رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ يوسف الحلقة (881) صــ 241 إلى صــ 250 قبل بالثمن الجيّد والدراهم الجائزة الوافية التي لا تردّ، كما:- 19781- حدثنا ابن حميد، قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (فأوف لنا الكيل) :، أي أعطنا ما كنت تعطينا قَبْلُ، فإن بضاعتنا مزجاة. 19782- حدثنا ابن وكيع، قال، حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي: (فأوف لنا الكيل) قال: كما كنت تعطينا بالدراهم الجياد. * * * وقوله: (وتصدق علينا) يقول تعالى ذكره: قالوا: وتفضل علينا بما بَيْنَ سعر الجياد والرديّة، فلا تنقصنا من سعر طَعامك لرديِّ بضاعتنا= (إن الله يجزي المتصدقين) ، يقول: إن الله يثيب المتفضلين على أهل الحاجة بأموالهم. (1) * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 19783- حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي: (وتصدق علينا) ، قال: تفضل بما بين الجياد والرديّة. 19784- حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن أبي بكر، عن سعيد بن جبير: (فأوف لنا الكيل وتصدق علينا) ، لا تنقصنا من السعر من أجل رديّ دراهمنا. * * * واختلفوا في الصدقة، هل كانت حلالا للأنبياء قبل نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم، أو كانت حرامًا؟ فقال بعضهم: لم تكن حلالا لأحدٍ من الأنبياء عليهم السلام. *ذكر من قال ذلك: 19785- حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن أبي بكر، عن سعيد بن جبير قال، ما سأل نبيٌّ قطٌّ الصَّدقَة، ولكنهم قالوا: (1) انظر تفسير "التصدق" فيما سلف 9: 31، 37، 38 / 14: 369. (جئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا) ، لا تنقصنا من السعر. * * * وروي عن ابن عيينة ما:- 19786- حدثني به الحارث، قال: حدثنا القاسم قال: يحكى عن سفيان بن عيينة أنه سئل: هل حرمت الصدقة على أحدٍ من الأنبياء قبل النبيّ صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ألم تسمع قوله: (فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين) . = قال الحارث: قال القاسم: يذهب ابن عيينة إلى أنهم لم يقولوا ذلك إلا والصدقة لهم حلالٌ، وهم أنبياء، فإن الصدقة إنما حُرِّمت على محمد صلى الله عليه وسلم، وعليهم. (1) * * * وقال آخرون: إنما عنى بقوله: (وتصدق علينا) وتصدق علينا بردّ أخينا إلينا. *ذكر من قال ذلك: 19787- حدثنا القاسم، قال، حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: (وتصدق علينا) قال: رُدَّ إلينا أخانا. * * * قال أبو جعفر: وهذا القول الذي ذكرناه عن ابن جريج، وإن كان قولا له وجه، فليس بالقول المختار في تأويل قوله: (وتصدَّق علينا) لأن "الصدقة" في متعارف [العرب] ، (2) إنما هي إعطاء الرجل ذا حاجةٍ بعض أملاكه ابتغاءَ ثواب الله (1) في المطبوعة: "صلى الله عليه وسلم لا عليهم" ، غير ما في المخطوطة، كأنه ظن أن قوله: "وعليهم" ، معطوف على قوله: "إنما حرمت على محمد ... وعليهم" ، وظاهر أن المراد: "صلى الله عليه وسلم وعليهم" ، أي: وصلى عليهم. (2) في المطبوعة: "في المتعارف" ، وفي المخطوطة: "في متعارف إنما هي" ، وفي الكلام سقط لا شك فيه، وإنما سقط منه لأن "متعارف" هي آخر كلمة في الصفحة، و "إنما" في أول الصفحة الأخرى، فسها الناسخ، فاستظهرت هذه الزيادة التي بين القوسين. عليه، (1) وإن كان كلّ معروف صدقةً، فتوجيه تأويل كلام الله إلى الأغلب من معناه في كلام من نزل القرآن بلسانه أولى وأحرى. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال مجاهد. 19788- حدثني الحارث، قال، حدثنا القاسم، قال، حدثنا مروان بن معاوية، عن عثمان بن الأسود، قال: سمعت مجاهدًا، وسئل: هل يُكْرَهُ أن يقول الرجل في دعائه: اللهم تصدّق عليّ؟ فقال: نعم، إنما الصَّدقة لمن يبغي الثوابَ. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (89) } قال أبو جعفر: ذكر أن يوسف صلوات الله عليه لما قال له إخوته: (يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين) ، أدركته الرقّة وباح لهم بما كان يكتمهم من شأنه، كما:- 19789- حدثنا ابن حميد، قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال، ذكر لي أنهم لما كلموه بهذا الكلام غلبته نفسه، فارفضَّ دمعه باكيًا، ثم باح لهم بالذي يكتم منهم، فقال: (هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون) ؟ ولم يعن بذكر أخيه ما صنعه هو فيه حين أخذه، ولكن للتفريق بينه وبين أخيه، إذ صنعوا بيوسف ما صنعوا. (1) في المطبوعة: "إعطاء الرجل ذا الحاجة" ، وهو خطأ وتصرف في نص المخطوطة لا وجه له والصواب ما في المخطوطة كما أثبته. وقوله: "ذا حاجة" مفعول المصدر من قوله: "إعطاء الرجل.. ." . 19790- حدثنا ابن وكيع، قال، حدثنا عمرو، قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر) ، الآية، قال: فرحمهم عند ذلك، فقال لهم: (هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون) ؟ * * * قال أبو جعفر: فتأويل الكلام: هل تذكرون ما فعلتم بيوسف وأخيه، إذ فرقتم بينهما وصنعتم ما صنعتم إذ أنتم جاهلون؟ يعني في حال جهلكم بعاقبة ما تفعلون بيوسف، وما إليه صائر أمره وأمركم. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {قَالُوا أَئِنَّكَ لأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال إخوة يوسف له حين قال لهم ذلك يوسف: (إنك لأنت يوسف) ؟ ، فقال: نعم أنا يوسف= (وهذا أخي قد مَنَّ الله علينا) بأن جمع بيننا بعد ما فرقتم بيننا= (إنه من يتق ويصبر) ، يقولإنه من يتق الله فيراقبه بأداء فرائضه واجتناب معاصيه= (ويصبر) ، يقول: ويكفّ نفسه، فيحبسها عما حرَّم الله عليه من قول أو عمل عند مصيبةٍ نزلتْ به من الله (1) = (فإن الله لا يضيع أجر المحسنين) ، يقول: فإن الله لا يُبْطل ثواب إحسانه وجزاء طاعته إيَّاه فيما أمره ونهاه. * * * وقد اختلف القرأة في قراءة قوله: (أإنك لأنت يوسف) . فقرأ ذلك عامة قرأة الأمصار: (أَإِنّكَ) ، على الاستفهام. (1) انظر تفسير "التقوى" ، و "الصبر" فيما سلف من فهارس اللغة (وقى) ، (صبر) . * * * وذكر أن ذلك في قراءة أبيّ بن كعب: "أَوَأَنْتَ يُوسُفُ." * * * وروي عن ابن محيصن أنه قرأ: "إِنَّكَ لأَنْتَ يُوُسُفُ" ، على الخبر، لا على الاستفهام. * * * قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندنا، قراءةُ من قرأه بالاستفهام، لإجماع الحجّة من القرأة عليه. * * * 19791- حدثنا ابن حميد، قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال، لما قال لهم ذلك= يعني قوله: (هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون) = كشف الغِطاء فعرفوه، فقالوا: (أإنك لأنت يوسف) ، الآية. 19792- حدثنا القاسم، قال، حدثنا الحسين، قال، حدثني من سمع عبد الله بن إدريس يذكر، عن ليث، عن مجاهد، قوله: (إنه من يتق ويصبر) ، يقول: من يتق معصية الله، ويصبر على السِّجن. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ (91) } قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: قال إخوة يوسف له: تالله لقد فضلك الله علينا، وآثرك بالعلم والحلم والفضل= (وإن كنا لخاطئين) ، يقول: وما كنا في فعلنا الذي فعلنا بك، في تفريقنا بينك وبين أبيك وأخيك وغير ذلك من صنيعنا الذي صنعنا بك، إلا خاطئين= يعنون: مخطئين. * * * يقال منه: "خَطِئَ فلان يَخْطَأ خَطَأ وخِطْأً، وأخطأ يُخْطِئُ إِخْطاءً" ، (1) (1) انظر تفسير "خطيء" فيما سلف 2: 110 / 6: 134. ومن ذلك قول أمية بن الأسكر: وَإنَّ مُهَاجِرَيْنِ تَكَنَّفَاهُ ... لَعَمْرُ اللهِ قَدْ خَطِئا وحَابَا (1) * * * (1) مضى البيت وتخريجه وتصويب روايته فيما سلف 2: 110 / 7: 529، ويزاد عليه، مجاز القرآن 1: 113، 318، وكان في المطبوعة والمخطوطة هنا أيضًا "وخابا" بالخاء، وقد فسره أبو جعفر في 7: 529، بمعنى: أثما، من "الحوب" وهو الإثم، وهو الصواب المحض إن شاء الله. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 19793- حدثنا ابن وكيع، قال، حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي قال: لما قال لهم يوسف: (أنا يوسف وهذا أخي) اعتذروا إليه وقالوا: (تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين) فيما كنا صنعنا بك. 19794- حدثنا بشر، قال، حدثنا يزيد، قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (تالله لقد آثرك الله علينا) وذلك بعد ما عرَّفهم أنفسهم، يقول: جعلك الله رجلا حليمًا. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {قَالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال يوسف لإخوته: (لا تثريب) يقول: لا تعيير عليكم (1) ولا إفساد لما بيني وبينكم من الحرمة وحقّ الأخوة، ولكن لكم عندي الصفح والعفو. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 19795- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد، قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (لا تثريب عليكم) ، لم يثرِّب عليهم أعمالهم. 19796- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق، قال، حدثنا عبد الله بن الزبير، قوله: (لا تثريب عليكم اليوم) ، قال: قال سفيان: لا تعيير عليكم. 19797- حدثنا ابن حميد، قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (قال لا تثريب عليكم اليوم) :، أي لا تأنيب عليكم اليوم عندي فيما صنعتم. 19798- وحدثنا ابن وكيع، قال، حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي قال، اعتذروا إلى يوسف فقال: (لا تثريب عليكم اليوم،) يقول: لا أذكر لكم ذنبكم. * * * وقوله: (يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين) ، وهذا دعاء من يوسف لإخوته بأن يغفر الله لهم ذنبهم فيما أتوا إليه وركبوا منه من الظلم، يقول: عفا الله لكم عن ذنبكم وظلمكم، فستره عليكم= (وهو أرحم الراحمين) ، يقول: والله أرحم الراحمين لمن تاب من ذنبه، (2) وأناب إلى طاعته بالتوبة من معصيته. كما:- 19799- حدثنا ابن حميد، قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (يغفر الله وهو أرحم الراحمين) حين اعترفوا بذنبهم. * * * (1) في المطبوعة والمخطوطة: "تغيير" ، بالغين، والصواب ما أثبته بالعين المهملة، وهو صريح اللغة. وقد صححته في كل موضع يأتي بعد هذا. (2) في المطبوعة والمخطوطة: "ممن تاب" ، وصواب الكلام ما أثبت. القول في تأويل قوله تعالى: {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93) } قال أبو جعفر: ذكر أن يوسف صلى الله عليه وسلم لما عرّف نفسه إخوته، سألهم عن أبيهم، فقالوا: ذهب بصره من الحزن! فعند ذلك أعطاهم قميصَه وقال لهم: (اذهبوا بقميصي هذا) . * * * *ذكر من قال ذلك: 19800- حدثنا ابن وكيع، قال، حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي قال: قال لهم يوسف: ما فعل أبي بعدي؟ قالوا: لما فاته بنيامين عمي من الحزن. قال: (اذهبوا بقميصي هذا فألقوا على وجه أبي يأت بصيرًا وأتوني بأهلكم أجمعين) . * * * وقوله: (يأت بصيرًا) يقول: يَعُدْ بصيرًا (1) = (وأتوني بأهلكم أجمعين) ، يقول: وجيئوني بجميع أهلكم. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولما فصلت عير بني يعقوب من عند يوسف متوجهة إلى يعقوب، (2) قال أبوهم يعقوب: (إني لأجد ريح يوسف) . (1) هذا معنى يقيد في معاجم اللغة، في باب "أتى" ، بمعنى: عاد = وهو معنى عزيز لم يشر إليه أحد من أصحاب المعاجم التي بين أيدينا. (2) انظر تفسير "فصل" فيما سلف 5: 338. ذُكر أن الريح استأذنت ربها في أن تأتي يعقوب بريح يوسف قبل أن يأتيه البشير، فأذن لها، فأتته بها. * * * *ذكر من قال ذلك: 19801- حدثني يونس، قالأخبرنا ابن وهب، قال: حدثني أبو شريح، عن أبي أيوب الهوزني حَدّثه قال، استأذنت الريح أن تأتي يعقوب بريح يوسف حين بعث بالقميص إلى أبيه قبل أن يأتيه البشير، ففعل. قال يعقوب: (إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون) . (1) 19802- حدثنا أبو كريب، قال، حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي سنان، عن ابن أبي الهذيل، عن ابن عباس، في قوله: (ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون) ، قال: هاجت ريح، فجاءت بريح يوسف من مسيرة ثمان ليالٍ، فقال: (إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون) . (2) 19803- حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن أبي سنان، عن ابن أبي الهذيل، عن ابن عباس: (ولما فصلت العير) قال: هاجت ريح، فجاءت بريح قميص يوسف من مسيرة ثمان ليال. 19804- حدثني أبو السائب، قال: حدثنا ابن فضيل، عن ضرار، عن ابن أبي الهذيل قال، سمعت ابن عباس يقول: وجد يعقوب ريح يوسف، وهو منه على مسيرة ثمان ليال. (1) الأثر: 19801 - "أبو شريح" ، وهو: "عبد الرحمن بن شريح بن عبد الله المعافري" ، ثقة روى له الجماعة، مضى برقم: 6199. وأما "أبو أيوب الهوزني" ، فلم أستطع أن أعرف من هو، وقد ذكره الطبري بكنيته هنا، وفي تاريخه 1: 185، وساق هذا الخبر بنصه. (2) الأثر: 19801 - "أبو سنان" ، هو الشيباني الأكبر: "ضرار بن مرة" ، ثقة، مضى برقم: 17336، 17337، وسيأتي الخبر بعد رقم: 19804 وما بعده. و "ابن أبي الهذيل" ، هو "عبد الله ابن أبي الهذيل العنزي" ، ثقة، مضى برقم: 13932. 19805- حدثنا ابن وكيع والحسن بن محمد، قالا حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبي سنان، عن ابن أبي الهذيل قال، كنت إلى جنب ابن عباس، فسئل: من كم وجد يعقوب ريح القميص؟ قال: من مسيرة سبع ليالٍ أو ثمان ليال. 19806- حدثنا ابن وكيع، قال، حدثنا جرير، عن أبي سنان، عن ابن أبي الهذيل قال: قال لي أصحابي: إنك تأتي ابن عباس، فسله لنا. قال: فقلت: ما أسأله عن شيء، ولكن أجلس خلف السرير، فيأتيه الكوفيون فيسألون عن حاجتهم وحاجتي، فسمعته يقول: وجد يعقوب ريح قميص يوسف من مسيرة ثمان ليال، قال ابن أبي الهذيل: فقلت: ذاك كمكان البصرة من الكوفة. 19807- حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا علي بن عاصم، عن ضرار بن مرة، عن عبد الله بن أبي الهذيل، قال: سمعت ابن عباس يقول: وجد يعقوب ريح قميص يوسف من مسيرة ثمان ليال. قال: فقلت في نفسي: هذا كمكان البصرة من الكوفة 19808- حدثنا أبو كريب، قال، حدثنا وكيع= وحدثنا ابن وكيع، قال، حدثنا أبي=، عن سفيان، عن أبي سنان، عن ابن أبي الهذيل، عن ابن عباس، في قوله: (إني لأجد ريح يوسف) قال: وجد ريح قميص يوسف من مسيرة ثمان ليال. قال: قلت له: ذاك كما بين البصرة إلى الكوفة. واللفظ لحديث أبي كريب. 19809- حدثنا الحسين بن محمد، قال، حدثنا عاصم وعلي، قالا أخبرنا شعبة قال، أخبرني أبو سنان، قال، سمعت عبد الله بن أبي الهذيل، عن ابن عباس في هذه الآية: (إني لأجد ريح يوسف) ، قال: وجد ريحه من مسيرة ما بين البصرة إلى الكوفة. 19810- حدثني المثنى، قال: حدثنا آدم العسقلاني، قال، حدثنا شعبة، قال: حدثنا أبو سنان، قال: سمعت عبد الله بن أبي الهذيل يحدث عن ابن عباس، مثله. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ يوسف الحلقة (882) صــ 251 إلى صــ 260 19811- ... قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا سفيان، عن أبي سنان، عن عبد الله بن أبي الهذيل، قال: كنا عند ابن عباس فقال: (إني لأجد ريح يوسف) قال: وجد ريح قميصه من مسيرة ثمان ليال. 19812- حدثنا الحسن بن يحيى، قالأخبرنا عبد الرزاق، قالأخبرنا إسرائيل، عن أبي سنان، عن عبد الله بن أبي الهذيل، قال: سمعت ابن عباس يقول: (ولما فصلت العير) قال: لما خرجت العير، هاجت ريح فجاءت يعقوبَ بريح قميص يوسف، فقال: (إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون) قال: فوجد ريحه من مسيرة ثمان ليال. 19813- حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن: ذكر لنا أنه كان بينهما يومئذ ثمانون فرسخًا، يوسف بأرض مصر ويعقوب بأرض كنعان، وقد أتى لذلك زمان طويل. (1) 19814- حدثنا القاسم، قال، حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: (إني لأجد ريح يوسف) قال: بلغنا أنه كان بينهم يومئذ ثمانون فرسخًا، وقال: (إني لأجد ريح يوسف) وكان قد فارقه قبل ذلك سبعًا وسبعين سنة. 19815- حدثنا أحمد بن إسحاق، قال، حدثنا أبو أحمد، قال، حدثنا سفيان، عن أبي سنان، عن عبد الله بن أبي الهذيل، عن ابن عباس، في قوله: (إني لأجد ريح يوسف) قال: وجد ريح القميص من مسيرة ثمانية أيام. 19816- ... قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي سنان، عن عبد الله بن أبي الهذيل، عن ابن عباس، قوله: (ولما فصلت العير) قال: فلما خرجت العير هبت ريح، فذهبت بريح قميص يوسف إلى يعقوب، (1) قوله: "وقد أتى لذلك زمان طويل" ، يعني مدة فراق يعقوب ويوسف، كما يظهر من الأثر التالي. فقال: (إني لأجد ريح يوسف) قال: ووجد ريح قميصه من مسيرة ثمانية أيام. 19817- حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: لما فصلت العير من مصر استروَح يعقوب ريح يوسف، فقال لمن عنده من ولده: (إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفنّدون) . * * * وأما قوله: (لولا أن تفندون) ، فإنه يعني: لولا أن تعنّفوني، وتعجّزوني، وتلوموني، وتكذبوني. ومنه قول الشاعر: (1) يَا صَاحِبَيَّ دَعَا لَوْمِي وَتَفْنِيدِي ... فَلَيْسَ مَا فَاتَ مِنْ أَمْرِي بمَرْدُودِ (2) ويقال: "أفند فلانًا الدهر" ، وذلك إذا أفسده، ومنه قول ابن مقبل: دَعِ الدَّهْرَ يَفْعَلْ مَا أَرَادَ فإنَّهُ ... إِذا كُلِّفَ الإفْنَاد بالنِّاسِ أَفْنَدا (3) * * * واختلف أهل التأويل في معناه. فقال بعضهم: معناه: لولا أن تسفهوني. *ذكر من قال ذلك: 19818- حدثنا ابن وكيع، قال، حدثنا ابن عيينة، عن أبي سنان، عن ابن أبي الهذيل، عن ابن عباس: (لولا أن تفندون) قال: تسفّهون. 19819- حدثنا أبو كريب، قال، حدثنا وكيع= وحدثنا ابن وكيع، قال، حدثنا أبي=، عن إسرائيل، عن أبي سنان، عن ابن أبي الهذيل، عن ابن عباس، مثله. (1) هو هانئ بن شكيم العدوي، هكذا نسبة أبو عبيدة. (2) مجاز القرآن 1: 318، وروايته هناك: "عن أمر" ، بغير إضافة. (3) لم أجد البيت فيما بين يدي من المراجع. 19820- ... وبه قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن خصيف، عن مجاهد: (لولا أن تفندون) قال: تسفّهون. 19821- حدثني المثنى وعلي بن داود قالا حدثنا عبد الله، قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (لولا أن تفندون) يقول: تجهِّلون. 19822- حدثنا أحمد بن إسحاق، قال، حدثنا أبو أحمد، قال، حدثنا إسرائيل، عن أبي سنان، عن عبد الله بن أبي الهذيل، عن ابن عباس: (لولا أن تفندون) ، قال: لولا أن تسفهون. 19823- حدثنا أحمد، قال، حدثنا أبو أحمد= وحدثني المثنى، قال، حدثنا أبو نعيم= قالا جميعًا: حدثنا سفيان، عن خصيف، عن مجاهد: (لولا أن تفندون) ، قال: لولا أن تسفهون. 19824- حدثني المثنى، قال، حدثنا الحماني، قال: حدثنا شريك، عن أبي سنان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، وسالم عن سعيد=: (لولا أن تفندون) ، قال أحدهما: تسفهون= وقال الآخر: تكذبون. 19825- حدثني يعقوب، قال، حدثنا هشيم، قال، أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء: (لولا أن تفندون) ، قال: لولا أن تكذبون، لولا أن تسفّهون. 19826- حدثنا ابن وكيع، قال، حدثنا يزيد بن هارون، عن عبد الملك، عن عطاء قال، تسفهون. 19827- حدثنا بشر، قال، حدثنا يزيد، قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (لولا أن تفندون) ، يقول: لولا أن تسفهون. 19828- حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (لولا أن تفندون) ، يقول: لولا أن تسفهون. 19829- حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال، أخبرنا إسرائيل، عن أبي سنان، عن عبد الله بن أبي الهذيل، قال: سمعت ابن عباس يقول: (لولا أن تفندون) ، يقول: تسفهّون. 19830- حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا شبابة، قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (لولا أن تفندون) ، قال: ذهبَ عقله! 19831- حدثني محمد بن عمرو، قال، حدثنا أبو عاصم، قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (تفندون) ، قال: قد ذهبَ عقله! 19832- حدثني المثنى، قال، حدثنا أبو حذيفة، قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد= 19833- وحدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق، قال، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (لولا أن تفندون) ، قال: قد ذهب عقله! 19834- حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: (لولا أن تفندون) قال: لولا أن تقولوا: ذهب عقلك! 19835- حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (لولا أن تفندون) ، يقول: لولا أن تضعِّفوني. 19836- حدثني يونس، قال، أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (لولا أن تفندون) ، قالالذي ليس له عقل ذلك "المفنّد" ، يقول: لا يعقل. (1) * * * وقال آخرون: معناه: لولا أن تكذبون. *ذكر من قال ذلك: 19837- حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا سويد بن عمرو الكلبي، عن شريك، عن سالم عن سعيد: (لولا أن تفندون) قال: تكذبون. (1) في المطبوعة: "يقولون: لا يعقل" ، وما في المخطوطة صواب محض، على منهاجهم. 19838- ... قال: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي قال: لولا أن تهرِّمون وتكذبون. 19839- ... قال: حدثنا محمد بن بكر، عن ابن جريج، قال: بلغني عن مجاهد قال: تكذبون. 19840- ... قال: حدثنا عبدة، وأبو خالد، عن جويبر، عن الضحاك قال: لولا أن تكذبون. 19841- حدثت عن الحسين، قال، سمعت أبا معاذ، يقول، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (لولا أن تفندون) تكذبون. 19842- حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو قال، أخبرنا هشيم، عن عبد الملك، عن عطاء في قوله: (لولا أن تفندون) قال: تسفهون أو تكذبون. 19843- حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (لولا أن تفندون) ، يقول: تكذبون. * * * وقال آخرون: معناه تهرِّمون. *ذكر من قال ذلك: 19844- حدثنا أحمد بن إسحاق، قال، حدثنا أبو أحمد، قال، حدثنا إسرائيل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (لولا أن تفندون) ، قال: لولا أن تهرِّمون. 19845- حدثنا ابن وكيع، قال، حدثنا عبيد الله، عن إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد، مثله. 19846- حدثنا بشر، قال، حدثنا يزيد، قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن قال: تهرِّمون. 19847- حدثني يعقوب، قال، حدثنا هشيم، قال، أخبرنا أبو الأشهب، عن الحسن: (لولا أن تفندون) ، قال: تهرِّمون. 19848- حدثني المثنى، قال، حدثنا عمرو بن عون، قال، أخبرنا هشيم، عن أبي الأشهب وغيره، عن الحسن، مثله. * * * قال أبو جعفر: وقد بينا أن أصل "التفنيد" :الإفساد. وإذا كان ذلك كذلك فالضعف والهرم والكذب وذهاب العقل وكل معاني الإفساد تدخل في التفنيد، لأن أصل ذلك كله الفساد والفساد في الجسم: الهرمُ وذهاب العقل والضعف= وفي الفعل: الكذب واللوم بالباطل، ولذلك قال جرير بن عطية: يا عَاذِليَّ دَعَا المَلامَ وأَقْصِرَا ... طَالَ الهَوَى وأَطَلْتُما التَّفْنيدا (1) يعني: الملامة= فقد تبيّن، إذ كان الأمر على ما وصفنا، أنّ الأقوال التي قالها من ذكرنا قولَه في قوله: (لولا أن تفندون) على اختلاف عباراتهم عن تأويله، متقاربةُ المعاني، محتملٌ جميعَها ظاهرُ التنزيل، إذ لم يكن في الآية دليلٌ على أنه معنيٌّ به بعض ذلك دون بعض. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ (95) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال الذين قال لهم يعقوب من ولده (إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون) : تالله، أيها الرجل، إنك من حبّ يوسف وذكره لفي خطئك وزللك القديم (2) لا تنساه، ولا تتسلى عنه. (1) ديوانه: 169، من قصيدة له طويلة، ورواية البيت خطأ في الديوان، صوابه ما ههنا، "وأقصرا" ، بالراء، من "الإقصار" ، وهو الكف عن فعل الشيء. (2) في المخطوطة: "لفي حطامك في ذلك القديم" غير منقوطة، والصواب ما في المطبوعة. ولكنه كتب هناك: "خطئك" مكان "خطائك" ، وهما بمعنى واحد. وسيأتي في مواضع أخرى، سأصححها على رسم المخطوطة. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 19849- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (إنك لفي ضلالك القديم) ، يقول: خطائك القديم. 19850- حدثنا بشر، قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم) أي:من حب يوسف لا تنساه ولا تسلاه. قالوا لوالدهم كلمةً غليظة، لم يكن ينبغي لهم أن يقولوها لوالدهم، ولا لنبيّ الله صلى الله عليه وسلم. 19851- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي: (قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم) ، قال: في شأن يوسف. 19852- حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد، قال، قال سفيان: (تالله إنك لفي ضلالك القديم) ، قال: من حبك ليوسف. 19853- حدثنا ابن وكيع. قال، حدثنا عمرو، عن سفيان، نحوه. 19854- حدثنا القاسم، قال، حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج: (قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم) ، قال: في حبك القديم. 19855- حدثنا ابن حميد، قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم) ، أي إنك لمن ذكر يوسف في الباطل الذي أنت عليه. 19856- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قوله: (تالله إنك لفي ضلالك القديم) ، قال: يعنون: حزنه القديم على يوسف= "وفي ضلالك القديم" : لفي خطائك القديم. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (96) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فلما أن جاء يعقوبَ البشيرُ من عند ابنه يوسف، وهو المبشّر برسالة يوسف، وذلك بريدٌ، فيما ذكر، كان يوسف أبردَهُ إليه. (1) * * * وكان البريد فيما ذكر، والبشير: يهوذا بن يعقوب، أخا يوسف لأبيه. *ذكر من قال ذلك: 19857- حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه) ، يقول: "البشير" : البريدُ. 19858- حدثنا القاسم، قال، حدثنا الحسين، قال، حدثنا هشيم، قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك: (فلما أن جاء البشير) قالالبريد. 19859- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا محمد بن يزيد الواسطي، عن جويبر، عن الضحاك: (فلما أن جاء البشير) ، قالالبريد. 19860- ... قال، حدثنا شبابة، قال، حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (فلما أن جاء البشير) ، قال: يهوذا بن يعقوب. 19861- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (البشير) قال: يهوذا بن يعقوب. (1) في المطبوعة: "برده إليه" ، وأثبت ما في المخطوطة، وكلاهما صواب. يقال: "برد بريدًا، وأبرده" ، أي: أرسله. 19862- حدثني المثنى، قال، حدثنا أبو حذيفة، قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: يهوذا بن يعقوب. 19863- ... قال: حدثنا إسحاق، قال، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: هو يهوذا بن يعقوب. 19864- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج: (فلما أن جاء البشير) ، قال: يهوذا بن يعقوب، كان البشير. 19865- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن الزبير، عن سفيان، عن ابن جريج، عن مجاهد: (فلما أن جاء البشير) ، قال: هو يهوذا بن يعقوب. = قال سفيان: وكان ابن مسعود يقرأ: "وَجَاءَ البَشِيرُ مِنْ بَيْنِ يَدَي العِيرِ" (1) . 19866- حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك: (فلما أن جاء البشير) ، قالالبريد، هو يهوذا بن يعقوب. 19867- ... قال: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي قال، قال يوسف: (اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا وأتوني بأهلكم أجمعين) ، قال يهوذا: أنا ذهبتُ بالقميص، ملطخًا بالدم إلى يعقوب فأخبرته أن يوسف أكله الذئب، وأنا أذهب اليوم بالقميص وأخبره أنه حيٌّ فأفرحه كما أحزنته. فهو كان البشير. 19868- حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك: (فلما أن جاء البشير) ، قالالبريد. * * * (1) هذه قراءة لا يقرأ بها كما سلف مرارًا لمخالفتها ما في المصحف، ولكن هذه فيها إشكال، فلو صح أنها: "وجاء البشير" ، لوجب أن تكون القراءة بعدها: "فألقاه" بالفاء. وإلا وجب أن تكون القراءة: "فَلَمَّا أَنْ جَاءَ البشِيرُ مِنْ بَيْنِ يَدَي العِيرِ ." قال أبو جعفر: وكان بعضُ أهل العربيّة من أهل الكوفة يقول: "أنْ" في قوله: (فلما أن جاء البشير) وسقوطُها، بمعنى واحدٍ، وكان يقول هذا في: "لما" و "حتى" خاصّة، ويذكر أن العرب تدخلها فيهما أحيانًا وتسقطها أحيانًا، كما قال جل ثناؤه: (وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا) [سورة العنكبوت:33] ، وقال في موضع آخر: (وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا) [سورة هود:77] ، وقال: هي صلة، (1) لا موضع لها في هذين الموضعين. يقال: "حتى كان كذا وكذا" ، أو "حتى أن كان كذا وكذا" . * * * وقوله: (ألقاه على وجهه) ، يقولألقى البشير قميص يوسف على وجه يعقوب، كما:- 19869- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: فلما أن جاء البشير ألقى القميص على وجهه. * * * وقوله: (فارتد بصيرًا) ، يقول: رجع وعادَ مبصرًا بعينيه، (2) بعد ما قد عمي= (قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون) ، يقول جل وعز وجل: قال يعقوب لمن كان بحضرته حينئذ من ولده: ألم أقل لكم يا بني إني أعلم من الله أنه سيردّ عليَّ يوسف، ويجمع بيني وبينه، وكنتم لا تعلمون أنتم من ذلك ما كنت أعلمه، لأن رؤيا يوسف كانت صادقة، وكان الله قد قضى أن أخِرَّ أنا وأنتم له سجودًا، فكنت مُوقنًا بقضائه. * * * (1) قوله: "صلة" ، أي زيادة، وانظر ما سلف: 1: 190، 405، 406، 548. 4: 289 / 5: 460، 462 / 7: 340، 341 / 12: 325، 326 / 13: 508 / 14: 30 / 15: 497. (2) انظر تفسير "ارتد" فيما سلف 3: 163 / 4: 316 / 10: 170، 409، 410. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ يوسف الحلقة (883) صــ 261 إلى صــ 270 القول في تأويل قوله تعالى: {قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (97) قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (98) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال ولد يعقوبَ الذين كانوا فرَّقوا بينه وبين يوسف: يا أبانا سل لنا ربك يعفُ عنَّا، ويستر علينا ذنوبنا التي أذنبناها فيك وفي يوسف، فلا يعاقبنا بها في القيامة = (إنا كنا خاطئين) ، فيما فعلنا به، فقد اعترفنا بذنوبنا = (قال سوف أستغفر لكم ربي) ، يقول جل ثناؤه: قال يعقوب: سوف أسأل ربي أن يعفو عنكم ذنوبكم التي أذنبتموها فيّ وفى يوسف. * * * ثم اختلف أهل العلم، (1) في الوقت الذي أخَّر الدعاء إليه يعقوبُ لولده بالاستغفار لهم من ذنبهم. فقال بعضهم: أخَّر ذلك إلى السَّحَر. * ذكر من قال ذلك: 19870 - حدثني أبو السائب، قال: حدثنا ابن إدريس، قال: سمعت عبد الرحمن بن إسحاق، يذكر، عن محارب بن دثار، قال: كان عمٌّ لي يأتي المسجدَ، فسمع إنسانًا يقول ": اللهم دعوتني فأجبت وأمرتني فأطعت، وهذا سَحَرٌ، فاغفر لي" قال: فاستمع الصوت فإذا هو من دار عبد الله بن مسعود. فسأل عبد الله عن ذلك، فقال: إن يعقوب أخَّر بنيه إلى السحر بقوله: (سوف أستغفر لكم ربي) . (2) (1) في المطبوعة: "أهل التأويل" ، وأثبت ما في المخطوطة. (2) الأثر: 19870 - "عبد الرحمن بن إسحاق بن سعد الواسطي" ، "أبو شيبة" ، قال أحمد: ليس بشيء، منكر الحديث، وضعفه الباقون. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم 2 / 2 / 213. و "محارب بن دثار السدوسي" ، "أبو مطرف" ، ثقة، مضى برقم: 11331. 19871 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا ابن فضيل، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن محارب بن دثار، عن عبد الله بن مسعود: (سوف أستغفر لكم ربي) ، قال: أخَّرهم إلى السَّحر. 19872 -.... قال: حدثنا أبو سفيان الحميري، عن العوام، عن إبراهيم التيميّ في قول يعقوب لبنيه: (سوف أستغفر لكم ربي) ، قال: أخّرهم إلى السحر. (1) 19873 -.... قال: حدثنا عمرو، عن خلاد الصفار، عن عمرو بن قيس: (سوف أستغفر لكم ربي) ، قال: في صلاة الليل. 19874 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج: (سوف أستغفر لكم ربي) ، قال: أخَّر ذلك إلى السَّحر. * * * وقال آخرون: أخَّر ذلك إلى ليلة الجمعة. * ذكر من قال ذلك: 19875 - حدثني المثنى، قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن أبو أيوب الدمشقي، قال: حدثنا الوليد، قال: أخبرنا ابن جريج، عن عطاء وعكرمة، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سوف أستغفر لكم ربي) ، يقول: حتى تأتي ليلة الجمعة. وهو قول، أخي يعقوب لبنيه. (2) (1) الأثر: 19872 - "أبو سفيان الحميري" ، هو "سعيد بن يحيى بن مهدي" صدوق، مضى برقم: 12193. (2) الأثر: 19875 - "سليمان بن عبد الرحمن التميمي" ، "أبو أيوب الدمشقي" ، ثقة، ولكنه حدث بالمناكير، متكلم في روايته عن غير الثقات، مضى برقم: 14212. و "الوليد بن مسلم الدمشقي القرشي" ، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا، آخرها: 13461. وسائر رجال الخبر ثقات، وقد ذكره ابن كثير في تفسيره 4: 477، ثم قال: "وهذا غريب من هذا الوجه، وفي رفعه نظر، والله أعلم" . وهذا الحديث، من حديث الوليد بن مسلم، رواه الترمذي من طريق أحمد بن الحسن، عن سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، عن الوليد بن مسلم، في باب (أحاديث شتى من أبواب الدعوات) ، وهو حديث طويل جدًا، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث الوليد بن مسلم" . ورواه الحاكم في المستدرك 1: 316. من هذه الطريق نفسها ثم قال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه" . وقد علق الذهبي فقال: "هذا حديث منكر شاذ، أخاف لا يكون موضوعًا، وقد حيرني والله جودة سنده، فإن الحاكم قال فيه: حدثنا أبو النضر محمد بن محمد الفقيه، وأحمد بن محمد العنزي قالا حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي (ح) وحدثني أبو بكر بن محمد بن جعفر المزكي، حدثنا محمد بن إبراهيم العبدي، قالا حدثنا أيوب سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، حدثنا الوليد بن مسلم، فذكره مصرحًا بقوله:" حدثنا ابن جريج "، فقد حدث به سليمان قطعًا وهو ثبت، فالله أعلم" . وهذا الإشكال الذي حير الذهبي، ربما فسره ما قال يعقوب بن سفيان، في سليمان بن عبد الرحمن: "كان صحيح الكتاب، إلا أنه كان يحول، فإن وقع فيه شيء فمن النقل، وسليمان ثقة" . فإن صح هذا فربما كان هذا الحديث مما وهم في تحويله، لأن أسانيد هذا الخبر تدور كلها على "سليمان بن عبد الرحمن" ، ولم نجد أحدًا رواه عن الوليد بن مسلم: غير سليمان. والله أعلم. وسيأتي بإسناد آخر يليه. 19876 - حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي، قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: أخبرنا ابن جريج، عن عطاء وعكرمة مولى ابن عباس، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد قال أخي يعقوب: (سوف أستغفر لكم ربي) ، يقول: حتى تأتي ليلة الجمعة. (1) * * * وقوله: (إنه هو الغفور الرحيم) ، يقول: إن ربي هو الساتر على ذنوب التائبين إليه من ذنوبهم = "الرحيم" ، بهم أن يعذبهم بعد توبتهم منها. * * * (1) الأثر: 19876 - هذا مكرر الذي سلف. و "أحمد بن الحسن الترمذي" ، شيخ الطبري، كان أحد أوعية الحديث، مضى برقم: 7489، 14212. القول في تأويل قوله تعالى: {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (99) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100) } قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: فلما دخل يعقوب وولده وأهلوهم على يوسف = (آوى إليه أبويه) ، يقول: ضم إليه أبويه (1) فقال لهم: (ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين) . * * * فإن قال قائل: وكيف قال لهم يوسف: (ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين) ، بعد ما دخلوها، وقد أخبر الله عز وجل عنهم أنهم لما دخلوها على يوسف وضَمّ إليه أبويه، قال لهم هذا القول؟ قيل: قد اختلف أهل التأويل في ذلك. فقال بعضهم: إن يعقوب إنما دخل على يوسف هو وولده، وآوى يوسف أبويه إليه قبل دخول مصر. قالوا: وذلك أن يوسف تلقَّى أباه تكرمةً له قبل أن يدخل مصر، فآواه إليه، ثم قال له ولمن معه: (ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين) ، بها قبل الدخول. * ذكر من قال ذلك: (1) انظر تفسير "الإيواء" فيما سلف ص: 169، تعليق: 1، "والمراجع هناك." 19877 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي: فحملوا إليه أهلهم وعيالهم، فلما بلغوا مصر، كلَّم يوسف الملك الذي فوقه، فخرج هو والملوك يتلقَّونهم، فلما بلغوا مصر قال: (ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين) = (فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه) . 19878 - حدثني الحارث، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثنا جعفر بن سليمان، عن فرقد السبخي، قال: لما ألقي القميص على وجهه ارتد بصيرًا، وقال: (ائتوني بأهلكم أجمعين) ، فحمل يعقوب وإخوة يوسف، فلما دنا أخبر يوسف أنه قد دنا منه، فخرج يتلقاه. قال: وركب معه أهلُ مصر، وكانوا يعظمونه. فلما دنا أحدهما من صاحبه، وكان يعقوب يمشي وهو يتوكأ على رجل من ولده يقال له يهوذا. قال: فنظر يعقوب إلى الخيل والناس، فقال: يا يهوذا، هذا فرعون مصر؟ قال: لا هذا ابنك! قال: فلما دنا كل واحد منهما من صاحبه، فذهب يوسف يبدؤه بالسلام، فمنع من ذلك، وكان يعقوب أحقّ بذلك منه وأفضل، فقال: السلام عليك يا ذاهب الأحزان عني = هكذا قال: "يا ذاهب الأحزان عني" . (1) 19879 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: قال حجاج: بلغني أن يوسف والملك خرجا في أربعة آلاف يستقبلون يعقوب وبنيه. = قال: وحدثني من سمع جعفر بن سليمان يحكي، عن فرقد السبخي، قال: خرج يوسف يتلقى يعقوب، وركب أهل مصر مع يوسف = ثم ذكر بقية الحديث، نحو حديث الحارث، عن عبد العزيز. * * * (1) يعني أنه قال ذلك معديًا "ذهب" من قولهم "ذهب به، وأذهبه" ، أي: أزاله كأنه قال: يا مذهب الأحزان عني. وهذا غريب، يقيد لغرابته، وانظر إلى دقة الرواية عندنا، حتى في مثل هذه الأخبار، ولكن أهل الزيغ يريدون أن يعبثوا بهذه الدلائل الواضحة، ليقع الناس في الشك في أخبار نبيهم، وفي رواية رواتهم، والله من ورائهم محيط. وقال آخرون: بل قوله: (إن شاء الله) ، استثناءٌ من قول يعقوب لبنيه: (استغفر لكم ربي) . قال: وهو من المؤخر الذي معناه التقديم. قالوا: وإنما معنى الكلام: قال: أستغفر لكم ربي إن شاء الله إنه هو الغفور الرحيم. فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه، وقال ادخلوا مصر، ورفع أبويه. * ذكر من قال ذلك: 19880 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج: (قال سوف أستغفر لكم ربي إن شاء الله آمنين = وبَيْن ذلك ما بينه من تقديم القرآن. * * * قال أبو جعفر: يعني ابن جريج: "وبين ذلك ما بينه من تقديم القرآن" ، أنه قد دخل بين قوله: (سوف أستغفر لكم ربي) ، وبين قوله: (إن شاء الله) ، من الكلام ما قد دخل، وموضعه عنده أن يكون عَقِيب قوله: (سوف أستغفر لكم ربي) . * * * قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا ما قاله السدي، وهو أن يوسف قال ذلك لأبويه ومن معهما من أولادهما وأهاليهم قبل دخولهم مصر حين تلقَّاهم، لأن ذلك في ظاهر التنزيل كذلك، فلا دلالة تدل على صحة ما قال ابن جريج، ولا وجه لتقديم شيء من كتاب الله عن موضعه أو تأخيره عن مكانه إلا بحجّة واضحةٍ. * * * وقيل: عُنِي بقوله: (آوى إليه أبويه) :، أبوه وخالتُه. وقال الذين قالوا هذا القول: كانت أم يوسف قد ماتت قبلُ، وإنما كانت عند يعقوب يومئذ خالتُه أخت أمه، كان نكحها بعد أمِّه. * ذكر من قال ذلك: 19881 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي: (فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه) ، قال: أبوه وخالته. * * * وقال آخرون: بل كان أباه وأمه. * ذكر من قال ذلك: 19882 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه) ، قال: أباه وأمه. * * * قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب ما قاله ابن إسحاق ; لأن ذلك هو الأغلب في استعمال الناس والمتعارف بينهم في "أبوين" ، إلا أن يصح ما يقال من أنّ أم يوسف كانت قد ماتت قبل ذلك بحُجة يجب التسليم لها، فيسلّم حينئذ لها. * * * وقوله: (وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين) ، مما كنتم فيه في باديتكم من الجدب والقحط. * * * وقوله: (ورفع أبويه على العرش) ، يعني: على السرير، كما: - 19883 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي: (ورفع أبويه على العرش) ، قال: السرير. 19884 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا محمد بن يزيد الواسطي، عن جويبر، عن الضحاك، قال: "العرش" ، السرير. 19885 -.... قال: حدثنا شبابة، قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (ورفع أبويه على العرش) ، قال: السرير. 19886 - حدثنا محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 19887 - حدثني المثنى، قال: أخبرنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد = 19888 - وحدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله. 19889 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. 19890 - حدثني المثنى، قال: أخبرنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد = 19891 - وحدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 19892 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. 19893 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (ورفع أبويه على العرش) ، قال: سريره. 19894 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (على العرش) ، قال: على السرير. 19895 - حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (ورفع أبويه على العرش) ، يقول: رفع أبويه على السرير. 19896 - حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: قال سفيان: (ورفع أبويه على العرش) ، قال: على السرير. 19897 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (ورفع أبويه على العرش) ، قال: مجلسه. 19898 - حدثني ابن عبد الرحيم البرقي، قال: حدثنا عمرو بن أبي سلمة، قال: سألت زيد بن أسلم، عن قول الله تعالى: (ورفع أبويه على العرش) ، فقلت: أبلغك أنها خالته؟ قال: قال ذلك بعض أهل العلم، يقولون: إن أمّه ماتت قبل ذلك، وإن هذه خالته. * * * وقوله: (وخرّوا له سجدًا) ، يقول: وخرّ يعقوب وولده وأمّه ليوسف سجّدًا. * * * 19899 - حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (وخرُّوا له سجدًا) ، يقول: رفع أبويه على السرير، وسجدا له، وسجد له إخوته. 19900 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: تحمّل = يعني يعقوب = بأهله حتى قدموا على يوسف، فلما اجتمع إلى يعقوب بنوه، دخلوا على يوسف، فلما رأوه وقعوا له سجودًا، وكانت تلك تحية الملوك في ذلك الزمان = أبوه وأمه وإخوته. 19901 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: (وخروا له سجّدًا) وكانت تحية من قبلكم، كان بها يحيِّي بعضهم بعضًا، فأعطى الله هذه الأمة السلام، تحية أهل الجنة، كرامةً من الله تبارك وتعالى عجّلها لهم، ونعمة منه. 19902 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (وخروا له سجدًا) ، قال: وكانت تحية الناس يومئذ أن يسجد بعضهم لبعض. 19903 - حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو إسحاق، قال: قال سفيان: (وخرّوا له سجدًا) ، قال: كانت تحيةً فيهم. 19904 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج: (وخروا له سجدًا) ، أبواه وإخوته، كانت تلك تحيّتهم، كما تصنع ناسٌ اليومَ. 19905 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك: (وخروا له سجدًا) قال: تحيةٌ بينهم. 19906 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (وخرُّوا له سجدًا) ، قال: قال: ذلك السجود لشرَفه، كما سجدت الملائكة لآدم لشرفه، ليس بسجود عبادةٍ. * * * وإنما عنى من ذكر بقوله: "إن السجود كان تحية بينهم" ، أن ذلك كان منهم على الخُلُق، لا على وجه العبادة من بعضهم لبعض. ومما يدل على أن ذلك لم يزل من أخلاق الناس قديمًا قبل الإسلام على غير وجه العبادة من بعضهم لبعض، قول أعشى بني ثعلبة: فَلَمَّا أَتَانَا بُعَيْدَ الكَرَى ... سَجَدْنَا لَهُ وَرَفَعْنَا عَمَارَا (1) * * * (1) ديوان: 39، وهذا البيت من قصيدته في تمجيد قيس بن معد يكرب، وكان خرج معه في بعض غاراته، فكاد الأعشى أن يؤسر، فاستنقذه قيس، فذكر ذلك فقال: فَيَا لَيْلَةً لِيَ فِي لَعْلَعٍ ... كَطَوْفِ الغَرِيبِ يَخَافُ الإسَارَا فلمَّا أَتَانا ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . . و "لعلع" مكان بين الكوفة والبصرة. يذكر في البيت الأول قلقه وشدة نزاعه وحيرته، لما تأخر قيس، وقد كاد هو يقع في أسر العدو، فلما جاء قيس استنقذه ومن معه، فسجدوا له وحيوه. و "العمار" مختلف في تفسير قيل: هو العمامة أو القلنسوة، وقيل الريحان يرفع للملك يحيا به، وقيل: رفعنا أصواتنا بقولنا: "عمرك الله" . وفي المطبوعة: "ورفعنا العمارا" ، واثبت ما في المخطوطة، وهو الموافق لرواية الديوان وغيره من المراجع. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ يوسف الحلقة (884) صــ 271 إلى صــ 280 وقوله: (يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقًّا) ، يقول جل ثناؤه: قال يوسف لأبيه: يا أبت، هذا السجود الذي سجدتَ أنت وأمّي وإخوتي لي (= تأويل رؤياي من قبل) ، يقول: ما آلت إليه رؤياي التي كنت رأيتها، (1) وهي رؤياه التي كان رآها قبل صنيع إخوته به ما صنعوا: أنَّ أحد عشر كوكبًا والشمس والقمر له ساجدون = (قد جعلها ربي حقًّا) ، يقول: قد حقّقها ربي، لمجيء تأويلها على الصحَّة. * * * وقد اختلف أهل العلم في قدر المدة التي كانت بين رؤيا يوسف وبين تأويلها. فقال بعضهم: كانت مدّةُ ذلك أربعين سنة. * ذكر من قال ذلك: 19907 - حدثني محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا المعتمر، عن أبيه، قال: حدثنا أبو عثمان، عن سلمان الفارسي، قال: كان بين رؤيا يوسف إلى أن رأى تأويلها أربعون سنة. 19908 - حدثني يعقوب بن برهان ويعقوب بن إبراهيم، قالا حدثنا ابن علية قال: حدثنا سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، قال: قال عثمان: كانت بين رؤيا يوسف وبين أن رأى تأويله. قال: فذكر أربعين سنة. (2) 19909 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا ابن علية، عن التيمي، عن أبي عثمان، عن سلمان، قال: كان بين رؤيا يوسف وتأويلها أربعون سنة. (1) انظر تفسير "التأويل" فيما سلف ص: 119، تعليق: 1، والمراجع هناك. (2) الأثر: 19908 - "يعقوب بن برهان" ، شيخ الطبري، لم أجد له ذكرًا في شيء من دواوين الرجال. وأنا أخشى أن يكون هو: "يعقوب بن ماهان" ، شيخ الطبري أيضًا، روى عنه فيما سلف رقم: 4901، وقال: "حدثني يعقوب بن إبراهيم، يعقوب بن ماهان، قالا، حدثنا هشيم ..." ، وهو شبيه بهذا الإسناد كما ترى، وكأن الناسخ أساء القراءة، فنقل مكان "ماهان" "برهان" . 19910 - حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا سفيان، عن أبي سنان، عن عبد الله بن شداد، قال: رأى تأويل رؤياه بعد أربعين عامًا. 19911 -.... قال: حدثنا سفيان، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن سلمان، مثله. 19912 - حدثني أبو السائب، قال: حدثنا ابن فضيل، عن ضرار، عن عبد الله بن شداد أنه سمع قومًا يتنازعون في رؤيا رآها بعضهم وهو يصلي، فلما انصرف سألهم عنها، فكتموه، فقال: أما إنه جاء تأويل رؤيا يوسف بعد أربعين عامًا. 19913 - حدثنا أبو كريب، قال، حدثنا وكيع = وحدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي = عن إسرائيل، عن ضرار بن مرة أبي سنان، عن عبد الله بن شداد، قال: كان بين رؤيا يوسف وتأويلها أربعون سنة. 19914 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا ابن فضيل وجرير، عن أبي سنان، قال: سمع عبد الله بن شداد قومًا يتنازعون في رؤيا =، فذكر نحو حديث أبي السائب، عن ابن فضيل. 19915 - حدثنا أحمد، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا سفيان، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن سلمان، قال: رأى تأويل رؤياه بعد أربعين عامًا. 19916 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن أبي سنان، عن عبد الله بن شداد، قال: وقعت رؤيا يوسف بعد أربعين سنة، وإليها ينتهي أقصى الرؤيا. (1) 19917 -.... قال: حدثنا معاذ بن معاذ، قال: حدثنا سليمان (1) في المطبوعة: "وإليها تنتهي أيضًا الرؤيا" ، وهو كلام فارغ، ولم يحسن قراءة المخطوطة، لأنها غير منقوطة، ولأن رسم "أقصى" فيها: "أنصا" . التيمي، عن أبي عثمان، عن سلمان، قال: كان بين رؤيا يوسف وبين أن رأى تأويلها أربعون سنة. 19918 -.... قال، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن سلمان، قال: كان بين رؤيا يوسف وبين عبارتها أربعون سنة. 19919 -.... قال، حدثنا سعيد بن سليمان، قال: حدثنا هشيم، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن سلمان، قال: كان بين رؤيا يوسف وبين أن رأى تأويلها أربعون سنة. 19920 -.... قال، حدثنا سعيد بن سليمان، قال: حدثنا هشيم، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن سلمان، قال: كان بين رؤيا يوسف وبين أن رأى تأويلها أربعون سنة. 19921 -.... قال، حدثنا عمرو بن محمد العنقزي، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي سنان، عن عبد الله بن شداد، قال: كان بين رؤيا يوسف وبين تعبيرها أربعون سنة. * * * وقال آخرون: كانت مدة ذلك ثمانين سنة. * ذكر من قال ذلك: 19922 - حدثنا عمرو بن علي، قال: حدثنا عبد الوهاب الثقفي، قال: حدثنا هشام، عن الحسن، قال: كان منذ فارق يوسف يعقوب إلى أن التقيا، ثمانون سنة، لم يفارق الحزن قلبه، ودموعه تجري على خديه، وما على وجه الأرض يومئذ عبدٌ أحبَّ إلى الله من يعقوب. 19923 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن أبي جعفر جسر بن فرقد، قال: كان بين أن فقد يعقوب يوسف إلى يوم رد عليه ثمانون سنة. (1) (1) الأثر: 19923 - "جسر بن فرقد" ، "أبو جعفر القصاب" ، ليس بذاك، مضى برقم: 16940، 16941، وكان في المطبوعة هنا "حسن بن فرقد" ، لم يحسن قراءة المخطوطة. 19924 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا حسن بن علي، عن فضيل بن عياض، قال: سمعت أنه كان بين فراق يوسف حجر يعقوب إلى أن التقيا، ثمانون سنة. 19925 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا داود بن مهران، قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد، عن يونس، عن الحسن، قال: ألقي يوسف في الجب وهو ابن سبع عشرة سنة، وكان بين ذلك وبين لقائه يعقوب ثمانون سنة، وعاش بعد ذلك ثلاثًا وعشرين سنة، ومات وهو ابن عشرين ومائة سنة. 19926 -.... قال: حدثنا سعيد بن سليمان، قال: حدثنا هشيم، عن يونس، عن الحسن، نحوه = غير أنه قال: ثلاث وثمانون سنة. 19927 - قال: حدثنا داود بن مهران، قال: حدثنا ابن علية، عن يونس، عن الحسن، قال: ألقي يوسف في الجب وهو ابن سبع عشرة سنة، وكان في العبوديّة وفي السجن وفي الملك ثمانين سنة، ثم جمع الله عز وجل شمله، وعاش بعد ذلك ثلاثًا وعشرين سنة. 19928 - حدثني الحارث، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثنا مبارك بن فضالة، عن الحسن، قال: ألقي يوسف في الجب وهو ابن سبع عشرة، فغاب عن أبيه ثمانين سنة، ثم عاش بعدما جمع الله له شمله ورأى تأويل رؤياه ثلاثًا وعشرين سنة، فمات وهو ابن عشرين ومائة سنة. 19929 - حدثنا مجاهد، قال: حدثنا يزيد، قال: أخبرنا هشيم، عن الحسن، قال: غاب يوسف عن أبيه في الجب وفي السجن حتى التقيا ثمانين عامًا، فما جفَّت عينا يعقوب، وما على الأرض أحد أكرمَ على الله من يعقوب. (1) * * * وقال آخرون: كانت مدة ذلك ثمان عشرة سنة. * ذكر من قال ذلك: 19930 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ذكر لي، والله أعلم، أن غيبة يوسف عن يعقوب كانت ثمان عشرة سنة. قال: وأهل الكتاب يزعمون أنها كانت أربعين سنة أو نحوها، وأنّ يعقوب بقي مع يوسف بعد أن قدم عليه مصر سبع عشرة سنة، ثم قبضه الله إليه. * * * وقوله: (وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو) ، يقول جل ثناؤه، مخبرًا عن قيل يوسف: وقد أحسن الله بي في إخراجه إياي من السجن الذي كنت فيه محبوسًا، وفي مجيئه بكم من البدو. وذلك أن مسكن يعقوب وولده، فيما ذكر، كان ببادية فلسطين، كذلك: - * * * 19931 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: كان منزل يعقوب وولده، فيما ذكر لي بعض أهل العلم، بالعَرَبات من أرض فلسطين، ثغور الشأم. وبعضٌ يقول بالأولاج من ناحية الشِّعْب، وكان صاحب بادية، له إبلٌّ وشاء. 19932 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدنا عمرو، قال: أخبرنا شيخ لنا أن يعقوب كان ببادية فلسطين. 19933 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: (وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو) ، وكان يعقوب وبنوه بأرض كنعان، أهل مواشٍ وبرّية. (1) الأثر: 19929 - "مجاهد" هذا، هو: "مجاهد بن موسى بن فروخ الخوارزمي" ، شيخ الطبري، مضى برقم: 510، 3396. 19934 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج: (وجاء بكم من البدو) ، قال: كانوا أهل بادية وماشية. * * * و "الَبْدوُ" مصدر من قول القائل: "بدا فلان" : إذا صار بالبادية، "يَبْدُو بَدْوًا" . * * * وذكر أن يعقوب دخل مصر هو ومن معه من أولاده وأهاليهم وأبنائهم يوم دخلوها، وهم أقلّ من مائة. وخرجوا منها يوم خرجوا منها وهم زيادة على ست مائة ألف. * ذكر الرواية بذلك: 19935 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا زيد بن الحباب وعمرو بن محمد، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب القرظي، عن عبد الله بن شداد، قال: اجتمع آل يعقوب إلى يوسف بمصر وهم ستة وثمانون إنسانًا، صغيرهم وكبيرهم، وذكرهم وأنثاهم. وخرجوا من مصر يوم أخرجهم فرعون وهم ست مائة ألف ونَيّف. 19936 -.... قال: حدثنا عمرو، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله، قال: خرج أهل يوسف من مصر وهم ست مائة ألف وسبعون ألفًا، فقال فرعون: (إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ) [سورة الشعراء: 54] . 19937 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن إسرائيل والمسعودي، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن ابن مسعود، قال: دخل بنو إسرائيل مصر وهم ثلاث وستون إنسانًا، وخرجوا منها وهم ست مائة ألف = قال إسرائيل في حديثه: ست مائة ألف وسبعون ألفًا. 19938 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مسروق، قال: دخل أهل يوسف مصر وهم ثلاث مائة وتسعون من بين رجل وامرأة. * * * وقوله: (من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي) ، يعني: من بعد أن أفسد ما بيني وبينهم، وجَهِل بعضنا على بعض. * * * يقال منه ": نزغ الشيطان بين فلان وفلان، يَنزغ نزغًا ونزوغًا. (1) " * * * وقوله: (إن ربي لطيف لما يشاء) ، يقول: إن ربي ذو لطف وصنع لما يشاء، (2) ومن لطفه وصنعه أنه أخرجني من السجن، وجاء بأهلي من البَدْوِ بعد الذي كان بيني وبينهم من بُعد الدار، وبعد ما كنت فيه من العُبُودة والرِّق والإسار، كالذي: - 19939 -حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (إن ربي لطيف لما يشاء) ، لطف بيوسف وصنع له حتى أخرجه من السجن، وجاء بأهله من البدو، ونزع من قلبه نزغ الشيطان، وتحريشه على إخوته. * * * وقوله:: (إنه هو العليم) ، بمصالح خلقه وغير ذلك، لا يخفى عليه مبادي الأمور وعواقبها = (الحكيم) ، في تدبيره. * * * (1) انظر تفسير "نزغ" فيما سلف 13: 333، وهذا المصدر الثاني "النزوخ" ، مما لم تذكره كتب اللغة، فيجب إثباته في مكانه منها. (2) انظر تفسير "اللطيف" فيما سلف 12: 22. القول في تأويل قوله تعالى: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال يوسف بعد ما جمع الله له أبويه وإخوته، وبسط عليه من الدنيا ما بسط من الكرامة، ومكنه في الأرض، متشوِّقًا إلى لقاء آبائه الصالحين: (رب قد آتيتني من الملك) ، يعني: من ملك مصر = (وعلمتني من تأويل الأحاديث) ، يعني من عبارة الرؤيا، (1) تعديدًا لنعم الله عليه، وشكرًا له عليها = (فاطر السموات والأرض) ، يقول: يا فاطر السموات والأرض، يا خالقها وبارئها (2) = (أنت وليي في الدنيا والآخرة) ، يقول: أنت وليي في دنياي على من عاداني وأرادني بسوء بنصرك، وتغذوني فيها بنعمتك، وتليني في الآخرة بفضلك ورحمتك. (( 3) توفني مسلمًا) ، يقول: اقبضني إليك مسلمًا (4) . (وألحقني بالصالحين) ، يقول: وألحقني بصالح آبائي إبراهيم وإسحاق ومن قبلهم من أنبيائك ورسلك. * * * وقيل: إنه لم يتمن أحدٌ من الأنبياء الموتَ قبل يوسف. * ذكر من قال ذلك: 19940 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: (رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث) ، الآية، (1) انظر تفسير "التأويل" فيما سلف ص: 271، تعليق: 1، والمراجع هناك. (2) انظر تفسير "فاطر" فيما سلف 15: 357، تعليق: 2، والمراجع هناك. (3) انظر تفسير "الولي" فيما سلف من فهارس اللغة (ولي) . (4) انظر تفسير "التوفي" فيما سلف 15: 218، تعليق: 1، والمراجع هناك. كان ابن عباس يقول: (1) أول نبي سأل الله الموت يوسف. 19941 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس، قوله: (رب قد آتيتني من الملك) ... ، الآية، قال: اشتاق إلى لقاء ربه، وأحبَّ أن يلحق به وبآبائه، فدعا الله أن يتوفَّاه ويُلْحِقه بهم. ولم يسأل نبيّ قطّ الموتَ غير يوسف، فقال: (رب قد آتيتني من الملك وعلمتني (1) في المطبوعة والمخطوطة: "قال ابن عباس يقول" ، وبين صواب ما أثبت، وانظر الخبر التالي رقم: 19942. من تأويل الأحاديث) ، الآية = قال ابن جريج: في بعض القرآن من الأنبياء (1) : "توفني" (2) 19942 -حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (توفني مسلمًا وألحقني بالصالحين) ، لما جَمَع شمله، وأقرَّ عينه، وهو يومئذ مغموس في نَبْت الدنيا وملكها وغَضَارتها، (3) فاشتاق إلى الصالحين قبله. وكان ابن عباس يقول: ما تمنى نبي قطّ الموت قبل يوسف. 19943 - حدثني المثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: أخبرنا عبد الله بن الزبير، عن سفيان، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة، قال: لما جمع ليوسف شمله، وتكاملت عليه النعم سأل لقاء ربّه فقال: (رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السموات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفّني مسلمًا وألحقني بالصالحين) = قال قتادة: ولم يتمنَّ الموت أحد قطُّ، نبي ولا غيره إلا يوسف. 19944 - حدثني المثنى، قال: حدثنا هشام، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثني غير واحد، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: أن يوسف النبي صلى الله عليه وسلم، لما جمع بينه وبين أبيه وإخوته، وهو يومئذ ملك مصر، اشتاق إلى الله وإلى آبائه الصالحين إبراهيم وإسحاق، فقال: (رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السموات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلمًا وألحقني بالصالحين.) 19945 - حدثني المثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: حدثنا هشام، عن مسلم بن خالد، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: (وعلمتني من تأويل الأحاديث) ، قال: العِبَارة. 19946 - حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ، يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (توفني مسلمًا وألحقني بالصالحين) ، يقول: توفني على طاعتك، واغفر لي إذا توفَّيتني. 19947 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: قال يوسف حين رأى ما رأى من كرامة الله وفضله عليه وعلى أهل بيته حين جمع الله له شمله، وردَّه على والده، وجمع بينه وبينه فيما هو فيه من الملك والبهجة: (يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقًّا) ، إلى قوله: (إنه هو العليم الحكيم) . ثم ارعوى يوسف، وذكر أنّ ما هو فيه من الدنيا بائد وذاهب، فقال: (رب قد قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السموات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفّني مسلمًا وألحقني بالصالحين) . * * * (1) في المخطوطة: "في بعض القرآن قد قال الأنبياء توفني" ، وصوابها ما أثبت، أما المطبوعة فقد كتبت: "في بعض القرآن من الأنبياء من قال توفني" ، غير مكان الكلام لغير حاجة. (2) لم أجد للذي قاله ابن جريج دليلا في القرآن! فلعله وهم، فإن النهي عن تمني الموت صريح في السنة. (3) في المطبوعة: "مغموس في نعيم الدنيا" ، وفي المخطوطة: "مغموس في نعيم الدنيا" غير منقوطة، وهذا صواب قراءتها. وعنى بالنبت هنا: المال الكثير الوفير، والنعمة النامية، وقد جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقوم من العرب: أنتم أهل بيت أو نبت؟ فقالوا نحن أهل بيت وأهل نبت. وقالوا في تفسيره: أي نحن في الشرف نهاية، وفي النبت نهاية، أي: ينبت المال على أيدينا وهذا الذي قلته أصح في تأويل الحديث، وفي تأويل هذا الخبر. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ يوسف الحلقة (885) صــ 281 إلى صــ 290 وذُكِر أن بَني يعقوب الذين فعلوا بيوسف ما فعلوا، استغفر لهم أبوهم، فتاب الله عليهم وعفا عنهم وغفر لهم ذنبهم * ذكر من قال ذلك: 19948 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن صالح المريّ، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، قال: إن الله تبارك وتعالى لما جمع ليعقوب شمله، وأقر عينه، خَلا ولده نَجِيًّا، فقال بعضهم لبعض: ألستم قد علمتم ما صنعتم، وما لقي منكم الشيخ، وما لقي منكم يوسف؟ قالوا: بلى! قال: فيغرُّكم عفوهما عنكم، فكيف لكم بربكم؟ فاستقام أمرهم على أن أتوا الشيخ فجلسوا بين يديه، ويوسف إلى جنب أبيه قاعدٌ، قالوا: يا أبانا، أتيناك في أمر لم نأتك في أمرٍ مثله قط، ونزل بنا أمر لم ينزل بنا مثله! حتى حرّكوه، والأنبياء أرحم البرية، فقال: مالكم يا بَني؟ قالوا: ألستَ قد علمت ما كان منا إليك، وما كان منا إلى أخينا يوسف؟ قال: بلى! قالوا: أفلستما قد عفوتُما؟ قالا بلى! قالوا: فإن عفوكما لا يغني عنّا شيئًا إن كان الله لم يعفُ عنا! قال: فما تريدون يا بني؟ قالوا: نريد أن تدعو الله لنا، فإذا جاءك الوحي من عند الله بأنه قد عفا عمّا صنعنا، قرّت أعيننا، واطمأنت قلوبنا، وإلا فلا قرّةَ عَين في الدنيا لنا أبدًا. قال: فقام الشيخ واستقبل القبلة، وقام يوسف خلف أبيه، وقاموا خلفهما أذلةً خاشعين. قال: فدعا وأمَّن يوسف،، فلم يُجَبْ فيهم عشرين سنة = قال صالح المرِّي: يخيفهم. قال: حتى إذا كان رأس العشرين، نزل جبريل صلى الله عليه وسلم على يعقوب عليه السلام، فقال: إن الله تبارك وتعالى بعثني إليك أبشرك بأنه قد أجاب دعوتك في ولدك، وأنه قد عفا عما صنعوا، وأنه قد اعتَقَد مواثيقهم من بعدك على النبوّة. (1) (1) الأثر: 19948 - "صالح المري" ، هو "صالح بن بشير بن وداع المري" ، منكر الحديث، قاص متروك الحديث، مضى برقم: 9234. و "يزيد الرقاشي" ، هو "يزيد بن أبان الرقاشي" ، قاص، متروك الحديث، مضى قبل مرارًا، آخرها: 11408. وهذا خبر هالك، من جراء هذين القاصين المتروكين، صالح المري، ويزيد الرقاشي. 19949 - حدثني المثنى، قال: حدثنا الحارث، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثنا جعفر بن سليمان، عن أبي عمران الجوني، قال: والله لو كان قتلُ يوسف مضى لأدخلهم الله النارَ كُلَّهم، ولكن الله جل ثناؤه أمسك نفس يوسف ليبلغ فيه أمره، ورحمة لهم. ثم يقول: والله ما قصَّ الله نبأهم يُعيّرهم بذلك إنهم لأنبياء من أهل الجنة، ولكن الله قصَّ علينا نبأهم لئلا يقنط عبده. * * * وذكر أن يعقوب توفي قبل يوسف، وأوصى إلى يوسف وأمره أن يدفنه عند قبر أبيه إسحاق. * ذكر من قال ذلك: 19950 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي، قال: لما حضر الموتُ يعقوبَ، أوصى إلى يوسف أن يدفنه عند إبراهيم وإسحاق، فلما مات، نُفِخ فيه المُرّ وحمل إلى الشأم. قال: فلما بلغوا إلى ذلك المكان أقبل عيصا أخو يعقوب (1) فقال: غلبني على الدعوة، فوالله لا يغلبني على القبر! فأبى أن يتركهم أن يدفنوه. فلما احتبسوا، قال هشام بن دان بن يعقوب (2) = وكان هشامٌ أصمَّ لبعض إخوته: ما لجدّي لا يدفن! قالوا: هذا عمك يمنعه! قال: أرونيه أين هو؟ فلما رآه، رفع هشام يده فوجأ بها رأس العيص وَجْأَةً سقطت عيناه على فخذ يعقوب، فدفنا في قبر واحد. * * * (1) في المطبوعة: "عيص" ، وأثبت ما في المخطوطة، وسيأتي بعد: "العيص" ، بالتعريف، وهو في كتاب القوم "عيسو" ، وهو ولد إسحاق الأكبر، وهو أخو يعقوب. (2) في المطبوعة: "هشام بن دار" ، لم يحسن قراءة المخطوطة، وولد يعقوب في كتاب القوم هو "دان" كما أثبته. و "هشام" هذا، هو في كتاب القوم "حوشيم" . القول في تأويل قوله تعالى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: هذا الخبر الذي أخبرتك به من خبر يوسف ووالده يعقوب وإخوته وسائر ما في هذه السورة = (من أنباء الغيب) ، يقول: من أخبار الغيب الذي لم تشاهده، ولم تعاينه، (1) ولكنا نوحيه إليك ونعرّفكه، لنثبِّت به فؤادك، ونشجع به قلبك، وتصبر على ما نالك من الأذى من قومك في ذات الله، وتعلم أن من قبلك من رسل الله = إذ صبروا على ما نالهم فيه، وأخذوا بالعفو، وأمروا بالعُرف، وأعرضوا عن الجاهلين = فازوا بالظفر، وأيِّدوا بالنصر، ومُكِّنوا في البلاد، وغلبوا من قَصَدوا من أعدائهم وأعداء دين الله. يقول الله تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فبهم، يا محمد، فتأسَّ، وآثارهم فقُصَّ = (وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون) ، يقول: وما كنت حاضرًا عند إخوة يوسف، إذ أجمعوا واتفقت آراؤهم، (2) وصحت عزائمهم، على أن يلقوا يوسف في غيابة الجب. وذلك كان مكرهم الذي قال الله عز وجل: (وهم يمكرون) ، كما:- 19951 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وما كنت لديهم) ، يعني محمدًا صلى الله عليه وسلم، يقول: ما كنت لديهم وهم يلقونه في غيابة الجب = (وهم يمكرون) ، أي: بيوسف. 19952 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس: (وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون) ، الآية، قال: هم بنو يعقوب. * * * (1) انظر تفسير "النبأ" و "الغيب" فيما سلف من فهارس اللغة (نبأ) و (غيب) . (2) انظر تفسير "الإجماع" فيما سلف 15: 147، 148، 573. القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103) } قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: وما أكثر مشركي قومك، يا محمد، ولو حرصت على أن يؤمنوا بك فيصدّقوك، ويتبعوا ما جئتهم به من عند ربك، بمصدِّقيك ولا مُتَّبِعيك. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (104) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لمحمد صلى الله عليه وسلم: وما تسأل، يا محمد، هؤلاء الذين ينكرون نبوتك، ويمتنعون من تصديقك والإقرار بما جئتهم به من عند ربك، على ما تدعوهم إليه من إخلاص العبادة لربك، وهجر عبادة الأوثان وطاعةِ الرحمن = (من أجر) ، يعني: من ثواب وجزاء منهم، (1) بل إنما ثوابك وأجر عملك على الله. يقول: ما تسألهم على ذلك ثوابًا، فيقولوا لك: إنما تريد بدعائك إيّانا إلى اتباعك لننزلَ لك عن أموالنا إذا سألتنا ذلك. وإذ كنت لا تسألهم ذلك، فقد كان حقًّا عليهم أن يعلموا أنك إنما تدعوهم إلى ما تدعوهم إليه، اتباعًا منك لأمر ربك، ونصيحةً منك لهم، وأن لا يستغشُّوك. * * * وقوله: (إن هو إلا ذكر للعالمين) ، يقول تعالى ذكره: ما هذا الذي أرسلك (1) انظر تفسير "الأجر" فيما سلف من فهارس اللغة (أجر) . به ربك، يا محمد، من النبوة والرسالة = (إلا ذكر) ، يقول: إلا عظة وتذكير للعالمين، ليتعظوا ويتذكَّروا به. (1) * * * القول في تأويل قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105) } قال أبو جعفر: يقول جل وعز: وكم من آية في السموات والأرض لله، وعبرةٍ وحجةٍ، (2) وذلك كالشمس والقمر والنجوم ونحو ذلك من آيات السموات، وكالجبال والبحار والنبات والأشجار وغير ذلك من آيات الأرض = (يمرُّون عليها) ، يقول: يعاينونها فيمرُّون بها معرضين عنها، لا يعتبرون بها، ولا يفكرون فيها وفيما دلت عليه من توحيد ربِّها، وأن الألوهةَ لا تنبغي إلا للواحد القهَّار الذي خلقها وخلق كلَّ شيء، فدبَّرها. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 19953 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: (وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليها) ، وهي في مصحف عبد الله:: "يَمْشُونَ عَلَيْهَا" ، السماء والأرض آيتان عظيمتان. * * * (1) انظر تفسير "الذكر" فيما سلف من فهارس اللغة (ذكر) . (2) انظر تفسير "كأين" فيما سلف 7: 263. القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وما يُقِرُّ أكثر هؤلاء = الذين وصَفَ عز وجل صفتهم بقوله: (وكأين من آية في السموات والأرض يمرُّون عليها وهم عنها معرضون) = بالله أنه خالقه ورازقه وخالق كل شيء = (إلا وهم مشركون) ، في عبادتهم الأوثان والأصنام، واتخاذهم من دونه أربابًا، وزعمهم أنَّ له ولدًا، تعالى الله عما يقولون. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 19954 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمران بن عيينة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (وما يؤمن أكثرهم بالله) الآية، قال: من إيمانهم، إذا قيل لهم: مَن خلق السماء؟ ومن خلق الأرض؟ ومن خلق الجبال؟ قالوا: الله. وهم مشركون. 19955 - حدثنا هناد، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرمة، في قوله: (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) ، قال: تسألهم: مَن خلقهم؟ ومن خلق السماوات والأرض، فيقولون: الله. فذلك إيمانهم بالله، وهم يعبدون غيره. 19956 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن عامر، وعكرمة: (وما يؤمن أكثرهم بالله) الآية، قالا يعلمون أنه ربُّهم، وأنه خلقهم، وهم يشركون به. (1) (1) في المطبوعة: "مشركون به" ، وأثبت ما في المخطوطة. 19957 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن عامر، وعكرمة، بنحوه. 19958 -.... قال: حدثنا ابن نمير، عن نضر، عن عكرمة: (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) ، قال: من إيمانهم إذا قيل لهم: من خلق السماوات؟ قالوا: الله. وإذا سئلوا: من خلقهم؟ قالوا: الله. وهم يشركون به بَعْدُ. 19959 -.... قال: حدثنا أبو نعيم، عن الفضل بن يزيد الثمالي، عن عكرمة، قال: هو قول الله: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) [سورة لقمان: 25/ سورة الزمر:38] . فإذا سئلوا عن الله وعن صفته، وصفوه بغير صفته، وجعلوا له ولدًا، وأشركوا به. (1) 19960 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا شبابة، قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) ، إيمانهم قولهم: الله خالقُنا، ويرزقنا ويميتنا. 19961 - حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) ، فإيمانهم قولُهم: الله خالقنا ويرزقنا ويميتنا. 19962 - حدثني المثنى، قال: أخبرنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) ، إيمانُهم قولهم: الله خالقنا ويرزقنا ويميتنا.، فهذا إيمان مع شرك عبادتهم غيرَه. 19963 -.... قال، حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، (1) الأثر: 19959 - "الفضل بن يزيد الثمالي البجلي" ، كوفي ثقة، مترجم في التهذيب، والكبير 4 / 1 / 116، وابن أبي حاتم 3 / 2 / 69. وكان في المخطوطة والمطبوعة: "الفضيل" بالتصغير، وهو خطأ صرف. عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) قال: إيمانهم قولهم: الله خالقنا ويرزقنا ويميتنا 19964 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا هانئ بن سعيد وأبو معاوية، عن حجاج، عن القاسم، عن مجاهد، قال: يقولون: "الله ربنا، وهو يرزقنا" ، وهم يشركون به بعدُ. 19965 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قال: إيمانهم قولُهم: الله خالقنا، ويرزقنا ويميتنا. 19966 -.... قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا أبو تميلة، عن أبي حمزة، عن جابر، عن عكرمة، ومجاهد، وعامر: أنهم قالوا في هذه الآية: (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) ، قال: ليس أحد إلا وهو يعلم أن الله خلقه وخلق السموات والأرض، فهذا إيمانهم، ويكفرون بما سوى ذلك. 19967 - حدثنا بشر، قال، حدثنا يزيد، قال حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) ، في إيمانهم هذا. إنك لست تلقى أحدًا منهم إلا أنبأك أن الله ربه، وهو الذي خلقه ورزقه، وهو مشرك في عبادته. 19968 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (وما يؤمن أكثرهم بالله) الآية، قال: لا تسأل أحدًا من المشركين: مَنْ رَبُّك؟ إلا قال: ربِّيَ الله! وهو يشرك في ذلك. 19969 - حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) ، يعني النصارى، يقول: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) ، [سورة لقمان: 25/ سورة الزمر:38] ، (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) [سورة الزخرف: 87] ، ولئن سألتهم من يرزقكم من السماء والأرض؟ ليقولن: الله. وهم مع ذلك يشركون به ويعبدون غيره، ويسجدون للأنداد دونه.؟ 19970 - حدثني المثنى، قال: أخبرنا عمرو بن عون، قال، أخبرنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك، قال: كانوا يشركون به في تلبيتهم. 19971 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا ابن نمير، عن عبد الملك، عن عطاء: (وما يؤمن أكثرهم بالله) ، الآية، قال: يعلمون أن الله ربهم، وهم يشركون به بعدُ. 19972 - حدثني المثنى، قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن عبد الملك، عن عطاء، في قوله: (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) ، قال: يعلمون أن الله خالقهم ورازقهم، وهم يشركون به. 19973 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال: سمعت ابن زيد يقول: (وما يؤمن أكثرهم بالله) ، الآية، قال: ليس أحدٌ يعبد مع الله غيره إلا وهو مؤمن بالله، ويعرف أن الله ربه، وأن الله خالقه ورازقه، وهو يشرك به. ألا ترى كيف قال إبراهيم: (أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ) [سورة الشعراء: 75-77] ؟ قد عرف أنهم يعبدون رب العالمين مع ما يعبدون. قال: فليس أحد يشرك به إلا وهو مؤمن به. ألا ترى كيف كانت العرب تلبِّي تقول: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، إلا شريك هو لك، تملكه وما ملك" ؟ المشركون كانوا يقولون هذا. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (107) } قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: أفأمن هؤلاء الذين لا يقرُّون بأن الله ربَّهم إلا وهم مشركون في عبادتهم إياه غيرَه = (أن تأتيهم غاشية من عذاب الله) ، تغشاهم من عقوبة الله وعذابه، على شركهم بالله (1) = أو تأتيهم القيامة فجأةً وهم مقيمون على شركهم وكفرهم بربِّهم (2) فيخلدهم الله عز وجل في ناره، وهم لا يدرون بمجيئها وقيامها. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 19974 - حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (أن تأتيهم غاشية من عذاب الله) ، قال: تغشاهم. 19975 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا شبابة، قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (غاشية من عذاب الله) ، قال: تغشاهم. 19976 - حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 19977 -.... قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. (1) انظر تفسير "الغاشية" فيما سلف 12: 435، 436. (2) انظر تفسير "الساعة" فيما سلف 11: 324. = وتفسير "البغتة" فيما سلف 11: 325، 360، 368 / 12: 576 / 13: 297. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ يوسف الحلقة (886) صــ 291 إلى صــ 300 19978 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. 19979 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله) ، أي: عقوبة من عذاب الله. 19980 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (غاشية من عذاب الله) ، قال: "غاشية" ، وقيعة تغشاهم من عذاب الله. (1) * * * القول في تأويل قوله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (قل، يا محمد، هذه الدعوة التي أدعو إليها، والطريقة التي أنا عليها من الدعاء إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له دون الآلهة والأوثان، والانتهاء إلى طاعته، وترك معصيته = (سبيلي) ، وطريقتي ودعوتي، (2) (أدعو إلى الله وحده لا شريك له = (على بصيرة) ، بذلك، ويقينِ عليمٍ منّي به أنا، ويدعو إليه على بصيرة أيضًا من اتبعني وصدقني وآمن بي (3) = (وسبحان الله) ، يقول له تعالى ذكره: وقل، تنزيهًا لله، وتعظيمًا له من أن يكون له شريك في ملكه، (4) أو معبود سواه في سلطانه: (وما أنا من المشركين) ، يقول: وأنا بريءٌ من أهل الشرك به، لست منهم ولا هم منّي. * * * (1) في المطبوعة: "واقعة" ، وأثبت ما في المخطوطة، وهو صواب محض. (2) انظر تفسير: السبيل "فيما سلف من فهارس اللغة (سبل) ." (3) انظر تفسير "البصيرة" فيما سلف 12: 23، 24 / 13: 343، 344. (4) انظر تفسير "سبحان" فيما سلف من فهارس اللغة (سبح) . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 19981 - حدثني المثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس، في قوله: (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة) ، يقول: هذه دعوتي. 19982 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة) ، قال: "هذه سبيلي" ، هذا أمري وسنّتي ومنهاجي = (أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني) ، قال: وحقٌّ والله على من اتّبعه أن يدعو إلى ما دعا إليه، ويذكِّر بالقرآن والموعظة، ويَنْهَى عن معاصي الله. 19983 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس، قوله: (قل هذه سبيلي) :، هذه دعوتي. 19984 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، عن أبي جعفر، عن الربيع: (قل هذه سبيلي) ، قال: هذه دعوتي. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ (109) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وما أرسلنا، يا محمد، من قبلك إلا رجالا لا نساءً ولا ملائكة = (نوحي إليهم) آياتنا، بالدعاء إلى طاعتنا وإفراد العبادة لنا = (من أهل القرى) ، يعني: من أهل الأمصار، دون أهل البوادي، (1) كما:- 19985 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى) ، لأنهم كانوا أعلم وأحلم من أهل العَمُود (2) . * * * وقوله: (أفلم يسيروا في الأرض) ، يقول تعالى ذكره: أفلم يسر هؤلاء المشركون الذين يكذبونك، يا محمد، ويجحدون نبوّتك، وينكرون ما جئتهم به (1) انظر تفسير "القرية" فيما سلف 8: 453 / 12: 299. (2) قوله "أهل العمود" ، العمود (بفتح العين) : وهو الخشبة القائمة في وسط الخباء، والأخبية بيوت أهل البادية، فقوله "أهل العمود" ، يعني أهل البادية، كما يدل عليه السياق هنا، وكما بينه ابن زيد في تفسير هذه الآية إذ قال: "أهل القرى أعلم وأحلم من أهل البادية" (تفسير أبي حيان 5: 353) . وقال الزمخشري في الأساس "ويقال لأصحاب الأخبية: هم أهل عمود، وأهل عماد، وأهل عمد" ، وروى صاحب اللسان بيتًا، وهو: ومَا أهْلُ العَمُود لنَا بأَهْلٍ ... ولاَ النَّعَمُ المُسَامُ لَنا بمَالٍ فهذا قول رجل يبرأ من أن يكون من أهل البادية، فذكر الخصائص التي يألفها أهل البادية، ويكونون بها أهل بادية. من توحيد الله وإخلاص الطاعة والعبادة له = (في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم) ، إذ كذبوا رسُلنا؟ ألم نُحِلّ بهم عقوبتنا، فنهلكهم بها، وننج منها رسلنا وأتباعنا، فيتفكروا في ذلك ويعتبروا؟ * * * * ذكر من قال ذلك: 19986 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، قال: قال ابن جريج: قوله: (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم) ، قال: إنهم قالوا: (مَا أَنزلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ [سورة الأنعام: 91] ) ، قال: وقوله: (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ) [سورة يوسف: 103، 104] ، وقوله: (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا) [سورة يوسف: 105] ، وقوله: (أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ) [سورة يوسف: 107] ، وقوله: (أفلم يسيروا في الأرض فينظروا) ، من أهلكنا؟ قال: فكل ذلك قال لقريش: أفلم يسيروا في الأرض فينظروا في آثارهم، فيعتبروا ويتفكروا؟ * * * وقوله: (ولدار الآخرة خير) ، يقول تعالى ذكره: هذا فِعْلُنا في الدنيا بأهل ولايتنا وطاعتنا، أَنّ عقوبتنا إذا نزلت بأهل معاصينا والشرك بنا، أنجيناهم منها، وما في الدار الآخرة لهم خير. * * * = وترك ذكر ما ذكرنا، اكتفاء بدلالة قوله: (ولدار الآخرة خير للذين اتقوا) ، عليه، وأضيفت "الدار" إلى "الآخرة" ، وهي "الآخرة" ، لاختلاف لفظهما، كما قيل: (إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ) ، [سورة الواقعة: 95] ، وكما قيل: "أتيتك عام الأوَّل، وبارحة الأولى، وليلة الأولى، ويوم الخميس" ، (1) وكما قال: الشاعر: (2) أَتَمْدَحُ فَقْعَسًا وَتَذُمُّ عَبْسًا ... أَلا للهِ أُمُّكَ مِنْ هَجِينِ ... وَلَوْ أَقْوَتْ عَلَيْكَ دِيَارُ عَبْسٍ ... عَرَفْتَ الذُّلَّ عِرْفَانَ اليَقِينِ (3) يعني: عرفانًا له يقينًا. (4) * * * قال أبو جعفر: فتأويل الكلام: وللدار الآخرة خير للذين اتقوا الله، بأداء فرائضه واجتناب معاصيه. * * * وقوله: (أفلا تعقلون) ، يقول: أفلا يعقل هؤلاء المشركون بالله حقيقةَ ما نقول لهم ونخبرهم به، من سوء عاقبة الكفر، وغِبّ ما يصير إليه حال أهله، مع ما قد عاينوا ورأوا وسمعوا مما حلّ بمن قبلهم من الأمم الكافرة المكذبةِ رسلَ ربّها؟ (5) * * * (1) هذا موجز كلام الفراء في معاني القرآن، في تفسير الآية. (2) لم أعرف قائله. (3) رواهما الفراء في معاني القرآن، في تفسير الآية. وكان في المطبوعة: "ولو أفزت" ، وهو خطل محض، وفي المخطوطة "ولو أفرت" ، غير منقوطة، وهو تصحيف. و "الهجين" ، ولد العربي لغير العربية. و "أقوت الدار" : أقفرت وخلت من سكانها. وظاهر هذا الشعر، أن قائله يقوله في رجل من بني عبس، كان هجينًا، فمدح فقعسًا وذم قومه لخذلانهم إياه. فهو يقول له: لو فارقت عبس مكانها وأفردتك فيه، لعرفت الذل عرفانًا يقينًا. (4) في المطبوعة والمخطوطة: "عرفانا به" ، وكأن الصواب ما أثبت. وفي الفراء: "عرفانًا يقينًا" ، بغير "له" ، وهو أجود. (5) في المطبوعة: "بما قبلهم من الأمم" ، والصواب من المخطوطة. القول في تأويل قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القُرَى) ، فدعوْا من أرسلنا إليهم، فكذبوهم، وردُّوا ما أتوا به من عند الله = (حتى إذا استيأسَ الرسل) ، الذين أرسلناهم إليهم منهم أن يؤمنوا بالله، (1) ويصدِّقوهم فيما أتوهم به من عند الله = وظن الذين أرسلناهم إليهم من الأمم المكذِّبة أن الرسل الذين أرسلناهم قد كذبوهم فيما كانوا أخبروهم عن الله، من وَعده إياهم نصرَهم عليهم = (جاءهم نصرنا) . * * * وذلك قول جماعة من أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 19987 - حدثنا أبو السائب سلم بن جنادة، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم، عن ابن عباس، في قوله: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا) ، قال: لما أيست الرسل أن يستجيب لهم قومُهم، وظنَّ قومهم أن الرسل قد كذَبَوهم، جاءهم النصر على ذلك، فننجّي من نشاء. 19988 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا أبو معاوية الضرير، قال: حدثنا الأعمش، عن مسلم، عن ابن عباس، بنحوه = غير أنه قال في حديثه، قال: "أيست الرسل" ، ولم يقل: "لما أيست" . (2) (1) انظر تفسير "استيأس" فيما سلف ص: 203، 204، وفهارس اللغة (يأس) . (2) مرة أخرى، أوقفك على هذه الدقة البليغة في رواية أخبارنا، فضلاً عن رواية حديث نبينا صلى الله عليه وسلم. ومع ذلك كله فالسفهاء يقولون، متبعين أهواء أصحاب الضلالة من المستشرقين وأشباههم. فليت قومي يعلمون أي تراث يضيعون، وأي سخف يتبعون. انظر ما سلف ص: 265، تعليق: 1. 19989 - حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا مؤمل، قال: حدثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير: (حتى إذا استيأس الرسل) ، أن يسلم قومهم، وظنّ قوم الرسل أن الرسل قد كَذَبُوا جاءهم نصرنا. 19990 - حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا مؤمل، قال: حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن ابن عباس، مثله. 19991 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمران بن عيينة، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذِبوا) ، قال: حتى إذا استيأس الرسل من قومهم، وظن قومهم أن الرسل قد كَذَبوا، (جاءهم نصرنا) . 19992 - حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن حصين، عن عمران السلمي، عن ابن عباس: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا) ، أيس الرسل من قومهم أن يصدِّقوهم، وظن قومهم أن الرسل قد كذبتهم. (1) 19993 - حدثنا عمرو بن عبد الحميد، قال: حدثنا جرير، عن حصين، عن عمران بن الحارث السلمي، عن عبد الله بن عباس، في قوله: (حتى إذا استيأس الرسل) ، قال: استيأس الرسل من قومهم أن يستجيبوا لهم = (وظنوا أنهم قد كذبوا) ، قال: ظن قومهم أنهم جاؤوهم بالكذب. 19994 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن إدريس، قال: سمعت حصينًا، عن عمران بن الحارث، عن ابن عباس: حتى إذا استيأس الرسل من أن يستجيب لهم قومهم، وظنَّ قومهم أن قد كذبوهم = (جاءهم نصرنا) . (1) الأثر: 19992 - "عمران السلمي" ، هو "عمران بن الحارث السلمي" ، "أبو الحكم" تابعي كوفي ثقة، روى عن ابن عباس، وابن الزبير، وابن عمر. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم 3 / 1 / 296. وستأتي روايته هذه في الأخبار التالية إلى رقم: 19998. 19995 - حدثني أبو حصين عبد الله بن أحمد بن يونس، قال: حدثنا عبثر، قال: حدثنا حصين، عن عمران بن الحارث، عن ابن عباس، في هذه الآية: (حتى إذا استيأس الرسل) ، قال: استيأس الرسل من قومهم أن يؤمنوا، وظنَّ قومُهم أن الرسل قد كَذَبوهم فيما وعدوا وكذبوا = (جاءهم نصرنا) . (1) 19996 - حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن حصين، عن عمران بن الحارث، عن ابن عباس، قال: (حتى إذا استيأس الرسل) ، من نصر قومهم = (وظنوا أنهم قد كذبوا) ، ظن قومهم أنهم قد كَذَبوهم. 19997 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا محمد بن الصباح، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا حصين، عن عمران بن الحارث، عن ابن عباس، في قوله: (حتى إذا استيأس الرسل) ، قال: من قومهم أن يؤمنوا بهم، وأن يستجيبوا لهم، وظن قومهم أن الرسل قد كذبوهم (جاءهم نصرنا) ، يعني الرسلَ. 19998 - حدثني المثنى، قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن حصين، عن عمران بن الحارث، عن ابن عباس، بمثله سواء. 19999 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن هارون، عن عباد القرشي، عن عبد الرحمن بن معاوية، عن ابن عباس: (وظنوا أنهم قد كُذِبوا) خفيفة، وتأويلها عنده: وظن القومُ أن الرسل قد كذبوا. (2) (1) الأثر: 19995 - "عبد الله بن أحمد بن يونس" ، هو "عبد الله بن أحمد بن عبد الله ابن يونس اليربوعي" ، "أبو حصين" ، شيخ الطبري، سلف برقم: 12336. و "عبثر" ، هو "عبثر بن القاسم الزبيدي" ، ثقة، مضى برقم: 12336، 12402، 17106. (2) الأثر: 19999 - "عبد الوهاب بن عطاء" ، هو الخفاف، مضى مرارًا آخرها رقم: 16842 و "هرون" ، كأنه "هرون بن سفيان بن بشير" ، "أبو سفيان" ، المعروف بالديك، مستملي يزيد بن هارون، روى عن معاذ بن فضالة، وأبي زيد النحوي، ومطرف بن عبد الله المديني، ومحمد بن عمر الواقدي. مترجم في تاريخ بغداد 14: 25، رقم: 7357. و "عباد القرسي" ، هو "عباد بن موسى القرشي البصري" ، ثقة، روى عن إسرائيل بن يونس، وإبراهيم بن طهمان، وسفيان الثوري، وروى عنه هرون بن سفيان المستملي، مترجم في التهذيب. و "عبد الرحمن بن معاوية" ، هو "عبد الرحمن بن معاوية بن الحويرث الأنصاري، الزرقي" ، "أبو الحويرث" ، روى عن ابن عباس، وغيره، مضى برقم: 15756. 20000 - حدثنا أبو بكر، قال: حدثنا طلق بن غنام، عن زائدة، عن الأعمش، عن مسلم، عن ابن عباس، قال: (حتى إذا استيأس الرسل) ، من قومهم أن يصدِّقوهم، وظن قومُهم أن قد كذبتهم رُسُلهم = (جاءهم نصرنا) . (1) 20001 - حدثني المثنى، قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا) ، يعني: أيس الرسل من أن يتّبعهم قومهم، وظن قومُهم أن الرسل قد كَذَبوا، فينصر الله الرسل، ويبعثُ العذابَ. 20002 - حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا) ، حتى إذا استيأس الرسلُ من قومهم أن يطيعوهم ويتبعوهم، وظنَّ قومُهم أن رسلهم كذبوهم = (جاءهم نصرنا) . 20003 - حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا محمد بن فضيل، عن حصين، عن عمران بن الحارث، عن ابن عباس: (حتى إذا استيأس الرسل) ، من قومهم = (وظنوا أنهم قد كذبوا) ، قال: فما أبطأ عليهم إلا من ظن أنهم قد كَذَبوا. 20004 -.... قال: حدثنا آدم العسقلاني، قال: حدثنا شعبة، قال: (1) الأثر: 20000 - "أبو بكر" ، لم أعرف من هو من شيوخ أبي جعفر، وظني أن صوابه "أبو كريب" ، فهو الذي ذكروا أنه يروي عن طلق بن غنام. و "طلق بن غنام بن طلق بن معاوية النخعي" ثقة، لم يكن بالمتبحر في العلم، مترجم في التهذيب، والكبير 2 / 2 / 361، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 491. أخبرنا حصين بن عبد الرحمن، عن عمران بن الحارث قال: سمعت ابن عباس يقول: (وظنوا أنهم قد كذبوا) خفيفةً. وقال ابن عباس: ظن القومُ أنّ الرسل قد كَذَبوهم، خفيفةً. 20005 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا جرير، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، في قوله: (حتى إذا استيأس الرسل) ، من قومهم، وظنّ قومُهم أن الرسل قد كَذَبوهم. 20006 -.... قال: حدثنا محمد بن فضيل، عن خصيف، قال: سألت سعيد بن جبير، عن قوله: (حتى إذا استيأس الرسل) ، من قومهم، وظن الكفار أنهم هم كَذَبوا. 20007 - حدثني يعقوب والحسن بن محمد، قالا حدثنا إسماعيل بن علية. قال: حدثنا كلثوم بن جبر، عن سعيد بن جبير، قوله: (حتى إذا استيأس الرسل) ، من قومهم أن يؤمنوا، وظن قومُهم أن الرسل قد كَذَبتهم. 20008 - حدثني المثنى، قال: حدثنا عارم أبو النعمان، قال: حدثنا حماد بن زيد، قال: حدثنا شعيب، قال: حدثني إبراهيم بن أبي حرة الجزري، قال: سأل فتى من قريش سعيد بن جبير، فقال له: يا أبا عبد الله، كيف تقرأ هذا الحرف، فإني إذا أتيت عليه تمنَّيت أن لا أقرأ هذه السورة: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا) ؟ قال: نعم، حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يصدِّقوهم، وظن المرسَلُ إليهم أن الرُّسُل كَذَبوا. قال: فقال الضحاك بن مزاحم: ما رأيت كاليوم قط رجلا يدعى إلى علم فيتلكَّأ!! لو رحلت في هذه إلى اليمن كان قليلا! (1) (1) الأثر: 20008 - "شعيب" ، هو "شعيب بن الحبحاب الأزدي" ، ثقة، مضى برقم: 6180، 6442. و "إبراهيم بن أبي حرة الجزري" ، وثقه ابن معين، وأحمد، وقال ابن أبي حاتم: ثقة، لا بأس به وضعفه الساجي، وذكره ابن حبان في الثقات. كان قليل الحديث. مترجم في لسان الميزان 1: 46، والكبير 1 / 1 / 281، وابن أبي حاتم 1 / 1 / 96، وابن سعد 7 / 2 / 179. وكان في المطبوعة: "ابن أبي حمزة" ، لم يحسن قراءة المخطوطة، ولأن الناسخ وضع أمام هذا السطر علامة الشك. والفتى المذكور هنا، هو "مسلم بن يسار: كما يظهر من الأثر التالي." وأما كلمة الضحاك بن مزاحم، فهي كلمة رجل قد ملأ حب العلم قلبه، وقل من الناس من يمتلئ قلبه بحب العلم حتى يقول مثل هذه المقالة، إلا ما كان من أسلافنا هؤلاء، فإن الله قد نشأهم أحسن تنشئة في حجور الأنبياء والصالحين من صحابة رسولنا صلى الله عليه وسلم. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ يوسف الحلقة (887) صــ 301 إلى صــ 310 20009 - حدثني المثنى، قال: حدثنا الحجاج، قال: حدثنا ربيعة بن كلثوم، قال: حدثني أبي، أن مسلم بن يسار، سأل سعيد بن جبير ; فقال: يا أبا عبد الله، آية بلغت مني كل مبلغ: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا) ، فهذا الموتُ، أن تظنّ الرسل أنهم قد كُذِبوا، أو نظنّ أنهم قد كَذَبوا، مخففة! (1) قال: فقال سعيد بن جبير: يا أبا عبد الرحمن، حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يستجيبوا لهم، وظن قومُهم أن الرسل كذبتهم = (جاءهم نصرنا فنجى من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين) . قال: فقام مسلم إلى سعيد، فاعتنقه وقال: فرّج الله عنك كما فرّجت عني (2) 20010 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا يحيى بن عباد، قال: حدثنا وهيب، قال: حدثنا أبو المعلى العطار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا) قال: استيأس الرسل من إيمان قومهم ; وظنَّ قومهم أن الرسل قد كَذَبوهم، ما كانوا يخبرونهم ويبلِّغونهم. (3) (1) في المخطوطة: "وظنوا أنهم قد كذبوا، ونظن أنهم قد كذبوا مخففة ..." ، سقط من الكلام ما أتمه ناشر المطبوعة الأولى من الدر المنثور للسيوطي 4: 41. (2) الأثر: 20009 - "ربيعة بن كلثوم بن جبر البصري" ، ثقة، مضى برقم 6240، 12522. وأبوه: "كلثوم بن جبر البصري" ، ثقة، مضى أيضًا برقم: 6240، 12522.و "مسلم بن يسار البصري" ، أبو عبد الله الفقيه، روى عن أبيه، وابن عباس، وابن عمر تابعي ثقة، مترجم في التهذيب، والكبير 4 / 1 / 275، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 198. وانظر الخبر الآتي رقم: 20014. (3) الأثر: 20010 - "الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني" ، شيخ الطبري، مضى مرارًا آخرها رقم: 18807، 18817. و "يحيى بن عباد الضبعي" ، "أبو عباد البصري" ، ثقة، حدث عنه أهل بغداد، وقال الخطيب: أحاديثه مستقيمة، لا نعلمه روى منكرًا. مترجم في التهذيب، والكبير 4 / 2 / 292، وابن أبي حاتم 4 / 2 / 173، وتاريخ بغداد 14: 144 -146. و "وهيب" هو "وهيب بن خالد بن عجلان الباهلي" ، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: 4345، 12444. و "أبو المعلى العطار" ، هو "يحيى بن ميمون" ، ثقة ليس به بأس، مضى برقم: 8346، 8347، 11162. 20011 -.... قال: حدثنا شبابة، قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ; (حتى إذا استيأس الرسل) أن يصدقهم قومهم، وظن قومهم أن الرسل قد كَذَبوا، جاء الرسل نَصرُنا. 20012 - حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 20013 - حدثني المثنى: قال: حدثنا الحجاج، قال: حدثنا حماد، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، في هذه الآية: حتى إذا استيأس الرسل من قومهم، وظن قومهم أن الرسل قد كَذَبت. 20014 -.... قال: حدثنا حماد، عن كلثوم بن جبر، قال: قال لي سعيد بن جبير: سألني سيد من ساداتكم عن هذه الآية فقلت: استيأس الرسل من قومهم، وظنَّ قومهم أن الرسل قد كذبت. (1) 20015 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا) ، قال: استيأس الرسل أن يؤمن قومهم بهم، وظنَّ قومهم المشركون أن الرسل قد كَذَبوا ما وعدهم الله من نصره إياهم عليهم، وأخْلِفُوا، وقرأ: (جاءهم نصرنا) ، قال: جاء الرسلَ النصرُ حينئذ. قال: وكان أبيّ يقرؤها: "كُذِبُوا" . 20016 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد، عن أبي المتوكل، عن أيوب ابن أبي صفوان، عن عبد الله بن الحارث، (1) الأثر: 20014 - انظر الخبرين السالفين رقم: 20008، 20009. أنه قال: (حتى إذا استيأس الرسل) ، من إيمان قومهم = (وظنوا أنهم قد كذبوا) ، وظن القوم أنهم قد كذبوهم فيما جاءوهم به. (1) 20017 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا عبد الوهاب، عن جويبر، عن الضحاك، قال: ظن قومهم أن رسلهم قد كَذَبوهم فيما وعدوهم به. 20018 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا محمد بن فضيل، عن جحش بن زياد الضبي، عن تميم بن حذلم، قال: سمعت عبد الله بن مسعود يقول في هذه الآية: "حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا" ، قال: استيأس الرسل من إيمان قومهم أن يؤمنوا بهم، وظن قومهم حين أبطأ الأمر أنهم قد كَذَبوا بالتخفيف. (2) 20019 - حدثنا أبو المثنى، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، (1) الأثر: 20016 - "سعيد" ، هو "سعيد بن أبي عروبة" . وأما "أبو المتوكل" فلا أدري ما هو، وسيأتي أنه عند البخاري وابن أبي حاتم: "المتوكل" ، ومع ذلك، فلست أدري من يكون على التحقيق. و "أيوب بن أبي صفوان" ، هكذا جاء في ترجمة "أيوب بن صفوان" في التاريخ الكبير للبخاري، أي هكذا يقال فيه أيضًا، وأما ابن أبي حاتم فاقتصر على أنه: "أيوب بن صفوان" ، مولى عبد الله بن الحارث، وفي ترجمة أبي حاتم تخليط كثير. قال البخاري في ترجمته: "قال عبد الأعلى، حدثنا سعيد، عن متوكل، عن أيوب بن صفوان، مولى عبد الله بن الحارث الهاشمي، عن عبد الله بن الحارث، عن أم هانئ، عن النبي صلى الله عليه وسلم" ، يعني في صلاة الضحى". ثم ذكره في إسناد آخر هكذا "أيوب بن أبي صفوان" ، كالذي هنا." وأما ابن أبي حاتم فقال: "أيوب بن صفوان، مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل، روى عن المتوكل، عن عبد الله بن الحارث، روى عنه سعيد بن أبي عروبة" ، وهو خلط أرجح أن صوابه: "روى عنه المتوكل، عن عبد الله بن الحارث، وروى عن المتوكل سعيد بن أبي عروبة" . وهذا خبر مشكل إسناده كما ترى، ولا حيلة لنا فيه، حتى نجد شيئًا يهدي إلى الصواب فيه. (2) الأثر: 20018 - "جحش بن زياد الضبي" ، روى عن تميم بن حذلم، روى عنه سفيان الثوري، وجرير، ومحمد بن فضيل، وأبو بكر بن عياش. لم يذكروا فيه جرحًا، مترجم في الكبير 1 / 2 / 251، وابن أبي حاتم 1 / 1 / 550. و "تميم بن حذلم الضبي" ، من أصحاب ابن مسعود، ثقة، قليل الحديث، روى له الجماعة، مضى برقم: 13623. في ترجمة ولده. عن أبي المعلى، عن سعيد بن جبير، في قوله: (حتى إذا استيأس الرسل) ، قال: استيأس الرسل من نصر قومهم، وظنّ قومُ الرسل أن الرسل قد كَذَبوهم. (1) 20020 - حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن سعيد بن جبير: حتى إذا استيأس الرسل أن يصدِّقوهم، وظن قومُهم أن الرسل قد كذبوهم. (2) 20021 -.... قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا إسرائيل، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: حتى إذا استيأس الرسل أن يصدّقهم قومهم، وظن قومُهم أن الرسل قد كَذَبوهم. 20022 - حدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك في قوله: (حتى إذا استيأس الرسل) ، يقول: استيأسوا من قومهم أن يجيبوهم، ويؤمنوا بهم = "وظنوا" ، يقول: وظن قوم الرسل أن الرسل قد كَذَبوهم الموعد. * * * قال أبو جعفر: والقراءة على هذا التأويل الذي ذكرنا في قوله: (كُذِبُوا) بضم الكاف وتخفيف الذال. وذلك أيضًا قراءة بعض قرأة أهل المدينة وعامة قرأة أهل الكوفة. وإنما اخترنا هذا التأويل وهذه القراءة، لأن ذلك عقيب قوله: (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف (1) الأثر: 20019 - "أبو المعلي" ، هو العطار، "يحيى بن ميمون" ، مضى قريبًا برقم: 20010. (2) الأثر: 20020 - "عمرو بن ثابت بن هرمز البكري" ، روى عن أبيه، ضعيف جدًا ليس بثقة، مضى برقم: 641، 680، 5969. وأبوه "ثابت بن هرمز" ، الحداد، "أبو المقدام" ، ثقة، مضى برقم: 641، 680، 5969، 16645. كان عاقبة الذين من قبلهم) ، فكان ذلك دليلا على أن إياس الرسل كان من إيمان قومهم الذين أهلكوا، وأن المضمر في قوله: (وظنوا أنهم قد كذبوا) ، إنما هو من ذكر الذين من قبلهم من الأمم الهالكة، وزاد ذلك وضوحًا أيضًا، إتباعُ الله في سياق الخبر عن الرسل وأممهم قوله: (فنجي من نشاء) ، إذ الذين أهلكوا هم الذين ظنوا ان الرسل قد كذبتهم، (1) فكَذَّبوهم ظنًّا منهم أنهم قد كَذَبوهم. * * * وقد ذهب قوم ممن قرأ هذه القراءة، إلى غير التأويل الذي اخترنا، ووجّهوا معناه إلى: حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم، وظنَّتِ الرسل أنهم قد كُذِبوا فيما وُعِدُوا من النصر. * ذكر من قال ذلك: 20023 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا عثمان بن عمر، قال: حدثنا ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، قال: قرأ ابن عباس: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذِبوا) ، قال: كانوا بشرًا ضَعفُوا ويَئِسوا. 20024 -.... قال: حدثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، قال: أخبرني ابن أبي مليكة، عن ابن عباس، قرأ: (وظنوا أنهم قد كُذِبوا) ، خفيفة، قال ابن جريج: أقول كما يقول: أخْلِفوا. قال عبد الله: قال لي ابن عباس: كانوا بشرًا. وتلا ابن عباس: (حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) [سورة البقرة: 214] = قال ابن جريج: قال ابن أبي مليكة: ذهب بها إلى أنهم ضَعُفوا فظنوا أنهم أخْلِفوا. 20025 - حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا مؤمل، قال: حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله، أنه قرأ: (حتى إذا (1) في المخطوطة: "إن الذين أهلكوا" ، والصواب ما في المطبوعة. استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذِبوا) ، مخففة. قال عبد الله: هو الذي تَكْرَه. 20026 -.... قال: حدثنا أبو عامر، قال: حدثنا سفيان، عن سليمان، عن أبي الضحى، عن مسروق، أن رجلا سأل عبد الله بن مسعود: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا) ، قال: هو الذي تكره = مخففةً. 20027 -.... قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، أنه قال في هذه الآية: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا) ، قلت: "كُذِبوا" ! قال: نعم ألم يكونوا بشرًا؟ 20028 - حدثنا الحارث، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثنا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، في قوله: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذِبوا) ، قال: كانوا بشرًا، قد ظنُّوا. * * * قال أبو جعفر: وهذا تأويلٌ وقولٌ، غيرُه من التأويل أولى عندي بالصواب، (1) وخلافه من القول أشبه بصفات الأنبياء، والرسل إن جاز أن يرتابوا بوعدِ الله إياهم ويشكوا في حقيقة خبره، مع معاينتهم من حجج الله وأدلته ما لا يعاينه المرسَل إليهم فيعذروا في ذلك، فإن المرسَلَ إليهم لأوْلى في ذلك منهم بالعذر. (2) وذلك قول إن قاله قائلٌ لا يخفى أمره. * * * وقد ذُكِر هذا التأويل الذي ذكرناه أخيرًا عن ابن عباس لعائشة، فأنكرته أشد النُكرة فيما ذكر لنا. * ذكر الرواية بذلك عنها، رضوانُ الله عليها: 20029 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا عثمان بن عمر، قال: حدثنا (1) في المطبوعة والمخطوطة: "هذا تأويل وقول غيره من أهل التأويل ..." بزيادة "أهل" ، وهو لا يستقيم، لأنه لو عنى ذلك لقال: "وقول غيرهما" ، لأن الراوية قبل عند عبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود. ويصحح ما فعلت من حذف هذه الزيادة، قوله بعد: "وخلافه من القول...." . (2) في المطبوعة والمخطوطة: "أن المرسل إليهم" بغير الفاء، وهي واجبة في جواب الشرط من قوله: "والرسل إن جاز أن يرتابوا ... فإن المرسل إليهم ..." . ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، قال: قرأ ابن عباس: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا انهم قد كذبوا) ، فقال: كانوا بشرًا، ضعفوا ويئسوا = قال ابن أبي مليكة: فذكرت ذلك لعروة، فقال: قالت عائشة: معاذ الله! ما حدَّث الله رسوله شيئًا قطُّ إلا علم أنه سيكون قبل أن يموت، ولكن لم يزل البلاء بالرسل حتى ظن الأنبياء أن من تبعهم قد كذّبوهم. فكانت تقرؤها: "قَدْ كُذِّبُوا" ، تثقلها. (1) 20030 -.... قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرني ابن أبي مليكة، أن ابن عباس قرأ: (وظنوا أنهم قد كُذِبوا) ، خفيفة، قال عبد الله: ثم قال لي ابن عباس: كانوا بشرًا وتلا ابن عباس: (حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) [سورة البقرة: 214] = قال ابن جريج: قال ابن أبي مليكة: يذهب بها إلى أنهم ضَعُفوا، فظنوا أنهم أُخْلِفوا. قال ابن جريج: قال أبن أبي مليكة: وأخبرني عروة عن عائشة، أنها خالفت ذلك وأبته، وقالت: ما وعد الله محمدًا صلى الله عليه وسلم من شيء إلا وقد علم أنه سيكون حتى مات، ولكنه لم يزل البلاء بالرسل حتى ظنوا أنَّ من معهم من المؤمنين قد كذَّبوهم. قال ابن أبي مليكة في حديث عروة: كانت عائشة تقرؤها: "وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُوا" مثقَّله، للتكذيب. (2) 20031 -.... قال: حدثنا سليمان بن داود الهاشمي، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، قال: حدثني صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، عن عروة، (1) الأثر: 20029 - "عثمان بن عمر بن فارس العبدي" ، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا. وابن جريج، هو الإمام المشهور. و "ابن أبي مليكة" ، هو "عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة" ، روى له الجماعة، مضى مرارًا كثيرة. وهذا إسناد صحيح، رواه البخاري في صحيحه (الفتح 8: 140) ، من طريق إبراهيم بن موسى، عن هشام، عن ابن جريج. (2) الأثر: 20030 - مكرر الذي قبله، وهو إسناد صحيح. عن عائشة قال: قلت لها قوله: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذِبوا) ، قال: قالت عائشة: لقد استيقنوا أنهم قد كُذِّبوا. قلت: "كُذِبوا" . قالت: معاذ الله، لم تكن الرُّسل تظُنُّ بربها، (1) إنما هم أتباع الرُّسُل، لما استأخر عنهم الوحيُ، واشتد عليهم البلاء، ظنت الرسل أن أتباعهم قد كذَّبوهم = (جاءهم نصرنا) . (2) 20032 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: حتى إذا استيأس الرجل ممن كذبهم من قومهم أن يصدّقوهم، وظنَّت الرسل أن من قد آمن من قومهم قد كَذَّبوهم، جاءهم نصر الله عند ذلك. (3) * * * قال أبو جعفر: فهذا ما روي في ذلك عن عائشة، غير أنها كانت تقرأ: "كُذِّبُوا" ، بالتشديد وضم الكاف، بمعنى ما ذكرنا عنها: من أن الرسل ظنَّت بأتباعها الذين قد آمنوا بهم، أنهم قد كذَّبوهم، فارتدُّوا عن دينهم، استبطاءً منهم للنصر. وقد بيّنا أن الذي نختار من القراءة في ذلك والتأويل غيرَه في هذا الحرف خاصّةً. * * * وقال آخرون ممن قرأ قوله: "كُذِّبُوا" بضم الكاف وتشديد الذال، معنى ذلك: حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يؤمنوا بهم ويصدِّقوهم، وظنَّت الرسل، بمعنى: واستيقنت، أنهم قد كذّبهم أممهم، جاءَتِ الرُّسل نُصْرَتنا. وقالوا: (1) في المطبوعة والمخطوطة: "تظن يومًا" ، ورجحت أن هذا تصحيف من الناسخ، لم يحسن قراءة "بربها" ، فكتب مكانها "يومًا" ، لشبه ما بينها في الرسم، والذي في حديث البخاري: "تظن ذلك بربها" ، وهو يؤيد ما ذهبت إليه. (2) الأثر: 20031 - بهذا الإسناد، عن "عبد العزيز بن عبد الله، عن إبراهيم بن سعد، عن صالح بن كيسان" ، رواه البخاري في صحيحه (الفتح 8: 277 - 279) = مطولا. ولفظ أبي جعفر مختصر أشد الاختصار. وكتب ابن حجر فصلاً جيدًا مستوفى في شرح هذا الحديث. (3) الأثر: 20032 - وهذا إسناد صحيح إلى عائشة. "الظن" في هذا بمعنى العلم، (1) من قول الشاعر: (2) فَظُنُّوا بِأَلْفَيْ فَارِسٍ مُتَلَبِّبٍ ... سَرَاتُهُمْ فِي الفَارِسِيّ المُسَرَّدِ (3) * * * * ذكر من قال ذلك: 20033 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن = وهو قول قتادة =: حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم، وظنوا أنهم قد كُذِّبوا "، أي: استيقنوا أنه لا خير عند قومهم، ولا إيمان = (جاءهم نصرنا) ." * * * 20034 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (حتى إذا استيأس الرسل) ، قال: من قومهم = (وظنوا أنهم قد كذِّبوا) ، قال: وعلموا أنهم قد كذبوا = (جاءهم نصرنا) . * * * قال أبو جعفر: وبهذه القراءة كانت تقرأ عامة قرأة المدينة والبصرة والشأم، أعني بتشديد الذال من "كُذِّبُوا" وضم كافها. * * * وهذا التأويل الذي ذهب إليه الحسن وقتادة في ذلك، إذا قرئ بتشديد الذال وضم الكاف، خلافٌ لما ذكرنا من أقوال جميع من حكينا قوله من الصحابة، لأنه لم يوجه "الظن" في هذا الموضع منهم أحدٌ إلى معنى العلم واليقين، مع أن "الظنّ" إنما استعمله العرب في موضع العلم فيما كان من علم أدرك من جهة الخبر أو من غير وجه المشاهده والمعاينة. فأما ما كان من علم أدرك من وجه المشاهدة والمعاينة، فإنها لا تستعمل فيه "الظن" ، لا تكاد تقول: "أظنني حيًّا، وأظنني إنسانًا" ، بمعنى: أعلمني إنسانًا، وأعلمني حيًا. والرسل الذين كذبتهم أممهم، لا شك أنها كانت لأممها شاهدة، ولتكذيبها إياها منها سامعة، فيقال فيها: ظنّت بأممها أنها كَذَّبتها. * * * وروي عن مجاهد في ذلك قولٌ هو خلاف جميع ما ذكرنا من أقوال الماضين الذين سَمَّينا أسماءهم وذكرنا أقوالهم، وتأويلٌ خلاف تأويلهم، وقراءةٌ غير قراءة (1) انظر تفسير "الظن" بهذا المعنى فيما سلف من فهارس اللغة (ظنن) . (2) هو دريد بن الصمة. (3) مضى البيت بغير هذه الرواية 2: 18، تعليق: 1، وبينت ذلك هناك. جميعهم، وهو أنه، فيما ذُكِر عنه، كان يقرأ: "وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كَذَبُوا" بفتح الكاف والذال وتخفيف الذال. * ذكر الرواية عنه بذلك: 20035 - حدثني أحمد بن يوسف، قال: حدثنا أبو عبيد، قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، أنه قرأها: "كَذَبُوا" بفتح الكاف بالتخفيف. * * * =وكان يتأوّله كما: - 20036 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: استيأس الرجل أن يُعَذَّبَ قومهم، وظن قومهم أن الرسل قد كَذَبوا = (جاءهم نصرنا) ، قال: جاء الرسلَ نصرنا. قال مجاهد: قال في "المؤمن" (1) (فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ) ، قال: قولهم: "نحن أعلم منهم ولن نعذّب" . وقوله: (وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) ، [سورة غافر: 83] ، قال: حاق بهم ما جاءت به رسلهم من الحق. * * * قال أبو جعفر: وهذه قراءة لا أستجيز القراءة بها، (2) لإجماع الحجة من قرأة الأمصار على خلافها. ولو جازت القراءة بذلك، لاحتمل وجهًا من التأويل، وهو أحسن مما تأوله مجاهد، وهو: حتى إذا استيأس الرسل من عذاب الله قومَها المكَذِّبة بها، وظنَّت الرسل أن قومها قد كَذَبوا وافتروا على الله بكفرهم بها = ويكون "الظن" موجِّهًا حينئذ إلى معنى العلم، على ما تأوَّله الحسن وقتادة. * * * وأما قوله: (فنجي من نشاء) فإن القرأة اختلفت في قراءته. فقرأه عامة قرأة أهل المدينة ومكة والعراق: "فَنُنْجِى مَنْ نَشَاء" ، مخفّفة بنونين، (3) (1) "المؤمن" هي سورة غافر، أي: سورة مؤمن آل فرعون. (2) في المطبوعة وحدها: "وهذه القراءة" ، غير الكلام بلا معنى. (3) في المطبوعة أسقط "مخففة" ، وكان في المخطوطة: "فننجي مخففة من نشاء بنونين" ، والذي أثبته أولى وأجود. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ يوسف الحلقة (888) صــ 311 إلى صــ 320 بمعنى: فننجي نحنُ من نشاء من رسلنا والمؤمنين بنا، دون الكافرين الذين كَذَّبوا رُسلنا، إذا جاء الرسلَ نصرُنا. * * * واعتلّ الذين قرءوا ذلك كذلك، أنه إنما كتب في المصحف بنون واحدة، وحكمه أن يكون بنونين، لأن إحدى النونين حرف من أصل الكلمة، من: "أنجى ينجي" ، والأخرى "النون" التي تأتي لمعنى الدلالة على الاستقبال، من فعل جماعةٍ مخبرةٍ عن أنفسها، لأنهما حرفان، أعني النونين، من جنس واحدٍ يخفى الثاني منهما عن الإظهار في الكلام، فحذفت من الخط، واجتزئ بالمثبتة من المحذوفة، كما يفعل ذلك في الحرفين اللذين يُدْغم أحدهما في صاحبه. * * * وقرأ ذلك بعض الكوفيين على هذا المعنى، غير أنه أدغم النون الثانية وشدّد الجيم. * * * وقرأه آخر منهم بتشديد الجيم ونصب الياء، على معنى فعل ذلك به من: "نجَّيته أنجّيه" . * * * وقرأ ذلك بعض المكيين: "فَنَجَا مَنْ نَشَاءُ" بفتح النون والتخفيف، من: "نجا ينجو" . (1) * * * قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندنا، قراءة من قرأه: "فَنُنْجِى مَنْ نَشَاءُ" بنونين، لأن ذلك هو القراءة التي عليها القرأة في الأمصار، وما خالفه ممن قرأ ذلك ببعض الوجوه التي ذكرناها، فمنفرد بقراءته عما عليه الحجة مجمعة من القرأة. وغير جائز خلاف ما كان مستفيضًا بالقراءة في قرأة الأمصار. * * * (1) في المخطوطة: "من نجا عذاب الله من نشاء ينجو" وفي المطبوعة: "من نجا من عذاب الله من نشاء ينجو" ، زاد "من" ليستقيم الكلام. بيد أني أقطع بأن الصواب هو ما أثبت، كما فعل في أخواتها السالفة، وإنما زاد الناسخ ما زاد سهوًا. قال أبو جعفر: وتأويل الكلام: فننجي الرسلَ ومن نشاء من عبادنا المؤمنين إذا جاء نصرنا، كما: - 20037 - حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال حدثني عمي: قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: "فننجى من نشاء" ، فننجي الرسل ومن نشاء = (ولا يردّ بأسنا عن القوم المجرمين) ، وذلك أن الله تبارك وتعالى بَعَث الرسل، فدعوا قومهم، وأخبروهم أنه من أطاع نجا، ومن عصاه عُذِّب وغَوَى. * * * وقوله (ولا يردّ بأسنا عن القوم المجرمين) ، يقول: ولا تردُّ عقوبتنا وبطشنا بمن بطشنا به من أهل الكفر بنا وعن القوم الذين أجرموا، فكفروا بالله، وخالفوا رسله وما أتوهم به من عنده. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأولِي الألْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: لقد كان في قصص يوسف وإخوته عبرة لأهل الحجا والعقول يعتبرون بها، وموعظة يتّعظون بها. (1) وذلك أن الله جل ثناؤه بعد أن ألقي يوسف في الجبّ ليهلك، ثم بِيع بَيْع العبيد بالخسيس من الثمن، وبعد الإسار والحبس الطويل، ملّكه مصر، ومكّن له في الأرض، وأعلاه على من بغاه سوءًا من إخوته، وجمع بينه وبين والديه وإخوته بقدرته، بعد المدة الطويلة، وجاء بهم إليه من الشُّقّة النائية البعيدة، فقال جل ثناؤه للمشركين من قريش من (1) انظر تفسير "القصص" فيما سلف 15: 558، تعليق: 1، والمراجع هناك. = وتفسير "العبرة" فيما سلف 6: 242، 243. قوم نبيّه محمدٍ صلى الله عليه وسلم: لقد كان لكم، أيها القوم، في قصصهم عبرةٌ لو اعتبرتم به، أن الذي فعل ذلك بيوسف وإخوته، لا يتعذَّر عليه فعلُ مثله بمحمد صلى الله عليه وسلم، (1) فيخرجه من بين أظهُرِكم، ثم يظهره عليكم، ويمكن له في البلاد، ويؤيده بالجند والرجال من الأتباع والأصحاب، وإن مرَّت به شدائد، وأتت دونه الأيام والليالي والدهور والأزمان. * * * وكان مجاهد يقول: معنى ذلك: لقد كان في قصصهم عبرة ليوسف وإخوته. * ذكر الرواية بذلك: 20038 - حدثنا محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (لقد كان في قصصهم عبرة) ، ليوسف وإخوته. 20039 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا شبابة، قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: عبرة ليوسف وإخوته. 20040 - حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 20041 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله: (لقد كان في قصصهم عبرة لأولى الألباب) ، قال: يوسف وإخوته. * * * قال أبو جعفر: وهذا القول الذي قاله مجاهد، وإن كان له وجه يحتمله التأويل، فإن الذي قلنا في ذلك أولى به ; لأنّ ذلك عَقِيب الخبر عن نبينا صلى الله عليه وسلم وعن قومه من المشركين، وعَقِيب تهديدهم ووعيدهم على الكفر بالله وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ومنقطع عن خبر يوسف وإخوته، ومع ذلك (1) في المطبوعة: "أن يفعل مثله" ، أساء قراءة المخطوطة، وزاد "أن" من عند نفسه. أنه خبرٌ عام عن جميع ذوي الألباب، أنَّ قصصهم لهم عبرة، وغير مخصوص بعض به دون بعض. فإذا كان الأمر على ما وصفنا في ذلك، فهو بأن يكون خبرًا عن أنه عبرة لغيرهم أشبه. (1) والرواية التي ذكرناها عن مجاهد [من] رواية ابن جريج (2) أشبه به أن تكون من قوله ; لأن ذلك موافقٌ القولَ الذي قلناه في ذلك. * * * وقوله: (ما كان حديثًا يفترى) ، يقول تعالى ذكره: ما كان هذا القول حديثًا يختلق ويُتَكذَّب ويُتَخَرَّص، (3) كما:- 20042 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: (ما كان حديثًا يفترى) ، و "الفرية" : الكذب. * * * (= ولكن تصديق الذي بين يديه) ، يقول: ولكنه تصديق الذي بين يديه من كتب الله التي أنزلها قبله على أنبيائه، كالتوراة والإنجيل والزبور، يصدِّق ذلك كله ويشهد عليه أنّ جميعه حق من عند الله، كما:- 20043 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: (ولكن تصديق الذي بين يديه) ، والفرقان تصديق الكتب التي قبله، ويشهد عليها. * * * وقوله: (وتفصيل كل شيء) ، يقول تعالى ذكره: وهو أيضًا تفصيل كل ما بالعباد إليه حاجة من بيان أمر الله ونهيه، وحلاله وحرامه، وطاعته ومعصيته. (4) * * * وقوله: (وهدى ورحمة لقوم يؤمنون) ، يقول تعالى ذكره: وهو بيان أمره، (1) قوله: "أشبه" ليست في المخطوطة، لأنها مضطربة هنا، وهي زيادة حكمية. (2) زدت "من" بين القوسين ليستقيم الكلام، وليست في المطبوعة ولا المخطوطة. (3) انظر تفسير "الافتراء" فيما سلف من فهارس اللغة (فرى) . (4) انظر تفسير "التفصيل" فيما سلف من فهرس اللغة (فصل) . ورشاده لمن جهل سبيل الحق فعمي عنه، (1) إذا اتبعه فاهتدى به من ضلالته = "ورحمة" لمن آمن به وعمل بما فيه، ينقذه من سخط الله وأليم عذابه، ويورِّثه في الآخرة جنانه، والخلودَ في النعيم المقيم = (لقوم يؤمنون) ، يقول: لقوم يصدِّقون بالقرآن وبما فيه من وعد الله ووعيده، وأمره ونهيه، فيعملون بما فيه من أمره، وينتهون عما فيه من نهيه. * * * آخر تفسير سورة يوسف صلَّى الله عليه وسلم (2) (1) في المطبوعة: "ورشاد من جهل ..." وفي المخطوطة: "ورشاده من جهل" ، فجعلتها "لمن جهل" ، وهو صواب إن شاء الله. (2) في المخطوطة هنا، بعد هذا، ما نصه "يتلوه: تفسير السورة التي يذكر فيها الرعد" وصلي الله على محمد وآله وسلم كثيرًا "." * * * تفسير سورة الرعد (أول تفسير السورة التي يذكر فيها الرعد) (بسم الله الرحمن الرحيم) (ربِّ يسِّر) القول في تأويل قوله تعالى: {المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنزلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (1) } قال أبو جعفر: قد بينا القول في تأويل قوله (الر) و (المر) ، ونظائرهما من حروف المعجم التي افتتح بها أوائل بعض سور القرآن، فيما مضى، بما فيه الكفاية من إعادتها (1) غير أنا نذكر من الرواية ما جاء خاصًّا به كل سورة افتتح أولها بشيء منها. فما جاء من الرواية في ذلك في هذه السورة عن ابن عباس من نقل أبي الضحى مسلم بن صبيح وسعيد بن جبير عنه، التفريقُ بين معنى ما ابتدئ به أولها، مع زيادة الميم التي فيها على سائر السور ذوات (الر) (2) ومعنى ما ابتدئ به أخواتها (3) مع نقصان ذلك منها عنها. ذكر الرواية بذلك عنه: (1) انظر ما سلف 1: 205 - 224 / 6: 149 / 12: 293، 294 / 15: 9، 225، 549. (2) في المطبوعة والمخطوطة: "على سائر سور ذوات الراء" ، والصواب ما أثبت. (3) السياق: "... التفريق بين معنى ما ابتدئ به أولها ... ومعنى ما ابتدئ به أخواتها" . 20044- حدثنا ابن المثنى قال: حدثنا عبد الرحمن، عن هشيم، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (المر) قال: أنا الله أرى. 20045- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا شريك، عن عطاء بن السائب، عن أبي الضحى، عن ابن عباس: قوله: (المر) قال: أنا الله أرى. 20046- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين قال: حدثنا سفيان، عن مجاهد: (المر) : فواتح يفتتح بها كلامه. * * * وقوله: (تلك آيات الكتاب) يقول تعالى ذكره: تلك التي قصصت عليك خبرَها، آيات الكتاب الذي أنزلته قبل هذا الكتاب الذي أنزلته إليك إلى من أنزلته إليه من رسلي قبلك. * * * وقيل: عنى بذلك: التوراة والإنجيل. *ذكر من قال ذلك: 20047- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (المر تلك آيات الكتاب) الكتُب التي كانت قبل القرآن. 20048- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا سفيان، عن مجاهد: (تلك آيات الكتاب) قال: التوراة والإنجيل. * * * وقوله: (والذي أنزل إليك من ربك الحق) [القرآن] ، (1) فاعمل بما فيه واعتصم به. (1) الزيادة بين القوسين واجبة، يدل على وجوبها ما بعدها من الآثار. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الرعد الحلقة (889) صــ 321 إلى صــ 330 وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20049- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين قال: حدثنا سفيان، عن مجاهد: (والذي أنزل إليك من ربك الحق) قال: القرآن. 20050- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (والذي أنزل إليك من ربك الحق) : أي: هذا القرآن. * * * وفي قوله: (والذي أنزل إليك) وجهان من الإعراب: أحدهما: الرفع، على أنه كلام مبتدأ، فيكون مرفوعا بـ "الحق" و "الحق به" . وعلى هذا الوجه تأويل مجاهد وقتادة الذي ذكرنا قبل عنهما. * * * والآخر: الخفض على العطف به على (الكتاب) ، فيكون معنى الكلام حينئذ: تلك آياتُ التوراة والإنجيل والقرآن. ثم يبتدئ (الحق) بمعنى: ذلك الحق = فيكون رفعه بمضمر من الكلام قد استغنى بدلالة الظاهر عليه منه. * * * ولو قيل: معنى ذلك: تلك آيات الكتاب الذي أنزل إليك من ربك الحق = وإنما أدخلت الواو في "والذي" ، وهو نعت للكتاب، كما أدخلها الشاعر في قوله: إلَى المَلِكِ القَرْمِ وَابْنِ الهُمَامِ ... وَلَيْثَ الكَتِيبَةِ فِي المُزْدَحَمْ (1) فعطف بـ "الواو" ، وذلك كله من صفة واحد=، كان مذهبًا من التأويل. (2) (1) مضى البيت وتخريجه وشرحه فيما سلف 3: 352، 353، وقوله: "ليث" ، منصوب على المدح، كما بينه الطبري هناك. (2) السياق: "ولو قيل: معنى ذلك ... كان مذهبًا من التأويل" . ولكن ذلك إذا تُؤُوِّل كذلك فالصواب من القراءة في (الحق) الخفض، على أنه نعت لـ (الذي) . * * * وقوله: (ولكن أكثر الناس لا يؤمنون) ولكن أكثر الناس من مشركي قومك لا يصدقون بالحقّ الذي أنزل إليك من ربك، (1) ولا يقرّون بهذا القرآن وما فيه من محكم آيه. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الأمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: الله، يا محمد، هو الذي رفع السموات السبع بغير عَمَد ترونها، فجعلها للأرض سقْفًا مسموكًا. * * * و "العَمَد" جمع "عمود" ، وهي السَّواري، وما يعمد به البناء، كما قال النابغة: وَخَيِّسِ الجِنَّ إنِّي قَدْ أذِنْتُ لَهُمْ ... يَبْنُون تَدْمُرَ بِالصُّفَّاحِ وَالعَمَدِ (2) (1) في المطبوعة والمخطوطة، أسقط لفظ الآية، فأثبتها. (2) ديوانه: 29، ومجاز القرآن 1: 320، وشمس العلوم لنشوان الحميري: 37، وغيرها كثير، من قصيدته المشهورة التي اعتذر فيها للنعمان، لما قذفوه بأمر المتجردة، يقول قبله: ولاَ أَرَى فَاعلاً فِي النَّاسِ يُشْبِهُهُ ... ولاَ أُحَاشِي مِنَ الأقْوامِ مِنْ أَحَدِ إلاَّ سُلَيْمَانَ إذْ قَالَ الإلهُ لَهُ ... قُمْ فِي البَرِيَّةِ فَاحْدُدْهَا عن الفَنَدِ وقوله: "وخيس الجن" ، أي: ذللها ورضها. و "الصفاح" ، حجارة رقاق عراض صلاب. و "تدمر" مدينة بالشام. قال نشوان الحميري في شمس العلوم: "مدينة الشأم مبنية بعظام الصخر، فيها بناء عجيب، سميت بتدمر الملكة العمليقية بنت حسان بن أذينة، لأنها أول من بناها. ثم سكنها سليمان بن داود عليه السلام بعد ذلك. فبنت له فيها الجن بناء عظيمًا، فنسبت اليهود والعرب بناءها إلى الجن، لما استعظموه" . وهذا نص جيد من أخبارهم وقصصهم في الجاهلية. وجمع "العمود:" "عَمَد،" كما جمع الأديم: "أدَم" ، ولو جمع بالضم فقيل: "عُمُد" جاز، كما يجمع "الرسول" "رسل" ، و "الشَّكور" "شكر" . * * * واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: (رفع السموات بغير عمد ترونها) . فقال بعضهم: تأويل ذلك: الله الذي رفع السموات بعَمَدٍ لا ترونها. *ذكر من قال ذلك: 20051- حدثنا أحمد بن هشام قال: حدثنا معاذ بن معاذ قال: حدثنا عمران بن حدير، عن عكرمة قال: قلت لابن عباس: إن فلانًا يقول: إنها على عمد = يعنى السماء؟ قال: فقال: اقرأها (بغير عمَدٍ ترونها) : أي لا ترونها. 20052- حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح قال: حدثنا معاذ بن معاذ، عن عمران بن حدير، عن عكرمة، عن ابن عباس، مثله. 20053- حدثنا الحسن بن محمد قال: ثنا عفان قال: حدثنا حماد قال: حدثنا حميد، عن الحسن بن مسلم، عن مجاهد في قوله: (بغير عمد ترونها) ، قال: بعمد لا ترونها. 20054- حدثني المثنى قال: حدثنا الحجاج قال: حدثنا حماد، عن حميد، عن الحسن بن مسلم، عن مجاهد، في قول الله: (بغير عمد ترونها) قال: هي لا ترونها (1) . (1) الأثران: 20053، 20054 - "الحسن بن مسلم بن يناق المكي" ، ثقة، وله أحاديث مترجم في التهذيب، والكبير 1 / 2 / 304، وابن أبي حاتم 1 / 2 / 36. 20055- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (بغير عمد) يقول: عمد [لا ترونها] . (1) 20056- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 20057- قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الحسن وقتادة قوله: (الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها) قال قتادة: قال ابن عباس: بعَمَدٍ ولكن لا ترونها. 20058- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا شريك، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، قوله: (رفع السموات بغير عمد ترونها) قال: ما يدريك؟ لعلها بعمد لا ترونها. * * * ومن تأوَّل ذلك كذلك، قصد مذهب تقديم العرب الجحدَ من آخر الكلام إلى أوله، كقول الشاعر (2) وَلا أرَاهَا تَزَالُ ظَالِمَةً ... تُحْدِثُ لِي نَكْبَةً وتَنْكَؤُهَا (3) يريد: أراها لا تزال ظالمة، فقدم الجحد عن موضعه من "تزال" ، وكما قال الآخر: (4) (1) ما بين القوسين زيادة لا بد منها، وليست في المخطوطة. (2) هو ابن هرمة. (3) شرح شواهد المغني 277، 279 من تسعة أبيات، ومعاني القرآن للفراء في تفسير الآية، والأضداد لابن الأنباري: 234. وقد زعموا أنه قيل لابن هرمة: إن قريشًا لا تهمز، فقال: لأقولن قصيدة أهمزها كلها بلسان قريش، وأولها: إنَّ سُلَيْمي والله يكْلَؤهَا ... ضَنَّتْ بِشَيء مَا كَان يَرْزَؤُها وعَوَّدَتْنِي فِيما تُعَوِّدُني ... أَظْمَاءُ وِرْدٍ ما كُنْتُ أجزَؤُهَا ولا أرَاهَا تَزَال ظَالِمةً ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . . (4) لم أعرف قائله. إذَا أَعْجَبَتْكَ الدَّهْرَ حَالٌ مِنَ امْرِئٍ ... فَدَعْهُ وَوَاكِلْ حَالَهُ وَاللَّيَاليَا (1) يَجِئْنَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ صَالحٍ بِهِ ... وَإنْ كَانَ فِيما لا يَرَى النَّاسُ آلِيَا يعني: وإن كان فيما يرى الناس لا يألو. * * * وقال آخرون، بل هي مرفوعة بغير عمد. *ذكر من قال ذلك: 20059- حدثنا محمد بن خلف العسقلاني قال: أخبرنا آدم قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن إياس بن معاوية، في قوله: (رفع السموات بغير عمد ترونها) قال: السماء مقبّبة على الأرض مثل القبة. (2) 20060- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (بغير عمد ترونها) قال: رفعها بغير عمد. * * * قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصحة أن يقال كما قال الله تعالى: (الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها) فهي مرفوعة بغير عمد نَراها، كما قال ربنا جل ثناؤه. ولا خبر بغير ذلك، ولا حجة يجب التسليم لها بقول سواه. (3) * * * وأما قوله: (ثم استوى على العرش) فإنه يعني: علا عليه. * * * وقد بينا معنى الاستواء واختلاف المختلفين فيه، والصحيح من القول فيما قالوا فيه، بشواهده فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (4) * * * (1) معاني القرآن للفراء في تفسير الآية، والأضداد لابن الأنباري: 234، وقوله: "واكل حاله" ، أي: دع أمره لليالي. من "وكل إليه الأمر" ، أي: صرف أمره إليه. وقوله: "يجئن على ما كان من صالح به" ، أي يقضين على صالح أمره ويذهبنه. و "الآلي" ، المقصر. (2) الأثر: 20059 - "إياس بن معاوية بن قرة المزني" ، "أبو واثلة" قاضي البصرة، ثقة، وكان فقيهًا عفيفًا، وكان عاقلا فطنًا من الرجال، يضرب به المثل في الحلم والدهاء. مترجم في التهذيب، والكبير 1 / 1 / 442، وابن أبي حاتم 1 / 1 / 282، وابن سعد 7 / 2 / 4، 5. (3) أي احتياط وفقه وعقل وورع، كان أبو جعفر يستعمل في تفسيره! . (4) انظر تفسير "الاستواء" فيما سلف 1: 428 - 431 / 12: 482، 483 / 15: 18. = وتفسير "العرش" فيما سلف 15: 245، تعليق: 1، والمراجع هناك. وقوله: (وسخر الشمس والقمر) يقول: وأجرى الشمس والقمر في السماء، فسخرهما فيها لمصالح خلقه، وذلَّلَهما لمنافعهم، ليعلموا بجريهما فيها عدد السنين والحساب، ويفصلوا به بين الليل والنهار. * * * وقوله: (كل يجري لأجل مسمَّى) يقول جل ثناؤه: كل ذلك يجري في السماء= (لأجل مسمى) : أي: لوقت معلوم، (1) وذلك إلى فناء الدنيا وقيام القيامة التي عندها تكوَّر الشمس، ويُخْسف القمر، وتنكدر النجوم. =وحذف ذلك من الكلام، لفهم السامعين من أهل لسان من نزل بلسانه القرآن معناه، وأن (كلّ) "لا بدَّ لها من إضافة إلى ما تحيط به. (2) " * * * وبنحو الذي قلنا في قوله: (لأجل مسمى) قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20061- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمّى) قال: الدنيا. (3) * * * وقوله: (يدبِّر الأمر) يقول تعالى ذكره: يقضي الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها أمورَ الدنيا والآخرة كلها، ويدبِّر ذلك كله وحده، بغير شريك ولا ظهير ولا معين سُبْحانه. (4) * * * (1) انظر تفسير "الأجل المسمى" فيما سلف 6: 43 / 11: 256 - 259، 407. (2) انظر تفسير "كل" وأحكامها فيما سلف 15: 540، تعليق: 1، والمراجع هناك. وانظر ما قاله أبو عبيدة في مجاز القرآن 1: 321. (3) قوله "الدنيا" ، كأنه يعني: فناء الدنيا، فاقتصر على ذكر "الدنيا" ، لأنه معلوم بضرورة الدين أنها فانية، وإنما الخلود في الآخرة. (4) انظر تفسير "التدبير" فيما سلف 15: 18، 19، 84. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20062- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (يدبر الأمر) يقضيه وحده. 20063- قال حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، بنحوه. 20064- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، بنحوه. * * * وقوله: (يفصل الآيات) يقول: يفصل لكم ربُّكم آيات كتابه، فيبينها لكم (1) احتجاجًا بها عليكم، أيها الناس = (لعلكم بلقاء ربكم توقنون) يقول: لتوقنوا بلقاء الله، والمعاد إليه، فتصدقوا بوعده ووعيده، (2) وتنزجروا عن عبادة الآلهة والأوثان، وتخلصوا له العبادة إذا أيقنتم ذلك. (3) * * * وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20065- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: (لعلكم بلقاء ربكم توقنون) ، وإن الله تبارك وتعالى إنما أنزل كتابه وأرسل رسله، لنؤمن بوعده، ونستيقن بلقائه. * * * (1) انظر تفسير "تفصيل الآيات" فيما سلف 15: 227، تعليق: 2، والمراجع هناك. (2) انظر تفسير "الإيقان" فيما سلف 10: 394 / 11: 475. (3) في المطبوعة: "تيقنتم" ، وأثبت ما في المخطوطة، وهو لب الصواب. القول في تأويل قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: والله الذي مَدَّ الأرض، فبسطها طولا وعرضًا. * * * وقوله: (وجعل فيها رواسي) يقول جل ثناؤه: وجعل في الأرض جبالا ثابتة. * * * و "الرواسي:" جمع "راسية" ، وهي الثابتة، يقال منه: "أرسيت الوتد في الأرض" : إذا أثبته، (1) كما قال الشاعر: (2) بهِ خَالِدَاتٌ مَا يَرِمْنَ وهَامِدٌ ... وَأشْعَثُ أرْسَتْهُ الوَلِيدَةُ بِالفِهْرِ (3) يعني: أثبتته. * * * وقوله: (وأنهارًا) يقول: وجعل في الأرض أنهارًا من ماء. * * * وقوله: (ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين فـ (من) في (1) انظر تفسير "الإرساء" فيما سلف 13: 293. (2) هو الأحوص. (3) مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 321، واللسان (رسا) ، وروايته "سوى خالدات" و "ترسيه الوليدة" . و "الخالدات" ، و "الخوالد" صخور الأثافي، سميت بذلك لطول بقائها بعد دروس أطلال الديار.: ما يرمن "، ما يبرحن مكانهن، من" رام المكان يريمه "، إذا فارقه. و" الهامد "الرماد المتلبد بعضه على بعض. و" الأشعث "، الوتد، لأنه يدق رأسه فيتشعث ويتفرق، و" الوليدة ": الجارية، و" الفهر "حجر ملء الكف، يدق به." قوله (ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين) من صلة (جعل) الثاني لا الأول. * * * ومعنى الكلام: وجعل فيها زوجين اثنين من كل الثمرات. وعنى بـ (زوجين اثنين) : من كل ذكر اثنان، ومن كل أنثى اثنان، فذلك أربعة، من الذكور اثنان، ومن الإناث اثنتان في قول بعضهم. * * * وقد بينا فيما مضى أن العرب تسمي الاثنين: (زوجين) ، والواحد من الذكور "زوجًا" لأنثاه، وكذلك الأنثى الواحدة "زوجًا" و "زوجة" لذكرها، بما أغمى عن إعادته في هذا الموضع. (1) ويزيد ذلك إيضاحًا قول الله عز وجل: (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأنْثَى) [سورة النجم: 45] فسمى الاثنين الذكر والأنثى (زوجين) . وإنما عنى بقوله: (زوجين اثنين) ، (2) نوعين وضربين. * * * وقوله: (يغشى الليل النهار) ، يقول: يجلِّل الليلُ النهارَ فيلبسه ظلمته، والنهارُ الليلَ بضيائه، (3) كما:- 20066- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (يغشي الليل النهار) أي: يلبس الليل النهار. * * * وقوله: (إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) ، يقول تعالى ذكره: (1) انظر تفسير "الزوج" فيما سلف 1: 397، 514 / 7: 515 / 12: 184 / 15: 322 - 324. (2) في المخطوطة والمطبوعة: "من كل زوجين اثنين" ، وهم الناسخ، فزاد في الكلام ما ليس منه هنا، وإنما ذلك من قوله تعالى في آية أخرى. فحذفت "من كل" ، ليبقى نص الآية التي يفسرها هنا. (3) انظر تفسير "الإغشاء" فيما سلف 12: 483 / 15: 75. إن فيما وصفت وذكرت من عجائب خلق الله وعظيم قدرته التي خلق بها هذه الأشياء، لَدلالات وحججًا وعظات، لقوم يتفكرون فيها، فيستدلون ويعتبرون بها، فيعلمون أن العبادة لا تصلح ولا تجوز إلا لمن خلقها ودبَّرها دون غيره من الآلهة والأصنام التي لا تقدر على ضر ولا نفع ولا لشيء غيرها، إلا لمن أنشأ ذلك فأحدثه من غير شيء تبارك وتعالى= وأن القدرة التي أبدع بها ذلك، هي القدرة التي لا يتعذَّر عليه إحياء من هلك من خلقه، وإعادة ما فني منه وابتداع ما شاء ابتداعَه = بها. (1) * * * القول في تأويل قوله تعالى: {وَفِي الأرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره (وفي الأرض قطع متجاورات) ، وفي الأرض قطع منها متقاربات متدانيات، يقرب بعضها من بعض بالجوار، وتختلف بالتفاضل مع تجاورها وقرب بعضها من بعض، فمنها قِطْعة سَبَخَةٌ لا تنبت شيئًا في جوار قطعة طيبة تنبت وتنفع. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: (1) السياق: "وهي القدرة التي لا يتعذر عليه ... بها" . https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الرعد الحلقة (890) صــ 331 إلى صــ 340 20067- حدثنا أبو كريب قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد: (وفي الأرض قطع متجاورات) قال: السَّبَخة والعَذِيَة، (1) والمالح والطيب. 20068- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد، قوله: (وفي الأرض قطع متجاورات) قال: سِبَاخٌ وعَذَويّة. 20069- حدثني المثنى قال: ثنا أبو نعيم قال: حدثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد، مثله. 20070- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا سعيد بن سليمان قال: حدثنا إسحاق بن سليمان، عن أبي سنان، عن ابن عباس في قوله: (وفي الأرض قطع متجاورات) قال: العَذِيَة والسَّبخة. 20071- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (وفي الأرض قطع متجاورات) يعني: الأرض السبخة، والأرض العذية، يكونان جميعًا متجاورات، يُفضِّل بعضها على بعض في الأكُل. (2) 20072- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: قال ابن عباس: (قطع متجاورات) العذية والسبخة، (1) "السبخة" (بفتح السين والباء، وبفتح السين وكسر الباء) : هي الأرض المالحة، ذات الملح والنز، ولا تكاد تنبت إلا بعض الشجر. و "العذية" (بفتح العين وسكون الذال، وفتح الياء بغير تشديد) ، و "العذاة" أيضًا: وهي الأرض التربة، الكريمة المنبت، التي ليست بسبخة، ولا تكون ذات وخامة ولا وباء. (2) في المخطوطة والمطبوعة، ذكر بعد هذا الخبر التالي رقم: 20072، مبتور الآخر، ثم عاد فروى هذا الخبر (رقم: 20071) بنصه وإسناده، ثم اتبعه الخبر رقم: 20072، فحذفت ما بين ذلك، لأنه تكرار لا شك فيه، وسهو من ناسخ الكتاب. متجاورات جميعًا، تنبت هذه، وهذه إلى جنبها لا تُنْبِت. 20073- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (قطع متجاورات) طيِّبها: عذبُها، وخبيثها: السَّباخ. 20074- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، بنحوه. 20075- قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 20076- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وفي الأرض قطع متجاورات) قُرًى قَرُبت متجاورات بعضها من بعض. 20077- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (وفي الأرض قطع متجاورات) قال: قُرًى متجاورات. 20078- حدثني المثنى قال: حدثنا عمرو قال: حدثنا هشيم، عن أبي إسحاق الكوفي، عن الضحاك، في قوله: (قطع متجاورات) قال: الأرض السبخة، (1) تليها الأرض العَذِية. (2) 20079- حدثت عن الحسين بن الفرج قال: سمعت أبا معاذ يقول، حدثنا عبيد بن سليمان قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وفي الأرض قطع (1) في المطبوعة: "الأرض السبخة بينها الأرض العذية" ، لم يحسن قراءة المخطوطة، لأنها غير منقوطة. (2) الأثر: 20078 - "أبو إسحاق الكوفي" ، "عبد الله بن ميسرة الحارثي" ، كنيته "أبو ليلى" ، وكناه هشيم: "أبا إسحاق" تارة و "أبا عبد الجليل" تارة أخرى، كأنه يدلس بكنيته وهو ضعيف، مضى برقم: 6920، 9250، 13489. متجاورات) يعني الأرض السَّبِخة والأرض العَذِيَة، متجاورات بعضها عند بعض. 20080- حدثنا الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا إسرائيل، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله: (وفي الأرض قطع متجاورات) قال: الأرض تنبت حُلوًا، والأرض تنبت حامضًا، وهي متجاورة تسقى بماءٍ واحد. 20081- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا إسرائيل، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (وفي الأرض قطع متجاورات) قال: يكون هذا حلوًا وهذا حامضًا، وهو يسقى بماء واحد، وهن متجاورات. 20082- حدثني عبد الجبار بن يحيى الرملي قال: حدثنا ضمرة بن ربيعة، عن ابن شوذب في قوله: (وفي الأرض قطع متجاورات) قال: عَذِيَة ومالحة. (1) * * * وقوله: (وجنات من أعناب وزرع ونخيل صِنْوان وغير صنوان يسقى بماء واحدٍ ونفضّل بعضها على بعض في الأكُل) يقول تعالى ذكره: وفي الأرض مع القطع المختلفات المعاني منها، بالملوحة والعذوبة، والخبث والطيب، (2) مع تجاورها وتقارب بعضها من بعض، بساتين من أعناب وزرع ونخيلٍ أيضًا، متقاربةٌ في الخلقة مختلفة في الطعوم والألوان، مع اجتماع جميعها على شرب واحد. فمن طيّبٍ طعمُه منها حسنٍ منظره طيبةٍ رائحته، ومن حامضٍ طعمه ولا رائحة له. * * * (1) الأثر: 20082 - "عبد الجبار بن يحيى الرملي" ، شيخ الطبري، لم نجد له بعد ترجمة. ومضى برقم: 7425، 7446. (2) في المطبوعة: "والخبيث" ، والصواب ما في المخطوطة. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20083- حدثنا ابن حميد قال: ثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، في قوله: (وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان) قال: مجتمع وغير مجتمع= "تسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل" ، قال: الأرض الواحدة يكون فيها الخوخ والكمثرى والعنب الأبيض والأسود، وبعضها أكثر حملا من بعض، وبعضه حلو، وبعضه حامض، وبعضه أفضل من بعض. 20084- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (وجنات) قال: وما معها. 20085- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد= 20086- قال المثنى، وحدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. * * * واختلفت القرأة في قراءة قوله: (وزرع ونخيل) فقرأ ذلك عامة قراء أهل المدينة والكوفة: (وَزَرْعٍ وَنَخِيلٍ) بالخفض عطفًا بذلك على "الأعناب" ، بمعنى: وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ، وجناتٌ من أعناب ومن زرع ونخيل. وقرأ ذلك بعض قرأة أهل البصرة: (وَزَرْعٌ ونَخِيلٌ) بالرفع عطفًا بذلك على "الجنات" ، بمعنى: وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ وجناتٌ من أعناب، وفيها أيضًا زرعٌ ونخيلٌ. * * * قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنهما قراءتان متقاربتا المعنى، وقرأ بكل واحدةٍ منهما قرأة مشهورون، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. وذلك أن "الزرع والنخيل" إذا كانا في البساتين فهما في الأرض، وإذا كانا في الأرض فالأرض التي هما فيها جنة، فسواءٌ وُصِفَا بأنهما في بستانٍ أو في أرضٍ. * * * وأما قوله: (ونخيل صنوان وغير صنوان) . فإن "الصنوان:" جمع "صنو" ، وهي النخلات يجمعهن أصل واحد، لا يفرَّق فيه بين جميعه واثنيه إلا بالإعراب في النون، وذلك أن تكون نونه في اثنيه مكسورةً بكل حال، وفي جميعه متصرِّفة في وجوه الإعراب، ونظيره "القِنْوان" : واحدها "قِنْوٌ" . * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20087- حدثنا أبو كريب قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن البراء: (صنوان) قال: المجتمع= (وغير صنوان) : المتفرِّق. 20088- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا يحيى بن واضح قال: حدثنا الحسين، عن أبي إسحاق، عن البراء قال: (صنوان) : هي النخلة التي إلى جنبها نخلاتٌ إلى أصلها=، (وغير صنوان) : النخلة وحدَها. 20089- حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب: (صنوان وغير صنوان) قال: "الصنوان" : النخلتان أصلهما واحد، (وغير صنوان) النخلة والنخلتان المتفرّقتان. 20090- حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت البراء يقول في هذه الآية قال: النخلة تكون لها النخلات= (وغير صنوان) النخل المتفرّق. 20091- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا عمرو بن الهيثم أبو قطن، ويحيى بن عباد وعفان=، واللفظ لفظ أبي قطن= قال، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن البراء، في قوله: (صنوان وغير صنوان) قال: "الصنوان" : النخلة إلى جنبها النخلات= (وغير صنوان) : المتفرق. (1) 20092- حدثنا الحسن قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء في قوله: (صنوان وغير صنوان) قال: "الصنوان" ، النخلات الثلاث والأربع والثنتان أصلهن واحد= (وغير صنوان) ، المتفرّق. 20093- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا سفيان وشريك، عن أبي إسحاق، عن البراء في قوله: (صنوان وغير صنوان) قال: النخلتان يكون أصلهما واحد= (وغير صنوان) : المتفرّق. 20094- حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (صنوان) يقول: مجتمع. 20095- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (ونخيل صنوان وغير صنوان) يعني بالصنوان: النخلة يخرج من أصلها النخلات، فيحمل بعضه ولا يحمل بعضه، فيكون أصله واحدا ورءوسه متفرقة. 20096- حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا إسرائيل، (1) الأثر: 20091 - "عمرو بن الهيثم بن قطن الزبيدي" ، "أبو قطن" ، ثقة، من أصحاب شعبة، مضى برقم: 18674. و "يحيى بن عباد الضبعي" ، مضى برقم: 20010. و "عفان" هو "عفان بن مسلم الصفار" ، ثقة روى له الجماعة، مضى برقم: 5392، 16369. عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله: (صنوان وغير صنوان) النخيل في أصل واحد= وغير صنوان: النخيل المتفرّق. 20097- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا جرير، عن عطاء، عن سعيد بن جبير: (ونخيل صنوان وغير صنوان) قال: مجتمع، وغير مجتمع. 20098- حدثني المثنى قال: حدثنا النفيلي قال: حدثنا زهير قال: حدثنا أبو إسحاق، عن البراء قال: "الصنوان" : ما كان أصله واحدًا وهو متفرق= (وغير صنوان) : الذي نبت وحدَه. (1) 20099- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (صنوان) النخلتان وأكثر في أصل واحد = (وغير صنوان) وحدَها. 20100- حدثنا المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (صنوان) : النخلتان أو أكثر في أصل واحد، (وغير صنوان) واحدة. 20101- قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 20102- حدثنا أبو كريب قال: حدثنا وكيع، عن سلمة بن نبيط، عن الضحاك: (صنوان وغير صنوان) قال: الصنوان: المجتمع أصله واحد، وغير صنوان: المتفرق أصله. 20103- حدثني المثنى قال: حدثنا عمرو بن عون قال: أخبرنا هشيم (1) الأثر: 20098 - "النفيلي" ، هو "عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل" ، "أبو جعفر" ثقة حافظ، مضى برقم: 9253، 9254. و "زهير" ، هو "زهير بن معاوية الجعفي" ، ثقة روى له الجماعة، مضى مرارًا آخرها رقم 17513. ، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله: (صنوان وغير صنوان) قال: "الصنوان" : المجتمع الذي أصله واحد= (وغير صنوان) : المتفرّق. 20104- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (ونخيل صنوان وغير صنوان) أما "الصنوان" : فالنخلتان والثلاث أصولُهن واحدة وفروعهن شتى=، (وغير صنوان) ، النخلة الواحدة. 20105- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (صنوان وغير صنوان) قال: صنوان: النخلة التي يكون في أصلها نخلتان وثلاث أصلهنّ واحدٌ. 20106- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: (ونخيل صنوان وغير صنوان) قال: "الصنوان" : النخلتان أو الثلاث يكنَّ في أصل واحد، فذلك يعدُّه الناس صنوانًا. (1) 20107- حدثنا ابن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر قال: حدثني رجل: أنه كان بين عمر بن الخطاب وبين العباس قول، فأسرع إليه العباس، (2) فجاء عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، ألم تر عباسًا فعل بي وفعل! فأردت أن أجيبه، فذكرتُ مكانه منك فكففت: فقال: يرحمك الله، إنّ عمّ الرجل صِنْوُ أبيه. (3) (1) الأثر: 20106 - في المخطوطة: "حدثنا يوسف" ، مكان: يونس "، وصححه في المطبوعة. وهو إسناد دائر في التفسير." (2) "أسرع إليه" ، عجل إليه بالشر وبادره، مثله "تسرع إليه" ، ومن هذا المجاز قال المرار الفقعسي: إذا شِئتَ يوْمًا أنْ تسودَ عَشِيرَةً ... فَبِالحِلْمِ سُدْ، لاَ بِالتَّسَرُّعِ والشَّتْمِ (3) الأثر: 20107 - هذا خبر ضعيف، لجهالة الرجل الذي روى عن عمر، وسيأتي الخبر من طرق بعد كلها مرسل. وقوله: "عم الرجل صنو أبيه" ، هذا الحديث رواه مسلم في صحيحه (7: 56، 57) ، من حديث أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، ومن هذه الطريق نفسها رواه أحمد في مسنده 2: 322، 323، ورواه الترمذي في باب مناقب العباس مختصرًا وقال: "هذا حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث أبي الزناد إلا من هذا الوجه" . وروى أحمد في مسند علي رضي الله عنه من حديث الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن علي، وهو حديث طويل، وإسناده ضعيف انقطاعه، فأحاديث أبي البحتري عن علي مرسلة. وانظر التعليق على الأخبار التالية. 20108- حدثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن قتادة: (( صنوان )) : النخلة التي يكون في أصلها نخلتان وثلاث أصلهن واحد ; قال: فكان بين عمر بن الخطاب وبين العباس رضي الله عنهما قولٌ، فأسرع إليه العباس، فجاء عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله ألم تر عباسًا فعل بي وفعل! فأردت أن أجيبه. فذكرتُ مكانه منك فكففت عند ذلك، فقال: يرحمك الله إن عم الرجل صِنْو أبيه (1) . 20109- قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن عيينة، عن داود بن شابور، عن مجاهد: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تؤذوني في العباس فإنه بقية آبائي، وإنّ عمّ الرجل صنو أبيه. 20110- حدثني يعقوب قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا حجاج، عن عطاء، وابن أبي مليكة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمر: يا عمر أما علمت أن عم الرجل صِنْوُ أبيه؟. (2) 20111- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: أخبرني القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد: (صنوان) قال: في أصل واحد ثلاث نخلات، كمثل ثلاثةٍ بني أم وأب يتفاضلون في العمل، كما (1) الأثر: 20108 - هذا خبر مرسل، رواه ابن سعد في الطبقات 4 / 1 / 17، من طريق محمد بن حميد، عن معمر. ورواه ابن سعد من طرق أخرى (4 / 1 / 17) وانظر التعليق على الخبر السالف. (2) الأثران 20109، 20110 - خبران مرسلان، وانظر التعليق السالف. يتفاضل ثمر هذه النخلات الثلاث في أصل واحد= قال ابن جريج: قال مجاهد: كمثل صالح بنى آدم وخبيثهم، أبوهم واحد. 20112- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج قال: أخبرني إبراهيم بن أبي بكر بن عبد الله، عن مجاهد، نحوه. (1) 20113- حدثني القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن أبي بكر بن عبد الله، عن الحسن قال: هذا مثل ضربه الله لقلوب بني آدم. كانت الأرض في يد الرحمن طينةً واحدة، فسطحها وبَطَحها، فصارت الأرض قطعًا متجاورة، فينزل عليها الماء من السماء، فتخرج هذه زهرتها وثمرها وشجرها. وتخرج نباتها وتحيي مواتها، وتخرج هذه سبَخَها وملحها وخَبَثَها، وكلتاهما تسقى بماء واحد. فلو كان الماء مالحا، قيل: إنما استسبخت هذه من قبل الماء! كذلك الناس خلقوا من آدم، فتنزل عليهم من السماء تذكرة، فترقّ قلوب فتخشع وتخضع، وتقسو قلوب فتلهو وتسهو وتجفو. قال الحسن: والله من جالس القرآن أحدٌ إلا قام من عنده بزيادة أو نقصان قال الله: (وَنُنزلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا) [سورة الإسراء:82] . (2) * * * وقوله: (تسقى بماء واحد) اختلفت القرأء في قوله (تسقى) . فقرأ ذلك عامة قراء أهل المدينة والعراق من أهل الكوفة والبصرة: (تُسْقَى) "بالتاء، بمعنى: تسقى الجناتُ والزرع والنخيل. وقد كان بعضهم يقول: إنما قيل: (تسقى) ،" (1) الأثر: 20112 - "إبراهيم بن أبي بكر بن عبد الله الأخنسي" ، لم أجد ذكر جده إلا في هذا الخبر، وقد سلف لي كلام في تحقيق اسمه، في الخبرين 10758، 10759، والمراجع هناك. (2) الأثر: 20113: حجاج "فيما أرجح،" حجاج بن أرطأة "." و "أبو بكر بن عبد الله" ، هو فيما أرجح "أبو بكر بن عبد الله بن أبي الجهم العدوي" ، ولم يذكروا روايته عن "الحسن" ، وهو خليق أن يروى عنه، مضى برقم: 10334، 10335. وقوله: "استسبخت" ، مما ينبغي أن يزاد على مشتقات "السبخة" في كتب اللغة. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الرعد الحلقة (891) صــ 341 إلى صــ 350 بالتاء لتأنيث "الأعناب" . * * * وقرأ ذلك بعض المكيين والكوفيين: (يُسْقَى) بالياء. * * * وقد اختلف أهل العربية في وجه تذكيره إذا قرئ كذلك، وإنما ذلك خبرٌ عن الجنات والأعناب والنخيل والزرع أنها تسقى بماء واحد. فقال بعض نحويي البصرة: إذا قرئ ذلك بالتاء، فذلك على "الأعناب" كما ذكّر الأنعام (1) في قوله: (مِمَّا فِي بُطُونِهِ) [سورة النحل: 66] وأنث بعدُ فقال: (وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ) ، [سورة المؤمنون:22/ سورة غافر:80] . فمن قال: (يسقى) بالياء جعل "الأعناب" مما تذكّر وتؤنث، مثل "الأنعام" . * * * وقال بعض نحويي الكوفة: من قال و (تسقى) ذهب إلى تأنيث "الزرع والجنات والنخيل" ، ومن ذكَّر ذهب إلى أن ذلك كله يُسْقَى بماء واحد، وأكلُه مختلفٌ حامض وحلو، ففي هذا آية. (2) * * * قال أبو جعفر: وأعجب القراءتين إليّ أن أقرأ بها، قراءة من قرأ ذلك بالتاء: (تُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ) على أن معناه: تسقى الجنات والنخل والزرع بماء واحد، لمجيء (تسقى) بعد ما قد جرى ذكرها، وهي جِمَاعٌ من غير بني آدم، وليس الوجه الآخر بممتنع على معنى يسقى ذلك بماء واحد: أي جميع ذلك يسقى بماءٍ واحدٍ عذب دون المالح. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: (1) في المخطوطة والمطبوعة: "كما ذكروا" ، والصواب ما أثبت. (2) هذه مقالة الفراء في معاني القرآن، في تفسير الآية. 20114- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (تسقى بماء واحد) ماء السماء، كمثل صالح بني آدم وخبيثهم أبوهم واحدٌ. 20115- حدثنا أبو كريب قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد: (تسقى بماء واحد) قال: ماء السماء. 20116- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد، مثله. 20117- حدثني المثنى قال: حدثنا عمرو قال: أخبرنا هشيم، عن أبي إسحاق الكوفي، عن الضحاك: (تسقى بماء واحد) قال: ماء المطر. (1) 20118- حدثني المثنى قال: حدثنا سويد قال: أخبرنا ابن المبارك، قرأه ابن جريج، عن مجاهد: (تسقى بماء واحد) قال: ماء السماء، كمثل صالح بني آدم وخبيثهم أبوهم واحدٌ. 20119 قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل= وحدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، بنحوه. 20120- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، نحوه. 20121- حدثنا عبد الجبار بن يحيى الرملي قال: حدثنا ضمرة بن ربيعة، عن ابن شوذب: (تسقى بماء واحد) قال: بماء السماء. (2) * * * (1) الأثر: 20117 - "أبو إسحاق الكوفي" ، ضعيف واهي الحديث، سلف برقم: 20078، وكان في المطبوعة والمخطوطة هنا "أبو إسحاق الصوفي" ، وهو خطأ محض. (2) الأثر: 20121 - "عبد الجبار بن يحيى الرملي" ، انظر ما سلف قريبًا رقم: 20082. وقوله: (ونفضّل بعضها على بعض في الأكل) (1) اختلفت القرأة في قراءة ذلك. فقرأه عامة قرأة المكيين والمدنيين والبصريين وبعض الكوفيين: (وَنُفَضِّلُ) ، بالنون بمعنى: ونفضّل نحن بعضها على بعض في الأكل. * * * وقرأته عامة قرأة الكوفيين: (وَيُفَضِّلُ) بالياء، ردا على قوله: (يغشي الليل النهار=) ويفضل بعضها على بعض. * * * قال أبو جعفر: وهما قراءتان مستفيضتان بمعنى واحد، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. غير أن "الياء" أعجبهما إليّ في القراءة؛ لأنه في سياق كلام ابتداؤه (الله الذي رفع السموات) ، فقراءته بالياء، إذ كان كذلك أولى. * * * ومعنى الكلام: إن الجنات من الأعناب والزرع والنخيل الصنوان وغير الصنوان، تسقى بماء واحد عذب لا ملح، ويخالف الله بين طعوم ذلك، فيفضّل بعضها على بعض في الطعم، فهذا حلو وهذا حامضٌ. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20122- حدثنا أبو كريب قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (ونفضل بعضها على بعض في الأكل) قال: الفارسيّ والدَّقَل، (2) والحلو والحامض. (1) انظر تفسير "الأكل" فيما سلف 5: 538 / 12: 157. (2) "الفارسي" ، من التمر، لم أجد من ذكره، وأنا أرجح أن يكون عنى به {البرني} وهو ضرب من التمر أصفر مدور، عذب الحلاوة، وهو أجوده. وقالوا إن لفظ "البرني" فارسي معرب ويرجع ذلك عندي أن الرواية ستأتي عن سعيد بن جبير أيضًا أنه قال: "برني" ، رقم: 20124. و "الدقل" أردأ أنواع التمر. وسيأتي ذكر "الفارسي" في الخبرين التاليين: 20126، 20127. 20123- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير: (ونفضل بعضها على بعض في الأكل) قال: الأرض الواحدة يكون فيها الخوخ والكمثرى والعنب الأبيض والأسود، وبعضها أكثر حملا من بعض، وبعضه حلو وبعضه حامض، وبعضه أفضل من بعض. 20124- حدثني المثنى قال: حدثنا عارم أبو النعمان قال: حدثنا حماد بن زيد، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير: (ونفضل بعضها على بعض في الأكل) قال: بَرْنيّ وكذا وكذا، وهذا بعضه أفضل من بعض. 20125- حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا مؤمل قال: حدثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، في قوله: (ونفضل بعضها على بعض في الأكل) قال: هذا حامض، وهذا حلو، وهذا مُزٌّ. 20126- حدثني محمود بن خداش قال: حدثنا سيف بن محمد بن أخت سفيان الثوري قال: حدثنا الأعمش عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (ونفضل بعضها على بعض في الأكل) قال: الدَّقَل والفارسيّ والحلو والحامض. (1) (1) الأثر: 20126 - "محمود بن خداش الطالقاني" ، شيخ الطبري، ثقة صدوق، مضى برقم: 178، 18487. و "سيف بن محمد الثوري" ، "ابن أخت سفيان الثوري" ، لم يرو له من أصحاب الكتب الستة غير الترمذي، قال البخاري في تاريخه: "ضعفه أحمد" ، وروى عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه، أنه قال: "كذاب" ، وقال يحيى بن معين: "كان شيخًا ههنا كذابًا خبيثًا" ، وقال أحمد أيضًا: "لا يكتب حديثه، ليس بشيء، كان يضع الحديث" . وقال النسائي: "ضعيف متروك وليس بثقة" ، مترجم في التهذيب والكبير 2 / 2 / 173، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 277، وميزان الاعتدال 1: 438. وهذا الخبر رواه الترمذي، عن محمود بن خداش أيضًا، بهذا الإسناد واللفظ في تفسير الآية، ثم قال: "هذا حديث حسن غريب، وقد رواه زيد بن أبي أنيسه (وهو الإسناد التالي) عن الأعمش، نحو هذا. وسيف بن محمد هو أخو عمار بن محمد، وعمار أثبت منه، وهو ابن أخت سفيان الثوري" . فالعجب للترمذي كيف يحسن إسنادًا فيه هذا الكذاب "سيف بن محمد" . وانظر تخريج الأثر التالي. وكان في المطبوعة: "حدثنا سيف بن محمد بن أحمد، عن سفيان الثوري" ، أساء ناشرها لأنه لم يدرس الإسناد، وغير ما في المخطوطة، وكان فيها: "حدثنا سيف بن محمد بن أحمد سفيان الثوري" ، وفي الهامش علامة الشك والتوقف، وصوابه ما أثبت. انظر تفسير "الفارسي" فيما سلف ص: 343، تعليق: 2. 20127- حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي قال: حدثنا سليمان بن عبد الله الرقي قال: حدثنا عبيد الله بن عمر الرقي، عن زيد بن أبي أنيسة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، في قوله: (ونفضل بعضها على بعض في الأكل) قال: الدَّقل والفارسيّ والحلو والحامض. (1) * * * وقوله: (إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون) يقول تعالى ذكره: إن في مخالفة الله عز وجل بين هذا القطع [من] الأرض المتجاورات وثمار جناتها وزروعها على ما وصفنا وبينَّا، (2) لدليلا واضحًا وعبرة لقوم يعقلون اختلاف ذلك، أن الذي خالف بينه على هذا النحو الذي خالف بينه، هو المخالف بين خلقه فيما قسم لهم من هداية وضلال وتوفيق وخذلان، فوفّق هذا وخذل هذا، وهدى ذا وأضل ذا، (1) الأثر: 20127 - "أحمد بن الحسن الترمذي" ، شيخ الطبري، كان أحد أوعية الحديث، ثقة، مضى مرارًا، آخرها رقم: 19876. و "سليمان بن عبيد الله الأنصاري الرقي" ، "أبو أيوب الحطاب" ، قال ابن أبي حاتم: صدوق، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال النسائي: "ليس بالقوى، وقال ابن معين:" ليس بشيء "، ولم يذكر فيه البخاري جرحا، مترجم في التهذيب والكبير 2 / 2 / 26، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 127، وميزان الاعتدال 1: 418." و "عبيد الله بن عمرو الرقي" ، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا، آخرها رقم: 16945. و "زيد بن أبي أنيسة الجزري" ، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا آخرها رقم: 16945. وهذا الخبر أشار إليه الترمذي، كما أسلفت في التعليق السابق، وذكره الذهبي في ميزان الاعتدال 1: 418، في ترجمة "سليمان بن عبيد الله" ، بهذا الإسناد تامًا، ثم قال: "قال العقيلي، لم يأت به غير سليمان، وإنما يعرف بسيف بن محمد عن الأعمش. قلت: وسيف هالك" . فهذا إسناد كما ترى، فيه من الهلاك، وانفراد الضعيف به ما فيه، فكيف جاز للترمذي أن يحسنه مع هذه القوادح التي تقدح فيه من نواحيه. (وانظر علل الحديث لابن أبي حاتم 2: 80، رقم: 1723 (. انظر تفسير "الفارسي فيما سلف ص: 343، تعليق: 2." (2) في المخطوطة والمطبوعة: "هذه القطع الأرض" ، فالزيادة واجبة. لو شاء لسوَّى بين جميعهم، كما لو شاء سوَّى بين جميع أكل ثمار الجنة التي تشرب شربًا واحدًا، وتسقى سقيًا [واحدًا] ، (1) وهي متفاضلة في الأكل. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الأغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (5) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (وإن تعجب) يا محمد، من هؤلاء المشركين المتَّخذين ما لا يضرُّ ولا ينفع آلهةً يعبدونها من دوني= فعجب قولهم (أئذا كنا ترابا) وبَلِينا فعُدِمنا= (أئنا لفي خلق جديد) إنا لمجدَّدٌ إنشاؤنا وإعادتنا خلقًا جديدًا كما كنا قبل وفاتنا!! = تكذيبًا منهم بقدرة الله، وجحودًا للثواب والعقاب والبعث بعد الممات، كما:- 20128- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وإن تعجب فعجب) إن عجبت يا محمد، = (فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أئنا لفي خلق جديد) ، عجب الرحمن تبارك وتعالى من تكذيبهم بالبعث بعد الموت. 20129- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (وإن تعجب فعجب قولهم) قال: إن تعجب من تكذيبهم، وهم قد رأوا من قدرة الله وأمره وما ضرب لهم من الأمثال، فأراهم من حياة الموتى في الأرض الميتة، إن تعجب من هذه فتعجَّب من قولهم: (أئذا كنا ترابًا أئنا لفي خلق جديد) ، (1) ما بين القوسين زيادة واجبة هنا أيضًا. أو لا يرون أنا خلقناهم من نطفة؟ فالخلق من نطفة أشدُّ أم الخلق من ترابٍ وعظام؟ (1) . * * * واختَلَف في وَجْه تكرير الاستفهام في قوله: (أئنا لفي خلق جديد) ، بعد الاستفهام الأول في قوله: (أئذا كنا ترابا) ، أهلُ العربية. (2) فقال بعض نحويي البصرة: الأوّل ظرف، والآخر هو الذي وقع عليه الاستفهام، كما تقول: أيوم الجمعة زيدٌ منطلق؟ قال: ومن أوقع استفهامًا آخر على قوله: (أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا) ، (3) جعله ظرفًا لشيء مذكور قبله، كأنهم قيل لهم: "تبعثون" ، فقالوا: (أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا) ؟ ثم جعل هذا استفهامًا آخر. قال: وهذا بعيدٌ. قال: وإن شئت لم تجعل في قولك: (أئذا) استفهامًا، وجعلت الاستفهام في اللفظ على (أئنا) ، كأنك قلت: أيوم الجمعة أعبد الله منطلق؟ وأضمرت نفيه. (4) فهذا موضعُ ما ابتدأت فيه بـ (أئذا) ، (5) وليس بكثير في الكلام لو قلت: "اليوم إنّ عبد الله منطلق" ، (6) لم يحسن، وهو جائز، وقد قالت العرب: "ما علمت إنَّه لصالح، تريد: إنه لصالح ما علمت. (7) " * * * (1) الأثر: 20129 - في المطبوعة وحدها مكان "ابن وهب" : "إبراهيم" ، لا أدري من أين جاء بهذا؟ وهو إسناد دائر في التفسير. (2) "أهل العربية" ، فاعل قوله آنفًا: "واختلف ..." . (3) في المطبوعة والمخطوطة: "أئذا متنا وكنا ترابًا" ، وأثبت نص الآية التي في هذه السورة. (4) في المطبوعة والمخطوطة: "وأضمر نفيه" ، والأجود ما أثبت. ويعني بقوله: "نفيه" أي إلغاءه وإسقاطه. (5) في المطبوعة: "قد ابتدأت فيه أئذا" ، وفي المخطوطة: "قد ابتدأت فيه بأئذا" ، ولكنه خلط كتابة "بأئذا" ، ورأيت أن الصواب أن تكون مكان "قد" "ما" . وفي المخطوطة والمطبوعة بعد هذا "بكبير في الكلام" ، وهذا أجود. (6) في المطبوعة وحدها: "اليوم أإن" بهمزة الاستفهام، زاد ما ليس في المخطوطة وأساء غاية الإساءة. (7) أشار أبو جعفر فيما سلف 7: 260، إلى أنه سيأتي على الصواب من القول في ترك إعادة الاستفهام ثانية، وأن الاستفهام في أول الكلام دال على موضعه ومكانه. وهذا هو الموضع الذي أشار إليه، فيما أرجح، فراجع ما سلف 7: 259، 260. * * * حاشية مهمة: كلام أبي جعفر في هذا الموضع يحتاج إلى بيان، فإنه قد أغمض القول فيه إغماضًا مخلًا، حتى ألجأ ناشر النسخة الأولى أن يصحح ما صحح، ويغير ما غير، لغموض ما كتب أبو جعفر ههنا، ولذلك فارقت ما لزمته قبل، من ترك التعليق على ما في التفسير من أبواب النحو. وأنا أخشى أن يكون سقط من الكلام شيء. وكلام أبي جعفر في هذه الفقرة، أراد به بيان تكرير الاستفهام، كما ذكر في ترجمة اختلاف أهل العربية، ولكنه أضمر الكلام إضمارًا هذا بيانه وشرحه. 1 - قوله: "فقال بعض نحويي البصرة: الأولى ظرف. والآخر هو الذي وقع عليه الاستفهام، كما تقول: أيوم الجمعة زيد منطلق" . يريد أن "إذا" ظرف، يتعلق بمحذوف بعده يدل عليه قوله: "أننا لفي خلق جديد" ، وهو "البعث" ، كأنه قال "أئذا كنا ترابًا، نبعث" ؟ فالظرف "إذا" متعلق بمحذوف هو "نبعث" ، والمعنى: أنبعث إذا كنا ترابًا. فهذا كما تقول: أيوم الجمعة زيد منطلق؟ ومعناه: أزيد منطلق يوم الجمعة؟ فالاستفهام واقع في الأول على "نبعث" ، وفي المثال الآخر على: "زيد منطلق" ، وهذا تأويل نحويي البصرة، كما جاء في كتب التفسير. 2 - ثم قال بعده: "ومن أوقع استفهامًا آخر على قوله:" أئذا كنا ترابًا "، جعله ظرفًا لمذكور قبله، كأنهم قيل لهم: تبعثون؟ فقالوا:" أئذا كنا ترابًا "، ثم جعل هذا استفهامًا آخر. قال: وهذا بعيد" . يريد أن "إذا" ، الظرف، متعلق بمحذوف قبله، وهو الذي قيل لهم: "تبعثون" ، فقالوا: أئذا كنا ترابًا؟ فالاستفهام واقع هنا على "إذا" ، أي على الظرف. وهذا مستبعد، لأنه أتى بمحذوف قبل الظرف لا دليل عليه في الكلام. 3 - ثم قال: "قال: وإن شئت لم تجعل في" أئذا "استفهامًا، وجعلت الاستفهام في اللفظ على" أئنا "، كأنك قلت: أيوم الجمعة أعبد الله منطلق؟ وأضمرت نفيه. فهذا موضع ما ابتدأت فيه ب" أئذا "، وليس بكثير في الكلام" . يريد أن الاستفهام الأول فضلة وزيادة في "أئذا" ، وأنت تضمر نفيها، فكررت الاستفهام، كما كررته في قولك: أيوم الجمعة أعبد الله منطلق؟ وهذا التكرار ليس بكثير في الكلام. 4 - ثم قال: "لو قلت: اليوم إن عبد الله منطلق، لم يحسن، وهو جائز. وقد قالت العرب: ما علمت إنه لصالح، تريد: إنه لصالح ما علمت" . يعني أن هذا الوجه الرابع غير حسن، وإن كان جائزًا، وذلك أنه يقتضي أن تكون "إذا" عندئذ، ظرفاً متعلقاً بقوله: "لفي خلق جديد" ، أي بخبر "إن" ، وخبر "إن" لا يتقدم عليها، فأولى أن يتقدم عليها معمول خبرها. ولذلك لم يحسن قولك: "اليوم إن عبد الله منطلق" ، لأن "اليوم" معمول "منطلق" وهو خبر "إن" ، فتقديمه على "إن" ، غير حسن، وإن جاز. لأن "إن" لا يعمل ما بعدها فيما قبلها. واستدل على جوازه بقول العرب: ما علمت إنه لصالح، و "ما" هنا ظرفية، أي: "في علمي، أو زمن علمي" ، فقدمت العرب "ما علمت" على "إن" وهي تعني "إنه صالح ما علمت" وهذا البيان الذي توسعت فيه، لشرح مقالة أبي جعفر، لم أجد أحدًا من أصحاب كتب التفسير، أو أصحاب كتب إعراب القرآن، تعرض له تعرض أبي جعفر في بيانه. وكلهم قد تخطى هذا وأوجزه، ولم يشرحه شرح أبي جعفر. وأبو حيان، وهو من هو في تتبع أقوال النحاة، وفي تقصي مقالة الطبري في تفسيره، أغفل هو أيضًا بيانه وتجاوزه. وذلك لغموض عبارة أبي جعفر في هذا الموضع. فأرجو أن أكون قد بلغت في بيانها مبلغًا مرضيًا إن شاء الله. وقال غيره: (أئذا) جزاء وليست بوقت، (1) وما بعدها جواب لها، إذا لم يكن في الثاني استفهام، والمعنى له، لأنه هو المطلوب، وقال: ألا ترى أنك تقول: "أإن تقم يقوم زيد، ويقم؟" ، (2) من جزم فلأنه وقع موقع جواب الجزاء، ومن رفع فلأن الاستفهام له، واستشهد بقول الشاعر: (3) حَلَفْتُ لَهُ إنْ تُدْلِجِ الليلَ لا يَزَلْ ... أَمَامَكَ بَيْتٌ مِنْ بُيُوتِيَ سَائِرُ (4) فجزم جواب اليمين لأنه وقع موقع جواب الجزاء، والوجه الرفع. (5) قال: فهكذا هذه الآية. قال: ومن أدخل الاستفهام ثانية، فلأنه المعتمد عليه، وترك الجزء الأوّل. * * * وقوله: (أولئك الذين كفروا بربهم) يقول تعالى ذكره: هؤلاء الذين أنكروا البعث وجَحدُوا الثواب والعقاب، وقالوا: (أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ (1) "الجزاء" ، هو "الشرط" = و "الوقت" ، هو "ظرف الزمان" . (2) في المطبوعة والمخطوطة: "إن تقم يقوم ..." ، والصواب إثبات همزة الاستفهام، كما يدل عليه الكلام. (3) البيت للراعي. (4) مضى البيت وتخريجه وشرحه فيما سلف 7: 259، تعليق: 2. (5) يعني أن الاستفهام إذا دخل على شرط، كان الاستفهام للجواب دون الشرط. وقد قال فيما سلف آنفًا 7: 259: "كل استفهام دخل على جزاء، فمعناه أن يكون في جوابه، لأن الجواب خبر يقوم بنفسه، والجزاء شرط لذلك الخبر" . وكذلك اليمين إذا تقدم الشرط، كان الجواب له دون الشرط. فهو يقول إن الاستفهام في "أئذا" ، و "إذا شرط، واقع على جوابها، هو" إنا لفي خلق جديد "، هذا إذا خلت الآية من الاستفهام، ولكنها لم تخل منه. فقال بعد ذلك: إنه إنما أدخل الاستفهام ثانية على الجواب، بعد إدخاله على الشرط، لأن الاستفهام للجواب، فإدخاله على الجواب هو الأصل. فلما أدخله عليه، فكأنه ألغى الاستفهام الأول الداخل على الشرط." جَدِيدٍ) هم الذين جحدوا قدرة ربِّهم وكذبوا رسوله، وهم الذين في أعناقهم الأغلال يوم القيامة في نار جهنم، (1) فأولئك (أصحاب النار) ، يقول: هم سكان النار يوم القيامة= (هم فيها خالدون) يقول: هم فيها ماكثون أبدًا، لا يموتون فيها، ولا يخرجون منها. * * * (1) انظر تفسير "الأغلال، فيما سلف 13: 168، ولم يبينها هنا ولا هناك بيانًا كافيًا كعادته." القول في تأويل قوله تعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ (6) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (ويستعجلونك) يا محمد، (1) مشركو قومك بالبلاء والعقوبة قبل الرخاء والعافية، فيقولون: (اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) [سورة الأنفال: 32] وهم يعلمون ما حَلَّ بمن خلا قبلهم من الأمم التي عصت ربها وكذبت رسلها من عقوبات الله وعظيم بلائه، (2) فمن بين أمة مسخت قردة وأخرى خنازير، ومن بين أمّة أهلكت بالرَّجْفة، وأخرى بالخسف، وذلك هو (المثلات) التي قال الله جل ثناؤه. (وقد خلت من قبلهم المثلات) . و (المثلات) ، العقوبات المنكِّلات، والواحدة منها: "مَثُلة" بفتح الميم وضم الثاء، ثم تجمع "مَثُلات" ، كما واحدة "الصَّدُقَات" "صَدُقَة" ، ثم تجمع "صَدُقَات" . (3) وذكر أن تميمًا من بين العرب تضم الميم والثاء جميعًا من "المُثُلات" ، (1) انظر تفسير "الاستعجال" فيما سلف 15، 33، 101. (2) انظر تفسير "خلا" فيما سلف 12: 415، تعليق: 4، والمراجع هناك. (3) الصدقة "، مهر المرأة، وقد مضى آنفًا في سورة النساء، آية: 4 في 7: 552، ولم يشرحها كل الشرح هناك."https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الرعد الحلقة (892) صــ 351 إلى صــ 360 فالواحدة على لغتهم منها: "مُثْلة" ، ثم تجمع "مُثُلات" ، مثل "غُرْفة" وغُرُفات، والفعل منه: "مَثَلْت به أمْثُلُ مَثْلا" بفتح الميم وتسكين الثاء، فإذا أردت أنك أقصصته من غيره، قلت: "أمثلته من صاحبه أُمْثِلُه إمْثالا وذلك إذا أقصصته منه." * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20130- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وقد خلت من قبلهم المثلات) ، وقائع الله في الأمم فيمن خلا قبلكم= وقوله: (ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة) ، وهم مشركو العرب استعجلوا بالشرّ قبل الخير، وقالوا: (اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) ، [سورة الأنفال:32] . 20131- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة) قال: بالعقوبة قبل العافية= (وقد خلت من قبلهم المثلات) قال: العقوبات. 20132- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد، قوله: (المثلات) قال: الأمْثَال. 20133- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد= 20134- وحدثني المثنى: قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 20135- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: (وقد خلت من قبلهم المثلات) قال: (المثلات) ، الذي مَثَل الله به الأممَ من العذاب الذي عذَّبهم، (1) تولَّت المثلات من العذاب، قد خلت من قبلهم، وعرفوا ذلك، وانتهى إليهم ما مَثَلَ الله بهم حين عصَوه وعَصوا رُسُله. 20136- حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا سليم قال: سمعت الشعبي يقول في قوله: (وقد خلت من قبلهم المثلاث) ، قال: القردة والخنازير هي المثلات. * * * وقوله: (وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم) ، يقول تعالى ذكره: وإن ربك يا محمد لذو سترٍ على ذنوب من تاب من ذنوبه من الناس، فتاركٌ فضيحته بها في موقف القيامة، وصافحٌ له عن عقابه عليها عاجلا وآجلا= (على ظلمهم) ، يقول: على فعلهم ما فعلوا من ذلك بغير إذني لهم بفعله (2) (وإن ربك لشديد العقاب) ، لمن هلك مُصِرًّا على معاصيه في القيامة، إن لم يعجِّل له ذلك في الدنيا، أو يجمعهما له في الدنيا والآخرة. * * * قال أبو جعفر: وهذا الكلام، وإن كان ظاهره ظاهرَ خبرٍ، فإنه وعيدٌ من الله وتهديدٌ للمشركين من قوم رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن هم لم ينيبوا ويتوبوا من كفرهم قبل حُلول نقمة الله بهم. * * * 20137- حدثني علي بن داود قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: (وإن ربك لذو مغفرة للناس) ، يقول: ولكنّ ربَّك. * * * (1) في المطبوعة: "مثل الله في الأمم" ، وأثبت ما في المخطوطة، وهو صواب. (2) في المطبوعة: "بغير إذن" ، وأثبت ما في المخطوطة. القول في تأويل قوله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنزلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (ويقول الذين كفروا) يا محمد، من قومك= (لولا أنزل عليه آية من ربه) هلا أنزل على محمد آية من ربه؟ (1) يعنون علامةً وحجةً له على نبوّته (2) وذلك قولهم: (لَوْلا أُنزلَ عَلَيْهِ كَنز أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ) [سورة هود: 12] يقول الله له: يا محمد (إنما أنت منذر) لهم، تنذرهم بأسَ الله أن يحلّ بهم على شركهم (3) . (ولكل قوم هاد) . يقول ولكل قوم إمام يأتمُّون به وهادٍ يتقدمهم، فيهديهم إما إلى خيرٍ وإما إلى شرٍّ. * * * وأصله من "هادي الفرس" ، وهو عنقه الذي يهدي سائر جسده. (4) * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل على اختلاف منهم في المعنيِّ بالهادي في هذا الموضع. فقال بعضهم: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم. *ذكر من قال ذلك: 20138- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: (ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه) هذا قول مشركي العرب قال الله: (إنما أنت منذر ولكلّ قوم هاد) لكل قوم داعٍ يدعوهم إلى الله. 20139- حدثنا أبو كريب قال: حدثنا وكيع. عن سفيان. عن السدي. (1) انظر تفسير "لولا" فيما سلف 15: 205، تعليق (1) : والمراجع هناك ثم 15: 210. (2) انظر تفسير الآية "فيما سلف من فهارس اللغة (أبى) ." (3) انظر تفسير "الإنذار" فيما سلف من فهارس اللغة نذر. (4) انظر تفسير "الهادي" فيما سلف 2: 293. عن عكرمة= ومنصور، عن أبي الضحى: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) قالا محمد هو "المنذر" وهو "الهاد" . 20140- حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا سفيان، عن السدي، عن عكرمة، مثله. 20141- حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا سفيان، عن أبيه، عن عكرمة، مثله. * * * وقال آخرون: عنى بـ "الهادي" في هذا الموضع: الله. *ذكر من قال ذلك: 20142- حدثنا أبو كريب قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) قال: محمد "المنذر" ، والله "الهادي" . (1) 20143- حدثنا ابن بشار قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير: (وإنما أنت منذر ولكل قوم هاد) قال محمد "المنذر" ، والله "الهادي" . 20144- حدثنا أبو كريب قال: حدثنا الأشجعي، عن سفيان، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير: (إنما أنت منذر) قال: أنت يا محمد منذر، والله "الهادي" . 20145- حدثني المثنى قال: حدثنا عمرو بن عون قال: أخبرنا هشيم، عن عبد الملك، عن قيس، عن مجاهد في قوله: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) ، قال: "المنذر" ، النبي صلى الله عليه وسلم= (ولكل قوم هاد) قال: الله هادي كل قوم. (1) الأثر: 20142 - سقط آخر الخبر من المخطوطة، وقف عند قوله: "هاد" ، وكأنه أتمه من الذي يليه. 20146- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) يقول: أنت يا محمد منذر، وأنا هادي كل قوم. 20147- حدثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد بن سليمان قال: سمعت الضحاك يقول: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) ، "المنذر" : محمد صلى الله عليه وسلم، و "الهادي" : الله عز وجل. * * * وقال آخرون: "الهادي" في هذا الموضع معناه نبيٌّ. *ذكر من قال ذلك: 20148- حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد قال: "المنذر" محمد صلى الله عليه وسلم. (ولكل قوم هاد) قال: نبيٌّ. 20149- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهدٍ في قوله: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) قال: نبيٌّ. 20150- قال: حدثنا جرير، عن ليث، عن مجاهد، عن عبد الملك، عن قيس، عن مجاهد، مثله. 20151- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا أسباط بن محمد، عن عبد الملك، عن قيس، عن مجاهد، في قوله: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) ، قال: لكل قوم نبي، والمنذر: محمد صلى الله عليه وسلم. 20152- قال: حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثني عبد الملك، عن قيس، عن مجاهد، في قول الله: (ولعل قوم هاد) قال: نبيّ. 20153- قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (ولكل قوم هاد) يعني: لكل قوم نبيّ. 20154- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (ولعل قوم هاد) قال: نبيّ. 20155- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (ولكل قوم هاد) قال: نبيّ يدعوهم إلى الله. 20156- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: (ولكل قوم هاد) قال: لكل قوم نبيّ. "الهادي" ، النبي صلى الله عليه وسلم، و "المنذر" أيضًا النبي صلى الله عليه وسلم. وقرأ: (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ) .، [سورة فاطر: 24] ، وقال: (نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأولَى) [سورة النجم: 56] قال: نبي من الأنبياء. * * * وقال آخرون، بل عني به: ولكل قوم قائد. *ذكر من قال ذلك: 20157- حدثنا أبو كريب قال: حدثنا جابر بن نوح، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) ، قال: إنما أنت، يا محمد، منذر، ولكل قوم قادة. 20158- قال: حدثنا الأشجعي قال: حدثني إسماعيل= أو: سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح: (ولكل قوم هاد) قال: لكل قوم قادة. 20159- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، عن أبي العالية: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) قال: "الهادي" : القائد، والقائد: الإمام، والإمام: العمل. 20160- حدثني الحسن قال: حدثنا محمد، وهو ابن يزيد= عن إسماعيل، عن يحيى بن رافع، في قوله: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) قال: قائد. * * * وقال آخرون: هو عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه. *ذكر من قال ذلك: 20161- حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي قال: حدثنا الحسن بن الحسين الأنصاري قال: حدثنا معاذ بن مسلم، بيّاع الهرويّ، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لما نزلت (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) ، وضع صلى الله عليه وسلم يده على صدره فقال: أنا المنذر= (ولكل قوم هاد) ، وأومأ بيده إلى منكب عليّ، فقال: أنت الهادي يا عليّ، بك يهتدي المهتدون بَعْدي (1) . * * * وقال آخرون: معناه: لكل قوم داع. *ذكر من قال ذلك: 20162- حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (ولكل قوم هاد) ، قال: داع. * * * (1) الأثر: 20161 - "أحمد بن يحيى الصوفي" ، شيخ الطبري، ثقة، مضى برقم: 779 و "الحسن بن الحسين الأنصاري، العرني" ، كأنه قيل له "العرني" ، لأنه كان يكون في مسجد "حبة العرني" . كان من رؤساء الشيعة، ليس بصدوق، ولا تقوم به حجة. وقال ابن حبان: "يأتي عن الأثبات بالملزقات، ويروي المقلوبات والمناكير" . مترجم في ابن أبي حاتم 1 / 2 / 6، وميزان الاعتدال 1: 225، ولسان الميزان 2: 198. و "معاذ بن مسلم بياع الهروي" ، لم يذكر بهذه الصفة "بياع الهروي" في غير التفسير، و "الهروي" ثياب إلى هراة. وجعلها في المطبوعة: "حدثنا الهروي" ، فأفسد الإسناد إفسادًا و "معاذ بن مسلم" مجهول، هكذا قال ابن أبي حاتم، وهو مترجم في ابن أبي حاتم 4 / 1 / 248، وميزان الاعتدال 3: 178، ولسان الميزان 6: 55. وهذا خبر هالك من نواحيه، وقد ذكره الذهبي وابن حجر في ترجمة "الحسن بن الحسين الأنصاري" قالا بعد أن ساقا الخبر بإسناده ولفظه، ونسبته لابن جرير أيضًا: "معاذ نكرة، فلعل الآفة منه" ، وأقول: بل الآفة من كليهما: الحسن بن الحسين، ومعاذ بن مسلم. وقد بينت معنى "الهداية" ، وأنه الإمام المتبع الذي يقدُم القوم. (1) فإذ كان ذلك كذلك، فجائز أن يكون ذلك هو الله الذي يهدي خلَقه ويتَّبع خلقُه هداه ويأتمون بأمره ونهيه. وجائز أن يكون نَبِيَّ الله الذي تأتمُّ به أمته. وجائز أن يكون إمامًا من الأئمة يُؤْتَمْ به، ويتّبع منهاجَه وطريقته أصحابُه. وجائزٌ أن يكون داعيًا من الدعاة إلى خيرٍ أو شرٍّ. وإذ كان ذلك كذلك، فلا قول أولى في ذلك بالصواب من أن يقال كما قال جل ثناؤه: إن محمدًا هو المنذر من أرسل إليه بالإنذار، وإن لكل قوم هاديًا يهديهم فيتّبعونه ويأتمُّون به. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الأرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (وإن تعجب فعجبٌ قولهم أئذا كنا ترابًا أئنا لفي خلق جديد) منكرين قدرة الله على إعادتهم خلقًا جديدًا بعد فنائهم وبلائهم، ولا ينكرون قدرته على ابتدائهم وتصويرهم في الأرحام، وتدبيرهم وتصريفهم فيها حالا بعد حال= فابتدأ الخبر عن ذلك ابتداءً، والمعنى فيه ما وصفت، (2) فقال جل ثناؤه: (الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد) ، يقول: وما تنقص الأرحام من حملها في الأشهر التسعة بإرسالها دم الحيض (1) انظر ما سلف ص: 353. (2) في المطبوعة والمخطوطة: "ما وصف" ، والصواب ما أثبت. (1) (وما تزداد) في حملها على الأشهر التسعة لتمام ما نقص من الحمل في الأشهر التسعة بإرسالها دم الحيض= (وكل شي عنده بمقدار) لا يجاوز شيء من قَدَره عن تقديره، ولا يقصر أمر أراده فَدَبَره عن تدبيره، كما لا يزداد حمل أنثى على ما قُدِّرَ له من الحمل، ولا يُقصِّر عما حُدّ له من القدر. * * * و "المقدار" ، مِفْعال من "القدر" . * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: 20163- حدثني يعقوب بن ماهان قال: حدثنا القاسم بن مالك، عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: (يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام) ، قال: ما رأت المرأة من يوم دمًا على حملها زاد في الحمل يومًا. (2) 20164- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام) ، يعني السِّقْط= (وما تزداد) ، يقول: ما زادت الرحم في الحمل على ما غاضت حتى ولدته تمامًا. وذلك أن من النساء من تحمل عشرة أشهر، ومنهن من تحمل تسعة أشهر، ومنهن من تزيد في الحمل، ومنهن من تنقص. فذلك الغيض والزيادة التي ذكر الله، وكل ذلك بعلمه. 20165- حدثنا سعيد بن يحيى الأموي قال: حدثنا عبد السلام قال: حدثنا خصيف، عن مجاهد أو سعيد بن جبير في قول الله: (وما تغيض الأرحام) قال: غَيْضُها، دون التسعة= والزيادة فوق التسعة. (1) انظر تفسير "الغيض" فيما سلف 15: 334، وما بعدها. (2) الأثر: 20163 - "يعقوب بن ماهان البغدادي" ، ثقة، مضى برقم: 4901، 10339، 19908. و "القاسم بن مالك المزني" ، ثقة من شيوخ أحمد، مضى برقم: 10339. 20166- حدثني يعقوب قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا أبو بشر، عن مجاهد، أنه قال: "الغيض" ، ما رأت الحامل من الدم في حملها فهو نقصان من الولد، و "الزيادة" ما زاد على التسعة أشهر، فهو تمام للنقصان وهو زيادة. 20167- حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا عبد الصمد قال: حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن مجاهد، في قوله: (وما تغيض الأرحام وما تزداد) قال: ما ترى من الدم، وما تزداد على تسعة أشهر. 20168- حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن مجاهد، أنه قال: (يعلم ما تغيض الأرحام وما تزداد) ، قال: ما زاد على التسعة الأشهر= (وما تغيض الأرحام) ، قال: الدم تراه المرأة في حملها. 20169- حدثني المثنى حدثنا عمرو بن عون، والحجاج بن المنهال قالا حدثنا هشيم، عن أبي بشر، عن مجاهد، في قوله: (وما تغيض الأرحام وما تزداد) قال: الغيض: الحامل ترى الدم في حملها فهو "الغيض" ، وهو نقصانٌ من الولد. وما زاد على تسعة أشهر فهو تمام لذلك النقصان، وهي الزيادة. 20170- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا عبد السلام، عن خصيف، عن مجاهد: (وما تغيض الأرحام وما تزداد) قال: إذا رأت دون التسعة، زاد على التسعة مثل أيام الحيض. 20171- حدثنا أحمد قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وما تغيض الأرحام) قال: خروج الدم= (وما تزداد) قال: استمساك الدم. 20172- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وما تغيض الأرحام) إراقة المرأة حتى يخِسّ الولد= (وما تزداد) قال: إن لم تُهْرِق المرأةُ تَمَّ الولد وعَظُم. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الرعد الحلقة (893) صــ 361 إلى صــ 370 20173- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا شعبة، عن جعفر، عن مجاهد، في قوله: (وما تغيض الأرحام وما تزداد) قال: المرأة ترى الدم، وتحمل أكثر من تسعة أشهر. 20174- حدثنا الحسن قال: حدثنا محمد بن الصباح قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير، في قوله: (وما تغيض الأرحام) ، قال: هي المرأة ترى الدم في حملها. 20175- قال: حدثنا شبابة، قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (وما تغيض الأرحام وما تزداد) إهراقُ الدم حتى يخسّ الولد= و "تزداد" إن لم تهرق المرأة تَمَّ الولد وعَظُم. 20176- قال: حدثنا الحكم بن موسى قال: حدثنا هقل، عن عثمان بن الأسود قال: قلت لمجاهد: امرأتي رأت دمًا، وأرجو أن تكون حاملا! = قال أبو جعفر: هكذا هو في الكتاب (1) فقال مجاهد: ذاك غيضُ الأرحام: (يعلم ما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار) ، الولد لا يزال يقع في النقصان ما رأت الدَّم، فإذا انقطعَ الدم وقع في الزيادة، فلا يزال حتى يتمّ، فذلك قوله: (وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار) . (2) (1) موضع الإشكال الذي شكك فيه أبو جعفر أن عثمان بن الأسود قال: "امرأتي رأت الدم" ، وذلك يعني الطمث، وهي إذا رأت الدم لم تكن حاملا. ثم قال: "وأرجو أن تكون حاملا" ، يوهم أنه من جل رؤية الدم، رجا أن تكون حاملا. ولكني أخالف أبا جعفر، وأجعل "أرجو" بمعنى التحقيق لا بمعنى الرجاء، كأنه قال: "امرأتي رأت الدم وهي حامل" ، وهم يضعون "أرجو" بهذا المكان من التحقيق في كثير من كلامهم. هذا، وبعض النساء ترى الدم وهي حامل في ميقات طمثها، هكذا أخبرني النساء. (2) الأثر: 20176 - "الحكم بن موسى بن أبي زهير البغدادي" ، ثقة، روى عنه البخاري تعليقًا ومسلم. مترجم في التهذيب، والكبير 1 / 2 / 342، وابن أبي حاتم 1 / 2 / 128 و "هقل" هو: "الهقل بن زياد بن عبد الله الدمشقي" ، كاتب الأوزاعي، و "هقل" لقب، قيل اسمه: "محمد" ، وقيل: "عبد الله" ، ثقة الثقات، من أعلى أصحاب الأوزاعي. مترجم في التهذيب، والكبير 4 / 2 / 248، وابن أبي حاتم 4 / 2 / 122. و "عثمان بن الأسود بن موسى المكي" ، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا. 20177- قال: حدثنا محمد بن الصباح قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا أبو بشر، عن مجاهد، في قوله: (وما تغيض الأرحام وما تزداد) ، قال: "الغيض" : الحامل ترى الدم في حملها، وهو "الغيض" وهو نقصان من الولد. فما زادت على التسعة الأشهر فهي الزيادة، وهو تمامٌ للولادة. 20178- حدثنا ابن المثنى قال: حدثنا عبد الوهاب قال: حدثنا داود، عن عكرمة في هذه الآية: (الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام) ، قال: كلما غاضت بالدم، زاد ذلك في الحمل. 20179- قال: حدثنا عبد الأعلى قال: حدثنا داود، عن عكرمة نحوه. 20180- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا عباد بن العوّام، عن عاصم، عن عكرمة: (وما تغيض الأرحام) قال: غيض الرحم: الدم على الحمل كلما غاض الرحم من الدم يومًا زاد في الحمل يومًا حتى تستكمل وهي طاهرةٌ. 20181- قال: حدثنا عباد، عن سعيد، عن يعلى بن مسلم، عن سعيد بن جبير، مثله. 20182- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا الوليد بن صالح قال: حدثنا أبو يزيد، عن عاصم، عن عكرمة في هذه الآية: (وما تغيض الأرحام) ، قال: هو الحيض على الحمل= (وما تزداد) قال: فلها بكل يوم حاضت على حملها يوم تزداده في طهرها حتى تستكمل تسعة أشهر طاهرًا. 20183- قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا عمران بن حدير، عن عكرمة في قوله: (وما تغيض الأرحام وما تزداد) قال: ما رأت الدم في حملها زاد في حملها. 20184- حدثنا عبد الحميد بن بيان قال: أخبرنا إسحاق، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله: (وما تغيض الأرحام وما تزداد) ما "تغيض" : أقل من تسعة= وما تزداد: أكثر من تسعة. 20185- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا ابن المبارك، عن الحسن بن يحيى قال: سمعت الضحاك يقول: قد يولد المولود لسنتين. قد كان الضحاك وُلد لسنتين، و "الغيض" : ما دون التسعة= (وما تزداد) فوق تسعة أشهر. 20186- قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا سفيان، عن جويبر، عن الضحاك: (وما تغيض الأرحام وما تزداد) قال: دون التسعة، وما تزداد: قال: فوق التسعة. 20187- قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا سفيان، عن جويبر، عن الضَّحاك قال: ولدت لسنتين. 20188- حدثني المثنى قال: حدثنا سويد بن نصر قال: أخبرنا ابن المبارك، عن الحسن بن يحيى قال: حدثنا الضحاك: أن أمه حملته سنتين. قال: (وما تغيض الأرحام) قال: ما تنقص من التسعة= (وما تزداد) قال: ما فوق التسعة. (1) 20189- ... قال: حدثنا عمرو بن عون ; قال: أخبرنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك في قوله: (الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام) ، قال: كل أنثى من خلق الله. 20190- ... قال: حدثنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك= ومنصور، عن الحسن قالا "الغيض" ما دون التسعة الأشهر. (1) الآثار: 20185، 20187، 20188 - "الضحاك بن مزاحم" ، صاحب التفسير، مضى مرارًا لا تحصى، ولكن يزاد هنا هذا الخبر في ترجمته أنه قال عن نفسه أنه ولد لسنتين. ثم انظر رقم: 20199، أنه ولد وقد نبتت ثناياه. 20191- ... قال: حدثنا سويد قال: أخبرنا ابن المبارك، عن داود بن عبد الرحمن، عن ابن جريج، عن جميلة بنت سعد، عن عائشة قالت: لا يكون الحمل أكثر من سنتين، قدر ما يتحوَّل ظِلُّ مِغْزَل. 20192- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا فضيل بن مرزوق، عن عطية العوفي: (وما تغيض الأرحام) قال: هو الحمل لتسعة أشهر وما دون التسعة= (وما تزداد) قال: على التسعة. 20193- ... قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن سعيد بن جبير: (وما تغيض الأرحام) قال: حيضُ المرأة على ولدها. 20194- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (وما تغيض الأرحام وما تزداد) . قال: "الغيض" ، السَّقْط= (وما تزداد) ، فوق التسعة الأشهر. 20195- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن سعيد بن جبير: إذا رأت المرأة الدمَ على الحمل، فهو "الغيض" للولد. يقول: نقصانٌ في غذاء الولد، وهو زيادة في الحمل. 20196- حدثنا بشر بن معاذ قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد) قال: كان الحسن يقول: "الغيضوضة" ، (1) أن تضع المرأة لستة أشهر أو لسبعة أشهر، أو لما دون الحدّ= قال قتادة: وأما الزيادة، فما زاد على تسعة أشهر. 20197- حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا قيس، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير قال: غيض الرحم: أن ترى الدم على (1) "الغيضوضة" ، مصدر "غاض" ، لم تذكره كتب اللغة، وهو حقيق أن يثبت فيها، لأنه من كلام الحسن البصري، وناهيك به فصيحًا وحجة في العربية. حملها. فكل شيء رأت فيه الدم على حملها، ازدادت على حملها مثل ذلك. 20198-....قال حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن قيس بن سعد، عن مجاهد قال: إذا رأت الحاملُ الدمَ كان أعظمَ للولد. 20199- حدثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد بن سليمان قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وما تغيض الأرحام وما تزداد) ، "الغيض" : النقصان من الأجل، "والزيادة" : ما زاد على الأجل. وذلك أن النساء لا يلدن لعدّةٍ واحدة، يولد المولود لستة أشهر فيعيش، ويولد لسنتين فيعيش، وفيما بين ذلك. قال: وسمعت الضحاك يقول: ولدت لسنتين، وقد نبتت ثناياي. 20200- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: (وما تغيض الأرحام) قال: غيض الأرحام: الإهراقة التي تأخذ النساء على الحمل، وإذا جاءت تلك الإهراقة لم يعتدَّ بها من الحمل، ونقص ذلك حملها حتى يرتفع ذلك. وإذا ارتفع استقبلت عِدّةً مستقبلةً تسعة أشهر. وأما ما دامت ترى الدم، فإن الأرحام تغيض وتنقص، والولد يرقّ. فإذا ارتفع ذلك الدم رَبَا الولد واعتدّت حين يرتفع عنها ذلك الدم عدّة الحمل تسعة أشهر، وما كان قبله فلا تعتدُّ به، هو هِرَاقةٌ، يبطل ذلك أجمع أكتع. * * * وقوله: (وكل شيء عنده بمقدار) . 20201- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (وكل شيء عنده بمقدار) إي والله، لقد حفظ عليهم رزقهم وآجالهم، وجعل لهم أجلا معلومًا. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: والله عالم ما غاب عنكم وعن أبصاركم فلم تروه، وما شاهدتموه، فعاينتم بأبصاركم، لا يخفى عليه شيء، لأنهم خلقه (1) وتدبيره= "الكبير الذي كل شيء دونه" ، (2) = "المتعال" المستعلي على كل شيء بقدرته. = وهو "المتفاعل" من "العلو" مثل "المتقارب" من القرب و "المتداني" من الدنوّ. (3) * * * القول في تأويل قوله تعالى: {سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: معتدلٌ عند الله منكم، (4) أيها الناس، الذي أسر القول، (5) والذي جهر به، (6) والذي هو مستخفٍ بالليل في ظلمته بمعصية الله= "وسارب بالنهار" ، يقول: وظاهر بالنهار في ضوئه، لا يخفى عليه شيء من ذلك. سواء عنده سِرُّ خلقه وعلانيتهم، لأنه لا يستسرّ عنده شيء ولا يخفى. * * * (1) انظر تفسير "الغيب والشهادة" فيما سلف 11: 464، 465. (2) انظر تفسير "الكبير" فيما سلف 8: 318. (3) وانظر تفسير "التعالي" فيما سلف 15: 47، تعليق: 1، والمراجع هناك. (4) انظر تفسير "سواء" فيما سلف من فهارس اللغة (سوى) . (5) انظر تفسير "الإسرار" فيما سلف ص: 198، تعليق: 1، والمراجع هناك. (6) انظر تفسير "الجهر" فيما سلف 9: 343 - 349، 358 /11: 368 / 13: 353، تعليق: 4، والمراجع هناك. يقال منه: "سَرَبَ يَسْرَبُ سُرُوبًا" إذا ظهر، كما قال قيس بن الخطيم: أَنَّى سَرَيْتِ وَكُنْتِ غَيْرَ سَرُوبِ ... وَتُقَرِّبُ الأحْلامُ غَيْر قَرِيب (1) يقول: كيف سريت بالليل [على] بُعْد هذا الطريق، (2) ولم تكوني تبرُزين وتظهرين؟ وكان بعضهم يقول: هو السَّالك في سَرْبه: أي في مذهبه ومكانه. (3) واختلف أهل العلم بكلام العرب في "السّرب" . فقال بعضهم: "هو آمن في سَرْبه" ، بفتح السين. وقال بعضهم: "هو آمن في سِرْبه" بكسر السين. * * * وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20202- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (سواء منكم من أسرّ القول ومن جهر به ومن هو مستخفٍ بالليل وسارب بالنهار) ، يقول: هو صاحبُ ريبة مستخف بالليل. وإذا خرج بالنهار أرَى الناس أنه بريء من الإثم. 20203- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: قال ابن عباس: (وسارب بالنهار) ، ظاهر. 20204- حدثنا ابن بشار قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن عوف، عن أبي رجاء، في قوله: (سواء منكم من أسرّ القول ومن جهر به ومن هو مستخفٍ (1) ديوانه: 5، واللسان (سرب) وغيرها كثير. ويروى "سربت" بالباء الموحدة أيضًا وقوله: "غير سروب" ، أي: غير مبعدة في مذهبك، أو كما قال أبو جعفر في تفسيره بعد. (2) الزيادة بين القوسين لا بد منها لتصحيح معنى الكلام. (3) أرجح أنه يعني أبا عبيدة في مجاز القرآن 1: 323، ولكن لفظه: "سالك في سربه، أي مذاهبه ووجوهه" ، وهو أجود مما في التفسير، وأخشى أن يكون من تحريف الناسخ أو سهوه. بالليل وساربٌ بالنهار) قال: إن الله أعلم بهم، سواء من اسر القول ومن جهر به، ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار. 20205- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا علي بن عاصم، عن عوف، عن أبي رجاء: (سواء منكم من أسرّ القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار) قال: من هو مستخف في بيته= (وسارب بالنهار) ، ذاهب على وجهه. علمه فيهم واحدٌ. 20206- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (سواء منكم من أسرّ القول ومن جهر به) ، يقول: السر والجهر عنده سواء= (ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار) أما "المستخفي" ففي بيته، وأما "السارب" : الخارج بالنهار حيثما كان. المستخفي غَيْبَه الذي يغيب فيه والخارجُ، عنده سواء. 20207- ... قال: حدثنا الحماني قال: حدثنا شريك، عن خصيف، في قوله: (مستخف بالليل) قال: راكب رأسه في المعاصي= (وسارب بالنهار) قال: ظاهر بالنهار. 20208- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (سواء منكم من أسر القول ومن جهر به) كل ذلك عنده تبارك وتعالى سواء، السر عنده علانية= قوله: (ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار) ، أي: في ظلمه الليل، و "سارب" : أي: ظاهر بالنهار. 20209- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا شريك، عن خصيف، عن مجاهد وعكرمة: (وسارب بالنهار) قال: ظاهر بالنهار. * * * و "مَنْ" في قوله: (من أسرّ القول ومَنْ جهر به ومَنْ هو مستخف بالليل) رفع الأولى منهن بقوله: "سواء" . والثانية معطوفة على الأولى، والثالثة على الثانية. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11) } قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك. فقال بعضهم: معناه: لله تعالى ذكرهُ معقِّباتٌ قالوا: "الهاء" في قوله: "له" من ذكر اسم الله. و "المعقبات" التي تعتقب على العبد. (1) وذلك أن ملائكة الليل إذا صعدت بالنهار أعقبتها ملائكة النهار، فإذا انقضى النهار صعدت ملائكة النهار ثم أعقبتها ملائكة الليل. وقالوا: قيل "معقبات" ، و "الملائكة" : جمع "ملك" مذكر غير مؤنث، وواحد "الملائكة" "معقِّب" ، وجماعتها "مُعَقبة" ، ثم جمع جمعه= أعني جمع "معقّب" بعد ما جمع "مُعَقّبة" = وقيل "معقِّبات" ، كما قيل: "سادات سعد" ، (2) "ورجالات بني فلان" ، جمع "رجال" . * * * وقوله: (من بين يديه ومن خلفه) ، يعني بقوله: (من بين يديه) ، من قدام هذا المستخفي بالليل والسارب بالنهار (3) (ومن خلفه) ، من وراء ظهره. *ذكر من قال ذلك: 20210- حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا (1) في المطبوعة والمخطوطة: تتعقب "، والصواب ما أثبت." (2) في المطبوعة "ابناوات سعد" ، وهي في المخطوطة غير منقوطة والصواب ما أثبت يقال "سيد" و "سادة و" سادات "." (3) انظر تفسير بين يديه "فيما سلف 10: 438، 12: 492." شعبة، عن منصور، يعني ابن زاذان=، عن الحسن في هذه الآية: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه) قال: الملائكة. 20211- حدثني المثنى قال: حدثنا إبراهيم بن عبد السلام بن صالح القشيري قال: حدثنا علي بن جرير، عن حماد بن سلمة، عن عبد الحميد بن جعفر، عن كنانة العدوي قال: دخل عثمان بن عفان على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أخبرني عن العبد كم معه من ملك؟ قال: ملك على يمينك على حسناتك، وهو أمينٌ على الذي على الشمال، (1) فإذا عملتَ حسنة كُتِبت عشرًا، وإذا عملت سيئة قال الذي على الشمال للذي على اليمين: اكتب! قال: لا لعله يستغفر الله ويتوب! فإذا قال ثلاثًا قال: نعم اكتب أراحنا الله منه، فبئس القرين، ما أقل مراقبته لله، وأقل استحياءَه منّا! يقول الله: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) ، [سورة ق: 18] ، وملكان من بين يديك ومن خلفك، يقول الله: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) ، وملك قابض على ناصيتك، فإذا تواضعت لله رفعك، وإذا تجبَّرت على الله قصمك. وملكان على شفتيك ليس يحفظان عليك إلا الصَّلاة على محمد. وملك قائم على فيك لا يدع الحيّة تدخل في فيك، (2) وملكان على عينيك. فهؤلاء عشرة أملاك على كلّ آدميّ، ينزلون ملائكة الليل على ملائكة النهار، [لأن ملائكة الليل سوى ملائكة النهار] (3) فهؤلاء عشرون ملكًا على كل آدمي، وإبليس بالنهار وولده بالليل. (4) (1) في المطبوعة وابن كثير: "وهو أمير" ، وأثبت ما في المخطوطة والدر المنثور. (2) في المخطوطة: "تدخل فيك" ، والصواب ما في المطبوعة والدر المنثور. (3) زيادة من ابن كثير والدر المنثور، ولا غنى عنها. (4) الأثر: 20211 - هذا إسناد قد سلف مثله برقم: 1386، 1395. وهو إسناد مشكل منكر. "إبراهيم بن عبد السلام بن صالح القشيري" ، وسلف "التستري" وكان في ذلك الموضع في ابن كثير "القشيري" ، لا ندري أيهما الصواب، ولم نجد له ذكرًا في شيء من كتب الرجال. و "علي بن جرير" ، لا يدري منه هو أيضًا، كما قلنا فيما سلف، إلا أني أزيد أن ابن أبي حاتم ترجم في الجرح والتعديل: "علي بن جرير البارودي روى عنه ... سئل أبي عن علي بن جرير البارودي، فقال: صدوق" ، ولا أظنه هذا الذي في إسنادنا، كأن هذا متأخر، ابن أبي حاتم 3 / 1 / 178 وأما "عبد الحميد بن جعفر، فثقة، سلف برقم: 1386." وأما "كنانة العدوي" ، فهو "كنانة بن نعيم العدوي" ، تابعي ثقة، لم يذكر أنه أدرك عثمان بن عفان أو روى عنه. فهذا حديث فيه نكارة وضعف شديد، وانفرد بروايته أبو جعفر الطبري عن المثنى. انظر تفسير ابن كثير 4: 503، والدر المنثور 4: 48. وقال ابن كثير: إنه حديث غريب جدًا. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الرعد الحلقة (894) صــ 371 إلى صــ 380 20212- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه) الملائكة= (يحفظونه من أمر الله) . 20213- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 20214- ... قال: حدثنا عمرو بن عون قال: أخبرنا هشيم، عن عبد الملك، عن قيس، عن مجاهد، في قوله: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه) ، قال: مع كل إنسان حَفَظَةٌ يحفظونه من أمر الله. 20215- ... قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) ، فالمعقبات هن من أمر الله، وهي الملائكة. 20216- حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس: (يحفظونه من أمر الله) قال: ملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه، فإذا جاء قدره خَلَّوا عنه. 20217- حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) فإذا جاء القدر خَلَّوا عنه. 20218- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم في هذه الآية قال: الحَفَظَة. 20219- حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبي، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) ، قال: ملائكة. 20220- حدثنا أحمد بن حازم قال، حدثنا يعلى قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح في قوله: (له معقبات) قال: ملائكة الليل، يعقُبُون ملائكة النهار. 20221- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه) هذه ملائكة الليل يتعاقبون فيكم بالليل والنهار. وذكر لنا أنهم يجتمعون عند صلاة العصر وصلاة الصبح= وفي قراءة أبيّ بن كعب: (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَرَقِيبٌ مِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِن أَمْرِ اللهِ) . 20222- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، قوله: (له معقبات من بين يديه) ، قال: ملائكة يتعاقبونه. 20223- حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه) قال: الملائكة= قال ابن جريج: "معقبات" ، قال: الملائكة تَعَاقَبُ الليلَ والنهار. وبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يجتمعون فيكم عند صلاة العصر وصلاة الصبح= وقوله: (يحفظونه من بين يديه ومن خلفه) ، قال ابن جريج: مثل قوله: (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ) ، [سورة ق: 17] . قال: الحسنات من بين يديه، والسيئات من خلفه. الذي عن يمينه يكتب الحسنات والذي عن شماله يكتب السيئات. 20224- حدثنا سوّار بن عبد الله قال: حدثنا المعتمر بن سليمان قال، سمعت ليثًا يحدث، عن مجاهد أنه قال: ما من عبدٍ إلا له ملك موكَّل يحفظه في نومه ويقظته من الجنّ والإنس والهوامّ، فما منها شيء يأتيه يريده إلا قال: وراءَك! إلا شيئًا يأذن الله فيه فيصيبه. 20225- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي: قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه) ، قال: يعني الملائكة. * * * وقال آخرون: بل عني بـ "المعقبات" في هذا الموضع، الحرَس، الذي يتعاقب على الأمير. *ذكر من قال ذلك: 20226- حدثنا أبو هشام الرفاعي قال: حدثنا ابن يمان قال: حدثنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه) قال: ذلك ملك من مُلوك الدنيا له حَرسٌ من دونه حرَس. 20227- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه) ، يعني: ولىَّ الشيطان، يكون عليه الحرس. (1) 20228- حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن شَرْقيّ: أنه سمع عكرمة يقول في هذه الآية: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه) قال: هؤلاء الأمراء. (2) 20229- حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا عمرو بن (1) في المطبوعة: "ولي السلطان" ، غير ما في المخطوطة، وهو الصواب، يعني البغاة العصاة الأمراء، يحرسون أنفسهم. وانظر ما يأتي ص: 377، تعليق: 1. روى عنه شعبة، ذكره ابن حبان في الثقات. وقال ابن أبي حاتم: ليس بحديثه بأس. مترجم في التهذيب. . (2) الأثر: 20228 - "شرقي البصرى" ، روى عن عكرمة عن ابن عباس في تفسير هذه الآية ن والكبير 2 / 2 / 255، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 376. نافع قال: سمعت عكرمة يقول: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه) قال: المواكب من بين يديه ومن خلفه. (1) 20230- حدثت عن الحسين بن الفرج قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) ، قال: هو السلطان المحترس من الله، وهم أهل الشرك. (2) * * * قال أبو جعفر: وأولى التأويلين في ذلك بالصواب، قولُ من قال: "الهاء" ، في قوله: (له معقبات) من ذكر "مَنْ" التي في قوله: (ومَنْ هو مستخف بالليل) = "وأن المعقبات من بين يديه ومن خلفه" ، هي حرسه وجلاوزته، (3) كما قال ذلك من ذكرنا قوله. وإنما قلنا: "ذلك أولى التأويلين بالصواب" ، لأن قوله: (له معقبات) أقرب إلى قوله: (ومن هو مستخف بالليل) منه إلى عالم الغيب، فهي لقربها منه أولى بأن تكون من ذكره، وأن يكون المعنيَّ بذلك هذا، مع دلالة قول الله: (وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له) على أنهم المعنيُّون بذلك. وذلك أنه جل ثناؤه ذكر قومًا أهل معصيةٍ له وأهلَ ريبة، يستخفون بالليل ويظهرون بالنهار، ويمتنعون عند أنفسهم بحرس يحرسهم، ومَنْعَة تمنعهم من أهل طاعته أن يحولوا بينهم وبين ما يأتون من معصية الله. ثم أخبر أنّ الله تعالى ذكره إذا أراد بهم سوءًا لم ينفعهم حَرَسهم، ولا يدفع عنهم حفظهم. * * * (1) الأثر: 20229 - "عمر بن نافع الثقفي" ، روى عن أنس وعكرمة. قال ابن معين: ليس بشيء. وذكره ابن حبان في الثقات. وذكره الساجي وابن الجارود في الضعفاء. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم 3 / 1 / 138، وميزان الاعتدال 2: 272. (2) في المطبوعة: "المحروس من أمر الله" ، وأثبت ما في المخطوطة. (3) الجلاوزة جمع جلواز (بكسر الجيم وسكون اللام) . وهو الشرطي الذي يخف بين يدي الأمير ويأتمر بأمره. وقوله: (يحفظونه من أمر الله) اختلف أهل التأويل في تأويل هذا الحرف على نحو اختلافهم في تأويل قوله: (له معقبات) . = فمن قال: "المعقبات" هي الملائكة قال: الذين يحفظونه من أمر الله هم أيضًا الملائكة. ومن قال: "المعقبات" هي الحرس والجلاوزة من بني آدم قال: الذين يحفظونه من أمر الله هم أولئك الحرس. * * * واختلفوا أيضًا في معنى قوله: (من أمر الله) . فقال بعضهم: حفظهم إيّاه من أمره. وقال بعضهم: (يحفظونه من أمر الله) بأمر الله. *ذكر من قال: الذين يحفظونه هم الملائكة، ووجَّه قوله: (بأمر الله) إلى معنى أن حفظها إيّاه من أمر الله: 20231- حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية، عن علي عن ابن عباس قوله: (يحفظونه من أمر الله) ، يقول: بإذن الله، فالمعقبات: هي من أمر الله، وهي الملائكة. 20232- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير: (يحفظونه من أمر الله) ، قال: الملائكة: الحفظة، وحفظهم إياه من أمر الله. 20233- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا محمد بن عبيد قال: حدثني عبد الملك، عن ابن عبيد الله، عن مجاهد في قوله: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) ، قال: الحفظة هم من أمر الله. 20234- ... قال: حدثنا علي= يعني ابن عبد الله بن جعفر= قال: حدثنا سفيان، عن عمرو، عن ابن عباس: (له معقبات من بين يديه) ، رقباء= (ومن خلفه) من أمر الله (يحفظونه) . (1) 20235- ... قال: حدثنا عبد الوهاب، عن سعيد، عن قتادة، عن الجارود، عن ابن عباس: (له معقبات من بين يديه) ، رقيب= (ومن خلفه) . 20236- حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا إسرائيل، عن خصيف، عن مجاهد: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) ، قال: الملائكة من أمر الله. 20237- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: قال ابن عباس: (يحفظونه من أمر الله) ، قال: الملائكة من أمر الله. 20238- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) قال: الحفظة. * * * *ذكر من قال: عنى بذلك: يحفظونه بأمر الله: 20239- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (يحفظونه من أمر الله) : أي بأمر الله. 20240- حدثنا بشر بن معاذ قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: (يحفظونه من أمر الله) ، وفي بعض القراءات (بِأَمْرِ اللهِ) . 20241- حدثني المثنى قال: حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن عبد الملك، عن قيس، عن مجاهد في قوله: (له معقبات من بين يديه ومن (1) الأثر: 20234 - "علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح السعدي" وهو "ابن المديني" ، صاحب التصانيف، ثقة، روى عنه البخاري في التاريخ، وأبو داود. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم 3 / 1/ 193. و "سفيان" ، هو "سفيان بن عيينة" ، الثقة المشهور. و "عمرو" ، هو "عمر بن دينار المكي" ، الثقة المشهور. خلفه) قال: مع كل إنسان حَفَظَة يحفظونه من أمر الله. * * * *ذكر من قال: تحفظه الحرس من بني آدم من أمر الله: 20242- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (يحفظونه من أمر الله) يعني: ولّى الشيطان، (1) يكون عليه الحرس يحفظونه من بين يديه ومن خلفه، يقول الله عز وجل: يحفظونه من أمري، فإني إذا أردت بقوم سوءًا فلا مرد له وما لهم من دونه من والٍ. 20243- حدثني أبو هريرة الضبعي قال: حدثنا أبو قتيبة قال، حدثنا شعبة، عن شَرْقيّ، عن عكرمة: (يحفظونه من أمر الله) قال: الجلاوزة. (2) * * * وقال آخرون: معنى ذلك: يحفظونه من أمر الله، و "أمر الله" الجن، ومن يبغي أذاه ومكروهه قبل مجيء قضاء الله، فإذا جاء قضاؤه خَلَّوْا بينه وبينه. *ذكر من قال ذلك: 20244- حدثني أبو هريرة الضبعي قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا ورقاء، عن منصور، عن طلحة، عن إبراهيم: (يحفظونه من أمر الله) قال: من الجن. (3) 20245- حدثنا سوّار بن عبد الله قال: حدثنا المعتمر قال: سمعت ليثًا (1) في المطبوعة "ولي السلطان" ، والصواب ما في المخطوطة، ولكنه غيرها كما سلف آنفًا ص: 373، تعليق: 1. (2) الأثر: 20243 - "أبو هريرة الضبعي" ، هو "محمد بن فراس الضبعي الصيرفي" ، شيخ أبي جعفر، ثقة صدوق، مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 60. و "أبو قتيبة" ، هو "سلم بن قتيبة الشعيري" ، ثقة، مضى مرارًا، آخرها رقم: 12904. و "شعبة" هو "شعبة بن الحجاج" ، الإمام المشهور، مضى مرارًا. وكان هنا في المطبوعة والمخطوطة: "سعيد" ، وهو خطأ محض، فإن الذي يروي عن "شرقي البصري" ، هو شعبة، كما مضى آنفًا رقم: 20228. "وشرقي البصري" ، مضى برقم: 20228. (3) الأثر: 20244 - "أبو هريرة الضبعي" ، مضى في الأثر السالف. و "أبو داود" ، هو الطيالسي. يحدث، عن مجاهد أنه قال: ما من عبد إلا له ملك موكّل يحفظه في نومه ويقظته من الجنّ والإنس والهوامّ، فما منهم شيء يأتيه يريده إلا قال: وراءَك إلا شيئًا يأذن الله فيصيبه. 20246- حدثنا الحسن بن عرفة قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، عن محمد بن زياد الألهاني، عن يزيد بن شريح، عن كعب الأحبار قال: لو تجلَّى لابن آدم كلّ سهلٍ وحزنٍ لرأى على كل شيء من ذلك شياطين. لولا أن الله وكَّل بكم ملائكة يذبُّون عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم إذًا لتُخُطِّفتم. 20247- حدثني يعقوب قال: حدثنا ابن علية قال: حدثنا عمارة بن أبي حفصة، عن أبي مجلز قال: جاء رجل من مُرادٍ إلى عليّ رضي الله عنه وهو يصلي، فقال: احترس، فإنّ ناسًا من مراد يريدون قتلك! فقال: إنّ مع كل رجل ملكين يحفظانه مما لم يقدَّر، فإذا جاء القدَرُ خلَّيا بينه وبينه، وإن الأجل جُنَّةٌ حصينة. 20248- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا عبد الوهاب، عن الحسن بن ذكوان، عن أبي غالب، عن أبي أمامة قال: ما من آدمي إلا ومعه ملك موكَّل يذود عنه حتى يسلمه للذي قُدِّر له. * * * وقال آخرون: معنى ذلك: يحفظون عليه من الله. *ذكر من قال ذلك: 20249- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج: (يحفظونه من أمر الله) ، قال: يحفظون عليه من الله. * * * قال أبو جعفر: يعني ابن جريج بقوله: "يحفظون عليه" ، الملائكة الموكلة بابن آدم، بحفظ حسناته وسيئاته، وهي "المعقبات" عندنا، تحفظ على ابن آدم حسناته وسيئاته من أمر الله. * * * قال أبو جعفر: وعلى هذا القول يجب أن يكون معنى قوله: (من أمر الله) ، أنّ الحفظة من أمر الله، أو تحفظ بأمر الله= ويجب أن تكون "الهاء" التي في قوله: (يحفظونه) وُحِّدت وذُكِّرت وهي مراد بها الحسنات والسيئات، لأنها كناية عن ذكر "مَنْ" الذي هو مستخف بالليل وسارب بالنهار= وأن يكون "المستخفي بالليل" أقيم ذكره مقام الخبر عن سيئاته وحسناته، كما قيل: (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا) ، [سورة يوسف: 82] . وكان عبد الرحمن بن زيد يقول في ذلك خلاف هذه الأقوال كلها:- 20250- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: (ومن هو مستخف بالليل وساربٌ بالنهار) قال: أتى عامر بن الطفيل، وأربد بن ربيعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، (1) فقال عامر: ما تجعل لي إن أنا اتبعتك؟ قال: أنت فارس، أعطيك أعنة الخيل. قال: لا. قال: "فما تبغي؟ قال: لي الشرق ولك الغرب. قال: لا. قال: فلي الوَبَر ولك المَدَر. قال: لا. قال: لأملأنها عليك إذًا خيلا ورجالا. قال: يمنعك الله ذاك وابنا قيلة (2) = يريد الأوس والخزرج. قال: فخرجا، فقال عامر لأربد: إن كان الرجل لنا لممكنًا لو قتلناه ما انتطحت فيه عنزان، ولرضوا بأن نعقله لهم وأحبوا السلم وكرهوا الحرب إذا رأوا أمرًا قد وقع. فقال الآخر: إن شئت فتشاورا،" (1) "أربد بن ربيعة" ، هكذا جاء هنا عن ابن زيد، وكذلك جاء عن محمد بن علي القرشي فيما رواه عنه ابن سعد في طبقاته 1 / 2 / 51. و "أربد" هو: "أربد بن قيس بن جزء بن خالد بن جعفر بن كلاب" ، وهو أخو لبيد لأمه، و "لبيد" هو "لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب" ، فكأن ابن زيد ومحمد بن علي القرشي إنما قالا: "أربد بن ربيعة" ، من قبل أخوته للبيد بن ربيعة، ولا أدري كيف قالا هذا؟ ولم قالاه؟ ولم أجده في غير هذين الموضعين. وانظر كتاب "جوامع السيرة" ، لابن حزم ص: 12، تعليق: 1. (2) في المطبوعة: "وأبناء قيلة" ، والصواب ما في المخطوطة على التثنية. و "قيلة" أم الأوس والخزرج. وقال: ارجع وأنا أشغله عنك بالمجادلة، وكن وراءه فاضربه بالسيف ضربةً واحدة. فكانا كذلك: واحدٌ وراء النبي صلى الله عليه وسلم، والآخر قال: اقصص علينا قصصك. قال: ما تقول؟ قال: قرآنك! (1) فجعل يجادله ويستبطئه، (2) حتى قال: مالك حُشِمت؟ (3) قال: وضعت يدي على قائم سيفي [فيبست] ، (4) فما قدرتُ على أن أُحْلِي ولا أُمِرُّ ولا أحرّكها. قال: فخرجا، فلما كانا بالحَرة، سمع بذلك سعد بن معاذ وأسيد بن حُضير، فخرجا إليهما، على كل واحد منهما لأمته، ورمحه بيده، وهو متقلد سيفه. فقالا لعامر بن الطفيل: يا أعور [حسا] يا أبلخ، (5) أنت الذي يشرط على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ (6) لولا أنك في أمانٍ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رِمْتَ المنزل حتى نضرب عنقك، (7) ولكن [لا نستعين] . (8) وكان أشدّ الرجلين عليه أسيد بن الحضير، [فقال: من هذا؟ فقالوا: أسيد بن حضير] ؟ (9) فقال: لو كان أبوه حيًا لم يفعل بي هذا! ثم قال لأربد: اخرج أنت يا أربد إلى ناحية عَدَنَة، (10) وأخرج أنا إلى نجد، فنجمع الرجال فنلتقي عليه. فخرج أربد حتى إذا كان بالرَّقَم، (11) بعث الله سحابة من الصيف فيها صاعقة! فأحرقته. قال: وخرج عامر حتى إذا كان بوادٍ يقال له الجرير، أرسل الله عليه الطاعون، فجعل يصيح: يا آل عامر، أغُدَّة كغدَّة البكر تقتلني! يا آل عامر، أغدةٌ كغدة البكر تقتلني، وموتٌ أيضًا في بيت سلولية! وهي امرأة من قيس. فذلك قول الله: (سواء منكم من أسر القول ومن جهر به) فقرأ حتى بلغ: (يحفظونه) تلك المعقبات من أمر الله، هذا مقدّم ومؤخّر لرسول الله صلى الله عليه وسلم معقبات يحفظونه من بين يديه ومن خلفه، تلك المعقبات من أمر الله. وقال لهذين: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) فقرأ حتى بلغ: (يرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء) الآية، فقرأ حتى بلغ: (وما دُعاء الكافرين إلا في ضلال) . قال وقال لبيد في أخيه أربد، وهو يبكيه: أَخْشَى عَلَى أَرْبَدَ الحُتُوفَ وَلا ... أَرْهَبُ نَوْءَ السِّمَاكِ وَالأسَدِ (12) (1) في المطبوعة: "قال ما يقول قرآنك" ، حذف من الكلام "قال" ، وأثبت ما في المخطوطة ويعني قال: اقرأ علي قرآنك. (2) قوله: "فجعل يجادله ويستبطئه" وما بعدها، كلام فيه اضطراب، وأخشى أن يكون فيه خرم وسقط، والسياق يدل على أنه جعل يجادل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينظر إلى أربد يستبطئه. فلما انصرفا قال عامر لأربد: مالك حشمت؟ (3) في المطبوعة: "مالك أجشمت" بزيادة الهمزة، وبالجيم، وليس له معنى، وفي المخطوطة: "حسمت" غير منقوطة، وصواب قراءتها ما أثبت. يقال: "حشم" بالبناء المجهول، إذا أعيي وانقبض. (4) الزيادة بين القوسين، زادها الناشر الأول على الدر المنثور. (5) في المطبوعة: "يا أعور يا خبيث يا أملخ" ، غير ما في المخطوطة، والذي فيها: "ناعور حسما يا أبلخ" ، ولم أستطع أن أجد الخبر في مكان آخر فأصححه، وقد أعياني كشف ما فيه من التحريف، فأثبته كما هو. و "الأبلخ" هو العظيم في نفسه، الجريء على ما أتى من الفجور. (6) في المطبوعة: "تشترط" ، وأثبت ما في المخطوطة. (7) في المطبوعة: "ضربت" ، وأثبت ما في المخطوطة. (8) وهذه كلمة أخرى أثبتها كما هي في المخطوطة غير منقوطة لم أهتد إلى قراءتها، ولكن ناشر المطبوعة جعلها: "لا تستبقين" ، فنقطها، فصارت بلا معنى، أما السيوطي في الدر المنثور، فقد حذفها كعادته واستراح من همها. (9) زيادة لا بد منها، أثبتها من الدر المنثور. (10) في المطبوعة: "إلي عذية" ، وليس في بلاد العرب موضع بهذا الاسم، والذي فيها "عدنة" (بفتح العين والدال) ، وهي أرض لبني فزارة، في جهة الشمال من الشربة، قال الأصمعي في تحديد نجد: "ووادي الرمة يقطع بين عدنة والشربة، فإذا جزعت الرمة مشرقًا أخذت في الشربة، وإذا جزعت الرمة إلى الشمال أخذت في عدنة" ، أرجو أن يكون ما قرأت هو الصواب. (11) "الرقم" ، ظاهر أنه موضع، انظر معجم البلدان، ومعجم ما استعجم، وصفة جزيرة العرب للهمداني: 176، فأنا في شك من هذا كله. (12) ديوانه قصيدة رقم: 5، البيت: 2، 3 / وسيأتيان في ص: 394، وقبل البيتين، وهو أولها: ما إنْ تُعرِّي المَنُونُ مِنْ أَحَدٍ ... لا وَالِدٍ مُشْفِقٍ ولا وَلدِ و "الحتوف" ، هي الآجال. وقوله: "نوء السماك والأسد" ، فإنه يعني السماك الأعزل، ونوؤة أربع ليال في تشرين الأول (شهر أكتوبر) . وهو نوء غزير. وأما "الأسد" ، فإنه يعني "زبرة الأسد" ونوؤها أربع ليال في أواخر آب (شهر أغسطس) . ويكون في نوء الزبرة مطر شديد (انظر كتاب الأنواء لابن قتيبة ص: 58، 59 / 64، 65) . وذلك كله في زمن الصيف. يقول لبيد: كنت أخشى عليه كل حتف أعرفه، إلا هذا الحتف المفاجئ من صواعق الصيف. وقوله: "فجعني الدهر" ، أي أنزل بي الفجيعة الموجعة، والرزية المؤلمة. و "يوم الكريهة" ، يوم الشدة في الحرب، حيث تكره النفوس الموت. و "النجد" (بفتح فضم) ، هو الشجاع الشديد البأس، السريع الإجابة إلى ما دعي إليه من خير أو شر، مع مضاء فيما يعجز عنه غيره. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الرعد الحلقة (895) صــ 381 إلى صــ 390 فَجّعَنِي الرَّعْدُ وَالصَّوَاعِقُ بِال ... فَارِسِ يَوْمَ الكَرِيهَةِ النَّجُدِ (1) * * * قال أبو جعفر: وهذا القول الذي قاله ابن زيد في تأويل هذه الآية، قولٌ بعيد من تأويل الآية، مع خلافِه أقوالَ من ذكرنا قوله من أهل التأويل. وذلك أنه جعل "الهاء" في قوله: (له معقبات) من ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يجر له في الآية التي قبلها ولا في التي قبل الأخرى ذكرٌ، إلا أن يكون أراد أن يردّها على قوله: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد له معقبات) فإن كان ذلك، (2) فذلك بعيدٌ، لما بينهما من الآيات بغير ذكر الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإذا كان ذلك، فكونها عائدة على "مَنْ" التي في قوله: (ومَنْ هو مستخف بالليل) أقربُ، لأنه قبلها والخبر بعدها عنه. فإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام: سواء منكم، أيها الناس من أسرّ القول ومن جهر به عند ربكم، ومن هو مستخف بفسقه وريبته في ظلمة الليل، وساربٌ يذهب ويجيء في ضوء النهار ممتنعًا بجنده وحرسه الذين يتعقبونه من أهل طاعة الله أن يحولوا بينه وبين ما يأتي من ذلك، وأن يقيموا حدَّ الله عليه، وذلك قوله: (يحفظونه من أمر الله) . * * * وقوله: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) يقول تعالى ذكره: (إن الله لا يغير ما بقوم) ، من عافية ونعمة، فيزيل ذلك عنهم ويهلكهم= (حتى يغيروا ما بأنفسهم) من ذلك بظلم بعضهم بعضًا، واعتداء بعضهم على بعض، (1) الأثر: 20250 - رواه السيوطي في الدر المنثور 4: 48، 49، ونسبه لابن جرير وأبي الشيخ، ولم أجده في غير هذين المكانين. (2) في المطبوعة: "فإن كان أراد ذلك" ، زاد من عنده ما لا حاجة إليه. فَتَحلَّ بهم حينئذ عقوبته وتغييره. * * * وقوله: (وإذا أراد الله بقوم سوءًا فلا مردّ له) يقول: وإذا أراد الله= بهؤلاء الذين يستخفون بالليل ويسربون بالنهار، لهم جند ومنعة من بين أيديهم ومن خلفهم، يحفظونهم من أمر الله= هلاكًا وخزيًا في عاجل الدنيا، = (فلا مردّ له) يقول: فلا يقدر على ردّ ذلك عنهم أحدٌ غيرُ الله. يقول تعالى ذكره: (وما لهم من دونه من وال) يقول: وما لهؤلاء القوم= و "الهاء والميم" في "لهم" من ذكر القوم الذين في قوله: (وإذا أراد الله بقوم سوءًا) . من دون الله= (من والٍ) يعني: من والٍ يليهم ويلي أمرهم وعقوبتهم. * * * وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يقول: "السوء" : الهلكة، ويقول: كل جذام وبرص وعَمى وبلاء عظيم فهو "سوء" مضموم الأول، وإذا فتح أوله فهو مصدر: "سُؤْت" ، ومنه قولهم: "رجلُ سَوْءٍ" . (1) واختلف أهل العربية في معنى قوله: (ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار) . فقال بعض نحويي أهل البصرة: معنى قوله: (ومن هو مستخف بالليل) ومن هو ظاهر بالليل، من قولهم: "خَفَيْتُ الشيء" : إذا أظهرته، وكما قال أمرؤ القيس: فَإِنْ تَكْتُمُوا الدَّاء لا نَخْفِه ... وإنْ تَبْعَثُوا الحَرْبَ لا نَقْعُدِ (2) وقال: وقد قرئ (أَكَادُ أُخْفِيهَا) [سورة طه:15] بمعنى: أظهرها. وقال في قوله: (وسارب بالنهار) ، "السارب" : هو المتواري، كأنه وجَّهه إلى (1) هو نص كلام أبي عبيدة في مجاز القرآن 1: 324. (2) ديوانه: 16، واللسان (خفا) ، وغيرهما، وسيأتي في التفسير 16: 114 (بولاق) ، مع اختلاف يسير في الرواية. أنه صار في السَّرَب بالنهار مستخفيًا. (1) * * * وقال بعض نحويي البصرة والكوفة: إنما معنى ذلك: (ومن هو مستخف) ، أي مستتر بالليل من الاستخفاء= (وسارب بالنهار) : وذاهبٌ بالنهار، من قولهم: "سَرَبت الإبل إلى الرَّعي، وذلك ذهابها إلى المراعي وخروجها إليها." وقيل: إن "السُّرُوب" بالعشيّ، و "السُّروح" بالغداة. * * * واختلفوا أيضًا في تأنيث "معقبات" ، وهي صفة لغير الإناث. فقال بعض نحويي البصرة: إنما أنثت لكثرة ذلك منها، نحو: "نسّابة" ، و "علامة" ، ثم ذكَّر لأن المعنيَّ مذكّر، فقال: "يحفظونه" . * * * وقال بعض نحويي الكوفة: إنما هي "ملائكة معقبة" ، ثم جمعت "معقبات" ، فهو جمع جمع، ثم قيل: "يحفظونه" ، لأنه للملائكة. * * * وقد تقدم قولنا في معنى: "المستخفي بالليل والسارب بالنهار" . (2) وأما الذي ذكرناه عن نحويي البصريين في ذلك، فقولٌ وإن كان له في كلام العرب وجهٌ، خلافٌ لقول أهل التأويل. (3) وحسبه من الدلالة على فساده، خروجه عن قولِ جميعهم. * * * وأما "المعقبات" ، فإن "التعقيب" في كلام العرب، العود بعد البدء، والرجوع إلى الشيء بعد الانصراف عنه، (4) من قول الله تعالى: (وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ) ، أي: لم يرجع، وكما قال سلامة بن جندل: (1) "السرب" (بفتحتين) : حفير تحت الأرض. (2) انظر ما سلف ص: 366 - 368. (3) سياق الكلام: "فقول.. خلاف لقول أهل التأويل" . (4) سلف أيضًا تفسير "المعقبات" ص: 369، وما بعدها. وَكَرُّنا الخَيْلَ فِي آثَارِهِمْ رُجُعًا ... كُسَّ السَّنَابِكِ مِنْ بَدْءٍ وَتَعْقِيبِ (1) يعني: في غزوٍ ثانٍ عقَّبُوا، وكما قال طرفة: وَلَقَدْ كُنْت عَلَيْكُمْ عَاتِبًا ... فَعَقَبْتُمْ بِذَنُوبٍ غَيْرِ مُرّ (2) يعني بقوله: "عقبتم" ، رجعتم. =وأتاها التأنيث عندنا، وهي من صفة الحرس الذي يحرسون المستخفي بالليل والسارب بالنهار، لأنه عني بها "حرس مُعَقبّة" ، ثم جمعت "المعقبة" فقيل: "معقبات" فذلك جمع جمع "المعقِّب" ، و "المعقِّب" ، واحد "المعَقِّبة" ، كما قال لبيد: حَتَّى تَهَجَّرَ فِي الرّوَاحِ وَهَاجَهُ ... طَلَبَ المُعَقِّبِ حَقَّهُ المَظْلُومُ (3) و "المعقبات" ، جمعها، ثم قال: "يحفظونه" ، فردّ الخبر إلى تذكير الحرَس والجند. * * * وأما قوله: (يحفظونه من أمر الله) فإن أهل العربية اختلفوا في معناه. (1) ديوانه: 8، شرح المفضليات: 227، قصيدة مشهورة، وروايتها. وَكَرُّنَا خَيْلَنَا أدْرَاجَهَا رُجُعًا وهي أجود الروايتين، وكان في المطبوعة: "في آثارها" . وقوله: "أدراجها" ، أي من حيث جاءت ذهبت. و "رجع" جمع "رجيع" ، وهو الدابة الذي هزله السفر. و "كس السنابك" ، جمع "أكس" ، وهو الحافر المتثلم الذي كسره طول السير، أي تحاتت سنابكها من طول السير. و "البدء" الغزو الأول، و "التعقيب" ، الرجوع من الغزو، أو الغزو الثاني بعد الأول. (2) أشعار الستة الجاهليين: 334، و "الذنوب" ، الدلو العظيمة يكون فيها ماء. يقول: "كنت عليكم واجدًا غاضبًا، فرجعتم بحلو المودة دون مرها، فخلص قلبي لكم مرة أخرى." (3) ديوانه قصيدة رقم: 16، بيت 26، اللسان (عقب) ، وهو من أبيات في صفة حمار الوحش، وشرح البيت يطول، وخلاصته أن الحمار "تهجر من الرواح" ، أي: عجل في الرواح إلى الماء، و "هاجه" ، أي: حركه حب الماء، فعجل إليه عجلة طالب الحق يطلبه مرة بعد مرة، وهو "المعقب" . ورفع "المظلوم" ، وهو نعت للمعقب على المعنى والمعقب خفض في اللفظ، ومعناه أنه فاعل "طلب" . فقال بعض نحويي الكوفة: معناه: له معقبات من أمر الله يحفظونه، وليس من أمره [يحفظونه] ، (1) إنما هو تقديم وتأخير. قال: ويكون يحفظونه ذلك الحفظ من أمر الله وبإذنه، كما تقول للرجل: "أجبتك من دعائك إياي، وبدعائك إياي" . * * * وقال بعض نحويي البصريين، معنى ذلك: يحفظونه عن أمر الله، كما قالوا: "أطعمني من جوع، وعن جوع" و "كساني عن عري، ومن عُرْيٍ" . وقد دللنا فيما مضى على أن أولى القول بتأويل ذلك أن يكون قوله: (يحفظونه من أمر الله) ، من صفة حرس هذا المستخفي بالليل، وهي تحرسه ظنًّا منها أنها تدفع عنه أمرَ الله، فأخبر تعالى ذكره أن حرسه ذلك لا يغني عنه شيئًا إذا جاء أمره، فقال: (وإذا أراد الله بقوم سوءًا فلا مرد له وما لهم من دونه من والٍ) . * * * القول في تأويل قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (12) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ (13) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (هو الذي يريكم البرق) ، يعني أن الرب هو الذي يري عباده البرق= وقوله: (هو) كناية اسمه جلّ ثناؤه. * * * وقد بينا معنى "البرق" ، فيما مضى، وذكرنا اختلاف أهل التأويل فيه بما أغنى (1) ما بين القوسين زيادة يقتضيها السياق. عن إعادته في هذا الموضع. (1) * * * وقوله: (خوفًا) يقول: خوفًا للمسافر من أذاه. وذلك أن "البرق" ، الماء، في هذا الموضع كما:- 20251- حدثني المثنى قال: حدثنا حجاج قال: حدثنا حماد قال: أخبرنا موسى بن سالم أبو جهضم، مولى ابن عباس قال: كتب ابن عباس إلى أبي الجَلْد يسأله عن "البرق" ، فقال: "البرق" ، الماء. (2) * * * وقوله (وطمعًا) يقول: وطمعًا للمقيم أن يمطر فينتفع. كما:- 20252- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (هو الذي يريكم البرق خوفًا وطمعًا) ، يقول: خوفًا للمسافر في أسفاره، يخاف أذاه ومشقته= (وطمعًا،) للمقيم، يرجو بركته ومنفعته، ويطمع في رزق الله. 20253- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (خوفا وطمعا) خوفا للمسافر، وطمعا للمقيم. * * * وقوله: (وينشئ السحاب الثقال) : ويثير السحاب الثقال بالمطر ويبدؤه. * * * يقال منه: أنشأ الله السحاب: إذا أبدأه، ونشأ السحاب: إذا بدأ ينشأ نَشْأً. * * * و "السحاب" في هذا الموضع، وإن كان في لفظ واحد، فإنها جمعٌ، واحدتها "سحابة" ، ولذلك قال: "الثقال" ، فنعتها بنعت الجمع، ولو كان جاء: "السحاب" الثقيل كان جائزًا، وكان توحيدًا للفظ السحاب، كما قيل: (الَّذِي جَعلَ لَكُمْ (1) انظر تفسير "البرق" فيما سلف 1: 342 - 346. (2) الأثر: 20251 - "موسى بن سالم" ، "أبو جهضم" ، ثقة، روايته عن ابن عباس مرسلة، سلف برقم: 434. و "أبو الجلد" ، هو "جيلان بن فروة الأسدي" ، ثقة، مضى برقم: 434، 723، 1913. منَ الشَّجَرِ الأخْضَرِ نَارًا) [سورة يس:80] . * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20254-حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (وينشئ السحاب الثقال) ، قال: الذي فيه الماء. 20255- حدثني محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 20256- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 20257- ... قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 20258- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: (وينشئ السحاب الثقال) قال: الذي فيه الماء. * * * وقوله: (ويسبح الرعد بحمده) . * * * قال أبو جعفر: وقد بينا معنى الرعد فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (1) * * * وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع صوت الرعد قال كما: 20259- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا كثير بن هشام قال: حدثنا جعفر قال: بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع صوت الرعد الشديد (1) انظر تفسير "الرعد" فيما سلف 1: 338 - 342. قال: "اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك" . (1) 20260- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا إسرائيل، عن أبيه، عن رجل، عن أبي هريرة رفع الحديث: أنه كان إذا سمع الرعد قال: "سبحان من يسبح الرعد بحمده" . 20261- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا مسعدة بن اليسع الباهلي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه، كان إذا سمع صوت الرعد قال: "سبحان من سَبَّحتَ له" . (2) 20262- ... قال: حدثنا إسماعيل بن علية، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس، أنه كان إذا سمع الرعد قال: "سبحان الذي سَبَّحتَ له. (3) " 20263- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا يعلى بن الحارث قال: سمعت أبا صخرة يحدث عن الأسود بن يزيد، أنه كان إذا سمع الرعد قال: "سبحان من سبَّحتَ له= أو" سبحان الذي يسبح الرعد بحمده، والملائكة من خيفته ". (4) " (1) الأثر: 20259 - رواه أحمد بهذا اللفظ في المسند رقم: 5763 من حديث ابن عمر، ورواه البخاري في الأدب المفرد برقم: 721، وخرجه أخي السيد أحمد رحمه الله في المسند. (2) الأثر: 20261 - "مسعدة بن اليسع بن قيس اليشكري الباهلي" قال ابن أبي حاتم: "هو ذاهب الحديث، منكر الحديث، لا يشتغل به، يكذب على جعفر بن محمد عندي، والله أعلم" . وقال أحمد: "مسعدة بن اليسع، ليس بشيء، خرقنا حديثه، وتركنا حديثه منذ دهر" . مترجم في الكبير 4 / 2 / 26، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 370، وميزان الاعتدال 3: 163، ولسان الميزان 6: 23. (3) الأثر: 20262 - رواه البخاري في الأدب المفرد رقم: 722، مطولا، و "الحكم بن أبان العدني" تكلم أهل المعرفة بالحديث في الاحتجاج بخيره، كذلك قال ابن خزيمة في صحيحه، وهو ثقة إن شاء الله، قال ابن حبان: ربما أخطأ، مترجم في التهذيب، والكبير 1 / 2 / 334، وابن أبي حاتم 1 / 2 / 113. (4) الأثر: 20263 - "يعلى بن الحارث بن حرب المحاربي" ثقة، مترجم في التهذيب، والكبير 4 / 2/ 418، وابن أبي حاتم 4 / 2 / 304. "أبو صخرة" ، هو "جامع بن شداد المحاربي" ثقة مضى برقم: 17982، وظني أنه لم يسمع "الأسود بن يزيد النخعي" ، بل سمع ذلك من أخيه "عبد الرحمن بن يزيد النخعي" ، و "عبد الرحمن" سمع من أخيه. 20264- ... قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا ابن علية، عن ابن طاوس، عن أبيه= وعبد الكريم، عن طاوس أنه كان إذا سمع الرعد قال: "سبحان من سبحتَ له." 20265- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثنا حجاج، عن ميسرة، عن الأوزاعي قال: كان ابن أبي زكريا يقول: من قال حين يسمع الرعد: "سبحان الله وبحمده، لم تصبه صاعقةٌ. (1) " * * * ومعنى قوله: (ويسبح الرعد بحمده) ، ويعظم اللهَ الرعدُ ويمجِّده، فيثنى عليه بصفاته، وينزهه مما أضاف إليه أهل الشرك به ومما وصفوه به من اتخاذ الصاحبة والولد، تعالى ربنا وتقدّس. (2) * * * وقوله: (من خيفته) يقول: وتسبح الملائكة من خيفة الله ورَهْبته. (3) * * * وأما قوله: (ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء) . * * * فقد بينا معنى الصاعقة، فيما مضى، بما أغنى عن إعادته، بما فيه الكفاية من الشواهد، وذكرنا ما فيها من الرواية. (4) * * * وقد اختلف فيمن أنزلت هذه الآية. فقال بعضهم: نزلت في كافر من الكفّار ذكر الله تعالى وتقدَّس بغير ما ينبغي ذكره به، فأرسل عليه صاعقة أهلكته. (1) الأثر: 20265 - "ابن أبي زكريا" ، هو: "عبد الله بن أبي زكريا الخزاعي الشامي" ، "أبو يحيى" ، كان من فقهاء أهل دمشق، من أقران مكحول، تابعي ثقة قليل الحديث، صاحب غزو. مترجم في التهذيب، وابن سعد 7/2/163، وابن أبي حاتم 2 / 2 / 62. (2) انظر تفسير "التسبيح" فيما سلف 1: 472 - 474، وفهارس اللغة (سبح) . (3) انظر تفسير "الخفية" فيما سلف 13: 353 / 15: 389. (4) انظر تفسير "الصاعقة" فيما سلف 2: 82، 83 / 9: 359 / 13: 97. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الرعد الحلقة (896) صــ 391 إلى صــ 400 *ذكر من قال ذلك: 20266- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا عفان قال: حدثنا أبان بن يزيد قال: حدثنا أبو عمران الجوني، عن عبد الرحمن بن صُحار العبدي: أنه بلغه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى جَبَّار يدعوه، فقال: "أرأيتم ربكم، أذهبٌ هو أم فضةٌ هو أم لؤلؤٌ هو؟" قال: فبينما هو يجادلهم، إذ بعث الله سحابة فرعدت، فأرسل الله عليه صاعقة فذهبت بقِحْف رأسه فأنزل الله هذه الآية: (ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال) . (1) 20267- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق بن سليمان، عن أبي بكر بن عياش، عن ليث، عن مجاهد قال: جاء يهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أخبرني عن ربّك من أيّ شيء هو، من لؤلؤ أو من ياقوت؟ فجاءت صاعقة فأخذته، فأنزل الله: (ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال) . 20268- حدثني المثنى قال: حدثنا الحماني قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن ليث، عن مجاهد، مثله. 20269- ... قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله بن هاشم قال: حدثنا سيف، عن أبي روق، عن أبي أيوب، عن علي قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد حدثني من هذا الذي تدعو إليه؟ أياقوت (1) الأثر: 20266 - عفان هو "عفان بن مسلم الصفار" ، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا آخرها رقم: 20091. و "أبان بن يزيد العطار" ، ثقة إن شاء الله، مضى مرارًا. و "أبو عمران الجوني" هو "عبد الملك بن حبيب الأزدي" ، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: 80، 13042، 17413. و "عبد الرحمن بن صحار بن صخر العبدي" ، لأبيه صحبة، تابعي ثقة، روى عن أبيه، مترجم في ابن أبي حاتم 2 / 2 / 244. وهذا خبر مرسل صحيح الإسناد. هو، أذهب هو، أم ما هو؟ قال: فنزلت على السائل الصاعقة فأحرقته، فأنزل الله: (ويرسل الصواعق) الآية. (1) 20270- حدثنا محمد بن مرزوق قال: حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب قال: حدثني علي بن أبي سارة الشيباني قال: حدثنا ثابت البناني، عن أنس بن مالك قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم مرةً رجلا إلى رجل من فراعنة العرب، أن ادْعُه لي، فقال: يا رسول الله، إنه أعتى من ذلك! قال: اذهب إليه فادعه. قال: فأتاه فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوك! فقال: مَنْ رسول الله؟ وما الله؟ أمن ذهب هو، أم من فضة، أم من نحاس؟ قال: فأتى الرجل النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: ارجع إليه فادعه "قال: فأتاه فأعاد عليه وردَّ عليه مثل الجواب الأوّل. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: ارجع إليه فادعه! قال: فرجع إليه. فبينما هما يتراجعان الكلام بينهما، إذ بعث الله سحابة بحيالِ رأسه فرَعَدت، فوقعت منها صاعقة فذهبت بقِحْفِ رأسه، فأنزل الله: (ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال) . (2) " * * * (1) الأثر: 20269 - "إسحاق" ، هو "إسحاق بن سليمان العبدي الرازي" ، نزل الري، ثقة روى له الجماعة، سلف مرارًا، آخرها: 16940. وأما "عبد الله بن هاشم" ، فقد سلف في مثل هذا الإسناد برقم: 7329، 7938، 12128، وقلت في آخرها، "لم أعرف من يكون" ، ولكني أستظهر الآن أنه: "عبد الله بن هاشم الكوفي" ، نزيل الري. مترجم في ابن أبي حاتم 2 / 2 / 196. وأما "سيف" ، فهو "سيف بن عمر الضبي" ، الأخباري، صاحب الفتوح، وهو ضعيف ساقط الحديث، ليس بشيء. مضى مرارًا، آخرها 12203، ومضى في مثل هذا الإسناد نفسه برقم 7329، 7938، 12128. وسيأتي مثله برقم: 20273، 20282، 20286. وهذا إسناد منكر. (2) الأثر: 20270 - "محمد بن مرزوق" ، هو "محمد بن محمد بن مرزوق الباهلي" ، شيخ الطبري، ثقة، مضى برقم: 28، 8224، 17249. و "عبد الله بن عبد الوهاب الحجبي" ، ثقة صدوق، مضى برقم: 7911. و "علي بن أبي سارة الشيباني" ، ويقال له: "علي بن محمد بن سارة" ، شيخ ضعيف الحديث. قال البخاري: في حديثه نظر. وقال أبو داود: ترك الناس حديثه. وقال ابن حبان: غلب على روايته المناكير فاستحق الترك. وقال العقيلي: "علي بن أبي سارة عن ثابت البناني، لا يتابع عليه، ثم روى له عن ثابت عن أنس في قوله تعالى: {ويرسل الصواعق} ، ثم قال: ولا يتابعه عليه إلا من هو مثله أو قريب منه" . مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم 3 / 1 / 189، وميزان الاعتدال 2: 226، وذكر الحديث بإسناده هذا وبتمام لفظه، وعده من الأحاديث التي أنكرت عليه. فهذا إسناد ضعيف جدًا. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 7: 42: "رواه أبو يعلى البزار، ورجال البزار رجال الصحيح، غير ديلم بن غزوان، وهو ثقة" . وقال آخرون: نزلت في رجل من الكفار أنكر القرآن وكذب النبيّ صلى الله عليه وسلم. *ذكر من قال ذلك: 20271- حدثنا بشر بن معاذ قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قال: ذكر لنا أن رجلا أنكر القرآن وكذّب النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأرسل الله عليه صاعقة فأهلكته، فأنزل الله عز وجل فيه: (وهم يجادلون في الله، وهو شديد المحال) . * * * وقال آخرون: نزلت في أربد أخي لبيد بن ربيعة، وكان همّ بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وعامر بن الطفيل. *ذكر من قال ذلك: 20272- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: نزلت= يعني قوله: (ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء) = في أربد أخي لبيد بن ربيعة، لأنه قدم أربدُ وعامرُ بن الطفيل بن مالك بن جعفر على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عامر: يا محمد أأسلم وأكون الخليفة من بعدك؟ قال: لا! قال: فأكون على أهل الوَبَر وأنتَ على أهل المدَرِ؟ قال: لا! قال: فما ذاك؟ قال: "أعطيك أعنة الخيل تقاتل عليها، فإنك رجل فارس. قال: أو ليست أعِنّة الخيل بيدي؟ أما والله لأملأنها عليك خيلا ورجالا من بني عامر! قال لأربد: إمّا أن تكفينيه وأضربه بالسيف، وإما أن أكفيكه وتضربه بالسيف." قال أربد: اكفنيه وأضربه. (1) فقال ابن الطفيل: يا محمد إن لي إليك حاجة. قال: ادْنُ! فلم يزل يدنو ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ادن" حتى وضع يديه على ركبتيه وحَنَى عليه، واستلّ أربد السيف، فاستلَّ منه قليلا فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم بَريقه تعوّذ بآية كان يتعوّذ بها، فيبِسَت يدُ أربد على السيف، فبعث الله عليه صاعقة فأحرقته، فذلك قول أخيه: أَخْشَى عَلَى أَرْبَدَ الحُتُوف وَلا ... أَرْهَبُ نَوْءَ السِّمَاك وَالأسَدِ ... فَجَّعنِي الْبَرْقُ والصّوَاعِقُ بال ... فَارِس يَوْمَ الكَرِيهَةِ النَّجُدِ (2) * * * وقد ذكرت قبل خبر عبد الرحمن بن زيد بنحو هذه القصة. (3) * * * وقوله: (وهم يجادلون في الله) ، يقول: وهؤلاء الذين أصابهم الله بالصواعق أصابهم في حال خُصومتهم في الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم. (4) * * * وقوله: (وهو شديد المحال) يقول تعالى ذكره: والله شديدةٌ مماحلته في عقوبة من طغى عليه وعَتَا وتمادى في كفره. * * * و "المحال" : مصدر من قول القائل: ما حلت فلانًا فأنا أماحله مماحلةً ومِحَالا و "فعلت" منه: "مَحَلت أمحَلُ محْلا إذا عرّض رجلٌ رجلا لما يهلكه ; ومنه قوله:" وَمَاحِلٌ مُصَدَّقٌ "، (5) ومنه قول أعشى بني ثعلبة:" (1) في المخطوطة والمطبوعة: "أكفيكه" ، والصواب ما أثبت. (2) مضى الشعر وتفسيره وتخريجه فيما سلف ص: 381، تعليق: 3. (3) هو الأثر رقم: 20250. (4) انظر تفسير "المجادلة" فيما سلف 15: 402، تعليق: 1، والمراجع هناك. (5) هذا حديث جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "القرآن شافع مشفع، وما حل مصدق، من جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى النار" رواه ابن حبان في صحيحه 1: 287 رقم: 124، وخرجه أخي السيد أحمد هناك. وهو في مجمع الزوائد 1: 17 / 7 /: 164، ورواه أيضًا عن ابن مسعود، ولكنه ضعف إسناده. وانظر أمالي القالي 2: 269، بغير هذا اللفظ. هذا الخبر مشهور عن ابن مسعود، وإن كان صحيحه عند جابر. فَرْعُ نَبْعِ يَهْتَزُّ فِي غُصُنِ المَجْ ... دِ غَزِيرُ النّدَى شَديدُ المِحَالِ (1) هكذا كان ينشده معمر بن المثنى فيما حُدِّثت عن علي بن المغيرة عنه. وأما الرواة بعدُ فإنهم ينشدونه: فَرْعُ فَرْعٍ يَهْتَزُّ فِي غُصُنِ المَجْ ... دِ كِثيرُ النَّدَى عَظِيمُ المِحَال (2) وفسّر ذلك معمر بن المثنى، وزعم أنه عنى به العقوبة والمكر والنَّكال ; ومنه قول الآخر: (3) وَلَبْسٍ بَيْنَ أَقْوَاٍم فَكُلٌ ... أَعَدَّ لَهُ الشَّغَازِبَ وَالمِحَالا (4) * * * (1) ديوانه: 10، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 325، واللسان (محل) ، وغيرها. و "النبع" ، شجر ينبت في قلة الجبل، وهو أصفر العود رزينة، ثقيله في اليد، وإذا تقادم أحمر، وتتخذ منه القسي، فهي أجودها وأجمعها للأرز واللين معًا، و "الأرز" الشدة. (2) قوله "فرع فرع" من قولهم: "هو فرع قومه" ، للشريف منهم الذي فرعهم أي علاهم بالشرف. يقول: هو سيد لسادات. وهذه عندي أجود روايات البيت. (3) هو ذو الرمة. (4) ديوانه: 445، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 326، وأمالي القالي 2: 268، واللسان (شغزب) ، (محل) ، وغيرها. وهو من قصيدته في مدح بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، وهذا البيت من صميم مدحه، يقول بعده: وكُلُّهُمُ ألدُّ أخُو كِظاَظٍ ... أَعَدَّ لِكُلِّ حالِ القومِ حَالا أبرَّ على الخُصُوم فليسَ خَصْمٌ ... ولا خَصْمَانِ يغْلبُهُ جِدالا قَضْيتَ بِمرَّةٍ فأَصَبْتَ منهُ ... فُصُوصَ الحقِّ فانفصلَ انفصاَلا و "اللبس" اختلاط الأمر، وهو مشكله، و "الشغازب" ، جمع "شغزبة" ، وهي الكيد والغرة والحيلة، وأصله اعتقال المصارع رجل آخر برجله ليلقيه ويصرعه. و "أبر" علا، وغلب. و "قضى بمرة" ، أي بقوة وإحكام، و "فصوص الحق" ، لبه ومعقده. وهذا كلام بارع في الخصومة والقضاء. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20273- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله بن هاشم قال: حدثنا سيف، عن أبي روق، عن أبي أيوب، عن علي رضي الله عنه: (وهو شديد المحال) قال: شديد الأخذ. (1) 20274- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد: (وهو شديد المحال) قال: شديد القوة. 20275- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: (وهو شديد المحال) أي القوة والحيلة. 20276- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن: (شديد المحال) يعني: الهلاك قال: إذا محل فهو شديد= وقال قتادة: شديد الحيلة. 20277- حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا رجل، عن عكرمة: (وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال) ، قال: جدال أربد (2) (وهو شديد المحال) قال: ما أصاب أربد من الصاعقة. 20278- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج: (وهو شديد المحال) قال: قال ابن عباس: شديد الحَوْل. 20279- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: (وهو شديد المحال) قال: شديد القوة، "المحال" : القوة. * * * قال أبو جعفر: والقول الذي ذكرناه عن قتادة في تأويل "المحال" أنه الحيلة، والقول الذي ذكره ابن جريج عن ابن عباس يدلان على أنهما كانا يقرآن (1) الأثر: 20273 - انظر التعليق على الأثر السالف رقم: 20269. (2) في المطبوعة: "قال: المحال جدال أربد" ، وهو كلام فاسد، والمخطوطة هي الصواب. : "(وهُوَ شَدِيدُ المَحَالِ) بفتح الميم، لأن الحيلة لا يأتي مصدرها" مِحَالا "بكسر الميم، ولكن قد يأتي على تقدير" المفعلة "منها، فيكون محالة، ومن ذلك قولهم:" المرء يعجزُ لا مَحالة، (1) و "المحالة" في هذا الموضع، "المفعلة" من الحيلة، فأما بكسر الميم، فلا تكون إلا مصدرًا، من "ماحلت فلانًا أماحله محالا" ، و "المماحلة" بعيدة المعنى من "الحيلة" . * * * قال أبو جعفر: ولا أعلم أحدًا قرأه بفتح الميم. (2) فإذا كان ذلك كذلك، فالذي هو أولى بتأويل ذلك ما قلنا من القول. * * * (1) هذا مثل ذكره الميداني 2: 221، وأبو هلال في الجمهرة: 193، وسمط الآلي: 888، وخرجه، ومنه قول الشاعر: حاولْتُ حين صَرَمْتَنِي ... والمرْءُ يَعجِزُ لا المحَالهْ والدَّهْرُ يلعبُ بالفتى ... والدّهْرُ أرْوَغُ من ثُعالهْ والمرءُ يَكْسِبُ مالهُ ... بالشُّحِّ يورِثه كَلالهْ والعبدُ يُقْرعُ بالعَصَا ... والحرُّ تكفيهِ المَقالهْ (2) بل قرأها الأعرج والضحاك كذلك، انظر تفسير أبي حيان 5: 376، وشواذ القراءات لابن خالويه: 66. القول في تأويل قوله تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ (14) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: لله من خلقه الدعوة الحق، و "الدعوة" هي "الحق" كما أضيفت الدار إلى الآخرة في قوله: (ولَدَارُ الآخِرَةِ) [سورة يوسف: 109] ، وقد بينا ذلك فيما مضى. (1) وإنما عنى بالدعوة الحق، توحيد الله وشهادةَ أن لا إله إلا الله. * * * (1) انظر ما سلف ص: 294، 295. وبنحو الذي قلنا تأوله أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20280- حدثنا أحمد بن إسحاق قال حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس: (دعوة الحق) ، قال: لا إله إلا الله. 20281- حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (له دعوة الحق) قال: شهادة أن لا إله إلا الله. 20282- ... قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله بن هاشم قال: حدثنا سيف، عن أبي روق، عن أبي أيوب، عن علي رضي الله عنه: (له دعوة الحق) قال: التوحيد. (1) 20283- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (له دعوة الحق) قال: لا إله إلا الله. 20284- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: ثني حجاج، عن ابن جريج قال: قال ابن عباس، في قوله: (له دعوة الحق) قال: لا إله إلا الله. 20285- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: (له دعوة الحق) : لا إله إلا الله ليست تنبغي لأحد غيره، لا ينبغي أن يقال: فلان إله بني فلان. * * * (1) الأثر: 20282 - مضى هذا الإسناد الهالك مرارًا آخرها رقم: 20273. وقوله: (والذين يدعون من دونه) يقول تعالى ذكره: والآلهة التي يَدْعونها المشركون أربابًا وآلهة. * * * وقوله (من دونه) يقول: من دون الله. * * * وإنما عنى بقوله: (من دونه) الآلهة أنها مقصِّرة عنه، وأنَّها لا تكون إلهًا، ولا يجوز أن يكون إلهًا إلا الله الواحد القهار، (1) ومنه قول الشاعر: (2) أتُوعِدُنِي وَرَاء بَنِي رِيَاحٍ? ... كَذَبْتَ لَتَقْصُرَنّ يَدَاكَ دُونِي (3) يعني: لتقصرنَّ يداك عني. * * * وقوله: (لا يستجيبون لهم بشيء،) يقول: لا تجيب هذه الآلهة التي يدعوها هؤلاء المشركون آلهةً بشيء يريدونه من نفع أو دفع ضرٍّ = (إلا كباسط كفيه إلى الماء) ، يقول: لا ينفع داعي الآلهة دعاؤه إياها إلا كما ينفع باسط كفيه إلى الماء بسطُه إياهما إليه من غير أن يرفعه إليه في إناء، ولكن ليرتفع إليه بدعائه إياه وإشارته إليه وقبضه عليه. * * * والعرب تضرب لمن سعى فيما لا يدركه مثلا بالقابض على الماء، (4) قال بعضهم: (5) فإنِّي وإيَّاكُمْ وَشَوْقًا إلَيْكُمُ ... كَقَابِضِ مَاءٍ لَمْ تَسِقْهُ أَنَامِلُه (6) (1) انظر تفسير "دون" في فهارس اللغة (دون) . (2) هو جرير. (3) ديوانه 577، والنقائض: 31، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 326 والأضداد لابن الأنباري: 58، وسيأتي التفسير قريبًا 13: 130 (بولاق) وغيرها كثير، يهجو فضالة من بني عرين. (4) قالوا في المثل: كالقابض على الماء "، انظر أمثال الميداني 2: 80، وجمهرة الأمثال: 164." (5) هو ضابئ بن الحارث البرجمي. (6) من قصيدته التي قالها في السجن، وكان أعد حديدة يريد أن يغتال بها عثمان بن عفان رضي الله عنه وشعره في خزانة الأدب 4: 80، وفي طبقات فحول الشعراء: 145، وتاريخ الطبري 5: 137 / 7: 213، والبيت في الخزانة، وفي اللسان (وسق) ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 327، وغريب القرآن لابن قتيبة: 226. وقوله: "لم تسقه" ، من "وسقت الشيء أسقه وسقًا" ، إذا حملته. يعني بذلك: أنه ليس في يده من ذلك إلا كما في يد القابض على الماء، لأن القابض على الماء لا شيء في يده. وقال آخر: (1) فَأَصْبَحْتُ مِمَّا كانَ بَيْنِي وبَيْنهَا ... مِنَ الوُدِّ مِثْلَ القَابِضِ المَاءَ بِاليَد (2) * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20286- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا سيف، عن أبي روق، عن أبي أيوب، عن علي رضي الله عنه، في قوله: (إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه) قال: كالرجل العطشان يمد يده إلى البئر ليرتفع الماء إليه وما هو ببالغه. (3) 20287- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (كباسط كفيه إلى الماء) يدعو الماء بلسانه ويشير إليه بيده، ولا يأتيه أبدًا. 20288- ... قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال: أخبرني الأعرج، عن مجاهد: (ليبلغ فاه) يدعوه ليأتيه وما هو بآتيه، كذلك لا يستجيب من هو دونه. (1) هو الأحوص بن محمد الأنصاري. (2) الزهرة: 183، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 327، وقبله: فوَاندَمِي إذْ لم أَعُجْ، إذ تقولُ لِي ... تقدَّمْ فَشَيِّعنا إلى ضَحْوةِ الغَدِ ووراية الزهرة: سِوَى ذِكْرها، كالقابضَ الماءَ باليدِ * وهي رواية جيدة جدًا، خير مما روى أبو عبيدة والطبري. (3) الأثر: 20286 - هذا أيضًا هو الإسناد الهالك الذي مضى برقم: 20282. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الرعد الحلقة (897) صــ 401 إلى صــ 410 20289- حدثني محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (كباسط كفيه إلى الماء) يدعو الماء بلسانه ويشير إليه بيده، فلا يأتيه أبدًا. 20290- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد 20291- ... قال: وحدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 20292- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج. عن ابن جريج، عن مجاهد= مثل حديث الحسن عن حجاج قال ابن جريج: وقال الأعرج عن مجاهد: (ليبلغ فاه) قال: يدعوه لأن يأتيه وما هو بآتيه، فكذلك لا يستجيب مَنْ دونه. 20293- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه) وليس ببالغه حتى يتمزَّع عنقه ويهلك عطشًا قال الله تعالى: (وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) هذا مثل ضربه الله ; أي هذا الذي يدعو من دون الله هذا الوثنَ وهذا الحجر لا يستجيب له بشيء أبدًا ولا يسُوق إليه خيرًا ولا يدفع عنه سوءًا حتى يأتيه الموت، كمثل هذا الذي بسط ذارعيه إلى الماء ليبلغ فاه ولا يبلغ فاه ولا يصل إليه ذلك حتى يموت عطشًا. * * * وقال آخرون: معنى ذلك: والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليتناول خياله فيه، وما هو ببالغ ذلك. *ذكر من قال ذلك: 20294- حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: (كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه) ، فقال: هذا مثل المشرك مع الله غيرَهُ، فمثله كمثل الرَّجل العطشان الذي ينظر إلى خياله في الماء من بعيد، فهو يريد أن يتناوله ولا يقدر عليه. * * * وقال آخرون في ذلك ما: 20295- حدثني به محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء) إلى: (وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) يقول: مثل الأوثان والذين يعبدون من دون الله، (1) كمثل رجل قد بلغه العطش حتى كَرَبه الموت وكفاه في الماء قد وضعهما لا يبلغان فاه، يقول الله: لا تستجيب الآلهة ولا تنفع الذين يعبدونها حتى يبلغ كفّا هذا فاه، وما هما ببالغتين فاه أبدًا. 20296- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: (والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه) قال: لا ينفعونهم بشيء إلا كما ينفع هذا بكفيه، يعني بَسْطَهما إلى ما لا ينالُ أبدًا. * * * وقال آخرون: في ذلك ما: 20297- حدثنا به محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه) وليس الماء ببالغ فاه ما قام باسطًا كفيه لا يقبضهما= (وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) . قال: هذا مثلٌ ضربه الله لمن اتخذ من دون الله إلهًا أنه غير نافعه، ولا يدفع عنه سوءًا حتى يموت على ذلك. * * * (1) في المطبوعة والمخطوطة: "مثل الأثان الذين يعبدون" ، وهو لا يستقيم إلا كما كتبته. وقوله: (وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) يقول: وما دعاء من كفر بالله ما يدعو من الأوثان والآلهة= (إلا في ضلال) ، يقول: إلا في غير استقامة ولا هدًى، لأنه يشرك بالله. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (15) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فإن امتنع هؤلاء الذين يدعون من دون الله الأوثان والأصنام لله شركاء من إفراد الطاعة والإخلاص بالعبادة له= فلله يسجد من في السموات من الملائكة الكرام ومن في الأرض من المؤمنين به طوعًا، فأما الكافرون به فإنهم يسجدون له كَرْهًا حين يُكْرَهون على السُّجود. كما:- 20298- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: (ولله يسجد من في السموات والأرض طوعًا وكرهًا) ، فأما المؤمن فيسجد طائعًا، وأما الكافر فيسجد كارهًا. 20299- حدثني المثنى قال: حدثنا سويد قال: أخبرنا ابن المبارك، عن سفيان قال: كان ربيع بن خُثيم إذا تلا هذه الآية: (ولله يسجد من في السموات والأرض طوعًا وكرهًا) قال: بلى يا رَبَّاه. 20300- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: (ولله يسجد من في السموات والأرض طوعًا وكرهًا) قال: من دخل طائعًا، هذا طوعًا= (وكرهًا) من لم يدخل إلا بالسَّيف. * * * وقوله: (وظلالهم بالغدوّ والآصال) يقول: ويسجد أيضًا ظلالُ كل من سجد طوعًا وكرهًا بالغُدُوات والعَشَايا. (1) وذلك أن ظلَّ كلٍّ شخص فإنه يفيء بالعشيّ، كما قال جل ثناؤه (أَوَلَمْ يَرَوْا إلى ما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ اليَمِينِ والشَّمَائِلِ سُجَّدًا للهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ) ، [سورة النحل:48] * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20301- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (وظلالهم بالغدوّ والآصال) ، يعني: حين يفيء ظلُّ أحدهم عن يمينه أو شماله. 20302- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله بن الزبير، عن سفيان قال في تفسير مجاهد: (ولله يسجد من في السموات والأرض طوعًا وكرهًا وظلالهم بالغدوّ والآصال) قال: ظل المؤمن يسجد طوعًا وهو طائع، وظلُّ الكافر يسجد طوعًا وهو كاره. (2) 20304- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: (وظلالهم بالغدوّ والآصال) قال: ذُكر أن ظلال الأشياء كلها تسجد له، وقرأ: (سُجَّدًا للهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ) [سورة النحل:48] . قال: تلك الظلال تسجد لله. (1) انظر تفسير "الغدو" فيما سلف 13: 354. (2) قوله: "يسجد طوعًا وهو كاره" ، يعني أن الظل، وهو من خلق الله المتعبد له، يسجد طوعًا، وصاحب الظل كاره للسجود، وهو الكافر، أعاذنا الله وإياك. * * * و "الآصال" : جمع أصُلٍ، و "الأصُل" : جمع "أصيلٍ" ، و "الأصيل" : هو العشيُّ، وهو ما بين العصر إلى مغرب الشمس، (1) قال أبو ذؤيب: لَعَمْرِي لأَنْتَ البَيْتُ أُكْرِمَ أَهْلَهُ ... وَأَقْعُدُ فِي أَفْيَائِهِ بِالأصَائِلِ (2) * * * القول في تأويل قوله تعالى: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لا يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلا ضَرًّا} قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء المشركين بالله:مَنْ رَبُّ السموات والأرض ومدبِّرها، فإنهم سيقولون الله. وأمر الله نبيّه صلى الله عليه وسلم أن يقول: "الله" ، فقال له: قل، يا محمد: ربُّها، الذي خلقها وأنشأها، هو الذي لا تصلح العبادة إلا له، وهو الله. ثم قال: فإذا أجابوك بذلك فقل لهم: أفاتخذتم من دون رب السموات والأرض أولياء لا تملك لأنفسها نفعًا تجلبه إلى نفسها، ولا ضرًّا تدفعه عنها، وهي إذ لم تملك ذلك لأنفسها، فمِنْ مِلْكه لغيرها أبعدُ فعبدتموها، وتركتم عبادة من بيده النفع والضر والحياة والموت وتدبير الأشياء كلها. ثم ضرب لهم جل ثناؤه مثلا فقال: (قل هل يستوي الأعمى والبصير) . * * * (1) انظر تفسير "الآصال" فيما سلف 13: 354، 355. (2) ديوانه: 141، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 239، 328، والإنصاف: 304، 305، والخزانة 2: 489، 564، واللسان (أصل) . وللنحاة فيه لجاجة كثيرة. القول في تأويل قوله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين عَبدُوا من دون الله الذي بيده نفعهم وضرهم ما لا ينفع ولا يضرُّ: (هل يستوي الأعمى) الذي لا يُبصر شيئًا ولا يهتدي لمحجة يسلكها إلا بأن يُهدى= و "البصير" الذي يهدي الأعمى لمحجة الطريق الذي لا يُبصر؟ إنهما لا شك لغير مستويين. يقول: فكذلك لا يستوي المؤمن الذي يُبصر الحق فيتبعه ويعرف الهدى فيسلكه، وأنتم أيها المشركون الذين لا تعرفون حقا ولا تبصرون رَشَدًا. * * * وقوله: (أم هل تستوي الظلمات والنور) ، يقول تعالى ذكره: وهل تستوي الظلماتُ التي لا تُرَى فيها المحجة فتُسْلَك ولا يرى فيها السبيل فيُرْكَب= والنور الذي تبصر به الأشياء ويجلو ضوءه الظّلام؟ يقول: إن هذين لا شك لغير مستويين، فكذلك الكفر بالله، إنما صاحبه منه في حَيرة يضرب أبدًا في غمرة لا يرجع منه إلى حقيقة، والإيمان بالله صاحبه منه في ضياء يعمل على علم بربه، ومعرفةٍ منه بأن له مثيبًا يثيبه على إحسانه ومعاقبًا يعاقبه على إساءته ورازقًا يرزقه ونافعًا ينفعه. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20305- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور) ، أما (الأعمى والبصير) فالكافر والمؤمن= وأما (الظلمات والنور) فالهدى والضلالة. * * * وقوله: (أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء المشركين: أخَلَق أوثانُكم التي اتخذتموها أولياء من دون الله خلقًا كخلق الله، فاشتبه عليكم أمرُها فيما خَلقت وخَلَق الله فجعلتموها له شركاء من أجل ذلك، أم إنما بكم الجهل والذهابُ عن الصواب؟ فإنه لا يشكل على ذي عقل أنّ عبادة ما لا يضرّ ولا ينفع من الفعل جهلٌ، وأن العبادة إنما تصلح للذي يُرْجَى نفعه وُيخْشَى ضَرَّه، كما أن ذلك غير مشكل خطؤه وجهلُ فاعله، كذلك لا يشكل جهل من أشرك في عبادة من يرزقه ويكفله ويَمُونه، من لا يقدِرُ له على ضررّ ولا نفع. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال بعض أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20306- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه) حملهم ذلك على أن شكُّوا في الأوثان. 20307- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله. 20308- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: (أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم) ، خلقوا كخلقه، فحملهم ذلك على أن شكُّوا في الأوثان. 20309- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 20310- ... قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال: قال ابن كثير: سمعت مجاهدًا يقول: (أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم) ضُرِبت مثلا. * * * وقوله: (قل الله خالق كل شيء) ، يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل لهؤلاء المشركين إذا أقرُّوا لك أن أوثانهم التي أشركوها في عبادة الله لا تخلق شيئًا، فاللهُ خالقكم وخالق أوثانكم وخالق كل شيء، (1) فما وجه إشراككم ما لا يخلق ولا يضرّ؟ * * * وقوله: (وهو الواحد القهار) ، يقول: وهو الفرد الذي لا ثاني له (2) = (القهار) ، الذي يستحق الألوهة والعبادة، لا الأصنام والأوثان التي لا تضر ولا تنفع. (3) * * * القول في تأويل قوله تعالى: {أَنزلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ (17) } قال أبو جعفر: وهذا مثل ضربه الله للحق والباطل، والإيمان به والكفر. يقول تعالى ذكره: مثل الحق في ثباته والباطل في اضمحلاله، مثل ماء (1) في المطبوعة والمخطوطة: "وخلق كل شيء" ، والذي أثبت أجود. (2) انظر تفسير "الواحد" فيما سلف 3: 265، 266 / 16: 104. (3) انظر تفسير "القهار" فيما سلف ص: 104، تعليق: 2، والمراجع هناك. أنزله الله من السماء إلى الأرض= (فسالت أوديةٌ بقدرها) ، يقول: فاحتملته الأودية بملئها، الكبير بكبره، والصغير بصغره= (فاحتمل السيل زبدًا رابيًا) ، يقول: فاحتمل السيل الذي حدث عن ذلك الماء الذي أنزله الله من السماء، زبدًا عاليًا فوق السيل. فهذا أحدُ مثلي الحقّ والباطل، فالحق هو الماءُ الباقي الذي أنزله الله من السماء، والزبد الذي لا ينتفع به هو الباطل. والمثل الآخر: (ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية) يقول جل ثناؤه: ومثلٌ آخر للحقّ والباطل، مثل فضة أو ذهب يوقد عليها الناس في النار طلب حلية يتخذونها أو متاع، وذلك من النحاس والرصاص والحديد، يوقد عليه ليتخذ منه متاع ينتفع به، (زبد مثله) ، يقول تعالى ذكره: ومما يوقدون عليه من هذه الأشياء زبد مثله، يعني: مثل زبد السَّيل لا ينتفع به ويذهب باطلا كما لا ينتفع بزبد السَّيل ويذهب باطلا. * * * ورفع "الزبد" بقوله: (ومما يوقدون عليه في النار) . * * * ومعنى الكلام: ومما يوقدون عليه في النار زبدٌ مثلُ زبد السيل في بطول زبده، وبقاء خالص الذهب والفضة. يقول الله تعالى: (كذلك يضرب الله الحق والباطل) ، يقول: كما مثَّل الله مثلَ الإيمان والكفر، (1) في بُطُول الكفر وخيبة صاحبه عند مجازاة الله، بالباقي النافع من ماء السيل وخالص الذهب والفضة، كذلك يمثل الله الحق والباطل = (فأما الزبد فيذهب جُفَاء) يقول: فأما الزبد الذي علا السيل والذهب والفضة والنحاس والرصاص عند الوقود عليها، فيذهب بدفع الرياح وقذف الماء به، وتعلُّقه بالأشجار وجوانب الوادي= (وأما ما ينفع الناس) من الماء والذهب والفضة والرصاص (1) في المطبوعة: "كما مثل الله الإيمان.." ، حذف ما أثبته من المخطوطة. والنحاس، فالماء يمكثُ في الأرض فتشربه، والذهب والفضة تمكث للناس= (كذلك يضرب الله الأمثال) يقول: كما مثَّل هذا المثل للإيمان والكفر، كذلك يمثل الأمثال. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20311- حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (أنزل من السماء ماء فسالت أوديه بقدرها) فهذا مثل ضربه الله، احتملت منه القلوب على قدر يقينها وشكّها، فأما الشك فلا ينفع معه العمل، وأما اليقين فينفع الله به أهله، وهو قوله: (فأما الزبد فيذهب جفاء) ، وهو الشك= (وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) ، وهو اليقين، كما يُجْعل الحَلْيُ في النار فيؤخذ خالصُه ويترك خَبَثُه في النار، فكذلك يقبل الله اليقين ويترك الشك. 20312- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدًا رابيًا) ، يقول: احتمل السيل ما في الوادي من عود ودِمْنة، (ومما يوقدون عليه في النار) فهو الذهب والفضة والحلية والمتاع والنحاس والحديد، وللنحاس والحديد خَبَث، فجعل الله مثل خبثه كزبد الماء. فأما ما ينفع الناس فالذهب والفضة، وأما ما ينفع الأرض فما شربت من الماء فأنبتت. فجعل ذلك مثل العمل الصالح يبقى لأهله، والعمل السيءُ يضمحل عن أهله، كما يذهب هذا الزبد، فكذلك الهدى والحق جاء من عند الله، فمن عمل بالحق كان له، وبقي كما يبقى ما ينفع الناس في الأرض. وكذلك الحديد لا يستطاع أن تجعل منه سكين ولا سيف حتى يدخل في النّار فتأكل خبَثَه، فيخرج جيّده فينتفع به. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الرعد الحلقة (898) صــ 411 إلى صــ 420 فكذلك يضمحل الباطل إذا كان يوم القيامة، وأقيم الناس، وعرضت الأعمال، فيزيغ الباطل ويهلك، وينتفع أهل الحق بالحق، ثم قال: (ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حِلْية أو متاع زبدٌ مثله) . 20313- حدثني يعقوب قال: حدثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله: (أنزل من السماء ماء فسالت أودية) إلى: (أو متاع زبد مثله) ، فقال: ابتغاء حلية الذهب والفضة، أو متاع الصُّفْر والحديد. قال: كما أوقد على الذهب والفضة والصُّفْر والحديد فخلص خالصه. قال: (كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاءً وأمّا ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) ، كذلك بقاء الحق لأهله فانتفعوا به. 20314- حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني قال: حدثنا حجاج بن محمد قال: قال ابن جريج: أخبرني عبد الله بن كثير أنه سمع مجاهدًا يقول: (أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها) ، قال: ما أطاقت ملأها= (فاحتمل السيل زبدًا رابيًا) قال: انقضى الكلام، ثم استقبل فقال: (ومما توقدون عليه في النار ابتغاء حليه أو متاع زبد مثله) قال: المتاع: الحديد والنحاس والرصاص وأشباهه= (زبد مثله) قال: خَبَثُ ذلك مثل زَبَد السيل. قال: (وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) ، وأما الزبد فيذهب جفاء، قال: فذلك مثل الحق والباطل. 20315- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير، عن مجاهد: أنه سمعه يقول: فذكر نحوه= وزاد فيه، قال: قال ابن جريج: قال مجاهد قوله: (فأما الزبد فيذهب جفاء) قال: جمودًا في الأرض، (وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) ، يعني الماء. وهما مثلان: مثل الحق والباطل. 20316- حدثنا الحسن قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (زبدًا رابيًا) السيل مثل خَبَث الحديد والحلية= (فيذهب جفاء) جمودًا في الأرض = (ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله) ، الحديد والنحاس والرصاص وأشباهه. وقوله: (وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) ، إنما هما مثلان للحق والباطل. 20317- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد= 20318- ... قال، وحدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد= يزيد أحدهما على صاحبه= في قوله: (فسألت أودية بقدرها) قال: بملئها= (فاحتمل السيل زبدًا رابيًا) ، قال: الزبد: السيل= (ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله) ، قال: خبث الحديد والحلية= (فأما الزبد فيذهب جفاء) قال: جمودًا في الأرض= (وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) قال: الماء وهما مثلان للحق والباطل. 20319- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها) ، الصغير بصغره، والكبير بكبره= (فاحتمل السيل زبدًا رابيًا) أي عاليًا (ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء) و "الجفاء" : ما يتعلق بالشجر= (وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) . هذه ثلاثة أمثال ضربَها الله في مثلٍ واحد. يقول: كما اضمحلّ هذا الزبد فصار جُفاءً لا ينتفع به ولا تُرْجى بركته، كذلك يضمحلّ الباطل عن أهله كما اضمحل هذا الزبد، وكما مكث هذا الماء في الأرض، فأمرعت هذه الأرض وأخرجت نباتها، كذلك يبقى الحق لأهله كما بقي هذا الماء في الأرض، فأخرج الله به ما أخرج من النبات= قوله: (ومما توقدون عليه في النار) الآية، كما يبقى خالص الذهب والفضة حين أدخل النار وذهب خَبَثه، كذلك يبقى الحق لأهله= قوله: (أو متاع زبد مثله) ، يقول: هذا الحديد والصُّفْر الذي ينتفع به فيه منافع. يقول: كما يبقى خالص هذا الحديد وهذا الصُّفر حين أدخل النار وذهب خَبَثه، كذلك يبقى الحق لأهله كما بقي خالصهما. 20320- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (فسالت أودية بقدرها) ، الكبير بقدره، والصغير بقدره= (زبدًا رابيًا) قال: ربا فوق الماء الزبد= "ومما توقدون عليه في النار" قال: هو الذهب إذا أدخل النار بقي صَفْوه ونُفِيَ ما كان من كَدَره. وهذا مثل ضربه الله. للحق والباطل= (فأما الزبد فيذهب جفاء) ، يتعلق بالشجر فلا يكون شيئًا. هذا مثل الباطل= (وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) ، وهذا يخرج النبات. وهو مثل الحق= (أو متاع زبد مثلا) قال: "المتاع" ، الصُّفْر والحديد. 20321- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا هوذة بن خليفة قال: حدثنا عوف قال: بلغني في قوله: (أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها) قال: إنما هو مثل ضربه الله للحق والباطل= (فسالت أودية بقدرها) الصغير على قدره، والكبير على قدره، وما بينهما على قدره (فاحتمل السيل زبدًا رابيًا) يقول: عظيمًا، وحيث استقرَّ الماءُ يذهب الزبد جفاءً فتطير به الريح فلا يكون شيئًا، ويبقى صريح الماء الذي ينفع الناس، منه شرابهم ونباتهم ومنفعتهم= (أو متاع زبد مثله) ، ومثل الزبد كلّ شيء يوقد عليه في النار الذهب والفضة والنحاس والحديد، فيذهب خَبَثُه ويبقى ما ينفع في أيديهم، والخبث والزَّبد مثل الباطل، والذي ينفع الناس مما تحصَّل في أيديهم مما ينفعهم المال الذي في أيديهم. 20322- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: "ومما توقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله" قال: هذا مثل ضربه الله للحق والباطل. فقرأ: (أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدًا رابيًا) هذا الزبد لا ينفع= (أو متاع زبد مثله) ، هذا لا ينفع أيضًا قال: وبقي الماءُ في الأرض فنفع الناس، وبقي الحَلْيُ الذي صلح من هذا، فانتفع الناس به= (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال) ، وقال: هذا مثل ضربه الله للحق والباطل. 20323- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: قال ابن عباس: (أودية بقدرها) قال: الصغير بصغره، والكبير بكبره. 20324- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا طلحة بن عمرو، عن عطاء: ضرب الله مثلا للحق والباطل، فضرب مثل الحق كمثل السيل الذي يمكث في الأرض، وضرب مثل الباطل كمثل الزبد الذي لا ينفع الناس. * * * وعنى بقوله: (رابيًا) ، عاليًا منتفخًا، من قولهم: رَبَا الشيء يَرْبُو رُبُوًا فهو رابٍ، ومنه قيل للنَّشْز من الأرض كهيئة الأكمة: "رابية" ، ومنه قول الله تعالى: (اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ) . [سورة الحج5/سورة فصلت39] . (1) * * * وقيل للنحاس والرصاص والحديد في هذا الموضع "المتاع" ، لأنه يستمتع به، وكل ما يتمتع به الناس فهو "متاع" ، (2) كما قال الشاعر: (3) تَمَتَّعْ يا مُشَعَّثُ إنَّ شَيْئًا ... سَبَقْتَ بِهِ المَمَاتَ هُوَ المَتَاعُ (4) * * * (1) انظر تفسير "ربا" فيما سلف 6: 7. (2) انظر تفسير "المتاع" فيما سلف 15: 146، تعليق: 4، والمراجع هناك. (3) هو المشعث العامري، وبهذا البيت سمي "مشعثًا" . (4) الأصمعيات رقم: 48، ومعجم الشعراء: 475، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 328، واللسان (متع) ، وهي أبيات جياد، يقول بعد البيت: بإصْر يَتَّرِكْنِي الحيُّ يومًا ... رَهينةَ دَارِهمْ، وَهُمُ سِرَاعُ وجاءَتْ جَيْأَلٌ وَأبُو بَنِيهَا ... أَحَمُّ المَأْقِيَيْنِ بِهِ خُمَاعُ فظَلاَّ ينْبِشانِ التُّرْبَ عنِّي ... وما أنَا وَيْبَ غيْرِك والسِّباعُ يقول: ليأتيني الأجل، فيتركني أهلي دفينًا في ديارهم، ثم يسرعون الرحيل. ثم تأتي "جيأل" ، وهي أنثى الضباع، ويأتي ذكرها، أسود مأق العين، يخمع ويعرج، فينبشان الترب عني، ولا دفع عندي لما يفعلان. وأما الجفاء فإني: 20325- حدثت عن أبي عبيدة معمر بن المثنى، قال أبو عمرو بن العلاء: يقال: قد أجفأت القِدْرُ، وذلك إذا غلت فانصبَّ زَبدها، أو سَكنَت فلا يبقى منه شيءٌ. (1) * * * وقد زعم بعض أهل العربية من أهل البصرة، أن معنى قوله: (فيذهب جفاء) تنشِفهُ الأرض، وقال: يقال: جفا الوادي وأجفى في معنى نشف، "وانجفى الوادي" (2) ، إذا جاء بذلك الغثاء، "وغَثَى الوادي فهو يَغْثَى غَثْيًا وغَثَيَانًا" (3) وذكر عن العرب أنها تقول: "جفأتُ القدر أجفؤها" ، إذا أخرجتَ جُفَاءها، وهو الزبد الذي يعلوها= و "أجفأتها إجفاء" لغة. قال: وقالوا: "جفأت الرجل جَفْأً" : صرعته. وقيل: (فيذهب جفاء) بمعنى "جفًأ" ، لأنه مصدر من قول القائل: "جفأ الوادي غُثاءه، فخرج مخرج الاسم، وهو مصدر، كذلك تفعل العرب في مصدر كلّ ما كان من فعل شيء اجتمع بعضُه إلى بعض كـ" القُمَاش والدُّقاق والحُطام والغُثَاء "، تخرجه على مذهب الاسم، كما فعلت ذلك في" (1) هذا نص كلام أبي عبيدة في مجاز القرآن 1: 329. (2) هذا نص لا شبيه له في كتب اللغة في مادة (جفا) ، ولا في مادة (جفأ) ، وبين أنه أراد "جفا وأجفى" المعتل الآخر، لا المهموز، ولا أدري من قاله. (3) هذا أيضًا لا أدري من قاله قبل زمان أبي جعفر، إلا أن صاحب اللسان ذكر مثله عن ابن جني، والمعروف عند أهل اللغة: "غثا الوادي يغثو" . قولهم: "أعطيتُه عَطاء" ، بمعنى الإعطاء، ولو أريد من "القماش" ، المصدر على الصحة لقيل: "قد قمشه قَمْشًا" . * * * القول في تأويل قوله تعالى: {لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (18) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: أما الذين استجابوا لله فآمنوا به حين دعاهم إلى الإيمان به، وأطاعوه فاتبعوا رسوله وصدّقوه فيما جاءهم به من عند الله، (1) = فإن لهم الحسنى، وهي الجنة، (2) كذلك:- 20326- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (للذين استجابوا لربهم الحسنى) وهي الجنة. * * * وقوله: (والذين لم يستجيبوا له لو أنّ لهم ما في الأرض جميعًا ومثله معه لافتدوا به) ، يقول تعالى ذكره: وأما الذين لم يستجيبوا لله حين دعاهم إلى توحيده والإقرار بربوبيته، (3) ولم يطيعوه فيما أمرهم به، ولم يتبعوا رسوله فيصدقوه فيما جاءهم به من عند ربهم، فلو أن لهم ما في الأرض جميعًا من شيء ومثله معه ملكًا لهم، ثم قُبِل مثل ذلك منهم، وقبل منهم بدلا من العذاب الذي أعدّه الله لهم في نار جهنم وعوضًا، (4) لافتدوا به أنفسهم منه، يقول الله: (أولئك لهم سوء الحساب) ، (1) انظر تفسير "الاستجابة" فيما سلف 13: 465، تعليق: 4، والمراجع هناك. (2) انظر تفسير "الحسنى" فيما سلف 9: 96 / 14: 291. (3) في المطبوعة: "لم يستجيبوا له" ، وأثبت ما في المخطوطة. (4) كانت هذه العبارة في المطبوعة هكذا: "ثم مثل ذلك، وقبل ذلك منهم بدلا من العذاب" ، وكان في المخطوطة هكذا: "ثم قبل مثل ذلك، وقبل ذلك منهم بدلا من العذاب" . وهما عبارتان مختلفتان هالكتان، والصواب الذي رجحته هو ما أثبت. يقول: هؤلاء الذين لم يستجيبوا لله لهم سوء الحساب: يقول: لهم عند الله أن يأخذهم بذنوبهم كلها، فلا يغفر لهم منها شيئا، ولكن يعذبهم على جميعها. كما:- 20327- حدثنا الحسن بن عرفة قال: حدثنا يونس بن محمد قال: حدثنا عون، عن فرقد السبخي قال: قال لنا شهر بن حوشب: (سوء الحساب) أن لا يتجاوز لهم عن شيء. (1) 20328- حدثني يعقوب قال: حدثنا ابن علية قال: حدثني الحجاج بن أبي عثمان قال: حدثني فرقد السبخي قال: قال إبراهيم النخعي: يا فرقد أتدري ما "سوء الحساب" ؟ قلت: لا! قال: هو أن يحاسب الرّجل بذنبه كله لا يغفر له منه شيء. (2) * * * وقوله: (ومأواهم جهنم) يقول: ومسكنهم الذي يسكنونه يوم القيامة جهنم (3) = (( وبئس المهاد )) ، يقول: وبئس الفراش والوطاءُ جهنمُ التي هي مأواهم يوم القيامة. (4) * * * (1) الأثر: 20327 - "الحسن بن عرفة العبدي البغدادي" ، شيخ الطبري، ثقة مضى برقم: 9373، 12851، 15766. و "يونس بن محمد بن مسلم البغدادي" ، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: 5090، 12549 و "عون" ، كأنه يعني: "عون بن سلام القرشي الكوفي" ، ثقة مترجم في التهذيب. وأما "فرقد السبخي" ، فهو "فرقد بن يعقوب السبخي" ، "أبو يعقوب" ، كان ضعيفًا منكر الحديث، لأنه لم يكن صاحب حديث، وليس بثقة مترجم في التهذيب، والكبير 4 / 1 / 131، وابن أبي حاتم 3 / 2 / 81، وميزان الاعتدال 2: 327. (2) الأثر: 20328 - "فرقد السبخي" ، ليس بثقة، مضى برقم: 20327، وسيأتي هذا الخبر بإسناد آخر رقم: 20334. (3) انظر تفسير "المأوى" فيما سلف 15: 26، تعليق: 1، والمراجع هناك. (4) انظر تفسير "المهاد" فيما سلف 12: 435، تعليق: 1، والمراجع هناك. القول في تأويل قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ (19) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: أهذا الذي يعلم أنّ الذي أنزله الله عليك، يا محمد، حق فيؤمن به ويصدق ويعمل بما فيه، كالذي هو أعمى فلا يعرف موقع حُجَة الله عليه به ولا يعلم ما ألزمه الله من فَرَائصه؟ * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20329- حدثنا إسحاق قال: حدثنا هشام، عن عمرو، عن سعيد، عن قتادة في قوله: (أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق) ، قال: هؤلاء قوم انتفعُوا بما سمعوا من كتاب الله وعقلوه ووَعَوْه، قال الله: (كمن هو أعمى) ، قال: عن الخير فلا يبصره. * * * وقوله: (إنما يتذكر أولوا الألباب) يقول: إنما يتعظ بآيات الله ويعتبر بها ذوو العقول، (1) وهي "الألباب" واحدها "لُبٌّ" . (2) * * * (1) انظر تفسير "التذكر" فيما سلف من فهارس اللغة (ذكر) (2) انظر تفسير "الألباب" فيما سلف 3: 383 / 4: 162 / 5: 580 / 6: 211 / 11: 97. القول في تأويل قوله تعالى: {الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إنما يتعظ ويعتبر بآيات الله أولو الألباب، الذين يوفون بوصية الله التي أوصاهم بها (1) (ولا ينقضون الميثاق) ، ولا يخالفون العهد الذي عاهدوا الله عليه إلى خلافه، فيعملوا بغير ما أمرهم به، ويخالفوا إلى ما نهى عنه. * * * وقد بينا معنى "العهد" و "الميثاق" فيما مضى بشواهده، فأغنى عن إعادته في هذا الموضع. (2) * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20330- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا هشام، عن عمرو، عن سعيد، عن قتادة قال: (إنما يتذكر أولو الألباب) ، فبيَّن من هم، فقال: (الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق) ، فعليكم بوفاء العهد، ولا تنقضوا هذا الميثاق، فإن الله تعالى قد نهى وقدَّم فيه أشد التَّقْدمة، (3) فذكره في بضع وعشرين موضعًا، نصيحةً لكم وتقدِمَةً إليكم، وحجة عليكم، وإنما يعظُمُ الأمر بما عظَّمه الله به عند أهل الفهم والعقل، فعظِّموا ما عظم الله. قال قتادة: (1) انظر تفسير "الإيفاء" فيما سلف من فهارس اللغة (وفى) . (2) انظر تفسير "العهد" فيما سلف 14: 141، تعليق: 1، والمراجع هناك. = وتفسير "الميثاق" فيما سلف ص: 208، تعليق: 1، والمراجع هناك. (3) "قدم فيه أشد التقدمة" ، أي: أمرهم به أمرًا شديدًا، ونهاهم عن مخالفته، وقد سلف شرحها في الخبر رقم: 4914 / ج 5: 9، تعليق: 3. وذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبته: "لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له" . * * * وقوله: (والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل) ، يقول تعالى ذكره: والذين يصلون الرَّحم التي أمرهم الله بوصلها فلا يقطعونها (1) = (ويخشون ربهم) ، يقول: ويخافون الله في قطْعها أن يقطعوها، فيعاقبهم على قطعها وعلى خلافهم أمرَه فيها. * * * وقوله: (ويخافون سوء الحساب) ، يقول: ويحذرون مناقشة الله إياهم في الحساب، ثم لا يصفح لهم عن ذنب، فهم لرهبتهم ذلك جادُّون في طاعته، محافظون على حدوده. كما:- 20331- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا عفان قال: حدثنا جعفر بن سليمان، عن عمرو بن مالك، عن أبي الجوزاء في قوله: (الذين يخشون ربهم ويخافون سوء الحساب) قال: المقايسةُ بالأعمال. (2) 20332- ... قال: حدثنا عفان قال: حدثنا حماد، عن فرقد، عن إبراهيم قال: (سوء الحساب) أن يحاسب من لا يغفر له. 20333- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في (1) انظر تفسير "الوصل" فيما سلف 1: 415. (2) الأثر: 10331 - "عفان" ، هو "عفان بن مسلم الصفار" ، مضى مرارًا، آخرها رقم: 20226. و "جعفر بن سليمان الضبعي" ، ثقة، كان يتشيع، مضى مرارًا، آخرها رقم: 10453. و "عمرو بن مالك النكري" ، روى عن أبي الجوزاء، ثقة، وضعفه البخاري، مضى برقم: 7701. و "أبو الجوزاء" ، وهو "أوس بن عبد الله الربعي" ، تابعي ثقة، مضى برقم: 2977، 2978، 7701. وكان في المخطوطة والمطبوعة: "عن أبي الحفنا" ، وإنما وصل الناسخ الأول "الواو" بالزاي. فصارت عند ناسخ المخطوطة إلى ما صارت إليه!! وفي المطبوعة أيضًا: "المناقشة بالأعمال" ، غير ما في المخطوطة. و "المقايسة" من "القياس" ، "قاس الشيء" ، إذا قدره على مثاله. و "المقايسة بالأعمال" ، كأنه أراد تقديرها. والذي في المطبوعة أجود عندي: "المناقشة" . https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الرعد الحلقة (899) صــ 421 إلى صــ 430 قوله: (ويخافون سوء الحساب) ، قال، فقال: وما (سوء الحساب) ؟ قال: الذي لا جَوَاز فيه. (1) 20334- حدثني ابن سمان القزاز قال، حدثنا أبو عاصم، عن الحجاج، عن فرقد قال: قال لي إبراهيم: تدري ما (سوء الحساب) ؟ قلت: لا أدري قال: يحاسب العبد بذنبه كله لا يغفرُ له منه شيء. (2) * * * القول في تأويل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: والذين صبروا على الوفاء بعهد الله، وترك نقض الميثاق وصلة الرحم= (ابتغاء وجه ربهم) ، ويعني بقوله: (ابتغاء وجه ربهم) ، طلب تعظيم الله، وتنزيهًا له أن يُخالَفَ في أمره أو يأتي أمرًا كره إتيانه فيعصيه به= (وأقاموا الصلاة) ، يقول: وأدُّوا الصلاة المفروضة بحدودها في أوقاتها= (وأنفقوا مما رزقناهم سرًّا وعلانية) يقول: وأدَّوا من أموالهم زكاتها المفروضة وأنفقوا منها في السبل التي أمرهم الله بالنفقة فيها= (سرًّا) في خفاء "وعلانية" في الظاهر. كما:- 20335- حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (وأقاموا الصلاة) يعني الصلوات الخمس= (وأنفقوا مما رزقناهم سرًّا وعلانية) . يقول الزكاة. (1) "الجواز" ، التساهل والتسامح. (2) الأثر: 20334 - مضى بإسناد آخر رقم: 20328. 20336- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد "الصبر" ، الإقامة. قال، وقال "الصبر" في هاتين، فصبرٌ لله على ما أحبَّ وإن ثقل على الأنفس والأبدان، وصبرٌ عمَّا يكره وإن نازعت إليه الأهواء. فمن كان هكذا فهو من الصابرين. وقرأ: (سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار) . [سورة الرعد:24] * * * وقوله: (ويدرءون بالحسنة السيئة) ، يقول: ويدفعون إساءة من أساء إليهم من الناس، بالإحسان إليهم. (1) كما:- 20337- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: (ويدرءون بالحسنة السيئة) ، قال: يدفعون الشر بالخير، لا يكافئون الشرّ بالشر، ولكن يدفعونه بالخير. * * * وقوله: (أولئك لهم عقبى الدار) يقول تعالى ذكره: هؤلاء الذين وصفنا صفتهم، هم الذين (لهم عقبى الدار) ، يقول: هم الذين أعقبهم الله دارَ الجنان، من دارهم التي لو لم يكونوا مؤمنين كانت لهم في النار، فأعقبهم الله من تلك هذه. (2) * * * وقد قيل: معنى ذلك: أولئك الذين لهم عقِيبَ طاعتهم ربَّهم في الدنيا، دارُ الجنان. * * * (1) انظر تفسير "الدرء" فيما سلف 2: 22، 225 / 7: 382. (2) انظر تفسير "العاقبة" فيما سلف 15: 356، تعليق: 1، والمراجع هناك. القول في تأويل قوله تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24) } قال أبو جعفر: يقول (جنات عدن) ، ترجمة عن (عقبى الدار) (1) كما يقال: "نعم الرجل عبد الله" ، فعبد الله هو الرجل المقول له: "نعم الرجل" ، وتأويل الكلام: أولئك لهم عَقيِبَ طاعتهم ربِّهم الدارُ التي هي جَنَّات عدْنٍ. * * * وقد بينا معنى قوله: (عدن) ، وأنه بمعنى الإقامة التي لا ظَعْنَ معها. (2) * * * وقوله: (ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم) ، يقول تعالى ذكره: جنات عدن يدخلها هؤلاء الذين وصف صفتهم= وهم الذين يوفون بعهد الله، والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم، والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم، وأقاموا الصلاة، وفعلوا الأفعال التي ذكرها جل ثناؤه في هذه الآيات الثلاث= (ومن صلح من آبائهم وأزواجهم) ، وهي نساؤهم وأهلوهم= و "ذرّيّاتهم" . (3) . و "صلاحهم" إيمانهم بالله واتباعهم أمره وأمر رسوله عليه السلام. كما:- 20338- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، (1) "الترجمة" ، هي عند الكوفيين، "عطف البيان" و "البدل" عند البصريين، انظر ما سلف 2: 340، 374، 420، 425، 426، ثم سائر الأجزاء في فهرس المصطلحات. (2) انظر تفسير "جنات عدن" فيما سلف 14: 350 - 355. (3) انظر تفسير "الأزواج" فيما سلف 12: 150، تعليق: 1، والمراجع هناك. = وتفسير "الذرية" فيما سلف 15: 163، تعليق: 1، والمراجع هناك. عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (ومن صلح من آبائهم) قال: من آمن في الدنيا. 20339- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد= 20340- وحدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 20341- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: (ومن صلح من آبائهم) قال: من آمن من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم. * * * وقوله: (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم) ، يقول: تعالى ذكره: وتدخل الملائكة على هؤلاء الذين وصف جل ثناؤه صفتهم في هذه الآيات الثلاث في جنات عدن، من كل باب منها، يقولون لهم: (سلام عليكم بما صبرتم) على طاعة ربكم في الدنيا= (فنعم عقبى الدار) . * * * وذكر أن لجنات عدن خمسة آلاف باب. 20342- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا علي بن جرير قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن نافع بن عاصم، عن عبد الله بن عمرو قال: إن في الجنة قصرًا يقال له "عدن" ، حوله البروج والمروج، فيه خمسة آلاف باب، على كل باب خمسة آلاف حِبَرة، (1) لا يدخله إلا نبيٌ أو صديق أو شهيدٌ. (2) 20343- ... قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الرحمن بن مغراء، (1) "الحبرة" بكسر الحاء وفتح الباء، ضرب من برود اليمن منمر. (2) الأثر: 20342 - "علي بن جرير" ، مضى آنفًا برقم: 20212، ولم أجد له ترجمة إلا في ابن أبي حاتم، وهي مختلفة. و "حماد بن سلمة" ، ثقة مشهور، مضى مرارًا. و "يعلي بن عطاء العامري" ، ثقة مضى مرارًا، آخرها: 17981. و "نافع بن عاصم الثقفي" ، تابعي ثقة، مضى برقم: 15402. وهذا إسناد صحيح إلى عبد الله بن عمرو، لولا ما فيه من جهالة "علي بن جرير" هذا. وهو موقوف على عبد الله بن عمرو، لم أجد من رفعه. عن جويبر، عن الضحاك، في قوله: (جنات عدن) قال: مدينة الجنة، فيها الرسل والأنبياء والشهداء وأئمة الهدى، والناسُ حولهم بعدد الجنات حوْلها. * * * وحذف من قوله: (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم) ، "يقولون" ، (1) اكتفاءً بدلالة الكلام عليه، كما حذف ذلك من قوله: (وَلَوْ تَرَى إذِ المُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أبْصَرْنَا) . [سورة السجدة:12] * * * 20344- حدثني المثنى قال: حدثنا سويد قال: أخبرنا ابن المبارك، عن بقية بن الوليد قال: حدثني أرطاة بن المنذر قال: سمعت رجلا من مشيخة الجند يقال له "أبو الحجاج" ، يقول: جلست إلى أبي أمامة فقال: إن المؤمن ليكون متّكئًا على أريكته إذا دخل الجنة، وعنده سِمَاطان من خَدَمٍ، وعند طرف السِّماطين بابٌ مبوَّبٌ، (2) فيقبل المَلَك يستأذن؛ فيقول أقصى الخدم للذي يليه: (3) "ملك يستأذن" ، ويقول الذي يليه للذي يليه: ملك يستأذن حتى يبلغ المؤمن فيقول: ائذنوا. فيقول: أقربهم إلى المؤمن ائذنوا. ويقول الذي يليه للذي يليه: ائذنوا. فكذلك حتى (1) أي "وحذف ... يقولون" . (2) في المطبوعة: "وعند طرف السماطين سور" ، مكان "باب مبوب" ، لأنه لم يحسن قراءة المخطوطة. وقوله: "باب مبوب" ، يعني مصنوع معقود. إن شئت قلت: قد اتخذ له بوابًا يحرسه. (3) كانت العبارة في المطبوعة فاسدة مع زيادة جملة كاملة، وهي "فيقول الذي يليه ملك يستأذن" مكررة، وفي المخطوطة كالذي أثبت، إلا أنه أسقط من الكلام "أقصى الخدم" ، فأثبتها من الدر المنثور. يبلغ أقصاهم الذي عند الباب، فيفتح له، فيدخل فيسلّم ثم ينصرف. (1) 20345- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال: أخبرنا ابن المبارك، عن إبراهيم بن محمد، عن سُهَيْل بن أبي صالح، عن محمد بن إبراهيم قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي قبور الشهداء على رأس كل حول فيقول: "السلام عليكم" (1) الأثر: 20344 - "بقية بن الوليد" ، ثقة، مضى مرارًا، ولكن في حديثه مناكير، أكثرها عن المجاهيل، وهو كما قال الجوزجاني: "إذا تفرد بالرواية فغير محتج به لكثرة وهمه. ومع أن مسلمًا وجماعة من الأئمة قد أخرجوا عنه اعتبارًا واستشهادًا، إلا أنهم جعلوا تفرده أصلا" . و "أرطأة بن المنذر الألهاني" ، ثقة، كان عابدًا، مضى برقم: 17987. وأما "أبو الحجاج، رجل من مشيخة الجند" ، فأمره مشكل. وذلك أن ابن قيم الجوزية، رواه من طريق بقية بن الوليد عن أرطأة بن المنذر وفيه "أبو الحجاج" ، وكذلك رواه من هذه الطريق نفسها، ابن كثير في التفسير، ثم قال: "رواه ابن جرير، ورواه ابن أبي حاتم من حديث إسماعيل بن عياش، عن أرطأة بن المنذر، عن أبي الحجاج يوسف الألهاني قال سمعت أبا أمامة" ، فصرح باسم "أبي الحجاج" وأنه "يوسف الألهاني" (حادي الأرواح 2: 38 / تفسير ابن كثير 4: 52) . ولما طلبت "يوسف الألهاني" ، وجدته في التاريخ الكبير للبخاري 4 / 2 / 376، 377 قال: "يوسف الألهاني أبو الضحاك الحمصي، سمع أبا أمامة الباهلي وابن عمر، وروى عنه أرطأة. حدثنا إسحق بن يزيد، قال حدثنا أبو مطيع معاوية، سمع أرطأة، سمع أبا الضحاك" . ووجدته في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 4 / 2 / 35: "يوسف الألهاني، أبو الضحاك الحمصي، روى ابن عمر وأبي أمامة، عنه أرطأة بن المنذر" . والذي نقله ابن كثير عن تفسير ابن أبي حاتم نفسه فيه: "أبو الحجاج يوسف الألهاني" ، والذي في الجرح والتعديل: "أبو الضحاك" ، يؤيده ما جاء في التاريخ الكبير. والمشكل أن يتفق نص ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل. ونص البخاري، ثم يختلف نقل ابن كثير عن تفسير ابن أبي حاتم، متفقًا مع ما جاء في نسخ الطبري ومن نقل عنه، وكنيته فيها "أبو الحجاج" ، والذي أرجحه أن الصواب هو ما في التاريخ الكبير وابن أبي حاتم: "أبو الضحاك" . ومع كل ذلك لم أجد ما يهديني إلى الصواب المحقق، و "يوسف الألهاني" "أبو الضحاك" ، أو "أبو الحجاج" ، تابعي كما ترى، ولكن لم أجد له ذكرًا في غير ما ذكرت من كتب، ولم يبين حاله. فهذا إسناد فيه نظر، لما وجدت في التابعي من الاختلاف، وقد رأيت أيضًا أنه لم يتفرد بروايته بقية بن الوليد، عن أرطاة بن المنذر فيكون تفرد فيه بقية قادحًا في إسناده. فقد رواه عن أرطاة أيضًا "إسماعيل بن عياش" . ومع ذلك يظل في الإسناد شيء، وفي النفس منه شيء. و "إسماعيل بن عياش الحمصي" ، مضى مرارًا، آخرها رقم: 14212، وهو ثقة، ولكنهم تكلموا فيه، وضعفوه في بعض حديثه. بما صبرتم فنعم عقبى الدار "، وأبو بكر وعمر وعثمان. (1) " * * * وأما قوله: (سلام عليكم بما صبرتم) فإن أهل التأويل قالوا في ذلك نحو قولنا فيه. *ذكر من قال ذلك: 20346- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الرزاق، عن جعفر بن سليمان، عن أبي عمران الجوني أنه تلا هذه الآية: (سلام عليكم بما صبرتم) قال: على دينكم. 20347- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: (سلام عليكم بما صبرتم) قال: حين صبروا بما يحبه الله فقدّموه. وقرأ: (وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحرِيرًا) ، حتى بلغ: (وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا) [سورة الإنسان:2-22] وصبروا عما كره الله وحرم عليهم، وصبروا على ما ثقل عليهم وأحبه الله، فسلم عليهم بذلك. وقرأ: (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار) . * * * وأما قوله: (فنعم عقبى الدار) فإن معناه إن شاء الله كما:- 20348- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال حدثنا عبد الرزاق، عن جعفر، عن أبي عمران الجوني في قولهم (فنعم عقبى الدار) قال: الجنة من النار. (2) * * * (1) الأثر: 20345 - "إبراهيم بن محمد" ، هو "إبراهيم بن محمد بن الحارث بن أسماء بن خارجة الفزاري" ، ثقة مأمون، مضى مرارًا، آخرها رقم: 11358. و "سهيل بن أبي صالح، ذكوان السمان" ، ثقة، روى له الجماعة، متكلم في بعض روايته. مضى أخيرًا برقم: 11503، وكان في المطبوعة: "سهل" غير مصغر، وهو خطأ. لم يحسن الناشر قراءة المخطوطة لأنها غير منقوطة. و "محمد بن إبراهيم" ، لعله: "محمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد التيمي" ، تابعي ثقة، روى له الجماعة، مترجم في التهذيب، والكبير 1 / 1 / 22، وابن أبي حاتم 3 / 2 / 184. (2) أي الجنة بدلا من النار، كما سلف في ص: 422. القول في تأويل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (25) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره وأما الذين ينقضون عهد الله، ونقضهم ذلك، خلافهم أمر الله، وعملهم بمعصيته (1) (من بعد ميثاقه) ، يقول: من بعد ما وثّقوا على أنفسهم لله أن يعملوا بما عهد إليهم (2) = (ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل) ، (3) يقول: ويقطعون الرحم التي أمرهم الله بوصلها= (ويفسدون في الأرض) ، فسادهم فيها: عملهم بمعاصي الله (( 4) أولئك لهم اللعنة) ، يقول: فهؤلاء لهم اللعنة، وهي البعد من رحمته، والإقصاء من جِنانه (5) = (ولهم سوء الدار) يقول: ولهم ما يسوءهم في الدار الآخرة. * * * 20349- حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قال: أكبر الكبائر الإشراك بالله، لأن الله يقول: (وَمَْن يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ) [سورة الحج:31] ، ونقض العهد، وقطيعة الرحم، لأن الله تعالى يقول: (أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار) ، يعني: سوء العاقبة. 20350- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج قال (1) انظر تفسير "النقض" فيما سلف 9: 363 / 10: 125 / 14: 22. (2) انظر تفسير "الميثاق" فيما سلف ص: 419، تعليق: 2، والمراجع هناك. (3) انظر تفسير "الوصل" فيما سلف 1: 415 وهذا ص: 420، تعليق: 1. (4) انظر تفسير "الفساد في الأرض" فيما سلف من فهارس اللغة (فسد) . (5) انظر تفسير "اللعنة" فيما سلف 15: 467، تعليق: 1، والمراجع هناك. : قال ابن جريج، في قوله: (ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل) ، قال: بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا لم تمش إلى ذي رحمك برجلك ولم تعطه من مالك فقد قطعته" . 20351- حدثني محمد بن المثنى قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن مصعب بن سعد قال: سألت أبي عن هذه الآية: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا) [سورة الكهف:103، 104] ، أهم الحرورية؟ قال: لا ولكن الحرورية (الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار) ، فكان سعدٌ يسميهم الفاسقين. (1) 20352- حدثنا ابن المثنى قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة قال: سمعت مصعب بن سعد قال: كنت أمسك على سعدٍ المصحف، فأتى على هذه الآية، ثم ذكر نحو حديث محمد بن جعفر. (2) * * * (1) الأثر: 20351 - "مصعب بن سعد بن أبي وقاص" ، تابعي ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا، آخرها رقم: 18776. رواه البخاري في صحيحه من طريق محمد بن بشار، عن محمد بن جعفر، مطولا (الفتح 8: 323) وسيأتي مطولا في التفسير 17: 27 (بولاق) في تفسير آية سورة الكهف. رواه الحاكم في المستدرك 2: 370، من طريق "إسحاق، عن جرير، عن منصور، عن مصعب بن سعد" ، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه" . ووافقه الذهبي. ثم انظر تخريجه في غير المطبوع من الكتب، في الدر المنثور 4: 253. وسيأتي بإسناد آخر في الذي يليه. (2) الأثر: 20352 - هو مكرر الذي قبله من رواية أبي داود الطيالسي، عن شعبة. القول في تأويل قوله تعالى: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا مَتَاعٌ (26) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: الله يوسّع على من يَشاء من خلقه في رزقه، فيبسط له منه (1) لأن منهم من لا يُصْلحه إلا ذلك= (ويقدر) ، يقول: ويقتِّر على من يشاء منهم في رزقه وعيشه، فيضيّقه عليه، لأنه لا يصلحه إلا الإقتار= (وفرحوا بالحياة الدنيا) ، يقول تعالى ذكره: وفرح هؤلاء الذين بُسِط لهم في الدنيا من الرزق على كفرهم بالله ومعصيتهم إياه بما بسط لهم فيها، وجهلوا ما عند الله لأهل طاعته والإيمان به في الآخرة من الكرامة والنعيم. ثم أخبر جلّ ثناؤه عن قدر ذلك في الدنيا فيما لأهل الإيمان به عنده في الآخرة وأعلم عباده قِلّته، فقال: (وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع) ، يقول: وما جميع ما أعطى هؤلاء في الدنيا من السَّعة وبُسِط لهم فيها من الرزق ورغد العيش، فيما عند الله لأهل طاعته في الآخرة= (إلا متاع) قليل، وشيء حقير ذاهب. (2) كما:- 20353- حدثنا الحسن بن محمد، قال، حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (إلا متاع) قال: قليلٌ ذاهب. 20354- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد = 20355- ... قال: وحدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع) ، قال: قليلٌ ذاهب. (1) انظر تفسير "البسط" فيما سلف 5: 288 - 290 / 10: 452. (2) انظر تفسير "المتاع" فيما سلف: 414، تعليق: 2، والمراجع هناك. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الرعد الحلقة (900) صــ 431 إلى صــ 440 20356- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن بكير بن الأخنس، عن عبد الرحمن بن سابط في قوله: (وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاعٌ) قال: كزاد الرّاعي يُزوِّده أهله: الكفِّ من التمر، أو الشيء من الدقيق، أو الشيء يشرَبُ عليه اللبن. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنزلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ (27) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ويقول لك يا محمد، مشركو قومك: هلا أنزل عليك آية من ربك، إمّا ملك يكون معك نذيرًا، أو يُلْقَى إليك كنز؟ فقل: إن الله يضل منكم من يشاء أيها القوم، فيخذله عن تصديقي والإيمان بما جئته به من عند ربي= (ويَهدي إليه من أناب) ، فرجع إلى التوبة من كفره والإيمان به، فيوفقه لاتباعي وتصديقي على ما جئته به من عند ربه، وليس ضلالُ من يضلّ منكم بأن لم ينزل علي آية من ربّي ولا هداية من يهتدي منكم بأنَّها أنزلت عليّ، وإنما ذلك بيَدِ الله، يوفّق من يشاء منكم للإيمان ويخذل من يشاء منكم فلا يؤمن. * * * وقد بينت معنى "الإنابة" ، في غير موضع من كتابنا هذا بشواهده، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (1) * * * (1) انظر تفسير "الإنابة" فيما سلف 15: 406، 454. ولقد نسي أبو جعفر رحمه الله، فإنه لم يذكر "الإنابة" في غير هذين الموضعين القريبين، ولم يذكر في تفسيرهما شيئًا من الشواهد، وكأنه لما أوغل في التفسير، وكان قد أعد له العدة، شبه عليه الأمر، وظن أن الذي سيأتي مرارًا، مضى قبل ذلك مرارًا، فقال من ذلك ما قال هنا، وقد مر مثله وأشرت إليه. 20357- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (ويهدي إليه من أناب) : أي من تاب وأقبل. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28) } القول في تأويل قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ (29) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (ويهدي إليه من أناب) بالتوبة الذين آمنوا. * * * و (الذين آمنوا) في موضع نصب، ردٌّ على "مَنْ" ، لأن "الذين آمنوا" ، هم "من أناب" ، ترجم بها عنها. (1) * * * وقوله: (وتطمئن قلوبهم بذكر الله) ، يقول: وتسكن قلوبهم وتستأنس بذكر الله، (2) كما:- 20358- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وتطمئن قلوبهم بذكر الله) يقول: سكنت إلى ذكر الله واستأنست به. * * * وقوله: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) ، يقول: ألا بذكر الله تسكن وتستأنس قلوبُ المؤمنين. (3) (1) "الترجمة" ، البدل أو عطف البيان، وانظر ما سلف قريبًا ص: 423، تعليق: 1، والمراجع هناك. (2) انظر تفسير "الاطمئنان" فيما سلف 15: 25، تعليق 1، والمراجع هناك. (3) انظر تفسير "الاطمئنان" فيما سلف 15: 25، تعليق 1، والمراجع هناك. وقيل: إنه عنى بذلك قلوب المؤمنين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. ذكر من قال ذلك: 20359- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) لمحمد وأصحابه. 20360- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل (1) = 20361- وحدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء= عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) قال: لمحمد وأصحابه. 20362- ... قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا أحمد بن يونس قال، حدثنا سفيان بن عيينة في قوله: (وتطمئن قلوبهم بذكر الله) قال: هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. * * * وقوله: (الذين آمنوا وعملوا الصالحات) ، الصالحات من الأعمال، وذلك العمل بما أمرهم ربهم= (طوبى لهم) . * * * و "طوبى" في موضع رفع بـ "لهم" . وكان بعض أهل البصرة والكوفة يقول: ذلك رفع، كما يقال في الكلام: "ويلٌ لعمرو" . * * * (1) كرر هذا الإسناد في المطبوعة وحدها، وقال ناشر المطبوعة الأولى، "كذا في النسخ بهذا التكرار فانظره" ، وليس مكررًا في مخطوطتنا، كأنه لم يرجع إليها. قال أبو جعفر: وإنما أوثر الرفع في (طوبى) لحسن الإضافة فيه بغير "لام" ، وذلك أنه يقال فيه "طوباك" ، كما يقال: "ويلك" ، و "ويبك" ، ولولا حسن الإضافة فيه بغير لام، لكان النصب فيه أحسنَ وأفصح، كما النصب في قولهم: "تعسًا لزيد، وبعدًا له وسُحقًا" أحسن، إذ كانت الإضافة فيها بغير لام لا تحسن. * * * وقد اختلف أهل التأويل في تأويل قوله (طوبى لهم) . فقال بعضهم: معناه: نِعْم ما لهم. ذكر من قال ذلك: 20363- حدثني جعفر بن محمد البروري من أهل الكوفة قال: حدثنا أبو زكريا الكلبي، عن عمر بن نافع قال: سئل عكرمة عن "طوبى لهم" قال: نعم ما لهم. (1) 20364- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا عمرو بن نافع، عن عكرمة في قوله: (طوبى لهم) قال: نعم ما لهم. 20365- حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثني عمرو بن (1) الأثر: 20363 - "جعفر بن محمد البروري، من أهل الكوفة" شيخ الطبري، هكذا جاء في المخطوطة، وهو ما لا أعرف. وقد مضى برقم: 9800، وذكرت هناك أني لم أجده، وكان فيما سلف: "جعفر بن محمد الكوفي المروزي" ، وذكرت أنه روى عنه في التاريخ 5: 18، وصح عندي أنه هو هو في المواضع الثلاثة، لأنه روى عنه في التاريخ قال: "حدثني جعفر بن محمد الكوفي وعباس بن أبي طالب قالا، حدثنا أبو زكريا يحيي بن مصعب الكلبي، قال حدثنا عمر بن نافع" . فهذا هو بعض إسنادنا هذا. و "أبو زكريا الكلبي" ، هو "يحيي بن مصعب الكلبي الكوفي" ، وهو "جار الأعمش" . روى عن الأعمش حكايات، وروى عن عمر بن نافع، وهو صدوق. مترجم في الكبير 4 / 2 / 306، وابن أبي حاتم 4 / 2 / 190. و "عمر بن نافع الثقفي" ، متكلم فيه، مضى قريبًا برقم: 20229، وكان في المخطوطة هنا: "عمرو بن نافع" ، وهو فيها على الصواب في الإسناد التالي، أما المطبوعة فقد تبع خطأ المخطوطة الأول، وترك صوابها الثاني!! . نافع قال: سمعت عكرمة، في قوله: (طوبى لهم) قال: نِعْم مَا لهم. * * * وقال آخرون: معناه: غبطة لهم. *ذكر من قال ذلك: 20366- حدثنا أبو هشام قال: حدثنا أبو خالد الأحمر، عن جويبر، عن الضحاك: (طوبى لهم) قال: غبطةٌ لهم. 20367- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الرحمن بن مغراء، عن جويبر، عن الضحاك، مثله. 20368- ... قال: حدثنا عمرو بن عون قال: أخبرنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك، مثله. * * * وقال آخرون: معناه: فرحٌ وقُرَّةُ عين. *ذكر من قال ذلك: 20369- حدثني علي بن داود والمثنى بن إبراهيم قالا حدثنا عبد الله قال. حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (طوبى لهم) ، يقول: فرحٌ وقُرَّة عين. * * * وقال آخرون: معناه: حُسْنَى لهم. *ذكر من قال ذلك: 20370- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (طوبى لهم) ، يقول: حسنى لهم، وهي كلمة من كلام العرب. 20371- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة. (طوبى لهم) ، هذه كلمة عربية، يقول الرجل: طوبى لك: أي أصبتَ خيرًا. * * * وقال آخرون: معناه: خير لهم. ذكر من قال ذلك: 20372- حدثنا أبو هشام قال: حدثنا ابن يمان قال: حدثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم قال: خير لهم. 20373- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، في قوله: (طوبى لهم) ، قال: الخير والكرامة التي أعطاهم الله. * * * وقال آخرون: (طوبى لهم) ، اسم من أسماء الجنة، ومعنى الكلام، الجنة لهُم. *ذكر من قال ذلك: 20374- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (طوبى لهم) قال: اسم الجنة، بالحبشية. 20375- حدثنا أبو هشام قال: حدثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (طوبى لهم) ، قال: اسم أرض الجنة، بالحبشية. 20376- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد بن مشجوج في قوله: (طوبى لهم) قال: (طوبى) : اسم الجنة بالهندية. 20377- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا داود بن مهران قال: حدثنا يعقوب، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن مشجوج قال: اسم الجنة بالهندية: (طوبى) . (1) (1) الأثران: 20376، 20377 - "سعيد بن مشجوج" أو "بن مسجوح" ، أو و "ابن مسجوع" ، وهكذا جاء مختلفًا في المخطوطة، ثم في تفسير ابن كثير 4: 523، والدر المنثور 4: 59، ونسبه لابن جرير، وأبي الشيخ. ولم أجد له ذكرًا في شيء من كتب الرجال، مع مراجعته على وجوه التصحيف والتحريف. ولكني وجدت في لسان العرب مادة (كرم) و (كسا) ، وفيهما قال: "سعيد بن مسحوح الشيباني" ، وفي شرح القاموس "ابن مشجوج" ونسب إليه السيرافي وابن بري شعر أبي خالد القناني الخارجي، الذي يقول في أوله: لَقَدْ زَادَ الحَيَاة إلّي حبًّا ... بَنَاتِي إنَّهن مِنَ الضعَافِ وانظر الكامل 2: 107، هذا غاية ما وجدته، ولا أدري علاقة ما بين هذين الاسمين، وفوق كل ذي علم عليم. 20378- حدثنا أبو هشام قال: حدثنا ابن يمان قال: حدثنا سفيان، عن السدي، عن عكرمة: (طوبى لهم) قال: الجنة. 20379- ... قال: حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (طوبى لهم) قال: الجنة. 20380- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. 20381- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثنى عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب) قال: لما خلق الله الجنة وفرغ منها قال: (الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب) ، وذلك حين أعجبته. 20382- حدثنا أحمد قال: حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا شريك، عن ليث، عن مجاهد: (طوبى لهم) ، قال الجنة. * * * وقال آخرون: (طوبى لهم) : شجرة في الجنة. *ذكر من قال ذلك: 20383- حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا قرة بن خالد، عن موسى بن سالم قال: قال ابن عباس: (طوبى لهم) ، شجرة في الجنة. (1) (1) الأثر: 20383 - "موسى بن سالم" ، مولى آل العباس، ثقة، حديثه عن ابن عباس مرسل، وروى عن عبد الله بن عبيد الله بن عباس. مترجم في التهذيب، والكبير 4 / 1 / 284، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 143. 20384- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الأشعث بن عبد الله، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة: (طوبى لهم) : شجرة في الجنة يقول لها: "تَفَتَّقي لعبدي عما شاء" ! فتتفتق له عن الخيل بسروجها ولُجُمها، وعن الإبل بأزمّتها، وعما شاء من الكسوة. (1) 20385- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا يعقوب، عن جعفر، عن شهر بن حوشب قال: (طوبى) : شجرة في الجنة، كل شجر الجنة منها، أغصانُها من وراء سور الجنة. 20386- حدثني المثنى قال: حدثنا سويد بن نصر قال: أخبرنا ابن المبارك، عن معمر، عن الأشعث بن عبد الله، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة قال: في الجنة شجرة يقال لها (طوبى) ، يقول اللهُ لها: تفَتَّقِي= فذكر نحو حديث ابن عبد الأعلى، عن ابن ثور. (2) 20387- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا عبد الجبار قال: حدثنا مروان، قال: أخبرنا العلاء، عن شمر بن عطية، في قوله: (طوبى لهم) قال: هي شجرة في الجنة يقال لها (طوبى) . 20388- حدثني المثنى قال: حدثنا سويد قال: أخبرنا ابن المبارك، عن سفيان، عن منصور، عن حسان أبي الأشرس، عن مغيث بن سُمَيّ قال: (طوبى) : شجرة في الجنة، ليس في الجنة دارٌ إلا فيها غصن منها، فيجيء (1) الأثر: 20384 - "أشعث بن عبد الله بن جابر الحداني، الحملي" الأعمى، وينسب إلى جده فيقال: "أشعث بن جابر" ، وهو ثقة، يعتبر بحديثه. وقال العقيلي: في حديثه وهم. ووثقه ابن معين والنسائي وابن حبان. مضى برقم: 8358، وهو مترجم في التهذيب، والكبير 1 / 1 / 429 في "أشعث بن جابر" ثم فيه 1 / 1 / 433 في "أشعث أبو عبد الله الحملي" ، وفي ابن أبي حاتم 1 / 1 / 273. و "شهر بن حوشب" ، مضى مرارًا، وثقوه، وتكلموا فيه. وهذا خبر موقوف على أبي هريرة. وسيأتي من طريق أخرى برقم: 20386. (2) الأثر: 20386 - هو مكرر الأثر السالف رقم: 20384. الطائر فيقع، فيدعوه، فيأكل من أحد جنبيه قَدِيدًا ومن الآخر شِوَاء، ثم يقول: "طِرْ" ، فيطير. (1) 20389- ... قال: حدثنا أبو صالح قال: حدثني معاوية، عن بعض أهل الشأم قال: إن ربك أخذ لؤلؤة فوضعها على راحتيه، ثم دملجها بين كفيه، (2) ثم غرسها وسط أهل الجنة، ثم قال لها: امتدّي حتى تبلغي مَرْضاتي ". ففعلت، فلما استوت تفجَّرت من أصولها أنهار الجنة، وهي" طوبى "." 20390- حدثنا الفضل بن الصباح قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني قال: حدثني عبد الصمد بن معقل، أنه سمع وهبًا يقول: إن في الجنة شجرة يقال لها: "طوبى" ، يسير الراكب في ظلها مئة عام لا يقطعها ; زهرها رِيَاط، (3) وورقها بُرود (4) وقضبانها عنبر، وبطحاؤها ياقوت، وترابها كافور، ووَحَلها مسك، يخرج من أصلها أنهارُ الخمر واللبن والعسل، وهي مجلسٌ لأهل الجنة. فبينا هم في مجلسهم إذ أتتهم ملائكة من ربِّهم، يقودون نُجُبًا مزمومة بسلاسل من ذهب، وجوهها كالمصابيح من حسنها، وبَرَها كخَزّ المِرْعِزَّى من لينه، (5) عليها رحالٌ ألواحها من ياقوت، ودفوفها من ذهب، (1) الأثر: 20388 - "منصور" ، هو "منصور بن المعتمر" ، مضى مرارًا. و "حسان أبو الأشرس" ، هو "حسان بن أبي الأشرس بن عمار الكاهلي" ، وهو "حسان بن المنذر" كنيته وكنية أبيه "أبو الأشرس" ، ثقة، مترجم في التهذيب، والكبير 2 / 1 / 32، وابن أبي حاتم 1 / 2 / 235. و "مغيث بن سمى الأوزاعي" ، تابعي ثقة، مترجم في التهذيب، والكبير 4 / 2 / 24، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 391 وسيأتي هذا الخبر مطولا بإسناد آخر رقم: 20392. (2) "دملج الشيء دملجة" ، إذ سواه وأحسن صنعته، كما يدملج السوار. (3) "الرياط" جمع "ريطة" ، وهي كل ثوب لين رقيق. (4) "برود" ، جمع "برد" ، هو من ثياب الوشي. (5) "المرعزي" (بكسر الميم وسكون الراء، وكسر العين وتشديد الزاي المفتوحة) ، هو الزغب الذي تحت شعر العنز، وهو ألين الصوف وميم "المرعزي" زائدة، ومادته (رعز) . وثيابها من سندس وإستبرق، فينيخونها ويقولون: إن ربنا أرسلنا إليكم لتزوروه وتسلِّموا عليه. قال: فيركبونها، قال: فهي أسرع من الطائر، وأوطأ من الفراش نُجُبًا من غير مَهنَة، (1) يسير الرَّجل إلى جنب أخيه وهو يكلمه ويناجيه، لا تصيب أذُنُ راحلة منها أذُنَ صاحبتها، ولا بَرْكُ راحلة بركَ صاحبتها، (2) حتى إن الشجرة لتتنحَّى عن طرُقهم لئلا تفرُق بين الرجل وأخيه. قال: فيأتون إلى الرحمن الرحيم، فيُسْفِر لهم عن وجهه الكريم حتى ينظروا إليه، فإذا رأوه قالوا: اللهم أنت السلام ومنك السلام، وحُقَّ لك الجلال والإكرام ". قال: فيقول تبارك وتعالى عند ذلك:" أنا السلام، ومنى السلام، وعليكم حقّت رحمتي ومحبتي، مرحبًا بعبادي الذين خَشُوني بغَيْبٍ وأطاعوا أمري ".قال: فيقولون:" ربنا إنا لم نعبدك حق عبادتك ولم نقدرك حق قدرك، فأذن لنا بالسجود قدَّامك "قال: فيقول الله: إنها ليست بدار نَصَب ولا عبادة، ولكنها دارُ مُلْك ونعيم، وإني قد رفعت عنكم نَصَب العبادة، فسلوني ما شئتم، فإن لكل رجل منكم أمنيّته" . فيسألونه، حتى إن أقصرهم أمنيةً ليقول: ربِّ، تنافس أهل الدنيا في دنياهم فتضايقوا فيها، رب فآتني كل شيء كانوا فيه من يوم خلقتها إلى أن انتهت الدنيا "فيقول الله: لقد قصّرت بك اليوم أمنيتُك، ولقد سألت دون منزلتك، هذا لك مني، وسأتحفك بمنزلتي، لأنه ليس في عطائي نكَد ولا تَصْريدٌ" (3) . قال: ثم يقول: "اعرضوا على عبادي ما لم تبلغ أمانيهم، ولم يخطر لهم على بال" . قال: فيعرضون عليهم حتى يَقْضُوهم أمانيهم التي في أنفسهم، فيكون فيما يعرضون عليهم بَرِاذين مقرَّنة، على كل أربعة منها سرير من ياقوتة واحدة، على كل سرير منها قبة من ذهب مُفْرَغة، في كل قبة منها فُرُش من فُرُش الجنة مُظَاهَرة، في كل قبة منها جاريتان من الحور العين، على كل جارية منهن ثوبان من ثياب الجنة، ليس في الجنة لونٌ إلا وهو فيهما، ولا ريح طيبة إلا قد عَبِقتَا به، ينفذ ضوء وجوههما غِلَظ القبة، حتى يظن من يراهما أنهما من دُون القُبة، يرى مخهما من فوق سوقهما كالسِّلك الأبيض من ياقوتة حمراء، يريان له من الفضل على صاحبته كفضل الشمس على الحجارة، أو أفضل، ويرى هولُهما مثل ذلك. ثم يدخل إليهما فيحييانه ويقبّلانه ويعانقانه، ويقولان له: "والله ما ظننا أن الله يخلق مثلك" ، ثم يأمر الله الملائكة فيسيرون بهم صفًّا في الجنة، حتى ينتهي كل رجُل منهم إلى منزلته التي أعدّت له. (4) 20391- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال: حدثنا علي بن جرير، عن حماد قال: شجرة في الجنة في دار كل مؤمن غصن منها. 20392- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن حسان بن أبي الأشرس، عن مغيث بن سمي قال: "طوبى" ، شجرة في الجنة، لو أن رجلا ركب قلوصًا جَذَعا أو جَذَعَة، ثم دار بها، لم يبلغ المكان الذي ارتحل منه حتى يموت هَرمًا. وما من أهل الجنة منزل إلا فيه غصن من أغصان تلك الشجرة متدلٍّ عليهم، فإذا أرادوا أن يأكلوا من الثمرة تدلّى إليهم (1) "المهنة" (بفتحات) جمع "ماهن" ، ويجمع على "مهان" ، نحو "كاتب، وكتبة، وكتاب" ، وهو الخادم. (2) هكذا في المخطوطة، وفي تفسير ابن كثير "برك" ، وفي الدر المنثور "لا تزل راحلة بزل صاحبتها" ، وأنا أرجح أن الصواب: "ولا ورك راحلة ورك صاحبتها" ولكن الناسخ الأول وصل الواو بالراء، فأتى ناسخنا هذا فوصل بغير بيان ولا معرفة. (3) في المطبوعة: "ولا قصر يد" ، وهو كلام غث بل هو عين الغثاثة. و "التصريد" في العطاء تقليله. (4) الأثر: 20390: الفضل بن الصباح البغدادي "، شيخ الطبري ثقة، مضى برقم: 2252، 3958." و "إسماعيل بن الكريم بن معقل الصنعاني" ، ثقة، مضى برقم: 995، 5598. و "عبد الصمد بن معقل بن منبه اليماني" ، ثقة، روى عن عمه وهب بن منبه، مضى برقم: 995. وقد رواه ابن كثير في التفسير 4: 524، وقال قبله: "روى ابن جرير عن وهب بن منبه هاهنا أثرًا غريبًا عجيبًا" ، ثم أتم الخبر من طريق ابن أبي حاتم، ثم قال: "وهذا سياق غريب، وأثر عجيب، ولبعضه شواهد" . https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الرعد الحلقة (901) صــ 441 إلى صــ 450 فيأكلون منه ما شاؤوا، ويجيء الطير فيأكلون منه قديدًا وشواءً ما شاءوا، ثم يطير. (1) * * * وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر بنحو ما قال من قال هي شجرة. *ذكر الرواية بذلك: 20393- حدثني سليمان بن داود القومسي قال، حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع قال: حدثنا معاوية بن سلام، عن زيد: أنه سمع أبا سَلام قال: حدثنا عامر بن زيد البكالي: أنه سمع عتبة بن عبد السلمِيّ يقول: جاء أعرابيٌّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، في الجنة فاكهة؟ (2) قال: نعم، فيها شجرة تدعى "طوبى" ، هي تطابق الفردوس. قال: أيّ شجر أرضنا تشبه؟ قال: ليست تشبه شيئًا من شجر أرضك، ولكن أتيتَ الشام؟ فقال: لا يا رسول الله. فقال: فإنها تشبه شجرة تدعى الجَوْزة، تنبت على ساق واحدة، ثم ينتشر أعلاها. قال: ما عِظَم أصلها؟ قال: لو ارتحلتَ جَذَعةً من إبل أهلك، ما أحاطت بأصلها حتى تنكسر تَرْقُوتَاهَا هَرَمًا (3) . (1) الأثر: 20392 - "حسان بن أبي الأشرس" ، سلف برقم: 20388. و "مغيث بن سمى" ، سلف برقم 20388. وهو مطول الأثر السالف: 20388. (2) في المطبوعة: "إن في الجنة ..." ، وأثبت ما في المخطوطة. (3) الأثر: 20393 - "سليمان بن داود القومسي" ، شيخ الطبري، لم أجد له ترجمة فيما بين يدي من الكتب. و "أبو توبة" ، "الربيع بن نافع" ، ثقة مضى برقم: 3833. و "معاوية بن سلام بن أبي سلام" ، ثقة، روى له الجماعة، روى عن أبيه وجده، وأخيه زيد، مضى برقم: 16557. وأخوه "زيد بن سلام بن أبي سلام" ثقة، روى عن جده "أبي سلام" ، مترجم في التهذيب، والكبير 2 / 1 / 361، وابن أبي حاتم 1 / 2 / 564. و "أبو سلام" ، هو "ممطور" الأسود الحبشي، ثقة، مضى مرارًا، آخرها رقم: 16557. و "عامر بن زيد البكالي" ، تابعي، ثقة، مترجم في ابن أبي حاتم 3 / 1 / 320. و "عتبة بن عبد السلمى" ، "أبو الوليد" ، له صحبة، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم. مترجم في الإصابة، وأسد الغابة، والاستيعاب، والتهذيب، وابن أبي حاتم 3 / 371، وابن سعد 7 / 2 / 132. فهذا إسناد جيد، ورواه أحمد في مسنده 4: 183، 184، مطولا، من طريق "علي بن بحر، عن هشام بن يوسف، عن يحيي بن أبي كثير، عن عامر بن زيد البكالي" ، وهو إسناد صحيح أيضًا، ونقله عن المسند، ابن القيم في حادي الأرواح 1: 263، 264. 20394- حدثنا الحسن بن شبيب قال: حدثنا محمد بن زياد الجزريّ، عن فرات بن أبي الفرات، عن معاوية بن قرة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (طوبى لهم وحسن مآب) :، شجرة غرسها الله بيده، ونفخ فيها من روحه، نبتتْ بالحَلْيِ والحُلل، (1) وإن أغصانها لترى من وراء سور الجنة. (2) 20395- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني عمرو بن الحارث، أن درّاجًا حدّثه أن أبا الهيثم حدثه، عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن رجلا قال له: يا رسول الله، ما طوبى؟ قال: شجرة في الجنة مسيرة مئة سنة، ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها. (3) * * * (1) في المطبوعة، أسقط قوله "نبتت" وأثبتها من المخطوطة. (2) الأثر: 20394 - "الحسن بن شبيب بن راشد" ، شيخ الطبري، سلف برقم: 9642، 11383، قال ابن عدي، "حدث عن الثقات بالبواطيل، ووصل أحاديث هي مرسلة" . و "محمد بن زياد الجزري" ، لعله هو "الرقي" ، لأن الرقة معددة من الجزيرة. وهو "محمد بن زياد اليشكري الطحان، الميمون الرقي" ، وهو كذاب خبيث يضع الحديث، روى عن شيخه الميمون بن مهران وغيره الموضوعات. مترجم في التهذيب، وتاريخ بغداد 5: 279، وابن أبي حاتم 3 / 2 / 258، وميزان الاعتدال 3: 60، وكان في المطبوعة "الجريري" ، غير ما في المخطوطة. و "فرات بن أبي الفرات" ، قال ابن أبي حاتم: "صدوق، لا بأس به" ، وذكره ابن حبان في الثقات قال: "هو حسن الاستقامة والروايات" ، ولم يذكر البخاري فيه جرحًا "ولكن قال يحيي بن معين:" ليس بشيء "، وقال ابن عدي:" الضعف بيّن على رواياته "، وقال الساجي" ضعيف، يحدث بأحاديث فيها بعض المناكير ". مترجم في الكبير 4 / 1 / 129، وابن أبي حاتم 3 / 2 / 80، وميزان الاعتدال 2: 316، ولسان الميزان 4: 432." و "معاوية بن إياس المزني" ، تابعي ثقة، مضى برقم: 11211، 11409. وأبوه "قرة بن إياس بن هلال بن رئاب المزني" ، له صحبة مترجم في التهذيب، والكبير 4 / 1 / 180. وهذا خبر هالك الإسناد، وحسبه ما فيه من أمر "محمد بن زياد" ، ولم أجده عند غير الطبري. (3) الأثر: 20395 - "عمرو بن الحارث بن يعقوب الأنصاري المصري" ، ثقة، روى له الجماعة، سلف مرارًا، آخرها رقم: 17429. و "دراج" ، هو "دراج بن سمعان" ، "أبو السمح" ، متكلم فيه، مضى مرارًا، آخرها رقم: 17754. و "أبو الهيثم" ، هو "سليمان بن عمرو العتواري المصري" ثقة، مضى برقم: 1387، 5518. وقد سلف مثل هذا الإسناد برقم 1387، وصحح هذا الإسناد أخي السيد أحمد رحمه الله. هذا، وقد نقل ابن عدي عن أحمد بن حنبل: "أحاديث دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، فيها ضعف" وقال ابن شاهين: "ما كان بهذا الإسناد فليس به بأس" ، ومقالة أحمد في دراج شديدة فقد نقل عنه عبد الله بن أحمد: "حديثه منكر" . وعندي أن تصحيح مثل هذا الإسناد فيه بعض المجازفة، وأحسن حاله أن يكون مما لا بأس به ومما يعتبر به. وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده 3: 71 من طريق ابن لهيعة. عن دراج أبي السمح = ورواه الخطيب البغدادي في تاريخه 4: 91، من طريق أسد بن موسى، عن ابن لهيعة، مطولا، وصدره "أن رجلا قال له: يا رسول الله، طوبي لمن رآك وآمن بك! قال: طوبى لمن رآني وآمن بي، ثم طوبى، ثم طوبى، ثم طوبى لمن آمن بي ولم يرني، فقال له رجل: وما طوبى؟" ، الحديث. قال أبو جعفر: فعلى هذا التأويل الذي ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، الرواية به، يجب أن يكون القولُ في رفع قوله: (طوبى لهم) خلافُ القول الذي حكيناه عن أهل العربية فيه. وذلك أن الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن "طوبى" اسم شجرة في الجنة، فإذْ كان كذلك، فهو اسم لمعرفة كزيد وعمرو. وإذا كان ذلك كذلك، لم يكن في قوله: (وحسن مآب) إلا الرفع، عطفًا به على "طوبى" . * * * وأما قوله: (وحسن مآب) ، فإنه يقول: وحسن منقلب ; (1) كما:- 20396- حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال: أخبرنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك: (وحسن مآب) ، قال: حسن منقلب. (2) (1) انظر تفسير "المآب" فيما سلف 6: 258، 259. (2) انظر تفسير "المآب" فيما سلف 6: 258، 259. القول في تأويل قوله تعالى: {كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ (30) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: هكذا أرسلناك يا محمد في جماعة من الناس (1) يعني إلى جماعةً= قد خلت من قبلها جماعات على مثل الذي هم عليه، فمضت (2) (لتتلو عليهم الذي أوحينا إليك) ، يقول: لتبلغهم ما أرسَلْتك به إليهم من وحيي الذي أوحيته إليك= (وهم يكفرون بالرحمن) ، يقول: وهم يجحدون وحدانيّة الله، ويكذّبون بها= (قل هو ربي) ، يقول: إنْ كفر هؤلاء الذين أرسلتُك إليهم، يا محمد بالرحمن، فقل أنت: الله ربّي (لا إله إلا هو عليه توكلت والله متاب) ، يقول: وإليه مرجعي وأوبتي. * * * = وهو مصدر من قول القائل: "تبت مَتَابًا وتوبةً. (3) " * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: 20397- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (وهم يكفرون بالرحمن) . ذكر لنا أن نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم زَمَنَ الحديبية حين صالح قريشًا كتب: "هذا ما صالح عليه محمدٌ رسول الله. فقال" (1) انظر تفسير "الأمة" فيما سلف من فهارس اللغة (أمم) . (2) انظر تفسير "خلا" فيما سلف، 350 تعليق: 3 والمراجع هناك. (3) انظر تفسير "التوبة" فيما سلف من فهارس اللغة (توب) . مشركو قريش: لئن كنت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ثم قاتلناك لقد ظلمناك! ولكن اكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله. فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعنا يا رسول الله نقاتلهم! فقال: لا ولكن اكتبوا كما يريدون إنّي محمد بن عبد الله. فلما كتب الكاتب: "بسم الله الرحمن الرحيم" ، قالت قريش: أما "الرحمن" فلا نعرفه ; وكان أهل الجاهلية يكتبون: "باسمك اللهم" ، فقال أصحابه: يا رسول الله، دعنا نقاتلهم! قال: لا ولكن اكتبوا كما يريدون "." 20398- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثنى حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قال قوله: (كذلك أرسلناك في أمة قد خلت) الآية، قال: هذا لمّا كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشًا في الحديبية، كتب: "بسم الله الرحمن الرحيم" ، قالوا: لا تكتب "الرحمن" ، وما ندري ما "الرحمن" ، ولا تكتب إلا "باسمك اللهم" .قال الله: (وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربي لا إله إلا هو) ، الآية. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الأمْرُ جَمِيعًا} قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في معنى ذلك. فقال بعضهم: معناه: (وهم يكفرون بالرحمن) ، ولو أن قرآنًا سيرت به الجبال) ، أي: يكفرون بالله ولو سَيَّر لهم الجبال بهذا القرآن.وقالوا: هو من المؤخر الذي معناه التقديم. وجعلوا جواب "لو" مقدَّمًا قبلها، وذلك أن الكلام على معنى قيلهم: ولو أنّ هذا القرآن سُيَرت به الجبال أو قطعت به الأرض، لكفروا بالرحمن. *ذكر من قال ذلك: 20399- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (ولو أن قرآنا سُيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى) قال: هم المشركون من قريش، قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لو وسعت لنا أودية مكَّة، وسيَّرت جبَالها، فاحترثناها، وأحييت من مات منَّا، وقُطّع به الأرض، أو كلم به الموتى! فقال الله تعالى: (ولو أن قرآنا سُيّرت به الجبال أو قُطّعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الأمر جميعًا) . 20400- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى) ، قول كفار قريش لمحمد: سيِّر جبالنا تتسع لنا أرضُنا فإنها ضيِّقة، أو قرب لنا الشأم فإنا نَتَّجر إليها، أو أخرج لنا آباءنا من القبور نكلمهم! فقال الله تعالى (1) (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى) . 20401- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، بنحوه. 20402- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، نحوه= قال ابن جريج: وقال عبد الله بن كثير قالوا: لو فَسَحت عنّا الجبال، أو أجريت لنا الأنهار، أو كلمتَ به الموتى! فنزل ذلك= قال ابن جريج: وقال ابن عباس: قالوا: سيِّر بالقرآن الجبالَ، قطّع بالقرآن الأرض، أخرج به موتانا. (1) قوله: "فقال الله تعالى" ، ساقطة من المخطوطة، وهي واجبة. 20403- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال: قال ابن كثير: قالوا: لو فسحت عنا الجبال، أو أجريت لنا الأنهار، أو كلمت به الموتى! فنزل: (أفلم ييأس الذين آمنوا) . * * * وقال آخرون: بل معناه: (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال) كلامٌ مبتدأ منقطع عن قوله: (وهم يكفرون بالرحمن) . قال: وجوابُ "لو" محذوف اسْتغنيَ بمعرفة السامعين المرادَ من الكلام عن ذكر جوابها. قالوا: والعرب تفعل ذلك كثيرًا، ومنه قول امرئ القيس: فَلَوْ أَنَّهَا نَفْسٌ تَمُوتُ سَرِيحَةً ... وَلكِنَّهَا نَفْسٌ تَقَطَّعُ أَنْفُسَا (1) وهو آخر بيت في القصيدة، (2) فترك الجواب اكتفاءً بمعرفة سامعه مرادَه، وكما قال الآخر: (3) فَأُقْسِمُ لَوْ شَيْءٌ أَتَانَا رَسُولُهُ ... سِوَاكَ وَلكِنْ لَمْ نَجِدْ لَكَ مَدْفَعَا (4) * * * *ذكر من قال نحو معنى ذلك: (1) ديوانه: 107، وروايتهم: فَلَوْ أَنَّهَا نَفْسٌ تَمُوتُ جَمِيعَةً ... وَلَكِنَّهَا نَفْسٌ تَسَاقَطُ أَنْفُسَا وقوله: "سريحة" ، أي معجلة في سهولة ويسر، من قولهم: "شيء سريح" ، أي سهل أو "أمر سريح" ، أي معجل. (2) في دواوينه المنشورة، ليس هو آخر القصيدة، ولو أحسن ناشرو دواوين الشعر، لأدوا إلينا الروايات المختلفة على ترتيبها، فإن ديوان امرئ القيس المطبوع حديثًا قد أغفل ترتيب الروايات إغفالًا تامًا، مع شدة حاجتنا إلى ذلك في فهم الشعر، وفي إعادة ترتيبه. وهذا مما ابتلى الله به الشعر الجاهلي، أن يحمله إلى الناس من لا يحسنه، حتى ساء ظن الناس فيه، وأكثروا الطعن في روايته. (3) هو امرؤ القيس. (4) سلف البيت وتخريجه وشرحه 15: 277، 278. 20404- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال. حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى) ، ذكر لنا أن قريشًا قالوا: إن سَرَّك يا محمد، اتباعك= أو: أن نتبعك= فسيّر لنا جبال تِهَامة، أو زد لنا في حَرَمنا حتى نتَّخذ قَطَائع نخترف فيها، (1) أو أحِي لنا فلانًا وفلانًا! ناسًا ماتوا في الجاهلية. فأنزل الله: (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى) ، يقول: لو فعل هذا بقرآنٍ قبل قرآنكم لفُعِل بقرآنكم. 20405- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: أن كفّار قريش قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: أذهب عنا جبال تِهَامة حتى نتّخذها زرعًا فتكون لنا أرضين، أو أحي لنا فلانًا وفلانًا يخبروننا: حقٌّ ما تقول! فقال الله: (ولو أن قرآنا سيرت له الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الأمر جميعًا) ، يقول: لو كان فَعل ذلك بشيء من الكتب فيما مضى كان ذلك. 20406- حدثت عن الحسين بن الفرج قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (ولو أن قرآنًا سيرت به الجبال) ، الآية، قال: قال كفار قريش لمحمد صلى الله عليه وسلم: سيّر لنا الجبالَ كما سُخِّرت لداود، أو قَطِّع لنا الأرض كما قُطعت لسليمان، فاغتدى بها شهرًا وراح بها شهرًا، أو كلم لنا الموتَى كما كان عيسى يكلمهم، يقول: لم أنزل بهذا كتابًا، ولكن كان شيئًا أعطيته أنبيائي ورسلي. 20407- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في (1) "نخترف فيها" ، أي: نقيم فيها زمن الخريف، وذلك حين ينزل المطر، وتنبت الأرض. والذي في كتب اللغة "أخرفوا" ، أقاموا بالمكان خريفهم، وهذا الذي هنا قياس العربية نحو "ارتبع" ، و "اصطاف" . قوله: (ولو أن قرآنًا سيرت به الجبال) ، الآية، قال: قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إن كنت صادقًا فسيِّر عنا هذه الجبال واجعلها حروثًا كهيئة أرض الشام ومصر والبُلْدان، أو ابعث موتانَا فأخبرهم فإنهم قد ماتوا على الذي نحن عليه! فقال الله: (ولو أن قرآنًا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى) ، لم يصنع ذلك بقرآن قط ولا كتاب، فيصنع ذلك بهذا القرآن. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا} قال أبو جعفر: اختلف أهل المعرفة بكلام العرب في معنى قوله (أفلم ييأس) . فكان بعض أهل البصرة يزعم أن معناه: ألم يعلمْ ويتبيَّن= ويستشهد لقيله ذلك ببيت سُحَيْم بن وَثيلٍ الرِّياحيّ: أَقُولُ لَهُمْ بالشِّعْبِ إِذْ يَأْسِرُونَنِي ... أَلَمْ تَيْأَسُوا أَنِّي ابْنُ فَارِسِ زَهْدَمِ (1) ويروى: "يَيْسِرُونَني" ، فمن رواه: "ييسرونني" فإنه أراد: يقتسمونني، من "الميسر" ، كما يقسم الجزور. ومن رواه: "يأسرونني" ، فإنه أراد الأسر، وقال: عنى بقوله: "ألم تيأسوا" ، ألم تعلموا. وأنشدوا أيضًا في ذلك: (2) أَلَمْ يَيْأَسِ الأقْوَامُ أَنِّي أَنَا ابْنُهُ ... وَإِنْ كُنْتُ عَنْ أَرْضِ العَشِيرَةِ نَائِيَا (3) (1) مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 332، وأساس البلاغة (يأس) ، وخرجه الأستاذ سيد صقر في مشكل القرآن: 148، وغريب القرآن: 228، واللسان (يأس) . وشرحه وبينه هنالك، وغير هذه المواضع كثير. و "زهدم" فرس سحيم فيما قالوا. ولو صحت نسبة الشعر لسحيم لكان "زهدم" فرس أبيه وثيل. وهذا الشعر ينسب إلى جابر بن سحيم، فإذا صح ذلك، صح أن "زهدم" فرس سحيم. وانظر نسب الخيل لابن الكلبي: 17، وأسماء الخيل لابن الأعرابي: 63. (2) نسب إلى مالك بن عوف، وإلى رياح بن عدي. (3) معجم غريب القرآن في مسائل نافع بن الأزرق، لابن عباس: 291: والقرطبي: 9: 320، وأبو حيان 5: 392، وأساس البلاغة (يأس) ، ولم أعرف الشعر. وفسروا قوله: "ألم ييأس" : ألم يعلَم ويتبيَّن؟ * * * وذكر عن ابن الكلبي أن ذلك لغة لحيّ من النَّخَع يقال لهم: وَهْبيل، تقول: ألم تيأس، كذا بمعنى: ألم تعلمه؟ * * * وذكر عن القاسم ابن معن أنّها لغة هَوازن، وأنهم يقولون: "يئستْ كذا" ، علمتُ. * * * وأما بعض الكوفيين فكان ينكر ذلك، (1) ويزعم أنه لم يسمع أحدًا من العرب يقول: "يئست" بمعنى: "علمت" . ويقول هو في المعنى= وإن لم يكن مسموعًا: "يئست" بمعنى: علمت= يتوجَّهُ إلى ذلك إذ أنه قد أوقع إلى المؤمنين، أنه لو شاء لهدى الناس جميعا، (2) فقال: "أفلم ييأسوا علما" ، يقول: يؤيسهم العلم، فكأن فيه العلم مضمرًا، (3) كما يقال: قد يئست منك أن لا تفلح علمًا، كأنه قيل: علمتُه علمًا قال: وقول الشاعر: (4) حَتَّى إِذَا يَئِسَ الرُّمَاةُ وَأَرْسُلوا ... غُضْفًا دَوَاجِنَ قَافِلا أَعْصَامُهَا (5) معناه: حتى إذا يئسوا من كل شيء مما يمكن، إلا الذي ظهر لهم، أرسلوا، (1) هو الفراء في معاني القرآن، في تفسير الآية، والآتي هو نص كلامه. (2) في المطبوعة: "إن الله قد أوقع ..." ، وأثبت ما في المخطوطة، وهو الموافق لما في معاني القرآن. (3) في معاني القرآن: "فكأن فيهم العلم" ، والصواب ما في الطبري، وهو موافق لما في اللسان (يأس) . (4) هو لبيد. (5) معلقته المشهورة، في صفة صيد البقرة الوحشية. يقول: أرسلوا عليها كلابًا غضف الآذان، وهي كلاب الصيد تسترخى آذانها. و "دواجن" ضاريات قد عودن الصيد. و "القافل" اليابس. و "الأعصام" ، جمع "عصام" ، وهو قلائد من أدم تجعل في أعناق الكلاب، وهي السواجير أيضًا. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الرعد الحلقة (902) صــ 451 إلى صــ 460 فهو في معنى: حتى إذا علموا أن ليس وجه إلا الذي رأوا وانتهى علمهم، فكان ما سواه يأسا. (1) * * * وأما أهل التأويل فإنهم تأولوا ذلك بمعنى: أفلم يعلَم ويتبيَّن. *ذكر من قال ذلك 20408- حدثني يعقوب قال: حدثنا هشيم، عن أبي إسحاق الكوفي، عن [مولى مولى بحير] أن عليًّا رضي الله عنه كان يقرأ: "أَفَلَمْ يَتَبيَّنِ الَّذِينَ آمنُوا" . (2) 20409- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا عبد الوهاب، عن هارون، عن حنظلة، عن شهر بن حوشب، عن ابن عباس: (أفلم ييأس) يقول: أفلم يتبيّن. 20410- حدثنا أحمد بن يوسف قال: حدثنا القاسم قال: حدثنا يزيد، عن جرير بن حازم، عن الزبير بن الخِرِّيت= أو يعلى بن حكيم=، عن عكرمة، عن ابن عباس، أنه كان يقرؤها: "أَفَلَمْ يَتَبيَّنِ الَّذِينَ آمنُوا" ؛ قال: كتب الكاتب الأخرى وهو ناعسٌ. (3) (1) في معاني القرآن: "فكان ما وراءه يأسا" ، وهو جيد. (2) الأثر: 20408 - "أبو إسحاق الكوفي" ، هو "عبد الله بن ميسرة" ، ضعيف واهي الحديث، ووثقه ابن حبان، مضى برقم: 6920، 13489، 20078، وكان هشيم يكنيه بابن له يقال له "إسحاق" ، وكنيته "أبو ليلى" وهشيم يدلس بهذه الكنية. وكان في المخطوطة "ابن إسحاق الكوفي" ، وهو خطأ صرف. وأما الذي بين القوسين، فهو هكذا جاء في المخطوطة، وجعل مكانه في المطبوعة: "عن مولى يخبر" ، تصرف في الإسناد أسوأ التصرف وأشنعه. وهذا الذي بين القوسين ربما قرئ آخره: "مولى بحتر" ، وقد استوعبت ما في تهذيب الكمال للحافظ المزي، في باب من روى عن "علي بن أبي طالب" ، وباب من روى عنه "أبو إسحاق الكوفي" ، فلم أجد شيئًا قريب التحريف من هذا الذي عندنا. ومهما يكن من شيء،فحسب هذا الإسناد وهاء أن يكون فيه "أبو سحاق الكوفي" ، ثم انظر التعليق على الأثر التالي رقم: 20410. وكان في المطبوعة: "كان يقول" مكان: "كان يقرأ" ، لم يحسن قراءة المخطوطة، لأن الناسخ كتب "يقول" ثم جعل الواو "راء" ، وأدخل الألف في اللام، ووضع عليها الهمزة، فاختلط الأمر على الناشر. (3) الأثر: 20410 - "أحمد بن يوسف التغلبي الأحول" ، شيخ أبي جعفر الطبري، هو صاحب أبي عبيد القاسم بن سلام، مشهور بصحبته، ثقة مأمون، مضى مرارًا آخرها رقم: 12994 وهو الذي أخذ عنه أبو جعفر الطبري كتب أبي عبيد القاسم بن سلام. و "القاسم" ، هو "القاسم بن سلام" ، "أبو عبيد" ، الفقيه القاضي، صاحب التصانيف المشهورة، كان إمام دهره في جميع العلوم، وهو صاحب سنة، ثقة مأمون، وثناء الأئمة عليه ثناء لا يدرك. و "يزيد" ، هو "يزيد بن هرون السلمي" ، وهو أحد الحفاظ الثقات الأثبات المشاهير، روى له الجماعة، مضى مرارًا آخرها رقم: 10484. و "جرير" هو "جرير بن حازم الأزدي" ، ثقة حافظ، روى له الجماعة، مضى مرارًا آخرها رقم: 14157. و "الزبير بن الخريت" . ثقة، روى له الجماعة سوى النسائي، مضى برقم: 4985، 11693، وكان في المطبوعة: "الزبير بن الحارث" ، غير ما في المخطوطة مجازفة. و "يعلي بن حكيم" ، ثقة، روى له الجماعة سوى الترمذي، مضى برقم: 12748. فهذا خبر رجاله ثقات، بل كل رجاله رجال الصحيحين، سوى أبي عبيد القاسم بن سلام، وهو أمام ثقة صدوق، فإسناده صحيح، لا مطعن فيه - ومع صحة إسناده لم أجد أحدًا من أصحاب الدواوين الكبار، كأحمد في مسنده، أو الحاكم في المستدرك، ولا أحدًا ممن نقل عن الدواوين الكبار، كالهيثمي في مجمع الزوائد، أخرج هذا الخبر أو أشار إلى هذه القراءة عن ابن عباس، أو علي بن أبي طالب، كما جاء في الخبر الذي قبله رقم: 20408، بل أعجب من ذلك أن ابن كثير، وهو المتعقب أحاديث أبي جعفر في التفسير، لما بلغ تفسير هذه الآية، لم يفعل سوى أن أشار إلى قراءة ابن عباس، وأغفل هذا الخبر إغفالًا على غير عادته، وأكبر ظني أن ابن كثير عرف صحة إسناده، ولكنه أنكر ظاهر معناه إنكارًا حمله على السكوت عنه، وكان خليقًا أن يذكره ويصفه بالغرابة أو النكارة، ولكنه لم يفعل، لأنه فيما أظن قد تحير في صحة إسناده، مع نكارة ما يدل عليه ظاهر لفظه. وزاد هذا الظاهر نكارة عنده، ما قاله المفسرون قبله في هذا الخبر عن ابن عباس، حين رووه غير مسند بألفاظ غير هذه الألفاظ. فلما رأيت ذلك من فعل ابن كثير وغيره، تتبعت ما نقله الناقلون من ألفاظ الخبر، فوجدت بين ألفاظ الخبر التي رويت غير مسندة، وبين لفظ أبي جعفر المسند، فرقًا يلوح علانية، وألفاظهم هذه هي التي دعت كثيرًا من الأئمة يقولون في الخبر مقالة سيئة، بلغت مبلغ الطعن في قائله بأنه زنديق ملحد! ونعم، فإنه لحق ما قالوه في الخبر الذي رووه بألفاظهم، أما لفظ أبي جعفر هذا، وإن كان ظاهره مشكلا، فإن دراسته على الوجه الذي ينبغي أن يدرس به، تزيل عنه قتام المعنى الفاسد الذي يبتدر المرء عند أول تلاوته. فلما شرعت في دراسته من جميع وجوه الدراسة، انفتح لي باب عظيم من القول في هذا الخبر وأشباهه، من مثل قول عائشة أم المؤمنين: "يا ابن أخي، أخطأ الكاتب" ، أي ما كتب في المصحف الإمام، ومعاذ الله أن يكون ذلك ظاهر لفظ حديثها. وهذان الخبران وأشباه لهما يتخذهما المستشرقون وبطانتهم ممن ينتسبون إلى أهل الإسلام، مدرجة للطعن في القرآن. أو تسويلا للتلبيس على من لا علم عنده بتنزيل القرآن العظيم، فاقتضاني الأمر أن أكتب رسالة جامعة في بيان معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "أنزل القرآن على سبعة أحرف" ، وكيف كانت هذه الأحرف السبعة وما الذي بقي عندنا منها، وانتهيت إلى أنها بحمد الله باقية بجميعها في قراءات القرأة، وفي شاذ القراءة، وفي رواية الحروف، لا كما ذهب إليه أبو جعفر الطبري في مقدمة تفسيره (1: 55 - 59) ، ومن ذهب في ذلك مذهبه. ثم بينت ما كان من أمر كتابة المصحف على عهد أبي بكر، ثم كتابة المصحف الإمام على عهد عثمان رضي الله عنهما، وجعلت ذلك بيانًا شافيًا كافيًا بإذن الله. وكنت على نية جعل هذه الرسالة مقدمة للجزء السادس عشر من تفسير أبي جعفر ولكنها طالت حتى بلغت أن تكون كتابًا، فآثرت أن أفردها كتابًا يطبع على حدته إن شاء الله. 20411- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا حجاج بن محمد، عن ابن جُرَيْج قال في القراءة الأولى. زعم ابن كثير وغيره: "أفلم يتَبيَّن" . (1) 20412- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (أفلم ييأس الذين آمنوا) يقول: ألم يتبين. 20413- حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية بن صالح، عن علي، عن ابن عباس قوله: (أفلم ييأس الذين آمنوا) ، يقول: يعلم. 20414- حدثنا عمران بن موسى قال: حدثنا عبد الوارث قال: حدثنا ليث، عن مجاهد، في قوله: (أفلم ييأس الذين آمنوا) قال: أفلم يتبين. (2) 20415- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، في قوله: (أفلم ييأس الذين آمنوا) قال: ألم يتبين الذين آمنوا. 20416- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (أفلم ييأس الذين آمنوا) قال: ألم يعلم الذين آمنوا. (1) الأثر: 20411 - "الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني" ، شيخ الطبري ثقة، أحد أصحاب الشافعي، مضى مرارًا آخرها رقم: 18807. و "حجاج بن محمد المصيصي الأعور" ، "أبو محمد، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا آخرها رقم: 18290." (2) الأثر: 20414 - "عمران بن موسى بن حيان القزاز" ، شيخ الطبري، ثقة، مضى مرارًا آخرها رقم: 8683. و "عبد الوارث" ، هو "عبد الوارث بن سعد بن ذكوان" ، أحد الأعلام، مضى مرارًا آخرها رقم: 15339. و "ليث" ، هو "ليث بن أبي سليم القرشي" ، هو الذي يروي عن مجاهد، مضى مرارًا، آخرها: 9632. 20417- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: (أفلم ييأس الذين آمنوا) قال: ألم يعلم الذين آمنوا. * * * قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك ما قاله أهل التأويل: إن تأويل ذلك: "أفلم يتبين ويعلم" ، لإجماع أهل التأويل على ذلك، والأبيات التي أنشدناها فيه. * * * قال أبو جعفر: فتأويل الكلام إذاً: ولو أنّ قرآنًا سوى هذا القرآن كان سُيّرت به الجبال، لسُيّر بهذا القرآن، أو قُطَعت به الأرض لُقطعت بهذا، أو كُلِّم به الموتى، لكُلِّم بهذا، ولكن لم يُفْعل ذلك بقرآن قبل هذا القرآن فيُفْعل بهذا (1) (بل لله الأمر جميعًا) ، يقول ذلك: كله إليه وبيده، يهدى من يشاءُ إلى الإيمان فيوفِّقَه له، ويُضِل من يشاء فيخذله، أفلم يتبيَّن الذين آمنوا بالله ورسوله= إذْ طمِعوا في إجابتي من سأل نبيَّهم ما سأله من تسيير الجبال عنهم، (2) وتقريب أرض الشأم عليهم، وإحياء موتاهم= أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعًا إلى الإيمان به من غير إيجاد آية، ولا إحداث شيء مما سألوا إحداثه؟ يقول تعالى ذكره: فما معنى محبتهم ذلك، مع علمهم بأن الهداية والإهلاك إليّ وبيدي، أنزلت آيةً أو لم أنزلها ; أهدي من أشاءُ بغير إنزال آية، وأضلّ من أردتُ مع إنزالها. (1) كانت هذه العبارة في المطبوعة: "ولو يفعل بقرآن قبل هذا القرآن لفعل بهذا" ، وهي عبارة فاسدة كل الفساد، صوابها ما في المخطوطة، ولا أدري لم غيره؟ (2) الزيادة بين القوسين، يقتضيها السياق = أو أن يحذف من الكلام "من" في قوله: "من تسيير الجبال" . القول في تأويل قوله تعالى: {وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (31) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (ولا يزال) يا محمد= (الذين كفروا) ، من قومك= (تصيبهم بما صنعوا) من كفرهم بالله، وتكذيبهم إياك، وإخراجهم لك من بين أظهرهم= (قارعة) ، وهي ما يقرعهم من البلاء والعذاب والنِّقم، بالقتل أحيانًا، وبالحروب أحيانًا، والقحط أحيانًا= (أو تحل) ، أنت يا محمد، يقول: أو تنزل أنت= (قريبًا من دارهم) بجيشك وأصحابك= (حتى يأتي وعدُ الله) الذي وعدك فيهم، وذلك ظهورُك عليهم وفتحُك أرضَهمْ، وقهرْك إياهم بالسيف= (إن الله لا يخلف الميعاد) ، يقول: إن الله منجزك، يا محمد ما وعدك من الظهور عليهم، لأنه لا يخلف وعده. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20418- [حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا] أبو داود قال: حدثنا المسعوديّ، عن قتادة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله: (ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة،) قال: سَرِيَّة = (أو تحل قريبًا من دارهم) ، قال: محمد= (حتى يأتي وعد الله) ، قال: فتح مكة. (1) (1) الأثر: 20418 - هذا إسناد لا شك أن قد سقط صدره، وهو الذي زدته بين القوسين، استظهارًا بإسناد سابق رقم: 2156: "حدثنا محمد بن المثنى، عن أبي داود، عن المسعودي ..." و "أبو داود" هو الطيالسي الإمام الحافظ: "سليمان بن داود بن الجارود" ، و "المسعودي" ، هو "عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود" ، مضى مرارًا كثيرة، آخرها: 17982. 20419- حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبي، عن المسعودي، عن قتادة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، بنحوه= غير أنه لم يذكر "سريّة" . 20420- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا أبو قطن قال: حدثنا المسعودي، عن قتادة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، تلا هذه الآية: (ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة) ، قال: "القارعة" : السريّة، (أو تحلّ قريبًا من دارهم) ، قال: هو محمد صلى الله عليه وسلم= (حتى يأتي وعد الله) ، قال: فتح مكة. (1) 20421- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو غسان قال: حدثنا زهير، أن خصيفًا حدثهم، عن عكرمة، في قوله: (ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبًا من دارهم) ، قال: نزلت بالمدينة في سرايَا رسول الله صلى الله عليه وسلَّم= (أو تحل) ، أنت يا محمد= (قريبًا من دارهم) . 20422- حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبي، عن النضر بن عربيّ، عن عكرمة: (ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة) ، قال: سرية= (أو تحلّ قريبًا من دارهم) ، قال: أنت يا محمد. 20423- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة) ، يقول: عذابٌ من السماء ينزل عليهم= (أو تحلّ قريبًا من دارهم) ، يعني: نزول رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم وقتالَه إياهم. 20424- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، (1) الأثر: 20420 - "أبو قطن" ، هو "عمرو بن الهيثم البغدادي" ثقة، سلف برقم: 18674، 20091. وكان هذا الإسناد مكررًا في المخطوطة، ثم ختمه بقوله: "عن ابن عباس بنحوه، غير أنه لم يذكر سرية" ، وهذا يناقض رواية الإسناد بعده. والظاهر أنه لما قلب الورقة ليكتب بقية الخبر، سبق نظره إلى ختام الخبر السالف، ثم تابع النقل على الصواب، فكرر الإسناد ثم أتبعه الخبر. عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (تصيبهم بما صنعوا قارعة) ، تصاب منهم سَرِيَّة، أو تصاب منهم مصيبة= أو يحل محمد قريبًا من دارهم= وقوله: (حتى يأتي وعد الله) قال: الفتح. 20425- حدثني المثنى قال: حدثنا الحجاج قال: حدثنا حماد بن زيد، عن عبد الله بن أبي نجيح: (أو تحل قريبًا من دارهم) ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم. 20426- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد= نحو حديث الحسن، عن شبابة. 20427- حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا قيس، عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس: قال: (قارعة) ، قال: السرايا. 20428- ... قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا عبد الغفار، عن منصور، عن مجاهد: (قارعة) قال: مصيبة من محمد= (أو تحلّ قريبًا من دارهم) ، قال: أنت يا محمد= (حتى يأتي وعد الله) ، قال: الفتح. 20429- ... قال: حدثنا إسرائيل، عن خصيف، عن مجاهد: (قارعة) ، قال: كتيبةً. 20430- ... قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن سعيد بن جبير: (تصيبهم بما صنعوا قارعة) ، قال: سرية (أو تحل قريبًا من دارهم) ، قال: أنت يا محمد. 20431- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة) أي بأعمالهم أعمال السوء= وقوله: (أو تحل قريبًا من دارهم) ، أنت يا محمد= (حتى يأتي وعد الله) ، ووعدُ الله: فتحُ مكة. 20432- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (قارعة) ، قال: وَقِيعة= (أو تحلّ قريبًا من دارهم) ، قال: يعني النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: أو تحل أنتَ قريبًا من دارهم. 20433- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا محمد بن طلحة، عن طلحة، عن مجاهد: (تصيبهم بما صنعوا قارعة) ، قال: سريّة. (1) 20434- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد: (تصيبهم بما صنعوا قارعة) ، قال: السرايا، كان يبعثهم النبي صلى الله عليه وسلم= (أو تحل قريبًا من دارهم) ، أنت يا محمد= (حتى يأتي وعد الله) ، قال: فتح مكة. 20435- ... قال، حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا إسرائيل، عن بعض أصحابه، عن مجاهد: (تصيبهم بما صنعوا قارعة) ، قال: كتيبة. 20436- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال قال ابن زيد، في قوله: (ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة) ، قال: قارعة من العذاب. * * * وقال آخرون: معنى قوله: (أو تحلّ قريبًا من دارهم) ، تحل القارعةُ قريبًا من دارهم. *ذكر من قال ذلك: 20437- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة قال: قال الحسن: (أو تحل قريبًا من دارهم) ، قال: ( (1) الأثر: 20433 - "محمد بن طلحة بن مصرف اليامي" ، وثقه أحمد، وضعفه غيره، ومضى برقم: 5088، 5420. و "طلحة" أبوه، وهو "طلحة بن مصرف اليامي" ، ثقة، روى له الجماعة، وهو يروي عن مجاهد. مضى برقم: 5431، 11145، 11146. وكان في المخطوطة هنا في الهامش علامة تشكك، وهذا هو تفسير ما تشكك فيه الناسخ. أو تحل القارعة قريبا من دارهم) . 20438- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن قال،: (أو تحل قريبًا من دارهم) ، قال: أو تحل القارعة. * * * وقال آخرون في قوله: (حتى يأتي وعد الله) ، هو: يوم القيامة. *ذكر من قال ذلك: 20439- حدثني المثنى قال: حدثنا مُعلَّى بن أسَد قال: حدثنا إسماعيل بن حكيم، عن رجل قد سماه عن الحسن، في قوله: (حتى يأتي وعد الله) قال: يوم القيامة. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (32) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: يا محمد إن يستهزئ هؤلاء المشركون من قومك ويطلبوا منك الآيات تكذيبًا منهم ما جئتهم به، فاصبر على أذاهم لك وامض لأمر ربك في إنذارهم، والإعذار إليهم، (1) فلقد استهزأت أممٌ من قبلك قد خَلَت فمضتْ بُرسلِي، (2) فأطلتُ لهم في المَهَل، ومددت لهم في الأجَل، ثم أحللتُ بهم عذابي ونقمتي حين تمادَوْا في غيِّهم وضَلالهم، فانظر كيف كان عقابي إياهم حين عاقبتهم، (1) في المطبوعة: "في إعذارهم" ، وهو فاسد، ونون "إنذارهم" في المخطوطة، كانت عينًا ثم جعلها الكاتب نونًا، فعاث في رسمها، يقال: "أعذرت إليه إعذارًا" ، أي لم تبق موضعًا للاعتذار، لأنك بلغت أقصى الغاية في التبليغ والبيان. (2) في المطبوعة: "برسل" ، بغير ياء، لم يحسن قراءة المخطوطة لخفاء الياء في كتابة الكاتب. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الرعد الحلقة (903) صــ 461 إلى صــ 470 ألم أذقهم أليم العذاب، وأجعلهم عبرةً لأولي الألباب؟ * * * و "الإملاء" في كلام العرب، (1) الإطالة، يقال منه: "أمْليَتُ لفلان" ، إذا أطلت له في المَهَل، ومنه: "المُلاوة من الدهر" ، ومنه قولهم: "تَمَلَّيْتُ حبيبًا، (2) ولذلك قيل لليل والنهار:" المَلَوَان "لطولهما، كما قال ابن مُقبل:" أَلا يَا دِيَارَ الْحَيِّ بِالسَّبُعَانِ ... أَلَحَّ عَلَيْهَا بِالْبِلَى المَلَوَانِ (3) وقيل للخَرْقِ الواسع من الأرض: "مَلا" ، (4) كما قال الشاعر: (5) فَأَخْضَلَ مِنْهَا كُلَّ بَالٍ وَعَيِّنٍ ... وَجِيفُ الرَّوَايَا بِالمَلا المُتَباطِنِ (6) لطول ما بين طرفيه وامتداده. (1) انظر تفسير "الإملاء" فيما سلف 7: 421، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 108، 333. (2) في المطبوعة: تمليت حينًا "، وهو خطأ صرف." (3) مضى البيت وتخريجه ونسبته وشرحه فيما سلف 7: 420 تعليق رقم: 3، 4، وانظر قصيدة ابن مقبل في ديوانه الذي طبع حديثًا: 335. (4) انظر مجاز القرآن 1: 333. (5) هو الطرماح، وهو طائي. (6) ديوانه: 168، واضداد الأصمعي وابن السكيت: 44، 197، وأضداد ابن الأنباري: 256، واللسان (عين) ، وكان في المطبوع: "وجف الروايا" ، وجاء كذلك في بعض المراجع السالفة وفي الديوان، وهو في المخطوطة "وجيف" ، وإن كان ما بعد ذلك مضطرب الكتابة وقصيدة الطرماح هذه كما جاءت في الديوان مضطربة، سقط منها كثير، تجد بعضها في مواضع مختلفة من المعاني الكبير لابن قتيبة، يدل على سقوط أبيات قبل هذا البيت، ولم استطع أن أعرف موضع هذا البيت من قصيدته، ولذلك غمض معناه عليّ، لتعلق الضمير في "منها" بمذكور قبله لم أقف عليه، ولذلك أيضًا لا أستطيع أن أرجح أي اللفظين أحق بالمعنى "وجف" أو "وجيف" ، ولكني إلى الثانية أميل. ولغة البيت: "اخضل" ابتل. ويقال "سقاء عين" ، إذا سال منه الماء و "سقاء عين" في لغة طيئ جديد، والطرماح طائي،فهو المراد هنا. و "الوجيف" ، وضرب من سير الإبل سريع. و "الروايا" جمع "رواية" ، وهو البعير الذي يستقي عليه، يحمل مزاد الماء. و "المتباطن" ، في شرح ديوانه، المتطامن، وكذلك في أمالي أبي علي القالي 2: 7 في شرح حديث امرأة قالت: "ارم بعينك في هذا الملا المتباطن" . وعندي أن هذا التفسير في الموضعين غير جيد، وإنما هو من قولهم: "شأو بطين" ، أي بعيد واسع، ونص الزمخشري في الأساس على ذلك فقال: "تباطن المكان، تباعد" ، فهذا حق اللفظ هنا، كما نرى. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي الأرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: أفَالرَّبُ الذي هو دائمٌ لا يَبيدُ ولا يَهْلِك، قائم بحفظ أرزاق جميع الخَلْق، (1) متضمنٌ لها، عالمٌ بهم وبما يكسبُونه من الأعمال، رقيبٌ عليهم، لا يَعْزُب عنه شيء أينما كانوا، كَمن هو هالك بائِدٌ لا يَسمَع ولا يُبصر ولا يفهم شيئًا، ولا يدفع عن نفسه ولا عَمَّن يعبده ضُرًّا، ولا يَجْلب إليهما نفعًا؟ كلاهما سَواءٌ؟ * * * وحذف الجواب في ذلك فلم يَقُل، وقد قيل (أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت) : ككذا وكذا، اكتفاءً بعلم السامع بما ذَكَر عما ترك ذِكْره. وذلك أنه لما قال جل ثناؤه: (وَجعلُوا لله شُرَكاء) ، عُلِمَ أن معنى الكلام: كشركائهم التي اتخذوها آلهةً. كما قال الشاعر: (2) تَخَيَّرِي خُيِّرْتِ أُمَّ عَالِ ... بَيْنَ قَصِيرٍ شِبْرُهُ تِنْبَالِ ... أَذَاكَ أَمْ مُنْخَرِقُ السِّرْبَالِ ... وَلا يَزَالُ آخِرَ اللَّيالِي ... (1) انظر تفسير "القيام" فيما سلف 6: 519 - 521 / 7: 120 - 124. وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 333. (2) هو القتال الكلابي. مُتْلِفَ مَالٍ وَمُفِيدَ مَالِ (1) ولم يقل وقد قال: "شَبْرُهُ تِنْبَال" ، (2) وبين كذا وكذا، اكتفاء منه بقوله: "أذاكَ أم منخرق السربال" ، ودلالة الخبر عن المنخرق السربال على مراده في ذلك. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20440- حدثنا بشر بن معاذ قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد (1) من رجز رواه صاحب الأغاني 20: 164 في حديث طويل، أخرجه إحسان عباس فيما جمعه من شعر القتال الكلابي: 83، والتخريج في: 113، ويزاد عليه اللسان (رمل) ، مع اختلاف في روايته. "أم عال" ، هي "عالية" ، امرأة من بني نصر بن معاوية، كانت زوجة لرجل من أشراف الحي، فكان القتال ينسب بها في أشعاره، ورواية الأغاني: * تَخَيَّرِي خُيِّرْتِ في الرِّجَالِ * لأن قبله: * لَعَلَّنَا نَطْرُقُ أُمَّ عَالِ * وفي المطبوع: "قصير شده" ، وهو خطأ. ويقال: "فلان قصير الشبر" ، إذا كان متقارب الخطو، وقال الزمخشري: متقارب الخلق. ورواية الأغاني: "قصير باعه" . و "التنبال" ، القصير. وبعد هذا البيت: وَأُمُّهُ رَاعِيَةُ الجِمَالِ ... تَبِيتُ بَيْنَ القَتِّ والجِعَالِ "منخرق السربال" ، ممزق السربال، وهو القميص، قال البكري في شرح قول ليلى الأخيلة: وَمُخَرَّقٍ عَنْهُ القَمِيصُ تَخَالُهُ ... وَسْطَ البُيُوتِ مِنَ الحَيَاء سَقِيمَا فيه قولان، أحدهما: أن ذلك إشارة إلى جذب العفاة له، والثاني: أنه يؤثر بجيد ثيابه فيكسوها. والأجود عندي أنهم يمدحون الرجل بأنه ملازم للأسفار والغزو، يعاقب بينهما، فلا يزال في ثياب تبلى، لأنه غير مقيم ملازم للحي، فلا يبالى أن يستجد ثيابًا، وذلك من خلائق الكرم والبأس. وبعد هذا البيت، وهو يؤيد ما قلت: كَرِيمُ عَمٍّ وَكَرِيمُ خَالِ ... متْلِفُ مَالٍ ومُفِيدُ مَالِ وَلا تَزَالُ آخِرَ اللَّيَالِي ... قَلُوصُهُ تَعْثُرُ في النِّقَالِ و "مفيد مال" ، مستفيد مال. ورواية اللسان: "ناقته ترمل في النقال" . و "ترمل" ، أي تسرع. و "النقال" ، المناقلة، وهي أن تضع رجليها مواضع يديها وذلك من سرعتها. (2) في المطبوعة هنا أيضًا: "شره" . ، عن قتادة، قوله: (أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت) ، ذلكم ربكم تبارك وتعالى، قائمٌ على بني آدمَ بأرزاقهم وآجالهم، وحَفظ عليهم والله أعمالهم. (1) 20441- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (أفمَن هو قائم على كل نفس بما كسبت) ، قال: الله قائم على كل نفس. (2) 20442- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال: حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت) ، يعني بذلك نفسه، يقول: هو معكم أينما كنتم، فلا يعمل عامل إلا والله حاضِرُه. ويقال: هم الملائكة الذين وُكِلوا ببني آدم. (3) 20443- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج: (أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت) ، وعلى رزقهم وعلى طعامهم، فأنا على ذلك قائم، وهم عبيدي، (4) ثم جعلوا لي شُركاء. 20444- حدثت عن الحُسَين بن فرج قال، سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد بن سليمان قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت) ، فهو الله قائم على كل نفس بَرّ وفاجر، يرزقهم ويَكلؤُهم، ثم يشرك به منهم من أشرك. (5) * * * (1) الأثر: 20440 - الدر المنثور 4: 64، وأسقط آخر الخبر. (2) من أول قوله: "قال ..." ، ساقط من المطبوعة. (3) الأثر: 20442 - في الدر المنثور 4: 64، واقتصر علي "يعني بذلك نفسه" . وفي المطبوعة "إلا وهو حاضر" ، غير ما في المخطوطة. وقوله: "ويقال هم الملائكة ..." ، ليس من قول ابن عباس بلا ريب، وكأنه من قول: "محمد بن سعد" ، راوي الخبر. (4) في المخطوطة: "فأنا على ذلك وهم عبيدي" ، أسقط "قائم" . (5) الأثر: 20444 - في المطبوعة أسقط من الإسناد: "بن الفرج" ، وزاد في نص الخبر فجعله "على كل نفس بر وفاجر" ، والذي أثبته مطابق لما في الدر المنثور: 4: 64. وقوله: (وجَعَلوا لله شركاءَ قُلْ سَموهم أم تنَبِّئونه بما لا يعلم في الأرض أمْ بظاهر من القول) ، يقول تعالى ذكره: أنا القائم بأرزاق هؤلاء المشركين، والمدبِّرُ أمورهم، والحافظُ عليهم أعمالَهُمْ، وجعلوا لي شركاء من خلقي يعبدُونها دوني، قل لهم يا محمد: سمّوا هؤلاء الذين أشركتموهم في عبادة الله، فإنهم إن قالوا: آلهة فقد كذبوا، لأنه لا إله إلا الواحد القهار لا شريك له= (أم تُنَبِّؤونُه بما لا يعلم في الأرضُ) ، يقول: أتخبرونه بأن في الأرض إلهًا، ولا إله غيرُه في الأرض ولا في السماء؟ * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20445- حدثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وجعلوا لله شركاء قل سمُّوهم) ، ولو سمَّوْهم آلهةً لكذبَوا وقالوا في ذلك غير الحق، لأن الله واحدٌ ليس له شريك. قال الله: (أم تُنَبؤونه بما لا يعلم في الأرض أم بظاهر من القول) يقول: لا يعلم الله في الأرض إلها غيره. (1) 20446- حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (وجَعلوا لله شركاء قل سموهم) ، والله خلقهم. 20447- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج: (وجعلوا لله شركاء قل سموهم) ، ولو سَمَّوهم كذبوا وقالوا في ذلك مَا لا يعلم الله، مَا من إله غير الله، (2) فذلك قوله: (أم تنبئونه لما لا يعلم في الأرض) . * * * (1) الأثر: 20445 - هو تتمة الخبر السالف في الدر المنثور 4: 64. (2) في المطبوعة، أسقط "ما" من قوله: "ما من إله" فأفسد الكلام. وقوله: (أم بظاهر من القول) ، مسموع، (1) وهو في الحقيقة باطلٌ لا صحة له. * * * وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل، غير أنهم قالوا: (أم بظاهر) ، معناه: أم بباطل، فأتوا بالمعنى الذي تدل عليه الكلمة دون البيان عن حَقيقة تأويلها. *ذكر من قال ذلك: 20448- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء، عن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (بظاهر من القول) ، بظنٍّ. 20449- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله. 20450- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن قتادة قوله: (أم بظاهر من القول) ، والظاهر من القول: هو الباطل. 20451- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (أم بظاهر من القول) ، يقول: أم بباطل من القول وكذب، ولو قالوا قالُوا الباطلَ والكذبَ. * * * وقوله: (بل زُيِّن للذين كفروا مكرهم) ، يقول تعالى ذكره: ما لله من شريك في السموات ولا في الأرض، ولكن زُيِّن للمشركين الذي يدعون من دونه إلهًا، (2) مَكْرُهم، وذلك افتراؤهُم وكذبهم على الله. (3) * * * (1) أسقط في المطبوعة: "وقوله" ، فجعل الكلام سياقًا واحدًا. (2) انظر تفسير "التزيين" فيما سلف 15: 55، تعليق رقم: 3، والمراجع هناك. (3) انظر تفسير "المكر" فيما سلف: 68 تعليق رقم: 2 والمراجع هناك. وكان مجاهد يقول: معنى "المكر" ، ههنا: القول، كأنه قال: يعني قَوْلُهم بالشرك بالله. (1) 20452- حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (بل زين للذين كفروا مكرهم) ، قال: قولهم. 20453- حدثني محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. * * * وأما قوله: (وصدوا عن السبيل) ، فإن القَرَأة اختلفت في قراءته. فقرأته عامة قَرَأة الكوفيين: (وَصُدُّوا عن السَّبِيلِ) ، بضم "الصاد" ، بمعنى: وصدَّهم الله عن سبيله لكفرهم به، ثم جُعلت "الصاد" مضمومة إذ لم يُسَمَّ فاعله. * * * وأما عامة قرأة الحجاز والبصرة، فقرأوه بفتح "الصاد" ، على معنى أن المشركين هم الذين صَدُّوا الناس عن سبيل الله. (2) قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنهما قراءتان مشهورتان قد قرأ بكل واحدة منهما أئمةٌ من القرأة، متقاربتا المعنى، وذلك أن المشركين بالله كانوا مصدودين عن الإيمان به، وهم مع ذلك كانوا يعبدون غيرهم، كما وصفهم الله به بقوله: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُون أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) . [الأنفال: 36] * * * (1) في المطبوعة أسقط "يعني" . (2) انظر تفسير: "الصد" فيما سلف 15: 285، تعليق رقم: 1، والمراجع هناك. وقوله (ومن يُضْلل الله فمَا لهُ من هادٍ) ، يقول تعالى ذكره: ومن أضلَّه الله عن إصابة الحق والهدى بخذلانه إياه، فما له أحدٌ يهديه لإصابتهما، لأن ذلك لا يُنَال إلا بتوفيق الله ومعونته، وذلك بيد الله وإليه دُون كل أحد سواه. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (34) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره، لهؤلاء الكفار الذين وَصَف صفَتَهم في هذه السورة، عذابٌ في الحياة الدنيا بالقتل والإسار والآفاتِ التي يُصيبهم الله بها= (ولعذاب الآخرة أشق) ، يقول: ولتعذيبُ الله إياهم في الدار الآخرة أشدُّ من تعذيبه إيَّاهم في الدنيا. "وأشقّ" إنما هو "أفعلُ" من المشقَّة. * * * وقوله: (وما لهم من الله من وَاقٍ) ، يقول تعالى ذكره: وما لهؤلاء الكفار من أحدٍ يقيهم من عذاب الله إذا عذَّبهم، لا حَمِيمٌ ولا وليٌّ ولا نصيرٌ، لأنه جل جلاله لا يعادُّه أحدٌ فيقهره، (1) فيتخَلَّصَه من عذابه بالقهر، (2) ولا يشفع عنده أحدٌ إلا بإذنه، وليس يأذن لأحد في الشفاعة لمن كفر به فمات على كفره قبل التَّوبة منه. * * * (1) عاده يعاده، عدادًا ومعادة "، ناهده وقارنه، و" العد "، بكسر العين، القرن، بكسر فسكون." (2) في المطبوعة: "فيخلصه" ، و "تخلصه" ، استنقذه. القول في تأويل قوله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35) } قال أبو جعفر: اختلف أهلُ العلم بكلام العرب في مُرَافع "المثل" ، (1) فقال بعض نحويي الكوفيين: الرافع للمثل قوله: (تجري من تحتها الأنهار) ، في المعنى، وقال: هو كما تقول: "حِلْيَةُ فلان، أسمرُ كذا وكذا" فليس "الأسمر" بمرفوع بالحلية، إنما هو ابتداءٌ، أي هو أسمر هو كذا. قال: ولو دخل "أنّ" في مثل هذا كان صوابًا. قال: ومِثْلُه في الكلام: "مَثَلُك أنَّك كذا وأنك كذا" ، وقوله: (فَلْيَنْظَرِ الإنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ أَنَّا) [سورة عبس: 24، 25] مَنْ وجَّه، (مثلُ الجنة التي وعد المتقون فيها) ، ومن قال: (أَنَّا صَبَبْنَا المَاءَ) ، أظهر الاسم لأنه مردودٌ على "الطعام" بالخفض، ومستأنف، أي: طَعامُهُ أنَّا صببنا ثم فعلنا. وقال: معنى قوله: (مثل الجنة) ، صفات الجنّة. * * * وقال بعض نحويي البصريين: معنى ذلك: صفةُ الجنة قال: ومنه قول الله تعالى: (ولَهُ الْمَثَلُ الأعْلَى) [سورة الروم:27] ، معناه: ولله الصِفة العُليَا. قال: فمعنى الكلام في قوله: (مثلُ الجنة التي وعد المتقون تجرى من تحتِها الأنهار) ، أو فيها أنهار، (2) كأنه قال: وَصْف الجنة صفة تجري من تحتها الأنهار، أو صفة فيها أنهار، والله أعلم. (1) في المطبوعة: "رافع" والذي في المخطوطة خالص الصواب. وانظر ما سيأتي ص: 552. (2) العبارة مبهمة، ويبدو لي أن صوابها بعد الآية: "صفة الجنة التي وعد المتقون، صفة جنة تجري من تحتها الأنهار، أو فيها أنهار" . قال: ووجه آخر كأنه إذا قيل: (مَثَلُ الجنة) ، قيل: الجنَّة التي وُعِدَ المتقون. قال. وكذلك قوله: (وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) [سورة النمل:30] ، كأنه قال: بالله الرحمن الرحيم، والله أعلم. قال: وقوله: (عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) [سورة الزمر:56] ، في ذات الله، كأنه عندَنا قيل: في الله. قال: وكذلك قوله: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [سورة الشورى:11] ، إنما المعنى: ليس كشيء، وليس مثله شيء، لأنه لا مثْلَ له. قال: وليس هذا كقولك للرجل: "ليس كمثلك أحدٌ" ، لأنه يجوز أن يكون له مثلٌ، والله لا يجوز ذلك عليه. قال: ومثلُه قول لَبيد: إِلَى الْحَوْلِ ثُمَّ اسْمُ السَّلامِ عَلَيْكُمَا (1) قال: وفُسِّر لنا أنه أراد: السلام عليكما: قال أوس بن حجر: وَقَتْلَى كِرَامٍ كَمِثْلِ الجُذُوعِ ... تَغَشَّاهُمُ سَبَلُ مُنْهِمرْ (2) قال: والمعنى عندنا: كالجذوع، لأنه لم يرد أن يجعل للجذوع مَثَلا ثمّ يشبه القتلى به. قال: ومثله قول أمية: زُحَلٌ وَثَوْرٌ تَحْتَ رِجْلِ يَمِينِهِ ... وَالنَّسْرُ لِلأخْرَى وَلَيْثٌ مُرْصِدُ (3) (1) سلف البيت وتخريجه وشرحه 1: 119، تعليق 1 / 14: 417، تعليق: 1، وعجزه: * وَمَنْ يَبْكِ حَوْلًا كَامِلًا فَقَدِ اعْتَذَرْ * (2) سيأتي البيت بعد 25: 9 (بولاق) ، وروايته هناك: "مُسْبِلٌ" ، وكان في المطبوعة: "سيل" ، تصحيف، و "السبل" ، بالتحريك، المطر. (3) سلف البيت: 1: 345، وهناك "رجل وثور" ، ورجحت أنها "رجل" ، لما جاء في الخبر قبله رقم: 448. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الرعد الحلقة (904) صــ 471 إلى صــ 480 قال فقال: "تحت رجل يمينه" كأنه قال: تَحْتَ رِجله، أو تحت رِجله اليُمْنَى. قال: وقول لَبيد: أَضَلَّ صِوَارَهُ وَتَضَيَّفَتْهُ ... نَطُوفٌ أَمْرُهَا بِيَدِ الشَّمَالِ (1) كأنه قال: أمرها بالشمال، وإلى الشمال ; وقول لَبيد أيضًا: حَتَّى إِذَا أَلْقَتْ يَدًا فِي كَافِر (2) فكأنه قال: حتى وَقَعت في كافر. * * * وقال آخر منهم: هو من المكفوف عن خبَره. (3) قال: والعرب تفعل ذلك. قال: وله معنى آخر: (للَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى) ، مَثَلُ الجنة، موصولٌ، صفةٌ لها على الكلام الأوَل. (4) * * * (1) ديوانه: 77، وتخريجه: 373، يزاد عليه ما هنا واللسان (يدي) . والبيت في سياق أبيات من القصيدة، يصف فيها ثور الوحش، والضمير في "أضل، إليه. و" الصوار "، قطيع بقر الوحش، أضل الثور قطيعة وبقي فردًا وحيدًا، كئيبًا متحيرًا." تضيفته "، نزلت به وطرقته، والضمير في" تضيفته "لإحدى الليالي التي ذكرها في البيت قبله: كَأَخْنَسَ نَاشِطٍ جَادَتْ عَلَيْهِ ... ببُرْقَةِ وَاحِفٍ إحْدَى اللَّيالي" و "ليلة نطوف" ، قاطرة تمطر حتى الصباح. وقال أبو عمرو: "تطوف" : سحابة تسيل قليلا قليلا "، والأول عندي أجود هنا، وفي اللسان (يدي) :" نِطَافٌ "" (2) ديوانه: 216، تخريجه: 396، ويزاد عليه ما هنا، وتمام البيت: * وأجَنَّ عَوْرَاتِ الثُّغُورِ ظَلامُهَا * "ألقت" ، يعني الشمس، ولم يجر لها ذكر قبل. و "الكافر" ، الليل المظلم، يستر ما يشتمل عليه. (3) هذه مقالة أبي عبيدة مجاز القرآن 1: 333، 334. (4) هو أيضًا قول أبي عبيدة في مجاز القرآن 1: 334. وقوله: "للذين استجابوا" ، هي الآية 18 من سورة الرعد، وهذه الآية: 35 منها، فلذلك قال: "على الكلام الأول" . قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: أن يقال ذَكر المَثَل، فقال (مثل الجنة) ، والمراد الجنة، ثم وُصِفت الجنة بصفتها، وذلك أن مَثَلَها إنما هو صِفتَهُا وليست صفتها شيئًا غيرها. وإذْ كان ذلك كذلك، ثم ذكر "المثل" ، فقيل: (مثل الجنة) ، ومثلها صفَتُها وصفة الجنّة، فكان وصفها كوصف "المَثَل" ، وكان كأنَّ الكلام جرى بذكر الجنة، فقيل: الجنةُ تجري من تحتها الأنهار، كما قال الشاعر: (1) أَرَى مَرَّ السِّنِينَ أَخَذْنَ مِنِّي ... كَمَا أَخَذَ السِّرَارُ مِنَ الْهِلالِ (2) فذكر "المرّ" ، ورَجَع في الخبر إلى "السنين" . وقوله: (أكلها دائمٌ وظلها) ، يعني: ما يؤكل فيها، (3) يقول: هو دائم لأهلها، لا ينقطع عنهم، ولا يزول ولا يبيد، ولكنه ثابتٌ إلى غير نهاية= (وظلها) ، يقول: وظلها أيضًا دائم، لأنه لا شمس فيها. (4) * * * (تلك عقبى الذين اتقَوْا) ، يقول: هذه الجنة التي وصف جل ثناؤه، عاقبة الذين اتَّقَوا الله، فاجتنبوا مَعَاصيه وأدَّوْا فرائضه. (5) وقوله: (وعُقْبَى الكافرين النار) ، يقول: وعاقبةُ الكافرين بالله النارُ. * * * (1) هو جرير. (2) سلف البيت 7: 86، تعليق: 1 / 15: 567 وسيأتي 19: 39 (بولاق) ، ويزاد في المراجع: اللسان (خضع) . (3) انظر تفسير "الأكل" فيما سلف من هذا الجزء: 343، تعليق: 1، والمراجع هناك. (4) سلف "الظل" غير مبين 8: 489. (5) انظر تفسير "العاقبة" و "العقبى" فيما سلف 15: 356، تعليق: 2، والمراجع هناك. القول في تأويل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الأحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ (36) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: والذين أنزلنا إليهم الكتاب ممَّن آمن بك واتبعك، يا محمد، (يفرحون بما أنزل إليك) منه= (ومن الأحْزاب من ينكر بعضه) ، يقول: ومن أهل الملل المتحزِّبين عليك، وهم أهل أدْيان شَتَّى، (1) من ينكر بعضَ ما أنزل إليك. فقل لهم: (إنَّما أمرتُ) ، أيها القوم (أن أعبد الله) وحده دون ما سواه= (ولا أشرك به) ، فأجعل له شريكًا في عبادتي، فأعبدَ معه الآلهةَ والأصنامَ، بل أخلِص له الدين حَنِيفًا مسلمًا = (إليه أدعو) ، يقول: إلى طاعته وإخلاص العبادة له أدعو الناسَ= (وإليه مآب) ، يقول: وإليه مصيري= * * * =وهو "مَفْعَل" ، من قول القائل: "آبَ يَؤُوب أوْبًا ومَآبًا" . (2) * * * وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 20454- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك) ، أولئك أصحابُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، فرحوا بكتاب الله وبرسوله وصدَّقُوا به * * * قوله: (ومن الأحزاب من ينكر بعضه) ، يعني اليهودَ والنصارى. (1) انظر تفسير "الأحزاب" فيما سلف 15: 278، تعليق: 1، والمراجع هناك. (2) انظر تفسير "المآب" فيما سلف: 444، تعليق: 1، والمراجع هناك. 20455- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (ومن الأحزاب من ينكر بعضه) ، قال: من أهل الكتاب. 20456- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 20457- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: (والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك ومن الأحزاب من ينكر بعضه) ، من أهل الكتاب، و "الأحزاب" أهل الكتب يقرّبهم تحزُّبهم. (1) قوله: (وَإنْ يَأْتِ الأحْزَابُ) [سورة الأحزاب:20] قال: لتحزبهم على النبي صلى الله عليه وسلم= قال ابن جريج، وقال عن مجاهد: (ينكِرُ بعضه) ، قال: بعض القرآنِ. 20458- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (وإليه مآب) :، وإليه مَصِيرُ كلّ عبْدٍ. 20459- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك) ، قال: هذا مَنْ آمنَ برسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب فيفرحون بذلك. وقرأ: (وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ) [سورة يونس:40] . وفي قوله: (ومن الأحزاب من ينكر بعضه) ، قال: "الأحزاب" : الأممُ، اليهودُ والنصارى والمجوس منهم من آمنَ به، ومنهم من أنكره. (1) في المطبوعة: "تفريقهم لحربهم، والذي أثبت هو ما في المخطوطة، وإن كان قد أساء في كتابة الكلمة الأولى بعض الإساءة." القول في تأويل قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنزلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا وَاقٍ (37) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وكما أنزلنا عليك الكتاب، يا محمد، فأنكرهُ بعض الأحزاب، كذلك أيضًا أنزلنا الحكم والدين حُكْمًا عربيًا (1) وجعل ذلك (عربيًا) ، ووصفه به لأنه أنزل على محمدٍ صلى الله عليه وسلم وهو عربيٌّ، فنسب الدين إليه، إذ كان عليه أنزل، فكذَّب به الأحزابُ. ثم نهاه جل ثناؤه عن ترك ما أنزل إليه واتباع الأحزاب، وتهدَّده على ذلك إنْ فعله فقال: (ولئن اتبعت) يا محمد (أهواءهم) ، أهوَاء هؤُلاء الأحزاب ورضَاهم ومحبتَهم (2) وانتقلت من دينك إلى دينهم، ما لك من يَقيك من عَذاب الله إنْ عذّبك على اتباعك أهواءَهم، وما لك من ناصر ينصرك فيستنقذك من الله إن هو عاقبك، (3) يقول: فاحذر أن تتّبع أهَواءهم. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ (38) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (ولقد أرسلنا) ، يا محمد (رسلا من قبلك) إلى أمم قَدْ خَلَتْ من قبلِ أمتك، فجعلناهم بَشرًا مثلَك، لهم أزواج ينكحون، (1) انظر تفسير "الحكم" فيما سلف من هذا الجزء: 23، تعليق: 1، والمراجع هناك. (2) انظر تفسير "الهوى" فيما سلف 9: 302 / 11: 397. (3) انظر تفسير "الولي" فيما سلف 13: 152، تعليق: 1، المراجع هناك. وذريةٌ أنْسَلوهم، (1) ولم نجعلهم ملائكةً لا يأكلون ولا يشربون ولا ينكحون، فنجعلَ الرسولَ إلى قومك من الملائكة مثلهم، ولكن أرسلنا إليهم بشرًا مثلهم، كما أرسلنا إلى من قبلهم من سائر الأمم بشرًا مثلهم= (وما كان لرسول أن يأتيَ بآية إلا بإذن الله) يقول تعالى ذكره: وما يقدِر رسولٌ أرسله الله إلى خلقه أنْ يأتي أمَّتَه بآية وعلامة، (2) من تسيير الجبال، ونقل بَلْدةٍ من مكان إلى مكان آخر، وإحياء الموتى ونحوها من الآيات= (إلا بإذن الله) ، يقول: إلا بأمر الله الجبالَ بالسير، (3) والأرضَ بالانتقال، والميتَ بأن يحيَا= (لكل أجل كتاب) ، يقول: لكلِّ أجلِ أمرٍ قضاه الله، كتابٌ قد كتَبَه فهو عنده. (4) * * * وقد قيل: معناه: لكل كتابٍ أنزله الله من السماء أجَلٌ. *ذكر من قال ذلك: 20460- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق بن يوسف، عن جويبر، عن الضحاك في قوله: (لكلّ أجل كتاب) ، يقول: لكل كتاب ينزل من السماء أجل، فيمحُو الله من ذلك ما يشاءُ ويُثْبت، وعنده أمُّ الكتاب. (5) * * * قال أبو جعفر: وهذا على هذا القول نظيرُ قول الله: (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ) [سورة ق:19] ، وكان أبو بكر رحمه الله يقرؤه (6) (وَجَاءَتْ (1) انظر تفسير "الذرية" فيما سلف 423 تعليق: 3، والمراجع هناك. (2) انظر تفسير "الآية" فيما سلف من فهارس اللغة (أيي) . (3) انظر تفسير "الإذن" فيما سلف من فهارس اللغة (أذن) . (4) انظر تفسير "الأجل" فيما سلف 15: 100، تعليق: 2، والمراجع هناك. = وتفسير "الكتاب" فيما سلف 14: 90، تعليق: 1، والمراجع هناك. (5) الأثر: 20460 - "المثنى" ، هو "المثنى بن إبراهيم الآملي" ، شيخ الطبري، مضى مرارًا و "إسحاق بن يوسف" ، لعله "إسحاق بن يوسف الواسطي" ، الذي مضى برقم: 3339، 4224، 12742. (6) في المطبوعة: "وكان أبو بكر رضى الله عنه يقول" ، وهو فاسد. سَكْرَةُ الْحَقِّ بِالْمَوْتِ) ، وذلك أن سَكْرة الموت تأتي بالحق والحق يأتي بها، فكذلك الأجل له كتاب وللكتاب أجَلٌ. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (39) } قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك. فقال بعضهم: يمحو الله ما يشاء من أمور عبادِه، فيغيّره، إلا الشقاء والسعادة، فإنهما لا يُغَيَّران. *ذكر من قال ذلك: 20461- حدثنا أبو كريب قال: حدثنا بحر بن عيسى، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) ، قال: يدبّر الله أمرَ العباد فيمحو ما يشاءُ، إلا الشقاء والسعادة [والحياة] والموت. (1) (1) الأثر: 20461 - "أبو كريب" ، هو "محمد بن العلاء بن كريب الكوفي الحافظ" شيخ الطبري، مضى مرارًا لا تحصى كثرة. و "بحر بن عيسى" ، فهذا شيء لم أعرفه، ولم أجد له ذكرًا في كتاب على طول البحث، ولكني أرجح أعظم الترجيح أن صواب هذا الإسناد. "حدثنا أبو كريب قال، حدثنا بكر، عن عيسى، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال ..." وتفسير ذلك: "ابن أبي ليلى" ، هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري "، مضى مرارًا كثيرا، و" عيسى "، هو" عيسى بن المختار بن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري "، روى عن عم جده" ابن أبي ليلى محمد بن عبد الرحمن "قال ابن سعد:" كان سمع مصنف ابن أبي ليلى "، مترجم في التهذيب، وغيره." و" بكر "، هو" بكر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري" ويقال له: "بكر بن عبيد" ، روى عن ابن عمه "عيسى بن المختار" ، و "أبو كريب" روى عن "بكر بن عبد الرحمن" هذا. مترجم في التهذيب. فمن أجل هذا السياق الصحيح في الرواية، رجحت أن الصواب "حدثنا بكر، عن عيسى، عن ابن أبي ليلى" ، ولعل ذلك من مصنفه الذي رواه عنه عيسى بن المختار، والله أعلم. وهذا الأثر، ذكره السيوطي في الدر المنثور 4: 65، ونسبه إلى عبد الرزاق، والفريابي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في الشعب مطولا، والزيادة التي بين القوسين منه، ومن تفسير ابن كثير 4: 536، وذكر الخبر، عن الثوري، ووكيع، وهشيم، عن ابن أبي ليلى كما سيأتي في الآثار التالية من 20463 - 20466. 20462- حدثنا ابن بشار قال: حدثنا ... ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) ، قال: كل شيء غير السعادة والشقاء، فإنهما قد فُرِغ منهما. (1) 20463- حدثني علي بن سهل قال: حدثنا يزيد= وحدثنا أحمد قال حدثنا أبو أحمد= عن سفيان، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس يقول: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) ، قال: إلا الشقاء والسعادة، والموت والحياة. 20464- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو نعيم الفضل بن دُكَيْن وقَبِيصة قالا حدثنا سفيان، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، مثله. 20465- حدثنا عمرو بن علي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قوله: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) ، قال: قال ابن عباس: إلا الحياة والموت، والشقاء والسعادة. (1) الأثر: 20462 - "ابن بشار" ، هو "محمد بن بشار العبدي" ، "بندار" أبو بكر الحافظ، شيخ أبي جعفر، مضى ما لا يعد كثرة. و "ابن أبي ليلى" هو "محمد بن عبد الرحمن" ، سلف في الأثر قبله. وقد وضعت نقطًا بين الرجلين، لأنه هكذا إسناد باطل لا يقوم، لأن ابن أبي ليلى توفي سنة 148، و "ابن بشار" ولد سنة 167، وتوفي سنة 252، فهذا قاطع في سقوط شيء من الإسناد، وظني أن صوابه: "حدثنا ابن بشار، قال حدثنا وكيع، عن سفيان الثوري، عن ابن أبي ليلى" ، لأن الخبرين بعده من طريق سفيان، عن ابن أبي ليلى، و "محمد بن بشار" ، إنما يروي عن وكيع، وكيع يروي عن سفيان، والله أعلم. 20466- حدثني المثنى قال: حدثنا عمرو بن عون قال: أخبرنا هشيم عن ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده الكتاب) ، قال: يقدِّر الله أمر السَّنَة في ليلة القَدْر، إلا الشقاوة والسَّعادة والموت والحياة. 20467- حدثنا عمرو بن علي قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد في قوله: (يمحو الله ما يشاء ويثبت) ، قال: إلا الحياة والموت والسعادة والشقاوة فإنَّهما لا يتغيَّران. 20468- حدثنا عمرو قال: حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا معاذ بن عقبة، عن منصور، عن مجاهد. مثله. (1) 20469- حدثنا ابن بشار قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، مثله. 20470- ... قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا سفيان، عن منصور قال: قلت لمجاهد إن كنت كتبتني سعيدًا فأثبتني، وإن كنت كتَبتَني شقيًّا فامحني "= قال: الشقاء والسعادة قد فُرغ منهما. (2) " 20471- حدثنا أحمد قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد= قال، حدثنا سعيد بن سليمان قال: حدثنا شريك، عن منصور، عن مجاهد: (يمحو الله ما يشاء ويثبت) ، قال: ينزل الله كل شيء في السَّنَة في ليلة القَدر، فيمحو ما يشاءُ من الآجال والأرزاق والمقادير، إلا الشقاء والسعادة، فإنهما ثابتان. (3) (1) الأثر: 20468 - "معاذ بن عقبة" ، لم أجد له ذكرًا، وقد أعياني أن أعرف من يكون، أو ما دخل هذا الإسناد من الاضطراب، أخشى أن يكون: "معاذ بن هشام الدستوائي" عن "عقبة" ، محرفًا عن شيء آخر نحو "شعبة" . (2) الأثر: 20470 - "إن كنت كتبتني سعيدًا ..." إشارة إلى حديث عبد الله بن مسعود في الدعاء، كما سيأتي في الآثار التالية إلى آخر تفسير الآية. والنقط هنا دلالة على أن الحديث عن "ابن بشار" شيخ الطبري، كالذي قبله. (3) الأثر: 20471 - "أحمد" هو "أحمد بن إسحاق بن عيسى الأهوازي" ، شيخ أبي جعفر، سلف مرارًا، انظر رقم: 159، 1841. و "أبو أحمد" ، هو "محمد بن عبد الله بن الزبير، الزبيري" ، مضى أيضًا، وانظر رقم: 159، 1841. ثم انظر الإسناد السالف رقم 20463، 20470 والإسناد الثاني في هذا الخبر، تفسيره: "سعيد بن سليمان الضبي" ، "سعدويه" ، مضى مرارًا كثيرة، آخرها رقم: 18511، والراوي عنه: "أحمد بن إسحاق" ، شيخ الطبري. وكان في المطبوعة "بن سليمان" ، وهو خطأ. 20472- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا جرير، عن منصور قال: سألت مجاهدًا فقلت: أرأيت دعاءَ أحدنا يقول: "اللهم إن كان اسمي في السعداء فأثبته فيهم، وإن كان في الأشقياء فامحه واجعله في السعداء" ، فقال: حَسنٌ. ثم أتيته بعد ذلك بحَوْلٍ أو أكثر من ذلك، فسألته عن ذلك، فقال: (إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِين فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) [سورة الدخان:3، 4] قال: يُقْضى في ليلة القدر ما يكون في السَّنة من رزق أو مصيبة، ثم يقدِّم ما يشاء ويؤخر ما يشاء. فأما كتاب الشقاء والسعادة فهو ثابتٌ لا يُغَيَّر. * * * وقال آخرون: معنى ذلك: أنّ الله يمحو ما يشاء ويثبت من كتابٍ سوى أمّ الكتاب الذي لا يُغَيَّرُ منه شيء. *ذكر من قال ذلك: 20473- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج قال: حدثنا حماد، عن سليمان التَّيمي، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) ، قال: كتابان: كتابٌ يمحو منه ما يشاء ويثبت، وعنده أمّ الكتاب. 20474- حدثنا عمرو بن علي قال: حدثنا سهل بن يوسف قال: حدثنا سليمان التيمي، عن عكرمة، في قوله: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) ، https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الرعد الحلقة (905) صــ 481 إلى صــ 490 قال: الكتابُ كتابان، كتاب يمحو الله منه ما يشاء ويثبت، وعنده أم الكتاب. 20475- ... قال: حدثنا أبو عامر قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن سليمان التيمي، عن عكرمة، عن ابن عباس بمثله. 20475م- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن عكرمة قال: الكتاب كتابان، (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) . * * * وقال آخرون: بل معنى ذلك أنه يمحو كل ما يشاء، ويثبت كل ما أراد. *ذكر من قال ذلك: 20476- حدثنا أبو كريب قال: حدثنا عثام، عن الأعمش، عن شقيق أنه كان يقول: "اللهم إن كنت كتبتنا أشقياء، فامحنَا واكتبنا سعداء، وإن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا، فإنك تمحو ما تشاءُ وتثبت وعندَك أمّ الكتاب" . 20477- حدثنا عمرو قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا الأعمش، عن أبي وائل قال: كان مما يكثر أن يدعو بهؤلاء الكلمات: "اللهم إن كنت كتبتنا أشقياء فامحنا واكتبنا سعداء، وإن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب" . (1) 20478- ... قال، حدثنا معاذ بن هشام قال: حدثنا أبي، عن أبي حكيمة، عن أبي عثمان النَّهْديّ، أن عمر بن الخطاب قال وهو يطوف بالبيت ويبكي: اللهم إن كنت كتبت علي شِقْوة أو ذنبًا فامحه، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت. وعندك أم الكتاب، فاجعله سعادةً ومغفرةً. (2) (1) الأثران: 20476، 20477 - "شقيق" ، هو "شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي" ، وهو "أبو وائل" ، كما في الإسناد الثاني، مضى مرارًا كثيرة جدًا، كان أعلم أهل الكوفة بحديث "عبد الله بن مسعود" ، فقوله: "كان يكثر أن يدعو" ، الضمير في ذلك إلى عبد الله بن مسعود. وساقه ابن كثير في تفسيره 4: 536، مساقًا يوهم أنه شقيق بن سلمة نفسه الذي كان يكثر أن يدعو، وقد أساء، لأنه هو الذي غير لفظ الخبر الثاني. وانظر الدر المنثور 4: 67. (2) الأثر: 20478 - "معاذ بن هشام" هو الدستوائي، روى عنه الجماعة، مضى مرارًا منها: 4523، 5552، 6321. وأبوه "هشام بن أبي عبد الله، سنبر" "أبو بكر الربعي" ، من بكر بن وائل، ثقة مترجم في التهذيب، والكبير للبخاري 4 / 2 / 198، وابن أبي حاتم 4 / 2 / 59. و "أبو حكيمة" ، اسمه "عصمة" ، ويقال "الغزال" ، روى عن أبي عثمان النهدي، وروى عنه "قرة" و "سلام بن مسكين" ، و "الضحاك بن يسار" ، و "حماد بن سلمة" و "سليمان بن طرخان التيمي" . قال أبو حاتم: "محله الصدق" ، وذكره أحمد في كتاب العلل 1: 18 وقال: "أبو حكيمة" ، عصمة، روى عنه قرة، و "أظن التيمي يحدث عنه" ، وانظر التعليق على الخبر التالي، وهو مترجم في الكبير للبخاري 4 / 1 / 63، والصغير له: 140، وابن أبي حاتم 3 / 2 / 30. و "أبو عثمان النهدي" ، هو "عبد الرحمن بن مل" ، أدرك الجاهلية، وأسلم على عهد رسول الله ولم يلقه، مضى مرارًا كثيرة آخرها: 17151. وبهذا الإسناد نقله ابن كثير في تفسيره 4: 536، وزاد في إسناده فقال: "عن أبي حكيمة عصمة" . وخرجه السيوطي في الدر المنثور 4: 66، ونسبه إلى عبد بن حميد، وابن المنذر. ثم انظر التعليق على الآثار التالية. 20479- ... حدثنا معتمر، عن أبيه، عن أبي حكيمة، عن أبي عثمان قال: وأحسِبْني قد سمعتُه من أبي عثمان، مثله. (1) 20480- ... قال، حدثنا أبو عامر قال، حدثنا قرة بن خالد، عن عصمة أبي حكيمة، عن أبي عثمان النهدي، عن عمر رحمه الله، مثله. (2) 20481- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج قال، حدثنا حماد قال، حدثنا أبو حكيمة قال: سمعت أبَا عُثْمان النَّهدي قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول، وهو يطوف بالكعبة: اللهم إن كنت كتبتَني في أهل السعادة فأثبتني فيها، وإن كنت كتبت عليَّ الذّنب والشِّقوة فامحُني وأثبتني في أهل السّعادة، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أمّ الكتاب. (3) (1) الأثر: 20479 - "معتمر" ، هو "معتمر بن سليمان بن طرخان التيمي" ، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا كثيرة. وأبوه هو "سليمان بن طرخان التيمي" ، "أبو المعتمر" ، ثقة روى له الجماعة، مضى مرارًا كثيرة منها رقم: 6820 وهذا الإسناد مصداق ظن أحمد رضي الله عنه حيث قال: "وأظن التيمي يحدث عنه" ، كما سلف في تفسير الإسناد السالف. (2) الأثر: 20480 - "قرة بن خالد السدوسي" ، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا كثيرة، وانظر رقم: 9762. وكان في المطبوعة: "عصمة بن أبي حكيمة" ، غير ما في المخطوطة، وكان فيها: "عصمة بن حكيمة" ، وكلاهما خطأ، كما دل عليه ما أسلفنا في التعليق على الأثر: 20478. ومن طريق "قرة، عن عصمة" ، رواه البخاري في الكبير 4 / 1 / 63، "عن عبد الله، حدثنا أبو عامر قال حدثنا قرة" ولفظه: "اللهم إن كنت كتبت علي ذنبًا أو إثمًا أو ضغنًا، فاغفره لي، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب" . ورواه الدولابي في الكني والأسماء 1: 155، قال: حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا حماد بن مسعدة قال حدثنا قرة "، ولم يقل:" أو ضغنًا "، وقال:" فاغفر لي، وامحه هني، فإنك ... "." (3) الأثر: 20481 - "المثنى" هو "المثنى بن إبراهيم الآملي" ، شيخ الطبري، مضى مرارًا. و "الحجاج" هو "حجاج بن النهال الأنماطي" ، من شيوخ البخاري، روى له الجماعة، مضى مرارًا كثيرة، انظر رقم: 682. و "حماد" هو "حماد بن سلمة بن دينار" ، مضى مرارًا كثيرة، انظر: 20342. 20482- ... قال: حدثنا الحجاج بن المنهال قال: حدثنا حماد، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن ابن مسعود، أنه كان يقول: اللهم إن كنت كتبتني في [أهل] الشقاء فامحني وأثبتني في أهل السعادة. (1) 20483- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) ، يقول: هو الرجل يعمل الزمانَ بطاعة الله، ثم يعود لمعصية الله، فيموت على ضلاله، فهو الذي يمحو= والذي يثبتُ: الرجلُ يعمل بمعصية الله، وقد كان سبق له خير حتى يموت، وهو في طاعة الله، فهو الذي يثبت. (2) 20484- حدثنا أحمد قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا شريك، عن هلال بن حميد، عن عبد الله بن عُكَيْم، عن عبد الله، أنه كان يقول: اللهم إن كُنْت كتبتني في السعداء فأثبتني في السعداء، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أم الكتاب. (3) (1) الأثر: 20482 - ما بين القوسين زيادة في المطبوعة، وهو في المخطوطة: "في الشقاء" وانظر التعليق على الأثر التالي رقم: 20484. (2) الأثر: 20483 - خرجه السيوطي في الدر المنثور 4: 65، وزاد في نسبته إلى ابن أبي حاتم. وفي المخطوطة مكان "فيموت على ضلاله" ، "فيعود على ضلاله" . (3) الأثر: 20484 - "هلال بن حميد" و "هلال بن أبي حميد" ويقال: "ابن عبد الله" ، و "ابن عبد الرحمن" ، و "ابن مقلاص" ، الجهني، ويقال له: "هلال الوزان" قال البخاري: "قال وكيع مرة: هلال بن حميد، ومرة: هلال بن عبد الله، ولا يصح" . وانظر العلل لأحمد 1: 106، 211. وقال ابن أبي حاتم "هلال بن أبي حميد الوزان، أبو جهم الصيرفي. ويقال أبو أمية، وهو: هلال بن مقلاص الجهبذ، مولى جهينة" ، وبنحوه قال ابن سعد. و "هلال" ثقة مترجم في التهذيب والكبير 4 / 2 / 207، وابن أبي حاتم 4 / 2 / 75، وابن سعد في الطبقات 6: 227. و "عبد الله بن عكيم الجهني" ، "أبو معبد" ، كان كبيرًا قد أدرك الجاهلية، وأدرك زمان النبي صلى الله عليه وسلم ولكن لا يعرف له سماع صحيح، مترجم في التهذيب، والكبير 3 / 1 / 39، وابن أبي حاتم 2 / 2 / 121، وابن سعد في الطبقات 6: 77. وكان في المطبوعة "عبد الله بن حكيم" ، وفي تفسير ابن كثير 4: 536، "عبد الله ابن عليم" ، وكلاهما خطأ. وهذا الأثر، أشار إليه ابن كثير في تفسير 4: 536، وخرجه السيوطي في الدر المنثور 4: 67، وزاد في نسبته إلى ابن المنذر والطبراني، وساقه وهو الأثر السالف: 20482، سياقًا واحدًا، مع اختلاف في اللفظ. 20485- حدثني المثنى قال: حدثنا الحجاج قال: حدثنا حماد، عن أبي حمزة، عن إبراهيم، أن كعبًا قال لعمر رحمة الله عليه: يا أمير المؤمنين، لولا آية في كتاب الله لأنبأتك ما هو كائنٌ إلى يوم القيامة قال: وما هي؟ قال: قولُ الله: (يمحو الله ما يشاءُ ويثبت وعندَهُ أم الكتاب) . (1) 20486- حدثت من الحسين قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (لكل أجل كتاب) ، الآية يقول: (يمحو الله ما يشاء) ، يقول: أنسخُ ما شئت، وأصْنعُ من الأفعال ما شئت، إن شئتُ زدتُ فيها، وإن شئت نقصت. 20487- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا عفان قال: حدثنا همام قال: حدثنا الكلبي قال: (يمحو الله ما يشاء ويثبت) ، قال: يَمْحي من الرزق ويزيد فيه، ويمحي من الأجل ويزيد فيه. (2) قلت: من حدّثك! قال: أبو صالح، عن جابر بن عبد الله بن رئاب الأنصاري، عن النبي صلى الله عليه (1) الأثر: 20485 - "الحجاج" هو "الحجاج بن المنهال" ، سلف قريبًا برقم: 20481. و "حماد" هو "حماد بن سلمة" ، مضى مرارًا. وفي تفسير ابن كثير 4: 537، روى هذا الخبر، وفيه هناك "خصاف" ، ولكني أرجح أنه "حماد" ، كما في المخطوطة أيضًا و "خصاف" ، هو "خصاف بن عبد الرحمن الجزري" ، ليس بذاك، مترجم في لسان الميزان 2: 397، وابن أبي حاتم 1 / 2 / 404. و "أبو حمزة" ، هو "ميمون الأعور التمار الراعي، الكوفي، هو صاحب إبراهيم النخعي، ضعيف جدًا ذاهب الحديث، قال العقيلي:" وأحاديثه عن إبراهيم خاصة مما لا يتابع عليه ". قد سلف برقم: 6190، 11810، وانظر الكني للدولابي 1: 157." و "إبراهيم" ، هو "إبراهيم بن يزيد النخعي" ، مضى مرارًا. وهذا إسناد واه جدًا، والعجب من السيد رشيد رضا في تعليقه على تفسير ابن كثير (4: 537) حيث يقول: "من الغريب أن تبلغ الجرأة بكعب إلى هذا الحد الباطل شرعًا وعقلا. ثم يعتدون بدينه وعلمه ويردون عنه، والغريب هو تحامله على كعب الأحبار قبل التثبت من إسناد الخبر، وما ذنب كعب إذا ابتلاه بذلك مثل" أبي حمزة الأعور "؟ ولكن هكذا ديدن الشيخ، إذا جاء ذكر كعب الأحبار، يتهمه بلا بينة." وخرج هذا الأثر السيوطي في الدر المنثور 4: 67، ولم ينسبه إلى غير ابن جرير. (2) هكذا جاء في المخطوطة، "يمحى" أيضًا، وهو صواب "محا الشيء يمحوه، ويمحاه محوًا ومحيًا" ، والذي في المراجع الأخرى: "يمحو" . وانظر ما سيأتي: 492 تعليق: 1. وسلم. فقدم الكلبيّ بعدُ، فسئل عن هذه الآية: (يمحو الله ما يشاء ويثبت) ، قال: يكتب القول كُلُّه، حتى إذا كان يوم الخميسِ طُرح منه كل شيء ليس فيه ثواب ولا عليه عقاب، مثل قولك: أكلت، شربت، دخلت، خرجت، ذلك ونحوه من الكلام، وهو صادق، ويثبت ما كان فيه الثواب وعليه العقاب. (1) 20488- حدثنا الحسن قال: حدثنا عبد الوهاب قال: سمعت الكلبي، عن أبي صالح نحوه، ولم يجاوز أبا صالح. * * * وقال آخرون: بل معنى ذلك: أنّ الله ينسخ ما يشاء من أحكام كِتَابه، ويثبت ما يشاء منها فلا ينسَخُه. *ذكر من قال ذلك: 20489- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: (يمحو الله ما يشاء) ، قال: من القرآن. يقول: يبدل الله ما يشاء فينسخه، ويثبت ما يشاء فلا يبدله= (وعنده أم الكتاب) ، يقول: وجملة ذلك عنده في أمّ الكتاب، الناسخ والمنسوخ، وما يبدل وما يثبت، كلُّ ذلك في كتاب. (2) 20490- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (يمحو الله ما يشاء ويثبت) ، هي مثل قوله: (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ (1) الأثر: 20487 - الكلبي "، هو" محمد بن السائب الكلبي "، النسابة المفسر، متكلم فيه بما لا يحتمل الرواية عنه، وقد سلف قول الطبري فيه:" إنه ليس من رواية من يجوز الاحتجاج بنقله "(1: 66) ، وهذا من المواضع القليلة في تفسير أبي جعفر، التي جاءت فيها الرواية عن الكلبي، انظر ما سلف: 72، 246، 248، 12967." وهذا الخبر أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبير مختصرًا 3 / 2 / 114، وخرجه السيوطي في الدر المنثور 4: 66، وزاد نسبته إلى ابن مردويه، ونقله ابن كثير في تفسيره 4: 537. وانظر الإسناد التالي. وكان في المطبوعة وابن كثير: "ونحو ذلك من الكلام" . (2) الأثر: 20489 - خرجه السيوطي في الدر المنثور 4: 67، وزاد نسبته إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في المدخل. ونقله ابن كثير في تفسيره 4: 538. نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا) [سورة البقرة:106] ، وقوله: (وعنده أم الكتاب) : أي جُملة الكتاب وأصله. 20491- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (يمحو الله ما يشاء ويثبت) ما يشاء، وهو الحكيم= (وعنده أمّ الكتاب) ، وأصله. 20492- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: (يمحو الله ما يشاء) ، بما ينزل على الأنبياء، (ويثبت) ما يشاء مما ينزل على الأنبياء، قال: (وعنده أم الكتاب) ، لا يغيَّر ولا يبدَّل. 20493- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج قال: قال ابن جريج: (يمحو الله ما يشاء) ، قال: ينسخ. قال: (وعند أم الكتاب) ، قال: الذِكْرُ. * * * وقال آخرون: معنى ذلك أنه يمحو من قد حان أجله، ويثبت من لم يجئ أجله إلى أجله. *ذكر من قال ذلك: 20494- حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن عوف، عن الحسن في قوله: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) ، يقول: يمحو من جاء أجله فذهب، والمثبت الذي هو حيٌّ يجري إلى أجله. 20495- حدثنا عمرو بن علي قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا عوف قال: سمعت الحسن يقول: (يمحو الله ما يشاء) ، قال: من جاء أجله= (ويثبت) ، قال: من لم يجئ أجله إلى أجله. 20496- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا هوذة قال: حدثنا عوف، عن الحسن، نحو حديث ابن بشار. 20497- ... قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء قال: أخبرنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن في قوله: (لكل أجل كتاب) ، قال: آجال بني آدم في كتاب، (يمحو الله ما يشاء) من أجله (ويثبت وعنده أم الكتاب) . 20498- ... قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قول الله: (يمحو الله ما يشاء ويثبت) ، قالت قريش حين أنزل: (وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللهِ) [سورة الرعد:38] : ما نراك، يا محمد تملك من شيء، ولقد فُرِغ من الأمر! فأنزلت هذه الآية تخويفًا ووعيدًا لهم: إنا إن شئنا أحدَثْنا له من أمرنا ما شئنا، ونُحْدِث في كل رمضان، فنمحو ونثبتُ ما نشاء من أرزاق الناس وَمصَائبهم، وما نعطيهم، وما نقسم لهم. (1) 20499- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد نحوه. 20500- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، نحوه. * * * وقال آخرون: معنى ذلك: ويغفر ما يشاء من ذنوب عباده، ويترك ما يشاء فلا يغفر. * * * *ذكر من قال ذلك: 20501- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا حكام، عن عمرو، عن عطاء، عن سعيد في قوله (يمحو الله ما يشاء ويثبت) ، قال: يثبت في البطن الشَّقاء والسعادة وكلَّ شيء، فيغفر منه ما يشاء ويُؤخّر ما يشاء. (2) * * * (1) الأثر: 20498 - خرجه السيوطي في الدر المنثور 4: 5، وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، ونقله ابن كثير في تفسيره 4: 538. (2) الأثر: 20501 - خرجه السيوطي في الدر المنثور 4: 68، ولم ينسبه لغير ابن جرير، ولفظه عنده: "... وكل شيء هو كائن، فيقدم منه ما يشاء ..." ، وهذا أجود مما في مخطوطتنا. قال أبو جعفر: وأولى الأقوال التي ذكرت في ذلك بتأويل الآية وأشبهُها بالصّواب، القولُ الذي ذكرناه عن الحسن ومجاهد، وذلك أن الله تعالى ذكره توعَّد المشركين الذين سألوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم الآياتِ بالعقوبة، وتهدَّدهم بها، وقال لهم: (وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلا بِإِذْنِ الله لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ) ، يعلمهم بذلك أن لقضائه فيهم أجلا مُثْبَتًا في كتاب، هم مؤخَّرون إلى وقت مجيء ذلك الأجل. ثم قال لهم: فإذا جاء ذلك الأجل، يجيء الله بما شَاء ممن قد دَنا أجله وانقطع رزقه، أو حان هلاكه أو اتضاعه من رفعة أو هلاك مالٍ، فيقضي ذلك في خلقه، فذلك مَحْوُه، ويثبت ما شاء ممن بقي أجله ورزقه وأكله، (1) فيتركه على ما هو عليه فلا يمحوه. وبهذا المعنى جاء الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك ما:- 20502- حدثني محمد بن سهل بن عسكر قال: حدثنا ابن أبي مريم قال: حدثنا الليث بن سعد، عن زيادة بن محمد، عن محمد بن كعب القُرَظي، عن فَضالة بن عُبَيْد، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يَفتح الذِّكر في ثلاث ساعات يَبْقَيْن من الليل، في الساعة أولى منهن ينظر في الكتاب الذي لا ينظُرُ فيه أحد غَيره، فيمحو ما يشاء ويثبتُ. ثم ذكر ما في الساعتين الأخريين. (2) " (1) "الأكل" ، بضم فسكون، الحظ من الدنيا، من البقاء والرزق. (2) (الأثر: 20502 - "محمد بن سهل بن عسكر" ، شيخ الطبري، مضى مرارًا، انظر 5598، 5664، 5911. و "ابن أبي مريم" ، هو "سعيد بن أبي مريم" ، وهو "سعيد بن الحكم" ، ثقة روى له الجماعة، مضى مرارًا آخرها رقم: 18404. و "زيادة بن محمد الأنصاري" ، منكر الحديث مضى برقم: 16943، 16944. وسلف هذا الأثر مطولا برقم: 16943، وسلف تخريجه وشرح إسناده، وهو الخبر الذي أشار إليه البخاري في الكبير، وقال "منكر الحديث" . ويزاد في تخريجه: السيوطي في الدر المنثور 4: 65، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم، وابن مردويه، والطبراني ونقله ابن كثير في تفسيره 4: 537. ثم انظر الخبر التالي والتعليق عليه. 20503- حدثنا موسى بن سهل الرمليّ قال: حدثنا آدم قال، حدثنا الليث قال: حدثنا زيادة بن محمد، عن محمد بن كعب القرظي، عن فضالة بن عبيد، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ينزل في ثلاث ساعات يَبْقَين من الليل، يفتح الذكر في الساعة الأولى الذي لم يره أحد غيره، يمحو ما يشَاء ويثبت ما يشاء. (1) " 20504- حدثني محمد بن سهل بن عسكر قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس قال: إن لله لوحًا محفوظًا مسيرةَ خمسمِئة عام، من دُرَّة بيضاء لَها دَفَّتَان من ياقوت، والدَّفتان لَوْحان لله، كل يوم ثلاثمئة وستون لحظةً، يمحو ما يشَاء ويثبت وعنده أم الكتاب. (2) 20505- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور قال: حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه قال: حدثني رجل، عن أبيه، عن قيس بن عباد، أنه قال: العاشر من رجب هو يوم يمحو الله فيه ما يشاء. (3) * * * (1) الأثر: 20503 - "موسى بن سهل بن قادم الرملي" ، شيخ الطبري، ثقة، مضى برقم: 878، 5434، 16944، انظر أيضًا "موسى بن سهل الرازي" رقم: 180، والتعليق عليه، و "سهل بن موسى الرازي" رقم: 180، 4319، 9482، والتعليق عليها. و "آدم" ، هو "آدم بن أبي إياس" . وهذه طريق أخرى للخبر السالف، فهو منكر كمثله. (2) الأثر: 20504 - خرجه السيوطي في الدر المنثور 4: 65، ولم ينسبه لغير ابن جرير، ونقله ابن كثير في تفسيره 4: 537. (3) الأثر: 20505 - خرجه السيوطي في الدر المنثور 4: 66، ولم ينسبه إلى غير ابن جرير، ثم ذكر بعده خبرًا مطولا عن قيس بن عباد، ونسبه إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في الشعب. القول في تأويل قوله تعالى: {وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (39) } قال أبو جعفر: اختلفَ أهل التأويل في تأويل قوله: (وعنده أم الكتاب) ، فقال بعضهم: معناه: وعنده الحلال والحرام. *ذكر من قال ذلك: 20506- حدثني المثنى قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا محمد بن عقبة قال، حدثنا مالك بن دينار قال: سألت الحسن: قلت: (أمُّ الكتاب) ، قال: الحلال والحرام قال: قلت له: فما (الحمد لله رب العالمين) قال: هذه أمُّ القرآن. * * * وقال آخرون: معناه: وعنده جملة الكتاب وأصله. *ذكر من قال ذلك: 20507- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (وعنده أم الكتاب) ، قال: جملة الكتاب وأصله. 20508- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله. 20509- حدثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وعنده أم الكتاب) ، قال: كتابٌ عند رب العالمين. 20510- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق بن يوسف، عن جويبر عن الضحاك: (وعنده أم الكتاب) ، قال: جملة الكتاب وعلمه. يعني بذلك ما يَنْسَخ منه وما يُثْبت. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الرعد الحلقة (906) صــ 491 إلى صــ 500 20511- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو صالح قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: (وعنده أم الكتاب) يقول: وجملة ذلك عنده في أمّ الكتاب: الناسخُ والمنسوخ، وما يبدّل، وما يثبت، كلُّ ذلك في كتاب. * * * وقال آخرون في ذلك، ما: 20512- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن سيَّار، عن ابن عباس، أنه سأل كعبًا عن "أم الكتاب" قال: علم الله ما هو خَالقٌ وما خَلْقُه عاملون، فقال لعلمه: كُنْ كتابًا، فكان كتابًا. (1) * * * وقال آخرون: هو الذكر. *ذكر من قال ذلك: 20513- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج= قال أبو جعفر: لا أدري فيه ابن جريج أم لا = قال: قال ابن عباس: (وعنده أم الكتاب) قال: الذكر. * * * قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قولُ من قال: "وعنده أصل الكتاب وجملته، وذلك أنه تعالى ذكره أخبر أنه يمحُو ما يشاء ويثبت" (1) 20512 - "سيار" ، مولى خالد بن يزيد بن معاوية، روى عن أبي الدرداء، وابن عباس، وأبي أمامة. روى عنه سليمان التيمي، وذكره ابن حبان في الثقات: "سيار بن عبد الله" ، قال ابن حجر: "لم نجد من سمى أباه عبد الله غير ابن حبان" . وهو مترجم في التهذيب، والكبير للبخاري 2 / 2 / 161، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 254، ولم يذكرا فيه جرحًا. وكان في المطبوعة وحدها: "شيبان" . والخبر خرجه السيوطي في الدر المنثور 4: 68، وزاد نسبته إلى عبد الرزاق، ونقله ابن كثير في تفسيره 4: 538، وفي جميعها "سيار" ، وهو الصواب. ما يشاء، ثم عقَّب ذلك بقوله: (وعنده أم الكتاب) ، فكان بيِّنًا أن معناه. وعنده أصل المثبّت منه والمَمحوّ، وجملتُه في كتاب لديه. * * * قال أبو جعفر: واختلفت القرأة في قراءة قوله: (ويثبت) فقرأ ذلك عامة قرأة المدينة والكوفة: "وَيُثَبِّتُ" بتشديد "الباء" بمعنى: ويتركه ويقرُّه على حاله، فلا يمحوه. * * * وقرأه بعض المكيين وبعض البصريين وبعض الكوفيين: (وَيُثْبِتُ) بالتخفيف، بمعنى: يكتب. * * * وقد بيَّنَّا قبلُ أن معنى ذلك عندنا: إقرارُه مكتوبًا وتركُ محْوه على ما قد بيَّنَّا، فإذا كان ذلك كذلك فالتثبيتُ به أولى، والتشديدُ أصْوبُ من التخفيف، وإن كان التخفيف قد يحتمل توجيهه في المعنى إلى التشديد، والتشديد إلى التخفيف، لتقارب معنييهما. * * * وأما "المحو" ، فإن للعرب فيه لغتين: فأما مُضَر فإنها تقول: "محوت الكتَابَ أمحُوه مَحْوًا" وبه التنزيل= "ومحوته أمْحَاه مَحْوًا" . وذُكِر عن بعض قبائل ربيعة: أنها تقول: "مَحَيْتُ أمْحَى" . (1) (1) هذه اللغة منسوبة في اللسان وغيره إلى طيئ أيضًا، و "أمحى" ، بفتح الحاء. وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 334، وما سلف: 484، تعليق: 2. القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (40) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وإما نرينك، يا محمد في حياتك بعضَ الذي نعدُ هؤلاء المشركين بالله من العقاب على كفرهم= أو نتوفيَنَّكَ قبل أن نُريَك ذلك، فإنما عليك أن تنتهِيَ إلى طاعة ربك فيما أمرك به من تبليغهم رسالتَه، لا طلبَ صلاحِهم ولا فسادهِم، وعلينا محاسبتهم، فمجازاتهم بأعمالهم، إن خيرًا فخيرٌ وإن شرًّا فشرٌّ. (1) * * * القول في تأويل قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (41) } قال أبو جعفر: اختلف أهلُ التأويل في تأويل ذلك. فقال بعضهم: معناه: أولم ير هؤلاء المشركون مِنْ أهل مكة الذين يسألون محمدًا الآيات، أنا نأتي الأرض فنفتَحُها له أرضًا بعد أرض حَوَالَيْ أرضهم؟ أفلا يخافون أن نفتح لَهُ أرضَهم كما فتحنا له غيرها؟ *ذكر من قال ذلك: 20514- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا محمد بن الصباح قال: حدثنا هشيم، عن حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: (أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها) ، قال: أولم يروا أنا نفتح لمحمد الأرض بعد الأرض؟ (2) (1) انظر مراجع ألفاظ هذه الآية في فهارس اللغة. (2) الأثر: 20514 - "الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني" ، شيخ الطبري، مضى مرارًا، آخرها قريبًا رقم: 20411. و "محمد بن الصباح الدولابي" ، أبو جعفر البزاز البغدادي، ثقة روى له الجماعة، مترجم في التهذيب، والكبير 1 / 1 / 118، وابن أبي حاتم 3 / 2 / 289، وتاريخ بغداد 5: 365. 20515- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها) ، يعني بذلك: ما فتح الله على محمد. يقول: فذلك نُقْصَانها. 20516- حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبي، عن سلمة بن نبيط، عن الضحاك قال: ما تغلَّبتَ عليه من أرضِ العدوّ. 20517- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر قال: كان الحسن يقول في قوله: (أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها) ، هو ظهور المسلمين على المشركين. (1) 20518- حدثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذ قال: حدثنا عبيد بن سليمان قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها) ، يعنى أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يُنْتَقَصُ له ما حوله من الأرَضِين، ينظرون إلى ذلك فلا يعتبرون قال الله في "سورة الأنبياء" : (نَأْتِي الأرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ) [سورة الأنبياء:44] ، بل نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه هم الغالبون. * * * وقال آخرون: بل معناه: أولم يروا أنا نأتي الأرض فنخرِّبها، أو لا يَخَافون أن نفعل بهم وبأرضهم مثل ذلك فنهلكهم ونخرِّب أرضهم؟ *ذكر من قال ذلك: 20519- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا علي بن عاصم، عن حصين بن عبد الرحمن، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: (أنا نأتي الأرض ننقصها (1) في المطبوعة: "فهو ظهور" . من أطرافها) ، قال: أولم يروا إلى القرية تخربُ حتى يكون العُمْران في ناحية؟ (1) 20520- ... قال: حدثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، عن الأعرج، أنه سمع مجاهدًا يقول: (نأتي الأرض ننقصها من أطرافها) ، قال: خرابُها. 20521- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن الأعرج، عن مجاهد مثله= قال: وقال ابن جريج: خرابُها وهلاك الناس. 20522- حدثنا أحمد قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي جعفر الفرَّاء، عن عكرمة قوله: (أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها) ، قال: نخرِّب من أطرافها. (2) * * * وقال آخرون: بل معناه: ننقص من بَرَكتها وثَمرتها وأهلِها بالموت. *ذكر من قال ذلك: 20523- حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (ننقصها من أطرافها) يقول: نقصان أهلِها وبركتها. 20524- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا جرير، عن ليث، عن مجاهد، في قوله: (ننقصها من أطرافها) ، قال: في الأنفس وفي الثمرات، وفي خراب الأرض. (1) الأثر: 20519 - "علي بن عاصم بن صهيب الواسطي" ، متكلم فيه لغلطه ثم لجاجه، مضى برقم: 5427. و "حصين بن عبد الرحمن السلمي" ، مضى مرارًا كثيرة، آخرها رقم: 17237. (2) الأثر: 20522 - "أبو جعفر الفراء" ، كوفي، مختلف في اسمه قيل "كسيان" ، وقيل "سلمان" ، وقيل "زيادة" ، ذكره ابن حبان في الثقات. مترجم في التهذيب، والكبير للبخاري 4 / 1 / 234، وابن أبي حاتم 3 /2 / 166، وابن سعد في طبقاته 6: 230، والكنى والأسماء للدولابي 1: 134، 135، وفي التاريخ الكبير، وفي إحدى نسخ ابن أبي حاتم "القراد" بالقاف والدال، وهذا مشكل، والأرجح "الفراء" . وانظر العلل لأحمد 1: 104، 360، خبر له هناك.، وفيه "الفراء" أيضًا. 20525- حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبي، عن طلحة القناد، عمن سمع الشعبي قال: لو كانت الأرض تُنْقَص لضَاق عليك حُشَّك، (1) ولكن تُنْقَص الأنفُس والثَّمرات. * * * وقال آخرون: معناه: أنا نأتي الأرض ننقصها من أهلها، فنتطرَّفهم بأخذهم بالموت. (2) *ذكر من قال ذلك: 20526- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (ننقصها من أطرافها) ، قال: موت أهلها. 20527- حدثنا ابن بشار قال: حدثنا يحيى، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد: (أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها) ، قال: الموت. (3) 20528- حدثني المثنى قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا هارون النحوي قال: حدثنا الزبير بن الخِرِّيت عن عكرمة، في قوله: (ننقصها من أطرافها) ، قال: هو الموت. ثم قال: لو كانت الأرض تنقص لم نجد مكانًا نجلسُ فيه. (4) 20529- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (نأتي الأرض ننقصها من أطرافها) ، قال: كان عكرمة يقول: هو قَبْضُ الناس. (1) "الحش" البستان، والمتوضأ، حيث يقضي المرء حاجته. وانظر ما سلف 15: 518، تعليق: 2. ثم انظر الخبر رقم: 20531. (2) يعني بقولهم: "نتطرفهم" ، أي نأخذ من أطرافهم ونواحيهم، وهو عربي جيد. (3) الأثر: 20527 - "يحيى، هو" يحيى بن سعيد القطان "، مضى مرارًا." و "سفيان" ، هو الثوري، مضى مرارًا. (4) الأثر: 20528 - "هارون النحوي" ، هو "هارون بن موسى النحوي" ، سلف مرارا. و "الزبير بن الخريت" ، سلف قريبًا رقم: 20410، وكان في المطبوعة والمخطوطة هنا وهناك: "الزبير بن الحارث" ، وهو خطأ. 20530- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قال: سئل عكرمة عن نقص الأرض قال: قبضُ الناس. 20531- حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا جرير بن حازم، عن يعلى بن حكيم، عن عكرمة في قوله: (أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها) ، قال: لو كان كما يقولون لما وجَد أحدكم جُبًّا يخرَأ فيه. 20532- حدثنا الفضل بن الصباح قال: حدثنا إسماعيل بن علية، عن أبي رجاء قال: سئل عكرمة وأنا أسمع عن هذه الآية: (أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها) ، قال: الموت. * * * وقال آخرون: (ننقُصها من أطرافها) بذهاب فُقَهائها وخِيارها. *ذكر من قال ذلك: 20533- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا طلحة بن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس قال: ذهابُ علمائها وفقهائِها وخيار أهلِها. (1) 20534- قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا عبد الوهاب، عن مجاهد قال: موتُ العلماء. * * * قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في تأويل ذلك بالصواب قولُ من قال: (أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها) ، بظهور المسلمين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم عليها وقَهْرِهم أهلها، أفلا يعتبرون بذلك فيخافون ظُهورَهم (1) الأثر: 20532 - رواه الحاكم في المستدرك 2: 350، من طريق الثوري عن طلحة بن عمرو، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" ، وتعقبه الذهبي، فقال: "طلحة بن عمرو" ، قال أحمد: "متروك" . على أرْضِهم وقَهْرَهم إياهم؟ وذلك أن الله توعَّد الذين سألوا رسولَه الآيات من مشركي قومه بقوله: (وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البَلاغُ وَعَليْنَا الْحِسَابُ) ، ثم وبَّخهم تعالى ذكره بسوء اعتبارهم ما يعاينون من فعل الله بضُرَبائهم من الكفار، وهم مع ذلك يسألون الآيات، فقال: (أولم يرَوْا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها) بقهر أهلها، والغلبة عليها من أطرافها وجوانبها، (1) وهم لا يعتبرون بما يَرَوْن من ذلك. * * * وأما قوله: (والله يحكُم لا مُعَقّب لحكمه) ، يقول: والله هو الذي يحكم فيَنْفُذُ حكمُه، ويَقْضي فيَمْضِي قضاؤه، وإذا جاء هؤلاء المشركين بالله من أهل مكة حُكْم الله وقضاؤُه لم يستطيعوا رَدَّهَ. ويعني بقوله: (لا معقّب لحكمه) : لا راد لحكمه، * * * "والمعقب" ، في كلام العرب، هو الذي يكرُّ على الشيء. (2) * * * وقوله: (وهو سريع الحساب) ، يقول: والله سريع الحساب يُحْصي أعمال هؤلاء المشركين، لا يخفى عليه شيء، وهو من وراءِ جزائهم عليها. (3) (1) انظر تفسير "الطرف" فيما سلف 7: 192. (2) انظر تفسير مادة (عقب) فيما سلف من فهارس اللغة. ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 334. (3) انظر تفسير "سريع الحساب" فيما سلف من فهارس اللغة. القول في تأويل قوله تعالى: {وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (42) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قد مكر الذين من قَبْل هؤلاء المشركين من قُرَيشٍ من الأمم التي سلفت بأنبياء الله ورُسله (فلله المكر جميعًا) ، يقول: فلله أسبابُ المكر جميعًا، وبيده وإليه، لا يضرُّ مكرُ من مَكَر منهم أحدًا إلا من أراد ضرَّه به، يقول: فلم يضرَّ الماكرون بمكرهم إلا من شاء الله أن يضرَّه ذلك، وإنما ضرُّوا به أنفسهم لأنهم أسخطوا ربَّهم بذلك على أنفسهم حتى أهلكهم، ونجَّى رُسُلَه: يقول: فكذلك هؤلاء المشركون من قريش يمكرون بك، يا محمد، والله منَجّيك من مكرهم، ومُلْحِقٌ ضُرَّ مكرهم بهم دونك. (1) وقوله: (يعلم ما تكسب كلّ نفس) ، يقول: يعلم ربك، يا محمد ما يعمل هؤلاء المشركون من قومك، وما يسعون فيه من المكر بك، ويعلم جميعَ أعمال الخلق كلهم، لا يخفى عليه شيء منها (2) = (وسيعلَم الكفار لمن عقبى الدار) ، يقول: وسيعلمون إذا قَدموا على ربهم يوم القيامة لمن عاقبة الدار الآخرة حين يدخلون النار، ويدخلُ المؤمنون بالله ورسوله الجَنَّة. (3) * * * قال أبو جعفر: واختلفت القرأة في قراءة ذلك: فقرأته قرأة المدينة وبعضُ البَصْرة: "وَسَيَعْلَمُ الكَافِرُ" على التوحيد. (4) * * * (1) انظر تفسير "المكر" فيما سلف: 466، تعليق: 3،والمراجع هناك. (2) انظر تفسير "الكسب" فيما سلف من فهارس اللغة. (3) انظر تفسير "العقبى" فيما سلف قريبًا: 472، تعليق: 5، والمراجع هناك. (4) في المطبوعة: "بعض أهل البصرة" ، زاد في الكلام ما يستقيم بإسقاطه وبإثباته. وأما قرأة الكوفة فإنهم قرءوه: (وَسَيَعْلَمُ الكُفَّار) ، على الجمع. * * * قال أبو جعفر: والصوابُ من القراءة في ذلك، القراءةُ على الجميع: (وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ) لأن الخبر جرى قبل ذلك عن جماعتهم، وأتبع بعَده الخبر عنهم، وذلك قوله: (وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) وبعده قوله: (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلا) . وقد ذُكر أنها في قراءة ابن مسعود: "وَسَيَعْلَمُ الكَافِرُونَ" ، وفى قراءة أبيّ: "(وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا)" وذلك كله دليلٌ على صحة ما اخترنا من القراءة في ذلك. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (43) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره ويقول الذين كفروا بالله من قومك يا محمد لست مرسلا! تكذيبا منهم لك، وجحودًا لنبوّتك، (1) فقل لهم إذا قالوا ذلك: (كفى بالله) ، يقول: قل حَسْبي الله (2) (شهيدًا) ، يعني شاهدًا (3) = (بيني وبينكم) ، عليّ وعليكم، بصدقي وكذبكم= (ومن عنده علمُ الكتاب) * * * فـ "مَنْ" إذا قرئ كذلك في موضع خفضٍ عطفًا به على اسم الله، (1) انظر تفسير "الرسالة" فيما سلف من فهارس اللغة. (2) انظر تفسير "كفى" فيما سلف 8: 429. (3) انظر تفسير "الشهيد" فيما سلف من فهارس اللغة. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الرعد الحلقة (907) صــ 501 إلى صــ 510 وكذلك قرأته قرَأَة الأمصار (1) بمعنى: والذين عندهم علم الكتاب أي الكتب التي نزلت قبلَ القرآن كالتوراة والإنجيل. وعلى هذه القراءة فسَّر ذلك المفسِّرون. *ذكر الرواية بذلك: 20535- حدثني علي بن سعيد الكنْدي قال: حدثنا أبو مُحيَّاة يحيى بن يعلى، عن عبد الملك بن عمير، عن ابن أخي عبد الله بن سلام قال: قال عبد الله بن سَلام: نزلت فيَّ: (كفى بالله شهيدًا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب) . (2) 20536- حدثنا الحسين بن علي الصُّدائي قال: حدثنا أبو داود الطيالسي قال، حدثنا شعيب بن صفوان قال: حدثنا عبد الملك بن عمير، أن محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلام قال: قال عبد الله بن سلام: أنزل فيّ: (قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ) . (3) (1) في المطبوعة: "قرأ به قراء الأمصار" ، أساء القراءة. (2) الأثر: 20535 - "علي بن سعيد بن مسروق الكندي" ، شيخ الطبري، ثقة، مضى برقم: 1184، 2784، 11233، ومواضع أخرى كثيرة. و "يحيى بن يعلي بن حرملة التيمي" ، "وأبو محياة" ، ثقة، مضى برقم: 14462. وفي المطبوعة: "أبو المحياة" . و "عبد الملك بن عمير بن سويد بن حارثة القرشي" ، أو "اللخمي" ، روى له الجماعة سلف برقم: 4108، 12573، 18678. ويزاد في ترجمته: الكبير للبخاري 3 / 1 / 426. و "ابن أخي عبد الله بن سلام" ، لا يعرف اسمه، ترجم له ابن أبي حاتم 4 / 2 / 325 وقال: "روى عن عبد الله بن سلام، روى عنه عبد الملك بن عمير، سمعت أبي يقول ذلك" . أشار إلى هذا الخبر فيما أرجح. و "عبد الله بن سلام" ، هو الصحابي الجليل، كان أعلم بني إسرائيل، فأسلم. ثم انظر الخبر التالي. (3) الأثر: 20536 - "الحسين بن علي بن يزيد الصدائي" ، شيخ الطبري، ثقة، مضى مرارًا، آخرها رقم: 11458، وانظر رقم: 5437. و "أبو داود الطيالسي" ، الإمام الحافظ، مضى مرارًا. و "شعيب بن صفوان بن الربيع بن الركين" ، "أبو يحيي الثقفي" ، متكلم فيه، مترجم في التهذيب، والكبير 2 / 2 / 224، ولم يذكر فيه جرحًا، وأشار إلى هذا الخبر، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 348، وميزان الاعتدال 1: 448، وتاريخ بغداد 9: 238. و "محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلام" ، روى عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري، وابن الزبير، ذكره ابن حبان في الثقات، وروايته عن جده أشار إليها البخاري في ترجمته، وفي ترجمة "شعيب بن صفوان" . مترجم في التهذيب والكبير 1 / 1 / 262، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 118. وهذا الخبر أخرجه السيوطي في الدر المنثور: 4: 69، وزاد نسبته إلى ابن مردويه. 20537- حدثني محمد بن سعد قال: ثني أبي قال: ثني عمي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (قل كفى بالله شهيدًا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب) ، فالذين عندهم علم الكتاب: هم أهل الكتاب من اليهود والنَّصارَى. 20538- حدثنا أبو كريب قال: حدثنا الأشجعي، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد: (ومن عنده علم الكتاب) قال: هو عبد الله بن سلام. (1) 20539- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال: أخبرنا هشيم قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح، في قوله: (ومن عنده علم الكتاب) قال: رجل من الإنس، ولم يُسمّه. 20540- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (ومن عنده علم الكتاب) ، هو عبد الله بن سلام. 20541- ... قال: حدثنا يحيى بن عباد قال: حدثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد: (ومن عنده علم الكتاب) . (2) (1) الأثر: 20538 - "الأشجعي" ، هو "عبيد الله بن عبيد الرحمن الأشجعي" ، مضى برقم: 8622، 10258. (2) الأثر: 20541 - وضعت النقط لأن الأثر ناقص في المطبوعة والمخطوطة، وانا أرجح أنه هو الخبر الذي أخرجه السيوطي في الدر المنثور 4: 69، ونسبه إلى ابن جرير، وابن سعد، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، عن مجاهد، ونصه: "عن مجاهد أنه كان يقرأ:" ومن عنده علم الكتاب "، قال: هو عبد الله بن سلام" . 20542- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلا) ، قال: قول مشركي قريش: (قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ) ، أناس من أهل الكتاب كانوا يشهدون بالحقّ ويقرُّون به، ويعلمون أن محمدًا رسول الله، كما يُحدَّث أن منهم عبد الله بن سَلام. 20543- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن قتادة: (ومن عنده علم الكتاب) قال: كان منهم عبدُ الله بن سَلام، وسَلْمَان الفارسي، وتميمٌ الدَّاريّ. 20544- حدثنا الحسن قال: حدثنا عبد الوهاب، عن سعيد، عن قتادة: (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ) قال هو عبد الله بن سَلام. * * * وقد ذُكر عن جماعة من المتقدِّمين أنهم كانوا يقرأونَه: "وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الكِتَابُ" ، بمعنى: مِنْ عِند الله عُلِمَ الكتاب. (1) *ذكر من ذكر ذلك عنه: 20545- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن هارون، عن جعفر بن أبي وحشية، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (1) ضبطت في المخطوطة: "عُلِمَ" ، بالبناء للمفعول، في الموضعين، وهذه القراءة الأولى، نسبها أبو حيان في تفسيره 5: 402، إلى علي بن أبي طالب، وابن السميفع، والحسن، كما سيأتي في رقم: 20547، 20553. وقراءة ثانية، ذكرها أبو حيان أيضًا، قرأت بها جماعة كثيرة من القرأة، منهم ابن عباس، بجعل "من" حرف جر أيضا: {وَمِنْ عَنْدِهِ عِلْمُ الكِتَابِ} . والقراءة الثالثة، ولم ينسبها: {وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِّمَ الكِتَابُ} بتشديد اللام، والبناء للمفعول. ولكني لم أجد هذه القراءة الأولى منسوبة إلى ابن عباس، ولكن الخبر التالي رقم: 20545، دال على أنه قرأها كذلك، لأن حديث أبي جعفر، قاطع بأنه أراد هذه القراءة ببناء "علم" للمفعول، كما يتبين ذلك من الأثر: 20553، وتعقيبه عليه. وانظر التعليق التالي. "وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الكِتَابُ" ، يقول: مِنْ عند الله عُلِمَ الكتاب. (1) 20546- حدثني محمد بن المثنى قال: حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن الحكم، عن مجاهد: "وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الكِتَابُ" قال: من عند الله. 20547- ... قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن الحكم، عن مجاهد: "وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الكِتَابُ" قال: من عند الله عُلِمَ الكتاب= وقد حدثنا هذا الحديثَ الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد: "وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الكِتَابُ" قال: هو الله= هكذا قرأ الحسن: "وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الكِتَابُ" . 20548- ... قال: حدثنا شعبة، عن منصور بن زاذان، عن الحسن، مثله. 20549- قال: حدثنا علي= يعني ابن الجعد= قال: حدثنا شعبة، عن منصور بن زاذان، عن الحسن: "وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الكِتَابُ" قال: الله قال شعبة: فذكرت ذلك للحكم، فقال: قال مجاهد، مثله. (2) 20550- حدثنا ابن المثنى قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة قال: سمعت منصور بن زاذان يحدث عن الحسن، أنه قال في هذه الآية: "وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الكِتَابُ" ، قال: من عند الله. 20551- ... قال: حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا هوذة قال: (1) الأثر: 20545 - "جعفر بن أبي وحشية" ، هو "جعفر بن إياس، وهو أبو وحشية اليشكري" ، روى له الجماعة، مضى برقم: 5405، 5461، 6202. وكان في المخطوطة وحدها "جعفر عن أبي وحشية" ، وهو خطأ. وضبطت "عُلِمَ" في الموضعين في هذا الخبر أيضًا، في المخطوطة، وكذلك في الآثار التالية إلى رقم: 20547، و "الكِتابُ" ، بضمه على الباء أيضًا فيها. (2) الأثر: 20549 - "الحسن بن محمد" ، هو الزعفراني، سلف قريبًا. و "علي بن الجعد بن عبيد الجوهري" ، "أبو الحسن البغدادي" ، ثقة، مترجم في التهذيب، والكبير 3 / 2 / 266، وابن أبي حاتم 3 / 1 / 178، وانظر ما سيأتي رقم: 20863. حدثنا عوف، عن الحسن: "وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الكِتَابُ" ، قال: مِنْ عند الله عُلِم الكتاب. 20552- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن: "وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الكِتَابُ" قال: من عند الله عِلْمُ الكِتَابِ (1) = هكذا قال ابن عبد الأعلى. 20553- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قال: كان الحسن يقرؤها: "قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الكِتَابُ" ، يقول: مِنْ عِنْد الله عُلِمَ الكتابُ وجملته= قال أبو جعفر: هكذا حدثنا به بشر: "عُلِمَ الكتابُ" وأنا أحسِبَه وَهِم فيه، وأنه: "وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الكِتَابُ" ، (2) لأن قوله "وجملته" ، اسم لا يُعْطف باسم على فعل ماضٍ. 20554- حدثنا الحسن قال: حدثنا عبد الوهاب، عن هارون: "وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الكِتَابُ" ، يقول: مِنْ عند الله عُلِم الكتاب. 20555- حدثني المثنى قال: حدثنا الحجاج بن المنهال قال: حدثنا أبو عوانة، عن أبي بشر قال: قلت لسعيد بن جبير: "وَمِنْ عِنْدِهِ" (1) ضبطت "علم" بكسر فسكون، لأني أرجح أن الطبري من أجل ذلك قال: "هكذا قال ابن عبد الأعلى" . وهذا أمر يعتمد في الحقيقة على السماع، وأين اليوم السماع؟ أو على الضبط، والمخطوطة غير مضبوطة، فأرجو أن أكون قد أصبت وجه الخبر. وانظر الخبر التالي وضبطه. (2) "علم" بكسر فسكون فضم. عُلِمَ الكِتَابُ "أهو عبد الله بن سَلام؟ قال: هذه السورة مكية، فكيف يكون عبد الله بن سلام! قال: وكان يقرؤها:" وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الكِتَابُ "يقول: مِنْ عند الله. (1) " 20556- حدثنا الحسن قال: حدثنا سعيد بن منصور قال: حدثنا أبو عوانة، عن أبي بشر قال: سألت سعيد بن جبير، عن قول الله (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ) أهو عبد الله بن سلام؟ قال: فكيف وهذه السورة مكية؟ وكان سعيد يقرؤها: "وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الكِتَابُ" . 20557- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: ثني عباد، عن عوف، عن الحسن= وجُوَيبر، عن الضحاك بن مزاحم =قالا "وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الكِتَابُ" ، (2) قال: من عند الله. * * * قال أبو جعفر: وقد رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خبرٌ بتصحيح هذه القراءة وهذا التأويل، غير أنّ في إسناده نظرًا، وذلك ما:- 20558- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: ثني عباد بن العوّام، عن هارون الأعور، عن الزهري، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ "وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الكِتَابُ" ، عند الله عُلِم الكتاب. (3) * * * قال أبو جعفر: وهذا خبرٌ ليس له أصلٌ عند الثِّقات من أصحاب الزهريّ. (1) ضبطت "علم" بالبناء للمفعول في المخطوطة. (2) ضبطت "علم" . بالبناء للمفعول في المخطوطة. (3) الأثر: 20558 - "عباد بن العوام الواسطي" ، ثقة، من شيوخ أحمد، مضى مرارًا آخرها رقم: 15669. و "هارون الأعور" ، هو "هارون بن موسى العتكي" ، ثقة، وهو صاحب القراءات، وله قراءة معروفة، وقد سلف مرارًا، آخرها: 17760، وانظر ما سلف 6: 548، تعليق: 3. وهذا إسناد منقطع، لأن هارون الأعور، لم يسمع من الزهري، وقد خرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 7: 155، وقال: "رواه أبو يعلى، وفيه سليمان بن أرقم، وهو متروك" ، وكذلك خرجه السيوطي في الدر المنثور 4: 69، وقال: وأخرج أبو يعلى، وابن جرير، وابن مردويه، وابن عدي، بسند ضعيف، عن ابن عمر "." و "سليمان بن أرقم" ، "أبو معاذ البصري" ، يروي عن الزهري، وهو متروك الحديث، قال ابن معين: "ليس بشيء، ليس يسوى فلسًا" ، وقال ابن حبان: "كان ممن يقلب الأخبار، ويروي عن الثقات الموضوعات" . وكأن رواية هارون الأعور، هي عن سليمان بن أرقم، فأسقطه. وقد سلفت ترجمة "سليمان بن أرقم" رقم: 4923، 14446. فإذْ كان ذلك كذلك وكانت قرأء الأمصار من أهل الحجاز والشأم والعراق على القراءة الأخرى، وهي: (ومن عنده علم الكتاب) ، كان التأويل الذي على المعنى الذي عليه قرأة الأمصار أولى بالصواب ممّا خالفه، (1) إذ كانت القراءة بما هم عليه مجمعون أحقَّ بالصواب. "آخر تفسير سورة الرعد" (2) (1) في المطبوعة: "ممن خالفه" ، غير ما في المخطوطة بلا تدبر. (2) بعد هذا في المخطوطة: "والحمدُ لله حمدًا كثيرًا كما هو أهلُه." وصلى الله على محمدٍ المصطفى، وآله أهل الصدقِ والوفَا، وسلَّم كثيرًا. يتلوهُ إن شاءَ الله تعالى: تفسير سُورةِ إبرَاهِيم. "." تفسير سورة إبراهيم (تَفْسِير السُّورَة التي يُذْكَر فيها إِبْرَاهِيمُ) بسم الله الرحمن الرحيم القول في تأويل قوله جل ذكره {الر كِتَابٌ أَنزلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1) } قال أبو جعفر الطَبَريّ: قد تقدم منا البيان عن معنى قوله: "الر" ، فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (1) * * * وأما قوله: (كتاب أنزلناه إليك) فإن معناه: هذا كتاب أنزلناه إليك، يا محمد، يعني القرآن= (لتخرج الناس من الظلمات إلى النور) يقول: لتهديهم به من ظلمات الضلالة والكفرِ، إلى نور الإيمان وضيائه، وتُبصِّر به أهلَ الجهل والعمَى سُبُل الرَّشاد والهُدَى. (2) وقوله: (بإذن ربهم) يعني: بتوفيق ربهم لهم بذلك ولطفه بهم (3) = (إلى صراط العزيز الحميد) يعني: إلى طريق الله المستقيم، وهو دينه الذي ارتضاه، وشَرَعُه لخلقه. (4) * * * (1) انظر ما سلف 1: 205 - 224. (2) انظر مراجع ألفاظ الآية فيما سلف من فهارس اللغة. (3) انظر تفسير "الإذن" فيما سلف قريبًا: 476، تعليق: 3 والمراجع هناك. (4) انظر تفسير "الصراط" فيما سلف 12: 556، تعليق: 3، والمراجع هناك. = وقد أغفل تفسير "العزيز" ، فانظر ما سلف 15: 373، تعليق: 2، والمراجع هناك و (الحميد) ، "فعيل" ، صُرِف من "مفعول" إلى "فَعيل" ، ومعناه: المحمود بآلائه. (1) * * * وأضاف تعالى ذكره إخراجَ الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربِّهم لهم بذلك، إلى نبيه صلى الله عليه وسلم، وهو الهادي خَلْقَه، والموفقُ من أحبَّ منهم للإيمان، إذ كان منه دعاؤهم إليه، وتعريفهُم ما لهم فيه وعليهم. فبيّنٌ بذلك صِحة قولِ أهل الإثبات الذين أضافوا أفعال العباد إليهم كَسبًا، وإلى الله جل ثناؤه إنشاءً وتدبيرًا، وفسادُ قول أهل القَدر الذين أنكرُوا أن يكون لله في ذلك صُنْعٌ. (2) * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 20559- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، في قوله: (لتخرج الناس من الظلمات إلى النور) ، أي من الضلالة إلى الهدى. * * * القول في تأويل قوله عز ذكره {اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2) } قال أبو جعفر: اختلفت القرأة في قراءة ذلك. فقرأته عامة قَرأة المدينة والشأم: "اللهُ الَّذِي لَهُ مَا فِي السماوات" برفع اسم (1) انظر تفسير "الحميد" فيما سلف 5: 570/ 9: 296/ 15: 400. (2) "أهل الإثبات" ، هم أهل السنة مثبتو الصفات. و "أهل القدر" هم المعتزلة، ومن أنكر القدر. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ إبراهيم الحلقة (908) صــ 511 إلى صــ 520 "الله" على الابتداء، وتصيير قوله: (الذي له ما في السماوات) ،خبرَه. * * * وقرأته عامة قرأة أهل العراق والكوفة والبصرة: (اللهِ الَّذِي) بخفض اسم الله على إتباع ذلك (العزيزِ الحميدِ) ، وهما خفضٌ. * * * وقد اختلف أهل العربية في تأويله إذ قرئ كذلك. فذكر عن أبي عمرو بن العَلاء أنه كان يقرؤه بالخفض. ويقول: معناه: بإذن ربهم إلى صرَاط [الله] العزيز الحميدِ الذي له ما في السماوات. (1) ويقول: هو من المؤخَّر الذي معناه التقديم، ويمثله بقول القائل: "مررتُ بالظَّريف عبد الله" ، والكلام الذي يوضع مكانَ الاسم النَّعْتُ، ثم يُجْعَلُ الاسمُ مكان النعت، فيتبع إعرابُه إعرابَ النعت الذي وُضع موضع الاسم، كما قال بعض الشعراء: لَوْ كُنْتُ ذَا نَبْلٍ وَذَا شَزِيبِ ... مَا خِفْتُ شَدَّاتِ الخَبِيثِ الذِّيبِ (2) * * * وأما الكسائي فإنه كان يقول فيما ذكر عنه: مَنْ خفضَ أراد أن يجعلَه كلامًا واحدًا، وأتبع الخفضَ الخفضَ، وبالخفض كان يَقْرأ. * * * قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي، أنهما قراءتان مشهورتان، قد قرأ بكل واحدة منهما أئمة من القُرّاء، معناهما واحدٌ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. (1) زدت ما بين القوسين لأنه حق الكلام، وإلا لم يكن المعنى على "المؤخر الذي معناه التقديم" كما سيأتي، بل كان يكون على التطويل والزيادة، وهو باطل. وهو إغفال من عجلة الناسخ وسبق قلمه. (2) غاب عني مكان الرجز. و "الشزيب" و "الشزبة" ، (بفتح فسكون) ، من أسماء القوس، وهي التي ليست بجديد ولا خلق، كأنها شزب قضيبها، أي ذبل. و "الشدة" ، (بفتح الشين) الحملة، يقال: "شد على العدو" ، أي حمل. وقد يجوز أن يكون الذي قرأه بالرفع أراد مَعْنَى مَنْ خفضَ في إتباع الكلام بعضِه بعضًا، ولكنه رفع لانفصاله من الآية التي قبله، كما قال جل ثناؤه: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ) إلى آخر الآية ثم قال: (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ) [سورة التوبة: 111، 112] . (1) * * * ومعنى قوله: (اللهِ الذي له ما في السماوات وما في الأرض) اللهِ الذي يملك جميع ما في السماوات ومَا في الأرض. يقول لنييه محمد صلى الله عليه وسلم: أنزلنا إليك هذا الكتاب لتدعُوَ عِبادي إلى عِبَادة مَنْ هذه صفته، وَيَدعُوا عبادَةَ من لا يملك لهم ولا لنفسه ضَرًّا ولا نفعًا من الآلهة والأوثان. ثم توعّد جل ثناؤه من كفر به، ولم يستجب لدعاء رسوله إلى ما دعاه إليه من إخلاص التوحيد له فقال: (وويْلٌ للكافرين من عذاب شديد) يقول: الوادِي الذي يسيلُ من صديد أهل جهنم، لمن جحد وحدانيته، وعبد معه غيره، مِن عَذَاب الله الشَّدِيد. (2) * * * القول في تأويل قوله عز ذكره: {الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (3) } قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: (الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة) ، الذين يختارون الحياة الدنيا ومتاعها ومعاصي الله فيها، على طاعة الله (1) انظر ما قاله أبو جعفر في الآية، فيما سلف 14: 500، التعليق رقم: 2. (2) انظر تفسير "الويل" فيما سلف 2: 267 - 269، 237. وما يقرِّبهم إلى رضاه من الأعمال النافعة في الآخرة (1) = (وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) ، يقول: ويمنعون من أراد الإيمان بالله واتّباعَ رسوله على ما جاء به من عند الله، من الإيمان به واتباعه (2) = (وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا) يقول: ويلتمسون سَبِيل الله = وهي دينه الذي ابتعث به رسوله = (عوجًا) : تحريفًا وتبديلا بالكذب والزّور. (3) * * * "والعِوَج" بكسر العين وفتح الواو، في الدين والأرض وكل ما لم يكن قائمًا، فأما في كلِّ ما كان قائمًا، كالحائط والرمح والسنّ، فإنه يقال بفتح العين والواو جميعًا "عَوَج" . (4) * * * يقول الله عز ذكره: (أولئك في ضلال بعيد) يعني هؤلاء الكافرين الذين يستحبُّون الحياة الدنيا على الآخرة. يقول: هم في ذهابٍ عن الحق بعيد، وأخذ على غير هُدًى، وجَوْر عن قَصْد السبيل. (5) * * * وقد اختلف أهل العربية في وجه دخول "على" في قوله: (على الآخرة) ، فكان بعض نحويى البَصْرة يقول: أوصل الفعل بـ "على" كما قيل: "ضربوه في السيف" ، يريد بالسيف، (6) وذلك أن هذه الحروف يُوصل بها كلها وتحذَف، (1) انظر تفسير "الاستحباب" فيما سلف 14: 175. (2) انظر تفسير "الصد" فيما سلف: 467، تعليق: 2، والمراجع هناك. = وتفسير "السبيل" فيما سلف من فهارس اللغة. (3) انظر تفسير "الابتغاء" فيما سلف 15: 285، تعليق: 2، والمراجع هناك. = وتفسير "العوج" فيما سلف 15: 285، تعليق: 3، والمراجع هناك. (4) انظر بيانًا آخر عن "العوج" فيما سلف 12: 448، وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 335، وفيه خطأ بين هناك. (5) انظر تفسير "الضلال" فيما سلف من فهارس اللغة. (6) انظر ما سيأتي: 534، تعليق: 1. نحو قول العرب: "نزلتُ زيدًا" ، و "مررت زيدًا" ، يريدون: مررت به، ونزلت عليه. * * * وقال بعضهم: إنما أدخل ذلك، لأن الفعل يؤدِّي عن معناه من الأفعال، (1) ففي قوله: (يستحبون الحياة الدنيا) معناه يؤثرون الحياة الدنيا على الآخرة، ولذلك أدخلت "على" . وقد بيَّنت هذا ونظائره في غير موضع من الكتاب، بما أغنى عن الإعادة. (2) * * * القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وما أرسلنا إلى أمة من الأمم، يا محمد، من قبلك ومن قبلِ قومك، رسولا إلا بلسان الأمة التي أرسلناه إليها ولغتهم = (ليبين لهم) يقول: ليفهمهم ما أرسله الله به إليهم من أمره ونَهيه، ليُثْبت حجة الله عليهم، ثم التوفيقُ والخذلانُ بيد الله، فيخذُل عن قبول ما أتاه به رسُوله من عنده من شاء منهم، ويوفّق لقبوله من شاء = ولذلك رفع "فيُضلُّ" ، لأنه أريد به الابتداء لا العطف على ما قبله، كما قيل: (لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأرْحَامِ مَا نَشَاءُ) [سورة الحج: 5] = (وهو العزيز) (3) الذي لا يمتنع مما أراده من ضلال أو (1) قوله: "يؤدي عن معناه من الأفعال" ، أي يتضمن معنى فعل غيره. (2) انظر "مباحث النحو والعربية وغيرها" ، فيما سلف من أجزاء هذا الكتاب. (3) انظر تفسير "العزيز" ، فيما سلف قريبًا: 511، تعليق: 4، والمراجع هناك. هداية من أرادَ ذلك به = (الحكيم) ، في توفيقه للإيمان من وفَّقه له، وهدايته له من هداه إليه، وفي إضلاله من أضلّ عنه، وفي غير ذلك من تدبيره. (1) * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 20560- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه) ، أي بلغة قومه ما كانت. قال الله عز وجلّ: (ليبين لهم) الذي أرسل إليهم، ليتخذ بذلك الحجة. قال الله عز وجلّ: (فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم) . * * * القول في تأويل قوله عز ذكره {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولقد أرسلنا موسى بأدلتنا وحُجَجنا من قبلك،،، يا محمد،، كما أرسلناك إلى قومك بمثلها من الأدلة والحجج، (2) كما: 20561- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح =ح (3) وحدثني الحارث قال، حدثنا الحسن الأشيب، قال، حدثنا ورقاء، عن أبي نجيح، عن مجاهد =ح (4) وحدثنا الحسن بن محمد قال، (1) انظر تفسير "الحكيم" فيما سلف من فهارس اللغة. (2) انظر تفسير "الآية" فيما سلف من فهارس اللغة (أيي) . (3) هذه أول مرة يستعمل رمز (ح) في هذه المخطوطة. وهو اصطلاح للمحدثين وغيرهم، يراد به: تحويل الإسناد، أي رواية الأثر بإسناد آخر قبل تمام الكلام. (4) هذه أول مرة يستعمل رمز (ح) في هذه المخطوطة. وهو اصطلاح للمحدثين وغيرهم، يراد به: تحويل الإسناد، أي رواية الأثر بإسناد آخر قبل تمام الكلام. حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجَاهد، في قول الله: (ولقد أرسلنا موسى بأياتنا) قال: بالبينات. 20562- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (ولقد أرسلنا موسى بأياتنا) قال: التسعُ الآيات، الطُّوفانُ وما معه. 20563- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: (أرسلنا موسى بأياتنا) قال: التسعُ البَيِّناتُ. 20564- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. * * * وقوله: (أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور) ،كما أنزلنا إليك، يا محمد، هذا الكتاب لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم. ويعني بقوله: (0000 أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور) ، أن ادعهم، (1) من الضلالة إلى الهدى، ومن الكفر إلى الإيمان، كما:- 20565- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (ولقد أرسلنا موسى بأياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور) يقول: من الضلالة إلى الهدى. 20566- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا هشام، عن عمرو، عن سعيد، عن قتادة، مثله. * * * (1) في المطبوعة: "أي ادعهم" ، أساء التصرف، وأراد: أن ادعهم، ليخرجوا من الضلالة إلى الهدى، فحذف واختصر. وقوله: (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ) يقول عز وجلّ: وعِظْهُم بما سلف من نُعْمَى عليهم في الأيام التي خلت= فاجتُزِئ بذكر "الأيام" من ذكر النعم التي عناها، لأنها أيام كانت معلومة عندهم، أنعم الله عليهم فيها نعمًا جليلةً، أنقذهم فيها من آل فرعون بعدَ ما كانوا فيما كانوا [فيه] من العذاب المُهِين، وغرَّق عدوَّهم فرعونَ وقومَه، وأوْرَثهم أرضهم وديارَهم وأموالَهم. * * * وكان بعض أهل العربية يقول: معناه: خوَّفهم بما نزل بعادٍ وثمودَ وأشباههم من العذاب، وبالعفو عن الآخرين: قال: وهو في المعنى كقولك: "خُذْهم بالشدة واللين" . * * * وقال آخرون منهم: قد وجدنا لتسمية النّعم بالأيام شاهدًا في كلامهم. ثم استشهد لذلك بقول عمرو بن كلثوم: وَأَيَّامِ لَنَا غُرٍّ طِوَالٍ ... عَصَيْنَا الْمَلْكَ فِيهَا أَنْ نَدِينَا (1) وقال: فقد يكون إنما جَعَلها غُرًّا طِوالا لإنعامهم على الناس فيها. وقال: فهذا شاهدٌ لمن قال: (وذكرهم بأيام الله) بنعم الله. ثم قال: وقد يكون تَسْميتُها غُرًّا، لعلوّهم على المَلِكِ وامتناعهم منه، فأيامهم غرّ لهم، وطِوالٌ على أعدائهم. (2) * * * (1) من قصيدته البارعة المشهورة، انظر شرح القصائد السبع لابن الأنباري: 388. (2) هذا قول أبي عبيدة بلا شك عندي، نقله عنه بنصه ابن الأنباري في شرح السبع الطوال: 389، من أول الصفحة، إلى السطر السابع، مع اختلاف في ترتيب الأقوال. وهو بلا شك أيضًا من كتابه "مجاز القرآن" ، بيد أني لم أجده في المطبوعة 1: 335، في تفسير هذه السورة، ولا في مكان غير هذا المكان. وأكاد أقطع أن نسخة مجاز القرآن، قد سقط منها شيء في أول تفسير "سورة إبراهيم" كما تدل عليه تعليقات ناشره الأخ الفاضل الأستاذ محمد فؤاد سزكين. فالذي نقله الطبري غير منسوب، والذي نقله ابن الأنباري منسوبًا إلى أبي عبيدة، ينبغي تنزيله في هذا الموضع من الكتاب. والحمد لله رب العالمين. وانظر ما سيأتي: 535، تعليق: 4. قال أبو جعفر: وليس للذي قال هذا القول، من أنّ في هذا البيت دليلا على أن "الأيام" معناها النعم، وجهٌ. لأنَّ عمرو بن كلثوم إنما وصفَ ما وصف من الأيام بأنها "غُرّ" ، لعزّ عشيرته فيها، وامتناعهم على المَلِك من الإذعان له بالطاعة، وذلك كقول الناس: "ما كان لفلان قطُّ يومٌ أبيض" ، يعنون بذلك: أنه لم يكن له يومٌ مذكورٌ بخير. وأمّا وصفه إياها بالطولِ، فإنها لا توصف بالطول إلا في حال شدَّة، كما قال النابغة: كِلِينِي لِهَمٍّ يَا أُمَيْمَةَ نَاصِبِ ... وَلَيْلٍ أُقَاسِيهِ بَطِيء الكَوَاكِبِ (1) فإنما وصفها عَمْرٌو بالطول، لشدة مكروهها على أعداء قومه. ولا وجه لذلك غيرُ ما قلت. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 20567- حدثني يحيى بن طلحة اليربوعيّ قال، حدثنا فُضَيْل بن عِيَاض، عن ليث، عن مجاهد: (وذكرهم بأيام الله) ، قال: بأنْعُم الله. 20568- حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد قال، حدثنا يحيى بن يمان، عن سفيان، عن عُبَيْدٍ المُكْتِب، عن مجاهد: (وذكرهم بأيام الله) ، قال: بنعم الله. (2) 20569- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا (1) ديوانه: 42، مطلع قصيدته النابغة، في تمجيد عمرو بن الحارث الأعرج، حين هرب إلى الشأم من النعمان بن المنذر، وسيأتي البيت في التفسير بعد 14: 15 / 23: 106 (بولاق) . (2) الأثر: 20568 - "إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد" ، شيخ الطبري، سلفت ترجمته رقم: 2418، مثل هذا الإسناد. وانظر رقم: 1962، 13899. و "عبيد المكتب" ، هو "عبيد بن مهران الكوفي" ، ثقة، أخرج له مسلم، سلف برقم: 2417، وفيه ضبط "المكتب" . https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ إبراهيم الحلقة (909) صــ 521 إلى صــ 530 سفيان، عن عبيدٍ المُكْتِب، عن مجاهد، مثله. 20570- حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا عبثر، عن حصين، عن مجاهد، مثله. (1) 20571- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى = ح وحدثني الحارث قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا ورقاء= جميعًا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (بأيام الله) قال: بنعم الله. 20572- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 20573- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. 20574- حدثني المثنى قال، أخبرنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وذكرهم بأيام الله) قال: بالنعم التي أنعم بها عليهم، أنجاهم من آل فرعون، وفَلَق لهم البحر، وظلَّل عليهم الغمَام، وأنزل عليهم المنَّ والسَّلوَى. 20575-حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا حبيب بن حسان، عن سعيد بن جبير: (وذكرهم بأيام الله) قال: بنعم الله. (2) 20576- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (وذكرهم بأيام الله) يقول: ذكرهم بنعم الله عليهم. 20577- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن (1) الأثر: 20570 - "عبثر" ، هو "عبثر بن القاسم الزبيدي" ، "أبو زبيد الكوفي" ، روى له الجماعة، سلفت ترجمته برقم: 12336، 13255، وانظر: 12402، 17106، 19995. (2) الأثر: 20575 - "حبيب بن حسان" ، هو و "حبيب بن أبي الأشرس" . و "حبيب بن أبي هلال" ، منكر الحديث، متروك، سلف برقم: 16528. معمر، عن قتادة: (وذكرهم بأيام الله) قال: بنعم الله. 20578- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قول الله: (وذكرهم بأيام الله) قال: أيامُه التي انتقم فيها من أهل مَعاصيه من الأمم خَوَّفهم بها، وحذَّرهم إياها، وذكَّرهم أن يصيبهم ما أصابَ الذين من قبلهم. 20579- حدثني المثنى قال، حدثنا الحِمَّاني قال، حدثنا محمد بن أبان، عن أبي إسحاق، عن سعد بن جبير، عن ابن عباس. عن أبيّ، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (وذكرهم بأيام الله) ، قال: نعم الله. (1) (1) الأثر: 20579 - "الحماني" (بكسر الحاء وتشديد الميم) ، هو "يحيي بن عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني" ، متكلم فيه، ووثقه يحيي بن معين. وانظر ما قاله أخي السيد أحمد رحمه الله في توثيقه فيما سلف رقم: 6892. و "محمد بن أبان بن صالح بن عمير الجعفي" ، متكلم في حفظه، سلف برقم: 2720، 11515، 11516. و "أبو إسحق" ، هو السبيعي، مضى مرارًا. هذا إسناد أبي جعفر. وقد رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائده على مسند أبيه (المسند 5: 122) ، وإسناده: "حدثنا عبد الله، حدثني أَبي، حدثنا يحيى بن عبد الله، مولى بني هاشم، حدثنا محمد بن أبان الجعفيّ، عن أَبي إِسحق، عن سعيد بن جبير ..." = و "يحيى بن عبد الله، مولى بني هاشم" ، هو "يحيى بن عبدويه، مولى عبيد الله ابن المهدي" ، متكلم فيه، سئل عنه يحيى بن معين فقال: هو في الحياة؟ فقالوا: نعم. فقال: كذاب، رجل سوء. وروى الخطيب في تاريخ بغداد أن أحمد بن حنبل حث ولده عبد الله على السماع من يحيى بن عبدويه، وأثنى عليه. مترجم في ابن أبي حاتم 4 / 2 / 173، وتاريخ بغداد 14: 165، وتعجيل المنفعة: 443، وميزان الاعتدال 3: 296. وهذا الخبر نقله ابن كثير في تفسيره: 5: 545، عن المسند، وخرجه السيوطي في الدر المنثور 4: 70، وزاد نسبته إلى النسائي، وابن أبي حاتم، وابن المنذر، وابن مردويه، والبيهقي في شعب الإيمان. وقد روى عبد الله بن أحمد في المسند 5: 122 قال: "حدثنا أبو عبد الله العنبري، حدثنا أبو الوليد الطيالسي، حدثنا محمد بن أبان، عن أبي إسحق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس عن أبي، نحوه ولم يرفعه" . قال ابن كثير، وأشار على هذا الخبر: "ورواه عبد الله بن أحمد أيضًا موقوفًا، وهو أشبه" . قلت: ومدار هذه الأسانيد على "محمد بن أبان الجعفي" ، وقد قيل في سوء حفظه وضعفه ما قيل. 20580- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق، عن الثوري، عن عبيد الله أو غيره، عن مجاهد: (وذكرهم بأيام الله) قال: بنعم الله. * * * (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) ، يقول: إن في الأيام التي سلفت بنِعَمِي عليهم = يعني على قوم موسى= (لآيات) ، يعني: لعِبرًا ومواعظ (1) = (لكل صبار شكور) ،: يقول: لكل ذي صبر على طاعة الله، وشكرٍ له على ما أنعم عليه من نِعَمه. (2) 20581- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا هشام، عن عمرو، عن سعيد، عن قتادة، في قول الله عز وجلّ: (إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور) قال: نعمَ العبدُ عَبْدٌ إذا ابتلى صَبَر، وإذا أعْطِي شَكَر. * * * (1) انظر تفسير "الآية" فيما سلف من فهارس اللغة (أيي) . (2) انظر تفسير "الصبر" فيما سلف 13: 35، تعليق: 4، والمراجع هناك. = وتفسير "الشكر" فيما سلف 3: 212، 213. القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (6) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمدٍ صلى الله عليه وسلم: واذكر، يا محمد، إذ قال موسى بن عمْران لقومه من بني إسرائيل: (اذكروا نعمة الله عليكم) ، التي أنعم بها عليكم = (إذ أنجاكم من آل فرعون) ، يقول: حين أنجاكم من أهل دين فرعون وطاعته (1) = (يسومونكم سوء العذاب) ، أي يذيقونكم (1) انظر تفسير "الإنجاء" فيما سلف 15: 53، 194، 195. شديدَ العذاب (1) (ويذبحون أبناءكم) ، مع إذاقتهم إياكم شديد العذاب [يذبحون] أبناءكم. (2) * * * وأدْخلت الواو في هذا الموضع، لأنه أريد بقوله: (ويذبحون أبناءكم) ، الخبرُ عن أن آل فرعون كانوا يعذبون بني إسرائيل بأنواع من العذاب غير التذبيح وبالتذبيح. وأما في موضعٍ آخر من القرآن، فإنه جاء بغير الواو: (يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ) [سورة البقرة: 49] ، في موضع، وفي موضع (يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ) [سورة الأعراف: 141] ، ولم تدخل الواو في المواضع التي لم تدخل فيها لأنه أريد بقوله: (يذبحون) ، وبقوله: (يقتلون) ، تبيينه صفات العذاب الذي كانوا يسومونهم. وكذلك العملُ في كل جملة أريد تفصيلُها،فبغير الواو تفصيلها، وإذا أريد العطف عليها بغيرها وغير تفصيلها فبالواو. (3) * * * 20582- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن الزبير، عن ابن عيينة، في قوله: (وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم) ، أيادي الله عندكم وأيامه. (4) * * * وقوله: (ويستحيون نساءكم) ، يقول: ويُبقون نساءكم فيتركون قتلهن، (1) انظر تفسير "السوم" فيما سلف 2: 40 / 13، 85، ثم مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 335. = وتفسير "سوء العذاب" فيما سلف 2: 40 / 13: 85. (2) من أول قوله: "مع إذاقتهم ..." ساقط من المطبوعة. و "يذبحون" التي بين القوسين. ساقطة من المطبوعة. (3) في المطبوعة: "فالواو" ، لم يحسن قراءة المخطوطة. (4) الأثر: 20582 - "عبد الله بن الزبير بن عيسى الحميدي" ، سلف برقم: 9914، 11622، وقد أطلت الكلام في نسبه، في جمهرة أنساب قريش للزبير بن بكار 1: 449، تعليق: 1، ويزاد عليه: الانتقاء لابن عبد البر: 104، وأول مسند الحميدي، الذي طبع في الهند حديثًا. وذلك استحياؤهم كَان إياهُنَّ = وقد بينا ذلك فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع (1) = ومعناه: يتركونهم والحياة، (2) ومنه الخبر الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اقْتُلُوا شُيوخَ المشركين وَاسْتَحْيُوا شَرْخَهُمْ" ، (3) بمعنى: استبقُوهم فلا تقتلوهم. * * * = (وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم) ، يقول تعالى: وفيما يصنعُ بكم آلُ فرعون من أنواع العذاب، بلاءٌ لكم من ربكم عظيمٌ، أي ابتلاء واختبارٌ لكم، من ربكم عظيم. (4) وقد يكون "البلاء" ، في هذا الموضع نَعْماء، ويكون: من البلاء الذي يصيب النَّاس من الشدائد. (5) * * * (1) انظر تفسير "الاستحياء" فيما سلف 2: 41 - 48 / 13: 41، 85. (2) في المطبوعة: "يتركونهم" والحياة هي الترك "، زاد" هي الترك "بسوء ظنه." (3) هذا الخبر رواه أحمد في مسنده في موضعين 5: 12، 20 في مسند سمرة بن جندب، من طريق أبي معاوية، عن الحجاج، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة = ثم طريق هشيم، عن حجاج ابن أرطأة، عن قتادة، ومن هذه الثانية قال: "واستبقوا شرخهم" . ورواه أبو داود في سننه 3: 73، من طريق سعيد بن منصور، عن هشيم، عن حجاج. ورواه الترمذي في أبواب السير، "باب ما جاء في النزول على الحكم" ، من طريق أبي الوليد الدمشقي، عن الوليد بن مسلم، عن سعيد بن بشير، عن قتادة. وقال: "هذا حديث حسن غريب، ورواه الحجاج بن أرطاة عن قتادة نحوه" . وفيه: "واستحيوا" . ثم قال: "والشرخ: الغلمان الذين لم ينبتوا" . وقال عبد الله بن أحمد (المسند 5: 12) : "سألت أبي عن تفسير هذا الحديث: اقتلوا شيوخ المشركين؟ قال: يقول: الشيخ لا يكاد أن يسلم، والشاب، أي يسلم، كأنه أقرب إلى الإسلام من الشيخ. قال: الشرخ، الشباب" . (4) انظر تفسير "البلاء" فيما سلف 15، 250، تعليق: 4، والمراجع هناك. (5) في المطبوعة: "وقد يكون معناه من البلاء الذي قد يصيب الناس في الشدائد وغيرها" ، زاد في الجملة ما شاء له هواه وغير، فأساء غفر الله له. القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7) } قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: واذكروا أيضًا حين آذنكم رَبُّكم. * * * = و "تأذن" ، "تفعَّل" من "آذن" . والعرب ربما وضعت "تفعَّل" موضع "أفعل" ، كما قالوا: "أوعدتُه" "وتَوعَّدته" ، بمعنى واحد. و "آذن" ، أعلم، (1) كما قال الحارث بن حِلِّزة: آذَنَتْنَا بِبَيْنِهَا أَسْمَاءُ ... رُبَّ ثَاوٍ يُمَلُّ مِنْهُ الثَّوَاءُ (2) يعني بقوله: "آذنتنا" ، أعلمتنا. * * * وذكر عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقرأ: (وإذ تأذن ربكم) : "وَإِذْ قَالَ رَبُّكُمْ" :- 20583- حدثني بذلك الحارث قال، حدثني عبد العزيز قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش عنه. (3) 20584- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: (وإذ تأذن ربكم) ، وإذ قال ربكم، ذلك "التأذن" . * * * وقوله: (لئن شكرتم لأزيدنكم) ، يقول: لئن شكرتم ربَّكم، بطاعتكم إياه (1) انظر تفسير "أذن" فيما سلف 13: 204، ثم تفسير "الإذن" فيما سلف من فهارس اللغة. ثم انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 345. (2) مطلع طويلته المشهورة، انظر شرح القصائد السبع لابن الأنباري: 433. (3) الأثر: 20583 - "الحارث" ، هو "الحارث بن أبي أسامة" منسوبًا إلى جده، وهو "الحارث بن محمد بن أبي أسامة التميمي" ، شيخ الطبري، ثقة، سلف مرارًا آخرها رقم: 14333. و "عبد العزيز" ، هو "عبد العزيز بن أبان الأموي" ، كذاب خبيث يضع الأحاديث، مضى مرارًا كثيرة آخرها رقم 14333. فيما أمركم ونهاكم، لأزيدنكم في أياديه عندكم ونعمهِ عليكم، على ما قد أعطاكم من النجاة من آل فرعون والخلاص مِنْ عذابهم. * * * وقيل في ذلك قولٌ غيره، وهو ما:- 20585- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا الحسين بن الحسن قال، أخبرنا ابن المبارك قال، سمعت علي بن صالح، يقول في قول الله عز وجل: (لئن شكرتم لأزيدنكم) ، قال: أي من طاعتي. 20586- حدثنا المثنى قال، حدثنا يزيد قال، أخبرنا ابن المبارك قال: سمعت علي بن صالح، فذكر نحوه. 20587- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان: (لئن شكرتم لأزيدنكم) ، قال: من طاعتي. 20588- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا مالك بن مغول، عن أبان بن أبي عياش، عن الحسن، في قوله: (لئن شكرتم لأزيدنكم) ، قال: من طاعتي. * * * قال أبو جعفر: ولا وجهَ لهذا القول يُفْهَم، لأنه لم يجرِ للطاعة في هذا الموضع ذكرٌ فيقال: إن شكرتموني عليها زدتكم منها، وإنما جَرَى ذكر الخبر عن إنعام الله على قوم موسى بقوله: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ) ، ثم أخبرهم أن الله أعلمهم إن شكروه على هذه النعمة زادهم. فالواجب في المفهوم أن يكون معنى الكلام: زادهم من نعمه، لا مما لم يجرِ له ذكر من "الطاعة" ، إلا أن يكون أريد به: لئن شكرتم فأطعتموني بالشكر، لأزيدنكم من أسباب الشكر ما يعينكم عليه، فيكون ذلك وجهًا. * * * وقوله: (ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) ، يقول: ولئن كفرتم، أيها القوم، نعمةَ الله، فجحدتموها بتركِ شكره عليها وخلافِه في أمره ونهيه، وركوبكم معاصيه = (إن عَذَابي لشديد) ، أعذبكم كما أعذب من كفر بي من خلقي. * * * وكان بعض البصريين يقول في معنى قوله: (وإذ تأذن ربكم) ، وتأذّن ربكم: ويقول: "إذ" من حروف الزوائد، (1) وقد دللنا على فساد ذلك فيما مضى قبل. (2) * * * القول في تأويل قوله تعالى: {وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وقال موسى لقومه: إن تكفروا، أيها القوم، فتجحدوا نعمةَ الله التي أنعمها عليكم، أنتم = ويفعل في ذلك مثل فعلكم مَنْ في الأرض جميعًا = (فإن الله لغني) عنكم وعنهم من جميع خلقه، لا حاجة به إلى شكركم إياه على نعمه عند جميعكم (3) (حميد) ، ذُو حمد إلى خلقه بما أنعم به عليهم، (4) كما: - 20589- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن هاشم قال، أخبرنا سيف، عن أبي روق، عن أبي أيوب، عن علي: (فإن الله لغني) ، قال: غني عن خلقه = (حميد) ، قال: مُسْتَحْمِدٌ إليهم. (5) (1) هو أبو عبيدة في مجاز القرآن 1: 345. (2) انظر ما سلف 1: 439 - 444 ويزاد في المراجع ص: 439، تعليق: 1 أن قول أبي عبيدة هذا في مجاز القرآن 1: 36، 37. (3) انظر تفسير "الغني" فيما سلف 15: 145، تعليق: 2، والمراجع هناك. (4) انظر تفسير "الحميد" ، فيما سلف قريبًا: 512، تعليق: 1، والمراجع هناك. (5) في أساس البلاغة: "استحمد الله إلى خلقه، بإحسانه إليهم، وإنعامه عليهم" ، وقد سلف "استحمد" في خبر آخر رقم: 8349 في الجزء 7: 470، وهو مما ينبغي أن يقيد على كتب اللغة الكبرى، كاللسان والتاج وأشباههما. القول في تأويل قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره، مخبرًا عن قيل موسى لقومه: يا قوم (ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم) ، يقول: خبر الذين من قبلكم من الأمم التي مضت قبلكم (1) = (قومِ نوح وعاد وثمودَ) ، وقوم نوح مُبيَّنٌ بهم عن "الذين" ، (2) و "عاد" معطوف بها على "قوم نوح" ،= (والذين من بعدهم) ، يعني من بعد قوم نوح وعاد وثمود = (لا يعلمهم إلا الله) ، يقول: لا يحصي عَدَدهم ولا يعلَمُ مبلغهم إلا الله، كما: - 20590- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون: (وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله) ، قال: كذَب النسَّابون. (3) (1) انظر تفسير "النبأ" فيما سلف 15: 147، تعليق: 2، والمراجع هناك. (2) في المطبوعة والمخطوطة: "وقوم عاد فبين بهم عن الذين" ، وهذا كلام لا معنى له، وإنما سها الناسخ، ومراده أن "قوم نوح" ، بدل من "الذين" ، و "التبيين" ، هو البدل، ذكر ذلك الأخفش (همع الهوامع 2: 125) . ويقال له أيضًا "التفسير" ، كما أسلفت في الجزء 12: 7، تعليق: 1، ويقال له أيضًا: "التكرير" ، (همع الهوامع 2: 125) . (3) الآثار: 20590 - 20593 - خرجها السيوطي في الدر المنثور 4: 71، وزاد نسبته إلى عبيد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم. وإسناد هذا الخبر صحيح. 20591- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله بن مسعود، بمثل ذلك. 20592- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون قال، حدثنا ابن مسعود، أنه كان يقرؤها: "وَعَادًا وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلا اللهُ" ، ثم يقول: كذب النسابون. 20593- حدثني ابن المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عيسى بن جعفر، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله، مثله. (1) * * * وقوله: (جاءتهم رسلهم بالبينات) ، يقول: جاءت هؤلاء الأمم رسلُهم الذين أرسلهم الله إليهم بدعائهم إلى إخلاص العبادة له = "بالبينات" ، يعني بحججٍ ودلالاتٍ على حقيقة ما دعوهم إليه من مُعْجِزاتٍ. (2) * * * وقوله: (فردوا أيديهم في أفواههم) ، اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك. فقال بعضهم: معنى ذلك: فعضُّوا على أصابعهم، تغيُّظًا عليهم في دعائهم إياهم إلى ما دَعَوهم إليه. (1) الأثر: 20593 - "ابن المثنى" ، هو "محمد بن المثنى العنزي" ، الحافظ، المعروف بالزمن، شيخ الطبري، روي عنه ما لا يحصى كثرة، مضى مرارًا، انظر: 2734، 2740، 5440، 10314. و "عيسى بن جعفر" ، هذا خطأ لا شك فيه، وإنما الصواب "محمد بن جعفر الهذلي" ، وهو "غندر" ، روي عند "ابن المثنى" في مواضع من التفسير لا تعد كثرة، انظر ما سلف من الأسانيد مثلا: 35، 101، 194، 208، 419، في الجزء الأول من التفسير، وفي الجزء الثامن: 8761، 8810، 8863، 8973، وفيه "المثنى" ، وصوابه "ابن المثنى" . وغير هذه كثير. (2) انظر تفسير "البينات" فيما سلف 13: 14، تعليق: 2، والمراجع هناك. = هذا، وكان في المطبوعة: "يعني بالحجج الواضحات، والدلالات البينات الظاهرات على حقيقة ما دعوهم إليه معجزات" ، زاد في الكلام غثاء كثيرًا، كأنه غمض عليه نص أبي جعفر، فأراد أن يوضحه بما ساء وناء. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ إبراهيم الحلقة (910) صــ 531 إلى صــ 540 * ذكر من قال ذلك: 20594- حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى، قالا حدثنا عبد الرحمن، قال حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله: (فردوا أيديهم في أفواههم) ، قال: عضوا عليها تغيُّظًا. 20595- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، في قوله: (فردوا أيديهم في أفواههم) ، قال: غيظًا، هكذا، وعضَّ يده. 20596- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله: (فردوا أيديهم في أفواههم) ، قال: عضُّوها. (1) 20597- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن رجاء البصريّ قال، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله في قول الله عز وجل: (فردوا أيديهم في أفواههم) ، قال: عضوا على أصابعهم. (2) (1) الآثار: 20594 - 20596 - خبر "سفيان الثوري، عن أبي إسحق" ، أخرجه الحاكم في المستدرك 2: 351، من طريق عبد الرزاق، وهو هنا رقم: 20595، ولفظه في المستدرك: "قال عبد الله كذا، وردَّ يده في فيه، وعضَّ يده، وقال: عضُّوا على أصابعهم غيظًا" . قال الحاكم: "هذا حديث صحيح بالزيادة على شرطهما" ، ووافقه الذهبي. وخرجه السيوطي في الدر المنثور 4: 72، وزاد نسبته إلى عبد الرزاق، والفريابي، وأبي عبيد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني. وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 7: 43، وقال: رواه الطبراني عن شيخه، عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم، وهو ضعيف ". ولم يذكر هو ولا السيوطي الحديث بزيادة الحاكم." وسيأتي الخبر عن "سفيان الثوري" و "إسرائيل" برقم: 20603. (2) الأثر: 20597 - "إسرائيل" ، هو "إسرائيل بن يونس بن أبي إسحق السبيعي" ، روى عن جده، ومضى مرارًا كثيرة لا تعد. و "عبد الله بن رجاء بن عمرو الغداني البصري" ، ثقة، كان حسن الحديث عن "إسرائيل" سلفت ترجمته برقم: 2814، 2939، 16973. وهذا الخبر، رواه الحاكم في المستدرك، من طريق: "عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل" ، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه" ، ووافقه الذهبي، وسيأتي من طريق أبي أحمد الزبيري، عن إسرائيل، وسفيان جميعًا برقم: 20603. وانظر تخريج الآثار السالفة. 20598- حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله: (فردوا أيديهم في أفواههم) ، قال: عضوا على أطراف أصابعهم. (1) 20599- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن هبيرة، عن عبد الله أنه قال في هذه الآية: (فردوا أيديهم في أفواههم) ، قال: أن يجعل إصْبعه في فيه. 20600- حدثنا الحسن بن محمد، قالا حدثنا أبو قطن قال، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن هبيرة، عن عبد الله في قول الله عز وجلّ: (فردوا أيديهم في أفواههم) ، ووضع شُعبة أطرافَ أنامله اليُسرى على فيه. 20601- حدثنا الحسن قال، حدثنا يحيى بن عباد قال، حدثنا شعبة قال، أخبرنا أبو إسحاق، عن هبيرة قال، قال عبد الله (فردوا أيديهم في أفواههم) ، قال: هكذا، (2) وأدخل أصابعه في فيه. 20602- حدثنا الحسن قال، حدثنا عفان قال، حدثنا شعبة، قال أبو إسحاق: أنبأنا عن هبيرة، عن عبد الله أنه قال في هذه الآية: (فردوا أيديهم في أفواههم) ، قال أبو علي: وأرَانا عفان، وأدخل أطراف أصابع كفّه مبسوطةً في فيه، وذكر أن شعبة أراه كذلك. (3) (1) الأثر: 20598 - هذه طريق ثالثة لخبر أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود: "شريك، عن أبي إسحق: عن أبي الأحوص، عن عبد الله" ،. وانظر الآثار السالفة. (2) "قال هكذا" ، أي أشار. وقد سلف مرارًا تفسير "قال" بهذا المعنى. (3) الآثار: 20599 - 20602 - هذه الثلاثة، طريق أخرى لخبر عبد الله بن مسعود، من حديث هبيرة عنه. و "أبو قطن" ، هو "عمرو بن الهثيم بن قطن الزبيري" ، "أبو قطن البصري" ، ثقة، في الطبقة الرابعة من أصحاب شعبة. مضى برقم: 18674، 20091، 20420. و "يحيى بن عباد الضبعي" ، "أبو عباد" ، من شيوخ أحمد، والحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني، ثقة، ولكنه ضعيف. مضى برقم: 20010، 20091 و "هبيرة بن مريم الشبامي" ، تابعي ثقة، لم يرو عنه غير أبي إسحق السبيعي، مضى برقم: 3001، 5468. 20603- حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله: (فردوا أيديهم في أفواههم) ، قال: عضُّوا على أناملهم. وقال سفيان: عضُّوا غيظًا. (1) 20604- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: (فردوا أيديهم في أفواههم) ، فقرأ: "عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأنَامِلَ مِنَ الْغيْظِ" [سورة آل عمران: 119] ، قال: هذا، (ردُّوا أيديهم في أفواههم) . (2) قال: أدخلوا أصابعهم في أفواههم. وقال: إذا اغتاظ الإنسان عضَّ يده. * * * وقال آخرون: بل معنى ذلك: أنهم لما سمعوا كتابَ الله عجبوا منه، ووضعوا أيديهم على أفواههم. * ذكر من قال ذلك: 20605- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (فردوا أيديهم في أفواههم) ، قال: لما سمعوا كتابَ الله عجِبُوا ورَجَعوا بأيديهم إلى أفواههم. * * * وقال آخرون: بل معنى ذلك أنهم كذبوهم بأفواههم. * ذكر من قال ذلك: 20606- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا (1) الأثر: 20603 - انظر التعليق على الآثار السالفة. (2) في المطبوعة: "وقال: معنى: ردوا أيديهم في أفواههم" ، عبث باللفظ وأساء غاية الإساءة. عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد = ح وحدثني الحارث قال، حدثنا الحسن قال، حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: (فردوا أيديهم في أفواههم) ، قال: ردوا عليهم قولهم وكذَّبوهم. 20607- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 20608- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. 20609- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم) ، يقول: قومُهم كذّبوا رسلهم وردُّوا عليهم ما جاءوا به من البينات، وردُّوا عليهم بأفواههم، وقالوا: إنا لفي شك مما تَدعوننا إليه مُرِيب. 20610- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: (فردوا أيديهم في أفواههم) ، قال: ردوا على الرسل ما جاءت به. * * * قال أبو جعفر: وكأنّ مجاهدًا وجَّه قوله: (فردُّوا أيديهم في أفواههم) ، إلى معنى: ردُّوا أيادى الله التي لو قبلوها كانت أياديَ ونعمًا عندهم، فلم يقبلوها= ووجَّه قوله: (في أفواههم) ، إلى معنى: بأفواههم، يعني: بألسنتهم التي في أفواههم (1) . * * * وقد ذكر عن بعض العرب سَماعًا: "أدخلك الله بالجنَّة" ، يعنون: في الجنة، وينشد هذا البيت (2) (1) انظر ما سلف: 515، تعليق: 6. (2) لم أعرف قائله. ومنشده هو الفراء، كما في اللسان (فيا) . وَأَرْغَبُ فِيهَا عَنْ لَقِيطٍ وَرَهْطِهِ ... وَلَكِنَّنِي عَنْ سِنْبِسٍ لَسْتُ أَرْغَبُ (1) يريد: وأرغب بها، يعنى بابنة له، (2) عن لقيط، ولا أرغبُ بها عن قبيلتي. * * * وقال آخرون: بل معنى ذلك أنهم كانوا يَضَعُون أيديهم على أفواه الرّسل ردًّا عليهم قولَهم، وتكذيبًا لهم. * * * وقال آخرون: هذا مَثَلٌ، وإنما أُرِيد أنهم كفُّوا عَمَّا أُمروا بقَوْله من الحق، (3) ولم يؤمنوا به ولم يسلموا. وقال: يقال لِلرَّجل إذا أمسَك عن الجواب فلم يجبْ: "ردّ يده في فمه" . وذكر بعضهم أن العرب تقول: "كلمت فلانًا في حاجة فرَدّ يدَه في فيه" ، إذا سكت عنه فلم يجب. (4) * * * قال أبو جعفر: وهذا أيضًا قول لا وَجْه له، لأن الله عزَّ ذكره، قد أخبر عنهم أنهم قالوا: "إنا كفرنا بما أرسلتم به" ، فقد أجابوا بالتكذيب. * * * قال أبو جعفر:- وأشبه هذه الأقوال عندي بالصواب في تأويل هذه الآية، القولُ الذي ذكرناه عن عبد الله بن مسعود: أنهم ردُّوا أيديهم في أفواههم، (1) اللسان (فيا) ، وسيأتي في التفسير 17: 105 (بولاق) وأنشده في اللسان عن الفراء: وأَرغبُ فيها عن عُبَيْدٍ ورَهْطِهِ ... ولكنْ بِهَا عن سِنْبسٍ لستُ أَرغَبُ (2) كان في المطبوعة: "يريد: وأرغب فيها، يعني أرغب بها عن لقيط" ، لم يحسن قراءة المخطوطة لأن فيها "وأرغب فيها" مكان "وأرغب بها" ، ولأنه كتبت "بابنت" بتاء مفتوحة، وغير منقوطة فضل، فتصرف، فأضل، ولا حول ولا قوة إلا بالله. (3) في مجاز القرآن لأبي عبيدة "بقوله" ، مكان "بقبوله" فأثبته، ولم أثبت ما في المخطوطة والمطبوعة، وما وافقهما في فتح الباري (8: 285) ، لأن قول أبي جعفر بعد: "لأن الله عز وجل قد أخبر عنهم أنهم قالوا ..." ، دليل على صوابه. (4) هذا قول أبي عبيدة في مجاز القرآن 1: 336، ولكنه في المطبوع من مجاز القرآن مختصر جدًا، وكأن هذا الموضع من "مجاز القرآن" مضطرب وفيه خروم، كما أسلفت بيان ذلك في ص: 519 تعليق رقم: 2. فعضُّوا عليها، غيظاً على الرسل، كما وصف الله جل وعز به إخوانهم من المنافقين، فقال: (وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ) [سورة آل عمران: 119] . فهذا هو الكلام المعروف والمعنى المفهوم من "ردِّ اليدِ إلى الفم" . * * * وقوله: (وقالوا إنّا كفرنا بمَا أرسلتم به) ، يقول عز وجل: وقالوا لرسلهم: إنا كفرنا بما أرسلكم به مَنْ أرسلكم، من الدعاء إلى ترك عبادة الأوثان والأصنام = (وإنا لفي شك) من حقيقة ما تدعوننا إليه من توحيد الله = (مُريب) ، يقول: يريبنا ذلك الشك، أي يوجب لنا الريبَة والتُّهمَةَ فيه. * * * = يقال منه: "أرابَ الرجل" ، إذا أتى بريبة، "يُريبُ إرابةً" . (1) * * * القول في تأويل قوله تعالى: {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (10) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قالت رُسل الأمم التي أتتها رسُلها: (أفي الله) ، (2) أنه المستحق عليكم، أيها الناس، الألوهة والعبادةَ دون جميع (1) انظر تفسير "الريب" فيما سلف من فهارس اللغة (ريب) ، وتفسير "الإرابة فيما سلف 15: 370، 493." (2) في المخطوطة: "أفي الناس" ، وهو سهو منه. خلقه = (شك) = وقوله: (فاطر السماوات والأرض) ، يقول: خالق السماوات والأرض (1) (يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم) ، يقول: يدعوكم إلى توحيده وطاعته = (ليغفر لكم من ذنوبكم) ، يقول: فيستر عليكم بعضَ ذنوبكم بالعفو عنها، فلا يعاقبكم عليها، (2) (ويؤخركم) ، يقول: وينسئ في آجالكم، (3) فلا يعاقبكم في العاجل فيهلككم، ولكن يؤخركم إلى الوقت الذي كتبَ في أمّ الكتاب أنه يقبضكم فيهِ، وهو الأجل الذي سمَّى لكم. (4) فقالت الأمم لهم: (إن أنتم) ، أيها القوم (إلا بشرٌ مثلنا) ، في الصورة والهيئة، ولستم ملائكة، (5) وإنما تريدون بقولكم هذا الذي تقولون لنا = (أن تصدُّونا عما كان يعبدُ آباؤنا) ، يقول: إنما تريدون أن تصرِفونا بقولكم عن عبادة ما كان يعبدُه من الأوثان آباؤنا (6) = (فأتونا بسلطان مبين) ، يقول: فأتونا بحجة على ما تقولون تُبين لنا حقيقتَه وصحتَه، فنعلم أنكم فيما تقولون محقُّون. (7) * * * (1) انظر تفسير "فطر" فيما سلف: 287، تعليق: 2، والمراجع هناك. (2) انظر تفسير "المغفرة" فيما سلف من فهارس اللغة (غفر) ، ثم انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 336، في بيان زيادة "من" في الآية. (3) انظر تفسير "التأخير" فيما سلف من فهارس اللغة (أخر) . (4) انظر تفسير "الأجل" فيما سلف: 476، تعليق: 4، والمراجع هناك. = وتفسير "مسمى" فيما سلف: 326، تعليق: 1، والمراجع هناك. (5) انظر تفسير "بشر" فيما سلف 15: 295، تعليق: 2، والمراجع هناك. (6) انظر تفسير "الصد" فيما سلف: 515، تعليق: 2، والمراجع هناك. (7) انظر تفسير "السلطان" فيما سلف: 106، تعليق: 1، والمراجع هناك. = وتفسير "مبين" فيما سلف من فهارس اللغة (بين) . القول في تأويل قوله عز ذكره: {قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قالت الأمم التي أتتهم الرّسلُ رُسُلهم: (1) (إن نحن إلا بشر مثلكم) ، صدقتم في قولكم، إن أنتم إلا بشر مثلنا، فما نحنُ إلا بَشَر من بني آدم، إنسٌ مثلكم (2) = (ولكنّ الله يمنُّ على من يشاء من عباده) ، يقُول: ولكن الله يتفضل على من يشاء من خلقه، (3) فيهديه ويوفقه للحقّ، ويفضّله على كثير من خلقه = (وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان) ، يقول: وما كان لنا أن نأتيكم بحجة وبرهان على ما ندعوكم إليه (4) = (إلا بإذن الله) ، يقول: إلا بأمر الله لنا بذلك (5) = (وعلى الله فليتوكل المؤمنون) ، يقول: وبالله فليثق به من آمن به وأطاعه، فإنا به نثق، وعليه نتوكل. (6) 20610م - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله: (فأتونا بسلطان مبين) ، قال: "السلطان المبين" ، البرهان والبينة. وقوله: (مَا لَمْ يُنزلْ بِهِ سُلْطَانًا) [سورة آل عمران: 151 / سورة الأعراف: 7 / سورة الحج: 71] ، قال: بينَةً وبرهانًا. * * * (1) في المطبوعة: "قال الأمم التي أتتهم الرسل لرسلهم" ، وهو لا يفهم، وفي المخطوطة: "قالت الأمم التي أتتهم الرسل رسلهم" ، وصوابها "للأمم" ، و "رسلهم" فاعل "قالت" . (2) انظر تفسير "البشر" فيما سلف قريبًا: 537، تعليق: 5 (3) انظر تفسير "المن" فيما سلف 7: 369/9: 71/11: 389. (4) انظر تفسير "السلطان" فيما سلف قريبًا. (5) انظر تفسير "الإذن" فيما سلف: 526، تعليق: 1، والمراجع هناك. (6) انظر تفسير "التوكل" فيما سلف 166، تعليق: 2، والمراجع هناك. القول في تأويل قوله عز ذكره: {وَمَا لَنَا أَلا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره، مخبًرا عن قِيل الرسل لأممها: (وما لنا أن لا نتوكل على الله) ، فنثق به وبكفايته ودفاعه إياكم عنَّا = (وقد هدانا سُبُلنا) ، يقول: وقد بَصَّرنا طريقَ النجاة من عذابه، فبين لنا (1) = (ولنصبرنَّ على ما آذيتمونا) ، في الله وعلى ما نلقى منكم من المكروه فيه بسبب دُعائنا لكم إلى ما ندعوكم إليه، (2) من البراءة من الأوثان والأصنام، وإخلاص العبادة له = (وعلى الله فليتوكل المتوكلون) ، يقول: وعلى الله فليتوكل من كان به واثقًا من خلقه، فأما من كان به كافرًا فإنّ وليَّه الشيطان. * * * القول في تأويل قوله عز ذكره: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (13) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (14) } قال أبو جعفر: يقول عزّ ذكره: وقال الذين كفروا بالله لرسلهم الذين أرسلوا إليهم، حين دعوهم إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له، وفراق عبادة الآلهة والأوثان= (1) انظر تفسير "الهدى" فيما سلف من فهارس اللغة (هدى) . = وتفسير "السبيل" فيما سلف من فهارس اللغة (سبل) . (2) انظر تفسير "الأذى" فيما سلف 14: 324، تعليق: 1، والمراجع هناك. (لنخرجنَّكم من أرضنا) ، يعنون: من بلادنا فنطردكم عنها = (أو لتعودن في مِلّتنا) ، يعنون: إلا أن تَعُودوا في دِيننا الذي نحن عليه من عبادة الأصنام. (1) * * * وأدخلت في قوله: (لتعودُنَّ) "لام" ، وهو في معنى شرطٍ، كأنه جواب لليَمين، وإنما معنى الكلام: لنخرجَنكم من أرضنا، أو تعودون في ملتنا. (2) * * * ومعنى "أو" ههنا معنى "إلا" أو معنى "حتى" كما يقال في الكلام: "لأضربنك أوْ تُقِرَّ لي" ، فمن العرب من يجعل ما بعد "أو" في مثل هذا الموضع عطفًا على ما قبله، إن كان ما قبله جزمًا جزموه، وإن كان نصبًا نصبوه، وإن كان فيه "لام" جعلوا فيه "لاما" ، (3) إذ كانت "أو" حرف نَسق. ومنهم من ينصب "ما" بعد "أو" بكل حالٍ، ليُعْلَم بنصبه أنه عن الأول منقطع عما قبله، كما قال امرؤ القيس: بَكَى صَاحِبِي لَمَّا رَأَى الدَّرْبَ دُونَهُ ... وَأَيْقَنَ أَنَّا لاحِقَانِ بِقَيْصَرَا ... فَقُلْتُ لَهُ: لا تَبْكِ عَيْنُكَ إِنَّمَا ... نُحَاوِلُ مُلْكًا أَوْ نَمُوتَ فَنُعْذَرَا (4) فنصب "نموت فنعذرا" وقد رفع "نحاول" ، لأنه أراد معنى: إلا أن نموتَ،أو حتى نموتَ، ومنه قول الآخر: (5) لا أَسْتَطِيعُ نزوعًا عَنْ مَوَدَّتِهَا ... أَوْ يَصْنَعَ الْحُبُّ بِي غَيْرَ الَّذِي صَنَعَا (6) (1) انظر تفسير "الملة" فيما سلف: 101، تعليق: 1، والمراجع هناك، وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 336. (2) في المطبوعة: "أو تعودن" ، والصواب من المخطوطة. (3) في المطبوعة: "إن كان فيه لامًا" ،، خطأ، صوابه في المخطوطة. (4) ديوانه: 65 من قصيدته الغالية التي قالها في مسيرة إلى قيصر مستنصرًا به بعد قتل أبيه. وصاحبه الذي ذكره، هو عمرو بن قميئة اليشكري الذي استصحبه إلى قيصر، و "الدرب" . ما بين طرسوس وبلاد الروم. (5) هو الأحوص بن محمد الأنصاري، وينسب أحيانًا للمجنون. (6) الأغاني 4: 299، وديوان المجنون: 200، وخرج أبيات الأحوص، ولدنا الأستاذ عادل سليمان، فيما جمعه من شعر لأحوص، ولم يطبع بعد. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
وقوله: (فأوحَى إليهم ربُّهم لنُهلكنَّ الظالمين) ، الذين ظلموا أنفسهم، (1) فأوجبوا لها عقاب الله بكفرهم. وقد يجوز أن يكون قيل لهم: "الظالمون" لعبادتهم من لا تجوز عبادته من الأوثان والآلهة، (2) فيكون بوضعهم العبادةَ في غير موضعها، إذ كان ظلمًا، سُمُّوا بذلك. (3) * * * وقوله: (ولنسكننكم الأرض من بعدهم) ، هذا وعدٌ من الله مَنْ وَعد من أنبيائه النصرَ على الكَفَرة به من قومه. يقول: لما تمادتْ أمم الرسل في الكفر، وتوعَّدوا رسُلهم بالوقوع بهم، أوحى الله إليهم بإهلاك من كَفَر بهم من أممهم ووعدهم النصر. وكلُّ ذلك كان من الله وعيدًا وتهدُّدا لمشركي قوم نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم على كفرهم به، (4) وجُرْأتهم على نبيه، وتثبيتًا لمحمد صلى الله عليه وسلم، وأمرًا له بالصبر على ما لقي من المكروه فيه من مشركي قومه، كما صبر من كان قبله من أولي العزم من رسله = ومُعرِّفَة أن عاقبة أمرِ من كفر به الهلاكُ، وعاقبتَه النصرُ عليهم، سُنَّةُ الله في الذين خَلَوْا من قبل. * * * 20611 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (ولنسكننكم الأرضَ من بعدهم) ، قال: وعدهم النصرَ في الدنيا، والجنَّةَ في الآخرة. * * * وقوله: (ذلك لمن خَافَ مَقامي وخاف وَعِيدِ) ، يقول جل ثناؤه: (1) انظر تفسير: "أوحى" فيما سلف 6: 405/9: 399 / 11: 217، 290، 371، 533. (2) انظر تفسير "الظلم" فيما سلف 1: 523، 524 / 2: 369، 519 / 4: 584 / 5: 384، وغيرها في فهارس اللغة. (3) في المطبوعة كتب: "سموا بذلك ظالمين" ، زاد ما لا محصل له، إذ لم يألف عبارة أبي جعفر، فأظلمت عليه. (4) في المطبوعة: "وعيدًا وتهديدًا" ، أساء إذ غير لفظ أبي جعفر. هكذا فِعْلي لمن خاف مَقامَه بين يديّ، وخاف وعيدي فاتَّقاني بطاعته، وتجنَّب سُخطي، أنصُرْه على ما أراد به سُوءًا وبَغَاه مكروهًا من أعدائي، أهلك عدوّه وأخْزيه، وأورثه أرضَه وديارَه. * * * وقال: (لمن خاف مَقَامي) ، ومعناه ما قلت من أنه لمن خاف مَقَامه بين يديَّ بحيث أقيمه هُنالك للحساب، (1) كما قال: (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنّكُمْ تُكَذِّبُونَ) [سورة الواقعة: 82] ، معناه: وتجعلون رِزقي إياكم أنّكُم تكذبون. وذلك أن العرب تُضيف أفعالها إلى أنفسها، وإلى ما أوقعت عليه، فتقول: "قد سُرِرتُ برؤيتك، وبرؤيتي إياك" ، فكذلك ذلك. * * * القول في تأويل قوله عز ذكره: {وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: واستفتحت الرُّسل على قومها: أي استنصرت الله عليها (2) = (وخاب كل جبار عنيد) ، يقول: هلك كل متكبر جائر حائدٍ عن الإقرار بتوحيد الله وإخلاص العبادة له. * * * و "العنيد" و "العاند" و "العَنُود" ، بمعنى واحد. (3) * * * (1) انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 337. (2) انظر تفسير "الاستفتاح" فيما سلف 2: 254 / 10: 405، 406، ومجاز القرآن 1: 337. (3) انظر تفسير "عنيد" فيما سلف 15: 366، 367، ومجاز القرآن 1: 337. ومن "الجبار" ، تقول: هو جَبَّار بَيِّنُ الجَبَريَّة، والجَبْرِيَّة، والجَبْرُوَّة، والجَبَرُوت. (1) * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 20612 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى = وحدثني الحارث قال، حدثنا الحسن قال: حدثنا ورقاء = جميعًا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (واستفتحوا) ، قال: الرسل كلها. يقول: استنصروا = (عنيد) ، قال معاند للحق مجانبه. (2) 20613 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 20614 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، = ح وحدثني الحارث قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (واستفتحوا) ، قال: الرسل كُلها استنصروا = (وخاب كل جبَّار عَنيد) ، قال: معاند للحق مجانبه. (1) انظر تفسير "جبار" فيما سلف 10، 172/11: 470 / 15: 366. هذا، وفي المطبوعة: "هو جبار بين الجبرية، والجبروتية، والجبروة، والجبروت" زاد في اللغة ما لا نص عليه، وهو "الجبروتية" ، ونقص واحدة من الخمس "الجبروة" . وكان في المخطوطة مكان "الجبرية" الثانية: "الجبر ننبه" ، غير منقوطة، وأساء كتابتها. (2) الأثر: 20612 - هذا الذي أثبته هو الذي جاء في المخطوطة، وطابق ما خرجه السيوطي في الدر المنثور 4: 73، عن مجاهد، ونسبه لابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم، وكان في المطبوعة هنا. "يقول: استنصروا على أَعدائهم ومعانديهم، أَي على من عاند عن اتباع الحق وتجنَّبه" . 20615 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله = وقال ابن جريج: استفتحوا على قومهم. 20616 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى ... (1) 20617 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد) ، قال: كانت الرسلُ والمؤمنون يستضعفهم قومُهم، ويقهَرُونهم ويكذبونهم، ويدعونهم إلى أن يعودوا في مِلّتهم، فأبَى الله عز وجل لرسله وللمؤمنين أن يعودُوا في مِلّة الكفر، وأمرَهُم أن يتوكلوا على الله، وأمرهم أن يستفتحوا على الجبابرة، ووعدهم أن يُسْكنهم الأرض من بعدهم، فأنجز الله لهم ما وعدهم، واستفتحوا كما أمرهم أن يستفتحوا، (وخابَ كل جبار عنيد) . 20618 - حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا أبو عوانة، عن المغيرة، عن إبراهيم، في قوله: (وخاب كل جبار عنيد) ، قال: هو النَّاكب عن الحق. (2) 20619 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا مطرف، عن بشر، عن هشيم، عن مغيرة، عن سماك، عن إبراهيم: (وخاب كل جبار عنيد) ، قال: الناكب عن الحق. (3) (1) الأثر: 20616 - هذا إسناد مقحم فيما أرجح، وإنما هو صدر الإسناد رقم: 20612 اجتلبته يد الناسخ سهوًا إلى هذا المكان. والله أعلم. (2) الأثر: 20618 - في هذا الخبر أيضًا زيادة لا أدري كيف جاءت، فاقتصرت على ما في المخطوطة، وهو مطابق لما خرجه السيوطي في الدر المنثور 4: 73، عن إبراهيم النخعي، ونسبه لابن جرير وحده، والزيادة التي كانت المطبوعة هي: "أي الحائد عن اتباع طريق الحق" وانظر الخبر التالي، بلا زيادة أيضًا. (3) الأثر: 20619 - "مطرف بن بشر" ، لا أدري ما هو، ولم أجد له ذكرًا في شيء مما بين يدي. وجاء ناشر المطبوعة فجعله "مطرف، عن بشر" بلا دليل. 20620 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (واستفتحوا) ، يقول: استنصرت الرسل على قومها = قوله: (وخاب كل جبار عنيد) ، و "الجبار العنيد" : الذي أبى أن يقول: لا إله إلا الله. 20621 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (واستفتحوا) ، قال: استنصرت الرسل على قومها = (وخاب كل جبار عنيد) ، يقول: عَنِيد عن الحق، مُعْرِض عنه. (1) 20622 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة، مثله - وزاد فيه: مُعْرِض، (2) أبى أن يقول: لا إله إلا الله. 20623 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: (وخاب كل جبار عنيد) ، قال: "العنيد عن الحق" ، الذي يعنِدُ عن الطريق، قال: والعرب تقول: "شرُّ الأهْل العَنِيد" (3) الذي يخرج عن الطريق. 20624 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: (واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد) ، قال: "الجبّار" : المتجبّر. (4) * * * وكان ابن زيد يقول في معنى قوله: (واستفتحوا) ، خلاف قول هؤلاء، ويقول: إنما استفتحت الأمم، فأجيبت. 20625 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: (واستفتحوا) ، قال: استفتاحهم بالبلاء، قالوا: اللهم إن كان هذا الذي (1) في المطبوعة، والدر المنثور 4: 73: "بعيد عن الحق" ، وأرى الصواب ما في المخطوطة، انظر ما سلف في تفسير "عنيد" ص:.. 542، 543 (2) في المطبوعة: "معرض عنه" ، كأنه زادها من عنده. (3) في المطبوعة: "شر الإبل" ، ولا أدري أهو صواب، أم غيرها الناشر، ولكني أثبت ما في المخطوطة، فهو عندي أوثق. (4) في المطبوعة: "هو المتجبر" ، زاد في الكلام. أتى به محمد هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السماء، كما أمطرتها على قوم لوط، أو ائتنا بعذاب أليم. (1) قال: كان استفتاحهم بالبلاء كما استفتح قوم هود: (فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) [سورة الأعراف: 70] قال: فالاستفتاح العذاب، قال: قيل لهم: إنّ لهذا أجلا! حين سألوا الله أن ينزل عليهم، فقال: "بلْ نُؤخِّرُهُمْ ليَوْم تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَار" . (2) فقالوا: لا نريد أن نؤخر إلى يوم القيامة: (رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا) عَذَابَنَا (قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ) [سورة ص: 16] . وقرأ: (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ) حتى بلغ: (وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [سورة العنكبوت: 53 - 55] . * * * القول في تأويل قوله عز ذكره: {مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17) } قال أبو جعفر: يقول عزّ ذكره: (من ورائه) ، من أمام كل جَبار (جهنم) ، يَرِدُونها. * * * و "وراء" في هذا الموضع، يعني أمام، كما يقال: "إن الموت مِنْ ورائك" ، أي قُدّامك، وكما قال الشاعر: (3) (1) هذا من تأويل آية سورة الأنفال: 32. (2) هو انتزاع من آية سورة إبراهيم: 42. (3) هو جرير. أَتُوعِدُنِي وَرَاءَ بَنِي رِيَاحٍ ... كَذَبْتَ لَتَقْصُرَنَّ يَدَاكَ دُونِي ... (1) يعني: "وراء بني رياح" ، قدَّام بني رياح وأمَامهم. * * * وكان بعض نحويِّي أهل البَصرة يقول: إنما يعني بقوله: (من ورائه) ، أي من أمامه، لأنه وراءَ ما هو فيه، كما يقول لك: "وكلّ هذا من ورائك" : أي سيأتي عليك، وهو من وراء ما أنت فيه، لأن ما أنت فيه قد كان قبل ذلك وهو من ورائه. وقال: (وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا) [سورة الكهف: 79] ، من هذا المعنى، أي كان وراء ما هم فيه أمامهم. * * * وكان بعض نحويي أهل الكوفة يقول: أكثر ما يجوزُ هذا في الأوقات، لأن الوقت يمرُّ عليك، فيصير خلفك إذا جزته، وكذلك (كَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ) ، لأنهم يجوزونه فيصير وراءهم. * * * وكان بعضهم يقول: هو من حروف الأضداد، يعني وراء يكون قُدَّامًا وخلفًا. * * * وقوله: (وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ) ، يقول: ويسقى من ماءٍ، ثم بيَّن ذلك الماء جل ثناؤه وما هو، فقال: هو "صديد" ، ولذلك رد "الصَّديد" في إعرابه على "الماء" ، لأنه بيَانٌ عنه. (2) * * * (1) البيت وتخريجه وشرحه فيما سلف: 399، تعليق: 3، ثم انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 337. (2) "البيان" ، هو "عطف البيان" ، ويسميه الكوفيون "الترجمة" كما سلف، انظر فهارس المصطلحات. و "الصديد" ، هو القَيْحُ والدم. * * * وكذلك تأوَّله أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 20626 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى = وحدثني الحارث قال، حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء = ح وحدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء = عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (من ماء صديد) ، قال قيحٌ ودم. 20627 - حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 20628 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (ويسقى من ماء صديد) ، و "الصديد" ، ما يسيل من لحمه وجلدِه. (1) 20629 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله: (ويسقى من ماء صديد) ، قال: ما يسيل من بين لحمه وجلده. 20630 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا هشام، عمن ذكره، عن الضحاك: (ويسقى من ماء صديد) ، قال: يعني بالصديد: ما يخرج من جوف الكافر، قد خالط القَيْح والدم. * * * وقوله: (يتجرَّعه) ، يتحسَّاه = (ولا يكاد يسيغه) ، يقول: ولا يكاد يزدرده من شدة كراهته، وهو مُسيغه من شدّة العطش. * * * (1) الأثر: 20628 - في المطبوعة: "من دمه ولحمه وجلده" ، بزيادة، وأثبت ما في المخطوطة موافقًا لما في الدر المنثور 4: 74. والعرب تجعل "لا يكاد" فيما قد فُعِل، وفيما لم يُفْعَل. فأما ما قد فعل، فمنه هذا، لأن الله جل ثناؤه جعل لهم ذلك شرابًا. وأمَّا ما لم يفعل وقد دخلت فيه "كاد" فقوله: حتى (إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا) [سورة النور: 40] ، فهو لا يراها. (1) * * * وبنحو ما قلنا من أن معنى قوله: (ولا يكاد يسيغه) ، وهو يُسيغه، جاء الخبرُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. * ذكر الرواية بذلك: 20631 - حدثني محمد بن المثنى قال، حدثنا إبراهيم أبو إسحاق الطَّالقَاني قال، حدثنا ابن المبارك، عن صفوان بن عمرو، عن عبيد الله بن بسر، عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (ويُسقى من ماء صديد يتجرّعه) ، "فإذا شَربه قَطَّع أمعاءَه حتى يخرج من دُبُره" ، يقول الله عز وجل: (وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ) [سورة محمد: 15] ، ويقول: (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ) [سورة الكهف: 29] . (2) 20632 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا معمر، عن ابن المبارك قال، حدثنا صفوان بن عمرو، عن عبيد الله بن بسر، عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (ويسقى من ماءٍ صديد) ، فذكر مثله، إلا أنه قال: (سُقُوا مَاءً حَمِيمًا) . (3) (1) انظر تفسير "كاد" فيما سلف 2: 218، 219 / 13: 131. (2) الأثران: 20631، 20632 - "إبراهيم، أبو إسحق الطالقاني" ، هو "إبراهيم بن إسحق بن عيسى الطالقاني البناني" ، وربما قيل: "إبراهيم بن عيسى" ، منسوبًا إلى جده، وهو مولى "بنانة" ، ثقة، من شيوخ أحمد، سمع ابن المبارك، وبقية. و "الطالقان" ، بسكون اللام، ويقال بفتحها، بلدة بخراسان. وهو مترجم في التهذيب، والكبير 1/1/273، وابن أبي حاتم في موضعين 1/1/86، 119، وتاريخ بغداد 6: 24. و "عبد الله بن المبارك" ، أحد الأئمة الكبار، مضى مرارًا كثيرة. و "صفوان بن عمرو بن هرم السكسكي" ، ثقة ثبت مأمون، مضى مرارًا منها: 7009، 12194، 12807، 13108. و "عبيد الله بن بسر" ، مصغرًا هكذا هو هنا، وفي رواية أحمد في مسنده، وفي سنن الترمذي. و "عبد الله بن بسر" في المستدرك للحاكم، وحلية الأولياء لأبي نعيم. وفي ابن كثير نقلا عن المسند "عبيد الله بن بشر" ، وهو تصحيف. وهذا الخبر من طريق ابن المبارك، عن صفوان بن عمرو، رواه أحمد في مسنده عن علي بن إسحق، عن عبد الله بن المبارك (المسند 5: 265) . ورواه الترمذي عن سويد بن نصر، عن عبد الله بن المبارك (في باب ما جاء في صفة شراب أهل النار) ورواه أبو نعيم في الحلية 8: 182 من طرق: نعيم بن حماد، عن ابن المبارك، ومعاذ بن أسد، عن ابن المبارك، ويحيي الحماني عنه، ومحمد بن مقاتل عنه، أربع طرق. ورواه الحاكم في المستدرك 2: 31 من طريق عبدان، وهو عبد الله بن عثمان بن جبلة، عن ابن المبارك، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه" ، ووافقه الذهبي. وفي "عبيد الله بن بسر" مقال. قال الترمذي، وساق الخبر: "هذا حديث غريب، هكذا قال محمد بن إسماعيل:" عن عبيد الله بن بسر "، ولا يعرف "عبيد الله بن بسر" إلا في هذا الحديث. وقد روى صفوان بن عمرو عن "عبد الله بن بسر" صاحب النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث، وعبد الله بن بسر له أخ قد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وأخته قد سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم، وعبيد الله بن بسر الذي روى عنه صفوان بن عمرو حديث أبي أمامة، أخو عبد الله بن بسر" قلت: لم أجد ما قاله محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه الكبير. وأما أبو نعيم في الحلية فقال: "تفرد به صفوان، عن عبد الله بن بسر، وقيل: عبد الله بن بشر، وهو اليحصبي الحمصي، يكنى أبا سعيد، ورواه بقية بن الوليد، عن صفوان مثله. روى صفوان، عن عبد الله بن بسر المازني، وله صحبة، وعن عبد الله بن بشر، ولذلك اشتبه على بعض الناس، وهذا هو: عبد الله بن بسر" . وقال الحافظ ابن حجر في التهذيب، وساق ما قاله الترمذي: "وقال ابن أبي حاتم: عبيد الله بن بسر، ويقال: عبد الله، روى عن أبي أمامة، وعنه صفوان بن عمرو. وقال الطبراني عبد الله بن بسر اليحصبي، عن أبي أمامة، وروى له هذا الحديث، وحديثًا آخر من رواية بقية، عن صفوان، والله أعلم. وذكر أبو موسى المديني في ذيل الصحابة: عبيد الله بن بسر، أخو عبد الله بسر، قاله السلماني" . والذي نقله الحافظ عن ابن أبي حاتم موجود في الجرح والتعديل 2/2/308. ولكن العجب أن الإمام الحافظ محمد بن إسماعيل البخاري، لم يترجم لعبيد الله بن بسر في تاريخه الكبير ولا الصغير، مع ما نقله عنه الترمذي مما يوهم أنه في أحدهما. وإنما الذي فيه: " عبد الله بن بسر السلمي، ثم المازني، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (الكبير 3/1/14) ثم ذكر "عبد الله بن بسر" وليس المازني، الجبراني "، وهذا يروي عن عبد الله بن بسر المازني، الصحابي، وعن أبي أمامة الباهلي. (مترجم في التهذيب أيضًا) . ولكن الإشارة التي تكاد تكون صريحة إلى هذا الخبر في كتاب البخاري، فهي في ترجمة "عبيد الله بن بشير بن جرير البجلي" قال: "عن أبي أمامة رضي الله عنه عن ابن المبارك، عن صفوان بن عمرو، الشامي" ، ولا أدري كيف هذا، لأن ابن أبي حاتم ترجم في الجرح والتعديل 2/2/308 "عبيد الله بن بسر" رقم: 1467، ثم يليه رقم: 1468 فقال: "عبيد الله بن بشير بن جرير البجلي (روى عن ... ) ، روى عنه يونس بن أبي إسحق، سمعت أبي يقول ذلك ويقول: هو مجهول" . وكذلك فعل الذهبي في ميزان الاعتدال 2: 164، وقال: "عبيد الله بن بسر. حمصي، عن أبي أمامة، وعنه صفوان بن عمرو وحده، لا يعرف" ، فيقال هو "عبد الله الصحابي، ويقال هو:" عبيد الله بن بسر الحبراني التابع، وهو أظهر "، ثم ذكر بعد" عبيد الله بن بشير البجلي "، وقال:" فيه جهالة، حدث عنه يونس بن أبي إسحق ليس إلا "." فيكاد يكون واضحًا، أن الذي وقع في التاريخ الكبير (3 / 1 / 374، 375) ، إنما هو خلط بين ترجمتين مختلفتين، وأن ترجمة "عبيد الله بن بسر" قد سقط صدر منها من النسخة المطبوعة من التاريخ الكبير، وتداخل بعضها في ترجمة أخرى، ويرجح ذلك أن ابن أبي حاتم، الذي ذكر الترجمتين جميعًا، لم يتعرض لهذا في كتابه: "بيان خطأ محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه" ، ولو كان في أصل تاريخ البخاري مثل هذا، لما فات ابن أبي حاتم، فيكون ما نقله الترمذي عن البخاري من التاريخ الكبير، وسقط من المطبوع. (3) الأثران: 20631، 20632 - "إبراهيم، أبو إسحق الطالقاني" ، هو "إبراهيم بن إسحق بن عيسى الطالقاني البناني" ، وربما قيل: "إبراهيم بن عيسى" ، منسوبًا إلى جده، وهو مولى "بنانة" ، ثقة، من شيوخ أحمد، سمع ابن المبارك، وبقية. و "الطالقان" ، بسكون اللام، ويقال بفتحها، بلدة بخراسان. وهو مترجم في التهذيب، والكبير 1/1/273، وابن أبي حاتم في موضعين 1/1/86، 119، وتاريخ بغداد 6: 24. و "عبد الله بن المبارك" ، أحد الأئمة الكبار، مضى مرارًا كثيرة. و "صفوان بن عمرو بن هرم السكسكي" ، ثقة ثبت مأمون، مضى مرارًا منها: 7009، 12194، 12807، 13108. و "عبيد الله بن بسر" ، مصغرًا هكذا هو هنا، وفي رواية أحمد في مسنده، وفي سنن الترمذي. و "عبد الله بن بسر" في المستدرك للحاكم، وحلية الأولياء لأبي نعيم. وفي ابن كثير نقلا عن المسند "عبيد الله بن بشر" ، وهو تصحيف. وهذا الخبر من طريق ابن المبارك، عن صفوان بن عمرو، رواه أحمد في مسنده عن علي بن إسحق، عن عبد الله بن المبارك (المسند 5: 265) . ورواه الترمذي عن سويد بن نصر، عن عبد الله بن المبارك (في باب ما جاء في صفة شراب أهل النار) ورواه أبو نعيم في الحلية 8: 182 من طرق: نعيم بن حماد، عن ابن المبارك، ومعاذ بن أسد، عن ابن المبارك، ويحيي الحماني عنه، ومحمد بن مقاتل عنه، أربع طرق. ورواه الحاكم في المستدرك 2: 31 من طريق عبدان، وهو عبد الله بن عثمان بن جبلة، عن ابن المبارك، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه" ، ووافقه الذهبي. وفي "عبيد الله بن بسر" مقال. قال الترمذي، وساق الخبر: "هذا حديث غريب، هكذا قال محمد بن إسماعيل:" عن عبيد الله بن بسر "، ولا يعرف "عبيد الله بن بسر" إلا في هذا الحديث. وقد روى صفوان بن عمرو عن "عبد الله بن بسر" صاحب النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث، وعبد الله بن بسر له أخ قد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وأخته قد سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم، وعبيد الله بن بسر الذي روى عنه صفوان بن عمرو حديث أبي أمامة، أخو عبد الله بن بسر" قلت: لم أجد ما قاله محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه الكبير. وأما أبو نعيم في الحلية فقال: "تفرد به صفوان، عن عبد الله بن بسر، وقيل: عبد الله بن بشر، وهو اليحصبي الحمصي، يكنى أبا سعيد، ورواه بقية بن الوليد، عن صفوان مثله. روى صفوان، عن عبد الله بن بسر المازني، وله صحبة، وعن عبد الله بن بشر، ولذلك اشتبه على بعض الناس، وهذا هو: عبد الله بن بسر" . وقال الحافظ ابن حجر في التهذيب، وساق ما قاله الترمذي: "وقال ابن أبي حاتم: عبيد الله بن بسر، ويقال: عبد الله، روى عن أبي أمامة، وعنه صفوان بن عمرو. وقال الطبراني عبد الله بن بسر اليحصبي، عن أبي أمامة، وروى له هذا الحديث، وحديثًا آخر من رواية بقية، عن صفوان، والله أعلم. وذكر أبو موسى المديني في ذيل الصحابة: عبيد الله بن بسر، أخو عبد الله بسر، قاله السلماني" . والذي نقله الحافظ عن ابن أبي حاتم موجود في الجرح والتعديل 2/2/308. ولكن العجب أن الإمام الحافظ محمد بن إسماعيل البخاري، لم يترجم لعبيد الله بن بسر في تاريخه الكبير ولا الصغير، مع ما نقله عنه الترمذي مما يوهم أنه في أحدهما. وإنما الذي فيه: " عبد الله بن بسر السلمي، ثم المازني، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (الكبير 3/1/14) ثم ذكر "عبد الله بن بسر" وليس المازني، الجبراني "، وهذا يروي عن عبد الله بن بسر المازني، الصحابي، وعن أبي أمامة الباهلي. (مترجم في التهذيب أيضًا) . ولكن الإشارة التي تكاد تكون صريحة إلى هذا الخبر في كتاب البخاري، فهي في ترجمة "عبيد الله بن بشير بن جرير البجلي" قال: "عن أبي أمامة رضي الله عنه عن ابن المبارك، عن صفوان بن عمرو، الشامي" ، ولا أدري كيف هذا، لأن ابن أبي حاتم ترجم في الجرح والتعديل 2/2/308 "عبيد الله بن بسر" رقم: 1467، ثم يليه رقم: 1468 فقال: "عبيد الله بن بشير بن جرير البجلي (روى عن ... ) ، روى عنه يونس بن أبي إسحق، سمعت أبي يقول ذلك ويقول: هو مجهول" . وكذلك فعل الذهبي في ميزان الاعتدال 2: 164، وقال: "عبيد الله بن بسر. حمصي، عن أبي أمامة، وعنه صفوان بن عمرو وحده، لا يعرف" ، فيقال هو "عبد الله الصحابي، ويقال هو:" عبيد الله بن بسر الحبراني التابع، وهو أظهر "، ثم ذكر بعد" عبيد الله بن بشير البجلي "، وقال:" فيه جهالة، حدث عنه يونس بن أبي إسحق ليس إلا "." فيكاد يكون واضحًا، أن الذي وقع في التاريخ الكبير (3 / 1 / 374، 375) ، إنما هو خلط بين ترجمتين مختلفتين، وأن ترجمة "عبيد الله بن بسر" قد سقط صدر منها من النسخة المطبوعة من التاريخ الكبير، وتداخل بعضها في ترجمة أخرى، ويرجح ذلك أن ابن أبي حاتم، الذي ذكر الترجمتين جميعًا، لم يتعرض لهذا في كتابه: "بيان خطأ محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه" ، ولو كان في أصل تاريخ البخاري مثل هذا، لما فات ابن أبي حاتم، فيكون ما نقله الترمذي عن البخاري من التاريخ الكبير، وسقط من المطبوع. 20633 - حدثني محمد بن خلف العسقلاني قال، حدثنا حيوة بن شريح الحمصيّ قال، حدثنا بقية، عن صفوان بن عمرو قال، حدثني عبيد الله بن بسر، عن أبي أمامه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثله سواءً. (1) * * * وقوله: (ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت) ، فإنه يقول: ويأتيه الموت من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وشماله، ومن كل موضع من أعضاء جسده = (وما هو بميت) ، لأنه لا تخرج نفسه فيموت فيستريح، ولا يحيا لتعلُّق نفسه بالحناجر، فلا ترجع إلى مكانها، كما: - 20634 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، في قوله: (يتجرعه ولا يكاد يسبغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت) ، قال: تعلق نفسه عند حنجرته، فلا تخرج من فيه فيموت، ولا ترجع إلى مكانها من جوفه، فيجد لذلك راحة، فتنفعه الحياة. 20635 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا يزيد بن هارون قال، حدثنا العوّام بن حوشب، عن إبراهيم التيمي قوله: (ويأتيه الموت من كل مكان) ، قال: من تحت كل شَعَرة في جسده. * * * https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ إبراهيم الحلقة (913) صــ 551 إلى صــ 560 (1) الأثر: 20633 - "محمد بن خلف بن عمار العسقلاني" ، شيخ الطبري، مضى مرارًا كثيرة آخرها رقم: 12523. و "حيوة بن شريح بن يزيد الحضرمي الحمصي" ثقة، مضى مرارًا آخرها رقم: 15378. وهذا الخبر قد مرت الإشارة إليه في التعليق السالف، من طريق بقية بن الوليد عن صفوان بن عمرو. وقوله: (ومن وَرائه عَذَابٌ غليظ) ، يقول: ومن وراء ما هو فيه من العذاب = يعني أمامه وقدامه (1) = (عذاب غليظ) . (2) القول في تأويل قوله عز ذكره: {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (18) } قال أبو جعفر: اختلف أهلُ العربية في رافعِ "مَثَلُ" . فقال بعض نحويي البصرة: إنما هو كأنه قال: ومما نقصّ عليكم مَثَلُ الذين كفروا، ثم أقبل يفسّر، كما قال: (مَثَلُ الْجَنَّةِ) [سورة الرعد: 35] ، وهذا كثير. (3) * * * وقال بعض نحويي الكوفيين: إنما المثل للأعمال، ولكن العرب تقدّم الأسماء، لأنها أعرفُ، ثم تأتي بالخبر الذي تخبر عنه مع صاحبه. ومعنى الكلام: مَثَلُ أعمال الذين كفروا بربهم كرماد، كما قيل: (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) [سورة الزمر: 60] ، ومعنى الكلام: (4) ويوم القيامة ترى وجوه الذين كذبوا على الله مسودة. قال: ولو خفض "الأعمال" جاز، كما قال: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ) الآية [سورة البقرة: 217] ،. وقوله: (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ) (1) انظر تفسير "وراء" فيما سلف: 546، 475، تعليق: 1. (2) انظر تفسير "الغليظ" فيما سلف 7: 341 / 14: 360، 576 / 15: 366. (3) انظر ما سلف قريبًا: 469 - 472 (4) انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 338، وسيبويه 1: 77. [سورة الرعد: 35] . قال: فـ "تجري" ، هو في موضع الخبر، كأنه قال: أن تجري، وأن يكون كذا وكذا، فلو أدخل "أن" جاز. قال: ومنه قول الشاعر: (1) ذَرِينِي إِنَّ أَمْرَكِ لَنْ يُطَاعَا ... وَمَا أَلْفَيْتِنِي حِلْمِي مُضَاعَا ... (2) قال: فالحلمُ منصوبٌ ب "ألفيتُ" على التكرير، (3) قال: ولو رفعه كان صوابًا. قال: وهذا مثلٌ ضربه الله لأعمال الكفّار فقال: مَثَلُ أعمال الذين كفروا يوم القيامة، التي كانوا يعملونها في الدنيا يزعمُون أنهم يريدون الله بها، مَثَلُ رمادٍ عصفت الريح عليه في يومِ ريح عاصفٍ، فنسفته وذهبت به، فكذلك (1) هو عدي بن زيد بن العبادي، ونسبه سيبويه لرجل من بجيله أو خثعم. (2) سيبويه 1: 77، 78 / والخزانة 2: 368، 369 / والعيني بهامش الخزانة 4: 192 / وسيأتي في التفسير 24: 15 (بولاق) ، من أبيات عزيزة هذا أولها، يقول بعده: ألاَ تِلْكَ الثَّعَالِبُ قَدْ تَعَاوَتْ ... عَلَيَّ وَحَالَفَتْ عُرْجًا ضِبَاعَا لِتَاكُلَنِي، فَمَرَّ لَهُنَّ لَحْمِي ... وأَذْرَقَ مِنْ حِذَارِي أَوْ أَتَاعَا فَإِنْ لَمْ تَنْدَمُوا فَثَكِلْتُ عَمْرًا ... وَهَاجَرْتُ المُرَوَّقَ والسَّماعَا وَلاَ وَضَعَتْ إِلَيَّ عَلَى فِرَاشٍ ... حَصَانٌ يَوْمَ خَلْوَتِهَا قِنَاعَا وَلاَ مَلَكَتْ يَدَايَ عِنَانَ طِرْفٍ ... ولا أَبْصَرْتُ من شَمْسٍ شُعَاعَا وخُطَّةِ مَاجِدٍ كَلَّفْتُ نَفْسِي ... إِذَا ضَاقُوا رَحُبْتُ بِهَا ذِرَاعَا والبيتان الأول والثاني من هذه الأبيات، في المعاني الكبير 867، واللسان (مرد) (ذرق) (فرق) . ولم أجد لهذه الأبيات خبرًا بعد، وأتوهمها في أقوام تحالفوا على أذاه، جعل بعضهم ثعالب لمكرها وخداعها، وبعضها ضباعًا، لدناءتها وموقها، والضباع موصوفة بالحمق (الحيوان 7: 38) وقول صاحب الخزانة: "أراد بالثعالب، الذين لاموه على جوده حسدًا ولؤمًا" قول مرغوب عنه. و "الضباع" عرج، فيها خمع. و "تعاوت" تجمعت، كما تتعاوى الذئاب فتجتمع. "ومر اللحم" ، و "أمر، كان مرًا لا يستساغ. و" أذرق، أي جعلها تذرق، يقال: "ذرق الطائر، إذا خذق بسلحه، أي قذف، وهو هنا مستعار. إشارة إلى أن ذا بطونهم قد أساله الخوف حتى صار كسلح الطير مائعًا. و" أتاع "حملهم على القيء يعني من الخوف أيضًا" تاع القيء يتيع "خرج. ويرى" فأفرق "وهو مثل" أذرق "في المعنى هنا. و" عمرو "المذكور في شعر عدي، لا أكاد أشك أنه أخوه" عمرو بن زيد "، (الأغاني 2: 105) قال:" كان لعدَي بن زيد أخوان، أحدهما اسمه عمار، ولقبه أبي، والآخر اسمه عمرو، ولقبه سمي ". و" المروق "، الخمر، لأنها تصفى بالراووق. و" السماع "، الغناء، يدعو على نفسه أن ينخلع من لذات الدنيا إذا لم يندموا على مغبة كيدهم له." (3) "التكرير" ، هو البدل عند البصريين، ويسميه الكوفيون أيضًا "التبيين" ، انظر ما سلف 529 تعليق: 2. أعمال أهل الكفر به يوم القيامة، لا يجدون منها شيئًا ينفعهم عند الله فينجيهم من عذابه، لأنهم لم يكونوا يعملونها لله خالصًا، بل كانوا يشركون فيها الأوثان والأصنام. يقول الله عز وجل: (ذلك هو الضلال البعيد) ، يعني أعمالهم التي كانوا يعملونها في الدنيا، التي يشركون فيها مع الله شركاء، هي أعمالٌ عُملت على غير هُدًى واستقامة، بل على جَوْر عن الهُدَى بعيد، وأخذٍ على غير استقامة شديد. * * * وقيل: (في يوم عاصف) ، فوصف بالعُصوف اليومَ، (1) وهو من صفة الريح، لأن الريح تكون فيه، كما يقال: "يوم بارد، ويوم حارّ" ، لأن البردَ والحرارة يكونان فيه، (2) وكما قال الشاعر: (3) * يَوْمَيْنِ غَيْمَيْنِ وَيَوْمًا شَمْسًا * (4) فوصف اليومين بالغيمين، وإنما يكون الغيم فيهما. وقد يجوز أن يكون أريد به: في يوم عاصف الريح، فحذفت "الريح" ، لأنها قد ذكرت قبل ذلك، فيكون ذلك نظير قول الشاعر: (5) * إِذَا جَاءَ يَوْمٌ مُظْلِمُ الشَّمْسِ كَاسِفُ * (6) يريد: كاسفُ الشمس. وقيل: هو من نعت "الريح" خاصة، غير أنه (1) في المطبوعة حذف "اليوم" ، اجتراء وتحكمًا. (2) انظر تفسير "عاصف" فيما سلف 15: 51. (3) لم أعرف قائله. (4) سيأتي في التفسير 24: 67 (بولاق) ، وبعده هناك: * نَجْمَيْنِ بِالسَّعْدِ ونَجْمًا نَحْسَا * (5) هو مسكين الدارمي. (6) من أبيات خرجتها فيما سلف 7: 520، تعليق: 3. وانظر الخزانة 2: 323 وصدر البيت: * وتَضْحَكُ عِرْفَانَ الدُّرُوعِ جُلُودُنَا * لما جاء بعد "اليوم" أُتبع إعرابَهُ، وذلك أن العرب تتبع الخفضَ الخفضَ في النعوت، كما قال الشاعر: (1) تُرِيكَ سُنَّةَ وَجْهٍ غَيْرِ مُقْرِفَةٍ ... مَلْسَاءَ لَيْسَ بِهَا خَالٌ وَلا نَدَبُ (2) فخفض "غير" إتباعًا لإعراب "الوجه" ، وإنما هي من نعت "السنَّة" ، والمعنى: سُنَّةَ وَجْه غَيْرَ مُقْرفة، وكما قالوا: "هذا جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ" . * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 20636 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، في قوله: (كرماد اشتدت به الريح) ، قال: حملته الريح في يوم عاصف. 20637 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف) ، يقول: الذين كفروا بربهم وعبدوا غيرَه، فأعمالهم يوم القيامة كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، لا يقدرون على شيء من أعمالهم ينفعهم، كما لا يُقْدَر على الرماد إذا أُرْسِل في يوم عاصف. (3) * * * (1) هو ذو الرمة. (2) ديوانه: 4، من عقيلته المحجبة بالحسن. وهذا البيت من أبيات في صفة صاحبته مي. = و "السنة" ، ما أقبل عليك من الوجه وصفحة الحد مصقولا يلوح. و "غير مقرنة" ، لا يشوب معارفها ولا لونها شيء يهجنها، وذلك من عتقها. و "الندب" ، أثر الجرح إذا لم يرتفع. (3) في المطبوعة: "إذا أرسل عليه الريح في يوم عاصف" ، زاد ما لا معنى له. وقوله: (ذلك هو الضَّلال البعيد) ، أي الخطأ البينُ، البعيدُ عن طريق الحق. (1) * * * (1) من أول: "وقوله: ذلك هو ..." ، ليس في المخطوطة، ولست أدري من أين جاء به ناشر المطبوعة، فتركته على حالة، حتى أقطع بأنه ليس من كلام أبي جعفر. = وانظر تفسير "الضلال" ، و "البعيد" ، فيما سلف من فهارس اللغة. القول في تأويل قوله عز ذكره: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (19) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (20) } قال أبو جعفر: يقول عز ذكره لنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم: ألم تر، يا محمد، بعين قلبك، (1) فتعلم أن الله أنشأ السماوات والأرض بالحق منفردًا بإنشائها بغير ظهير ولا مُعين = (إن يشأ يذهبكم ويَأت بخلق جديد) ، يقول: إن الذي تفرد بخلق ذلك وإنشائه من غير معين ولا شريك، إن هو شاء أن يُذْهبكم فيفنيكم، أذهبكم وأفناكم، (2) ويأتِ بخلق آخر سواكم مكانكم، فيجدِّد خلقهم = (وما ذلك على الله بعزيز) ، يقول: وما إذهابكم وإفناؤكم وإنشاء خلقٍ آخر سواكم مكانَكُم، على الله بممتنع ولا متعذّر، لأنه القادر على ما يشاء. (3) * * * واختلفت القرأة في قراءة قوله: (ألم تر أن الله خلق) . فقرأ ذلك عامة قرأة أهل المدينة والبصرة وبعض الكوفيين: (خَلَقَ) على "فعَل" . * * * (1) انظر تفسير "الرؤية" فيما سلف 5: 485، تعليق: 1، والمراجع هناك. (2) انظر تفسير "الإذهاب" فيما سلف 14: 161، تعليق: 1، والمراجع هناك. (3) انظر تفسير "عزيز" فيما سلف: 511، تعليق: 4، والمراجع هناك. وقرأته عامة قرأة أهل الكوفة: "خَالِقُ" ، على "فاعل" . * * * وهما قراءتان مستفيضتان، قد قرأ بكل واحدة منهما أئمة من القرأة، متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيبٌ. * * * القول في تأويل قوله عز ذكره: {وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ (21) } قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: (وبرزوا لله جميعًا) ، وظهر هؤلاء الذين كفروا به يوم القيامة من قبورهم، فصاروا بالبَراز من الأرض (1) = (جميعًا) ، يعني كلهم (2) = (فقال الضعفاء للذين استكبروا) ، يقول: فقال التُّبَّاع منهم للمتبوعين، وهم الذين كانوا يستكبرون في الدنيا عن إخلاص العبادة لله واتباع الرسل الذين أرسلوا إليهم (3) = (إنَّا كنا لكم تَبَعًا) ، في الدنيا. * * * و "التبع" جمع "تابع" ، كما الغَيَب جمع "غائب" . * * * وإنما عنوا بقولهم: (إنا كنا لكم تبعًا) ، أنهم كانوا أتباعهم في الدنيا يأتمرون (1) انظر تفسير "برز" فيما سلف 5: 354 / 7: 324 / 8: 562. (2) انظر تفسير "الجميع" فيما سلف 15: 212. (3) انظر تفسير "الضعفاء" فيما سلف 14: 419، تعليق: 2، والمراجع هناك. = وتفسير "الاستكبار" فيما سلف 15: 155، تعليق: 2، والمراجع هناك. لما يأمرونهم به من عبادة الأوثان والكفر بالله، وينتهون عما نهوهم عنه من اتّباع رسل الله = (فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء) ، يعنون: فهل أنتم دافعون عنَّا اليوم من عذاب الله من شيء. (1) * * * وكان ابن جريج يقول نحو ذلك: 20638 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: (وقال الضعفاء) ، قال: الأتباع = (للذين استكبروا) ، قال: للقادة. * * * قوله: (لو هدانا الله لهديناكم) ، يقول عز ذكره: قالت القادةُ على الكفر بالله لتُبَّاعها: (لو هدانا الله) ، يعنون: لو بَيَّن الله لنا شيئًا ندفع به عَذَابَه عنا اليوم = (لهديناكم) ، لبيَّنا ذلك لكم حتى تدفعوا العذابَ عن أنفسكم، ولكنا قد جزعنا مِن العذاب، فلم ينفعنا جزعُنا منه وصَبْرُنا عليه (2) = (سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص) ، يعنون: ما لهم من مَراغٍ يرُوغون عنه. (3) * * * يقال منه: "حاص عن كذا" ، إذا راغ عنه، "يَحِيصُ حَيْصًا، وحُيُوصًا وحَيَصَانًا. (4) " * * * 20639 - وحدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك، عن (1) انظر تفسير "الإغناء" فيما سلف 166، تعليق: 1، والمراجع هناك. (2) انظر تفسير "الهدى" فيما سلف من فهارس اللغة (هدي) . (3) في المطبوعة: "مزاغ" ، و "يزوغون" ، و "زاغ" ، كل ذلك بالزاي، والذي في المخطوطة صواب محض. (4) انظر تفسير "الحيص" فيما سلف 9: 226. الحكم، عن عُمَر بن أبي ليلى، أحد بني عامر، قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يقول: بلغني، أو ذُكِر لي أن أهل النار قال بعضهم لبعضٍ: يا هؤلاء، إنه قد نزل بكم من العذاب والبلاء ما قد ترون، فهلمَّ فلنصبر، فلعل الصَّبر ينفعنا، كما صبر أهل الدنيا على طاعة الله فنفعهم الصبر إذ صبروا. قال: فيُجْمعون رأيهم على الصَّبر. قال، فصبروا، فطال صبرهم، ثم جزعوا فنادوا: (سواءٌ علينا أجزِعْنَا أم صبرنَا ما لنا من محيص) ، أي من منجًي. (1) 20640 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: (سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص) ، قال: إن أهل النار قال بعضهم لبعض: تعالوا، فإنما أدركَ أهل الجنة الجنَّةَ ببكائهم وتضرُّعهم إلى الله، فتعالوا نبكي ونتضرع إلى الله! قال: فبكوا، فلما رأوا ذلك لا ينفعهم قالوا: (1) الأثر: 20639 - "الحكم" ، هو "الحكم المكي" ، شيخ لعبد الله بن المبارك توقف الإمام البخاري في أمره. وقال ابن أبي حاتم: هو مجهول. قال البخاري: "الحكم المكي، عن عمر بن أبي ليلى، سمع منه ابن المبارك ومحمد بن مقاتل. وروى مروان، يعني ابن معاوية، عن الحكم بن أبي خالد، مولى بني فزارة، عن عمر بن أبي ليلى. قال الحسن بن علي، وعن الحكم بن أبي خالد، عن الحسن، عن جابر، في الجنة، فلا أدري هذا من ذاك" . وكأن هذا إشارة إلى هذا الخبر نفسه. وذكر في ترجمة "الحكم بن ظهير الفزاري" : "حدثنا محمد بن عبد العزيز، قال حدثنا مروان، عن الحكم بن أبي خالد، مولى بني فزارة، عن عمر بن أبي ليلى النميري ..." ، وقال مثل ما قال في ترجمة "الحكم المكي" . ثم ترجم "الحكم بن أبي خالد" ، ولم يذكر فيه شيئًا من هذا. وأما ابن أبي حاتم فاقتصر على ترجمة "الحكم المكي" ، ولم يذكر فيه "الحكم بن أبي خالد" . وقال ابن حجر في التهذيب: "قال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: كان مروان بن معاوية يغير الأسماء، يعمي على الناس، يقول: حدثنا الحكم بن أبي خالد، وإنما هو الحكم بن ظهير" . وانظر هذا الذي ذكرت في الكبير للبخاري 1/2/336، 339، 342، وابن أبي حاتم 1/2/131، وميزان الاعتدال 1: 273، ولسان الميزان 2: 341، وتهذيب التهذيب. و "عمر بن أبي ليلي" ، قال البخاري في الكبير 3/2/190: "روى عنه الحكم المكي، وقال بعضهم:" عمر بن أبي ليلى، أخو بني عامر، سمع محمد بن كعب، قوله ". وزاد البخارى في ترجمة" الحكم بن ظهير "في نسبته" النميري "، كما سلف قريبًا. وقال مثل ذلك ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 3/1/131، وزاد عن أبيه فقال:" سمعته يقول: هو مجهول "، وفي ميزان الاعتدال 2: 268 قال:" قلت حدث عنه ابن أبي فديك والواقدي "، وزاد ابن حجر في لسان الميزان 4: 224 قال:" وذكره ابن حبان في الثقات "." وكان في المطبوعة: "عمرو بن أبي ليلى" ، غير ما هو ثابت في المخطوطة على الصواب. و "محمد بن كعب القرظي" ، تابعي ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا كثيرة لا تعد. وهذا الخبر تالف، لما علمت من أمر "الحكم المكي" وجهالته، فإن كان هو "الحكم بن ظهير الفزاري" ، فهو متروك كما سلف مرارًا كثيرة. تعالوا، فإنَّما أدرك أهل الجنة الجنّةَ بالصبر، (1) تعالوا نصبر! فصبروا صبرًا لم يُرَ مثله، فلم ينفعهم ذلك، فعند ذلك قالوا: (سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص) . * * * القول في تأويل قوله عز ذكره: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وقال إبليس، (2) (لما قُضِي الأمر) ، يعني لما أدخل أهلُ الجنة الجنةَ وأهل النار النارَ، واستقرّ بكل فريق منهم قرارهم، (3) أن الله وعدكم، أيها الأتباعُ، النارَ، ووعدتكم النُّصْرة، فأخلفتكم وعدي، ووفى الله لكم بوعده = (وما كان لي عليكم من سلطان) ، يقول: وما كان لي عليكم، فيما وعدتكم من النصرة، من حجة تثبت لي عليكم بصدق قولي (4) = (إلا أنْ دعوتكم) . وهذا من الاستثناء المنقطع عن الأول، كما تقول: "ما ضربْتُه إلا أنه أحمق" ، ومعناه: ولكن (دعوتكم فاستجبتم لي) . يقول: إلا أن دعوتكم (1) تلعب الناشر بالكلام فجعله: "فما أدرك أهل الجنة الجنة إلا بالصبر" ، فجعل "فإنما" "فما" ثم زاد "إلا" ! فاعجب لما فعل. (2) انظر تفسير "الشيطان" فيما سلف 1: 111، 112، 296/ 12: 51. (3) انظر تفسير "القضا" فيما سلف: 107،، تعليق: 2، والمراجع هناك. (4) انظر تفسير "السلطان" فيما سلف: 537، تعليق: 7، والمراجع هناك. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ إبراهيم الحلقة (914) صــ 561 إلى صــ 570 إلى طاعتي ومعصية الله، فاستجبتم لدعائي (1) = (فلا تلوموني) ، على إجابتكم إياي (ولوموا أنفسكم) ، عليها = (ما أنا بمُصْرِخِكم) ، يقول: ما أنا بمُغِيثكم = (وما أنتم بمصرخِيَّ) ، ولا أنتم بمُغيثيَّ من عذاب الله فمُنْجِيَّ منه = (إني كفرت بما أشركتمون من قبل) ، يقول: إني جَحدْت أن أكون شريكًا لله فيما أشركتموني فيه من عبادتكم = (من قبل) في الدنيا = (إن الظالمين لهم عذاب أليم) ، يقول: إن الكافرين بالله لهم عذاب = "أليم" ، من الله موجِع. (2) * * * يقال: "أصْرَختُ الرجلَ" ، إذا أغثته "إصراخًا" ، و "قد صَرَخ الصَّارخ، يصرُخ، ويَصْرَخ، قليلة، وهو الصَّرِيخ والصُّراخ" . (3) * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 20641 - حدثني محمد بن المثنى قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا داود، عن عامر في هذه الآية: (ما أنا بمُصْرخكم وما أنتم بمصرخيّ إني كفرت بما أشركتمون من قبل) ، قال: خطيبان يقومان يومَ القيامة، إبليسُ وعيسى ابن مريم. فأما إبليس فيقوم في حزبه فيقول هذا القول. وأما عيسى عليه السلام فيقول: (مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) ، [سورة المائدة: 117] . (1) انظر تفسير الاستجابة "فيما سلف: 416. تعليق: 1، والمراجع هناك." (2) انظر تفسير "الإشراك" و "أليم" فيما سلف من فهارس اللغة (شرك) (ألم) . (3) "يَصْرَخُ" بفتح الراء، وكذلك هي مضبوطة في المخطوطة، ومضارع "صرخ" بفتح الراء لم أجد من نص عليه في المعاجم، فهذا موضع زيادة. 20642 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن داود، عن الشعبي قال: يقوم خطيبان يوم القيامة، أحدهما عيسى، والآخر إبليس. فأما إبليس فيقوم في حزبه فيقول: (إن الله وعدكم وعد الحق) ، فتلا داود حتى بلغ: (بما أشركتمون من قبل) ، فلا أدري أتمَّ الآية أم لا؟ وأما عيسى عليه السلام فيقال له: (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ) ، فتلا حتى بلغ: (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [سورة المائدة: 116 - 118] . 20643 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا علي بن عاصم، عن داود بن أبي هند، عن عامر قال، يقوم خطيبان يوم القيامة على رءوس الناس، يقول الله عز وجل: (يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ) إلى قوله (هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) ، [سورة المائدة: 116 - 119] . قال: ويقوم إبليس فيقول: (وما كان لِيَ عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيّ) ، ما أنا بمغيثكم وما أنتم بمُغيثيَّ. 20644 - حدثنا الحسين قال، حدثنا سعيد بن منصور قال، حدثني خالد، عن داود، عن الشعبي، في قوله: (ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي) ، قال: خطيبان يقومان يوم القيامة، فأما إبليس فيقول هذا، وأما عيسى فيقول: (مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ) . 20645 - حدثنا المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك، عن رشدين بن سعد قال، أخبرني عبد الرحمن بن زياد، عن دخين الحجري، عن عقبة بن عامر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذكر الحديث، قال: يقول عيسى: ذلكم النبيُّ الأميّ. فيأتونني، فيأذن الله لي أن أقوم، فيثور من مجلسي من أطيب ريح شَمَّها أحدٌ، حتى آتي ربي فيشفعني، ويجعل لي نُورًا إلى نور، من شَعَر رأسي إلى ظفر قدمي، ثم يقول الكافرون: قد وجد المؤمنون من يشفع لهم، فقم أنت فاشفع لنا، فإنكَ أنت أضللتنا. فيقوم، فيثورُ من مجلسه أنتنُ ريح شَمَّها أحدٌ، ثم يعظم لجهنّم، (1) ويقول عند ذلك: (إن الله وعدكم وعد الحق ووعدكم فأخلفتكم) ، الآية. (2) 20646 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن رجل، عن الحسن، في قوله: (وما كان لي عليكم من سلطانٍ) ، قال: إذا كان يوم القيامة، قام إبليس خطيبًا على منبر من نار، فقال: (إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم) ، إلى قوله: (وما أنتم بمصرخيّ) ، قال: بناصريَّ = (إني كفرت بما أشركتمون من قبل) ، قال: بطاعتكم إياي في الدنيا. 20647 - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك عمن ذكره قال، سمعت محمد بن كعب القرظي، قال في قوله: (وقال الشيطان لما قُضِى الأمر إن الله وعدكم وعد الحق) ، قال: قام إبليس يخطبهُم فقال: (إن الله وعدكم وعد الحق) ، إلى قوله: (ما أنا بمصرخكم) ، يقول: بمغنٍ عنكم شيئًا (1) في المطبوعة "يعظم نحيبهم" ، غير ما اتفقت عليه المخطوطة، والدر المنثور، وابن كثير. وهو ما أثبت، وأنا في شك من الكلمة، وظني أنها "يُقَطِّمُ لجهنَّم" ، من قولهم "قَطَّم الشارب" إذا ذاق الشراب فكرهه، وزوى وجهه، وقطب. (2) الأثر: 20645 - "رشدين بن سعد المصري" ، رجل صالح، أدركته غفلة الصالحين، فخلط في الحديث، فليس يبالي عمن روى، وهو ضعيف متروك، عنده معاضيل ومناكير، مضى مرارًا آخرها رقم: 17729. و "عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الشعباني الإفريقي" ، رجل صالح، ولكنه منكر الحديث، وإن وثقه بعضهم، قال أبو الحسن بن القطان. كان من أهل العلم والزهد بلا خلاف بين الناس، ومن الناس من يوثقه، ويربأ به عن حضيض رد الرواية، والحق فيه أنه ضعيف، لكثرة روايته المنكرات، وهو أمر يعتري الصالحين "، مضى أيضًا مرارًا آخرها رقم: 14337." و "دخين الحجري" ، هو "دخين بن عامر الحجري" ، "أبو ليلي المصري" ، روى عن عقبة بن عامر، وعنه عبد الرحمن بن زياد، ذكره ابن حبان في الثقات. مترجم في التهذيب، والكبير 2/1/234، وابن أبي حاتم 1/2/442. وهذا خبر ضعيف الإسناد، لا يقوم. وخرجه السيوطي في الدر المنثور 4: 74، وزاد نسبته إلى ابن المبارك في الزهد، وابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، وابن عساكر وقال: أخرجوه بسند ضعيف، ونقله عن ابن أبي حاتم، ابن كثير في تفسيره 4: 557. = (وما أنتم بمصرخيّ إني كفرت بما أشركتمون من قبل) ، قال: فلما سمعوا مقالته مَقَتُوا أنفسهم، قالا فنودوا: (لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ) ، الآية [سورة غافر: 10] . 20648 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سَعيد، عن قتادة، قوله: (ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي) ، ما أنا بمغيثكم، وما أنتم بمغيثي= قوله: (إني كفرت بما أشركتمون من قبل) ، يقول: عصيت الله قبلكم. 20649 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيّ إني كفرت بما أشركتمون من قبل) ، قال: هذا قولُ إبليس يوم القيامة، يقول: ما أنتم بنافعيّ وما أنا بنافعكم = (إني كفرت بما أشركتمون من قبل) قال: شركته، عبادته. 20650 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى =وحدثني الحارث قال، حدثنا الحسين قال: حدثنا ورقاء = جميعًا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: (بمصرخيّ) ، قال: بمغيثيّ. 20651 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 20652 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن أبن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 20653 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. 20654 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس قال: ما أنا بمنجيكم وما أنتم بمنجيَّ. 20655 - حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد قال: خطيبُ السَّوْء الصادق إبليس، (1) أفرأيتم صادقًا لم ينفعه صِدقهُ: (إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان) ، أقهركم به = (إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي) ، قال: أطعتموني = (فلا تلوموني ولوموا أنفسكم) ، حين أطعتموني = (ما أنا بمصرخكم) ، ما أنا بناصركم ولا مغيثكم = (وما أنتم بمصرخيّ) ، وما أنتم بناصريّ ولا مغيثيّ لما بي = (إني كفرت بما أشركتمون من قبل إنّ الظالمين لهم عذاب أليم) . 20656 - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، حدثنا ابن المبارك، عن الحكم، عن عُمَر بن أبي ليلى أحدِ بني عامر قال: سمعت محمد بن كعب القرظيّ يقول: (وقال الشيطان لما قضي الأمر) ، قال: قام أبليس عند ذلك، يعني حين قال أهل جهنم: (سواءٌ علينا أجزِعنا أم صبرنا مالنا من مَحِيص) ، فخطبهم، فقال: (إن الله وعدكم وعد الحق، ووعدتكم فأخلفتكم) ،إلى قوله: (ما أنا بمصرخكم) ، يقول: بمُغْنٍ عنكم شيئًا = (وما أنتم بمصرخيَّ إني كفرت بما أشركتمون من قبل) . قال: فلما سمعوا مقالته مَقَتُوا أنفسهم، قال: فنودوا: (لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ) ،الآية [سورة غافر: 10] . (2) * * * (1) في المطبوعة: "إبليس الصادق" ، أخر وقدم بلا داع مفهوم. (2) الأثر: 20656 - "الحكم المكي" ، و "عمر بن أبي ليلى" ، انظر ما سلف تعليقًا على الرقم: 20639، وهو تتمة ذاك الخبر. وكان في المطبوعة هنا أيضًا "عمرو بن أبي ليلي" . القول في تأويل قوله عز ذكره: {وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ (23) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) } * * * القول في تأويل قوله تعالى: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) } قال أبو جعفر: يقول عز ذكره: وأدخل الذين صدقوا الله ورسوله، فأقرُّوا بوحدانية الله وبرسالة رُسله. وأنّ ما جاءت به من عند الله حق = (وعملوا الصالحات) ، يقول: وعملوا بطاعة الله. فانتهوا إلى أمر الله ونهيه = (جنَّات تجري من تحتها الأنهار) ، بساتين تجري من تحتها الأنهار = (خالدين فيها) ، يقول ماكثين فيها أبدًا (1) = (بإذن ربهم) ، يقول: أُدخلوها بأمر الله لهم بالدخول= (تحيتهم فيها سلامٌ) ، (2) وذلك إن شاء الله كما:- 20657 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال، قوله: (تحيتهم فيها سلامٌ) ، قال: الملائكة يسلِّمون عليهم في الجنة. * * * وقوله: (ألم تر كيف ضربَ الله مَثلا كلمة طيبه كشجرة طيبة) ، يقول تعالى ذكره لنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم: ألم تر، يا محمد، بعين قلبك، (3) (1) قوله: "يقول: ماكثين فيها أبدًا" ، ساقط من المطبوعة. (2) انظر تفسير ألفاظ الآية فيما سلف من فهارس اللغة (أمن) ، (صلح) ، (جنن) ، (نهر) ، (خلد) ، (أذن) . = وانظر تفسير "التحية" فيما سلف 8: 586. (3) انظر تفسير "الرؤية" فيما سلف: 556، تعليق: 2، والمراجع هناك. فتعلم كيف مثَّل الله مثَلا وشبَّه شبَهًا (1) = (كلمة طيبة) ، ويعني بالطيبة: الإيمانَ به جل ثناؤه، (2) كشجرة طَيّبة الثمرة، وترك ذكر "الثمرة" استغناء بمعرفة السَّامعين عن ذكرها بذكر "الشَّجرة" . وقوله: (أصلها ثابت وفرعها في السماء) ، يقول عز ذكره: أصلُ هذه الشجرة ثابتٌ في الأرض = "وفرعها" ، وهو أعلاها في "السماء" ، يقول: مرتفع علُوًّا نحوَ السماء. وقوله: (تؤتي أكُلَهَا كل حين بإذن ربّها) ، يقول: تطعم ما يؤكل منها من ثمرها كلّ حين بأمرِ ربها (3) = (ويضرب الله الأمثال للناس) ، يقول: ويمثِّل الله الأمثال للناس، ويشبّه لهم الأشباهَ (4) = (لعلهم يتذكرون) ، يقول: ليتذكروا حُجَّة الله عليهم، فيعتبروا بها ويتعظوا، فينزجروا عما هم عليه من الكفر به إلى الإيمان. (5) * * * وقد اختلف أهل التأويل في المعنى بالكلمة الطيبة. فقال بعضهم: عُني بها إيمانُ المؤمن. * ذكر من قال ذلك: 20658 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (كلمة طيبة) ، شهادةُ أن لا إله إلا الله = (كشجرة طيبة) ، وهو المؤمن = (أصلها ثابتٌ) ، يقول: لا إله إلا الله، ثابتٌ في قلب المؤمن = (وفرعها في السماء) ، يقول: يُرْفَع بها عملُ المؤمن إلى السماء. (1) انظر تفسير "ضرب مثلا" فيما سلف 1: 403. (2) انظر تفسير "الطيب" فيما سلف 13: 165، تعليق: 3، والمراجع هناك. (3) انظر تفسير "الأكل" فيما سلف: 472، تعليق 3، والمراجع هناك. = وتفسير "الإذن" فيما سلف من فهارس اللغة (أذن) . (4) انظر تفسير "ضرب مثلا" فيما سلف 1:403. (5) انظر تفسير "التذكر" فيما سلف من فهارس اللغة (ذكر) . = وانظر القول في "لعل" في مباحث العربية. 20659 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس: (كلمة طيبة) ، قال: هذا مَثَلُ الإيمان، فالإيمان الشَّجرة الطيبة، وأصله الثابت الذي لا يزول الإخلاصُ لله، وفرعُه في السماء، فَرْعُه خشْية الله. 20670 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال مجاهد: (ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمةً طيبة كشجرة طيبة) ، قال: كنخلة = قال ابن جريج، وقال آخرون: "الكلمة الطيبة" ، أصلها ثابت، هي ذات أصل في القلب (1) = (وفرعها في السماء) ، تَعْرُجُ فلا تُحْجَب حتى تنتهي إلى الله. * * * وقال آخرون: بل عُنِي بها المؤمن نفسُه. * ذكر من قال ذلك: 20671 - حدثني محمد بن سعد قال، ثني أبي قال، ثني عمي قال، ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ،، يعني بالشجرة الطيبة المؤمنَ، ويعني بالأصل الثابت في الأرض، وبالفرع في السماء، يكون المؤمن يعمَلُ في الأرض، ويتكلَّم، فيبلغ عمله وقولُه السَّماءَ وهو في الأرض. 20672 - حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا فضيل بن مرزوق، عن عطية العوفي في قوله: (ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة) ، قال: ذلك مثل المؤمن لا يزال يخرُج منه كلام طيبٌ وعمل صالح يَصْعَد إليه. 20673 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين، حدثني حجاج، عن (1) في المطبوعة: "في ذات أصل" ، وهو خطأ بلا ريب. أبي جعفر، عن الربيع بن أنس قال: "أَصْلُهَا ثَابِتٌ فِي الأرْضِ" ، وكذلك كان يقرؤها. قال: ذلك المؤمنُ ضُرِبَ مثله. قال: الإخلاصُ لله وحده وعبادته لا شريك له، قال: (أصلها ثابت) ، قال: أصل عمله ثابتٌ في الأرض = (وفرعها في السماء) ، قال: ذكرُه في السماء. * * * واختلفوا في هذه "الشجرة" التي جعلت للكلمة الطيبة مثلا. فقال بعضهم: هي النخلة. * ذكر من قال ذلك: 20674 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن معاوية بن قرة قال: سمعت أنس بن مالك في هذا الحرف: (كشجرة طيبة) ، قال: هي النخلة. 20675 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا أبو قطن قال، حدثنا شعبة، عن معاوية بن قرة، عن أنس، مثله. 20676 - حدثنا الحسن قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا شعبة، عن معاوية بن قرة قال، سمعت أنس بن مالك يقول: (كلمة طيبة كشجرة طيبة) ، قال: النخل. (1) 20677 - حدثني يعقوب والحسن بن محمد قالا حدثنا ابن علية قال، حدثنا شعيب قال، قال خرجت مع أبي العاليةِ نريد أنس بن مالك، قال: فأتيناه، فدعا لنا بقِنْوٍ عليه رُطَبٌ، (2) فقال: كلوا من هذه الشجرةِ التي قال الله عز وجل: (ضربَ الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابث (1) الآثار: 20674 - 20676 - هذا خبر صحيح الإسناد، من طرقه الثلاث، موقوفًا على أنس. وانظر التعليق على الآثار التالية. (2) "القنو" ، بكسر فسكون، وجمعه "أقناء" و "قنوان" بكسر فسكون، وهو العذق عذق النخلة، بما فيه من الرطب، وهو "الكباسة" ، بكسر الكاف. وفرعها في السماء) ، وقال الحسن في حديثه: "بقِنَاع" . (1) 20678 - حدثنا خلاد بن أسلم قال، أخبرنا النضر بن شميل قال، أخبرنا حماد بن سلمة قال، أخبرنا شعيب بن الحبحاب، عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتِي بقِناع بُسْر، (2) فقال: (مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة) قال: هي النخلة. 20679 - حدثنا سوّار بن عبد الله قال، حدثنا أبي قال، حدثنا حماد بن سلمة، عن شعيب بن الحبحاب، عن أنس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أتِى بقِناع فيه بُسْر، فقال: (مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة) قال: "هي النخلة. قال شعيب، فأخبرت بذلك أبا العالية فقال: كذلك كانُوا يقولون." 20680 - حدثني المثنى قال، حدثنا حجاج قال، حدثنا حماد بن سلمة، عن شُعيب بن الحَبْحاب قال: كنا عند أنس، فأُتينا بطَبَق، أو قِنْع، عليه رُطب، فقال: كل يا أبا العالية، فإن هذا من الشَّجرة التي ذكر الله جلّ وعزّ في كتابه: (ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلُها ثابت) . 20681 - حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا مهدي بن ميمون، عن شعيب بن الحبحاب قال، كان أبو العالية يأتيني، فأتاني يومًا في منزلي بعد ما صلَّيت الفجر، فانطلقتُ معه إلى أنس بن مالك، فدخلنا معه إلى أنس بن مالك، فجيءَ بطبق عليه رُطَب فقال أنس لأبي العالية: كل، يا أبا العالية، فإن هذه من الشجرة التي قال الله في كتابه: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَةٍ كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ ثَابِتٍ أَصْلُهَا) ، قال: هكذا قرأها يومئذ أنس. (3) (1) "القناع" ، بكسر القاف، و "القنع" ، بكسر فسكون، هو الطبق الذي يؤكل عليه الطعام، أو الذي تؤكل فيه الفاكهة، ويقال هو للرطب خاصة. و "البسر" . بضم فسكون، التمر قبل أن يرطب، وهو ما لم يلون ولم ينضج، فإذا نضج فقد أرطب، فهو رطب. (2) "القناع" ، بكسر القاف، و "القنع" ، بكسر فسكون، هو الطبق الذي يؤكل عليه الطعام، أو الذي تؤكل فيه الفاكهة، ويقال هو للرطب خاصة. و "البسر" . بضم فسكون، التمر قبل أن يرطب، وهو ما لم يلون ولم ينضج، فإذا نضج فقد أرطب، فهو رطب. (3) الآثار: 20677 - 20681 - حديث شعيب بن الحبحاب، عن أنس، مروي هنا من خمس طرق: من طريقين مرفوعًا، من رواية حماد بن سلمة، عن شعيب، (20678، 20679) ، ثم من رواية حماد عن شعيب أيضًا موقوفًا، (20680) ، ثم من طريقين موقوفًا، من رواية ابن علية، عن شعيب، ومهدي بن ميمون عن شعيب. (20677، 20681) . فالمرفوع، أخرجه الحاكم في المستدرك 2: 352، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه" ، وأخرجه الترمذي في تفسير هذه السورة. مطولا، عن طريق أبي الوليد، عن حماد بن سلمة، عن شعيب، ثم قال: "حدثنا قتيبة، حدثنا أبو بكر بن شعيب بن الحبحاب، عن أبيه، عن أنس بن مالك نحوه بمعناه، ولم يرفعه، ولم يذكر قول أبي العالية (20679) . وهذا أصح من حديث حماد بن سلمة.. وروى غير واحد مثل هذا موقوفًا. ولا نعلم أحدًا رفعه غير حماد بن سلمة. ورواه معمر، وحماد بن زيد، وغير واحد، ولم يرفعوه. حدثنا أحمد بن عبدة الضبي. حدثنا حماد بن زيد، وعن شعيب بن الحبحاب. عن أنس بن مالك. نحو حديث عبد الله بن أبي بكر بن شعيب بن الحبحاب، ولم يرفعه" . وخرج المرفوع السيوطي في الدر المنثور 4: 76،، وزاد نسبته إلى النسائي، والبزار، وأبي يعلى، وابن أبي حاتم، وابن حبان، وابن مردويه، وذكره. ابن كثير في تفسيره 4: 561. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ إبراهيم الحلقة (914) صــ 571 إلى صــ 580 20682 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا طلق قال، حدثنا شريك، عن السدي، عن مرة، عن عبد الله، مثله. (1) 20683 - حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا عبد الغفار بن القاسم، عن جامع بن أبي راشد، عن مُرَّة بن شراحيل الهمداني، عن مسروق: (كشجرة طيبة) ، قال: النخلة. 20684 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى = ح وحدثني الحارث قال، حدثنا الحسن [قال، حدثنا ورقاء = جميعًا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: (كشجرة طيبة) ، قال: كنخلة. 20685 - حدثنا الحسن] (2) قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء = ح وحدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل = جميعًا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. (1) الأثر: 20682 - "طلق" ، هو "طلق بن غنام بن طلق النخعي" ، سلف برقم: 20000، روى عنه أبو كريب. و "شريك" ، هو "شريك بن عبد الله النخعي" القاضي، روى عنه طلق، مضى مرارًا كثيرة. وأمام هذا الخبر علامة في المخطوطة هكذا ".." للدلالة على الشك، وصدق فإنه لم يمض ذكر خبر عبد الله بن مسعود قبل ذلك، فيقول: "مثله.. وقد نقله ابن كثير في تفسيره 4: 559، فقال: هكذا رواه السدي، عن مرة، عن ابن مسعود قال:" هي النخلة "، وكذلك السيوطي في الدر المنثور 4: 76، فأخشى أن يكون سقط قبل هذا الخبر خبر فيه نص كلام ابن مسعود" (2) ما بين القوسين، من منتصف الخبر السالف، إلى هذا الموضع، ساقط من المطبوعة. 20686 - حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا إسرائيل، عن السدي، عن مرة، عن عبد الله، مثله. 20687 - حدثني المثنى قال، حدثنا مُعَلَّى بن أسد قال، حدثنا خالد قال، أخبرنا حصين، عن عكرمة في قوله: (كشجرة طيبة) قال: هي النخلة، لا تزالُ فيها منفعةٌ. 20688 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن مغراء، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله: (كشجرة طيبة) ، قال: ضرب الله مثل المؤمن كمثل النخلة = (تؤتي أكلها كل حين) . 20689 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة) ، كنا نُحَدَّث أنها النخلة. 20690 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (كشجرة طيبة) ، قال: يزعمون أنها النخلة. 20691 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: (تؤتى أكلها كل حين) ، قال: هي النخلة. 20692 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا محمد بن عبيد قال، حدثنا الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله: (وفرعها في السماء) ، قال: النخل. (1) 20693 - حدثنا الحسن (2) قال، حدثنا سعيد بن منصور قال، حدثنا خالد، عن الشيباني، عن عكرمة: (تؤتي أكلها كل حين) ، قال: هي النخلة. 20694 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر قال، قال شعيب بن الحبحاب، عن أنس بن مالك: "الشجرة الطيبة" ، النخلة. (1) في المطبوعة: "النخلة" . (2) في المطبوعة: "قال حدثنا الحسن" ، زاد ما لا مكان له. وقال آخرون: بل هي شجرة في الجنة. * ذكر من قال ذلك: 20695 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا عفان قال، حدثنا أبو كدينة قال، حدثنا قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس، في قول الله جلّ وعَزّ: (ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ، قال: هي شجرة في الجنة. (1) * * * قال أبو جعفر: وأولى القولين بالصواب في ذلك قولُ من قال: هي "النخلة" ، لصحَّة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما:- 20696 - حدثنا به الحسن بن محمد قال، حدثنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال، صحبتُ ابنَ عمر إلى المدينة، فلم أسمعه يُحدِّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حديثًا واحدًا قال، كنّا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأتي بجُمَّار فقال: من الشَّجر شجرةٌ مَثَلُها مثلُ الرَّجُل المسلم. فأردت أن أقول "هي النخلة" ، فإذا أنا أصغرُ القوم، فسكتُّ، [فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي النخلة] . (2) (1) الأثر: 20695 - "أبو كدينة" ، "يحيى بن المهلب البجلي" ، ثقة، ربما أخطأ، يعتبر به، سلفت ترجمته: 4193، 5994، 9745. و "قابوس بن أبي ظبيان الجنبي" ، ضعيف، كان رديء الحفظ، ينفرد عن أبيه بما لا أصل له، فربما رفع المراسيل، وأسند الموقوف، مضى برقم: 9745، 10682، 16679. وأبوه "أبو ظبيان" ، اسمه "حصين بن جندب الجنبي" ، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: 9745، 10683، 16679. (2) الأثر: 20696 - إسناده صحيح، رواه من هذه الطريق أحمد في مسنده رقم: 4599، ورواه أحمد أيضًا من طريق شريك، عن سلمة بن كهيل. عن مجاهد، مطولا ومختصرًا (5647، 5955) ورواه البخاري في صحيحة (الفتح 1: 151) ، ومسلم في صحيحة (17: 152) من ثلاث طر ق: من طريق أيوب، عن أبي الخليل الضبعي، عن مجاهد، ومن طريق سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، ومن طريق ابن نمير، عن أبيه، عن سيف، عن مجاهد. وكان أمام الخبر في المخطوطة حرف (ط) ، إشارة إلى ما فيه من النقص الذي أثبته عن مسند أحمد، ووضعته بين قوسين. 20697 - حدثنا الحسن قال، حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا سليمان، عن يوسف بن سَرْج، عن رجل، عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هل تدرُون ما الشجرة الطيبة؟ قال ابن عمر: فأردت أنْ أقول "هي النخلة" ، فمنعني مكان عُمَر، فقالُوا: الله ورسوله أعلم! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي النَّخْلة. (1) 20698 - حدثنا الحسن، فال: حدثنا يحيى بن حماد قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا لأصحابه: إن شجرةً من الشجر لا تَطرحُ ورقَها مثل المؤمن؟ قال: فوقع الناس في شجر البَدْو، ووقع في قلبي أنها النخلة، فاستحييت، حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي النخلة. (2) 20699 - حدثنا الحسن قال، حدثنا عاصم بن علي قال، حدثنا عبد العزيز بن مسلم القسملي قال، حدثنا عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنّ من الشجر شجرةً لا يسقط ورَقها، وهي مثل (1) الأثر: 20697 - "سليمان" ، هو "سليمان بن طرخان التيمي" ، مضى مرارًا كثيرة. و "يوسف بن سرج" ، بالجيم، نص على ذلك عبد الغني، في المؤتلف والمختلف: 69، والذهبي في المشتبه: 356، روى حديثًا مرسلا، روى عنه سليمان التيمي، مترجم في الكبير للبخاري 4/2/373 وابن أبي حاتم 4/2/223: وكأنهما أشارا إلى هذا الخبر. وكان في المطبوعة هنا: "سرح" بالحاء، وكذلك في المخطوطة، وإن كانت تغفل أحيانًا بعض النقط. (2) الأثر: 20698 - "عبد العزيز" ، هو "عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون" ، أحد الأعلام، روى له الجماعة، مترجم في التهذيب، والكبير 3/2/12، وابن أبي حاتم 2/2/386. وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده: 6052، من طريق عبد العزيز الماجشون، عن عبد الله ابن دينار، مطولا، ورواه من طريق مالك "عن عبد الله بن دينار، مطولا: 5274. ورواه البخاري في صحيحة من هذه الطريق (الفتح 1: 203) ، ورواه من طريق إسماعيل بن جعفر، عن عبد الله بن دينار (الفتح 1: 133، 134) ، ومن طريق سليمان بن بلال عن عبد الله (الفتح 1: 136) . ورواه مسلم في صحيحه (17: 153) من طريق إسماعيل بن جعفر، عن عبد الله." وانظر التعليق على الخبر التالي. المؤمن؛ فتحدثوني ما هي؟ فذكر نحوه. (1) 20700 - حدثنا الحسن قال، حدثنا علي قال، حدثنا يحيى بن سعد قال، حدثنا عبيد الله قال، حدثني نافع، عن عبد الله قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخبروني بشجرة كمثل الرجل المسلم، تُؤتي أكلها كل حين، لا يتحاتُّ ورقها؟ قال: فوقع في نفسي أنها النَّخلة، فكرهت أن أتكلم وثّمَّ أبو بكر وعمر، فلما لم يتكلموا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي النخلة. (2) 20701 - حدثنا الحسن قال، حدثنا محمد بن الصباح قال، حدثنا إسماعيل، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه. (3) * * * واختلف أهل التأويل في معنى "الحين" الذي ذكر الله عز وجل في هذا الموضع فقال: (تؤتي أكلَها كلَّ حِين بإذن ربِّها) . فقال بعضهم: معناه: تؤتي أكلَها كلّ غَداةٍ وعَشِيَّة. * ذكر من قال ذلك: 20702 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا أبو معاوية قال، حدثنا (1) الأثر: 20699 - "عبد العزيز بن مسلم القسملي" ، صالح الحديث ثقة، مترجم في التهذيب، والكبير 3/2/28، وابن أبي حاتم 2/2/394، وهذه طريق أخرى للخبر السالف. (2) الأثر: 20700 - "يحيى بن سعيد بن فروخ" ، القطان، الحافظ، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا كثيرة. و "عبيد الله" ، هو "عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب" ، مضى مرارًا. وهذا حديث صحيح رواه البخاري في صحيحه (الفتح 1: 286) مطولا، من طريق عبيد بن إسماعيل عن أبي أسامة، عن عبيد الله بن عمر، ورواه مسلم في صحيحة (17: 155) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن أبي أسامة. وسيأتي من طريق أخرى. (3) الأثر: 20701 - "محمد بن الصباح الدولابي" ، البزاز، روى له الجماعة، مضى برقم: 20514. و "إسماعيل" ، هو "إسماعيل بن زكريا الخلقاني الأسدي" ، لقبه "شقوصا" ، روى له الجماعة، مترجم في التهذيب، والكبير 1/1/355، وابن أبي حاتم 1/1/170. الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس قال: "الحين" قد يكون غُدْوَة وَعشيّة. 20703 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا محمد بن عبيد قال، حدثنا الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس في قوله: (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ، قال: غُدْوةً وعشيّةً. 20704 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يحيى قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس، مثله. 20705 - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن أبي عدي، عن شعبة، عن سليمان، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس، بمثله. 20706 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا طلق، عن زائدة، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس، مثله. 20707 - حدثنا الحسن قال، حدثنا علي بن الجعد قال، حدثنا شعبة، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس في قوله: (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ، قال: بُكْرَة وعشيًا. 20708 - حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا شريك، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس: (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ، قال: بكرة وعشية. 20709 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ، قال: يذكر الله كلّ ساعة من الليل والنهار. 20710 - حدثنا الحسن قال، حدثنا عفان قال، حدثنا أبو كدينة قال، حدثنا قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس: (تؤتي أكها كل حين بإذن رَبها) ، قال: غدوة وعشية. 20711 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن مغراء، عن جويبر، عن الضحاك في قوله: (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ، قال: المؤمن يطيع الله بالليل والنهار وفي كل حينٍ. 20712 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس: (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ، يصعَدُ عمله أولَ النهار وآخره. 20713 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس: (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ، قال: يصعد عمله غُدوة وعشيَّة. 20714 - حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ قال، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ، قال: تخرج ثمرتها كُلَّ حين. وهذا مثلُ المؤمن يعمل كل حين، كل ساعة مِن النهار، وكل ساعة من الليل، وبالشتاء والصيف، بطاعة الله. * * * وقال آخرون: معنى ذلك: تؤتي أكلها كل ستة أشهر، من بين صِرَامها إلى حَمْلها. (1) * ذكر من قال ذلك: 20715 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا يحيى قال، حدثنا سفيان، عن طارق بن عبد الرحمن، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: "الحين" ، ستة أشهر. 20716 - حدثني يعقوب، قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا أيوب قال، قال عكرمة: سُئلت عن رجل حَلَف أن لا يصنع كذا وكذا إلى حين؟ فقلت: (1) "صرام النخل" ، بكسر الصاد، هو قطع الثمرة واجتناؤها من النخلة. إن من الحين حينًا يُدْرَك، ومن الحين حينًا لا يُدْرَك، فالحين الذي لا يدرك قوله: (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) [سورة ص: 88] ، والحين الذي يدرك، (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ، قال: وذلك من حين تُصْرَم النخلة إلى حين تُطْلِعُ، (1) وذلك ستَّة أشهر. 20717 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن الأصبهاني، عن عكرمة قال: الحين: ستة أشهر. (2) 20718 - حدثنا الحسن قال، حدثنا سعيد بن منصور قال، حدثنا خالد، عن الشيباني، عن عكرمة، في قوله: (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ، قال: هي النخلة، و "الحين" ، ستة أشهر. 20719 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا كثير بن هشام قال، حدثنا جعفر قال، حدثنا عكرمة: (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ، قال: هو ما بين حَمْل النخلة إلى أن تُجِدَّ. (3) 20720 - حدثني المثنى قال، حدثنا قبيصة بن عقبة قال، حدثنا سفيان قال، قال عكرمة: الحين ستة أشهر. 20721 - حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا قيس، عن طارق بن عبد الرحمن، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أنه سئل عن رجل حَلَف أن لا يكلم أخاه حينًا؟ قال: الحينُ ستة أشهر.ثم ذكر النخلة، ما بينَ حملها إلى صِرَامها سِتَّة أشهر. (1) "أطلع النخل يطلع إطلاعًا" ، أخرج طلعه. (2) الأثر: 20717 - "سفيان" ، هو "الثوري مضى مرارًا." و "ابن الأصبهاني" ، هو "عبد الرحمن بن عبد الله بن الأصبهاني" ، روى له الجماعة. روى عن أنس وأبي حازم وعكرمة وغيرهم. مترجم في التهذيب، وانظر رقم 20725. (3) الأثر: 20719 - "كثير بن هشام الكلابي" ، ثقة صدوق، مضى برقم: 12648. و "جعفر" ، هو "جعفر بن برقان الكلابي" ، ثقة، مضى برقم: 4577. وكان في المطبوعة: "إلى أن تحرز" ، وفي المخطوطة مثلها غير منقوط، ورجحت أن الصواب "تجد" ، من "جد النخل يجده جدًا، وجدادًا" ، صرمه. و "أجد النخل" ، حان له أن يجد. 20722 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن طارق، عن سعيد بن جبير: (تؤتي أكلها كل حين) ، قال: ستة أشهر. 20723 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ، والحين: ما بين السبعة والستة، وهي تُؤْكِلُ شتاءً وصيفًا. 20724 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر قال، قال الحسن: ما بين الستة الأشهر والسبعة، يعني الحين. 20725 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن عبد الرحمن بن الأصبهاني، عن عكرمة قال: الحينُ ستة أشهر. * * * وقال آخرون: بل "الحين" ههنا سنة. * ذكر من قال ذلك: 20726 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن أبي مكين، عن عكرمة: أنه نذر أن يقطعَ يَدَ غُلامه أو يحبسه حينًا. (1) قال: فسألني عمر بن عبد العزيز، قال فقلت: لا تُقْطع يدُه، ويحبسه سنة، والحين سَنَة. ثم قرأ: (لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ) ، [سورة يوسف: 35] ، وقرأ: (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) = حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع قال، وزاد أبو بكر الهذلي، عن عكرمة قال: قال ابن عباس: "الحين" ، حينان، حين يعرف وحين لا يعرف، فأما الحين الذي لا يُعرف: (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) [سورة ص: 88] ، وأما الحين الذي يعرف فقوله: (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) . (1) في المطبوعة: "إن نذر" خطأ. 20727 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة قال: سألت حمادًا والحكم عن رجل حلف ألا يكلم رجلا إلى حين؟ قالا الحينُ: سنة. 20728 - حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى = ح وحدثني الحارث قال، حدثنا الحسن قال، حدثنا ورقاء = ح وحدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، حدثني ورقاء = ح وحدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل =، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (كل حين) ، قال: كل سنة. (1) 20729 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: (تؤتي أكلها كل حين) ، قال: كل سنة. 20730 - حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سلام، عن عطاء بن السائب، عن رجل منهم (2) أنه سأل ابن عباس، فقال: حلفت (1) في المخطوطة هنا ختام، كأنه كان آخر تجزئة سابقة نقلت عنها مخطوطتنا، وهذا نص ما فيها: "يتلوهُ إن شاءَ الله تعالى حدثني يونس قال،" أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (تؤْتي أُكُلها كُلَّ حِين) قال: كُلَّ سنة. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم "." وبعده في أول الجزء: "بسم الله الرحمن الرحيم" رب يسِّر قال أَبو جعفر، حدثني يونس ... "" (2) في المطبوعة: "عن رجل مبهم" ، لم يعرف معنى المخطوطة، وقوله: "رجل منهم" ، أي من ثقيف، رهط عطاء بن السائب. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ إبراهيم الحلقة (915) صــ 581 إلى صــ 590 ألا أكلم رجلا حِينًا؟ فقرأ ابن عباس: (تؤتي أكلها كل حين) ، فالحين سنة. 20731 - حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا ابن غَسِيل، عن عكرمة قال، أرسل إلىّ عمر بن عبد العزيز فقال: يا مولى ابن عباس، إني حلفت أن لا أفعل كذا وكذا، حينًا، فما الحين الذي تعرف به؟ قلت: إنّ من الحين حينًا لا يدرك، ومن الحين حينٌ يُدرك، فأما الحين الذي لا يُدرك فقول الله: (هَلْ أَتَى عَلَى الإنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا) [سورة الإنسان: 1] ، والله ما يدري كم أتَى له إلى أن خُلِق، وأما الذي يُدرك فقوله: (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ، فهو ما بين العام إلى العام المُقْبِل. فقال: أصبت يا مولى ابن عباس، ما أحسن ما قلت. (1) 20732 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن عطَاء قال: أتى رجل ابن عباس فقال: إني نذرت أن لا أكلم رجلا حينًا؟ فقال ابن عباس: (تؤتي أكلها كل حين) ، فالحين سَنَة. * * * وقال آخرون: بل "الحين" في هذا الموضع: شهرَان. * ذكر من قال ذلك: 20733 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا محمد بن مسلم الطائفي، عن إبراهيم بن ميسرة قال: جاء رجل إلى سعيد بن المسيب، فقال: إني حلفت أن لا أكلم فلانًا حينًا؟ [فقال: قال الله تعالى: (تؤتي أكلها كلّ حين بإذن ربها) ] . (2) قال: هي النخلة، لا يكون منها أُكُلُها إلا شَهْرين، فالحين شهران. (1) الأثر: 20731 - "ابن غسيل" ، والأجود أن يقال "ابن الغسيل" ، وهو "عبد الرحمن ابن سليمان بن عبد الله بن حنظلة الأنصاري" ، يعرف بابن الغسيل، وهو جده حنظلة بن أبي عامر، غسيل الملائكة. مضى برقم: 5123، 7777. وكان في المطبوعة والمخطوطة: "ابن عسيل" ، بالعين المهملة. (2) ما بين القوسين في المطبوعة، وساقط من المخطوطة، فلم أحذفها لحسن موقعها. قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قولُ من قال: عنى بالحين، في هذا الموضع، غدوةً وعشيةً، وكلَّ ساعة، (1) لأن الله تعالى ذكره ضَرَب ما تؤتي هذه الشجرة كلَّ حين من الأكل لعمل المؤمن وكلامِه مثلا ولا شك أن المؤمن يُرفع لهُ إلى الله في كلّ يوم صالحٌ من العمل والقول، لا في كل سنة، أو في كل ستة أشهر، أو في كل شهرين. فإذا كان ذلك كذلك، فلا شك أن المَثَل لا يكون خِلافًا للمُمَثَّل به في المعنى. وإذا كان ذلك كذلك، كان بَيّنًا صحةُ ما قلنا. فإن قال قائل: فأيُّ نخلة تؤتي في كل وقت أكلا صيفًا وشتاء؟ قيل: أما في الشتاء، فإن الطَّلْع من أكُلها، وأما في الصيف فالبَلَح والبُسْرُ والرُّطَب والتَّمرُ، وذلك كله من أكلها. * * * وقوله: (تؤتي أكلها) ، فإنّه كما:- 20734 - حدثنا به محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ، قال: يؤكل ثمرها في الشتاء والصيف. 20735 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (تؤتي أكلها كل حين) ، قال: هي تؤكل شتاءً وصيفًا. 20736 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس: (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ، يصعد عملُه، يعني عَمل المؤمن مِن أوّل النهار وآخره. (1) انظر تفسير "الحين" فيما سلف 1: 540/12: 359/16: 92: 94. القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ومثل الشِّركَ بالله، وهي "الكلمة الخبيثة" ، (1) = كشجرة خبيثة. * * * اختلف أهل التأويل فيها أيّ شجرة هي؟ فقال أكثرهم: هي الحنظل. * ذكر من قال ذلك: 20737 - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن معاوية بن قرة قال: سمعت أنس بن مالك، قال في هذا الحرف: (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة) ، قال: الشَّرْيان؟ فقلت: ما الشَّرْيان؟ قال رجل عنده: الحنظلُ، فأقرَّ به معاوية. (2) 20738 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، أخبرنا شعبة، عن معاوية بن قرة قال: سمعت أنس بن مالك يقول: (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة) ، قال: الحنظل. (3) 20739 - حدثنا الحسن قال، حدثنا عمرو بن الهيثم قال، حدثنا شعبة، عن معاوية بن قرة، عن أنس بن مالك قال: الشَّرْيَان، يعني الحنظل. 20740 - حدثنا أحمد بن منصور قال، حدثنا نعيم بن حماد قال، حدثنا محمد بن ثور، عن ابن جريج، عن الأعمش، عن حبان بن شعبة، (1) انظر تفسير "الخبيث" فيما سلف 13: 165، تعليق: 4، والمراجع هناك. (2) الأثر: 20737 - انظر الأثر السالف: 20674، فهو من تمامه. (3) الأثر: 20738 - انظر الأثر السالف: 20676 فهو من تمامه. عن أنس بن مالك في قوله: (كشجرة خبيثة) ، قال: الشَّرْيان. قلت لأنس: ما الشَّريان؟ قال: الحنظل. (1) 20741 - حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا شعيب قال: خرجت مع أبي العالية نريد أنس بن مالك، فأتيناه، فقال: (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة) ، تلكم الحنظل. (2) 20742 - حدثنا الحسن قال، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن شعيب بن الحبحاب، عن أنس، مثله. 20743 - حدثنا المثنى قال: حدثنا آدم العسقلاني قال، حدثنا شعبة قال، حدثنا أبو إياس، عن أنس بن مالك قال: "الشجرة الخبيثة" ، الشَّرْيَان. فقلت: ومَا الشَّرْيَان؟ قال: الحنظل. 20744 - حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج قال، حدثنا حماد، عن شعيب، عن أنس قال، تلكم الحنظل. (3) 20745 - حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج قال، حدثنا مهدي بن ميمون، عن شعيب قال، قال أنس: (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة) ، الآية قال، تلكم الحنظل، ألم تِرْوا إلى الرّياح كيف تُصَفّقُها يمينًا وشمالا؟ (4) 20746 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن (1) الأثر: 20740 - "حبان بن شعبة" بالباء الموحدة، هكذا جاء في المطبوعة والمخطوطة، وهي غير منقوطة. وفي الدر المنثور 4: 77 "حيان" بالياء المثناة، ولم أجد هذا الاسم في مكان، بعد طول البحث، وأقرب ما وجدت أن يكون هو "حيان، أبو سعيد التيمي" ، روى عنه الأعمش. ولكني لم أجده ذكر أنه روى عن أنس بن مالك. مترجم في الكبير 2/1/55، وابن أبي حاتم 1/2/247. وأزيد أني في شك من رواية "ابن جريج" ، عن "الأعمش" . (2) الأثر: 20741 - هو من تتمة الأثر السالف: 20677. (3) الأثر: 20744 - هو من تتمة الأثر السالف: 20680. (4) الأثر: 20745 - هو من تتمة الأثر السالف: 20681. ويقال: "صفقت الريح الشيء" ، إذا قلبته يمينًا وشمالا، فاضطرب وتردد. ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (كشجرة خبيثة) ، الحنظلة. * * * وقال آخرون: هذه الشجرة لم تُخْلَق على الأرض. * ذكر من قال ذلك: 20747 - حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني قال، حدثنا عفان قال، حدثنا أبو كدينة قال، حدثنا قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس: (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار) ، قال: هذا مثل ضربه الله، ولم تخلق هذه الشجرةُ على وجه الأرض. (1) * * * وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتصحيح قول من قال: هي الحنظلة، خبَرٌ. فإن صحَّ، فلا قولَ يجوز أن يقال غيرُه، وإلا فإنها شجرة بالصِّفة التي وصفها الله بها. * * * * ذكر الخبر الذي ذكرناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: 20748 - حدثنا سَوَّار بن عبد الله قال، حدثنا أبي قال، حدثنا حماد بن سلمة، عن شعيب بن الحبحاب، عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ومثل كَلِمة خبيثةٍ كشجرة خبيثة اجْتُثَّت من فوق الأرض ما لها من قَرار) ، قال: هي الحنظلة = قال شعيب: وأخبرت بذلك أبا العالية فقال: كذلك كانوا يقولون. (2) * * * (1) الأثر: 20747 - هو من تمام الأثر السالف: 20695. (2) الأثر: 20748 - سلف قول الترمذي أن هذا الخبر لم يرفعه غير حماد بن سلمة، وأن الموقوف أصح. انظر ما سلف في التعليق على الآثار: 20677 - 20681. وهذا الأثر من تمام الأثر السالف: 20679. وقوله: (اجْتُثَّت من فوق الأرض) ، يقول: استُؤْصِلت. يقال منه: اجتثَثْتُ الشيء، أجْتَثُّه اجتثاثًا: إذا استأصلتَه. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 20749 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (اجتثت من فوق الأرض) ، قال: استؤصلت من فوق الأرض. * * * = (ما لها من قرار) ، يقول: ما لهذه الشجرة من قَرار ولا أصل في الأرض تثْبُت عليه وتقوم. وإنما ضُرِبت هذه الشجرة التي وصَفها الله بهذه الصفة لكُفر الكافر وشركِه به مثلا. يقول: ليس لكُفر الكافر وعَمَله الذي هو معصيةُ الله في الأرض ثباتٌ، ولا له في السماء مَصْعَد، لأنه لا يَصْعَد إلى الله منه شيء. * * * وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 20750 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار) ، ضرب الله مثل الشجرة الخبيثة كمثل الكافر. يقول: إن الشجرة الخبيثة اجتُثّت من فوق الأرض ما لها من قرَار. يقول: الكافر لا يُقْبَل عمله ولا يصعَدُ إلى الله، فليس له أصل ثابتٌ في الأرض، ولا فرعٌ في السماء. يقول: ليس له عمل صَالحٌ في الدنيا ولا في الآخرة. 20751 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتُثَّت من فوق الأرض ما لها من قرار) ، قال قتادة: إن رجلا لقي رجلا من أهل العلم فقال: ما تقول في "الكلمة الخبيثة" ، فقال: ما أعلم لها في الأرض مستقرًّا، ولا في السماء مَصْعَدًا، إلا أن تَلْزَم عُنُقَ صاحبها، حتى يوافي بها القِيامة. (1) 20752 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أبي العالية: أن رجلا خالجت الريحُ رداءَه فلعنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تَلْعنها، فإنها مأمورة، وإنه من لَعن شيئًا ليس له بأهلٍ رَجعت اللَّعنةُ على صاحبها. (2) 20753 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس: (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة) ، قال: هذا الكافر ليس له عمل في الأرض، ولا ذكرٌ في السماء= (اجتُثت من فوق الأرض ما لها من قرار) ، قال: لا يصعد عمله إلى السماء، ولا يقوم على الأرض. فقيل: فأين تكون أعمالهم؟ قال: يَحْمِلون أوزارهم على ظُهورهم. (1) في المطبوعة، زاد فقال: "يوم القيامة" . (2) الأثر: 20752 - أخرجه الترمذي في كتاب البر والصلة، باب ما جاء في اللعنة: رواه عن زيد بن أخزم الطائي البصري، حدثنا بشر بن عمر، حدثنا أبان بن يزيد، عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس: أن رجلا لعن الريح عند النبي صلى الله عليه وسلم ". وقال الترمذي:" هذا حديث حسن غريب، لا نعلم أحدًا أسنده غير بشر بن عمر "." و "بشر بن عمر بن الحكم الزهراني" ، ثقة، روى له الجماعة، سلف برقم: 3375، 15054، ورواه أبو داود في سننه 4: 382، من طريقين: من طريق مسلم بن إبراهيم، عن أبان بن يزيد العطار، عن قتادة، ومن طريق: زيد بن أخزم الطائي، عن بشر بن عمر، عن أبان بن يزيد عن قتادة، وهذا هو طريق الترمذي. ويتبين من الطريق الأولى أن الذي أسنده هو "أبان بن يزيد العطار" ، وهو ثقة، وقال الحافظ ابن حجر: "لم يذكره أحد ممن صنف في رجال البخاري من القدماء، ولم أر له عنده إلا أحاديث معلقة في الصحيح" ، فمن قبل أبان جاءت غرابته. وقوله: "خالجت الريح رداءه" بمعنى نازعته رداءه. و "مأمورة" ، أي مسخرة بأمر الله غير مريدة لما تفعل. وقوله: "ليس له بأهل" ، أي ليس للعن بمستحق، يقال: "هو أهل ذاك، وأهل لذاك" . 20754 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا فضيل بن مرزوق، عن عطية العوفي: (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض) ، قال: مثل الكافر، لا يصعَد له قولٌ طيب ولا عملٌ صالح. 20755 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قال: (ومثل كلمة خبيثة) ، وهي الشرك = (كشجرة خبيثة) ، يعني الكافر. قال: (اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار) ، يقول: الشرك ليس له أصلٌ، يأخذ به الكافرُ ولا برهانٌ، ولا يقبل اللهُ مع الشرك عملا. 20756 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة) ، قال: مثل الشجرة الخبيثة مثل الكافر ليس لقوله ولا لعمله أصلٌ ولا فرع، ولا قوله ولا عمله يستقرُّ على الأرض ولا يصعد إلى السماء. 20757 - حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ، يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول: ضربَ الله مثلَ الكافر: (كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار) ، يقول: ليس لها أصلٌ ولا فرع، وليست لها ثمرة، وليس فيها منفعة، كذلك الكافر ليس يعمل خيرًا ولا يقوله، ولم يجعل الله فيه بركةً ولا منفعة. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27) } قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: (يثبت الله الذين آمنوا) ، يحقق الله أعمالَهم وإيمانهم (1) = (بالقول الثابت) ، يقول: بالقول الحق، وهو فيما قيل: شهادة أن لا إله إلا الله، وأنّ محمدًا رسول الله. * * * وأما قوله: (في الحياة الدنيا) ، فإن أهل التأويل اختلفُوا فيه، فقال بعضهم: عنى بذلك أن اللهَ يثَبتهم في قبورهم قبلَ قيام الساعة. * ذكر من قال ذلك: 20758 - حدثني أبو السائب سَلْم بنُ جُنَادة قال، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن سَعْد بن عُبَيْدَة، عن البَراء بن عازب، في قوله: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا) ، قال: التثبيت في الحياة الدنيا إذا أتاه المَلكان في القبر فقالا له: مَن ربك؟ فقال: ربّي الله. فقالا له: ما دينك؟ قال: دينيَ الإسلام. فقالا له: مَن نبيك؟ قال: نبيِّي محمدٌ صلى الله عليه وسلم. فذلك التثبيت في الحياة الدنيا. (2) (1) انظر تفسير "التثبيت" فيما سلف 15: 539، تعليق: 4، والمراجع هناك. (2) الأثر: 20758- حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، رواه أبو جعفر بأربعة عشر إسنادًا في هذا الموضع، فأحببت أن أجمعها، وأفصلها، لتسهل مراجعتها، ولا يتبعثر القول فيها، ويسهل تخريجها ويستبين. فالحديث عن البراء مروي من ثلاث طرق: 1 - طريق سعد بن عبيدة، عن البراء. 2 - طريق زاذان، عن البراء. 3 - طريق خيثمة، عن البراء. فعند بدء كل طريق، أذكر طرق إسناده مفصلة إن شاء الله، وهذه أوان بيان الطريق الأولى: (1) طريق سعد بن عبيدة عن البراء. رواه أبو جعفر من طريقين: 1 - من طريق الأعمش، عن سعد بن عبيدة. 2 - من طريق علقمة بن مرثد، عن سعد بن عبيدة. (1) طريق الأعمش، عن سعد بن عبيدة. 1 - من طريق أبي معاوية، عن الأعمش برقم: 20758. 2 - من طريق جابر نوح، عن الأعمش برقم: 20759. (1) وطريق أبي معاوية، هو هذا الإسناد الأول، وهذا بيانه: "أبو السائب" ، "سلم بن جنادة بن خالد السوائي" ، شيخ أبو جعفر، روى عنه البخاري خارج الصحيح، شيخ صدوق، قال البرقاني: "ثقة حجة لا شك فيه، يصلح للصحيح" ، مضى مرارًا آخرها رقم: 8395. و "أبو معاوية" ، هو "محمد بن خازم التميمي السعدي" ، روى له الجماعة، ثقة في حديث الأعمش، مضى مرارًا، آخرها رقم: 17722. و "سعد بن عبيدة" ، كان في المخطوطة في جميع مواضعه "سعيد" ، وهو خطأ. فهذا حديث صحيح الإسناد، لم أجده عند غير أبي جعفر، من هذه الطريق. 20759 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا جابر بن نوح، عن الأعمش، عن سعد بن عُبَيْدة، عن البراء بن عازب، بنحو منه في المعنى. (1) 20760 - حدثني عبد الله بن إسحاق الناقد الواسطي قال، حدثنا وهب بن جرير قال، حدثنا شعبة، عن علقمة بن مَرْثَد، عن سعد بن عبيدة، عن البراء قال، ذكر النبيّ صلى الله عليه وسلم المؤمنَ والكافرَ، فقال: إن المؤمن إذا سئل في قبره قال: رَبّي الله، فذلك قوله: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) . (2) (1) الأثر: 20759 - الإسناد التالي انظر التعليق السالف. (2) طريق جابر بن نوح، عن الأعمش و "جابر بن نوح الحماني" ، ضعيف الحديث، قال ابن معين ليس حديثه بشيء. فالخبر من هذه الطريق ضعيف الإسناد، ولم أجده عند غير أبي جعفر، والصحيح هو الإسناد السالف. (2) الأثر: 20760 - هذه هي الطريق الثانية، عن سعد بن عبيدة، عن البراء. (2) طريق علقمة بن مرثد، عن سعد بن عبيدة. 1 - طريق شعبة، عن علقمة بن مرثد. رواه أبو جعفر، من ثلاث طرق، هذا أولها، (1) عن وهب بن جرير، عن شعبة، 20760، (2) وعن هشام بن عبد الملك، عن شعبة: 20761. (3) وعن عفان، عن شعبة: 20773. وهاك بيان الطريق الأولى في هذا الخبر. "عبد الله بن إسحاق الناقد الواسطي" ، شيخ الطبري، لم أجد له ترجمة، وقد روى عنه في تاريخ الصحابة (انظر ذيل المذيل تاريخ الطبري 13: 61) . و "وهب بن جرير بن حازم الأزدي" ، الحافظ، روى له الجماعة، مضى برقم: 2858، 4346، 5418، 14157. ولم أجد الخبر فيما بين يدي من طريق وهب بن جرير، عن شعبة. ولكن حديث شعبة، عن علقمة، رواه الأئمة: فرواه أحمد في مسنده 4: 282 عن طريق عفان، عن شعبة، وهو الذي رواه أبو جعفر برقم: 20773. ثم رواه في مسنده 4: 91، من طريق محمد بن جعفر غندر، عن شعبة. وسيأتي في رواية أصحاب الكتب. رواه البخاري في صحيحة (الفتح 3: 184) من طريق حفص بن عمر، عن شعبة، من طريق محمد بن جعفر، غندر، عن شعبة. ثم رواه (الفتح 8:/ 286) ، من طريق أبي الوليد الطيالسي، هشام بن عبد الملك الباهلي، وهو الذي رواه أبو جعفر برقم: 20761، كما سيأتي. ورواه مسلم في صحيحة (17: 204) من طريق محمد بن جعفر، غندر، عن شعبة. ورواه أبو داود في سننه 4: 329. من طريق أبي الوليد الطيالسي، عن شعبة. ورواه النسائي في سننه 4: 101، من طريق محمد بن جعفر غندر، عن شعبة. ورواه الترمذي في سننه في التفسير، من طريق أبي داود الطيالسي، عن شعبة. ورواه ابن ماجه في سننه: 1427 من طريق محمد بن جعفر غندر، عن شعبة. وهو حديث صحيح. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ إبراهيم الحلقة (916) صــ 591 إلى صــ 600 20761 - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا هشام بن عبد الملك قال، حدثنا شعبة قال، أخبرني علقمة بن مرثد قال: سمعت سعد بن عُبيدة، عن البراء بن عازب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن المسلم إذا سئل في القبر فيشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله. قال: فذلك قوله: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ". (1) " 20762 - حدثني الحسين بن سَلَمة بن أبي كَبْشة، ومحمد بن معمر البَحْراني = واللفظ لحديث ابن أبي كبشة = قالا حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو قال، حدثنا عبَّاد بن راشد، عن داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فقال: (1) الأثر: 20761 - هو مكرر الأثر السالف. "هشام بن عبد الملك الباهلي" ، "أبو الوليد الطيالسي" ، روى له الجماعة، مضى مرارًا كثيرة. ومن طريق أبو الوليد، عن شعبة رواه البخاري، وأبو داود، كما سلف في تخريج الذي قبله. وكان في المطبوعة: "إذا سئل في القبر يشهد" ، كما في رواية البخاري، ورواية أبي داود: "فشهد" ، وأثبت ما في المخطوطة، وكل صواب. وكان في المخطوطة هنا "سعيد" ، مكان "شعبة" ، وهو تصحيف فاحش. يا أيها الناس، إن هذه الأمة تبتلى في قُبورها، فإذا الإنسان دُفِن وتفرَّق عنه أصحابه، جاءه ملك بيده مِطْراقٌ فأقعده فقال: ما تقولُ في هذا الرجل؟ فإن كان مؤمنًا قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبدُه ورسوله. فيقول له: صدقْتَ. فيفتح له بابٌ إلى النار فيقال: هذا منزلك لو كفرتَ بربّك، فأما إذْ آمنت به، فإن الله أبدَلك به هذا. ثم يفتح له بابٌ إلى الجنة، فيريد أن ينْهَضَ له، فيقال له: اسكُنْ. ثم يُفْسَح له في قبره. وأما الكافِر أو المنافق فيقال له: ما تقول في هذا الرجل؟ فيقول: ما أدري! فيقال له: لا دَرَيْتَ ولا تَدَرّيتَ ولا اهتديتَ! ثم يفتح له بابٌ إلى الجنة فيقال له: هذا كان منزلك لو آمنت بربك، فأما إذْ كفرت، فإن الله أبدَلك هذا. ثم يفتح له بابٌ إلى النار، ثم يَقْمَعُه المَلَكُ بالمطراق قَمْعَةً يسمعه خَلْقُ الله كُلهم إلا الثقلين. قال، بعضُ أصحابه، يا رسولَ الله، ما مِنَّا أحدٌ يقوم على رأسه مَلَكٌ بيده مِطْراق إلا هِيلَ عند ذلك! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثَّابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويُضِلُّ الله الظالمين ويفعلُ الله ما يشاء) . (1) 20763 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن المنهال، عن زاذان، عن البراء: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وذكر قَبْضَ روح المؤمن: فتُعاد روحُه في جسده، ويأتيه مَلَكان فيجلسانه، يعني في قبره، فيقولان: مَنْ ربُّك؟ فيقول: ربيَ الله. فيقولان: ما دينُك؟ فيقول ديني الإسلام. فيقولان له: ما هذا الرجلُ الذي بُعِث فيكم؟ فيقول: هو رسولُ الله. فيقولان: ما يدرِيك؟ فيقول: قرأت كتابَ الله فآمنت به وصدَّقْتُ. فينادِي مُنادٍ من السماء أنْ صَدَق عبدي. (1) الأثر: 20762 - "الحسين بن سلمة بن إسماعيل بن يزيد بن أبي كبشة الأزدي، الطحان" شيخ الطبري، ثقة، مضى برقم: 17608. وكان في المطبوعة والمخطوطة: "الحسن بن سلمة" ، وهو خطأ. و "محمد بن معمر البحراني" ، شيخ الطبري، ثقة، روى له الجماعة. مضى مرارًا كثيرة آخرها رقم: 16885. و "عبد الملك بن عمرو القيسي" ، و "أبو عامر العقدي" ، ثقة من شيوخ أحمد، مضى مرارًا، آخرها: 17608. و "عباد بن راشد التميمي" ، ثقة، وليس بالقوي، روى له البخاري مقرونًا بغيره، مضى مرارًا، آخرها: 17608 و "داود بن أبي هند" ، ثقة، مضى مرارًا كثيرة. و "أبو نضرة" ، "المنذر بن مالك بن قطعة العبدي" ، تابعي، ثقة، كثير الحديث، مضى مرارًا آخرها رقم: 15797 - 15801. فهذا حديث صحيح الإسناد، رواه أحمد في مسنده 3: 3، عن أبي عامر العقدي، بإسناده. وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 3: 47، وقال: "رواه أحمد والبزار، ورجاله رجال الصحيح" ، وخرجه السيوطي في الدر المنثور 4: 80، وزاد نسبته إلى ابن أبي الدنيا في ذكر الموت، وابن أبي عاصم في السنة، وابن مردويه، والبيهقي في عذاب القبر، وقال: "بسند صحيح عن أبي سعيد الخدري" . وفي لفظ الخبر بعض الخلاف. "المطراق" ، مما لم تذكره كتب اللغة، وهو ثابت، في جميع روايات الخبر، في المواضع التي ذكرتها، وهو صحيح في العربية، ومثله "المطرق" بكسر فسكون، ومضى في الخبر رقم: 2389، و "المطرقة" ،، وهي مضربة الحداد التي يطرق بها الحديد. وقوله: "لا دريت، ولا تدريت" ، هكذا هو في المخطوطة، فأثبته على ذلك، وكان في المطبوعة: "لا دريت ولا تليت" ، كما جاء في جميع المراجع الآنفة. والذي في المخطوطة مكتوب بوضوح، لا أجده سائغا أن يكون الناسخ صحف "تليت" إلى "تدريت" . مع شهرة الخبر. فإن صحت هذه رواية في الخبر رواها أبو جعفر، فإنه تكون "تَفَعَّلَ" من "دَرَى" أي طلبت الدراية، كما تقول "علم" ، وهما سواء في المعنى. وهي جيدة المعنى جدًا. وأما "لا دريت ولا تليت" ، فقد اختلف في معناها. قالوا: هي من "تلوت" أي لا قرأت ولا درست من "تلا يتلو" فقالها بالياء ليعاقب بها "الياء" في "دريت" . وكان يونس يقول: "إنما هو:" ولا أَتليت "في كلام العرب، معناه: أن لا تتلى إبله، أي لا يكون لها أولاد" تتلوها ". وقال غيره:" إنما هو: لا دريت ولا اتَّليت، على افتعلت، من "ألوت" أي أطقت واستطعت، فكأنه قال: لا دريت ولا استطعت ". وقال ابن الأثير:" المحدثون يرون هذا الحديث: ولا تليت، وصوابه: "ولا ائتَليْت" . وقال الزمخشري في الفائق (تلا) ، وذكر الخبر: "أي، ولا اتبعت الناس بأن تقول شيئا يقولونه. ويجوز أن يكون من قولهم:" تلا فلان تِلْوَ غير عاقِل "، إذا عمل عمل الجهال، أي لا علمت ولا جهلت يعني: هلكت فخرجت من القبيلتين." وأحسب أن الذي في التفسير، إن صحت روايته، أبين دلالة على المعنى مما ذهبوا إليه. هذا، وفي رواية الخبر عند جمعهم زيادة في هذا الموضع: "فيقول: لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئًا" . وهذه رواية أحمد. قال: فذلك قول الله عز وجل (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) . (1) 20764 - حدثني أبو السائب قال، حدثنا أبو معاوية قال، حدثنا الأعمش، عن المنهال، عن زاذان، عن البراء، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، بنحوه. (2) 20765 - حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا حدثنا جرير، عن الأعمش، عن المنهال، عن زاذان، عن البراء، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، بنحوه. (3) (1) الأثر: 20763 - هذه هي الطريق الثانية، كما ذكرت في التعليق على رقم: 20758. (2) طريق زاذان، عن البراء. رواه أبو جعفر من طريقين مختصرًا. 1 - طريق الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن زاذان. 2 - طريق يونس بن خباب، عن المنهال، عن زاذان. ثم رواه عن الأعمش من خمس طرق: عن أبي بكر بن عياش، عن الأعمش: 20763، وعن أبي معاوية، عن الأعمش: 20764، وعن جرير، عن الأعمش: 20765، وعن ابن نمير، عن الأعمش: 20766، وعن أبي عوانة، عن الأعمش: 20780، 20787. و "المنهال بن عمرو الأسدي" . تكلموا فيه، ووثقه جماعة، ورجح أخي السيد أحمد رحمه الله توثيقه في المسند 714، وفي الطبري: 337. وقال أبو الحسن بن القطان: "كان أبو محمد بن حزم يضعف المنهال، ورد من روايته حديث البراء" ، يعني هذا الحديث، ولم يخرج له البخاري ولا مسلم في الصحيح شيئًا. وروى ابن أبي خيثمة: أن المغيرة، صاحب إبراهيم، (وهو المغيرة بن مقسم الضبي) ، وقف على يزيد بن أبي زياد فقال: ألا تعجب من هذا الأعمش الأحمق، إني نهيته أن يروي عن المنهال بن عمرو، وعن عباية، ففارقني على أن لا يفعل، ثم هو يروي عنهما، نشدتك بالله تعالى، هل كانت تجوز شهادة المنهال على درهمين؟ قال: اللهم لا "، فهذا من أشد ما يقال فيه، ولكنه محمول إن شاء الله على مقالة المتعاصرين، يقول بعضهم في بعض." و "زاذان" ، "أبو عبد الله أو أبو عمر الكندي" الضرير البزار، تابعي ثقة، مضى مرارًا. وقد أفاض أبو عبد الله الحاكم في المستدرك 1: 37 - 40 في جمع طرق هذا الحديث، وجاء بالشواهد من الأخبار على شرط الشيخين، يستدل بها على صحة خبر المنهال، عن زاذان. وزاد الحاكم رواية سفيان، عن الأعمش 1: 38، وهي في المسند 4: 297،، ورواية شعبة، عن الأعمش 1: 38، وفي مسند أحمد رواية زائدة عن الأعمش 4: 288. وزاد أبو جعفر الطبري رواية أبي بكر بن عياش، عن الأعمش في هذا الإسناد، وفيما سلف مختصرًا رقم: 14614. وانظر الكلام على الآثار التالية من هذه الطريق، وما سلف في التعليق على رقم: 14614. وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 3: 49 - 51، وقال: "هو في الصحيح وغيره، باختصار، رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح" (2) الأثر: 20764 - من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، رواه أحمد في المسند 4: 287، والحاكم في المستدرك 1: 37، وأبو داود في سننه 4: 330. (3) 20765 - من طريق جرير، عن الأعمش، رواه أبو داود مختصرًا في سننه 3: 289. 20766 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن نمير قال، حدثنا الأعمش قال، حدثنا المنهال بن عمرو، عن زاذان، عن البراء، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، بنحوه. (1) 20767 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا الحكم بن بشير قال، حدثنا عمرو بن قيس، عن يونس بن خبّاب، عن المنهال، عن زاذان، عن البراء بن عازب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه. (2) 20768 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر = وحدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا سعيد بن منصور قال، حدثنا مهدي بن ميمون = جميعًا، عن يونس بن خباب، عن المنهال بن عمرو، عن زاذان، عن البراء بن عازب قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر قبضَ رُوح المؤمن! قال: فيأتيه آتٍ في قبره فيقول: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول: ربيَ الله، وديني الإسلام، ونبيّي محمد صلى الله عليه وسلم. فينتهره فيقول: مَنْ ربُّك؟ وما دينك؟ فهي آخر فتنة تُعْرَض على المؤمن، فذلك حين يقول الله عز وجل: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) ،، فيقول: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد صلى الله (1) الأثر: 20766 - من طريق عبد الله بن نمير، عن الأعمش، رواه أحمد في المسند 4: 288، وأبو داود في سننه 4: 331، والحاكم في المستدرك 1: 37. (2) الأثر: 20768 - هذه طريق يونس بن خباب، عن المنهال، كما ذكرت في التعليق على رقم: 20763، رواها أبو جعفر من طريق عمرو بن قيس، عن يونس: 20768. ومن طريق معمر، عن يونس: 20769، ومهدي بن ميمون، عن يونس: 20769 أيضًا. و "يونس بن خباب الأسيدي" ، ضعيف جدًا، قال يحيى القطان: "ما تعجبنا الرواية عنه" ، وقال ابن معين: "رجل سوء، وكان يشتم عثمان" . وقال البخاري: "منكر الحديث" ، وقال: ابن حبان: "لا تحل الرواية عنه" . وقال أبو حاتم: "مضطرب الحديث، ليس بالقوي" ، مترجم في التهذيب، والكبير 4/2/404، وابن أبي حاتم 4/2/238، وميزان الاعتدال 3: 337. وهذا حسبك في ضعفه من هذه الطريق. وقد زاد أحمد في مسنده 4: 296، روايته من طريق حماد بن زيد، عن يونس. وزاد الحاكم في المستدرك روايته من طريق شعيب بن صفوان عن يونس. وعباد بن عباد، عن يونس 1: 39. عليه وسلم. فيقال له: صدقت- واللفظ لحديث ابن عبد الأعلى. (1) 20769 - حدثنا محمد بن خَلف العسقلاني قال، حدثنا آدم قال، حدثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال، تلا رسُول الله صلى الله عليه وسلم: (يثبّت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) ، قال: ذاك إذا قيل في القبر: مَنْ ربك؟ وما دينك؟ فيقول: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيّي محمدٌ صلى الله عليه وسلم، جاء بالبينات من عِنْد الله فآمنتُ به وصدَّقت. فيقال له: صَدَقْتَ، على هذا عشت، وعليه مِتَّ، وعليه تُبْعَث. (2) 20770 - حدثنا مجاهد بن موسى، والحسن بن محمد قالا حدثنا يزيد قال، أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال، إن الميت ليسمعَ خَفْقَ نِعالهم حين يُوَلُّون عنه مدبرين. فإذا كان مؤمنًا، كانت الصلاة عند رأسه، والزكاةُ عن يمينه، وكان الصيام عن يساره، وكان فِعْلُ الخيرات من الصّدقة والصِّلة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه، فيؤتَى من عند رأسه فتقول الصلاة: ما قِبَلي مَدخلٌ. فيؤتى عن يمينه فتقول الزكاة: ما قِبَلي مَدخلٌ. فيؤتي عن يساره فيقول الصيام: ما قِبَلي مَدخلٌ. فيؤتى من عند رجليه فيقول فعل الخيرات من الصَّدقة والصِّلة والمعروف والإحسان إلى الناس: ما قِبَلي (1) الأثر: 20768 - مكرر الأثر السالف. وحديث معمر، عن يونس بن خباب، رواه أحمد في المسند 4: 295، والحاكم في المستدرك 1: 39. وحديث مهدي بن ميمون، عن يونس، رواه الحاكم في المستدرك 1: 39. (2) الأثر: 20769 - "محمد بن خلف بن عمار العسقلاني" ، شيخ الطبري، ثقة مضى مرارًا. آخرها رقم: 20633. و "آدم" ، هو "آدم بن أبي إياس العسقلاني" ، ثقة، مضى مرارًا كثيرة، آخرها رقم: 16944. و "حماد بن سلمة" ، ثقة، مضى مرارًا كثيرة. و "محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي" ، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا كثيرة. و "أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري" ، تابعي ثقة، كثير الحديث، مضى مرارًا. فهذا خبر صحيح الإسناد، ولم أجده عند غير أبي جعفر، وخرجه السيوطي في الدر المنثور 4: 81، وزاد نسبته إلى ابن مردويه، وكأنه مختصر الخبر التالي. مدخلٌ. فيقال له: اجلسْ. فيجلسُ، قد تمثّلتْ له الشمس قد دنت للغروب، فيقال له: أخبرنَا عمَّا نسألك. فيقول: دعُوني حتى أصلِّي. فيقال: إنك ستفعل، فأخبرنا عما نسألك عنه! فيقول: وعمَّ تسألون؟ فيقال: أرأيت هذا الرجل الذي كان فِيكم، ماذا تقول فيه، وماذا تشهد به عليه؟ فيقول: أمحمد؟ فيقال له: نعم. فيقول أشهد أنَّه رسول الله، وأنه جَاء بالبينات من عند الله، فصدّقناه. فيقال له: على ذلك حَييتَ، وعلى ذلك، مِتَّ، وعلى ذلك تُبْعث إن شاء الله. ثم يُفْسح له في قبره سبعون ذراعًا ويُنوَّر له فيه، ثم يُفْتح له باب إلى الجنة فيقال له: انظر إلى ما أعدّ الله لك فيها، فيزداد غِبْطَةً وسرورًا، ثم يفتح له باب إلى النار فيقال له: انظر ما صَرَف الله عنك لو عصيتَه! فيزداد غبْطةً وسرورًا. ثمّ يجعل نَسَمُه في النَّسَم الطَّيب، وهي طيْرٌ خُضْرٌ تُعَلَّق بشجر الجنة، ويعاد جسده إلى ما بُدئ منه من التراب، وذلك قول الله تعالى: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) . (1) 20771 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا أبو قطن قال، حدثنا المسعودي، عن عبد الله بن مخارق، عن أبيه، عن عبد الله قال، إنّ المؤمن (1) الأثر: 20770 - لعله مطول الخبر السالف. "مجاهد بن موسى بن فروخ الخوارزمي" ، شيخ الطبري، ثقة، مضى برقم: 510، 3396. و "الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني" ، شيخ الطبري، ثقة، مضى مرارًا آخرها: 20411. و "يزيد" هو "يزيد بن هارون السلمي الواسطي" ، أحد الأعلام الحفاظ المشاهير، مضى مرارًا كثيرة آخرها: 15348. فهذا خبر صحيح الإسناد، أخرجه الحاكم في المستدرك 1: 379 من طريق سعيد بن عامر، عن محمد بن عمرو بن علقمة، ثم من طريق حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو 1: 380، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه" ، وتابعه الذهبي. وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 3: 51، 52، مطولا وقال: "رواه الطبراني في الأوسط، وإسناده حسن" ، ثم قال: "روى البزار طرفًا منه" ، ثم انظر حديثًا آخر عنده عن أبي هريرة 3: 53، 54. وخرجه السيوطي في الدر المنثور 4: 80، وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبه، وهناد بن السري في الزهد، وابن المنذر، وابن حبان، وابن مردويه، والبيهقي. وكان في المطبوعة: "فيجلس قد مثلت له الشمس" ، كما في مجمع الزوائد، والدر المنثور. وفي المستدرك: "فيقعد، وتمثل له الشمس" ، وأثبت ما في المخطوطة. إذا مات أُجْلِس في قبره، فيقال له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيثبّته الله فيقول: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيّي محمد. قال: فقرأ عبد الله: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفى الآخرة) . (1) 20772 - حدثنا الحسن قال، حدثنا أبو خالد القرشي، عن سفيان، عن أبيه = وحدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان، عن أبيه، عن خيثمة، عن البراء، في قوله: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا) ، قال: عذاب القبر. (2) 20773 - حدثنا الحسن قال، حدثنا عفان قال، حدثنا شعبة، عن علقمة بن مرثد، عن سعد بن عبيدة، عن البراء، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، في قول الله تعالى: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) ، قال شعبةُ شيئًا لم أحفظه، قال: في القبر. (3) 20774 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت) ، إلى قوله: (ويضل الله الظالمين) ، قال: إن المؤمن إذا حضَره الموت شهدته الملائكة، فسلموا عليه وبشروه بالجنة، فإذا ماتَ مشَوْا في جنازته (1) الأثر: 20771 - "أبو قطن" "عمرو بن الهيثم الزبيدي القطعي" ، ثقة، مضى مرارًا آخرها رقم: 20599. و "المسعودي" ، هو "عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة المسعودي" ، كان ثقة، واختلط بأخرة، رواية المتقدمين عنه صحيحة، مضى مرارًا، آخرها رقم: 17982. و "عبد الله بن مخارق" ، مشكل أمره جدًا. فقد ترجم له البخاري في الكبير 3/1/208، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 2/2/179، وقالا جميعًا واللفظ هنا لابن أبي حاتم: "عبد الله بن مخارق بن سليم السلمي كوفي، روى عن أبيه مخارق، روى عنه عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، وأبو العميس عتبة بن عبد الله، وعبد الملك بن أبي غنية" ، ثم ذكر ابن أبي حاتم عن يحيى بن معين أنه سئل عن "عبد الله بن مخارق بن سليم فقال: مشهور" . وقال البخاري في ترجمته: "روى سماك، عن قابوس بن مخارق الشيباني، وروى أيضًا سليمان الشيباني، عن مخارق بن سليم الشيباني، فلا أدري ما بينهما" . فشك البخاري في نسبة أبيه أهو "سلمي" أو "شيباني" ، كما ترى. فلما ترجم في فصل "مخارق" ، الكبير 4/1/430 ترجم "مخارق" أبو قابوس، عن علي، روى عنه ابنه قابوس، وهو ابن سليم، قاله ابن طهمان ". ثم ترجم بعده" مخارق بن سليم الشيباني "وقال:" يعد في الكوفيين "، وأغفل" مخارق بن سليم السلمي "، الذي ذكر في ترجمة ابنه" عبد الله بن مخارق بن سليم السلمي "، أنه روى عن أبيه، وهو صحابي، كما هو ظاهر. وكذلك فعل ابن أبي حاتم 4/1/352، اقتصر أيضًا على" مخارق بن سليم الشيباني "، وأغفل" السلمي "الذي ذكره في باب" عبد الله "." وأما الحافظ ابن حجر في التهذيب، وفي الإصابة، فإنه قال: "مخارق بن سليم الشيباني" ، أبو قابوس، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن ابن مسعود، وعمار بن ياسر، وعلي بن أبي طالب. روى عنه ابناه قابوس، وعبد الله. ذكره ابن حبان في الثقات "." فهذا لفظ جامع، يدل على أن "عبد الله بن مخارق" هذا إنما هو "الشيباني" ، وأن "السلمي" ، نسبة لا يكاد يعرف صاحبها، وتزيد أباه في الصحابة جهالة، وهذا مستبعد. و "عبد الله بن مخارق بن سليم الشيباني" ، هو نابغة بني شيبان، الشاعر المشهور، وهو أخو "قابوس بن مخارق بن سليم الشيباني" ، المترجم في التهذيب، وفي الكبير 4/1/193، غير منسوب إلى "شيبان" أو "سليم" وفي ابن أبي حاتم 3/2/145، فيما أرجح. وقد كنت قرأت قديمًا في كتاب غاب عني مكانه اليوم: أن قابوسًا كان شاعرًا، وأن أخاه عبد الله، نابغة بني شيبان، كان محدثًا، ثم رأى أحدهما رؤيا، أو كلاهما، فترك "قابوس" الشعر وطلب الحديث، وترك "عبد الله" الحديث وأخذ في الشعر، فصار نابغة بني شيبان. وقد كان عبد الله بن مخارق نابغة بني شيبان، ينشد الشعر فيكثر، حتى إذا فرغ قبض على لسانه فقال: والله لأسلطن عليك ما يسوءك: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر "(جاء هذا في كتاب المنتقى من أخبار الأصمعي: 6) ، فهذا كأنه مؤيد للرواية التي غاب عني مكانها، وأسأل من وجدها أن يدلني على مكانها." فهذا الخبر مضطرب جدًا، ولكن خرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 3: 54 وقال: "رواه الطبراني في الكبير، وإسناده حسن" ، وخرجه السيوطي في الدر المنثور ونسبه إلى ابن جرير، والطبراني، والبيهقي في عذاب القبر. (2) الأثر: 20772 - هذه هي الطريق الثالثة، لحديث البراء مختصرًا. (3) طريق خيثمة، عن البراء. من طريق واحدة، بإسنادين. 1 - سفيان، عن أبيه، عن خيثمة. أما الأول، فعن "أبي خالد القرشي" ، وهو "عمرو بن خالد القرشي" ، وهو منكر الحديث. كذاب، غير ثقة ولا مأمون، مترجم في التهذيب، والكبير 3/2/328، وابن أبي حاتم 3/1/230 وميزان الاعتدال 2: 286، فهو بإسناد أبي خالد متروك لا يشتغل به. وأما "أبو أحمد" ، فهو الزبيري "محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي" ، ثقة روى له الجماعة مضى مرارًا، آخرها: 20470. و "سفيان" هو الثوري الإمام. وأبوه "سعيد بن مسروق الثوري" ، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا آخرها رقم: 13766. و "خيثمة" ، هو "خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي" ، تابعي ثقة، روى له الجماعة مضى مرارًا آخرها: 11145. ومن طريق سفيان عن أبيه، رواه مسلم في صحيحه (17: 204) ، والنسائي في سننه 4: 101، كلاهما عن عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان. (3) الأثر: 20773 - هو مكرر الأثر السالف: 20760، مع زيادة. و "عفان" ، هو "عفان بن مسلم بن عبد الله الصفار" ، ثقة، من شيوخ أحمد، روى له الجماعة، مضى مرارًا آخرها: 20331. ومن طريق عفان رواه أحمد في المسند 4: 282، كما سلف في تخريج الخبر رقم 20760. ثم صلوا عليه مع الناس، فإذا دفن أجلس في قبره فيقال له: من ربك؟ فيقول: ربّيَ الله. ويقال له: منْ رسولك؟ فيقول: محمد. فيقال له: ما شهادَتُك؟ فيقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله. فيوسَّع له في قبره مَدّ بَصَره (1) . 20775 - حدثنا الحسن قال، حدثنا حجاج قال، قال ابن جريج، سمعت ابن طاوس يخبر عن أبيه قال، لا أعلمه إلا قال: هي في فِتنَةِ القبر، في قوله: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت) . 20776 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير عن العلاء بن المسيب، عن أبيه أنه كان يقول في هذه الآية: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) ، هي في صاحب القبر. 20777 - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن العوّام، عن المسيب بن رافع: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) ، قال: نزلت في صاحب القبر. 20778 - حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا عباد بن العوّام، عن العلاء بن المسيب، عن أبيه المسيَّب بن رافع، نحوه. 20779 - حدثني المثنى قال، أخبرنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن سعد قال، أخبرنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع، في قول الله تعالى: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) ، قال: بلغنا أن هذه الأمة تُسْأل في قبورها، فيثبّت الله المؤمن في قبره حين يُسْأل. 20780 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو ربيعة فَهْدٌ قال، حدثنا أبو عوانة، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن زاذان، عن البراء بن عازب (1) الأثر: 20774 - هذا إسناد ضعيف جدًا، وإن كثر دورانه في التفسير، وسلف بيانه وشرحه في أول التفسير رقم: 305. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ إبراهيم الحلقة (917) صــ 601 إلى صــ حتى الاخير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر قبضَ روح المؤمن، قال: فترجع روحُه في جسده، ويبعث الله إلَيه مَلكين شديدي الانتهار، فيجلسانه وينتهرانه، يقولان: من رَبك؟ قال: فيقول: الله. وما دينك؟ قال: الإسلام. قال: فيقولان له: ما هذا الرجل، أو النبيّ، الذي بُعث فيكم؟ فيقول: محمد رسول الله. قال، فيقولان له: وما يُدْريك؟ قال: فيقول: قرأت كتابَ الله فآمنتُ به وصدّقت! فذلك قول الله: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) (1) . 20781 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) ، قال: نزلت في الميت الذي يُسْأل في قبره عن النبيّ صلى الله عليه وسلم. 20782 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: في قول الله: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) ، قال: بلغنا أن هذه الأمة تُسأل في قبورها، فيثبت الله المؤمنَ حيث يُسْأَل. 20783 - حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا شريك، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في (1) الأثر: 20780 - حديث البراء بن عازب، من طريق زاذان عن البراء، كما سلف في التعليق علي: 20758، ثم من طريق الأعمش، عن المنهال بن عمرو، كما سلف في التعليق على: 20763. "أبو ربيعة" ، "فهد" ، متكلم فيه، كما سلف بيانه رقم: 5623، وقد مضى مرارًا آخرها: 15905. و "أبو عوانة" ، هو "الوضاح بن عبد الله اليشكري" ، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا آخرها: 17010. ومن طريق أبي عوانة، عن الأعمش رواه أبو داود الطيالسي في مسنده مطولا: 102، وقد سلف ما قلناه في هذا الإسناد في شرح الأثر رقم: 20763، وانظر ما سيأتي رقم: 20787، بهذا الإسناد نفسه. الحياة الدنيا) ، قال: هذا في القبر مُخَاطبته، وفي الآخرة مثل ذلك. * * * وقال آخرون: معنى ذلك: يثبت الله الذين آمنوا بالإيمان في الحياة الدنيا، وهو "القول الثابت" = "وفي الآخرة" ، المسألةُ في القبر. * ذكر من قال ذلك: 20784 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا) ، قال: لا إله إلا الله= (وفي الآخرة) ، المسألة في القبر. 20785 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا) ، أما "الحياة الدنيا" فيثبتهم بالخير والعمل الصالح، وقوله (وفي الآخرة) ، أي في القبر. * * * قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك ما ثبتَ به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، وهو أنّ معناه: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا) ، وذلك تثبيته إياهم في الحياة الدنيا بالإيمان بالله وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم = (وفي الآخرة) بمثل الذي ثبَّتهم به في الحياة الدنيا، وذلك في قبورهم حين يُسْألون عن الذي هم عليه من التوحيد والإيمان برسوله صلى الله عليه وسلم. * * * وأما قوله: (ويضلُّ الله الظالمين) ، فإنه يعني، أن الله لا يوفِّق المنافق والكافر في الحياة الدنيا وفي الآخرة عند المُسَاءَلة في القبر، (1) لما هدي له من الإيمان المؤمن بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم (2) . * * * (1) في المطبوعة: "المسألة" ، وكتب في رسم المخطوطة: "المسايلة" ، وهي صحيحة. (2) في المطبوعة قدم وأخر:، "لما هدي له من الإيمان المؤمن بالله" ، وليست بشيء. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 20786 - حدثنا محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قال: أما الكافرُ فتنزل الملائكة إذا حضره الموت، فيبسُطون أيديهم = "والبَسْط" ، هو الضرب = يضربون وجوههم وأدبارَهم عند الموت. فإذا أدْخِل قبره أقعد فقيل له: من ربك؟ فلم يرجِع إليهم شيئًا، وأنساه الله ذكر ذلك. وإذا قيل له: من الرسول الذي بُعِث إليك؟ لم يهتد له، ولم يرجع إليه شيئًا، يقول الله: (ويضل الله الظالمين) (1) . 20787 - حدثني المثنى قال، حدثنا فهْد بن عوف، أبو ربيعة قال، حدثنا أبو عوانة، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن زاذان، عن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذَكَر الكافر حين تُقْبض روحه، قال: فتعاد روحُه في جسده. قال، فيأتيه ملكَان شديدَا الانتهار، فيجلسانه فينتهرانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: لا أدري؟ قال فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: لا أدري، قال: فيقال له: ما هذا النبيّ الذي بُعِث فيكم؟ قال: فيقول: سمعت الناس يقولون ذلك، لا أدري. قال، فيقولان: لا دريتَ. قال: وذلك قول الله: (ويضل الله الظالمين، ويفعل الله ما يشاء) . (2) * * * وقوله: (ويفعل الله ما يشاء) ، يعني تعالى ذكره بذلك: وبيدِ الله الهداية والإضلال، فلا تنكروا، أيها الناس، قدرتَه، ولا اهتداءَ من كان منكم ضالا ولا ضلالَ من كان منكم مهتديًا، فإنّ بيده تصريفَ خلقه وتقليبَ قلوبهم، يفعل فيهم ما يشاء. (1) في المطبوعة: "يقول: ويضل الله الظالمين، والصواب ما في المخطوطة." (2) الأثر: 20787 - هذا آخر حديث البراء بن عازب. وانظر التعليق السالف على الأثر: 20780. القول في تأويل قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (29) } يقول تعالى ذكره: ألم تنظر يا محمد (إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا) يقول: غيروا ما أنعم الله به عليهم من نعمه، فجعلوها كُفرا به، وكان تبديلهم نعمة الله كفرا في نبيّ الله محمد صلى الله عليه وسلم، أنعم الله به على قريش، فأخرجه منهم، وابتعثه فيهم رسولا رحمة لهم، ونعمة منه عليهم، فكفروا به، وكذّبوه، فبدّلوا نعمة الله عليهم به كفرا. وقوله: (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) يقول: وأنزلوا قومهم من مُشركي قريش دار البوار، وهي دار الهلاك، يقال منه: بار الشيء يبور بورا: إذا هلك وبطل؛ ومنه قول ابن الزِّبعرى، وقد قيل إنه لأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب: يا رَسُولَ الملِيكِ إِنَّ لِسانِي ... رَاتِقٌ ما فَتَقْتُ إذْ أنا بُورُ (1) ثم ترجم عن دار البوار، وما هي؟ فقيل (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ) يقول: وبئس المستقرّ هي جهنم لمن صلاها. وقيل: إن الذين بدّلوا نعمة الله كفرا: بنو أمية، وبنو مخزوم. * ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن بشار وأحمد بن إسحاق، قالا ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن عليّ بن زيد، عن يوسف بن سعد، عن عمر بن الخطاب، في قوله: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ) قال: هما الأفجران من قريش: بنو المغيرة، وبنو أمية، فأما بنو المغيرة فكفيتموهم يوم بدر؛ وأما بنو أمية فمتِّعوا إلى حين. (1) البيت (في اللسان: بور) منسوب إلى عبد الله بن الزبعري السهمي قال: رجل بور، وكذلك الاثنان والجمع والمؤنث، وأنشد البيت شاهدا عليه. وفي سيرة ابن هشام أنشد البيت ونسبه إلى ابن الزبعري، قاله من أبيات حين قدم على النبي صلى الله عليه وسلم، وكان هاربا منه في نجران. والراتق الذي يصلح ما بلي أو تمزق من الثوب، وفتقت يعني ما أحدث في الدين من مقاومة النبي وهجائه بشعره، وهو إثم يشبه الفتق في الثوب، والتوبة رتق له، وبور هالك: يقال رجل بور وبائر، وهو محل الشاهد عند المؤلف، وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن، "دار البوار" أي الهلاك والفناء، ويقال منه بار يبور، ومنه قول عبد الله ابن الزبعرى البيت. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، قال: أخبرنا حمزة الزيات، عن عمرو بن مرّة، قال: قال ابن عباس لعمر رضي الله عنهما: يا أمير المؤمنين، هذه الآية (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) ؟ قال: هم الأفجران من قريش أخوالي وأعمامك، فأما أخوالي فاستأصلهم الله يوم بدر، وأما أعمامك فأملى اللَّه لهم إلى حين. حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن أبي إسحاق (1) عن عمرو ذي مرّ، عن عليّ (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قال: الأفجران من قريش. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عمرو ذي مرّ، عن عليّ، مثله. حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان وشريك، عن أبي إسحاق، عن عمرو ذي مرّ، عن عليّ، قوله (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قال: بنو المغيرة وبنو أمية، فأما بنو المغيرة، فقطع الله دابرهم يوم بدر، وأما بنو أمية فمُتِّعوا إلى حين. حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت عمرا ذا مرّ، قال: سمعت عليا يقول في هذه الآية (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قال: الأفجران من بني أسد وبني مخزوم. حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا شعبة، عن القاسم بن أبي بزّة، عن أبي الطفيل، عن عليّ، قال: هم كفار قريش. يعني في قوله (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ) . حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن القاسم بن أبي بزّة، عن أبي الطفيل أنه سمع عليّ بن أبي طالب، وسأله ابن الكوّاء عن هذه الآية (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قال: هم كفار قريش يوم بدر. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو النضر هاشم بن القاسم، عن شعبة، (1) لعله هو عمرو بن مرة، كما في ابن كثير في هذا الأثر. عن القاسم بن أبي بزّة، قال: سمعت أبا الطفيل، قال: سمعت عليا، فذكر نحوه. حدثنا أبو السائب، قال: ثنا أبو معاوية، عن إسماعيل بن سميع، عن مسلم البطين، عن أبي أرطأة، عن عليّ في قوله (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا) قال: هم كفَّار قريش، هكذا قال أبو السائب مسلم البطين، عن أبي أرطأة. حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني، قال: ثنا أبو معاوية الضرير، قال: ثنا إسماعيل بن سميع، عن مسلم بن أرطأة، عن عليّ، في قوله تعالى (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا) قال: كفار قريش. حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا يعقوب بن إسحاق، قال: ثنا شعبة، عن القاسم بن أبي بزّة، عن أبي الطفيل، عن عليّ، قال في قول الله (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قال: هم كفار قريش. حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا شعبة، عن القاسم بن أبي بزّة، قال: سمعت أبا الطفيل يحدّث، قال: سمعت عليا يقول في هذه الآية (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قال: كفار قريش يوم بدر. حدثنا الحسن، قال: ثنا الفضل بن دكين، قال: ثنا بسام الصَّيرفيّ، قال: ثنا أبو الطفيل عامر بن واثلة، ذكر أن عليا قام على المنبر فقال: سلوني قبل أن لا تسألوني، ولن تسألوا بعدي مثلي، فقام ابن الكوّاء فقال، من (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) ؟ قال: منافقو قريش. حدثنا الحسن، قال: ثنا محمد بن عبيد، قال: ثنا بسام، عن رجل قد سماه الطنافسيّ، قال: جاء رجل إلى عليّ، فقال: يا أمير المؤمنين: من (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) ؟ قال: في قريش. حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا بسام الصيرفيّ، عن أبي الطفيل، عن عليّ أنه سئل عن هذه الآية (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا) قال: منافقو قريش. حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا عفان، قال: ثنا حماد، قال: ثنا عمرو بن دينار، أن ابن عباس قال في قوله (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قال: هم المشركون من أهل بدر. حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا عبد الجبار، قال: ثنا سفيان، عن عمرو، قال: سمعت عطاء يقول: سمعت ابن عباس يقول: هم والله أهل مكة (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) . حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا صالح بن عمر، عن مطرف بن طريف، عن أبى إسحاق قال: سمعت عمرا ذا مرّ يقول: سمعت عليا يقول على المنبر، وتلا هذه الآية (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) . قال: هما الأفجران من قريش، فأما أحدهما فقطع الله دابرهم يوم بدر، وأما الآخر فمُتِّعوا إلى حين. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى = وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، وحدثنا الحسن، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله (بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا) قال: كفار قريش. حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا عبد الوهاب، عن مجاهد، قال: كفار قريش. حدثنا المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا) كفار قريش. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، قال: سمعت ابن عباس يقول: هم والله (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قريش. أو قال: أهل مكة. حدثنا ابن وكيع وابن بشار، قالا حدثنا غُنْدر، عن شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير في هذه الآية (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قال: قتلى يوم بدر. حدثنا ابن المثنى، قال: حدثني عبد الصمد، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قال: هم كفار قريش. حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى، قالا ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا هشيم، عن حُصَين، عن أبي مالك وسعيد بن جبير، قالا هم قتلى بدر من المشركين. حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس في (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قال: هم والله أهل مكة. قال: أبو كريب: قال سفيان: يعني كفارهم. حدثني المثنى، قال: ثنا الحجاج، قال: ثنا حماد، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، في قوله (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قال: هم المشركون من أهل بدر. حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي إسحاق، عن بعض أصحاب عليّ، عن عليّ، في قوله (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا) قال: هم الأفجران من قريش من بني مخزوم وبني أمية، أما بنو مخزوم فإن الله قطع دابرهم يوم بدر، وأما بنو أمية فمُتِّعوا إلى حين. حدثني المثنى، قال: ثنا معلى بن أسد، قال: أخبرنا خالد، عن حصين، عن أبي مالك، في قول الله (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا) قال: هم القادة من المشركين يوم بدر. حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن حصين، عن أبي مالك وسعيد بن جبير، قالا هم كفار قريش من قُتل ببدر. حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك، قال: هم كفار قريش، من قُتل ببدر. حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك، يقول في قوله (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا) ... الآية، قال: هم مشركو أهل مكة. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة بن الفضل، قال: أخبرني محمد بن إسحاق، عن بعض أصحابه، عن عطاء بن يسار، قال: نزلت هذه الآية في الذين قُتلوا من قريش (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) ... الآية. حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) كنا نحدّث أنهم أهل مكة: أبو جهل وأصحابه الذين قتلهم الله يوم بدر، قال الله: (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ) . حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قال: هم قادة المشركين يوم بدر، أحلوا قومهم دار البوار (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا) . حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قال: هؤلاء المشركون من أهل بدر. وقال آخرون في ذلك، بما حدثني به محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي عن ابن عباس، قوله (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا) فهو جبلة بن الأيهم، والذين اتبعوه من العرب فلحقوا بالروم. وبنحو الذي قلنا في معنى قوله (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قال: أحلوا من أطاعهم من قومهم. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن ابن عباس (دَارَ الْبَوَارِ) قال: الهلاك. قال ابن جريج، قال مجاهد (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قال: أصحاب بدر. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (دَارَ الْبَوَارِ) النار. قال: وقد بَيَّن الله ذلك وأخبرك به، فقال (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ) . حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة (دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا) هي دارهم في الآخرة. القول في تأويل قوله تعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (30) } يقول تعالى ذكره: وجعل هؤلاء الذين بدّلوا نعمة اللَّه كفرا لربهم أندادا، وهي جماع نِدّ، وقد بيَّنت معنى الندّ، فيما مضى بشواهده بما أغنى عن إعادته، وإنما أراد أنهم جعلوا لله شركاء. كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا) والأنداد: الشركاء. وقوله (لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامَّة قرّاء الكوفيين (لِيُضِلُّوا) بمعنى: كي يضلوا الناس عن سبيل الله بما فعلوا من ذلك. وقرأته عامَّة قرّاء أهل البصرة: "ليَضَلُّوا" بمعنى: كي يضلّ جاعلو الأنداد لله عن سبيل الله. وقوله (قُلْ تَمَتَّعُوا) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهم: تمتعوا في الحياة الدنيا وعيدا من الله لهم، لا إباحَة لهم التمتع بها، ولا أمرا على وجه العبادة، ولكن توبيخا وتهددا ووعيدا، وقد بَيَّن ذلك بقوله (فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ) يقول: استمتعوا في الحياة الدنيا، فإنها سريعة الزوال عنكم، وإلى النار تصيرون عن قريب، فتعلمون هنالك غبّ تمتعكم في الدنيا بمعاصي الله وكفركم فيها به. القول في تأويل قوله تعالى: قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ (31) يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم (قُلْ) يا محمد (لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا) بك، وصدّقوا أن ما جئتهم به من عندي (يُقِيمُوا الصَّلاةَ) يقول: قل لهم: فليقيموا الصلوات الخمس المفروضة عليهم بحدودها، ولينفقوا مما رزقناهم، فخوّلناهم من فضلنا سرّا وعلانية، فليؤدّوا ما أوجبت عليهم من الحقوق فيها سرّا وإعلانا (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ) يقول: لا يقبل فيه فدية وعوض من نفس وجب عليها عقاب الله بما كان منها من معصية ربها في الدنيا، فيقبل منها الفدية، وتترك فلا تعاقب. فسمى الله جل ثناؤه الفدية عوضا، إذ كان أخذ عوض من معتاض منه. وقوله (وَلا خِلالٌ) يقول: وليس، هناك مخالة خليل، فيصفح عمن استوجب العقوبة عن العقاب لمخالته، بل هنالك العدل والقسط، فالخلال مصدر من قول القائل: خاللت فلانا فأنا أخاله مخالة وخلالا ومنه قول امرئ القيس: صرفْتُ الهَوَى عَنْهُنَّ مِنْ خَشْيَهِ الرَّدَى ... وَلَسْتُ بِمَقْلِيَ الخِلالِ ولا قالي (1) وجزم قوله (يُقِيمُوا الصَّلاةَ) بتأويل الجزاء، ومعناه: الأمر يراد قل لهم ليقيموا الصلاة. حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس (قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ) يعني الصلوات الخمس (وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً) يقول: زكاة أموالهم. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا هشام، عن عمرو، عن سعيد، عن قتادة، في قوله (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ) قال قتادة: إن الله تبارك وتعالى قد علم أن في الدنيا بيوعا وخلالا يتخالُّون بها في (1) البيت لامرئ القيس (مختار الشعر الجاهلي بشرح مصطفى السقا، طبعة الحلبي ص 40) قال: الردى هنا: الفضيحة، أي لم أنصرف عنهن لأني قليّهن، ولا لأنهن قلينني، ولكن خشية الفضيحة والعار. والخلال هنا: مصدر خاله يخاله خلال ومخالة، بمعنى المصادقة، وبه استشهد المؤلف على هذا المعنى وفي (اللسان: خلل) وقوله تعالى: "لا بيع فيه ولا خلال" : قيل: هو مصدر خالك، وقيل: هو جمع خلة (بضم الخاء) كجلة وجلال، وفي مجاز القرآن لأبي عبيدة: مجازة: مبايعة فدية، ولا مخالة خليل، وله موضع آخر أيضا، تجعله جمع خلة بمنزلة جلة، والجمع: جلال؛ وقلة، والجمع: قلال. الدنيا، فينظر رجل من يخالل وعلام يصاحب، فإن كان لله فليداوم، وإن كان لغير الله فإنها ستنقطع. القول في تأويل قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَأَنزلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأنْهَارَ (32) } يقول تعالى ذكره: الله الذي أنشأ السماوات والأرض من غير شيء أيها الناس، وأنزل من السماء غيثا أحيا به الشجر والزرع، فأثمرت رزقا لكم تأكلونه (وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ) وهي السفن (لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ) لكم تركبونها وتحملون فيها أمتعتكم من بلد إلى بلد (وَسَخَّرَ لَكُمُ الأنْهَارَ) ماؤُها شراب لكم، يقول تعالى ذكره: الذي يستحقّ عليكم العبادة وإخلاص الطاعة له، من هذه صفته، لا من لا يقدر على ضرّ ولا نفع لنفسه ولا لغيره من أوثانكم أيها المشركون وآلهتكم. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى = وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، وحدثنا الحسن بن محمد، يعني الزعفرانيّ، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا ورقاء، وحدثني المثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، وحدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله (وَسَخَّرَ لَكُمُ الأنْهَارَ) قال: بكل بلدة. القول في تأويل قوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33) } يقول تعالى ذكره (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ) وفعل الأفعال التي وصف (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) يتعاقبان عليكم أيها الناس بالليل والنهار، لصلاح أنفسكم ومعاشكم (دَائِبَيْنِ) في اختلافهما عليكم. وقيل: معناه: أنهما دائبان في طاعة الله. حدثنا خلف بن واصل، عن رجل، عن مقاتل بن حيان، عن عكرمة، عن ابن عباس، في قوله (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ) قال: دءوبهما في طاعة الله. وقوله (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) يختلفان عليكم باعتقاب، إذا ذهب هذا جاء هذا بمنافعكم وصلاح أسبابكم، فهذا لكم لتصرّفكم فيه لمعاشكم، وهذا لكم للسكن تسكنون فيه، ورحمة منه بكم. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السابع عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ إبراهيم الحلقة (918) صــ 14 إلى صــ 25 القول في تأويل قوله تعالى: {وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34) } يقول تعالى ذكره: وأعطاكم مع إنعامه عليكم بما أنعم به عليكم من تسخير هذه الأشياء التي سخرها لكم والرزق الذي رزقكم من نبات الأرض وغروسها من كل شيء سألتموه، ورغبتم إليه شيئا، وحذف الشيء الثاني اكتفاء بما التي أضيفت إليها كلّ، وإنما جاز حذفه، لأن من تُبعِّض ما بعدها، فكفت بدلالتها على التبعيض من المفعول، فلذلك جاز حذفه، ومثله قوله تعالى: (وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) يعني به: وأوتيت من كل شيء في زمانها شيئا، وقد قيل: إن ذلك إنما قيل على التكثير، نحو قول القائل: فلان يعلم كل شيء، وأتاه كل الناس، وهو يعني بعضهم، وكذلك قوله (فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ) . وقيل أيضا: إنه ليس شيء إلا وقد سأله بعض الناس، فقيل (وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ) أي قد أتى بعضكم منه شيئا، وأتى آخر شيئا مما قد سأله. وهذا قول بعض نحويّي أهل البصرة. وكان بعض نحويِّي أهل الكوفة يقول: معناه: وآتاكم من كلّ ما سألتموه لو سألتموه، كأنه قيل: وآتاكم من كلّ سؤلكم، وقال: ألا ترى أنك تقول للرجل، لم يسألك شيئا: والله لأعطينك سُؤْلك ما بلغت مسألتك، وإن لم يسأل. فأما أهل التأويل، فإنهم اختلفوا في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: وآتاكم من كلّ ما رغبتم إليه فيه. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء، وحدثني الحسن بن محمد، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد (مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ) ورغبتم إليه فيه. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، وحدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، وحدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن (وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ) قال: من كلّ الذي سألتموه. وقال آخرون: بل معنى ذلك: وآتاكم من كل الذي سألتموه والذي لم تسألوه. * ذكر من قال ذلك: حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا خلف، يعني ابن هشام، قال: ثنا محبوب، عن داود بن أبي هند، عن رُكانة بن هاشم (مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ) وقال: ما سألتموه وما لم تسألوه. وقرأ ذلك آخرون "وآتاكُمْ مِنْ كُلٍّ ما سألْتُمُوهُ" بتنوين كلّ وترك إضافتها إلى "ما" بمعنى: وآتاكم من كلّ شيء لم تسألوه ولم تطلبوه منه، وذلك أن العباد لم يسألوه الشمس والقمر والليل والنهار. وخلق ذلك لهم من غير أن يسألوه. * ذكر من قال ذلك: حدثني أبو حُصَين، عبد الله بن أحمد بن يونُس، قال: ثنا بَزِيع، عن الضحاك بن مُزاحم في هذه الآية: "وآتاكم من كلّ ما سألتموه" قال: ما لم تسألوه. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا عبيد، عن الضحاك أنه كان يقرأ: "مِنْ كُلَّ ما سألْتُمُوه" ويفسره: أعطاكم أشياء ما سألتموها ولم تلتمسوها، ولكن أعطيتكم برحمتي وسعتي. قال الضحاك: فكم من شيء أعطانا الله ما سألناه ولا طلبناه. حُدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: "وآتاكم من كلّ ما سألتموه" يقول: أعطاكم أشياء ما طلبتموها ولا سألتموها، صدق الله كم من شيء أعطاناه الله ما سألناه إياه ولا خطر لنا على بال. حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: "وآتاكم من كلّ ما سألتموه" قال: لم تسألوه من كلّ الذي آتاكم. والصواب من القول في ذلك عندنا، القراءة التي عليها قرّاء الأمصار، وذلك إضافة "كلّ" إلى "ما" بمعنى: وآتاكم من سؤلكم شيئا. على ما قد بيَّنا قبل، لإجماع الحجة من القرّاء عليها ورفضهم القراءة الأخرى. القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34) } يقول تعالى ذكره: وإن تعدّوا أيها الناس نعمة الله التي أنعمها عليكم لا تطيقوا إحصاء عددها والقيام بشكرها إلا بعون الله لكم عليها. (إِنَّ الإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) يقول: إن الإنسان الذي بدل نعمة الله كفرا لظلوم: يقول: لشاكر غير من أنعم عليه، فهو بذلك من فعله واضع الشكر في غير موضعه، وذلك أن الله هو الذي أنعم عليه بما أنعم واستحق عليه إخلاص العبادة له، فعبد غيره وجعل له أندادا ليضلّ عن سبيله، وذلك هو ظلمه، وقوله (كَفَّارٌ) يقول: هو جحود نعمة الله التي أنعم بها عليه لصرفه العبادة إلى غير من أنعم عليه، وتركه طاعة من أنعم عليه. حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: ثنا مِسْعَر، عن سعد بن إبراهيم، عن طلق بن حبيب، قال: إن حقّ الله أثقل من أن تقوم به العباد، وإن نعم الله أكثر من أن تحصيَها العباد، ولكن أصبِحوا تَوّابين وأمسُوا توّابين. القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36) } يقول تعالى ذكره: (و) اذكر يا محمد (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا) يعني الحَرَم، بلدا آمنا أهله وسكانه (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ) يقال منه: جَنَبْته الشرّ فأنا أَجْنُبُه جَنْبا وجَنَّبته الشر، فأنا أجَنِّبُه تجنيبا، وأجنبته ذلك فأنا أُجْنِبه إجنابا، ومن جَنَبْتُ قول الشاعر: وَتَنْفُضُ مَهْدَهُ شَفَقا عَلَيْه ... وَتَجْنِبُهُ قَلائِصَنا الصِّعابَا (1) ومعنى ذلك: أبعدْني وبنيّ من عبادة الأصنام، والأصنام: جمع صنم، والصنم: هو التمثال المصوّر، كما قال رُؤبة بن العجَّاج في صفة امرأة: وَهْنانَةٌ كالزُّونِ يُجْلَى صَنَمُهْ ... تَضْحَكُ عن أشْنَبَ عَذْبٍ مَلْثَمُهْ (2) وكذلك كان مجاهد يقول: حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حُذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ) قال: فاستجاب الله لإبراهيم دعوته في ولده، قال: فلم يعبد أحد من ولده صنما بعد دعوته. والصنم: التمثال المصوّر، ما لم يكن صنما فهو وثَن، قال: واستجاب الله له، وجعل هذا البلد آمنا، ورزق أهله من الثمرات، وجعله إماما، وجعل من ذرّيته من يقيم الصلاة، وتقبَّل دعاءه، فأراه مناسِكَة، وتاب عليه. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن مغيرة، قال: كان إبراهيم التيميّ يقصُّ ويقول في قَصَصه: من يأمن من البلاء بعد خليل الله إبراهيم، حين يقول: ربّ (اجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ) . وقوله (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ) يقول: يا ربّ إن الأصنام (1) البيت في (مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 342) قال: جنبت الرجل الأمر، وهو يجنب أخاه الشر، وجنبته (بتشديد النون) واحد، وأنشد البيت، وشدده ذو الرمة فقال: وشعر قد أرقت له بليل ... أجنبه المساند والمحالا يريد أن المرأة تشفق على طفلها، فتنفض فراشه خوفا عليه مما يؤذيه، ولا تركب به النوق الفتية، وهي القلائص، لأن نشاطها في السير يؤذيه، وقال الفراء في معاني القرآن، (الورقة 164) أهل الحجاز يقولون: جنبني، خفيفة، وأهل نجد يقولون: أجنبني شره، وجنبني شره. (2) البيت لرؤبة من. أرجوزة له مطلعها: "قلت لزير لم تصله مريمة" ، وقوله "وهنانة" : صفة لأروى في البيت قبله وهو: "إذا حب أروى همه وسدمه" . والزون: الصنم. وملثمة: مقبلة. وقد شبه أروى بالصنم المجلو في البهاء والحسن. والوهنانة كما في اللسان: الكسل عن العمل تنعما. قال أبو عبيدة: الوهنانة التي فيها فترة. أضللن: يقول: أزلن كثيرا من الناس عن طريق الهُدى وسبيل الحق حتى عبدوهنّ، وكفروا بك. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ) يعني الأوثان. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا هشام، عن عمرو، عن سعيد، عن قتادة (إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ) قال: الأصنام. وقوله (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي) يقول: فمن تبعني على ما أنا عليه من الإيمان بك وإخلاص العبادة لك وفراق عبادة الأوثان، فإنه مني: يقول: فإنه مستنّ بسنَّتِي، وعامل بمثل عملي (وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) يقول: ومن خالف أمري فلم يقبل مني ما دعوته إليه، وأشرك بك، فإنه غفور لذنوب المذنبين الخَطائين بفضلك، ورحيم بعبادك تعفو عمن تشاء منهم. كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) اسمعوا إلى قول خليل الله إبراهيم لا والله ما كانوا طَعَّانين ولا لعَّانين، وكان يقال: إنّ من أشرّ عباد الله كلّ طعان لعان، قال نبيّ الله ابن مريم عليه السلام (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) . حدثني المثنى، قال: ثنا أصبغ بن الفرج، قال: أخبرني ابن وهب، قال: ثنا عمرو بن الحارث أن بكر بن سؤادة، حَدثه عن عبد الرحمن بن جُبير، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا قول إبراهيم (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ، وقال عيسى (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) فرفع يديه ثم قال: اللَّهُمَّ أُمَّتِي، اللَّهُمَّ أُمَّتِي، وبكى، فقال اللَّه تعالى: يا جبريل اذهب إلى محمد، وربك أعلم، فاسأله ما يُبكيه؟ فأتاه جبرئيل فسأله، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال، قال: فقال الله: يا جبرئيل اذهب إلى محمد وقل له: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءُك. القول في تأويل قوله تعالى: رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) وقال إبراهيم خليل الرحمن هذا القول حين أسكن إسماعيل وأمه هاجَرَ -فيما ذُكِر- مكة. كما حدثني يعقوب بن إبراهيم والحسن بن محمد قالا ثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب، قال: نبئت عن سعيد بن جبير، أنه حدث عن ابن عباس، قال: إنّ أوّل من سَعى بين الصَّفا والمروة لأمُّ إسماعيل، وإن أوّل ما أحدث نساء العرب جرّ الذيول لمن أمّ إسماعيل، قال: لما فرّت من سارة، أرخت من ذيلها لتعفي أثرها، فجاء بها إبراهيم ومعها إسماعيل حتى انتهى بهما إلى موضع البيت، فوضعهما ثم رجع، فاتبعته، فقالت: إلى أيِّ شيء تكلنا؟ إلى طعام تكلنا؟ إلى شراب تكلنا؟ فجعل لا يردّ عليها شيئا، فقالت: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذن لا يضيعنا. قال: فرجعت ومضى حتى إذا استوى على ثنية كَدَاء، أقبل على الوادي فدعا، فقال (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) قال: ومع الإنسانة شَنَّة فيها ماء، فنفِد الماء فعطشت وانقطع لبنها، فعطش الصبيّ، فنظرت أيّ الجبال أدنى من الأرض، فصَعِدت بالصفا، فتسمعت هل تسمع صوتا أو ترى أنيسا؟ فلم تسمع، فانحدرت، فلما أتت على الوادي سعت وما تريد السعي، كالإنسان المجهود الذي يسعى وما يريد السعي، فنظرت أيّ الجبال أدنى من الأرض، فصَعِدت المروة فتسمعت هل تسمع صوتا، أو ترى أنيسا، فسمعت صوتا، فقالت كالإنسان الذي يكذّب سمعه: صه، حتى استيقنت، فقالت: قد أسمعتني صوتك فأغثني، فقد هلكتُ وهلك من معي، فجاء المَلك فجاء بها حتى انتهى بها إلى موضع زمزم، فضرب بقدمه ففارت عينا، فعجلت الإنسانة فجعلت في شَنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رَحِمَ اللهُ أُمَّ إِسْماعيلَ لَوْلا أنَّها" عَجِلَتْ لَكانَتْ زَمْزَمُ عَيْنا مَعِينا (1) ". وقال لها الملك: لا تخافي الظمأ على أهل هذا البلد، فإنما هي عين لشرب ضِيفان الله، وقال: إن أبا هذا الغلام سيجيء، فيبنيان لله بيتا هذا موضعه، قال: ومرّت رفقة من جرهم تريد الشام، فرأوا الطير على الجبل، فقالوا: إن هذا الطير لعائف على ماء، فهل علمتم بهذا الوادي من ماء؟ فقالوا: لا فأشرفوا فإذا هم بالإنسانة، فأتوها فطلبوا إليها أن ينزلوا معها، فأذنت لهم، قال: وأتى عليها ما يأتي على هؤلاء الناس من الموت، فماتت، وتزوج إسماعيل امرأة منهم، فجاء إبراهيم فسأل عن منزل إسماعيل حتى دُل عليه، فلم يجده، ووجد امرأة له فظة غليظة، فقال لها: إذا جاء زوجك فقولي له: جاء هنا شيخ من صفته كذا وكذا، وإنه يقول لك: إني لا أرضى لك عَتَبة بابك فحوِّلها، وانطلق، فلما جاء إسماعيل أخبرته، فقال: ذلك أبي وأنت عتبة بأبي، فطلقها وتزوّج امرأة أخرى منهم، وجاء إبراهيم حتى انتهى إلى منزل إسماعيل، فلم يجده، ووجد امرأة له سهلة طليقة، فقال لها: أين انطلق زوجك؟ فقالت: انطلق إلى الصيد، قال: فما طعامكم؟ قالت: اللحم والماء، قال: اللهمّ بارك لهم في لحمهم ومائهم، اللهم بارك لهم في لحمهم ومائهم ثلاثا، وقال لها: إذا جاء زوجك فأخبريه، قولي: جاء هنا شيخ من صفته كذا وكذا، وإنه يقول لك: قد رضيت لك عتبة بابك، فأثبتها، فلما جاء إسماعيل أخبرته. قال: ثم جاء الثالثة، فرفعا القواعد من البيت." حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا يحيى بن عباد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: جاء نبيّ الله إبراهيم بإسماعيل وهاجر، فوضعهما بمكة في موضع زمزم، فلما مضى نادته هاجر: يا إبراهيم إنما أسألك ثلاث مرات: من أمرك أن تضعني بأرض ليس فيها ضَرْع ولا زرع، ولا أنيس، ولا زاد ولا ماء؟ قال: ربي أمرني، قالت: فإنه لن يضيِّعنا قال: فلما قفا إبراهيم قال (رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ) يعني من الحزن (وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الأَرْضِ وَلا (1) معينا: جارية سائحة على وجه الأرض. فِي السَّمَاءِ) . فلما ظمئ إسماعيل جعل يَدْحَض الأرض بعقبه، فذهبت هاجر حتى علت الصفا، والوادي يومئذ لاخ، يعني عميق، فصعدت الصفا، فأشرفت لتنظر هل ترى شيئا؟ فلم تر شيئا، فانحدرت فبلغت الوادي، فسعت فيه حتى خرجت منه، فأتت المروة، فصعدت فاستشرفت هل ترى شيئا، فلم تر شيئا. ففعلت ذلك سبع مرّات، ثم جاءت من المروة إلى إسماعيل، وهو يَدْحَض الأرض بعقبه،وقد نبعت العين وهي زمزم. فجعلت تفحص الأرض بيدها عن الماء، فكلما اجتمع ماء أخذته بقدحها، وأفرغته في سقائها. قال: فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: يَرْحَمُها اللهُ لَوْ تَرَكَتْها لَكانَتْ عَيْنا سائِحَةً تَجْرِي إلى يَوْمِ القِيامَةِ ". قال: وكانت جُرهُمُ يومئذ بواد قريب من مكة، قال: ولزمت الطير الوادي حين رأت الماء، فلما رأت جرهم الطير لزمت الوادي، قالوا: ما لزمته إلا وفيه ماء، فجاءوا إلى هاجرَ، فقالوا: إن شئت كنا معك وآنسناك والماء ماؤك، قالت: نعم. فكانوا معها حتى شبّ إسماعيل، وماتت هاجر فتزوّج إسماعيل امرأة منهم، قال: فاستأذن إبراهيم سارة أن يأتي، هاجر، فأذنت له وشرطت عليه أن لا ينزل، فقدم إبراهيم وقد ماتت هاجر، فذهب إلى بيت إسماعيل، فقال لامرأته: أين صاحبك؟ قالت: ليس ههنا ذهب يتصيد، وكان إسماعيل يخرج من الحرم فيتصيد ثم يرجع، فقال إبراهيم: هل عندك ضيافة، هل عندك طعام أو شراب؟ قالت: ليس عندي، وما عندي أحد. فقال إبراهيم: إذا جاء زوجك فأقرئيه السلام وقولي له: فليغير عتبة بابه! وذهب إبراهيم، وجاء إسماعيل، فوجد ريح أبيه، فقال لامرأته: هل جاءك أحد؟ فقالت: جاءني شيخ كذا وكذا، كالمستخفة بشأنه، قال: فما قال لك؟ قالت: قال لي: أقرئي زوجك السلام وقولي له: فليغير عتبة بابه، فطلقها وتزوج أخرى. فلبث إبراهيم ما شاء الله أن يلبث، ثم استأذن سارة أن يزور إسماعيل، فأذنت له، وشرطت عليه أن لا ينزل، فجاء إبراهيم حتى انتهى إلى باب إسماعيل، فقال لامرأته: أين صاحبك؟ قالت: ذهب يصيد، وهو يجيء الآن إن شاء الله، فأنزل يرحمك الله قال لها: هل عندك ضيافة؟ قالت: نعم، قال: هل عندك خبز أو بر أو تمر أو شعير؟ قالت: لا. فجاءت باللبن واللحم، فدعا لهما بالبركة، فلو جاءت يومئذ بخبز أو بر أو شعير أو تمر لكانت أكثر أرض الله برا وشعيرا وتمرا، فقالت له: أنزل حتى أغسل رأسك، فلم ينزل، فجاءته بالمقام فوضعته عن شقه الأيمن، فوضع قدمه عليه، فبقي أثر قدمه عليه، فغسلت شق رأسه الأيمن، ثم حوّلت المقام إلى شقه الأيسر فغسلت شقه الأيسر، فقال لها: إذا جاء زوجك فأقرئيه السلام، وقولي له: قد استقامت عتبة بابك، فلما جاء إسماعيل وجد ريح أبيه، فقال لامرأته: هل جاءك أحد؟ فقالت: نعم، شيخ أحسن الناس وجها وأطيبه ريحا، فقال لي كذا وكذا، وقلت له كذا وكذا، وغسلتُ رأسه، وهذا موضع قدمه على المقام. قال: وما قال لك؟ قالت: قال لي: إذا جاء زوجك فأقرئيه السلام وقولي له: قد استقامت عتبة بابك، قال: ذاك إبراهيم، فلبث ما شاء الله أن يلبث، وأمره الله ببناء البيت، فبناه هو وإسماعيل، فلما بنياه قيل: أذن في الناس بالحجّ، فجعل لا يمرّ بقوم إلا قال: أيها الناس إنه قد بني لكم بيت فحجوه، فجعل لا يسمعه أحد، صخرة ولا شجرة ولا شيء، إلا قال: لبيك اللهم لبيك. قال: وكان بين قوله (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ) وبين قوله (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ) كذا وكذا عاما، لم يحفظ عطاء." حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ) وإنه بيت طهَّره الله من السُّوء، وجعله قبلة، وجعله حَرَمه، اختاره نبيّ الله إبراهيم لولده. حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة (غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) قال: مكة لم يكن بها زرع يومئذ. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرني ابن كثير، قال القاسم في حديثه: قال: أخبرني عمرو بن كثير "قال أبو جعفر" : فغيرته أنا فجعلته: قال أخبرني ابن كثير، وأسقطت عمرا، لأني لا أعرف إنسانًا يقال له عمرو بن كثير حدّث عنه ابن جريج، وقد حدَّث به معمر عن كثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة، وأخشى أن يكون حديث ابن جريج أيضا عن كثير بن كثير، قال: كنت أنا وعثمان بن أبي سليمان في أناس مع سعيد بن جبير ليلا فقال سعيد بن جبير للقوم: سلوني قبل ألا تسألوني، فسأله القوم فأكثروا، وكان فيما سُئل عنه أن قيل له: أحقّ ما سمعنا في المقام، فقال سعيد: ماذا سمعتم؟ قالوا: سمعنا أن إبراهيم رسول الله حين جاء من الشام، كان حلف لامرأته أن لا ينزل مكة حتى يرجع، فقرب له المقام، فنزل عليه، فقال سعيد: ليس كذاك: حدثنا ابن عباس، ولكنه حدثنا حين كان بين أم إسماعيل وسارة ما كان أقبل بإسماعيل، ثم ذكر مثل حديث أيوب غير أنه زاد في حديثه، قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: طَلَبُوا النزولَ مَعَهَا وَقَدْ أَحَبَّتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ الأنْسَ، فَنزلُوا وبَعَثَوُا إلى أَهْلِهِمْ فَقَدِمُوا، وَطَعَامُهُمُ الصَّيْدُ، يَخْرُجُونَ مِنَ الحَرَمِ وَيخْرُجُ إِسْمَاعِيلُ مَعَهُمْ يَتَصَيَّدُ، فَلَمَّا بَلَغَ أَنْكَحُوهُ، وَقَدْ تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ قَبْلَ ذَلكَ ". قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لَمَّا دَعا لَهُما أنْ يُبَارِكَ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ والماء، قال لَهَا هَلْ منْ حَبٍّ أوْ غيرِهِ منَ الطَّعامِ؟ قالَتْ: لا وَلَوْ وَجَدَ يَوْمَئذٍ لَهَا حَبًّا لَدَعا لَهَا بالبَركَةِ فيهِ ". قال ابن عباس: ثم لبث ما شاء الله أن يلبث، ثم جاء فوجد إسماعيل قاعدا تحت دَوْحة إلى ناحية البئر يبرى نبلا له، فسلم عليه ونزل إليه، فقعد معه وقال: يا إسماعيل، إن الله قد أمرني بأمر، قال إسماعيل: فأطع ربك فيما أمرك، قال إبراهيم: أمرني أن أبني له بيتا، قال إسماعيل: ابنِ، قال ابن عباس: فأشار له إبراهيم إلى أكمة بين يديه مرتفعة على ما حولها يأتيها السيل من نواحيها، ولا يركبها. قال: فقاما يحفران عن القواعد يرفعانها ويقولان (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) ربنا تقبل منا إنك سميع الدعاء، وإسماعيل يحمل الحجارة على رقبته، والشيخ إبراهيم يبني. فلما ارتفع البنيان وشق على الشيخ تناوله، قرب إليه إسماعيل هذا الحجَر، فجعل يقوم عليه ويبني، ويحوله في نواحي البيت حتى انتهى، يقول ابن عباس: فذلك مقام إبراهيم وقيامه عليه." حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن شريك، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) قال: أسكن إسماعيل وأمه مكة. حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا شريك، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير (إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) قال: حين وضع إسماعيل. قال أبو جعفر: فتأويل الكلام إذن: ربنا إني أسكنت بعض ولدي بواد غير ذي زرع. وفي قوله صلى الله عليه وسلم دليل على أنه لم يكن هنالك يومئذ ماء، لأنه لو كان هنالك ماء لم يصفه بأنه غير ذي زرع عند بيتك الذي حرّمته على جميع خلقك أن يستحلوه. وكان تحريمه إياه فيما ذكر كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: ذُكر لنا أن عمر بن الخطاب قال في خطبته: إن هذا البيت أوّل من وليه أناس من طسْم، فعصوا ربهم واستحلوا حرمته، واستخفوا بحقه، فأهلكهم الله. ثم وليهم أناس من جُرهم فَعصوا ربهم واستحلوا حرمته واستخفوا بحقه، فأهلكهم الله. ثم وليتموه معاشر قريش، فلا تعصوا ربه، ولا تستحلوا حرمته، ولا تستخفوا بحقه، فوالله لصلاة فيه أحبّ إليّ من مئة صلاة بغيره، واعلموا أن المعاصي فيه على نحو من ذلك. وقال (إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) ولم يأت بما وقع عليه الفعل، وذلك أن حظّ الكلام أن يقال: إني أسكنت من ذريتي جماعة، أو رجلا أو قوما، وذلك غير (1) جائز مع "من" لدلالتها على المراد من الكلام، والعرب تفعل ذلك معها كثيرا، فتقول: قتلنا من بني فلان، وطعمنا من الكلأ وشربنا من الماء، ومنه قول الله تعالى (أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ) . فإن قال قائل: وكيف قال إبراهيم حين أسكن ابنه مكة (إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ) وقد رويت في الأخبار التي ذكرتها أن إبراهيم بنى البيت بعد ذلك بمدة. قيل: قد قيل في ذلك أقوال قد ذكرتها في سورة البقرة، منها أن معناه: عند بيتك المحرّم الذي كان قبل أن ترفعه من الأرض حين رفعته أيام الطوفان، ومنها عند بيتك المحرم من استحلال حرمات الله فيه، والاستخفاف بحقه. وقوله (رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ) يقول: فعلت ذلك (1) يريد أن من إذا كان معناها التبعيض. كما في الآية، لم يجز ذكر المفعول بعدها، لأنها حينئذ بمعنى المفعول، أي أسكنت بعض ذريتي بواد غير ذي زرع. يا ربنا كي تؤدّى فرائضك من الصلاة التي أوجبتها عليهم في بيتك المحرّم. وقوله (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) يخبر بذلك تعالى ذكره عن خليله إبراهيم أنه سأله في دعائه أن يجعل قلوب بعض خلقه تنزع إلى مساكن ذريته الذين أسكنهم بواد غير ذي زرع عند بيته المحرَّم. وذلك منه دعاء لهم بأن يرزقهم حج بيته الحرام. كما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام بن سلم، عن عمرو بن أبي قيس، عن عطاء، عن سعيد بن جبير (أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) ولو قال أفئدة الناس تهوي إليهم لحجت اليهود والنصارى والمجوس، ولكنه قال: أفئدة من الناس تهوي إليهم فهم المسلمون. حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) قال: لو كانت أفئدة الناس لازدحمت عليه فارس والروم، ولكنه أفئدة من الناس. حدثنا ابن حميد وابن وكيع، قالا ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) قال: لو قال: أفئدة الناس تهوي إليهم، لازدحمت عليهم فارس والروم. حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا عليّ، يعني ابن الجعد، قال: أخبرنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، مثله. حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، قال: سألت عكرمة عن هذه الآية (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) فقال: قلوبهم تهوي إلى البيت. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن شعبة، https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...083cc77a21.gif تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السابع عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ إبراهيم الحلقة (919) صــ 26 إلى صــ 36 عن الحكم، عن عكرمة وعطاء وطاوس (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) البيت تهوي إليه قلوبهم يأتونه. حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا يحيى بن عباد، قال: ثنا سعيد، عن الحكم، قال: سألت عطاء وطاوسا وعكرمة، عن قوله (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) قالوا: الحج. حدثنا الحسن، قال: ثنا شبابة وعليّ بن الجعد، قالا أخبرنا سعيد، عن الحكم، عن عطاء وطاوس وعكرمة في قوله (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) قال: هواهم إلى مكة أن يحجوا. حدثني المثنى، قال: ثنا آدم، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، قال: سألت طاوسا وعكرمة وعطاء بن أبي رباح، عن قوله (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) فقالوا: اجعل هواهم الحجّ. حدثنا الحسن، قال: ثنا يحيى بن عباد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لو كان إبراهيم قال: فاجعل أفئدة الناس تهوي إليهم لحجه اليهود والنصارى والناس كلهم، ولكنه قال (أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) . حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) قال: تنزع إليهم. حدثنا الحسن، قال: ثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد، عن قتادة، مثله. حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قالا أخبرنا معمر، عن قتادة، مثله. وقال آخرون: إنما دعا لهم أن يهووا السكنى بمكة. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) قال: إن إبراهيم خليل الرحمن سأل الله أن يجعل أناسا من الناس يَهْوون سكنى أو سَكْن مكة. وقوله (وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ) يقول تعالى ذكره: وارزقهم من ثمرات النبات والأشجار ما رزقت سكان الأرياف والقرى التي هي ذوات المياه والأنهار، وإن كنت أسكنتهم واديا غير ذي زرع ولا ماء. فرزقهم جلّ ثناؤه ذلك. كما حدثنا المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا هشام، قال: قرأت على محمد بن مسلم الطائفي أن إبراهيم لما دعا للحرم (وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ) نقل الله الطائف من فلسطين. وقوله (لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) يقول: ليشكروك على ما رزقتهم وتنعم به عليهم. القول في تأويل قوله تعالى: {رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ (38) } وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن استشهاد خليله إبراهيم إياه على ما نوى وقصد بدعائه وقيله (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ) ... الآية، وأنه إنما قصد بذلك رضا الله عنه في محبته أن يكون ولده من أهل الطاعة لله، وإخلاص العبادة له على مثل الذي هو له، فقال: ربنا إنك تعلم ما تخفي قلوبنا عند مسألتنا ما نسألك، وفي غير ذلك من أحوالنا، وما نعلن من دعائنا، فنجهر به وغير ذلك من أعمالنا، وما يخفى عليك يا ربنا من شيء يكون في الأرض ولا في السماء، لأن ذلك كله ظاهر لك متجل باد، لأنك مدبره وخالقه، فكيف يخفى عليك. القول في تأويل قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (39) } يقول: الحمد لله الذي رزقني على كبر من السنّ ولدا إسماعيل وإسحاق (إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ) يقول: إن ربي لسميع دعائي الذي أدعوه به، وقولي (اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ) وغير ذلك من دعائي ودعاء غيري، وجميع ما نطق به ناطق لا يخفى عليه منه شيء. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن فضيل، عن ضرار بن مرّة، قال: سمعت شيخا يحدّث سعيد بن جبير، قال: بُشر إبراهيم بعد سبع عشرة ومئة سنة. القول في تأويل قوله تعالى: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) } يقول: ربّ اجعلني مؤدّيا ما ألزمتني من فريضتك التي فرضتها عليّ من الصلاة. (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) يقول: واجعل أيضا من ذريتي مقيمي الصلاة لك. (رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ) يقول: ربنا وتقبل عملي الذي أعمله لك وعبادتي إياك. وهذا نظير الخبر الذي رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنَّ الدُّعاءَ هُوَ العبادَةُ" ثم قرأ (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) . القول في تأويل قوله تعالى: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41) } وهذا دعاء من إبراهيم صلوات الله عليه لوالديه بالمغفرة، واستغفار منه لهما. وقد أخبر الله عز ذكره أنه لم يكن (اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) . وقد بيَّنا وقت تبرّئه منه فيما مضى، بما أغنى عن إعادته. وقوله (وَلِلْمُؤْمِنِينَ) يقول: وللمؤمنين بك ممن تبعني على الدين الذي أنا عليه، فأطاعك في أمرك ونهيك. وقوله (يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ) يعني: يقوم الناس للحساب، فاكتفى بذكر الحساب من ذكر الناس، إذ كان مفهوما معناه. القول في تأويل قوله تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ (42) } {مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43) } يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ) يا محمد (غَافِلا) ساهيا (عَمَّا يَعْمَلُ) هؤلاء المشركون من قومك، بل هو عالم بهم وبأعمالهم محصيًا عليهم، ليجزيهم جزاءهم في الحين الذي قد سبق في علمه أن يجزيهم فيه. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا عليّ بن ثابت، عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران في قوله (وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) قال: هي وعيد للظالم وتعزية للمظلوم. القول في تأويل قوله تعالى: {إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43) } يقول تعالى ذكره: إنما يؤخر ربك يا محمد هؤلاء الظالمين الذين يكذّبونك ويجحَدون نبوّتك، ليوم تشخص فيه الأبصار. يقول: إنما يؤخِّر عقابهم وإنزال العذاب بهم، إلى يوم تشخص فيه أبصار الخلق، وذلك يوم القيامة. كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَارُ) شخصت فيه والله أبصارهم، فلا ترتدّ إليهم. وأما قوله (مُهْطِعِينَ) فإن أهل التأويل اختلفوا في معناه، فقال بعضهم: معناه: مسرعين. * ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا هاشم بن القاسم، عن أبي سعيد المؤدّب، عن سالم، عن سعيد بن جبير (مُهْطِعِينَ) قال: النَّسَلان، وهو الخبب، أو ما دون الخبب، شكّ أبو سعيد، يخبون وهم ينظرون. حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة (مُهْطِعِينَ) قال: مسرعين. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (مُهْطِعِينَ) يقول: منطلقين عامدين إلى الداعي. وقال آخرون: معنى ذلك: مديمي النظر. * ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (مُهْطِعِينَ) يعني بالإهطاع: النظر من غير أن يطرف. حدثنا ابن وكيع، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن سعيد بن مسروق، عن أبي الضحى (مُهْطِعِينَ) فقيل: الإهطاع: التحميج الدائم الذي لا يَطْرَف. حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن مغيرة، عن أبي الخير بن تميم بن حَدْلَم، عن أبيه، في قوله (مُهْطِعِينَ) قال: الإهطاع: التحميج. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك (مُهْطِعِينَ) قال: شدة النظر الذي لا يطرف. حدثني المثنى، قال: أخبرنا عمرو، قال: أخبرنا هُشَيم، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله (مُهْطِعِينَ) قال: شدة النظر في غير طَرْف. حُدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (مُهْطِعِينَ) الإهطاع: شدة النظر في غير طَرْف. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا ورقاء، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، وحدثني المثنى، قال: ثنا أبو حُذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (مُهْطِعِينَ) قال: مُديمي النظر. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. وقال آخرون: معنى ذلك: لا يرفع رأسه. * ذكر من قال ذلك: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (مُهْطِعِينَ) قال: المهطع الذي لا يرفع رأسه. والإهطاع في كلام العرب بمعنى الإسراع أشهر منه: بمعنى إدامة النظر، ومن الإهطاع بمعنى الإسراع، قول الشاعر: وبِمُهْطِعٍ سُرُحٍ كأنَّ زِمامَهُ ... في رأسِ جذْعٍ مِنْ أوَال مُشَدَّبِ (1) (1) البيت أنشده ابن بري في (اللسان: أول. ونسبه لأنيف بن جبلة. وروايته فيه: أمَّا إذا اسْتَقْبَلْتَهُ فَكأنَّهُ ... للْعَيْنِ جِذْعٌ مِنْ أوَالَ مُشَدَّبُ وفي معجم ما استعجم للبكري: أول قرية بالبحرين، وقيل جزيرة، فإن كانت قرية فهي من قرى السيف (بكسر السين) يشهد لذلك قول ابن مقبل، وكأنها سفن بسيف أوال. والمهطع: (كما في اللسان) الذي يديم النظر مع فتح العينين. وقيل: الذي يقبل على الشيء ببصره، فلا يرفعه عنه. والمهطع أيضا: المسرع الخائف، لا يكون إلا مع خوف. وقد فسر بالوجهين جميعا قوله تعالى: (مهطعين إلى الداع) أهـ. وقال في سرح: خيل سرح، ناقة سرح في سيرها: أي سريعة، وأورده المؤلف وأبو عبيدة في مجاز القرآن (1 - 342) شاهدا على أن المهطع: المسرع. وقول الآخر: بمُسْتَهطعٍ رَسْلٍ كأنَّ جَدِيلَهُ ... بقَيْدُومِ رَعْنٍ مِنْ صَوَامٍ مُمَنَّعُ (1) وقوله (مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ) يعني رافعي رءوسهم. وإقناع الرأس: رفعه، ومنه قول الشماخ: يُباكِرْنَ العِضَاةَ بمُقْنَعاتٍ ... نَوَاجِذُهُنَّ كالحِدَإِ الوَقيعِ (2) يعني: أنهنّ يباكرن العضاة برؤسهن مرفوعات إليها لتتناول منها، ومنه أيضا قول الراجز: أنْغَضَ نحْوِي رأسَهُ وأقْنَعا ... كأنمَا أبْصَرَ شيْئا أطْمَعا (3) وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ) قال: (1) أورده صاحب أساس البلاغة (هطع) قال: وهو في صفة ثور، وممتع: بالتاء: أي طويل، من الماتع. وفيه "رضام، في محل: صوام. وفي (اللسان: قدم) قال: وقيدوم الجبل: أنف يتقدم منه، وأنشد البيت وقال: صوام (كسحاب) اسم جبل. وقيدوم كل شيء: مقدمه وصدره. والمتهطع: كالمهطع، وهو المسرع، ورسل: سهل فيه لين. والجديل: حبل مفتول من أدم أو شعر، يكون في عنق البعير أو الناقة، والجمع: جدل. والجديل أيضا: الزمام المجدول من أدم. والرعن: أنف الجبل، وصوام (كسحاب) : جبل قاله البكري وصاحب اللسان والممنع بالنون: المرتفع الذي لا يرتقي. وفي مجاز القرآن: الرسل: الذي لا يكلفك شيئا. بقيدوم: قدام. ورعن الجبل: أنفه، وصؤام (بضم الصاد وهمز الواو) لم أجده كذلك، وإنما هو صوام، بفتح الصاد وبالواو، بوزن سحاب." (2) البيت للشماخ بن ضرار (ديوانه ص 56) والرواية فيه: يبادرن في موضع يباكرن، وهما بمعنى. قال شارحه: يبادرن من المبادرة، والعضاه: جمع عضاهة. وهي أعظم الشجر. والمقنعات: جمع مقنع: يريد أفواه الإبل. والنواجذ: أقصى الأضراس. والحدأ: جمع حدأة، وهي فأس ذات رأسين. وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن: (1 - 343) في تفسير "مقنعي رءوسهم" مجازه: رافعي رءوسهم. وأنشد بيت الشماخ ثم قال: أي برءوس مرفوعة إلى العضاه، ليتناولن منه. والعضاه: كل شجرة ذات شوك. ونواجذهن: أضراسهن والحدأ: الفأس، وأراد الذي ليس له خلف، وجمعها: حدأ. والوقيع المرققة المحددة، يقال: وقع حديدتك. والمطرقة يقال لها ميقعة. وفي (اللسان: حدأ) : الحدأ: شبه فاس تنقر به الحجارة، وهو محدد الطرف. والحدأة: الفأس ذات الرأسين، والجمع حدأ، كقصبة وقصب، وقال: شبه أسنانها بفئوس قد حددت. (3) أنغض رأسه: حركة كالمتعب. وأقنعه: رفعه. يقول: هز رأسه نحوي، ورفعه يتأملني كما يتأمل شيئا فيه مطمع له. وهو كالذي قبله شاهد على أن الإقناع: هو الرفع. الإقناع: رفع رءوسهم. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحسين بن محمد، قال: ثنا ورقاء، وقال الحسن، قال: ثنا ورقاء، وحدثني المثنى، قال: ثنا أبو حُذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله (مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ) قال: رافعيها. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد مثله. حدثنا أبو كريب، قال: ثنا أبو بكر، عن أبي سعد، قال: قال الحسن: وجوه الناس يوم القيامة إلى السماء لا ينظر أحد إلى أحد. حدثني المثنى، قال: ثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن عثمان بن الأسود، أنه سمع مجاهدا يقول في قوله (مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ) قال: رافع رأسه هكذا، (لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ) . حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن جويبر عن الضحاك، في قوله (مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ) قال: رافعي رءوسهم. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ) قال: الإقناع رفع رءوسهم. حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة (مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ) قال: المقنع الذي يرفع رأسه شاخصا بصره لا يطرف. حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول، في قوله (مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ) قال: رافعيها. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ) قال: المقنع الذي يرفع رأسه. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك (مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ) قال: رافعي رءوسهم. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا هاشم بن القاسم، عن أبي سعيد، عن سالم، عن سعيد (مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ) قال: رافعي رءوسهم. وقوله (لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ) يقول: لا ترجع إليهم لشدّة النظر أبصارهم. كما حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله (لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) قال: شاخصة أبصارهم. وقوله (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) اختلف أهل التأويل في تأويله، فقال بعضهم: معناه: متخرقه لا تعي من الخير شيئا. حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن مرّة، في قوله (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) قال: متخرقة لا تعي شيئا. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا مالك بن مغول، عن أبي إسحاق، عن مرّة بمثل ذلك. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مرّة، مثله. حدثنا محمد بن عمارة، قال: ثنا سهل بن عامر، قال: ثنا مالك وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مرّة، مثله. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن مرّة (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) قال: متخرقة لا تعي شيئا من الخير. حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا يحيى بن عباد، قال: ثنا مالك، يعني ابن مغول، قال: سمعت أبا إسحاق، عن مرّة إلا أنه قال: لا تعي شيئا. ولم يقل من الخير. حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا شبابة، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مرّة، مثله. حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا مالك بن مغول، وإسرائيل عن أبي إسحاق، عن مرّة (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) قال أحدهما: خربه، وقال الآخر: متخرقة لا تعي شيئا. حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) قال: ليس فيها شيء من الخير فهي كالخربة. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قال: ليس من الخير شيء في أفئدتهم، كقولك للبيت الذي ليس فيه شيء إنما هو هواء. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال ابن زيد في قوله (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) قال: الأفئدة: القلوب هواء كما قال الله، ليس فيها عقل ولا منفعة. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن أبي بكرة، عن أبي صالح (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) قال: ليس فيها شيء من الخير. وقال آخرون: إنها لا تستقرّ في مكان تردّد في أجوافهم. * ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن وكيع وأحمد بن إسحاق، قالا حدثنا أبو أحمد، قال: ثنا شريك، عن سالم، عن سعيد (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) قال: تمور في أجوافهم، ليس لها مكان تستقرّ فيه. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا هاشم بن القاسم، عن أبي سعيد، عن سالم، عن سعيد بنحوه. وقال آخرون: معنى ذلك: أنها خرجت من أماكنها فنشبت بالحلوق. * ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن وكيع وأحمد بن إسحاق، قالا حدثنا أبو أحمد الزبيري، عن إسرائيل، عن سعيد، عن مسروق عن أبي الضحى (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) قال: قد بلغت حناجرهم. حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) قال: هواء ليس فيها شيء، خرجت من صدورهم فنشبت في حلوقهم. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) انتزعت حتى صارت في حناجرهم لا تخرج من أفواههم، ولا تعود إلى أمكنتها. وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب في تأويل ذلك قول من قال: معناه: أنها خالية ليس فيها شيء من الخير، ولا تعقل شيئا، وذلك أن العرب تسمي كلّ أجوف خاو: هواء، ومنه قول حسَّان بن ثابت: ألا أبْلِغْ أبا سُفْيانَ عَنّي ... فأنْتَ مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَوَاءُ (1) ومنه قول الآخر: وَلا تَكُ مِنْ أخْدانِ كُلّ بِراعةٍ ... هَوَاءٍ كَسَقْبِ البانِ جُوفٍ مَكاسِرُهْ (2) القول في تأويل قوله تعالى: {وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ (44) } يقول تعالى ذكره: وأنذر يا محمد الناس الذين أرسلتك إليهم داعيا إلى الإسلام ما هو نازل بهم، يوم يأتيهم عذاب الله في القيامة. (فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا) يقول: فيقول الذين كفروا بربهم، فظلموا بذلك أنفسهم (رَبَّنَا أَخِّرْنَا) أي أخِّر عنا عذابك، وأمهلنا (إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ) الحقّ، فنؤمن بك، ولا نشرك بك شيئا، (وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ) يقولون: ونصدّق رسلك فنتبعهم على ما دعوتنا إليه من طاعتك واتباع أمرك. وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله (وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ) (1) البيت لحسان، كما في الديوان ص 7، وأبو سفيان: هو المغيرة بن الحارث بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وكان يهجو النبي قبل أن يسلم، والمجوف: الخالي الجوف، يريد به الجبان، وكذلك النخب والهواء، وقال في اللسان: النخب: الجبان، كأنه منتزع الفؤاد، أي لا فؤاد له. وقال في هوى: والهواء والخواء واحد. وأورد البيت كرواية المؤلف. (2) البيت في (اللسان: يرع) كرواية المؤلف. ونسبه ابن بري لكعب الأمثال (؟) وقال قبله: البراعة والبراع: الجبان الذي لا عقل له ولا رأي، مشتق من القصب أهـ: أي على التشبيه بالقصب الأجوف، والهواء: الجبان المنتزع الفؤاد. والبان: شجر يسمو ويطول في استواء وليس لخشبة صلابة، والسقب: عمود الخباء، وإذا اتخذ من شجر البان فإنه لا يحتمل لقلة صلابته، وجوف جمع أجوف، والمكاسر: مواضع الكسر، أي إذا كسر بان أنه أجوف ضعيف الاحتمال. قال: يوم القيامة (فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ) قال: مدّة يعملون فيها من الدنيا. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ) يقول: أنذرهم في الدنيا قبل أن يأتيهم العذاب. وقوله (فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا) رفع عطفا على قوله (يَأْتِيهِمُ) في قوله (يَأْتِيهِمُ العَذَابُ) وليس بجواب للأمر، ولو كان جوابا لقوله (وَأَنْذِرِ النَّاسَ) جاز فيه الرفع والنصب. أما النصب فكما قال الشاعر: يا نَاقَ سِيرِي عَنقَا فَسِيحا ... إلى سُلَيْمَانَ فَنَسْتَرِيحا (1) والرفع على الاستئناف. وذُكر عن العلاء بن سيابة أنه كان ينكر النصب في جواب الأمر بالفاء، قال الفراء: وكان العلاء هو الذي علَّم معاذا وأصحابه. القول في تأويل قوله تعالى: {أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44) } وهذا تقريع من الله تعالى ذكره للمشركين من قريش، بعد أن دخلوا النار بإنكارهم في الدنيا البعث بعد الموت، يقول لهم: إذ سألوه رفع العذاب عنهم، وتأخيرهم لينيبوا ويتوبوا (أَوَلَمْ تَكُونُوا) في الدنيا (أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ) يقول: ما لكم من انتقال من الدنيا إلى الآخرة، وإنكم إنما تموتون، ثم لا تبعثون. كما حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قال (أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ) كقوله (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ (1) هذا البيت من شواهد النحويين وهو لأبي النجم العجلي يخاطب ناقته في سيره إلى سليمان بن عبد الملك. وناق: منادي مرخم، أي يا ناقة، وعنقا: منصوب على أنه نائب عن المصدر، أي صفة مصدر محذوف، أي سيراد عنقا، وهو ضرب من سير الدابة والإبل، وهو سير مسيطر، قال أبو النجم ... وأنشد البيت، والفسيح: الواسع. نعت. والشاهد في "فنستريحا" حيث نصب، لأنه جواب الأمر بالفاء، وهذا بلا خلاف إلا ما نقل عن العلاء بن سيابة، أنه كان لا يجيز ذلك، وهو محجوج به. (انظر فرائد القلائد للعيني: باب إعراب الفعل) . وقال الفراء في معاني القرآن: (الورقة 164) ، وقوله "يأتيهم العذاب فيقول" : رفع، تابع ليأتيهم، وليس بجواب الأمر، ولو كان جوابا لجاز نسبه ورفعه، كما قال الشاعر: يا ناق.... البيت. والرفع عن الاستئناف والأتناف بالفاء في جواب الأمر حسن. وكان شيخ لنا يقال له العلاء بن سيابة، وهو الذي علم معاذا الهراء وأصحابه، يقول: لا أنصب بالأمر. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى) . ثم قال (مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ) قال: الانتقال من الدنيا إلى الآخرة. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء، وحدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا ورقاء، وحدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا سلمة، وحدثني المثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله (مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ) قال: لا تموتون لقريش. حدثني القاسم، قال: ثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن الحكم، عن عمرو بن أبي ليلى أحد بني عامر، قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يقول: بلغني، أو ذُكر لي أن أهل النار ينادون (رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ) فردّ عليهم (أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) ... إلى قوله (لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) . القول في تأويل قوله تعالى: {وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأمْثَالَ (45) } يقول تعالى ذكره: وسكنتم في الدنيا في مساكن الذين كفروا بالله، فظلموا بذلك أنفسهم من الأمم التي كانت قبلكم (وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ) يقول: وعلمتم كيف أهلكناهم حين عتوا على ربهم وتمادوا في طغيانهم وكفرهم (وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأمْثَالَ) يقول: ومثَّلنا لكم فيما كنتم عليه من الشرك بالله مقيمين الأشباه، فلم تنيبوا ولم تتوبوا من كفركم، فالآن تسألون التأخير للتوبة حين نزل بكم ما قد نزل بكم من العذاب، إن ذلك غير كائن. وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) يقول: سكن الناس في مساكن قوم نوح وعاد وثمود، وقرون بين ذلك كثيرة ممن هلك من الأمم. (وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأمْثَالَ) قد والله بعث رسله، وأنزل كتبه، ضرب لكم الأمثال، فلا يصم فيها إلا أصمّ، ولا يخيب فيها إلا الخائب، فاعقلوا عن الله أمره. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ) قال: سكنوا في قراهم مدين والحجر والقرى التي عذب الله أهلها، وتبين لكم كيف فعل الله بهم، وضرب لهم الأمثال. حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد، قوله (الأمْثَالَ) قال: الأشباه. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. القول في تأويل قوله تعالى: {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46) } يقول تعالى ذكره: قد مكر هؤلاء الذين ظلموا أنفسهم، فسكنتم من بعدهم في مساكنهم، مكرهم. وكان مكرهم الذي مكروا ما: حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا يحيى، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا أبو إسحاق، عن عبد الرحمن بن أبان (1) قال: سمعت عليا يقرأ: "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" قال: كان ملك فره (2) أخذ فروخ النسور، فعلفها اللحم حتى شبَّت واستعلجت واستغلظت. فقعد هو وصاحبه في التابوت وربطوا التابوت بأرجل النسور، وعلقوا اللحم فوق التابوت، فكانت كلما نظرت إلى اللحم صعدت وصعدت، فقال لصاحبه: ما ترى؟ قال: أرى الجبال (1) سيأتي (ص 345) أن اسمه عبد الرحمن بن دانيل، وقد نقل هذا الاسم القرطبي في تفسيره (9: 380) ولم أجده في أسماء الرواة، ولعل لفظتي "أبان، وواصل" هنا تحريف عن "دانيل" . (2) الفره: البطر الأشر. المتمادي في غيه. مثل الدخان، قالا ما ترى؟ قال: ما أرى شيئا، قال: ويحك صوّب صوّب، قال: فذلك قوله: (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) . حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن واصل (1) عن عليّ بن أبي طالب، مثل حديث يحيى بن سعيد، وزاد فيه: وكان عبد الله بن مسعود يقرؤها: "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" . حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا محمد بن أبي عديّ، عن شعبة، عن أبي إسحاق، قال: ثنا عبد الرحمن بن واصل (2) أن عليا قال في هذه الآية: "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" قال: أخذ ذلك الذي حاجّ إبراهيم في ربه نسرين صغيرين فرباهما، ثم استغلظا واستعلجا وشبَّا، قال: فأوثق رجل كلّ واحد منهما بوتد إلى تابوت، وجوّعهما، وقعد هو ورجل آخر في التابوت، قال: ورفع في التابوت عصا على رأسه اللحم، قال: فطارا، وجعل يقول لصاحبه: انظر ماذا ترى؟ قال: أرى كذا وكذا، حتى قال: أرى الدنيا كأنها ذباب، فقال: صوّب العصا، فصوّبها فهبطا، قال: فهو قول الله تعالى "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" قال أبو إسحاق: وكذلك في قراءة عبد الله "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" . حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" مكر فارس. وزعم أن بختنصر خرج بنسور، وجعل له تابوتا يدخله، وجعل رماحا في أطرافها واللحم فوقها. أراه قال: فعلت تذهب نحو اللحم حتى انقطع بصره من الأرض وأهلها، فنودي: أيها الطاغية أين تريد؟ ففرق: ثم سمع الصوت فوقه، فصوّب الرماح، فتصوّبت النسور، ففزعت الجبال من هدّتها، وكادت الجبال أن تزول منه من حسّ ذلك، فذلك قوله "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" . حدثا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، قال: قال ابن جريج، قال مجاهد: "وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَادَ مَكْرُهُمْ" (1) تقدمت الإشارة إليه في (ص 244) . (2) تقدمت الإشارة إليه في (ص 244) . كذا قرأها مجاهد "كَادَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" وقال: إن بعض من مضى جوّع نسورا، ثم جعل عليها تابوتا فدخله، ثم جعل رماحا في أطرافها لحم، فجعلت ترى اللحم فتذهب، حتى انتهى بصره، فنودي: أيها الطاغية أين تريد؟ فصوّب الرماح، فتصوّبت النسور، ففزعت الجبال، وظنت أن الساعة قد قامت، فكادت أن تزول، فذلك قوله تعالى "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" . قال ابن جريج: أخبرني عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن عمر بن الخطاب، أنه كان يقرأ "وَإِنْ كادَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" . حدثني هذا الحديث أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم بن سلام، قال: ثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، أنه كان يقرأ على نحو: "لَتَزُولُ" بفتح اللام الأولى ورفع الثانية. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن دانيل (1) قال: سمعت عليا يقول: "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" . حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن دانيل (2) قال: سمعت عليا يقول: "وَإِنْ كادَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" قال: ثم أنشأ عليّ يحدّث فقال: نزلت في جبَّار من الجبابرة قال: لا أنتهي حتى أعلم ما في السماء، ثم اتخذ نسورا فجعل يطعمها اللحم حتى غلظت واستعلجت واشتدّت، وذكر مثل حديث شعبة. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو داود الحضرمي، عن يعقوب، عن حفص بن حميد أو جعفر، عن سعيد بن جبير: "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" قال: نمرود صاحب النسور، أمر بتابوت فجعل وجعل معه رجلا ثم أمر بالنسور فاحتمل، فلما صعد قال لصاحبه: أي شيء ترى؟ قال: أرى الماء وجزيرة -يعني الدنيا- ثم صعد فقال لصاحبه: أي شيء ترى؟ قال: ما نزداد من السماء إلا بعدا، قال: اهبط -وقال غيره: نودي- أيها الطاغية أين تريد؟ قال: فسمعت الجبال حفيف النسور، فكانت ترى أنها أمر من السماء، فكادت (1) تقدمت الإشارة إليه في (ص 244) . (2) تقدمت الإشارة إليه في (ص 244) . تزول، فهو قوله: "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" . حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس، أن أنسا كان يقرأ: "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" . وقال آخرون: كان مكرهم: شركهم بالله، وافتراؤهم عليه. * ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنا معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" يقول: شركهم، كقوله (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ) . حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك: "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" قال: هو كقوله (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا) . حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ) ثم ذكر مثله. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، أن الحسن كان يقول: كان أهون على الله وأصغر من أن تزول منه الجبال، يصفهم بذلك. قال قتادة: وفي مصحف عبد الله بن مسعود: "وَإِنْ كادَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" ، وكان قتادة يقول عند ذلك (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا) أي لكلامهم ذلك. حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" قال ذلك حين دعوا لله ولدا. وقال في آية أخرى (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا) . حُدِثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) في حرف ابن مسعود: "وَإِنْ كادَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" هو مثل قوله (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا) . واختلفت القرّاء في قراءة قوله (لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) فقرأ ذلك عامَّة قرّاء الحجاز والمدينة والعراق ما خلا الكسائي (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) بكسر اللام الأولى وفتح الثانية، بمعنى: وما كان مكرهم لتزول منه الجبال. وقرأه الكسائي: "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" بفتح اللام الأولى ورفع الثانية على تأويل قراءة من قرا ذلك: "وَإِنْ كادَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" من المتقدمين الذين ذكرت أقوالهم، بمعنى: اشتدّ مكرهم حتى زالت منه الجبال، أو كادت تزول منه، وكان الكسائي يحدّث عن حمزة، عن شبل عن مجاهد، أنه كان يقرأ ذلك على مثل قراءته "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" برفع تزول. حدثني بذلك الحارث عن القاسم عنه. والصواب من القراءة عندنا، قراءة من قرأه (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) بكسر اللام الأولى وفتح الثانية، بمعنى: وما كان مكرهم لتزول منه الجبال. وإنما قلنا: ذلك هو الصواب، لأن اللام الأولى إذا فُتحت، فمعنى الكلام: وقد كان مكرهم تزول منه الجبال، ولو كانت زالت لم تكن ثابتة، وفي ثبوتها على حالتها ما يبين عن أنها لم تزُل، وأخرى إجماع الحجة من القرّاء على ذلك، وفي ذلك كفاية عن الاستشهاد على صحتها وفساد غيرها بغيره. فإن ظنّ ظانٌّ أن ذلك ليس بإجماع من الحجة إذ كان من الصحابة والتابعين من قرأ ذلك كذلك، فإن الأمر بخلاف ما ظنّ في ذلك، وذلك أن الذين قرءوا ذلك بفتح اللام الأولى ورفع الثانية قرءوا: "وَإِنْ كادَ مَكْرُهُمْ" بالدال، وهي إذا قرئت كذلك، فالصحيح من القراءة مع "وَإِنْ كادَ" فتح اللام الأولى ورفع الثانية على ما قرءوا، وغير جائز عندنا القراءة كذلك، لأن مصاحفنا بخلاف ذلك، وإنما خطَّ مصاحفنا وإن كان بالنون لا بالدال، وإذ كانت كذلك، فغير جائز لأحد تغيير رسم مصاحف المسلمين، وإذا لم يجز ذلك لم يكن الصحاح من القراءة إلا ما عليه قرّاء الأمصار دون من شذ بقراءته عنهم. وبنحو ما قلنا في معنى (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ) قال جماعة من أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) بقول: ما كان مكرهم لتزول منه الجبال. حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، قال: قال الحسن، في قوله (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) ما كان مكرهم لتزول منه الجبال. حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن عوف، عن الحسن، قال: ما كان مكرهم لتزول منه الجبال. حدثني الحارث، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا حجاج، عن هارون، عن يونس وعمرو، عن الحسن (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) قالا وكان الحسن يقول: وإن كان مكرهم لأوهن وأضعف من أن تزول منه الجبال. - قال: قال هارون: وأخبرني يونس، عن الحسن قال: أربع في القرآن (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) ما كان مكرهم لتزول منه الجبال، وقوله (لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ) ما كنا فاعلين، وقوله (إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ) ما كان للرحمن ولد، وقوله (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ) ما مكناكم فيه. قال هارون: وحدثني بهنّ عمرو بن أسباط، عن الحسن، وزاد فيهنّ واحدة (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ) ما كنت في شكّ (مِمَّا أَنزلْنَا إِلَيْكَ) . فالأولى من القول بالصواب في تأويل الآية، إذ كانت القراءة التي ذكرت هي الصواب لما بيَّنا من الدلالة في قوله (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) وقد أشرك الذين ظلموا أنفسهم بربهم وافتروا عليه فريتهم عليه، وعند الله علم شركهم به وافترائهم عليه، وهو معاقبهم على ذلك عقوبتهم التي هم أهلها، وما كان شركهم وفريتهم على الله لتزول منه الجبال، بل ما ضرّوا بذلك إلا أنفسهم، ولا عادت بغية مكروهه إلا عليهم. حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا وكيع بن الجرّاح، قال: ثنا الأعمش، عن شمر، عن عليّ، قال: الغدر: مكر، والمكر كفر. القول في تأويل قوله تعالى: {فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (47) } يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ) الذي وعدهم من كذّبهم، وجحد ما أتَوْهم به من عنده، وإنما قاله تعالى ذكره لنبيه تثبيتا وتشديدا لعزيمته، ومعرّفه أنه منزل من سخطه بمن كذّبه وجحد نبوّته، وردّ عليه ما أتاه به من عند الله، مثال ما أنزل بمن سلكوا سبيلهم من الأمم الذين كانوا قبلهم على مثل منهاجهم من تكذيب رسلهم وجحود نبوّتهم وردّ ما جاءوهم به من عند الله عليهم. وقوله (إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ) يعني بقوله (إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ) لا يمانع منه شيء أراد عقوبته، قادر على كلّ من طلبه، لا يفوتُه بالهَرَب منه. (ذُو انْتِقَامٍ) ممن كفر برسله وكذّبهم، وجحد نبوتهم، وأشرك به واتخذ معه إلها غيره. وأضيف قوله (مُخْلِفَ) إلى الوعد، وهو مصدر، لأنه وقع موقع الاسم، ونصب قوله (رُسُلَهَ) بالمعنى، وذلك أن المعنى: فلا تحسبنّ الله مخلف رسله وعده، فالوعد وإن كان مخفوضا بإضافة "مخلف" إليه، ففي معنى النصب، وذلك أن الإخلاف يقع على منصوبين مختلفين، كقول القائل: كسوت عبد الله ثوبا، وأدخلته دارا؛ وإذا كان الفعل كذلك يقع على منصوبين مختلفين، جاز تقديم أيِّهما قُدّم، وخفضُ ما وَلِيَ الفعل الذي هو في صورة الأسماء، ونصب الثاني، فيقال: أنا مدخلُ عبد الله الدار، وأنا مدخلُ الدَّارِ عبدَ الله، إن قدَّمت الدار إلى المُدْخل وأخرت عبدَ الله خفضت الدار، إذ أضيف مُدْخل إليها، ونُصِب عبد الله؛ وإن قُدّم عبدُ الله إليه، وأخِّرت الدار، خفض عبد الله بإضافة مُدْخلٍ إليه، ونُصِب الدار؛ وإنما فعل ذلك كذلك، لأن الفعل، أعني مدخل، يعمل في كلّ واحد منهما نصبا نحو عمله في الآخر؛ ومنه قول الشاعر: تَرَى الثَّوْرَ فيها مُدْخِلَ الظِّلِّ رأسَهُ ... وسائرُهُ بادٍ إلى الشَّمْسِ أجْمَعُ (1) أضاف مُدْخل إلى الظلّ، ونصب الرأس، وإنما معنى الكلام: مدخلٌ (1) هذا البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن (الورقة 165) كما استشهد به المؤلف، ولم ينسبه، قال: وقوله "فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله" أضفت مخلف إلى الوعد، ونصبت الرسل على التأويل، وإذا كان الفعل يقع على شيئين مختلفين مثل: كسوتك الثوب، وأدخلتك الدار، فابدأ بإضافة الفعل إلى الرجل، فتقول: هو كاسي عبد الله ثوبا، ومدخله الدار، ويجوز هو كاسي الثوب عبد الله، ومدخل الدار زيدا.. ومثله قول الشاعر: ترى الثور.. البيت، فأضاف مدخل إلى الظن، وكان الوجه أن يضف مدخل إلى الرأس. رأسَه الظلَّ. ومنه قول الآخر: فَرِشْني بِخَيْرٍ لا أكُونَ وَمِدْحَتِي ... كناحِتِ يَوْمٍ صَخْرَةٌ بعَسِيلِ (1) والعسيل: الريشة جُمع بها الطيب، وإنما معنى الكلام: كناحت صخرة يوما بعسيل، وكذلك قول الآخر: رُبَّ ابْنِ عَمٍّ لِسُلَيْمَى مُشْمَعِلْ ... طَبَّاخِ ساعاتِ الكَرَى زَادَ الكَسِلْ (2) وإنما معنى الكلام: طباخ زاد الكَسل ساعات الكَرَى. فأما من قرأ ذلك (فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلُهُ) فقد بيَّنا وجه بُعْدِه من الصحة في كلام العرب في سورة الأنعام، عند قوله (وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ) ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. القول في تأويل قوله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) } يقول تعالى ذكره: إن الله ذو انتقام (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ) من مشركي قومك يا محمد من قريش، وسائر من كفر بالله وجحد نبوّتك ونبوّة رسله من قبلك. فيوم من صلة الانتقام. واختلف في معنى قوله (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) فقال بعضهم: معنى ذلك: يوم تبدّل الأرض التي عليها الناس اليوم في دار الدنيا غير هذه الأرض، فتصير أرضا بيضاء كالفضة. (1) وهذا البيت أيضا من شواهد الفراء (الورقة 165) عطفه على آخر قبله وعطفهما على الأول، ومحل الشاهد فيه: أن الشاعر أضاف ناحت وهو وصف مشبه الفعل إلى يوم، ونصب الصخرة، والأولى إضافة الوصف إلى الصخرة، ونصب يوما على ما قاله القراء. (2) البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن (مصورة الجامعة ص 165) على أن طباخ كان حقه أن يضاف إلى "زاد الكسل" ، فأضافه الشاعر إلى الساعات. والمشمعل: الخفيف الماضي في الأمر المسرع. والكرى: النوم. * ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت عمرو بن ميمون يحدّث، عن عبد الله أنه قال في هذه الآية (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ) قال: أرض كالفضة نقية لم يَسِل فيها دم، ولم يُعْمَل فيها خطيئة، يسمعهم الداعي، وينفُذهُم البصر، حُفاة عُراة قياما،أحسب قال: كما خُلِقوا، حتى يلجمهم العرق قياما وَحْدَه. قال: شعبة: ثم سمعته يقول: سمعت عمرو بن ميمون، ولم يذكر عبد الله ثم عاودته فيه، قال: حدثنيه هبيرة، عن عبد الله. حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا يحيى بن عباد، قال: أخبرنا شعبة، قال: أخبرنا أبو إسحاق، قال: سمعت عمرو بن ميمون وربما قال: قال عبد الله: وربما لم يقل، فقلت له: عن عبد الله؟ قال: سمعت عمرو بن ميمون يقول (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) قال: أرض كالفضة بيضاء نقية، لم يسل فيها دم، ولم يعمل فيها خطيئة، فينفُذهُم البصر، ويسمعهم الداعي، حفاة عُراة كما خُلِقوا، قال: أراه قال: قياما حتى يُلجمهم العرق. حدثنا الحسن، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن ابن مسعود، في قوله (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ) قال: تبدّل أرضا بيضاء نقية كأنها فضة، لم يسفك فيها دم حرام، ولم يُعمَل فيها خطيئة. حدثني المثنى، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: أخبرنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله، في قوله (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) قال: أرض الجنة بيضاء نقية، لم يعمل فيها خطيئة، يسمعهم الداعي، وينفذه البصر، حفاة عراة قياما يلجمهم العرق. حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) قال: أرض بيضاء كالفضة لم يسفك فيها دم حرام، ولم يُعمل فيها خطيئة. حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا يحيى بن عباد، قال: ثنا حماد بن زيد، قال: أخبرنا عاصم بن بَهْدلة، عن زِرّ بن حُبيش، عن عبد الله بن مسعود، أنه تلا هذه الآية (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) قال: يجاء بأرض بيضاء كأنها سبيكة فضة لم يُسْفك فيها دم، ولم يُعمل عليها خطيئة، قال: فأوّل ما يحكم بين الناس فيه في الدماء. حدثنا أبو كريب، قال: ثنا معاوية بن هشام، عن سنان، عن جابر الجُعفيّ، عن أبي جبيرة، عن زيد، قال: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليهود، فقال: هَلْ تَدْرُونَ لِمَ أَرْسَلْتُ إلَيْهِمْ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فإني أرْسَلْتُ إلَيْهِمْ أسألُهُمْ عَنْ قَوْلِ الله (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) إنَّها تَكُونُ يَوْمَئذٍ بَيْضَاءَ مثْلُ الفضَّةِ، فلما جاءوا سألهم. فقالوا: تكون بيضاء مثل النقيّ (1) . حدثنا أبو إسماعيل الترمذي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سنان بن سعد، عن أنس بن مالك، أنه تلا هذه الآية (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) قال: يبدّلها الله يوم القيامة بأرض من فضة لم يُعمل عليها الخطايا، ينزلها الجبَّار تبارك تعالى. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، وحدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) قال: أرض كأنها الفضة، زاد الحسن في حديثه عن شبابة: والسموات كذلك أيضا كأنها الفضة. حدثا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) قال: أرض كأنها الفضة، والسموات كذلك أيضا. حدثنا ابن البرقي، قال: ثنا ابن أبي مريمَ، قال: أخبرنا محمد بن جعفر، قال: ثني أبو حازم، قال: سمعت سهل بن سعد يقول: سمعت رسول الله (1) في اللسان: وفي الحديث: "يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء، كقرصة النقي" قال أبو عبيد: النقي الخبز الحواري. صلى الله عليه وسلم يقول: "يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ القيامَةِ على أرْضٍ بَيْضَاءَ عَفْرَاءَ كَقُرْصةِ النُّقِيّ" . قال سهل أو غيره: ليس فيها معلم لغيره. وقال آخرون: تبدّل نارا. * ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن فضيل، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن قيس بن السَّكن، قال: قال عبد الله: الأرض كلها نار يوم القيامة، والجنة من ورائها ترى أكوابها وكواعبها، والذي نفس عبد الله بيده، إن الرجل ليفيض عرقا، حتى يرشح في الأرض قدمه، ثم يرتفع حتى يبلغ أنفه وما مسه الحساب، فقالوا: مم ذاك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: مما يرى الناس ويلقون. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا أبو سفيان، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: قال عبد الله: الأرض كلها يوم القيامة نار، والجنة من ورائها ترى كواعبها وأكوابها، ويلجم الناس العرق، أو يبلغ منهم العرق، ولم يبلغوا الحساب. وقال آخرون: بل تبدّل الأرض أرضا من فضة. * ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، قال: سمعت المغيرة بن مالك يحدّث عن المجاشع أو المجاشعي، شكّ أبو موسى، عمن سمع عليا يقول في هذه الآية (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) قال: الأرض من فضة، والجنة من ذهب. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن شعبة، عن المغيرة بن مالك، قال: ثني رجل من بني مجاشع، يقال له عبد الكريم،أو ابن عبد الكريم، قال: حدثني هذا الرجل أراه بسمرقند، أنه سمع عليّ بن أبي طالب قرأ هذه الآية (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) قال: الأرض من فضة، والجنة من ذهب. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن شعبة، عن مغيرة بن مالك، عن رجل من بني مجاشع، يقال له عبد الكريم،أو يكنى أبا عبد الكريم، قال: أقامني على رجل بخراسان، فقال: حدثني هذا أنه سمع عليّ بن أبي طالب، فذكر نحوه. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) ... الآية، فزعم أنها تكون فضة. حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سنان بن سعد، عن أنس بن مالك قال: يبدّلها الله يوم القيامة بأرض من فضة. وقال آخرون: يبدّلها خبزة. * ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، قال: ثنا أبو سعد سعيد بن دلّ من صغانيان، قال: ثنا الجارود بن معاذ الترمِذِيّ، قال: ثنا وكيع بن الجرّاح، عن عمر بن بشر الهمداني، عن سعيد بن جبير، في قوله (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) قال: تبدّل خبزة بيضاء يأكل المؤمن من تحت قدميه. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا وكيع، عن أبى معشر، عن محمد بن كعب القرظي، أو عن محمد بن قيس (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) قال: خبزة يأكل منها المؤمنون من تحت أقدامهم. وقال آخرون: تبدّل الأرض غير الأرض. * ذكر من قال ذلك: حدثنا عليّ بن سهل، قال: ثنا حجاج بن محمد، قال: ثنا أبو جعفر، عن الربيع بن أنس، عن كعب في قوله (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ) قال: تصير السماوات جنانا ويصير مكان البحر النار. قال: وتبدل الأرض غيرها. حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربيّ، عن إسماعيل بن رافع المدني، عن يزيد، عن رجل من الأنصار، عن محمد بن كعب القرظي، عن رجل من الأنصار، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ فَيَبْسُطُهَا وَيُسَطِّحهَا وَيَمُدّهَا مَدّ الأدِيم الْعُكَاظِيّ لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا، ثُمَّ يَزْجُر اللَّه الْخَلْق زَجْرَةً وَاحِدَةً" https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...efe9a72437.gif |
الساعة الآن : 02:54 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour