ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=91)
-   -   شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=194121)

ابوالوليد المسلم 16-08-2022 08:31 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
سقوط الإحداد عن الكتابية المتوفى عنها زوجها


شرح حديث أم حبيبة: ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله ورسوله أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال...)


قال المصنف رحمه الله: [ باب سقوط الإحداد عن الكتابية المتوفى عنها زوجها. أخبرنا إسحاق بن منصور حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا الليث حدثني أيوب بن موسى عن حميد بن نافع عن زينب بنت أبي سلمة أن أم حبيبة رضي الله عنهما، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول على هذا المنبر: ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله ورسوله أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال، إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً ) ].
أورد النسائي هذه الترجمة، وهو: سقوط الإحداد عن الزوجة الكتابية، والنسائي فهم من الحديث أن الكتابية ليس عليها إحداد، وذلك من التعبير: (تؤمن بالله ورسوله)؛ لأن الكتابية لا تؤمن بالرسول صلى الله عليه وسلم، بل هي على دينها، ولا تشهد أن محمداً رسول الله، ففهم النسائي من التعبير بقوله: (تؤمن بالله ورسوله) أن الكتابية -وهي لا تؤمن بالله ورسوله- ليس عليها إحداد؛ وبهذا قال بعض أهل العلم، وعمل النسائي يدل على أنه يرى أن الكتابية لا إحداد عليها، لكن ذهب كثير من أهل العلم إلى أن كل متوفي عنها زوجها عليها الإحداد، ولو كانت كتابية، ويقول: إن ذكر الإيمان بالله واليوم الآخر، إنما المقصود منه أن من يكون كذلك هو الذي يلتزم، وهو الذي يأخذ بالأحكام، وهو الذي ينفذ الأحكام، فالمقصود من ذلك: التغليب، يعني: في قضية الإيمان بالله ورسوله، والإيمان باليوم الآخر، أي: أن شأن المسلم هو الذي يمتثل، لكن لا يعني ذلك: أنه يفهم منه أن الذي لا يؤمن بالرسول صلى الله عليه وسلم، ممن تكون زوجة لمسلم وهي كتابية، أنه لا إحداد عليها، فإن عليها الإحداد، وهذا هو الذي يظهر، وعموم الأدلة الدالة على الإحداد للأزواج منهن الكتابيات، فليس هناك نص يدل على إخراج الكتابية إلا هذا المفهوم، كونها تؤمن بالله ورسوله، لكن المقصود من هذا هو التغليب، وعلى هذا فالإحداد لكل متوفى عنها زوجها، ولو كانت كتابية.

تراجم رجال إسناد حديث أم حبيبة: ( لا يحل لامرأة تحد على ميت فوق ثلاث ليال...)


قوله: [أخبرنا إسحاق بن منصور ].هو إسحاق بن منصور الكوسج، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.
[ عن عبد الله بن يوسف ].
هو عبد الله بن يوسف التنيسي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[ عن الليث ].
هو الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أيوب بن موسى ].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حميد بن نافع ].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زينب بنت أبي سلمة ].
هي ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أم حبيبة ].
هي أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.


مقام المتوفى عنها زوجها في بيتها حتى تحل


شرح حديث الفارعة بنت مالك: (... اجلسي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله)


قال المصنف رحمه الله: [ مقام المتوفى عنها زوجها في بيتها حتى تحل. أخبرنا محمد بن العلاء حدثنا ابن إدريس عن شعبة وابن جريج ويحيى بن سعيد ومحمد بن إسحاق عن سعد بن إسحاق عن زينب بنت كعب عن الفارعة بنت مالك رضي الله عنها: ( أن زوجها خرج في طلب أعلاج فقتلوه، قال شعبة وابن جريج : وكانت في دار قاصية، فجاءت ومعها أخوها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكروا له، فرخص لها، حتى إذا رجعت دعاها فقال: اجلسي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله ) ].
ذكر النسائي هذه الترجمة، وهي: مقام المتوفى عنها زوجها في بيتها حتى تحل، يعني: أن المتوفى عنها زوجها، تبقى في بيت زوجها، وتستمر حتى تحل وتنتهي عدتها، هذا هو المقصود، أو الذي تقتضيه الترجمة، وقد أورد النسائي حديث الفارعة بنت مالك رضي الله عنها، أو الفريعة بنت مالك رضي الله عنها أن زوجها خرج في طلب أعلاج.
أعلاج جمع علج، وهم رجال من العجم يعني: وهم عبيد كما جاء في بعض الروايات أعبد، فقتلوه، يعني: كانوا هربوا ولحق بهم ليبحث عنهم، ولما أدركهم قتلوه، فجاءت تسأل الرسول صلى الله عليه وسلم، وتستأذن أن تنتقل إلى أهلها، فالرسول عليه الصلاة والسلام أذن لها، ولما انصرفت دعاها وقال: (اجلسي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله).
يعني: حتى تنتهي عدتها، وحتى تصل إلى آخر العدة التي هي أربعة أشهر وعشر أو وضع الحمل.

تراجم رجال إسناد حديث الفارعة بنت مالك: (... اجلسي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله)

قوله: [ أخبرنا محمد بن العلاء ].هو محمد بن العلاء أبو كريب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن إدريس ].
هو عبد الله بن إدريس الأودي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن شعبة ].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وابن جريج ].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، فقيه، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ويحيى بن سعيد ].
هو يحيى بن سعيد الأنصاري المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ومحمد بن إسحاق ].
هو محمد بن إسحاق المدني، وهو صدوق، يدلس، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن سعد بن إسحاق ].
هو سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب السنن.
[ عن زينب بنت كعب ].
مقبولة إذا كانت غير صحابية، أخرج لها أصحاب السنن الأربعة
[ عن الفارعة بنت مالك ].
الفارعة، أو الفريعة بنت مالك صحابية، وحديثها أخرجه أصحاب السنن الأربعة.

شرح حديث الفريعة بنت مالك: (... اعتدي حيث بلغك الخبر) من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله: [ أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن يزيد بن محمد عن سعد بن إسحاق عن عمته زينب بنت كعب عن الفريعة بنت مالك رضي الله عنها: ( أن زوجها تكارى علوجاً ليعملوا له فقتلوه، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقالت: إني لست في مسكن له، ولا يجري علي منه رزق؛ أفأنتقل إلى أهلي ويتاماي وأقوم عليهم؟ قال: افعلي، ثم قال: كيف قلت؟ فأعادت عليه قولها، قال: اعتدي حيث بلغك الخبر ) ].أورد النسائي حديث الفريعة من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله إلا أنها فيه شيء زائد، وهي أنها تكون عند أهلها وتقيم معهم، وتكون مع يتاماها، وأنه ليس لها نفقة ولا سكنى، فأذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك دعاها، وقال: (اعتدي حيث بلغك الخبر ) أي: حتى يبلغ الكتاب أجله، يعني: بلغها الخبر وهي في بيتها، وليس معنى ذلك: أي مكان يبلغها الخبر تبقى فيه؛ لأنها قد تكون عند زائرة عند بعض الناس، فلا تبقى عندهم، وإنما المقصود الذي بلغها الخبر وهي في مسكنها، يعني: في مسكنها، وقوله: [ليس لها سكنى] يحتمل أن يكون ليس هناك سكنى مستقلة، بل يمكن أن تكون مع أهله.

تراجم رجال إسناد حديث الفريعة بنت مالك: (... اعتدي حيث بلغك الخبر) من طريق ثانية


قوله: [ أخبرنا قتيبة ].هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الليث ].
وقد مر ذكره.
[ عن يزيد بن أبي حبيب ].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة أيضاً.
[ عن يزيد بن محمد ].
هو يزيد بن محمد بن قيس بن مخرمة المطلبي، وهو ثقة، أخرج له البخاري، وأبو داود، والنسائي.
[ عن سعد بن إسحاق عن عمته زينب بنت كعب عن الفريعة بنت مالك ].
وقد مر ذكرهم، والثلاثة خرج لهم أصحاب السنن الأربعة.

حديث الفريعة بنت مالك: (... امكثي في أهلك حتى يبلغ الكتاب أجله) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله: [ أخبرنا قتيبة حدثنا حماد عن سعد بن إسحاق عن زينب عن فريعة رضي الله عنها: ( أن زوجها خرج في طلب أعلاج له، فقتل بطرف القدوم قالت: فأتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذكرت له النقلة إلى أهلي، وذكرت له حالاً من حالها قالت: فرخص لي، فلما أقبلت ناداني فقال: امكثي في أهلك حتى يبلغ الكتاب أجله ) ].ثم أورد النسائي حديث الفريعة من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.
قوله: [ أخبرنا قتيبة عن حماد ].

حماد هو ابن زيد البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سعد بن إسحاق عن زينب عن فريعة ].
وقد مر ذكرهم.

ابوالوليد المسلم 16-08-2022 08:32 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الطلاق

(456)

- (باب الرخصة للمتوفى عنها زوجها أن تعتد حيث شاءت) إلى (باب الرخصة للحادة أن تمتشط بالسدر)



من توفي عنها زوجها وجب عليها العدة أربعة أشهر وعشراً فيما إذا لم تكن حاملاً، ويجب عليها الإحداد في هذه العدة، وهي ترك الزينة والتجمل، فلا تكتحل، ولا تختضب، ولا تلبس ثوباً مصبوغاً بالعصفر ونحوه لحق الزوج.

الرخصة للمتوفى عنها زوجها أن تعتد حيث شاءت


شرح أثر ابن عباس: (نسخت هذه الآية عدتها في أهلها فتعتد حيث شاءت ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الرخصة للمتوفى عنها زوجها أن تعتد حيث شاءت.أخبرني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم حدثنا يزيد حدثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح قال: عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما: نسخت هذه الآية عدتها في أهلها فتعتد حيث شاءت، وهو قول الله عز وجل: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpg غَيْرَ إِخْرَاجٍ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[البقرة:240] ].
يقول النسائي رحمه الله: الرخصة للمتوفى عنها زوجها أن تعتد حيث شاءت، سبق أن مر أن المتوفى عنها زوجها تعتد وتمكث في بيت زوجها مدة العدة، وقد سبق الحديث بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه أمر المرأة المتوفى عنها زوجها أن تمكث في بيتها حتى يبلغ الكتاب أجله، أي: حتى تصل إلى نهاية العدة، ثم أورد النسائي بعد ذلك هذه الترجمة وهي: الرخصة للمتوفى عنها زوجها أن تعتد حيث شاءت، يعني: سواء في بيت زوجها أو في غير ذلك، وأن الأمر يرجع إليها، وقد أورد في ذلك أثراً عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وهو أن هذه الآية نسخت اعتداد المرأة في أهلها، وذلك في قوله الله عز وجل: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpg غَيْرَ إِخْرَاجٍ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[البقرة:240] ومقصوده من هذا ما بعد هذه الجملة وهي قول الله عز وجل: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpg فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[البقرة:240] يعني: أنهن إن خرجن فلهن ذلك، وبعض أهل العلم قال: إن المقصود من هذا الذي جاء في الآية وهو الترخيص لها في أن تخرج هو ما زاد على أربعة أشهر وعشر؛ لأن الآية جاءت في ذكر الحول http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpg وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[البقرة:240] أي: أنهن يتربصن ويمكثن، أو أنه أوصاهن أن يبقين هذه المدة وأن الأمر يرجع إليهن في الخروج، قال: فمدة الأربعة الأشهر والعشر هذه تمكثها وليس لها الخيار كما جاءت بذلك السنة، وما زاد على ذلك فإن هذا إليها، إذا أرادت أن تخرج فلها ذلك، إن أخذت بالوصية أخذت، وإن لم تأخذ فإن لها أن تخرج وأن تسكن حيث شاءت.
والنسائي رحمه الله أطلق الترجمة، ويفهم منه أن الأمر يرجع إليها مطلقاً في مدة العدة كلها، مدة الأربعة الأشهر، وبعض أهل العلم يقول: إن الأربعة الأشهر والعشر هذه ليس لها الخيار، بل تمكث في بيت زوجها، وما زاد على ذلك إذا خرجت فلا جناح عليها، هذا هو الذي تقتضيه هذه الآية، وهي منسوخة في حق الحول، ولكن بالنسبة للمدة أربعة أشهر وعشر وهي الآية التي قبلها فإنها نسختها، وهي أنها تعتد أربعة أشهر وعشراً ولا تعتد حولاً، ولكن من حيث الوصية في السكنى، فإن الواجب هو سكناها أربعة أشهر وعشر، وما زاد على ذلك إن خرجت فلا جناح عليها.

تراجم رجال إسناد أثر ابن عباس: (نسخت هذه الآية عدتها في أهلها فتعتد حيث شاءت ...)


قوله: [أخبرني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم ].هو المشهور أبوه بـابن علية، وهو ثقة، أخرج له النسائي وحده.
[ عن يزيد ].
هو ابن هارون الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ورقاء ].
هو ورقاء بن عمر اليشكري، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن أبي نجيح ].
هو عبد الله، وهو ثقة، ربما دلس، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وابن أبي نجيح بالفتح، أي: ضبط القلم فقط، لكن في ترجمته ما ضبط بالحروف.
[ عن عطاء ].
هو ابن أبي رباح، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وهم عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو، وهو أحد السبعة المشهورين والمعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.


عدة المتوفى عنها زوجها من يوم يأتيها الخبر


شرح حديث فريعة: (...امكثي في بيتك أربعة أشهر وعشراً حتى يبلغ الكتاب أجله)


قال المصنف رحمه الله: [ عدة المتوفى عنها زوجها من يوم يأتيها الخبر.أخبرنا إسحاق بن منصور حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن سعد بن إسحاق حدثتني زينب بنت كعب حدثتني فريعة بنت مالك أخت أبي سعيد الخدري قالت: ( توفي زوجي بالقدوم فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له أن دارنا شاسعة فأذن لها، ثم دعاها فقال: امكثي في بيتك أربعة أشهر وعشراً حتى يبلغ الكتاب أجله ) ].
ذكر النسائي هذه الترجمة وهي: عدة المتوفى عنها زوجها من يوم يأتيها الخبر.
مقتضى هذه الترجمة، أنها تبدأ بالعدة من حين مجيء الخبر إليها، لكن ليس في الحديث الذي أورده دلالة على هذا، وإنما العدة تبدأ من حين الوفاة، سواء بلغها الخبر أو ما بلغها الخبر، وإذا بلغها الخبر فإنها تحد المدة الباقية إلى نهاية الأربعة أشهر وعشر أو إلى وضع الحمل، ولو لم يأتها الخبر إلا بعد انتهاء العدة، فإنه لا تعتد شيئاً وراء ذلك، بل لو بلغها الخبر بعد مضي أربعة أشهر وعشر، فإنها قد انقضت عدتها، ولا تبدأ بعدة جديدة من حين وصول الخبر إليها، لأنه ليس هناك شيء يقتضيه، والمقصود من ذلك تربص أربعة أشهر وعشراً بعد الوفاة، http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpg وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[البقرة:234] فالتربص إنما هو امتناع عن الزواج، وامتناع عن الزينة مدة العدة حتى يبلغ الكتاب أجله، وهو مضي أربعة أشهر وعشر إن كانت غير حامل، ووضع الحمل إن كانت حاملاً، وعلى هذا فليس هناك دليل يدل على أن الحساب بالنسبة للعدة يبدأ من حين بلوغ الخبر، بل العدة تبدأ من الوفاة، وإذا بلغ الخبر من أول الأمر فكل هذه المدة إحداد مع التربص، وإذا لم يبلغ إلا في أثنائها، فإنها تحد فيما بقي، وإذا بلغ الكتاب أجله الذي هو أربعة أشهر وعشر إن كانت غير حامل، فإنها تكون قد انقضت عدتها، وإن كان الخبر لم يبلغها إلا بعد انقضاء العدة ولا يلزمها أن تمكث أربعة أشهر وعشراً أخرى بعد وفاته على اعتبار أنه مضت أربعة أشهر وعشراً وهو ما بلغها الخبر، فليس هناك شيء يدل على هذا، والحديث الذي أورده النسائي هنا لا يدل على هذه الترجمة.
والحديث الذي أورده حديث فريعة أن زوجها توفي بالقدوم وأنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأمرها أن تمكث في بيتها حتى يبلغ الكتاب أجله، فكانت تستأذن أن تخرج من بيتها، فالرسول صلى الله عليه وسلم أمرها بأن تعتد في بيتها حتى يبلغ الكتاب أجله، فليس فيه دلالة أنها تعتد من حين بلوغ الخبر، بل العدة تبدأ من الوفاة، بلغ الخبر لها ووصلها في وقت مبكر أو تأخر مدة من العدة أو بعد العدة كلها، فإن العدة هي أربعة أشهر وعشر من حين الوفاة وليست من حين بلوغ الخبر.

تراجم رجال إسناد حديث فريعة: (... امكثي في بيتك أربعة أشهر وعشراً حتى يبلغ الكتاب أجله)


قوله: [ أخبرنا إسحاق بن منصور ].هو إسحاق بن منصور الكوسج، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.
[ عن عبد الرحمن ].
هو ابن مهدي البصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سفيان ].
هو ابن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعد بن إسحاق ].
هو سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب السنن الأربعة.
[ عن زينب بنت كعب ].
هي زينب بنت كعب بن عجرة، وهي مقبولة، أخرج حديثها أصحاب السنن الأربعة.
[ عن فريعة بنت مالك ].
صحابية، أخرج حديثها أصحاب السنن الأربعة.


ترك الزينة للحادة المسلمة دون اليهودية والنصرانية


شرح حديث زينب بنت أبي سلمة: ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت...)


قال المصنف رحمه الله: [ ترك الزينة للحادة المسلمة دون اليهودية والنصرانية.أخبرنا محمد بن سلمة والحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع واللفظ له أنبأنا ابن القاسم عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن حميد بن نافع عن زينب بنت أبي سلمة أنها أخبرته بهذه الأحاديث الثلاثة، قالت زينب : ( دخلت على أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي أبوها أبو سفيان بن حرب فدعت أم حبيبة بطيب فدهنت منه جارية ثم مست بعارضيها، ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة، غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً ) ].
[ قالت زينب: ( ثم دخلت على زينب بنت جحش حين توفي أخوها، وقد دعت بطيب ومست منه ثم قالت: والله مالي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً ) ].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: ترك الزينة للحادة المسلمة غير اليهودية والنصرانية، هذه الترجمة المقصود بها هو أن الزوجة المسلمة المتوفى عنها زوجها تبتعد عن الزينة، وهذا هو الإحداد؛ لأن الإحداد هو ترك الزينة مدة العدة، وقال: غير اليهودية والنصرانية، فإنها ليست كالمسلمة وأن لها أن تتزين؛ لأن الحديث جاء فيه ذكر الإيمان بالله واليوم الآخر، وقد سبق أن مر أن الكتابية، أو الذمية يسقط عنها الإحداد، وقد عرفنا فيما مضى أنه ليس هناك دليل يدل على سقوط الإحداد عن الذمية، لأن قوله عليه الصلاة والسلام: تؤمن بالله واليوم الآخر أو تؤمن بالله ورسوله، هذا إشارة إلى أن المسلم هو الذي يبادر وهو الذي ينفذ، لكن لا يعني ذلك، أن غير المسلم لا يخاطب بالأحكام والفروع، فالكفار مخاطبون بفروع الشريعة على القول الصحيح، أي: أنهم مخاطبون بالأصول والفروع، لكن إتيانهم بالفروع مطلوب منهم أن يأتوا قبله بالأصول، وأن يأتوا معه بالأصول، لكن لو فعلوا الأمور التي هي فروع كالصلاة وغيرها فإنها لا تقبل منهم؛ لأنه لا بد أن يسبقها شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفائدة كونهم مكلفين بالفروع مع أنهم لا يثابون عليها لو فعلوها -لأنه لا بد أن يسبقها الإسلام- أنهم يعاقبون على ترك الأصول وعلى ترك الفروع، فيكون لهم زيادة في العذاب على ترك الفروع مع تركهم للأصول، ولهذا فالكفار يتفاوتون في الشر، وبعضهم أشد من بعض، وأسوأ من بعض، كما أن المؤمنين يتفاوتون في الإيمان، وبعضهم أعلى من بعض درجة، فهؤلاء يتفاوتون في الكفر، ويتفاوتون في الشر، وبعضهم أسفل من بعض وبعضهم أنزل من بعض، والكفر دركات بعضه أحط من بعض وأسوأ من بعض، ولهذا يقول الله عز وجل: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/7.jpg الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ العَذَابِ https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/8.jpg[النحل:88] ولهذا فالذي هو كافر ولا يؤذي المسلمين أهون وأخف من الكافر الذي يلحق الأذى بالمسلمين، فهذا يعاقب على كفره وعلى إيذائه، وهذا يعاقب على كفره، كما أن الإيمان درجات بعضه أعلى من بعض، والمؤمنون بعضهم أعلى من بعض في الدرجات وفي الإيمان، وفي ثمرات الإيمان وفي نتائجه في الدار الآخرة، والكفار متفاوتون في ذلك في الدنيا والآخرة.
وعلى هذا فهذا الذي ذكره النسائي في هذه الترجمة كالذي ذكره في الترجمة السابقة في سقوط الإحداد، وليس هناك دليل واضح يدل على هذا إلا ذكر الإيمان بالله واليوم الآخر، وهذا لا يعني: أن الكتابية لا تحد على زوجها، وإنما ذكر الإيمان بالله واليوم الآخر لأن المؤمن هو الذي يمتثل، وهو الذي يرجو الثواب ويخشى العقاب، فذكر الإيمان بالله واليوم الآخر يدفعه إلى أن يمتثل ما أمر به وينتهي عما نهي عنه، ولكن لا يعني ذلك أن هذه الأحكام لا تجري على الكفار وعلى الزوجة الذمية التي زوجها مسلم بحيث لا تحد عليه، بل تحد عليه، والكفار مخاطبون بفروع الشريعة كما ذكرت على القول الراجح من قولي أهل العلم في المسألة، كما أنهم مخاطبون بالأصول، لكن لا تنفعهم الفروع إذا عملوها وهم لم يأتوا بالأصول؛ لأن الله تعالى يقول: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/7.jpg وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/8.jpg[الفرقان:23]، فلا بد من فعل الأصول ولا بد من فعل الفروع، ولكن فعل الفروع وحدها لا ينفع عند الله عز وجل؛ لأن من شرط قبول العمل الصالح للكافر أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
وأم حبيبة رضي الله عنها لما توفي أبوها دعت بطيب وطيبت جارية ومست على عارضيها، يعني: جانبي خدها، وقالت: إنها ليس لها بالطيب من حاجة، يعني: ما قصدها أن تتطيب، ولكن تريد أن تنفذ أو تريد ألا تمسك عن الطيب لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج ).
ثم كما ذكرت ذكر الثلاث لا يعني أن الإحداد ثلاثة أيام أمر مطلوب وأنه لا بد منه، بل هذا بيان للغاية التي لا يجوز تجاوزها، ولو وجد الإحداد قبل ذلك ما هناك شيء يمنع منه، وإنما هو بيان للغاية التي لا يجوز تجاوزها، ولهذا قال: لا يحد فوق ثلاث، أي: أن الثلاث ليست متعينة، ولكن المتعين عدم تجاوزها، فهي أرادت أن تبين أنها لا تفعل كما تفعل الحادة التي توفي عنها زوجها، بل تتطيب.
ثم التطيب بعد ثلاث في حق التي مات عنها ميت غير الزوج، ليس مأموراً به أنها تتطيب بعد الثلاث، ولكن المقصود منها أنها لا تقصد الإحداد هذه المدة؛ لأن الطيب قد لا يكون موجوداً عندها بعد ثلاث، فليست مكلفة بأن تبحث عن طيب وتتطيب بعد ثلاث، ولكن المقصود منها أنها تعزم وتنوي أنها لا تزيد على هذه المدة التي حددها رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الإحداد على غير الزوج.
قوله: [ قالت زينب: ثم دخلت على زينب بنت جحش حين توفي أخوها ].
هذا هو الحديث الثاني من الأحاديث الثلاثة؛ لأنه في أول الحديث قال حميد: حدثتني بالأحاديث الثلاثة، ثم بعدها بالأول فقال: قالت زينب، ثم قال: وقالت زينب، ثم بعد ذلك قال: وقالت زينب، فهي ثلاثة أحاديث إسنادها واحد، أحدها يتعلق بـأم حبيبة، والثاني يتعلق بـزينب بنت جحش، والثالث يتعلق بـأم سلمة.
وهو مثل الذي قبله، فالأول عمل أم حبيبة وهذا عمل زينب بنت جحش وهما من أمهات المؤمنين رضي الله عنهن وأرضاهن وحديث زينب بنت جحش أخرجه أصحاب الكتب الستة.

يتبع



ابوالوليد المسلم 16-08-2022 08:33 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
تراجم رجال إسناد حديث زينب بنت أبي سلمة: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت...)

قوله: [ أخبرنا محمد بن سلمة ].هو المرادي المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[ والحارث بن مسكين ].
ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[ عن ابن القاسم ].
هو عبد الرحمن بن القاسم صاحب الإمام مالك وهو ثقة، أخرج له البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي.
[ عن مالك ].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن أبي بكر ].
هو عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حميد بن نافع ].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زينب ].
هي زينب بنت أم سلمة وهي صحابية ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أم حبيبة ].
هي رملة بنت أبي سفيان أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.

تكملة شرح حديث زينب بنت أبي سلمة: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت...)


قال المصنف رحمه الله: [ وقالت زينب: سمعت أم سلمة تقول: ( جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله! إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفأكحلها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، ثم قال: إنما هي أربعة أشهر وعشر، وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة عند رأس الحول، قال حميد: فقلت لـزينب: وما ترمي بالبعرة عند رأس الحول؟ قالت زينب: كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشاً لبست شر ثيابها ولم تمس طيباً ولا شيئاً حتى تمر بها سنة ثم تؤتى بدابة حمار أو شاة أو طير فتفتض به، فقلما تفتض بشيء إلا مات، ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها وتراجع بعد ما شاءت من طيب أو غيره )، قال مالك: تفتض: تمسح به. في حديث محمد قال مالك: الحفش: الخص ].أورد النسائي الحديث الثالث من الأحاديث الثلاثة وهو حديث أم سلمة وهو يتعلق بقصة المرأة التي جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقالت: إن ابنتها اشتكت عينها وأنها تريد أن تكحلها، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: لا؛ لأن الكحل جمال وزينة يعني: في العينين، وقال: إنما هي أربعة أشهر وعشر، يعني: المدة التي أوجبها الله عز وجل مدة قليلة بالنسبة إلى الذي كان موجوداً في الجاهلية وأن الواحدة من النساء كانت إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشاً، وهو البيت الصغير الضيق ولم تمس طيباً ولا شيء فيه زينة، وبقيت حولاً كاملاً، أي: في ذلك المكان فتكون منتنة، وبعد ذلك تؤتى بشيء تفتض به يعني: تمسح به جسدها، وما حصل مما علق بجسدها في هذه المدة الطويلة في ذلك المكان الضيق مع بعدها عن التزين والنظافة، فقلما تفتض بشيء يعني: تتمسح به، وتدلك به نفسها إلا مات من خبث الرائحة المنتنة التي في جسدها لمكثها هذه المدة الطويلة.
وقوله: [طير أو حمار أو دابة ] يعني: أنها تؤتى بشيء صغير تدلك به جسدها يعني: من هذه الدواب وقلما يسلم ذلك الذي تمسح به من شدة نتن رائحتها لانحباسها هذه المدة الطويلة، ثم تؤتى ببعرة فترمي بها، إشارة إلى أنها انتهت من هذه المدة التي هي مدة حول كامل، وأن ذلك في حق الزوج، وهو سهل عليها كسهولة رميها بهذه البعرة، هذه السنة الكاملة التي انحبست فيها بنتنها وبعدها عن الطيب، فالرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يبين أن الأمر هين بالنسبة لما جاء به الإسلام لما كان موجوداً في الجاهلية من هذه الصفات الذميمة وهذه الهيئات الكريهة والقبيحة.
ثم ذكر بعد ذلك عن الإمام مالك تفسير: تفتض أي: تمسح جسدها يعني: بذلك الحيوان، وأن الحفش هو: الخص وهو كله يراد به البيت الضيق الصغير.
وهذا هو الحديث الثالث من الأحاديث التي روتها زينب بنت أم سلمة أو بنت أبي سلمة رضي الله عنها وأم سلمة هي هند بنت أبي أمية وهي صحابية أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.


ما تجتنب الحادة من الثياب المصبغة


شرح حديث أم عطية: (... ولا تلبس ثوباً مصبوغاً، ولا ثوب عصب، ولا تكتحل، ولا تمتشط ...)


قال المصنف رحمه الله: [ ما تجتنب الحادة من الثياب المصبغة.أخبرنا حسين بن محمد حدثنا خالد حدثنا هشام عن حفصة عن أم عطية أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تحد امرأة على ميت فوق ثلاث إلا على زوج، فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشراً، ولا تلبس ثوباً مصبوغاً، ولا ثوب عصب، ولا تكتحل، ولا تمتشط، ولا تمس طيباً إلا عند طهرها حين تطهر نبذاً من قسط وأظفار ) ].
أورد النسائي ما تجتنبه الحادة من الثياب المصبغة، يعني: أنها لا تستعمل الثياب المصبغة التي هي من ثياب الجمال، وقد أورد النسائي حديث أم عطية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ ( لا تحد امرأة على ميت فوق ثلاث إلا على زوج، فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشراً، ولا تلبس ثوباً مصبوغاً ولا ثوب عصب ) ].
قوله: [( ولا تلبس ثوباً مصبوغاً )] هذا هو محل الشاهد في الترجمة، لأن الثوب المصبوغ من ثياب الزينة.
قوله: [( ولا ثوب عصب ) ] أي: ولا ثوب عصب وهي برد يمنية.
قوله: [ ( ولا تكتحل ولا تمتشط ) ]؛ لأن هذا زينة، وكذلك لا تمتشط.
قوله: [ ( ولا تمس طيباً إلا عند طهرها حين تطهر نبذاً من قسط وأظفار ) يعني: لا تتطيب إلا عندما تطهر من حيضها، وتأتي إلى الاغتسال من الحيض، فإنها تستعمل هذا النوع الذي هو قسط وأظفار، وهو: شيء يذهب الرائحة الكريهة، وإن لم يكن من الطيب الذي يتطيب به.

تراجم رجال إسناد حديث أم عطية: (... ولا تلبس ثوباً مصبوغاً، ولا ثوب عصب، ولا تكتحل، ولا تمتشط..)


قوله: [ أخبرنا حسين بن محمد ].هو حسين بن محمد البصري، وهو صدوق، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[ عن خالد ].
هو خالد بن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن هشام ].
هو هشام بن حسان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حفصة ].
هي حفصة بنت سيرين، وهي ثقة، أخرج لها أصحاب الكتب الستة.
[ عن أم عطية ].
هي نسيبة بنت الحارث، صحابية مشهورة بكنيتها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث أم سلمة: (المتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب ...)


قال المصنف رحمه الله: [ أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم حدثنا يحيى بن أبي بكير حدثنا إبراهيم بن طهمان حدثني بديل عن الحسن بن مسلم عن صفية بنت شيبة عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( المتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب ولا الممشقة، ولا تختضب ولا تكتحل ) ].أورد النسائي حديث أم سلمة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( المتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب، ولا الممشقة، ولا تختضب، ولا تكتحل ) تحت ترجمة: ما تجتنبه الحادة من الثياب المصبغة، والممشقة كما في الحاشية: اسم مفعول من التفعيل، المصبوغ بطين أحمر يسمى مشقى بكسر الميم، وهو نوع من أنواع الصبغ.
قوله: [(ولا تلبس المعصفر من الثياب)] الذي صبغ بالعصفر.
قوله: [(ولا تختضب)] أي: ولا تختضب بالحنا، (ولا تكتحل) لأن هذا كله من الزينة.
السيوطي يقول: الممشقة: المصبوغة بالمشق، وهو بالكسر المغرة. المغرة مثل المسك، وتحتاج إلى تفسير.

تراجم رجال إسناد حديث أم سلمة: (المتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب ...)


قوله: [ أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم ].مر ذكره.
[ عن يحيى بن أبي بكير ].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إبراهيم بن طهمان ].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن بديل ].
هو بديل بن ميسرة العقيلي وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن الحسن بن مسلم ].
هو الحسن بن مسلم بن يناق، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[ عن صفية بنت شيبة ].
أخرج حديثها أصحاب الكتب الستة.
[ عن أم سلمة ].
وقد مر ذكرها.


الخضاب للحادة


شرح حديث أم عطية: (... ولا تكتحل ولا تختضب ولا تلبس ثوباً مصبوغاً) من طريق أخرى


قال المصنف رحمه الله: [ باب الخضاب للحادة.أخبرنا محمد بن منصور حدثنا سفيان حدثنا عاصم عن حفصة عن أم عطية عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج، ولا تكتحل ولا تختضب ولا تلبس ثوباً مصبوغاً ) ].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: باب الخضاب للحادة، يعني: أنه لا يجوز، والخضاب هو: استعمال الحناء؛ لأنه نوع من الزينة، وهو من جمال وزينة النساء، فتجتنبه المرأة الحادة ولا تفعله، وقد أورد النسائي حديث أم عطية رضي الله عنها الذي يقول: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج، ولا تكتحل، ولا تختضب، ولا تلبس ثوباً مصبوغاً) ].
قوله: (ولا تكتحل ولا تختضب ولا تلبس ثوباً مصبوغاً) يعني: كل هذه الأمور هي من الزينة وتجتنبها الحادة.

تراجم رجال إسناد حديث أم عطية: (...ولا تكتحل ولا تختضب ولا تلبس ثوباً مصبوغاً) من طريق أخرى


قوله: [ أخبرنا محمد بن منصور ].هو محمد بن منصور المكي الجواز، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن سفيان ].
هو ابن عيينة المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عاصم ].
هو عاصم بن سليمان الأحول، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حفصة ].
هي حفصة بنت سيرين وقد مر ذكرها.
[ عن أم عطية ].
وقد مر ذكرها.


الرخصة للحادة أن تمتشط بالسدر


شرح حديث أم سلمة: (...بأي شيء أمتشط يا رسول الله؟ قال: بالسدر، تغلفين به رأسك)


قال المصنف رحمه الله: [ باب الرخصة للحادة أن تمتشط بالسدر.أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح حدثنا ابن وهب أخبرني مخرمة عن أبيه سمعت المغيرة بن الضحاك يقول: ( حدثتني أم حكيم بنت أسيد عن أمها أن زوجها توفي وكانت تشتكي عينها فتكتحل الجلاء، فأرسلت مولاة لها إلى أم سلمة فسألتها عن كحل الجلاء، فقالت: لا تكتحل إلا من أمر لا بد منه، دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين توفي أبو سلمة وقد جعلت على عيني صبراً، فقال: ما هذا يا أم سلمة؟ قلت: إنما هو صبر يا رسول الله! ليس فيه طيب، قال: إنه يشب الوجه، فلا تجعليه إلا بالليل، ولا تمتشطي بالطيب ولا بالحناء، فإنه خضاب، قلت: بأي شيء أمتشط يا رسول الله؟ قال: بالسدر، تغلفين به رأسك ) ].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الرخصة للحادة أن تمتشط بالسدر، ومقصود النسائي من هذه الترجمة أن الحادة مرخص لها أن تمتشط بالسدر وعمدته في ذلك هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي فيه: عن أم حكيم عن أمها أن زوجها توفي وكانت تشتكي عينها فتكتحل الجلاء، وهو: الإثمد، فأرسلت مولاة لها إلى أم سلمة تسألها عن ذلك فقالت: لا تكتحل إلا لأمر لا بد منه، ثم أخبرت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه دخل عليها وهي حادة على أبي سلمة، وقد جعلت في عينها صبراً، فسألها فقالت: إنه لا طيب فيه، فقال: إنه يشب الوجه.
قوله: [ ( فلا تجعليه إلا بالليل ولا تمتشطي بالطيب ولا بالحناء فإنه خضاب ) ] يعني: وهو من الجمال، ( قالت: بأي شيء أمتشط؟ قال: بالسدر تغلفين به رأسك ) والحديث كما هو معلوم فيه أمور مخالفة لما سبق، من أن المرأة لا تكتحل، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما سئل قال: ( إنما هي أربعة أشهر وعشر، وقد كانت إحداكن تمكث حولاً كاملاً ) وهذا فيه ما يخالف ما تقدم، والإسناد فيه من هو مجهول الحال وليس بثابت، فلا يعارض ما تقدم.

تراجم رجال إسناد حديث أم سلمة: (...بأي شيء أمتشط يا رسول الله؟ قال: بالسدر، تغلفين به رأسك)

قوله: [أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح ].هو أحمد بن عمرو بن السرح المصري، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[ عن ابن وهب ].
هو عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مخرمة ].
هو مخرمة بن بكير بن عبد الله بن الأشج المصري، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[ عن أبيه ].
هو بكير بن عبد الله بن الأشج، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن المغيرة بن الضحاك ].
مقبول، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[ عن أم حكيم ].
لا يعرف حالها، وحديثها أخرجه أبو داود، والنسائي.
[ عن أمها ].
قال الحافظ ابن حجر: إنه لا يعرف اسمها، وحديثها أخرجه أبو داود، والنسائي، ففيه مجهول، وفيه مقبول، يعني: يحتاج إلى متابعة، فهو غير ثابت، والثابت ما تقدم من أنها لا تقرب الكحل ولا تكتحل.

ابوالوليد المسلم 16-08-2022 08:34 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الطلاق

(457)

- (باب النهي عن الكحل للحادة) إلى (باب خروج المتوفى عنها بالنهار)




أمر الشرع الحنيف المتوفى عنها زوجها بالإحداد في عدتها، وهو ترك الزينة كاستعمال الكحل وغيره، كما بين أن المبتوتة ليس لها نفقة ولا سكنى، ولم يرخص لها في الخروج من البيت إلا نهاراً للحاجة.

النهي عن الكحل للحادة


شرح حديث أم سلمة في النهي عن الكحل للحادة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ النهي عن الكحل للحادة.أخبرنا الربيع بن سليمان حدثنا شعيب بن الليث عن أبيه حدثنا أيوب وهو ابن موسى قال حميد : وحدثتني زينب بنت أبي سلمة عن أمها أم سلمة رضي الله عنها، أنها قالت: ( جاءت امرأة من قريش فقالت: يا رسول الله! إن ابنتي رمدت أفأكحلها وكانت متوفى عنها؟ فقال: ألا أربعة أشهر وعشراً؟ ثم قالت: إني أخاف على بصرها، فقال: لا، إلا أربعة أشهر وعشراً، قد كانت إحداكن في الجاهلية تحد على زوجها سنة، ثم ترمي على رأس السنة بالبعرة ) ].
يقول النسائي رحمه الله: النهي عن الكحل للحادة، الكحل هو زينة، والحادة مطلوب منها أن تجتنب الزينة ومن ذلك الكحل، وقد أورد النسائي حديث أم سلمة رضي الله عنها وأرضاها، وقد ورد من طرق من قبل وفيه: أن أم سلمة قالت: إن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: إن ابنتي رمدت، أي: أن في عينها رمداً أفنكحلها؟ وإنها متوفى عنها، فقال عليه الصلاة والسلام: ألا أربعة أشهر وعشراً، وفي السنن الكبرى: ( إلا أربعة أشهر وعشراً )، وقد جاء بعد ذلك: ( لا، إلا أربعة أشهر وعشراً ) فيحتمل كل من اللفظين إلا أربعة أشهر وعشراً يعني: أليست المدة هذا المقدار، أو: لا، إلا أربعة أشهر وعشراً، فإنه في خلالها ليس لها أن تفعل ذلك، فأعادت فقال: إلا أربعة أشهر وعشراً، يعني: ليس ذلك إلا بعد مضي هذه المدة، ثم بين عليه الصلاة والسلام الأمر الذي كان الناس عليه في الجاهلية، وأن الواحدة منهن إذا توفي عنها زوجها مكثت سنة كاملة ثم ترمي عند رأس الحول ببعرة، يعني: إشارة إلى خروجها من العدة، وأن هذه المدة الطويلة التي مكثتها في أسوأ حال، مجتنبة الطيب، وفي بيت ضيق، وفي ثياب سيئة، أي: أن هذه المدة الطويلة التي مكثتها من أجل الزوج قد فرغت منها وأنهتها كهذه البعرة التي رمت بها، يعني: أن ذلك سهل عليها لأن هذا من حق الزوج، فهي مستسهلة ذلك وأنه عندها كرميها لهذه البعرة.
الحاصل: أن النبي صلى الله عليه وسلم منعها من الاكتحال، وبين أن الأمر في الإسلام قد يسر، وأنه جعلت هذه المدة القليلة بالنسبة لذلك الشيء الكثير الذي هو الحول، والذي كان على هيئة قد بينها الرسول صلى الله عليه وسلم من مكثها في أسوأ بيت، وفي أسوأ حال، وفي أسوأ لباس.

تراجم رجال إسناد حديث أم سلمة في النهي عن الكحل للحادة

قوله: [ أخبرنا الربيع بن سليمان ].الربيع بن سليمان وهو صاحب الشافعي المرادي المصري، هو ثقة، أخرج له أصحاب السنن الأربعة.
[ عن شعيب بن الليث ].
هو: شعيب بن الليث بن سعد، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي.
[ عن أبيه ].
هو: الليث بن سعد ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أيوب وهو ابن موسى ].
أيوب وهو ابن موسى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حميد ].
حميد بن نافع، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زينب بنت أبي سلمة ].
زينب بنت أبي سلمة ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أم سلمة ].
وهي: هند بنت أبي أمية وأم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث أم سلمة في النهي عن الكحل للحادة من طريق ثانية

[ أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد حدثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن حميد بن نافع عن زينب بنت أبي سلمة عن أمها رضي الله عنهما، ( أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته عن ابنتها مات زوجها وهي تشتكي، قال: قد كانت إحداكن تحد السنة، ثم ترمي البعرة على رأس الحول، وإنما هي أربعة أشهر وعشراً ) ].ثم أورد النسائي حديث أم سلمة من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله وفيه تقليل المدة، حيث قال: ( قد كانت إحداكن تمكث سنة ثم ترمي بعرة في رأس الحول، وإنما هي أربعة أشهر وعشراً ) أي: المدة التي جاء بها الإسلام مدة وجيزة هي أربعة أشهر وعشراً.

تراجم رجال إسناد حديث أم سلمة في النهي عن الكحل للحادة من طريق ثانية

قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد ].هو: محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي، وابن ماجه.
[ عن سفيان ].
سفيان هو: ابن عيينة المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى بن سعيد ].
هو: يحيى بن سعيد الأنصاري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حميد عن زينب عن أمها ].
وقد مر ذكرهم.

شرح حديث أم سلمة في النهي عن الكحل للحادة من طريق ثالثة


[ أخبرنا محمد بن معدان بن عيسى بن معدان حدثنا ابن أعين حدثنا زهير بن معاوية حدثنا يحيى بن سعيد عن حميد بن نافع مولى الأنصار عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة رضي الله عنهم، ( أن امرأة من قريش جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد خافت على عينها وهي تريد الكحل، فقال: قد كانت إحداكن ترمي بالبعرة على رأس الحول، وإنما هي أربعة أشهر وعشراً، فقلت لـزينب: ما رأس الحول؟ قالت: كانت المرأة في الجاهلية إذا هلك زوجها عمدت إلى شر بيت لها فجلست فيه، حتى إذا مرت بها سنة خرجت فرمت وراءها ببعرة ) ].ثم أورد النسائي حديث أم سلمة من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.

تراجم رجال إسناد حديث أم سلمة في النهي عن الكحل للحادة من طريق ثالثة


قوله: [ أخبرنا محمد بن معدان بن عيسى بن معدان ].هو: محمد بن معدان بن عيسى بن معدان، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن ابن أعين ].
ابن أعين هو: محمد بن موسى بن أعين، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، والنسائي.
[ عن زهير ].
هو: زهير بن معاوية، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى بن سعيد عن حميد عن زينب عن أمها ].
وقد مر ذكرهم.

شرح حديث أم سلمة في النهي عن الكحل للحادة من طريق رابعة

[ أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي حدثنا حماد عن يحيى بن سعيد عن حميد بن نافع عن زينب ( أن امرأة سألت أم سلمة وأم حبيبة: أتكتحل في عدتها من وفاة زوجها؟ فقالت: أتت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسألته عن ذلك فقال: قد كانت إحداكن في الجاهلية إذا توفي عنها زوجها أقامت سنة ثم قذفت خلفها ببعرة ثم خرجت، وإنما هي أربعة أشهر وعشراً حتى ينقضي الأجل ) ].ثم أورد النسائي حديث أم سلمة من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.

تراجم رجال إسناد حديث أم سلمة في النهي عن الكحل للحادة من طريق رابعة

قوله: [أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي ].هو: يحيى بن حبيب بن عربي البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن حماد ].
حماد وهو: ابن زيد، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى بن سعيد عن حميد عن زينب عن أم سلمة وأم حبيبة ].
هو: يحيى بن سعيد عن حميد عن زينب عن أم سلمة وأم حبيبة وقد مر ذكر الأربعة، وأم حبيبة أيضاً سبق أن جاء ذكرها في الحديث، وهي: رملة بنت أبي سفيان أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.


القسط والأظفار للحادة


شرح حديث: (أنه صلى الله عليه وسلم رخص للمتوفى عنها عند طهرها في القسط والأظفار )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ القسط والأظفار للحادة.أخبرنا العباس بن محمد هو الدوري حدثنا الأسود بن عامر عن زائدة عن هشام عن حفصة عن أم عطية رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه رخص للمتوفى عنها عند طهرها في القسط والأظفار ].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الرخصة في القسط والأظفار للحادة عند طهرها.
القسط والأظفار نوعان من البخور يعني: يزيل الرائحة الكريهة، وذلك إنما يكون عند طهرها إذا كانت في العدة وحاضت واغتسلت، فإنها عند طهرها تستعمل هذا النوع الذي يزيل الرائحة الكريهة، فقد رخص لها في هذا النوع وهما نوعان من البخور، وذلك خاص في هذه الحالة وهي: أنها عند الطهر من أجل إزالة الرائحة الكريهة التي بها بسبب الحيض.
أورد النسائي حديث أم عطية رضي الله عنها في ترخيص النبي صلى الله عليه وسلم للمتوفى عنها عند طهرها بالقسط والأظفار، يعني: الترخيص فيه استثناء من المنع، وأن يكون بهذا النوع، وأن يكون عند الطهر، ويكون ذلك لإزالة الرائحة الكريهة، وهو شيء مستثنى ومخصوص وفي حالة خاصة وهو عند طهرها.

تراجم رجال إسناد حديث: (أنه صلى الله عليه وسلم رخص للمتوفى عنها عند طهرها في القسط والأظفار )


قوله: [أخبرنا العباس بن محمد هو الدوري ].العباس بن محمد، هو الدوري وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة، وكلمة: هو الدوري هذه التي أضافها من دون النسائي؛ لأن النسائي لا يحتاج إلى أن يقول: هو الدوري، بل ينسب شيخه كما يريد، وقد سبق أن مر أنه في بعض شيوخه أتى بسطر كامل فيه نسب لبعض شيوخه، عندما يروي عنه ينسبه: فلان بن فلان بن فلان بن فلان، فالتلميذ يذكر شيخه كما يريد، ولا يحتاج إلى أن يقول كلمة: (هو)، وإنما الذي يحتاج إلى أن يقول كلمة: (هو) من دونه، وهذا فيه من الأمثلة الدالة على أن غير النسائي قد يضيف تعريفاً ببعض الأشخاص بإضافة كلمة (هو) أو (يعني)؛ لأن النسائي لا يحتاج إلى أن يقول هذه الكلمة.
إذاً: الذي قالها هو من دون النسائي وليس النسائي؛ لأن العباس بن محمد من شيوخه، فالنسائي اقتصر على العباس بن محمد لكن الذي دونه هو الذي أضاف: هو الدوري.
[ الأسود بن عامر ].
هو: الأسود بن عامر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب.
[ عن زائدة ].
هو: زائدة بن قدامة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن هشام ].
هو: هشام بن حسان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حفصة ].
هي: حفصة بنت سيرين أخرج لها أصحاب الكتب الستة.
[ عن أم عطية ].
أم عطية وهي: نسيبة بنت الحارث صحابية مشهورة بكنيتها وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.


نسخ متاع المتوفى عنها بما فرض لها من الميراث


شرح أثر ابن عباس في نسخ متاع المتوفى عنها بما فرض لها من الميراث


[ باب نسخ متاع المتوفى عنها بما فرض لها من الميراث. أخبرنا زكريا بن يحيى السجزي خياط السنة حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا علي بن الحسين بن واقد قال: أخبرني أبي حدثنا يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpg وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[البقرة:240] نسخ ذلك بآية الميراث مما فرض لها من الربع والثمن، ونسخ أجل الحول أن جعل أجلها أربعة أشهر وعشراً ].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: نسخ متاع المتوفى عنها زوجها بما فرض لها من الميراث، المقصود من هذه الترجمة هو: أنه كان في أول الأمر نزلت هذه الآية وفيها الوصية للنساء بأن يبقين في بيوت أزواجهن إلى الحول، فنسخت العدة بأربعة أشهر وعشر بدل ما كانت سنة، ونسخ كونها من حقها أن تبقى هذه المدة التي هي إلى السنة بما فرض لها من الميراث، أما أربعة أشهر وعشر فهذه تبقى في بيت زوجها، وهذا حق شرع لها كما سبق أن مر في بعض الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمرها أن تمكث وتبقى في بيتها.
إذاً: كونها تبقى ويكون من حقها السكنى هذه المدة التي هي بعد الأربعة أشهر وعشر هذا نسخ، فليس لها السكنى، ونسخ الاعتداد سنة كاملة بالاعتداد أربعة أشهر وعشراً، وهي الآية التي قبلها في ترتيب المصحف، فإن آية التربص أربعة أشهر وعشراً ناسخة للتربص سنة، لكن كونها تسكن ويكون من حقها السكنى تمام السنة بعد أربعة أشهر وعشر هذا نسخ بما فرض لها من الميراث، فإنها يمكن أن تسكن بما تحصله من الميراث فتستأجر أو تشتري أو ما إلى ذلك، وأما الأربعة أشهر وعشر، فهذه تمكثها وتبقاها في بيت الزوج وهو من حقها، وقد جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والذي يبدو أنه من حقها أن تبقى هذه المدة إلى الحول، قال: (متاعاً إلى الحول) المتاع: جاء أنه ما تعطاه المرأة عند طلاقها، يعني: تعطى متاع شيء من المال تستنفع وتستفيد منه، وجاء في المطلقات قبل المسيس http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpg فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[الأحزاب:49] يعني: أعطوهن شيئاً تطييباً لخاطرهن لما حصل لهن من هذا الفراق قبل أن يحصل الوصول إليها، لكن هنا الآية قال: متاعاً إلى الحول، يعني: أنهن يبقين هذه المدة، ويستمتعن بالسكنى هذه المدة، والكلام على هذه المدة التي من حقها أن تبقى بعد الأربعة أشهر وعشر هذه ذهبت عنها بما فرض لها من الميراث، وليس معنى ذلك أنه قبل ذلك ليس لها من الميراث، وإنما الكلام على أن هذا الذي كان لها من حقها أن تمكثه، وأن تستغل هذا المال الذي هو مال الزوج والذي هو مشترك بينها وبين غيرها، بأن تمكث في البيت ويكون من اختصاصها هذا ذهب عنها، لأنه رجع إلى الورثة، الذي هو ما زاد على الأربعة أشهر وعشر.

تراجم رجال إسناد أثر ابن عباس في نسخ متاع المتوفى عنها بما فرض لها من الميراث


قوله: [ أخبرنا زكريا بن يحيى السجزي خياط السنة ].زكريا بن يحيى السجزي خياط السنة لقبه خياط السنة، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده، ويقال له خياط السنة قالوا: لأنه كان يخيط أكفان الموتى لأهل السنة فقيل له: خياط السنة.
[ عن إسحاق بن إبراهيم ].
هو: إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه، ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه، وقد مر بنا كثيراً النسائي يروي عن إسحاق بن راهويه مباشرة وقد أكثر من الرواية عنه، ولكنه أحياناً يروي عنه بواسطة، وهذا من هذا القبيل.
[ عن علي بن الحسين بن واقد ].
هو: علي بن الحسين بن واقد، وهو صدوق يهم، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم في المقدمة، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن أبيه ].
عن أبيه، هو الحسين بن واقد وهو ثقة له أوهام، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن يزيد النحوي ].
هو: يزيد بن أبي سعيد النحوي، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن عكرمة ].
عكرمة هو: مولى ابن عباس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
وهو: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح أثر عكرمة في نسخ قوله تعالى: (متاعاً إلى الحول غير إخراج)


[ أخبرنا قتيبة حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن عكرمة في قوله عز وجل: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpg وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[البقرة:240] قال نسختها: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpg وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[البقرة:234] ].نعم، هذه نسختها بالنسبة لتربص المدة التي هي العدة، وأما الأحقية فيما زاد على أربعة أشهر وعشر، فهذا بما فرض لها من الميراث.

تراجم رجال إسناد أثر عكرمة في نسخ قوله تعالى: (متاعاً إلى الحول غير إخراج)

قوله: [ أخبرنا قتيبة ].هو: قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي الأحوص ].
أبو الأحوص سلام بن سليم، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سماك ].
هو: سماك بن حرب، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن عكرمة ].
عكرمة، وقد مر ذكره.

يتبع




ابوالوليد المسلم 16-08-2022 08:34 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
الرخصة في خروج المبتوتة من بيتها في عدتها لسكناها


شرح حديث فاطمة بنت قيس في سكنى المبتوتة


[ الرخصة في خروج المبتوتة من بيتها في عدتها لسكناها.أخبرنا عبد الحميد بن محمد حدثنا مخلد حدثنا ابن جريج عن عطاء أخبرني عبد الرحمن بن عاصم ( أن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، أخبرته وكانت عند رجل من بني مخزوم أنه طلقها ثلاثاً، وخرج إلى بعض المغازي وأمر وكيله أن يعطيها بعض النفقة فتقالتها، فانطلقت إلى بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي عندها فقالت: يا رسول الله، هذه فاطمة بنت قيس طلقها فلان فأرسل إليها ببعض النفقة فردتها، وزعم أنه شيء تطول به، قال: صدق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: فانتقلي إلى أم كلثوم فاعتدي عندها، ثم قال: إن أم كلثوم امرأة يكثر عوادها فانتقلي إلى عبد الله بن أم مكتوم فإنه أعمى، فانتقلت إلى عبد الله فاعتدت عنده حتى انقضت عدتها ثم خطبها أبو الجهم ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستأمره فيهما فقال: أما أبو الجهم فرجل أخاف عليك قسقاسته للعصا، وأما معاوية فرجل أملق من المال، فتزوجت أسامة بن زيد بعد ذلك ) ].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الرخصة للمبتوتة في خروجها من بيتها لسكناها، الترجمة بلفظ الرخصة غير مستقيم؛ لأن هذا ليس ترخيصاً لها في أن تترك شيئاً هو لها؛ لأنه ما دام أن المطلقة طلاقاً بائناً لا سكنى لها ولا نفقة فإنه ليس من حقها؛ لأن الرخصة تناسب غير ذلك وهو أن لها حقاً، ولكنه يرخص لها أن تترك هذا الحق، ولكن هذا ليس لها بحق، فالتعبير بالرخصة في هذا الموطن غير واضح؛ لأن خروجها أمر لابد منه؛ لأنه ليس لها حق السكنى على ما جاء في حديث فاطمة بنت قيس وهي العمدة أو الدليل الذي يستدل به على أن المطلقة البائن لا سكنى لها ولا نفقة، فذكر الرخصة غير واضح؛ لأن الرخصة تقابل العزيمة، وأنه كان لها حق أن تسكن، ولكن يرخص لها إذا أرادت أن تترك هذا الحق، لكن القضية ما لها حق كما في الروايات الكثيرة عن فاطمة بنت قيس بأنه لا سكنى لها ولا نفقة.
فإذاً: التعبير بالرخصة في كونها تخرج للسكنى ليس بواضح؛ لأنه ليس أمامها بمقتضى هذه الأحاديث إلا الخروج والسكنى في غير بيت زوجها.
أورد النسائي حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، [ ( عبد الرحمن بن عاصم أن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، أخبرته وكانت عند رجل من بني مخزوم أنه طلقها ثلاثاً، وخرج إلى بعض المغازي وأمر وكيله أن يعطيها بعض النفقة فتقالتها) ].
وكل هذا سبق أن مر كون وكيله أعطاها نفقة وأنها تقالتها، وأنه قال: ليس لك نفقة، وأنها جاءت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: صدق، ليس لك شيء، كل هذا سبق أن تقدم.
[ فانطلقت إلى بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي عندها فقالت: يا رسول الله، هذه فاطمة بنت قيس طلقها فلان فأرسل إليها ببعض النفقة فردتها، وزعم أنه شيء تطول به ].
وزعم أنه شيء، يعني: هذا الذي أعطاه تطول به يعني: أحسن به، من الطول وهو الجود والكرم والإحسان، يعني: ليس بحق، وإنما هو من قبيل الإحسان والجميل، وليس أمراً لازماً، وهي تريد أن يكون ذلك حقاً لها لا أنه تطوع، أو تطول، أو إحسان.
[ ( قال: صدق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: فانتقلي إلى أم كلثوم فاعتدي عندها )].
أم كلثوم سبق أن مر في الروايات المتقدمة أنها أم شريك، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: إنها يكثر زوارها ويكثر ضيفانها فانتقلي إلى ابن عمك عبد الله بن أم مكتوم فإنه أعمى لا يبصرك إذا وضعت ثيابك، فقول: أم كلثوم هنا غير مستقيم، والصحيح هو أم شريك.
[ ( أما أبو الجهم فرجل أخاف عليك قسقاسته للعصا ) ].
يعني: تحريكه للعصا، يعني: كان لا يضع العصا عن عاتقه، وقيل: إنه ضراب للنساء، وأنه كثير الأسفار، وهنا فيه إشارة إلى أنه يضرب.
[ ( وأما معاوية فرجل أملق من المال، فتزوجت أسامة بن زيد بعد ذلك ) ].
أملق من المال يعني: صعلوك لا مال له، كما تقدم في الحديث، وكلمة صعلوك تطلق على من لا مال له، فالذي لا مال له يقال له: صعلوك، يعني: أنه معدم، ما عنده شيء.
فالصعلوك الآن إذا أطلق على شخص فهي مذمة غير قضية المال، وهذا فيما إذا كان الناس لهم اصطلاح خاص، إذا أطلقت أو تعورف بها على شيء آخر ليس بطيب، فلا ينبغي أن تطلق إذا كان الناس أرادوا بها معنى آخر سيء، غير المعنى الذي تدل عليه في اللغة، فما يصلح عيب الناس، والسخرية منهم، وإطلاق العبارات التي فيها حط من شأنهم، اللهم إلا إذا كان المراد مقتضاها اللغوي وأنه لا مال له فهذا كما جاء في الحديث.
ثم كل ما في الحديث سبق أن مر إلا قضية أم كلثوم، فهذه غير ثابتة والمحفوظ والثابت هو أم شريك الذي سبق أن مر في الروايات، والحديث من رواية عبد الرحمن بن عاصم وهو مقبول، ولكن غير هذه الجملة كلما مر من الروايات يشهد له فهو ثابت ما عدا هذه الفقرة التي هي ذكر أم كلثوم والصواب أم شريك.

تراجم رجال إسناد حديث فاطمة بنت قيس في سكنى المبتوتة

قوله: [ أخبرنا عبد الحميد بن محمد ].هو: عبد الحميد بن محمد الحراني، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن مخلد ].
هو: مخلد بن يزيد الحراني، وهو صدوق، له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب إلا الترمذي.
[ عن ابن جريج ].
هو: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، ثقة، فقيه، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عطاء ].
هو: عطاء بن أبي رباح، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن بن عاصم ].
عبد الرحمن بن عاصم، وهو مقبول، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن فاطمة بنت قيس ].
فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث فاطمة بنت قيس في سكنى المبتوتة من طريق ثانية

[ أخبرنا محمد بن رافع حدثنا حجين بن المثنى حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، أنها أخبرته أنها كانت تحت أبي عمرو بن حفص بن المغيرة فطلقها آخر ثلاث تطليقات، فزعمت فاطمة أنها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتته في خروجها من بيتها فأمرها أن تنتقل إلى ابن أم مكتوم الأعمى، فأبى مروان أن يصدق فاطمة في خروج المطلقة من بيتها، قال عروة: أنكرت عائشة ذلك على فاطمة ].ثم أورد النسائي حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، وهو مثل ما تقدم فيما يتعلق بخروجها من بيتها وإذن الرسول صلى الله عليه وسلم لها، وأنه لا سكنى لها ولا نفقة.
[ أنها كانت تحت أبي عمرو بن حفص بن المغيرة فطلقها آخر ثلاث تطليقات، فزعمت فاطمة أنها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتته في خروجها ].
زعمت بمعنى أخبرت.
[فاستفتته في خروجها من بيتها فأمرها أن تنتقل إلى ابن أم مكتوم الأعمى، فأبى مروان أن يصدق فاطمة في خروج المطلقة من بيتها ].
يعني: أنه كان يرى أنها تبقى في بيت زوجها، وأن من حقها السكنى في بيت زوجها، والمسألة فيها ثلاثة أقوال في المبتوتة: فمن العلماء من قال: إن لها السكنى والنفقة جميعاً، ومنهم من قال: ليس لها سكنى ولا نفقة، ومنهم من قال: لها السكنى دون النفقة، فأنكر مروان، وقيل: إنه رجع عن ذلك إلى ما جاء في حديث فاطمة بنت قيس.
[ قال عروة: أنكرت عائشة ذلك على فاطمة ].
أنكرت عائشة على فاطمة، يعني: ما جاء في حديثها أو ما جاء عنها من أن المطلقة المبتوتة لا سكنى لها، لكن الحديث جاء من طرق كثيرة صحيحة وهو واضح الدلالة على أنه لا سكنى لا ولا نفقة.

تراجم رجال إسناد حديث فاطمة بنت قيس في سكنى المبتوتة من طريق ثانية


قوله: [ أخبرنا محمد بن رافع ].هو: محمد بن رافع النيسابوري وهو قشيري وهو شيخ الإمام مسلم وأكثر مسلم من الرواية عنه، وصحيفة همام بن منبه التي روى منها مسلم أحاديث كثيرة إنما هي من طريق محمد بن رافع شيخه هذا، وهو مثله هو بلديه لأنه من بلده وهو أيضاً من قبيلته قشيري وهو ثقة أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[ عن حجين بن المثنى ].
حجين بن المثنى، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[ عن الليث عن عقيل ].
هو: الليث بن سعد وقد مر ذكره، وعقيل هو: ابن خالد بن عقيل المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب ].
هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ].
أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، فقيه من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن فاطمة ].
فاطمة وقد مر ذكرها.

شرح حديث فاطمة بنت قيس في سكنى المبتوتة من طريق ثالثة

[ أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا حفص حدثنا هشام عن أبيه عن فاطمة رضي الله عنها، أنها قالت: قلت: يا رسول الله، زوجي طلقني ثلاثاً وأخاف أن يقتحم علي، فأمرها فتحولت ].ثم أورد النسائي حديث فاطمة، وأنها جاءت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقالت: إن زوجها طلقها ثلاثاً وأنها تخاف أن يقتحم عليها، فأمرها فتحولت، الأحاديث التي سبق أن مرت، فيها ما يدل على أنها كانت تريد السكنى، وتريد النفقة، ولما راجعت الرسول صلى الله عليه وسلم قال لها: لا سكنى ولا نفقة، فأحقيتها غير ثابتة في السكنى، بل الثابت من أحاديث فاطمة نفسها أنه لا سكنى لها ولا نفقة، وهي أحاديث صحيحة ثابتة عنها، وقد مر جملة كبيرة منها هنا وقبل ذلك مر من طرق عديدة.

تراجم رجال إسناد حديث فاطمة بنت قيس في سكنى المبتوتة من طريق ثالثة

قوله: [ أخبرنا محمد بن المثنى ].هو: محمد بن المثنى العنزي أبو موسى الملقب الزمن البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[ عن حفص ].
وهو: ابن غياث، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن هشام ].
هو: هشام بن عروة، هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه عروة بن الزبير بن العوام ].
وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن فاطمة ].
فاطمة وقد مر ذكرها.

شرح حديث فاطمة بنت قيس في سكنى المبتوتة من طريق رابعة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا يعقوب بن ماهان بصري عن هشيم حدثنا سيار وحصين ومغيرة وداود بن أبي هند وإسماعيل بن أبي خالد وذكر آخرين عن الشعبي قال: دخلت على فاطمة بنت قيس فسألتها عن قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها فقالت: طلقها زوجها ألبتة فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في السكنى والنفقة، قالت: فلم يجعل لي سكنى ولا نفقة، وأمرني أن أعتد في بيت ابن أم مكتوم ].ثم أورد النسائي حديث فاطمة بنت قيس من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم، أنه لا سكنى لها ولا نفقة، وقوله: خاصمته يعني: خاصمت وكيله، وسبق أن مر في بعض الروايات أنها قالت لوكيله كذا وقال لها: ليس لك حق، وذهبت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: صدق، فالمخاصمة مع الوكيل وليست معه؛ لأنه كان غائباً، وقد أوصى هذا الوكيل أن يقدم لها طعاماً، ولكنها سخطته، فلما كلمته قال لها: ليس لك حق، فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ليس لك سكنى ولا نفقة.

تراجم رجال إسناد حديث فاطمة بنت قيس في سكنى المبتوتة من طريق رابعة

قوله: [ أخبرنا يعقوب بن ماهان بصري ].يعقوب بن ماهان بصري، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن هشيم ].
هو: هشيم بن بشير الواسطي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سيار ].
هو: سيار أبو الحكم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وحصين ].
هو: حصين بن عبد الرحمن، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ومغيرة ].
ومغيرة بن مقسم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وداود بن أبي هند ].
داود بن أبي هند، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ وإسماعيل بن أبي خالد ].
إسماعيل بن أبي خالد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وذكر آخرين عن الشعبي ].
وذكر آخرين يعني: ليس هؤلاء وحدهم بل معهم غيرهم، وهشيم روى عن هذا العدد وعن غيره، ولكن الذي جاء ذكره في الإسناد هو هذا العدد، وترك الذين وراء ذلك وحصلت الإشارة إليهم بقوله: وذكر آخرين.
[ عن الشعبي ].
هو: عامر بن شراحيل الشعبي، هو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن فاطمة ].
فاطمة وقد مر ذكرها.

شرح حديث فاطمة بنت قيس في سكنى المبتوتة من طريق خامسة


[ أخبرني أبو بكر بن إسحاق الصاغاني حدثنا أبو الجواب حدثنا عمار هو عمار عن أبي إسحاق عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس قالت: طلقني زوجي فأردت النقلة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: انتقلي إلى بيت ابن عمك عمرو بن أم مكتوم فاعتدي فيه، فحصبه الأسود وقال: ويلك، لم تفتي بمثل هذا، قال عمر: إن جئت بشاهدين يشهدان أنهما سمعاه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلا لم نترك كتاب الله لقول امرأة: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpg لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[الطلاق:1] ].ثم أورد النسائي حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها في قصة الشعبي عن فاطمة قالت: طلقني زوجي فأردت النقلة، فأتيت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: ( انتقلي إلى بيت ابن عمك فاعتدي فيه).
فاعتدي فيه، يعني أنها خرجت من بيت زوجها إلى بيت ابن عمها.
[ثم قال: فحصبه الأسود] يعني: حصب الشعبي وقال له: كيف تفتي بهذا وعمر يقول: لا نترك كتاب ربنا لقول امرأة، يعني: الآية التي أشار إليها http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpg واتقوا الله ربكم لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[الطلاق:1] فـعمر رضي الله عنه أخذ بعموم هذه الآية، وجعل كل المطلقات لهن حق السكنى، وقال لـفاطمة بنت قيس: عليك أن تأتي بشاهدين، وهو رضي الله عنه وأرضاه قال هذا من باب التثبت، وكان من عادته وطريقته أنه يتثبت ويطلب الشهود على ذلك، كما جاء في قضية الاستئذان ثلاثاً مع أبي موسى الأشعري، وفي قضايا أخرى، وهذا منها؛ لأنه كان عنده العموم، فهو يريد أن يتحقق وأن يستثبت في الشيء الذي يخالف هذا العموم.
ومن المعلوم أن قول الصحابي الواحد إذا ثبت بالإسناد عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يعتبر ويعول عليه، وهذا هو المتبع في النصوص، والآية إنما جاءت عامة، والذي جاء في قصة فاطمة بنت قيس خاص.

تراجم رجال إسناد حديث فاطمة بنت قيس في سكنى المبتوتة من طريق خامسة


قوله: [ أخبرني أبو بكر بن إسحاق الصاغاني ].هو محمد بن إسحاق، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن أبي الجواب ].
هو الأحوص بن الجواب، وهو صدوق ربما وهم، أخرج له مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[ عن عمار هو ابن رزيق ].
لا بأس به، وكلمة: لا بأس به تعادل كلمة: صدوق، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[ عن أبي إسحاق ].
أبو إسحاق السبيعي هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الشعبي عن فاطمة ].
قد مر ذكرهما.


خروج المتوفى عنها بالنهار


شرح حديث: (اخرجي فجدي نخلك ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب خروج المتوفى عنها بالنهار. أخبرنا عبد الحميد بن محمد حدثنا مخلد حدثنا ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه أنه قال: ( طلقت خالته فأرادت أن تخرج إلى نخل لها، فلقيت رجلاً فنهاها، فجاءت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: اخرجي فجدي نخلك؛ لعلك أن تصدقي وتفعلي معروفاً ) ].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة، وهي باب خروج المتوفى عنها بالنهار، يريد بها: أن المتوفى عنها تخرج لحاجتها بالنهار، لكن الحديث الذي أورده إنما هو في المطلقة، وليس في المتوفى عنها، وفي السنن الكبرى خروج المبتوتة في الطلاق، يعني: ليس في الوفاة، فلعل النسائي عندما عبر بهذه الترجمة في السنن الصغرى في المتوفى عنها بالقياس على المطلقة، سواء كانت مبتوتة أو غير مبتوتة، فجعل الحكم واحداً، وألحق المتوفى عنها بالمطلقات كونهن يخرجن بالنهار لحاجتهن فكذلك المتوفى عنها، فهو ليس فيه التنصيص على ذكر خروج المتوفى عنها، وإنما هو نص في المطلقة، وإلحاق المتوفى عنها إنما هو بطريق القياس، وأورد النسائي حديث جابر بن عبد الله قال: طلقت خالته، فأرادت أن تخرج إلى نخل لها، فلقيت رجلاً فنهاها ].
يعني: كونها خرجت وهي مطلقة.
[ فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اخرجي فجدي نخلك ].
فقال: اخرجي، وجدي نخلك، وهنا في الترجمة التنصيص على النهار، وليس فيه ذكر النهار، ولكن كونها تخرج تجد، وإنما يكون الجداد بالنهار، وقد جاء في سورة http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpg ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[القلم:1] قصة أصحاب الجنة الذين ذهبوا في الليل حتى لا يأتيهم أحد، والجداد إنما يكون في النهار، حتى يحصل الإعطاء لمن يأتي إليهم، ومن هو محتاج يسأل بهذه المناسبة.. مناسبة الجداد، فكونها تجد إنما يكون في النهار ولا يكون في الليل؛ لأن الجداد في الليل فيه حرمان الفقراء الذين يتطلعون ويأتون إلى أصحاب البساتين عندما يجدون نخلهم ليعطوهم وليفيدوهم من ذلك الشيء الذي أعطاهم الله إياه، فذكر النهار ليس موجوداً في الحديث، ولكنه فيه شيء يدل عليه؛ من أجل تتصدق وتعمل معروفاً، وهذا إنما يكون في النهار، وقد ذم الله عز وجل أصحاب الجنة الذين أقسموا ليصرمنها في الليل، ويصبحون وليس هناك شيء، فعوقبوا بأن أهلكها الله عز وجل، وحرموا الذي أرادوه بقصدهم السيء، وهو حرمان الفقراء الذين يتطلعون إلى الإحسان، ويستفيدون منهم إذا كانوا يفعلون ذلك بالنهار دون الليل.
[ قال: اخرجي فجدي نخلك لعلك أن تصدقي، وتفعلي معروفاً ].
فعل المعروف قيل: أن تتصدق من الفرض، وفعل المعروف في النفل، ويمكن أن يكون كل منهما بمعنى واحد؛ لأن التصدق هو من فعل المعروف، ثم أيضاً الزكاة المفروضة لا بد منها، ولكن الذي يبدو أن القضية هي في التطوع والإحسان، وإلا فإن الفرض أمر محتم لا بد من خروجه، ولكن الشيء الذي يرجى ويؤمل هو أنها إذا جدت نخلها في النهار أنه يأتيها الفقراء والمساكين، فترشدهم وتعينهم وتحسن إليهم.

تراجم رجال إسناد حديث: (اخرجي فجدي نخلك ...)


قوله: [ أخبرنا عبد الحميد بن محمد عن مخلد عن ابن جريج عن أبي الزبير ].الثلاثة الأولون مر ذكرهم، وأبو الزبير هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي صدوق، يدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ عن جابر ].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ابوالوليد المسلم 16-08-2022 08:38 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الطلاق

(458)

- (باب نفقة البائنة) إلى (باب الرجعة)




المطلقة طلاقاً بائناً ليس لها حق في نفقة أو سكنى، إلا إذا كانت حاملاً فينفق عليها للحمل، أما المطلقة طلقة أولى وثانية فتشرع مراجعتها لأنها لم تبن، فإن انتهت عدتها قبل المراجعة فلا ترجع إلى الزوج إلا بعقد ومهر جديدين.

نفقة البائنة


شرح حديث فاطمة بنت قيس في نفقة البائنة


(قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب نفقة البائنة.أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الحكم حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن أبي بكر بن أبي الجهم قال: دخلت أنا وأبو سلمة على فاطمة بنت قيس قالت: ( طلقني زوجي فلم يجعل لي سكنى ولا نفقة، قالت: فوضع لي عشرة أقفزة عند ابن عم له: خمسة شعير وخمسة تمر، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له ذلك، فقال: صدق وأمرني أن أعتد في بيت فلان، وكان زوجها طلقها طلاقاً بائناً ) ].
يقول النسائي: نفقة البائنة، أي: المطلقة طلاقاً بائناً، والمقصود من الترجمة: أنه ليس لها نفقة، والحديث الذي أورده تحت هذه الترجمة حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، أورده للاستدلال على ذلك، وهو أن زوجها لما طلقها الطلقة الثالثة التي بانت بها، وضع عند وكيله طعاماً لها، ولكنه لم يعجبها، فسخطته، وقال لها وكيله: إنه ليس لك سكنى ولا نفقة، ويعني: أن هذا الذي أعطيت إياه إنما هو إحسان وجميل ومعاملة حسنة، وإلا فإنه ليس بواجب عليه، فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: صدق، والحديث فيه اختصار؛ لأن المقصود: ليس لها سكنى ولا نفقة، وقد سبق موضحاً في بعض الروايات، وهنا جاءت (صدق) وليس فيها ذكر الشيء الذي حصل التصديق عليه، وهو أنه ليس لها سكنى ولا نفقة.
( وأمرني أن أعتد في بيت فلان ).
وأمرها أن تعتد في بيت فلان وهو عبد الله بن أم مكتوم.
( وكان زوجها طلقها طلاقاً بائناً ).
وكان زوجها طلقها طلاقاً بائناً أي: ليس طلاقاً رجعياً، لأن المطلقة طلاقاً رجعياً هي زوجة، ونفقتها واجبة على زوجها، وأما البائن فإنه ليس لها سكنى ولا نفقة، كما جاء ذلك موضحاً في حديثنا هذا حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها وأرضاها.

تراجم رجال إسناد حديث فاطمة بنت قيس في نفقة البائنة


قوله: [أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الحكم ].هو ثقة أخرج حديثه مسلم، والترمذي، والنسائي.
[ عن محمد بن جعفر ].
هو: محمد بن جعفر غندر البصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن شعبة ].
هو: شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي بكر بن أبي الجهم ].
أبو بكر بن أبي الجهم، ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[ وأبو سلمة عن فاطمة بنت قيس].
فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة، وأما أبو سلمة في الحديث فليس من رواة الإسناد وإنما أخبر أبو بكر بن أبي الجهم أنه دخل معه على فاطمة، وقد مر الحديث من طرق عديدة عن أبي سلمة، لكنه في هذا الإسناد ليس من رجاله.


نفقة الحامل المبتوتة


شرح حديث فاطمة بنت قيس في نفقة الحامل المبتوتة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ نفقة الحامل المبتوتة.أخبرنا عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار حدثنا أبي عن شعيب قال الزهري أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ( أن عبد الله بن عمرو بن عثمان طلق ابنة سعيد بن زيد وأمها حمنة بنت قيس ألبتة، فأمرتها خالتها فاطمة بنت قيس بالانتقال من بيت عبد الله بن عمرو وسمع بذلك مروان فأرسل إليها فأمرها أن ترجع إلى مسكنها حتى تنقضي عدتها، فأرسلت إليه تخبره أن خالتها فاطمة أفتتها بذلك، وأخبرتها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفتاها بالانتقال حين طلقها أبو عمرو بن حفص المخزومي، فأرسل مروانقبيصة بن ذؤيب إلى فاطمة فسألها عن ذلك فزعمت أنها كانت تحت أبي عمرو لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب على اليمن خرج معه، فأرسل إليها بتطليقة وهي بقية طلاقها، فأمر لها الحارث بن هشام وعياش بن أبي ربيعة بنفقتها، فأرسلت إلى الحارث وعياش تسألهما النفقة التي أمر لها بها زوجها فقالا: والله مالها علينا نفقة إلا أن تكون حاملاً، وما لها أن تسكن في مسكننا إلا بإذننا، فزعمت فاطمة أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فصدقهما، قالت: فقلت: أين أنتقل يا رسول الله؟ فقال: انتقلي عند ابن أم مكتوم، وهو الأعمى الذي عاتبه الله عز وجل في كتابه فانتقلت عنده، فكنت أضع ثيابي عنده حتى أنكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم زعمت أسامة بن زيد ) ].
أورد النسائي سابقاً ذكر المطلقة طلاقاً بائناً، وهي ليست بحامل، وليس لها نفقة ثم ذكر في هذه الترجمة: المبتوتة: المطلقة طلاقاً بائناً وهي حامل وبينّن أن لها النفقة، وذلك أن الإنفاق عليها إنما يكون من أجل الجنين وليس من أجلها هي، ولا تجب السكنى لها، وإنما النفقة من أجل الجنين، وقد أورد النسائي حديث فاطمة بنت قيس من بعض طرقه، وفيه أن الوكيلين اللذين وكلهما زوجها في الإنفاق عليها قالا: إنه ليس لك علينا نفقة إلا أن تكوني حاملاً، أما إذا لم تكوني كذلك، فإنما هو تفضل وإحسان إذا حصل شيء من الإسكان والإنفاق فهو فضل، وامتنان، وإلا فإنه ليس حقاً واجباً.
ثم ذكر بقية الحديث وما حصل منها من إخبارها بذلك لما أرسل إليها مروانقبيصة بن ذؤيب يسألها وأخبرته بالذي حصل بينها وبين وكيلي زوجها ثم مجيئها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وأمره إياها بأن تعتد عند ابن أم مكتوم ثم إنه أرشدها أو أشار عليها بأن تنكح أسامة بن زيد فنكحت أسامة بن زيد رضي الله عنهما.

تراجم رجال إسناد حديث فاطمة بنت قيس في نفقة الحامل المبتوتة


قوله: [ أخبرنا عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار ].هو عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[ عن أبيه ].
هو عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[ عن شعيب ].
هو شعيب بن أبي حمزة الحمصي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، ثقة، فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ].
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، ثقة، فقيه أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين أخرج له أصحاب الكتب الستة، وفقهاء المدينة السبعة هم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسليمان بن يسار، وسعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وعروة بن الزبير، هؤلاء ستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، أما السابع ففيه ثلاثة أقوال: قيل: إنه أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها وقد مر ذكرها.


الأقراء


شرح حديث فاطمة بنت أبي حبيش: (إنما ذلك عرق ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ الأقراء.أخبرنا عمرو بن منصور حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا الليث حدثني يزيد بن أبي حبيب عن بكير عن عبد الله بن الأشج عن المنذر بن المغيرة عن عروة بن الزبير أن فاطمة بنت أبي حبيش حدثته ( أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكت إليه الدم، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما ذلك عرق، فانظري إذا أتاك قرؤك فلا تصلي، فإذا مر قرؤك فلتطهري، قال: ثم صلي ما بين القرء إلى القرء ) ].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الأقراء والمراد بالأقراء: الحيض، وقيل: الأطهار التي بين الحيض، وهو من الألفاظ المشتركة التي تطلق على الضدين: على الطهر، وعلى الحيض؛ لأن هناك ألفاظاً يقال عنها من الأضداد، يطلق اللفظ على الشيء وضده، فالحيض يقال له: قرء، والطهر يقال له: قرء، ومثل عسعس بمعنى: أقبل وأدبر، والإقبال والإدبار متضادان، فهذا اللفظ لفظ مشترك بين الضدين وهما القرء والطهر، وقد أورد النسائي في هذه الترجمة حديث فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها، الذي فيه أنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وشكت إليه الدم الذي يسيل من فرجها بصفة دائمة، وهو الذي يسمى استحاضة، وهو غير الحيض، فالرسول عليه الصلاة والسلام، أمرها بأن تنتظر مجيء قرئها الذي هو الحيض، وذلك بما يحصل لها من وجود الدم الذي يختلف عن هذا الدم المستمر معها والذي يعرف برائحته وبلونه ويختلف عن دم الاستحاضة، فإذا أقبل امتنعت عن الصلاة، وإذا أدبر صلت ما بين القرئين، أي: أن المستحاضة دمها مستمر، إلا أنها عندما تأتيها العادة يتغير لون الدم، فهي تنتظر وتعرف مجيء حيضها فتجلسه، فإذا طهرت فإنها تصلي وتصوم وتفعل ما تفعله الطاهرات، حتى تأتي الحيضة الثانية، وهذا الحديث فيه إطلاق القرء على الحيض؛ لأنها تصلي ما بين القرئين يعني: ما بين الحيضتين.
[(أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشكت إليه الدم)].
أي: دم الاستحاضة الذي استمر معها ولم ينقطع منها.
[ ( فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما ذلك عرق، فانظري إذا أتاك قرؤك فلا تصلي ) ].
إنما ذلك عرق يعني: ذلك الدم الذي يسيل إنما يخرج من عرق، وليس الحيض الذي يأتي ويتكرر من وقت إلى وقت على حسب ما اعتادته المرأة، فإذا جاء قرؤها أمسكت عن الصلاة؛ لأنها حائض وأما ذاك الدم الذي معها وهو دم الاستحاضة فإنه لا يمنعها من الصلاة والصيام، ولا يمنع الزوج من إتيانها، بل تفعل ما تفعل الطاهرات؛ لأن هذا شيء ابتليت به واستمر معها فلا تعامل معاملة الحُيَّض، بل تعامل معاملة الطاهرة، وإنما تعامل معاملة الحائض إذا جاء دم الحيض في وقت العادة، والذي تعرفه النساء بلونه ورائحته.
[ ( فإذا مر قرؤك فلتطهري، قال: ثم صلي ما بين القرء إلى القرء ) ].
إذا مر قرؤك أي: انتهى، طهرت، لكن عليها أن تتطهر وتغتسل من الحيض، وفي حال استحاضتها تتوضأ لكل صلاة، ولا يكفي الوضوء لصلاة واحدة تصلي به عدة فروض، بل تتوضأ لكل صلاة؛ لأن الدم الذي يخرج من فرجها دم نجس، ولابد من الطهارة، فيلزمها أن تتوضأ لكل صلاة، وإذا انقضى القرؤ أي: الحيض الذي جاء خلال تلك الاستحاضة فإنها تتطهر من حيضها، وتصلي ما بين القرئين؛ لأنها بمثابة الطاهرة، وحكمها حكمها، والدم المستمر معها يختلف عن الحيض من حيث اللون والرائحة لا يمنعها من الصلاة، ولا من الصيام، ولا من مجامعة زوجها لها.

تراجم رجال إسناد حديث فاطمة بنت أبي حبيش: (إنما ذلك عرق ...)


قوله: [أخبرنا عمرو بن منصور ].هو عمرو بن منصور هو النسائي، ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن عبد الله بن يوسف ].
هو عبد الله بن يوسف التنيسي، ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[ عن الليث ].
هو الليث بن سعد المصري، ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يزيد بن أبي حبيب ].
هو يزيد بن أبي حبيب المصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن بكير ].
هو بكير بن عبد الله بن الأشج، وعندكم فيه تصحيف ابن تصحفت إلى عن، عن بكير عن عبد الله بن الأشج، وهو عن بكير بن عبد الله بن الأشج شخص واحد يتكرر ذكره وهو مصري ثقة أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهذا التصحيف أيضاً موجود في الكبرى والذي في تحفة الأشراف بكير بن عبد الله فليس شخصين وإنما هو شخص واحد وإنما تصحفت ابن إلى عن فكان يوهم أنه شخصان، مع أنه شخص واحد.
[ عن المنذر بن المغيرة ].
المنذر بن المغيرة، مقبول، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[ عن عروة بن الزبير ].
هو: عروة بن الزبير بن العوام، ثقة، فقيه أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن فاطمة بنت أبي حبيش ].
هي فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها، وهي صحابية لها هذا الحديث في الاستحاضة، وحديثها أخرجه أبو داود، والنسائي وابن ماجه.


نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث


شرح أثر ابن عباس في قوله تعالى: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث.حدثنا زكريا بن يحيى حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا علي بن الحسين بن واقد حدثني أبي حدثنا يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه، في قوله: ( مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ([البقرة:106] وقال: ( وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ ([النحل:101] وقال: ( يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ )[الرعد:39] فأول ما نسخ من القرآن القبلة وقال: وَالْمُطَلَّقَا تُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ [البقرة:228] إلى قوله: إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً [البقرة:228] وذلك بأن الرجل كان إذا طلق امرأته فهو أحق برجعتها، وإن طلقها ثلاثاً، فنسخ ذلك وقال: الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229] ].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث، مراجعة الزوج لزوجته إذا طلقها تكون بعد الأولى وبعد الثانية، أما بعد الثالثة فإنها تبين منه، وقد كان الأمر قبل ذلك جواز المراجعة بعد الثلاث، ولكن جاء الحكم واستقر على أن الزوج له تطليقتان يمكنه في أية واحدة منهما أن يراجع زوجته، فإذا طلق الثالثة، فإنها تبين منه، والحكمة في عدم جعل التطليق مطلقاً بيد الزوج من غير حصر: إبعاد الإضرار بالزوجة، فلو يطلقها ثم يراجع، ثم يطلقها، ثم يراجع فسيلحق بها ضرراً، فالمراجعة محصورة في تطليقتين، ثم بعدها تبين منه فلا يتمكن من إلحاق الضرر بها كما يريد، ثم لم تجعل مرة واحدة؛ لأن هذا قد يلحق الضرر بالزوج؛ لكونها تبين بمرة واحدة، فيكون بذلك مشقة وضرر عليه، فجاءت الشريعة في جعل المراجعة بعد الأولى وبعد الثانية، أما بعد الثالثة فإن الذي كان موجوداً من قبل نسخ في قوله سبحانه وتعالى: الطَّلاقُ مَرَّتَانِ [البقرة:229] أي: الطلاق الذي تكون معه المراجعة مرتان؛ لأن بعدها: إما إمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان، أما الثالثة فليس هناك إمساك بمعروف؛ إذ لا سبيل إلى الإمساك بعد الثالثة، وإنما فيه التسريح، أما الذي يمكنه أن يخير بين الإمساك والتسريح، فهو بعد الأولى والثانية؛ لأنه يمكن أن يراجعها فتبقى في عصمته، ويمكن إذا خرجت عدتها أن ينتهي منها، ويمتعها متاعاً حسناً.
حديث ابن عباس ذكر أن الرجل يراجع زوجته بعد ثلاث تطليقات فنسخ ذلك بقوله: الطَّلاقُ مَرَّتَانِ [البقرة:229] ثم قال بعد ذلك: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ [البقرة:230] أي: طلقها الثالثة، فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ [البقرة:230] يعني بعد الثالثة، أما بعد الأولى والثانية فيراجع، وأما بعد الثالثة فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
وقد ذكر الآيات التي فيها نسخ، والحديث قد مر بنا، وكلها تدل على أصل النسخ، ثم ذكر بعض الأمثلة من النسخ مثل: نسخ القبلة، ثم ذكر المقصود من الترجمة، والمقصود من إيراد الحديث تحتها وهو نسخ المراجعة بعد الثلاث إلى أنه لا مراجعة إلا بعد الأولى والثانية فقط.
وتفسير قوله تعالى: يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ [الرعد:39] أي: في غير اللوح المحفوظ، مثل: صحف الحفظة وفي ما ينزله الله عز وجل مما يريد إثباته وما يريد نسخه، وأما الذي في اللوح المحفوظ فإنه لا يتغير ولا يتبدل، وإنما التغيير والتبديل لما يكون في أيدي الملائكة، فالملائكة يكون بأيديهم شيء ثم ينسخه الله عز وجل، أو يثبته إذا شاء إثباته، لكن الذي في اللوح المحفوظ لا تغيير فيه ولا تبديل.
وقوله: وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ [البقرة:228].
يعني: من الولد من الحيض؛ لأن المرأة قد تقول: إنها حاضت، وهي ما حاضت، وتخبر عن نفسها بشيء خلاف الواقع، والمعنى: لا تعمل شيئاً من الكذب من أجل أن تتخلص من الزوج.

يتبع





ابوالوليد المسلم 16-08-2022 08:38 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
تراجم رجال إسناد أثر ابن عباس في قوله تعالى: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها)

قوله: [ حدثنا زكريا بن يحيى ].هو زكريا بن يحيى السجزي، ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن إسحاق بن إبراهيم ].
إسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه الحنظلي المروزي ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه، والنسائي يروي عنه كثيراً بدون واسطة، ولكنه أحياناً يروي عنه بالواسطة كما هنا.
[ عن علي بن الحسين بن واقد ].
علي بن الحسين بن واقد، صدوق، يهم، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم في المقدمة، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن أبيه ].
أبوه هو الحسين بن واقد، ثقة، له أوهام، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن يزيد النحوي ].
هو يزيد بن أبي سعيد النحوي ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن عكرمة ].
عكرمة مولى ابن عباس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
هو: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام وهم عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد، وأنس بن مالك، وجابر، وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها، ستة رجال وامرأة واحدة.


الرجعة


شرح حديث ابن عمر: (مره أن يراجعها فإذا طهرت، فإن شاء فليطلقها)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الرجعة.أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا محمد حدثنا شعبة عن قتادة قال: سمعت يونس بن جبير قال: سمعت ابن عمر رضي الله عنهما قال: ( طلقت امرأتي وهي حائض، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم عمر فذكر له ذلك فقال النبي صلى الله عليه سلم: مره أن يراجعها، فإذا طهرت، يعني: فإن شاء فليطلقها )، قلت لـابن عمر: فاحتسبت منها؟ فقال: ما يمنعها، أرأيت إن عجز واستحمق ].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الرجعة، يعني: أن الزوج إذا طلق زوجته طلاقاً رجعياً، وهو الطلاق السني الذي يكون واحدة أو اثنتين، فله حق المراجعة، وإذا طلقها طلاقاً بائناً أو كانت الفرقة بخلع فليس له حق المراجعة، وإنما يكون للزوج حق المراجعة لزوجته وتعتبر زوجة له في عدتها إذا كانت بعد التطليقة الأولى، أو الثانية؛ لأنها ما زالت زوجة في تلك الحال حتى تخرج من العدة، ولو مات ورثته، ولو ماتت ورثها ما دامت في العدة، فالمطلقة طلاقاً رجعياً لزوجها أن يراجعها، وقيل له: طلاق رجعي؛ لأن المطلق يملك حق الرجعة إليها، أورد حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، في قصة تطليق زوجته وهي حائض وأن عمر رضي الله عنه وأرضاه، ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: (مره فليراجعها)، معناه: أمره بالمراجعة، وهذا دليل على الرجعة بعد التطليقة الأولى أو الثانية، ثم قال: هل احتسبت هذه التطليقة عليها؟ قال: نعم، يعني: أنها احتسبت عليها، (أرأيت إن عجز أو استحمق)، أي: إن حصل منه تباطؤ، وتهاون، وتكاسل ثم خرجت من العدة، فإنها وقعت عليها تلك الطلقة وكذلك لو استحمق وركب رأسه، ولم يمتثل ما جاء من المراجعة في حال الحيض، وخرجت من العدة فإن الطلاق قد وقع، وخرجت من العدة بمضي الثلاث الحيضات التي تكون بعد تلك الحيضة التي حصلت فيها التطليقة.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر: (مره أن يراجعها فإذا طهرت، فإن شاء فليطلقها)


قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى عن محمد].محمد هو ابن جعفر الملقب بغندر البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن شعبة عن قتادة ].
شعبة وقد مر ذكره، وقتادة هو: ابن دعامة السدوسي البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يونس بن جبير ].
يونس بن جبير، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ].
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، أحد العبادلة الأربعة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

حديث ابن عمر: (مره أن يراجعها فإذا طهرت، فإن شاء فليطلقها) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا بشر بن خالد أنبأنا يحيى بن آدم عن ابن إدريس عن محمد بن إسحاق ويحيى بن سعيد وعبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر ح وأخبرنا زهير عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر قالوا: ( إن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض، فذكر عمر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: مره فليراجعها حتى تحيض حيضة أخرى، فإذا طهرت فإن شاء طلقها وإن شاء أمسكها، فإنه الطلاق الذي أمر الله عز وجل به قال تعالى: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/11.jpgفَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/12.jpg[الطلاق:1] ) ].ثم أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم، النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمر أن يأمر ابنه عبد الله بأن يراجعها ويمسكها حتى تطهر، فإن شاء بعد ذلك أن يمسكها وإن شاء أن يطلقها؛ لأن الله عز وجل أمر بتطليق النساء لعدتهن أي: مستقبلات عدتهن، فالحديث يدل على الرجعة، أي: إرجاع الزوجة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( مره فليراجعها ).
قوله: [حدثنا بشر بن خالد].
هو بشر بن خالد العسكري، ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[ عن يحيى بن آدم ].
يحيى بن آدم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن إدريس ].
هو: عبد الله بن إدريس الأودي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن إسحاق ].
هو: محمد بن إسحاق المدني، وهو صدوق، يدلس، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ ويحيى بن سعيد ].
ويحيى بن سعيد الأنصاري المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وعبيد الله بن عمر ].
وعبيد الله بن عمر العمري، عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن نافع ].
نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ].
وقد مر ذكره.
[ح وأخبرنا زهير ].
ثم قال: ح وأخبرنا زهير وهو زهير بن معاوية والإسناد ليس من أوله، لأن زهير هو في أثناء الإسناد، يروي عنه يحيى بن آدم، فقوله: وأخبرنا زهير، الذي قاله هو يحيى بن آدم؛ لأنه روى عن عبد الله بن إدريس عن الثلاثة ثم روى عن زهيراً عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر، أي: أن الإسناد هو هو، إلا أن يحيى بن آدم رواه من طريقين، وبشر بن خالد رواه عن يحيى بن آدم، ويحيى بن آدم رواه من طريقين: الطريق الأول الذي فيه الثلاثة والطريق الثاني الذي فيه زهير بن معاوية، وموسى بن عقبة، وزهير يروي عن موسى بن عقبة، فهو زهير عن موسى بن عقبة، وليس زهير وموسى بن عقبة، وإنما زهير يروي عن موسى بن عقبة، وموسى بن عقبة المدني إمام في المغازي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن نافع عن ابن عمر].
وقد مر ذكرهما.

شرح حديث ابن عمر في مراجعة المطلقة رجعياً من طريق ثالثة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا علي بن حجر أنبأنا إسماعيل عن أيوب عن نافع كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا سئل عن الرجل طلق امرأته وهي حائض فيقول: أما إن طلقها واحدة أو اثنتين فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمره أن يراجعها ثم يمسكها حتى تحيض حيضة أخرى، ثم تطهر ثم يطلقها قبل أن يمسها، وأما إن طلقها ثلاثاً فقد عصيت الله فيما أمرك به من طلاق امرأتك وبانت منك امرأتك ].ثم أورد النسائي حديث ابن عمر رضي الله عنه، أنه كان إذا سئل عن طلاق المرأة في حيضها قال: أتعرف عبد الله بن عمر؟ يعني: أنك على الخبير سقطت، أنت تسأل عن شيء وأنا خبير به، فقوله: أتعرف عبد الله بن عمر؟ يريد أن يبين له تحققه من الحديث كما أنه متحقق بأن من يخاطبه عبد الله بن عمر، وأخبر بأنه النبي صلى الله عليه وسلم.
[ كان ابن عمر رضي الله عنهما، إذا سئل عن الرجل طلق امرأته وهي حائض، فيقول: أما إن طلقها واحدة أو اثنتين فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمره أن يراجعها ثم يمسكها حتى تحيض حيضة أخرى ثم تطهر ثم يطلقها قبل أن يمسها، وأما إن طلقها ثلاثاً فقد عصيت الله فيما أمرك به من طلاق امرأتك وبانت منك امرأتك ].
هذا ما فيه ذكر قصته في تطليق زوجته ولكن فيه الإخبار بالتفصيل بما يكون عليه الحال فيما إذا طلقها طلاقاً رجعياً، فإنه يراجع حتى تحيض حيضة أخرى ثم تطهر، وأما إن كان طلقها ثلاثاً، فإنه قد عصى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: عصيت الله فيما أمرك به من طلاق امرأتك، يعني: أنه يطلق واحدة، أو اثنتين ولا يطلق ثلاثاً، وأنه يملك الأولى والثانية، والثالثة تبين منه بها، وإذا طلق بهذا العدد فإنه يكون عصى فيما أمر به من الطلاق، وبانت امرأته منه بكونه طلقها ثلاثاً.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر في مراجع المطلقة رجعياً من طريق ثالثة


قوله: [أخبرنا علي بن حجر ].هو علي بن حجر بن إياس السعدي المروزي، ثقة، أخرج له البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[عن إسماعيل].
هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم، ثقة، مشهور بابن علية، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أيوب ].
هو أيوب بن أبي تميمة السختياني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن نافع عن ابن عمر ].
وقد مر ذكرهما.

حديث ابن عمر في مراجعة المطلقة رجعياً، من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا يوسف بن عيسى المروزي قال: حدثنا الفضل بن موسى قال: حدثنا حنظلة عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم فراجعها ].ثم أورد النسائي حديث ابن عمر: أنه طلق امرأته وهي حائض فأمره النبي صلى الله عليه وسلم، فراجعها يعني: الحديث في الرجعة وهو دال على المراجعة إذا طلق الرجل امرأته وهي حائض، وهو مختصر هنا، ذكره مختصراً.
قوله: [ أخبرنا يوسف بن عيسى المروزي ].
هو يوسف بن عيسى المروزي، ثقة، أخرج له البخاري، والترمذي، والنسائي.
[ عن الفضل بن موسى ].
هو الفضل بن موسى المروزي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حنظلة ].
هو حنظلة بن أبي سفيان، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سالم ].
هو سالم بن عبد الله بن عمر رحمة الله عليه، ثقة، فقيه أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ].
ابن عمر رضي الله عنهما وقد مر ذكره.

حديث ابن عمر في مراجعة المطلقة رجعياً من طريق خامسة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا عمرو بن علي حدثنا أبو عاصم قال: ابن جريج أخبرنيه ابن طاوس عن أبيه أنه سمع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يسأل عن رجل طلق امرأته حائضاً، فقال: أتعرف عبد الله بن عمر؟ قال: نعم، قال: فإنه طلق امرأته حائضاً فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر، فأمره أن يراجعها حتى تطهر، ولم أسمعه يزيد على هذا ].ثم أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى، وهو أن ابن عمر رضي الله عنه، عندما يسأل عن طلاق الرجل زوجته وهي حائض يقول له: أتعرف عبد الله بن عمر يريد: سؤالك جاء إلى شخص له علم في هذه المسألة، وهو أن ابن عمر رضي الله عنه، طلق زوجته فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بأن يراجعها.
قوله: [ أخبرنا عمرو بن علي ].
هو الفلاس ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي عاصم ].
هو الضحاك بن مخلد النبيل، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن جريج ].
هو عبد الملك بن عبد العزيز المكي، ثقة، فقيه، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن طاوس].
هو عبد الله بن طاوس، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
هو طاوس بن كيسان، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ].
ابن عمر، وقد مر ذكره.

شرح حديث طلاق رسول الله حفصة ومراجعته إياها


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا عبدة بن عبد الله أنبأنا يحيى بن آدم ح وأنبأنا عمرو بن منصور حدثنا سهل بن محمد أبو سعيد قال: نبئت عن يحيى بن زكريا عن صالح بن صالح عن سلمة بن كهيل عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن عمر رضي الله عنهم، أن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال عمرو: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان طلق حفصة ثم راجعها والله أعلم ].ثم أورد النسائي حديث عمر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق حفصة ثم راجعها، أي أن فيه إثبات الرجعة، ودلالة على الرجعة وإرجاع الزوجة، والنبي صلى الله عليه وسلم جاء ذلك من قوله ومن فعله، من قوله كونه أمر بالمراجعة ومن فعله كونه طلق حفصة رضي الله عنها، ثم راجعها.

تراجم رجال إسناد حديث طلاق رسول الله حفصة ومراجعته إياها


قوله: [ أخبرنا عبدة بن عبد الله ].هو عبدة بن عبد الله الصفار ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن يحيى بن آدم ].
يحيى بن آدم، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ح وأنبأنا عمرو بن منصور ].
ثم قال: ح وأنبأنا عمرو بن منصور هو النسائي وقد مر ذكره ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن سهل بن محمد ].
هو سهل بن محمد بن الزبير العسكري ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[ قال: نبئت عن يحيى بن زكريا ].
قال: نبئت يعني: يقول سهل بن محمد العسكري نبئت عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وهذا بالنسبة للطريق الثانية، أما يحيى بن آدم فهو روى عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة بدون قوله: نبئت؛ لأن نبئت تشعر بالواسطة وأن هناك واسطة بينه وبينه، لكن جاء في سنن أبي داود أن سهل بن محمد العسكري هذا قال: حدثنا يحيى بن زكريا.
وهنا قال: نبئت، والإسناد الأول يحيى بن آدم عن يحيى بن زكريا.
[ يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ].
يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن صالح بن صالح ].
هو صالح بن صالح بن حي الهمداني الكوفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سلمة بن كهيل ].
سلمة بن كهيل، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن جبير ].
سعيد بن جبير، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
ابن عباس وهو أحد العبادلة الأربعة وقد مر ذكره.
[ عن عمر ].

رضي الله عنه، وهو ثاني الخلفاء الراشدين، وصاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة، رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.





ابوالوليد المسلم 16-08-2022 08:40 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الخيل

(459)

- مقدمة كتاب الخيل




الخير معقود في نواصي الخيل أبداً، وهي محبوبة عند الناس لذلك، حيث تستعمل في الجهاد في سبيل الله، وقد جاء الترغيب في صفات منها معلومة، كما كره اتخاذها لمن لم يؤد حق الله فيها.

كتاب الخيل



شرح حديث سلمة بن نفيل الكندي: (والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [كتاب الخيلأخبرنا أحمد بن عبد الواحد حدثنا مروان وهو ابن محمد حدثنا خالد بن يزيد بن صالح بن صبيح المري حدثنا إبراهيم بن أبي عبلة عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي عن جبير بن نفير عن سلمة بن نفيل الكندي رضي الله عنه أنه قال: (كنت جالساً عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال رجل: يا رسول الله! أذال الناس الخيل، ووضعوا السلاح، وقالوا: لا جهاد، قد وضعت الحرب أوزارها، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بوجهه وقال: كذبوا، الآن الآن جاء القتال، ولا يزال من أمتي أمة يقاتلون على الحق، ويزيغ الله لهم قلوب أقوام، ويرزقهم منهم حتى تقوم الساعة، وحتى يأتي وعد الله، والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، وهو يوحى إلي أني مقبوض غير ملبث، وأنتم تتبعوني أفناداً يضرب بعضكم رقاب بعض، وعقر دار المؤمنين الشام)].
يقول النسائي رحمه الله: كتاب الخيل، المقصود من الترجمة ذكر الأحاديث التي وردت مشتملة على بيان أحكام الخيل، وفي بعض النسخ: كتاب الخيل والسبق والرمي، وهذان لهما صلة بالخيل من جهة أن الخيل يكون فيها الاستعداد للجهاد في سبيل الله، والسبق والرمي أيضاً فيه تمرن واستعداد لمعرفة القتال في مثل هذه الآلات والوسائل.
وذكر الخيل أو كتاب الخيل في هذا الموضع بعد كتاب الطلاق، وقبل كتاب الإحباس -الوقف- ليس له مناسبة، والمناسبة التامة أن يكون كتاب الخيل والسبق والرمي بعد كتاب الجهاد؛ لأنه هو الألصق به؛ ولأنه متعلق به، وهو كذلك موجود في السنن الكبرى على هذا الترتيب؛ بحيث أورد كتاب الخيل بعد كتاب الجهاد، وهذا هو الأليق الأنسب، والكتابان بعضها متصل ببعض، مثل اتصال كتاب الطلاق بكتاب النكاح، وهما يتعلقان بأحكام النساء، والجهاد والخيل مرتبط بعضهما ببعض، ومتصل بعضهما ببعض، فالترتيب الذي في السنن الكبرى، وهو كون كتاب الخيل يأتي عقب كتاب الجهاد مباشرة، هو الأليق والأنسب.
ثم أورد النسائي حديث [سلمة بن نفيل الكندي رضي الله تعالى عنه أنه قال: (كنت جالساً عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال رجل: يا رسول الله! أذال الناس الخيل، ووضعوا السلاح، وقالوا: لا جهاد، قد وضعت الحرب أوزارها، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بوجهه وقال: كذبوا، الآن الآن جاء القتال)].
فقوله: [(أذال الناس الخيل، ووضعوا السلاح)]، قيل: معناه أنهم امتهنوها واستسهلوا في شأنها، فأهانوها، ولم يحترموها ويوقروها، ولم يعنوا بها العناية التامة، بل إنهم تركوها وأرسلوها، فلم يربطوها ويعدوها للجهاد في سبيل الله عز وجل.
[وضعت الحرب أوزارها]، أي: انتهت الحرب، ولم يكن هناك جهاد، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (كذبوا)، أي: لم ينته الجهاد، ولم تضع الحرب أوزارها، بل الآن جاء القتال؛ لأن المقصود من ذلك أنه في أول الأمر كان القتال في نفس البلاد التي هي حول المدينة، ومن ذلك فتح مكة، ثم إن الناس بعد ذلك هم بحاجة إلى أن يخرجوا من ديارهم، وأن يتجهوا إلى بلاد الكفار ليدعوهم إلى الله عز وجل، ويدخلوهم في هذا الدين الحنيف، ويخرجوهُم بإذن ربهم من الظلمات إلى النور، فالجهاد باق ولا ينقطع ولا ينتهي، فقولهم: إن الحرب قد قد وضعت أوزارها، وأنه لا جهاد، هذا كذب وليس بصحيح، بل الآن جاء القتال؛ لأن المسلمين عندما حصلت لهم القوة والتمكن والغلبة في بلاد العرب، فإنهم ينتقلون إلى بلاد أخرى، ويقاتلون الكفار، ويخرجون الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم.

جهاد الدفع وجهاد الطلب

والجهاد ليس دفاعاً فقط عن البلاد، وإنما هو ذهاب إلى بلاد الكفار، ونشر لهذه العقيدة والتوحيد، ودعوة الناس إلى عبادة الله عز وجل، وإخراجهم من الظلمات إلى النور، وليس مجرد أن الناس يبقون في بلادهم، وأنهم إن جاءهم أحد ردوه، فإن الدفاع شيء فطر الناس عليه، وحتى الحيوانات تدافع عن نفسها إذا حصل لها شيء يضطرها إلى أن تدافع، وأنها ما تجد أمامها إلا أن تدافع عن نفسها، فهي تدافع عن نفسها، وكون الجهاد هو دفاع فقط، وليس انتقالاً من بلاد المسلمين إلى بلاد الكفار ليدعوهم إلى الله عز وجل، وليدخلوهم في هذا الدين، وليحكموهم بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ليس شأن الجهاد مجرد الدفاع، والرسول صلى الله عليه وسلم جاهد وأمر بالجهاد، وذهب إلى الروم وغزاهم حين ذهب إلى تبوك، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهبوا إلى الشام وفتحوها، وإلى بلاد العراق وفارس وفتحوها، وأنفقوا كنوز كسرى وقيصر في سبيل الله، كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن الناس عندما ضعفوا واشتد ضعهم، صار الجهاد عندهم مجرد دفاع، وأن الكفار لا يؤذون ولا يذهب إليهم في بلادهم، وإنما يكون دفاعاً، ويكون دعوة بدون قتال وجهاد.ومن المعلوم أن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم ذهبوا إلى بلاد فارس والروم، وقضوا على الدولتين العظميين في ذلك الزمان؛ دولة فارس ودولة الروم، وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن كنوز كسرى وقيصر ستنفق في سبيل الله، وقد أنفقت في سبيل الله على يد الفاروق، الخليفة الراشد الثاني من الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه، حيث جاءت الكنور، وأتي بالذهب والفضة إلى هذه المدينة، وقسمه عمر رضي الله عنه وصرفه في مصالح المسلمين كما أمر الله عز وجل، وكما جاء في سنة رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
قوله: [(ولا يزال من أمتي أمة يقاتلون على الحق)]، أي: لا يزال في هذه الأمة من يقاتل على الحق، ومن يعنى بنشر هذا الدين، ويحرص على نشره، ولا ينقطع ذلك ولا ينتهي حتى يأتي أمر الله، أي: عند قرب قيام الساعة، وعند نهاية الدنيا، إلى الوقت الذي تخرج فيه الريح اللينة التي تقبض روح كل مؤمن ومؤمنة، ولا يبقى بعد ذلك إلا شرار الناس الذين تقوم عليهم الساعة، فلا يزال أمر الله ماضياً، ولا يزال الحق له من ينصره ويؤيده، ولا تخلو الأرض من قائم لله بحجته، فلا يحصل في وقت من الأوقات أن تخلو الأرض من الحق وأهله بحيث يسود الباطل، ولا يبقى للحق وجود، ولا يبقى له نفوذ.. لا يكون هذا، ولكن الأمر يختلف في بعض الأوقات من حال إلى حال، فقد يضعف في بعض الأحوال، وقد يقوى في بعض الأحوال، والغالب أن كل زمان دون الذي قبله، وقد يأتي زمان يكون أشد وأعظم نفعاً من الذي قبله.
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يأتي عام إلا والذي بعده شر منه)، ليس على إطلاقه، بل قد يأتي أعوام أحسن وأفضل من التي قبلها، بمعنى أن بعض الناس يرى أن في هذا خللاً، وأن هذا لم يحصل استمرار ذلك، ثم يتكلم في الحديث أو يقدح فيه، وهو في صحيح البخاري؛ لأن العلماء من قديم الزمان فسروه وفهموه، وقالوا: هو من العام المخصوص، وليس من العام الباقي على عمومه، وأنه ما من عام إلا وهو أسوأ من الذي قبله، ولا يكون خلاف ذلك أبداً؛ لأن ابن حبان رحمه الله قال: وما جاء في هذا الحديث مخصوص في بعض الأحوال، ومن ذلك ما جاء في أحاديث المهدي، وأنه يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، ونقله عنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري، فالزمان الذي ملئت فيه الأرض عدلاً، هو أحسن من الذي قبله، الذي ملئت فيه الأرض جوراً، ومعنى هذا أن قوله: (لا يأتي عام إلا والذي بعده شر منه)، المقصود به أن هذا في غالب الأحوال وأكثرها، وقد يكون في بعض الأحوال الأمر بخلاف ذلك.
وهنا قال: [(حتى يأتي أمر الله)]، وأمر الله المقصود به واحد الأمور، وليس واحد الأوامر؛ لأن الأمر قد يأتي ويراد به واحد الأوامر، مثل: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgإِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[النحل:90]، فهذا المقصود الأوامر التي هي ضد النواهي، وقد يأتي الأمر ويراد به الشأن والحال، ومنه: (حتى يأتي أمر الله)، يعني: حتى يأتي الشيء الذي أراده الله وقدره، من أنه تخرج ريح لينة روح تقبض روح كل مؤمن ومؤمنة، ثم لا يبقى إلا شرار الناس الذين تقوم عليهم الساعة.
قوله: [(ولا يزال من أمتي أمة يقاتلون على الحق، ويزيغ الله لهم قلوب أقوام، ويرزقهم منهم حتى تقوم الساعة، وحتى يأتي وعد الله)].
أي: من أجل جهادهم، وكونه يحصل لهم الزيغ فيحصل جهادهم، ويحصل لهم الأجر بجهادهم، ويحصل لهم الغنيمة المعجلة في الدنيا، وهي رزق الله عز وجل لهم من هؤلاء الذين يقاتلونهم من أجل إدخالهم في هذا الدين، فهذا مصدر رزق عظيم، وهو رزق المصطفى صلى الله عليه وسلم، حيث جاء في الحديث: (بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي)، أي: أنه من الغنائم ومن الفيء الذي يفيء الله على المسلمين، وهذا في الجهاد في سبيل الله، قال: (وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم)، وهو حديث عظيم رواه الإمام أحمد في المسند، وشرحه الحافظ ابن رجب في جزء لطيف، وهو من أجزائه الحديثية اللطيفة التي تشتمل على حكم وآثار كثيرة عن السلف، وهو المعنون: الحكم الجديرة بالإشاعة في شرح حديث: (بعثت بين يدي الساعة)، وبالمناسبة فالأجزاء الحديثية لـابن رجب هي أجزاء مفيدة ونفيسة، وتشتمل على الآثار والحكم، وعلى الكلمات الجميلة التي تؤثر عن سلف هذه الأمة في مختلف الموضوعات.
قوله: [(ويرزقهم منهم)]، أي: بالجهاد، فالغنائم يغنمونها حيث يقاتلونهم ويعملون على إخراجهم من الظلمات إلى النور، فيدخل من يدخل في الإسلام، ويدفع الجزية من يدفع الجزية، ويغنمون ما يغنمون من الكفار، وذلك هو خير مصادر الرزق.

الخيل من وسائل الجهاد

قوله: [(والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)].وهذا محل الشاهد من إيراد الحديث في كتاب الخيل، قال: (والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)، وهذا يدل على عظم شأن الخيل وأهميتها، وأن الخير معقود في نواصيها، وأنه لا ينتهي الأمر باستغناء الناس عنها في وقت من الأوقات، فقد يأتي الوقت الذي يحتاجون فيه إلى الخيل، بل قد جاء في الأحاديث ما يدل على استعمال الخيل والجهاد عليها في سبيل الله في آخر الزمان، فقوله صلى الله عليه وسلم: (معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)، معناه أنها لا تنتهي الحاجة إليها، ولا ينتهي الانتفاع بها، ولا ينتهي كونها وسيلة من وسائل الجهاد في سبيل الله؛ فإن الأمر وإن حصل في هذا الزمان من وجود الوسائل الحديثة، فلا يعني ذلك أن الخيل والحاجة إليها قد انتهت، وأنه لا اعتبار لها في المستقبل؛ لأن بعض المغرورين عندما يسمع بعض الأحاديث التي تتعلق بهذه الوسائل التي كانت موجودة بعد زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وبعده بفترة طويلة، ووجود الأمور التي تغيرت، والصناعات الحديثة، هذا يجعل بعض الناس يقدم على بعض النصوص فيقدح فيها ويقول: إنها موضوعة، وإنها غير ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع أنها في صحيح البخاري وصحيح مسلم، مثلما جاء عن محمد فريد وجدي صاحب دائرة معارف القرن العشرين، عندما ذكر أحاديث الدجال، وجاء ذكر الدجال، مع أن الدجال أحاديثه متواترة، بل شرع الدعاء في الصلاة بالاستعاذة من فتنة المسيح الدجال، ثم يأتي مثل هذا الشخص ويتكلم ويقول: إن الأحاديث عند الدجال كلها موضوعة وملفقة، وهي غير صحيحة، ثم يأتي إلى حديث قصة يأجوج ومأجوج، وأنهم (يرمون بنبلهم، ويقولون: قضينا على من في الأرض فلنقض على من في السماء، فيرسلون نبلهم إلى السماء فترجع إليهم مخضوبة دماً)، فيقول: إن الذي وضع هذا الحديث لم يدر أنه لن يمض كذا إلا ويحصل كذا، وأنه لا يمضي كذا إلا وحصل من الطائرات والقنابل والأشياء كذا وكذا.. إلى آخره، قال: فهذا يدل على وضع الحديث، وأن الذي وضعه قاصر نظر..، والحديث في صحيح مسلم ! لكن وجدي ما يدري أن هذه الوسائل يمكن أن يأتي عليها وقت من الأوقات تتوقف، ولا تحصل الفائدة منها، وهذه الوسائل الحديثة من الطائرات والسيارات لو انقطع النفط لبقيت في الأرض ركاماً من الحديد البارد، لا يستفاد منها بشيء، وما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم، من الأحاديث يجب تصديقه، وأن ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم حق وصدق، وأنه لا يغتر بكلام الذين يحكمون عقولهم، ويقدمون على الأحاديث فيقدحون فيها -وهي صحيحة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم- بمجرد أنهم فهموا فهماً خاطئاً، وتصوروا تصوراً خاطئاً، وحكموا على أن المستقبل لابد وأن يكون دائماً على ما عقلوه وشاهدوه، فقد يتغير الحال ويرجع الناس إلى تلك الوسائل، بل قد جاء ما يدل على استخدامهم لتلك الوسائل، وهو كونهم يغزون على الخيل في سبيل الله عز وجل في آخر الزمان.
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)، يعني: معناه إلى نهاية الدنيا، والخير فسر بأنه الأجر والمغنم كما جاء في بعض الأحاديث التي ستأتي، والأجر هو: أجر من يجاهد عليها في سبيل الله، وكذلك الغنيمة التي يحصلونها، وهي أحسن الرزق وأجمله وأفضله، والتي هي رزق المصطفى صلى الله عليه وسلم، وكذلك أيضاً ما يحصل للمسلمين من العزة والقوة والغلبة على أعدائهم، ففيه دحر الأعداء وظهور المسلمين، وفيه حصول الأجر للمجاهدين، وفيه حصول الغنيمة التي يغنمونها في الجهاد في سبيل الله.
فقوله عليه الصلاة والسلام: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة) يدل على أن نفعها لا ينقطع ولا ينتهي، وأنه لا يكون زمن تنتهي فيه الحاجة إليها، فالأحاديث جاءت بأنها ستستخدم، وأنها سيجاهد عليها في سبيل الله، وهذا الحديث يدل على استمرار ذلك إلى يوم القيامة.
وقوله: [(والخيل معقود في نواصيها)]، ليس هذا تخصيص لها، فالناصية هي مقدمتها، وهي التي جاء فيها أحاديث تخصها، وأيضاً عندما يذكر الشيء من أنه يؤخذ بناصيته، فيؤخذ بناصيتها عندما تقاد، وكذلك عندما يمسح عليها كما سيأتي فيما يتعلق بنواصيها، أنه يمسح عليها ويفتلها، يعني: يحركها بأصابعه كهيئة الفاتل، فيمكن والله أعلم أن المقصود به ليس هو الخصوص، وإنما المقصود الخيل كلها فيها الخير، ولكن ذكرت النواصي لأنها هي المقدمة، ولهذا عندما يؤخذ بشيء قال: يؤخذ بناصيته: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgفَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[الرحمن:41].
قوله: [(وهو يوحي إلي أني مقبوض غير ملبث، وأنتم تتبعوني أفناداً)].
وهو عليه الصلاة والسلام يوحى إليه أنه مقبوض: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgإِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[الزمر:30]، وهو لم يعمر، والخلد ليس لأحد، ولو كان الخلد لأحد لكان أولى الناس به رسول الله عليه الصلاة والسلام، والله تعالى يقول: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgوَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[الأنبياء:34]، بل لابد من الموت، وكل حي من المخلوقين سيموت، ولابد للناس أن يموتوا، طالت أعمارهم أو قصرت، والرسول صلى الله عليه وسلم وهو سيد الخلق، يموت الموتة التي هي: الانتقال من الدار الدنيا إلى الدار الآخرة وإلى البرزخ، ولكنه يكون في قبره حياً حياة برزخية أكمل من حياة الشهداء، لكنها تختلف عن الحياة التي كان عليها في الدنيا؛ لأن حياة الآخرة غير حياة الدنيا، والنعيم والعذاب الذي يكون في القبر، يختلف عن النعيم والعذاب الذي يكون في الدنيا، فالعذاب الذي يكون في الدنيا يكون مشاهداً ومحسوساً، والعذاب الذي يكون في القبر والنعيم الذي يكون في القبر يحصل وإن لم يشاهد الناس ذلك، بحيث لو فتحوا القبر لا يجدون فيه جنة ولا ناراً، مع أن الجنة والنار موجودة، ولكنها أمور مغيبة، فهو عليه الصلاة والسلام مقبوض غير ملبث، أي: غير خالد، وغير باق، وغير لابث في الدنيا إلى نهايتها، وإنما له أجل ينتهي إليه، وقد انتهى أجله بعد أن كان عمره ثلاثاً وستين سنة صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
ومثله أبو بكر رضي الله عنه، توفي وعمره ثلاث وستون سنة، وعمر رضي الله عنه توفي وعمره ثلاث وستون سنة، وعلي رضي الله عنه توفي وعمره ثلاث وستون سنة، فالرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون الثلاثة عمر كل واحد منهم ثلاث وستون سنة، أما عثمان رضي الله عنه فعمره زاد على الثمانين، ولهذا بعض الكتاب يقدحون في خلافته، ويتكلمون في خلافته في القرن الرابع عشر، ويقولون: أدركته الشيخوخة، فكانت خلافته فيها ما فيها، وهذا كما قال بعض أهل العلم: قائل ذلك لا يضر إلا نفسه، أي: القدح في أحد من الصحابة لا يضر الصحابة شيئاً، وإنما يضر القادح نفسه، حيث يتكلم في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لا يليق وبما لا ينبغي، فخلافته خلافة نبوة، وهو على هدى وعلى صراط مستقيم، وهو أحد الخلفاء الراشدين الهادين المهديين الذين أمرنا باتباعهم، والسير على منوالهم في قوله عليه الصلاة والسلام: (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة).
قوله: [(وأنتم تتبعوني أفناداً)]، أي: جماعات يتبع بعضهم بعضاً، ويحصل أن بعضهم يضرب رقاب بعض، ويحصل أن بعضهم يقتل بعضاً.
وقوله: [(وعقر دار المؤمنين الشام)]، أي: أصل دار المؤمنين، فالعقر هو الأصل، والمقصود من ذلك أن الشام في وقت الفتن وفي آخر الزمان هي التي يكون فيها الحشر الدنيوي، حيث يذهبون إلى الشام ويجتمعون هناك، فهذا من الأحاديث الدالة على فضلها، أي: فضل الشام، وستكون في آخر الزمان هي الموئل الذي يفد إليه المسلمون، ويحشرون إليه.

تراجم رجال إسناد حديث سلمة بن نفيل الكندي: (والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)


قوله: [أخبرنا أحمد بن عبد الواحد].أحمد بن عبد الواحد صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن مروان].
وهو مروان بن محمد الدمشقي، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن خالد بن يزيد بن صالح بن صبيح المري].
خالد بن يزيد بن صالح بن صبيح المري ثقة، أخرج حديثه أبو داود في المراسيل، والنسائي، وابن ماجه.
[عن إبراهيم بن أبي عبلة].
إبراهيم بن أبي عبلة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، إلا الترمذي.
[عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي].
الوليد بن عبد الرحمن الجرشي هو ثقة، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن جبير بن نفير].
جبير بن نفير ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن سلمة بن نفيل الكندي].
سلمة بن نفيل الكندي رضي الله عنه، وحديثه أخرجه النسائي وحده.
يتبع


ابوالوليد المسلم 16-08-2022 08:41 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح حديث أبي هريرة: (والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن يحيى بن الحارث حدثنا محبوب بن موسى حدثنا أبو إسحاق يعني: الفزاري عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، الخيل ثلاثة: فهي لرجل أجر، وهي لرجل ستر، وهي على رجل وزر، فأما الذي هي له أجر فالذي يحتبسها في سبيل الله فيتخذها له، ولا تغيب في بطونها شيئاً إلا كتب له بكل شيء غيبت في بطونها أجر، ولو عرضت له مرج)، وساق الحديث].ثم أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة).
(الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)، وهذا هو المقصود من إيراد الحديث، ثم ذكر أنها ثلاثة أقسام، أي: ثلاثة أصناف، وأصحابها أيضاً ثلاثة أصناف، هي لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر، يعني: أحد تكون له أجراً، وأحد تكون له ستراً، وأحد تكون عليه وزراً، ثم ذكر بعض ما يتعلق بذلك، وهو الصنف الأول الذي تكون له أجراً، فقال: (فأما الذي هي له أجر فالذي يحتبسها في سبيل الله فيتخذها له)، أي: يوقفها؛ لأن الحبس هو التوقيف، يحتبسها معناه: يوقفها للجهاد في سبيل الله، ومنه ما جاء في حديث قصة ابن جميل وخالد، قال: (إنكم تظلمون خالداً وقد احتبس أدراعه)، أي: أوقف، يعني: خرج من هذه العدد وجعلها في سبيل الله عز وجل، احتبس، أي: أوقف، يحتبسها، يعني: يوقفها، والاحتباس غير الاحتساب، فالاحتساب هو نتيجة الاحتباس؛ لأنه يحتسب الأجر، وسيأتي بعد هذا الكتاب الذي هو كتاب الخيل كتاب الإحباس الذي هو الوقف، الذي هو التوقف، يعني أتى به بلفظ الإحباس، والوقف كما قالوا في تعريفه: هو تحبيس الأصل، وتسبيل المنفعة، يعني: الأصل لا يباع ولا يشترى، ومنفعته تصرف في وجوه الخير والبر، يحتسبها في سبيل الله فهي له، يعني: فهذه تكون له أجراً؛ لأنه أوقفها للجهاد في سبيل الله، وهو مأجور على ذلك، ثم ذكر أمثلة من سعة فضل الله عز وجل لحصول الأجر لهذا الذي احتبسها, فقال: (فأما الذي هي له أجر فالذي يحتبسها في سبيل الله فيتخذها له، ولا تغيب في بطونها شيئاً إلا كتب له بكل شيء غيبت في بطونها أجر، ولو عرضت له مرج).
قوله: [(ولا تغيب في بطونها شيئاً)]، يعني: لا تأكل ولا تدخل في بطونها شيئاً، سواء كان مرعى أو ماء، سواء كان مأكولاً أو مشروباً، إلا كان له بذلك الذي غيبته في بطونها أجر على ذلك، (ولو عرضت له مرج)، المرج هي الروضة أو الأرض الواسعة التي فيها نبات، أي: فأكلت منها، فإنه يكون فيما أكلته يكون له فيه أجر.
ثم قال: وساق الحديث، فلم يسقه بتمامه، لكن الحديث الذي بعده عن أبي هريرة في الطريق الثانية هي التي ساق فيها ألفاظه بتمامها، فأورد تفصيل ما يتعلق بالقسم الأول الذي تكون له أجراً، والقسم الثاني الذي تكون له ستراً، والقسم الثالث الذي تكون عليه وزراً.

تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة: (والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)


قوله: [أخبرنا عمرو بن يحيى بن الحارث].عمرو بن يحيى بن الحارث هو الحمصي، ثقة، أخرج له النسائي.
[عن محبوب بن موسى].
محبوب بن موسى صدوق، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[عن أبي إسحاق يعني: الفزاري].
أبو إسحاقالفزاري هو إبراهيم بن محمد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سهيل بن أبي صالح].
سهيل بن أبي صالح حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، والبخاري روى له تعليقاً ومقروناً، أي: أنه لم يورد له استقلالاً، ولكنه جاء مقروناً، ذكروه ضمن رجال البخاري، فرمز له المزي ومن تبعه بأنه من رجال الجماعة، والبخاري إنما خرج له مقروناً، وهذا يدلنا على أن المزي ومن تبعه عندما يكون الإنسان جاء في الأصول وفي الأسانيد، ولو لم يكن مستقلاً ومنفرداً بالرواية، وإنما جاء مقروناً مع غيره، فإنه يعتبر من رجال الجماعة، ولهذا قال الحافظ في التقريب: روى له البخاري مقروناً وتعليقاً، ورمز لكونه من رجال الجماعة، أي: لم يرمز له بالتعليق فقط؛ لأنه وجد كونه من رجال الأصول، ولكن ليس على سبيل الاستقلال، بل على سبيل كونه مقروناً مع غيره في الإسناد، يعني: حدثنا فلان وفلان، أخبرنا فلان وفلان.
[عن أبيه].
وهو أبو صالح، واسمه ذكوان، ولقبه السمان، ويقال: الزيات، نسبة إلى بيع السمن وإلى بيع الزيت، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، فرضي الله تعالى عنه وعن الصحابة أجمعين.

شرح حديث أبي هريرة في أقسام الخيل

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن سلمة والحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع واللفظ له، عن ابن القاسم حدثني مالك عن زيد بن أسلم عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (الخيل لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر، فأما الذي هي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله فأطال لها في مرج أو روضة، فما أصابت في طيلها ذلك في المرج أو الروضة كان له حسنات، ولو أنها قطعت طيلها ذلك فاستنت شرفاً أو شرفين كانت آثارها -وفي حديث الحارث: وأرواثها- حسنات له، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن تسقى، كان ذلك حسنات فهي له أجر، ورجل ربطها تغنياً وتعففاً، ولم ينس حق الله عز وجل في رقابها ولا ظهورها، فهي لذلك ستر، ورجل ربطها فخراً ورياء ونواء لأهل الإسلام، فهي على ذلك وزر، وسئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الحمير؟ فقال: لم ينزل علي فيها شيء إلا هذه الآية الجامعة الفاذة: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/13.jpgفَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/14.jpg[الزلزلة:7-8])].
معنى سبيل الله

ثم أورد النسائي حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وفيه تفصيل الأقسام الثلاثة التي هي كونها لرجل أجراً، ولرجل ستراً، وعلى رجل وزراً، فقال في الذي هي له أجر: (فرجل ربطها في سبيل الله)، رجل ربطها في سبيل الله أي: للجهاد في سبيل الله؛ لأن كلمة (في سبيل الله) عند إطلاقها يراد بها الجهاد في سبيل الله، وهذا هو المعنى الخاص لها، وتأتي في سبيل الله بالمعنى العام، وهو أوجه الخير والبر كلها، يقال لها كلها: في سبيل الله؛ لأنها في طريق الإحسان والمعروف، لكن في سبيل الله يراد به الجهاد في سبيل الله، ولما ذكرت مصارف الزكاة الثمانية، ذكر من بينها في سبيل الله، والمقصود به: الجهاد في سبيل الله؛ لأن وجوه البر الأخرى هي كلها في سبيل الله؛ فإن إعطاء الفقراء هو في سبيل الله بالمعنى العام، وكذلك إعتاق الرقاب هو في سبيل الله بالمعنى العام، فإذاً يراد بسبيل الله المعنى الخاص، الذي هو الجهاد، ولا يراد به المعنى العام، ولهذا لا يجوز بناء المساجد، وبناء الأربطة، وتعبيد الطرق من الزكوات والصدقات التي جاء توزيعها في كتاب الله عز وجل على ثمانية أصناف، فإنه ليس منها هذه الأشياء، ولا يقال: إنها تدخل في سبيل الله؛ لأن تلك الأمور الأخرى هي في سبيل الله، ولو كان المقصود في سبيل الله المعنى العام، ما ذكر مع إعتاق الرقاب، ومع إعطاء ابن السبيل، ومع إعطاء الفقراء والمساكين؛ لأن هذا كله في سبيل الله بالمعنى العام، وأيضاً في سبيل الله المقصود به الجهاد، وعلى هذا فالزكاة تصرف في مصارفها الثمانية التي ذكرها الله عز وجل في كتابه، ولا تصرف في غيرها من وجوه البر الأخرى التي ما جاءت ضمن هذه الثمانية.قوله: [(فأطال لها في مرج أو روضة)].
وأطال لها أي: ربطها وأطال الرباط بحيث وضع وتداً ثابتاً في الأرض، أو في شجرة غليظة بحيث يربط فيها طرف الخيط أو طرف الحبل، والطرف الآخر يكون في يد الفرس، فتستدير حول هذه المنطقة وترعى، ولا تذهب على رأسها أو تنفلت، ولكنه يطيل حتى يكون عندها مجال واسع، بحيث تأكل من هذه الأرض التي حولها، فما حصل لها في ذلك التحرك في ضمن هذه الدائرة المحدودة التي هي في حدود الحبل الذي جعله طويلاً حتى يكون لها مجال، إلا كان له حسنات، يعني: ما تأكله وما تتحركه، كل ذلك يكون له حسنات.
(فأطال لها في مرج أو روضة)، الروضة هي: الأرض التي فيها خضرة، والمرج هو الأرض الواسعة التي فيها خضرة وفيها نبات، فمعناهما واحد، يعني: إما كذا أو كذا، فالمرج هو الروضة، والروضة هي المرج.
قوله: [(فما أصابت في طيلها ذلك في المرج أو الروضة كان له حسنات)].
أي: حدود هذا الحبل الذي تستدير فيه في هذه الدائرة، كل ما تصيبه في ذلك يكون له حسنات.
(ولو أنها قطعت طيلها)، يعني: هذا الحبل لو قطعته ثم أسرعت وجرت شرفاً أو شرفين فيما إذا انطلقت؛ لأن المربوط إذا أطلق يجري ويسرع، ولهذا يقولون عن البعير إذا أرادوه أن يتحرك، خاصة إذا كان فيه هزال مثلاً، يشدون عليه في العقال ثم يطلقونه، وإذا انطلق يكون ذلك أدعى إلى كونه يقوم، ولهذا يقولون: كأنما نشط من عقال، يعني: مثل يضرب على الإنسان يصير عنده نشاط، فيكون مثل ذلك البعير الذي تربط يده بالعقال ثم تحل، فإنه عندما تحل يسرع ويحاول أن يقوم، وكذلك الذي هو مربوط في دائرة إذا انقطع رباطه، فإنه يجري، فما يحصل منه لو انقطع رباطه.
(واستن شرفاً أو شرفين)، استن: أسرع وجرى، (شرفاً أو شرفين)، يعني: إما مكان عال؛ لأن الشرف هو المكان العالي، أو جرى على أي حالة كانت، فإن الله يكتب آثاره، أي: خطواته التي يخطوها، وفي بعض الروايات: وأرواثه، كل ذلك يكتب له حسنات.
قوله: [(ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن تسقى، كان ذلك حسنات فهي له أجر)].
ولو أنه مر بنهر يريد أن يجتاز، ولكنها أرادت الماء فانعطفت على الماء، وهو ما كان في نيته أنه يسقيها، ولكنها هي نفسها أرادت الماء فشربت، فله أجر بذلك، وإذا كان هذا في الشيء الذي ما قصده، فمن باب أولى أن الشيء الذي قصده يكون له فيه أجر، ولا يعارض الحديث العام الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات)، وهو ما نوى أنه يعمل هذا الشيء بالنسبة لها؛ لأن نيته أصلاً في تحبيسها، يعني: أن كل ما تفعله يرجع إليه أجره، فالنية العامة موجودة في أصل التحبيس والتوقيف، وفي أصل ربطها لهذا الغرض ولهذا الخصوص، فيكون له أجر، ولكن ذكر كونه يؤجر على ذلك وهو لم يقصد ذلك بالخصوص، وإن كان قد أراده في أصل التحبيس، ففيه إشارة وتنبيه إلى أنه إذا كان هذا في شيء ما قصده، فمن باب أولى أن يكون كل شيء أراده، وكل شيء قصده أنه يؤجر عليه، فهي لمن يكون كذلك أجر، هي لرجل أجر، فهذه الصفات والأحوال التي يكون فيها الأجر لمن ربطها واحتبسها في سبيل الله.
قوله: [(ورجل ربطها تغنياً وتعففاً، ولم ينس حق الله عز وجل في رقابها ولا ظهورها، فهي لذلك ستر)].
ورجل هي له ستر، الإنسان الذي ربطها لحاجته، وإظهار لغناه وعدم حاجته للناس، (وتعففاً)، أي: استغناء عن الناس، وعن كونه يطلب من الناس أموالهم أن يستفيد بها، فعنده ما يكفيه، وربط شيئاً يكفيه، ولم ينس أيضاً حق الله في ظهورها ورقابها، بأنه إذا حصل أمر يستدعي أنه يجعلها في الجهاد في سبيل الله، وكذلك من جهة أنه يحسن إلى الناس بالإعارة، أو بكونه يعير الفحل لينزوا على أنثى لغيره، كل هذا يدخل تحت كونه يستفيد ويفيد، فهو يستفيد بنفسه ويستغني عن الناس، ويتعفف فلا يحتاج إلى الناس، ويكون عنده ما يغنيه ويكفيه، وكذلك أيضاً لا ينسى أن يعدي النفع إلى الغير، وأن يحسن إلى الناس، فهي لهذا ستر؛ لأنه ستر يقيه، أي: كونه يحتاج إلى الناس ويضايق الناس في أموالهم، أو يطلب منهم شيئاً قد يكون في نفوسهم شيء من عدم الإعطاء، فهو يستغني بذلك عن الناس، وإذا احتيج إليه فعنده الاستعداد لأن يفيد غيره كما أفاد نفسه، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس).
وقوله: [(ورجل ربطها فخراً ورياء ونواء لأهل الإسلام، فهي على ذلك وزر)].
ورجل ربطها فخراً ورياء ونواء لأهل الإسلام، يعني: معاداة لهم، أو نكاية بهم، أو ما إلى ذلك، فهي لهذا وزر، وليست له أجر؛ لأنه ما ربطها للجهاد ولا للاستغناء بها، وإنما للفخر والخيلاء والرياء والكيد بأهل الإسلام، ومعاداة أهل الإسلام.
ثم سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الحمير بعدما ذكر الخيل، وما فيها من الأجر، وأن الخيل معقود بنواصيها، وأن الناس فيها ثلاثة أصناف، سئل عن الحمير؟ يعني: كيف الحال فيها؟ قال: ما عندي فيها، أو لم ينزل علي فيها ولا في غيرها إلا هذه الآية الجامعة الفاذة: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgفَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[الزلزلة:7-8]، الإنسان إذا أحسن إلى ما في يده، فإنه يؤجر على ذلك، وهذه ليست خاصة بالحمير، بل هي عامة في كل إحسان، من يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره؛ لأنها في جميع وجوه الخير وفي جميع وجوه الشر، فالخير ولو كان قليلاً، إذا قدمه أمامه وجده، والشر ولو كان قليلاً، فإنه إذا قدمه يجده أمامه.
وقوله: الجامعة؛ لأنها عامة تشمل كل شيء، ويدخل في ذلك الحمير، وإفادة الناس ونفعهم بها، والفاذة: المنفردة التي هي جامعة، ومع ذلك منفردة في عموم ما فيها من النفع، وما فيها من الخير.
وأما السيارات فلا شك أن كون الإنسان يصير عنده وسيلة من الوسائل، ويحسن إليها ويحسن فيها، هي داخلة في هذه الآية الفاذة الجامعة.

تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة في أقسام الخيل

قوله: [أخبرنا محمد بن سلمة].هو محمد بن سلمة المرادي المصري، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
الحارث بن مسكين].
هو الحارث بن مسكين المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن ابن القاسم].
هو عبد الرحمن بن القاسم صاحب الإمام مالك، وهو ثقة، أخرج له البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي.
[عن مالك بن أنس].
مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث الفقيه، الإمام المشهور، صاحب أحد المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن زيد بن أسلم].
زيد بن أسلم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة].
وقد مر ذكرهما.

الأسئلة


الجمع بين قول الله تعالى: (لا إكراه في الدين) وقتال الكفار على الإسلام


السؤال: قول الله تعالى: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgلا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[البقرة:256]، هل هذه الآية تدل على حرية الاعتقاد أو تساوي الأديان كما يزعمه بعض الناس، وكيف يجمع مع مشروعية الجهاد وقهر الكفار على الإسلام؟الجواب: معلوم أن الجهاد في سبيل الله قائم ومستمر، لكن إذا حصل الجهاد في سبيل الله لا يكره الناس على أن يدخلوا في الدين، بل إذا أعطوا الجزية ورضخوا لأحكام الإسلام، ودخلوا في أحكام الإسلام، فإنهم يتركون على ما هم عليه ولا يقاتلون؛ لأنه قد يكون دفعهم الجزية وسيلة إلى أنهم يشاهدون أحكام الإسلام، وما جاء في الإسلام من الخير، فيكون ذلك أدعى إلى دخولهم في الإسلام، وإلى دخولهم في هذا الدين الحنيف، وأيضاً المسلمون عندما يمسكون أي إنسان لا يقال: إما أن تسلم، وإما قتلناك، فلا يكون الأمر كذلك، وبالمقابل لا يعني أن الناس يجلسون في دورهم وفي أماكنهم ولا يخرجون لقتال الناس وجهادهم في سبيل الله عز وجل، حتى يخرجوا من دين الضلالة إلى دين الهدى.

ابوالوليد المسلم 16-08-2022 08:41 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الخيل

(460)

- (باب حب الخيل) إلى (باب شؤم الخيل)




جبل الإنسان على حب الخيل لما تتمتع به من صفات كريمة، ومع ذلك فإن في بعض الخيل صفات مكروهة كالشكال، والذي فسره البعض بأنه وجود التحجيل في اليد اليمنى مع الرجل اليسرى، أو في اليد اليسرى مع الرجل اليمنى، وهو ما يسميه البعض التحجيل من خلاف.

حب الخيل


شرح حديث: (لم يكن شيء أحب إلى رسول الله بعد النساء من الخيل)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب حب الخيل.أخبرني أحمد بن حفص حدثني أبي حدثني إبراهيم بن طهمان عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (لم يكن شيء أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد النساء من الخيل)].
يقول النسائي رحمه الله: حب الخيل، الخيل تحب؛ لأنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها أحاديث، منها: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)، فهذا يبعث على محبتها، وقد أورد النسائي تحت هذه الترجمة حديث أنس رضي الله تعالى عنه، أنه قال: (لم يكن شيء أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد النساء من الخيل)، الحديث فيه دلالة على محبة الخيل، وأنه يلي محبة النساء، وقد جاء في الحديث: (حبب إلي من دنياكم النساء والطيب)، وقيل: إنه لعله لم يذكر الخيل مع النساء والطيب؛ لأن حب الخيل من الدين، ولأنها من أسباب الانتصار، ومن أسباب الخير للمسلمين، وأما النساء والطيب فهي محببة من الأمور الدنيا، ولكن الخيل لم تذكر معها لكونها تتخذ للجهاد في سبيل الله، وفيه إعلاء كلمة الله، وإظهار دين الله، فلم تذكر مع الاثنتين اللتين هما النساء والطيب، ولكن الذي يدل على محبتها، وعلى الرغبة فيها، ما أخبر به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم،عنها بقوله: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)، وقد مر جملة من الطرق لهذا الحديث، ويأتي أيضاً جملة من الطرق له.
وهذا الحديث ضعفه الألباني، ولعل السبب في ذلك وجود مدلسين، هما: سعيد بن أبي عروبة، وكذلك أيضاً قتادة، وكل منهما مدلس، وقد جاء الحديث بالعنعنة عن كل واحد منهما.

تراجم رجال إسناد حديث: (لم يكن شيء أحب إلى رسول الله بعد النساء من الخيل)


قوله: [أخبرني أحمد بن حفص].هو أحمد بن حفص بن عبد الله بن راشد النيسابوري، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي.
[عن أبيه].
هو حفص بن عبد الله بن راشد النيسابوري، وهو صدوق، خرج له البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، أي: زيادة على ابنه خرج له ابن ماجه.
[عن إبراهيم بن طهمان].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن أبي عروبة].
ثقة، كثير التدليس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس بن مالك].
رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من صغار الصحابة، وقد عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه، والسبعة المعروفون بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم هم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد، وجابر، وأنس، وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين.


ما يستحب من شية الخيل


شرح حديث أبي وهب الجشمي في شية الخيل


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ما يستحب من شية الخيل.أخبرنا محمد بن رافع حدثنا أبو أحمد البزاز هشام بن سعيد الطالقاني حدثنا محمد بن مهاجر الأنصاري عن عقيل بن شبيب عن أبي وهب وكانت له صحبة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (تسموا بأسماء الأنبياء، وأحب الأسماء إلى الله عز وجل عبد الله وعبد الرحمن، وارتبطوا الخيل وامسحوا بنواصيها وأكفالها، وقلدوها ولا تقلدوها الأوتار، وعليكم بكل كميت أغر محجل، أو أشقر أغر محجل، أو أدهم أغر محجل)].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: شية الخيل، يعني: صفة الخيل، والأشياء التي يحرص عليها، ويرغب فيها أن تكون عليها الخيل، أورد النسائي حديث أبي وهب الجشمي رضي الله تعالى عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (تسموا بأسماء الأنبياء، وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن).
قوله: (تسموا بأسماء الأنبياء)، أمر بالتسمي بأسماء الأنبياء، والحديث في إسناده رجل مجهول وهو عقيل بن شبيب، ولكن جاء ما يدل على مقتضى هذه الجملة، وذلك في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه من قوله صلى الله عليه وسلم، لما ولد ابنه إبراهيم، قال: (ولد الليلة لي غلام وسميته باسم أبي إبراهيم)، فهذا يدل على التسمي بأسماء الأنبياء؛ لأنه ما قال: سميته إبراهيم وسكت، وإنما قال: سميته باسم أبي إبراهيم.
(أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن) هذا ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، التعبيد لله عز وجل، وأن يعبد بأسمائه هذا ثابت، لكن الحديث الذي فيه: (خير الأسماء ما عبد وحمد)، هذا غير ثابت، لكن الثابت قوله: (عبد الله وعبد الرحمن)، هذان هما أحب الأسماء إلى الله عز وجل، والتعبيد لله عز وجل بهذين الاسمين لا شك أنه أفضل من غيره؛ لأن هذين الاسمين اسمان مختصان بالله عز وجل لا يطلقان على غيره، فلا يطلق الله إلا على الله، ولا يطلق الرحمن إلا على الله، وهناك أسماء أيضاً لا تطلق إلا على الله، مثل: الصمد والخالق وبعض الأسماء، لكن الحديث جاء بالتنصيص على هذين الاسمين، وهما: الله والرحمن، وأن أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، فهذه الجملة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، في حديث آخر.
ثم قال: [(وارتبطوا الخيل)]، وربط الخيل للجهاد في سبيل الله، وحبسها في سبيل الله أيضاً ثابت، وسبق أن مر بنا حديث الرجل الذي له فيها أجر، وهو رجل ربطها واحتبسها في سبيل الله، ويكون له كذا وكذا من الأجر، فارتباط الخيل في الجهاد في سبيل الله ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: [(وامسحوا بنواصيها وأكفالها)].
نواصيها مقدمتها، وأكفالها أفخاذها، قيل: إن المقصود من ذلك الاستئناس بها وتأنيسها، وكونها تستأنس بصاحبها عندما يمسح عليها، فإن ذلك فيه استئناس له، واستئناس لها بمسها والقرب منها، وقيل: إن المقصود من ذلك معرفة حالها وجس سمنها، بكونه يمسح على أفخاذها، وقيل: إن المقصود من ذلك هو إزالة الغبار عنها بكون الإنسان ينفض ذلك عنها بيده ويزيله عنها.
قوله: [(وقلدوها، ولا تقلدوها الأوتار)]، قيل: إن المقصود بقوله: قلدوها، أي: يعدونها لإعلاء كلمة الله عز وجل، وللجهاد في سبيل الله، فكأن هذا أمر لازم لزوم القلادة للعنق، وقيل: ولا تقلدوها الأوتار، يعني: لا تقلد للفخر والخيلاء وأخذ الثأر، وما يحصل بين القبائل من الاقتتال بغير حق، لا تتخذ الخيل لتستعمل لهذه الأغراض، وقيل: إن المقصود: لا تقلدوها الأوتار، أي: أنها لا تقلد الأوتار في أعناقها، إما لكون ذلك سبباً في اختناقها عندما ترعى في شجرة وليس عندها أحد، فيعلق عود من الأعواد بها، فيؤدي ذلك إلى اختناقها، وقيل: إن المقصود بذلك أنهم في الجاهلية كانوا يقلدونها الأوتار لتحميها من العين، وحتى لا يصيبها عين بسبب ذلك، فالمنع لهذه الأغراض.
قوله: [(وعليكم بكل كميت أغر محجل)].
وهذه هي الصفات المرغوبة في الخيل، والتي هي المقصودة بالترجمة، بقوله: شية الخيل، أي: صفتها وعلامتها، وقال: (عليكم بكل كميت أغر محجل)، والكميت هو الذي اختلطت الحمرة فيه بالسواد، أي: ليست حمرة خالصة ولا سواداً خالصاً، وإنما بين بين، والأغر هو الذي في ناصيته ووجهه بياض، هذا هو الأغر، والمحجل هو الذي في قوائمه بياض، يعني: تحت الركبتين وفوق الحافر، فتكون تلك المنطقة فيها بياض.
قوله: [(أو أشقر أغر محجل)]، والأشقر هو الأحمر الخالص الحمرة، (والأدهم الأغر المحجل هو الأسود)، فهذه هي الصفات المرغوبة: الكميت، وهو: بين الحمرة والسواد، والأحمر الخالص، والأسود الخالص، وفي جميع الأحوال يكون أغر محجلاً.

تراجم رجال إسناد حديث أبي وهب الجشمي في شية الخيل


قوله: [أخبرنا محمد بن رافع].محمد بن رافع النيسابوري القشيري، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجه.
[عن أبي أحمد البزاز هشام بن سعيد الطالقاني].
صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود، والنسائي.
[عن محمد بن مهاجر الأنصاري].
ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عقيل بن شبيب].
مجهول، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود، والنسائي.
[عن أبي وهب].
أبو وهب وله صحبة، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود، والنسائي.
والحديث في سنده ذلك المجهول، لكن بعضه له شواهد تدل على ما جاء فيه، مثلما جاء في أوله، وما جاء من التسمية بأسماء الأنبياء، وكذلك التسمية بعبد الله وعبد الرحمن، وكذلك ارتباط الخيل للجهاد في سبيل الله، كل ذلك له شواهد.


الشكال في الخيل


شرح حديث: (كان النبي يكره الشكال من الخيل)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [الشكال في الخيل.أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة ح وأنبأنا إسماعيل بن مسعود حدثنا بشر حدثنا شعبة عن عبد الله بن يزيد عن أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم، يكره الشكال من الخيل)، واللفظ لـإسماعيل].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة، وهي الشكال في الخيل، الشكال صفة من صفات الخيل، وهي مكروهة، وقد جاءت الأحاديث بكراهيتها، والشكال في الخيل فسر بعدة تفسيرات، منها ما فسره النسائي في آخر الأحاديث الواردة في الباب، أي: فسره في آخر الباب بعد الحديث الثاني: وهو أن تكون القوائم الثلاث محجلة وواحدة مطلقة، يعني: ليس فيها تحجيل، أو العكس، بأن تكون ثلاث قوائم مطلقة ورجل محجلة، وفسر التحجيل بتفسيرات أخرى، لكن أحسنها كما قاله السندي في الحاشية: أن تكون إحدى اليدين مع الرجل التي هي مخالفة لها محجلة، بحيث يكون التحجيل في اليد اليمنى والرجل اليسرى، أو اليد اليسرى والرجل اليمنى، يعني من خلاف، هذا هو أرجح ما قيل في الشكال؛ لأنه ورد عند أبي داود بعد ذكر الحديث تفسير الشكال بهذا المعنى، وهو ليس مبيناً أنه من كلام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ولا من كلام غيره، فإن كان من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، فذلك واضح، وإن كان ليس من كلامه، وإنما من كلام بعض الرواة، فأيضاً تفسير الرواة له وجاهة وترجيح، وهو أن يكون التحجيل بين يد ورجل من خلاف، ما يكون في يد يمنى ورجل يمنى، أو يد يسرى ورجل يسرى، وإنما في يد يمنى ورجل يسرى، أو يد يسرى ورجل يمنى، ليس على التساوي بين اليد والرجل، وإنما فيه مخالفة بين الرجل واليد، فهذا هو أحسن ما قيل في تفسير الشكال.
وإنما كره رسول الله صلى الله عليه وسلم، الشكال في الخيل؛ لأن هذا مما جرب فلم يكن فيه نجابة، أي: بالتجربة ظهر أنه ليس فيه نجابة، كما قيل ومن المعلوم أن الدواب في ألوانها وفي أشكالها لها ميزة عند أهلها، ولهذا في وصية النبي صلى الله عليه وسلم لـعلي يوم خيبر قال: (خير لك من حمر النعم)، يعني: هذا اللون وهذه الصفة هي من أنفس ما يكون عند العرب، فأشكالها وألوانها وهيئاتها مفضلة بعضها على بعض، ولها ميزة بعضها على بعض، ثم أيضاً من حيث التجربة، هذه الصفات تكون غالباً على هيئة حسنة، وعلى هيئة مرغوب فيها، من الوجوه المختلفة.

يتبع



ابوالوليد المسلم 16-08-2022 08:42 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
تراجم رجال إسناد حديث: (كان النبي يكره الشكال من الخيل)

قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو ابن مخلد بن راهويه الحنظلي، وهو ثقة فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجه.
[عن محمد بن جعفر].
هو الملقب غندر البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ح وأنبأنا إسماعيل بن مسعود].
هو البصري أبو مسعود، ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن بشر].
بشر بن المفضل، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة عن عبد الله بن يزيد].
شعبة عن عبد الله بن يزيد، وهو النخعي، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم، والترمذي، والنسائي، وذكر الحافظ ابن حجر: أن الإمام أحمد قال: إنه سلم بن عبد الرحمن النخعي، وأن شعبة أخطأ في اسمه، لكن هذا ذكر له ترجمة، وذكر من خرج له، وذاك ذكر له ترجمة وذكر من خرج له، وهما متفاوتان؛ لأن هذا خرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي، وذاك الذي سيأتي في الحديث الذي بعد هذا، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة، وجاء في الإسناد الذي بعد هذا سالم بن عبد الرحمن، وهو سلم بن عبد الرحمن وليس سالم، ونحن ما ندري من المصيب أحمد أم شعبة، وعلى كل، فكل منهما صدوق، سواء كان هذا أو هذا.
[عن أبي زرعة].
هو أبو زرعة بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
في سنن الترمذي قال شعبة: حدثنا عبد الله بن يزيد، أو قال: حدثنا سالم أو سلم بن عبد الرحمن، لأنه في طبعة محمد عوامة رمز لـعبد الله بن يزيد فقط مسلم، والنسائي، وهنا سلم بن عبد الرحمن، أصحاب السنن كلهم أخرجوا له مع الإمام مسلم، فطبعة أبي الأشبال هو الذي زاد فيها الترمذي، وفي تحفة الأشراف: ميم سين، أي: مسلم، والنسائي اتفقا على إخراجه من هذا الطريق: عبد الله بن يزيد عن أبي زرعة عن أبي هريرة، لكن ما أدري عن زيادة الترمذي، لكن ذكر الرمز ما يلزم أن يكون في نفس الإسناد، فالمقصود بالرمز الكتاب كله كما هو معلوم؛ لأن عبد الله بن يزيد ما روى عن أبي زرعة إلا هذا الحديث، فلذلك في التقريب قال: عبد الله بن يزيد النخعي الكوفي، عن أبي زرعة في شكال الخيل، فقال: صدوق وهكذا، ومعنى هذا أنه ينظر في الترمذي، فإن كان فيه، وإلا فالتاء فيه تعتبر زائدة.

حديث: (كان النبي يكره الشكال من الخيل) من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن بشار حدثنا يحيى حدثنا سفيان حدثني سلم بن عبد الرحمن عن أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أنه كره الشكال من الخيل)، قال أبو عبد الرحمن: الشكال من الخيل أن تكون ثلاث قوائم محجلة وواحدة مطلقة، أو تكون الثلاثة مطلقة ورجل محجلة، وليس يكون الشكال إلا في رجل ولا يكون في اليد].ثم أورد النسائي حديث: أبي هريرة من طريق أخرى، وهو مثلما تقدم، وذكر النسائي بعد ذلك تفسير الشكال، ولكن التفسير الذي بعد الحديث مباشرة في سنن أبي داود هو الأقرب والأظهر، مثلما قال السندي في الحاشية.
قوله: [أخبرنا محمد بن بشار].
هو الملقب بندار البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى].
هو يحيى بن سعيد القطان، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن سلم بن عبد الرحمن].
هو سلم بن عبد الرحمن النخعي، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي زرعة عن أبي هريرة].
وقد مر ذكرهما.


شؤم الخيل


شرح حديث: (الشؤم في ثلاثة: المرأة والفرس والدار)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب شؤم الخيل.أخبرنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن منصور واللفظ له قالا: حدثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (الشؤم في ثلاثة: المرأة والفرس والدار)].
ثم ذكر هذه الترجمة وهي: شؤم الخيل، والمقصود من ذلك ما ورد فيما يتعلق بالشؤم في الخيل، وما ذكر معها من المرأة والدار، وفسر الشؤم بأن هذه الثلاثة الأشياء جعلها الله عز وجل أسباباً، وقد يحصل بسببها ضرر، فقالوا: فإذا اعتقد بأن غير الله عز وجل يؤثر، وأن تلك مؤثرة، فذلك باطل وغير سائغ، وأما إذا كانت أسباباً، يكون فيها الخير، ويكون فيها الشر، وهي ملازمة للإنسان، وتكون معه باستمرار، ويحصل الضرر بها، فقد يكون في نفسه منها شيء، فهذا من شؤمها، وقيل: إن هذا اللفظ الذي جاء وهو الشؤم في ثلاث، إنه جاء في بعض الأحاديث بألفاظ أخر، وهي: (إن يكن الشؤم في شيء ففي ثلاث)، وليس يلزم أن يكون، ولكن إشارة إلى أنه لو كان أو إن كان، فإنه يكون في هذه الأشياء لملازمة الإنسان لها؛ لأن الإنسان يلازم البيت، ويلازم المركوب، ويلازم المرأة، فإن كان شؤم فإنه فيها، ولفظ (إن) أحياناً يأتي ولا يكون، مثلما جاء في نصوص كثيرة كقوله: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgلَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[الزمر:65]، يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يشرك، فلا يحبط عمله، ولا يلزم من حصول الشرط أن يقع جوابه، وإنما هو على سبيل الفرض، أي: لو حصل كذا لكان كذا وكذا، فإن كان الشؤم في شيء فإنه يكون في هذه الأشياء، مع أن الشؤم لا يكون، ولا يتشاءم الإنسان في شيء، وإنما ترجع الأمور كلها إلى الله عز وجل، ويعتمد على الله ويتوكل عليه، وعلى هذا فالروايات التي جاء فيها: (إن يكن الشؤم في شيء ففي ثلاث..)، قال الشيخ الألباني: إنها هي المحفوظة.
وأما ما جاء في هذا اللفظ الذي هو بغير الشرط، فإنه يكون شاذاً؛ لأن هذا فيه إثبات الشؤم، وذاك ليس فيه إثبات الشؤم، ولكن فيه إثبات أنه لو كان فإنه يكون في هذه الأشياء، وليس من شرط أو أنه يلزم من وجود الشرط أن يوجد جوابه، لكن المقصود من ذلك أنه إن كان فإنه يكون، وليس بلازم أن يكون الشؤم في هذه الثلاث: الفرس، والمرأة، والدار، وإنما ذكرت هذه الأشياء لملازمة الإنسان لها.
وعلى من يقول برواية الباب، يكون المراد أن هذه الأشياء الثلاث هي أسباب عادية لحصول الشر، كما أنها تكون أيضاً أسباباً عادية لحصول الخير، فإذا لوحظ أنه يحصل فيها لملازمتها شيء من الشر، فليس من قبيل كون هذه الأشياء مؤثرة، وأن تلك الأسباب يحصل منها شيء بغير إذن الله عز وجل، ولهذا قال المحشي: إن كان هذا من هذا القبيل يكون جائزاً، لكن الأظهر والأقرب التفسير الثاني الذي هو أن (إن) شرطية، وليس من لازم وجود الشرط أن يكون حاصلاً جوابه الذي هو وجود الشؤم.

تراجم رجال إسناد حديث: (الشؤم في ثلاثة: المرأة والفرس والدار)


قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد].هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ومحمد بن منصور].
هو محمد بن منصور الجواز المكي، ثقة، أخرج له النسائي وحده.
[عن سفيان].
هو ابن عيينة، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سالم].
هو سالم بن عبد الله بن عمر، وهو ثقة، فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وهو صحابي جليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

حديث: (الشؤم في الدار والمرأة والفرس) من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني هارون بن عبد الله حدثنا معن حدثنا مالك والحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع واللفظ له، عن ابن القاسم حدثنا مالك عن ابن شهاب عن حمزة وسالم ابني عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (الشؤم في الدار والمرأة والفرس)].ذكر حديث ابن عمر من طريق أخرى، وهو مثلما تقدم.
قوله: [أخبرني هارون بن عبد الله].
هو الحمال البغدادي، ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن معن].

هو معن بن عيسى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مالك].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، وهو الإمام المشهور، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[و الحارث بن مسكين].
هو شيخ النسائي، أي: هذا إسناد آخر يرجع إلى هارون؛ لأن هارون شيخه والحارث بن مسكين شيخه، ولكن هنا ما ذكر حاء التحويل، والمقصود أن الحارث بن مسكين معطوف على هارون؛ لأن هذا إسناد آخر يبدأ من جديد، والحارث بن مسكين ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن ابن القاسم].
هو عبد الرحمن بن القاسم، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي.
[عن مالك عن ابن شهاب].
وقد مر ذكرهما.
[عن حمزة وسالم ابني عبد الله بن عمر].
حمزة هو شقيق سالم بن عبد الله بن عمر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن عمر].
وقد مر ذكره.

شرح حديث: (إن يك في شيء ففي الربعة والمرأة والفرس)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا خالد حدثنا ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إن يك في شيء ففي الربعة، والمرأة، والفرس)].أورد النسائي حديث جابر رضي الله عنه: (إن يك) -أي: الشؤم- (في شيء ففي الربعة والمرأة والفرس)، والمقصود بالربعة الدار، الربعة والربع الدار، ولهذا جاء في الحديث لما أراد أن يدخل إلى مكة، أتنزل في دارك؟ قال: وهل ترك لنا عقيل من رباع؟ أي: هل ترك لنا من دور؟ فالرباع هي الدور، والربعة هي الدار، فهي مثل الحديث الذي مر، أي: فيه لفظ الدار، والمقصود به الدار أو المنزل، والربع أو الربعة هي الدار، والحديث مثل الأحاديث الأخرى التي جاءت بلفظ: (إن يك الشؤم ففي كذا).

تراجم رجال إسناد حديث: (إن يك في شيء ففي الربعة والمرأة والفرس)

قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى].ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود في القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[عن خالد].
هو خالد بن الحارث البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن جريج].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، ثقة، فقيه، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الزبير].
هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي، صدوق يدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن جابر].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ابوالوليد المسلم 19-08-2022 08:04 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الخيل

(461)

- باب بركة الخيل - باب فتل ناصية الفرس



الخيل من الحيوانات المباركة التي كتب الله فيها الخير إلى يوم القيامة؛ لما فيها من النفع في الدنيا والآخرة، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهتم بها ويستأنس لها، ويوصي بها خيراً.
بركة الخيل

شرح حديث أنس: (البركة في نواصي الخيل)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب بركة الخيل.أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أنبأنا النضر حدثنا شعبة عن أبي التياح سمعت أنساً، ح وأنبأنا محمد بن بشار، حدثنا يحيى حدثنا شعبة حدثني أبو التياح عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (البركة في نواصي الخيل)].
أورد النسائي بركة الخيل، وقد جعل الله فيها البركة، ومن بركتها ما جاء في الأحاديث الكثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)، فهذا يدل على بركتها، وقد أورد النسائي تحت هذه الترجمة حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: (البركة في نواصي الخيل)، ويفسر البركة الحديث الآخر الذي جاء من طرق عديدة: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)، وجاء في بعض الروايات: (الأجر والمغنم)، فهي بركة تحصل فائدتها في الدنيا وفي الآخرة؛ في الدنيا بحصول المغنم، والغنائم التي تكون في الجهاد في سبيل الله، وكذلك نصرة الإسلام وأهله، وعزة المسلمين، وغلبتهم، وكذلك بالنسبة للآخرة؛ لأن الأجر العظيم يكون في الدنيا وفي الآخرة.

تراجم رجال إسناد حديث أنس: (البركة في نواصي الخيل)

قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو ابن راهويه، وقد مر ذكره.
[عن شعبة].
قد مر ذكره.
[عن أبي التياح].
هو يزيد بن حميد الضبعي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس].
هو أنس بن مالك رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[ح وأنبأنا محمد بن بشار عن يحيى].
وقد ذكر أن أبا التياح من الطبقة الخامسة، وأنساً من الطبقة الأولى، طبقة الصحابة، فالذي في الخامسة يروي عمن في الأولى؛ لأن أنساً من صغار الصحابة، وقد عمر، وأدركه من أدركه، وعاش بعده مدة طويلة، ولهذا أبو التياح من الطبقة الخامسة، ويروي عن أنس وهو من الطبقة الأولى، فالطبقات كما هو معلوم يكون فيها الكبار، وفيها المتوسطون، وفيها الصغار، ولا يلزم أن يكون الراوي يروي عمن فوقه في الطبقة الثانية عن الأولى أو الثالثة عن الثانية.. وهكذا؛ لأن الأحاديث الثلاثية، وهو كون البخاري يروي حديثاً بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم، ثلاثة أشخاص، إنما جاء بكون الشخص يكون معمر، ويروي عن شخص متقدم، ثم يعمر ويروي هذا في صغره ويموت هذا في نهاية حياته، ثم هذا يعمر طويلاً.. وهكذا، فيأتي ثلاثة أشخاص يعادلون إحدى عشرة طبقة؛ لأن الذي من شيوخ البخاري في الطبقة العاشرة، وشيوخ البخاري يروون عن التابعين، والتابعون يروون عن الصحابة، ولهذا نجد أن النسائي عنده رباعيات وعنده عشاري وتساعي، هذا العدد الكبير الذي هو العشاري والتساعي مع أنه له رباعيات، إنما جاء من كون أصحاب الطبقة يروي بعضهم عن بعض، وقد يروي شخص متأخر في طبقة متأخرة عن شخص متقدم؛ لأنه أدركه.
[ح وأنبأنا محمد بن بشار عن يحيى].
ثم ذكر إسناداً آخر: محمد بن بشار مر ذكره، ويحيى القطان مر ذكره.
[عن شعبة عن أبي التياح عن أنس].
مر ذكرهم.


فتل ناصية الفرس


شرح حديث جابر: (رأيت رسول الله يفتل ناصية فرس بين إصبعيه ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب فتل ناصية الفرس.أخبرنا عمران بن موسى حدثنا عبد الوارث حدثنا يونس عن عمرو بن سعيد عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن جرير رضي الله عنه أنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يفتل ناصية فرس بين إصبعيه، ويقول: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة: الأجر، والغنيمة)].
أورد النسائي: فتل ناصية الفرس، الفتل هو: كون الإنسان يحركها بأصبعه كهيئة الفاتل، وليس معنى ذلك أنه يفتلها ويعملها مثل الحبل، وإنما الفتل هو كونه يعمل هذه الهيئة التي مثل الفتل، أي: تشبه الفتل، ولكنه ليس الفتل المعروف الذي هو فتل الحبال، يفتل الخيوط ويجعلها حبلاً؛ لأن الحبل يتكون من خيوط، خيط يضم إلى خيط فيفتل، ويصير حبلاً، فهذا ليس من هذا القبيل، وإنما هو تحريكه استئناساً به، أي: مثلما جاء في الحديث الذي مر وفيه ضعف: (وامسحوا بنواصيها، وأفتالها)، أي: يستأنس بها، ويحرك ناصيتها أو شعر ناصيتها بأصبعيه كهيئة الفاتل، ومن هذا القبيل ما يذكر عن عمر رضي الله عنه: أنه كان يفتل شاربه، ولا أدري عن صحته، ولكن بعض الناس يفهم من هذا أنه يطول الشارب، أبداً، إنما الفتل هو كون الإنسان يسوي هكذا، يعني يعمل أصبعين ولو كان الشعر قصيراً، هذا يقال له: فتل، هذه هيئة الفتل، فكان يفتل ناصية فرسه بين أصبعيه، أي: يحركها كهيئة الفاتل، والمقصود من ذلك كما هو معلوم الاستئناس بالفرس، وتأنيس الفرس؛ لأن الفرس إذا جعل صاحبه يمسح عليه ويلمسه يستأنس به، وصاحبه يستأنس بقربه ولمسه والمسح على ناصيته أو فتل ناصيته، ثم قال عليه الصلاة والسلام، وهو يعمل هذه الهيئة: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة: الأجر والغنيمة)، وهذا في تفسير الخير الذي في الخيل، وهو الأجر والغنيمة، الغنيمة التي تحصل في الدنيا مما يغنمه المسلمون من الكفار، وهو خير مصادر الرزق، وأفضل مصادره، وهذا منه رزق المصطفى صلى الله عليه وسلم، الحديث: (وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري)، والأجر الثواب عند الله عز وجل في الدار الآخرة، ففيه حسنة في الدنيا وحسنة في الآخرة، أي: يحصل من الخيل حسنة في الدنيا وحسنة في الآخرة: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgرَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[البقرة:201]، من حسنات الدنيا الرزق الوافر والخير الكثير، وحسنة الآخرة الأجر العظيم عند الله سبحانه وتعالى، ففي الخيل من الخير ما يكون في الدنيا وفي الآخرة، وما هو من حسنة الدنيا ومن حسنة الآخرة.

تراجم رجال إسناد حديث جابر: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتل ناصية فرس بين إصبعيه ...)


قوله: [أخبرنا عمران بن موسى].صدوق، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[عن عبد الوارث].
هو عبد الوارث بن سعيد العنبري، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن يونس].
هو يونس بن عبيد، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن سعيد].
هو عمرو بن سعيد الثقفي، ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي زرعة].
وقد مر ذكره.
[عن جرير].
هو جرير بن عبد الله البجلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وأبو زرعة يروي عن جده جرير؛ لأن أبا زرعة بن عمرو بن جرير، وهو يروي عن جده جرير، من رواية الحفيد عن الجد.

شرح حديث ابن عمر: (الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)].أورد النسائي حديث ابن عمر رضي الله عنهما: (الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)، ولكن ليس فيه ذكر فتل ناصية الفرس؛ لأن الترجمة الذي يشهد لها هو الحديث الأول، وأما الأحاديث الأخرى فليس فيها ذكر الفتل، وإنما فيها ذكر الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، والحديث كما أشرت ورد من طرق عديدة عن جماعة من الصحابة، وقد ذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري في الجزء السادس صفحة ستة وخمسين الصحابة الذين رووا هذا الحديث، والأئمة الذين خرجوا هذا الحديث: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)، وذكر جماعة عدداً من الصحابة، ومن الأئمة الذين خرجوا هذا الحديث، وأنا ذكرته في الفوائد المنتقاة من فتح الباري، وكتب أخرى، والحديث كما قلت: ليس فيه شاهد للترجمة إلا الحديث الأول، فهذه أحاديث عديدة في فضل الخيل، وبركة الخيل، والذي يطابق الترجمة هو الحديث الأول.
والحديث ليس محكوما عليه بالتواتر، وإنما قال: الحديث -حديث الخيل- رواه فلان وفلان، أي: جاء عن فلان صحابي خرجه فلان، وعن فلان الصحابي خرجه فلان، وعن فلان الصحابي خرجه فلان، وعدد ما أتذكر كم يبلغون، لكنهم عدد لا بأس به.

يتبع



ابوالوليد المسلم 19-08-2022 08:05 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر: (الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)

قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد].مر ذكره.
[عن الليث].
هو الليث بن سعد المصري، ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن نافع].
هو مولى ابن عمر، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر].
وقد مر ذكره.
وهذا من رباعيات النسائي؛ لأن فيه بين النسائي وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أشخاص: قتيبة، والليث، ونافع، وابن عمر.

شرح حديث عروة البارقي: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن العلاء أبو كريب حدثنا ابن إدريس عن حصين عن عامر عن عروة البارقي رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)].أورد النسائي حديث عروة البارقي رضي الله عنه، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)، وهو مثلما تقدم.
وعروة هذا هو ابن أبي الجعد، أي: يأتي في بعض الأحاديث وبعض الروايات يقال له: البارقي، وفي بعضها يقال له: ابن أبي الجعد، وهو شخص واحد.

تراجم رجال إسناد حديث عروة البارقي: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)


قوله: [حدثنا محمد بن العلاء أبو كريب].ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن إدريس].
هو عبد الله بن إدريس الأودي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حصين].
هو حصين بن عبد الرحمن، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عامر].
هو عامر بن شراحيل الشعبي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عروة].
هو عروة بن أبي الجعد البارقي، صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو الصحابي الذي أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم ديناراً ليشتري به شاة، فاشترى بالدينار شاتين، فباع إحدى الشاتين بدينار وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بشاة ودينار، فدعا له الرسول صلى الله عليه وسلم بالبركة، فكان ما اشترى شيئاً إلا وربح به، هذا هو صاحب هذه القصة الذي هو: عروة بن أبي الجعد البارقي رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

حديث عروة البارقي: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ...) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار، قالا: حدثنا ابن أبي عدي عن شعبة عن حصين عن الشعبي عن عروة بن أبي الجعد أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، يقول: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، الأجر والمغنم)].أورد النسائي حديث عروة رضي الله عنه: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، الأجر والمغنم)، وقد مر ذكره.
قوله: [أخبرنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى].
وهما من شيوخ أصحاب الكتب الستة، بل إنهما متفقان في أمور كثيرة؛ في سنة الولادة، وسنة الوفاة، والشيوخ، والتلاميذ، وكونهما من أهل البصرة، ولهذا قال الحافظ ابن حجر: وكانا كفرسي رهان، أي: متماثلين، ما يسبق أحدهما الآخر، وماتا في سنة واحدة، وهي: سنة اثنين وخمسين ومائتين قبل وفاة البخاري بأربع سنوات، وهما من شيوخ أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن أبي عدي].
هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة عن حصين عن الشعبي عن عروة بن أبي الجعد].
وقد مر ذكر هؤلاء الأربعة.

حديث عروة البارقي: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ...) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي أنبأنا محمد بن جعفر أنبأنا شعبة عن عبد الله بن أبي السفر عن الشعبي عن عروة رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، الأجر والمغنم)].أورد النسائي حديث عروة البارقي رضي الله عنه من طريق أخرى، وهو مثلما تقدم.
قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].
هو الفلاس، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن جعفر].
الملقب غندر، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة].
مر ذكره.
[عن عبد الله بن أبي السفر].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[عن الشعبي عن عروة].
وقد مر ذكرهما.

حديث عروة البارقي: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ...) من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا عبد الرحمن أنبأنا شعبة أخبرني حصين وعبد الله بن أبي السفر أنهما سمعا الشعبي يحدث عن عروة بن أبي الجعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة: الأجر والمغنم)].أورد النسائي حديث عروة البارقي من طريق أخرى، وهو مثلما تقدم.
قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].
قد مر ذكره.
[عن عبد الرحمن].
هو ابن مهدي البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة].
مر ذكره.
[عن حصين وعبد الله بن أبي السفر عن الشعبي].
وقد مر ذكرهم.


الأسئلة


مدى صحة اعتبار الرحمة الواردة في حديث: (إن الله خلق مائة رحمة ...) من صفات الله تعالى


السؤال: جزاكم الله خيراً، يذكر الأخ حديث رواه الإمام مسلم: (إن الله خلق مائة رحمة، أنزل واحدة منها، وادخر تسعة وتسعين)، أو كما قال صلى الله عليه وسلم، فهل الرحمة في هذا صفة لله؟
الجواب: لا، هذه مخلوقة؛ لأنه قال: خلق مائة رحمة، وهي من آثار الصفة؛ لأن الرحمات المخلوقة هي من آثار الصفة، كما قال الله عز وجل: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgفَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[الروم:50]، فالمطر رحمة، ولكنه من آثار الرحمة التي هي الصفة، والرحمة التي هي المطر مخلوقة، وقد جاء في الجنة وصفها بأنها رحمة، حيث جاء في الحديث: (إنك -الجنة- رحمتي أرحم بك من أشاء، وإنك النار عذابي أعذب بك من أشاء، ولكليكما علي ملؤها)، فقال عن الجنة: أنها رحمة، وهي رحمة مخلوقة، وهذه الرحمات المخلوقات هي من آثار الرحمة التي هي الصفة، فالحديث واضح بأن هذه الرحمات مخلوقة، وصفات الله غير مخلوقة، بل صفات الله قائمة به، ولكن المخلوق أثر الصفة وهي الرحمات المخلوقة التي منها الجنة، كما جاء في الحديث: (وإنك -الجنة- رحمتي أرحم بك من أشاء)، هي من آثار الصفة.


قراءة القرآن على شخص

السؤال: إذا كنت أقرأ على شخص القرآن، وقرأت آية فيها سجدة، هل أسجد أنا، وأعتبر إماماً للسامع فأكبر عند السجود والرفع، وأسلم وهو يتابعني، أو أن كل واحد منا يسجد ويرفع على حدة؟

الجواب: القارئ يسجد، والمستمع يسجد معه، وهو تابع له؛ لأنه جاء في الأثر عن عمر قال: اسجد فأنت إمام. فيسجد الذي يقرأ، والمستمع تابع للقارئ، لكن لا يكبر إلا عند السجود فقط، ثم إذا رفع يرفع ذاك الذي بجواره معه.

فسجود التلاوة ليس فيه تكبير عند الرفع، وليس فيه تسليم أيضاً.
وهل يسجد كل من سمع السجدة؟
السامع لا يسجد، وإنما المستمع هو الذي يسجد، الذي يتابع يسجد، والسامع الذي يسمع الصوت وهو ليس متابعاً هذا لا يسجد؛ لأن هنا فرق بين المستمع والسامع، فالمستمع هو المتابع للقارئ الذي يتأمل ويتابع، والسامع يسمع الصوت، وقد يكون لاهياً غافلاً ليس له علاقة بالاستماع.


خروج المرأة للعمل

السؤال: كيف نوفق بين قوله تعالى: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgوَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[الأحزاب:33]، وبين الحديث: (جذي نخلك لعلك أن تصدقي أو تفعلي معروفاً)؛ لأن بعض الناس استدل به على خروج النساء للعمل بدون ضرورة؟

الجواب: ما دام أنها هي صاحبة نخلها، وهي بحاجة إلى جذه، وقد لا يكون هناك أحد يقوم مقامها، فخروج المرأة للضرورة هذا لا إشكال فيه، وخروجها للحاجة أيضاً لا إشكال فيه، مثل كون المرأة تعمل مدرسة أو موظفة بين النساء وفي محيط النساء، هذا عمل من الأعمال، وخروجها له لا بأس به، وإنما تخرج ملتزمة، ومحتشمة، وبعيدة عن كل ما لا يسوغ لها أن تكون متصفة به وهي خارجة من بيتها، لا من حيث اللباس، ولا من حيث الطيب، ولا من أي شيء يؤثر، ويثير غرائز الرجال، ويطمع السفهاء ومرضى القلوب.

وقوله: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgوَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[الأحزاب:33]، أي: الزمن البيوت، فيلزمن البيوت، ولكنهن يخرجن للحاجة، ويخرجن للضرورة.


ضابط كون الاسم من أسماء الله تعالى

السؤال: ما هو ضابط كون الاسم من أسماء الله تعالى؟

الجواب: ورود الأحاديث الدالة على ذلك، وكذلك الصفات أيضاً، وجود الأحاديث المثبتة لذلك، والدالة على صفة من صفاته سبحانه وتعالى.


ابوالوليد المسلم 19-08-2022 08:07 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الخيل

(462)

– (باب تأديب الرجل فرسه) إلى (باب إضمار الخيل للسبق)




الاهتمام بالخيل وإعدادها للجهاد في سبيل الله أمر حث عليه الشرع، فشرع تأديب الخيل، وتضميرها، والمسابقة عليها. وحذر في المقابل من كل ما يوحي بالتهاون بها أو يؤدي إلى قطع نسلها، ومن ذلك إركاب الحمير عليها.

تأديب الرجل فرسه


شرح حديث عقبة بن عامر في تأديب الرجل فرسه


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب تأديب الرجل فرسه.أخبرنا الحسن بن إسماعيل بن مجالد حدثنا عيسى بن يونس عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر حدثني أبو سلام الدمشقي عن خالد بن يزيد الجهني قال: (كان عقبة بن عامر رضي الله عنه، يمر بي فيقول: يا خالد، اخرج بنا نرمي، فلما كان ذات يوم أبطأت عنه فقال: يا خالد، تعال أخبرك بما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأتيته، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة؛ صانعه يحتسب في صنعه الخير، والرامي به، ومنبله، وارموا واركبوا، وأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا، وليس اللهو إلا في ثلاثة: تأديب الرجل فرسه، وملاعبته امرأته، ورميه بقوسه ونبله، ومن ترك الرمي بعدما علمه رغبة عنه؛ فإنها نعمة كفرها أو قال: كفر بها)].
يقول النسائي رحمه الله: باب: تأديب الرجل فرسه. تأديبه هو تهيئته وإعداده للكر، والفر، والجهاد في سبيل الله، وتعويده على ذلك، هذا هو المقصود بتأديبه، وقد أورد النسائي حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله تعالى عنه، أنه قال لـخالد بن يزيد الجهني: تعال يا خالد نرمي، فأبطأ عليه يوماً من الأيام، فقال له: تعال أخبرك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء إليه فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر: صانعه يحتسب الخير، وراميه ومنبله)، هؤلاء الثلاثة:
أولهم الصانع الذي صنع النبل، إذا كان صنعه يريد بذلك الخير، ويريد بذلك الإعداد للجهاد في سبيل الله، فهو على أجره، والرسول صلى الله عليه وسلم، يقول: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)، وراميه الذي أطلقه وأرسله، ومنبله، قيل: إن المنبل هو الذي يساعد الرامي بأن يكون بجواره أو من ورائه، بحيث يناوله النبل بعد النبل، وقيل: إنه هو الذي يعطيه للمجاهد وللرامي، بمعنى أنه يمكنه منه، ويعطيه إياه، فقيل فيه: أنه الذي يساعد ويعين، وقيل: إنه الذي يمكنه من استعماله، ويهبه له، ويعطيه إياه ليستفيد منه، ثم قال: (وارموا واركبوا، وأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا)، أي: يرموا استعداداً وتعوداً للرمي، وإصابة الهدف، وكذلك اركبوا، أي: تعودوا الركوب، والتمكن منه، والقرار على ظهر المركوب؛ لأن هذا يكون بالتعود وبالتعلم، والإنسان الذي ما تعلم يسقط من على ظهر المركوب، والبوصيري في البردة له أبيات جميلة، وأبيات سيئة، لكن من أبياته الجميلة يصف الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يقول:
كأنهم في ظهور الخيل نبت ربا من شدة الحزم لا من شدة الحزمِ
كأنهم في ظهور الخيل نبت ربا، أي: مثل الشجرة التي على رأس رابية، فهي ثابتة مستقرة بعروقها وأساسها، فيصف الصحابة بأنهم ثابتون على الخيل، وأنهم متمكنون من ركوب الخيل، وأن الواحد منهم كأنه شجرة على رابية على مكان مرتفع، والشجرة ثابتة لا تتحرك ولا تتزعزع، أصلها ثابت في الأرض، من شدة الحزم، أي: من قوتهم، وصلابتهم، وجدهم.
لا من شدة الحزم، أي: ما هم كالذي يكون مربوطاً بشيء، أو مثبتاً على شيء، وإنما لجلدهم، ولتحملهم، وقوتهم، وقدرتهم، بهذا الوصف.
كأنهم في ظهور الخيل نبت ربا من شدة الحزم لا من شدة الحزمِ
فالمقصود: (ارموا واركبوا)، يعني: أنهم يتعلمون الرماية، ويتعلمون الركوب، (وأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا)؛ لأن الرمي يعم بخلاف الركوب؛ لأن الركوب يختص بمن يركب، لكن الرمي يكون للراكب، والماشي، والإنسان إذا كان رامياً يتمكن من ذلك في حال مشيه، وفي حال ركوبه، أما الركوب فهو مختص في حالة الركوب على الخيل، وكل منهما مطلوب، وكل منهما مرغب فيه، وكل منهما من إعداد العدة، والتهيؤ، والتمكن من القدرة على الجهاد، وعلى الكر، والفر، (وأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا).
وقوله: [(وليس اللهو إلا في ثلاث: تأديب الرجل فرسه، وملاعبته امرأته، ورميه بقوسه ونبله)]، أي: اللهو في هذه الأشياء، وكون الإنسان يلهو بها، ويشتغل بها؛ ذلك مما هو مباح ومما هو مشروع، تأديب الرجل فرسه؛ لأن هذا فيه استعداد للجهاد في سبيل الله، وملاعبته لأهله، وهذا فيه إدخال السرور، وحصول المودة، وحصول الألفة بين الطرفين، ورميه بقوسه ونبله؛ لأن هذا فيه استعداد للجهاد في سبيل الله، وفيه التهيؤ بالقوة، والإعداد للقوة. ماذا بعده؟
قوله: [(ومن ترك الرمي بعدما علمه رغبة عنه؛ فإنما هي نعمة كفرها أو نعمة كفر بها)]، هذا إذا كان تركه رغبة عنه، وعن المراد به، وعن المقصود به، الذي هو الجهاد في سبيل الله عز وجل، (فإنما هي نعمة كفرها)، الله تعالى أنعم عليه بنعمة وضيعها، وكفر بهذه النعمة، كان عنده القدرة، وعنده التمكن، فترك ذلك الشيء المطلوب المهم، وأعرض عنه ونسيه، أو أعرض عن الغاية التي يراد بها، وذلك أخطر وأشد.

تراجم رجال إسناد حديث عقبة بن عامر في تأديب الرجل فرسه

قوله: [أخبرنا الحسن بن إسماعيل بن مجالد].الحسن بن إسماعيل بن مجالد، ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن عيسى بن يونس].
هو: عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر].
وهو: عبد الرحمن بن زيد بن جابر، أي: أكثر ما يطلق عليه: عبد الرحمن بن زيد، ويقال له: عبد الرحمن بن يزيد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سلام الدمشقي].
أبو سلام الدمشقي، هو: ممطور الأسود الحبشي، وهو ثقة يرسل، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن خالد بن يزيد الجهني].
خالد بن يزيد الجهني، مقبول، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن عقبة بن عامر الجهني].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
والإسناد فيه: خالد بن يزيد الجهني، وهو مقبول، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، والألباني ضعف هذا الحديث، ولعله بسبب خالد هذا، وأما ما جاء فيه من ذكر اللهو، فقد جاء من غير هذا الطريق، ومن غير هذا الوجه الذي هو ذكر الأمور الثلاثة.
ثم فيما يتعلق ببعضه، له شواهد مثل الرمي، والأمر بالرمي، وكذلك فيما يتعلق بالركوب فيه ما يشهد له، ومن ذلك ما جاء في نص الحديث الذي جاء ما يدل عليه من وجه آخر، وهو تأديب الرجل فرسه؛ لأن هذا يتعلق بالركوب.


دعوة الخيل


شرح حديث أبي ذر في دعوة الخيل

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب دعوة الخيل.أخبرنا عمرو بن علي أنبأنا يحيى حدثنا عبد الحميد بن جعفر حدثني يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس عن معاوية بن حديج عن أبي ذر رضي الله عنه، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ما من فرس عربي إلا يؤذن له عند كل فجر بدعوتين: اللهم خولتني من خولتني من بني آدم، وجعلتني له، فاجعلني أحب أهله وماله إليه، أو من أحب ماله وأهله إليه)].
ذكر النسائي دعوة الفرس، أي: الدعاء الذي يدعو به الفرس، وقد أورد النسائي حديث أبي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه أنه: (ما من فرس عربي إلا ويؤذن له في فجر كل يوم بدعوتين: اللهم خولتني من خولتني من بني آدم، وجعلتني له، فاجعلني أحب أهله وماله إليه، أو من أحب ماله وأهله إليه)، والمقصود بالدعوتين أن يكون من أحب أهله وأحب ماله، وهذا فيه الدلالة على أن الخيل أو أن بعض الخيل يدعو بهذا الدعاء، والله تعالى ألهمه بذلك، وهو مثال من أمثلة ما جاء في الآية الكريمة: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgوَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[الإسراء:44]، فإن المخلوقات قد ألهمها الله عز وجل التسبيح، ولكن لا يفقه الناس تسبيحهم، ولا يفهمونه، وهذا يدخل تحت عموم ما جاء؛ لأن هذا من الدعاء لله عز وجل، وفي هذا أن الحيوانات يحصل منها الدعاء، ومن ذلك الحديث الذي فيه النملة التي كانت تستسقي، والتي جاء ذكرها في خبر سليمان بن داود عليه الصلاة والسلام، وهي نملة مستلقية على ظهرها وتقول: اللهم إنا خلق من خلقك، فلا تمنعنا فضلك.

تراجم رجال إسناد حديث أبي ذر في دعوة الخيل

قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].هو: عمرو بن علي الفلاس، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[عن يحيى].
هو: يحيى بن سعيد القطان، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الحميد بن جعفر].
عبد الحميد بن جعفر، وهو صدوق، ربما وهم، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن يزيد بن أبي حبيب].
هو: يزيد بن أبي حبيب المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سويد بن قيس].
هو: سويد بن قيس التجيبي المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن معاوية بن حديج].
معاوية بن حديج، صحابي صغير، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود، والنسائي.
[عن أبي ذر].
وهو: جندب بن جنادة الغفاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.


التشديد في حمل الحمير على الخيل


شرح حديث علي في النهي عن حمل الحمير على الخيل


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب التشديد في حمل الحمير على الخيل.أخبرنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن ابن زرير عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: (أهديت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بغلة فركبها، فقال علي: لو حملنا الحمير على الخيل لكانت لنا مثل هذه، قال رسول الله صلى الله عليه وآله سلم: إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون)].
أورد النسائي بعد ذلك هذه الترجمة، وهي: التشديد في حمل الحمر على الخيل، يعني: في إنزائها عليها، يعني: كون الحمير تنزوا على الخيل، وتلد البغال، هذا هو المقصود، أي: ذمه والتشديد فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما يفعل ذلك الذي لا يعلمون)، وهذا ذم لمن يفعل ذلك، وهذا هو المقصود من قوله: التشديد، أي: الترهيب، والتحذير، والتنفير من إنزاء الحمير على الخيل؛ لأنها تلد البغال.
وأورد فيه النسائي حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، أهديت إليه بغلة فركبها، فقال علي رضي الله عنه: لو حملنا الحمر على الخيل لكان لنا مثل هذه، يكون عندنا البغال، فقال عليه الصلاة والسلام: (إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون)، أي: الذين ينزون الحمير على الخيل هؤلاء هم الذين لا يعلمون، فهو ذم لهم، وتنفير من هذا الفعل، وترهيب منه، ولهذا عبر في الترجمة بالتشديد، التشديد من حمل الحمير على الخيل.
وقد جاء في القرآن ذكر البغال، والحمير، والخيل، وامتنان الله عز وجل بها، وأنها من نعم الله، ومنة امتن الله تعالى بها، فقد يستنبط من الآية أن إيجاد البغال عن طريق إنزاء الحمير على الخيل حتى توجد البغال مما امتن الله عز وجل به، وهذا الحديث يدل على التحذير من ذلك، فكيف يوفق بين ما جاء في الآية من ذكر الامتنان بهذه الدواب ومنها البغال، وما جاء في الحديث من التنفير من إنزاء الحمير على الخيل لتلد البغال؟
قال بعض أهل العلم: إن وجود البغال يمكن أن يكون بدون إنزاء، أي: بدون ما يفعل الإنسان هذا، يمكن يأتي الحمار ويعلو الفرس ويوجد بدون إنزاء، فالبغال توجد باتصال الحمير بالخيل بدون عمل من صاحبها، فتوجد البغال بذلك، أو أن المراد بها أنها إذا وجدت، فإنها نعمة ومنة، وتكون من جنس الصور، تصوير الصورة في ثوب لا يجوز، لكن إذا وجدت ما يلزم إحراق الثوب وإتلاف الثوب وعدم الاستفادة من الثوب، بل يستفاد منه، فراش، ووسائد، ويمتهن، لكن لا يجوز عمل الصور على القماش، فابتداؤه محرم، وإذا وجد فهو مباح الاستعمال في أمور معينة، كالافتراش، وعلى هذا فأصل التصوير على القماش وعلى الفراش لا يجوز، والذي يفعله يأثم، لكن إذا وجد ما هو طريق التخلص منه، هل يحرق ويتلف، أو أنه يستعمل بعد أن وجد، مع أنه محرم؟ فكذلك إنزاء الحمار على الخيل إذا أنزيت، وحصل الولد الذي هو البغال، فتستعمل البغال وهي نعمة، وتكون من جنس ذلك الذي يفترش ويمتهن.
والحاصل: أن النبي صلى الله عليه وسلم، حذر ورهب من هذا العمل، وذكر البغال في القرآن، وامتنان الله عز وجل بها، ولا يعني أن الناس يقصدون هذا الفعل الذي تحصل به البغال، وإنما يمكن أن تحصل بدون إنزاء، وإن حصلت عن طريق المعصية، فإن استعمال النتيجة وهي البغال التي تولدت من هذا الإنزاء مباح، والحديث ورد في إنزاء الحمير على الخيلة والعكس ما جاء شيء يدل عليه، ويمكن أن يكون ملحقاً به من جهة القياس، ولأن فيه قطعاً لنسل الخيل إذا كانت تنزى على الحمير، ويوجد النسل من غير الخيل، فإن ذلك عمل على قطع نسلها، فمن العلماء من قاس ورأى أن العكس ملحق بما جاء في الحديث، ومنهم من قال: إنه لا بأس به؛ لأنه ما جاء النهي عنه، لكن المحذور في كون الخيل إذا أنزيت على غير الخيل، فإن ذلك من أسباب قطع نسلها، والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيها البركة كما قال ذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام.

تراجم رجال إسناد حديث علي في النهي عن حمل الحمير على الخيل

قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد].هو: قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الليث].
هو الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن يزيد بن أبي حبيب ].
هو يزيد بن أبي حبيب المصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الخير].
وهو مرثد بن عبد الله اليزني المصري، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن زرير].
وهو عبد الله بن زرير، ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن علي بن أبي طالب].
هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وصهره على ابنته فاطمة، وأبو الحسن، والحسين سبطي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسيدي شباب أهل الجنة، وهو رابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهو ذو المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة رضي الله تعالى عنه وأرضاه.

شرح حديث ابن عباس في النهي عن إنزاء الحمير على الخيل

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا حميد بن مسعدة حدثنا حماد عن أبي جهضم عن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، قال: (كنت عند ابن عباس رضي الله عنهما فسأله رجل: أكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ في الظهر والعصر؟ قال: لا، قال: فلعله كان يقرأ في نفسه، قال: خمشاً، هذه شر من الأولى، إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عبد أمره الله تعالى بأمره فبلغه، والله ما اختصنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بشيء دون الناس إلا بثلاثة: أمرنا أن نسبغ الوضوء، وأن لا نأكل الصدقة، ولا ننزي الحمر على الخيل)].أورد النسائي حديث عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن رجلاً سأله: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر، يعني: في الصلاة السرية؟ فقال: لا، وقيل: إن هذا الجواب من ابن عباس على حسب ظنه، وأنه ما كان بلغه ذلك، أي: القراءة، وقيل: إن المقصود من ذلك أنه في آخر الصلاة التي هي الثالثة والرابعة، والمقصود من ذلك غير الفاتحة، وقال: لعله كان يقرأ سراً، قال: خمشاً، وهي ذم له، والخمش هو حك الجلد حتى يتأثر، وحتى يخرج منه الدم، هذا يقال له: خمش، وخموش، ثم إنه قال: (إن النبي صلى الله عليه وسلم عبد أمره الله عز وجل فبلغ ما أمر به، وأنه ما اختصنا بشيء دون الناس إلا بثلاث، وهي: إسباغ الوضوء، وأن لا نأكل الصدقة، وأن لا ننزي الحمير على الخيل)، ومن المعلوم أن القراءة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة السرية، في الفاتحة، وغير الفاتحة، وقد كان أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام يستدلون على قراءته في الصلاة باضطراب لحيته كما جاء في بعض الأحاديث الصحيحة، أي أنه كان أمامهم، وكانت لحيته عارضيه يرونها تتحرك، فيستدلون بها على قراءته صلى الله عليه وسلم في الصلاة السرية، فمعنى باضطراب لحيته، أي: بتحركها؛ لأن الذي يقرأ يحصل تحرك للحيته، وهم كانوا يرون جانبي اللحية وهي العوارض، يرون ذلك من ورائه وهم في الصلاة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وجاءت أيضاً أحاديث تدل على أن الرسول كان يسمعهم الآية أحياناً في الصلاة السرية، حتى يعرفوا السورة التي قرأ بها، وجاء في بعض الأحاديث بيان مقدار ما كان يقرأ به في الصلاة، أي: مقدار قراءة كذا، وكذا، فهو عليه الصلاة والسلام، يطيل القيام؛ وذلك أنه كان يقرأ فيه، وكانوا يعلمون ذلك في الصلاة السرية باضطراب لحيته كما أشرت إلى ذلك كما جاء في بعض الأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم ذكر أنه (ما خصنا بشيء دون الناس)، أي: ما خص أهل البيت بشيء دون الناس إلا في هذه الثلاث، وهذه الثلاث يمكن أنه أكد عليهم بها، وإلا فإنها ليست خاصة بهم إلا الصدقة، فإنها خاصة بهم، فلا تحل لهم الصدقة، كما جاء ذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أما إسباغ الوضوء فهذا مطلوب منهم ومن غيرهم، وعدم إنزاء الحمير على الخيل مطلوب منهم ومن غيرهم، ولعل ذكر كونه خصهم بذلك، أو أمرهم بذلك، أي: للتأكيد عليهم في ذلك، وإلا فلا يختص بهم إلا الصدقة، فإن عدم أكلها مختص بهم؛ لأنه جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أن آل محمد لا يأكلون الصدقة).
ومحل الشاهد منه للترجمة -وهو التشديد في حمل الحمير على الخيل- ما جاء في آخره، (وأن لا ننزي الحمر على الخيل)، إنزاؤها تمكينها، أي: كونها تمسك الفرس، ويمكن الحمار من أن يعلوها وأن ينزوا عليها.

يتبع



ابوالوليد المسلم 19-08-2022 08:08 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في النهي عن إنزاء الحمير على الخيل

قوله: [أخبرنا حميد بن مسعدة].حميد بن مسعدة، صدوق، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن حماد].
حماد، هو: ابن زيد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي جهضم].
أبي جهضم، هو: موسى بن سالم، وهو صدوق، أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة.
[عن عبد الله بن عبيد الله بن عباس].
عبد الله بن عبيد الله بن عباس، ثقة، أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة.
[عن ابن عباس].
هو: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.


علف الخيل


شرح حديث: (من احتبس فرساً في سبيل الله إيماناً بالله وتصديقاً لوعد الله كان شبعه ... حسنات في ميزانه)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب علف الخيل.قال الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع: عن ابن وهب حدثني طلحة بن أبي سعيد: أن سعيداً المقبري حدثه عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (من احتبس فرساً في سبيل الله إيماناً بالله وتصديقاً لوعد الله، كان شبعه، وريه، وبوله،ه وروثه، حسنات في ميزانه)].
أورد النسائي علف الخيل، أي: ما جاء فيه من الفضل، وأن في ذلك أجر عظيم، وقد أورد النسائي فيه حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (أن من احتبس فرساً في سبيل الله كان شبعه، وريه، وبوله، وروثه، حسنات في ميزانه)، أن ما يعلفه، وما يسقى إياه، فيكون الشبع الذي هو نتيجة للإطعام، والري الذي هو نتيجة للشرب، والروث الذي يحصل منه فضلات الإطعام، والبول الذي هو نتيجة الشرب، كل ذلك حسنات له يوم القيامة، وهذا يدل على فضل احتباس الخيل في سبيل الله، وكون الإنسان يحتبسها، أي: يوقفها، ويهيئها للجهاد في سبيل الله إيماناً بالله وتصديقاً بوعده، ليس مجرد أنه يفعل ذلك بدون نية، فلابد من النية، فهو يؤمن بالله، وبما جاء عنه، ويحتسب الأجر، والوعد الذي وعد الله تعالى به، ويرجوه من هذا العمل الذي عمله، وهو احتباس الخيل في سبيل الله، أي: جعلها وقفاً لهذا العمل الجليل، وهو الجهاد في سبيل الله عز وجل.
وفيه: وزن الأعمال، وأن تلك الأدران التي تكون نتيجة للأكل والشرب من الشبع، والري، والبول، والروث، أنها تكون في الميزان، كما جاء في هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث: (من احتبس فرساً في سبيل الله إيماناً بالله وتصديقاً لوعد الله كان شبعه ... حسنات في ميزانه)

قوله: [قال الحارث بن مسكين قراءة].الحارث بن مسكين، ما قال: أخبرنا الحارث بن مسكين، النسائي له مع الحارث بن مسكين حالتان: حالة تراضي، ووئام، ووفاق، وكان أذن له بأن يسمع منه، فكان يعبر عما حصل في تلك الحال بقوله: أخبرنا، وفي بعض الحالات حصل بينه وبينه وحشة، فكان يمنعه من الجلوس في درسه وفي مجلسه، فكان يأتي من وراء الستار، ويسمع، ويعبر عن ذلك بقوله: الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع، ما يقول: أخبرنا؛ لأنه ما قصد إخباره، وما أراد إخباره، وإنما كان يفعل ذلك من غير علمه ومن غير رضاه، فكان يميز بين ما سمعه منه في حال التراضي بينهما وجلوسه، في حلقته فيقول: أخبرنا، وبين الشيء الذي كان يأخذه وهو وراء الستار، ولم يكن يريد الحارث أن يأخذ عنه، يقول: الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع، والحارث بن مسكين مصري، ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن ابن وهب].
هو: عبد الله بن وهب المصري، ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن طلحة بن أبي سعيد].
طلحة بن أبي سعيد، ثقة، أخرج حديثه البخاري، والنسائي.
[عن سعيد المقبري].
هو: سعيد بن أبي سعيد المقبري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
هو: عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً عنه عليه الصلاة والسلام.


غاية السبق للتي لم تضمر


شرح حديث ابن عمر في غاية السبق للخيل التي لم تضمر

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب غاية السبق للتي لم تضمر.حدثنا قتيبة أخبرنا الليث عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سابق بين الخيل، يرسلها من الحفياء، وكان أمدها ثنية الوداع، وسابق بين الخيل التي لم تضمر، وكان أمدها من الثنية إلى مسجد بني زريق)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: غاية السبق للتي لم تضمر، غاية السبق، أي: الغاية التي تجعل نهاية للمتسابقين على الخيل، أي: الهدف الذي ينتهون إليه، وإذا وصلوه يتبين من سبق ومن لم يسبق، أو يصلونه سوياً، ويكون كما يقولون: كفرسي رهان، أي: أنهم متساويان ما أحد يسبق الثاني لتساويهما، أو بسبق أحدهما، ووصوله إلى الغاية المحددة، والخيل التي لم تضمر، أي: التي ما حصل إعدادها بهذه الطريقة التي هي التضمير، وتضمير الخيل، قالوا فيه: أنه يقلل علفها، وتدخل في مكان في بيت فيه حرارة، وتجلل حتى تعرق، ثم يجف عرقها، وييبس لحمها، فيكون ذلك أقوى لها، وأسرع في جريها، وأمكن لها في الجري، وقيل: إنها التي تسمن، ثم يترك الإكثار لها من العلف، ويقلل حتى تكون تلك القوة التي اكتسبتها عن طريق التسمين، ثم حصل التخفيف عليها في الأكل حتى يبست على ما فيها من حياة، وعلى ما فيها من السمن، فيكون ذلك قوة لها، وهذه هي المضمرة، والتي لم تضمر هي: التي لم يفعل معها هذا الفعل، ولم يحصل تهيئتها؛ لأن هذا يتخذ لسبقها ولتحملها، وقد جاء في القرآن: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgوَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[الحج:27]، لأن التي تكون مضمرة، وتكون ضامراً عندها من القوة، والقدرة على المشي، وعلى الحركة، وعلى السير، ما لا يكون للتي لا تكون كذلك، والغاية للخيل التي لم تضمر، أي: الهدف الذي ينتهي إليه المنتهون على الخيل التي لم تضمر، والنبي صلى الله عليه وسلم، عمل المسابقة بين الخيل التي لم تضمر والتي ضمرت، وكان أمد التي لم تضمر أقل من التي ضمرت؛ لأن أمد التي تكون ضمرت أبعد، وقد ذكر النسائي حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل من الحفياء إلى ثنية الوداع، من الحفياء، قالوا: هو مكان على أميال من المدينة، وهذا أمد بعيد، إلى ثنية الوداع، وهي: الغاية التي ينتهي عندها التسابق، هذه غاية الخيل المضمرة، وأما الخيل التي لم تضمر فمن ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق، وهي مسافة أقل، أي: تبدأ من ثنية الوداع وتنتهي بمسجد بني زريق، والمقصود من الترجمة هو الثاني؛ لأن الغاية للتي لم تضمر، مسافة المسابقة فيها أقل من التي ضمرت، وهي من ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر في غاية السبق للخيل التي لم تضمر

قوله: [حدثنا قتيبة].قتيبة، مر ذكره.
[عن الليث].
الليث، مر ذكره.
[عن نافع].
نافع، هو: مولى ابن عمر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر].
وهو: عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الإسناد من رباعيات النسائي التي هي أعلى ما يكون عنده؛ لأن أعلى ما يكون عند النسائي الرباعيات، يكون بين النسائي فيها وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أشخاص، وهنا: قتيبة، والليث، ونافع، وابن عمر، أربعة أشخاص.


إضمار الخيل للسبق


شرح حديث ابن عمر في إضمار الخيل للسبق من طريق أخرى

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب إضمار الخيل للسبق.أخبرنا محمد بن سلمة والحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع، عن ابن القاسم حدثني مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، سابق بين الخيل التي قد أضمرت من الحفياء، وكان أمدها ثنية الوداع، وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق، وأن عبد الله كان ممن سابق بها)].
أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، إلا أن الترجمة هنا: إضمار الخيل للسبق، أي: تهيئتها للسبق، وكونها تكون سباقة، وعندها قدرة على الجري، وعلى الإسراع فيه، وذلك فيه إعداد للجهاد في سبيل الله عز وجل، وأورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى، وهو مثلما تقدم.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر في إضمار الخيل للسبق من طريق أخرى

قوله: [أخبرنا محمد بن سلمة].هو: محمد بن سلمة المرادي المصري، ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[و الحارث بن مسكين].
والحارث بن مسكين، مر ذكره.
[عن ابن القاسم].
هو: عبد الرحمن بن القاسم، صاحب الإمام مالك، ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي.
[عن مالك بن أنس].
وهو إمام دار الهجرة، إمام مشهور من أئمة أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن نافع عن ابن عمر].
وقد مر ذكرهما.


الأسئلة


معرفة مكان الحفياء وبني زريق

السؤال: هذه الأماكن معروفة الآن الحفياء وبني زريق؟

الجواب: أنا لا أعرفها.

معرفة كتاب روضة العقلاء ونزهة الفضلاء

السؤال: الأخ يسأل عن كتاب روضة العقلاء ونزهة الفضلاء لـابن حبان ؟


الجواب: كتاب نفيس، كتاب مفيد مشتمل على حكم نثرية، وشعرية، وعلى بعض الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفيه فوائد عظيمة، فهو كتاب نفيس ومفيد، مشتمل على حكم نثرية وشعرية، وهو صاحب الصحيح.


مقصود الرمي

السؤال: في قوله صلى الله عليه وسلم: (ومن ترك الرمي بعدما علمه)، هل يدخل في ذلك الرمي بالأسلحة الحديثه؟


الجواب: نعم؛ لأن المقصود هو: الإعداد للحرب، فالذي يتعلم الشيء ثم يعرض عنه، وينساه، لا شك أنه كفر هذه النعمة التي أنعم الله تعالى بها عليه.


نظر المأموم في الصلاة

السؤال: فيما ذكرتم من أن الصحابة ينظرون إلى عارضي النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، هل يستدل على ذلك بأن الإنسان لا ينظر إلى موقع سجوده، ولكن ينظر إلى الإمام؟

الجواب: جاء في الحديث أنه ينظر إلى موضع سجوده، لكنهم كانوا ينظرون إليه ليقتدوا به عليه الصلاة والسلام؛ لأنه قال: (صلوا كما رأيتموني أصلي)، فهم ينظرون إلى أماكن سجودهم، ولكن ينظرون إليه ليعرفوا الطريقة والكيفية التي تكون بها الصلاة.


حكم لحم البغال

السؤال: يسأل عن حكم لحم البغال؟

الجواب: لحم البغال مثل لحم الحمير لا تؤكل.


تعريف التيس المستعار

السؤال: ما هو التيس المستعار، وهل له شروط؟

الجواب: هو المحلل الذي يستأجر ليتزوج زواجاً مؤقتاً، ليحلل المطلقة ثلاثاً لزوجها الأول؛ لأن الله تعالى يقول: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgفَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[البقرة:230]، حتى تنكح زوجاً آخر، فهو مثل التيس المستعار الذي يؤتى به لينزو على العنز، ثم يرجع، هذا هو معنى كونه تيس مستعار، أو شبيه بالتيس المستعار؛ لأن المقصود منه ليس التأبيد في الزواج، وإنما استعير ليتزوج حتى يحل الزوجة لمن حرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره.


حكم استعارة الحيوان في الإنزاء على حيوان

السؤال: ما هو التيس المستعار، وهل هناك شروط في الاستعارة، وهل تصلح الاستعارة في الخيل؟


الجواب: إنزاء الحصان على الفرس، وإنزاء الدواب على الدواب، وعسب الفحل، هذه من الأمور التي على الناس أن يتسامحوا فيها، وأن يبذلها بعضهم لبعض، وأن لا يأخذ إنسان على ذلك أجراً، وقد جاء في الحديث (النهي عن عسب الفحل)، وهو أخذ القيمة على ذلك، أو أخذ الأجرة على ذلك، والتيس لا مانع أن يستعار من أجل أن ينزو على العنز، وإنما المحذور هو الذي شبه به، وهو الرجل الذي تزوج من أجل التحلل، هذا هو التيس المستعار المذموم، مشبه بالتيس المستعار، وأما استعارة التيس أو استعارة الحمار لينزو على الأتان، أو الثور لينزوا على البقرة، أو البعير لينزوا على الناقة، أو غير ذلك، فهذا من الأمور التي تبذل، ولا يؤخذ عليها أجر؛ لأن هذه المنفعة غير متحققة، فقد لا يحصل إنزال، وهو المقصود، يمكن ينزو ولا ينزل، فهو أخذ شيء على شيء مجهول غير مقدور على تسليمه، وهذا الماء الذي يضعه الذكر في الأنثى، إذا أخذ الإنسان عليه شيء معناه أخذ شيء على شيء غير مقدور على تسليمه؛ لأن هذا يرجع للفحل وشهوته، وكونه ينزل أو ما ينزل، فلا يجوز لذلك، وقد جاء في الصحيح النهي عن عسب الفحل.


خدمة المرأة لزوجها

السؤال: هل يجب على المرأة خدمة زوجها وجوباً؟


الجواب: نعم يجب عليها، والمسألة فيها خلاف، لكن يجب عليها أن تخدم زوجها؛ لأن هذا هو الشيء الذي كان عليه الصحابة وعليه من بعدهم، والشيخ ناصر الألباني ذكر الأقوال في المسألة، والأدلة في كتابه آداب الزفاف.


فائدة الاكتحال

السؤال: هل اكتحال النبي صلى الله عليه وآله وسلم للتجمل أو الاستحباب؟


الجواب: قد جاء أنه يجلو البصر، معناه أن فيه فائدة، فهو يجعله قوياً، وينظفه.


زواج المسيار معناه وحكمه

السؤال: ما هو زواج المسيار، وما حكمه؟


الجواب: زواج المسيار الذي اشتهر في هذا الزمان عند كثير من الناس: أن الإنسان يكون عنده زوجة، ويريد أن يتزوج ولا يريد أن تعلم بزواجه، وتكون بعض النساء ما حصلت على زوج، وفاتها الزواج، وهي تريد أن تحصل زوجاً ولو لم يقسم لها، ولو لم يكن يساويها بالأولى، وإنما يكفيها منه أن يأتيها في أي وقت من الأوقات يتيسر له، فتستأنس به، وتحصل ولداً، وتبقى في عصمته، ويقوم بما تحتاج إليه، وقد تكون غنية عنه لجود مالها، ولكنها ما حصلت الزوج الذي يناسبها، فهي بدلاً من كونها تبقى بدون زوج، وتستمر أيماً بدون زوج، فإنها تريد أن تظفر به بهذه الطريقة، ومثل هذا الذي يبدو أنه لا بأس به، ولا مانع منه؛ لأنه زواج شرعي، ومن المعلوم أن المرأة كونها تعف نفسها بالحلال، وتحصل الولد، هذا أمر مقصود، ولأنه فاتها أن تحصل الزوج المناسب؛ لأنها يمكن أن تكون امتنعت من الزواج في وقت الزواج لتكمل الدراسة مثلاً كما ابتلي به كثير من النساء في هذا الزمان، يأتيها الخاطب الكفؤ، فتمتنع لتكمل الدراسة، فإذا أكملت الدراسة، وتوظفت، ومضى عليها وقت، فكرت، وتألمت، وحصل لها ما حصل من التألم، فعند ذلك تفرح وترضى بأن يحصل لها مثل هذا الزواج الذي لا يكون على التمام، والكمال، ولكن فيه الإحصان، وفيه تحصيل الولد، فما أعلم شيئاً يمنع من ذلك.

المرأة يمكن أن تبقى في عصمة الرجل، وتتنازل عن ليلتها لامرأة أخرى، أو تتنازل عن بعض حقها لأخرى؟ وليس فيه بأس. ما لا يدرك كله لا يترك جله كما يقولون، إذا ما حصل الشيء الكامل ما يترك الشيء الوسط، ما يكون الأمر كما يقول القائل: إما سراجان وإما ظلام، أي: إما كمال وإما لا شيء، إذا حصل سراج واحد أحسن من الظلام، ما هي القضية إما كمال وإما ضياع، وإما فوات، السراج الواحد هو دون السراجين، ولكنه أحسن من الظلام.

طلاق المرأة من المحكمة

السؤال: حصل نزاع بين امرأة وزوجها، ورفع النزاع إلى محكمة، فحكمت المحكمة بطلاقها من زوجها، ثم استأنف الزوج هذا الحكم، فهل تعتبر المرأة طالق بطلاق المحكمة مع استئناف الزوج لهذا الحكم؟


الجواب: المحكمة إذا قضت بالطلاق، فالطلاق قد حصل، وقد وجد، أما إذا كان الطلاق فيه شيء من ناحية الحكم، وأنه فيه غلط، وخطأ من القاضي، فهذا شيء آخر، أما إذا كان القاضي حكم بالطلاق، فالمرأة قد طلقت.

ومادام القضية عند المحكمة فهي التي تفصل في الموضوع، وينتهي الأمر على ما يقوله القاضي، ولا حاجة للمفتي مادام المسألة عند القاضي.

توقيف الخيل في سبيل الله

السؤال: يقول: هل يمكن للإنسان أن يشتري الخيل الآن ويوقفها في سبيل الله؟


الجواب: والله في هذا الزمان كما هو معلوم الخيل لا يجاهد عليها، ولكن كون الإنسان يقتني الخيل، ويبقي عليها، وعلى تناسلها، إذا كانت نيته أنه قد يحتاج إليها، فالأمر في ذلك على حسب نيته، وأما في هذا الزمان فالمسلمون وضعهم يختلف عما كانوا عليه من قبل.


حكم المجسمات على شكل الكعبة

السؤال: هناك بعض المجسمات على شكل الكعبة أو المسجد، هل من امتهنها أو جعلها في الأرض عليه شيء؟


الجواب: ليس عليه شيء؛ لأن كون السجادة يكون عليها صورة الكعبة، أو كذا، ما يضر ذلك؛ لأنه ليس مقصوده الامتهان، إنما المقصود علامة القبلة، ولو كانت السجاجيد خالية من أي صورة لكان أولى، لكن ما يقال: أن وضع صورة الكعبة على السجادة، وأن الإنسان يصلي عليها، طبعاً هو يصلي عليها، أي: يكون قدمه ليس عليها، وإنما تكون أمامه، لكن لو أخليت السجاجيد من الألوان ومن الصور، أي: ولو كانت صورة الكعبة، فلا شك أن هذا هو الأولى؛ لأن الألوان تشوش على الإنسان في صلاته.


إهداء براويز فيها آيات قرآنية

السؤال: أهدي إلي براويز فيها آيات قرآنية، هل يجوز لي أن أهديها لشخص آخر؟


الجواب: يجوز أن تهديها.


التعفف من أكل الصدقات

السؤال: هل على الإنسان بأس إذا تعفف عن أكل الصدقات، ومنها الذي يجعل في رمضان لإفطار الصائم؟


الجواب: ليس عليه بأس، إذا كان أتى بشيء يغنيه، لا بأس أنه يتعفف، ويترك الطعام لمن يحتاج إليه مادام غنياً عنه.


المحذور في الاستناد على الكف

السؤال: ما هو الوصف المحذور في الاستناد على الكف، وهل هو خاص باليد اليسرى فقط، أو هو عام في اليدين؟


الجواب: لا أدري.


حضور مائدة الطعام مع وجود الرافضة فيها

السؤال: هل يجوز حضور مائدة طعام يحضرها بعض الرافضة، مع العلم بأن عدم الحضور يغضب الداعي؟


الجواب: الابتعاد عن الرافضة مطلوب، ومن الخير للإنسان أن لا يكون له علاقة بالرافضة إلا إذا ابتلي بهم، وحصل ابتلاء بهم، فالإنسان يبغضهم، ولا ينبسط لهم؛ لأنهم من أبعد الناس عن الحق والهدى، وأشد الناس عداوة لأهل السنة والجماعة.




ابوالوليد المسلم 19-08-2022 08:17 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الخيل

(463)

- (باب السبق) إلى (باب سهمان الخيل)




الإسلام دين العزة والقوة، والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وقد دعا الإسلام أفراده إلى المسابقة في حيازة القوة، وأخبر أنه لا سبق إلا في الرماية والركوب، فهما أساس ومعيار القوة.

السبق


شرح حديث: (لا سبق إلا في نصل أو حافر أو خف)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: السبق.أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا خالد عن ابن أبي ذئب عن نافع بن أبي نافع عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا سبق إلا في نصل، أو حافر، أو خف)].
يقول النسائي رحمه الله: باب السبق، والسبق بفتح الباء هو: ما يجعل من المال للمتسابقين ليأخذه من يسبق لسبقه، وجاء في ذلك أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، جعل هذا السبق يكون في أمور ثلاثة، وهي: النصل، وهو ما يتعلق بالرماية، والخف والحافر، يعني: البعير والفرس؛ لأن البعير، والفرس هما وسيلة الحرب، والرماية هي من الأمور التي لها أهمية في الحرب، فجاءت الشريعة دالة على جواز اتخاذ المال الذي يعد من أجل المسابقة في هذه الأمور الثلاثة؛ لأنها تتعلق بالإعداد للحرب والجهاد في سبيل الله عز وجل، وفيها ترغيب في تعلم الرماية، وكذلك المسابقة على الخيل والإبل؛ لأنها هي وسيلة الحرب وسيلة الجهاد في سبيل الله عز وجل، ويلحق بها ما كان في معناها مما له أثر في الحرب وفي الجهاد في سبيل الله عز وجل.
وقد أورد حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا سبق إلا في نصل، أو حافر، أو خف)، الحافر المقصود به: الفرس، أو إشارة إلى الفرس، والخف خف البعير، أي: الإشارة إلى البعير، والمسابقة على الإبل والخيل هي التي يكون فيها السبق؛ لأن هذين النوعين من الحيوان هما الوسيلة التي تتخذ للجهاد في سبيل الله عز وجل في زمن الصحابة، وبعد زمن الصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.

تراجم رجال إسناد حديث: (لا سبق إلا في نصل، أو حافر أو خف)


قوله: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود].هو إسماعيل بن مسعود البصري، وهو ثقة، أخرج له النسائي وحده.
[عن خالد].
هو خالد بن الحارث البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن أبي ذئب].
هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن نافع بن أبي نافع].
وهو نافع بن أبي نافع البزاز، وهو مولى ابن عمر، وهو ثقة، أخرج له أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق، رضي الله تعالى عنه وأرضاه.

حديث: (لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سعيد بن عبد الرحمن أبو عبيد الله المخزومي حدثنا سفيان عن ابن أبي ذئب عن نافع بن أبي نافع عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا سبق إلا في نصل، أو خف، أو حافر)].أورد النسائي حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وهو مثلما تقدم.
قوله: [أخبرنا سعيد بن عبد الرحمن أبو عبيد الله المخزومي].
سعيد بن عبد الرحمن أبو عبيد الله المخزومي ثقة، أخرج له الترمذي، والنسائي.
[عن سفيان].
سفيان هو ابن عيينة، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وليس الثوري؛ لأن الثوري متقدم، وما أدركه شيوخ النسائي؛ لأنه توفي سنة: (161هـ)، وابن عيينة توفي: (198هـ)، فإذا جاء من شيوخ النسائي من يروي عن سفيان فالمراد به ابن عيينة.
لأن الجماعة الذين هم الكبار من شيوخ النسائي مثل قتيبة، وكان عمره تسعين سنة، ما أدرك سفيان الثوري ولا روى عنه، وإنما رواية من يروي عن سفيان، وهو من شيوخ النسائي، فـسفيان يكون ابن عيينة وليس الثوري.
[عن ابن أبي ذئب عن نافع بن أبي نافع عن أبي هريرة].
وقد مر ذكرهم.

حديث: (لا يحل سبق إلا على خف أو حافر) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إبراهيم بن يعقوب حدثنا ابن أبي مريم أنبأنا الليث عن ابن أبي جعفر عن محمد بن عبد الرحمن عن سليمان بن يسار عن أبي عبد الله مولى الجندعيين عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: لا يحل سبق إلا على خف، أو حافر].ثم أورد النسائي حديث أبي هريرة قال: [لا يحل سبق إلا على خف، أو حافر]، وهذا بعض ما تقدم، يعني: تقدم فيه النصل، والخف، والحافر، وهذا فيه اثنان منهما، وقد جاء عن أبي هريرة مرفوعاً ذكر الثلاثة التي هي: الخف، والحافر، والنصل.
قوله: [أخبرنا إبراهيم بن يعقوب].
هو إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن ابن أبي مريم].
هو سعيد بن الحكم بن أبي مريم المصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الليث].
هو الليث بن سعد المصري، ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن أبي جعفر].
وهو عبيد الله بن أبي جعفر، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن عبد الرحمن].
هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل أبو الأسود، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سليمان بن يسار].
سليمان بن يسار، وهو ثقة، فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي عبد الله مولى الجندعيين].
وهو كما في تحفة الأشراف وكما في السنن الكبرى: أبو عبد الله مولى الجندعيين، وقيل: هو نافع بن أبي نافع، وهو ثقة أخرج له النسائي وحده.
[عن أبي هريرة رضي الله عنه].
وقد مر ذكره.

شرح حديث: (إن حقاً على الله أن لا يرتفع من الدنيا شيء إلا وضعه)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن المثنى عن خالد حدثنا حميد عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (كانت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ناقة تسمى العضباء، لا تسبق، فجاء أعرابي على قعود فسبقها، فشق على المسلمين، فلما رأى ما في وجوههم، قالوا: يا رسول الله! سبقت العضباء، قال: إن حقاً على الله أن لا يرتفع من الدنيا شيء إلا وضعه)].أورد النسائي حديث [أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له ناقة يقال لها العضباء لا تسبق، وجاء أعرابي على قعود فسبقها، فشق ذلك على المسلمين وقالوا: يا رسول الله، سبقت العضباء، فقال: إن حقاً على الله أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه الله)]، يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: إن للرسول صلى الله عليه وسلم ناقة يقال لها العضباء لا تسبق، أي: أنها كانت سباقة، وجاء أعرابي له قعود، والقعود: هو ما كان فوق السنتين ودون الست، هذا يقال له قعود، وإذا تجاوز ذلك يقال له: جمل، فسبقها فشق ذلك على المسلمين؛ كون ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم سُبقت، فقال: (إن حقاً على الله أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه)، أي: لا يرتفع شيء من الدنيا، أما ما رفعه الله عز وجل فإنه لا يوضع، فالذي رفعه الله هو المرفوع، وهو الذي لا يوضع، ولكن ما كان في الدنيا مما عند الناس فإنه يكون كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن حقاً على الله أنه ما ارتفع شيء من الدنيا إلا وضعه الله عز وجل.
والمقصود من ذكر الحديث المسابقة، وأن المسابقة كانت على الإبل، فهذا مثال من أمثلة المسابقة، وهي إحدى الجهات الثلاث، أو إحدى الأنواع الثلاثة التي يكون فيها السبق، ويجوز فيها السبق، وهنا القضية قضية مسابقة، وحصول سباق بين هذه الناقة وبين القعود الذي كان لذلك الأعرابي.

تراجم رجال إسناد حديث: (إن حقاً على الله أن لا يرتفع من الدنيا شيء إلا وضعه)


قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى].هو محمد بن المثنى العنزي أبو موسى، الملقب: بـالزمن، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[عن خالد].
هو ابن الحارث البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حميد].
هو ابن أبي حميد الطويل، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس].
هو أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الإسناد من الأسانيد الرباعية عند النسائي، التي هي أعلى الأسانيد عنده؛ لأن أعلى ما يكون عند النسائي الرباعيات، وهذا منها.

شرح حديث: (لا سبق إلا في خف أو حافر) من طريق رابعة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمران بن موسى حدثنا عبد الوارث عن محمد بن عمرو عن أبي الحكم مولى لبني ليث عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (لا سبق إلا في خف، أو حافر)].أورد النسائي حديث أبي هريرة قال: (لا سبق إلا في خف أو حافر)، وهذا مثلما تقدم، والذي سبق لم يرفعه، وهنا رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه الاثنان من الثلاثة، وهما ما يتعلق بالمركوبات وهي الإبل، والخيل، والحديث الذي سبق أن مر اشتمل على الثلاثة؛ التي هي: النصل، والخف، والحافر.

تراجم رجال إسناد حديث: (لا سبق إلا في خف أو حافر) من طريق رابعة

قوله: [أخبرنا عمران بن موسى].عمران بن موسى صدوق أخرج له الترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[عن عبد الوارث].
هو عبد الوارث بن سعيد العنبري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن عمرو].
هو محمد بن عمرو بن علقمة، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الحكم مولى لبني ليث].
أبو الحكم مولى لبني ليث مقبول،
أخرج حديثه النسائي، وابن ماجه.
[عن أبي هريرة].
وقد مر ذكره.

يتبع

ابوالوليد المسلم 19-08-2022 08:18 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 



الجلب


شرح حديث: (لا جلب ولا جنب ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [الجلب.أخبرنا محمد بن عبد الله بن بزيع حدثنا يزيد وهو ابن زريع حدثنا حميد حدثنا الحسن عن عمران بن حصين رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (لا جلب، ولا جنب، ولا شغار في الإسلام، ومن انتهب نهبة فليس منا)].
أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: الجلب، والمقصود بالجلب هنا في باب المسابقة هو: أن يتخذ الفارس معه شخصاً على فرس من أجل أن يزجر فرسه، ويصيح بها حتى تجري، وحتى يحصل منها سرعة الجري، فهذا هو الجلب، ويأتي في باب الزكاة، وهو أن العامل الذي يجبى الزكاة لا يذهب للناس على مياههم، بل يكون في جهة ويرسل أحداً يأتي بالناس يسوقهم إليه، فيتحملون المشاق وينتقلون من مياههم إلى أماكن من أجل المتصدق.
الرسول صلى الله عليه وسلم قال: [(لا جلب)]، أي: لا يجوز هذا العمل، بل المصدق يذهب إلى الناس لأخذ زكاتهم على مياههم، ولا يحملهم مشقة أن ينتقلوا إليه، بل هو ينتقل إليهم، فالجلب يأتي في الزكاة، ويأتي في المسابقة، وهو في المسابقة أن يتخذ الفارس معه رجلاً آخر على فرس يصيح بفرسه حتى يحصل منها الجري، وحتى يحصل منها السبق. وقوله: [(لا جلب ولا جنب)].
والجنب يكون في الزكاة، ويكون في السبق أو السباق، وهو في الزكاة أن يكون العامل على جانب ويجعل الناس يأتون إليه من أجل أن يأخذ زكاتهم، فيكون على جانب وعلى ناحية، وفي السباق أن يتخذ فرساً بجواره حتى إذا تعبت المركوبة يتحول من فرس إلى فرس تعقبها وتحل محلها، وتمشي إلى جنبها، ثم يتحول منها إلى تلك الفرس الأخرى، إذا تعبت الفرس التي هو عليها.
(فلا جلب، ولا جنب، ولا شغار في الإسلام، ومن انتهب نهبة فليس منا) قد مر ذكر الشغار في كتاب النكاح، وأنه لا يجوز.

تراجم رجال إسناد حديث: (لا جلب ولا جنب ...)


قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن بزيع].محمد بن عبد الله بن بزيع ثقة، أخرج حديثه مسلم، والترمذي، والنسائي.
[عن يزيد وهو: ابن زريع].
يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حميد].
حميد هو الطويل وقد مر ذكره.
[عن الحسن].
هو الحسن بن أبي الحسن البصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمران].
هو عمران بن حصين أبي نجيد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.


الجنب


شرح حديث: (لا جلب ولا جنب ..) من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله تعالى: [الجنب.أخبرنا محمد بن بشار حدثنا محمد حدثنا شعبة عن أبي قزعة عن الحسن عن عمران بن حصين رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: (لا جلب، ولا جنب، ولا شغار في الإسلام)].
أورد النسائي هذه الترجمة، وهي الجنب، وقد عرفناها، وأورد حديث عمران بن حصين من طريق أخرى، وفيه نفي الجلب، والجنب، ونفي الشغار في الإسلام، وهو قريب من الذي قبله، إلا أن الذي قبله فيه زيادة النهبة.

تراجم رجال إسناد حديث: : (لا جلب ولا جنب ..) من طريق ثانية

قوله: [أخبرنا محمد بن بشار].محمد بن بشار هو الملقب بندار البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[عن محمد].
هو محمد بن جعفر الملقب غندر، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي البصري، ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي قزعة].
أبو قزعة هو سويد بن حجير، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن الحسن عن عمران بن حصين].
وقد مر ذكرهما.

شرح حديث: (حق على الله ألا يرفع شيء نفسه في الدنيا إلا وضعه الله) من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير حدثنا بقية بن الوليد حدثني شعبة حدثني حميد الطويل عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: (سابق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعرابي فسبقه، فكأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجدوا في أنفسهم من ذلك، فقيل له في ذلك، فقال: حق على الله أن لا يرفع شيء نفسه في الدنيا إلا وضعه الله)].أورد النسائي حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، وهو مثل ما تقدم من جهة المسابقة، والعضباء كانت لا تسبق، وأنها سبقت فشق ذلك على المسلمين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قيل له في ذلك: (حق على الله عز وجل أن لا يرفع شيء نفسه في الدنيا إلا وضعه الله)، وهو مثل الذي قبله أو قريب منه.
تراجم رجال إسناد حديث: (حق على الله ألا يرفع شيء نفسه في الدنيا إلا وضعه الله) من طريق ثانية

قوله: [أخبرني عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير].هو عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن بقية بن الوليد].
بقية بن الوليد صدوق، كثير التدليس عن الضعفاء، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن شعبة عن حميد الطويل عن أنس].
وقد مر ذكرهم.

سُهمان الخيل


شرح حديث عبد الله بن الزبير في سُهمان الخيل

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: سهمان الخيل.قال الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع: عن ابن وهب أخبرني سعيد بن عبد الرحمن عن هشام بن عروة عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن جده رضي الله عنه أنه كان يقول: (ضرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عام خيبر للزبير بن العوام رضي الله عنه أربعة أسهم، سهماً: للزبير وسهماً لذي القربى لـصفية بنت عبد المطلب أم الزبير وسهمين للفرس)].
أورد النسائي سهمان الخيل، يعني: ما يكون لها من السهام من الغنيمة، وأنه يكون لها سهمان، وأورد النسائي حديث عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم عام خيبر ضرب أربعة أسهم للزبير واحد له، وواحد لذي القربى؛ لأمه صفية ...)؛ لأنها من قربى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنها عمة الرسول عليه الصلاة والسلام، (واثنان لفرسه)، يعني: سهم له وسهمان لفرسه.

تراجم رجال إسناد حديث عبد الله بن الزبير في سُهمان الخيل

قوله: [قال الحارث بن مسكين].الحارث بن مسكين سبق أن عرفنا أن النسائي له مع شيخه الحارث بن مسكين حالتان:
حالة لم يكن بينهما وفاق ووئام، حيث منعه من حضور مجلسه، فكان يحضر ويجلس من وراء الستار، ويسمع قراءة من يقرأ عليه فيتحمل بهذه الطريقة، ويعبر عن ذلك بأن يقول: قال الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع.
وله حالة أخرى: وهي أنه كان حصل بينهما شيء من الاتفاق والوئام، حيث أذن له في حضور مجلسه، فكان إذا سمع أحداً يقرأ عليه تحمل، وعبر عن ذلك بقوله: أخبرنا، ففي الحالة التي كان قد أذن له يعبر بأخبرنا، والحالة التي لم يرد الحارث أن يأخذ عنه النسائي، ما كان يقول: أخبرنا؛ لأنه ما قصد إخباره هو، ولكنه كان يقول: قال الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع، والحارث بن مسكين ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن ابن وهب].
هو عبد الله بن وهب المصري، ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن عبد الرحمن].
هو سعيد بن عبد الرحمن الجمحي، صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد، ومسلم وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن هشام بن عروة].
هو هشام بن عروة بن الزبير، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير].
يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ثقة، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن جده].
هو عبد الله بن الزبير صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأول مولود في المدينة بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إليها؛ لأنه ولد في قباء عندما قدم رسول الله صلى الله عليه وسل المدينة مهاجراً، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

الأسئلة


حكم صاحب الكبيرة

السؤال: هل يصح كلام من يقول: إن صاحب الكبيرة الواحدة يستحق الوعيد ولو كان له حسنات كثيرة عظيمة؟


الجواب: نعم، كلام صحيح؛ لأن من ارتكب كبيرة، ولم يتب منها، ومات عليها، فهو متوعد بما توعد به، وأمره إلى الله عز وجل، إن شاء عفا عنه وتجاوز عنه، وإن شاء عذبه.


رفع اليدين عند السجود والرفع منه

السؤال: هل رفع اليدين عند السجود والرفع منه يكون بصفة مستمرة أو أحياناً، وقد جاء بذلك حديث في سنن النسائي ؟


الجواب: نعم، جاء في ذلك حديث، لكن كونه باستمرار ما أعرف، ولكن الذي أعرف أن الذي ثبت في الصحيحين، وفي أحدهما -صحيح البخاري- أربعة مواضع، وجاء من حديث أبي حميد الساعدي في صحيح البخاري عند القيام من التشهد الأول، وأما المواضع الأخرى فقد جاء فيها أحاديث، واختلف في صحتها وثبوتها، منهم من صححها وأثبتها، ومنهم من ضعفها، ولا أدري هل يكون ذلك بصفة مستمرة، أو ليس بصفة مستمرة عند من يقول ذلك، لا أدري.


رفع اليدين في صلاة العيدين والاستسقاء

السؤال: ما قولكم في رفع اليدين في صلاة العيدين، وصلاة الاستسقاء؟

الجواب: الذي يبدو أنها لا ترفع؛ لأنه ما ثبت فيها شيء، فلا ترفع اليدين في غير التكبيرة الأولى، التي هي تكبيرة الإحرام، أما ما عداها فلم يثبت فيه شيء، وصلاة العيدين والاستسقاء صفتهما واحدة في الصلاة.


تقسيم الدين إلى أصول وفروع

السؤال: قرأت في كتاب لـابن القيم، وذكر فيه أن تقسيم الدين إلى أصول وفروع بدعة، فما المراد به؟

الجواب: أين كتاب ابن القيم هذا، أي كتاب، الدين له أصول وفروع، أصول ليس فيها مجال للاجتهاد، وفروع فيها مجال للاجتهاد، فأين يوجد كلام ابن القيم هذا.
البدعة هو قول من يقول: إن الدين فيه قشور ولباب، يعني: العبارات التي جاءت في هذا الزمان يقولون: فيه قشور، ولباب، وهذا غير صحيح بل كله لباب وليس فيه قشور، فهذا من أسوأ الكلام، ومن أفسد الكلام أن يستهان في بعض الأشياء ويقال: إنها قشور، وتقسيمه إلى قشور ولباب، هذا هو القول المبتدع، وهذا هو التعبير الخاطئ، وأما أصول وفروع، بمعنى أصول ليس فيها مجال للاجتهاد، وفروع فيها مجال للاجتهاد، فهذا ليس ببدعة.

الدين أصول وفروع

السؤال: بدعية تقسيم الدين إلى أصول وفروع، نقل هذا الشيخ ابن عثيمين في كتاب العلم: أن ابن القيم وشيخ الإسلام ابن تيمية ذكروا هذا، وكذلك ذكره بكر أبو زيد في معجم المناهي اللفظية؟


الجواب: أقول: لا أعرف هذا، لكن معلوم أن الدين أصول وفروع، ليس كله فروعاً وليس كله أصولاً، يعني: باعتبار أنها متساوية؛ لأن هناك شيء يسوغ فيه الاجتهاد، وشيء لا يسوغ فيه الاجتهاد، فالفروع يسوغ فيها الاجتهاد، والأصول لا يسوغ فيها الاجتهاد، ولا يقال: الاجتهاد لا يسوغ مطلقاً، ولا يقال: إنه يسوغ في كل شيء، وإنما يسوغ في الفروع دون الأصول، وأنا لا أعرف هذا الكلام، وقد يكون التبس على الناقل، وقد يكون أن الأمر في غير هذه الصورة وفي غير هذه المسألة.


يتبع

ابوالوليد المسلم 19-08-2022 08:18 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
المسابقة في غير النصل والخف والحافر

السؤال: هل تجوز المسابقة في غير الثلاثة المذكورة في الحديث، كالمسابقة في حفظ القرآن، أو حفظ الأحاديث، وآخر يقول: المسابقة الآن في السيارات هل تقاس على الفرس؟


الجواب: المسابقة في السيارات لا تكون؛ لأن المسابقة في السيارات معناه هلاكها، والمسألة ليست هي مسألة سرعة السيارة، فالسيارة إذا أعطاها نهايتها في السرعة وصل للهاوية وأشرف على الموت، أو ألقى بنفسه إلى التهلكة، وهذا لا يجوز، وليست القضية قضية قوة، كونه يضع رجله على البنزين وتطير السيارة بسرعة فائقة، أقول: الطفل الصغير يستطيع أن يضع رجله على البنزين ويطير بالسيارة، وليست هذه شجاعة أو قوة، بل هذا تهور وسفه، لأنه يؤدي إلى الهلاك، وإنما القوة والشجاعة في ركوب الخيل والإبل، وكون الإنسان يثبت عليها ولا يسقط، وأما كونه جالس بمجرد أن يطأ على البنزين، تطير السيارة، ويهلك نفسه، ويهلك الناس معه.. هذا ليس بشيء.

وفيما يتعلق بالمسابقة التنافس في الخير، فهذا لا بأس به، ومن ذلك المسابقة في القرآن، وفي حفظ الحديث، وغير ذلك، فإذا حصل تنافس في هذا، فهذا شيء طيب ولا في بأس فيه.
والسبق: هو الجائزة التي لا تجوز إلا في الأمور الثلاثة، والمسابقة أصلها في الأقدام، وليس بذلك بأس، لكن لا يؤخذ عليها سبق، أي: الجائزة.
فالمسابقة في القرآن والأحاديث مثلاً يقول: من حفظ كذا، فله كذا، ومن كان متقناً لكذا، فله كذا، فهذا جعل في وجوه الخير، لا بأس به، وهذا يقال له تنافس، والمسابقة على الأرجل وعلى كذا... مما هو موجود الآن كالسيارات ليس من هذا القبيل، فالمسابقة في القرآن والحديث هذا تنافس في الخير، وتسابق إلى الخيرات.
فلا يجوز لنا أن نجعل جعلا للمتسابقين على الأرجل؛ لأنه قال فيما يتعلق في المسابقة: (لا سبق إلا في خف)، لا على السيارات، ولا على الحمير، ولا على الأرجل، هذا كله لا يجوز؛ بل يقتصر على الثلاثة التي هي من وسائل الجهاد في سبيل الله عز وجل.

حديث: (لا يحل السبق إلا على خف أو حافر) موقوفاً ومرفوعاً


السؤال: الحديث: (لا يحل السبق إلا على خف أو حافر) جاء موقوفاً على أبي هريرة وجاء مرفوعاً، كيف ذلك؟

الجواب: المرفوع هو المعتبر، والموقوف يكون شاهداً له، والمرفوع كان فيه شخص مقبول، لكن الأحاديث التي مضت قبل ذلك كلها تؤيده؛ لأنها ثابتة.


لا تجتمع الأمة على ضلال


السؤال: عصمت هذه الأمة عن الضلال، هل عصمت كذلك عن الخطأ، وما هو الفرق بينهما؟الجواب: نعم، هي عصمت عن الخطأ جميعها، أي: عصمت عن أن تخطئ وتجتمع على خطأ، كذلك لا تجتمع على ضلالة بأجمعها، أما كونه يحصل أن بعضها يخطئ، وبعضها يضل، وبعضها يسيء، فهذا هو الواقع وهذه سنة الله في خلقه: أن فيهم كذا، وفيهم كذا.
نعم يمكن أن يحصل خطأ فيما يتعلق ببعض العبادات، لكن هذا الخطأ لا يضرهم، مثل لو شهد شهود زور بأن الشهر أي: شهر الصوم أو الحج داخل في كذا، ثم بعد ذلك تبين أنهم غير صادقين، والناس قد صاموا أو حجوا وأكملوا، وقفوا في عرفة في يوم غير يوم عرفة، فحجهم صحيح، ووقفوهم صحيح، وقد حصل الخطأ، لكنه ليس باجتهادهم كلهم، وإنما بحصول شيء عن طريق شرعي تبين أنه غير صحيح، أي: بالخطأ، فيمكن أن يحصل على الناس خطأ في الحج، لكن لا يقال: ليس لهم حج، بل لهم حج، والحج يوم يحج الناس، والأضحى يوم يضحي الناس، فإذا حصل أن تبين خطأ فيما بعد، وأنهم قد حجوا فحجهم صحيح، ولو حصل ذلك عن طريق الخطأ، وكذلك الصيام، أما أن يجتمعوا على خطأ في أمر من الأمور، وفي مسألة من المسائل الاجتهادية، أو يجتمعوا على ضلالة فهذا لا يحصل أبداً.

قراءة المأموم بالفاتحة في الصلاة الجهرية

السؤال: ما هو القول الراجح في المسائل التالية: قراءة المأموم بالفاتحة في الصلاة الجهرية؟


الجواب: الراجح أنه يقرأها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم -كما جاء في الحديث- كان أحد الناس يقرأ وهو يقرأ فقال: (لعلكم تقرءون، ما لي أنازع القراءة، لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب)، أي: لا تقرءوا والإمام يقرأ إلا بفاتحة الكتاب، فدل على أنها واجبة.


النزول إلى السجود على اليدين أو الركبتين


السؤال: النزول إلى السجود على اليدين أو الركبتين؟

الجواب: المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، ورد فيها حديثان، كل واحد منهما فيه مقال، فمنهم من قوى ذلك الحديث الذي فيه تقديم الركبتين، ومنهم من قوى الحديث الذي فيه تقديم اليدين، حديث أبي هريرة فيه تقديم اليدين، وحديث وائل بن حجر فيه تقديم الركبتين، وكل منهما فيه من هو متكلم فيه، حديث أبي هريرة فيه عبد العزيز بن محمد الدراوردي، وحديث وائل بن حجر فيه شريك بن عبد الله القاضي النخعي، فالعلماء اجتهدوا، منهم من رأى أن حديث شريك بن عبد الله النخعي مقدم، ومنهم من رأى تقديم حديث عبد العزيز بن محمد الدراوردي، فمن ثبت عنده أن أحد الحديثين أصح، فعليه أن يأخذ به، ومن لم يثبت عنده شيء فيه سعة، لكن على جميع الأحوال ليس له أن يفعل كما يفعل البعير من حيث الهوي بقوة، وبحيث يكون ليديه أو رجليه إذا وصلت الأرض صوت، مثلما يحصل للبعير إذا هوى، حيث يسمع صوت جثومه على الأرض بركبتيه أو بيديه.


تحريك الإصبع أو عدمه في جلوس التشهد

السؤال: ما حكم تحريك الإصبع في جلوس التشهد؟

الجواب: هناك تحريك، لكن لا تحرك باستمرار، وإنما يكون التحريك عند الدعاء، فعندما يدعو الإنسان يحركها.


وضع اليدين على الصدر بعد القيام من الركوع


السؤال: وضع اليدين على الصدر بعد القيام من الركوع؟

الجواب: نعم، فيه خلاف بين أهل العلم، منهم من قال: توضع بعد الركوع كما توضع قبل الركوع، والدليل على ذلك ما جاء عن بعض الصحابة أنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان قائماً في الصلاة وضع اليمين على الشمال)، وكلمة قائماً وصف القيام، وهو إحدى الحالات الأربع للمصلي؛ لأن المصلي له أربع حالات لا خامس لها، فهو إما قائم قبل الركوع وبعده، وإما راكع، وإما ساجد، وإما جالس بين السجدتين أو في التشهد، هذه أحوال المصلي الأربع، فقوله: إذا كان قائماً في الصلاة وضع اليمين على الشمال، يشمل لفظ قائم ما قبل الركوع وما بعده.

وقول آخر قال به بعض العلماء: لا توضع اليدين على الصدر بعد الركوع، قالوا: لأن الذين وصفوا صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم بالتفصيل ما ذكروا شيئاً عما يكون بعد الركوع، كل الذين وصفوا صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم بالتفصيل؛ يفعل كذا ثم يفعل، وإذا صار كذا عمل كذا.. ما تعرضوا لذكر اليدين بعد الركوع، لكن هذا الحديث الذي أشرت إليه يدل بعمومه على أن حالة ما بعد الركوع كحالة ما قبل الركوع؛ لأنها كلها يقال لها قيام.

ذبح الإبل في العقيقة

السؤال: هل من الإبل يجوز أن يذبح عقيقة عن الذكر أو الأنثى، وإذا كان يجوز فهل يكفي عن واحد، أو عن مجموعة بحيث يشترك شخصان في واحد، وهل يشترط له ما يشترط للأضحية من ناحية السن؟

الجواب: العقيقة جاء بأن الغلام له شاتان، والجارية لها شاة، وهي إحدى المسائل الخمس التي فيها الأنثى على النصف من الذكر، وهي مسألة العقيقة، ومسألة الميراث، ومسألة العتق، ومسألة الدية، ومسألة الشهادة، يعني: خمس مسائل النساء على النصف من الرجال فيها، فالعقيقة هي إحدى هذه المسائل الخمس، الغلام له شاتان والجارية لها شاة، فهذا هو المشروع، أما لو ذبح شيئاً كبيراً فهو يجزئ في الأضحية فهذا ليس فيه إشكال، أما ما دون ذلك فلا أدري.


تمييز قبور الرجال عن النساء

السؤال: اعتاد البعض بوضع خشبتين على قبر المرأة، وواحدة على قبر الرجل للتمييز بين قبور الرجال والنساء، فهل هذا ثابت عن السلف؟


الجواب: أبداً، لا نعلم لهذا أساساً، لكن كونه يوضع علامات على القبر، ليعرف بها قبر معين، فهذا لا بأس به، أما أن يميز الرجال عن النساء، والنساء عن الرجال بهيئة وبصفة لا أعلم لهذا أساساً، ولا أعلم له وجهاً.


التكبير في الرفع من سجود التلاوة

السؤال: عند الرفع من سجود التلاوة في الصلاة، هل ينتقل من السجود للقيام بالتكبير أو بقراءة القرآن؟


الجواب: إذا كان الإنسان في الصلاة فينتقل بالتكبير؛ لأنه يدخل تحت عموم قوله: (كان يكبر عند كل خفض ورفع)، فينتقل إذا كان في الصلاة بالتكبير؛ لأنه داخل تحت كونه يكبر عند كل خفض ورفع، وهذا خفض ورفع، فهو يكبر عند هذا الخفض، ويكبر عند الرفع، أما إذا كان في غير الصلاة فلا يكبر عند الرفع، ولا يسلم.


دليل من يقول بعدم وقوع الطلاق البدعي

السؤال: ما دليل من يقول بعدم وقوع الطلاق البدعي؟الجواب: لا أدري.

أجر الجماعة الثانية

السؤال: من صلى في الجماعة الثانية بعد انتهاء الجماعة الأولى، هل له أجر الجماعة؟

الجواب: له أجر الجماعة الثانية، وأما أجر الجماعة الأولى التي أذن لها، والتي حصل إدراك صلاتها، لا شك أنها أفضل نعم، هذه جماعة وهذه جماعة، لكن فرق بين الجماعتين، وكل منهما لها أجر، وهذه الجماعة الثانية لا تخلو من إحدى حالتين: إما أن تكون الجماعة الثانية أقيمت حيث جاءوا وقد فاتتهم الأولى وكانوا حريصين على إدراكها، فهؤلاء يجوز لهم أن يصلوا جماعة، وإما أنهم لا يريدون أن يصلوا وراء الإمام، بل يتحينون انتهاءه حتى يصلوا وحدهم، وهؤلاء يأثمون على هذا القصد، وعلى هذه النية.


جواز إقامة الجماعة الثانية

السؤال: من يقول لا جماعة أخرى بعد الجماعة الأولى ما قولكم في رأيه؟


الجواب: الذي يبدو لي أن الصواب هو خلافه، وأن الجماعة الثانية يجوز إقامتها إذا كانت المسألة ليست بالحالة التي أشرت إليها، وهي: عدم إرادة الصلاة وراء الإمام، وإيجاد الجماعات، وإيجاد التفرق، وأنهم لا يريدون أن يصلوا وراء الإمام الراتب.. هذا لا يجوز، أما إذا كان الأمر كما ذكرت وأنه فاتتهم الصلاة وكانوا يريدون أن يصلوا، ولكن جاءوا وقد فرغ من الصلاة، فلهم أن يصلوا، والدليل على هذا الأحاديث التي وردت في الجماعة، وصلاة الثلاثة أحسن من الاثنين وهكذا ...، ثم الحديث الذي فيه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من يتصدق على هذا فيصلي معه؟)، شخص جاء وحده، والرسول صلى الله عليه وسلم أرشد واحداً من الذين صلوا أن يتصدق عليه ويصلي معه، فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم أرشد إلى إقامة الصلاة ولو عن طريق الصدقة، فكيف لا تجوز من غير حاجة إلى صدقة، فإذا جاءنا واحد، نقول: واحد نصلي معه، وإذا جاءنا اثنان نقول: كل واحد يرجع ويصلي في بيته! هذا غير مستقيم، إذا جازت عن طريق الصدقة فتجوز عن غير طريق الصدقة، وما الفرق بين مجيء واحد يبحث عن واحد يصلي معه لتوجد الجماعة في المسجد، وبين اثنين يأتيان وليسا بحاجة إلى صدقة، ويقال لهما: كل واحد يذهب ويصلي في بيته، فلا يستقيم هذا؛ إذ ليس بواضح.


حكم المسابقة بالطير

السؤال: هل تجوز المسابقة في الطير، حيث أنه ورد حديث موضوع فيه زيادة: جناح؟


الجواب: أقول: مادام أن السؤال فيه أنه حديث موضوع، فمعناه أن الجواب موجود في السؤال.


حكم أخذ ما زاد من مال الحج لمن ناب عن غيره


السؤال: أعطاني رجل مالاً لأحج عن أبيه، فتكلف الحج مالاً أقل، فهل يجوز لي أن آخذ بقية المال وقد تعمدت تكلفة أقل؟


الجواب: لا بأس أن تأخذ المال، مادام أنك أعطيت من أجل أن تحج، وقد أتيت بالحج على التمام والكمال، وزاد عندك المال، فلك أن تأخذه.


قلب الرداء في صلاة الاستسقاء بالنسبة للمأمومين والنساء

السؤال: بالنسبة لقلب الرداء في صلاة الاستسقاء هل هو سنة؟ وهل هو وخاص للإمام أو للمأمومين؟ وهل يشمل الرجال والنساء؟


الجواب: الذي يبدو أنه عام ليس خاصاً بالإمام، بل هو للإمام والمأمومين، وكذلك للرجال والنساء؛ لأن النساء كمثل الرجال في الأحكام إلا إذا جاء شيء يخصهن ويميزهن عن الرجال، وإلا فالأصل التساوي بين الرجال والنساء في الأحكام.


عقيدة الإمام الشوكاني رحمه الله

السؤال: ما هي عقيدة الإمام الشوكاني رحمه الله؟

الجواب: الإمام الشوكاني رحمه الله له مؤلفات تدل على سلامة وحسن اعتقاده، وعنده شيء من الأخطاء القليلة، لكن الغالب على كتبه وعلى ما يتعلق بعقيدته السلامة، وأما كتبه فهي مفيدة، فيحرص عليها، ويستفاد منها.








ابوالوليد المسلم 19-08-2022 08:25 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الإحباس

(464)

- باب كيف يكتب الحبس




إن الأنبياء لا يورثون ديناراً ولا درهماً، وإن ما خلفه النبي عليه الصلاة والسلام فإنه يوضع في سبيل الله، وقد ثبت مشروعية الوقف، ووضع مال في سبيل الله جل وعلا ليتوالى الأجر لصاحبه بعد موته.

الإحباس


شرح حديث عمرو بن الحارث: (ما ترك رسول الله ديناراً ولا درهماً... إلا بغلته ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [كتاب: الإحباسأخبرنا قتيبة بن سعيد حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن عمرو بن الحارث رضي الله عنه، أنه قال: (ما ترك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ديناراً ولا درهماً، ولا عبداً ولا أمة، إلا بغلته الشهباء التي كان يركبها، وسلاحه، وأرضاً جعلها في سبيل الله)، وقال قتيبة مرة أخرى: (صدقة)].
ثم أورد النسائي كتاب الإحباس، والإحباس هو: التوقيف؛ لأنه من حبس وأحبس إذا وقف، وهو الوقف أو التوقيف، والتحبيس والتسبيل، ويقولون في تعريف الوقف: هو: تحبيس الأصل، وتسبيل المنفعة، أي: أن الأصل يوقف فلا يباع ولا يتصرف فيه، ومنفعته تصرف في وجوه الخير التي نص في الوقف على أنها تصرف فيها، فيبقى الأصل دون أن يباع؛ لأنه صار وقفاً على جهة معينة، ومنفعته تصرف في حق تلك الجهة التي أوقف عليها، فإذا أوقف مثلاً داراً على أن تكون للمساكين، فتكون هذه الدار أصلها خرجت من ملك مالكها، ومنفعتها تكون لأولئك المساكين سواء سكنوها، أو أجرت وقسمت أجرتها عليهم، فهو تحبيس الأصل، وتسبيل المنفعة، هذا هو المقصود بالإحباس، وهو من أحبس وحبس، أي: إذا وقف.
وقد مر ذكر الاحتباس في الخيل يحتبسها للجهاد في سبيل الله، أي: يوقفها، والاحتباس غير الاحتساب، الاحتساب أن يحتسب الأجر ويريده، وأما الاحتباس هو توقيف العين لأمر من الأمور، أو في جهة من جهات الخير، سواء كان جهاداً أو غير جهاد.
أورد النسائي حديث [عمرو بن الحارث رضي الله عنه قال: (ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده ديناراً ولا درهماً، ولا عبداً ولا أمة، إلا بغلته الشهباء التي كان يركبها، وسلاحه، وأرضاً جعلها في سبيل الله)]، قوله: (إلا بغلته) هذا استثناء منقطع، أي: لكن ترك بغلته؛ لأن الاستثناء المنقطع هو ما يكون المستثنى من غير جنس المستثنى منه؛ لأن الذي مر دراهم ودنانير، وإماء وعبيد، فجاءت البغلة وهي ليست من جنسها، فيكون استثناء منقطعاً، ويمكن أن يكون استثناء متصلاً على حذف مفعول، أي: ولا شيئاً، أي: ما ترك عبداً، ... ولا شيئاً إلا بغلته، فيكون استثناء متصلاً إذا كان المقدر شيئاً، وأما على حالته فإنه استثناء منقطع، أي: لكن ترك بغلته، وهي من غير جنس ما تقدم.
قوله: (الشهباء التي كان يركبها، وسلاحه، وأرضاً جعلها في سبيل الله)، فالنبي عليه الصلاة والسلام جاء الحديث عنه أنه قال: (إنا معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة)، فكل ما تركه صدقة، يعني: البغلة، والسلاح، والأرض كل ذلك في سبيل الله عز وجل، لكن هذه الأرض جعلها في سبيل الله عز وجل، وأما الأموال الأخرى التي هي السلاح، والبغلة فهي أيضاً في سبيل الله عز وجل، وهي صدقة جارية، وذلك مما كان يصرف على الفقراء والمساكين، يرصد ويعد للجهاد في سبيل الله كالبغلة، وكالسلاح، فيجعل في الجهة التي تناسبه.
[وقال قتيبة مرة أخرى صدقة]، أي: بدل في سبيل الله، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة)، هكذا جعل الله الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أنهم لا يورث عنهم المال؛ لأنهم ما جاءوا لجمع المال وتوريثه لأقاربهم كغيرهم من الناس الذين يجمعون المال ويرثهم أقاربهم، هم جاءوا لهداية البشر، وهداية الخلق بإخراجهم من الظلمات إلى النور، وجاءوا بالعلم النافع الذي هو ميراث مشاع مبذول لكل من أراده، وليس خاصاً بالقرابات، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (إن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر)، فميراث النبوة هو: العلم النافع، وهذا الميراث ليس خاصاً بقرابة الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما هو مبذول، ومشاع، ومشترك، وكل من أراده فهو أمامه، لا يرد عنه أحد، ولا يختص بأحد دون أحد، لكن غيرهم من الناس يجمعون المال، ويرثهم أقرباؤهم الذين فرض الله لهم الفرائض في كتابه وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال: (ما ترك ديناراً، ولا درهماً)، وقال: (وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً، ولا درهماً)؛ لأنهم ما جاءوا لجمع المال، وإنما جاءوا لنشر الحق، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور، ودعوة الناس إلى الصراط المستقيم، وميراثهم عام لكل من أراده ممن وفقه الله عز وجل.

تراجم إسناد حديث عمرو بن الحارث: (ما ترك رسول الله ديناراً ولا درهماً ... إلا بغلته ...)


قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد].هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الأحوص].
هو أبو الأحوص سلام بن سليم الحنفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي إسحاق].
هو أبو إسحاق السبيعي عمرو بن عبد الله الهمداني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن الحارث].
عمرو بن الحارث رضي الله عنه أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث عمرو بن الحارث: (ما ترك رسول الله إلا بغلته البيضاء ...) من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا سفيان حدثني أبو إسحاق سمعت عمرو بن الحارث رضي الله عنه يقول: (ما ترك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا بغلته البيضاء، وسلاحه، وأرضاً تركها صدقة)].أورد النسائي حديث عمرو بن الحارث رضي الله عنه، وليس فيه ذكر الأشياء التي نفيت قبل البغلة، وإنما قال: ما ترك إلا بغلته، يعني: ما ترك شيئاً إلا بغلته.

تراجم رجال إسناد حديث عمرو بن الحارث: (ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بغلته البيضاء ...) من طريق ثانية


قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].هو عمرو بن علي الفلاس، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن سعيد].
هو يحيى بن سعيد القطان، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، ثقة فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي إسحاق عن عمرو بن الحارث].
قد مر ذكرهما.

حديث عمرو بن الحارث: (رأيت رسول الله ما ترك إلا بغلته ..) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا أبو بكر الحنفي حدثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبيه قال: سمعت عمرو بن الحارث رضي الله عنه يقول: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما ترك إلا بغلته الشهباء، وسلاحه، وأرضاً تركها صدقة)].أورد النسائي حديث عمرو بن الحارث رضي الله عنه وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].
عمرو بن علي مر ذكره.
[عن أبي بكر الحنفي].
هو عبد الكبير بن عبد المجيد الحنفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يونس بن أبي إسحاق].
هو يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وهو صدوق يهم قليلاً، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبيه عن عمرو بن الحارث].
قد مر ذكرهما.


كيف يكتب الحبس، وذكر الاختلاف على ابن عون في خبر ابن عمر فيه رضي الله عنهما


شرح حديث عمر: (أصبت أرضاً من أرض خيبر ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [كيف يكتب الحبس، وذكر الاختلاف على ابن عون في خبر ابن عمر فيه رضي الله عنهما.أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أنبأنا أبو داود الحفري عمر بن سعد عن سفيان الثوري عن ابن عون عن نافع عن ابن عمر عن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (أصبت أرضاً من أرض خيبر، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: أصبت أرضاً لم أصب مالاً أحب إلي ولا أنفس عندي منها، قال: إن شئت تصدقت بها، فتصدق بها على أن لا تباع ولا توهب؛ في الفقراء، وذي القربى، والرقاب، والضيف، وابن السبيل، لا جناح على من وليها أن يأكل بالمعروف غير متمول مالاً، ويطعم)].
يقول النسائي رحمه الله: [كيف يكتب الحبس، وذكر الاختلاف على ابن عون في حديث ابن عمر فيه].
الحبس: هو الوقف، والإحباس هو التوقيف، يقال: أحبسه وحبسه إذا أوقفه ووقفه، وقيل للوقف حبساً لأن فيه منعاً من أن يتصرف فيه تصرف الملاك في أملاكهم بالبيع، والشراء، والهبة، وما إلى ذلك، فإن الوقف ليس فيه هذه الأمور؛ لأنه حصل فيه الحبس الذي هو المنع من أن يتصرف فيه هذا التصرف.
[وكيف يكتب الحبس؟] أي: كيف يكتب الوقف، وما هي الكيفية التي يكتب بها الوقف، والتي يوقف الإنسان بها ما يريد من المال على أن يكون عيناً جارية، وعلى أن يكون صدقة جارية، ومالاً تتوالى منافعه بين وقت وآخر، ويعود ذلك إلى من أوقفه، ويكون لمن أوقفه ثواب هذه الصدقة الجارية؛ لأن الصدقة صدقتان:
صدقة منتهية: وهي الصدقة العينية التي يضعها الإنسان في يد محتاج، وصدقة جارية: وهي التي تكون مستمرة ودائمة، مثل أن يبني مسجداً فيصلي الناس فيه، فتدوم فيه هذه المنفعة، ويؤجر على كل ما يصلى فيه من الصلوات على ممر السنين والأيام، وكذلك إذا حبس داراً على أن يكون ريعها للفقراء والمساكين، أو يسكن فيها الفقراء والمساكين، فإنها صدقة جارية، وهو الوقف الذي يوقفه الإنسان ويستمر نفعه، ويكثر أجره ويتوالى لمن حبسه ووقفه.
وقد أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما عن عمر رضي الله تعالى عنه: أنه أصاب أرضاً من خيبر لم يصب أرضاً مثلها، وليس عنده مال أنفس منها، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وذكر له ذلك وأنها أنفس وأحب مال إليه، وهو يستأذنه ويستأمره ويطلب منه الأمر بأي وجه من وجوه الخير يضعها؟، فالنبي صلى الله عليه وسلم، أمره بأن يتصدق بها صدقة جارية، وهو أن يحبس أصلها، ويتصدق بثمرتها، بأن تصرف الثمرة في وجوه الخير والبر التي يذكرها وينص عليها، ففعل ذلك عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وكانت كيفية تحبيسه وتوقيفه أنه حبسها بحيث لا يباع أصلها، ولا يوهب، ولا يورث، وهذا هو شأن الوقف؛ لأن الوقف إذا خرج من ذمة الإنسان ومن ملك الإنسان، وصار في وجوه البر التي جعله فيها، فلا سبيل إلى بيعه، ولا إلى هبته، وليس مالاً يورث من بعده؛ لأنه خرج من ملكه في حياته بتلك الطرق التي جعله فيها، وهي الوقف.

مصرف وقف سيدنا عمر

وذكر أن هذه المنفعة التي تنتج من وراء هذه الأرض، والثمرة التي تخرج منها تكون في الفقراء، والمساكين، وذي القربى، وإعتاق الرقاب، والضيف، وفي سبيل الله، وابن السبيل، هذه هي المصارف ووجوه البر التي جعلها عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه مصرفاً لهذا الوقف الذي وقفه بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وإرشاده وتوجيهه، صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.فبين أن الوقف يكون بأن يحبس ويمنع من التصرف فيه، وأن ثمرته ومنافعه تكون في وجوه البر التي يذكرها، ووجوه البر التي أرادها ونص عليها عمر هي هذه الوجوه؛ في الفقراء، والمساكين، وذي القربى يعني: قرابته هو، وفي الرقاب، وفي سبيل الله، والضيف، وابن السبيل هذه وجوه البر والخير التي جعلها عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه مصرف وقفه يصرف فيها.
ثم ذكر أن من وليها فلا جناح عليه أن يأكل غير متمول مالاً، معناه: أنه لا يأخذ منها شيئاً يتموله، وإنما يأكل ويأخذ منها بالمعروف، دون أن يتمول مالاً منها يجعله ضمن ماله يتجر فيه ويستعمله، وكذلك يطعم بالمعروف، ويحسن إلى من هو محتاج.
[قال عمر رضي الله عنه: (أصبت أرضاً من أرض خيبر، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقلت: أصبت أرضاً لم أصب مالاً أحب إلي، ولا أنفس عندي منها، قال: إن شئت تصدقت بها)].
هو يريد أن ينفق خير ماله وأحب ماله إليه، والله تعالى يقول: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgلَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[آل عمران:92]، فهو يقول: إن هذه الأرض هي أحب مالي إلي، ولم أصب أنفس منها ولا أحب إلي منها، وهو يستشير الرسول صلى الله عليه وسلم، كيف يضعها، وكيف ينفقها؟ فأشار عليه الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يحبسها، وأن يجعل ثمرتها في وجوه الخير ففعل، ماذا قال؟
قوله: [(قال: إن شئت تصدقت بها)].
أي: جعلتها وقفاً؛ لأنه جاء في بعض الروايات أنه (يحبس أصلها، ويسبل ثمرتها)، فقوله: (تصدقت بها) أي: صدقة جارية؛ لأن الصدقة بالأصول صدقة جارية، وأما الصدقة بالثمرة في وقت من الأوقات، أو في زمن من الأزمان، وفي حين من الأحيان هذه صدقة منتهية، لكن إذا حبس الأصل الذي هو النخل، وصارت ثمرته تصرف في كذا وكذا كل سنة، فعندما تأتي الثمرة تؤخذ ثمرته وتصرف في كذا وكذا، فتكون صدقة جارية.
قوله: [(فتصدق بها على أن لا تباع ولا توهب)].
أي: اجعلها صدقة جارية على أن لا تباع ولا توهب، فهي أصول موقوفة لا تباع، ولا توهب، ولا تورث، أي: ليست مالاً له يورث من بعده يحصله الورثة؛ لأن هذا خرج من ملكه في حياته، وصار في وجوه الخير، ووجوه البر التي جعله فيها؛ لأن هذا هو شأن الوقف، والفرق بين الوقف والوصية أن الوقف خروج من المال في الحياة، وأما الوصية فهي بعد الموت، وتكون في حدود الثلث فأقل يجعلها في وجوه الخير والبر، والوقف: هو خروج من المال في الحياة، يخرج من ملكه في حياته، فلا يكون من ماله، ولا يورث من بعده، ولا يتمكن هو من بيعه أو هبته، وكذلك غيره لا يتمكن من بيعه، ولا هبته إلا إذا تعطلت منافعه، فالوقف إذا تعطلت منافعه فإنه يمكن أن يباع، وأن يصرف في مثله.
قوله: [(فتصدق بها على أن لا تباع ولا توهب في الفقراء وذي القربى)].
على أن لا تباع، ولا توهب، هذا هو تحبيس الأصل، ثم قوله (في الفقراء) يعني: منفعتها وثمرتها وفائدتها تكون في المصارف الآتية: وهي في الفقراء.
وقوله: [(وذي القربى، والرقاب، والضيف، وابن السبيل)].
هذه وجوه البر التي جعل عمر رضي الله عنه وأرضاه مصارف وقفه فيها.
قوله: [(لا جناح على من وليها أن يأكل بالمعروف غير متمول مالاً، ويطعم)].
الذي يليها له أن يأكل بالمعروف، ولا يتمول مالاً بمعنى: أنه يأخذ شيئاً يتموله، ويجعله مالاً يتجر به، أو يتصرف فيه كيف يشاء، وإنما يأكل بالمعروف، ويطعم منه، ويحسن منه، أي: يطعم صديقه، ويطعم جاره.. لا بأس بذلك، لكن بالمعروف دون أن يكون هناك تمول واتجار بشيء من هذا الوقف ومن ثمرات هذا الوقف.

يتبع



ابوالوليد المسلم 19-08-2022 08:26 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
تراجم رجال إسناد حديث عمر: (أصبت أرضاً من أرض خيبر ...)

قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي المروزي، ثقة، ثبت، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن أبي داود الحفري عمر بن سعد].
أبو داود الحفري هو عمر بن سعد، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن سفيان الثوري].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، ثقة فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عون].
هو عبد الله بن عون، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن نافع].
هو نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر].
هو عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[عن عمر].
هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثاني الخلفاء الراشدين، الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة، ولي الخلافة عشر سنوات وأشهراً، حصلت فيها الفتوحات، واتسعت فيها رقعة البلاد الإسلامية، ودخل الناس في دين الله أفواجاً، وقضي على الدولتين العظيمتين في زمانه، وهما: دولة فارس، والروم، وأنفقت كنوز كسرى وقيصر، كسرى ملك الفرس، وقيصر ملك الروم، وأنفقت في سبيل الله، وتحقق بذلك ما أخبر به رسول الله عليه الصلاة والسلام من أن كنوزهما لتنفقن في سبيل الله، وقد كان إنفاقها في زمن الفاروق، وعلى يد الفاروق رضي الله تعالى عنه وأرضاه.

طريق أخرى لحديث عمر: (أصبت أرضاً من أرض خيبر ...) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني هارون بن عبد الله حدثنا معاوية بن عمرو عن أبي إسحاق الفزاري عن ابن عون عن نافع عن ابن عمر عن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نحوه].أورد النسائي حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه دون أن يذكر متنه، ولكنه أحال على ما قبله بنحوه، أي: أن لفظ المتن الذي لم يذكر قريب من لفظ المتن المذكور قبله، وهذا هو معنى نحوه، أي: أنه متفق في المعنى ويختلف في الألفاظ، وهذا بخلاف كلمة مثله؛ فإنها تعني المماثلة باللفظ والمعنى، وأما نحوه فتعني: الموافقة بالمعنى مع الاختلاف باللفظ.

تراجم رجال إسناد حديث عمر بن الخطاب (أصبت أرضاً من أرض خيبر..) من طريق ثانية

قوله: [أخبرني هارون بن عبد الله].هو هارون بن عبد الله الحمال البغدادي، ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن معاوية بن عمرو].
هو معاوية بن عمرو المعني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي إسحاق الفزاري].
وهو إبراهيم بن محمد بن الحارث أبو إسحاق الفزاري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عون].
وفي تحفة الأشراف: عن أبي إسحاق الفزاري عن ابن عون، وفي السنن الكبرى أخذ من المجتبى، وذكر أيوب.
[عن نافع عن ابن عمر عن عمر].
قد مر ذكرهم.

شرح حديث ابن عمر: (... إن شئت جبست أصلها وتصدقت بها ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا حميد بن مسعدة حدثنا يزيد وهو ابن زريع حدثنا ابن عون عن نافع عن ابن عمر عن عمر رضي الله عنهما، أنه قال: (أصاب عمر أرضاً بخيبر، فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: أصبت أرضاً لم أصب مالاً قط أنفس عندي، فكيف تأمر به؟ قال: إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها، فتصدق بها على أن لا تباع، ولا توهب، ولا تورث؛ في الفقراء، والقربى، والرقاب، وفي سبيل الله، والضيف، وابن السبيل، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، ويطعم صديقاً غير متمول فيه)].أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر عن عمر رضي الله تعالى عنهما، وهو مثلما تقدم من كونه أصاب الأرض، وأنها أنفس ماله، وأنه جاء يستشير النبي صلى الله عليه وسلم في الصدقة بها، فأمره بأن يحبس أصلها ويتصدق بها، أي: بالثمرة والريع والنتاج ويكون ذلك في الفقراء، وذي القربى، وابن السبيل، والرقاب، والضيف، وأن الولي له أن يأكل بالمعروف، ويطعم صديقاً غير متمول فيه، أي: كونه يأكل ويطعم صديقه دون أن يكون متجراً فيه، متخذه تجارة أو مالاً يتموله ويتصرف فيه، وإنما المقصود هو انتفاع وأكل دون أن يتجر فيه.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر: (... إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها ...)

قوله: [أخبرنا حميد بن مسعدة].حميد بن مسعدة هو صدوق، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن يزيد هو ابن زريع].
يزيد هو ابن زريع، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عون عن نافع عن ابن عمر عن عمر].
قد مر ذكرهم.

حديث ابن عمر: (... قال: إن شئت حبست أصلها ...) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا بشر عن ابن عون قال: وأنبأنا حميد بن مسعدة حدثنا بشر حدثنا ابن عون عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (أصاب عمر أرضاً بخيبر، فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاستأمره فيها، فقال: إني أصبت أرضاً كثيراً لم أصب مالاً قط أنفس عندي منه، فما تأمر فيها؟ قال: إن شئت حبست أصلها، وتصدقت بها، فتصدق بها على أنه لا تباع، ولا توهب، فتصدق بها في الفقراء، والقربى، وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل، والضيف، لا جناح -يعني: على من وليها- أن يأكل أو يطعم صديقاً غير متمول) اللفظ لـإسماعيل].أورد النسائي حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، وهو مثل ما تقدم.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر: (.. قال: إن شئت حبست أصلها ..) من طريق ثانية


قوله: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود].هو إسماعيل بن مسعود البصري، ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن بشر].
هو بشر بن مفضل، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عون].
قد مر ذكره.
[وأنبأنا حميد بن مسعدة].
قد مر ذكره.
[عن بشر عن ابن عون عن نافع عن ابن عمر عن عمر].
قد مر ذكرهم.

حديث ابن عمر: (... فقال: إن شئت حبست أصلها ...) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا أزهر السمان عن ابن عون عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن عمر أصاب أرضاً بخيبر، فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يستأمره في ذلك، فقال: إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها، فحبس أصلها أن لا تباع، ولا توهب، ولا تورث، فتصدق بها على الفقراء، والقربى، والرقاب، وفي المساكين، وابن السبيل، والضيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، أو يطعم صديقه غير متمول فيه)].أورد النسائي حديث عمر من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر: (.. فقال: إن شئت حبست أصلها ..) من طريق ثالثة

قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].إسحاق بن إبراهيم مر ذكره.
[عن أزهر السمان].
أزهر السمان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن ابن عون عن نافع عن ابن عمر عن عمر].
قد مر ذكر هؤلاء.

شرح حديث: (اجعلها في قرابتك ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أبو بكر بن نافع حدثنا بهز حدثنا حماد حدثنا ثابت عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (لما نزلت هذه الآية: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgلَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[آل عمران:92] قال أبو طلحة رضي الله عنه: إن ربنا ليسألنا عن أموالنا، فأشهدك يا رسول الله! أني قد جعلت أرضي لله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اجعلها في قرابتك؛ في حسان بن ثابت، وأبي بن كعب)].أورد النسائي حديث أنس رضي الله عنه: أن أبا طلحة لما نزل قول الله عز وجل: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgلَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[آل عمران:92]، قال: (إن ربنا ليسألنا عن أموالنا)، يعني أي يطلب منا أن نتصدق من أموالنا، وأن تكون الصدقة في الأحب والأنفس؛ لأن الله يقول: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgلَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[آل عمران:92]، فهذا فيه حث وتنبيه إلى التصدق والإنفاق، وأن يكون ذلك بالأحب، وبالأنفس والأرغب عند الإنسان، فقال: [(أشهدك يا رسول الله! أني قد جعلت أرضي لله)].
أي: أنه جعلها في سبيل الله عز وجل، يرجو ثواب الله عز وجل من هذا المال الذي هو أحب ماله إليه، أو من أحب ماله إليه، فالرسول صلى الله عليه وسلم أمره بأن يجعلها في قرابته في حسان بن ثابت وأبي بن كعب، وهذا يدلنا على أن الأقربين هم أولى بالمعروف، وأنهم أولى الناس ببر القريب وإحسانه، ولهذا عمر رضي الله عنه جعل للقربى أي قرابته لهم نصيب من هذا المال، أو من هذا الوقف، والرسول صلى الله عليه وسلم أرشد أبا طلحة بأن يجعل ذلك في قرابته المحتاجين، فجعلها في حسان بن ثابت وأبي بن كعب رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين.

تراجم رجال إسناد حديث: (اجعلها في قرابتك ...)

قوله: [أخبرنا أبو بكر بن نافع].أبو بكر بن نافع هو محمد بن أحمد بن نافع، وهو صدوق، أخرج حديثه: مسلم، والترمذي، والنسائي.
[عن بهز].
هو بهز بن أسد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حماد].
هو حماد بن سلمة بن دينار، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن ثابت].
هو ثابت بن أسلم البناني البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس].
هو أنس بن مالك رضي الله عنه، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويخبر عن أبي طلحة وهو زوج أمه أم سليم رضي الله تعالى عنها وعنه وعن الصحابة أجمعين، فهو يخبر عما حصل من زوج أمه أبي طلحة رضي الله عنه من مجيئه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ورغبته في التصدق في جعل أرضه في سبيل الله عز وجل، فالنبي صلى الله عليه وسلم أشار إليه بأن يجعلها في القربى.

ابوالوليد المسلم 19-08-2022 08:29 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الإحباس

(465)

- باب حبس المشاع




دل الله العباد على كل خير، وحذرهم من كل شر، ومن خير ما دلهم عليه حبس المال ووقفه في طاعته سبحانه، فيبقى الأجر ما بقي هذا الوقف، حيث يحفظ أصله، وتوضع منفعته في الخير.

حبس المشاع


شرح حديث عمر: (احبس أصلها وسبل ثمرتها)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: حبس المشاع.أخبرنا سعيد بن عبد الرحمن حدثنا سفيان بن عيينة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (قال عمر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن المائة سهم التي لي بخيبر لم أصب مالاً قط أعجب إلي منها، قد أردت أن أتصدق بها، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: احبس أصلها وسبل ثمرتها)].
أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: حبس المشاع، والمشاع: هو المشترك الغير متميز؛ لأن التحبيس يكون للمعين المتميز، وللمشترك غير المتميز، أي: مثل ربع أو كذا سهم من أسهم أرض أو بستان، فإن هذا مشاع؛ لأن معنى كونه مشاع أن حق كل واحد منهم مشاع في الكل، لا يستطيع أحد أن يقول: هذه القطعة لي وهذه القطعة لك، بل كل قطعة صغيرة فهي مشتركة، ولكل واحد حق فيها مادام أن الأرض لم تقسم ويعرف كل حقه بالتحديد، فإن كل واحد من المشتركين له نصيب في كل جزء من جزئيات الأرض المشاعة المشتركة، وعمر رضي الله عنه له مائة سهم في أرض مشاعة في خيبر، وقد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يتصدق بهذا المال بأن يجعله صدقة جارية، فالنبي صلى الله عليه وسلم، أمره بأن يحبس أصلها، ويسبل منفعتها.
يحبس الأصل: بأن يمتنع من بيعه، وشرائه، وهبته، وعدم التمكن من إرثه؛ لأنه خرج من ملك صاحبه بالتحبيس.
ويسبل المنفعة، يجعلها في سبيل الله عز وجل تصرف في وجوه الخير التي أرادها، ولهذا الفقهاء أخذوا من هذا الحديث تعريف الحبس أو التحبيس فقالوا: هو: تحبيس الأصل، وتسبيل المنفعة، بمعنى: أن الأصل يحبس فلا يتصرف فيه مالكه ببيع أو هبة، ولا يورث من بعده إذا مات؛ لأنه خرج من ملك صاحبه، وأما المنفعة التي تخرج منه فإنها تصرف في سبيل الله، النخل والزرع فالأرض المحبسة التي فيها نخل عندما يجز النخل، النخل أصله وقف، وثمرته وقف، فتصرف في وجوه البر، فإذا جذ فإنه يصرف في وجوه الخير التي جعله فيها، والأصل ثابت محبس لا يتصرف فيه، ولا يتمكن صاحبه من بيعه وهبته؛ لأنه خرج من ملكه بالتوقف.
فالوقف تعريفه عند الفقهاء: تحبيس الأصل، وتسبيل المنفعة، أي: يحبس الأعيان، ويجعل ثمراتها وريعها ونفعها يصرف في وجوه البر، لا يباع هو، ويصرف قيمته في وجوه البر؛ لأنه لا يباع؛ لأن الأصل ثابت، وإنما الذي يصرف في وجوه البر هو الثمرة، والمنفعة التي تخرج منه، فالعمارة إذا وقفها لا يتمكن من بيعها، بل يصرف قيمتها في الفقراء والمساكين، وقيمتها ثابتة فيها وباقية فيها، لكن إجارها كل سنة -هذه منفعة أخذ مقابلها أجرة- هذه الأجرة تصرف في وجوه البر، فتكون العين ثابتة مستقرة، والمنفعة تصرف في وجوه البر، كلما جاءت المنفعة صرفت في وجوه البر، فالحديث فيه اعتماد الفقهاء على تعريف الوقف، حيث قالوا: هو تحبيس الأصل، وتسبيل المنفعة، والنبي صلى الله عليه وسلم، قال: (احبس أصلها، وسبل ثمرتها).
وذكر المشاع مأخوذ من قوله: [(مائة سهم)]، معناه أن فيه أسهماً، وأنها ليست لشخص واحد وليس مستقلاً بها؛ لأن الأسهم كما هو معلوم هذا له مائة، وهذا له مائة، وهذا له مائة، وهكذا، فكل صاحب سهم لا يستطيع أن يقول: هذه القطعة لي، أو هذا الجزء لي، بل كل جزء من جزئياته لكل شريك فيه نصيب؛ لأنه مشاع.

تراجم رجال إسناد حديث عمر: (احبس أصلها وسبل ثمرتها)


قوله: [أخبرنا سعيد بن عبد الرحمن].هو سعيد بن عبد الرحمن المكي المخزومي، وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[عن سفيان بن عيينة].
هو سفيان بن عيينة المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبيد الله بن عمر].
هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر العمري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن نافع عن ابن عمر].
وقد مر ذكرهما.

شرح حديث عمر: (فاحبس أصلها وسبل الثمرة) من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الله الخلنجي ببيت المقدس حدثنا سفيان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (جاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا رسول الله! إني أصبت مالاً لم أصب مثله قط، كان لي مائة رأس فاشتريت بها مائة سهم من خيبر من أهلها، وإني قد أردت أن أتقرب بها إلى الله عز وجل، قال: فاحبس أصلها وسبل الثمرة)].أورد النسائي حديث ابن عمر عن عمر قال: جاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالذي يحكي ابن عمر راوياً عن عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه، أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إن عنده مائة رأس، اشترى بها مائة سهم من أرض خيبر، وهو يستشيره في أن يتصدق بها، فقال عليه الصلاة والسلام: (احبس أصلها وسبل ثمرتها).

تراجم رجال إسناد حديث عمر: (فاحبس أصلها وسبل الثمرة) من طريق ثانية


قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله الخلنجي].هو محمد بن عبد الله بن بكر الخلنجي، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن سفيان].
هو سفيان بن عيينة، وقد مر ذكره.
[عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر].
وقد مر ذكرهم.

شرح حديث: (احبس أصلها وسبل ثمرتها) من طريق ثالثة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن مصفى بن بهلول حدثنا بقية عن سعيد بن سالم المكي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن أرض لي بثمغ، قال: احبس أصلها، وسبل ثمرتها)].أورد النسائي حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن عمر رضي الله عنه قال: (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أرض لي بثبغ، وهي موضع من المدينة، فقال: احبس أصلها، وسبل منفعتها)، وهو مثلما تقدم في أرض خيبر: تحبيس الأصل، وتسبيل المنفعة.

تراجم رجال إسناد حديث عمر: (احبس أصلها وسبل ثمرها) من طريق ثالثة


قوله: [أخبرنا محمد بن مصفى بن بهلول].محمد بن مصفى بن بهلول صدوق له أوهام، ويدلس، وأخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن بقية].
هو بقية بن الوليد، وهو صدوق، كثير التدليس عن الضعفاء، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن سعيد بن سالم المكي].
سعيد بن سالم المكي صدوق يهم، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن عمر].
وقد مر ذكرهم.


الأسئلة

ضياع شيء في الجمرات


السؤال: شخص ضاع منه عند رمي الجمرات حذاؤه لشدة الزحام، فأخذ نعلين مختلفين من نفس المكان وأتى المدينة، فما الذي عليه؟


الجواب: والله الذي يبدو أنه ليس عليه شيء؛ لأن النعال التي تكون في ذلك المكان هي مال ضائع وصاحبه لا يبحث عنه، ولا يأتي أحد يبحث عن نعاله في تلك الأكوام التي حول الجمرات، فإذا أخذ شيئاً من ذلك وانتفع به بدل نعاله التي ضاعت، فإنه أخذ بشيء مبذول، أي: لا أحد يبحث عنه، فلا بأس بأخذه من ذلك المكان.. من تلك الأكوام، وما دام أنه استفاد منه واستغنى عنه، فلو تصدق به عن صاحبه لكان أولى، ولكن كونه يأخذه ويستفيد منه فلا بأس؛ لأن هذا المال صاحبه لا يبحث عنه، ولا يسأل عنه.


الفرق بين كتاب المجتبى والسنن الكبرى

السؤال: هل هناك فرق بين كتاب المجتبى والسنن الكبرى؟

الجواب: إي نعم هناك فرق، المجتبى هو مختصر، مثل اسمه مجتبى، وفي السنن الصغرى ما ليس في الكبرى، أي: فيها زيادات ليست موجودة في الكبرى، وفي الكبرى أحاديث كثيرة لا وجود لها في الصغرى، بل هناك أبواب، وقد سبق أن مر بنا في كتاب الصيام أنه انتقى منه في مواضع كثيرة، ثم أبواب عديدة توجد في الكبرى ولا توجد في الصغرى، توجد بعد نهاية أحاديث أبواب الصغرى جاءت أبواب عديدة بعدها في الكبرى، ولا وجود لها في الصغرى، على أنه يوجد في الصغرى أحاديث لا توجد في الكبرى، وهي منصوص عليها في بعض المواضع في تراجم الأبواب مما لا يوجد في الكبرى، وقد أحال عليها الشيخ عبد الصمد شرف الدين رحمه الله في مقدمته للسنن الكبرى، أو مقدمته لتحفة الأشراف، ما أتذكر ...، لكن في إحداهما نص على ذكر ما يتعلق بالكبرى والصغرى، وذكر أن في الصغرى أحاديث لا توجد في الكبرى، وأشار إلى مكانها، والترجمة فيها التنصيص على أنه ليس بالكبرى.


المراد من كلمة الوقف للضيف

السؤال: ما المراد بالوقف للضيف؟

الجواب: أي: يجعل للضيفان وقف، لاسيما إذا كان المكان الذي فيه فقراء، ولا يتمكنون من تضييف من يمر بهم ويأتي إليهم، فإذا جعل شيئاً يخصص بأن يصرف للضيفان فهذا هو الوقف للضيف.


معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الرؤيا جناح طائر ما لم تعبر)


السؤال: ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الرؤيا جناح طائر ما لم تعبر)؟

الجواب: لا أدري.


صرف الزكاة

السؤال: هل يجوز إخراج الزكاة لأختي من الرضاعة الفقيرة الأرملة والتي ترعى أيتاماً؟


الجواب: يجوز، بل حتى أخته من النسب يجوز له أن يعطيها من زكاة ماله؛ لأن الصدقة على القريب صدقة وصلة، لكن ينبغي أن يعلم أن القريب له حق غير الزكاة، فلا يجعل الإنسان الزكاة وقاية لماله بأن يقول: الزكاة ستخرج لا محالة، وإن لم أعطهم من الزكاة سأخرج من مالي، فأنا بدلاً من أن أعطيهم من مالي أعطيهم الزكاة، وأتخلص من ذلك الحق، لا يجوز أن تجعل الزكاة وقاية للمال، تقي الحقوق التي في المال، لا يجوز ذلك، لكن إذا كان المال قليلاً والزكاة قليلة، فأولى بها القريب مثل الأخت، سواء كانت من النسب أو من الرضاع، إلا إذا كان ما هناك من هو أولى منه، أما إذا كان المال قليلاً والصدقة قليلة، فالأولى بها الأقارب.


أوقاف الصحابة موجودة

السؤال: هل الأوقاف التي أوقفها الصحابة مثل وقف عمر، وأبي طلحة رضي الله عنهما موجودة حتى الآن؟


الجواب: لا شك أن المكان موجود، لكن هل هو معروف ومحدد؟ لا يعرف؛ لأن هذه أمور مضى عليها مئات السنين واندثرت، ولا يعرف نصيب هذا من نصيب هذا، كما أنه لا تعرف الآن الدور في المدينة، دار فلان أين هي، ودار فلان أين هي، ودار فلان لمن هي؟ وهكذا لا يعرف مثل هذه الوقوف.

يتبع

ابوالوليد المسلم 19-08-2022 08:29 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 

الوصية بالوقف بعد الموت

السؤال: رجل له بيت لا يملك غيره، وأوصى أن يحبس بعد موته، فهل له ذلك؟


الجواب: ليس له ذلك إذا كان وصية؛ لأنه لا يملك أن يحبس إلا ثلثه فقط؛ والرجل الذي كان له ستة أعبد وجعلهم وصية بعده، فعمل الرسول صلى الله عليه وسلم فيهم قرعة، جعلهم أثلاثاً وعمل قرعة، فالذين خرجت لهم القرعة وهم اثنان، نفذت فيهم الوصية، والباقي رجع.


الوقف للأقارب الأغنياء

السؤال: هل يجوز إيقاف عقار على أقارب أغنياء فقط؟

الجواب: لا يوقف على الأغنياء؛ لأن الغني غني بماله، فكيف يوقف عليه ويزاد ماله مالاً، فالغني هو بحاجة إلى أن يوقف، وبحاجة إلى أن يتصدق، وإنما الإيقاف على الأقارب المحتاجين، وهم أولى من غيرهم، أما الأغنياء فلا يوقف عليهم، بل يوقف على الأقارب المحتاجين.


بيع أصل الوقف بعد وفاة الواقف

السؤال: هل يجوز للأقارب بعد وفاة الواقف أن يبيعوا الأصل على اتفاق منهم؟

الجواب: ليس لهم ذلك؛ لأن الأصل محبس، إنما هو المنفعة فقط، حتى الواقف نفسه لا يجوز له بيعه؛ لأنه خرج من ملكه، وهم إنما حصلت لهم منفعة الأصل، ومنفعة المحبس، وليس أصل المحبس.


الحرص والجد وعدم الهزل واللعب


السؤال: مجموعة من الشباب من طلبة العلم الحريصين يجتمعون كل أسبوع، ويلعبون الكرة بعد صلاة العشاء، هل في فعلهم هذا من عيب أو بأس؟


الجواب: والله ما دام أنهم حريصون ومجدون ومجتهدون، فليجعلوا المسألة كلها جد، ولا يجعلوا لهم نصيباً من الهزل واللعب؛ لأن هذه المدة يمكن أنها تجر وتولد وتتسع، حتى يطغى اللعب على الجد، فالإنسان عليه أن يعود نفسه الجد ولا يعودها اللعب.


كلام أهل العلم على اللعب بالكرة

السؤال: هل تحفظون عن بعض أهل العلم كلاماً في حكم لعب الكرة؟

الجواب: كان شيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمة الله عليه شديداً على الكرة وعلى اللعب بها، ويكره ذلك ويمقته، ويذم اللعب بها، وما رأيت أشد منه على هذه الألعاب، وقال: إن هذه هي التي فتنت الناس وضيعتهم، وجعلت الكثير من الشباب مفتونين بها، فهو من أشد من عرفت ذماً وعيباً لها.


الهدي على من حج من أهل مكة

السؤال: هل على أهل مكة هدي؟

الجواب: إذا حج متمتعاً فما عليه هدي، أهل مكة ليس عليهم هدي، فالمتمتع والقارن من أهل مكة ما عليه هدي.


الصدقة للفاسق من الأقارب

السؤال: الصدقة على الأقارب، الذين عندهم ذنوب ومعاصي، وما تقولون فيها؟

الجواب: إذا كنت ترى فيهم أموراً منكرة، أو أن فيهم فسقاً، وأن إعطاء القريب الصدقة تعينه بها على فسقه، فلا تفعل، وأما إذا كان إحسانك إليه سبباً في هدايته، وسبباً في تركه لما هو فيه من الأمر المنكر، فهذا مقصد طيب إذا كان سيترتب عليه فائدة، أما إذا لم يترتب عليه فائدة، فكونك تعطي الصدقة للقريب المحتاج الذي لا يرى منه فسوق، هذا أولى.


التهاون في صلاة الجماعة

السؤال: ما حكم من يتهاون بصلاة الجماعة؟

الجواب: التهاون بصلاة الجماعة، وكون الانسان لا يصلي في الجماعة، هذه من علامات النفاق، ومن علامات المنافقين أنهم لا يصلون الجماعة مع الناس.


الزكاة إذا دار عليها الحول

السؤال: عندي شيء من الغنم لم تبلغ الأربعين، ولكن عندما انتصف الحول ابتدأ وحصل منها شيء ناتج، بلغت أكثر من الأربعين، هل فيها زكاة؟


الشيخ: إذا ما غلقت أربعين، ابدأ واحسب حولاً من الوقت الذي تكمل فيها أربعين، ابدأ احسب سنة.


المسح على الخفين

مداخلة: متى يحسب المسح على الخفين للمقيم؟

الجواب: يوم وليلة، وتبدأ من وقت المسح أو من الحدث، أما إذا كنت على طهارة، وما لبست الشراب بعد فما تحسب هذه المدة التي كنت فيها على طهارة، وإنما تحسب مدة المسح من وقت الحدث، أو من وقت المسح بعد الحدث.


أجر من توضأ في بيته ثم قصد الصلاة في مسجد قباء

السؤال: لو توضأ رجل في بيته، وصلى المغرب في المسجد النبوي، ثم ذهب إلى مسجد قباء، وصلى فيه ركعتين، هل يأخذ أجر عمرة؟


الجواب: الحديث واضح الدلالة على أن الإنسان إذا توضأ في بيته، وهو يريد أن يذهب إلى مسجد قباء، وذهب إليه: (من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء)، يعني: معناه تطهر ليذهب إلى مسجد قباء، أما إنسان صلى في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك طرأ له أن يذهب إلى قباء، هذا ما حصل فيه هذا القيد، وهو على خير وعلى أجر، لكن الحديث الذي ورد: (من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء)، معناه تطهر ليذهب إلى مسجد قباء، ثم ذهب إليه.


طرق معرفة الحديث الصحيح من الضعيف


السؤال: ما الطرق التي يتمكن بها طالب العلم من معرفة الحديث الصحيح من الضعيف، وبيان علل الحديث الضعيف؟


الجواب: الطرق لمعرفة الضعيف: أولاً يعرف كلام أهل العلم، ثم يعرف الرجال، ويعرف الثقات، ويعرف الاتصال وعدم الاتصال، ويعرف التدليس وعدم التدليس.

فتعريف الصحيح عند العلماء قالوا: هو ما روي بنقل عدل تام الضبط، متصل السند، غير معلل، ولا شاذ.
ما روي بنقل عدل، أي: السند كله عدول، والسند كله متصل ليس فيه انقطاع بين واحد والذي فوقه، ليس فيه انقطاع، ولا تدليس، والراوي الذي يكون عدلاً تام الضبط، معناه مسلم وحافظ، وأن يكون مع ذلك غير معلل ولا شاذ، أي: ليس فيه علة خفية قادحة، وليس فيه ثقة خالف من هو أوثق منه، هذا تعريف الحديث الصحيح، فيمكن للإنسان أن يعرفه عن طريق تطبيقه إذا تمكن، أو عن طريق كلام أهل العلم الذين هم متمكنون في ذلك، وهذا لا يحصل إلا بالممارسة، وكثرة القراءة، وكثرة المذاكرة والاطلاع، ومعرفة أحوال الرجال، ومعرفة الطبقات، ومعرفة الاتصال والانقطاع، فهذه الطرق هي التي تجعل الإنسان يتمكن من معرفة كون الحديث صحيحاً أو غير صحيح، ويمكن أن يكون غير صحيح، ويكون دونه، أي: حسن، ولكنه معتبر وحجة كالصحيح، إلا أنه أقل منه؛ لأن الصحيح والحسن مقبولان، والقسم الثالث الضعيف الذي هو مردود، فإذا توفرت فيه الشروط، وخف الضبط، فهو الحسن الذي يعتبر مقبولاً، ولكنه دون الصحيح.

الصلاة في مسجد قباء


السؤال: الأخ الذي سأل عن الصلاة في قباء، يقول: هو عنده نية أن يذهب إلى قباء من قبل، لكن حتى لا يفوت الصلاة في المسجد النبوي فعل هذا؟


الجواب: على كل إن شاء الله هو على خير، وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم واضح الدلالة بأنه توضأ ليذهب إلى مسجد قباء، وإذا جاء إلى المسجد النبوي يحصل ألف صلاة، وإذا راح إلى قباء، إن شاء الله هو على خير، ويحصل أجراً عظيماً.


الذهاب إلى مسجد قباء ماشياً وراكباً

السؤال: الذهاب إلى قباء سواء كان ماشياً أو راكباً، هل الأجر إن شاء الله حاصل؟


الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم فعل هذا وهذا، والأجر حاصل بهذا وبهذا.


الراجح في مكان مال عمر رضي الله عنه الذي أوقفه


السؤال: في حديث عمر في باب حبس المشاع: أن لي مالاً بخيبر، وفي الحديث الأخير: له مال بمثمغ، فما الراجح؟


الجواب: الذي يبدو أنه يمكن أن يكون كل منهما حصل بخيبر أو بالمدينة.


حكم الدفاع عن الصوفية المتقدمين

السؤال: شخص يدافع عن الصوفية، لاسيما من تقدم منهم، وخاصة عن أبي نعيم صاحب الحلية، ويقول: ليتني أحشر معه، وقد رآه البعض يلحس الغبار في الروضة ويقول: الله، فهل نحكم على هذا بأنه صوفي، وما رأيكم في أبي نعيم أصوفي هو؟


الجواب: والله إن هذا ليس على طريقة أبي نعيم، أبو نعيم ما يلحس الغبار، أبو نعيم عنده حديث، وعنده إسناد، وعنده مؤلفات عظيمة واسعة، وإذا كان عنده تصوف، فليس من قبيل لحس الغبار، وهذا الشخص ليس على طريقة أبي نعيم، أبو نعيم مؤلف، مصنف واسع الاطلاع ،كثير الرحلة وكثير التأليف مع تأخر وفاته -سنة: (430هـ)- رحمة الله عليه، وأما هذا الذي ذكر عن هذا الشخص، وكونه يقول بمقالات الصوفية، فهذه الصوفية المحدثة التي هي شر من صوفية المتقدمين؛ لأنها جمعت أسوأ ما عند المتقدمين، وأضافت إليها أشياء أخرى جديدة، فجمعت بين مختلف أنواع السوء بالنسبة لما عليه المتأخرون، فـأبو نعيم كما هو معلوم ليس على هذا المنهج، ولا على هذه الطريقة، وهذا الشخص لا شك أنه على طريقة خاطئة، وعليه أن يرجع إلى الله عز وجل، وأن يبحث عن سيرة السلف الصالح، وأن يسير على نهجهم وعلى منوالهم، وليس هناك بعد الأنبياء والمرسلين خير من أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وما عرف عنهم شيء من هذه الترهات، وهم خير الناس، ولو كان ذلك خيراً لسبقوا إليه، لكنه كان شراً فحمى الله خيار هذه الأمة، وابتلي به من ابتلي ممن تأخر زمانه.


الاختلاف على ابن عون في خبر ابن عمر


السؤال: قال الإمام النسائي: كيف يكتب الحبس.. وذكر الاختلاف على ابن عون في خبر ابن عمر فأي اختلاف هذا؟


الجواب: اختلاف الروايات؛ لأن الذي رواه عن ابن عون كثيرون، هذا يروي عن كذا، وهذا عن كذا.. فتأتي الألفاظ مختلفة، هذا هو الاختلاف على ابن عون فيه، يعني: يروونه عنه بطرق متعددة، ومع ذلك تكون الألفاظ مختلفة.


كيفية زكاة العملات المعاصرة ومعرفة نصابها

السؤال: ما مقدار المال بالريال السعودي الذي تجب فيه الزكاة، وما الطريقة التي نعرف بها ذلك، وكذلك الذهب كيف نعرف زكاته؟

الجواب: الذهب اثنان وتسعون غراماً، إذا بلغ الذهب اثنين وتسعين غراماً، وحال عليه الحول، وجبت فيه الزكاة، وإن نقص عن ذلك فلا زكاة فيه، وأما الفضة فهي بالريالات السعودية ستة وخمسين ريالاً سعودياً من الفضة، وأما من الورق إذا كانت قيمتها في السوق مثلاً الريال من الفضة بعشرة ريالات، يصير النصاب خمسمائة وستين، وهذا يحتاج إلى معرفته إذا قل المال، وأما إذا كان المال كثيراً بالآلاف، فلا يحتاج أن يسأل عن مقدار النصاب، يخرج ربع العشر وانتهى، أما إذا كانت قليلة يحتمل أن يزكى، ويحتمل أن لا يزكى، محتمل أنه يبلغ النصاب، ومحتمل أنه لم يبلغ، فهذا هو الذي يحتاج إلى معرفته عن طريق معرفة سعره في السوق، أي: الريال الفضة كم قيمته من الورق.


الاستفادة من الروضة، وبداية المجتهد، وسبل السلام

السؤال: ما مدى الاستفادة من كتاب الدراري المضيئة للإمام الشوكاني، وبداية المجتهد لـابن رشد، وسبل السلام للصنعاني، وهل هناك تعليق عليها؟


الجواب: هي كلها من كتب العلم المفيدة، والشوكاني رحمه الله معلوم عنه في سعة اطلاعه، وكثرة عنايته وحرصه على معرفة الدليل.

وكذلك الصنعاني رحمه الله في شرحه لبلوغ المرام في سبل السلام، يحرص على ترجيح الراجح، ومعرفة الدليل، والأخذ بما يعضده.
وأما بداية المجتهد لـابن رشد فهو مؤلف فقهي اعتنى به في ترتيبه وتنظيمه، وتفصيله على طريقة جيدة، وعلى طريقة حسنة، وهو معني بكلام الفقهاء، وذكر أقوال أصحاب المذاهب، ومنشأ الخلاف، وأدلتهم، ولا يرجح، وإنما يذكر الخلاف ويسكت، قال فلان كذا، وقال فلان كذا، وأحياناً يرجح ويشير إلى الترجيح، ولكن الغالب أنه يسكت.

ابوالوليد المسلم 19-08-2022 08:32 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الإحباس

(466)

- باب وقف المساجد




من الأعمال التي تدوم للمسلم بعد مماته الوقف؛ فإن أجره يبقى ما بقي نتاجه، ومن ذلك بناء مسجد، وحفر بئر، أو إصلاح طريق، فعلى المسلم أن يقدم لنفسه في حياته ما ينفعه بعد مماته.

وقف المساجد


شرح حديث عثمان في وقف المساجد


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: وقف المساجد.أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أنبأنا المعتمر بن سليمان سمعت أبي يحدث عن حصين بن عبد الرحمن عن عمر بن جاوان رجل من بني تميم؛ وذاك أني قلت له: (أرأيت اعتزال الأحنف بن قيس ما كان؟ قال: سمعت الأحنف يقول: أتيت المدينة وأنا حاج، فبينا نحن في منازلنا نضع رحالنا إذ أتى آت فقال: قد اجتمع الناس في المسجد، فاطلعت فإذا الناس مجتمعون، وإذا بين أظهرهم نفر قعود، فإذا هو علي بن أبي طالب، والزبير، وطلحة، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم، فلما قمت عليهم قيل: هذا عثمان بن عفان رضي الله عنه قد جاء، قال: فجاء وعليه ملية صفراء، فقلت لصاحبي: كما أنت حتى أنظر ما جاء به، فقال عثمان: أهاهنا علي؟ أهاهنا الزبير ؟ أهاهنا طلحة؟ أهاهنا سعد؟ قالوا: نعم، قال: فأنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من يبتاع مربد بني فلان غفر الله له، فابتعته، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقلت: إني ابتعت مربد بني فلان، قال: فاجعله في مسجدنا وأجره لك، قالوا: نعم، قال: فأنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من يبتاع بئر رومة غفر الله له، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: قد ابتعت بئر رومة، قال: فاجعلها سقاية للمسلمين وأجرها لك، قالوا: نعم، قال: فأنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من يجهز جيش العسرة غفر الله له، فجهزتهم، حتى ما يفقدون عقالاً ولا خطاماً؟ قالوا: نعم، قال: اللهم اشهد، اللهم اشهد، اللهم اشهد)].
يقول النسائي رحمه الله: [باب: وقف المساجد]، أي: ما فيه من الفضل، وما فيه من الأجر، ومن المعلوم أن الوقف يكون للأعيان التي تبقى، ويستمر نفعها، هذا هو الوقف، يكون لأعيان نفعها مستمر، والمساجد هي من هذا القبيل؛ لأنه إذا بنيت المساجد ووقفت فإن الناس يصلون فيها باستمرار، ومادام أنه يصلى فيها باستمرار فإن أجر تلك الاستفادة منها في أي وقت يعود إلى الذي أوقف ذلك المسجد، والذي بنى ذلك المسجد، وهو صدقة جارية، ومنفعة دائمة، ومن المعلوم أن الوقف لا يكون إلا فيما له عين فيها منفعة دائمة؛ لأنه لا يكون في أعيان معينة تنتهي، ولا يقال لمثل هذا وقف، فمائة كيلو من التمر -مثلاً- هذا لا يقال له وقف، بل هذا يعطى ويؤكل وينتهي، لكن إذا وقفت نخلات كل سنة تثمر، وتؤخذ ثمرتها ويتصدق بها في كل عام، هذه هي الصدقة الجارية، وهو الذي ينطبق عليه الوقف، أما المنفعة المنتهية كمقدار معين من التمر فإن هذا يؤكل وينتهي ولا يدوم، لكن النخل يدوم، والبيت الذي يوقف وريعه للمساكين، أو لأي وجه من وجوه البر في كل سنة، إما يسكنه فقراء ومساكين، ويستغلون منفعته أو يؤجر وتؤخذ أجرته وتصرف للفقراء والمساكين.. في كل عام يكون له منفعة، وفي كل عام يكون فيه أجرة، فهذا هو شأن الأوقاف، ووقف المساجد هو من هذا القبيل، شراء الأراضي وبناء المساجد عليها، وتسبيلها للناس يصلون فيها، هذه صدقة جارية ومنفعة دائمة.
أورد النسائي تحت هذه الترجمة حديث عثمان عندما حصر في داره رضي الله عنه، وذلك في أواخر خلافته وأواخر أيامه رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وكان أن خرج أو جاء من بيته، وخاطب بعض الصحابة الذين هم أهل فضل ونبل، وهم ممن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة كما حصل لـعثمان من أنه من أهل الجنة، وخاطب أربعة من العشرة المبشرين بالجنة، وهم الذين يعرفون فضل ومناقب عثمان، والأمور العظيمة التي حصلت لـعثمان، فاستشهدهم وطلب منهم أن يخبروا بما عندهم من تلك المآثر التي أرشد إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتبناها عثمان بن عفان رضي الله عنه وقام بها.
ومنها أن مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم لما ضاق بالناس وكان فيه مربد -وهو الأرض التي ينشف وينشر فيها التمر في الشمس- قال: من يشتريه؟ فاشتراه عثمان رضي الله عنه من ماله، وأرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يجعله توسعة للمسجد، فوسع مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك المكان الذي اشتراه عثمان من ماله، وجعله وقفاً في سبيل الله، فأضيف إلى المسجد وألحق بالمسجد، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من يفعل ذلك غفر الله له)، فكان الذي فعل ذلك عثمان رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهي من مناقبه الجمة، وفضائله الكثيرة، وجوده وبذله في سبيل الله عز وجل، وكان من أثرياء الصحابة، لكن ذلك الثراء إنما يصرف وينفق في سبيل الله، رضي الله تعالى عن عثمان وأرضاه.
وهذا هو المقصود من إيراد الحديث، وكان أن الأحنف بن قيس -التابعي المخضرم- جاء إلى المدينة في طريقه إلى الحج، وعندما كانوا في منازلهم يحطون رحالهم جاءهم آت وقال: إن الناس اجتمعوا في المسجد وإنهم قد فزعوا، فجاء هو وصاحبه إلى المسجد وإذا الناس مجتمعون، وإذا فيهم أشخاص في وسطهم قعود، وإذا طلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وعلي بن أبي طالب، هؤلاء جالسون في المسجد والناس حولهم، فخرج عثمان، وجاء في بعض الروايات (أشرف عليهم)، وقال: أفيكم فلان، أفيكم فلان، أفيكم فلان، حتى علم بأن هؤلاء موجودون، وهم: سعد، والزبير، وطلحة، وعلي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين، فاستشهدهم وقال: أشهدكم بالله، هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من يشتري مربد آل فلان، والمربد هو: الأرض التي يجفف فيها التمر، وييبس فيها التمر، ينشر فيها حتى يجف، ثم يدخلونه إلى منازلهم، فاشتراه من ماله، وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: اجعله في المسجد، فأضيف إلى المسجد، وكان توسعة لمسجد الرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا هو محل الشاهد من إيراد الحديث في الترجمة، وهي: باب وقف المساجد؛ لأنه رضي الله عنه، جعل هذه البقعة التي اشتراها من ماله وقفاً، حيث أضافها إلى المسجد فصارت من جملة المسجد، وزيد المسجد في زمانه صلى الله عليه وسلم بهذه البقعة التي اشتراها عثمان من ماله، رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
ثم سألهم: [هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من يشتري بئر رومة وله الجنة؟)]، فاشتراها رضي الله عنه، وأمره النبي صلى الله عليه وسلم بأن يجعلها للمسلمين يستقوا منها، ويأخذوا الماء العذب منها، فشهدوا له بذلك، ثم قال: أنشدكم بالله، هل تعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من يجهز هذا الجيش) الذي هو جيش العسرة.. جيش غزوة تبوك (غفر الله له، أو وله الجنة) كما جاء في بعض الروايات، فكان من عثمان رضي الله عنه أن جهز عدداً كبيراً من الإبل والدواب عليها أقتابها، وجاء في بعض الروايات: أن الذي جهزه ثلاثمائة بعير عليها أحلاسها وأقتابها ما يفقد منها عقال ولا خطام، أي: حتى العقال الذي تعقل به يدها، والخطام الذي يوضع في رقبتها هو موجود معها، جهز هذا العدد الكبير من الجيش وكان الناس في عسرة، والناس في حرارة الشمس وفي شدة الصيف والشقة، والمسافة بعيدة؛ لأنه سيذهب إلى الشام ولغزو الروم، فكان من عثمان رضي الله عنه أن أنفق ذلك في سبيل الله، والحديث سبق أن ذكره النسائي فيما تقدم في الجهاد: باب: فضل من جهز غازياً، أتى به من أجل ما حصل من عثمان رضي الله عنه في غزوة تبوك من تجهيز هذا العدد الكبير من الجيش الذي استفاد منه، وكان ثرياً، وبذل ماله في سبيل الله، رضي الله تعالى عنه وأرضاه، فشهدوا له بذلك.
ثم إنه بعد ذلك قال: [اللهم اشهد، اللهم اشهد، اللهم اشهد]، وكان قصده من هذا السؤال أن يسمع الذين قاموا عليه، والذين آذوه، والذين حاصروه في داره، والذين أساءوا إليه، ليعلموا فضله ومناقبه بشهادة هؤلاء الخيار، وهؤلاء الفضلاء الذين هم من العشرة المبشرين بالجنة، وهم هؤلاء الأربعة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وكان في ذلك إقامة الحجة عليهم، وكونهم يعلمون أن صاحبهم الذين آذوه وألحقوا به الأذى هذه سوابقه، وهذا فضله ونبله، ولكن يوجد في الناس أوباش لا خير فيهم، حصل منهم ما حصل، وحصل أن آذوا هذا الرجل العظيم الذي هو خير الأمة بعد أبي بكر، وعمر رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين، وكانت النهاية أن قتلوه في داره، وكان شهيداً كما أخبر بذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام، حيث كان هو وأبو بكر، وعمر على الجبل واهتز الجبل، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (اسكن فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان)، وأحد الشهيدين عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه وأرضاه فكان شهيداً رضي الله تعالى عنه وأرضاه، والحاصل: أن عثمان رضي الله عنه أراد أن يسمع هؤلاء الأعداء الذين آذوه، وألحقوا به ما ألحقوا من الأذى، أراد أن يسمعوا ما له من المناقب، وما له من الفضل، وما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضله، ومع ذلك فإن هؤلاء الذين آذوه حصل منهم من الأذى ما حصل له، وانتهى الأمر إلى أن قتلوه، وكان شهيداً بذلك رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
يقول حصين بن عبد الرحمن لـعمر بن جاوان: [أرأيت اعتزال الأحنف بن قيس ما كان؟] يعني: ما سببه؟ وكان اعتزل علياً ومعاوية رضي الله تعالى عنهما وما جرى بينهما، وكان يعرف القصة التي حصلت لـعثمان، وما حصل له، وما أوذي به، وأنه قتل مظلوماً، واعتزل حتى لا يحصل على يديه إلحاق أذى بأحد من الناس بكونه يكون مع أحد الطرفين.
ومن المعلوم أن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم اجتهدوا في تلك الفتن، فمنهم من رأى أن يكون مع معاوية، ومنهم من رأى أن يكون مع علي، ومنهم من اعتزل الفريقين، والأحنف بن قيس ممن اعتزل الفريقين، وكان يتذكر ما حصل لـعثمان وأنه حصل بسبب الخروج عليه ما حصل من الإيذاء له وقتله، وما انتهى إليه أمره من قتله، فكان أن سئل عمرو بن جاوان عن اعتزال الأحنف ما سببه، فأخبر أن سببه الذي حصل أو الذي رواه وبلغه عن عثمان، وما حصل له من الأذى رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
[(قال: فجاء عثمان وعليه ملية صفراء)]، جاء في بعض الروايات: أنه تقنع بها، أي: قنع بها رأسه، فعليه إزار وعليه تلك الملية الصفراء التي غطى بها رأسه رضي الله تعالى عنه وأرضاه، واستشهد هؤلاء الصحابة، وهم من أولياء الله، وخيار خلق الله، حتى يسمع هؤلاء الذين آذوه ما عنده هؤلاء مما له من الفضل والنبل، ومع ذلك يؤذيه هؤلاء الذين آذوه ويلحقون به ما ألحقوا من الأذى، وهو صابر محتسب، وقد منع الناس من أن يدافعوا عنه، فكان ما كان وانتهى الأمر إلى ما انتهى إليه من قتله، ونيله الشهادة رضي الله تعالى عنه وأرضاه.

تراجم رجال إسناد حديث عثمان في وقف المساجد


قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو إسحاق بن إبراهيم بن راهويه الحنظلي المروزي، ثقة فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وأخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن المعتمر بن سليمان].
هو المعتمر بن سليمان بن طرخان التيمي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو سليمان بن طرخان التيمي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حصين بن عبد الرحمن].
حصين بن عبد الرحمن هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمر بن جاوان].
عمر أو عمرو بن جاوان سبق أن مر في كتاب الجهاد عمرو بن جاوان، وجاء هنا عمر، ويقال له عمر، ويقال له عمرو، وهو مقبول أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن الأحنف بن قيس].
هو الأحنف بن قيس التميمي، وهو ثقة مخضرم، ومشهور بالحلم هو وقيس بن عاصم التميمي.. مشهوران بالحلم والأناة، والأحنف بن قيس تابعي مخضرم، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
عثمان رضي الله عنه وعن هؤلاء الصحابة أيضاً الأربعة كلهم أقروا وشهدوا بهذا، فهذه المناقب التي جاءت عن عثمان والتي ذكرها، شهد بها هؤلاء الأربعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، فتلك جاءت عن هؤلاء الخمسة، عن عثمان، وعن الأربعة الذين استشهدهم، وشهدوا وقالوا: اللهم نعم، أي: حصل كذا، وحصل كذا، وحصل كذا، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا.
جاء في متن الحديث عندما ذكر الصحابة الأربعة: (رحمة الله عليهم)، والصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يترحم عليهم ويترضى عنهم، لكن الذي غلب في استعمال العلماء قديماً وحديثاً أن الصحابة يترضى عنهم، ويترحم على من بعدهم، وقد يترضى عن غير الصحابة ويترحم على الصحابة، لكن الذي غلب في الاستعمال الترضي عن الصحابة والترحم على من بعدهم، ويحصل العكس، بأن يترحم على الصحابة مثلما جاء في هذا الحديث الذي معنا، ويترضى عن غير الصحابة؛ لأن الدعاء بالرضا هو دعاء، والدعاء بالرحمة هو دعاء، لكن الذي غلب في الاستعمال أن الصحابة يترضى عنهم، وغيرهم يترحم عليهم، ويجوز أن يترحم على الصحابة، وأن يترضى عن غير الصحابة.

شرح حديث عثمان في وقف المساجد من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أنبأنا عبد الله بن إدريس سمعت حصين بن عبد الرحمن يحدث عن عمر بن جاوان عن الأحنف بن قيس قال: (خرجنا حجاجاً فقدمنا المدينة ونحن نريد الحج، فبينا نحن في منازلنا نضع رحالنا إذ أتانا آت فقال: إن الناس قد اجتمعوا في المسجد وفزعوا، فانطلقنا فإذا الناس مجتمعون على نفر في وسط المسجد، وإذا علي، والزبير، وطلحة، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم، فإنا لكذلك إذ جاء عثمان بن عفان رضي الله عنه عليه ملاءة صفراء قد قنع بها رأسه، فقال: أهاهنا علي؟ أهاهنا طلحة ؟ أهاهنا الزبير؟ أهاهنا سعد ؟ قالوا: نعم، قال: فإني أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من يبتاع مربد بني فلان غفر الله له، فابتعته بعشرين ألفاً، أو بخمسة وعشرين ألفاً، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبرته، فقال: اجعلها في مسجدنا وأجره لك، قالوا: اللهم نعم، قال: فأنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من يبتاع بئر رومة غفر الله له، فابتعته بكذا وكذا، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: قد ابتعتها بكذا وكذا، قال: اجعلها سقاية للمسلمين وأجرها لك، قالوا: اللهم نعم، قال: فأنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نظر في وجوه القوم فقال: من جهز هؤلاء غفر الله له -يعني جيش العسرة- فجهزتهم حتى ما يفقدون عقالاً ولا خطاماً؟ قالوا: اللهم نعم، قال: اللهم اشهد، اللهم اشهد)].أورد النسائي الحديث من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.

تراجم رجال إسناد حديث عثمان في وقف المساجد من طريق ثانية

قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].إسحاق بن إبراهيم مر ذكره.
[عن عبد الله بن إدريس].
هو عبد الله بن إدريس الأودي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حصين بن عبد الرحمن عن عمر بن جاوان عن الأحنف بن قيس عن عثمان].
مر ذكر هؤلاء جميعاً.

شرح حديث عثمان في وقف المساجد من طريق ثالثة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني زياد بن أيوب حدثنا سعيد بن عامر عن يحيى بن أبي الحجاج عن سعيد الجريري عن ثمامة بن حزن القشيري قال: (شهدت الدار حين أشرف عليهم عثمان رضي الله عنه، فقال: أنشدكم بالله وبالإسلام: هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قدم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة فقال: من يشتري بئر رومة، فيجعل فيها دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة؟ فاشتريتها من صلب مالي، فجعلت دلوي فيها مع دلاء المسلمين، وأنتم اليوم تمنعوني من الشرب منها حتى أشرب من ماء البحر، قالوا: اللهم نعم، قال: فأنشدكم بالله والإسلام: هل تعلمون أني جهزت جيش العسرة من مالي؟ قالوا: اللهم نعم، قال: فأنشدكم بالله، والإسلام هل تعلمون أن المسجد ضاق بأهله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من يشتري بقعة آل فلان فيزيدها في المسجد بخير له منها في الجنة؟ فاشتريتها من صلب مالي فزدتها في المسجد، وأنتم تمنعوني أن أصلي فيها ركعتين؟ قالوا: اللهم نعم، قال: أنشدكم بالله، والإسلام هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان على ثبير مكة، ومعه أبو بكر، وعمر، وأنا فتحرك الجبل فركضه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم برجله، وقال: اسكن ثبير، فإنما عليك نبي، وصديق، وشهيدان، قالوا: اللهم نعم، قال: الله أكبر شهدوا لي ورب الكعبة، أي: أني شهيد)].أورد النسائي الحديث، وهو: حديث عثمان رضي الله عنه واستشهاده للصحابة الأربعة من العشرة المبشرين بالجنة، وشهادتهم له بذلك، وهو من طريق ثمامة بن حزن القشيري، وهو مثل الذي قبله، إلا أن فيه ذكر الشهادة، وذكر كونهم شهدوا له بأنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم عندما تحرك الجبل، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: [(اسكن ثبير فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان)]، وفيهم عثمان بن عفان رضي الله عنه، فيكون بذلك شهد له رسول الله عليه الصلاة والسلام بأنه شهيد، وقد نال الشهادة بهذا العمل الذي عمله به هؤلاء الذين خرجوا عليه وقتلوه وهو يتلو القرآن في داره رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
وفيه ما جاء بذكر سؤالهم بالله وبالإسلام، أي: ما تربطه وإياهم من الرابطة، وهي: رابطة الإسلام، يسألهم بالله وما بما لهم من الرابطة التي تربطهم، وهو من جنس ما جاء في القرآن: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/16.jpgوَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/17.jpg[النساء:1]، أي: يتساءلون به وبالأرحام، أي: ما بينه وبينهم من القرابة، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يطلب من الكفار في مكة أنه لما بينه وبينه من القرابة أن يتركوه يبلغ رسالة ربه، وهو الذي جاء تفسير قوله: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/16.jpgقُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/17.jpg[الشورى:23]، يعني: ما بيني وبينكم من القرابة، وما بيني وبينكم من الصلة يقتضي منكم أن تتركوني أبلغ رسالة ربي، وأن لا تحولوا بيني وبينها، فالسؤال بالإسلام بما يربطهم به، وبما يجمعه وإياهم يسألهم بهذا وبهذا.
قال: [(اشتريت بئر رومة من صلب مالي)].
من صلب مالي: من أصل مالي، أي: من ماله، والصلب هو: الأصل، وهو الذي يقال له: رأس المال، ويقولون: إن رأس المال وصلب المال أعز على الإنسان من غيره، أي: أن الإنسان إذا كان عنده غنم ثم توالدت، فهذا نسل لها، لكن الأصل يكون عند صاحبه أهم مما نتج عنه، ومما تفرع عنه.
قال فيه: [(وأنتم اليوم تمنعوني من الشرب منها حتى أشرب من ماء البحر)].
أي: حاصروه في داره، ومنعوا الناس من الوصول إليه، وكان يشرب من البئر التي في البيت، وماؤها مالح كماء البحر، ومع ذلك لا يتمكن من أن يحصل ماءً من هذه البئر التي أوقفها واشتراها من ماله، وجعلها للمسلمين يستعذبون منها الماء العذب، فهو قد أوقفها، ولم يمكن من الاستفادة منها إذ حصروه في داره، فكان يشرب من البئر التي ماؤها مالح كماء البحر.

تراجم رجال إسناد حديث عثمان في وقف المساجد من طريق ثالثة

قوله: [أخبرني زياد بن أيوب].زياد بن أيوب، ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن سعيد بن عامر].
سعيد بن عامر هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن أبي الحجاج].
يحيى بن أبي الحجاج هو لين الحديث، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[عن سعيد الجريري].
هو سعيد بن إياس الجريري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ثمامة بن حزن القشيري].
ثمامة بن حزن القشيري هو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[عن عثمان].
عثمان رضي الله عنه هو ثالث الخلفاء الراشدين، وصاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، ومنها هذه الأشياء التي جاءت في هذا الحديث.
وفي هذا الذي فعله عثمان: بيان أن الإنسان إذا احتاج إلى أن يظهر شيئاً من مناقبه عند الحاجة إليها، فذلك لا بأس به؛ لأن عثمان رضي الله عنه وأرضاه أراد أن تظهر هذه الأشياء ويعلمها هؤلاء الذين خرجوا عليه؛ لأنه احتاج إلى ذكرها واحتاج إلى أن يعلم هؤلاء الأعداء الذين آذوه وحصل منهم ما حصل، أن يعرفوا هذا الذي يعلمه عنه هؤلاء الخيار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من العشرة المبشرين بالجنة، وفيه إقامة الحجة عليهم، وأنه يؤذون شخصاً هذه حاله، وهذه صفاته ومناقبه، وهذه شهادة الرسول صلى الله عليه وسلم له.
ويشبه هذا أو قريب من هذا ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم في الأنصار لما قسم الرسول صلى الله عليه وسلم غنائم حنين، والأنصار وجدوا في أنفسهم واجتمعوا في خيمة من الخيام، وكانوا يقولون: سيوفنا تقطر من دمائهم ثم يعطيهم الغنائم ولا يعطينا!
فبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم ما في نفوسهم، فجاء إليهم وكانوا مجتمعين، وذكر الذي أنعم الله عليهم به، وهو مما جاءهم به الرسول صلى الله عليه وسلم، قال: (ألم آتكم ضلالاً فهداكم الله بي، وكنتم عالة فأغناكم الله بي، وكنتم أذلة فأعزكم الله بي؟)، وفي كل مرة يجيبون: نعم هذا الذي حصل، فالرسول صلى الله عليه وسلم بين لهم السبب في كونه يعطي هؤلاء، قال: هؤلاء أعطيهم لقرب عهدهم بالكفر، ويريد أن يتألفهم، وأن يقوى إيمانهم، وأما هؤلاء فتركهم لما عندهم من قوة الإيمان، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (الأنصار شعار، والناس دثار، لو سلك الأنصار وادياً وسلك غيرهم وادياً، لسلكت وادي الأنصار، ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وتذهبون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم؟)، فأعطاهم من هذا الكلام العظيم الجميل، وهذا الكلام البليغ الذي طابت به نفوسهم ورضوا بما رضي به رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
والمقصود من ذلك: أنه أظهر لهم هذه الأمور التي حصلت لهم بسببه حيث قال: (ألم آتكم ضلالاً فهداكم الله بي، ألم آتكم عالة، فأغناكم الله بي، ألم آتكم كذا.. ألم آتكم كذا؟) في كل ذلك يقولون: نعم. فهذا الذي حصل من عثمان هو من هذا القبيل، يعني: أراد أن تظهر هذه الفضائل، وأن ينطق أهل العلم بها، وأن يسمعها هؤلاء الأعداء الذين يفعلون بمن هذا فضله وهذا نبله ما فعلوا.

يتبع



ابوالوليد المسلم 19-08-2022 08:32 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح حديث عثمان في وقف المساجد من طريق رابعة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمران بن بكار بن راشد حدثنا خطاب بن عثمان حدثنا عيسى بن يونس حدثني أبي عن أبي إسحاق عن أبي سلمة بن عبد الرحمن: (أن عثمان رضي الله عنه أشرف عليهم حين حصروه فقال: أنشد بالله رجلاً سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول يوم الجبل حين اهتز فركله برجله، وقال: اسكن فإنه ليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيدان، وأنا معه؟ فانتشد له رجال، ثم قال: أنشد بالله رجلاً شهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم بيعة الرضوان يقول: هذه يد الله وهذه يد عثمان، فانتشد له رجال، ثم قال: أنشد بالله رجلاً سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم جيش العسرة يقول: من ينفق نفقة متقبلة، فجهزت نصف الجيش من مالي، فانتشد له رجال، ثم قال: أنشد بالله رجلاً سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من يزيد في هذا المسجد ببيت في الجنة، فاشتريته من مالي، فانتشد له رجال، ثم قال: أنشد بالله رجلاً شهد رومة تباع، فاشتريتها من مالي، فأبحتها لابن السبيل، فانتشد له رجال)].أورد النسائي حديث عثمان رضي الله عنه وأرضاه من طريق، أبي سلمة بن عبد الرحمن: أنه جاء وانتشد، وقال: أنشد رجلاً علم كذا وكذا فشهد له، وهو مثلما تقدم، إلا أن فيه إضافة بيعة الرضوان، وأن عثمان رضي الله عنه أرسله رسول الله إلى أهل مكة رسولاً منه إليهم ليفاوضهم، وليتكلم معهم، فهو الواسطة والرسول بين أهل مكة وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما أشيع بأن عثمان قد قتل، بايع الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم أي أهل بيعة الرضوان، فبايعوه على القتال والجهاد في سبيل الله، وكان عثمان رضي الله عنه لما لم يكن موجوداً وكانت المبايعة حصلت من الحاضرين، وكانوا ألفاً وأربعمائة أهل بيعة الرضوان، وقد قال عليه الرسول صلى الله عليه وسلم: (لن يلج النار أحد بايع تحت الشجرة)، فهذا فضل لهم جميعاً، وعثمان رضي الله عنه وأرضاه منهم، ولكنه لما لم يكن موجوداً بايع عنه الرسول صلى الله عليه وسلم ووضع إحدى يديه على الأخرى وقال: هذه لـعثمان، أي أنه بايع نيابة عن عثمان.
وجاء في هذا الحديث [يد الله]، ومن المعلوم أن الذي وضعه الرسول صلى الله عليه وسلم، يداً على يد، واحدة عن عثمان وواحدة منه صلى الله عليه وسلم تقابل اليد الأخرى، وقال: يد الله؛ لأن الله تعالى قال في أهل بيعة الرضوان: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/16.jpgإِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/17.jpg[الفتح:10]، أي: كأنما يبايعون الله، ومن المعلوم أن المبايعة للرسول صلى الله عليه وسلم، لكن الله تعالى أخبر أنهم إنما يبايعون الله، ثم قال: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/16.jpgيَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/17.jpg[الفتح:10]، والمقصود بقوله: يد الله فوق أيديهم، أنه فوقهم فيده فوق أيدهم، وليس معنى ذلك: أن يده تخالطهم وتماسهم، وإنما الله تعالى على العرش مستو، فوق خلقه، فهو فوقهم، ويده فوق أيديهم، هذا هو المقصود من قوله: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/16.jpgيَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/17.jpg[الفتح:10]، وهم إنما يبايعون الله، فمبايعتهم الرسول صلى الله عليه وسلم إنما هي مبايعة لله، وهذا العقد الذي عقدوه مع الرسول صلى الله عليه وسلم إنما عقدوه مع الله، وأنه يلزمهم أن يوفوا بهذا الذي عقدوا عليه، والشيء الذي وضعوا الأيدي في يد الرسول صلى الله عليه وسلم من أجل إتمامه وإنهائه، رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، فقال: هذه يد الله، إشارة إلى ما جاء في قوله: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/16.jpgإِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/17.jpg[الفتح:10] فهذا هو الذي فيه، والباقي هو مثلما تقدم.
قوله: (انتشد له رجال)، يعني: هؤلاء الأربعة الذي كان نشدهم وكان سألهم، ويمكن أن يكون غيرهم كذلك شهد بما شهدوا به، ومعنى هذا أن الجيش كان ستمائة بعير؛ لأن الستمائة منه، ويمكن أن يكون النصف الذي جهز، أي: كل خرج ببعيره، أي: الذي جهز نصف جيش العسرة هو عثمان بن عفان رضي الله عنه، فيحتمل أن يكون المقصود الستمائة هي التي جهزت، وبذلت من الأثرياء والأغنياء، ولكن نصف هذا المبلغ الذي جهز للغزاة هو من عثمان رضي الله عنه وأرضاه، ولهذا جاء في بعض الأحاديث أنه ثلاثمائة بعير.

تراجم رجال إسناد حديث عثمان في وقف المساجد من طريق رابعة


قوله: [أخبرنا عمران بن بكار بن راشد].هو عمران بن بكار بن راشد، ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن خطاب بن عثمان].
خطاب بن عثمان هو ثقة، أخرج حديثه البخاري، والنسائي.
[عن عيسى بن يونس].
هو عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
وهو يونس بن أبي إسحاق صدوق يهم قليلاً، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، أصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي إسحاق].
هو أبو إسحاق السبيعي بن عبد الله الهمداني السبيعي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سلمة بن عبد الرحمن].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة فقيه، من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عثمان].
عثمان رضي الله عنه.

حديث عثمان في وقف المساجد من طريق خامسة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني محمد بن وهب حدثني محمد بن سلمة حدثني أبو عبد الرحيم حدثني زيد بن أبي أنيسة عن أبي إسحاق عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: لما حصر عثمان رضي الله عنه في داره، اجتمع الناس حول داره، قال: فأشرف عليهم.. وساق الحديث].أورد النسائي الحديث من طريق أخرى، ولكنه أحال على الطريق السابقة.

تراجم رجال إسناد حديث عثمان في وقف المساجد من طريق خامسة


قوله: [أخبرني محمد بن وهب].هو محمد بن وهب الحراني، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن محمد بن سلمة].
هو محمد بن سلمة الحراني، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي عبد الرحيم].
وهو خالد بن أبي يزيد الحراني، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[عن زيد بن أبي أنيسة].
زيد بن أبي أنيسة هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي إسحاق].
أبو إسحاق قد مر ذكره.
[عن أبي عبد الرحمن السلمي].
وهو عبد الله بن حبيب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عثمان].
وقد مر ذكره.
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الإحباس

(466)

- باب وقف المساجد




من الأعمال التي تدوم للمسلم بعد مماته الوقف؛ فإن أجره يبقى ما بقي نتاجه، ومن ذلك بناء مسجد، وحفر بئر، أو إصلاح طريق، فعلى المسلم أن يقدم لنفسه في حياته ما ينفعه بعد مماته.

وقف المساجد


شرح حديث عثمان في وقف المساجد


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: وقف المساجد.أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أنبأنا المعتمر بن سليمان سمعت أبي يحدث عن حصين بن عبد الرحمن عن عمر بن جاوان رجل من بني تميم؛ وذاك أني قلت له: (أرأيت اعتزال الأحنف بن قيس ما كان؟ قال: سمعت الأحنف يقول: أتيت المدينة وأنا حاج، فبينا نحن في منازلنا نضع رحالنا إذ أتى آت فقال: قد اجتمع الناس في المسجد، فاطلعت فإذا الناس مجتمعون، وإذا بين أظهرهم نفر قعود، فإذا هو علي بن أبي طالب، والزبير، وطلحة، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم، فلما قمت عليهم قيل: هذا عثمان بن عفان رضي الله عنه قد جاء، قال: فجاء وعليه ملية صفراء، فقلت لصاحبي: كما أنت حتى أنظر ما جاء به، فقال عثمان: أهاهنا علي؟ أهاهنا الزبير ؟ أهاهنا طلحة؟ أهاهنا سعد؟ قالوا: نعم، قال: فأنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من يبتاع مربد بني فلان غفر الله له، فابتعته، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقلت: إني ابتعت مربد بني فلان، قال: فاجعله في مسجدنا وأجره لك، قالوا: نعم، قال: فأنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من يبتاع بئر رومة غفر الله له، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: قد ابتعت بئر رومة، قال: فاجعلها سقاية للمسلمين وأجرها لك، قالوا: نعم، قال: فأنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من يجهز جيش العسرة غفر الله له، فجهزتهم، حتى ما يفقدون عقالاً ولا خطاماً؟ قالوا: نعم، قال: اللهم اشهد، اللهم اشهد، اللهم اشهد)].
يقول النسائي رحمه الله: [باب: وقف المساجد]، أي: ما فيه من الفضل، وما فيه من الأجر، ومن المعلوم أن الوقف يكون للأعيان التي تبقى، ويستمر نفعها، هذا هو الوقف، يكون لأعيان نفعها مستمر، والمساجد هي من هذا القبيل؛ لأنه إذا بنيت المساجد ووقفت فإن الناس يصلون فيها باستمرار، ومادام أنه يصلى فيها باستمرار فإن أجر تلك الاستفادة منها في أي وقت يعود إلى الذي أوقف ذلك المسجد، والذي بنى ذلك المسجد، وهو صدقة جارية، ومنفعة دائمة، ومن المعلوم أن الوقف لا يكون إلا فيما له عين فيها منفعة دائمة؛ لأنه لا يكون في أعيان معينة تنتهي، ولا يقال لمثل هذا وقف، فمائة كيلو من التمر -مثلاً- هذا لا يقال له وقف، بل هذا يعطى ويؤكل وينتهي، لكن إذا وقفت نخلات كل سنة تثمر، وتؤخذ ثمرتها ويتصدق بها في كل عام، هذه هي الصدقة الجارية، وهو الذي ينطبق عليه الوقف، أما المنفعة المنتهية كمقدار معين من التمر فإن هذا يؤكل وينتهي ولا يدوم، لكن النخل يدوم، والبيت الذي يوقف وريعه للمساكين، أو لأي وجه من وجوه البر في كل سنة، إما يسكنه فقراء ومساكين، ويستغلون منفعته أو يؤجر وتؤخذ أجرته وتصرف للفقراء والمساكين.. في كل عام يكون له منفعة، وفي كل عام يكون فيه أجرة، فهذا هو شأن الأوقاف، ووقف المساجد هو من هذا القبيل، شراء الأراضي وبناء المساجد عليها، وتسبيلها للناس يصلون فيها، هذه صدقة جارية ومنفعة دائمة.
أورد النسائي تحت هذه الترجمة حديث عثمان عندما حصر في داره رضي الله عنه، وذلك في أواخر خلافته وأواخر أيامه رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وكان أن خرج أو جاء من بيته، وخاطب بعض الصحابة الذين هم أهل فضل ونبل، وهم ممن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة كما حصل لـعثمان من أنه من أهل الجنة، وخاطب أربعة من العشرة المبشرين بالجنة، وهم الذين يعرفون فضل ومناقب عثمان، والأمور العظيمة التي حصلت لـعثمان، فاستشهدهم وطلب منهم أن يخبروا بما عندهم من تلك المآثر التي أرشد إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتبناها عثمان بن عفان رضي الله عنه وقام بها.
ومنها أن مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم لما ضاق بالناس وكان فيه مربد -وهو الأرض التي ينشف وينشر فيها التمر في الشمس- قال: من يشتريه؟ فاشتراه عثمان رضي الله عنه من ماله، وأرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يجعله توسعة للمسجد، فوسع مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك المكان الذي اشتراه عثمان من ماله، وجعله وقفاً في سبيل الله، فأضيف إلى المسجد وألحق بالمسجد، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من يفعل ذلك غفر الله له)، فكان الذي فعل ذلك عثمان رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهي من مناقبه الجمة، وفضائله الكثيرة، وجوده وبذله في سبيل الله عز وجل، وكان من أثرياء الصحابة، لكن ذلك الثراء إنما يصرف وينفق في سبيل الله، رضي الله تعالى عن عثمان وأرضاه.
وهذا هو المقصود من إيراد الحديث، وكان أن الأحنف بن قيس -التابعي المخضرم- جاء إلى المدينة في طريقه إلى الحج، وعندما كانوا في منازلهم يحطون رحالهم جاءهم آت وقال: إن الناس اجتمعوا في المسجد وإنهم قد فزعوا، فجاء هو وصاحبه إلى المسجد وإذا الناس مجتمعون، وإذا فيهم أشخاص في وسطهم قعود، وإذا طلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وعلي بن أبي طالب، هؤلاء جالسون في المسجد والناس حولهم، فخرج عثمان، وجاء في بعض الروايات (أشرف عليهم)، وقال: أفيكم فلان، أفيكم فلان، أفيكم فلان، حتى علم بأن هؤلاء موجودون، وهم: سعد، والزبير، وطلحة، وعلي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين، فاستشهدهم وقال: أشهدكم بالله، هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من يشتري مربد آل فلان، والمربد هو: الأرض التي يجفف فيها التمر، وييبس فيها التمر، ينشر فيها حتى يجف، ثم يدخلونه إلى منازلهم، فاشتراه من ماله، وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: اجعله في المسجد، فأضيف إلى المسجد، وكان توسعة لمسجد الرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا هو محل الشاهد من إيراد الحديث في الترجمة، وهي: باب وقف المساجد؛ لأنه رضي الله عنه، جعل هذه البقعة التي اشتراها من ماله وقفاً، حيث أضافها إلى المسجد فصارت من جملة المسجد، وزيد المسجد في زمانه صلى الله عليه وسلم بهذه البقعة التي اشتراها عثمان من ماله، رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
ثم سألهم: [هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من يشتري بئر رومة وله الجنة؟)]، فاشتراها رضي الله عنه، وأمره النبي صلى الله عليه وسلم بأن يجعلها للمسلمين يستقوا منها، ويأخذوا الماء العذب منها، فشهدوا له بذلك، ثم قال: أنشدكم بالله، هل تعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من يجهز هذا الجيش) الذي هو جيش العسرة.. جيش غزوة تبوك (غفر الله له، أو وله الجنة) كما جاء في بعض الروايات، فكان من عثمان رضي الله عنه أن جهز عدداً كبيراً من الإبل والدواب عليها أقتابها، وجاء في بعض الروايات: أن الذي جهزه ثلاثمائة بعير عليها أحلاسها وأقتابها ما يفقد منها عقال ولا خطام، أي: حتى العقال الذي تعقل به يدها، والخطام الذي يوضع في رقبتها هو موجود معها، جهز هذا العدد الكبير من الجيش وكان الناس في عسرة، والناس في حرارة الشمس وفي شدة الصيف والشقة، والمسافة بعيدة؛ لأنه سيذهب إلى الشام ولغزو الروم، فكان من عثمان رضي الله عنه أن أنفق ذلك في سبيل الله، والحديث سبق أن ذكره النسائي فيما تقدم في الجهاد: باب: فضل من جهز غازياً، أتى به من أجل ما حصل من عثمان رضي الله عنه في غزوة تبوك من تجهيز هذا العدد الكبير من الجيش الذي استفاد منه، وكان ثرياً، وبذل ماله في سبيل الله، رضي الله تعالى عنه وأرضاه، فشهدوا له بذلك.
ثم إنه بعد ذلك قال: [اللهم اشهد، اللهم اشهد، اللهم اشهد]، وكان قصده من هذا السؤال أن يسمع الذين قاموا عليه، والذين آذوه، والذين حاصروه في داره، والذين أساءوا إليه، ليعلموا فضله ومناقبه بشهادة هؤلاء الخيار، وهؤلاء الفضلاء الذين هم من العشرة المبشرين بالجنة، وهم هؤلاء الأربعة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وكان في ذلك إقامة الحجة عليهم، وكونهم يعلمون أن صاحبهم الذين آذوه وألحقوا به الأذى هذه سوابقه، وهذا فضله ونبله، ولكن يوجد في الناس أوباش لا خير فيهم، حصل منهم ما حصل، وحصل أن آذوا هذا الرجل العظيم الذي هو خير الأمة بعد أبي بكر، وعمر رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين، وكانت النهاية أن قتلوه في داره، وكان شهيداً كما أخبر بذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام، حيث كان هو وأبو بكر، وعمر على الجبل واهتز الجبل، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (اسكن فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان)، وأحد الشهيدين عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه وأرضاه فكان شهيداً رضي الله تعالى عنه وأرضاه، والحاصل: أن عثمان رضي الله عنه أراد أن يسمع هؤلاء الأعداء الذين آذوه، وألحقوا به ما ألحقوا من الأذى، أراد أن يسمعوا ما له من المناقب، وما له من الفضل، وما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضله، ومع ذلك فإن هؤلاء الذين آذوه حصل منهم من الأذى ما حصل له، وانتهى الأمر إلى أن قتلوه، وكان شهيداً بذلك رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
يقول حصين بن عبد الرحمن لـعمر بن جاوان: [أرأيت اعتزال الأحنف بن قيس ما كان؟] يعني: ما سببه؟ وكان اعتزل علياً ومعاوية رضي الله تعالى عنهما وما جرى بينهما، وكان يعرف القصة التي حصلت لـعثمان، وما حصل له، وما أوذي به، وأنه قتل مظلوماً، واعتزل حتى لا يحصل على يديه إلحاق أذى بأحد من الناس بكونه يكون مع أحد الطرفين.
ومن المعلوم أن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم اجتهدوا في تلك الفتن، فمنهم من رأى أن يكون مع معاوية، ومنهم من رأى أن يكون مع علي، ومنهم من اعتزل الفريقين، والأحنف بن قيس ممن اعتزل الفريقين، وكان يتذكر ما حصل لـعثمان وأنه حصل بسبب الخروج عليه ما حصل من الإيذاء له وقتله، وما انتهى إليه أمره من قتله، فكان أن سئل عمرو بن جاوان عن اعتزال الأحنف ما سببه، فأخبر أن سببه الذي حصل أو الذي رواه وبلغه عن عثمان، وما حصل له من الأذى رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
[(قال: فجاء عثمان وعليه ملية صفراء)]، جاء في بعض الروايات: أنه تقنع بها، أي: قنع بها رأسه، فعليه إزار وعليه تلك الملية الصفراء التي غطى بها رأسه رضي الله تعالى عنه وأرضاه، واستشهد هؤلاء الصحابة، وهم من أولياء الله، وخيار خلق الله، حتى يسمع هؤلاء الذين آذوه ما عنده هؤلاء مما له من الفضل والنبل، ومع ذلك يؤذيه هؤلاء الذين آذوه ويلحقون به ما ألحقوا من الأذى، وهو صابر محتسب، وقد منع الناس من أن يدافعوا عنه، فكان ما كان وانتهى الأمر إلى ما انتهى إليه من قتله، ونيله الشهادة رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
يتبع


ابوالوليد المسلم 19-08-2022 08:33 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
تراجم رجال إسناد حديث عثمان في وقف المساجد

قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو إسحاق بن إبراهيم بن راهويه الحنظلي المروزي، ثقة فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وأخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن المعتمر بن سليمان].
هو المعتمر بن سليمان بن طرخان التيمي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو سليمان بن طرخان التيمي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حصين بن عبد الرحمن].
حصين بن عبد الرحمن هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمر بن جاوان].
عمر أو عمرو بن جاوان سبق أن مر في كتاب الجهاد عمرو بن جاوان، وجاء هنا عمر، ويقال له عمر، ويقال له عمرو، وهو مقبول أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن الأحنف بن قيس].
هو الأحنف بن قيس التميمي، وهو ثقة مخضرم، ومشهور بالحلم هو وقيس بن عاصم التميمي.. مشهوران بالحلم والأناة، والأحنف بن قيس تابعي مخضرم، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
عثمان رضي الله عنه وعن هؤلاء الصحابة أيضاً الأربعة كلهم أقروا وشهدوا بهذا، فهذه المناقب التي جاءت عن عثمان والتي ذكرها، شهد بها هؤلاء الأربعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، فتلك جاءت عن هؤلاء الخمسة، عن عثمان، وعن الأربعة الذين استشهدهم، وشهدوا وقالوا: اللهم نعم، أي: حصل كذا، وحصل كذا، وحصل كذا، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا.
جاء في متن الحديث عندما ذكر الصحابة الأربعة: (رحمة الله عليهم)، والصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يترحم عليهم ويترضى عنهم، لكن الذي غلب في استعمال العلماء قديماً وحديثاً أن الصحابة يترضى عنهم، ويترحم على من بعدهم، وقد يترضى عن غير الصحابة ويترحم على الصحابة، لكن الذي غلب في الاستعمال الترضي عن الصحابة والترحم على من بعدهم، ويحصل العكس، بأن يترحم على الصحابة مثلما جاء في هذا الحديث الذي معنا، ويترضى عن غير الصحابة؛ لأن الدعاء بالرضا هو دعاء، والدعاء بالرحمة هو دعاء، لكن الذي غلب في الاستعمال أن الصحابة يترضى عنهم، وغيرهم يترحم عليهم، ويجوز أن يترحم على الصحابة، وأن يترضى عن غير الصحابة.

شرح حديث عثمان في وقف المساجد من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أنبأنا عبد الله بن إدريس سمعت حصين بن عبد الرحمن يحدث عن عمر بن جاوان عن الأحنف بن قيس قال: (خرجنا حجاجاً فقدمنا المدينة ونحن نريد الحج، فبينا نحن في منازلنا نضع رحالنا إذ أتانا آت فقال: إن الناس قد اجتمعوا في المسجد وفزعوا، فانطلقنا فإذا الناس مجتمعون على نفر في وسط المسجد، وإذا علي، والزبير، وطلحة، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم، فإنا لكذلك إذ جاء عثمان بن عفان رضي الله عنه عليه ملاءة صفراء قد قنع بها رأسه، فقال: أهاهنا علي؟ أهاهنا طلحة ؟ أهاهنا الزبير؟ أهاهنا سعد ؟ قالوا: نعم، قال: فإني أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من يبتاع مربد بني فلان غفر الله له، فابتعته بعشرين ألفاً، أو بخمسة وعشرين ألفاً، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبرته، فقال: اجعلها في مسجدنا وأجره لك، قالوا: اللهم نعم، قال: فأنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من يبتاع بئر رومة غفر الله له، فابتعته بكذا وكذا، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: قد ابتعتها بكذا وكذا، قال: اجعلها سقاية للمسلمين وأجرها لك، قالوا: اللهم نعم، قال: فأنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نظر في وجوه القوم فقال: من جهز هؤلاء غفر الله له -يعني جيش العسرة- فجهزتهم حتى ما يفقدون عقالاً ولا خطاماً؟ قالوا: اللهم نعم، قال: اللهم اشهد، اللهم اشهد)].أورد النسائي الحديث من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.

تراجم رجال إسناد حديث عثمان في وقف المساجد من طريق ثانية

قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].إسحاق بن إبراهيم مر ذكره.
[عن عبد الله بن إدريس].
هو عبد الله بن إدريس الأودي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حصين بن عبد الرحمن عن عمر بن جاوان عن الأحنف بن قيس عن عثمان].
مر ذكر هؤلاء جميعاً.

شرح حديث عثمان في وقف المساجد من طريق ثالثة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني زياد بن أيوب حدثنا سعيد بن عامر عن يحيى بن أبي الحجاج عن سعيد الجريري عن ثمامة بن حزن القشيري قال: (شهدت الدار حين أشرف عليهم عثمان رضي الله عنه، فقال: أنشدكم بالله وبالإسلام: هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قدم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة فقال: من يشتري بئر رومة، فيجعل فيها دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة؟ فاشتريتها من صلب مالي، فجعلت دلوي فيها مع دلاء المسلمين، وأنتم اليوم تمنعوني من الشرب منها حتى أشرب من ماء البحر، قالوا: اللهم نعم، قال: فأنشدكم بالله والإسلام: هل تعلمون أني جهزت جيش العسرة من مالي؟ قالوا: اللهم نعم، قال: فأنشدكم بالله، والإسلام هل تعلمون أن المسجد ضاق بأهله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من يشتري بقعة آل فلان فيزيدها في المسجد بخير له منها في الجنة؟ فاشتريتها من صلب مالي فزدتها في المسجد، وأنتم تمنعوني أن أصلي فيها ركعتين؟ قالوا: اللهم نعم، قال: أنشدكم بالله، والإسلام هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان على ثبير مكة، ومعه أبو بكر، وعمر، وأنا فتحرك الجبل فركضه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم برجله، وقال: اسكن ثبير، فإنما عليك نبي، وصديق، وشهيدان، قالوا: اللهم نعم، قال: الله أكبر شهدوا لي ورب الكعبة، أي: أني شهيد)].أورد النسائي الحديث، وهو: حديث عثمان رضي الله عنه واستشهاده للصحابة الأربعة من العشرة المبشرين بالجنة، وشهادتهم له بذلك، وهو من طريق ثمامة بن حزن القشيري، وهو مثل الذي قبله، إلا أن فيه ذكر الشهادة، وذكر كونهم شهدوا له بأنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم عندما تحرك الجبل، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: [(اسكن ثبير فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان)]، وفيهم عثمان بن عفان رضي الله عنه، فيكون بذلك شهد له رسول الله عليه الصلاة والسلام بأنه شهيد، وقد نال الشهادة بهذا العمل الذي عمله به هؤلاء الذين خرجوا عليه وقتلوه وهو يتلو القرآن في داره رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
وفيه ما جاء بذكر سؤالهم بالله وبالإسلام، أي: ما تربطه وإياهم من الرابطة، وهي: رابطة الإسلام، يسألهم بالله وما بما لهم من الرابطة التي تربطهم، وهو من جنس ما جاء في القرآن: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/16.jpgوَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/17.jpg[النساء:1]، أي: يتساءلون به وبالأرحام، أي: ما بينه وبينهم من القرابة، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يطلب من الكفار في مكة أنه لما بينه وبينه من القرابة أن يتركوه يبلغ رسالة ربه، وهو الذي جاء تفسير قوله: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/16.jpgقُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/17.jpg[الشورى:23]، يعني: ما بيني وبينكم من القرابة، وما بيني وبينكم من الصلة يقتضي منكم أن تتركوني أبلغ رسالة ربي، وأن لا تحولوا بيني وبينها، فالسؤال بالإسلام بما يربطهم به، وبما يجمعه وإياهم يسألهم بهذا وبهذا.
قال: [(اشتريت بئر رومة من صلب مالي)].
من صلب مالي: من أصل مالي، أي: من ماله، والصلب هو: الأصل، وهو الذي يقال له: رأس المال، ويقولون: إن رأس المال وصلب المال أعز على الإنسان من غيره، أي: أن الإنسان إذا كان عنده غنم ثم توالدت، فهذا نسل لها، لكن الأصل يكون عند صاحبه أهم مما نتج عنه، ومما تفرع عنه.
قال فيه: [(وأنتم اليوم تمنعوني من الشرب منها حتى أشرب من ماء البحر)].
أي: حاصروه في داره، ومنعوا الناس من الوصول إليه، وكان يشرب من البئر التي في البيت، وماؤها مالح كماء البحر، ومع ذلك لا يتمكن من أن يحصل ماءً من هذه البئر التي أوقفها واشتراها من ماله، وجعلها للمسلمين يستعذبون منها الماء العذب، فهو قد أوقفها، ولم يمكن من الاستفادة منها إذ حصروه في داره، فكان يشرب من البئر التي ماؤها مالح كماء البحر.

تراجم رجال إسناد حديث عثمان في وقف المساجد من طريق ثالثة

قوله: [أخبرني زياد بن أيوب].زياد بن أيوب، ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن سعيد بن عامر].
سعيد بن عامر هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن أبي الحجاج].
يحيى بن أبي الحجاج هو لين الحديث، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[عن سعيد الجريري].
هو سعيد بن إياس الجريري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ثمامة بن حزن القشيري].
ثمامة بن حزن القشيري هو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[عن عثمان].
عثمان رضي الله عنه هو ثالث الخلفاء الراشدين، وصاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، ومنها هذه الأشياء التي جاءت في هذا الحديث.
وفي هذا الذي فعله عثمان: بيان أن الإنسان إذا احتاج إلى أن يظهر شيئاً من مناقبه عند الحاجة إليها، فذلك لا بأس به؛ لأن عثمان رضي الله عنه وأرضاه أراد أن تظهر هذه الأشياء ويعلمها هؤلاء الذين خرجوا عليه؛ لأنه احتاج إلى ذكرها واحتاج إلى أن يعلم هؤلاء الأعداء الذين آذوه وحصل منهم ما حصل، أن يعرفوا هذا الذي يعلمه عنه هؤلاء الخيار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من العشرة المبشرين بالجنة، وفيه إقامة الحجة عليهم، وأنه يؤذون شخصاً هذه حاله، وهذه صفاته ومناقبه، وهذه شهادة الرسول صلى الله عليه وسلم له.
ويشبه هذا أو قريب من هذا ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم في الأنصار لما قسم الرسول صلى الله عليه وسلم غنائم حنين، والأنصار وجدوا في أنفسهم واجتمعوا في خيمة من الخيام، وكانوا يقولون: سيوفنا تقطر من دمائهم ثم يعطيهم الغنائم ولا يعطينا!
فبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم ما في نفوسهم، فجاء إليهم وكانوا مجتمعين، وذكر الذي أنعم الله عليهم به، وهو مما جاءهم به الرسول صلى الله عليه وسلم، قال: (ألم آتكم ضلالاً فهداكم الله بي، وكنتم عالة فأغناكم الله بي، وكنتم أذلة فأعزكم الله بي؟)، وفي كل مرة يجيبون: نعم هذا الذي حصل، فالرسول صلى الله عليه وسلم بين لهم السبب في كونه يعطي هؤلاء، قال: هؤلاء أعطيهم لقرب عهدهم بالكفر، ويريد أن يتألفهم، وأن يقوى إيمانهم، وأما هؤلاء فتركهم لما عندهم من قوة الإيمان، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (الأنصار شعار، والناس دثار، لو سلك الأنصار وادياً وسلك غيرهم وادياً، لسلكت وادي الأنصار، ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وتذهبون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم؟)، فأعطاهم من هذا الكلام العظيم الجميل، وهذا الكلام البليغ الذي طابت به نفوسهم ورضوا بما رضي به رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
والمقصود من ذلك: أنه أظهر لهم هذه الأمور التي حصلت لهم بسببه حيث قال: (ألم آتكم ضلالاً فهداكم الله بي، ألم آتكم عالة، فأغناكم الله بي، ألم آتكم كذا.. ألم آتكم كذا؟) في كل ذلك يقولون: نعم. فهذا الذي حصل من عثمان هو من هذا القبيل، يعني: أراد أن تظهر هذه الفضائل، وأن ينطق أهل العلم بها، وأن يسمعها هؤلاء الأعداء الذين يفعلون بمن هذا فضله وهذا نبله ما فعلوا.

شرح حديث عثمان في وقف المساجد من طريق رابعة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمران بن بكار بن راشد حدثنا خطاب بن عثمان حدثنا عيسى بن يونس حدثني أبي عن أبي إسحاق عن أبي سلمة بن عبد الرحمن: (أن عثمان رضي الله عنه أشرف عليهم حين حصروه فقال: أنشد بالله رجلاً سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول يوم الجبل حين اهتز فركله برجله، وقال: اسكن فإنه ليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيدان، وأنا معه؟ فانتشد له رجال، ثم قال: أنشد بالله رجلاً شهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم بيعة الرضوان يقول: هذه يد الله وهذه يد عثمان، فانتشد له رجال، ثم قال: أنشد بالله رجلاً سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم جيش العسرة يقول: من ينفق نفقة متقبلة، فجهزت نصف الجيش من مالي، فانتشد له رجال، ثم قال: أنشد بالله رجلاً سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من يزيد في هذا المسجد ببيت في الجنة، فاشتريته من مالي، فانتشد له رجال، ثم قال: أنشد بالله رجلاً شهد رومة تباع، فاشتريتها من مالي، فأبحتها لابن السبيل، فانتشد له رجال)].أورد النسائي حديث عثمان رضي الله عنه وأرضاه من طريق، أبي سلمة بن عبد الرحمن: أنه جاء وانتشد، وقال: أنشد رجلاً علم كذا وكذا فشهد له، وهو مثلما تقدم، إلا أن فيه إضافة بيعة الرضوان، وأن عثمان رضي الله عنه أرسله رسول الله إلى أهل مكة رسولاً منه إليهم ليفاوضهم، وليتكلم معهم، فهو الواسطة والرسول بين أهل مكة وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما أشيع بأن عثمان قد قتل، بايع الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم أي أهل بيعة الرضوان، فبايعوه على القتال والجهاد في سبيل الله، وكان عثمان رضي الله عنه لما لم يكن موجوداً وكانت المبايعة حصلت من الحاضرين، وكانوا ألفاً وأربعمائة أهل بيعة الرضوان، وقد قال عليه الرسول صلى الله عليه وسلم: (لن يلج النار أحد بايع تحت الشجرة)، فهذا فضل لهم جميعاً، وعثمان رضي الله عنه وأرضاه منهم، ولكنه لما لم يكن موجوداً بايع عنه الرسول صلى الله عليه وسلم ووضع إحدى يديه على الأخرى وقال: هذه لـعثمان، أي أنه بايع نيابة عن عثمان.
وجاء في هذا الحديث [يد الله]، ومن المعلوم أن الذي وضعه الرسول صلى الله عليه وسلم، يداً على يد، واحدة عن عثمان وواحدة منه صلى الله عليه وسلم تقابل اليد الأخرى، وقال: يد الله؛ لأن الله تعالى قال في أهل بيعة الرضوان: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/16.jpgإِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/17.jpg[الفتح:10]، أي: كأنما يبايعون الله، ومن المعلوم أن المبايعة للرسول صلى الله عليه وسلم، لكن الله تعالى أخبر أنهم إنما يبايعون الله، ثم قال: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/16.jpgيَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/17.jpg[الفتح:10]، والمقصود بقوله: يد الله فوق أيديهم، أنه فوقهم فيده فوق أيدهم، وليس معنى ذلك: أن يده تخالطهم وتماسهم، وإنما الله تعالى على العرش مستو، فوق خلقه، فهو فوقهم، ويده فوق أيديهم، هذا هو المقصود من قوله: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/16.jpgيَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/17.jpg[الفتح:10]، وهم إنما يبايعون الله، فمبايعتهم الرسول صلى الله عليه وسلم إنما هي مبايعة لله، وهذا العقد الذي عقدوه مع الرسول صلى الله عليه وسلم إنما عقدوه مع الله، وأنه يلزمهم أن يوفوا بهذا الذي عقدوا عليه، والشيء الذي وضعوا الأيدي في يد الرسول صلى الله عليه وسلم من أجل إتمامه وإنهائه، رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، فقال: هذه يد الله، إشارة إلى ما جاء في قوله: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/16.jpgإِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/17.jpg[الفتح:10] فهذا هو الذي فيه، والباقي هو مثلما تقدم.
قوله: (انتشد له رجال)، يعني: هؤلاء الأربعة الذي كان نشدهم وكان سألهم، ويمكن أن يكون غيرهم كذلك شهد بما شهدوا به، ومعنى هذا أن الجيش كان ستمائة بعير؛ لأن الستمائة منه، ويمكن أن يكون النصف الذي جهز، أي: كل خرج ببعيره، أي: الذي جهز نصف جيش العسرة هو عثمان بن عفان رضي الله عنه، فيحتمل أن يكون المقصود الستمائة هي التي جهزت، وبذلت من الأثرياء والأغنياء، ولكن نصف هذا المبلغ الذي جهز للغزاة هو من عثمان رضي الله عنه وأرضاه، ولهذا جاء في بعض الأحاديث أنه ثلاثمائة بعير.

تراجم رجال إسناد حديث عثمان في وقف المساجد من طريق رابعة


قوله: [أخبرنا عمران بن بكار بن راشد].هو عمران بن بكار بن راشد، ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن خطاب بن عثمان].
خطاب بن عثمان هو ثقة، أخرج حديثه البخاري، والنسائي.
[عن عيسى بن يونس].
هو عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
وهو يونس بن أبي إسحاق صدوق يهم قليلاً، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، أصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي إسحاق].
هو أبو إسحاق السبيعي بن عبد الله الهمداني السبيعي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سلمة بن عبد الرحمن].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة فقيه، من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عثمان].
عثمان رضي الله عنه.

حديث عثمان في وقف المساجد من طريق خامسة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني محمد بن وهب حدثني محمد بن سلمة حدثني أبو عبد الرحيم حدثني زيد بن أبي أنيسة عن أبي إسحاق عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: لما حصر عثمان رضي الله عنه في داره، اجتمع الناس حول داره، قال: فأشرف عليهم.. وساق الحديث].أورد النسائي الحديث من طريق أخرى، ولكنه أحال على الطريق السابقة.

تراجم رجال إسناد حديث عثمان في وقف المساجد من طريق خامسة


قوله: [أخبرني محمد بن وهب].هو محمد بن وهب الحراني، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن محمد بن سلمة].
هو محمد بن سلمة الحراني، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي عبد الرحيم].
وهو خالد بن أبي يزيد الحراني، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[عن زيد بن أبي أنيسة].
زيد بن أبي أنيسة هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي إسحاق].
أبو إسحاق قد مر ذكره.
[عن أبي عبد الرحمن السلمي].
وهو عبد الله بن حبيب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عثمان].
وقد مر ذكره.

ابوالوليد المسلم 19-08-2022 08:35 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الوصايا

(467)


- باب الكراهية في تأخير الوصية



حث الشرع الحكيم المسلم على الصدقة في حال الصحة والغنى، وبين له أن ذلك هو ماله الحقيقي الذي سينفعه عند الله، ومن آخر الطرق إلى هذا الخير الإيصاء بذلك قبل الموت إلى حدود الثلث، مع استحباب المبادرة إلى كتابة الوصية قبل مرض الموت خصوصاً فيما يتعلق بالحقوق التي هي له أو عليه.

الوصايا


شرح حديث: (... ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ كتاب الوصايا. الكراهية في تأخير الوصية.
أخبرنا أحمد بن حرب حدثنا محمد بن فضيل عن عمارة عن أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله! أي الصدقة أعظم أجراً؟ قال: أن تصدق وأنت صحيح، شحيح، تخشى الفقر، وتأمل البقاء، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا وقد كان لفلان)].
يقول النسائي رحمه الله: كتاب الوصايا، الوصايا: جمع وصية، وهي: تطلق في الشرع إطلاقين: أحدهما: عهد خاص مضاف إلى ما بعد الموت، في مال أو غيره، والإطلاق الثاني: أنها تطلق على ما فيه الحث على فعل المأمورات، والزجر عن فعل المنهيات، هذه وصية في الشرع، والمقصود من الترجمة هو الأول، أي: العهد الخاص الذي يكون لما بعد الموت، والغالب أن يراد بها ما يتعلق بالمال، ويراد بها غيره مما ليس بمال.
وقد أورد النسائي باب كراهية تأخير الوصية، أو الكراهية في تأخير الوصية، أي: أن الإنسان عليه أن يبادر إلى أن يوصي بالشيء الذي يحتاج إلى أن يوصي به، فلا يؤخر ولا يمهل، فقد يفجأه الموت دون أن يبين ما يريد، ودون أن يبين ما له وما عليه، فالذي عنده شيء يريد أن يوصي به عليه أن يبادر به، وأن لا يتهاون فيه، وأن لا يمهل حتى لا يفجأه الموت وهو لم يوص بالشيء الذي يريد الوصية به.
وقد أورد النسائي عدة أحاديث أولها: حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: (أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أي الصدقة أعظم أجراً؟ فقال عليه الصلاة والسلام: أن تتصدق وأنت صحيح، شحيح، تخشى الفقر، وتأمل البقاء)، هذا هو الذي يكون أعظم في الصدقة، وهذا يدل على أن تصدق الإنسان ونفقته في حياته في سبيل الله، خير من أن يمهل ويؤخر لما بعد الموت؛ لأن خير الصدقة ما كان بهذه الطريقة، وهي كون الإنسان في صحة وعافية، والمال غالٍ عنده وليس برخيص؛ لأنه يطمع في الحياة حال الصحة والعافية، فهو يخشى الفقر، ويأمل الغنى، فهذا هو خير الصدقات، ما كان في الصحة والطمع في الحياة، وفي حال قوته وعافيته، وعزة المال عنده، وكونه غالياً لديه، وهذا يدل على أن الصدقة في الحياة في حال صحة الإنسان وعافيته أفضل من الشيء الذي يجعله بعد الموت، وإن كان ذلك فيه أجر عظيم، وثواب جزيل، لكن هذا أعظم أجراً، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (أن تتصدق وأنت صحيح شحيح)، صحيح في عافية ليس في مرض، وليس في مرض الموت، وليس في مرض منهك يجعله يزهد في الحياة، ولا يطمع فيها، فيجعله يندفع إلى أن يتصدق، بل إذا تصدق وهو في صحته، وعافيته فهذا خير عظيم، وكذلك في حال كون المال عزيزاً عنده، وغالياً في نفسه؛ لأنه يخشى الفقر، ويأمل البقاء، أما الإنسان الذي يتصدق في مرضه أو يتصدق عند يأسه من الحياة فهذا ليس كالذي تصدق حال صحته، وعافيته، وطمعه في البقاء، كما أرشد إلى ذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام، في هذا الحديث: (أن تتصدق وأنت صحيح شحيح)، (صحيح) يرجع إلى الصحة والعافية، و(شحيح) يرجع إلى الطمع في البقاء، والرغبة في الدنيا، والحرص على المال، فإذا كان في حال حرصه على المال وفي حال حرصه على البقاء، وفي حال صحته، وعافيته فإن الصدقة في تلك الحال تكون أعظم أجراً، وأعظم ثواباً عند الله عز وجل.
قوله: [(ولا تمهل)]، أي: يمهل الإنسان من أن يتصدق، وأن يتهاون في الصدقة، حتى إذا بلغت الروح الحلقوم، أي: جاء عند نهاية حياته ويأس من الحياة عند ذلك يقول: لفلان كذا، ويعطي لفلان كذا، ويوصي بكذا، والوصية في حدود الثلث سائغة في أي وقت، ولو كان في مرض الموت، ولكن نفقة الإنسان من ماله في حال صحته وعافيته هي الأفضل، قيل: إن قوله: (وقد كان لفلان كذا)، أي: كان للوارث كذا، وكذا من الميراث، أي: قد قارب أن يكون له؛ لأن الميراث ليس منه، بل هو من الله عز وجل، وينتقل المال من المورث إلى الوارث بالموت بدون اختيار للإنسان فيه، لا للمورث، ولا للوارث؛ لأن هذا شيء فرضه الله تعالى، فإذا مات أخرج الدين، والوصية، والحقوق التي تكون عنده للناس، والباقي يكون للورثة، والمورث لا يستطيع أن يمنع الميراث عن أحد الورثة؛ لأن هذا حق الله تعالى جعله له، وإن لم يسع إليه ولم يكدح فيه ولم يفكر، فهو حق ينتقل من مالك إلى مالك، (قلت: لفلان كذا)، أي: يخبر بأنه يوصي بكذا أو أنه يكون كذا، وقد كان لفلان كذا، أي: قارب أن يكون للورثة ما ورثهم؛ لأنهم بمجرد موته يستحقون الميراث، ويستحقون الإرث.

تراجم رجال إسناد حديث: (... ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا ...)


قوله: [أخبرنا أحمد بن حرب].هو أحمد بن حرب الموصلي، صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن محمد بن فضيل].
هو محمد بن فضيل بن غزوان الكوفي، صدوق رمي بالتشيع، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، والكلام الذي قيل فيه من أجل التشيع ينقضه ما جاء عنه أنه قال كلمة عظيمة تدل على سلامته من التشيع، وهي قوله: رحم الله عثمان أي: ابن عفان ، ولا رحم الله من لا يترحم على عثمان ، وهذا ليس من شأن الشيعة، وليس من شأن الرافضة أنهم يترحمون على عثمان ، بل يبغضون عثمان، ويسبونه، ويتكلمون فيه، فهذا يدل على سلامته وعلى أن ما أضيف إليه هو بريء منه؛ بل يدعو على من لا يترحم على عثمان أن لا يرحم، وهذا يدل على سلامته.
من وصف بعض الرواة له بالتشيع، وهو من رجال الكتب الستة، ويأتي ذكره في مواضع عديدة.
وأبو نعيم الفضل بن دكين الكوفي جاء عنه كلمة عظيمة تشبه الكلمة التي جاءت عن محمد بن فضيل ، وهي قوله رحمه الله: ما كتبت علي الحفظة أنني سببت معاوية ، أي: الملائكة الذين يكتبون الحسنات، والسيئات ما كتبت السيئات أنه سب معاوية .
وهذا معناه: أنه سليم من هذه البدعة بدعة التشيع.
ومن المعلوم أن سب معاوية عند الرافضة من أسهل الأشياء، بل هذا قدر مشترك مع الزيدية الذين هم أخف الشيعة، فهم يشتمون معاوية، ويسبونه ويلعنون،
[عن عمارة بن القعقاع].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي زرعة].
هو أبو زرعة بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق؛ لأن الذين عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة سبعة وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأنس بن مالك، وأم المؤمنين عائشة ، هؤلاء أكثر الصحابة حديثاً، وأبو هريرة أكثر هؤلاء السبعة، رضي الله تعالى عنه وعنهم وعن الصحابة أجمعين.

شرح حديث: (... مالك ما قدمت، ومال وارثك ما أخرت)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا هناد بن السري عن أبي معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد عن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله؟ قالوا: يا رسول الله! ما منا من أحد إلا ماله أحب إليه من مال وارثه، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اعلموا أنه ليس منكم من أحد إلا مال وارثه أحب إليه من ماله، مالك ما قدمت، ومال وارثك ما أخرت)].أورد النسائي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام كان في جماعة من أصحابه، فقال: أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله؟ الرسول صلى الله عليه وسلم يسأل هذا السؤال ليبني عليه شيئاً، أي: بعد أن يستقر، ويتضح يبين الذي يريد أن يقوله، وهذا من كمال بيانه عليه الصلاة والسلام ومن كمال نصحه لأمته عليه الصلاة والسلام، أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله؟ قالوا: ما منا أحد إلا وماله أحب إليه من مال وارثه، المال الذي بحوزة الإنسان والذي بيد الإنسان أحب إليه من المال الذي يرثه، فالنبي صلى الله عليه وسلم، قال عند ذلك: (ما منكم من أحد إلا ومال وارثه أحب إليه من ماله)، يريد بذلك عليه الصلاة والسلام، أن المال الذي يبقيه في يده حتى يموت وهو في يده هو مال الوارث، أما الذي أنفقه، وتصدق به، وأخرجه في سبيل الله فهذا هو ماله حقاً؛ لأن هذا يجده أمامه: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgفَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[الزلزلة:7-8]، ثم هذا الوارث قد يجازي بالجميل، فيتصدق عن المورث، ويدعو له، وقد يكون -والعياذ بالله- على خلاف ذلك، فلا يدعو، بل قد يستعمل هذا المال الذي ورثه والذي ورث له في معصية الله عز وجل.
فبين عليه الصلاة والسلام بهذا المثال، وبهذا التمهيد، وبهذا الإيضاح والبيان: أن ما يقدمه الإنسان ويخرجه في سبيل الله هو ماله حقاً، الذي تعود منفعته عليه، ويجد عاقبة هذا المال عندما ينتقل من دار العمل إلى دار الجزاء، ولهذا قال: (ماله ما قدم ومال وارثه ما أخر)، يعني: المال الذي أخرجه في صحته، وعافيته، وأخرجه في حياته هذا مال قدمه يجده أمامه، أما ما أخره فإنه مال الوارث، وملك الوارث، وقد ينفع الوارث مورثه وقد لا ينفعه، فهذا من كمال بيانه ومن كمال نصحه عليه الصلاة والسلام، حيث سأل هذا السؤال ومهد بهذا التمهيد ليصل إلى بيان أن ما يقدمه الإنسان هو ماله حقاً، وما يؤخره وراءه ويموت وهو بحوزته هو مال وارثه، هذا هو المقصود من قوله صلى الله عليه وسلم، فماله ما هو بالمال الذي في حوزة أولاده؛ لأن هذا مالهم بأيديهم، لكن المال الذي هو له حقيقة هو ما يتصدق به وينفقه في سبيل الله، ومن ماله ما لا يكون له، وهو الذي يموت وهو بحوزته فيصير إلى الورثة، ولهذا بين عليه الصلاة والسلام في آخر الأمر حيث قال: (ماله ما قدم ومال وارثه ما أخر) صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

تراجم رجال إسناد حديث: (... مالك ما قدمت ومال وارثك ما أخرت)

قوله: [أخبرنا هناد بن السري].هو هناد بن السري أبو السري الكوفي، ثقة، أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي معاوية].
هو أبو معاوية محمد بن خازم الضرير، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الأعمش].
هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن إبراهيم التيمي].
هو إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي، ثقة يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وهو غير إبراهيم النخعيهو إبراهيم بن يزيد بن قيس، وهذا إبراهيم بن يزيد بن شريك، وهذا التيمي، وذاك النخعي، فالذي يأتي ذكره كثيراً في الأسانيد هو النخعي، وأما التيمي فهو من رجال الكتب الستة، ولكن ليس عنده من الحديث مثل ما لـإبراهيم النخعي .
[عن الحارث بن سويد].
هو الحارث بن سويد التيمي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله].
هو عبد الله بن مسعود الهذلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من فقهاء الصحابة وعلمائهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (... يقول ابن آدم: مالي مالي وإنما مالك ما أكلت فأفنيت ... أو تصدقت فأمضيت)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى حدثنا شعبة عن قتادة عن مطرف عن أبيه رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgأَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[التكاثر:1-2]، قال: يقول ابن آدم: مالي مالي، وإنما مالك ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت)].أورد النسائي حديث عبد الله بن الشخير رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgأَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[التكاثر:1-2])، أي: ألهاكم التكاثر في الدنيا لجمعها وتكثيرها، حتى زرتم المقابر أي: متم، وانتقلتم إلى المقابر، وصرتم من أهلها؛ لأن هذا هو المقصود بزيارة المقابر أي: الموت، والمقصون: يزورنها ميتين، وليس معناه: يزورونها ويرجعون، فإنهم قد يزورنها، وهم متمسكون بالدنيا، وحريصون عليها: (http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgأَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[التكاثر:1-2]، ثم قال: يقول ابن آدم: مالي مالي)، أي: مالي مالي، يعني: تكثراً، وحرصاً، وشدة رغبة، ثم قال عليه الصلاة والسلام: (وإنما مالك ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت)، أي: هذا هو مالك الذي أنفقته على نفسك، واكتسيت به، وتصدقت منه فأمضيته ووجدته أمامك، هذا مالك، أما ما سوى ذلك فهو مال غيرك.
ثم قوله: [(أكلت فأفنيت، ولبست فأبليت)] إشارة إلى أن هذا الذي فني، وبلي ليس له أهمية كالذي ذكر بعده وهو قوله: (أو تصدقت فأمضيت)، وفسر التصدق بتفسيرين: تصدقت أي: أردت التصدق، فأمضيت: عزمت على إخراج تلك الصدقة والمعنى: أردت ونفذت، أو تصدقت فأمضيت، أي: باشرت، ونفذت، وأمضيته بحيث تجده أمامك، وكلا المعنيين صحيح، هذا هو شأن الصدقة التي تنفع صاحبها عند الله، وهذا من جنس قوله فيما تقدم: (ماله ما قدم، ومال وارثه ما أخر)، وهنا قال: وإنما مالك ما استفدت منه في حياتك فاقتت منه، ولبست منه، أو تصدقت فأمضيت، ووجدته أمامك، وهذا هو الذي منفعته باقية للإنسان وهي الصدقة التي يمضيها ويجدها أمامه كما قال الله عز وجل: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgفَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[الزلزلة:7] http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgوَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[الزلزلة:8]، وقال في الحديث القدسي: (يا عبادي! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه) والمقصود من ذكر هذا الحديث والذي قبله هو: الحث على الصدقة، وكون الإنسان يتصدق في حال صحته وعافيته هذا هو الأفضل، وإذا أوصى بثلث ماله أو بأقل من ذلك بأعمال بر يعود نفعها إليه فذلك خير، ولكن الصدقة الماضية في حال الصحة والعافية خير من الصدقة التي ليست كذلك.

تراجم رجال إسناد حديث: (... يقول ابن آدم: مالي مالي وإنما مالك ما أكلت فأفنيت ... أو تصدقت فأمضيت)


قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].هو عمرو بن علي الفلاس، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى].
هو يحيى بن سعيد القطان، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مطرف].
هو مطرف بن عبد الله بن الشخير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو عبد الله بن الشخير، صحابي من مسلمة الفتح، وحديثه أخرجه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.

شرح حديث: (مثل الذي يعتق أو يتصدق عند موته مثل الذي يهدي بعدما يشبع)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن بشار حدثنا محمد حدثنا شعبة سمعت أبا إسحاق سمع أبا حبيبة الطائي قال: أوصى رجل بدنانير في سبيل الله فسئل أبو الدرداء فحدث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (مثل الذي يعتق أو يتصدق عند موته مثل الذي يهدي بعد ما يشبع)].أورد النسائي حديث أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(مثل الذي يعتق أو يتصدق عند موته مثل الذي يهدي بعد ما يشبع)].
يعني: أن الصدقة في آخر الحياة عندما يكون الإنسان زاهداً في الحياة، وعندما يكون مشرفاً على الموت، ليس كالذي يتصدق في حال صحته وعافيته؛ لأن من يتصدق بالشيء وهو قد يئس من الحياة أدنى بكثير ممن هو طامع فيها، وممن هو في حال الصحة والعافية ولكن ذلك لا يعني أن الوصية ولو كانت في مرض الموت لا تعتبر بل هي تعتبر، سواء كان في مرض موته أو قبل ذلك، لكن الشيء الذي يمضيه الإنسان في حال الصحة والعافية خير وأعظم أجراً عند الله عز وجل، وإذا كانت الوصية في حدود الثلث، في أي وقت من أوقات حياة الإنسان، ولو كان في مرض موته، فإن ذلك مفيد، والحديث في إسناده من هو مقبول لا يعتبر إلا إذا توبع، ففيه ضعف من حيث المعنى، لكن لا شك أن الصدقة في حال الصحة والعافية خير كما جاء في الحديث الأول، وإذا وجدت الصدقة، أو الوصية بعد الموت فهي معتبرة كما جاءت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الوصية معتبرة مطلقاً، ولو كان في مرض الموت، لكن أن تكون في حدود الثلث؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما زار سعد بن أبي وقاص وكان مريضاً وسأله وقال: أوصي بكذا حتى وصل إلى الثلث قال: (الثلث والثلث كثير) ولهذا جاء عن ابن عباس قال: لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الخمس لكان أولى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (والثلث كثير).

يتبع



ابوالوليد المسلم 19-08-2022 08:35 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
تراجم رجال إسناد حديث: (مثل الذي يعتق أو يتصدق عند موته مثل الذي يهدي بعدما يشبع)

قوله: [أخبرنا محمد بن بشار].هو الملقب بندار البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[عن محمد].
هو ابن جعفر الملقب غندر وإذا جاء محمد غير منسوب، ويسمى المهمل، وهو يروي عنه محمد بن بشار وهو يروي عن شعبة فالمراد به: محمد بن جعفر الملقب: غندر، وهو البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة].
وقد مر ذكره.
[عن أبي إسحاق].
هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي حبيبة الطائي].
مقبول، أخرج حديثه أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن أبي الدرداء].
هو أبو الدرداء عويمر بن زيد رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، مشهور بكنيته أبي الدرداء، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه أن يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة بن سعيد حدثنا الفضيل عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه أن يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)].أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، وهو دال على المبادرة إلى الوصية إذا كان الإنسان عنده شيء يريد أن يوصي به، فلا ينبغي له أن يمهل، بل عليه أن يبادر بالوصية وينص على ما يوصي به، وأن يكون ذلك مكتوباً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي به يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)، يعني: لا يليق بالمسلم الذي عنده شيء يريد أن يوصي به يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده، فهذا يدلنا على المبادرة إلى الوصية، وأن تكون مكتوبة؛ لأن الكتابة فيها توثق، وفيها إثبات، وسواء كتبها هو أو كتبها غيره، ويكفي لو كتبها بدون إشهاد وبخطه، فإن ذلك يكفي في ثبوت الوصية، ما دام أن الخط خطه فإن ذلك معتبر.

تراجم رجال إسناد حديث: (ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه أن يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)

قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد].هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وبغلان: قرية من قرى بلخ، وثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الفضيل].
هو الفضيل بن عياض، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن عبيد الله].
هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر، وهو المصغر، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن نافع].
هو نافع مولى ابن عمر، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر].
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.

شرح حديث: (ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده) من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن سلمة حدثنا ابن القاسم عن مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)].أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى وهو مثل ما تقدم: (ما حق امرئ مسلم له شيء يوصى به يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)، وقد جاء في بعض الروايات ثلاث ليال، والمقصود من ذكر الليلتين والثلاث دون أن يقول: ليلة، أو يقول: من حين يبادر بدون تأخير ولا ليلة: حتى يكون عنده مهلة يفكر ويدون، فأعطي هذه المهلة التي هي مقدار هذه المدة، ليتمكن الإنسان من أن يفكر بالشيء الذي يريد أن يوصي به، فلا يكون ليس أمامه إلا ليلة واحدة، بل ليلتان أو ثلاث، كما جاء في بعض الروايات، فهو مثل ما تقدم.

تراجم رجال إسناد حديث: (ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده) من طريق ثانية


قوله: [أخبرنا محمد بن سلمة].هو محمد بن سلمة المرادي المصري، ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن ابن القاسم].
هو عبد الرحمن بن القاسم صاحب الإمام مالك، ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي.
[عن مالك].
هو: مالك بن أنس، إمام دار الهجرة، الإمام، الفقيه، المشهور.
[عن نافع عن ابن عمر].
وقد مر ذكرهما.

طريق ثالثة لحديث: (ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن حاتم بن نعيم حدثنا حبان أنبأنا عبد الله عن ابن عون عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: قوله].أورد النسائي الحديث وهو من قول ابن عمر يعني: أنه موقوف عليه؛ لأنه قال: (قوله) أي: من قول: ابن عمر قال: (ما حق امرئ مسلم يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)، يعني: جاء موقوفاً ومرفوعاً.
قوله: [أخبرنا محمد بن حاتم بن نعيم].
هو محمد بن حاتم بن نعيم المروزي، ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن حبان].
هو حبان بن موسى المروزي، ثقة، أخرج له البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[عن عبد الله].
هو عبد الله بن المبارك المروزي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عون].
هو عبد الله بن عون، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن نافع عن ابن عمر].
وقد مر ذكرهما.

شرح حديث: (ما حق امرئ مسلم تمر عليه ثلاث ليال إلا وعنده وصيته ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا يونس بن عبد الأعلى أنبأنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب قال: فإن سالماً أخبرني عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ما حق امرئ مسلم تمر عليه ثلاث ليال إلا وعنده وصيته، قال عبد الله بن عمر: ما مرت علي منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ذلك إلا وعندي وصيتي)].أورد النسائي حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وفيه ذكر الثلاث الليالي، وفيه أيضاً مبادرة ابن عمر إلى الامتثال، وهذا يدلنا على ما كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم من اتباع ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم، والمبادرة إلى امتثال أمره صلوات الله وسلامه وبركاته عليه؛ لأن ابن عمر رضي الله عنهما لما سمع الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما مرت عليّ يعني: هذه المدة إلا ووصيتي مكتوبة)، أي: تنفيذاً لما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

تراجم رجال إسناد حديث: (ما حق امرئ مسلم تمر عليه ثلاث ليال إلا وعنده وصيته ...)

قوله: [أخبرنا يونس بن عبد الأعلى].هو يونس بن عبد الأعلى الصدفي المصري، وهو ثقة، أخرج له مسلم، والنسائي، وابن ماجه.
[عن يونس].
هو يونس بن يزيد الأيلي، ثم المصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب].
وهو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سالم].
هو سالم بن عبد الله بن عمر، ثقة، فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر].
وقد مر ذكره.

حديث: (ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه فيبيت ثلاث ليال إلا ووصيته عنده مكتوبة) من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن يحيى بن الوزير بن سليمان سمعت ابن وهب أخبرني يونس وعمرو بن الحارث عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه فيبيت ثلاث ليال إلا ووصيته عنده مكتوبة)].أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى وهو مثل ما تقدم في الطريق السابقة، وفيه ذكر الثلاث الليالي بدل الليلتين.
قوله: [أخبرنا أحمد بن يحيى بن الوزير بن سليمان].
أحمد بن يحيى بن الوزير بن سليمان، ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن ابن وهب عن يونس].
وقد مر ذكرهما.
[وعمرو بن الحارث].
هو عمرو بن الحارث المصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه].
وقد مر ذكرهم.


الأسئلة


حكم التمسح بتراب حجرة النبي صلى الله عليه وسلم وروضته


السؤال: ما رأي فضيلتكم فيمن يتمسح بتراب حجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وروضته محتجاً بصنيع الصحابة حينما تمسحوا بعرقه وآنيته؟


الجواب: تمسح الصحابة بعرقه، وتبركهم بشعره، وبعرقه، وبفضل وضوئه، هذا ثابت، وهذا من خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم فهو الذي يسوغ في حقه ذلك لمن أدركه ولمن تشرف بصحبته من أصحابه رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، أما التبرك والتمسح بجدران، أو بأرض، فإن هذا لا يسوغ ولا يجوز؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم ومن جاء بعدهم ممن صار على منوالهم ما كانوا يفعلون ذلك، وما كانوا يتبركون إلا بشخصه صلى الله عليه وسلم، بعرقه وبشعره، وبفضل وضوئه، هذا هو الذي ثبت وكانوا يفعلون ذلك وقد أقرهم عليه عليه الصلاة والسلام، ولم يفعله الصحابة مع خير الصحابة مع أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي وهم خير الناس، فدل هذا على أنه غير سائغ، وقد ذكر الشاطبي في الاعتصام الإجماع على أنهم اعتبروا هذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم، فلا يتبرك بأحدٍ سواه لا بعرقه ولا بفضلاته ولا غير ذلك؛ لأن الصحابة عدلوا عن التبرك بخير الناس بعد الرسول صلى الله عليه وسلم وهم أصحابه الكرام وفي مقدمتهم أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين، وعلى هذا فالقياس غير صحيح؛ لأن الذين هم خير هذه الأمة ما فعلوا هذا، مع النبي صلى الله عليه وسلم، وما فعلوه في الجدران، ولا في الأرض ولا في غير ذلك.


التبرك والتداوي بتراب المدينة


السؤال: يقول: ثم هل نفهم من الحديث الصحيح (بتربة أرضنا يشفى سقيمنا) هل يجوز التبرك والتداوي بتراب المدينة، وما معنى الحديث؟


الجواب: كون الإنسان يرقي، ويفعل كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، بأن يبل أصبعه ويمسحه، ويقول هذا الدعاء الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ثابت وصحيح، لكن في غير الرقية، وفي غير وضعه في الموضع الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسوغ ذلك ولا يجوز.

السؤال: ما حكم الاشتراك في الأسهم التي في شركة الراجحي حيث نشتريها بثلاثين مثلاً، ونعطى على ذلك أرباحاً بنسبة عشرين بالمائة تقريباً؟
الجواب: لا أدري.

صحة صنيع من أعطى جميع أمواله لأولاده وزوجته ومن يرثه بقدر إرثهم

السؤال: ما حكم من مات ولكنه قبل موته قد أعطى جميع أمواله لأولاده وزوجته، فما مات إلا وقد انتهى ماله؟


الجواب: إذا كان أعطاهم وفرق بينهم على قدر إرثهم، فهذا صحيح له ذلك، للإنسان أن يعطي ورثته على قدر إرثهم في حياته، فإذا كان فعل ذلك، فإنه قد وضع الشيء في موضعه.


النساء في الجنة

السؤال: قد ورد أن للرجال من نعيم الجنة الحور العين، فهل للنساء كذلك الحور العين من الرجال؟


الجواب: في الجنة النساء يتمتعن بالأزواج، ويجدن المتعة معهم، فمن دخل الجنة فهو في خير، المهم أن الإنسان يدخل الجنة، وإذا دخلها يجد ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، سواء كان رجلاً أو امرأة، والله تعالى خلق الحور العين في الجنة يتمتع بهن أهل الجنة، وهن يستمتعن بهم، والاستمتاع موجود من الطرفين إلا أن أولئك خلقن في الجنة، وأما نساء الدنيا، فإنهن ينشأن إنشاءً فيجعلن أبكاراً، عرباً، أتراباً، ويستمتعن بالرجال كما يستمتع الرجال بهن.


حكم النظر للمرأة الكبيرة أو غير الجميلة

السؤال: هل يجوز النظر إلى المرأة الكبيرة والمرأة غير الجميلة ولو لم تكن كبيرة؟


الجواب: لا يجوز النظر إلى النساء، فعلى الإنسان أن يعود نفسه أن لا ينظر إلى النساء: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgقُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[النور:30] فيغض بصره عن المرأة الأجنبية مطلقاً.


حكم الوصية للابن بالمكتبة العلمية

السؤال: هل يمكن أن أوصي بمكتبتي التي جمعت فيها بحمد الله تعالى كتباً نافعاً في العلوم الشرعية لابني دون الورثة حرصاً على مواصلته التعلم؟

الجواب: ما يخصص الابن بالوصية؛ لأنه إذا وصي بها ملكها، وإذا ملكها هي لها قيمة وهي مال، فيكون معناه: خصه بدون الورثة بالمال، ولا وصية لوارث، لكنه إذا أراد أن يوصي يمكن أن يوصي بها للمطالعة، ويجعله ناظراً عليها، يعني: ليس مالكاً لها، بل هو ناظر للوقف ويستفيد منه، فإذا كان مقصوده بأن ولده يستفيد منها وتحصل الفائدة بكونه يجعله ناظراً عليها فلا بأس، أما أن يوصي بها له يبيع منها ما يبيع ويتصرف فيها بالبيع فإن هذه وصية بمال، ولا وصية لوارث إلا إذا أجاز الورثة.


حكم من قيل فيه: صدوق يتشيع

السؤال: سمعت أنه إذا قيل في راوٍ مثلاً: صدوق ولكنه يتشيع، ليس معناه بأنه شيعي، وإنما كان يفضل علياً على أبي بكر وعمر فهل هذا صحيح؟


الجواب: لا، التفضيل على أبي بكر وعمر هذا ليس بصحيح، وأما تفضيل علي على عثمان فهذا قال به بعض أهل السنة، ولم يعتبروا ذلك منهم بدعةً تقتضي أن يقدح فيهم؛ لأنه جاء عن بعض السلف ذلك، مثل: عبد الرحمن بن أبي حاتم، والأعمش، وابن جرير، وعبد الرزاق، جاء عنهم ما يدل على تفضيل علي على عثمان، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في آخر الواسطية: إن هذه ليست من المسائل التي يبدع بها، وإنما يبدع بها لو قال: إن علياً، أحق بالخلافة من عثمان، هذه يبدع من يقول بها؛ لأن فيها اعتراضاً على اختيار الصحابة، وعلى تقديمهم لـعثمان، على علي، وقول: إن علياً، أفضل من عثمان، فهذا ليس هو القول المشهور عن أهل السنة، وإنما قال به عدد قليل منهم، لكنهم قالوا: إنه لا يبدع من يقول بذلك، أما أن يفضل عليَّ على أبي بكر، وعمر فهذا شأن أهل البدع، وعلي رضي الله عنه وأرضاه قال: (لا أوتى برجل يفضلني على أبي بكر، وعمر إلا جلدته جلد المفتري).


معنى قول أهل الجرح والتعديل: يتشيع

السؤال: قول أهل الجرح والتعديل: يتشيع، هل المراد به شيعي رافضي؟


الجواب: لا، كلمة (يتشيع) إذا جاءت في الأشخاص الذين هم معتبرون، ومعتمدون، فالمقصود منه في الغالب، أنه عنده ميل إلى علي، أو أنه يفضل علياً على عثمان، ومثل هذا لا يقدح، قضية تفضيل علي على عثمان لا تعتبر قدحاً فيمن حصل منه ذلك، وإن كان خلاف المشهور عن أهل السنة.

السؤال: نرى في بعض المكتبات رسالة باسم وصية شرعية، فهل هناك وصية جامعة شرعية، وما رأي فضيلتكم فيما جمعوه في هذه الرسالة؟
الجواب: لا أعرف شيئاً عن هذه الرسالة.


حكم إعطاء البنك أجرة لتحويل المال

السؤال: اقترضت من أخ بمصر ألف جنيه، فأرسلها عن طريق بنك الراجحي، والبنك بمصر يأخذ أجرة على هذا التحويل فهل يتكلف هذه الأجرة؟

الجواب: نعم يتكلف هذه الأجرة؛ لأن الحق مطلوب منه أن يوصل، وذاك يوصل إليه حقه كاملاً غير منقوص، وإذا كان الإيصال يترتب عليه تكلفة فإن الذي عليه الحق هو الذي تلزمه إلا إذا سامحه ذاك وقبل منه بعض حقه على أن يكون ذلك البعض هو ما صرفه في مقابل الأجرة، الأصل أن الإنسان إذا كان عليه شيء فعليه أن يوصله إلى من له الحق، ولا يخصم منه شيئاً إلا إذا رضي ووافق على أنه يتنازل عن ذلك الذي كان وسيلة إلى وصول حقه إليه لا بأس بذلك.


حكم الرجوع عن الوصية


السؤال: هل يجوز أن يتراجع عن وصيته؟


الجواب: يجوز، الإنسان إذا وصى له أن يرجع في الوصية، له أن يغير، وله أن يعدل؛ لأنها ما تستقر إلا بالموت، وليست مثل الوقف، الوقف ليس له أن يغير ويبدل؛ لأنه ناجز، وأما الوصية ليست ناجزة، بل هي معلقة بالموت.


حال ما نسب لعمر بن الخطاب من قوله لجاريته: (خلقك الذي خلق الجن والشياطين)


السؤال: ما صحة ما نسب لـعمر رضي الله عنه أنه كان يقول لجاريته: خلقني الذي خلق الملائكة، وخلقك الذي خلق الجن والشياطين، فتغضب من ذلك؟


الجواب: أقول ما أعرف هذا، ويبعد أن يقول ذلك عمر رضي الله عنه وأرضاه، الله تعالى خلق كل شيء، لكن مثل ذلك ما أظن أنه يصدر من عمر ولا أعرف ثبوته عنه.

ابوالوليد المسلم 19-08-2022 08:37 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الوصايا

(468)

- باب هل أوصى النبي صلى الله عليه وسلم - باب الوصية بالثلث




أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أمته بكتاب الله عز وجل، والسنة داخلة في هذه الوصية؛ لأن كتاب الله أمر بالأخذ بها، ولم يوص عليه الصلاة والسلام في شيء من المال أو الخلافة لأحد كما تزعم الرافضة، كما حث أيضاً عليه الصلاة والسلام على ترك الإنسان ورثته أغنياء، ولم يجز الوصية بأكثر من الثلث.

هل أوصى النبي صلى الله عليه وآله وسلم



شرح حديث ابن أبي أوفى في الوصية بكتاب الله

قال المصنف رحمه الله تعالى: [هل أوصى النبي صلى الله عليه وآله وسلم.أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا خالد بن الحارث حدثنا مالك بن مغول حدثنا طلحة قال: (سألت ابن أبي أوفى: أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: لا، قلت: كيف كتب على المسلمين الوصية؟ قال: أوصي بكتاب الله)].
يقول النسائي رحمه الله: هل أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
هذا الاستفهام في هذه الترجمة يحتمل أن يكون المراد به الوصية بالمال، والوصية بالخلافة، والوصية التي هي الحث على كتاب الله عز وجل، وما جاء به رسوله الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، أما بالنسبة للمال فالنبي صلى الله عليه وسلم ما خلف مالاً يكون شيء منه وصية، وشيء منه ميراثاً، كما هو الحال في شأن أمته صلى الله عليه وسلم، وقد جاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (إنا معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة) فهم لا يورث عنهم المال صلوات الله وسلامه وبركاته عليهم، وإنما يورث عنهم العلم النافع الذي من أخذ به اهتدى وصار إلى الله عز وجل على بصيرة، وقد جاء عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في بعض الأحاديث ومنها ما سيأتي ومنها ما مر: (ما ترك النبي صلى الله عليه وسلم ديناراً ولا درهماً، ولا شاتاً ولا بعيراً)، وجاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظٍ وافر) فهم لا يورث عنهم المال، وما تركه النبي صلى الله عليه وسلم من بعده فهو صدقة في سبيل الله عز وجل.
أما الوصية بالخلافة فلم يحصل منه وصية مكتوبة، أو بلفظٍ صريح يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: الخليفة بعدي فلان، ما جاء عنه ذلك عليه الصلاة والسلام، وإنما جاء عنه نصوص فيها إشارة قوية ودلالات واضحة على أن أبا بكر رضي الله عنه هو الخليفة من بعده، ومنها قوله عليه الصلاة والسلام في حديث جندب بن عبد الله البجلي، قبل أن يموت بخمس ليال، قال عليه الصلاة والسلام: (إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل، فإن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، ولو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد؛ فإني أنهاكم عن ذلك) رواه مسلم في صحيحه.
والجملة الأولى منه دالة على أن أبا بكر رضي الله عنه هو الأولى بالأمر من بعده عليه الصلاة والسلام؛ لأنه قال ذلك في مرض موته قبل أن يموت بخمس قال: (ولو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً).
وكذلك أمره عليه الصلاة والسلام أبا بكر، أن يصلي بالناس في مرض موته، وقد روجع في ذلك مراراً وفي كل مرة يقول: (مروا أبا بكر فليصلِّ بالناس) قالوا: وهذا فيه إشارة إلى أنه الأحق بالأمر من بعده صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال له عمر رضي الله عنه يوم السقيفة: رضيك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمر ديننا أفلا نرتضيك لأمر دنيانا؟!
ومن الألفاظ التي جاءت عن النبي عليه الصلاة والسلام وهي قوية الإشارة وواضحة الدلالة على أولويته، وأحقيته رضي الله عنه من بعده أي: من بعد النبي صلى الله عليه وسلم، قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة: (ادعي لي أباك وأخاك لأكتب كتاباً لـأبي بكر، فإني أخشى أن يتمنى متمن أو يقول قائل -ثم قال عليه الصلاة والسلام-: يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر) وترك الكتابة، يعني: أنه ليس هناك حاجة للكتابة؛ لأن المسلمين سيجتمعون باختيارهم، وإرادتهم وطوعهم على أبي بكر، سيجتمعون عليه، ويختارونه، فهو قد أخبر عن أمرٍ مغيب، وعن أمرٍ مستقبل وهو من دلائل نبوته عليه الصلاة والسلام، وقد كان ما أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام، فقد أبى الله والمسلمون إلا أبا بكر، واختاروا أبا بكر خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عن أبي بكر وعن الصحابة أجمعين.
ولم يوص لـعلي، رضي الله تعالى عنه وأرضاه كما تزعمه الرافضة، ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بالخلافة لـعلي، أو لغيره، لبادر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تنفيذ هذه الوصية، ولو كان عند علي رضي الله عنه شيء يدل على أنه الأحق بالأمر من بعد النبي صلى الله عليه وسلم، لأظهر ذلك، وأعلن ذلك، ولم يخف ذلك وهو القوي الشجاع رضي الله تعالى عنه وأرضاه، فلو كان عنده شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر لما توقف، ولو كان هناك شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم لكان الصحابة رضي الله عنهم يوم السقيفة سيقول بعضهم لبعض: اجتماعكم هذا لا حاجة إليه وتداولكم في أمر الخلافة لا حاجة إليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال كذا وكذا، ولم يقل أحد هذا الكلام ولا أحد أشار إلى هذا الكلام، وإنما اتفقوا على أن يجعلوا أبا بكر رضي الله عنه خليفة من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتحقق بذلك ما أخبر به النبي الكريم عليه الصلاة والسلام بقوله: (يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر).
وعلى هذا فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يوص لـعلي بالخلافة، وما أوصى لـأبي بكر بالخلافة بالنص، يعني: يقول أبو بكر هو الخليفة من بعدي، ولكنه قال مقالة واضحة الدلالة على ذلك حيث قال: (يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر) يعني: أن المسلمين سيتفقون عليه باختيارهم وإرادتهم ورغبتهم في توليته رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وعلى هذا فالنبي صلى الله عليه وسلم ما أوصى بالخلافة نصاً صريحاً لأحد، لا مكتوباً ولا غير مكتوب.

وصية النبي بكتاب الله

أما بالنسبة للوصية بكتاب الله عز وجل، فقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب الله، وكتاب الله عز وجل هو القرآن، وتكون السنة داخلة في قوله سبحانه وتعالى: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/28.jpgوَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/29.jpg[الحشر:7]، فالوصية بكتاب الله هي وصية بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن من كتاب الله عز وجل قول الله عز وجل: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/28.jpgوَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/29.jpg[الحشر:7]، ولهذا عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه وأرضاه لما ذكر النامصة، والحالقة، وما ذكر معها قال: (ما لي لا ألعن من لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو موجود في كتاب الله، وهناك امرأة من الصحابيات رضي الله تعالى عنها جاءت إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وقالت: يا أبا عبد الرحمن، إنك قلت هذه الكلمة وإنني قرأت المصحف من أوله إلى آخره فما وجدت فيه الوصية بالنامصة، والمتنمصة، فقال: إن كنت قرأتيه فقد وجدتيه: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/28.jpgوَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/29.jpg[الحشر:7]).إذاً: كل المناهي التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم داخلة تحت قوله: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/28.jpgوَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/29.jpg[الحشر:7]، فوصيته بكتاب الله إما أن يكون المقصود بالكتاب القرآن، وتكون السنة داخلة فيه كما في هذه الآية الكريمة، وكما جاء توضيح ذلك وبيانه عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وإما أن يكون المراد به دين الله عز وجل الذي هو: الكتاب، والسنة.
وقد سبق أن عرفنا أن الوصية تطلق في الشرع إطلاقين، تطلق بعهد خاص مضاف إلى ما بعد الموت وقد يصحبها التبرع بالمال، وتطلق أيضاً على الزجر عن فعل المنهيات، والحث على فعل المأمورات، فهذا يقال له وصية في الشرع، ومنه هذا الذي جاء في حديث عبد الله بن أبي أوفى: (أوصى بكتاب الله)، يعني: حث على كتاب الله، ورغب في العمل بكتاب الله، وحث على الأخذ بكتاب الله، الذي هو كتاب الله عز وجل، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا، فالنبي صلى الله عليه وسلم ما أوصى لأحد بالخلافة نصاً صريحاً وجاء عنه دلالات، وإشارات قوية على أولوية أبي بكر رضي الله عنه بالخلافة، وكذلك أيضاً جاء عنه ما يدل على أن ما يخلفه الرسول صلى الله عليه وسلم هو صدقة حيث قال: (إنا معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة) و(النبي صلى الله عليه وسلم ما ترك درهماً ولا ديناراً، ولا بعيراً ولا شاةً)، يعني: ما جمع المال وخلف المال، ولكنه خلف كما مر أرضاً جعلها في سبيل الله، وبغلته، وأدرعه، وأعتده صلى الله عليه وسلم وهي في سبيل الله.
فرسول الله صلى الله عليه وسلم ليس كغيره من أمته الذين إذا ماتوا ورثهم أقرباؤهم على وفق ما جاء في كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم ما جاءوا بجمع المال، وإنما جاءوا بالحق والهدى الذي هو مبذول لكل من وفقه الله عز وجل، وهو أمام كل من يريد أن يأخذ من هذا الميراث ميراث النبوة، وهو العلم النافع، (وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظٍ وافر)، هكذا قال رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
وقد أورد النسائي حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله تعالى عنه أن طلحة بن مصرف قال له: (هل أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا ما أوصى -يعني: ما أوصى بالخلافة لأحد، ولا أوصى بمالٍ لأحد- وقال له: كيف كتب الوصية؟ قال: أوصى بكتاب الله)، هذا هو الذي أوصى به رسول الله عليه الصلاة والسلام، وجاء عنه في مرض موته وصايا خاصة منها ما جاء عن علي رضي الله تعالى عنه وأرضاه أنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم) الصلاة الصلاة يعني: حث على الصلاة، وكذلك ملك اليمين حث على الإحسان إليه، قال علي رضي الله عنه: وهؤلاء الكلمات هن آخر شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، معنى هذا أن علياً ما سمع صوت رسول الله عليه الصلاة والسلام بعد أن سمعه يقول: (الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم)، فأوصى بوصايا خاصة مثل هذه الوصية التي جاءت عن علي رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وأوصى بوصية عامة، وهي: كتاب الله عز وجل الذي هو الكتاب والسنة.

تراجم رجال إسناد حديث ابن أبي أوفى في الوصية بكتاب الله

قوله: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود].هو إسماعيل بن مسعود أبو مسعود البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن خالد بن الحارث].
هو خالد بن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مالك بن مغول].
هو مالك بن مغول، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن طلحة].
هو طلحة بن مصرف، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن أبي أوفى].
هو عبد الله بن أبي أوفى، رضي الله تعالى عنه، وقد أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (ما ترك رسول الله ديناراً ولا درهماً... ولا أوصى بشيء)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن رافع حدثنا يحيى بن آدم حدثنا مفضل عن الأعمش وأنبأنا محمد بن العلاء وأحمد بن حرب قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (ما ترك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ديناراً ولا درهماً ولا شاةً ولا بعيراً ولا أوصى بشيء].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها أن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم ديناراً ولا درهماً، ولا شاةً ولا بعيراً) يعني: ما ترك المال وراءه، لا الدراهم، ولا الدنانير، ولا الإبل، والغنم، ولا أوصى لأحد بشيء بعده، بأن فلاناً يعطى كذا، وفلاناً يعطى كذا، وإنما أوصى وصايا عامة، وهي قوله صلى الله عليه وسلم: (ما تركناه صدقة)، وكذلك كان له أرض تركها صدقة، فهذا يدلنا على أن النبي صلى الله عليه وسلم ما أوصى بوصية مالية، ولا أوصى بالخلافة أيضاً، لكن قوله: ولا أوصى بشيء، مع ذكر الدراهم والدنانير والإبل والغنم، يشعر بأن المقصود أنه ما أوصى بمال لأحدٍ صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ولكنه أوصى بكتاب الله الذي هو الميراث، ميراث النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو مبذول لكل أحد، لكل من وفقه الله عز وجل أمام هذا الميراث.

تراجم رجال إسناد حديث: (ما ترك رسول الله ديناراً ولا درهماً ... ولا أوصى بشيء)


قوله: [أخبرنا محمد بن رافع].محمد بن رافع وهو: النيسابوري القشيري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن يحيى بن آدم].
يحيى بن آدم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مفضل].
مفضل بن مهلهل، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، والنسائي، وابن ماجه.
[عن الأعمش].
الأعمش وهو: سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وأنبأنا محمد بن العلاء].
ثم قال النسائي: وأنبأنا محمد بن العلاء، يعني: هذا إسناد جديد يبدأ من النسائي بعد أن وصل الإسناد إلى الأعمش أتى بإسناد آخر، وقال: أنبأنا محمد بن العلاء وهو أبو كريب، مشهور بكنيته، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وأحمد بن حرب].
وأحمد بن حرب الموصلي، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن أبي معاوية].
وهو محمد بن خازم الضرير الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأعمش عن شقيق].
والأعمش هذا هو آخر الإسناد الأول والالتقاء عند شقيق، وشقيق، هو ابن سلمة الكوفي كنيته أبو وائل مشهور بكنيته، ومشهور باسمه، يأتي كثيراً بكنيته أبي وائل، ويأتي باسمه كما هنا شقيق وهو ثقة، مخضرم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مسروق].
هو مسروق بن الأجدع، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها وأرضاها، وهي من أوعية السنة، وحفظة الحديث، لا سيما ما يتعلق بالأمور التي تقع بين الرجل وأهل بيته، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهم أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأنس بن مالك وأم المؤمنين عائشة، ستة رجال وامرأة واحدة، هؤلاء هم الذين عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

حديث عائشة: (ما ترك رسول الله درهماً ولا ديناراً ... وما أوصى) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني محمد بن رافع حدثنا مصعب حدثنا داود عن الأعمش عن شقيق عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (ما ترك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم درهماً ولا ديناراً ولا شاة ولا بعيراً، وما أوصى].أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرني محمد بن رافع].
محمد بن رافع مر ذكره.
[عن مصعب].
هو مصعب بن المقدام، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[عن داود].
هو: داود بن نصير الطائي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن الأعمش عن شقيق عن مسروق عن عائشة].
وقد مر ذكر هؤلاء الأربعة.

شرح حديث: (ما ترك رسول الله درهماً ولا ديناراً ... ولا أوصى) من طريق ثالثة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا جعفر بن محمد بن الهذيل وأحمد بن يوسف قالا: حدثنا عاصم بن يوسف حدثنا حسن بن عياش عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (ما ترك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم درهماً ولا ديناراً ولا شاةً ولا بعيراً ولا أوصى)، لم يذكر جعفر: (ديناراً ولا درهماً)].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أخرى وهو من شيوخه، وهو مثل ما تقدم إلا أن أحد الشيخين ما ذكر الدينار أو الدرهم، وإنما قال: ما ترك النبي صلى الله عليه وسلم شاة، ولا بعيراً، ولا أوصى، وما ذكر ديناراً، ولا درهماً، وإنما الذي ذكر الدينار والدرهم هو الشيخ الثاني، وهو أحمد بن يوسف هذا هو الذي ذكره بكامله، والنسائي أورده على لفظ الشيخ الثاني، وأشار إلى أن الشيخ الأول الذي هو جعفر، ليس عنده دينار ولا درهم.

تراجم رجال إسناد حديث: (ما ترك رسول الله درهماً ولا ديناراً ... ولا أوصى) من طريق ثالثة


قوله: [أخبرنا جعفر بن محمد بن الهذيل].جعفر بن محمد بن الهذيل، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[وأحمد بن يوسف].
وأحمد بن يوسف، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن عاصم بن يوسف].
عاصم بن يوسف، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، والترمذي، والنسائي.
[عن حسن بن عياش].
حسن بن عياش وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم، والترمذي، والنسائي.
[عن الأعمش].
الأعمش، قد مر ذكره.
[عن إبراهيم].
وهو إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الأسود].
وهو: خاله الأسود بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
عائشة وقد مر ذكرها.

شرح حديث عائشة في إنكارها أن يكون النبي أوصى لأحد قبل موته


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا أزهر أنبأنا ابن عون عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (يقولون: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أوصى إلى علي رضي الله عنه، لقد دعا بالطست ليبول فيها فانخنثت نفسه وما أشعر، فإلي من أوصى؟)].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها وأرضاها وهو أنها قالت: (يقولون: إن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى لـعلي)، ثم قالت: (لقد دعا بالطست ليبول فيها)، يعني: في مرضه، يعني: كان لا يستطيع الحركة والانتقال، فدعا بالطست ليبول فيها.
قوله: [(فانخنثت نفسه وما أشعر)].
يعني: مال وسقط وحصل له الموت وما تشعر بذلك يعني: حتى رأت موته بهذه الطريقة التي هي كونه مال ووقع وانخنثت نفسه، فإلى من أوصى؟ يعني: تقول: إنها ملازمة للنبي صلى الله عليه وسلم في مرضه، وقد مات وهو في حجرها، كما جاء في بعض الأحاديث: (على حاقنتي وذاقنتي)، وتعرف ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم في أحواله تلك، ولم يحصل منه شيء يعني: على ما نسب إلى أنه أوصى لـعلي رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وإنما وصيته كما جاء عنها أنه أراد أن يوصي لأبيها ولكنه ترك؛ لأن المسلمين يجتمعون على أبي بكر كما أشرت إلى الحديث الذي تقدم في ذلك.

يتبع



ابوالوليد المسلم 19-08-2022 08:38 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
تراجم رجال إسناد حديث عائشة في إنكارها أن يكون النبي أوصى لأحد قبل موته

قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].هو عمرو بن علي الفلاس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[عن أزهر].
هو أزهر بن سعد بن السمان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن ابن عون].
هو عبد الله بن عون، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة].
وقد مر ذكر هؤلاء الثلاثة.

شرح حديث عائشة في إنكارها أن يكون النبي أوصى لأحد قبل موته من طريق أخرى


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني أحمد بن سليمان حدثنا عارم حدثنا حماد بن زيد عن ابن عون عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وليس عنده أحد غيري قالت: ودعا بالطست)].أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى وهو مثل ما تقدم، يعني: قولها هناك أنه دعا بالطست ليبول فيها)، وأنها (انخنثت نفسه) أي: أنه مات، وهنا قالت: (توفي الرسول صلى الله عليه وسلم وما عنده أحد غيري)، يعني: ما قال النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً في أواخر أيامه وفي أواخر لحظاته، وهي من أعلم الناس به، بل أعلم الناس به؛ لأنها هي الملازمة له عليه الصلاة والسلام، وقد خرجت روحه صلى الله عليه وسلم وخرجت نفسه، وهو مسند ظهره إليها ورأسه على صدرها صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ورضي الله تعالى عنها وأرضاها، يعني: معنى هذا أنه ما حصل منه وصية لأحد، لا بالخلافة ولا بغير الخلافة.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة في إنكارها أن يكون النبي أوصى لأحد قبل موته من طريق أخرى


قوله: [أخبرني أحمد بن سليمان].هو أحمد بن سليمان الرهاوي، وهو ثقة، أخرج له النسائي وحده.
[عن عارم].
وهو محمد بن فضل أبو النعمان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بلقبه عارم، ويأتي ذكره باسمه، وبلقبه وكنيته: أبو النعمان.
[عن حماد بن زيد].
هو حماد بن زيد بن درهم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عون عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة].
وقد مر ذكر هؤلاء الأربعة.


الوصية بالثلث


شرح حديث سعد بن أبي وقاص في الوصية بالثلث

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الوصية بالثلث. أخبرني عمرو بن عثمان بن سعيد حدثنا سفيان عن الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (مرضت مرضاً أشفيت منه، فأتاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعودني، فقلت: يا رسول الله، إن لي مالاً كثيراً، وليس يرثني إلا ابنتي، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا، قلت: فالشطر؟ قال: لا، قلت: فالثلث؟ قال: الثلث والثلث كثير، إنك أن تترك ورثتك أغنياء خير لهم من أن تتركهم عالة يتكففون الناس)].
أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: الوصية بالثلث، يعني: أن من أراد أن يوصي بشيء من ماله فليوص بحدود الثلث فأقل، والباقي يكون للورثة، وإذا أوصي بشيء أزيد من الثلث فهذا يتوقف على إجازة الورثة، إن أجاز الورثة الوصية فتنفذ؛ لأن الحق لهم، فإذا أجازوا فالحق لا يعدوهم، وإذا لم يجيزوا فلا تكون الوصية إلا بالثلث وما دونه، وأورد النسائي حديث سعد بن أبي وقاص وأنه مرض بمكة، وجاءه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، وفي هذا دليل على ما كان عليه الرسول عليه الصلاة والسلام من عيادته لأصحابه عليه الصلاة والسلام فكان يعودهم، وكان يأتي إلى المريض ويدعو له ويؤنسه، وهذا من أخلاقه الكريمة وأخلاقه العظيمة عليه الصلاة والسلام، هو عالي المنزلة، ورفيع المنزلة، ويأتي إلى أصحابه يزورهم في مرضهم ويدعو لهم عليه الصلاة والسلام، فقال له سعد: (إن لي مالاً كثيراً ولا يرثني إلا ابنة)، والمقصود من ذلك أنه لا يرثه من أصحاب الفروض، ولا يعني أنه ليس له أحد يرثه من العصبات؛ لأن له أقارب، ولكن المقصود من قوله (لا يرثني) يعني: من أصحاب الفروض أو من الذين يخشى عليهم الضياع، يعني: مثل النساء، أو من نسله، أو من صلبه، يعني: لا يرثه إلا ابنة، وقد عاش وولد له، ولكن كان رضي الله عنه له أقارب من عشيرته ومن قبيلته يرثونه بالتعصيب، والأقارب هم الذين يأخذون ما أبقت الفروض فهم موجودون لــسعد رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
قوله: [(أفأتصدق بثلثي مالي؟ يعني: بالثلثين قال: لا، كونه يوصي وصية بعد الموت، قال: لا، قال: فالشطر؟ أي: النصف قال: لا. قال: الثلث؟ قال: الثلث والثلث كثير)]. يعني: أوص بالثلث أو تصدق بالثلث، (والثلث كثير)، وقد جاء عن ابن عباس كما سيأتي: لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الثلث والثلث كثير) أخذه من قوله: والثلث كثير، يعني: كونه ينقص عنه، لكن هذا هو الحد الأعلى الذي ليس له أن يوصي إلا به، وما زاد عن ذلك كما قلت يحتاج إلى إجازة الورثة إن أجازوه وإلا فهو حقهم يكون لهم.
ثم قال عليه الصلاة والسلام: (إنك أن تذر ورثتك أغنياء) هنا قال: ورثة، فهذا يدل على أن له غير هذه البنت من الأقارب الذين هم من العصبة، قال: إنك أن تذر ورثتك أغنياء أي: تركك ورثتك أغنياء خير من أن تتركهم عالة أي: فقراء يتكففون الناس ويمدون أكفهم للناس ليضعوا في أيديهم شيئاً، فهم يكونون سائلين وغيرهم يكون معطياً، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (اليد العليا خير من اليد السفلى) واليد العليا هي المعطية، واليد السفلى هي الآخذة أو السائلة.
فالترجمة هي: الوصية بالثلث، وهذا هو الذي دل عليه حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.

تراجم رجال إسناد حديث سعد بن أبي وقاص في الوصية بالثلث

قوله: [أخبرني عمرو بن عثمان بن سعيد].هو عمرو بن عثمان بن سعيد الحمصي، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن سفيان].
وهو سفيان بن عيينة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري].
وهو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عامر بن سعد].
هو عامر بن سعد بن أبي وقاص، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، أحد العشرة المبشرين بالجنة رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث سعد بن أبي وقاص في الوصية بالثلث من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن منصور وأحمد بن سليمان واللفظ لـأحمد قالا: حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن سعد بن إبراهيم عن عامر بن سعد عن سعد رضي الله عنه أنه قال: (جاءني النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعودني وأنا بمكة، قلت: يا رسول الله، أوصي بمالي كله؟ قال: لا، قلت: فالشطر؟ قال: لا، قلت: فالثلث؟ قال: الثلث والثلث كثير، إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس، يتكففون في أيديهم)].أورد النسائي حديث سعد بن أبي وقاص من طريق أخرى، وفيه أنه قال: أتصدق بمالي كله؟ ومعنى هذا أنه قال أولاً: المال كله، ثم نزل للثلثين، ثم نزل للنصف، ثم نزل إلى الثلث، والنبي صلى الله عليه وسلم عندما وصل إلى الثلث قال: [(الثلث والثلث كثير)]، وهو مثل الذي قبله إلا أن فيه ذكر التصدق بالمال كله، والذي قبله فيه الثلثين والجمع بينها أن يكون قال: هذا، وهذا، وحصل اختصار في بعض الروايات، فيكون قال الأول: المال كله، ثم قال: الثلثين، ثم قال: النصف، ثم قال: الثلث، وعند ذلك وقف وقال له النبي صلى الله عليه وسلم: [(الثلث والثلث كثير)].

تراجم رجال إسناد حديث سعد بن أبي وقاص في الوصية بالثلث من طريق ثانية


قوله: [أخبرنا عمرو بن منصور].هو عمرو بن منصور النسائي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[وأحمد بن سليمان].
هو أحمد بن سليمان الرهاوي، وقد مر ذكره.
[عن أبي نعيم].
هو أبو نعيم الفضل بن دكين الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وقد قيل عنه: إنه كان يتشيع، وقد جاء عنه كلمة عظيمة أنه قال: (ما كتبت عليّ الحفظة أنني سببت معاوية)، وهذا يدل على سلامته من هذه البدعة؛ لأن معاوية رضي الله عنه سبه عند الشيعة قدر مشترك، حتى الزيدية، الذين هم أهون الشيعة وأخفهم لا يتورعون عن شتم معاوية، وسب معاوية، بل يسبونه، ويشتمونه.
[عن سفيان].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن سعد بن إبراهيم].
هو سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عامر بن سعد عن أبيه].
وقد مر ذكرهما.

شرح حديث سعد بن أبي وقاص في الوصية بالثلث من طريق ثالثة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان عن سعد بن إبراهيم عن عامر بن سعد عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعوده وهو بمكة، وهو يكره أن يموت بالأرض التي هاجر منها، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: رحم الله سعد بن عفراء أو يرحم الله سعد بن عفراء، ولم يكن له إلا ابنة واحدة، قال: يا رسول الله، أوصي بمالي كله؟ قال: لا، قلت: النصف؟ قال: لا، قلت: فالثلث؟ قال: الثلث والثلث كثير، إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس ما في أيديهم)].أورد النسائي حديث سعد بن أبي وقاص من طريق أخرى، وهو مثل الطريق السابقة إلا أن فيها زيادة: كان يكره أن يموت بمكة، وهي أيضاً في الطريق السابقة، وذلك أنهم كانوا يكرهون أن يموتوا في المكان الذي هاجروا منه وهو مكة، فهم يريدون أن يموتوا بمهاجرهم، ولا يموتوا في المكان الذي هاجروا منه، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: [(يرحم الله سعد بن عفراء)] وهو أحد الصحابة الذين ماتوا بمكة، وقد هاجر منها، وبقية الحديث هي مثل الرواية التي قبله، فهو لا يريد أن يكون في ذلك المكان الذي تركه من أجل الله؛ لأنه ترك بلده، الذي نشأ فيه يريد نصرة هذا الدين، فهو يريد أن يموت في مهاجره، ولا يريد أن يكون في المكان الذي هاجر منه.

تراجم رجال إسناد حديث سعد بن أبي وقاص في الوصية بالثلث من طريق ثالثة

قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].هو عمرو بن علي الفلاس، وقد مر ذكره.
[عن عبد الرحمن].
وهو ابن مهدي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان عن سعد بن إبراهيم عن عامر بن سعد عن أبيه].
وسفيان هو الثوري، وقد مر ذكر هؤلاء الأربعة.

حديث سعد بن أبي وقاص في الوصية بالثلث من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا أبو نعيم حدثنا مسعر عن سعد بن إبراهيم قال: حدثني بعض آل سعد قال: (مرض سعد رضي الله عنه فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله، أوصي بمالي كله؟ قال: لا) وساق الحديث].أورد النسائي حديث سعد بن أبي وقاص من طريق أخرى، وأحاله على المتن الذي قبله، وفيه أنه قال عن بعض آل سعد، وقد مرت الروايات السابقة أنه عامر بن سعد يعني: ذلك الذي حدث به هو عامر بن سعد.
قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان عن أبي نعيم].
وقد مر ذكرهما.
[عن مسعر].
هو مسعر بن كدام، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سعد بن إبراهيم عن بعض آل سعد عن سعد].
وقد مر ذكرهم.

شرح حديث سعد بن أبي وقاص في الوصية بالثلث من طريق خامسة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا العباس بن عبد العظيم العنبري حدثنا عبد الكبير بن عبد المجيد حدثنا بكير بن مسمار سمعت عامر بن سعد عن أبيه رضي الله عنه: (أنه اشتكى بمكة فجاءه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلما رآه سعد بكى، وقال: يا رسول الله، أموت بالأرض التي هاجرت منها؟ قال: لا، إن شاء الله، وقال: يا رسول الله، أوصي بمالي كله في سبيل الله؟ قال: لا، قال: يعني بثلثيه؟ قال: لا، قال: فنصفه؟ قال: لا، قال: فثلثه؟ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الثلث والثلث كثير، إنك إن تترك بنيك أغنياء خير من أن تتركهم عالة يتكففون الناس)].أورد النسائي حديث سعد بن أبي وقاص من طريق أخرى وهو مثل ما تقدم، [(أنه اشتكى بمكة فجاءه النبي صلى الله عليه وسلم فلما رآه سعد بكى، فقال: يا رسول الله، أموت بالأرض التي هاجرت منها؟ قال: لا إن شاء الله)].
هذا مثل الذي قبله، وقوله: (لا، إن شاء الله)، معناه: أنه يموت في مكان آخر، وقد كان كذلك، فإنه لم يمت بمكة، وقد عاش وتولى الجيوش التي حصل فيها قتال الفرس، والقادسية كانت على يديه رضي الله عنه وأرضاه، وعمر وعاش، وفتح الله على يديه الفتوح، ولم يمت في الأرض التي هاجر منها، وقد حصل وتحقق ما أشار إليه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: [(لا، إن شاء الله)].

تراجم رجال إسناد حديث سعد بن أبي وقاص في الوصية بالثلث من طريق خامسة

قوله: [أخبرنا العباس بن عبد العظيم العنبري].هو العباس بن عبد العظيم العنبري، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عبد الكبير بن عبد المجيد].
عبد الكبير بن عبد المجيد، وهو: أبو بكر الحنفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن بكير بن مسمار].
بكير بن مسمار، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم، والترمذي، والنسائي.
[عن عامر بن سعد عن أبيه].
وقد مر ذكرهما.

شرح حديث سعد بن أبي وقاص في الوصية بالثلث من طريق سادسة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أنبأنا جرير عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال: (عادني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مرضي فقال: أوصيت؟ قلت: نعم، قال: بكم؟ قلت: بمالي كله في سبيل الله، قال: فما تركت لولدك؟ قلت: هم أغنياء، قال: أوص بالعشر، فما زال يقول وأقول حتى قال: أوص بالثلث والثلث كثير أو كبير)].أورد النسائي حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، ويختلف عن حديثه السابق من طرق متعددة؛ لأن حديثه السابق يفيد بأنه يريد أن يوصي ويستشير الرسول صلى الله عليه وسلم، بأن يوصي بالمال كله، ثم يتنزل حتى وصل إلى الثلث، فالتدرج تدرج تنازلي حيث بدأ بأنه يريد أن يتصدق بالمال كله، ثم إلى الثلثين، ثم إلى النصف، ثم إلى الثلث، ثم قال: (الثلث والثلث كثير) وهذا يخالف ذاك تماماً؛ لأنه جاء وسأله: هل أوصيت؟ الرسول سأله: هل أوصيت؟ قال: نعم، قال: بكم قال: بمالي كله، قال له: فما تركت لولدك؟ قال: هم أغنياء. ليسوا بحاجة إلى شيء.
ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم: أوص بالعشر، فبدأ بمقدار قليل ثم ما زال يقول وأقول حتى وصل إلى الثلث، معناه: تدرج تصاعدي، بدءاً بالعشر وهو يطلب منه الزيادة حتى وصل إلى الثلث، وهذا يخالف ما تقدم من أنه كان تنازلياً، وليس تصاعدياً، فهنا بدأ من العشر وصعد حتى الثلث، وهناك بدأ بالمال كله، ثم ثلثيه، ثم نصفه، ثم ثلثه، وعند ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الثلث والثلث كثير)، والحديث في إسناده عطاء بن السائب، وقد اختلط، ومعلوم أن المختلط يقبل ما سمع منه قبل الاختلاط هذا هو المعتبر، وما سمع منه بعد الاختلاط لا يعتد به، وقد روى هذا الحديث عنه، جرير بن عبد الحميد البصري، وهو ليس من الذين سمعوا منه قبل الاختلاط، وعلى ذلك فهو ضعيف، ومع ذلك فهو مخالف للأحاديث الصحيحة الثابتة في الصحيحين وفي غيرهما من أنه بدأ أولاً بالمال كله، ثم الثلثين، ثم النصف، ثم الثلث.

تراجم رجال إسناد حديث سعد بن أبي وقاص في الوصية بالثلث من طريق سادسة


قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو إسحاق بن إبراهيم بن راهويه بن مخلد الحنظلي، وهو ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن جرير].
هو جرير بن عبد الحميد الضبي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عطاء].
هو عطاء بن السائب المكي، وهو صدوق اختلط، وحديثه أخرجه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي عبد الرحمن].
وهو أبو عبد الرحمن عبد الله بن حبيب السلمي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سعد].
وقد مر ذكره.

يتبع



ابوالوليد المسلم 19-08-2022 08:38 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
حديث سعد بن أبي وقاص في الوصية بالثلث من طريق سابعة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا وكيع حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن سعد رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عاده في مرضه فقال: يا رسول الله، أوصي بمالي كله؟ قال: لا، قال: فالشطر؟ قال: لا، قال: فالثلث؟ قال: الثلث والثلث كثير أو كبير)].أورد النسائي الحديث أي: حديث سعد بن أبي وقاص من طريق أخرى، وهو مثل الطرق المتقدمة التي فيها طلب الوصية بالمال كله، ثم النصف، ثم الثلث، والنبي صلى الله عليه وسلم قال له: [(الثلث والثلث كثير)].
قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].
إسحاق بن إبراهيم مر ذكره.
[عن وكيع].
هو ابن الجراح الرؤاسي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن هشام بن عروة].
هو هشام بن عروة بن الزبير، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة، فقيه، من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن سعد].
وقد مر ذكره.

حديث عائشة في الوصية بالثلث وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن الوليد الفحام حدثنا محمد بن ربيعة حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى سعداً يعوده فقال له سعد: يا رسول الله، أوصي بثلثي مالي؟ قال: لا، قال: فأوصي بالنصف؟ قال: لا، قال: فأوصي بالثلث؟ قال: نعم، الثلث والثلث كثير أو كبير، إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم فقراء يتكففون)].أورد النسائي حديث سعد من طريق أخرى وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا محمد بن الوليد الفحام].
محمد بن الوليد الفحام وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن محمد بن ربيعة].
وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة].
وقد مر ذكرهم.

شرح حديث ابن عباس في الوصية بالثلث


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة بن سعيد حدثنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لو غض الناس إلى الربع؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (الثلث والثلث كثير أو كبير)].أورد النسائي هذا الأثر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وهو أنه قال: (لو أن الناس غضوا) يعني: نقصوا في الوصية من الثلث، إلى الربع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(الثلث والثلث كثير)] وهو من أجل كلمة (كثير) يقول: (لو أن الناس غضوا في وصيتهم من الثلث إلى الربع لكان أولى)؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وصف الثلث بأنه كثير.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في الوصية بالثلث


قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد].هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان].
وهو ابن عيينة وقد مر ذكره.
[عن هشام بن عروة عن أبيه].
وقد مر ذكرهما.
[عن ابن عباس].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وهو أيضاً أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

حديث سعد بن أبي وقاص في الوصية بالثلث من طريق ثامنة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا حجاج بن المنهال حدثنا همام عن قتادة عن يونس بن جبير عن محمد بن سعد عن أبيه سعد بن مالك رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جاءه وهو مريض فقال: إنه ليس لي ولد إلا ابنة واحدة، فأوصي بمالي كله؟ قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لا، قال: فأوصي بنصفه؟ قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لا، قال: فأوصي بثلثه؟ قال: الثلث والثلث كثير)].أورد النسائي حديث سعد بن أبي وقاص وهو سعد بن مالك؛ لأن أباه مالك وأبوه مشهور بكنيته ولهذا قال: سعد بن أبي وقاص، وقد ذكر باسم أبيه في هذه الرواية، وفي الروايات السابقة ذكر بكنية أبيه المشهور بها، وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى].
هو محمد بن المثنى العنزي أبو موسى، الملقب بالزمن، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[عن حجاج بن المنهال].
حجاج بن المنهال، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن همام].
هو همام بن يحيى، وهو ثقة ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يونس بن جبير].
يونس بن جبير، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن سعد].
هو محمد بن سعد بن أبي وقاص، وهنا يرويه ابنه محمد، والروايات التي مرت عن طريق عامر بن سعد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، إلا أبا داود فإنه لم يخرج له في السنن، بل أخرج له في المراسيل.
[عن أبيه سعد بن مالك].
وقد مر ذكره.


الأسئلة


حكم شراء سلعة بفواتير من أجل تقديمها لجهة رسمية لاستيفاء قيمة سلعة أقدم من نفس النوع


السؤال: جزاك الله خيراً، أنا طالب في جامعة، وطلب مني بحث عن عسل أشتريه، ثم أحصل على قيمته من الجامعة، وقدر الله أنني لم أحصل على فواتير لأعطيها للجامعة وآخذ قيمة العسل، فاضطررت أن أشتري عسلاً آخر مثل السابق لبيتي، وأعطي فواتيره للجامعة لتعطيني قيمة العسل السابق؛ لأنهم طلبوا مني الفواتير، فهل عملي هذا جائز؟


الجواب: ما أدري، هل هو عند شرائه العسل الأول طلبوا منه فواتير، معناه: أنه شراه من أماكن متعددة؛ لأن الفواتير جمع فاتورة، ومعنى هذا أنه شراه من أماكن، وهنا اشترى شيئاً لنفسه، وهو غير المطلوب، فالذي قدمه ما شراه من أجل هذا الموضوع، وإنما شراه لنفسه، فيبدو أن المسألة ليست سليمة؛ لأن الشراء ما كان لهذا الغرض، وإنما المناسب أن يأتي إليهم ويخبرهم بالواقع، فإن أعطوه فذاك، وإلا فإنه استفاد من هذا البحث وإن لم يحصل من ورائه مقابلاً، فالإنسان يحرص على الصدق، ويلتزم بالصدق، ولو كان في مثل هذه الأمور.


حكم الإنكار على من ترك تحية المسجد في أوقات النهي

السؤال: أدخل المسجد قبيل المغرب وأجلس بدون أن أصلي ركعتين، فينكر عليّ بعض الإخوة إنكاراً شديداً، فهل إنكارهم هذا صحيح؟


الجواب: لا يصلح الإنكار على أحد، من دخل المسجد في وقت النهي إن جلس لا ينكر عليه، وإن صلى لا ينكر عليه، اللهم إلا إذا كان عند الغروب نفسه عند حال الغروب، أو حال طلوع الشمس، أو حال قيام الشمس، هذه الأوقات القصيرة لا يصلى فيها، ولا يدفن فيها الموتى، كما جاء ذلك في الحديث، لكن أوقات النهي الطويلة، مثل بعد العصر إلى المغرب، ومن بعد الفجر إلى طلوع الشمس، من دخل وجلس لا ينكر عليه، ومن دخل وصلى لا ينكر عليه؛ لأن من دخل وجلس عنده عموم قوله صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس) ومن دخل وصلى عنده عموم قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين).


معنى قوله تعالى: (ثم استوى إلى السماء)

السؤال: ما معنى قوله تعالى: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[فصلت:11]؟


الجواب: استوى معناها: علا وارتفع، واستوى جاءت لأربعة معان، منها: ارتفع وعلا.


حكم السلام على الرافضة ومصافحتهم

السؤال: قال: أنا موظف، ومعي في العمل بعض الرافضة، فهل أبدؤهم بالسلام؟ وهل أصافحهم؟ وهل أرد عليهم السلام إذا سلموا؟


الجواب: معلوم أن من كان يعتقد من الرافضة ما يستوجب الكفر، فإنه يحكم بكفره، وقد جاء في كتبهم بعض النصوص، فمن يعتقدها لا يكون مسلماً، من جنس ما جاء في كتاب الكافي: (باب أنه ليس هناك شيء من الحق إلا ما خرج من عند الأئمة، وكل شيء لم يخرج من عندهم فهو باطل) أي: أن ما لم يخرج من الأئمة فهو باطل، ومن المعلوم أن القرآن الذي بأيدينا إنما خرج على يد عثمان رضي الله عنه وأرضاه، هذا المصحف هو جمع عثمان، وصحيح البخاري وصحيح مسلم، وهي أصح الكتب بعد كتاب الله جاءت عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وأبي هريرة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، والمعروف عن الرافضة أنهم يكفرون الصحابة أو يفسقونهم، إلا نفراً يسيراً منهم، ومعنى هذا أن السنة من أولها إلى آخرها مرفوضة إذا كانت لم تأت عن طريق الأئمة الاثني عشر عندهم، فمن يعتقد هذه العقائد يقال بكفره، إذا كانوا يعتقدون ما في هذه الكتب وحكم بكفرهم كتاب الكافي أصح كتاب عندهم، مثل صحيح البخاري عندنا وفيه هذا الكلام، فمن يعتقد أنه ليس هناك شيء من الحق إلا ما خرج من الأئمة، معناه: القرآن ما خرج من عند الأئمة والسنة ما خرجت من عند الأئمة، السنة التي هي في مقدمتها صحيح البخاري، وصحيح مسلم، التي حفظت بها سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، فمن يكون كذلك ومن يعتقد هذه العقيدة لا يستحق أن يسلم عليه، وأن يبدأ بالسلام، ولكنه إذا سلم يرد عليه، ونحن لا نعرف بالنسبة لكل واحد أيش عقيدته، لكن نحن نحكم على ضوء ما هو موجود من النصوص في كتبهم، نقول: من يعتقد هذه العقيدة يكون حكمه كذا وكذا.


حكم السلام على المخالفين للسنة

السؤال: نمر في الطريق على أناس أشكالهم شبيهة بالرافضة الموجودين عندنا، ولم نتأكد أنهم منهم، فهل نسلم عليهم؟


الجواب: الأشخاص الذين لم يتحقق وقوعهم أو حصولهم أو اتصافهم بالصفة المذمومة يسلم عليهم، الأصل هو السلام، حتى يعرف ما يدل على أنه لا يستحق أن يسلم عليهم.


حكم الوصية

السؤال: ما حكم الوصية؟ هل هي واجبة؟


الجواب: اختلف فيها العلماء، فبعضهم قال بوجوبها، وكثير من أهل العلم قالوا باستحبابها وأنها مستحبة، لكن كما هو معلوم فيما يتعلق بالحقوق اللازمة والأمور التي لا بد منها، فالوصية فيها واجبة ولازمة، وأما إذا كانت في أمور مستحبة فالأمر في ذلك واسع.


زمن ظهور بدعة الوصية لعلي

السؤال: هل ظهرت بدعة القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى إلى علي رضي الله عنه في زمن الصحابة؟


الجواب: أي نعم، موجودة ولهذا عائشة رضي الله عنها قالت هذا الكلام، يقولون: أوصى لـعلي وقد حصل كذا وكذا، يعني: مات الرسول صلى الله عليه وسلم وتوفي وهي عنده وما حصل منه شيء يدل على ما يقولون، بل جاء عنها ما يدل على أنه أراد أن يوصي لأبيها ولكنه ترك؛ لأن الناس سيجتمعون على أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه.






ابوالوليد المسلم 19-08-2022 08:40 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الوصايا

(469)

- (باب قضاء الدين قبل الميراث) إلى (باب إبطال الوصية للوارث)




لقد جاء الإسلام بحفظ حقوق الآخرين، ومن أجل تحقيق هذه الغاية العظمى قدم الشرع الدين على الوصية، ثم بيّن أن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث.

قضاء الدين قبل الميراث وذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر جابر فيه



شرح حديث جابر في قضاء دين أبيه


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب قضاء الدين قبل الميراث وذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر جابر فيه.أخبرنا القاسم بن زكريا بن دينار حدثنا عبيد الله عن شيبان عن فراس عن الشعبي حدثني جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: (أن أباه استشهد يوم أحد وترك ست بنات وترك عليه ديناً، فلما حضر جداد النخل أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: قد علمت أن والدي استشهد يوم أحد وترك ديناً كثيراً، وإني أحب أن يراك الغرماء قال: اذهب فبيدر كل تمر على ناحية، ففعلت ثم دعوته، فلما نظروا إليه كأنما أغروا بي تلك الساعة، فلما رأى ما يصنعون أطاف حول أعظمها بيدراً ثلاث مرات، ثم جلس عليه، ثم قال: ادع أصحابك، فما زال يكيل لهم حتى أدى الله أمانة والدي وأنا راض أن يؤدي الله أمانة والدي لم تنقص تمرة واحدة)].
يقول النسائي رحمه الله: باب قضاء الدين قبل الميراث.
الدين هو من الحقوق اللازمة التي هي متعلقة بذمة الإنسان، وهو مقدم على الميراث؛ لأنه حق ثابت عليه فلابد أن يؤدى ذلك الحق، وإن فضل شيء بعد ذلك أمكن أن يكون هناك ميراث، أما إذا استغرق الدين ما خلفه الميت فإنه لا يكون هناك ميراث، بل الميراث هو آخر الحقوق المتعلقة بالمال بعد موت المورث، وهي خمسة حقوق، هي أولاً مئونة التجهيز، كالكفن، وحفر القبر، وتغسيله، وما إلى ذلك من الأمور التي لا بد منها لتجهيز الميت، ثم الحقوق المتعلقة برهن، يعني: الدين المتعلق برهن، فإنه يكون مقدماً على غيره من الديون المطلقة التي ليست موثقة برهن؛ لأنه من المعلوم أن المفلس إذا أفلس وهناك دين برهن فإن صاحب الدين الذي برهن مقدم على الغرماء، وليس أسوة الغرماء، وإنما يوفى حقه من الرهن الذي وثق به حقه ووثق به دينه.
ثم بعد ذلك الدين، يعني: بعد مئونة التجهيز، وبعد الحقوق المتعلقة بعين التركة، أي: حصل رهن بعين فإن تلك العين يوفى منها حق الدائن الذي وثق دينه بتلك العين، ثم بعد ذلك الديون المطلقة، التي ليست موثقة برهون، ثم بعد ذلك الوصايا، ثم بعد ذلك الميراث، وقد جاء في القرآن الكريم في ذكر آية المواريث عندما يذكر ميراث صنف من الأصناف، يقال: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgمِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[النساء:12] أولاً قال: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgمِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[النساء:11] ثم قال: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgمِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[النساء:12] ثم قال: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgمِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[النساء:12] http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgمِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[النساء:12] أربعة مواضع جاء فيها ذكر أن الميراث بعد الوصية والدين، والدين مقدم على الوصية؛ لأن الوصية تبرع وإحسان، والدين حق ثابت، ولهذا قضى الرسول صلى الله عليه وسلم بالدين قبل الوصية؛ لأن الدين مقدم على الوصية، ثم بعد الحقوق المتعلقة بالرهن والديون المطلقة الوصايا، وتكون في حدود الثلث، ثم بعد ذلك الميراث، فهذه هي الحقوق المتعلقة بالتركة، وقد قال أحد الشعراء في نظمها:
يبدأ من المتروك قيمة الكفن مع مؤنة يحتاجها ويدفن
ثم الحقوق اللاء قد تعلقت بعين متروك فدين قد ثبت
ثم الوصايا ثم وارث يلي فافهم فهذا مذهب ابن حنبل
فهذه مرتبة على حسب هذا الترتيب في مذهب الإمام أحمد، ومن العلماء من قال: إن الحقوق المتعلقة بالدين الموثقة برهن مقدمة على مئونة التجهيز؛ لأن هذا حق ثابت في هذه العين، ومئونة التجهيز على أقاربه، أو على المسلمين أن يقوموا بما يلزم له، لكن من العلماء من قال: إن مئونة التجهيز مقدمة على الحقوق المتعلقة بالدين الموثق، أو الدين الموثق برهن، ومن العلماء من قدم الدين الموثق على مئونة التجهيز، وهذه الأبيات التي قدم فيها مئونة التجهيز على الديون الموثقة برهن على مذهب الإمام أحمد.
والنسائي يقول: قضاء الدين قبل الميراث؛ لأن الدين حق لازم في ذمة الإنسان، فيجب أداؤه، فإن كان هناك شيء بعد ذلك فالوصية في حدود الثلث، والباقي بعد ذلك يكون ميراثاً، وإن لم يكن هناك وصية فكل ما يخلفه يكون ميراثاً بعد قضاء الديون، وإن كان هناك وصية في حدود الثلث فإنها تخرج قبل قسمة الميراث، وقبل توزيع الباقي على الورثة.
ثم أورد النسائي بعد ذلك حديث جابر رضي الله عنه من طرق متعددة، والنسائي رحمه الله ذكر في آخر الوصية بالثلث طريقا من طرق حديث جابر، وهي ليس فيها شيء يدل على الثلث، ولا علاقة لهذا الحديث بباب الوصية بالثلث، بل علاقته بالباب الذي بعده وهو: قضاء الدين قبل الميراث، جاء هذا الحديث في كتاب النسائي المجتبى، وكذلك في الكبرى، في آخر الباب الذي هو الوصية بالثلث، والواقع أنه متعلق بالباب الذي يليه، الذي هو قضاء الدين قبل الميراث، وحديث جابر في قضاء دين أبيه، كلها جاءت في هذا الباب، وهذا واحد منها، فمحله المناسب له أن يكون في أول الباب الذي يليه، لكن الذي وجد في الكبرى، ووجد في الصغرى، أن هذا الحديث في آخر باب الوصية بالثلث، ولعل الباب أخر عن محله في الموضعين، فجاء الحديث الأول من الطريق الأولى من حديث جابر في باب الوصية بالثلث، مع أن محلها أن تكون أول باب قضاء الدين قبل الميراث.
والنسائي ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر جابر فيه، وليس فيه ذكر الشعبي.
إذاً: فمحله المناسب له أن يكون أول الباب الذي يليه، الذي هو قضاء الدين قبل الميراث، فحديث جابر رضي الله عنه أن عبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر بن عبد الله استشهد يوم أحد، وقصته مشهورة رضي الله تعالى عنه وأرضاه، ولما مات شهيداً كان قد خلف ديناً وترك ست بنات، وقد سبق أن مر بنا أن جابراً رضي الله عنه تزوج امرأة ثيبة، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك) وكان من جوابه أنه اختار امرأة ترعى أخواته، وتحسن إلى أخواته، فآثر مصلحة أخواته على مصلحته رضي الله عنه، فتزوج ثيباً، ولم يتزوج بكراً حتى تكون أعرف منهن، وتحسن إليهن وترعاهن رضي الله عن جابر وعن الصحابة أجمعين، قال: وترك ديناً ولم يترك وفاءً، وعنده نخل، ولكن ثمر ذلك النخل لا يؤدي ذلك الدين ولا قريباً من أدائه، وكان الغرماء يطالبونه، فطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يحضر إلى بستانه ليراه الغرماء، فلعلهم إما أن يضعوا عنه شيئاً أو يؤخروا المطالبة بجميع حقهم، فيأخذوا البعض ويؤخروا المطالبة بالبعض، فطلب النبي صلى الله عليه وسلم أن يجد النخل، وأن يجعله أكواماً كل نوع على حدة، أي: كل صنف من أصناف التمر على حدة، فقال: (بيدر) يعني: كونه في البيدر، وهو المكان الذي يخصص لوضع التمر بعدما يجد، وهو المربد أيضاً وسبق أن مر المربد، وهو: المكان الذي يوضع فيه التمر ويجف فيه، ففعل ذلك وجاء الغرماء، ولما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم لزموا جابراً يعني: يريدون حقهم، وكأنما أغروا به، معناه: يتزاحمون عليه ويأتون أمامه، ويقربون منه، فالرسول صلى الله عليه وسلم جعل يطيف بكومٍ من تلك الأكوام، ويدعو بالبركة ثم قال له: كل لغرمائك، فصار يكيل لهم حتى استوفوا حقوقهم من كومٍ واحد، وبقيت الأكوام الأخرى، لم ينقص منها شيء، فأدى جابر أمانة أبيه وأوفى الحق الذي على أبيه وهو راضٍ بذلك، وقد كان راضٍ ألا يبقى له شيء، وإنما يهمه أن يوفى دين أبيه، وما كان يفكر أن يبقى له بقية، بل كان يعتقد أن الثمرة لا تفي بالدين، ولا توفي الحق الذي على أبيه، وأن الدين سيبقى في ذمته لأعوامٍ أخرى غير هذه السنة، وهو يريد من الغرماء أن يؤخروا المطالبة؛ لأن الدين قد حل، وهو يريد إما الوضع وإما التأخير.
ولما كال لهم ودعا النبي صلى الله عليه وسلم، وبارك الله في ذلك الطعام ونما وكثر حتى أوفى الغرماء، وما كان يتطلع إلى أن يبقى منه شيء، ولم ينقص منه تمرة، ويحتمل أن يكون معنى: لم ينقص منه تمرة، أن الحق الذي على أبيه وفي كاملاً لم ينقص منه تمرة، أو أن الذي بقي بعد أن كال للغرماء كأنه ما نقص منه تمرة، يعني: كأنه على وضعه الذي كان عليه قبل أن يكال للغرماء، وذلك ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، حيث دعا وبارك الله تعالى في ذلك الطعام، وهذا من دلائل نبوته عليه الصلاة والسلام حيث يدعو في الشيء القليل فيكثره الله عز وجل وينميه كما حصل في قضايا وفي مسائل عديدة بارك الله تعالى في الطعام الذي يكون في حضرته، والذي تمسه يده، ويدعو فيه حتى يكفي الفئة من الناس إذا كان مقدماً للأكل، وحتى أوفى الديون التي كانت الثمرة كلها لا تفي ببعضها، فإذا ببعض تلك الثمرة أوفى بذلك، وكأنه لم ينقص منه شيء ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم.
والحديث شاهد على تقديم الدين على الميراث؛ لأن جابراً أراد أن يوفي دين أبيه وهو راضٍ ألا يبقى له شيء يرثه هو وأخواته رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين.

تراجم رجال إسناد حديث جابر في قضاء دين أبيه


قوله: [أخبرنا القاسم بن زكريا بن دينار].وهو ثقة، أخرج له مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا عبيد الله].
هو عبيد الله بن موسى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن شيبان].
هو شيبان بن عبد الرحمن النحوي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن فراس].
هو فراس بن يحيى، وهو صدوق ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الشعبي].
هو عامر بن شراحيل الشعبي، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو الذي أثرت عنه الكلمة المشهورة في بيان سوء الرافضة، وهو أنه قال: إن اليهود والنصارى قد فاقوا الرافضة بخصلة، يعني: تميز اليهود والنصارى على الرافضة بخصلة، ذلك أن اليهود لو قيل لهم: من خير أهل ملتكم لقالوا: أصحاب موسى، والنصارى لو قيل لهم من خير أهل ملتكم لقالوا: أصحاب عيسى، والرافضة إذا قيل لهم: من شر أهل ملتكم قالوا: أصحاب محمد، فاليهود والنصارى فاقوا الرافضة بهذه الخصلة؛ لأن أولئك يعظمون أصحاب موسى وعيسى، وهؤلاء يسبون أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام، وهذه المقولة التي قالها الشعبي جاءت على لسان شاعر من شعرائهم يعني: بلغت به الخسة، والوقاحة، والسوء إلى أن ألف قصيدة طويلة فيها سب الصحابة، وذم الصحابة، وهذه الكلمة التي قالها الشعبي قالها في بيت من أبيات قصيدته الخبيثة حيث يقول:
أهم خير أمة؟ استفهام إنكار.
أهم خير أمة أخرجت للناس هيهات ذاك بل أشقاها
أهم خير أمة أخرجت للناس هيهات يعني: بعد هذا، بل أشقاها أي: أشقى أمة أخرجت للناس، نفس الكلام الذي قاله الشعبي رحمة الله عليه قاله ذلك الرافضي الخبيث في هذه القصيدة الخبيثة.
[حدثني جابر بن عبد الله].
وهو صحابي ابن صحابي أبوه استشهد يوم أحد رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وجابر بن عبد الله أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وجابر، وأنس بن مالك، وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم، وعن الصحابة أجمعين.
مداخلة: أحسن الله إليك، ذكرت أن الدين مقدم على الوصية، وفي الآيات التي ذكرتها قد ذكر الله فيها الوصية قبل الدين؟
الشيخ: العطف بالواو لا يقتضي الترتيب؛ لأنها لمطلق الجمع، ولهذا تأتي أمور متعاطفة بالواو والمتأخر يقدم على المتقدم، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية، وهذا دل على أن الدين مقدم، والدين حق ثابت والوصية تبرع؛ فبعد أن توفى الديون تأتي التبرعات والمواريث.
مداخلة: أحسن الله إليك، هل لشخص أن يعمل مثل عمل جابر، يطلب من شخص له وجاهة ومنزلة أن يأتي حتى يحترمه مثلاً الغرماء؟
الشيخ: كونه يشفع أحد له منزلة ما فيه بأس، وأما كونه يأتي ويطلب منه الدعاء بالبركة فليس له ذلك؛ لأن هذا من خصائص الرسول عليه الصلاة والسلام، فقد كان يكثر الله الطعام بين يديه، وأما غيره فلا يفعل معه ذلك، ولكن كون الإنسان ينظر لأحد له منزلة ويطلب منه أن يتوسط لدى الغريم بأن يؤخر الدين، أو يؤخر بعض الدين، أو يضع بعضه لا بأس بهذا؛ لأن الشفاعة مستحبة، وقد يتحقق على يديه أن تقبل شفاعته، لكن قضية أنه يؤتى به للتبرك به، ويطلب منه أن يدعو لتحصيل البركة ويحصل النماء في هذا المال مثل ما حصل لرسول الله عليه الصلاة والسلام ليس له هذا؛ لأن الصحابة ما كانوا يفعلون هذا مع أحد سواه عليه الصلاة والسلام.

شرح حديث جابر في قضاء دين أبيه من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام حدثنا إسحاق وهو الأزرق حدثنا زكريا عن الشعبي عن جابر رضي الله عنه: (أن أباه توفي وعليه دين، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! إن أبي توفي وعليه دين، ولم يترك إلا ما يخرج نخله، ولا يبلغ ما يخرج نخله ما عليه من الدين دون سنين فانطلق معي يا رسول الله، لكي لا يفحش علي الغرام، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يدور بيدراً بيدراً، فسلم حوله ودعا له ثم جلس عليه، ودعا الغرام فأوفاهم وبقى مثل ما أخذوا)].أورد النسائي حديث جابر من طريق أخرى وهو مثل ما تقدم، وفيه الإشارة إلى أن الدين يحتاج إلى سنين أخرى غير هذه السنة، يعني: من حيث الثمرة، فيحتاج إلى ثمرة سنين غير هذه السنة حتى يقضي الدين، ولكن بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم، وحصول البركة بهذا الدعاء وفى الدين، وبقي مثل ما حصل، بل جاء في بعض الروايات كأنه ما نقص منه شيء صلوات الله وسلامه وبركاته على رسوله.

تراجم رجال إسناد حديث جابر في قضاء دين أبيه من طريق ثانية

قوله:[أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام].لا بأس به، وهي تعادل صدوق، وأخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[حدثنا إسحاق وهو: الأزرق].
هو إسحاق بن يوسف، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا زكريا].
هو زكريا بن أبي زائدة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الشعبي عن جابر].
وقد مر ذكرهما.

يتبع



ابوالوليد المسلم 19-08-2022 08:40 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح حديث جابر في قضاء دين أبيه من طريق ثالثة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا علي بن حجر حدثنا جرير عن مغيرة عن الشعبي عن جابر رضي الله عنه أنه قال: (توفي عبد الله بن عمرو بن حرام رضي الله عنه وترك ديناً فاستشفعت برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على غرمائه أن يضعوا من دينه شيئاً، فطلب إليهم فأبوا، فقال لي النبي صلى الله عليه وآله وسلم: اذهب فصنف تمرك أصنافاً العجوة على حدة وعذق ابن زيد على حدة وأصنافه، ثم ابعث إلي، قال: ففعلت فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجلس في أعلاه أو في أوسطه ثم قال: كل للقوم، قال: فكلت لهم حتى أوفيتهم ثم بقي تمري كأن لم ينقص منه شيء)].أورد النسائي حديث جابر رضي الله عنه من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم، وجابر رضي الله عنه أراد من النبي صلى الله عليه وسلم أن يشفع عند الغرماء بأن يضعوا من الدين، ولكنهم ما وافقوا على وضع شيء منه، فطلب النبي صلى الله عليه وسلم من جابر أن يجد النخل، وأن يجعل كل صنف على حدة، وهذا يدل على أنه ينبغي أن تكون التمور مميزة بعضها عن بعض، ولا يخلط بعضها مع بعض، فتكون أصنافاً مخلوطة الجيد منها مع الرديء، وإنما يكون أصنافاً، كل صنف يكون على حدة، قال: [(العجوة على حدة، وعذق ابن زيد على حدة)] عذق ابن زيد يعني: نوع من النخل يسمى عذق بن زيد، وأصنافه أي: الأصناف الأخرى كل صنف منها في موضع يخصه، ولا يخلط بعضها ببعض؛ لأن الأنواع فيها الجيد وفيها الرديء فيكون الجيد على حدة، والرديء يكون على حدة، ولا يخلط جيد برديء.
قوله: [(فإذا فعلت ذلك فآذني)]، أي: أخبرني، فجاء، وطاف بها ودعا، ثم كال للغرماء وأوفاهم الحق الذي عليه، وبقي كأنه لم ينقص منه شيء ببركة دعاء النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
قوله: [(فجلس في أعلاه أو في أوسطه)].
يعني: أعلى البيادر أو أوسطها، يعني: إما أن يكون المقصود أعلاه الذي هو أجوده، ووسطه الذي هو أوساط الثمر، أو أنه أعلاه من حيث الموضع، أو أوسطه من حيث الموضع.
وفي الذي قبله: (ثم جلس عليه).
ما يفهم منه الجلوس على التمر، وإنما الجلوس على ناحيته بجواره يعني: يجلس عنده، وذلك مثل ما يكون الإنسان إذا أراد أن يكيل من الطعام، أو يلمس الطعام، فيأتي بجواره ويلمسه في ناحية من نواحي الكوم.

تراجم رجال إسناد حديث جابر في قضاء دين أبيه من طريق ثالثة

قوله: [أخبرنا علي بن حجر].هو ابن إياس السعدي المروزي، وهو ثقة، أخرج له البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا جرير].
هو جرير بن عبد الحميد الضبي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مغيرة].
هو مغيرة بن مقسم الضبي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الشعبي عن جابر].
وقد مر ذكرهما.

شرح حديث جابر في قضاء دين أبيه من طريق رابعة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إبراهيم بن يونس بن محمد حرمي حدثنا أبي حدثنا حماد عن عمار بن أبي عمار عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: (كان ليهودي على أبي تمر، فقتل يوم أحد وترك حديقتين، وتمر اليهودي يستوعب ما في الحديقتين، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: هل لك أن تأخذ العام نصفه وتؤخر نصفه؟ فأبى اليهودي، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: هل لك أن تأخذ الجداد فآذني فآذنته، فجاء هو وأبو بكر فجعل يجد ويكال من أسفل النخل ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدعو بالبركة حتى وفيناه جميع حقه من أصغر الحديقتين فيما يحسب عمار، ثم أتيتهم برطب وماء فأكلوا وشربوا، ثم قال: هذا من النعيم الذي تسألون عنه)]أورد النسائي حديث جابر بن عبد الله من طريق أخرى، وفيه: أن من الغرماء يهودي كان له عليه دين كثير، وهذا لا يعني أن الدين ليهودي واحد؛ لأن الطرق التي مرت فيها غرماء، وأنهم كانوا أغروا به، وكانوا يلتفون حوله يريدون حقوقهم، وقد مر أن الرسول صلى الله عليه وسلم شفع عندهم وأبوا، وهذا الحديث يبين أن الذي شفع عنده يهودي، وطلب منه أن يأخذ نصف حقه من هذه الثمرة، ويؤخر النصف الثاني إلى ما بعد فأبى، فالرسول صلى الله عليه وسلم طلب من جابر أن يجد النخل، وأن يؤذن النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك فجاءوا إلى إحدى الحديقتين وجدوا منها وكالوا حتى أوفيت الحقوق التي على والد جابر رضي الله تعالى عنهما وعن الصحابة أجمعين.
في آخره: [ثم أتيتهم برطب وماء فأكلوا وشربوا].
ثم أتيتهم يعني: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ومن معهم برطب، فأكلوا، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: [(إن هذا من النعيم الذي تسألون عنه)] كما قال الله عز وجل: https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/36.jpgثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/37.jpg[التكاثر:8].

تراجم رجال إسناد حديث جابر في قضاء دين أبيه من طريق رابعة


قوله: [أخبرنا إبراهيم بن يونس بن محمد حرمي].حرمي هذا لقب؛ لأنه ذكر نسبه ثم ذكر لقبه في الآخر، فجمع بين نسبه ولقبه، بين اسمه واسم أبيه وجده ولقبه، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا أبي].
وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا حماد].
هو حماد بن سلمة بن دينار، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عمار بن أبي عمار].
صدوق ربما أخطأ، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن جابر بن عبد الله].
وقد مر ذكره، وهذا ليس من طريق الشعبي، بل من طرق أخرى غير طريق الشعبي، الطرق التي مرت كلها من طريق الشعبي، وهذا طريق آخر.

شرح حديث جابر في قضاء دين أبيه من طريق خامسة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن المثنى عن حديث عبد الوهاب حدثنا عبيد الله عن وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: (توفي أبي وعليه دين، فعرضت على غرمائه أن يأخذوا الثمرة بما عليه فأبوا، ولم يروا فيه وفاءً فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكرت ذلك له، قال: إذا جددته فوضعته في المربد فآذني، فلما جددته ووضعته في المربد أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فجاء ومعه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فجلس عليه ودعا بالبركة، ثم قال: ادع غرماءك فأوفهم، قال: فما تركت أحداً له على أبي دين إلا قضيته وفضل لي ثلاثة عشر وسقاً، فذكرت ذلك له فضحك وقال: ائت أبا بكر وعمر فأخبرهما ذلك، فأتيت أبا بكر وعمر فأخبرتهما فقالا: قد علمنا إذ صنع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما صنع أنه سيكون ذلك)].أورد النسائي حديث جابر من طريق أخرى وهو مثل ما تقدم، وفي آخره أن النبي صلى الله عليه وسلم طلب من جابر لما جاء وأخبره بوفاء الدين والانتهاء من قضاءه بأكمله، أمره بأن يخبر أبا بكر وعمر لأنهما كانا معه، وكانا يعلمان الذي قد حصل، فأخبرهما وقالا: إننا قد علمنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما فعل ذلك أنه سيحصل الوفاء، يعني: الدين، وأنه سيبقى بقية؛ لأن هذا هو الذي عهدوه من بركة الطعام الذي يكون بين يديه، ويدعو فيه عليه الصلاة والسلام.

تراجم رجال إسناد حديث جابر في قضاء دين أبيه من طريق خامسة


قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى].هو أبو موسى العنزي الملقب: الزمن البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[عن حديث عبد الوهاب].
هو عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبيد الله].
هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن وهب بن كيسان].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة أيضاً.
[عن جابر بن عبد الله].
وقد مر ذكره.


إبطال الوصية للوارث


شرح حديث: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ولا وصية لوارث)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب إبطال الوصية للوارث.أخبرنا قتيبة بن سعيد حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن عمرو بن خارجة رضي الله عنه أنه قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ولا وصية لوارث).
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: [إبطال الوصية للوارث]، يعني: بعد أن فرض الله الفرائض وبين المواريث للأقرباء، نسخ ما كان مشروعاً من قبل من الوصية للوالدين والأقربين، عند ذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يخطب: [(إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ولا وصية لوارث)] يعني: أن أصحاب الحقوق الذين هم الورثة يكفيهم ما قدر الله لهم، وفرض لهم من الحقوق سواء كانت فرضاً أو تعصيباً، أما إذا كان غير وارث، فإنه يوصى له، ولا بأس من الوصية له؛ لأن المنع إنما هو لمن يرث، أما إذا أوصى لغير الوارث كأن يكون له ابن وابن ابن وأوصى لابن ابنه، فابن الابن لا يرث مع وجود الابن، فإذا أوصى للقريب الغير الوارث، وذلك في حدود الثلث فأقل فإنه لا بأس بذلك، والمنع إنما هو من الوصية لوارث، وكانت الوصية قد كتبت من قبل على الناس للوالدين والأقربين إذا ترك خيراً، وبعد ما أنزل الله آية المواريث التي فيها بيان الحقوق، وبيان استحقاق كل وارث عند ذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا وصية لوارث).
وقوله: [(لوارث)] معناه: أن المنع إنما هو لمن يرث، أما من كان قريباً لا يرث بأن كان محجوباً ولا نصيب له من الميراث لوجود من هو أقرب منه ومن يحجبه، فيجوز الوصية لذلك الغير الوارث، ولكن بالثلث فما دون.

تراجم رجال إسناد حديث: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ولا وصية لوارث)


قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد].هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبي عوانة].
هو الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته أبو عوانة.
[عن قتادة].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن شهر بن حوشب].
وهو صدوق، كثير الإرسال والأوهام، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عبد الرحمن بن غنم].
هو عبد الرحمن بن غنم، وهو مختلف في صحبته، وقال العجلي: هو من ثقاة كبار التابعين، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عمرو بن خارجة].
هو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والإسناد وإن كان فيه شهر بن حوشب وهو كثير الإرسال والأوهام، إلا أنه جاء من طرق أخرى، ومنها إحدى الطرق التي ستأتي بعد هذا، وهي ليست من طريق شهر بن حوشب.

شرح حديث: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ولا وصية لوارث) من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا خالد حدثنا شعبة حدثنا قتادة عن شهر بن حوشب أن ابن غنم ذكر أن ابن خارجة رضي الله عنه ذكر له أنه: (شهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخطب الناس على راحلته، وأنها لتقصع بجرتها وإن لعابها ليسيل، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في خطبته: إن الله قد قسم لكل إنسان قسمه من الميراث فلا تجوز لوارث وصية)].أورد النسائي حديث عمرو بن خارجة رضي الله عنه وهو مثل ما قبله، في أن الله تعالى أعطى كل من له نصيب في الميراث نصيبه، وبين في كتابه العزيز فلا تجوز لوارث وصية، فهو مثل الذي قبله في بيان أن الوصايا للورثة لا تجوز.
قال: [(إنه خطب الناس على راحلته وهي تقصع بجرتها)] قيل: تقصع يعني: تمضغ وتحرك فمها بالطعام، وجرتها: ما تسحبه من جوفها وتجعله في فمها وتلوكه فيه، وهذا يحصل من الناقة إذا كانت مستريحة ومطمئنة، أما إذا كانت في شدة وفي خوف فإنه لا يحصل منها هذا الاجترار.

تراجم رجال إسناد حديث: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ولا وصية لوارث) من طريق ثانية


قوله: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود].هو إسماعيل بن مسعود البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا خالد].
هو ابن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا قتادة عن شهر بن حوشب أن ابن غنم ذكر أن ابن خارجة].
وقد مر ذكر هؤلاء الأربعة.

شرح حديث: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ولا وصية لوارث) من طريق ثالثة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عتبة بن عبد الله المروزي أنبأنا عبد الله بن المبارك أنبأنا إسماعيل بن أبي خالد عن قتادة عن عمرو بن خارجة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الله عز اسمه قد أعطى كل ذي حق حقه ولا وصية لوارث)].أورد النسائي حديث عمرو بن خارجة رضي الله عنه من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.

تراجم رجال إسناد حديث: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ولا وصية لوارث) من طريق ثالثة


قوله: [أخبرنا عتبة بن عبد الله المروزي].صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[أنبأنا عبد الله بن المبارك].
هو عبد الله بن المبارك المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أنبأنا إسماعيل بن أبي خالد].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة عن عمرو بن خارجة].
وقد مر ذكرهما.

ابوالوليد المسلم 19-08-2022 08:41 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الوصايا

(470)

- باب إذا أوصى لعشيرته الأقربين - إذا مات الفجأة هل يستحب لأهله أن يتصدقوا عنه




لقد حث الإسلام على الإحسان إلى الأقارب، وإذا أوصى شخص لعشيرته الأقربين تناولت الوصية كل من يدخل تحت هذا الاسم، وأما الميت فيستحب لأهله أن يتصدقوا عنه، سواء مات فجأة أو غير فجأة.

إذا أوصى لعشيرته الأقربين



شرح حديث أبي هريرة في إنذاره صلى الله عليه وسلم عشيرته الأقربين


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب إذا أوصى لعشيرته الأقربين. أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا جرير عن عبد الملك بن عمير عن موسى بن طلحة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (لما نزلت (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ )[الشعراء:214] دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قريشاً فاجتمعوا فعم وخص فقال: يا بني كعب بن لؤي، يا بني مرة بن كعب، يا بني عبد شمس، ويا بني عبد مناف، ويا بني هاشم، ويا بني عبد المطلب، أنقذوا أنفسكم من النار، ويا فاطمة، أنقذي نفسك من النار، إني لا أملك لكم من الله شيئاً، غير أن لكم رحماً سأبلها ببلالها)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: [إذا أوصى لعشيرته الأقربين]، أي: فإن الوصية تعم العشيرة إذا لم يخصص أحداً منهم بعينه أو بوصفه بأن يقول: آل فلان، فإنه يعم العشيرة كلها، فكل من يدخل تحت اسم العشيرة فإنه تشمله الوصية؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام لما نزل عليه: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ )[الشعراء:214] عم وخص فذكر الخاصين الذين هم أقرب الناس إليه، كابنته، وعمته، ومن هم فوق ذلك أيضاً الذين هم قريش التي هي عشيرته، فعم وخص، فالمقصود من الترجمة: أنه إذا أوصى لعشيرته الأقربين فيشمل كل العشيرة، إلا إذا عين الفخذ، أو عين الجماعة من العشيرة، فإنه يقتصر عليه، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم لما نزلت: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ )[الشعراء:214] عم وخص في الإنذار، فذكر على سبيل العموم حيث قال: يا بني كعب بن لؤي، يا بني مرة بن كعب، وهذا من أجداده الذي بينه وبينهم مسافة، وقال في بعض الأحاديث: يا معشر قريش، وهذا أيضاً فوق كعب بن لؤي وبين مرة بن كعب؛ لأن قريشاً هم أبناء فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، وكعب بن لؤي دون فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، فعشيرته هم: قريش فيشمل القريب والبعيد منهم، ما دام أنه بلفظ العشيرة، ولا يخص قريباً دون بعيد، والرسول صلى الله عليه وسلم عم وخص، ثم ذكر الصحابي ذلك التعميم وذلك التخصيص فقال: [(يا بني كعب بن لؤي، يا بني مرة بن كعب)]، وهذا من التعميم؛ لأن هؤلاء من أعلى من ذكر في الحديث، وجاء في بعض الروايات: يا معشر قريش، وقريش فوق كعب بن لؤي، ونسب الرسول صلى الله عليه وسلم، آباؤه الذين اتفق النسابون على ذكرهم واحد وعشرون، بدءاً من عبد الله وانتهاءً إلى عدنان، وبعد ذلك إلى إسماعيل مختلف فيه، وقريش المراد بها: أولاد فهر بن مالك الذي هو الأب الحادي عشر، منتصف الآباء الذين هم واحد وعشرون، وهو الذي تنتسب إليه قريش والذي تفرعت منه قريش.
وبالمناسبة أذكر نسب الرسول صلى الله عليه وسلم حتى نعرف الذين مر ذكرهم من أجداد الرسول صلى الله عليه وسلم، وطبقتهم في الآباء فهو عليه الصلاة والسلام: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر، هذا الأب الذي تنتسب إليه قريش ابن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، واحد وعشرون أباً للرسول صلى الله عليه وسلم، فالرسول صلى الله عليه وسلم عم وخص في العشيرة وذكر من هم عامون ومن هم خاصون.
قوله: [(يا بني كعب بن لؤي)]، وهذا أعلى من ذكر في هذا الحديث، [(يا بني مرة بن كعب)] فذكر واحد من أبنائه وهو مرة.
قوله: [(يا بني عبد شمس)]، وهو من أولاد عبد مناف أخو هاشم؛ لأن أولاد عبد مناف أربعة: هاشم، والمطلب، ونوفل، وعبد شمس، والرسول صلى الله عليه وسلم جعل بني المطلب مثل بني هاشم فأعطاهم من الخمس، ولم يعط بني نوفل وبني عبد شمس، فجاء عثمان بن عفان العبشمي، وجبير بن مطعم النوفلي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: إنك أعطيت بني المطلب ونحن وإياهم سواء، فقال: إنهم كانوا معنا في السراء والضراء، وكانوا معنا في الشعب لما حصل حصارهم وحصل الإيذاء لهم، فكان أن أعطاهم، ولهذا يقولون: لا تدفع الزكاة إلى مطلبي وهاشمي؛ لأنهم يعطون من الخمس، ومنهم من قال: إنها لا تدفع إلى هاشمي بخلاف المطلبي.
قوله: [(يا بني عبد مناف)] وهو أعلى من عبد شمس.
قوله: [(يا بني هاشم)]، وهو في طبقة عبد شمس الذي هو جد الرسول صلى الله عليه وسلم.
قوله: [(يا بني عبد المطلب)]، الذي هو ولد هاشم، وهكذا.
قوله: [(أنقذوا أنفسكم من النار)]، أي: أنقذوها بالابتعاد عما يسخط الله عز وجل وفعل ما يرضيه، فعل ما طلب منكم فعله، واجتناب ما طلب منكم اجتنابه، أنقذوا أنفسكم من النار، فإني لا أملك لكم من الله شيئاً، ما تقولون: يكفينا أن الرسول صلى الله عليه وسلم منا، والنبي عليه الصلاة والسلام قال في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه: (ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه)، من بطأ به عمله عن دخول الجنة، ليس نسبه هو الذي يسرع به إليها، وإنما ينفع الإنسان عمله الصالح، فالنبي صلى الله عليه وسلم يرشدهم إلى ألا يتكلوا على القرابة، وإنما يأخذون بالأسباب التي شرعها الله عز وجل، وهي تقوى الله عز وجل، والله تعالى يقول: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أتقاكم )[الحجرات:13].
ويقول الشاعر:
لعمرك ما الإنسان إلا بدينه فلا تترك التقوى اتكالاً على النسب
فقد رفع الإسلام سلمان فارسٍ وقد وضع الشرك النسيب أبا لهب
فـأبو لهب صاحب نسب وهو عم الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد وضعه الشرك، وحطه الشرك، وخفضه الشرك، وسلمان الفارسي من الفرس، ولكن رفعه الإسلام وأعلاه الإسلام.
قوله: [(ويا فاطمة أنقذي نفسك من النار)].
وهذا من التخصيص؛ لأنه عم بالجد الأعلى، ثم دونه وهكذا حتى وصل إلى عبد المطلب الذي هو جده الأول، ثم بدأ بالتخصيص فذكر فاطمة ابنته باسمها.
قوله: [(إني لا أملك لكم من الله شيئاً، غير أن لكم رحماً سأبلها ببلالها)].
يعني: ما تقولون نحن أقرباء الرسول عليه الصلاة والسلام فيكفينا قرابته، وإن لم نعمل ويجبر النقص، بل اعملوا، وأنقذوا أنفسكم من النار، إني لا أملك لكم من الله شيئاً.
ومن المعلوم: أن الشفاعة أعطيت للرسول صلى الله عليه وسلم، وقد ادخر شفاعته لأمته يوم القيامة، لكن الشفاعة كما هو معلوم تتوقف على أمرين: إذن الله للشافع أن يشفع، ورضاه عن مشفوعه http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgوَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[الأنبياء:28]، فإذا أذن الله للشافع أن يشفع ورضي عن المشفوع له، فعند ذلك تكون الشفاعة؛ لأن الشفاعة لله عز وجل.
قوله: [(غير أن لكم رحماً)]، أشار إلى أن بينه وبينهم رحم سيصلها في هذه الحياة الدنيا، يعني: يصل هذه الرحم يبلها ببلالها، والبلال قيل: هو ما يبل به الحلق، والمقصود من ذلك: أنه يحصل منه الإحسان إليهم كما يحصل الإحسان إلى من يسقى ماءً فيبل حلقه بذلك الماء، فيكون أحسن إليهم بصلتهم بقدر ما يستطيع سواء كان بالمال أو بغير المال، وأما الشفاعة فإنها تكون لكل مؤمن.

تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة في إنذاره صلى الله عليه وسلم عشيرته الأقربين


قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي، وهو ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[حدثنا جرير].
هو جرير بن عبد الحميد مر ذكره.
[عن عبد الملك بن عمير].
وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن موسى بن طلحة].
هو موسى بن طلحة بن عبيد الله، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق.

شرح حديث أبي هريرة في إنذاره صلى الله عليه وسلم عشيرته الأقربين من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا عبيد الله بن موسى أنبأنا إسرائيل عن معاوية وهو ابن إسحاق عن موسى بن طلحة قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يا بني عبد مناف! اشتروا أنفسكم من ربكم إني لا أملك لكم من الله شيئاً، يا بني عبد المطلب، اشتروا أنفسكم من ربكم إني لا أملك لكم من الله شيئاً، ولكن بيني وبينكم رحم أنا بالها ببلالها)].أورد النسائي حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم أو أخصر مما تقدم، وقوله: [(اشتروا أنفسكم)] يعني: اعملوا الأعمال الصالحة التي تنقذون أنفسكم بعد رحمة الله تعالى بسببها من عذاب الله عز وجل، فاشتروها بأن تعملوا الأعمال الصالحة، وتبتعدوا عن الأعمال التي توصلكم إلى النار، فتكونوا بذلك ربحتم، وأفلحتم، وفزتم بالسعادة.

تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة في إنذاره صلى الله عليه وسلم عشيرته الأقربين من طريق ثانية


قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان].هو أحمد بن سليمان الرهاوي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا عبيد الله بن موسى].
مر ذكره.
[أنبأنا إسرائيل].
هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن معاوية بن إسحاق].
صدوق ربما وهم، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود في القدر، والنسائي، وابن ماجه.
[عن موسى بن طلحة عن أبي هريرة].
وقد مر ذكرهما.
والحديث مرسل، ولكنه كما هو معلوم الحديث الذي قبله فيه بيان الواسطة فهو صحيح بما قبله.

شرح حديث أبي هريرة في إنذاره صلى الله عليه وسلم عشيرته الأقربين من طريق ثالثة


قال المصنف رحمه الله تعال: [أخبرنا سليمان بن داود عن ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب أخبرني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين أنزل عليه https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/38.jpgوَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ https://majles.alukah.net/imgcache/2022/08/39.jpg[الشعراء:214] قال: (يا معشر قريش! اشتروا أنفسكم من الله لا أغني عنكم من الله شيئاً، يا بني عبد المطلب! لا أغني عنكم من الله شيئاً، يا عباس بن عبد المطلب! لا أغني عنك من الله شيئاً، يا صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم! لا أغني عنك من الله شيئاً، يا فاطمة بنت محمد! سليني ما شئت لا أغني عنك من الله شيئاً)].أورد النسائي حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم إلا أن فيه ذكر بعض الأشخاص الذين خصهم الرسول عليه الصلاة والسلام، وهم: عمه، وعمته، وابنته، وهذا من التخصيص والتعميم؛ لأن التعميم كما مر في بعض الروايات السابقة، أن ذكر أجداداً له ونسلهم، وهنا ذكر عدداً من أقربائه بأسمائهم وهم من أقرب أقربائه.

تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة في إنذاره صلى الله عليه وسلم عشيرته الأقربين من طريق ثالثة


قوله: [أخبرنا سليمان بن داود].هو سليمان بن داود أبو الربيع المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن ابن وهب].
هو عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني يونس].
هو يونس بن يزيد الأيلي ثم البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهري، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني سعيد بن المسيب].
وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[وأبو سلمة بن عبد الرحمن].
وأبو سلمة كذلك أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

يتبع



ابوالوليد المسلم 19-08-2022 08:41 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح حديث أبي هريرة في إنذاره صلى الله عليه وسلم عشيرته الأقربين من طريق رابعة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب إذا أوصى لعشيرته الأقربين.أخبرنا محمد بن خالد حدثنا بشر بن شعيب عن أبيه عن الزهري أخبرني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: (قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين أنزل عليه http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgوَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[الشعراء:214] فقال: يا معشر قريش! اشتروا أنفسكم من الله لا أغني عنكم من الله شيئاً، يا بني عبد مناف! لا أغني عنكم من الله شيئاً يا عباس بن عبد المطلب! لا أغني عنك من الله شيئا، يا صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم! لا أغني عنك من الله شيئا، يا فاطمة! سليني ما شئت لا أغني عنك من الله شيئاً)].
المقصود من الحديث أنه إذا أوصى لعشيرته الأقربين، فإنه يعمهم ولا يختص بأحدٍ دون أحد؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام لما أنزل عليه: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgوَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[الشعراء:214] عم وخص فكان الحكم عاماً وخاصاً، فلا يكون لأحد دون أحد، ولهذا عمم في الخطاب والنداء وخص أقرباءه الذين هم من أخص الناس به عليه الصلاة والسلام، وأنذرهم وأخبرهم بأن عليهم أن يعملوا الأعمال الصالحة، وأن يشتروا أنفسهم من الله، وذلك بفعل الطاعات والابتعاد عن المعاصي، وأن كل واحد منهم يقدم الأعمال الصالحة؛ لأن الله تعالى يقول: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgإِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[الحجرات:13] وألا يعولوا على النسب وعلى القرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه) أي: من أخره عمله عن دخول الجنة فليس نسبه هو الذي يسرع به إلى الجنة، ولهذا قال: يا معشر قريش أولاً، فذكر أعم شيء وهو القبيلة؛ لأنه من قريش، وقد بين عليه الصلاة والسلام اصطفاء الله عز وجل من بني إسماعيل قريشاً، ومن قريش بني هاشم، ومن بني هاشم محمداً عليه الصلاة والسلام، ثم بعد أن ذكر قريشاً وخاطبهم قال: يا معشر قريش، وهذا يعم أولاد أبيه الحادي عشر، وهو: فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، بعد ذلك ذكر واحداً من آبائه القريبين وهو: عبد مناف، وقال: يا بني عبد مناف، وعبد مناف، هو: أبو هاشم، وأبو عبد شمس، وأبو نوفل، وأبو المطلب، أي: أن هؤلاء الأربعة أولادهم هم أولاد عبد مناف، فهو خطاب لهؤلاء جميعاً.
ثم ذكر ثلاثة من أخص الناس به، وهم عمه العباس، وعمته صفية، وابنته فاطمة، وكل يقول له: اشتر نفسك من الله لا أغني عنك من الله شيئاً، وقال لـفاطمة: سليني ما شئت لا أغني لك من الله شيئاً، يعني: سليني عن الشيء الذي أقدر عليه من أمور الدنيا، أما بالنسبة لأمور الآخرة فإن على كل إنسان أن يعمل الأعمال الصالحة، وأن يتقرب إلى الله عز وجل بالأعمال الصالحة ليجد ذلك أمامه كما قال الله عز وجل: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgفَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[الزلزلة:7] http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgوَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[الزلزلة:8].
والحديث سبق أن مر من طرق متعددة، وهذه واحدة من تلك الطرق.

تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة في إنذاره صلى الله عليه وسلم عشيرته الأقربين من طريق رابعة


قوله: [أخبرنا محمد بن خالد].هو محمد بن خالد بن خليل، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا بشر بن شعيب].
هو بشر بن شعيب بن أبي حمزة، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، والترمذي، والنسائي، وقد ذكر الحافظ ابن حجر في التقريب في ترجمة هذا الرجل: أن ابن حبان نقل عن البخاري كلمة حيث قال: قال البخاري: تركناه هكذا، وقد أخطأ ابن حبان في نقل هذه الكلمة عن البخاري؛ لأن البخاري قال: تركناه حياً سنة 212هـ وهذا من القدح، لكن كلمة تركناه هكذا قدح شديد، يعني: البخاري تركه، ولا يروي عنه، وإنما البخاري قال: تركناه حياً، معناه: أنه آخر عهده به أنه رآه سنة 212هـ حياً، وهذا آخر عهده به، هذا هو المقصود من كلمة البخاري، وليس فيها قدح، ولكن ابن حبان أخطأ حيث وهم في نقله عن البخاري أنه قال: تركناه دون أن يضيف إليها شيئاً.
والواقع أنه مضاف إليها شيء، وبدون إضافة الشيء إليها تكون قدحاً شديداً، والواقع أنه لا قدح من البخاري.
[عن أبيه].
هو شعيب بن أبي حمزة الحمصي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن المسيب].
وهو تابعي من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[وأبو سلمة].
هو: ابن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم.
[أن أبا هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأكثر أصحابه حديثاً رضي الله عنه وأرضاه.

شرح حديث عائشة في إنذاره صلى الله عليه وسلم عشيرته الأقربين


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أنبأنا أبو معاوية حدثنا هشام وهو: ابن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (لما نزلت هذه الآية http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgوَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[الشعراء:214] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا فاطمة ابنة محمد، يا صفية بنت عبد المطلب! يا بني عبد المطلب! لا أغني عنكم من الله شيئا، سلوني من مالي ما شئتم)].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها، في معنى حديث أبي هريرة المتقدم، وهو يتعلق بإنذار الرسول عليه الصلاة والسلام وامتثاله لأمر ربه قوله: http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgوَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[الشعراء:214] فإنه أنذرهم، وعم وخص وكان ممن خصه عمه، وعمته، وابنته فاطمة، وقال لهم: سلوني من مالي ما شئتم لا أغني عنكم من الله شيئاً، معناه: بالنسبة للدار الآخرة اشتغلوا، اجتهدوا، اعملوا، http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/21.jpgفَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه http://imgcache.alukah.net/imgcache/2014/08/22.jpg[الزلزلة:7-8] كما قال الله عز وجل وكما قال في الحديث القدسي: (يا عبادي، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه).

تراجم رجال إسناد حديث عائشة في إنذاره صلى الله عليه وسلم عشيرته الأقربين


قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي المروزي، وهو ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجه.
[أنبأنا أبو معاوية].
هو محمد بن خازم الضرير الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن هشام وهو: ابن عروة].
وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
وهو عروة بن الزبير، وهو ثقة، فقيه، من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
هي أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.


إذا مات الفجأة هل يستحب لأهله أن يتصدقوا عنه


شرح حديث التصدق عن الأم التي افتلتت نفسها


قال المصنف رحمه الله تعالى: [إذا مات الفجأة هل يستحب لأهله أن يتصدقوا عنه. أخبرنا محمد بن سلمة حدثنا ابن القاسم عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها: (أن رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن أمي افتلتت نفسها، وإنها لو تكلمت تصدقت، أفأتصدق عنها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم فتصدق عنها)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: [إذا مات الفجأة هل يستحب لأهله أن يتصدقوا عنه] يعني: إذا مات فجأة، ولم يصبه مرض يتمكن معه من أن يرى أنه أقبل على الآخرة، ويستعد للموت بأن يوصي، ولكنه مات دون أن يوصي ودون أن يتصدق؛ دون أن يخرج شيئاً يتصدق به أو يوصي بشيء من ماله يتصدق به، هل يستحب لأهله أن يتصدقوا عنه؟ نعم يستحب لهم أن يتصدقوا عنه، قوله: [هل يستحب]، يعني: أنه ما يجب إنما يستحب.
أورد النسائي حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: [(إن أمه أفتلتت نفسها)] معناه: أنها ماتت وخرجت نفسها فجأة، وهذا هو المقصود من الترجمة، قوله: [(وأراها لو تكلمت تصدقت)]، يعني: لو أصابها مرض وتمكنت من الكلام في أثنائه لتصدقت، ولكنها ماتت فجأة لم تتمكن من أن تعمل شيئاً، أفينفعها أن يتصدق عنها؟ قال عليه الصلاة والسلام: نعم. فتصدق عنها نفذ الشيء الذي هم به وأراده. وهذا يدلنا أولاً: على ما كان عليه أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام من الحرص على نفع أقربائهم، وعلى بر آبائهم، وأمهاتهم، لأن هذا الرجل جاء يسأل: هل ينفعها أن يتصدق عنها بعد أن ماتت؟ وفيه أيضاً دليل على أن الصدقة عن الميت تنفع، وأنها ثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فكون الإنسان يتصدق عن قريبه عن أمه، أو أبيه، أو غيرهم فإن ذلك ينفعه؛ لأن الصدقة على الأموات سائغة، جاءت بها السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، وفي غيره من الأحاديث، وقد جاء أيضاً انتفاع الميت بأعمال الأحياء فبما يتعلق بالحج والعمرة، وكذلك فيما يتعلق بالدعاء، وكذلك فيما يتعلق بالصيام يعني: صيام الواجب، وكذلك قضاء النذر، كل هذا جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى من أراد أن ينفع موتاه أن ينفعهم في حدود ما ورد، وقد اختلف العلماء، في ما لم يرد فيه شيء هل يقاس على غير ما ورد؟ أو يقتصر على ما ورد؟ قولان لأهل العلم، منهم من قال: إنه يقاس على الأعمال التي ما وردت مثل قراءة القرآن وإهداء ثوابه للأموات، وهو لم يرد فيقاس على ما ورد، ومنهم من قال: إنه يقتصر على ما ورد، ومن أراد أن ينفع موتاه فلينفعهم في حدود الوارد، ولا شك أن من اقتصر على ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو متمسك بالدليل ولا إشكال في الحجة معه، وأما القياس: فهو محل نظر، من العلماء من قاس ومنهم من لم يقس، والذين قالوا بالقياس قالوا: لأن النبي صلى الله عليه وسلم لو سئل لأجاب، سئل عن أشياء معينة فأجاب، ولم يسئل عن أشياء معينة ولو سئل عنها لأجاب، وقولهم: لو سئل عنها لأجاب هذا غير مسلم؛ لأن الجواب قد يخالف الشيء الذي أجاب به، وقد ورد لذلك نظائر، الرسول صلى الله عليه وسلم سئل عن الوضوء من لحم الغنم فقال: إن شئتم، وسئل عن الوضوء من لحم الإبل فقال: (توضئوا من لحوم الإبل) فلو سأل السائل واقتصر على واحدة منهما ولم يسأل عن الأمر الثاني هل يقال: إن هذا الذي لم يسأل عنه مثل الذي سئل عنه مع أن الجواب مختلف، فقولهم: إنه لو سئل عن الأمور الأخرى لأجاب هذا غير مسلم، وهناك فرق بين هذا وهذا، ولا شك أن من اقتصر على ما وردت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ظفر بالدليل، وسعد بالدليل، ونفع موتاه في أمرٍ جاءت به السنة وفي أمرٍ محقق، وأما ما عدا ذلك فالأمر فيه ليس بواضح، والأولى والأفضل للإنسان أن ينفع موتاه في حدود ما ورد، لا سيما الصدقة التي شأنها عظيم وأمرها عظيم، وبعض الناس يذهب يستأجر أناساً يقرءون القرآن ليهدوا ثوابه للأموات، ولو أنه تصدق بهذه الصدقة عن الأموات، وأعطاها للفقراء والمساكين، لا لهؤلاء الذين يتكسبون بالقرآن، لكان في ذلك اتباع للسنة، وكان في ذلك فعل الشيء المحقق وصوله إلى الأموات بثبوت السنة فيه عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

تراجم رجال إسناد حديث التصدق عن الأم التي افتلتت نفسها


قوله: [أخبرنا محمد بن سلمة].هو محمد بن سلمة المرادي المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا ابن القاسم].
هو عبد الرحمن بن القاسم صاحب الإمام مالك، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي.
[عن مالك].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، الإمام، المشهور، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة].
وقد مر ذكرهم.

شرح حديث: (هل ينفعها أن أتصدق عنها ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أنبأنا الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع عن ابن القاسم عن مالك عن سعيد بن عمرو بن شرحبيل بن سعيد بن سعد بن عبادة عن أبيه عن جده رضي الله عنه أنه قال: (خرج سعد بن عبادة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بعض مغازيه وحضرت أمه الوفاة بالمدينة فقيل لها: أوصي، فقالت: فيم أوصي؟ المال مال سعد، فتوفيت قبل أن يقدم سعد، فلما قدم سعد ذكر ذلك له، فقال: يا رسول الله هل ينفعها أن أتصدق عنها؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: نعم، فقال سعد: حائط كذا وكذا صدقة عنها لحائط سماه)].أورد النسائي حديث سعد بن عبادة أو سعيد بن سعد بن عبادة أنه كان في بعض المغازي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن أمه مرضت وطلب منها أن تتصدق فقالت: بأي شيء أتصدق؟ المال مال سعد وماتت، ولما قدم سعد وأخبر بما حصل، جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وسأله: هل ينفعها أن يتصدق عنها؟ قال: نعم، فتصدق لها بحائط كذا وكذا، معناه: أن هذا الذي كنى عنه كذا وكذا صدقة لأمه، وأنه سماه الحائط الفلاني، والحائط الفلاني، ولكنه لم يسمه هنا بالرواية، ولكن قال: كذا وكذا اختصاراً وعدم تعيين، فالحديث يدل على ما دل عليه ما تقدم من الصدقة عن الميت، إلا أن الأول مطابق للترجمة من حيث الفجأة وموت الفجأة، وأما هنا فليس الموت فجأة، وهو يدل على أنه ينفع الميت إذا تصدق عنه سواء مات فجأة أو ليس بفجأة، فالأول فيه أنها ماتت فجأة: افتلتت نفسها وأراها لو تكلمت تصدقت، وأما هنا فمرضت، وكان ابنها غائباً وقيل لها تصدقي، فقالت: المال مال سعد مالي شيء أتصدق به، ولما ماتت في غيبة ابنها جاء ابنها إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام وقال الذي قال، وسأله: هل ينفعها أن يتصدق عنها؟ فدل هذا على الصدقة عن الميت، سواء افتلتت نفسه ومات فجأة، أو مات غير فجأة، وأن كل ذلك ينفع، وأن الصدقة على الأموات نافعة مطلقاً، وقد جاءت فيها السنة عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

تراجم رجال إسناد حديث: (هل ينفعها أن أتصدق عنها ...)

قوله: [أنبأنا الحارث بن مسكين].الحارث بن مسكين المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن ابن القاسم عن مالك].
وقد مر ذكرهما.
[عن سعيد بن عمرو بن شرحبيل].
هو سعيد بن عمرو بن شرحبيل بن سعيد بن سعد بن عبادة عن أبيه عن جده، جاء عند المزي في تحفة الأشراف ذكره من مسند سعد، وذكره من مسند سعيد عن أبيه، وسعيد صحابي صغير، وأما سعد فهو صحابي معروف وهو سيد الخزرج؛ لأن الأوس والخزرج هما قبيلتا الأنصار، وسيد الأوس: سعد بن معاذ الذي استشهد يوم الخندق، ومات بسبب الجراح التي حصلت له، وكان يعوده النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد وكان في الخيمة، وبعد ذلك سأل الله عز وجل إذا لم يبق شيء يحصل فيه مقاتلة للمشركين أنه يفجر هذا الجرح، فانفجر جرحه، ومات بسببه، فكان شهيداً رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهو كذلك الذي حكم في بني قريضة، وأما سعد بن عبادة فهو سيد الخزرج، وقد عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي همت الأنصار أن يجعلوه خليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لما اجتمعوا في السقيفة، وأرادوا أن يؤمروه حتى جاءهم المهاجرون وأخبروهم أن الأمر في قريش، وعند ذلك اتفقوا على بيعة أبي بكر رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
وسعيد بن عمرو بن شرحبيل بن سعيد بن سعد بن عبادة ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده، وأما أبوه فهل هو أبوه القريب الذي هو: عمرو بن شرحبيل وهو مقبول، أخرج حديثه النسائي، أو أنه سعيد الصحابي الصغير، أخرج حديثه النسائي وابن ماجه، أما سعد بن عبادة، فقد أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة.
وهذا الحديث جاء بطرق أخرى في قصة سعد وتصدقه عن أمه وهي ثابتة، ومنها ما سيأتي، فالحديث هذا ثابت كما أن غيره مما سيأتي ثابت.


الأسئلة


الأشياء التي تفعل للميت

السؤال: بالنسبة للأشياء التي تفعل عن الميت لو ذكرتموها مرة ثانية؟

الجواب: الأشياء التي وردت بها السنة: الصدقة، والحج، والعمرة، وكذلك الدعاء، والاستغفار، وكذلك الصوم الواجب عن الميت يعني: سواء كان فرضاً فرضه الله الذي هو شهر رمضان، أو نذر نذره على نفسه، فإنه يؤدى عنه، هذا هو الذي وردت به السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وما عداها قاسه بعض العلماء، والأولى الاقتصار على ما ورد.

مداخلة: يريد أن يحج عنه حجاً نفلاً؟
الشيخ: يجوز، ما دام أنه ثبت بالنيابة في الأصل، فيجوز سواء حج عنه فرضاً أو حج عنه نفلاً.
مداخلة: بالنسبة للأضحية تدخل في الصدقة أو أنه شيء خاص؟
الشيخ: الأضحية يمكن أن تدخل؛ لأنه ورد دخولها في العموم، في أضحية الرسول عن أمته عن من لم يضح من أمته، ومن المعلوم أن من لم يضح من أمته فيهم الأحياء وفيهم الأموات، فهذا يدل في الجملة على أنه يضحى عن الأموات، والأضحية صدقة، ويضاف إلى كونها صدقة أنها قربة، وهي سفك الدم تقرباً إلى الله عز وجل.

ابوالوليد المسلم 02-09-2022 07:34 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الوصايا

(471)

شرع التصدق عن الميت، وإيفاء النذر عن الميت إن كان عليه نذر، كما أن من أفضل القربات إلى الله تعالى التصدق بالماء عند الحاجة الشديدة.

فضل الصدقة عن الميت
شرح حديث: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [فضل الصدقة عن الميت.
أخبرنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل حدثنا العلاء عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: فضل الصدقة عن الميت ومعناها: الأحاديث التي مرت وفيها إثبات الصدقة وأنه يتصدق عن الميت، وهذا فيه إثبات فضلها، وأورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله عنه، في قوله عليه الصلاة والسلام: [(إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له)].
الصدقة الجارية هي محل الشاهد من إيراد الحديث، فهذه الصدقة الجارية إذا خلفها بأن يكون وقف شيئاً دائماً في حياته وبعد وفاته فإنها تصرف ثمرتها في وجوه الخير، ويعود نفعها عليه باستمرار فهذه صدقة جارية أي: مستمرة، هي غير منتهية كأن يكون إنسان أعطى مائة ريال لفقير انتهت هذه الصدقة، لكنه لو يوقف عمارة تؤجر وإجارتها في كل سنة يتصدق بها على الفقراء والمساكين، ويأتي نفعها، وريعها باستمرار، فهي صدقة جارية، أو يوقف بستان نخل في كل سنة ثمرته يتصدق بها عنه أو عن غيره، وسواء كان هذا النفع منه بأن وقف في حياته، أو أوصى به بعد وفاته في حدود الثلث في أمرٍ يكون صدقة جارية، كمسجد يبنى، وينتفع الناس بالصلاة فيه بصفة مستمرة، كل ذلك شيء جارٍ، أو غيره تصدق عنه بصدقة جارية، وهذا هو الذي يدخل تحت الترجمة؛ لأن الترجمة: فضل الصدقة عن الميت، معناه: أن الصدقة الجارية إذا فعلها غير الميت عن الميت تنفعه، والحديث يشمل ما إذا كان الإنسان عمل صدقة جارية إما وقفاً أو وصيةً بعد موته، أو غيره يتصدق عنه بصدقة جارية؛ لأن الصدقة عن الميت تنفع سواء كانت جارية مستمرة أو منتهية.
فالمقصود أن النسائي رحمه الله أتى بهذا اللفظ العام الذي يشمل ما إذا تصدق هو بصدقة جارية في حياته، أو بعد وفاته أو تصدق عنه غيره بصدقة جارية، فكل ذلك ينفعه؛ لأن الصدقة عن الأموات تنفعهم سواء كانت محددة ومؤقتة أو مستمرة ودائمة: [(إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به)] بأن يكون له تلاميذ أخذوا عنه وأعطوا لمن وراءهم فيكون هذا النفع الذي يحصل من تلاميذه من بعده يرجع إليه، فهم يثابون وهو يثاب؛ لأنه هو الذي تسبب في وصول هذا العلم إليهم، وكذلك إذا ألف مؤلفات وبقيت بعده، وتناقلها الناس، وتداولها الناس واستفاد منها الناس، فإن هذا علم ينتفع الإنسان.
قوله: [(أو ولد صالح يدعو له)]؛ لأن الولد الذي يدعو له هو سبب وجوده، فينفعه دعاء ولده وولد ولده له بصفة دائمة.

تراجم رجال إسناد حديث: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية ...)

قوله: [أخبرنا علي بن حجر].
هو علي بن حجر بن إياس السعدي المروزي، ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[عن إسماعيل].
هو: إسماعيل بن جعفر، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن العلاء].
هو العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، صدوق ربما وهم، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبيه].
هو عبد الرحمن بن يعقوب، ثقة، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.

فضيلة الصدقة عن الميت

مداخلة: أحسن الله إليك، هل في هذا الحديث دليل على أن الصدقة عن الميت والدعاء له أفضل من الاعتمار والحج عنه؟
الشيخ: لا شك أن الصدقة أفضل لأن نفعها متعدٍ، والحج فيه نفع متعدٍ لكنه ليس كالصدقة التي هي الفاقة وسد الحاجة، والكل فيه خير كثير، لكن ورد من الحث على الصدقة ما لم يرد فيما يتعلق بالحج، ولا شك أن الصدقة تطفئ الخطيئة، وهي وقاية من النار، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (اتقوا النار ولو بشق تمرة) فالصدقة شأنها عظيم، وسد العوز وسد الفاقة هذا أمر عظيم، وتصدق الإنسان أو التصدق عنه أولى من الحج عنه، وإن جمع بين الاثنين فخير إلى خير ونور إلى نور.

انتفاع الميت بدعاء الأحياء من غير أولاده

مداخلة: وهل في قوله: (وولد صالح يدعو له) قيد؟
الشيخ: الذي يبدو أنه ليس بقيد؛ لأنه إذا وجد له أناس آخرون يدعون له وهم ليسوا من أولاده فإن ذلك ينفعه؛ لأن دعاء الأحياء للأموات ينفعهم مطلقاً، سواء كانوا أولاداً أو غير أولاد، لكن نص على الولد؛ لأنه به أخص، ومن بره أن يدعو لأبويه ولا يقال: إن هذا لا يكون، لكن في الغالب أن الأبناء هم الذين يكون استغفارهم ودعاؤهم لآبائهم مستمراً، فخيرهم لو وجد فإنه يعود إليه وينفعه ولكن ليس هذا حصراً على ولده، فإذا وجد مثلاً من تلاميذه، أو من أقربائه ومن له به علاقة، ومن بينه وبينه صداقة شديدة ومحبة ووفاق وكان يدعو له بصفة دائمة ينفعه، والصالح هو الذي من شأنه الدعاء بخلاف الطالح، فإن الطالح لا ينفع نفسه ولا ينفع غيره.

شرح حديث: (... إن أبي مات وترك مالاً ولم يوص فهل يكفر عنه أن أتصدق عنه؟ قال: نعم)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا علي بن حجر أنبأنا إسماعيل عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن أبي مات وترك مالاً ولم يوص، فهل يكفر عنه أن أتصدق عنه؟ قال: نعم)].
أورد النسائي حديث أبي هريرة، وأن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: إن أباه مات وترك مالاً ولم يتصدق، أفينفعه أن أتصدق عنه؟ قال: نعم، وهذا يدلنا على ثبوت الصدقة على الأموات، وأنه ينفع الأموات أن يتصدق عنهم الأحياء، لكن ليس فيه شيء يدل على الفضل؛ لأن هذا سأله هل ينفعه أو لا ينفعه؟ فقال: إنه ينفعه، لكن الفضل هو في الحديث الذي تقدم (إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)، ولا شك أن هذا فيه فضل، لكن كونه فيه حنث ليس فيه شيء، وإنما فيه استفتاء وإفتاء بأنه ينفعه، فهو يدل على الفضل من ناحية أن فيه براً وإحساناً، أما أن يكون فيه شيء قاله الرسول ابتداءً يرغب فيه، ويدل على عظم فضله ما فيه شيء يدل عليه، ولكن يدل على أنه ينفع، ولا شك أنه إذا كانت الصدقة تنفع الأموات بعد موتهم من الأحياء فهذا فيه فضل؛ لأن فيه براً، وإحساناً من الحي للميت.
وقوله: فهل يكفر عنه؟ يدل على الفضل، ويحتمل أن يكون المقصود يكفر الخطايا، ويحتمل أن يكون مقصوده: يكفر عن كونه ما تصدق، أو كونه ما أخرج شيئاً، فيكون هذا عوضاً عن الشيء الذي فاته أن يفعله، وهو أنه يتصدق، ولا شك أن قوله: هل يكفر؟ بعمومها تدل على الفضل؛ لأن تكفير السيئات فيه ولا شك.
قوله: [أخبرنا علي بن حجر عن إسماعيل].
وقد مر ذكرهما.
[ عن العلاء ].
العلاء، وقد مر ذكره
[ عن أبيه عن أبي هريرة].
وقد مر ذكرهما.

شرح حديث: (... إن أمي أوصت أن تعتق عنها رقبة، وإن عندي جارية نوبية أفيجزئ عني أن أعتقها عنها ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا موسى بن سعيد حدثنا هشام بن عبد الملك حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن الشريد بن سويد الثقفي رضي الله عنه أنه قال: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: إن أمي أوصت أن تعتق عنها رقبة، وإن عندي جارية نوبية أفيجزئ عني أن أعتقها عنها؟ قال: ائتني بها، فأتيته بها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: من ربك؟ قالت: الله، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: فأعتقها، فإنها مؤمنة)].
أورد النسائي حديث الشريد بن سويد: أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: أن أمه أوصت أن يعتق عنها رقبة، وكأن من شأن هذه الرقبة أن تكون مؤمنة، ولما قال له: إن عندي جارية، قال: ائتني بها، فسألها عن ربها وعن نبيها فأجابت: بأن ربها الله، ومحمد صلى الله عليه وسلم نبيها، فقال: أعتقها، فإنها مؤمنة، والحديث يدل أيضاً على الإعتاق عن الأموات ينفعهم، وهذا الحديث يدل عليه؛ لأن المرأة أوصت أن يعتق عنها، وابنها استفتى هل ينفعها أن يعتق عنها، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه ينفعها، فهذا أيضاً مما وردت به السنة فيما ينتفع به الأموات من سعي الأحياء.

تراجم رجال إسناد حديث: (... إن أمي أوصت أن تعتق عنها رقبة، وإن عندي جارية نوبية أفيجزئ عني أن أعتقها عنها...)

قوله: [أخبرنا موسى بن سعيد ].
صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن هشام بن عبد الملك ].
هو هشام بن عبد الملك الطيالسي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حماد بن سلمة ].
هو حماد بن سلمة بن دينار البصري، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن محمد بن عمرو ].
هو محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص، صدوق له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سلمة].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقد مر ذكره.
[عن الشريد بن سويد ].
صحابي، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي في الشمائل، والنسائي، وابن ماجه.

حديث الباب غير حديث معاوية بن الحكم السلمي مع الجارية

مداخلة: هل هذا الحديث هو نفسه ذاك الذي فيه أنه سألها: أين الله؟
الشيخ: لا، ذلك غير، ذاك حديث آخر.
مداخلة: ما قولكم في قول السندي: (فإنها مؤمنة) يفيد أنه لا حاجة في الإيمان إلى البرهان بل التقليد كاف؟
الشيخ: نعم، الرسول ما سألها وإنما اكتفى بأن قال: من ربك ومن نبيك؟ فإقامة البرهان من كل من يدخل الإسلام، واشتراط العلم والأدلة غير صحيحة؛ لأنه لو كان لازماً لسأل عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، فكلام السندي صحيح، فالمسلم ينشأ على الإسلام وأبواه ينشآنه على الفطرة؛ لأنه يولد عليها، وإذا كانوا ضلالاً حرفوه عن الفطرة، ولكنه لابد أنه ينشأ شيئاً فشيئاً، ويحصل المعلومات، ويتعلم ويعرف أصول الإيمان، ويعرف ما هو مطلوب منه تدريجياً، لكن العوام كما هو معلوم ما عندهم إلا أنهم نشأوا على الفطرة وعاشوا مع المسلمين الذين يؤمنون بما يؤمنون به.
ثم أيضاً من المعروف عن المتكلمين أن الدخول في الإسلام عندهم لابد فيه من أمور قبل الإسلام كالنظر أو القصد إلى النظر، ثم بعد ذلك يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويدخل في الإسلام، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم قد قال لـمعاذ: ( إنك تأتي قوماً أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله )، فما قال له: مرهم أن ينظروا، وأن يفكروا أولاً ولا يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله إلا بعد أن يحصل منهم هذا وهذا، بل عليهم أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وبذلك يدخلون الإسلام.

حديث (... إن أمي ماتت ولم توص أفأتصدق عنها؟ قال: نعم) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا الحسين بن عيسى أنبأنا سفيان عن عمرو عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما (أن سعداً سأل النبي صلى الله عليه وسلم: إن أمي ماتت ولم توص أفأتصدق عنها؟ قال: نعم)].
أورد النسائي حديث ابن عباس رضي الله عنهما في قصة سعد بن عبادة وقد مر، وقد أخبر عن أمه أنها ماتت، ولم توص، أفأتصدق عنها؟ قال: نعم، وهو مثل الطريق السابقة التي مرت في أن الصدقة عن الميت تنفعه.
قوله: [أخبرنا الحسين بن عيسى].
صدوق، أخرج له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[عن سفيان ].
هو سفيان بن عيينة المكي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو].
هو عمرو بن دينار المكي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عكرمة].
هو عكرمة مولى ابن عباس، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

يتبع


ابوالوليد المسلم 02-09-2022 07:34 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح حديث: (إن أمي توفيت، أفينفعها إن تصدقت عنها؟ قال: نعم) من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن الأزهر حدثنا روح بن عبادة حدثنا زكريا بن إسحاق حدثنا عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس (أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن أمه توفيت أفينفعها إن تصدقت عنها؟ قال: نعم، قال: فإن لي مخرفاً، فأشهدك أني قد تصدقت به عنها)].
أورد النسائي حديث ابن عباس وهو مثل ما تقدم والرجل مبهم، ويبدو أنه سعد بن عبادة، وهو متفق مع ما تقدم من أنه تصدق عنها بحائط وببستان؛ لأن سؤاله عن أن أمه ماتت ولم توص وينفعها أن يتصدق عنها وأجابه أنه تصدق بمخرف وهو: البستان أو النخل.
قوله: [أخبرنا أحمد بن الأزهر].
صدوق، أخرج له النسائي، وابن ماجه.
[عن روح بن عبادة].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن زكريا بن إسحاق ].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس].
وقد مر ذكر الثلاثة.

شرح حديث سعد بن عبادة: (إن أمي ماتت وعليها نذر أفيجزئ عنها أن أعتق عنها)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني هارون بن عبد الله حدثنا عفان حدثنا سليمان بن كثير عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن سعد بن عبادة رضي الله عنهم أجمعين (أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أمي ماتت وعليها نذر أفيجزئ عنها أن أعتق عنها؟ قال: أعتق عن أمك)].
أورد النسائي حديث ابن عباس في قصة سعد بن عبادة أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: [(إن أمي ماتت وعليها نذر أفيجزئ عنها أن أعتق عنها؟ قال: أعتق عن أمك)]
يعني: كأنه كان عليها نذر عتق، فسأل عن ذلك، فقال له رسول الله: (أعتق عن أمك)].
وهذا يدل على الوفاء بالنذر عن الميت، إذا كان عتقاً.

تراجم رجال إسناد حديث سعد بن عبادة: (إن أمي ماتت وعليها نذر أفيجزئ عنها أن أعتق عنها)

قوله: [أخبرني هارون بن عبد الله].
هو الحمال البغدادي، ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن عفان ].
هو عفان بن مسلم الصفار، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سليمان بن كثير ].
لا بأس به في غير الزهري، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهنا يروي عن الزهري ولكن لا يؤثر؛ لأن كلام ابن حجر في روايته عن الزهري شيء، والحديث جاء من طرق متعددة من غير هذا الطريق، فلا يؤثر كونه يرويه عن الزهري.
[عن الزهري].
وقد مر ذكره.
[عن عبيد الله بن عبد الله ].
هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، تابعي، ثقة، من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس عن سعد بن عبادة ].
وقد مر ذكرهما.

حديث سعد بن عبادة: (أنه استفتى النبي في نذر كان على أمه فتوفيت قبل أن تقضيه ...) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن أحمد أبو يوسف الصيدلاني حدثنا عيسى وهو ابن يونس عن الأوزاعي عن الزهري أخبره عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن سعد بن عبادة (أنه استفتى النبي صلى الله عليه وسلم في نذر كان على أمه فتوفيت قبل أن تقضيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقضه عنها)].
أورد النسائي حديث سعد بن عبادة من طريق أخرى وهو مثل ما تقدم، إلا أنه ما فيه ذكر تعيين النذر، والذي مر أنه عتق، وقد أمره بأن يقضي عنها، وهو يدل على أن النذر يقضى عن الميت.
قوله: [أخبرنا محمد بن أحمد أبو يوسف الصيدلاني].
ثقة، أخرج حديثه النسائي، وابن ماجه.
وهو: محمد بن أحمد وليس محمد بن محمد.
[حدثنا عيسى وهو ابن يونس ].
وعيسى الأولى زائدة (عن عيسى قال: حدثنا عيسى وهو ابن يونس) هذه زائدة ليست موجودة في السنن الكبرى، وفي السنن الكبرى أحمد بدل محمد، والخطأ هو في الذي بين أيدينا لا من جهة اسم الأب، ولا من جهة زيادة عن عيسى ، ومحمد بن أحمد أبو يوسف الصيدلاني يروي عن عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وهو ثقة، أخرج حديثه أ صحاب الكتب الستة.
[عن الأوزاعي].
هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي فقيه الشام، ومحدثها، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن سعد بن عبادة ].
وقد مر ذكر الأربعة.

حديث سعد بن عبادة: (أنه استفتى النبي في نذر كان على أمه فماتت قبل أن تقضيه ...) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن صدقة الحمصي حدثنا محمد بن شعيب عن الأوزاعي عن الزهري أنه أخبره عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن سعد بن عبادة (أنه استفتى النبي صلى الله عليه وسلم في نذر كان على أمه، فماتت قبل أن تقضيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقضه عنها)].
أورد النسائي حديث سعد بن عبادة من طريق أخرى وهو مثل ما تقدم استفتاء سعد عن قضاء النذر عن أمه وقد أفتاه بأن يقضي النذر عنها.
قوله: [أخبرنا محمد بن صدقة الحمصي].
صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن محمد بن شعيب].
صدوق، أخرج له أصحاب السنن الأربعة.
[عن الأوزاعي عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن سعد بن عبادة].
وقد مر ذكر الخمسة.

حديث ابن عباس: (استفتى سعد رسول الله في نذر كان على أمه فتوفيت قبل أن تقضيه) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا العباس بن الوليد بن مزيد أخبرني أبي حدثنا الأوزاعي أخبرني الزهري أن عبيد الله بن عبد الله أخبره عن ابن عباس قال: (استفتى سعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في نذر كان على أمه فتوفيت قبل أن تقضيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقضه عنها)].
أورد النسائي حديث ابن عباس من طريق أخرى وهو يتعلق باستفتاء سعد بن عبادة عن نذر كان على أمه وأن النبي صلى الله عليه وسلم أفتاه بأن يقضي عنها.
قوله: [أخبرنا العباس بن الوليد بن مزيد].
صدوق، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[عن أبيه].
ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن الأوزاعي عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس].
والأربعة مر ذكرهم.
ذكر الاختلاف على سفيان
حديث ابن عباس: (أن سعد بن عبادة استفتى النبي في نذر كان على أمه ...) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر الاختلاف على سفيان.
قال: الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع عن سفيان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس (أن سعد بن عبادة استفتى النبي صلى الله عليه وسلم في نذر كان على أمه فتوفيت قبل أن تقضيه، فقال: اقضه عنها)].
أورد النسائي حديث ابن عباس في قصة استفتاء سعد وهو مثل ما تقدم.
قوله: [قال الحارث بن مسكين ].
ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[ عن سفيان ].
هو سفيان بن عيينة، وقد مر ذكره .
[عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهم.

حديث سعد بن عبادة: (ماتت أمي وعليها نذر فسألت النبي فأمرني أن أقضيه عنها) من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد حدثنا سفيان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن سعد أنه قال: (ماتت أمي وعليها نذر، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرني أن أقضيه عنها)].
أورد النسائي حديث سعد بن عبادة من طريق أخرى، وهو يتعلق باستفتائه عن نذر أمه، فأفتاه النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقضيه عنها.
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد].
هو المقرئ المكي، ثقة، أخرج حديثه النسائي، وابن ماجه.
[عن سفيان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن سعد].
وكل هؤلاء مر ذكرهم.

حديث ابن عباس: (استفتى سعد بن عبادة الأنصاري رسول الله في نذر كان على أمه...) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس أنه قال: (استفتى سعد بن عبادة الأنصاري رسول الله صلى الله عليه وسلم في نذر كان على أمه فتوفيت قبل أن تقضيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقضه عنها)].
أورد النسائي حديث ابن عباس في قصة استفتاء سعد، وهو يتعلق بالنذر على أمه، وإفتاء النبي صلى الله عليه وسلم إياه بأن يقضي عنها، وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد].
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الليث].
هو الليث بن سعد المصري، ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهم.

حديث ابن عباس: (جاء سعد إلى النبي فقال: إن أمي ماتت وعليها نذر...) من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا هارون بن إسحاق الهمداني عن عبدة عن هشام هو ابن عروة عن بكر بن وائل عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال: (جاء سعد بن عبادة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أمي ماتت وعليها نذر ولم تقضه، قال: اقضه عنها)].
أورد النسائي حديث ابن عباس في قصة نذر أم سعد بن عبادة وإفتاء النبي صلى الله عليه وسلم لـسعد بأن يقضي عنها، وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا هارون بن إسحاق الهمداني].
صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة الترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[عن عبدة].
هو: عبدة بن سليمان، وقد مر ذكره.
[ عن هشام هو ابن عروة].
وقد مر ذكرهما.
[عن بكر بن وائل ].
صدوق، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس ].
وقد مر ذكرهم.

شرح حديث سعد بن عبادة: (... إن أمي ماتت أفأتصدق عنها؟ قال: نعم..)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك حدثنا وكيع عن هشام عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن سعد بن عبادة أنه قال: (قلت: يا رسول الله، إن أمي ماتت أفأتصدق عنها؟ قال: نعم، قلت: فأي الصدقة أفضل؟ قال: سقي الماء)].
أورد النسائي حديث سعد بن عبادة حيث استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن أمه ماتت وأنه يريد أن يتصدق عنها، وأي الصدقة أفضل؟ فقال: سقي الماء، يعني: أن سقي الماء إذا كان الناس محتاجين إلى الماء أفضل من غيره؛ لأن به حياة الناس، وإذا قل الماء عن الناس، ولم يتمكنوا من الحصول عليه، فإنه ينالهم الضرر البالغ، فسقي الماء عند شدة الحاجة إليه من أفضل القربات، ومن أفضل الأعمال؛ لأن به حياة الناس، والله تعالى جعل من الماء كل شيء حي.
قوله: [ أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك ].
هو محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي، ثقة، أخرج حديثه البخاري و...

ابوالوليد المسلم 02-09-2022 07:56 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب النحل والهبة

(472)

- (باب ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر النعمان بن بشير في النحل) إلى (باب ذكر الاختلاف على طاوس في الراجع في هبته)

أمر الله تعالى الآباء بالعدل بين أبنائهم، فلا يعطي الأب أحد أولاده شيئاً يميزه عن بقية إخوانه ويدع الباقين، كما نص الشرع على تحريم أن يعود الواهب في هبته إلا الوالد مع ولده، وقد شبه الرسول صلى الله عليه وسلم العائد في الهبة كالكلب يعود في قيئه.

ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر النعمان بن بشير في النحل


شرح حديث: (... لا أشهد على جور)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا أبو نعيم حدثنا زكريا عن عامر حدثني عبد الله بن عتبة بن مسعود ح، وأنبأنا محمد بن حاتم أنبأنا حبان أنبأنا عبد الله عن زكريا عن الشعبي عن عبد الله بن عتبة بن مسعود : (أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم -وقال: محمد أتى النبي صلى الله عليه وسلم- فقال: إني تصدقت على ابني بصدقة فاشهد فقال: هل لك ولد غيره؟ قال: نعم قال: أعطيته كما أعطيته قال: لا. قال: لا أشهد على جور)].أورد النسائي حديث عبد الله بن عتبة بن مسعود: (أن رجلاً جاء إلى النبي، وقال: إني تصدقت على ابني بصدقة).
يعني: هنا لم يسمّ الذي جاء، ويبدو أن القصة واحدة، وأن المقصود به: بشير بن سعد، حيث أعطى ابنه، والحديث أورد تحت نحلة بشير بن سعد لابنه النعمان، وهو مثل ما تقدم، الرسول صلى الله عليه وسلم سأل وقال: (أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ قال: لا، قال: أشهد على جور؟) يعني: هو يريد أن يشهده على تلك العطية.
(أشهد)، يعني: حذف الاستفهام؛ لأنه أحياناً يحذف همزة الاستفهام يعني: أأشهد، فحذفت الهمزة الأولى، وبقي أشهد على جور، ولكنه يفهم من كلام الإنسان عندما ينطق به أنه استفهام، ولكن من حيث الكتابة، قد يحذف حرف الاستفهام، ولكنه مفهوم من السياق، وفي الغالب أيضاً في الكتابة يجعل علامة الاستفهام بعده، يعني: طريقة الإملاء أنها تجعل علامة الاستفهام بعد الاستفهام، سواء كان فيه همزة استفهام، أو أداة استفهام، أو ما فيه، هذا فيه استفهام إنكاري.

تراجم رجال إسناد حديث: (... لا أشهد على جور)

قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان عن أبي نعيم].الشيخ أحمد بن سليمان مر ذكره، وأبو نعيم، هو الفضل بن دكين الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن زكريا].
هو زكريا بن أبي زائدة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عامر].
هو الشعبي، وقد مر ذكره.
[عن عبد الله بن عتبة بن مسعود].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي، ثم ذكر (ح) التحويل.
[وعبد الله بن عتبة].
يقول ابن حجر: ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ووثقه العجلي وجماعة.
لكن ما يدل إن كونه ولد ف عهد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون صحابياً.
وقد قال المزي في (تحفة الأشراف) عن النبي صلى الله عليه وسلم: وقد رآه، وهو غلام خماسي أو سداسي.
وعلى كل، إذا كان حصلت له الرؤية فإنه يكون صحابياً، لكنه وثقه العجلي، يعني: على أساس أنه تابعي، فهو إما أن يكون صحابياً صغيراً، أو أنه ليس بصحابي، وإن ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فالمخضرمون فيهم من ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وفيهم من ولد قبل ذلك، فما دام لم يلق النبي صلى الله عليه وسلم فلا يعتبر صحابياً، ولكن إن لقيه وهو صغير، فهو من حيث الرؤية يعتبر صحابياً، إذا كان لا يتحمل، وإن كان يتحمل، فيكون من حيث الرؤية، ومن حيث الرواية. نعم.
[ح وأنبأنا محمد بن حاتم].
(ح)، وهي (ح) التحويل؛ للتحول من إسناد إلى إسناد، ومحمد بن حاتم بن نعيم المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن حبان].
هو حبان بن موسى المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[عن عبد الله].
هو عبد الله بن المبارك المروزي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن زكريا عن الشعبي عن عبد الله بن عتبة بن مسعود].
وقد مر ذكر هؤلاء، ولعل الفرق بين الإسنادين أنه ذكر الشعبي في إسناد، وذكر عامراً في إسناد، فيكون جاء باسمه وجاء بنسبته، والإسناد يلتقي قبل الشعبي، فالتقاء الإسنادين بعد زكريا بن أبي زائدة.
عن الشعبي.
لأنه جاء عامر في إسناد، وجاء الشعبي في إسناد، فالأول: فيه عامر والثاني: فيه الشعبي.

شرح حديث النعمان بن بشير: (ذهب بي أبي إلى النبي يشهده على شيء أعطانيه...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبيد الله بن سعيد عن يحيى عن فطر حدثني مسلم بن صبيح سمعت النعمان بن بشير رضي الله عنهما يقول: (ذهب بي أبي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يشهده على شيء أعطانيه، فقال: ألك ولد غيره؟ قال: نعم، وصفَّ بيده بكفه، أجمع كذا، ألا سويت بينهم)].أورد النسائي حديث النعمان بن بشير، وهو مثل ما تقدم، في قصة ذهاب أبيه به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأن النبي عليه الصلاة والسلام لم يقر تلك العطية، وأشار بيده أجمع يعني: هكذا، أي: ألا سويت بينهم، ويمكن أن يكون أشار بالنفي، وأصابعه مجتمعة، أو أنه أراد أن يسوي بينهم، كما يحصل التسوية بين الأصابع، بحيث يكون كلهم على وتيرة واحدة، إما أن يعطيهم جميعاً، وإما أن يمنعهم جميعاً، وهذا كما عرفنا بالنسبة للعطاء والتمليك، أما فيما يتعلق بالنفقة فيختلف الحكم.

تراجم رجال إسناد حديث النعمان بن بشير: (ذهب بي أبي إلى النبي يشهده على شيء أعطانيه...)

قوله: [أخبرنا عبيد الله بن سعيد].هو عبيد الله بن سعيد السرخسي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والنسائي.
[عن يحيى].
هو يحيى القطان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن فطر].
هو فطر بن خليفة، وهو صدوق، أخرج له البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن مسلم بن صبيح].
هو أبو الضحى، مشهور بكنيته، يأتي كثيراً بكنيته، ويأتي باسمه كما هنا، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن النعمان بن بشير].
وقد مر ذكره.

شرح حديث النعمان بن بشير: (انطلق بي أبي إلى رسول الله يشهده على عطية أعطانيها...) من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن حاتم أنبأنا حبان أنبأنا عبد الله عن فطر عن مسلم بن صبيح قال: سمعت النعمان رضي الله عنه يقول وهو يخطب: (انطلق بي أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشهده على عطية أعطانيها، فقال: هل لك بنون سواه؟ قال: نعم، قال: سوِّ بينهم)].أورد النسائي حديث النعمان بن بشير من طرق أخرى، وهو مثل ما تقدم، إلا أن فيه أنه كان يخطب، وهذا فيه دلالة على إعلان السنن وإبلاغها للناس؛ لأنه كان يبلغهم بهذه القصة التي حصلت له، وهو يخطب؛ لأن إعلان السنن على المنابر وبالخطب، وذكر أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، يكون سبباً في إبلاغ كثير من الناس؛ لأن من يسمع الخطبة كثير لاسيما مع رفع الصوت، ومع كثرة الناس، فيكثر النقلة والآخذون لتلك السنن والأحاديث.

تراجم رجال إسناد حديث النعمان بن بشير: (انطلق بي أبي إلى رسول الله يشهده على عطية أعطانيها...) من طريق ثانية

قوله: [أخبرنا محمد بن حاتم عن حبان عن عبد الله عن فطر عن مسلم بن صبيح عن النعمان].وكلهم مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.
شرح حديث: (اعدلوا بين أبنائكم)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا يعقوب بن سفيان حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن حاجب بن المفضل بن المهلب عن أبيه قال: سمعت النعمان بن بشير رضي الله عنهما يخطب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (اعدلوا بين أبنائكم، اعدلوا بين أبنائكم)].أورد النسائي حديث النعمان بن بشير، وفيه أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقول بعدما ذكر قصة النعمان، وإعطاء أبيه له تلك العطية، قال: [(اعدلوا بين أبنائكم، اعدلوا بين أبنائكم)] وجاء عند غير النسائي: (اتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم) في آخر الحديث: (فلا تشهدني على جور، اتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم) والتكرار: (اعدلوا بين أبنائكم، اعدلوا بين أبنائكم) للتأكيد.
تراجم رجال إسناد حديث: (اعدلوا بين أبنائكم)
قوله: [أخبرنا يعقوب بن سفيان].ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[عن سليمان بن حرب].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حماد بن زيد].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حاجب بن المفضل بن المهلب].
ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[عن أبي].
وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن النعمان بن بشير].
وقد مر ذكره.
كتاب الهبة (هبة المشاع)
شرح حديث: (ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [كتاب الهبة (هبة المشاع).أخبرنا عمرو بن يزيد حدثنا ابن أبي عدي حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أنه قال: (كنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ أتته وفد هوازن، فقالوا: يا محمد، إنا أصل وعشيرة، وقد نزل بنا من البلاء ما لا يخفى عليك، فامنن علينا، من الله عليك، فقال: اختاروا من أموالكم، أو من نسائكم وأبنائكم، فقالوا: قد خيرتنا بين أحسابنا وأموالنا، بل نختار نساءنا وأبناءنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم، فإذا صليت الظهر فقوموا، فقولوا: إنا نستعين برسول الله على المؤمنين، أو المسلمين في نسائنا وأبنائنا، فلما صلوا الظهر قاموا فقالوا ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم، فقال المهاجرون: وما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقالت الأنصار: ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال الأقرع بن حابس: أما أنا وبنو تميم فلا، وقال عيينة بن حصن: أما أنا وبنو فزارة فلا، وقال العباس بن مرداس: أما أنا وبنو سليم فلا، فقامت بنو سليم فقالوا: كذبت، ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا أيها الناس ردوا عليهم نساءهم وأبناءهم، فمن تمسك من هذا الفيء بشيء فله ست فرائض من أول شيء يفيئه الله عز وجل علينا، وركب راحلته، وركب الناس، اقسم علينا فيئنا، فألجئوه إلى شجرة فخطفت رداءه، فقال: يا أيها الناس، ردوا علي ردائي، فوالله لو أن لكم شجر تهامة نعماً قسمته عليكم، ثم لم تلقوني بخيلاً، ولا جباناً، ولا كذوباً، ثم أتى بعيراً، فأخذ من سنامه وبرة بين إصبعيه، ثم يقول: ها إنه ليس لي من الفيء شيء ولا هذه إلا خمس، والخمس مردود فيكم، فقام إليه رجل بكبه من شعر فقال: يا رسول الله، أخذت هذه لأصلح بها بردعة بعير لي، فقال: أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لك، فقال: أو بلغت هذه فلا أرب لي فيها فنبذها، وقال: يا أيها الناس! أدوا الخياط والمخيط، فإن الغلول يكون على أهله عاراً وشناراً يوم القيامة)].
أورد النسائي كتاب الهبة، وقد عرفنا في الماضي أن النحل والهبة بمعنى واحد، ولعل النسائي فرق بينهما؛ لأن قصة النعمان بن بشير كثر فيها ذكر النحلة، والنحلة هي: الهبة وهي العطية، والتفريق كما أشرت بوجود ذلك في الحديث، في قصة النعمان بن بشير، وكل الأحاديث التي أوردها في ذلك الكتاب تتعلق بقصة النعمان بن بشير، وأن أباه نحله غلاماً، وفيها ذكر الطرق المختلفة في ذلك.
وعلى هذا، فالبابان موضوعهما واحد، ومؤداهما واحد، وقال النسائي بعد ذلك: هبة المشاع، والمشاع هو: المشترك غير المتميز، معناه: إذا كان هناك مثلاً عبد رقيق بين اثنين، فإنه مشاع، وكذلك إذا كان الإنسان له قطعة أرض مشترك فيها مع آخر فهي لهما جميعاً، وكل واحدٍ منهما لا يختص بقطعة منها مهما صغرت، بل أي شيء ولو قل فلكل منهما نصيب منه، حتى يميز بالقسمة، فيما يقبل القسمة كالأرض، أما بالنسبة للعبيد، والأرقاء، فإن الاشتراك مشاع، ولا يكون إلا مشاعاً.
وأورد النسائي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، في قصة هوازن بعدما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم منهم الغنائم، وفيها النساء والأولاد، وفيها الأموال العظيمة، جاءوا تائبين إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وطلبوا منه أن يرد عليهم ما أخذ منهم، فالنبي عليه الصلاة والسلام خيرهم بين أن يرد عليهم من أموالهم، أو من أبنائهم ونسائهم، قالوا: خيرتنا فنختار أحسابنا النساء والأولاد، يعني: ما دام المسألة فيها تخيير بين النساء والأولاد، وبين المال، فسنأخذ النساء والأولاد، ونخلصهم من الرق، فالنبي عليه الصلاة والسلام قال: (ما كان لي وابني عبد المطلب فهو لكم)، يعني: ما يتعلق بالخمس والذي يرجع قسمته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، والاستحقاق فيه للرسول صلى الله عليه وسلم ولأهل بيته، يقول: فهو لكم، وأنا متنازل عنه وأعطيكم إياه، لكن يبقى الأربعة الأخماس التي هي للغانمين، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أرشدهم إلى طريقة، وهي: أنهم إذا صلوا الظهر يقومون ويعلنون حاجتهم، ويقدمون الطلب الذي كانوا طلبوه منه بينهم وبينه، حتى يجيبهم بنفس الجواب الذي أجابهم، ثم بعد ذلك يمكن للناس أن يتابعوه، وأن يصيروا إلى ما صار إليه عليه الصلاة والسلام، فنفذوا، وهذا من نصحه صلى الله عليه وسلم، وشفقته، وحرصه على ما يعود بالخير والمنفعة.
فقال لهم: [(إذا صليتم الظهر فقوموا وقولوا: كذا وكذا)]، يعني: هذا الكلام الذي قلتموه لي، اذكروه بعد صلاة الظهر أمام الناس، حتى يجيبهم بنفس الجواب، ويترتب على ذلك أنه إذا أجابهم بهذا الجواب الذي أعطاهم إياه بينهم وبينه إذا أجابهم به أمام الناس فإنه يمكن للناس أن يتابعوه، فتابعه المهاجرون والأنصار، ولكن بعض القبائل تمسك بحقه، فقالت الأنصار: (ما كان لنا فهو لرسول الله) يعني: نحن متنازلون، والمهاجرون قالوا كذلك والأقرع بن حابس التميمي قال: (أما أنا وبنو تميم فلا)، وعيينة بن حصن الفزاري قال: (أما أنا وبنوا فزارة فلا)، والعباس بن مرداس قال: (أما أنا وبنو سليم فلا)، فقامت جماعة من بني سليم، وقالوا: (كذبت، ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم).
فالنبي عليه الصلاة والسلام خاطب الناس خطاباً عاماً، وقال: (يا أيها الناس، ردوا عليهم سبيهم، ومن تمسك بحقه فإنا معطوه ست فرائض من أول ما يفيء الله علينا)، والفرائض قيل: المراد بها: الإبل، وقد جاء في بعض الأحاديث، يعني: في بعض الروايات من غير النسائي وهي في الصحيحين أو في أحدهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كان له شيء فنحن نرد عليه من أول ما يفيء الله علينا)، يعني: الشيء الذي يستحقه، وهو سيرد لهم بنين ونساء؛ لأن هذا هو الذي اختاروه، فردوا عليهم سبيهم، وبعد ذلك أحاط الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم يطلبون منه القسمة، يعني: قسمة المال، فألجؤوا النبي عليه الصلاة والسلام إلى شجرة، وهم يحيطون به، فخطفت رداءه، فقال عليه الصلاة والسلام: ردوا ردائي عليّ، فلو كان لي مثل شجر تهامة نعماً لقسمته بينكم، ثم لا تجدوني بخيلاً ولا جباناً ولا كذوباً، يعني: أن المال مهما بلغ، ومهما كثر، فإنه لكم، وأخذ وبرة من بعير، وجعلها بين أصابعه بجانب يده، وقال: ليس لي من هذه إلا الخمس وهو مردود عليكم.
فلما رأى رجل أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ هذه الوبرة، وهي قطعة من شعر أخذها من ظهر بعير، وقال: حتى هذه ليس لي منها إلا مقدار الخمس، وكان قد أخذ شعراً يقال له: كبة، يعني: مجموعة من الشعر ملتم بعضه إلى بعض، يريد أن يصلح به برذعة بعيره، والمقصود بها: الحلس الذي يوضع تحت الركاب؛ لأن الرحل يكون من خشب، ويكون تحت الخشب وقاء، يعني: يكون بين جلد البعير وبين الخشب الذي يكون منه الرحل، هذا يسمى حلساً، ويسمى: برذعة، ويأتي غالباً ذكر البرذعة مع الحمير، وهنا جاء إطلاقها فيما يتعلق بالإبل.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما كان لي منها ولبني عبد المطلب فهو لكم)، فلما رأى الأمر هكذا، مع أن هذه الوبرة ليس لها أهمية، وليس لها قيمة، ومع ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ما كان لي منها وبني عبد المطلب فهو لك، فقال: أو بلغت هذه، يعني: إلى هذا الحد، إذاً لا أرب لي فيها ورماها، معناه: أنه لا يأخذها، ما دام الأمر هكذا، وإن كان قليلاً، فإنه يعتبر غلولاً. وقال: (يا أيها الناس، أدوا الخياط والمخيط).
أدوا الخياط والمخيط، يعني: الإبرة، والمراد أنه ولو كان شيئاً قليلاً هو مقدار إبرة، فإنه يؤدى، قال: (فإن الغلول عار وشنار على أهله يوم القيامة)، وهذا يدل على خطورة الغلول، وأنه وإن كان قليلاً فلا يحق لأحدٍ أن يأخذه، بل يتركه في الغنائم، ويقسم كما تقسم الغنائم، ففيه التحذير من الغلول.
ومحل الشاهد من إيراد الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما كان لي ولبني المطلب فهو لكم)؛ لأنه وهبهم الشيء الذي يستحقه، والمقصود أنه من هبة المشاع؛ لأن الغنائم قبل أن تقسم مشاعة، كل واحدٍ من الغانمين، وكل من له حق، فله نصيب في كل شيء حتى يقسم، وإذا قسم وصار لكل عين يختص بها ذهبت الإشاعة، وبقي غير مشاع بل متعين.
ومقصود النسائي من إيراد الحديث بطوله، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم)، يعني: وهبهم، والمقصود أنه عند الهبة فإن كل شيء من الغنيمة فهو مشاع مشترك بين الناس، أما إذا عين لكل واحد نصيبه فإنه لا يكون مشاعاً، فحيث يختص الشخص برقيق واحد، وبعبدٍ واحد، فإنه يملكه، ولا يكون مشاعاً.
يقول في الحديث: (وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: يا أيها الناس، ردوا عليهم نساءهم وأبناءهم، فمن تمسك من هذا الفيء بشيء فله ست فرائض من أول شيء يفيئه الله).
يعني: من تمسك بحقه ولم يتنازل؛ لأن الناس تنازل بعضهم، وبعضهم ما تنازل، فقال: الذي تمسك بحقه فكل ما أخذ منهم من السبي فإنه يرد، والذي طابت نفسه وتنازل عن ماله فقد انتهى أمره، أما من لم يرد مثل الأقرع بن حابس، ومثل عيينة بن حصن الذين كل واحد منهم قال: لا، قال: إننا معطوه من أول ما يفيئه الله لنا ست فرائض، وبعض الأحاديث ليس فيه ذكر ست فرائض وإنما فيه نرد عليه، يعني: استحقاقه، أو مثل ما أخذ منه في أول فيء يفيئه الله علينا، والحديث ورد في البخاري وفي غيره، وكان فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال لهم: إن هؤلاء جاءوا تائبين، وإننا نريد أن نرد عليهم فيئهم، فمن منكم طيب، قالوا: طيبنا، طيبنا، يا رسول الله، معناه: كلنا سمحنا، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: لا ندري من طيب ومن لم يطيب، لكن ليذهب عرفاؤكم، وليأت إلينا عرفاؤكم يعني: كل واحد يأتي عن جماعته يخبر بالذي حصل، من طيب فذاك، ومن لم يطيب يعني: نفسه ما طابت فإنا سنرد عليه، لكن هؤلاء يرجع لهم ما أخذ منهم من السبي، ولكننا نعوض من لم تسمح نفسه، ولم تطب نفسه، نعوضه من أول ما يفيء الله علينا.
قوله: (وركب راحلته وركب الناس، اقسم علينا فيئنا).
ركب راحلته، يعني: يريد أن يمشي، والناس ركبوا، وأحاطوا به يقولون: اقسم المال.
وهؤلاء هم أصحاب الغنائم، ليسوا هوازن؛ لأن هوازن كل من أخذ منه أهله وأولاده فسيرجعون إليه، ولا قسمة لهم، وإنما قسمة المال، لأصحاب الغنائم الذين استحقوها؛ لأنه أعطاهم النساء والأولاد، وبقي المال ما أعطاهم إياه، وسيقسم، ولهذا أعطى على مائة من الإبل تأليفاً للقلوب.
فالمقصود بالقسمة الغانمون الذين بقي لهم المال، وذهب النساء والأطفال، فهم يريدون أن يقسم المال عليهم.
قوله: (ليس لي إلا الخمس، والخمس مردود فيكم).
(مردود فيكم) معناه: هو في مصالح أهل البيت، وفي مصالح المسلمين.
وما كان منه للرسول فهو ينفقه في سبيل الله عز وجل، يعني: هو يقسم أقسام، له ولذي القربى يعني: الجهات التي ذكرها الله عز وجل.

تراجم رجال إسناد حديث: (ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم)

قوله: [أخبرنا عمرو بن يزيد].هو عمرو بن خالد بن يزيد، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن ابن أبي عدي].
هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حماد بن سلمة].
ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن محمد بن إسحاق].
هو محمد بن إسحاق المدني، وهو صدوق يدلس، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عمرو بن شعيب].
هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبيه].
هو شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وجزء القراءة، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن جده].
هو عبد الله بن عمرو ولا يروي عن أبيه محمد، وقد قال الحافظ في التقريب: صدوق، ثبت سماعه من جده عبد الله بن عمرو، وعلى هذا فهو متصل؛ لأن عمراً يروي عن أبيه شعيب، وشعيب يروي عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص، وليست الرواية عن أبيه محمد؛ لأن محمداً ليس صحابياً، ويكون مرسلاً، لكن ثبت سماع شعيب من جده عبد الله، بل جاء في بعض الروايات عند النسائي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص.

رجوع الوالد فيما يعطي ولده وذكر اختلاف الناقلين للخبر في ذلك

شرح حديث عبد الله بن عمرو في العائد في هبته

قال المصنف رحمه الله تعالى: [رجوع الوالد فيما يعطي ولده وذكر اختلاف الناقلين للخبر في ذلك. أخبرنا أحمد بن حفص حدثنا أبي حدثني إبراهيم عن سعيد بن أبي عروبة عن عامر الأحول عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يرجع أحد في هبته إلا والد من ولده، والعائد في هبته كالعائد في قيئه)].
أورد النسائي رجوع الوالد فيما يعطي ولده، يعني: أن الهبة إذا أعطاها الإنسان، لا يجوز له أن يرجع فيها، فلا يأتي بعدما يستلمها الإنسان، ويقول: أنا عجزت عن الهبة، فأرجع إليّ ما أعطيتك، لا يجوز ذلك، وإنما يجوز للوالد أن يرجع؛ لأن الوالد قد يحصل منه عدم العدل، مثل ما حصل في قصة النعمان بن بشير بن سعد حين أعطى أحد بنيه، وكان يجب عليه التسوية، وقد طلب منه التي أن يرده، وأن يسوي بينهم في العطاء أو المنع، فالوالد مستثنى في منع الرجوع في الهبة على ولده، وقد يكون الرجوع لأمر لا بد منه كالعدل والبعد عن الجور، وأما غيره فليس له ذلك.
والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه لا يرجع أحد في هبته إلا الوالد، وضرب لذلك مثلاً فيه التنفير من هذا العمل، وقال: (إن العائد في هبته كالكلب يقيء فيعود في قيئه)، يعني: يأكل حتى يشبع، ثم يقيء، ثم بعد ذلك يرجع ويأكل قيئه، فهذا تمثيل وتشبيه بعمل الكلب، فهو تقبيح للعمل، وبيان لفظاعته، وأنه سيء للغاية، حيث شبهه النبي صلى الله عليه وسلم بعمل الكلب، والكلب معروف في خسته ودنائته، وأن من يكون كذلك فعمله قبيح، فهذا فيه التنفير، وبعض العلماء قال: إن هذا يدل على التحريم، وبعضهم قال: يدل على التقبيح، وأن هذا شيء ليس بسائغ، ولو رجع في هبته لجاز، لكن هذا التمثيل، وهذا المنع في قوله: (لا يحل)، يدل على التحريم.
وفي الحديث ضرب الأمثال لتقريب الشيء في صورة المحسوس، حتى يتمكن في النفوس.

تراجم رجال إسناد حديث عبد الله بن عمرو في العائد في هبته

قوله: [أخبرنا أحمد بن حفص].هو أحمد بن حفص بن عبد الله بن راشد النيسابوري، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي.
[عن أبيه].
صدوق، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن إبراهيم].
هو إبراهيم بن طهمان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن أبي عروبة].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عامر الأحول].
هو عامر بن عبد الواحد الأحول، وهو صدوق يخطئ، أخرج له البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده].
وقد مر ذكرهم.

حديث ابن عباس وابن عمر في العائد في هبته وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا ابن أبي عدي عن حسين عن عمرو بن شعيب حدثني طاوس عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم يرفعان الحديث إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (لا يحل لرجل يعطي عطية، ثم يرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده، ومثل الذي يعطي عطية ثم يرجع فيها، كمثل الكلب أكل حتى إذا شبع قاء، ثم عاد في قيئه)].أورد النسائي حديث ابن عمر، وابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وهو مثل ما تقدم في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى].
محمد بن المثنى، وهو الزمن أبو موسى العنزي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[عن ابن أبي عدي].
مر ذكره.
[عن حسين].
هو ابن ذكوان المعلم، وهو ثقة، أخرج له اصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن شعيب].
وقد مر ذكره.
[عن طاوس].
هو طاوس بن كيسان، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر].
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، أحد العبادلة الأربعة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومثله عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما.

يتبع


ابوالوليد المسلم 02-09-2022 07:57 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
حديث ابن عباس في العائد في هبته وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الله الخلنجي المقدسي حدثنا أبو سعيد وهو مولى بني هاشم عن وهب حدثنا ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه)].أورد النسائي حديث ابن عباس وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله الخلنجي المقدسي].
هو محمد بن عبد الله بن بكر الخلنجي المقدسي، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن أبي سعيد مولى بني هاشم].
هو عبد الرحمن بن عبد الله، وهو صدوق ربما أخطأ، أخرج له البخاري، وأبو داود في فضائل الأنصار، والنسائي، وابن ماجه.
[عن وهب].
هو وهيب بن خالد، هنا وهب وهو: وهيب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن طاوس].
هو عبد الله بن طاوس، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهما.

حديث طاوس في العائد في هبته وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن نعيم حدثنا حبان أنبأنا عبد الله عن إبراهيم بن نافع عن الحسن بن مسلم عن طاوس أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يحل لأحد أن يهب هبة ثم يرجع فيها إلا من ولده -قال طاوس: كنت أسمع وأنا صغير، عائد في قيئه، فلم ندر أنه ضرب له مثلاً- قال: فمن فعل ذلك فمثله كمثل الكلب يأكل ثم يقيء ثم يعود في قيئه)].ثم أورد النسائي الحديث، ولكنه مرسل، أرسله طاوس، وقد مر أنه يرويه عن ابن عباس، وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا محمد بن نعيم عن حبان عن عبد الله].
مر ذكر الثلاثة.
[عن إبراهيم بن نافع].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الحسن بن مسلم].
هو الحسن بن مسلم بن يناق، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[عن طاوس].
وقد مر ذكره.
[قال طاوس: كنت أسمع وأنا صغير: عائد في قيئه فلم ندر أنه ضرب له مثلاً].
يعني: يسمعون عائد في قيئه، وبعد ذلك تبين من الحديث أنه ضرب مثل، وأن ذلك مثل الكلب، وأن العائد في هبته كالكلب العائد في قيئه؛ لأن الناس كما هو معلوم لا يعود أحدهم في قيئه، ولكن من يفعل هذا الفعل، وهو أن يأخذ الهبة، وقد أخرجها، فإنه كالكلب الذي يعود في قيئه، وإلا فإنهم يعرفون الناس أنهم ما يعودون في قيئهم، ولكن المقصود هو ضرب المثل.

ذكر الاختلاف لخبر عبد الله بن عباس فيه

حديث ابن عباس في العائد في هبته من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر الاختلاف لخبر عبد الله بن عباس فيه. أخبرنا محمود بن خالد حدثنا عمر عن الأوزاعي حدثني محمد بن علي بن حسين حدثني سعيد بن المسيب حدثني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم (مثل الذي يرجع في صدقته كمثل الكلب يرجع في قيئه فيأكله)].
ثم أورد النسائي حديث ابن عباس وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا محمود بن خالد].
هو محمود بن خالد الدمشقي، وهو ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن عمر].
هو عمر بن عبد الواحد الدمشقي، وهو مثله، ثقة، وأخرج له مثل الذي أخرج لتلميذه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن الأوزاعي].
هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن علي بن الحسين].
هو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وهو: محمد بن علي الباقر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن المسيب].
وهو ثقة، فقيه، من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن عباس] مر ذكره.

حديث ابن عباس في العائد في هبته من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن منصور حدثنا عبد الصمد حدثنا حرب وهو ابن شداد حدثني يحيى هو ابن أبي كثير حدثني عبد الرحمن بن عمرو هو الأوزاعي أن محمد بن علي بن حسين بن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حدثه عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (مثل الذي يتصدق بالصدقة ثم يرجع فيها كمثل الكلب قاء ثم عاد في قيئه فأكله)].أورد النسائي حديث ابن عباس وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا إسحاق بن منصور].
هو إسحاق بن منصور الكوسج، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.
[عن عبد الصمد].
هو عبد الصمد بن عبد الوارث العنبري، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حرب هو ابن شداد].
حرب هو ابن شداد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن يحيى هو ابن أبي كثير].
هو يحيى بن أبي كثير اليمامي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأوزاعي عن محمد بن علي بن الحسين عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهم.
وقال الأوزاعي عن محمد بن علي بن الحسين بن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ولكنه قال ابن فاطمة يعني: لبيان الشرف الذي حصل له، وهو أبوة الرسول صلى الله عليه وسلم له، وأنه من أبناء الرسول عليه الصلاة والسلام.

حديث ابن عباس في العائد في هبته من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا الهيثم بن مروان بن الهيثم بن عمران حدثنا محمد وهو ابن بكار بن بلال حدثنا يحيى عن الأوزاعي أن محمد بن علي بن الحسين حدثه عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (مثل الذي يرجع في صدقته كمثل الكلب يقيء ثم يعود في قيئه) قال الأوزاعي: سمعته يحدث عطاء بن أبي رباح بهذا الحديث].أورد النسائي حديث ابن عباس مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا هيثم بن مروان بن الهيثم بن عمران].
هيثم بن مروان بن الهيثم، وهو مقبول، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن محمد هو ابن بكار].
محمد هو ابن بكار بن بلال، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن يحيى].
هو يحيى بن حمزة الدمشقي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأوزاعي عن محمد بن علي عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهم.
[قال الأوزاعي: سمعته يحدث عطاء بن أبي رباح بهذا الحديث].
يعني الأوزاعي يقول: سمع محمد بن علي بن الحسين يحدث عطاء بن أبي رباح بهذا الحديث يعني: كان يحدث غيره فسمع منه.

حديث ابن عباس في العائد في هبته من طريق خامسة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الرحمن حدثنا شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (العائد في هبته كالعائد في قيئه)].أورد النسائي حديث ابن عباس وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى].
مر ذكره.
[عن عبد الرحمن].
هو ابن مهدي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي، ثم البصري، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهما.

حديث ابن عباس في العائد في هبته من طريق سادسة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أبو الأشعث حدثنا خالد حدثنا شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (العائد في هبته كالعائد في قيئه)].أورد النسائي حديث ابن عباس وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا أبو الأشعث].
هو أحمد بن مقدام أبو الأشعث العجلي بصري، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[عن خالد].
هو خالد بن الحارث، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهم.
شرح حديث ابن عباس في العائد في هبته من طريق سابعة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن العلاء حدثنا أبو خالد وهو سليمان بن حيان عن سعيد بن أبي عروبة عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ليس لنا مثل السوء، العائد في هبته كالعائد في قيئه)].أورد النسائي حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(ليس لنا مثل السوء، العائد في هبته كالعائد في قيئه)].
قوله: [(العائد في هبته كالعائد في قيئه)]، يعني: كالكلب العائد في قيئه، قوله: [(ليس لنا مثل السوء)]، يعني: ليس من شأننا، ولا يليق بنا أن ينطبق علينا ذلك المثل، وهو: أن يكون الإنسان مثل الكلب يقيء، فيعود في قيئه فيأكله، يعني: فلا يعود أحد في هبته، وهذا فيه التنفير وأن هذا مثل السوء، وأنه قبح ودناءة ورداءة بالرجل أن يكون مشابهاً الكلاب في أفعالها.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في العائد في هبته من طريق سابعة

قوله: [أخبرنا محمد بن العلاء].هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي خالد].
أبو خالد الأحمر وهو سليمان بن حيان، وهو صدوق يخطئ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن أبي عروبة].
وقد مر ذكره.
[عن أيوب].
هو أيوب بن أبي تميمة السختياني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عكرمة].
هو عكرمة مولى ابن عباس، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
وقد مر ذكره.

حديث ابن عباس في العائد في هبته من طريق ثامنة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن زرارة حدثنا إسماعيل عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ليس لنا مثل السوء العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه)].وحديث ابن عباس مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا عمرو بن زرارة].
ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والنسائي.
[عن إسماعيل].
هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم المشهور بـابن علية، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس].
وقد مر ذكر الثلاثة.

حديث ابن عباس في العائد في هبته من طريق تاسعة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن حاتم بن نعيم حدثنا حبان أنبأنا عبد الله عن خالد عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله سلم: (ليس لنا مثل السوء الراجع في هبته كالكلب في قيئه)].أورد النسائي حديث ابن عباس وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا محمد بن حاتم عن حبان عن عبد الله].
أولئك مروزيون عبد الله بن المبارك، وقد مروا.
[عن خالد].
هو خالد بن مهران الحذاء، وهو صدوق، سيئ الحفظ أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة.
[عن عكرمة عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهما.

ذكر الاختلاف على طاوس في الراجع في هبته

شرح حديث ابن عباس في العائد في هبته من طريق عاشرة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر الاختلاف على طاوس في الراجع في هبته.أخبرني زكريا بن يحيى حدثنا إسحاق حدثنا المخزومي حدثنا وهيب حدثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه)].
سبق أن مرت أحاديث عديدة في بيان التحذير من الرجوع في الهبة، وأنه لا يجوز رجوع الواهب في هبته، إلا الوالد فيما يهبه لولده، وأما غيره فإنه لا يجوز، وقد شبه ذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام بعمل الكلب الذي يقيء، ثم بعد ذلك يرجع إلى قيئه فيأكله، وهو تشبيه في غاية الوضوح في سوء العمل، وقد مر في بعض الأحاديث: (ليس لنا مثل السوء، العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه).
والطريق الذي مر مع الطريقين الذي قبله صدر بقول: [(ليس لنا مثل السوء)]؛ لأن هذا مثل فيه تشبيه يدل على سوء المشبه، وأن تشبيهه بالمشبه به، الذي هو الكلب وعمله، فيه خسة وفيه دناءه، وفيه قبح، فلا يليق بالمسلم أن يكون شأنه هكذا، بل إذا أعطى الهبة، فإنه يخرجها من نفسه، ولا تتعلق نفسه بها.
والحديث مر من طرق عديدة، وهذا من هذه الطرق.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في العائد في هبته من طريق عاشرة

قوله: [أخبرنا زكريا بن يحيى].هو زكريا بن يحيى السجزي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن إسحاق].
هو إسحاق بن مخلد بن راهويه الحنظلي المروزي، ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
وإسحاق بن راهويه كثيراً ما يروي عنه النسائي مباشرة، إلا أنه في بعض المواضع يروي عنه بواسطة، يعني: رواياته كثيراً ما تكون عن إسحاق بن راهويه الذي هو شيخ للنسائي، ولكنه يروي عنه بواسطة بعض شيوخه الآخرين، وقد تكرر ذلك في حق زكريا بن يحيى السجزي.
[عن المخزومي].
هو أبو هشام المغيرة بن سلمة، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن وهيب].
هو وهيب بن خالد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن طاوس].
عبد الله بن طاوس، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو طاوس بن كيسان، ثقة، أيضاً أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وهم عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم أبو هريرة، وابن عباس، وابن عمر، وأبو سعيد، وجابر، وأنس، وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم وعن الصحابة أجمعين.

حديث ابن عباس في العائد في هبته من طريق حادية عشرة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن حرب حدثنا أبو معاوية عن حجاج عن أبي الزبير عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (العائد في هبته كالعائد في قيئه)].أورد النسائي حديث ابن عباس من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا أحمد بن حرب].
هو أحمد بن حرب الموصلي، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن أبي معاوية].
هو أبو معاوية محمد بن خازم الضرير، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حجاج].
هو حجاج بن أرطأة، وهو صدوق، كثير الخطأ والتدليس، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي الزبير].
هو أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي، صدوق يدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن طاوس عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهما.

شرح حديث ابن عمر وابن عباس في العائد في هبته من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام حدثنا إسحاق الأزرق حدثنا به حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن طاوس عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يحل لأحد أن يعطي العطية فيرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده، ومثل الذي يعطي العطية فيرجع فيها، كالكلب يأكل حتى إذا شبع قاء ثم عاد فرجع في قيئه)].أورد النسائي حديث ابن عباس وابن عمر، وهما مثل ما تقدم، ينصان على تحريم العود في الهبة، وأن الذي يفعل ذلك كمثل الكلب الذي يأكل حتى إذا شبع قاء، ثم يرجع إلى قيئه فيأكله، وهذا شيء مستقذر لا يفعله الناس، وينفرون منه أشد النفرة، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يوضح قبح هذا العمل، وأن الذي يفعل هذا كالذي يعود في قيئه مع كون الناس يستقذرونه، على ذلك تشبيهه بعمل الكلب.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر وابن عباس في العائد في هبته من طريق ثانية

قوله: [أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام].لا بأس به، وهي تعادل صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن إسحاق الأزرق].
هو إسحاق بن يوسف الأزرق، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حسين المعلم].
هو حسين بن ذكوان المعلم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن شعيب].
هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن طاوس عن ابن عمر وابن عباس].
طاوس، وقد مر ذكره.
[عن ابن عمر].
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، وهو أحد العبادلة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم
[ابن عباس].
وقد مر ذكره.

شرح حديث طاوس في العائد في هبته من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبد الحميد بن محمد حدثنا مخلد حدثنا ابن جريج عن الحسن بن مسلم عن طاوس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا يحل لأحد يهب هبة، ثم يعود فيها إلا الوالد -قال طاوس: كنت أسمع الصبيان يقولون: يا عائداً في قيئه، ولم أشعر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضرب ذلك مثلا، حتى بلغنا أنه كان يقول- مثل الذي يهب الهبة ثم يعود فيها -وذكر كلمة معناها- كمثل الكلب يأكل قيئه)].أورد النسائي الحديث، ولكنه مرسل عن طاوس، وطاوس معلوم أنه يروي عن ابن عباس، وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، وأكثر الروايات عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه، فهو متصل وإن كان جاء مرسلاً، وهو مثل الذي قبله، وفيه قصة طاوس وأنه قال: كنت أسمع الصبيان يقولون: يا عائداً في قيئه، يعني: يعير بعضهم بعضاً، إذا عاد في هبته؛ لأنهم قد سمعوا بقصة التشبيه بالكلب، وأن النبي صلى الله عليه وسلم شبه الذي يعود في هبته، كالعائد في قيئه، قال: ولم أكن أدري حتى علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه).
تراجم رجال إسناد حديث طاوس في العائد في هبته من طريق ثانية
قوله: [أخبرنا عبد الحميد بن محمد].عبد الحميد بن محمد، هو الحراني، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي.
[عن مخلد].
هو مخلد بن يزيد، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[عن ابن جريج].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، فقيه، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن الحسن بن مسلم].
هو الحسن بن مسلم بن يناق، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[عن طاوس].
وقد مر ذكره.

حديث طاوس في العائد في هبته من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن حاتم بن نعيم حدثنا حبان أنبأنا عبد الله عن حنظلة أنه سمع طاوساً يقول: أخبرنا بعض من أدرك النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (مثل الذي يهب فيرجع في هبته كمثل الكلب يأكل فيقيء ثم يأكل قيئه)].أورد النسائي حديث طاوس، وقد أسنده إلى بعض من لقي النبي صلى الله عليه وسلم، وقد مر ذكر الحديث مسنداً عن ابن عباس، وعن ابن عمر، والمتن مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا محمد بن حاتم بن نعيم].
وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن حبان].
هو حبان بن موسى المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[عن عبد الله].
هو عبد الله بن المبارك المروزي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حنظلة].
هو حنظلة بن أبي سفيان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن طاوس عن بعض من أدرك النبي].
طاوس عن بعض من أدرك النبي صلى الله عليه وسلم.

ابوالوليد المسلم 02-09-2022 08:14 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الرقبى

(473)

- باب ذكر الاختلاف في خبر زيد بن ثابت في الرقبى - باب ذكر الاختلاف على أبي الزبير في الرقبى





أقر الإسلام بعض المعاملات التي كانت في الجاهلية مما فيه خير للناس، ومن ذلك الرقبى والعمرى، ومع ذلك فقد كرهت هذه المعاملة لما يخشى من حصول ندم المعطي على إثرها، وصار الأولى لمن أراد الخير لغيره في هذا الباب أن يهبه هبة مطلقة.

كتاب الرقبى ذكر الاختلاف على ابن أبي نجيح في خبر زيد بن ثابت فيه

شرح حديث: (الرقبى جائزة)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [كتاب الرقبى. (ذكر الاختلاف على ابن أبي نجيح في خبر زيد بن ثابت فيه).
أخبرنا هلال بن العلاء حدثنا أبي حدثنا عبيد الله وهو ابن عمرو عن سفيان عن ابن أبي نجيح عن طاوس عن زيد بن ثابت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (الرقبى جائزة)].
أورد النسائي: كتاب الرقبى، والرقبى لها صلة بالهبة، ولهذا يذكرها بعض العلماء، ويفردها بكتاب، كما فعل النسائي ، وكذلك العمرى، ومنهم من يجعلها داخلة ضمن أبواب الهبة؛ لأنها نوع من أنواعها، ولكن لها وضعها الخاص؛ ولهذا جعل بعض العلماء فيما يتعلق بالرقبى، والعمرى، ضمن كتاب الهبة كما فعل البخاري والحاصل: أن الرقبى يجعلها بعض العلماء كتاباً مستقلاً، ومنهم من يجعلها ضمن كتاب الهبة، والرقبى معناها: أن يقول شخص لآخر: أسكنتك هذه الدار، فإن مت قبلي رجعت إليّ، وإن مت قبلك فهي لك، وقيل لها: رقبى؛ لأن كل واحد منهما يرقب الآخر، وينتظر موته حتى يحصلها.
وكانت موجودة في الجاهلية، وكذلك العمرى التي ستأتي، وقد جاء الإسلام بإقرارها وجوازها مع النهي عنها فقيل: إن النهي للتحريم أو للتنزيه، وإنما نهي عنها مع أنها لو وجدت فهي معتبرة وثابتة؛ لأنه لا يكون للنفس ارتياح بعد ما يتصرف الإنسان ويحصل منه أن يرقب، فقد يندم، بعدما أعطى شيئاً يرجو ثوابه؛ ولهذا نهي عنها، إما تحريماً، وإما تنزيهاً، ولكن إذا فعلت، فإنها معتبرة وثابتة.
ثم أورد النسائي حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: [(الرقبى جائزة)] يعني: كانت في الجاهلية، وأقرت في الإسلام، وصار حكمها مستمراً، وتكون لمن أرقب، أي: المعطى، ولا ترجع إلى الذي أرقب الذي هو المعطي.

تراجم رجال إسناد حديث: (الرقبى جائزة)

قوله: [أخبرنا هلال بن العلاء].
هو هلال بن العلاء بن هلال، صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا أبي].
هو العلاء بن هلال، وفيه لين، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا عبيد الله بن عمرو وهو ابن عمرو].
هو عبيد الله بن عمرو الرقي، وثقة، ربما وهم، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان].
وهو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن أبي نجيح].
وهو عبد الله بن أبي نجيح، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن طاوس عن زيد بن ثابت].
طاوس وقد مر ذكره، وزيد بن ثابت رضي الله عنه حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

الرقبى تكون للمرقب ولورثته

مداخلة: أحسن الله إليك، يقولون: إنها لا ترجع لمن أرقبها حتى لو مات المرقب قبل من أرقب، مع أنكم ذكرتم في تعريفها أنها مأخوذة من المراقبة، حيث إن كل واحد يرقب موت الآخر؟
الشيخ: لا، هي تكون له ولورثته، كما سيأتي، وحكمها أنها تكون للموهوب، لكن من حيث التسمية قيل لها رقبى؛ لأن كل واحد يرقب الآخر، وكانت هذه في الجاهلية، والإسلام جاء وأقرها، ولكن جعلها للمرقب.

شرح حديث: (الرقبى للذي أرقبها)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن علي بن ميمون حدثنا محمد وهو ابن يوسف حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن طاوس عن رجل عن زيد بن ثابت رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الرقبى للذي أرقبها)].
أورد النسائي حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه، قال: الرقبى لمن أرقبها، أي: تكون للمرقب الذي هو المعطى ولا تكون للمرقب؛ لأنها هبة وعطية فلا يرجع بها.

تراجم رجال إسناد حديث: (الرقبى للذي أرقبها)

قوله: [أخبرنا محمد بن علي بن ميمون].
محمد بن علي بن ميمون، ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا محمد وهو ابن يوسف].
هو محمد بن يوسف الفريابي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان].
هو سفيان الثوري، وقد مر ذكره.
[عن ابن أبي نجيح عن طاوس عن رجل].
الرجل ما أدري، جاء مسمى في بعض الروايات التي ستأتي أنه حجر بن قيس المدري، يرويه طاوس عنه، وحجر بن قيس، ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه. وابن أبي نجيح وطاوس قد مر ذكرهما.
[عن زيد بن ثابت].
وقد مر ذكره.

شرح أثر ابن عباس: (لا رقبى، فمن أرقب شيئا فهو سبيل الميراث)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا زكريا بن يحيى حدثنا عبد الجبار بن العلاء حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن طاوس لعله عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (لا رقبى، فمن أرقب شيئاً فهو سبيل الميراث)].
أورد النسائي هذا الأثر ولعله عن ابن عباس قال: (لا رقبى، فمن أرقب شيئاً فهو سبيل الميراث)، يعني: أنه يكون للمرقب، وحكمه حكم الميراث، فيملكه ويستفيد منه في حياته، وإذا مات فإنه يرثه ورثة المرقب ولا يعود إلى المرقب.
قوله: [(لا رقبى)].
نفي لها، والمقصود من ذلك النهي، إما للتحريم، وإما للتنزيه، والمقصود من ذلك: أنه لا يليق بالإنسان أن يعمل مثل هذا العمل، ثم يحصل منه الندم، ويفكر أو يطمع أو يأمل أن يرجع إليه؛ ولهذا قال: فمن أرقب فحكمه حكم الميراث، أي: أنه يكون للمرقب، شأنه شأن الميراث، إذا مات المرقب فإنه يكون لورثته، ولا يرجع إلى المرقب، وعلى هذا فالإرقاب منهي عنه لما فيه من الندم، من شبه العود في الهبة، ومن أراد أن ينفع أحداً لا ينفعه بطريقة الرقبى، وإنما يسكنه حيث شاء، ولا يضيف ذلك إلى عمره، وإنما يقول: استفد من هذه الدار واسكن فيها وانتفع بها، فتكون من قبيل العارية، ثم بعد ذلك يستردها منه، أما أن يربط ذلك بالموت، فهذا هو الذي له حكم يخصه، ويجري مجرى الهبة الثابتة المنتهية.

تراجم رجال إسناد أثر ابن عباس: (لا رقبى، فمن أرقب شيئا فهو سبيل الميراث)

قوله: [أخبرنا زكريا بن يحيى].
زكريا بن يحيى مر ذكره.
[عن عبد الجبار بن العلاء].
لا بأس به وهي بمعنى صدوق، أخرج حديثه مسلم، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا سفيان].
سفيان، ابن عيينة المكي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن أبي نجيح عن طاوس لعله عن ابن عباس].
ابن أبي نجيح وطاوس لعله ابن عباس، الروايات عن زيد بن ثابت وهنا فيها شك.
ذكر الاختلاف على أبي الزبير

شرح حديث: (لا ترقبوا أموالكم فمن أرقب شيئاً فهو لمن أرقبه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر الاختلاف على أبي الزبير.
أخبرنا محمد بن وهب حدثنا محمد بن سلمة حدثني أبو عبد الرحيم حدثني زيد عن أبي الزبير عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (لا ترقبوا أموالكم، فمن أرقب شيئاً فهو لمن أرقبه)].
أورد النسائي حديث ابن عباس: لا ترقبوا أموالكم، أي: لا تخرجوها بهذه الطريقة التي كانت معروفة في الجاهلية: إن مت قبلي فلي، وإن مت قبلك فلك، ولكن من حصل منه الإرقاب فإنه يكون للمرقب، أي: للموهوب له.

تراجم رجال إسناد حديث: (لا ترقبوا أموالكم فمن أرقب شيئاً فهو لمن أرقبه)

قوله: [أخبرنا محمد بن وهب].
هو محمد بن وهب الحراني، صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن محمد بن سلمة الحراني].
ثقة، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، ومحمد بن سلمة هذا غير محمد بن سلمة الذي يروي عنه النسائي كثيراً؛ لأن ذاك مصري وهذا حراني، والمصري هو من شيوخه، وأما الحراني من طبقة شيوخ شيوخه كما هنا، فإنه يروي عنه بواسطة، فهما متفقان في الاسم واسم الأب وأحدهما المصري من شيوخه، والحراني من شيوخ شيوخه.
[حدثني أبو عبد الرحيم].
وهو خالد بن أبي يزيد الحراني، ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[حدثني زيد].
هو زيد بن أبي أنيسة، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الزبير].
أبو الزبير مر ذكره.
[عن طاوس عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهما.

يتبع

ابوالوليد المسلم 02-09-2022 08:14 PM

رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
 
شرح حديث ابن عباس في ذكر العمرى والرقبى
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن حرب حدثنا أبو معاوية عن حجاج عن أبي الزبير عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (العمرى جائزة لمن أعمرها، والرقبى جائزة لمن أرقبها، والعائد في هبته كالعائد في قيئه)].
أورد النسائي حديث ابن عباس في ذكر الرقبى ومعها العمرى: [(العمرى جائزة لمن أعمرها، والرقبى جائزة لمن أرقبها، والعائد في هبته كالعائد في قيئه)]، الرقبى مر ذكرها، والعمرى ليس فيها شيء من الطرفين كما يكون في الرقبى التي فيها كل واحد يرقب موت الآخر، وإنما هي من طرف واحد، يقول: ملكتك وأسكنتك، أو منحتك، وأعطيتك هذه الدار لتسكنها مدة حياتك، وقالوا: إن لها ثلاثة أحوال: الحال الأولى: أن يقول: هي لك ولعقبك، أعطيتك هذه الدار، أو أسكنتك هذه الدار لك ولعقبك، فهذه أمرها واضح؛ لأن الواهب لا ترجع إليه؛ لأنها له ولعقبه. الحال الثانية: أن يقول: هي لك تسكنها مدة حياتك، وإذا مت تعود إليّ، وهذه فيها خلاف بين أهل العلم، فكثير منهم قال: إنها تكون عارية حتى الممات، وإذا مات المعار ترجع إلى المعير، وبعض العلماء يقول: إنها كالأولى التي قال فيها: هي لك ولعقبك ومعناه ها الاستمرار، والحال الثالثة: أن تكون مطلقة، كأن يقول: أسكنتك مدة حياتك وما قال: لعقبك، وما قال: إنها ترجع لي إن مت، وإنما أطلق وقال: أسكنتك إياها مدة حياتك، قالوا: هذه مطلقة فتحمل على الطريقة الأولى، وفيها أيضاً خلاف، ولكن المسألة الثانية هي التي فيها خلاف قوي لأهل العلم، فكثير منهم قالوا: إنها من قبيل العارية، وليست من قبيل العمرى التي تكون للوارث، وتكون للمعمر ولورثته.
الحاصل: أن العمرى تختلف عن الرقبى من جهة أن الرقبى فيها جانبان، وكل واحد يرقب موت الآخر ليرجع إليه، أو ليحصل الشيء الذي حصل إرقابه، وأما العمرى فليس فيها شيء من الطرفين، وإنما هي من طرف واحد لطرف آخر، وتكون فيها ذكر العقب، وهذه أمرها واضح ولا إشكال فيها، أو مقيدة بالوفاة، وإذا مات ترجع إليه، وتكون من قبيل العارية على قول كثير من أهل العلم، وعلى قول بعضهم: إنها كالحالة الأولى، والحالة الثالثة أنها مطلقة، وفيها خلاف، والمشهور أنها كالحالة الأولى.
فالعمرى جائزة لمن أعمرها مثل جواز الرقبى لمن أرقبها، وعلى قول بعض أهل العلم تكون العمرى للمعمر مطلقاً، وفصل بعض أهل العلم في المسألتين الأخيرتين التي فيهما الشرط.
قوله: [أخبرنا أحمد بن حرب].
أحمد بن حرب مر ذكره.
[عن أبي معاوية عن حجاج عن أبي الزبير].
كل الإسناد مر ذكره.

شرح أثر ابن عباس: (العمرى والرقبى سواء)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن بشار حدثنا يحيى حدثنا سفيان عن أبي الزبير عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (العمرى والرقبى سواء)].
أورد النسائي أثر ابن عباس: (العمرى والرقبى سواء) أي: حكمهما واحد، وهذا يقتضي أن تكون العمرى كالرقبى في كونها للموهوب، كما تكون له الرقبى أيضاً.

تراجم رجال إسناد أثر ابن عباس: (العمرى والرقبى سواء)

قوله: [أخبرنا محمد بن بشار].
محمد بن بشار الملقب بـ بندار بصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يحيى].
هو يحيى بن سعيد القطان، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان].
هو سفيان الثوري، وقد مر ذكره.
[عن أبي الزبير عن طاوس عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهم.
وهو موقوف عليه.

شرح أثر ابن عباس: (لا تحل الرقبى ولا العمرى ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا يعلى حدثنا سفيان عن أبي الزبير عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (لا تحل الرقبى ولا العمرى، فمن أعمر شيئاً فهو له، ومن أرقب شيئاً فهو له)].
أورد النسائي أثر ابن عباس: لا تحل الرقبى ولا العمرى، هذا مثل قوله: لا ترقبوا ولا تعمروا، فمعناه: النهي، وهذا النهي للتحريم، أو للتنزيه، على خلاف بين أهل العلم، وعلى كل حال إذا وجد مع أنه منهي عنه فإنه يكون لمن أرقب فيه رقبى وعمرى.

تراجم رجال إسناد أثر ابن عباس: (لا تحل الرقبى ولا العمرى...)

قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان].
هو أحمد بن سليمان الرهاوي، ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا يعلى].
هو يعلى بن عبيد، ثقة إلا في حديث الثوري ففيه لين، وهذا من حديث الثوري ولكن جاء من طرق أخرى، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان عن أبي الزبير عن طاوس عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهم.

شرح أثر ابن عباس: (لا تصلح العمرى ولا الرقبى ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا محمد بن بشر حدثنا حجاج عن أبي الزبير عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (لا تصلح العمرى ولا الرقبى، فمن أعمر شيئاً أو أرقبه فإنه لمن أعمره وأرقبه حياته، وموته أرسله حنظلة)].
أورد النسائي الحديث موقوفاً على ابن عباس: لا تصلح الرقبى ولا العمرى، ومن أرقب شيئاً، أو أعمره، فهو لمن أرقب، ولمن أعمر، وهو مثل ما تقدم.
وقوله: [(حياته وموته)].
معناه: شأنه شأن المال الموروث، يكون له في حياته وبعد وفاته، يرثه ورثته كما جاء في الحديث أنه للوارث.

تراجم رجال إسناد أثر ابن عباس: (لا تصلح العمرى...)

قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان عن محمد بن بشر].
الإسناد مر كله إلا محمد بن بشر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[قال في آخره: أرسله حنظلة].
أرسله حنظلة، ثم ذكر الحديث، أو الطريق التي فيها إرسال حنظلة.

شرح حديث: (لا تحل الرقبى..)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن حاتم أنبأنا حبان حدثنا عبد الله عن حنظلة أنه سمع طاوساً يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تحل الرقبى، فمن أرقب رقبى فهو سبيل الميراث)].
أورد النسائي الحديث ولكنه مرسل، أرسله طاوس قال: (لا تحل الرقبى فمن أرقب شيئاً فهو سبيل الميراث) أي: على طريقة الميراث، يملكه في حياته، ويرثه ورثته بعد وفاته.
قوله: [أخبرنا محمد بن حاتم عن حبان عن عبد الله عن حنظلة عن طاوس].
كلهم مر ذكرهم.
شرح حديث: (العمرى ميراث)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني عبدة بن عبد الرحيم عن وكيع حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن طاوس عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (العمرى ميراث)].
أورد النسائي حديث زيد بن ثابت أن النبي قال: (العمرى ميراث) معناه: أنها تكون للمعمر تكون ولورثته.

تراجم رجال إسناد حديث: (العمرى ميراث)

قوله: [أخبرني عبدة بن عبد الرحيم].
عبدة بن عبد الرحيم، صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، والنسائي.
[عن وكيع].
هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان].
هو سفيان الثوري، وقد مر ذكره.
[عن ابن أبي نجيح عن طاوس عن زيد بن ثابت].
وقد مر ذكرهم.

حديث: (العمرى للوارث) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد حدثنا سفيان عن ابن طاوس عن أبيه عن حجر المدري عن زيد رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (العمرى للوارث)].
أورد النسائي حديث زيد بن ثابت [(العمرى للوارث)]، أي: إذا مات المعمر فإنها تكون لوارثه.
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد].
هو محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ المكي، ثقة، أخرج حديثه النسائي، وابن ماجه.
[حدثنا سفيان].
سفيان هو ابن عيينة، وقد مر ذكره.
[عن ابن طاوس عن أبيه].
وقد مر ذكرهما.
[عن حجر المدري].
هو حجر بن قيس المدري، ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن زيد].
هو زيد بن ثابت وقد مر ذكره.

حديث: (العمرى جائزة) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبيد حدثنا عبد الله بن المبارك عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن حجر المدري عن زيد بن ثابت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (العمرى جائزة)].
أورد النسائي حديث زيد: [(العمرى جائزة)] وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا محمد بن عبيد].
محمد بن عبيد هو المحاربي، صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا عبد الله بن المبارك].
عبد الله بن المبارك مر ذكره.
[عن معمر].
معمر هو ابن راشد، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن طاوس عن أبيه عن حجر المدري عن زيد بن ثابت].
وقد مر ذكرهم جميعاً.

حديث: (العمرى للوارث) من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا محمد بن عبيد عن ابن المبارك عن معمر عن عمرو بن دينار عن طاوس عن زيد بن ثابت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (العمرى للوارث)].
أورد النسائي حديث زيد بن ثابت وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا محمد بن عبيد عن ابن المبارك عن معمر].
وقد مر ذكرهم.
[عن عمرو بن دينار].
هو عمرو بن دينار المكي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن طاوس عن زيد].
وقد مر ذكرهما.

حديث: (العمرى للوارث) من طريق خامسة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا محمد بن حاتم أنبأنا حبان أنبأنا عبد الله عن معمر سمعت عمرو بن دينار يحدث عن طاوس عن حجر المدري عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (العمرى للوارث) والله أعلم].
أورد النسائي حديث زيد بن ثابت من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا محمد بن حاتم أنبأنا حبان أنبأنا عبد الله عن معمر سمعت عمرو بن دينار يحدث عن طاوس عن حجر المدري عن زيد بن ثابت].
والإسناد قد مر ذكر رجاله كلهم.
قوله: [عن معمر سمعت عمرو بن دينار يحدث عن طاوس عن حجر المدري عن زيد بن ثابت].
والإسناد قد مر ذكر رجاله كلهم.



الساعة الآن : 05:50 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 1,129.52 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 1,127.76 كيلو بايت... تم توفير 1.76 كيلو بايت...بمعدل (0.16%)]