رد: متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا
الرئيس الإيراني: ننعى قائد المقاومة الفلسطينية شهيد القدس هنية http://media.masr.me/BJJt...h2NjI&index=12 |
رد: متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا
حزب الله: شهادة القائد إسماعيل هنية ستزيد المقاومين إصرارا http://media.masr.me/0-gR...Oh2NjI&index=9 |
رد: متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا
المكتب الصحفي للحكومة الإسرائيلية ينشر صورة لهنية مع عبارة "تم التخلص منه" http://media.masr.me/S4Oi...Oh2NjI&index=7 |
رد: متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا
الحرس الثوري الإيراني: جريمة اغتيال هنية ستواجه ردا قاسيا http://media.masr.me/6T4A...Oh2NjI&index=6 |
رد: متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا
|
رد: متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا
عاجل | إذاعة الجيش الإسرائيلي نقلا عن مصادر: تعرض مبنى في حي السيدة زينب في دمشق لهجوم http://media.masr.me/AJ0O...Oh2NjI&index=1 |
رد: مواجهة الخطاب الإعلامي الصهيوني
https://al-forqan.net/wp-content/med...images/di].jpg مواجهة الخطاب الإعلامي الصهيوني «اشتروا الكتب لا القنابل» 2 «أنفق على الأعمال لا على الجهاد». «أنفق من أجل الطعام لا في الخوف». سياسة فرّق تسد , والاصطياد في الماء العكر: «إن الأمريكيين يعلمون بوجود فرق جوهري ما بين قيادة حماس والشعب الفلسطيني الذي يتوجب عليك أن تقدره حق قدره، وأن تجعل ذلك قالباً لحديثك عن غزة، أما الشعب الفلسطيني فمسكين لا يمثله أحد؛ ولذلك فهو فاقد للأمل بحلول السلام». وعليك تذكير السامعين بأن حماس مدانة حتى من قبل القادة العرب في حديثهم العالمي، ومن الأفضل كذلك تذكيرهم بأن حماس مدانة من قبل قادة فلسطينيين آخرين كأولئك في فتح. إن إسرائيل حققت السلام وتستطيع تحقيقه وستبلغه مع القادة العرب المعتدلين الذين يرغبون في العمل من أجل السلام. - «انتق الكلمات التي قالها الفلسطينيون والعرب أنفسهم لتتحدث عن طبيعة حماس المتطرفة التي لا تعرف الندم». - «للشعب الفلسطيني الحق في تشكيل حكومة من أبناء جلدته، ولهم الحق في حكومة تعينهم بدلاً من أن تجعل منهم درعاً لها، ولهم الحق كذلك بانتخاب حكومة تستثمر المساعدات الدولية في جلب الكتب لا القنابل». عَمِلَ القاموس وفق قانون التأثير النفسي, وهو «التكرار والزمن» وحشد لذلك عناصر تُعضِّد مزاعمه, من خلال: -حقائق علمية: لا تخل من تصريحات وأقوال منسوبة لأصحابها تصريح بوش وياسر عبدربه - أو أرقام –عدد الصواريخ التي أطلقت على الكيان اليهودي من غزة – أو مواقف تم تحويرها لتكون دلالة إيجابية من المؤسسة الصهيونية تجاه الفلسطينيين – مثل الانسحاب من غزة -. - عاطفة جياشة: عميقة الدلالة والتأثير, ولاسيما الحديث عن الأطفال والنساء من كلا الطرفين . -تسويغ الأفعال: من خلال تساؤلات وضرب الأمثلة في آن واحد، كما ذكر لو أن أمريكا تعرضت لهجوم صاروخي من جارتها تيمور . نخلص من القاموس بالتالي: 1- أن المتحدث الصهيوني يصدر كلامه من مشكاة منظومة فكرية ممنهجة قائمة على أسس علمية نفسية ماهرة في فن التواصل الفعال. 2- الجمل الموجهة ذات عبارات وكلمات مختصرة ومركزة وسريعة التأثير كما يلاحظ سلاسة العبارات وبعدها عن الصعوبات والتعقيدات اللغوية . 3- جملة ما صدر من قواميس صادرة عن مؤسسة (مشروع إسرائيل) وغيرها من مؤسسات تصدر بما يتناسب مع كل مرحلة زمنية لشرائح معينة بخطاب مخصص مدروس, ومن جهة أخرى هي دلالة على المهارة الماكرة في مواجهة أي تغير في القناعات تجاه الكيان الصهيوني, لتؤدي دور الملقن ذو الجاهزية العالية والمتمرسة في الوقت المناسب . 4- فن استغلال العبارات السلبية وتوظيفها في الاستدلال على الآخر بين الإخوة الفرقاء من فتح وحماس «كما هو الاستدلال من كلام ياسر عبدربه في حماس». 5- بدا جليا سياسة (فرق تسد) في اتجاهات عدة بين الفلسطينيين، بين حماس والشعب الفلسطيني عامة, ومصطلحات نادت بين أنواع من الإسلام مثل (الإسلام المسلح). 6- يجرد القاموس أو يحاول أن يتعامل مع الشعب الفلسطيني وكأنه مجرد عن عقيدته الإسلامية, وكأنه مجرد عن الدين يبحث فقط عن الرفاهية وبناء للحضارة ونحو ذلك. 7- نادى القاموس وبكل صفاقة ووقاحة أن يطوي و يتناسى العالم والفلسطينيون حق العودة، بل رفض الحديث عن إرجاع الأملاك والحقوق إلى أصحابها الشرعيين . 8- القاموس وإن كان من جانب يعطي قوة للخطاب الصهيوني الموحد المتماسك في ظاهرة, إلا أنه في جانب آخر يعالج ما عندهم من خلل وترهل في المبادئ والقيم والإنصاف لتسويغ الكثير من انعكاسات ردود الأفعال السلبية العالمية وتداعياتها على الكيان اليهودي, ولاسيما منها الأمريكي والأوروبي . 9- إن العمق الحقيقي لتأثير القاموس قائم على البعد الاستراتيجي في الاتصال الفعال بعيد المدى, ولم يكن فقط تأثيراً تكتيكياً إلا على مستوى الأمثلة المضروبة. 10- إن هذا القاموس نوع من أنواع التلقين للمتحدث الصهيوني وتدريبه بشكل احترافي على الكذب والتزوير الذي افترض بشكل أو آخر, انعدام المتحدث الصهيوني من المبادئ والقيم والأخلاق والفطرة السوية, غير أن هذا النوع من التلقين هو نوع من مدارس التلقين الفكرية لأتباعه قائمة على استعراض سيل كبير وغفير من المصطلحات وعبارات الكذب والتزوير والخديعة لتمرر وتسوَّق على أكبر قدر من البشر . 11- إن المتحدث القيمي صاحب المبادئ والأسس الأخلاقية القائمة على العدل والإنصاف, لا يحتاج إلى هذا النوع من القواميس التي تتعقب أصحابها كالطفل لتلقنه الحديث كلمة كلمة بـ:«قل» أو «لا تقل». 12- ومن طرف خفي ألحظ دور المستشرقين الصهاينة الجدد الذين يحاولون صياغة تاريخ حاضر يستدركون فيه ما كشف سوأتهم وسوَّد وجوههم . 13- إن المراقب للساسة والإعلاميين الصهاينة يلحظ بكل وضوح الالتزام بمبادئ القاموس والتطبيق العملي لما جاء به القاموس. 14- لكنه وللأسف وعلى صعيد آخر, وجد هذا الخداع سبيله إلى عقول زمرة من أبناء جلدتنا وقلوبهم من إعلاميين وكتَّاب وغيرهم, الذين أصبحوا ينادون بما ينادي به يهود، ولك أن تقرأ مقالات مسمومة لجملة منهم في موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية باللغة العربية على الشبكة العنكبوتية. 15-وبدا من خلال تحذيرات القاموس أن دعواهم بالحق أمام غالبية الجمهور الأوروبي لا يجدي نفعا لهم بل تكون سببا في العزوف عنهم . 16- كشف القاموس وبكل جلاء الثغرات التي يخافها اليهود ويحذرون بعضهم منها . 17-حري بهذا القاموس أن يوضع على مائدة دراسات مراكز البحث من المتخصصة لتستخرج منه جملة كبيرة من الثغرات والشقوق في جدار الصلف اليهودي. 18- لا يخفي القاموس مدى تأثر الكيان الصهيوني ومؤسساته بجملتها من الإعلام المضاد والمناوئ له, وأن الجهود الإعلامية المضادة لممارسات المؤسسة الصهيونية التعسفية باتت تحت أنظار المؤسسات الإعلامية وعدساتها التي أصابها الحنق من الغطرسة اليهودية في فلسطين . وباختصار, لا شك أن القاموس بجملته نوع من أنواع التدريب الفعال. ما سبق جملة من الملاحظات رصدناها من قاموس الكذب الصهيوني, لكن ربي الذي خلق اليهود حذر منهم ومن سلوكهم. الله -جل جلاله- في كتابه الذي أنزله على عبده محمد صلى الله عليه وسلم قبل ما يزيد عن 1400 سنة فقال فيهم : قال تعالى: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا} (النساء: 46). يبدِّلون معناها ويغيِّرونها عن تأويله. كان مجاهد يقول: عنى بـ «الكلم»، التوراة. و«الكلم» جماع «كلمة». عن مواضعه، فإنه يعني: عن أماكنه ووجوهه قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ}(البقرة: 79) وهم اليهود. إن اليهود وبسلوكهم المشين والقبيح وعبر مراحلهم الزمنية يؤكدون أن خطاب الله فيهم صدق وعدل. وأن قاموسهم هو دليل فعلي على ألوان من الكذب ابتدعوها واخترعوها وسبقوا غيرهم إليها, وتفننوا في إشاعتها بينهم والناس دونهم. فاستحق هذا الدليل وبكل جدارة جائزة نوبل للسلام, وأن يوصف بأهم مَسردٍ وكشَّاف ودليل جامع شامل لأنواع الكذب المدروس بعناية وحِرفية, وكما عبر عن ذلك مُعدّ هذا القاموس (د. فرانك) في مقدمته للكتاب, أنه وفر ما يحتاجه المتحدث الصهيوني من عبارات وألفاظ ومفاهيم ومؤثرات . حريّ على ساساتنا ورجال إعلامنا وعلمائنا ودعاتنا ومربينا أن ينظروا ويتأملوا هذا الدليل عن كثب؛ ليعرفوا ما استجد من حيل يهودية عصرية متمثلين قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ}(الأنعام: 55) وقول الشاعر: عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه ومن لا يعرف الخير من الشر يقع فيه نعم نحن بحاجة إلى دليل للمتحدث الفلسطيني:ينادي بالثوابت والمبادئ ويعززها . يكشف له خبث المتحدث الصهيوني ومكره من مشكاة كتاب الله وسنة نبيه صلى اله عليه وسلم , وتاريخ أمتنا الناصع. يؤكد ويذّكر بالأعراف والمبادئ العالمية والإقليمية ومؤسساتهما التي بجملتها أنصفت حقوق الشعب الفلسطيني في كثير من قراراتها. نعم القاموس الذي يدرّب المتحدث الفلسطيني كيف يحشد جماهير العالم لدعم ومؤازرة قضيته العادلة. والحمد لله رب العالمين. اعداد: جهاد العايش |
أفغانستان... الحركة بين توازنات دولية معقَّدة لتـأمين الاستقلال وإعادة بناء الدولة
أفغانستان... الحركة بين توازنات دولية معقَّدة لتـأمين الاستقلال وإعادة بناء الدولة . طلعت رميح https://www.albayan.co.uk/Uploads/im...2024091813.png يجدر دراسة النموذج الجاري في الحركة الدولية لأفغانستان بعد انسحاب قوات الاحتلال الأمريكية والأطلسية عام 2021م، باعتباره نموذجًا عمليًّا لإدارة الاستقلال ما بعد احتلالٍ ذي «طبيعة دولية» كاملة الملامح؛ إذ جرى هذا الاحتلال تحت عنوان الحرب العالمية على الإرهاب، كما أن الطرف المحتل كان الولايات المتحدة وحلف الأطلنطي كاملاً، والأخير سجَّل في هذا الاحتلال أول سابقة له في الخروج بقواته -انتشارًا وقتالاً- خارج أوروبا. وكذا لأن كثيرًا من الدول الإقليمية، قد تشابكت وتعقدت علاقاتها ومصالحها على أرض أفغانستان خلال هذا الاحتلال. والتجربة مهمة أيضًا، بحكم أنها تُمثّل محاولة بناء سياسة وعلاقات خارجية في ظل توترات دولية حادة ناتجة عن تغيير في توازنات القوى الدولية، أدت لاشتباك دولي متعدد الأطراف، وصل حد الدعوة لتغيير النظام الدولي القائم. وهي دعوة صدرت مِن قِبَل أطراف دولية يتشارك أحدها الحدود مع أفغانستان. ولهذه التجربة الجارية الآن في أفغانستان جانب مهم آخر، يتعلق بإعادة بناء دولة أو بالأحرى إعادة تأسيس دولة -على أنقاض الدولة التي شكَّلها الاحتلال-، وهي عملية تجري في ظل ظرف داخلي قاسٍ ومعقَّد؛ إذ عاش هذا البلد ثلاثة حروب متواصلة دون توقف، لأكثر من نصف قرن. كانت الأولى حربًا للتحرير من احتلال أحد قطبي النظام الدولي خلال الحرب الباردة، جرت فصولها بدءًا من عام 1979م، بعد أن احتل الاتحاد السوفييتي البلاد. وتلتها حرب داخلية استعرت بين ميليشيات كانت ممولة ومدعومة إقليميًّا ودوليًّا، وهي حرب استمرت لعدة سنوات حتى جرى العدوان والغزو والاحتلال الأمريكي للبلاد في عام 2001م، لتبدأ الحرب الثالثة في شكل حرب تحرير ثانية من القوة العظمى الأقوى والأشد تأثيرًا في النظام الدولي -إلى درجة الهيمنة الكلية بعد انهيار القطب الدولي المنافس الذي كان محتلاً لأفغانستان من قبل-، والذي جلب معه قوات حلف الأطلسي لتصبح قوة الاحتلال غربية كاملة العدد. هي تجربة بلد مُدمَّر ينهض من تحت الرماد المتراكم لثلاثة حروب. وما يُعقّد تلك التجربة أكثر، أن الولايات المتحدة التي سحبت قواتها -وقوات الأطلسي-، قررت فرض حصار وعزلة دولية وإقليمية دائمة على أفغانستان بعد الانسحاب. لقد جمَّدت احتياطيات البلاد من العملات الأجنبية بما حرم الحكم الجديد من تحريك الاقتصاد، وقامت بتنشيط الضغوط الدولية والإقليمية على الحكم تحت عناوين تعرقل الاعتراف بالحكومة المشكلة بعد الانسحاب؛ إذ شنَّت حربًا إعلامية ودبلوماسية تحت عناوين متعددة؛ أبرزها عدم تمثيل حكومة طالبان للأطياف والأعراق المتعددة وعدم منح المرأة الأفغانية حقوقها. لكن ذلك لم يمنع حركة أفغانستان وحركة قوى دولية باتجاهها بعد التحرير. وقد بدا لافتًا أن تحركت الصين باتجاه أفغانستان على الصعيدين السياسي والاقتصادي، كما تحركت روسيا تجاه أفغانستان عمليًّا وبإعلانات واضحة برفع طالبان من لائحة الإرهاب. وكان أن استضافت وفدًا يمثل الحركة في منتدى بطرسبورغ الاقتصادي؛ تأكيدًا لموقفها عمليًّا. وكلا الأمرين ضمن تحركات أخرى، في إشارة إلى طبيعة الحركة الأفغانية التي تستهدف فكّ الحصار والعزلة الدولية المفروضة أمريكيًّا وغربيًّا على البلاد، وبناء الاستقلال الوطني من خلال التعاون مع القوى الدولية المتصارعة مع الغرب. فهل يمكن وصف ما تحقَّق بالاختراق الإستراتيجي، أم أن هذه التحركات هي نجاحات تكتيكية تتطلب الحذر في التعامل مع ما يمكن أن تجلبه من تحديات إستراتيجية؟ وضع دولي وإقليمي وداخلي خانق حين انسحبت القوات الأمريكية والأطلسية من أفغانستان بطريقة وُصفت بالفوضوية، كان واضحًا أن ما جرى هو سحب للقوات العسكرية مع استمرار الصراع مع الحركة عبر الحصار والعزل عن النظام العالمي دبلوماسيًّا واقتصاديًّا، بل حتى عبر إنماء عوامل التفكيك والاضطراب الداخلي. صحيح أن الولايات المتحدة لم تُدْرج حركة طالبان -رغم كل تلك الحرب- على قائمتها للحركات التي تصفها بالإرهابية، إلا أنها تعاملت معها واقعيًّا باعتبارها كذلك، أو هي تعاملت معها باعتبارها حركة غير معترَف بها. لقد جمَّدت الولايات المتحدة الاحتياطي المالي لأفغانستان البالغ نحو 10 مليارات دولار. كما شنَّت الدبلوماسية الأمريكية والغربية حربًا ضارية على الحكومة الأفغانية الجديدة تحت عنوان عدم تمثيلها للمكونات العرقية والمذهبية المختلفة في أفغانستان، وباعتبارها حكومة لا تمنح المرأة الأفغانية حقوقها في التعليم والعمل، وهو ما شكَّل مانعًا لاعتراف الدول الأخرى بالحكم الجديد. وقد حققت الخطة الأمريكية نجاحًا؛ إذ بدا جليًّا، تخوُّف غالبية دول العالم من اختراق هذا الحظر الأمريكي. وهو ما تُرجم بشكل واضح وجلي على الصعيد الإقليمي، وإلى درجة أن أضافت إحدى دول الجوار تشددًا على التشدد الأمريكي. لقد تناغمت إيران مع الموقف الأمريكي، وأضافت إليه التهديد بالحرب مع أفغانستان. لقد دخلت إيران صراعًا مكشوفًا مع أفغانستان بعد وصول طالبان للحكم. تبنَّت إيران الرؤية الأمريكية حول عدم تمثيل حكومة أفغانستان لمختلف الأعراق -في إشارة إلى مجموعات الهزارة المرتبطين بإيران-، كما حرَّكت قواتها على الحدود الأفغانية للاشتباك مع حرس الحدود الأفغاني عددًا من المرات، ووصل الأمر أن تحدث الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي مهدِّدًا أفغانستان، ومطالبًا قيادتها بأن تأخذ تهديداته على محمل الجد. وكان الأخطر أن عادت إيران لإثارة قضايا الخلافات القديمة حول المياه؛ إذ أطلقت اتهامات لأفغانستان بسرقة المياه التي تتدفق إلى أراضيها عبر تشييد مشروعات مائية جديدة. وفي اتجاه العلاقات مع باكستان؛ فقد بدت العلاقات عبر الحدود مرتبكة، بل حتى منفلتة -على غير ما كان متوقعًا بحكم طبيعة العلاقات التاريخية بين باكستان وطالبان-؛ إذ وقعت اشتباكات حدودية متعددة بين البلدين، كما أطلقت باكستان اتهامات بحق حكومة أفغانستان؛ واتهمتها بتقديم الدعم والمساندة لطالبان باكستان التي تشن عمليات متواصلة ضد الجيش الباكستاني، وهي منظمة مصنَّفة أمريكيًّا كحركة إرهابية. وقد ترافق مع هذا الموقف الأمريكي (الغربي)، وهذا الوضع الإقليمي، تصاعد في أعمال الإرهاب داخل أفغانستان مِن قِبَل ما يُسمَّى تنظيم الدولة الإسلامية، مع تنامي الدعوات لدعم بقايا حركات سياسية عسكرية، كانت تقاتل طالبان قبل الاحتلال الأمريكي -تحالف الشمال-ودفعها للقيام بتمردات حدودية... إلخ. وكان التقدير المرجّح في تلك المرحلة المبكرة من حكم طالبان بعد التحرير، أن انسحاب القوات الأجنبية، واستمرار الحصار الخارجي، وتدهور العلاقات الإقليمية، والانفلات الأمني الداخلي، ستتفاعل مع عوامل التدمير التي أحدثها الاحتلال في البلاد لتولِّد حالة فوضى وانقسامات واقتتال كتلك التي حدثت بعد انسحاب قوات الاحتلال السوفييتي. الصين وروسيا: تحرّك باتجاه أفغانستان لكن الأمور لم تجرِ في الاتجاه الذي توقعته كثير من الرؤى والتحليلات المتشائمة. وإذا كان الحكم الجديد قد أرسى دعائم الأمن في المجتمع والدولة، فالمؤشرات الدولية الأخيرة تعكس تحولاً تدريجيًّا في الموقف من أفغانستان، والأبرز في ذلك هو موقفي الصين وروسيا، عمليًّا وسياسيًّا ودبلوماسيًّا. لقد خطت الصين خطوات مهمة، وفق نمط التحرُّك الحَذِر -غير أنه متنامٍ- لكسر الحصار الأمريكي المضروب حول أفغانستان. وقبلت الصين أوراق اعتماد سفير جديد لحكومة أفغانستان الجديدة -30-4-2024م- بما مثَّل اعترافًا ضمنيًّا بتلك الحكومة، وكانت الصين أول دولة في العالم تقدم على تلك الخطوة. وهو تطور جاء تاليًا -وبالدقة متناميًا- لما جرى قبلها بثلاث سنوات؛ حيث قامت الصين بتعيين سفير لها في أفغانستان في عام 2021م. وأصدرت الخارجية الصينية ورقة بشأن موقفها من أفغانستان؛ أعلنت فيه أن الصين «تحترم الخيارات المستقلة التي يتّخذها الشعب الأفغاني، وتحترم المعتقدات الدينية والتقاليد الوطنية». وهو ما قابلته حكومة طالبان، بالقول -حسب تصريحات الملا عبد السلام حنفي النائب الثاني لرئيس وزراء الحكومة الأفغانية-: إن «الصين صديق يُعتمَد عليه بالنسبة لأفغانستان». وإن طالبان ملتزمة بـ«تطوير العلاقات الودية بين أفغانستان والصين، وإن بلاده لن تسمح أبدًا لأي قوة باستخدام الأراضي الأفغانية لتهديد مصالح الصين، وستتخذ إجراءات فعّالة لضمان أمن المؤسسات والموظفين الصينيين في أفغانستان». كما بدأت الصين بالتحرك عمليًّا نحو تطوير العلاقات مع أفغانستان، عبر بوابة التعاون الاقتصادي؛ إذ بدأت مفاوضات معها في مطلع عام 2023م لاستخراج النحاس والنفط من نحو 18 موقعًا. وأعلنت السلطات الأفغانية عن خطط لشركات صينية لاستثمار نصف مليار دولار في الطاقة الشمسية بالبلاد. وكان لافتًا أن التعاون لم يقتصر على استخراج البترول والمعادن، بل امتد إلى جانب مهم يتعلق بتحقيق الأمن للحكومة والمجتمع في أفغانستان؛ فقد جرت تفاهمات بين الحكومة الأفغانية وشركة هواوي الصينية للاتصالات لتعزيز منظومة الأمن الإلكتروني في أفغانستان، وبالأحرى لاستكمال شبكة المراقبة التي كانت القوات الأمريكية قد أقامتها خلال احتلالها لأفغانستان. وفى كل ذلك، فالتطور المستقبلي الأهم، تمثَّل في ترحيب كلّ من الحكومتين الصينية والأفغانية بانضمام أفغانستان رسميًّا لمبادرة الحزام والطريق الصينية. وتحركت روسيا هي الأخرى باتجاه بناء علاقات دبلوماسية واقتصادية مع الدولة الأفغانية ما بعد التحرير. فقد أعلن وزير الخارجية الروسي لافروف مؤخرًا، عن توجُّه بلاده لرفع اسم حركة طالبان من قائمة الإرهاب الروسية. وقال نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي: إن بلاده تقترب من إقامة علاقات كاملة مع طالبان. وتحدث الرئيس الروسي بوتين عن بناء علاقات طبيعية بين موسكو والسلطة الفعلية في أفغانستان. كما بدأت روسيا بتنفيذ بعض الاتفاقات -أو التفاهمات- المبرَمة مع حكومة أفغانستان بشأن تزويد أفغانستان بالبنزين والديزل والغاز المسال والقمح بصفة دورية. نجاحات تكتيكية وتحديات إستراتيجية يقرر كثير من المتابعين للشأن الأفغاني -ومنهم خصوم للحكم الحالي- أن حركة طالبان تحركت على الصعيد الدولي وفق إدراك سياسي عميق. وأن الحركة بدأت في إدارة عجلة الاقتصاد الصدئة من طول فترة توقف حركتها خلال الاحتلال، وأنها بدأت مشروعات طموحة يمكن لها أن تحقق تغييرات في البنية الاقتصادية والمجتمعية، خاصةً مشروعات قناة قوتشيبه على نهر جيحون التي ستحقق نموًّا في الزراعة والإنتاج، وإن الحركة قد تمكنت من تثبيت الأمن الداخلي... إلخ. لكنَّ التحديات التي تواجهها أفغانستان ما تزال ضخمة ومليئة بالمخاطر. فهناك التحديات المجتمعية؛ إذ نتج عن الاحتلال الأمريكي مقتل نحو 38 ألف أفغاني، كما وصلت نسبة الفقر بين السكان إلى نحو نسبة 85% من الأفغان. كما ترك الاحتلال البلاد وهي غارقة في أزمة زراعة وتعاطي الخشخاش. كما تركها الاحتلال وهي مرتع للجماعات القبلية المتناحرة ولمجموعات إرهابية متعددة. وقد نتج عن الانسحاب الأمريكي انهيار للجيش الذي شكَّله الاحتلال، وكان تعداده الرسمي قد وصل 195 ألفًا. وعقب انتهاء الاحتلال، أصبحت البلاد تواجه سيلاً من عودة المواطنين الأفغان الذين كانوا قد فروا إلى دول الجوار طوال الحروب الثلاثة التي تواصلت لنحو نصف قرن. وعلى صعيد العلاقات الإقليمية، وإن كان مفترضًا أن تضمحل الخلافات بين أفغانستان وباكستان، فالأمر ليس كذلك بالنسبة لإيران، التي تتحرك وفق رؤية توسعية ومذهبية خطرة، سواء على صعيد التفكيك للمجتمع الأفغاني أو على صعيد إشعال العنف الداخلي؛ إذ توالي تدريب ميلشيات أفغانية أو على صعيد سعيها لإضعاف مفاعيل التنمية الاقتصادية، خاصةً الزراعية منها. وعلى صعيد العلاقات مع الصين؛ وإذ من المفهوم لما أطلقت حكومة طالبان تعهدات بعدم استخدام أي قوة لأراضيها لتهديد مصالح الصين -في إشارة إلى رؤية طالبان السابقة بشأن حركة المسلمين الإيغور-؛ فأفغانستان لا شك تدرك أيضًا ضرورة التفرقة بين وضعها الحالي -بحكم احتياجها الاقتصادي- وبين وضعها المستقبلي، الذي ينشد بناء الاستقلال وعدم السقوط في فخّ التبعية للصين. وعلى صعيد العلاقات مع روسيا، وإذ تطوّر روسيا علاقاتها مع أفغانستان، فطالبان ستكون أمام إجابة مستقبلية لتحديد موقفها من المشروع الروسي لمد خط أنابيب الغاز بين تركمانستان وأفغانستان وباكستان والهند، ومشروعها لبناء سكك حديدية عابر لأفغانستان ليربط بين أوزبكستان وباكستان... إلخ. وهي تحديات ذات طابع إستراتيجي تُضاف إلى التحديات الداخلية الناتجة عن نحو نصف قرن من الحروب المدمّرة. |
الصراع على حُكم غزة
الصراع على حُكم غزة . حسن الرشيدي https://www.albayan.co.uk/Uploads/im...2024093354.png بعد اندلاع طوفان الأقصى، وما تلاه من ردّ صهيوني تمثَّل في تدمير ممنهج للقطاع بمحافظاته، ومحاولات تهجير جماعي لأهله، وما أعقبها من حملات إبادة جماعية للسكان...؛ كانت القضية الأولى التي تُثار داخل دولة الكيان الصهيوني أو في المجتمع الدولي هي قضية «اليوم التالي» لحرب الإبادة الصهيونية العسكرية، وهل سيستمر حُكم حماس لقطاع غزة؟ أم ستعود السلطة الفلسطينية في رام الله لحكم غزة؟ أم سيبقى الحال كما هو عليه الآن، من محاولة فرض أمر واقع بحُكم عسكري من خلال سيطرة الجيش الصهيوني على القطاع، ومِن ثَم إعادة الاستيطان، كما تريد الصهيونية الدينية بزعامة سيموريتش وبن غفير؟ في هذا المقال سيتم مناقشة هذه الخيارات وغيرها، وفرص تحقُّق كلٍّ منها. ولكن للوصول إلى أقرب تلك الخيارات للتحقُّق على أرض الواقع، يلزمنا تحليل طموحات أكثر الأطراف تأثيرًا في المشهد المتخيل لوضع غزة المستقبلي، وقدرتها على فَرْض تلك الطموحات والخيارات: فهناك دولة الكيان، وهناك الطرف الفلسطيني، ولا شك أن تأثير دُوَل الإقليم والغرب له تداعياته وتأثيراته. الكيان الصهيوني ومأزق غزة فجَّر طوفان الأقصى التناقضات داخل المجتمع السياسي الصهيوني، فاندلعت الصراعات داخله؛ تارةً بين اليسار الصهيوني واليمين العلماني، وتارةً أخرى بين التيارات الليبرالية وبين الصهيونية الدينية والمتشددين اليهود. حتى داخل حكومة دولة الكيان تفجَّرت الخلافات، بين تيار يميني أكثر شعبية يُمثّله غانتس وايزنكوت، وتيار يميني متشدّد يُمثّل الصهيونية الدينية، وحاول نتنياهو أن يتعاطى مع الطرفين، ولكنَّه كان أكثر ثقةً وانسجامًا مع التيار الصهيوني الديني. نتنياهو هذا تتوالى عليه السهام في الداخل الصهيوني من كل اتجاه؛ فبالإضافة إلى الضغوط من داخل الطبقة السياسية ومن جانب المجتمع الدولي، فإن النار تأتيه أيضًا من أهالي الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية، ومن ذوي المجنّدين الذين قُتِلُوا في القطاع، أو أهالي الجنود الذين لا يزالون في الخدمة العسكرية والخوف عليهم من القتل في غزة. كذلك يُواجه نتنياهو ضغوط طائفة الحريديم وحاخاماتهم، الذين يرفضون أصلًا الخدمة العسكرية في دولة يؤمنون أنها أتت قبل موعدها، فزمانها عندهم يجيء بنزول مسيحهم، فهي في نظرهم دولة كافرة لا يجب أن يخدموا فيها. ولكنَّ الخلاف الأكثر تأثيرًا على المشهد المستقبلي لغزة، هو الخلاف بين نتنياهو وغالانت. ففي شهر مايو الماضي اندلع سجال بينهما على وسائل الإعلام يتعلق بمآلات حرب غزة؛ فقد انتقد غالانت في تصريحات له تأخُّر الاتفاق على مستقبل غزة؛ إذ رأى أن استمرار التردد قد يؤدي مستقبلاً إلى احتلال عسكري للقطاع، الأمر الذي يرفضه بشكل قاطع؛ بسبب الخطر الذي سيُشكّله ذلك على أمن إسرائيل؛ بحسب وصفه، علاوةً على الكلفة المالية والعسكرية والسياسية الباهظة التي لا طاقة لإسرائيل بتحمُّلها. وأبدى غالانت رأيًا متناغمًا مع الموقف الأمريكي إزاء الموضوع؛ وفق ما جاء على لسان وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، والذي قال في نفس اليوم: «إن على إسرائيل أن تقدم خطة واضحة لمرحلة ما بعد الحرب من حيث الحكم ومن حيث الأمن»، مشددًا على رفض بلاده إعادة الاحتلال الإسرائيلي لغزة، ورفضها كذلك حكم حماس للقطاع، مُلمِّحًا لإعادة السلطة الفلسطينية في رام الله إلى القطاع. بينما رد نتنياهو على غالانت في نفس اليوم، وفي تسجيل له مُصوّر نُشِرَ على مواقع التواصل الاجتماعي، قال نتنياهو: «إنه غير مستعدّ لاستبدال حماستان بفتحستان»؛ في إشارة إلى السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. وأوضح نتنياهو أنه لا جدوى من الحديث عن اليوم التالي للحرب في غزة طالما كانت حركة حماس قائمة، مجددًا تمسكه بالسعي لتحقيق انتصار عسكري؛ لأن غير ذلك يعني هزيمة عسكرية وسياسية ووطنية؛ بحسب ما نقلت عنه صحيفة معاريف. ونقلت الصحيفة أيضًا عن نتنياهو قوله: «إن المحاولات الإسرائيلية لدمج جهات محلية في إدارة قطاع غزة لم تكن ناجحة بسبب تهديد حركة حماس لتلك الجهات». وتطورت الخلافات بين نتنياهو وغالانت حتى وصلت إلى ما يشبه القطيعة بين الرجلين، وكشفت مصادر إسرائيلية أنهما لا يلتقيان إلا في اجتماعات الحكومة الرسمية، على الرغم من حالة الحرب؛ الأمر الذي انعكس على الفشل في الاتفاق على خطة اليوم التالي للحرب على غزة، والفشل حتى الآن في تحقيق أهدافها المعلنة. ولكن ما هي رؤية نتنياهو بالنسبة لمستقبل غزة؟ هناك رؤية رسمية يتبناها نتنياهو ومستشاروه، وتوجد رؤية غيرها يعلنها قادة أحزاب الصهيونية الدينية المتحالفين مع نتنياهو. الرؤية الأولى بدأ الحديث عنها منذ خمسة شهور، وبالتحديد في فبراير 2024م. فقد كشفت هيئة البث الرسمية الإسرائيلية، عن عرض رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو لرؤيته لليوم التالي للحرب على قطاع غزة أمام المجلس الوزاري الأمني المصغّر، والتي جاء فيها تأكيده على احتفاظ الكيان الصهيوني بحرية العمل العسكري في كافة مناطق قطاع غزة دون تحديد زمني؛ لضمان منع وإحباط أي عمليات أو تهديدات من القطاع. كما نصت رؤية نتنياهو -التي اصطُلِحَ على تسميتها في الإعلام العبري بـ«وثيقة المبادئ»- على أن الجيش الصهيوني سيُواصل حربه في قطاع غزة حتى تحقيق كافة أهدافه العسكرية المتمثلة في تدمير القدرات العسكرية لحركتي حماس والجهاد الإسلامي وكافة الجماعات المسلحة، وتدمير البنية التحتية الحكومية لحركة حماس، وإعادة المختطفين المحتجزين داخل قطاع غزة. كما تناولت الوثيقة المطروحة نوايا نتنياهو في إقامة منطقة أمنية عازلة داخل قطاع غزة في المناطق المتاخمة للمستوطنات الصهيونية، وستبقى المنطقة العازلة طالما دعت الحاجة الأمنية لها. كما نصَّت الوثيقة على التجريد الكامل لقطاع غزة من السلاح، وإنهاء أيّ قدرة عسكرية، والاكتفاء بما يساعد على حفظ النظام العام فقط، كما سيحافظ الكيان على ما أسمته الوثيقة الإغلاق الجنوبي بين قطاع غزة ومصر؛ لمنع الفصائل في قطاع غزة من إعادة تسليح نفسها. أما فيما يتعلق بالوضع الإغاثي والإنساني في القطاع؛ فقد نصَّت وثيقة نتنياهو على سعي الكيان لإغلاق وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، وإنهاء كافة أنشطتها وفعالياتها في قطاع غزة، واستبدالها بوكالات ومؤسسات مساعدات دولية أخرى مقبولة، بدعوى مشاركة عناصر ينتسبون لوكالة الأونروا في الهجوم الذي شنَّته حماس والفصائل الفلسطينية يوم السابع من أكتوبر، كما أكدت وثيقة نتنياهو على رفض الكيان الصهيوني للإملاءات الدولية بشأن التسوية الدائمة مع الفلسطينيين، وأكدت على رفضها الوصول إلى أيّ تسوية دائمة إلا من خلال المفاوضات المباشرة بين الطرفين ودون شروط مسبقة، وسوف تواصل معارضتها للاعتراف بالدولة الفلسطينية من جانب واحد. إلى جانب وثيقة نتنياهو التي عرضتها هيئة البث الرسمية، وتناقلتها العديد من وسائط الإعلام الصهيونية، فقد كشف موقع «إكسيوس» عن مخطط موازٍ لما طرحه نتنياهو أسماه «اجتثاث التطرف» من المؤسسات التعليمية والدينية في قطاع غزة بمساعدة الدول العربية صاحبة الخبرة في مكافحة التطرف، كما سيعمد نتنياهو إلى الربط بين خطط إعادة الإعمار التي ستتكفل بها دول مقبولة وبين عملية اجتثاث التطرف. بعدها بشهرين، أكد المتحدث باسم مكتب رئيس وزراء دولة الكيان بنيامين نتنياهو في حديث لمجلة نيوزويك على تلك المعاني بتلخيص؛ فقال: «ما نريد رؤيته في غزة في اليوم التالي للحرب هو منطقة منزوعة السلاح ومجتمع خالٍ من التطرف»، ولكنه عاد ليتحدث عن إدارة القطاع مِن قِبَل مدنيين محليين ليس لهم أيّ صلة بالإرهاب. وبذلك تتضح خطة نتنياهو المُعلَنة لليوم التالي للحرب على غزة، والتي يحرص على نشرها والتأكيد عليها، وهي تتلخص في إيجاد وضع نهائي يديره فلسطينيون محليون من أبناء غزة، واقتطاع شريط من القطاع بمحاذاة مستوطنات غلاف غزة، توجد فيه بشكل دائم وحدات الجيش الصهيوني، وهذا الوجود سيشمل محور فلادليفيا، وهذه الوحدات لها القدرة على التحرك داخل غزة لمنع عودة المسلحين إلى القطاع؛ أي: أن حُلم نتنياهو هو الوصول بغزة إلى وضع أشبه بوضع الضفة الغربية الحالي. ولكن في الأسابيع الأخيرة بدا أن نتنياهو قد خفَّف من مقاطعته للسلطة الفلسطينية في رام الله. فقد قال ثلاثة مسؤولين صهاينة لهم اطلاع على الأمر لصحيفة تايمز أوف إسرائيل، في تقرير لها نشرته منذ أسبوعين: «إن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تراجع في الأسابيع الأخيرة بشكل خاص عن معارضته لقيام أفراد مرتبطين بالسلطة الفلسطينية بإدارة غزة بعد الحرب ضد حماس». ويأتي هذا التطور بعد أن أصدر مكتب نتنياهو توجيهات لعدة أشهر للمؤسسة الأمنية بعدم إشراك السلطة الفلسطينية في أيٍّ من خططها لإدارة غزة بعد الحرب، ووفقًا لمسؤولين إسرائيليين قالا: إن هذا الأمر أعاق بشكل كبير الجهود الرامية إلى صياغة مقترحات واقعية لما أصبح يُعرَف باسم اليوم التالي، كما تقول الصحيفة. ولكنّ حلفاء نتنياهو من أحزاب الصهيونية الدينية، وعلى رأسه زعماء هذه الأحزاب سيموريتش وبن غفير، يضغطان برؤية ثانية، تكون فيها سيطرة صهيونية كاملة على القطاع وحُكمه بطريق مباشر، وبعد فشل مشروع التهجير، يريدان بناء مستوطنات يهودية في القطاع، وجلب عشرات الألوف من المستوطنين، وتغيير ديموغرافية غزة تدريجيًّا، تمامًا مثل ما يفعله المستوطنون بمباركة الحكومة الصهيونية في الضفة الغربية. ولكنْ أيّ من الرؤيتين يتبناها نتنياهو؟ يبدو أنه يميل للرؤية الأولى؛ لأنها مدعومة أمريكيًّا، كما تشجّعها قيادات الجيش والأجهزة الأمنية، ولأنها أكثر واقعية، فسردية اليمين الصهيوني، والتي تتعلق بإعادة المستوطنين بغزة، قد سبق تجربتها، حتى إن أكثر زعماء الكيان الصهيوني تشدُّدًا وصهيونيةً، وهو أريل شارون، قد وصل إلى هذه القناعة، فكان الزعيم الأكثر جرأة، وفكَّك المستوطنات، وانسحب من القطاع. ولكي يستطيع نتنياهو تطبيق رؤيته تلك، فإنه صاغ إستراتيجية تتمحور حول القضاء على جماعات المقاومة المسلحة أو إخضاعها لتقبل شروطه، ولذلك تتضمن تلك الإستراتيجية عدة محاور تشمل: ١-تصعيد حملات الإبادة ضد أهل غزة، وتدمير البنية التحتية للقطاع؛ لكي يتمكن من إيجاد حالة من الغضب والتمرد على حكم حماس للقطاع لنزع الحاضنة الشعبية للمقاومة، على أمل صُنع بديل من العائلات أو الجماعات، والتي عُرفت بعدائها لحماس والمقاومة المسلحة، أو لها ارتباطات بمحمد دحلان أو السلطة الفلسطينية. ٢- تكثيف محاولات اغتيال وتصفية قيادات المقاومة؛ لأنه يعتقد أن محاولات المقاومة لتعويض تلك القيادات وإيجاد البديل القيادي ستستغرق وقتًا، وبالتالي ستتعطل خطط المقاومة للصمود. ٣- الاستمرار في المفاوضات غير المباشرة مع المقاومة لتحقيق هدفين؛ تهدئة مظاهرات أهالي وأُسَر المعتقلين لدى المقاومة، وإخضاع المقاومة لكي تستجيب لأهدافه التي ذكرناها سابقًا، وفي حدها الأدنى أن تقبل بخضوعها لسلطة فلسطينية أخرى تتولَّى نزع سلاح المقاومة. وقد شرع نتنياهو بالفعل في اتخاذ الخطوات العملية في هذا الاتجاه؛ فقد صرح مستشار الأمن القومي لدولة الكيان تساحي هنغبي (وهو المقرب من نتنياهو) في مؤتمر صحفي بأن خطة إسرائيل لليوم التالي لحماس سوف تبدأ في التنفيذ في شمال غزة في الأيام المقبلة. وبعد هذا التصريح بأسبوع، نشرت صحيفة فايننشال تايمز أن الجيش الإسرائيلي يستعد لإطلاق برنامج تجريبي لإنشاء مناطق إنسانية للمدنيين في غزة غير المنتمين إلى حماس في مدينتين في شمال غزة. وتقول التقارير: إن الخطة تتضمّن تسليم جوانب من السيطرة على غزة إلى رام الله والدول العربية المعتدلة، وهو ما يبدو وكأنه يؤكد استعداد إسرائيل للعمل مع السلطة الفلسطينية، على الرغم من التصريحات العامة المتكررة التي تؤكد العكس. ومع ذلك، قُوبلت الخطة بالتشكك من جانب مسؤولين سابقين مجهولين وآخرين مطلعين على الخطط؛ تحدثوا إلى صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية. وربما يتعلق قلق هؤلاء المسؤولين السابقين، بأن الحديث عن اليوم التالي لا يستقيم مع استمرار القتال في غزة؛ حيث تبدو مآلات تلك الحرب مجهولة. ولكن ما موقف فصائل المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها حماس، من تلك الخطط؟ المقاومة الفلسطينية في مواجهة اليوم التالي تحاول المقاومة الفلسطينية التصدي للمخططات الصهيونية والإقليمية والدولية، والتي تريد ترتيب اليوم التالي للحرب في غزة، من خلال إستراتيجيتين: الأولى: الصمود في غزة، والحيلولة دون إعلان الجيش الصهيوني الانتصار أو السيطرة. أما الاستراتيجية الأخرى فتتعلق بإجهاض أيّ محاولة لإيجاد أو زرع كيان بديل في غزة، يتمكن من إدارة حياة المدنيين، وإحكام سيطرتها على القطاع. بالنسبة للإستراتيجية الأولى فحتى الآن تُبلي المقاومة بلاءً حسنًا في إدارة حرب عصابات ناجحة ضد جيش الكيان الصهيوني. وهذا ليس تحليلاً من جهتنا، بل إن الخبراء في الكيان الصهيوني ما فتئوا في تبيان تلك الحقيقة، وعلى سبيل المثال لا الحصر فهذه اعترافات اللواء (احتياط) في الجيش الاسرائيلي يتسحاك بريك، في مقالٍ له نُشِرَ في صحيفة معاريف يقول فيه: «إن قوات الجيش (يقصد جيش الاحتلال) تتعرَّض للضرب بالمتفجرات والعبوات الناسفة والصواريخ المضادة للدبابات التي تطلقها المقاومة، وتختفي داخل الأنفاق، ولا تتمكّن قوات الاحتلال إلا من إصابة عدد قليل من المقاومين». ويطلب هذا الجنرال من الناس في الكيان الاستماع بعناية لما يحدث فعليًّا بعيدًا عن أخبار الجيش الكاذبة؛ حتى لا يتفاجؤوا في المرة القادمة؛ على حد تعبيره. ويقول: «أخبرني القادة والجنود أنه لا توجد قدرة على سدّ الأنفاق التي يصل عمقها إلى 50 مترًا تحت محوري فيلادلفيا ونتساريم التي يسيطرون عليها؛ والجيش الذي يكذب لا يمكن أن ينتصر». ويناشد الجنرال الاحتياط، الناطق باسم الجيش الاعتراف بحقيقة أن السلاح ينتقل من الجنوب إلى شمالي قطاع غزة بسهولة، وبدون أي مشكلات، عن طريق الأنفاق العميقة، وانتشار الجيش في محور نتساريم لا يستطيع منع ذلك. ويؤكد الجنرال بريك أن الإعلان عن قتل عدد كبير من المقاومين هو كذب، فالناطق باسم الجيش في تقديرات الجنرال الصهيوني يكذب دائمًا في الإعلان عن الخسائر البشرية للمقاومة، وحتى رئيس الأركان كذب عندما أعلن عن مقتل 900 مقاوم في رفح. أما إستراتيجية المقاومة التي تعلق بإحباط خطط الصهاينة وحلفائهم في إيجاد بديل للمقاومة، فتتلخص في تعزيز الخدمات المدنية، وأعمال تطبيق القانون، وضبط المخالفين، ومعاقبة اللصوص، ومحاولة توفير الطعام لأهالي الشمال بإقامة التكايا التي تُوزّع الطعام على الناس. وفي نفس الوقت تراقب المقاومة محاولات التسلل داخل القطاع، وتتعامل معها بحسم، فمنذ شهرين، نشرت حماس بيانًا أعلنت فيه عن ضبط بعض الرجال المسلحين التابعين لرئيس مخابرات السلطة الفلسطينية ماجد فرج، وهم يعتلون شاحنات المساعدات التي دخلت القطاع، كما تعاملت مع بعض المقاتلين التابعين لفتح في وسط القطاع واعتقلتهم. كما جهّزت حماس قوات وجنّبتهم المعارك، لتكون مستعدة للتعامل مع أيّ محاولة للسيطرة العسكرية على القطاع من جانب أيّ تسلل كبير. وكشف إعلام عبري تفاصيل خطة جهّزتها حماس لما بعد الحرب في قطاع غزة. ففي تقرير لإذاعة «كان نيوز العامة الصهيونية»؛ فإن حماس أوقفت كتيبتين من القتال الفعلي مع القوات الإسرائيلية، وحافظت على طاقتهما؛ حيث ستكونان قوة محورية في استعادة قدرات الحركة العسكرية والسيطرة على الحكم في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب. وتتضمن خطة حماس الاحتفاظ بكتيبة في دير البلح وأخرى في خان يونس، وقد صدرت لهما تعليمات بعدم المشاركة قدر الإمكان في القتال؛ للحفاظ على قدراتهما، على أن تكونا قوة احتياطية للسيطرة الأمنية المستقبلية على قطاع غزة. وأضافت الإذاعة: «إنه خلال الاجتياح العسكري الإسرائيلي في خان يونس تم نقل الكتيبة الموجودة هناك إلى رفح؛ لتجنُّب الأذى أثناء القتال، ثم عاد عناصرها إلى شمال المدينة بعد انتهاء الاجتياح في خان يونس، وبدء العملية في رفح؛ حيث تحركوا تحت غطاء مدني واندمجوا بين السكان. وأشار التقرير إلى أنه من الصعب على القوات الإسرائيلية التعرف عليهم، موضحًا أنه وبالنظر إلى هذه المعلومات، يبدو أن اليوم التالي قد لا يكون اليوم التالي على الإطلاق، بل مجرد فصل ثانٍ لحرب السيوف الحديدية المستمرة؛ بحسب تعبير الإذاعة الصهيونية. إن ثبات أهل غزة سيُحْبِط الخطط، ومثله التفافهم حول المقاومة الفلسطينية، والتي تعيش بينهم تأكل مما يأكلون، وتجوع مثلهم، ويجود قادتها بأرواحهم في سبيل نُصرة دينهم وقضيتهم، بل يُضحّون بأبنائهم وأحفادهم، وتجري دماؤهم في شوارع القطاع ممتزجةً مع دماء أبناء غزة. فكل هذا سيُفجّر المؤامرات، وترتد سهامها على مَن أطلقها، لتحيا غزة وأبناؤها في غد مشرق جديد، بإرادة الله -تعالى- وتوفيقه. |
الحزب الديمقراطي على حافة التحوّلات الديمغرافية
الحزب الديمقراطي على حافة التحوّلات الديمغرافية د. هشام عليوان https://www.albayan.co.uk/Uploads/im...2024094354.png كامالا هاريس، هي أول امرأة تصل إلى أرفع مستوى في الدولة؛ منصب نائب الرئيس جو بايدن منذ انتخابات عام 2020م، بعد هيلاري كلينتون التي وصلت إلى منصب وزيرة الخارجية بين عامي 2009 و2013م. وهي المرأة الثانية التي تترشح لرئاسة الولايات المتحدة، بعد هيلاري كلينتون التي نافست دونالد ترامب عام 2016م، وفشلت. ولو فازت هاريس بالرئاسة في نوفمبر المقبل فلن تكون فقط أول امرأة تفوز بالرئاسة، بل أيضًا أول امرأة ملونة؛ إذ هي من أصول إفريقية من جهة الأب، وآسيوية هندية من جهة الأم. لكنَّ وصول هاريس إلى موقع المنافسة على المنصب لم يكن سهلًا، بل كان من باب الاضطرار الحزبي، بعد تدهور الحالة الذهنية للرئيس الحالي، والذي كان أداؤه كارثيًّا في المناظرة مع دونالد ترامب المرشح الجمهوري، أواخر يونيو الماضي. ولم يستسلم بايدن لضغوط كبار شخصيات الحزب الديمقراطي كي يتنحّى عن السباق، إلا بعد أسابيع من الأخذ والردّ، علمًا بأنه عندما خاض الانتخابات الرئاسية عام 2020م، ضد ترامب وفاز عليه، وعَد قادة الحزب بأن تكون رئاسته لولاية واحدة فقط؛ لكِبَر سنّه (عمره الآن 81 سنة)، على أن يُمهِّد الطريق لنائبته كامالا هاريس (59 سنة) لخوض الانتخابات من بعده، أو ربما غيرها. لكن ما حدث خلال السنوات الأربع الماضية، أنّ عصابة بايدن من حوله، ومن ضمنهم أسرته الصغيرة لا سيما زوجته «جيل»، عملوا على تهميش هاريس، تمهيدًا للولاية الثانية لبايدن، إلا أنّ مسعاهم فشل، وبات الآن مصير الحزب الديمقراطي، ومصير الولايات المتحدة بيد كامالا هاريس المدعية العامة السابقة، التي لم تُؤخَذ على محمل الجدّ في السنوات الفائتة، وكأنها كانت جزءًا من الديكور لمغازلة الأقليات العرقية في الولايات المتحدة، كقوى انتخابية ملتزمة، وهو كان ديدن الحزب الديمقراطي منذ أصبح حزب المهاجرين والأقليات العرقية والدينية، بعدما كان في بداياته حزب البيض الجنوبيين الإنجيليين، وصولًا إلى عشرينيات القرن العشرين، حين بدأ الوضع يتحوّل. وتبادل الحزبان المتنافسان المواقع، فأصبح الحزب الجمهوري هو حزب البيض الإنجيليين، وبات الحزب الديمقراطي هو حزب الأقليات الدينية والعرقية. وما زاد التوتر بين الحزبين، وانعكس ذلك في الظهور الصادم لشخصية دونالد ترامب المتطرفة وهيمنته على الحزب الجمهوري: انقلاب الميزان الديمغرافي في الولايات المتحدة بسبب الهجرات المتواصلة إلى الولايات المتحدة من ذوي الأصول اللاتينية الكاثوليكية، ونسبة الإنجاب المرتفعة لدى هؤلاء بالمقارنة مع نسبة إنجاب البيض. وحتى عندما لجأ الديمقراطيون إلى ترشيح هاريس على عجَل، لم يكونوا يأملون بالانتصار على ترامب؛ فبعد نجاته بأعجوبة من الاغتيال في 13 يونيو، تعاظم التعاطف الشعبي معه، واستطاع اجتذاب بعض أصوات المستقلين والمعترضين في الحزب الجمهوري. فيما كان الخوف المركزي عند الديمقراطيين هو خسارة حزبهم لمواقعه في مجلسي الكونغرس، ولحوق هزيمة تاريخية بهم لن يفيقوا منها إلا بعد سنوات. المفاجأة الآن، والتي قد تكون جزءًا من جهد المؤسسات، الإيحاء بقدرة هاريس على كسر صعود ترامب، مترافقًا مع تدفق أموال المتبرعين لحملتها الانتخابية، وانضمام عشرات آلاف المتطوعين إلى حملتها في الأسبوع الأول من حصولها على تأييد معظم المندوبين، بانتظار عقد المؤتمر الرسمي للحزب في أغسطس. لكنَّ قراءة هادئة لما يحدث في صفوف كلّ من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، تُبيِّن أنّ هناك أزمة حقيقية فيهما؛ إذ كيف يترشح عجوزان من كلا الحزبين لخوض معركة تحدّد مصير السياسات العالمية وليس سياسات أمريكا فقط؟ هل عجز الديمقراطيون والجمهوريون معًا عن إنتاج شخصيات من الشباب أو الأحدث سنًّا؟ وإذا كان جو بايدن اضطر إلى التنازل عن طموحه، فلماذا استسلم جهابذة الحزب الجمهوري لترّهات دونالد ترامب وأكاذيبه؟ فيما يلي محاولة لفهم تطوّرات الحزب الديمقراطي وتحوّلاته منذ تأسيسه، بوصفه حزب الشعب بتلاوينه، وحزب الرجل العادي كما يزعم مُنظِّروه لا حزب البيض الإنجيليين وحزب رجال الأعمال كما بات يُعرَف به الحزب الجمهوري. حزب البيض الجنوبيين عقب حرب الاستقلال عن بريطانيا العظمى (1775-1783م)، نشأ في الولايات المتحدة تياران سياسيان؛ هما: الحزب الجمهوري والحزب الفدرالي، وهما نتاج الخلاف بين توماس جيفرسون (توفي عام 1826م)، وألكسندر هاميلتون (توفي عام 1804م)، عندما كانا عضوين في الحكومة الأولى لولاية جورج واشنطن (توفي 1799م). هاميلتون والفدراليون كانوا يؤيدون قيام حكومة مركزية قوية، ومعظم أنصارهم من طبقة الصناعيين والتجار. أما جيفرسون والجمهوريون فكانوا يعارضون تعزيز سلطة الحكومة المركزية، ومعظم أنصارهم من المزارعين. وخلال حرب (1812-1815م) بين الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى بسبب الخلاف على الحقوق البحرية بين الدولتين، حاول عدد من المتطرفين في الحزب الفدرالي، تدبير انفصال «إنجلترا الجديدة» عن الاتحاد، وهذه المنطقة تضمّ ست ولايات في الشمال الشرقي. فلم ينجحوا سوى في تلطيخ سمعتهم بوصفهم خونة، واندثر حزبهم على المستوى الوطني عام 1816م، وانضمّت فلولهم إلى الحزب الجمهوري. لكنّ مبادئ الحزب الفدرالي لم تمت. عاشت الولايات المتحدة في السنوات التالية «حقبة المشاعر الجيدة Era of Good Feelings ». لكنّ الحزب الجمهوري ظلّ منقسمًا إلى تيارات متناحرة. وبعد 12 سنة فقط، تمكَّن المحامي والسياسي اللامع مارتن فان بورين (توفي عام 1862م) من تأسيس الحزب الديمقراطي من رحم الحزب الجمهوري، وعلى أنقاض الحزب الفدرالي[1]. لقد قام فان بورين بدور مركزي ابتداءً من عشرينيات القرن التاسع عشر في بناء منظمة من شركاء غير متوقّع اجتماعهم معًا. وحملت المنظمة أسماء مختلفة، من حزب أندرو جاكسون (الرئيس السابع للولايات المتحدة بين عامي 1829 و1837م)، وحزب الجمهوريين، وحزب الجمهوريين الديمقراطيين. وإلى عام 1840م، استقر أتباع الحزب على تسمية أنفسهم بـ«الديمقراطيين»، أو بتعبير فخم هو «الديمقراطية». لكن ما أنجزوه -بحسب المؤرخ مايكل كازين- كان فريدًا في التاريخ العالمي. فالديمقراطيون كانوا الجسم السياسي الأول الذي نجح في اجتذاب جماهير الناخبين. والأول الذي عقد مؤتمرات لتسمية المرشحين على نحوٍ منتظم. والأول الذي يدير شبكة من الجرائد الحزبية، والأول الذي يؤسّس لجنة وطنية واجتماعًا لأعضاء الكونغرس المنتمين إلى الحزب. وبهذا الجهاز القوي، هيمن الديمقراطيون على السياسة القومية قبل حقبة الحرب antebellum era، والتي تمتد بالنسبة لاتحاد الولايات الجنوبية، من نهاية الحرب مع بريطانيا (1812-1815م) إلى بداية حرب الانفصال أو الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب عام 1861م، والتي استمرت حتى عام 1865م. كما ربح الديمقراطيون الرئاسة مرتين بين عامي 1828 و1856م، وسيطروا على مجلسي الكونغرس طوال تلك المدة تقريبًا. المكوّن الوحيد الذي لم يبذل مسؤولو الحزب وناشطوه أيّ جهد لاجتذابه، هو الأفارقة الأمريكيون. وحتى اندلاع الحرب الأهلية، كان الديمقراطيون في أيّ منطقة يحافظون على واقع العبودية، ويمنعون السود الأحرار من المشاركة السياسية. إنّ الخوف من التنافس العرقي دفع العمال البيض إلى اعتبار مؤيدي إلغاء العبودية تهديدًا لنمط معيشتهم. كان تجار المدن وصناعيوها يقومون بأعمال تجارية جيدة من خلال تزويد المزارع الجنوبية بما تحتاج إليه من الثياب والآلات والبضائع الفاخرة. والديمقراطيون كانوا يعتقدون مثل معظم الأمريكيين بأن البيض فقط هم من يستحقون حكم أنفسهم، وأنهم قادرون على ذلك. لذلك، فإن الوصف الذي وصف الحزب نفسه منذ تأسيسه بأنه «حزب الشعب» كان متناقضًا في ممارساته مع ما كان يتميّز بتنوّعه اللافت. مُؤسِّس الحزب نفسه (فان بورين) ترعرع في منزل يضمّ ستة عبيد، واستمر في توظيف الرجال والنساء السود المملوكين من آخرين، عندما وصل إلى منصب نائب الرئيس (1833-1837م) ثم موقع الرئيس (1837-1841م). كان البيض الجنوبيون هم الكتلة الصلبة انتخابيًّا للحزب الديمقراطي، ما عدا فترة الحرب الأهلية. ومن دونهم كان من الصعب الفوز بالرئاسة أو بالأغلبية في الكونغرس. كان فان بورين وحلفاؤه قادرين على بناء الحزب الديمقراطي من الأمريكيين البيض استنادًا إلى تغيّرات متسارعة في المجتمع الأمريكي خلال الربع الثاني من القرن التاسع عشر. فقد زاد عدد السكان نتيجة الهجرات المتلاحقة إلى الولايات المتحدة بنسبة 240% بين عامي 1820 و1850م، وانضمّت ولايات جديدة، من ماين إلى فلوريدا، ومن ميسوري إلى أوراغون وكاليفورنيا. وهؤلاء الأمريكيون الجدد، أنعشوا السوق المحلي بالحرفيين والمزارعين وروّاد الأعمال الذين يستعملون تقنيات جديدة. وكانت البلاد ورشة كبيرة للبنى التحتية والمواصلات والبريد، وتأسيس الصحف، والبنوك. كانت المصانع تُنشَأ باطّراد، لكنّ الولايات المتحدة ستظلّ بلدًا زراعيًّا حتى نهاية القرن التاسع عشر. ولهذا دلالاته الاجتماعية والسياسية[2]. التحوّل الانقلابي قد يبدو الحزب بنسخته الحالية، الأكثر تقدّمية في الولايات المتحدة؛ بحسب ما يقول المؤرخ مايكل كازين، في رأي نشره في مجلة بوليتيكو الأمريكية. لكن في عام 1860م، انقسم الديمقراطيون في الشمال والجنوب بشدة حول توسّع العبودية، لدرجة أنه انتهى بهم الأمر بعقد مؤتمرين منفصلين، كلّ واحد منهما قدّم مرشحًا غير مقبول إطلاقًا من الآخر. ومع انقسام الحزب إلى قسمين، فاز الجمهوريون بأغلبية واضحة في المجمع الانتخابي بزعامة أبراهام لنكولن (اغتيل عام 1865م)، وبـ40% فقط من الأصوات الشعبية. وهو الذي بادَر إلى إنهاء العبودية في البلاد. انتعش الديمقراطيون في نهاية المطاف في منتصف سبعينيات القرن التاسع عشر، وذلك بفضل الكساد الحادّ، وطريقة إعادة الإعمار في الجنوب بعد الحرب الأهلية (1861-1865م) بقيادة الحزب الجمهوري. وما بين 1890-1920م، كان للجمهوريين، مع شخصيات مهمة مثل تيدي روزفلت (توفي عام 1919م) وبوب لا فوليت (توفي عام 1925م)، الريادة في مكافحة الفساد، وإصلاح العملية الانتخابية، والحدّ من فساد رأس المال الكبير، وتطوير برامج الرعاية الاجتماعية، أي كان الحزب الجمهوري على عكس الحزب الديمقراطي من جهة الاهتمام بالرعاية الاجتماعية، ومكافحة تغوّل الرأسمالية. عاد الديمقراطيون بقوة عام 1912م مع الرئيس وودرو ويلسون (توفي عام 1924م)، والذي استمرت ولايته إلى عام 1921م. تبنّى ويلسون برنامجًا تقدّميًّا بشأن المال والعمل، وقاد بلاده خلال الحرب العالمية الأولى عام 1917م، وكان المهندس الرائد لتأسيس عصبة الأمم، وعُرفت سياساته الخارجية به، فقيل: إنها «الويلسونية»، والتي تتضمّن أربعة عشر مبدأ طرحها عقب الحرب، لا سيما حق تقرير المصير للشعوب. وجاء السقوط الثاني للحزب الديمقراطي خلال عشرينيات القرن العشرين، عندما لم يستطع القادة الجنوبيون تحمّل القوة الصاعدة للكاثوليك واليهود في المدن الكبرى. وكما كان الديمقراطيون حزب البيض الإنجيليين في الجنوب، انعكس الوضع فأصبح الجنوب تدريجيًّا من أبرز معاقل الحزب الجمهوري المحافظ، وأضحى الحزب الجمهوري هو حزب البيض الإنجيليين. المرحلة الفاصلة أما المرحلة الفاصلة بين تاريخين، فهي حقبة «الاتفاق الجديد New Deal»، وهو عبارة عن سلسلة من البرامج المالية الإصلاحية التي أطلقها الرئيس الديمقراطي فرانكلين روزفلت (توفي عام 1945م)، وهو الوحيد الذي حكم لثلاث ولايات متتالية بين عامي 1933 و1945م، وكان هدف تلك البرامج مواجهة «الكساد العظيم Great Depression» (1929-1939م). ومنذ ذلك الوقت، استلم الحزب الديمقراطي زمام المبادرة في مجال ترويض تجاوزات الرأسمالية، وتعزيز المصالح الاقتصادية للطبقة المتوسطة والطبقة العاملة، والضغط من أجل العدالة الاجتماعية. وبالمقابل، تبنّى الحزب الجمهوري تأييد مصالح قطاع الأعمال التجارية، وبات منتميًا بقوة إلى التيار المحافظ. ثم جاءت مشاريع «المجتمع العظيم Great Society» على يد الرئيس الديمقراطي ليندون جونسون (توفي عام 1973م). هذه المشاريع هدفت إلى تحسين معيشة ذوي الرواتب المتدنية، وتعزيز الحقوق المدنية، ودعم قطاعات التعليم والمواصلات، ومعالجة مشكلات المدينة وفقر الريف، خلال إكمال ولاية الرئيس جون كينيدي (اغتيل عام 1963م) نائبًا ثم رئيسًا، ما بين عامي 1963 و1969م. وفي أعقاب هزيمة مرشح الحزب للرئاسة هوبرت همفري (توفي عام 1978م)، أمام المرشح ريتشارد نيكسون (توفي عام 1994م) عام 1968م، سيصبح الحزب الديمقراطي الأكثر تنوّعًا ديموغرافيًّا في تاريخ الولايات المتحدة، وسيكسب تأييد حركات التحرّر السود، والحركات النسوية، والأمريكيين من ذوي الأصول اللاتينية؛ باعتبار أنّ الحزب يحتضن مطالبهم بالإصلاح الديمقراطي الحقيقي. ومع ذلك، وعلى مدى ربع قرن، لم يتحقّق أيّ إجماع بين نشطاء الحزب وسياسييه حول كيفية المضي قدمًا لتحقيق الأهداف. بل اختلفوا اختلافًا عريضًا في السياسات الداخلية والخارجية. باستثناء عام 1976م، عندما ساعدت فضيحة ووترغيت في آخر عهد نيكسون، في فوز الديمقراطي جيمي كارتر بهامش ضيق، وخسر الديمقراطيون كلّ سباق إلى البيت الأبيض بهوامش ساحقة[3]. ومنذ تأسيسه، لم يتمتع الحزب الديمقراطي أبدًا بفترة طويلة من الانسجام الداخلي. ولأن أنصاره ينتمون إلى مناطق متنوّعة ومجموعة متنوّعة من الطبقات والتجمعات العرقية؛ فقد كانوا دائمًا معرّضين لخطر الانزلاق في صراعات دون حسم، مما يساعد الجمهوريين على الفوز في الانتخابات وتحديد مسار السياسة الوطنية. ونجاح بيل كلينتون في الوصول إلى البيت الأبيض (1992-2000م)، كان بسبب أمرين، وسطيته، وتجاوز الخلافات الداخلية في الحزب، والتركيز على ما ينفع المواطنين[4]. ومنذ ذلك الحين، تناوب الديمقراطيون والجمهوريون على الرئاسة، فبعد ولايتي كلينتون، فاز جورج بوش الابن بولايتين (2000-2008م)، كانتا حافلتين بالحروب وما تبعها من أزمة اقتصادية طاحنة، الحرب على الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م في الولايات المتحدة، واجتياح أفغانستان عام 2001م، واجتياح العراق عام 2003م، والأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008م. ثم جاء باراك أوباما الرئيس الديمقراطي الأسود ففرض إيقاعه على البلاد وعلى الحزب، بولايتين (2008-2016م)، وقد تميّز حكمه بالانسحاب التدريجي من مسارح القتال، ومعالجة الأزمة الاقتصادية. ثم أصبحت المعركة سجالًا، أسقط دونالد ترامب المرشّحة الديمقراطية هيلاري كلينتون عام 2016م. ثم هزم جو بايدن، ترامب، بعد أربع سنوات، في احتدام أيديولوجي وسياسي لم يسبق له مثيل. ووقعت أحداث غير مسبوقة في تاريخ الولايات المتحدة؛ فترامب رفض نتائج انتخابات 2020م، وحرّض أتباعه على اقتحام الكونغرس. حُوكِمَ ترامب على عدد من الجرائم المالية وغيرها، وأُدين في عشرات من التهم، ومع ذلك منحته المحكمة العليا المكوّنة من أغلبية من القضاة المحافظين، الحصانة في سابقة قضائية لا تخلو من تحيّز سياسي. الانقسام الاجتماعي حول الهجرة بالنظر إلى أنّ أبرز شعارات ترامب: إخراج الملايين من المهاجرين غير الشرعيين من الولايات المتحدة، وفرض سياسات حمائية صارمة على الحدود بين الولايات المتحدة وكلّ من المكسيك وكندا؛ حفاظًا على الهوية الوطنية، فلا يمكن إدراك خطورة تلك الشعارات وأبعادها، من دون معرفة الاتجاهات الديموغرافية حتى منتصف القرن الحالي، ومعرفة آراء الأمريكيين أنفسهم بهذه التحوّلات، وهل هي إيجابية أم سلبية بنظرهم؟ وفقًا لمكتب الإحصاء الأمريكي عام 2019م، سيشكّل السود والآسيويون واللاتينيون والأقليات العرقية الأخرى غالبية السكان بحلول عام 2050م. وعند سؤال عيّنة من الأمريكيين عن تأثير هذا التغيير على البلاد، قال حوالي ثلث البالغين: إنّ هذا التغيير سيكون إما جيدًا جدًّا (17٪)، أو إلى حدّ ما (18٪). وقال حوالي الربع: إنه سيكون سيئًا جدًّا (15٪)، أو إلى حدّ ما (8٪). وقال 42٪: إنّ هذا التغيير لن يكون جيدًا ولا سيئًا. ويدلّ هذا عمومًا: أولًا على أنّ نسبة المؤيدين للتغيّر الديموغرافي أو المعترضين تتأثر حتمًا بالميزان الديموغرافي نفسه الآخذ في الميلان نحو انخفاض نسبة البيض. فالثلث المؤيد بشكل عام مقابل الربع المعترض، يعكس الواقع. أما النسبة العالية من التي لم يكن لها موقف تقييمي محدّد، فدليل إضافي على انقسام المجتمع الأمريكي أمام قضية حسّاسة إلى هذه الدرجة[5]. انقسام أجيال حول فلسطين إلى ذلك، انضمّت قضية خلافية جديدة من شأنها تعميق الانقسام بين الأمريكيين، ليس فقط على أساس الانتماء العرقي والحزبي، بل على أساس الفئات العمرية، وهنا تكمن الأهمية للتغيرات في الرأي العام، والمرشّحة للتعمّق مع الوقت. ففي استطلاع جرى في شهر مارس الماضي، قال ما يقرب من ستة من كل عشرة أمريكيين (58٪): إنّ الأسباب التي تدفع إسرائيل لمحاربة حماس مُبرَّرة. ولكن اختلفت الآراء بإزاء كيفية تنفيذ إسرائيل ردّها على هجوم حماس في أكتوبر؛ إذ رأى حوالي أربعة من كل عشرة أمريكيين (38%) أن سلوك إسرائيل في الحرب مقبول، فيما رأى 34% أنه غير مقبول. أما الـ26% منهم، فكانوا غير متأكدين. وعندما سُئل المشاركون في استطلاع الرأي عن أسباب محاربة حماس لإسرائيل، وصفها عدد أقل بكثير من الأمريكيين (22٪) بأنها صحيحة. و5% فقط قالوا: إنّ الطريقة التي نفّذت بها حماس هجومها في 7 أكتوبر كانت مقبولة، فيما وصف 66% منهم الهجوم بأنه غير مقبول على الإطلاق. وثمّة اختلافات كبيرة بين الفئات العمرية في وجهات النظر حول الحرب. على سبيل المثال: تقول نِسَب متساوية تقريبًا من البالغين تحت سنّ 30 عامًا: إنّ أسباب محاربة حماس لإسرائيل صحيحة (34%)، و(30%) قالوا العكس؛ فيما رأى 35% منهم أنهم غير متأكدين. وبالمقارنة، يقول معظم من يبلغون من العمر 65 عامًا فما فوق: إنّ حُجَج حماس غير صحيحة (64%). أما الشباب فهم الأكثر انتقادًا للطريقة التي تقاتل بها إسرائيل في الحرب من كبار السن؛ و21% من الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عامًا يقولون: إن الطريقة التي تُنفّذ بها إسرائيل ردّها على هجوم حماس في أكتوبر/تشرين الأول مقبولة؛ بينما 46% يصفون هجمات إسرائيل بأنها غير مقبولة. وبالنسبة للموقف من الشعب الفلسطيني، يُعبّر عدد أكبر من الشباب الأمريكيين عن آراء إيجابية تجاه الشعب الفلسطيني (60%) مقارنة بالشعب الإسرائيلي (46%). وقليلون نسبيًّا لديهم آراء إيجابية تجاه الحكومة الإسرائيلية (24%) أو حماس (14%). وبين الديمقراطيين والمستقلين ذوي الميول الديمقراطية الذين تقل أعمارهم عن 30 عامًا، تحظى الحكومة الإسرائيلية باحترام (16%) فيما نالت حماس احترام (18%). قليل من الأمريكيين يقولون: إنهم يتعاطفون بشكل كامل مع الشعب الإسرائيلي (11%)، أو الشعب الفلسطيني (5%). بل إنّ (57%) يتعاطفون إلى حدّ ما على الأقل مع كلّ من الإسرائيليين والفلسطينيين، بما في ذلك (26%) قالوا: إنّ تعاطفهم متساوٍ مع كلا المجموعتين[6]. وفق هذه المعطيات، كان موقف المرشّحة الديمقراطية كامالا هاريس لافتًا بعد لقائها نتنياهو خلال زبارته الولايات المتحدة، فهي أولًا قاطعت كلمة نتنياهو أمام الكونغرس، وهي ثانيًا أبدت تعاطفها مع أهالي غزة، مطالبةً بوقف الحرب. التفسير السياسي لهذا الموقف هو أنه محاولة لحشد القاعدة الديمقراطية المنقسمة وفق الفئات العمرية من قضية غزة. ومن دون التحشيد المذكور، تتضاءل حظوظها بالفوز على دونالد ترامب. =========================== [1] See Robert Remini, Martin Van Buren and The Making of The Democratic Party, New York, The Norton Library, 1970, p.2, 5, 123-125. [2] See Michael Kazin, What it took to win, A History of The Democratic Party, New York, Farrar, Straus and Giroux, 2022, p.21-24 [3] See Ibid., p.239-240. [4] See Ibid., p.239, 269. [5] ttps://www.pewresearch.org/social-trends/2019/03/21/views-of-demographic-changes-in-america/ [6] https://www.pewresearch.org/2024/03/...e-about-hamas/ |
الساعة الآن : 03:09 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour