ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   رمضانيات (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=23)
-   -   دروس رمضانية محمد بن سند الزهراني (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=302296)

ابوالوليد المسلم 23-03-2024 12:11 PM

رد: دروس رمضانية محمد بن سند الزهراني
 
الدَّرْسُ الْحَادِيَ عَشَرَ: مَنْ الَّذِي يشفع عنده إلا بإذنه

برهان من البراهين الدالة على توحيد الله

محمد بن سند الزهراني


الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ.

وَمِنْ الْبَرَاهِينِ الدَّالَّةِ عَلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ -جَلَّ وَعَلَا- فِي آيَةِ الْكُرْسِيِّ؛ قَوْلُ اللَّهِ -جَلَّ وَعَلَا-: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ﴾ [البقرة:255]، وفي آياتٍ أخرى قوله سبحانه: ﴿ وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ ﴾ [الأنعام:51]، وقوله سبحانه: ﴿ قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا ﴾ [الزمر:44].

وَجَاءَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ: لَقَدْ ظننتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَلَا يَسْأَلُنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَوْلَى مِنْك؛ لِمَا رَأَيْت مِنْ حِرْصِك عَلَى الْحَدِيثِ أَسْعَدَ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ»[1].

إِنَّ عَقِيدَةَ التَّوْحِيدِ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ قَائِمَةٌ عَلَى إِثْبَاتِ الشَّفَاعَةِ، فَهِيَ مِلْكٌ لِلَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فَلَا تُطْلَبُ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَا تُنَالُ إلَّا بِمَنِّهِ، وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى ﴾ [النجم: 26].

وفي قوله تعالى: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ﴾؛ مَعْنَاهَا: أَنَّهُ لَا أَحَدَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ أَوْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ يَتَجَرَّأُ عَلَى التَّدَخُّلِ عِنْدَ اللَّهِ، وَالشَّفَاعَةِ لِأَحَدٍ مِنْ الْخَلْقِ، اللَّهُمَّ إذَا كَانَ مَأْذُونًا فِي ذَلِكَ مِنْ رَبِّهِ، وَذَلِكَ لِمَا يَجِدُونَهُ مِنْ رَهْبَةِ الْمُخَاطَبَةِ لله ذِي الْجَلَالِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْجَبَرُوتِ وَالْعَظَمَةِ.

فَإِذَا اسْتَشْعَرْتَ فِي نَفْسِكَ أَيُّهَا الْمُوَحَّدُ أَنَّ الشَّفَاعَةَ الْمُثْبَتَةَ هِيَ الشَّفَاعَةُ الثَّابِتَةُ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ بِشُرُوطِهَا؛ وَهِيَ الْإِذْنُ مِنْ اللَّهِ، وَالرِّضَا عَلَى الْمَشْفُوعِ؛ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

هُنَا يَظْهَرُ لَكَ سِرٌّ مِنْ أَسْرَارِ التَّوْحِيدِ؛ وَهُوَ أَنَّ الشَّفَاعَةَ إنَّمَا تُنَالُ بِتَجْرِيدِ التَّوْحِيدِ، فَمَنْ كَانَ أَكْمَلَ تَوْحِيدًا كَانَ أَحْرَى بِالشَّفَاعَةِ، لَا إِنَّهَا تُنَالُ بِالشِّرْكِ كَمَا عَلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ، فَيَا لِهَنَاءِ الْمُوَحِّدِينَ الصَّادِقِينَ مَعَ اللَّهِ، وَيَا لِيَقِينِهِمْ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ مِنْ تَحْقِيقِ الْإِخْلَاصِ.

وَبِهَذَا يَمْتَلِئُ يَقِينُ الْمُوَحَّدُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَهُ الْإِرَادَةُ الْمُطْلَقَةُ فِيمَا يَحْكُمُ وَيُرِيدُ، لَا أَحَدَ بِمَقْدُورِهِ رَدَّ قَضَاءِ اللَّهِ إِذَا قَضَى، فَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ، مَاضٍ فِيهِمْ حُكْمُهُ، عَدَلٌ فِيهِمْ قَضَاؤُهُ، فَلَا فِرَارَ لِلْعَبْدِ مِنْ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ، وَلَا النَّجَاةُ مِنْ عِقَابِهِ إِلَّا بِعَفْوِهِ وَرَحْمَتِهِ.

فَاَللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانًا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا أَخْرَتَنَا الَّتِي إِلَيْهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلْ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلْ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ، وَآخِرَ دَعْوَانَا أَنَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

[1] أخرجه البخاري، رقم 99.






ابوالوليد المسلم 25-03-2024 02:41 PM

رد: دروس رمضانية محمد بن سند الزهراني
 
الدَّرْسُ الثَّانِيَ عَشَرَ: يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم

برهان من البراهين الدالة على توحيد الله

محمد بن سند الزهراني
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ.

وَمِنْ الْبَرَاهِينِ الدَّالَّةِ عَلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ - جَلَّ وَعَلَا - فِي آيَةِ الْكُرْسِيِّ؛ قَوْلُهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -: ﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ﴾[البقرة:255]، وَرَدَّ اسْمُ اللَّهِ الْعَلِيمِ فِي الْقُرْآنِ فِي مِائَةٍ وَسَبْعَةً وَخَمْسِينَ مَوْضِعًا مِنْ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ؛ كَقَوْلِ اللَّهِ - جَلَّ وَعَلَا -: ﴿ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴾[المائدة:109]، وقوله سبحانه: ﴿ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ﴾[الروم:54]، وفي قول الله - جَلَّ وَعَلَا -: ﴿ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا ﴾ [النساء:70]، وورد بلفظ العالم في ثلاثة عشر موضعًا ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ﴾ [الأنعام:73]، يقول الله - جَلَّ وَعَلَا -: ﴿ عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ ﴾ [سبأ:3]، وورد بلفظ العلام في أربعة مواضع: ﴿ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴾ [المائدة:109].

فَاَللَّهُ هُوَ الَّذِي أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا، وَوَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَحِكْمَةً، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ.

قال الله - جَلَّ وَعَلَا -: ﴿ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [الأنعام:59]، فَاَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِلْمِ الْمُطْلَقِ، فَهُوَ يَعْلَمُ الدَّقَائِقَ وَالتَّفَاصِيلَ وَالظَّوَاهِرَ وَالْبَوَاطِنَ، وَالْكُلِّيَّاتِ وَالْجُزْئِيَّاتِ وَالْمَعَانِيَ وَالْمَادِّيَّاتِ، وَقَدْ كَتَبَ مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ فِي كِتَابٍ عِنْدَهُ، ﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء:85].

وَهُنَا يَسْتَشْعِرُ الْمُوَحِّدُ مَقَامَ التَّوْحِيدِ الْخَالِصِ لِلَّهِ،وَأَنَّ الْعَلِيمَ الْخَبِيرَ هُوَ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَالصِّفَاتُ الْعُلَى، وَبِهَذَا يَحْمِلُ الْمُسْلِمُ هَذِهِ الْعَقِيدَةَ الْخَالِيَةَ مِنْ الدَّعَاوَى الْجَاهِلَةِ وَالْخُرَافَاتِ الْبَاطِلَةِ الَّتِي يَسْتَعْمِلُهَا الْكَهَنَةُ وَالْمُنَجِّمُونَ وَالْعَرَّافُونَ وَالدَّجَّالُونَ؛ لِتَضْلِيلِ النَّاسِ، وَالزَّعْمِ أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ مَا خَفِيَ مِنْ غُيُوبِهِمْ، وَيُخْبِرُونَ السُّذَّجَ مِنْهُمْ بِمَا تُخْفِيهِ أَبْرَاجُهُمْ وَأَيَّامُهُمْ الْمُقْبِلَةُ، فَالْآيَةُ كاسِمَةٌ لِهَذَا الْجَهْلِ الْمُبِينِ.

إِنَّ مَقَامَ التَّوْحِيدِ بِمَا يَحْمِلُهُ أَهْلُ الْإِيمَانِ مِنْ عَقِيدَةٍ صَادِقَةٍ،وَإِيمَانُهُمْ بِأَنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ؛ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، يُورِثُ هَذَا الْعِلْمَ الْخَشْيَةَ مِنْ اللَّهِ، وَيُوجِبُ مُرَاقَبَتَهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِعِلْمِهِ وَسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَتَحْتَ سُلْطَانِهِ، وَيُوجِبُ مَحَبَّتَهُ؛ لِأَنَّ كَمَالَ الْعِلْمِ مَحْبُوبٌ لِلنُّفُوسِ الشَّرِيفَةِ التَّوَّاقَةِ، وَيُوجِبُ مَحَبَّةَ الْعِلْمِ وَالسَّعْيَ فِيهِ وَتَحْصِيلَهُ، وَالتَّلَذُّذَ بِهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعِلْمَ وَالْعُلَمَاءَ، وَيَكْرَهُ الْجَهْلَ وَالْجُهَلَاءَ، فَعِلْمُ الشَّرِيعَةِ وَالْوَحْيَ وَالْآخِرَةِ مَحْبُوبٌ؛ لِأَنَّهُ يُثْمِرُ الْمَعْرِفَةَ بِهِ وَالْقُرْبَ مِنْهُ، وَمَعْرِفَةَ مَا يُرِيدُ، وَمَا يُحِبُّ، وَمَا يَكْرَهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

إِنَّ الْإِيمَانَ بِهَذَا الِاسْمِ الشَّرِيفِ يُولَدُ فِي النَّفْسِ تَسْلِيمًا؛ لِمَا يَفْعَلُهُ اللَّهُ فِي كَوْنِهِ، وَأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ بِعِلْمِهِ وَإِرَادَتِهِ وَحِكْمَتِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [التغابن:11].

وَالْعَبْدُ يُبْتَلَى فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَأَهْلِهِ، فَتُصِيبُهُ الْمُصِيبَةُ فَيَعْلَمُ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَيَرْضَى وَيُسْلَمُ، فَالْإِيمَانُ بِالرَّبِّ الْعَلِيمِ يَجْعَلُ الْعَبْدَ أَقْرَبَ إِلَى رَبِّهِ وَأَكْثَرَ اسْتِشْعَارًا بِمَعِيَّتِهِ.
وَهُوَ العليمُ أَحَاطَ عِلْمًا بِالَّذِي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
في الكونِ مِنْ سِرٍّ ومنْ إِعْلانِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وبكلِّ شَيْءٍ عِلْمُهُ سُبْحَانَهُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
قاصي الأمور لديهِ مثل الداني https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لا جهل يسبق علمهُ كلا ولا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ينسى كما الإنسان ذو نسيان https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif



وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد.




ابوالوليد المسلم 26-03-2024 03:21 PM

رد: دروس رمضانية محمد بن سند الزهراني
 
الدَّرْسُ الثَّالِثَ عَشَرَ: ﴿وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ

برهان من براهين التوحيد

محمد بن سند الزهراني

الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ.
قال الله - جَلَّ وَعَلَا -: ﴿وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ [البقرة:255]؛ بُرْهَانٌ آخَرُ مِنْ الْبَرَاهِينِ الدَّالَّةِ عَلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ - جَلَّ وَعَلَا، يَقِفُ الْمُوَحِّدُ الصَّادِقُ مَوْقِفَ الْإِجْلَالِ لِلَّهِ، مَهْمَا بَلَغَ مِنْ الْعِلْمِ وَالِاخْتِرَاعِ، فَلَا عُلُومَ مِنْ عُلُومِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا إِلَّا وَهِيَ مَنٌّ مِنْ اَللَّهِ وَهُدًى مِنْهُ تَعَالَى، وَلَوْلَا أَنَّ اللَّهَ هَدَى الْبَشَرِيَّةَ إلَيْهِ لَظَلَّتْ فِي ضَلَالِهَا الْقَدِيمِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ؛ يَقِينًا ثَابِتًا وَإِيمَانًا صَادِقًا.


قال الله - جَلَّ وَعَلَا -: ﴿ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ؛ إِنَّ عِلْمَ اللَّهِ مُقِرُّونَ مَصُونَ، مَصُونٌ بِعِزَّتِهِ تَعَالَى وَقُدْرَتِهِ وَحِجَابِ سُلْطَانِهِ، فَلَا أَحَدَ يَنَالُ مِنْهُ شَيْئًا؛ إلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى مِنًا مِنْهُ تَعَالَى وَفَضْلًا، فَكُلُّ الْمَعَارِفِ الْبَشَرِيَّةِ؛ سَوَاءٌ فِي الْعُلُومِ الدِّينِيَّةِ أَوْ الْعُلُومِ الدُّنْيَوِيَّةِ مِنْ الْكُشُوفَاتِ وَالِاخْتِرَاعَاتِ الْعِلْمِيَّةِ مِنْ جَمِيعِ الْمَجَالَاتِ وَالْمَيَادِينِ كُلِّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ بِمَا هَيَّأَ لِلْإِنْسَانِيَّةِ مِنْ سُنَنِ التَّيْسِيرِ وَالتَّسْخِيرِ، فَأَعْمَارُ الْبَشَرِ عَلَى مَقَادِيرَ مَعْلُومَةٍ عِنْدَهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، مَضْبُوطَةً بِإِرَادَتِهِ، لَا شَيْءَ مِنْهَا يَزِيدُ أَوْ يَنْقُصُ عَمَّا حَدَّهُ تَعَالَى لَهُمْ؛ سَوَاءٌ فِي مِقْدَارِهِ أَوْ فِي أَجَلِهِ.

إِنَّ مَا نُشَاهِدُهُ فِي زَمَانِنَا هَذَا مِنْ السُّرْعَةِ فِي الِاكْتِشَافَاتِ الْعِلْمِيَّةِ وَالتِّقْنِيَّةِ؛ يَبْنِي الْمُوَحِّدُ الْعَارِفُ بِاللَّهِ كُلَّ ذَلِكَ عَلَى حَقِيقَةٍ رَاسِخَةٍ وَيَقِينٍ تَامٍّ؛ إِنَّمَا هُوَ قَدْرٌ مَنْ قَدَّرَ اللَّهُ، وَعَطَاءٌ مِنْ عَطَاءِ اللَّهِ؛ مَحْكُومٌ بِإِرَادَةِ اللَّهِ، لَا يَزِيدُ عَمَّا قَدَّرَهُ، وَلَا يُنْقِصُ شَيْئًا.


وَبِهَذَا يَظْهَرُ مَقَامُ الْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ؛ فعَجزُ الْمَخْلُوقِ وقصور عِلْمِهِ وَمَحْدُودِيَّتِهِ، وَأَنَّهُ لَمْ يُؤْتَ مِنْ الْعِلْمِ إِلَّا الْقَلِيلُ؛ إِذْعَانٌ بِمَقَامِ التَّوْحِيدِ لِلَّهِ - جَلَّ وَعَلَا - ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [الإسراء:85].

إِنَّ بَرَاهِينَ التَّوْحِيدِ فِي هَذَا السِّيَاقِ وَاضِحَةٌ لِأَهْلِ التَّوْحِيدِ:
فَأَوَّلُهَا: خُرُوجُهُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا؛ ﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا [النحل:78].

ثَانِيًا:هَذَا الْعِلْمُ الْمُتَرَاكِمُ فِي سَنَوَاتِ أَعْمَارهِمْ عَائِدٌ إِلَى الضَّعْفِ وَالِاضْمِحْلَالِ؛ ﴿وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا [الحج:5].


ثَالِثًا: وَفِي أَثْنَاءِ بِنَاءِ هَذَا اَلْعِلْمِ يَعْتَرِيهِ اَلْقُصُورُ وَالنِّسْيَانُ.
قال الله - جَلَّ وَعَلَا -: ﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا [طه:115].

وفي قوله تعالى: ﴿ إِلَّا بِمَا شَاءَ؛ بُرْهَانٌ آخَرُ عَلَى التَّوْحِيدِ، فَالْأُمُورُ كُلُّهَا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ؛ فَمَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، وَلَا رَادَّ لِقَضَائِهِ، يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ.

فَاللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ، وَنَسْتَغْفِرُكَ لِمَا تَعْلَمُ، إِنَّكَ انْتَ عَلَّامَ الْغُيُوبِ.


ابوالوليد المسلم 27-03-2024 02:16 PM

رد: دروس رمضانية محمد بن سند الزهراني
 
الدَّرْسُ الرَّابِعَ عَشَرَ

﴿ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ ﴾

محمد بن سند الزهراني

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ.

وَمِنْ الْبَرَاهِينِ الدَّالَّةِ عَلَى وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ - جَلَّ وَعَلَا - قَوْلُهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -:﴿ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ ﴾ [البقرة:255]؛ وَآيَةُ الْكُرْسِيِّ تَتَضَمَّنُ أَصْلًا عَظِيمًا مِنْ أُصُولِ التَّوْحِيدِ فِي الْإِسْلَامِ؛ أَلَا وَهُوَ تَوْحِيدُ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ.


وَمَعْنَاهُ: رَاجِعٌ إِلَى إِثْبَاتِ مَا أَثْبَتَهُ اللَّهُ لِنَفْسِهِ مِنْ أَسْمَاءٍ حُسْنَى وَصِفَاتٍ عُليا، وَكَذَا مَا أَثْبَتَهُ لَهُ رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ؛ مِمَّا ثَبَتَ بِهِ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ، ثُمَّ نَفْيِ مَا نَفَاهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ عَنْ ذَاتِهِ -جَلَّ جَلَالُهُ- مِنْ صِفَاتِ النَّقْصِ وَالْمِثَالِ، وَهُوَ مَعْنَى التَّنْزِيهِ وَالتَّسْبِيحِ.

فَالْجُمَلُ الْمَنْفِيَّةُ فِي آيَةِ الْكُرْسِيِّ نَفْيٌ لِمَا لَا يَلِيقُ بِجَلَالِ وَجْهِهِ وَكَمَالِ ذَاتِهِ سُبْحَانَهُ؛ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ﴾، وَأَمَّا الْجُمَلُ الْمُثْبَتَةُ فَفِيهَا إِثْبَاتٌ لِمَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾، وقوله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -: ﴿ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ ﴾.

فَهَذِهِ عَقِيدَةُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَكِبَارِ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ الْمُتَّبِعِينَ؛ عَقِيدَةٌ سَالِمَةٌ مِنْ التَّأْوِيلِ وَالتَّعْطِيلِ وَمِنْ التَّكْيِيفِ وَالتَّمْثِيلِ، فَالْكُرْسِيُّ وَالْعَرْشُ مَثَلًا يَجِبُ الْإِيمَانُ بِوَجْودِهِمَا، ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾[طه:5]، ثُمَّ الْإِيمَانُ بِاسْتِوَاءِ الرَّحْمَنِ عَلَى عَرْشِهِ، وَلَا يَلْزَمُ عَنْ ذَلِكَ اسْتِحْضَارُ الذِّهْنِ لِحَقِيقَةِ الْكُرْسِيِّ وَلَا لِجَوْهَرِ الْكُرْسِيِّ وَهَيْئَتِهِ، وَلَا لِكَيْفِيَّةِ اسْتِوَاءِ الرَّحْمَنِ عَلَى عَرْشِهِ.

تَمَامًا كَمَا نُؤْمِنُ بِاَللَّهِ - جَلَّ جَلَالُهُ - وَبِوُجُودِهِ وَذَاتِهِ، وَلَا نَسْتَحْضِرُ لَهُ هَيْئَةً وَلَا صُورَةً، فَعِلْمُ ذَلِكَ كُلَّهُ مَوْكُولٌ إِلَيْهِ تَعَالَى وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ﴾ [الشورى:11]، وَبِهَذَا الْمَنْهَجِ السَّدِيدِ يَسِيرُ الْعَبْدُ مَعَ الدَّلِيلِ، وَيَتَعَامَلُ مَعَ نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِأَخْذِهَا بِظَاهِرِهَا، أَمَّا مَنْ يَتَجَرَّأُ عَلَى اللَّهِ فِي بَابِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، وَيَصِفُ اللَّهُ بِمَا لَمْ يَصِفْ بِهِ نَفْسَهُ؛ تَعْطِيلًا وَتَشْبِيهًا وَتَمْثِيلًا وَتَكْيِيفًا؛ فَذَاكَ ظُلْمٌ وَافْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ.

وَمِنْ أَجْمَلِ مَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَوْلُهُ فِي تَقْرِيرِ تَوْحِيدِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ: (آمَنْتُ بِاَللَّهِ وَبِمَا جَاءَ عَنْ اللَّهِ عَلَى مُرَادِ اللَّهِ، وَآمَنْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِمَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مُرَادِ رَسُولِ اَللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).


وَبِهَذَا يَمْتَلِئُ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ الْمُوَحَّدِ بِأَنْوَارِ التَّوْحِيدِ، وَهُوَ يَسْتَشْعِرُ عَظَمَةَ اللَّهِ، وَجَلَالُ اللَّهِ - جَلَّ جَلَالُهُ - فَالْكُرْسِيُّ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: (هُوَ مَوْضِعُ قَدم الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى).


قال الله عنه: ﴿ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ ﴾ [البقرة:255]؛ فسبحانك الله وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.


ابوالوليد المسلم 28-03-2024 02:20 PM

رد: دروس رمضانية محمد بن سند الزهراني
 
الدَّرْسُ الْخَامِسَ عَشَرَ

﴿ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ

محمد بن سند الزهراني


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ.
وَمِنْ الْبَرَاهِينِ الدَّالَّةِ عَلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ - جَلَّ وَعَلَا - فِي آيَةِ الْكُرْسِيِّ قَوْلُ اللَّهِ - جَلَّ وَعَلَا - فِي آخِرِ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾[البقرة:255]، وَهَذَانِ بُرْهَانَانِ مِنْ بَرَاهِينِ التَّوْحِيدِ، وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ دُونَ سِوَاهُ؛ بِذِكْرِ عُلُوِّ اللَّهِ عَلَى جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَكَمَالِ عَظَمَتِهِ، فَجَمِيعُ مَعَانِي الْعُلُوِّ ثَابِتَةٌ لِلَّهِ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-؛ عُلُوُّ الذَّاتِ، وَعُلُوُّ الْقَهْرِ، وَعُلُوِّ الْقُدْرَةِ، وَعُلُوِّ الْحُجَّةِ، فَهُوَ عُلُوُّ ذَاتٍ وَعُلُوُّ صِفَاتٍ؛ وَلِذَا وَصَفَ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ [طه:5].

وَقَدْ جُبِلَتْ الْفِطْرُ عَلَى الْإِيمَانِ بِعُلُوِّهِ؛ فَلَا نَجِدُ دَاعِيًا وَلَا مُبْتَهِلًا إِلَّا يَتَوَجَّهُ بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ﴾[الملك:16]، فَالْعُلُوُّ الْكَامِلُ لَهُ وَحْدَهُ سُبْحَانَهُ، وَالْعُلُوُّ الدَّائِمُ لَهُ - جَلَّ وَعَلَا.

وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَلَّا يَرْتَفِعَ شَيْءٌ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا وَضَعَهُ».

وَمِنْ عُلُوِّهِ أَنَّ جَعْلَ الرِّفْعَةِ وَالْعُلُوَّ لِكِتَابِهِ وَلِدِينِهِ وَلِأَوْلِيَائِهِ الصَّادِقِينَ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى ﴾[طه:68].

قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ».

وَمَعَ عُلُوِّهِ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- فَهُوَ قَرِيبٌ مُجِيبٌ سَمِيعٌ، وَلِذَا يُنَادِيهِ الْعَبْدُ نِدَاءً خَفِيًّا، ﴿ إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا ﴾ [مريم:3]، فَيَرَى فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَأَهْلِهِ جُودَ اللَّهِ، وَكَرَّمَ اللَّهُ وَفَضْلِهِ عَلَيْهِ.

وَهَذَا بُرْهَانٌ عَظِيمٌ مِنْ بَرَاهِينِ التَّوْحِيدِ وَبُطْلَانِ الشِّرْكِ، فَيَكُونُ التَّوْحِيدُ إِذْعَانًا لِلَّهِ وَدُعَاءً وَرَجَاءً فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ، اللَّهُمَّ أَدِمْ عَلَيْنَا نِعْمَةَ الْإِسْلَامِ.

وفي قوله تعالى: ﴿ الْعَظِيمُ ﴾؛ إِثْبَاتِ عَظَمَتِهِ، وَأَنَّهُ لَا شَيْءَ أَعْظَمُ مِنْهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وَأَنَّ الْمَخْلُوقَ مَهْمَا عَظُمَ شَأْنُهُ فَهُوَ أَحْقَرُ أَنْ تُقَارَنَ عَظَمَتُهُ بِعَظَمَةِ مِنْ خَلْقِهِ وَأَوْجَدَهُ.

جاء في الحديث القدسي قال الله تعالى: « الكبرياءُ ردائي، والعظمةُ إزاري، فمَن نازعَني واحدًا منهُما، قذفتُهُ في النَّارِ» [1].
وَمِنْ الْعُبُودِيَّاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهَذَا الِاسْمِ: أَنْ يُعَظِّمَ اَلْعَبْدُ رَبَّهُ، وَأَنْ يَذِلَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَنْ يَنْكَسِرَ لِجَنَابِهِ الْعَظِيمِ، وَأَنْ يُفْرِدَهُ بِالْخُضُوعِ وَالْخُشُوعِ وَالِانْكِسَارِ، وَقَدْ مَكَرَ الشَّيْطَانُ بِأَقْوَامٍ فَقَلَبُوا هَذِهِ الْحَقِيقَةَ، وَوَقَعُوا فِي الشِّرْكِ الصُراح، وَأَخْرَجُوهُ مَخْرَجَ التَّعْظِيمِ لِلَّهِ، وَقَالُوا: إنَّ اللَّهَ أَعْظَمُ وَأَحَلُّ مِنْ أَنْ يُتَقَرَّبَ إلَيْهِ بِغَيْرِ وَسَائِطَ وَشُفَعَاءَ وَآلِهَةٍ تُقَرَّبُ إلَيْهِ، وَهَذَا ظَنٌّ مِنْهُمْ فَاسِدٌ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ؛ أَرِدَاهُمْ وَأَوْقَعُهُمْ فِي الْإِشْرَاكِ بِاَللَّهِ، وَاِتِّخَاذِ الْأَنْدَادِ، وَجَعْلِ الْوُسَطَاءَ أَوْ الشُّفَعَاءَ زَاعِمِينَ بذَلِكَ أَنَّهُمْ يُعَظِّمُونَ رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَلَوْ أَحْسَنُوا بِرَبِّهِمْ الظَّنَّ لَوَحَدُوهُ حَقَّ تَوْحِيدِهِ.

لَقَدْ كَانَ نَبِيُّنَا -صلى الله عليه وسلم- يَدْعُو عِنْدَ اَلْكَرْبِ وَيَقُولُ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ اَلْعَظِيمُ اَلْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ» [2].

فَمِنْ تَعْظِيمِ اللَّهِ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - التَّأَلُّهَ لَهُ؛ حبًا وَخَوْفًا وَرَجَاءً، وَاسْتِحْضَارًا لِعَظَمَتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ وَاسْتِعْدَادًا لِلِقَائِهِ، وَذَلِكَ بِطَاعَةِ أَمْرِهِ وَمُبَاعَدَةِ نَهْيِهِ، وَالِاسْتِغْفَارُ عَنْ التَّقْصِيرِ، وَالِاعْتِرَافُ بِالْجَهْلِ عِنْدَهَا يَخْضَعُ الْعَبْدُ لِعَظَمَةِ اللَّهِ - جَلَّ وَعَلَا - وَيَسْجُدُ الْعَقْلَ وَيَسْكُنُ الْقَلْبَ وَيَسْتَسْلِمُ وَتَلِينُ الْجَوَارِحُ، وَتَنْسَاقُ الْأَبْدَانُ لِمُرَادِ اللَّهِ - جَلَّ وَعَلَا -.

فَاَللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانًا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي إِلَيْهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلْ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلْ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ.

[1] أخرجه أبو داود (4090)، وأحمد (9359) واللفظ لهما، وابن ماجه (4174) باختلاف يسير.

[2] أخرجه البخاري (6346)، ومسلم (2730) باختلاف يسير.





ابوالوليد المسلم 29-03-2024 11:52 AM

رد: دروس رمضانية محمد بن سند الزهراني
 
الدَّرْسُ السَّادِسَ عَشَرَ

آية الكرسي والتربية

محمد بن سند الزهراني

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ.

تُرَبِّي فِينَا آيَةُ الْكُرْسِيِّ تَحْقِيقُ الْإِخْلَاصِ لِلَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ صِدْقًا وَإِخْلَاصًا، فَهِيَ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا عَشْرُ جُمَلٍ جَاءَتْ جَمِيعًا لِتَحْقِيقِ التَّوْحِيدِ لِلَّهِ، وَإِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، فَمَنْ أَرَادَ لِنَفْسِهِ السَّلَامَةَ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، وَأَنْ يَفْتَحَ اللَّهُ لَهُ بَابَ الرِّضَا وَالْقَبُولِ، فَلَا يُقْدِمُ عَلَى عَمَلٍ حَتَّى يَخْلُوَ لَهُ مَعَ اللَّهِ خَلْوَةً؛ يَتَحَقَّقُ فِيهَا مِنْ إِخْلَاصِ مَقْصِدِهِ وَنِيَّتِهِ لِلَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.

وَهَذَا الْمَقَامُ هُوَ سِرٌّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ اللَّهِ، لَا يَتَحَقَّقُ إِلَّا بِمُرَاقَبَةِ النَّفْسِ عَلَى الدَّوَامِ، وَتَصْفِيَتِهَا مِنْ شَوَائِبِ الْهَوَى، فَإِذَا قَامَتْ النَّفْسُ مَقَامَ صِدْقٍ مَعَ اللَّهِ لِمَدَاخِلِهَا وَمَخَارِجِهَا، ﴿ وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ ﴾ [الإسراء: 80]، تَحَرَّكَ الْقَلْبُ إِلَى مَوْلَاهُ، وَارْتَقَى عَلَى حظوظ النَّفْسِ وَدَوَاعِي الْهَوَى، فَعِنْدَهَا يَفُوز القلب الصادق بِإِخْلَاصِهِ إلى محراب الْخَلْوَةِ مَعَ اللَّهِ بِالْعِبَادَةِ إِخْلَاصًا وَمَحَبَّةً وَرَجَاءً، فَيَصْفُو الْقَلْبَ إِلَى اللَّهِ، وَلِلَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.

وَهَذَا الْأَمْرُ يَحْتَاجُ إِلَى مُجَاهَدَةِ النَّفْسِ وَمُكَابَدَةٍ فِي السَّيْرِ، وَلَا يَزَالُ الْعَبْدُ يَتَدَرَّجُ بِمَنَازِلِهِ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ لَهُ بَابَ الرِّضَا وَالْقَبُولِ، إِنَّ أَعْظَمَ مَا يُعِيقُ الْعَبْدَ فِي سَيْرِهِ إلَى اللَّهِ خَرَابُ قَلْبِهِ مِنْ الْإِخْلَاصِ وَمَقَامِ التَّوْحِيدِ لِلَّهِ، فَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يَجْرِي ظَاهِرُهُ عَلَى مِيزَانِ أَعْمَالِ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ؛ مِنْ صَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَصَدَقَةٍ وَحَجٍّ وَعُمْرَةٍ.

لكن قلبهُ الَّذِي هو محل نظر الرب ﴿ يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88-89]؛ لَا يَصْفُو فِي كُلِّ ذَلِكَ أَوْ فِي بَعْضِهِ مِنْ الْأَهْوَاءِ وَالْأَدْوَاءِ الَّتِي تُعِيقُهُ، وَتَكُونُ سَبَبًا فِي حِرْمَانِهِ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ.

فَأَهْوَاءُ الْعُجْبِ وَحُبُّ الصَّدَارَةِ وَالشُّهْرَةِ وَالتَّسْمِيعِ وَالتَّلْمِيعُ مِنْ أَخَطَرِ مبطلات الأعمال؛ إِنَّ آيَةَ الْكُرْسِيِّ تُرَبِّي فِينَا أَنْ نَجْعَلَ حَيَاتَنَا كُلَّهَا لِلَّهِ، وَنُحَقِّقُ مَعْنَى (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ)، حَقًّا وَصِدْقًا، وَقَدْ ظَهَرَ بِالْأَدِلَّةِ وَالْعِيَانِ أَنَّهُ لَا وُصُولَ إِلَى السَّعَادَةِ إلَّا بِالْعِلْمِ وَالْعِبَادَةِ.

فَالْعَمَلُ بِغَيْرِ نِيَّةِ عَنَاءٍ، وَالنِّيَّةُ بِغَيْرِ إِخْلَاصٍ رِيَاءً، ﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ﴾ [الفرقان:23].

فَاللَّهُمَّ أَرِنَا الْحَقَّ حَقًا وَارْزُقْنَا اتِّبَاعَهُ، وَأْرِنَا الْبَاطِلَ بَاطِلًا وَارْزُقْنَا اجْتِنَابَهُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.



ابوالوليد المسلم 30-03-2024 03:54 PM

رد: دروس رمضانية محمد بن سند الزهراني
 
الدَّرْسُ السَّابِعَ عَشَرَ

مُشَاهَدَ وَأَسْرَارِ آيَةُ الْكُرْسِيِّ فِي الْعِبَادَاتِ

محمد بن سند الزهراني
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ.

تُرَبِّي فِينَا آيَةُ الْكُرْسِيِّ مُشَاهَدَةَ أَسْرَارِهِ فِي الْعِبَادَاتِ وَالْأَدْعِيَةِ وَالْأَذْكَارِ الْحَيِّ الْقَيُّومِ، فَيَسْتَشْعِرُ الْعَبْدُ مُصَاحَبَةَ هَذَا الِاسْمِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَنِ، فَاَللَّهُ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ، وَهُنَا يَسْتَيْقَنُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَائِمٌ بِتَدْبِيرِ أُمُورِ الْعِبَادِ، وَأَرْزَاقِهِمْ وَجَمِيعِ أَحْوَالِهِمْ؛ كَمَا أَنَّ مَنْ أَعْطَى هَذَا الِاسْمَ حَقَّهُ مِنْ التَّعَبُّدِ لِلَّهِ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - فَقَدْ تَوَكَّلَ عَلَى رَبِّهِ، وَانْقَطَعَ رَجَاؤُهُ مِنْ الْخَلْقِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَاسْتَغْنَى عَمَّا فِي أَيْدِيهِمْ إلَى مَا فِي يَدِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - لِأَنَّ الْعِبَادَ مُفْتَقِرُونَ إلَى خَالِقِهِمْ فِي قِيَامِهِمْ وَقُعُودِهِمْ وَحَرَكَاتِهِمْ وَسَكَنَاتِهِمْ، وَفِي كُلِّ شُئُونِهِمْ؛ فِي دُنْيَاهُمْ وَأُخْرَاهُمْ، وَفِي حَيَاتِهِمْ وَبُعْدِ مَمَاتِهِمْ.

قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ -رَحِمَهُ اللَّهُ- فِي شَرْحِ اسْمِ اللَّهِ الْحَيُّ الْقَيُّومُ: (فَانْتَظَمَ هَذَانِ الِاسْمَانِ صِفَاتُ الْكَمَالِ وَالْغِنَى التَّامِّ، وَالْقُدْرَةُ التَّامَّةُ، فَكَأَنَّ الْمُسْتَغِيثَ بِهَا مُسْتَغِيثٌ بِكُلِّ اسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ الرَّبِّ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - وَبِكُلِّ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ مِمَّا أَوْلَى الِاسْتِغَانَةُ بِهَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ أَنْ يَكُونَا مَظِنَّةَ تَفْرِيجِ الْكُرُوبَاتِ وَإِغَاثَةِ اللَّهَفَاتِ وَإِنَالَةِ الطَّلَبَاتِ)[1] .

هَكَذَا هِيَ آيَةُ الْكُرْسِيِّ الَّتِي تُدَارَسْنَاهَا خِلَالَ هَذَا الشَّهْرِ الْمُبَارَكِ:
آيَةُ الْكُرْسِيِّ نَسْتَشْعِرُ فِيهَا عَظَمَةَ الْجَلِيلِ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ.
آيَةُ الْكُرْسِيِّ الَّتِي هِيَ حِصْنُ حَصِينٌ مِنْ الشَّيْطَانِ.
آيَةُ الْكُرْسِيِّ مَنْ قَرَأَهَا فِي لَيْلَةٍ لَا يَقْرَبُهُ شَيْطَانٌ حَتَّى يُصْبِحَ.
الْآيَةُ الَّتِي هِيَ مِفْتَاحٌ مِنْ مَفَاتِيحِ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ.
الْآيَةَ الَّتِي مَنْ لَزِمَ قِرَاءَتَهَا دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ.
الْآيَةُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى اسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى.
الْآيَةُ الْعَظِيمَةُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى عَشْرِ جُمَلٍ كُلُّهَا تَتَحَدَّثُ عَنْ اللَّهِ.
الْآيَةُ الْمُبْتَدِئَةُ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْعَظِيمِ، وَمُخْتَتَمَةٌ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْعَظِيمِ.
الْآيَةُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى خَمْسِ أَسْمَاءٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْعَظِيمَةِ.
اَلْآيَةُ الْوَحِيدَةُ اَلَّتِي تَحَدَّثَتْ عَنْ الْكُرْسِيِّ.

فَهَنِيئًا لِمَنْ حَفِظَهَا وَتَتَدَبَّرُهَا، وَعَمِلَ بِمُقْتَضَاهَا، اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عَهِدك، ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شرِّ ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي، فاغفر لي فإنهُ لا يغفر الذنوب إلا أنت، وآخر دعوانا أنْ الحمد لله رب العالمين.

وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ.

[1] بدائع الفوائد - ط الكتاب العربي 2 /184.






الساعة الآن : 12:03 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 44.06 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 43.67 كيلو بايت... تم توفير 0.39 كيلو بايت...بمعدل (0.88%)]