ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الأخت المسلمة (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=45)
-   -   أمهات المؤمنين في موكب الدعوة (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=34593)

ابو كارم 28-08-2007 08:17 AM


(9)
أم المؤمنين أم حبيبة
رضي الله عنها
أخرج الزبير بن بكار عن إسماعيل بن عمرو أن أم حبيبة بنت أبي سفيان قالت: (ماشعرت وأنا بأرض الحبشة إلا برسول النجاشي -جارية يقال لها أبرهة، كانت تقوم على ثيابه ودهنه- فاستأذنت عليّ فأذنت لها، فقالت: إن الملك يقول لك: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلي أن أزوجكه، فقلت بشرك الله بالخير، وقالت: يقول لك الملك: وكّلي من يزوجك، قالت: فأرسلت إلى خالد بن سعيد بن العاص رضي الله عنه فوكلته، وأعطيت أبرهة سوارين من فضة وخدَمتين من فضة كانتا عليّ، وخواتيم من فضّة في كل أصابع رجلي سرورا بما بشرتني به، فلما أن كان من العشي أمر النجاشي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ومن كان عنده من المسلمين أن يحضروا، وخطب النجاشي وقال: الحمد لله الملك القدوس المؤمن العزيز الجبار، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وأنه الذي بشر به عيسى بن مريم.
أما بعد: فإن رسول لله صلى الله عليه وسلم طلب أن أزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان، فأجبت إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أصدقتها أربعمائة دينار، ثم سكب الدنانير بين يدي القوم، فتكلم خالد بن سعيد، فقال: الحمد الله أحمده وأستغفره، وأشهد أن لا أله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، أما بعد: فقد أجبت إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجته أم حبيبة بنت أبي سفيان، فبارك الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ودفع النجاشي الدنانير إلى خالد بن سعيد فقبضها، ثم أرادوا أن يقوموا فقال: اجلسوا فإن من سنة الأنبياء إذا تزوجوا أن يؤكل طعام على التزويج، فدعا بطعام فأكلوا ثم تفرقوا) .
قالت أم حبيبة: (فلما وصل إلي المال أرسلت إلى أبرهة التي بشرتني فقلت لهـا: إني كنـت أعطيتـك ما أعطيتك يومئذ ولا مال بيدي وهذه خمسون دينارا فخذيها فاستعيني بها، فأخرجت إلي حقة فيها جميع ما أعطيتها فردّته إليّ وقالت: عزم عليّ الملك أن لا أرزأك شيئا وأنا التي أقوم على ثيابه ودهنه، وقد اتبعت دين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلمت لله، وقد أمر الملك نساءه أن يبعثن إليك بكل ما عندهن من العطر. فلما كان الغد جاءتني بعود وورس وعنبر وزباد كثير، وقدمت بذلك كله على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يراه عليّ وعندي فلا ينكر، ثم قالت أبرهة: فحاجتي إليك أن تقرئي رسول الله صلى الله عليه وسلم منّي السلام وتعلميه أني قد اتبعت دينه. قالت: ثم لطفت بي وكانت هي التي جهزتني وكانت كلما دخلت علي تقول: لا تنسي حاجتي إليك.قالت فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقرأته منها السلام، فقال: (وعليها السلام ورحمة الله وبركاته) .
وأم حبيبة هي رملة بنت أبي سفيان زعيم مكة وقائد معسكر الشرك يومذاك، وزوجها هو عبيد الله بن جحش الأسدي، ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقصة أم حبيبة منذ كانت رملة بنت أبي سفيان وحتى أصبحت أم المؤمنين، ذات فصول كثيرة، وكلها مثيرة..
· فمن هذه الفصول إسلام عبيد الله بن جحش وإسلام زوجه معه.. وهكذا أصبحت رملة في طريق ووالدها في طريق آخر..
· ومن فصولها هجرتها مع زوجها إلى الحبشة، والتي أحدثت شرخا آخر في بيت أبي سفيان، فها هي ابنته تهجر مكة وتهجر أباها وتهاجر إلى بلاد بعيدة في سبيل دينها.
· وما أن تستقر رملة في الحبشة وترزق بطفلتها (حبيبة) حتى يتنصر زوجها ويحاول أن يردها عن دينها الإسلام وهو يقول لها: يا أم حبيبة، إني نظرت في الدين فلم أر دينا خيرا من النصرانية، وكنت قد دنت بها، ثم دخلت في دين محمد، ثم رجعت إلى النصرانية.
فقلت: والله ما هو خير لك.. وأكبّ على الخمر حتى مات..
فيم كانت الهجرة إذن، وفيم كان عذاب الاضطهاد ومحنة التشرد وأشجان الاغتراب، ومرارة التنكر للآباء والأجداد، وهذا هو يصبأ عن الإسلام الذي من أجله احتملت رملة كل ذلك، ورضيت أن تذيق أباها القهر والحسرة..؟
واعتزلت رملة الناس شاعرة بالخزي لفعلة الرجل الذي كان لها زوجا ولا يزال لطفلتها أبا..
وأغلقت الباب عليها وعلى طفلتها حبيبة مضاعفة الغربة، لا تريد أن تلقى الناس في دار هجرتها، ولا سبيل لها إلى أرض الوطن، حيث أبوها يعلن حربا شعواء على النبي الذي صدقته وآمنت به.
ومن قلب الضيق.. يأتيها الفرج..
فقد أحس النبي -على البعد- بمأساة أم حبيبة.. التي فقدت زوجها.. وفقدت موطنها.. وعافت أباها من أجل دينها.. فما شعرت ذات يوم إلا وطرقات تلح على بابها الموصد.. فتحته وإذا هي أمام بشارة النجاشي بأن محمدا يخطبها لنفسه..
وهكذا وجدت أم حبيبة نفسها أماً للمؤمنين، وسط حفاوة المسلمين الذين مازالوا على أرض الحبشة ووسط رعاية وإكرام النجاشي حاكم تلك البلاد.

ما أدري بأيهما أسر..؟
استقرت الأمور في المدينة المنورة لصالح الدولة المسلمة.. فانكسرت شوكة قريش واعترفت بالدين الجديد، واستسلم اليهود بعد معارك فاصلة كانت آخرها معركة خيبر لسلطان المسلمين في جزيرة العرب.. وآن للمهاجرين المستضعفين الذين هاجروا إلى الحبشة أن يعودوا.. فقد أصبحت دار الإسلام دار أمان ومنعة. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي يشكره على حسن استضافته للمهاجرين المسلمين ويطلب منه الإذن بعودتهم إلى ديارهم.. وكانت فرحة المدينة فرحتان.. عبّر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما أدري بأيهما أنا أسر: بفتح خيبر أم بقدوم جعفر.. ومع هؤلاء كانت أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب تنتظر النبي صلى الله عليه وسلم ليحملها إلى بيته، وقد مضى على زواجهما بضع سنين..
واحتفلت المدينة بهذا الزواج ..و أولم خال العروس (عثمان بن عفان) للمسلمين وليمة حافلة .. وعلّق عليه أبو سفيان فقال : (هو الفحل لا يجدع أنفه) .
وجاء دور مكة.. الحلقة الأخيرة في معسكر الشرك.. فقد نقضت قريش عهد الحديبية، وشعرت بخطورة الموقف.. فلم يعد لها قبل بمحمد وجنوده.. فقررت أن تبعث زعيمها أبا سفيان يفاوض عنها.. يعتذر عن الغدر ويطمع بأن يجدد محمد الهدنة.. وتهيب أبو سفيان لقاء محمد.. فرأى وهو السياسي المحنك أن يتوسل بابنته أم المؤمنين أم حبيبة إلى لقاء القائد المظفر محمد صلى الله عليه وسلم.
(وفوجئت به أم المؤمنين يدخل بيتها، ولم تكن قد رأته منذ هاجرت إلى الحبشة، فوقفت تجاهه بادية الحيرة، لا تدري ماذا تفعل أو ماذا تقول.. وعندما أراد الجلوس.. اختطفت الفراش.. ويسألها أبوها: أطويته يا بنية رغبة بي عن الفراش، أم رغبة بالفراش عني؟
وجاء الجواب: (هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنت رجل مشرك، فلم أحب أن تجلس عليه)!
ولم يستطع أبو سفيان أن يزيد عن قوله: لقد أصابك يا بنية بعدي شر .
وتم الفتح.. وفرح المسلمون بعودة الإسلام إلى مكة أم القرى.. وكانت فرحة أم المؤمنين فرحتين.. فرحتها بفتح مكة.. وفرحتها بإسلام أبيها. وبقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن..

سررتني سرك الله
وأحسّت أم حبيبة بدنو الرحيل، فدعت إليها عائشة فقالت لها: (وقد كان بيننا، ما يكون بين الضرائر.. فتحللينني من ذلك..؟ فحللتها عائشة واستغفرت لها، وأضاء وجهها بنور الرضا وهمست: سررتني سرّك الله).
ورقدت أم حبيبة بسلام في البقيع إلى جانب أمهات المؤمنين.. بعد رحلة العمر الطويلة الشاقة.

ابو كارم 28-08-2007 08:18 AM


(10)
أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث الهلالية
رضي الله عنها
أخرج الحاكم عن ابن شهاب قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من العام القابل عام الحديبية معتمرا في ذي القعدة سنة سبع وهو الشهر الذي صدّه فيه المشركون عن المسجد الحرام، حتى إذا بلغ يأجُج بعث جعفر بن أبي طالب بين يديه إلى ميمونة بنت الحارث بن حَزن العامرية فخطبها عليه، فجعلت أمرها إلى العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه وكانت أختها أم الفضل تحته، فزوجها العباس رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقام النبي صلى الله عليه وسلم بسرف (موضع قرب مكّة) بعد ذلك بحين حتى قدمت ميمونة فبنى بها بسَرِف. وقدر الله تعالى أن يكون موت ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها بعد ذلك بحين، فتوفيت حيث بنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وميمونة هي برة بنت الحارث الهلالية، إحدى أخوات أربع قال فيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الأخوات المؤمنات)..
أما الأولى: فهي أم الفضل لبابة الكبرى بنت الحارث زوج العباس بن عبدالمطلب، أول امرأة آمنت بعد خديجة رضي الله عنها. وهي التي ضربت أبا لهب عدو الله ورسوله، حين دخل بيت أخيه العباس فاحتمل مولاه (أبا رافع) فضربه بالأرض ثم برك عليه يضربه لأنه أسلم. فقامت أم الفضل إلى عمود فشجت رأس أبي لهب شجة منكرة، فما عاش بعدها إلا سبع ليال حتى رماه الله بداء قتله.
والثانية: أختها لأمها زينب بنت خزيمة الهلالية العامرية. كانت زوجة لعبيدة بن الحارث بن عبدالمطلب، فلما استشهد في بدر ضمها رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه فجبر خاطرها بعد أن انقطع عنهاالناصر والمعين. وكانت قد بلغت الستين من عمرها حينما تزوج بها النبي صلى الله عليه وسلم.
كانت تسمى أم المساكين لرحمتها إياهم ورقتها عليهم.

والثالثة: أختها لأمها أسماء بنت عميس الخثعمية زوج جعفر بن أبي طالب، وقد تزوجت من بعده أبا بكر ثم خلف عليها الإمام علي.
والرابعة: أختها لأمها سلمى بنت عميس زوج حمزة بن أبي طالب.
وأمهن جميعا، هند بنت عوف بن زهير، التي قيل فيها: (أكرم عجوز في الأرض أصهارا هند بنت عوف) أصهارها: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وحمزة والعباس ابنا عبدالمطلب وجعفر وعلي ابنا أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين.
واختلفت الروايات في قصة زواج النبي صلى الله عليه وسلم من ميمونة..
ففي حين تذكر بعض الروايات أن برّة وقد كانت في السادسة والعشرين من عمرها، مات عنها زوجها أبو رهم بن عبدالعزى العامري، فأفضت إلى شقيقتها أم الفضل بما يهفو إليه قلبها، فتحدثت به إلى زوجها العباس، فمضى من فوره إلى ابن أخيه وعرض عليه أمر برّة، فاستجاب النبي صلى الله عليه وسلم وبعث ابن عمه جعفر -زوج أختها أسماء- يخطبها.
وفي رواية أخرى أن برّة هي التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تبارك وتعالى فيها: )وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي، إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين( .
وفي رواية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قدم وأصحابه مكة في السنة السابعة للهجرة لأداء العمرة، فلما بلغ يأجج بعث بجعفر بن أبي طالب بين يديه إلى ميمونة فخطبها عليه.
والرواية الأخيرة.. هي التي تتسق -والله أعلم- مع مقاصد زواج النبي صلى الله من ميمونة.. فبالإضافة إلى أنها من أكرم بيوتات مكة.. وأصهارها من أعظم الرجال.. وباستثناء أبي بكر فهم أبناء وأحفاد عبدالمطلب.. بالإضافة إلى ذلك.. فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفكر في مكة.. وفي قريش التي وقفت عاتية جبارة في وجه الدين الجديد.. ومازالت قبائل العرب تنتظر موقفها قبل أن تقبل على الإسلام.. من أجل ذلك.. قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم صلح الحديبية بشروطـه التي بدت مجحفة بحـق المسلمين.. مقابل أن يحصل على اعتراف قريش بالإسلام كقوة أخرى موجودة في جزيرة العرب.. وهو اليوم يدخل مكّة وبوده لو لم يفارقها.. فما عليه لو تزوج من مكة وطلب إليهم لو يمهلوه ريثما يتم الزواج، فيكسب بهذا الإمهال مزيدا من الوقت.. ليمكّن للإسلام من هؤلاء.
فلما جاءه مبعوث قريش يطالبه بالخروج، إذ انقضى الأجل المنصوص عليه.. قال: ما عليكم لو تركتموني فأعرست بين أظهركم، وصنعنا لكم طعاما فحضرتـموه..؟ وفهم أهل مكة الأمر، وأدركو أن أياما أخرى لمحمد بين ظهرانيهم قد تفتح له أبواب مكّة طائعة مختارة.. فأجاب مبعوث مكّة: لا حاجة لنا في طعامك فاخرج عنّا.
وخرج رسول الله من مكّة.. لم تنجح الخطة الميمونة.. ولكن برّة بنت الحارث التي سماها رسول الله (ميمونة) هي التي ربحت، فبنى بها رسول الله في سرِف قرب التنعيم ودخلت معه المدينة تحمل لقب أم المؤمنين.
ودخلت ميمونة بيت النبي مسالمة، قد اكتفت من دنياها بما منّ الله عليها به من نعمة الإسلام، وشرف الزواج بالنبي الكريم عليه الصلاة والسلام.
عاشت ميمونة تذكر اليوم الميمون الذي جمعها بالنبي وتحن إلى سِرف حيث بنى بها.. وقد أوصت أن تدفن عندما تموت في موضع قبتها هناك.. فلما ماتت صلى عليها ابن اختها عبدالله بن عباس وأرقدها حيث أحبت.
عندما ذكرت عائشة ميمونة قالت: (أما إنها كانت والله من أتقانا لله، وأوصلنا للرحم).

ابو كارم 28-08-2007 08:20 AM


(11)
مارية القبطية
رضي الله عنها
ولدت مارية في قرية تدعى حفن قريبة من بلدة (أنصنا) من صعيد مصر، لأب قبطي يدعى شمعون وأم مسيحية رومية.
وفي بداية شبابها الباكر انتقلت مع أختها (سيرين) إلى قصر المقوقس عظيم مصر.
وعندما كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلح الحديبية زعماء الدول المجاورة.. كان المقوقس ممن كاتبهم وأرسل إليه حاطب بن أبي بلتعة يدعوه إلى الإسلام ومما جاء في الرسالة: (أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين).
وأحسن المقوقس لقاء رسول رسول الله وأخبره بأن القبط لا يطاوعوه على ترك دينه.. ومع ذلك فقد أكرم وفادة (حاطب) رسول رسول الله وكتب له: قد أكرمت رسولك، وبعثت لك بجاريتين لهما مكان من القبط عظيم وبكسوة ومطية لتركبها والسلام عليك .
وتقبل رسول الله الهدية وأعجبته مارية فاحتفظ بها، ووهب أختها سيرين لحسان بن ثابت رضي الله عنه. وأنزلها رسول الله بمنزل لحارثة بن النعمان قرب المسجد.
وإذا كانت زعيمة الضرائر عائشة رضي الله عنها قد قللت من شأنها في البداية.. إلا أن كثرة تردد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها ومكثه الطويل عندها.. دعاها لإعادة حساباتها..!
كانت مارية، تفكر باستمرار في سيدة مصرية جاءت إلى هذه الديار قبلها وتزوجت من النبي إبراهيم عليه السلام، وأنجبت له إسماعيل نبيا ابن نبي..
وعندما شعرت مارية ببوادر الحمل.. كانت تتمنى أن يختم الله حياتها فتصبح أما لولد محمد صلى الله عليه وسلم كما كانت هاجر أما لولد إبراهيم.
وخاف الرسول على مـارية فنقلهـا إلى العالية بضواحي المدينة، توفيرا لراحتها وسلامتها، وعناية بصحتها وصحة جنينها. وسهر عليها يرعاها، وكذلك فعلت أختها سيرين.
وعندما بلغ الجنين أجله وحانت ساعة الولادة ذات ليلة من شهر ذي الحجة سنة ثمان للهجرة، دعا رسول الله قابلتها (سلمى زوج أبي رافع)، ثم انتحى ناحية من الدار يصلي ويدعو..
وجاءت أم رافع بالبشرى.. وخفّ رسول الله إلى مارية فهنأها.. ثم حمل وليده بين يديه مستثار الفرح والحب وسماه إبراهيم تيمنا باسم جد الأنبياء.
وخيل لمارية أنها نالت مناها.. فهذه هي تلد للنبي ولدا.. كما ولدت زميلتها من قبل (هاجر) لإبراهيم ابنه إسماعيل..
ولم تكتمل سعادة الأبوين.. فقد مرض إبراهيم وتوفي ولما يبلغ العامين من عمره بعد.. يقول سيدنا الرسول الحزين على ابنه: إنا يا إبراهيم لا نغني عنك من الله شيئا، يا إبراهيم لولا أنه أمر حق ووعد وصدق، وأن آخرنا سيلحق بأولنا، لحزنّا عليك حزنا هو أشد من هذا. وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون. تبكي العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب.
ثم نظر إلى مارية في عطف ورثاء وقال: إن إبراهيم ابني، وإنه مات في الثدي، وإن له لظئرين تكملان رضاعته في الجنة .
وآب المشيعون واجمين، وقد غام الأفق وانكسفت الشمس، فقال قائلهم: إنها انكسفت لموت إبراهيم.. فقال رسول الله: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا تخسفان لموت أحد ولا لحياته .
وحرمت مارية من ولدها الذي قرت به عينها حينا، ثم لم تلبث إلا القليل حتى حرمت من الرسول الذي أوصي المسلمين فقال: استوصوا بالقبط خيرا فإن لهم ذمة ورحما.
وانتقل الرسول إلى الرفيق الأعلى، وترك مارية تعيش من بعده خمس سنوات.. لاتكاد تخرج إلا لتزور قبر الحبيب محمد.. أو قبر ولدها فلما ماتت سنة ستة عشرة من الهجرة صلي عليها سيدنا عمر رضي الله عنه ودفنها بالبقيع .

نور 23-10-2008 10:36 AM

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بارك الله فيك أخي أبو كارم و جزاك خيراً
نسأل الله الرحمة و الغفران لنا جميعا
و ان نقتدي بأمهات المؤمنين رضي الله عنهن

في أمان الله و حفظه

flower3 23-10-2008 11:21 AM

جزاك الله خيرا على هذه المشاركة الطيبة

غربة روح 23-10-2008 02:55 PM

جزاك الله كل خير أخي
موضوع قيم ورائع
ولنا في قصص أمهات المؤمنين عِبر
اللهم اجمعنا بهم في الفردوس الأعلى
وسدد خطانا لاقتفاء أثرهم ماحيينا

رباب راجية الجنة 23-10-2008 05:34 PM

بارك الله فيك أخي على المشاركة القّمة والمفيدة...جعلها في ميزان حسناتك يارب


الساعة الآن : 10:53 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 30.43 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 30.09 كيلو بايت... تم توفير 0.34 كيلو بايت...بمعدل (1.12%)]