهم: لا تقولوا السلام على الله من عباده، فإن الله تعالى هو السلام، فهو السلام، ومنه السلام، ولا يقال: عليه السلام أو يسلم عليه؛ لأن السلام دعاء للمسلم عليه، والله تعالى هو الذي يدعى وهو الذي يرجى، وهو الذي منه السلام هو السلام ومنه السلام، هو المتصف بهذا الوصف والمتسمي بهذا الاسم وهو الذي منه السلام لعباده، هو الذي يسلم من يشاء من عباده، وهو الذي يمنحهم السلامة، والعافية، فلا يقال: السلام على الله من عباده، وإنما يقال كما أرشد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، دعاء للنبي عليه الصلاة والسلام، يدعى الله له.
ثم: [(السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين)]، يسلم الإنسان على نفسه وعلى كل عبد صالح في السماء والأرض، يعني: يدعو لنفسه، ولغيره، فأرشد النبي الكريم عليه الصلاة والسلام إلى أنه لا يسلم على الله، فلا يقال: السلام على الله من عباده، وإنما يقال: اللهم أنت السلام، ومنك السلام كما جاء في الذكر بعد الصلاة، فهو اسمه السلام وهو الذي منه السلام هو الذي يمنح السلام، وهو الذي يتفضل بالسلامة، والتوفيق، هو الذي يمنح ذلك وهو الذي يجود به، فهو يدعى ولا يدعى له الله تعالى يدعى والنبي صلى الله عليه وسلم يدعى له، ولا يدعى، النبي والمخلوقون بل يدعى لهم ولا يدعون، والله تعالى هو الذي يدعى وحده لا شريك له، هو الذي يدعى، ويرجى، ويعتمد عليه، ويتوكل عليه، ولهذا أرشد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إلى أنهم لا يقولون: السلام على الله من عباده، فإن الله تعالى هو السلام، هو الذي يسلم وهو الذي يمنح السلام، لا يطلب له السلام، ولا يطلب له شيئاً ، وإنما يطلب منه الأشياء، فالطلب منه لا له، والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم يطلب له، ولا يطلب منه، يسأل له، ولا يسأل منه.
إذاً: فالسلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته دعاء له بالسلامة، والرحمة، والبركة من الله سبحانه وتعالى.
ثم: [(السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين)]، دعاء يدعو العبد لنفسه ولكل عبد صالح في السماء والأرض، وذكرت في الدرس الماضي أن من وفقه الله عز وجل لأن يكون من أهل الصلاح فإنه يكون له نصيب من دعاء الداعين المصلين في صلواتهم بهذا الدعاء: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين؛ لأنها تعود إلى كل عبد صالح في السماء والأرض، يعني: هذا الدعاء يكون لكل عبد صالح في السماء والأرض، فإذا وفق الإنسان لأن يكون من أهل الصلاح فإنه يكون له نصيب من دعاء الداعين في مشارق الأرض، ومغاربها، كل من يصلي يقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وإذا كان الرجل وإذا كان العبد من الصالحين الموفقين فإنه يكون من أهل هذا الدعاء أي: من الذين يدعى لهم بهذا الدعاء، والذين يشملهم هذا الدعاء الذي يقوله كل مصل في فرض، وفي نفل.
ثم بين لهم النبي صلى الله عليه وسلم كيف يقولون: التحيات لله والصلوات إلى آخر الحديث، وفي هذا الحديث زيادة: وحده لا شريك له بعد أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، والرواية الأخرى عن ابن مسعود ليس فيها ذكر: وحده لا شريك له، فوحده لا شريك له هذه تأكيد لأشهد أن لا إله إلا الله؛ لأن وحده تأكيد لـ(إلا الله)، ولا شريك له توكيد لـ(لا إله)، فكأن لا إله إلا الله جاءت مرتين، مرة أشهد أن لا إله إلا الله، ومرة بالتأكيد بقوله: وحده لا شريك له، لأن وحده لا شريك له مثل لا إله إلا الله تماماً، لأن فيها نفي، وإثبات، إلا أن لا إله إلا الله النفي في أولها والإثبات في آخرها، وهذه جاء الإثبات في أولها والنفي في آخرها، فالإثبات في أولها وهو كلمة (وحده)، والنفي في آخرها وهو (لا شريك له).
والشيخ الألباني يقول: أن هذا شاذ، يعني: هذه الزيادة؛ لأن الطرق التي جاءت عن ابن مسعود ليس فيها ذكر هذه الزيادة، لكن هذه الزيادة جاءت في بعض التشهدات الأخرى التي هي عن غير ابن مسعود، فكونها جاءت من بعض الثقات الذي يبدو أنه لا بأس بالأخذ بها، ولها شاهد يعني: لهذه الزيادة شاهد عن غير ابن مسعود عن بعض الصحابة الذين رووا هذا التشهد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني: جاء فيه: وحده لا شريك له التي هي بمعنى لا إله إلا الله والتي هي تأكيد لـ(لا إله إلا الله).

يتبع


ابوالوليد المسلم 30-11-2021 08:15 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود في كيفية التشهد الأول من طريق سادسة
قوله: [أخبرنا عبد الرحمن بن خالد].هو عبد الرحمن بن خالد الرقي، وفي بعض النسخ القطان، ولا تنافي بين القطان، والرقي فهو قطان وهو رقي، إن قيل القطان فهو صحيح، وإن قيل الرقي فهو صحيح، لا تنافي بينها، لأن بعض النسخ جاء فيها القطان وبعضها جاء فيها الرقي، وهو رقي وهو يلقب القطان، فلا تنافي بينها، يعني: كلها حق؛ لأنه عبد الرحمن بن خالد القطان الرقي فكل من النسبتين صحيحة. وهو صدوق، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[حدثنا حارث بن عطية].
حارث بن عطية صدوق يهم، أخرج حديثه النسائي وحده.
[وكان من زهاد الناس].
قال: وكان من زهاد الناس، يعني: هذه من تلميذه الذي روى عنه؛ لأن هذا هو الذي يشعر بأنه هو الذي قال هذه الكلمة، أنه روى عنه وقال: وكان من زهاد الناس، أخرج له النسائي وحده.
[عن هشام].
هو ابن أبي عبد الله الدستوائي، وهو ثقة، ثبت، حجة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود].
وهؤلاء الأربعة مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.
شرح حديث ابن مسعود في كيفية التشهد الأول من طريق سابعة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا خالد حدثنا هشام هو الدستوائي عن حماد عن أبي وائل عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنقول: السلام على الله، السلام على جبريل، السلام على ميكائيل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقولوا: السلام على الله، فإن الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله)].أورد النسائي: حديث ابن مسعود من طريق أخرى وهو بنفس اللفظ المتقدم، وفيه أيضاً مثلما في الذي قبله كانوا يقولون: السلام على الله من عباده، السلام على جبريل، وميكائيل، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تقولوا: السلام على الله من عباده فإن الله هو السلام، ولكن قولوا...الخ، الدعاء الذي أرشد إليه يشملهم؛ لأن: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين يدخل فيها جبريل، وميكائيل، وغيرهم، لأنها تعود إلى كل عبد صالح في السماء، والأرض، ولكن الذي نبه عليه الرسول صلى الله عليه وسلم هو: السلام على الله، فإنه لا يسلم عليه؛ لأن السلام دعاء للمسلم عليه، والله تعالى هو الذي يدعى، ويرجى لغيره، يرجى لغيره أن يسلمه، يعني: يدعى للرسول صلى الله عليه وسلم ويدعى للملائكة، ويدعى للبشر يدعى للناس، يدعى لكل عبد صالح في السماء والأرض؛ لأن الله تعالى هو الذي يطلب منه، ولا يطلب له، وأما الخلق يطلب لهم، ولا يطلب منهم، والرسول صلى الله عليه وسلم يدعى له، ولا يدعى، لا يأتي الإنسان إليه ويقول: يا رسول الله! أغثني، يا رسول الله! مدد، يا فلان! أريد كذا، يا الولي الفلاني! حقق لي كذا، يا الرسول الفلاني! أعطني كذا، وسيد الرسل، وخير الخلق نبينا محمد عليه الصلاة والسلام لا يجوز لأحد أن يطلب منه أشياء، وإنما يدعو له صلى الله عليه وسلم ويثني عليه بما يستحقه دون غلو، وتجاوز للحدود، ولكنه لا يطلب منه بل يطلب له، اللهم صل وسلم وبارك عليه هذا دعاء له، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته دعاء له بالسلامة والرحمة والبركة، فيطلب له، ولا يطلب منه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود في كيفية التشهد الأول من طريق سابعة
قوله: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود].هو أبو مسعود البصري، أبو مسعود كنيته توافق اسم أبيه، وقد مر ذكره كثيراً، وهو ثقة، حافظ، أخرج له النسائي وحده.
[حدثنا خالد].
وهو ابن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا هشام هو الدستوائي].
هو الذي مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا، وكلمة: [هو الدستوائي] الذي قالها من دون خالد بن الحارث، وهو إسماعيل بن مسعود، أو النسائي، أو من دون النسائي، وقد مر ذكر هشام الدستوائي.
[عن حماد].
هو حماد بن أبي سليمان الأشعري، صدوق، له أوهام، خرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن.
[عن أبي وائل].
أبو وائل هو شقيق بن سلمة الكوفي ثقة، مخضرم، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته، وأيضاً مشهوراً باسمه، يأتي ذكره أحياناً باسمه شقيقاً، وأحياناً بكنيته وهو كثير، ومعرفة كنى المحدثين فائدتها دفع توهم التعدد، بأن يظن الشخص الواحد شخصين إذا جاء ذكره في بعض الأسانيد شقيق، وجاء ذكره في الأسانيد الأخرى أبو وائل الذي لا يعرف أن أبا وائل كنية لـشقيق يظن أن شقيق شخص، وأن أبا وائل شخص آخر، ومن يعرف لا يلتبس عليه الأمر سواء وجد أبا وائل بهذا اللفظ وحده أو وجد شقيقاً بهذا اللفظ وحده يعرف أن هذا هو هذا وأن هذا هو هذا، دون أن يكون هناك التباس في أن يظن التعدد، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن مسعود].
وهو الذي مر ذكره كثيراً في هذه الطرق.
حديث ابن مسعود في كيفية التشهد الأول من طريق ثامنة وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا بشر بن خالد العسكري حدثنا غندر حدثنا شعبة عن سليمان ومنصور وحماد ومغيرة وأبي هاشم عن أبي وائل عن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في التشهد: (التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله)، قال أبو عبد الرحمن: أبو هاشم غريب].أورد النسائي: هذا الحديث حديث ابن مسعود من طريق أخرى، وهي بلفظ الصيغ المتقدمة: التحيات لله والصلوات والطيبات.. إلخ.
قوله: [أخبرنا بشر بن خالد].
بشر بن خالد العسكري، ثقة، يغرب، أخرج له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[حدثنا غندر].
وهو محمد بن جعفر البصري، ولقبه غندر يأتي ذكره باللقب، ويأتي ذكره بالاسم، وكثيراً ما يأتي ذكره عندما يروي عن شعبة بلفظ محمد دون أن ينسب، وهو محمد بن جعفر الذي هو غندر، ويأتي ذكره أحياناً بلقبه دون اسمه كما هنا فإنه قال: غندر عن شعبة، وغندر هو محمد بن جعفر، ومعرفة ألقاب المحدثين فائدتها ألا يظن الشخص الواحد شخصين فيما إذا جاء في بعض الأسانيد غندر وفي بعضها محمد بن جعفر الذي لا يعرف أن محمد بن جعفر يلقب غندراً يظن أن غندراً شخصٌ آخر غير محمد بن جعفر، والذي يعلم أن هذا لقب لـمحمد بن جعفر لا يلتبس عليه الأمر، مثلما قيل في الكنى بالنسبة للمثال المتقدم وهو أبو وائل واسمه شقيق.
[عن شعبة].
هو: شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن سليمان ومنصور وحماد ومغيرة وأبو هاشم].
سليمان، ومنصور، وحماد، ومغيرة، وأبو هاشم خمسة أشخاص يروي عنهم شعبة فهم خمسة أشخاص في طبقة واحدة، يعني: كلهم شيوخ لـشعبة، وكلهم تلاميذ لـأبي وائل، كلهم يروون عن أبي وائل وكلهم يروي عنهم شعبة، يعني: هؤلاء الخمسة.
فأما سليمان، فهو ابن مهران الكاهلي الأعمش المشهور بلقبه الأعمش، يأتي ذكره بالاسم كما هنا، ويأتي ذكره بـالأعمش كثيراً، وهذا من جنس غندر الذي ذكرت؛ لأن من لا يعرف أن الأعمش لقب لـسليمان يظن أن سليمان شخص آخر غير الأعمش، ولكن من يعرف أن الأعمش وصاحب اللقب هو سليمان بن مهران فإنه لا يلتبس عليه الأمر، إن جاء سليمان أو جاء الأعمش هو شخص واحد يذكر في بعض المواضع، أو في بعض الأحيان باسمه، ويذكر في بعض الأحيان بلقبه.
ومنصور، هو ابن المعتمر الكوفي وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن حماد].
هو حماد بن أبي سليمان الذي مر ذكره.
[ومغيرة].
هو المغيرة بن مقسم الضبي الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهذا المغيرة بن مقسم هو الذي ذكروا في ترجمته أنه احتلم وعمره اثنتا عشرة سنة، يعني: بلغ سن الحلم وعمره اثنتا عشرة سنة، يعني: احتلم في وقت مبكر، ومثله عبد الله بن عمرو بن العاص فإنه ذكر عنه أنه ليس بينه، وبين أبيه إلا اثنتا عشرة سنة، يعني: بل هذا يمكن أكبر أو أقدم من المغيرة بن مقسم، وجاء بينه وبين أبيه ثلاث عشرة سنة، فهو أيضاً احتلم في وقت مبكر، وولد له في وقت مبكر، ولد له قبل أن يبلغ أربع عشرة سنة، ولد لـعمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه ابنه عبد الله قبل أن يبلغ أربع عشرة سنة، فهو إما عمره اثنا عشر أو ثلاث عشرة لما ولد له ابنه عبد الله بن عمرو، والمغيرة بن مقسم الضبي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وأبو هاشم].
هو يحيى بن دينار الرماني الواسطي وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وقد قال النسائي في الآخر: أبو هشام غريب، يعني: يقصد بذلك أنه غريب يعني: بالنسبة لأبي هشام، وإلا فإنه جاء من طرق، ولكن ذكر أبي هاشم يعني: أنه من قبيل الغريب، وهذا الغريب يسمى الغريب النسبي، لأن الغريب المطلق هو الذي يأتي من طريق واحد، وأما النسبي فهو بالنسبة إلى غيره، يعني: بالنسبة إلى ذلك الشخص وإلا فإنه ليس غريباً، هو غريب باعتبار هذا الشخص وإلا فإنه ليس غريباً؛ لأنه جاء له طرق أخرى غير طريق أبي هاشم.
[عن أبي وائل عن عبد الله].
مر ذكرهما.
شرح حديث ابن مسعود في كيفية التشهد الأول من طريق تاسعة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا الفضل بن دكين حدثنا سيف المكي سمعت مجاهداً يقول: حدثني أبو معمر سمعت عبد الله رضي الله عنه يقول: (علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن، وكفه بين يديه: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله)].أورد النسائي حديث ابن مسعود في التشهد من طريق أخرى، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم علمهم التشهد كما يعلمهم السورة من القرآن، والحديث الأول الذي مر أن ابن مسعود كان يعلمهم كما يعلمهم السورة من القرآن، فـابن مسعود رضي الله عنه اقتدى بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فإن الرسول علمهم التشهد كما يعلمهم السورة من القرآن، وابن مسعود صار يعلم أصحابه، ويعلم غيره التشهد كما يعلمهم السورة من القرآن، وهو كما ذكرت دال على حرص الصحابة على الخير، وعلى تبليغهم السنن وعلى تعليم الناس الحق، والهدى الذي جاء به المصطفى صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وهذه من أجل مناقبهم، وأفضل مناقبهم رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، أن يكونوا هم الواسطة بين الناس وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم الداعون إلى هذا الحق، والهدى، والدالون عليه، ومن دل على خير فله مثل أجر فاعله، ومن دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص من أجورهم شيئاً رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
قوله: (وكفه بين يديه) يعني: كف ابن مسعود بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم، يعني: واضع يده بين يدي الرسول عليه الصلاة والسلام، وهذا يدل على الضبط، والإتقان من عبد الله بن مسعود، لأنه ضبط الهيئة التي كان عليها عندما علمه النبي صلى الله عليه وسلم التشهد، وأن يده بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم، يعني: وضع الرسول صلى الله عليه وسلم كف عبد الله بن مسعود بين كفيه، يعني: أن يد عبد الله بن مسعود بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعلمه التشهد، وهذا يدل على ضبط الراوي؛ لأنه ضبط الحديث، وضبط مع الحديث الهيئة التي كانت عند التحديث بهذا الحديث، وهذا مما يستدل به العلماء على ضبط الراوي ما رواه، يعني: كونه يحدث بالحديث، ويخبر عن هيئة حصلت وقت سماع الحديث، يعني: هيئة معينة، حصلت عند التحديث بالحديث، فهذا يدل على ضبط الراوي ما رواه، وإتقانه له، وكفه بين كفيه.
ثم ذكر التشهد الذي هو في الصيغة المشهورة: (التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله).
تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود في كيفية التشهد الأول من طريق تاسعة
قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو ابن مخلد المشهور بـابن راهويه الحنظلي المروزي، وهو ثقة، ثبت، إمام، مجتهد، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث وهي من أعلى صيغ التعديل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه ، فإنه لم يخرج له شيئاً.
[أخبرنا الفضل بن دكين].
هو أبو نعيم مشهور بكنيته، ومشهور باسمه، ويأتي ذكره كثيراً بالكنية أبي نعيم، وهو من كبار شيوخ البخاري الذين أدركهم البخاري في أول حياته، وأما النسائي فإنه لم يدركه كما ذكرت قريباً أن الفضل بن دكين توفي سنة مائتين وثمانية عشر، والنسائي ولد سنة مائتين وخمسة عشر، فعمر النسائي لما مات الفضل بن دكين ثلاث سنوات، ولهذا يروي عنه بواسطة، وهو من كبار شيوخ البخاري الذين ما أدركهم مثل النسائي، بخلاف صغار شيوخ البخاري الذين أدركهم مثل محمد بن بشار، ومحمد بن المثنى، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي الذين توفوا قبل البخاري بأربع سنوات، هذا توفي في أول حياة البخاري، والبخاري في حدود سن العشرين، وكانت وفاته مائتين وستة وخمسين، والفضل بن دكين توفي مائتين وخمسة عشر، والنسائي ولد مائتين وخمسة عشر، فهو لم يدركه ولهذا يروي عنه بواسطة.
والفضل بن دكين أبو نعيم، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، ووصف بأن فيه تشيع، لكن تشيع مثله لا يؤثر؛ لأنه قد جاء عنه أنه قال: رحم الله عثمان، ولا رحم الله من لا يترحم على عثمان، ومن المعلوم أن الرافضة لا يترحمون على عثمان، وإنما يبغضون عثمان، ويبغضون الصحابة، ولا يتولون إلا عدداً يسيراً منهم.
وأبو نعيم هذه الكنية اشتهر بها الفضل بن دكين الذي هو من كبار شيوخ البخاري، وقد اشتهر بها أبو نعيم الأصبهاني المؤلف المصنف صاحب التآليف مثل حلية الأولياء ومثل تاريخ معرفة الصحابة وغيرها من الكتب، وهو متأخر كثيراً عن هذا لأنه توفي سنة أربعمائة وثلاثين في القرن الخامس الهجري، وهو مشهور بكنتيه أبي نعيم .
[حدثنا سيف المكي].
وهو ابن سليمان المكي وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[سمعت مجاهداً يقول].
هو ابن جبر المكي ثقة، عالم بالتفسير وغيره، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثني أبو معمر].
هو عبد الله بن سخبرة وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[سمعت عبد الله يقول].
هو ابن مسعود وهو الذي جاء في الطرق المتعددة عنه رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
الأسئلة

معنى كلمة مخضرم
السؤال: ما معنى قولكم: هو مخضرم؟الجواب: المخضرم هو الذي أدرك الجاهلية والإسلام، ولم يلق النبي صلى الله عليه وسلم، يعني: أنه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه لم يظفر، ولم يتشرف برؤيته، والالتقاء به، هو كان موجوداً في زمانه، وأدرك زمن الجاهلية، وأدرك الإسلام، ولكنه لم يتشرف بلقي الرسول صلى الله عليه وسلم، وهم عدد، ذكر منهم مسلم عدداً كبيراً، وقد مر بنا أبو وائل، والأسود، والمعرور بن سويد، وسويد بن غفلة، وعدد كبير من المخضرمين، والصنابحي الذي كان قدم من اليمن ليلقى الرسول صلى الله عليه وسلم، ولما وصل الجحفة التي هي بجوار رابغ التي هي ميقات أهل الشام والمغرب جاء ركبان من المدينة فأخبروهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم توفي، فلهذا قالوا في ترجمته: كاد أن يكون صحابياً، ما بينه وبين الصحبة إلا شيئاً يسيراً؛ لأنه جاء ليلقى النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم مات وهو في الطريق إليه، فقالوا: كاد أن يكون صحابياً.
المحافظة على الصلاة في وقتها
السؤال: مسلم يعمل في أحد المصانع في أوروبا، ولا يوجد مسلم غيره في ذلك المصنع، ويدركه وقت صلاة الظهر في عمله، ويخاف إن صلى من مديره المسيحي المتعقد، فقد يفصله من عمله أو يحرمه العلاوات، هل يجوز له تأخير صلاة الظهر إلى العصر فيجمعهما؟الجواب: لا، لا يجوز له ذلك، وإنما يصلي الصلاة في وقتها، ولا يدخل في العمل إلا على أساس أنه يمكن من الصلاة في وقتها؛ لأن هذا العمل هو غذاء للحياة الدنيا الفانية، وأما الصلاة فهي زاد الحياة الباقية، ومن المعلوم أن الحرص على الحياة الباقية، وإيثارها أولى وأعظم، وأجل من كون الإنسان يقدم الحق الدنيوي، ويقصر في الحق الأخروي أو الواجب الأخروي، وإنما يبحث عن عمل آخر أو يقول لهؤلاء الكفار: إنه لا يعمل بهذا العمل إلا إذا مكن من الصلاة، وإذا حيل بينه وبين الصلاة في وقتها فإنه يترك العمل ويبحث عن عمل آخر، والله تعالى يقول: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ )[الطلاق:2-3] والرزق بيد الله عز وجل، ولن تموت نفس حتى تستكمل رزقها.
درجة حديث من قيل في أحد رواته: (فيه لين)
السؤال: ما درجة الحديث الذي في إسناده من قيل فيه: فيه لين؟الجواب: (فيه لين) درجته أنه يحتاج إلى جبر، ويحتاج إلى ما يعضده.
قبول زيادة الثقة
السؤال: متى تقبل زيادة الثقة؟الجواب: تقبل زيادة الثقة إذا جاءت من طريق ثقة فإنها تكون مقبولة.


ابوالوليد المسلم 30-11-2021 08:16 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب التطبيق)
(220)


- (باب نوع آخر من التشهد) إلى (باب ترك التشهد الأول)
للتشهد صور متعدد، وأصحها رواية ابن مسعود رضي الله عنه، والتشهد الأخير ركن من أركان الصلاة، لا تصح الصلاة إلا به، بخلاف التشهد الأول فإن تركه سهواً لا يبطل الصلاة، وتجبره سجدتا السهو.
نوع آخر من التشهد

شرح حديث أبي موسى الأشعري في كيفية التشهد
قال المصنف رحمه الله تعالى: [نوع آخر من التشهد.أخبرنا عبيد الله بن سعيد أبو قدامة السرخسي حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا هشام حدثني قتادة عن يونس بن جبير عن حطان بن عبد الله أن الأشعري رضي الله عنه قال: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا فعلمنا سنتنا وبين لنا صلاتنا، فقال: أقيموا صفوفكم، ثم ليؤمكم أحدكم، فإذا كبر فكبروا، وإذا قال: (وَلا الضَّالِّينَ )[الفاتحة:7] فقولوا: آمين يجبكم الله، وإذا كبر الإمام وركع فكبروا، واركعوا فإن الإمام يركع قبلكم ويرفع قبلكم، قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: فتلك بتلك، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا لك الحمد يسمع الله لكم، فإن الله عز وجل قال على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم: سمع الله لمن حمده، ثم إذا كبر الإمام وسجد فكبروا واسجدوا؛ فإن الإمام يسجد قبلكم ويرفع قبلكم، قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: فتلك بتلك، فإذا كان عند القعدة فليكن من أول قول أحدكم أن يقول: التحيات الطيبات الصلوات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله)].
هنا أتى نسائي بهذه الترجمة، فهي: (نوع آخر من التشهد) أورد النسائي حديث عبد الله بن مسعود في صفة التشهد في طرق كثيرة عن عبد الله بن مسعود، وقال بعض أهل العلم: أن تشهد ابن مسعود هو أصح التشهدات الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه ورد عن غير ابن مسعود ما هو صحيح، ولكن الذي ورد عن ابن مسعود هو الأصح، وبعد أن أورد النسائي الطرق المتعددة لطرق ابن مسعود عقب بعد ذلك بأنواع أخرى من التشهد جاءت عن غير عبد الله بن مسعود، فبدأ بما جاء عن أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه، وهو أنه قال: إن النبي عليه الصلاة والسلام خطبنا وعلمنا سنتنا، وبين لنا صلاتنا.
قوله: خطبنا رسول الله عليه الصلاة والسلام، وبين لنا سنتنا، وعلمنا صلاتنا فيه بيان ما كان عليه الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام من بيان السنن، وإبلاغها على المنابر حتى يكثر السامعون لها، وحتى يكون الآخذون لها كثيرين، وهذا من كمال نصحه عليه الصلاة والسلام، وشفقته على أمته، حيث بين للأمة أمور دينها، وبين لها كل ما تحتاج إليه، وقد جاء عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما في صحيح مسلم ضمن حديث طويل: [(ما بعث الله من نبي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، ويحذرهم شر ما يعلمه لهم)]، وقد حصل هذا لرسل الله عليهم الصلاة والسلام، ونبينا محمد عليه الصلاة والسلام بلغ البلاغ المبين، ونصح للأمة غاية النصح، وما ترك أمراً يقرب إلى الله إلا ودل الأمة عليه، وما ترك أمراً يبعد من الله إلا وحذر الأمة منه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وقد جاء عن ابن شهاب الزهري رحمة الله عليه أنه قال: من الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ وعلينا التسليم، الله تعالى أرسل الرسل وما ترك الناس هملاً لا يؤمرون، ولا ينهون، بل أرسل الرسل مبشرين، ومنذرين يدلونهم على طرق الخير، ويحذرونهم من طرق الشر، ومن سار على منهاج الرسل وعلى طريقة الرسل هو الذي سعد في دنياه وأخراه، ومن حاد عن طريقهم فإنه خسر الدنيا والآخرة وذلك هو الضلال المبين.
والرسول الكريم عليه الصلاة والسلام -كما قال أبو موسى: بين لنا سنتنا، وعلمنا صلاتنا، والمراد بالسنة هنا الطريقة، والمنهج الذي يسلكونه في التعبد وفي عبادة الله عز وجل، يعني: كونهم على سنة وعمل بمنهاج نبوة، وعلى طريقة مستقيمة، والسنة تطلق إطلاقات؛ تطلق إطلاقاً عاماً يشمل كل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من كتاب وسنة، فهذا كله يقال له: سنة الرسول؛ لأنه طريقته، ومنهجه؛ أعني: الطريقة والمنهج الذي يوصل إلى الله عز وجل، ولا سبيل للهداية، وبلوغ الغايات الحميدة، والوصول إلى السلامة، والنجاة إلا باتباع الوحي الذي جاء به الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، فالسنة تطلق إطلاقاً عاماً يشمل كل ما جاء في الكتاب والسنة، ومن ذلك قوله: (من رغب عن سنتي فليس مني)، يعني: طريقته، ومنهجه الذي هو الكتاب والسنة.
وتطلق السنة أيضاً ويراد بها الوحي الغير المتلو؛ لأن الوحي وحيان وحي متلو متعبد بتلاوته معجز، ووحي متعبد بالعمل به كالقرآن، وهو السنة، فإذا قيل: دل عليه الكتاب والسنة فالمراد بذلك حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا إطلاق آخر، يعني: غير الإطلاق الأعم.
وتطلق السنة أيضاً على ما يقابل البدعة، ومن المعلوم أن طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم هي السنة وما يخالفها هو البدعة، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد)، وقال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد).
وقوله: (وعلمنا صلاتنا) هذا من التخصيص بعد التعميم؛ لأن الصلاة هي من جملة السنة التي بينها الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن السنة بيانها يشمل الصلاة، وغير الصلاة، ولكن هذا تخصيص لصلاة، وتنويه بشأنها، ولهذا بين بعد ذلك الكيفية التي علمهم إياها رسول الله عليه الصلاة والسلام فيما يتعلق بالصلاة؛ لأن المقام هو مقام بيان الصلاة ومتابعة الإمام في الصلاة.
قوله: [(علمنا سنتنا وبين لنا صلاتنا فقال)].
(فقال) أي: في بيان الصلاة، [(أقيموا صفوفكم)] يعني: الناس الجماعة عندما يصفون للصلاة عليهم أن يقيموا الصفوف، ويتراصوا فيها، وألا يجعلوا فيها عوجاً وفرجاً، وإنما يكملون الصف الأول فالأول، ولا يبدأ الصف الثاني إلا إذا امتلأ الأول، ولا يبدأ الثالث إلا إذا امتلأ الثاني وهكذا، تقام الصفوف وتسوى الأول فالأول.
قوله: [(ثم ليؤمكم أحدكم)].
الجماعة لابد لهم من إمام يؤمهم، والمأموم إن كان واحداً فيقف عن يمين الإمام، وإن كان المأموم اثنين فأكثر فإنهم يقفون وراءه وإذا كثروا فإنهم يكونون صفوفاً، فإذا امتلأ الصف الأول يبدأ بالصف الثاني، وإذا امتلأ الثاني يبدأ بالثالث وهكذا.
متابعة المأمومين لإمامهم في أفعال الصلاة
قوله: [(فإذا كبر فكبروا)].يعني: إذا دخل في الصلاة وقال: الله أكبر فكبروا وراءه ولا تسبقوه، ولا توافقوه، ولا تتأخروا عنه كثيراً، بل تابعوه، يعني: إذا فرغ فابدءوا من حيث ما يفرغ الإمام؛ من حينما يكبر فكبروا، فإذا قال: الله أكبر فقولوا: الله أكبر.
قوله: [(وإذا قال: ولا الضالين فقولوا: آمين)].
يعني: وإذا قرأ الفاتحة، وقال: ولا الضالين فقولوا: آمين يجبكم الله؛ لأن آمين معناها: اللهم استجب، هذا هو معنى آمين يعني: هذا الدعاء الذي دعوتم به وقلتم: آمين التي معناها: اللهم استجب فإنه يجبكم الله عز وجل عليه.
قوله: [(وإذا كبر الإمام ورفع فكبروا واركعوا)].
يؤتى بالتكبير ويؤتى بالركوع، الفعل والقول، يؤتى بالفعل الذي هو الركوع والهوي إلى الركوع ويؤتى بالقول الذي هو: الله أكبر عند الركوع.
قوله: [(فإن الإمام يركع قبلكم ويرفع قبلكم)].
فإن الإمام يركع قبلكم، ويرفع قبلكم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (هذه بتلك)، يعني: أن اللحظة التي سبقكم بها تعوض عنها اللحظة التي تأخرتم عنه بها، معناه: أن مقدار ركوعكم مقدار ركوعه تماماً إلا أنه يسبقكم هو بالركوع وتتأخرون عنه قليلاً، ويسبقكم في القيام، وأنتم تتأخرون عنه قليلاً، فتأخركم عنه قليلاً يعادل سبقه لكم في الركوع ويساويه، فمقدار ركوعكم هو مقدار ركوعه، لا يزيد عليكم شيئاً، يسبقكم في الركوع، ثم يسبقكم في القيام وأنتم تتأخرون عنه في القيام، فمقابل تأخركم عنه في الركوع صار ركوعكم يساوي مقدار ركوعه، ولهذا قال: (فهذه بتلك).
قوله: [(وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد يسمع الله لكم)].
فإذا قال: سمع الله لمن حمده -أي: إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده- فقولوا: ربنا ولك الحمد، فهذا فيه دليل على أن المأموم لا يقول: سمع الله لمن حمده، وإنما يقول: ربنا ولك الحمد، والإمام هو الذي يجمع بين التسميع، والتحميد، فإنه يقول: سمع الله لمن حمده ويقول: ربنا ولك الحمد، وأما المأموم فإنه يقول: ربنا ولك الحمد، وقد ذهب إلى هذا بعض أهل العلم واستدلوا بهذا الحديث وقالوا: إن النبي عليه الصلاة والسلام قال: [(إذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد)]، فلو كان يشرع لهم أن يقولوا: سمع الله لمن حمده لقال النبي صلى الله عليه وسلم: وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: سمع الله لمن حمده. مثل ما قال: وإذا كبر فكبروا، وإذا فعل كذا افعلوا كذا، فهنا غاير بين ما يفعله المأموم، وما يفعله الإمام، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد، وهذا هو القول الصحيح في المسألة، وبعض أهل العلم قال: إن المأموم أيضاً يسمع، فيقول: سمع الله لمن حمده، ويستدل على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي)، وهو يقول: سمع الله لمن حمده ويقول: ربنا ولك الحمد، ولكن يرد عليهم بأن هذا العموم مستثنى منه هذه الحالة، وأن المأموم لا يقول: سمع الله لمن حمده، وإنما يقول: ربنا ولك الحمد؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام فصل ذلك حيث قال: [(وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد)]، فلو كان هناك شيء يقوله المأموم قبل هذه الكلمة لقال النبي صلى الله عليه وسلم: فإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: سمع الله لمن حمده.
قوله: [(سمع الله لمن حمده يسمع الله لكم)]، يعني: يجبكم، لأن سمع بمعنى استجاب، سمع الله لمن حمده استجاب الله لمن حمده، وأما السماع الذي هو سماع الأصوات، والحركات فهذا يكون في كل شيء، فكل صوت مهما خفي، ومهما دق، فإن الله تعالى يسمعه، ولكن سمع هنا بمعنى استجاب، ولهذا قال: يسمع الله لكم، يعني: يجبكم، وليس معنى ذلك أنه يسمع، السماع الذي هو سماع الأصوات فإن الله يسمع كل شيء، لا يخفى عليه خافية في الأرض، ولا في السماء، فدبيب النمل -يعني: صوت دبيب النمل- الله تعالى يسمعه، والله تعالى يقول: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا )[المجادلة:1] امرأة تجادل الرسول صلى الله عليه وسلم في زوجها وعائشة قريبة من الرسول صلى الله عليه وسلم ومن هذه المرأة، وهي لا تسمع ذلك الكلام، ويخفى عليها ذلك الكلام، ولهذا تقول: سبحان من وسع سمعه الأصوات، فالله تعالى يسمع كل شيء لا يخفى عليه شيء أصلاً، ولهذا ليس معنى (يسمع لكم) أنه يسمع كلامكم، الله تعالى يسمع كل شيء، ولكن الذي يخصهم هو الإجابة، والذي يحصل لهم هو الإجابة.
ومن الكلمات اللطيفة التي تذكر في هذه المناسبة أن بعض سلف هذه الأمة سئل عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وقيل له: ماذا تقول في معاوية ؟ فقال ذلك الرجل من سلف هذه الأمة: ماذا أقول في رجل صلى خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي عليه الصلاة والسلام في الصلاة: سمع الله لمن حمده، فقال معاوية وراءه: ربنا ولك الحمد؟ ماذا أقول في رجل هذا شأنه وهذه حاله يصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول في الصلاة: سمع الله لمن حمده، ومعاوية مع المصلين وراءه يقولون: ربنا ولك الحمد، يعني: هذا يدلنا على شرف أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنقبتهم، وفضلهم، ولهذا فإن أي واحد منهم أفضل من أي واحد ممن جاء بعدهم، فالصحابة أفضل من التابعين، وخير القرون القرن الذي بعث فيه رسول الله عليه الصلاة والسلام ورضي الله تعالى عن الصحابة أجمعين.
قوله: [(قال: فإن الله عز وجل قال على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم: سمع الله لمن حمده)].
يعني: معناه: استجاب الله لمن حمده.
قوله: [(ثم إذا كبر الإمام، وسجد، فكبروا، واسجدوا فإن الإمام يسجد قبلكم ويرفع قبلكم)].
هذا يتعلق بالسجود وهو مثلما تقدم في الركوع تماماً، فقال: هذه بتلك، مثلها تماماً.
قوله: [(قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: فتلك بتلك، فإذا كان عند القعدة فليكن من أول قول أحدكم أن يقول: التحيات الطيبات الصلوات لله)].
(فإذا كان عند القعدة) يعني: التشهد، فليكن من أول قول أحدكم: [(التحيات الطيبات الصلوات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله)]، هذا التشهد مثل تشهد ابن مسعود إلا أنه يختلف عنه في أوله، تشهد ابن مسعود: (التحيات لله والصلوات والطيبات) وهنا يقول: [(التحيات الطيبات الصلوات لله)]، والباقي مثل تشهد ابن مسعود.
وقوله: [(فليكن من أول قول أحدكم)] هذا يدل على أنه يقال مع التشهد غيره، يعني: مثل الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن قوله: (من أول قول أحدكم)، معناه: يوجد شيء وراءه، وهذا هو محل الشاهد من الترجمة، ذكر ما يقال في التشهد.
تراجم رجال إسناد حديث أبي موسى الأشعري في كيفية التشهد
قوله: [أخبرنا عبيد الله].هو عبيد الله بن سعيد اليشكري السرخسي، وهو ثقة، مأمون، سني، أخرج له البخاري، ومسلم، والنسائي.
[حدثنا يحيى بن سعيد].
يحيى بن سعيد القطان، الثقة، الثبت، المحدث، الناقد، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا هشام].
هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وهو ثقة، ثبت، حجة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثني قتادة].
وهو ابن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن يونس بن جبير].
هو يونس بن جبير البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حطان بن عبد الله].
حطان بن عبد الله الرقاشي البصري، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[أن الأشعري].
وهو عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله تعالى عنه، صحابي مشهور، واسمه عبد الله بن قيس، وهو مشهور بكنيته أبي موسى، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
نوع آخر من التشهد

شرح حديث أبي موسى الأشعري في كيفية التشهد من طريق أخرى
قال المصنف رحمه الله تعالى: [نوع آخر من التشهد.أخبرنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام العجلي البصري حدثنا المعتمر سمعت أبي يحدث عن قتادة عن أبي غلاب وهو يونس بن جبير عن حطان بن عبد الله أنهم صلوا مع أبي موسى رضي الله عنه فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا كان عند القعدة فليكن من أول قول أحدكم: التحيات لله الطيبات الصلوات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله)].
هنا أورد النسائي حديث أبي موسى الأشعري من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله تقريباً إلا أن في أوله: [(التحيات لله والصلوات والطيبات لله)] وفي آخره: [(أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له)]، إضافة (وحده لا شريك له)، وهي مؤكدة للا إله إلا الله، يعني: لا إله إلا الله نفي وإثبات، (لا إله) نفي، و(إلا الله) إثبات، (لا إله) نفي عام و(إلا الله) إثبات خاص، ومعنى ذلك أنها تنفي العبادة عن كل من سوى الله، وتثبتها لله وحده لا شريك له، و(وحده لا شريك له) هذه تأكيد لكلمة الإخلاص؛ لأن وحده تأكيد للإثبات في (إلا الله) ولا شريك له تأكيد للنفي في (لا إله) فهي مؤكدة لكلمة الإخلاص، وهي بمعناها تماماً؛ لأنها مشتملة على نفي، وإثبات، وتلك الجملة مؤكدة لكلمة الإخلاص، والحديث فيه دليل على زيادة هذا التأكيد، يعني: في التشهد، وأن فيه: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.

يتبع


ابوالوليد المسلم 30-11-2021 08:16 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
تراجم رجال إسناد حديث أبي موسى الأشعري من طريق أخرى
قوله: [أخبرنا أبو الأشعث].هو أبو الأشعث أحمد بن مقدام العجلي البصري، وهو صدوق، أخرج له البخاري، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، ولم يخرج له مسلم، ولا أبو داود.
[حدثنا المعتمر].
هو المعتمر بن سليمان بن طرخان التيمي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[سمعت أبي].
أبوه سليمان بن طرخان التيمي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[عن قتادة عن أبي غلاب عن حطان أنهم صلوا مع أبي موسى].
وقد مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.
حديث ابن عباس: (كان يعلمنا الرسول صلى الله عليه وسلم التشهد) وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة حدثنا الليث بن سعد عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير وطاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا القرآن، وكان يقول: (التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله، سلام عليك أيها النبي ورحمة الله، سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله)].وهنا أورد النسائي: نوعاً آخر من التشهد وهو عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وفيه يقول: إنه علمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن، وأنه علمهم أن يقولوا: [(التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله، سلام عليك أيها النبي ورحمة الله، سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله ألا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله)].
قوله: [أخبرنا قتيبة].
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الليث بن سعد].
الليث بن سعد وهو ثقة، ثبت، محدث، فقيه مصر، ومحدثها، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الزبير].
هو أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس، وهو صدوق، يدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن جبير].
ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[وطاوس].
هو ابن كيسان اليماني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله تعالى عن الصحابة أجمعين.
وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، وهو من المكثرين عند أصحاب الكتب الستة.
نوع آخر من التشهد

شرح حديث جابر: (كان رسول الله يعلمنا التشهد بسم الله وبالله ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [نوع آخر من التشهد.
أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا المعتمر سمعت أيمن وهو ابن نابل حدثني أبو الزبير عن جابر رضي الله عنهما أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن، بسم الله، وبالله، التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أسأل الله الجنة وأعوذ بالله من النار)].
وهنا أورد النسائي: نوعاً آخر من التشهد وهو عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنه، وفي أوله: [(باسم الله، وبالله)]، وفي آخره: [(أسأل الله الجنة، وأعوذ بالله من النار)]، والباقي مثل تشهد ابن مسعود تقريباً، والحديث ذكره النسائي فيما بعد برقم (1280)، وتكلم فيه وقال: إنه خطأ، وذلك بسبب أيمن بن نابل، ثم أيضاً فيه أبو الزبير عن جابر وهو مدلس.
تراجم رجال إسناد حديث جابر: (كان رسول الله يعلمنا التشهد بسم الله وبالله ...)
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى].
هو محمد بن عبد الأعلى الصنعاني البصري، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأبو داود في كتاب القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه .
[حدثنا المعتمر].
هو المعتمر بن سليمان، وقد مر ذكره.
[سمعت أيمن وهو ابن نابل].
صدوق، يهم، وحديثه أخرجه البخاري، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه .
[حدثني أبو الزبير].
أبو الزبير، قد مر ذكره.
[عن جابر].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه صحابي ابن صحابي وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
التخفيف في التشهد الأول

شرح حديث: (كان النبي في الركعتين كأنه على الرضف...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب التخفيف في التشهد الأول.أخبرني الهيثم بن أيوب الطالقاني حدثنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف حدثنا أبي عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم في الركعتين كأنه على الرضف، قلت: حتى يقوم؟ قال: ذلك يريد].
وهنا أورد النسائي هذه الترجمة وهي التخفيف في التشهد الأول، يعني: تخفيفه، وعدم تطويله، ولا شك أنه لا يماثل التشهد الأخير، ولكنه لا يخفف كثيراً بل يمكن أن يقتصر على التشهد ويمكن أن يضاف إليه، ولكنه لا يخفف بحيث أنه لا يصلح فيه إلا التخفيف، بل يمكن أن يؤتى مع التشهد بشيء، يعني: من الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم أو غير ذلك.
وأورد النسائي حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في الركعتين يعني: في الجلوس بعد الركعتين أي: في التشهد الأول، أي: في الصلاة التي فيها تشهدان في التشهد الأول منهما يكون كأنه على الرضف، والرضف هي الحجارة المحماة، معناه: أنه يسرع إلى القيام منه، والحديث فيه انقطاع من جهة أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه عبد الله بن مسعود فهو مرسل، وأما التسوية بينه، وبين التشهد الثاني فلا يسوى بينهما، ولكنه لا يتعين الاقتصار على التشهد فقط، بل يمكن أن يضاف إليه، ولكنه لا يسويه بالتشهد الثاني، يعني: في الإطالة.
تراجم رجال إسناد حديث: (كان النبي في الركعتين كأنه على الرضف ...)
قوله: [أخبرني الهيثم بن أيوب].هو الهيثم بن أيوب الطالقاني، وهو ثقة، أخرج له النسائي وحده.
قوله: أخبرني، ما قال: أخبرنا.
أخبرني يراد بها أنه حدثه، وليس معه أحد عند التحديث، بخلاف أخبرنا فإنه يكون حدثه، ومعه غيره، لكن أخبرني لا تحتمل إلا أن يكون وحده، وأخبرنا تحتمل أن يكون وحده، وذكر ذلك على سبيل أن ما يطلقه الإنسان على نفسه أحياناً وأيضاً تحتمل أن يكون معه غيره، أما أخبرني فلا تحتمل إلا أنه وحده.
[حدثنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم].
ثقة، حجة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن حدثني أبي].
وهو سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي عبيدة].
هو أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود، وهو مشهور بهذه الكنية وقيل: إنه ليس له غيرها، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو عبد الله بن مسعود، وهو الصحابي الجليل من المهاجرين، ومن علماء الصحابة، وفقهائهم، وليس هو من الأربعة العبادلة الأربعة.
ترك التشهد الأول

شرح حديث ابن بحينة في ترك التشهد الأول
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ترك التشهد الأول.أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي البصري حدثنا حماد بن زيد عن يحيى عن عبد الرحمن الأعرج عن ابن بحينة (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فقام في الشفع الذي كان يريد أن يجلس فيه فمضى في صلاته، حتى إذا كان في آخر صلاته سجد سجدتين قبل أن يسلم ثم سلم)].
هنا أورد النسائي هذه الترجمة، وهي ترك التشهد الأول، معنى هذا أن التشهد الأول تركه لا يبطل الصلاة، فليس ركناً من أركانها، ولكن الإنسان لا يتعمد تركه، وإن تركه سهواً فإنه يجبره سجود السهو.
وأورد النسائي حديث عبد الله بن مالك بن بحينة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم ثم قام من الثنتين، ومضى ولما أراد أن يسلم سجد سجدتين ثم سلم، يعني: سجد سجدتين قبل السلام، وهي سجدة السهو؛ لأنه حصل عن نقص، وهو نقص التشهد الأول فسجد قبل السلام.
والحديث شاهد لما ترجم له النسائي من حيث تركه، ولكن هذا الترك إنما يكون للسهو، ويجبر بشيء يجبره، وهو السجود، وأما التعمد فإنه لا يتعمد تركه، ولكنه إن نسي فإنه لا يؤثر نسيانه على الصلاة من حيث إنه يؤتى به أو أنها تعاد، وإنما يجبر بسجدتين قبل السلام.
تراجم رجال إسناد حديث ابن بحينة في ترك التشهد الأول
قوله: [أخبرنا يحيى بن حبيب].هو يحيى بن حبيب بن عربي البصري، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا حماد بن زيد].
هو حماد بن زيد بن درهم البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى].
هو: يحيى بن سعيد الأنصاري المدني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الرحمن بن الأعرج].
هو عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، والأعرج لقب، فهو عبد الرحمن بن هرمز المدني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن بحينة].
وهو عبد الله بن مالك بن بحينة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
حديث ابن بحينة في ترك التشهد الأول من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أبو داود سليمان بن سيف حدثنا وهب بن جرير حدثنا شعبة عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن الأعرج عن ابن بحينة رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فقام في الركعتين فسبحوا فمضى، فلما فرغ من صلاته سجد سجدتين ثم سلم)].وهنا أورد النسائي حديث ابن بحينة وهو مثل الذي قبله، إلا أنه قام من السجدتين، ولم يتشهد فسبحوا ومضى؛ لأنه دخل في الركعة الثانية، ولكنه عوض عن ذلك بسجود السهو الذي هو سجدتان قبل السلام.
قوله: [أخبرنا أبو داود سليمان بن سيف].
وهو الحراني وهو ثقة، حافظ، أخرج له النسائي وحده.
[حدثنا وهب بن جرير].
هو وهب بن جرير بن حازم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
وهو ابن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن الأعرج عن ابن بحينة].
وقد مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.
الأسئلة

وقفة مع ليلة سبع وعشرين من رجب وما فيها من الأشياء
السؤال: حدثنا قليلاً عن ليلة سبع وعشرين من رجب، والواجب فعله.الجواب: شهر رجب لم يرد فيه شيء يخصه؛ لا لياليه، ولا أيامه، ليس هناك شيء يخص هذا الشهر إلا أنه من الأشهر الحرم الأربعة التي جاء ذكرها في القرآن (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ )[التوبة:36] فهي أربعة، واحد فرد، وثلاثة سرد، فرجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم هؤلاء هي الأشهر الحرم، وكان أهل الجاهلية يعظمونها،وقد جاء في حديث وفد عبد القيس لما جاءوا إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وطلبوا منه أن يوصيهم، وأن يعلمهم شيئاً يبلغونه من وراءهم، وقالوا: بيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر، ولا نصل إليك إلا في الشهر الحرام؛ لأنهم كانوا يعظمون الأشهر الحرم، وشهر رجب منها، ولكن لم يرد فيه شيء يخصه؛ لا لصيام، ولا في القيام، ولا في أي عبادة تخص ذلك الشهر، وأما فيما يتعلق في ليلة سبع وعشرين فيذكر بعض الناس أنها ليلة الإسراء والمعراج، وليس هناك شيء يثبت أنها في رجب، ولا أنها في تلك الليلة، بل إن ذلك مجهول، ولو علم بالأسانيد الصحيحة أنها في هذه الليلة المعينة فليس لأحد أن يعمل فيها عملاً خاصاً دون أن يأتي فيه دليل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد) ويقول: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) فلا تخصص تلك الليلة بشيء؛ لأنه لم يرد في ذلك عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه شيء يخص هذه الليلة، ولا يخص ليلة الإسراء والمعراج، وأنها في الوقت الفلاني، فإن هذا غير معروف، وغير مجزوم به، ولو كانت تلك الليلة معلومة بالأسانيد الصحيحة أنها في الليلة الفلانية فليس لأحد أن يتعبد بها عبادة خاصة من غير دليل يدل على ذلك عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه؛ لأن العبادات إنما يؤتى بها اتباعاً، وليس ابتداعاً، وكل خير في اتباع من سلف، وكل شر في ابتداع من خلف.
السلام على قبر النبي صلى الله عليه وسلم من بعيد
السؤال: بعض المصلين يقوم ويسلم على الرسول صلى الله عليه وسلم من التوسعة عن بعد من القبر، فهل هذا جائز؟الجواب: ليس للإنسان أن يسلم على الرسول صلى الله عليه وسلم خلال الزيارة إلا عند القبر، يعني: أمام القبر في المواجهة مستقبلاً القبر مستدبراً القبلة، وأما الصلاة والسلام على الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه يكون في كل مكان، والملائكة تبلغه، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (إن لله ملائكة سياحين) وتكرار الزيارة عند القبر الشريف يدل على منعه قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، ولا تتخذوا قبري عيداً، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم)، وما يفعله بعض الناس من الوقوف في أماكن من المسجد يستقبل القبر، ويضع اليمنى على اليسرى، ويسلم على الرسول صلى الله عليه وسلم هذا من الأمور المحدثة التي لم تؤثر عن سلف هذه الأمة، ومن المعلوم أن أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام ورضي الله عنهم وأرضاهم لما كان النبي صلى الله عليه وسلم موجوداً بين أظهرهم، ويكون في حجرته، ويعلمون أنه في بيته ما كان الواحد منهم يقف في أطراف المسجد، ويتجه إلى الحجرة التي فيها الرسول صلى الله عليه وسلم جالس أو نائم ويسلم عليه، ما كان هذا شأنهم، وما كانت هذه طريقتهم في حياته، وبعد وفاته صلى الله عليه وسلم عندما دفن في حجرته وفي بيته بيت أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها كذلك ما كانوا يفعلون هذا.
إذاً: فهذا من الأمور المحدثة ومن الأمور المبتدعة، والإنسان يصلي، ويسلم على رسول الله عليه الصلاة والسلام في أي مكان من المسجد، سواء كان داخل المسجد، أو خارجاً منه، فإنه يشرع للإنسان أن يصلي، ويسلم على رسول الله، ففي أي مسجد في الدنيا يدخله الإنسان يشرع له أن يصلي، ويسلم على الرسول صلى الله عليه وسلم عند الدخول ويصلي، ويسلم عليه عند الخروج، والإنسان يصلي على الرسول صلى الله عليه وسلم دائماً، وأبداً، والملائكة تبلغ السلام إلى الرسول عليه الصلاة والسلام.
وإن قال: إننا نفعل هذا من أجل الزحام.
نقول: وجود الزحام لا يقتضي أن الإنسان يفعل هذا الفعل، وإنما ينتظر حتى يخف الزحام، ثم أيضاً يشرع له أن يصلي، ويسلم على الرسول صلى الله عليه وسلم من أي مكان، فيقول: اللهم صل وسلم وبارك عليه، والملائكة تبلغه، ولكن كونه يقف ويستقبل القبر من مكان بعيد فهذا محدث، وهذا شيء جديد لا يعرفه سلف هذه الأمة، بل هو من محدثات الأمور.
السبب في إخراج البخاري لأيمن بن نابل وعدم إخراج النسائي له
السؤال: أيمن بن نابل كيف خرج له البخاري، وكيف ضعفه النسائي مع ذلك؟الجواب: البخاري خرج له متابعة، ولم يخرج له استقلالاً، يعني: خرج له ومعه غيره.
الذكر الذي يقال في سجود السهو
السؤال: هل في سجود السهو قراءة أو ذكر مختص بها؟الجواب: ليس لسجود السهو ذكر يخصه، وإنما يفعل الإنسان به مثلما يفعل في سجود الصلاة.
مدى وجود دليل في ترتيب زمن الرسل
السؤال: هل ورد دليل في ترتيب زمن الرسل عليهم الصلاة والسلام؟الجواب: ما نعلم أدلة تدل على أن فلان بعد فلان، وفلان بعد فلان، وفلان بعد فلان، ولكن يوجد نصوص تدل على أزمان بعض الرسل، يعني: جاء في القرآن أن هذا بعد هذا، مثلما جاء عن نوح أن بعده هود، وبعد هود صالح ويأتي ذكر شعيب كثيراً بعد قصة نوح، وهود، وصالح، ولكن شعيباً بعد زمن إبراهيم، ولوط؛ لأنه جاء في بعض آيات القرآن: وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ [هود:89] يعني: يخاطب قومه، ولوط كان في زمن إبراهيم.



الساعة الآن : 08:15 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 278.73 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 278.23 كيلو بايت... تم توفير 0.50 كيلو بايت...بمعدل (0.18%)]