رد: المرأة والأسرة
المرأة والأسرة – 1244 الفرقان نصيحة لمن تريد الثبات من أرادت الثبات على الاستقامة، والفوز والفلاح في الآخرة فعليها أن تجاهد نفسها على التمسك بتعاليم القرآن، والتخلق بأخلاقه، والتأدب بآدابه، والوقوف عند حدوده، فمن فعلت ذلك فقد سلكت سبيل الهدى والاستقامة. القرآن الكريم يرشدنا إلى مكارم الأخلاق أختي الكريمة، من المعلوم بالضرورة أن الله -سبحانه و تعالى قد منَّ على البشرية بخاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وأتم عليه وعلى أمته النعمة بأن أنزل عليهم القرآن الكريم، وبالتأمل والتدبر نجد أن القرآن الكريم يرشدنا إلى مكارم الأخلاق، ويحث عليها. ومن هنا ندرك قيمة حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- حينما سُئلَت عن خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: «كان خلقه القرآن»، ومن هذا الوصف لأم المؤمنين -رضي الله عنها- ندرك أن أخلاق نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - كانت متمثلة في اتباع القرآن، والاستقامة على ما تتضمنه آياته من أوامر ونواهٍ، والتَّخلق بالأخلاق التي امتدحها القرآن الكريم وأثنى على أهلها، والبعد عن الأخلاق التي نهى عنها القرآن الكريم وذم أهلها، قال -تعالى-: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم:4)، قال ابن كثير -رحمه الله-: ومعنى هذا أنه - صلى الله عليه وسلم - صار امتثال القرآن أمرًا ونهيًا سجيَّةً له وخُلقًا، فما أمره به القرآن فعله، وما نهاه عنه تركه، هذا ما جبله الله عليه من الخُلق العظيم، من الحياء والكرم والشَّجاعة والصفح والحلم، وكل خُلقٍ جميل، والقرآن الكريم مليء بالآيات التي ترشدنا إلى مكارم الأخلاق؛ فمن أرادت أن تستمر على طريق الاستقامة، بل وترتقي بأخلاقها حتى يستقيم قلبها، وتستقيم جوارحها وتكون أمةً ربانيةً حقا، وتكابد نفسها الأمارة بالسوء، وتأطرها على الحق حتى تكون نفسًا مطمئنة، فلتتدبر آيات القرآن وتعمل بما فيها من أوامر، وتجتنب ما فيها من نواهٍ. التربية الإيمانية لأهل البيت عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: « كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يصلي من الليل فإذا أوتر قال قومي فأوتري يا عائشة»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله رجلا قام من الليل فصلى فأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء»، وترغيب النساء في الصدقة مما يزيد الإيمان، وهو أمر عظيم حث عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، بقوله: «يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار»، ومن الأفكار المبتكرة وضع صندوق للتبرعات في البيت للفقراء والمساكين، فيكون كل ما دخل فيه ملكا للمحتاجين؛ لأنه وعاؤهم في بيت المسلم، وإذا رأى أهل البيت الآباء والأمهات يصومون النوافل مثل الأيام البيض، والاثنين والخميس، وتاسوعاء، وعاشوراء، وعرفة، وغيرها، فسيكون دافعا لهم على الاقتداء به. آيات جامعة للأخلاق الكريمة من الآيات الجامعة للأخلاق الكريمة قوله -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (النحل:90)، قال البغوي: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ «بِالْإِنْصَافِ»، «وَالْإِحْسانِ» إِلَى النَّاسِ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ العدل التوحيد، والإحسان: الْعَفْوُ عَنِ النَّاسِ، «وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى» صِلَةُ الرَّحِمِ، «وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ» مَا قَبُحَ مِنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الزِّنَا، «وَالْمُنْكَرِ» ما لا يُعْرَفُ فِي شَرِيعَةٍ وَلَا سُنَّةٍ، «وَالْبَغْيِ» الْكِبْرُ وَالظُّلْمُ. «يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ» لعلكم تَتَّعِظُونَ. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: أَجْمَعُ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ هَذِهِ الْآيَةُ، ومن أخلاق القرآن الكريم التي يأمر الله -تبارك وتعالى- نبيه أن يتحلى بها ما ورد في قوله -تعالى-: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (الأعراف:199) قال ابن القيم: جمع الله له هنا مكارم الأخلاق، وقال جعفر الصادق: أمر الله نبيه بمكارم الأخلاق في هذه الآية، وليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق من هذه الآية. ما أشبه المربِّي بالطبيب! ما أشبه المربي بالطبيب! يحتاج إلى معرفة أحوال من يعالجه؛ ليصف له الدواء، أو العلاج المناسب، والرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو خير من وجَّه، وربَّى، وأرشد- كان يجيب كل سائل بما يراه، ناصحًا له، أو رادعًا وزاجرًا، فهذا رجلٌ يعرف الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيه شدة الغضب يسأله: أوصني، يجيبه: (لا تغضب) يسأله: أوصني، يجيبه: (لا تغضب) فيردد مراراً: أوصني، ويبقى الجواب: (لا تغضب)، فالحلم دواؤه المناسب، وذاك آخر يعرف منه التأخر عن الصلاة الجماعة يستنصحه، فيجيبه: (الصلاة على وقتها)، مبينًا له أنها من أحب الأعمال إلى الله -تعالى-، فما أجمل أن تتصف المرأة بهذه الصفة ولا سيما أنها مربية الأجيال. أخطاء يقع فيها الآباء والأمهات من الأمور التي يتساهل فيها الآباء والأمهات إظهار الخلافات العائلية أمام الأولاد، ولا شك أن هذا الأمر يزعزع تماسك البيت، ويضر بسلامة البناء الداخلي؛ فظهور الصراعات أمام الأبناء، يجعلهم ينقسمون إلى معسكرين أو أكثر، فيتشتت الشمل، فضلا عن الأضرار النفسية عليهم وعلى الصغار بالذات، فتأملي حال بيت يقول الأب فيه للولد: لا تكلم أمك، وتقول الأم له: لا تكلم أباك، والولد في دوامة وتمزق نفسي، والجميع يعيشون في نكد، فلنحرص على عدم وقوع الخلافات، ولنحاول إخفاءها إذا حصلت، ونسأل الله أن يؤلف بين القلوب. التحلي بالصبر والعفو قال الله -تعالى- في الحث على التحلي بالصبر والعفو: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (الشورى: 43) ففي التفسير الوسيط: وللإنسان الصابر على الأذى الذي يصفح عمن أساء إليه، الثواب الجزيل، والعاقبة الحسنة؛ لأن ذلك الصبر والمغفرة منه، لمن الأمور التي تدل على علو الهمة، وقوة العزيمة؛ ولذلك أشار إلى ما يدل على بيان فضله وجميل عاقبته قوله -سبحانه-: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (البقرة:153). إشاعة الرفق في البيت من أهم الأخلاق التي تحتاجها بيوتنا -ولا سيما في هذا العصر المتسارع- إشاعة خلق الرفق واللين في البيوت، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أراد الله -عز وجل- بأهل بيت خيرًا أدخل عليهم الرفق»، أي صار بعضهم يرفق ببعض، وهذا من أسباب السعادة في البيت؛ فالرفق نافع جدا بين الزوجين، ومع الأولاد، ويأتي بنتائج لا يأتي بها العنف كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على سواه». |
رد: المرأة والأسرة
https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...3822e739f1.gif المرأة والأسرة – 1245 الفرقان النهضة الحقيقية للمرأة المسلمة الطريق إلى النهضة الحقيقية للمرأة المسلمة لا يكون بالتخلي عن هويتها وثوابتها، بل بالعودة إلى ينابيع الإسلام الصافية، والعمل على تطبيق تعاليمه السمحة؛ فالإسلام صالح لكل زمان ومكان، وفيه الحلول لكل ما يواجهنا من تحديات، إن نحن أحسنا فهمه وتطبيقه. احذروا هذا المفهوم: «الفيمينزم الإسلامي»! من المفاهيم التي بدأت تنتشر في أوساط النساء مصطلح يُسمى بـ«الفيمينزم الإسلامي»، ويسعى أصحاب هذا المصطلح إلى التوفيق بين الأفكار النسوية الغربية وتعاليم الإسلام، وهذا المصطلح من الخطورة بمكان؛ لأن الإسلام كامل بذاته ولا يحتاج إلى إضافات من خارجه، والأولى أن ندعو إلى حقوق المرأة في الإسلام دون الحاجة إلى مصطلحات دخيلة قد تحمل في طياتها مفاهيم تتعارض مع عقيدتنا. ومن هذه الأفكار التي يلبسون بها على النساء، قضية عمل المرأة، وهو الحق الذي لم يمنعه الإسلام مطلقا، فالعمل المشروع الذي يناسب فطرة المرأة ولا يتعارض مع واجباتها الأسرية حلال بالإجماع، لكن ذلك لا يجب أن ينسينا أنَّ الأمومة هي أشرف وأهم وظيفة للمرأة، وأن رعاية الأسرة هي مسؤولية عظيمة لا يجب التقليل من شأنها على النحو الذي نلحظه دائمًا في طرح الحركات النسوية، وكأن أدوار المنزل سُبَّة أو عار على المرأة أن تمحوه. وكذلك مفهوم الأسرة كما يعلمنا ديننا هي اللبنة الأساسية في بناء المجتمع، وصلاحها من صلاح المجتمع كله، وينادي هذا التيار بتخلي المرأة عن دورها الأسري بحجة تحقيق ذاتها ولا شك أنها دعوات خطيرة تهدد استقرار الأمة كلها؛ فالتوازن بين الواجبات الأسرية والطموحات الشخصية هو ما يجب أن نسعى إليه، وهو ما يتفق مع روح الإسلام الوسطية. الأمر ذاته ينعكس على قضايا أخرى مثل الزواج؛ إذ يدعو أصحاب هذا المصطلح إلى إعادة النظر فيما يسمينه «الأدوار التقليدية للزوجين»، وهو ما يؤدي إلى زعزعة استقرار الأسرة على قاعدة أسئلة استنكارية، منها: لماذا تقوم المرأة بأدوار المنزل؟ لماذا لا يقوم بها الرجل؟ وإذا كان الشرع الحنيف لم يجعل هذه الواجبات فريضة شرعية بالمعنى الحقوقي، فإن مقتضاها ينطوي عليه حسن تبعل المرأة لزوجها، كما أن إنكارها يخدش مفهوم القوامة المقرر في قوله -تعالى-: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} (النساء: 34). مقياس الصلاح عند المرأة قَالَ اللَّهُ -تَعَالَى-: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} (النساء: 34)، هذه الآية فيها دلالة واضحة على مقياس الصلاح الذي يجب أن تكون عليه المرأة المسلمة، وأول مقياس للصلاح أن تكون المسلمة قانتةً، والقنوت هو الطاعة، والمراد بها هنا طاعة الزوج بعد طاعة الله -تعالى-، ولو كانت المرأة صوامةً قوامةً عابدةً، ولكنها لا تعرف لزوجها حقًا، وليس له عندها إلا المخالفة، والنشوز، والعصيان، فليس لها من الصلاح حظ ولا نصيب. (مجلة أجيالنا) وصحافة الأطفال المتخصصة أكدت دراسة أعدها أحد كتاب الأطفال المتخصصين عن (حاضر أدب الطفل العربي ومستقبله) أن أبناء الأمة العربية والإسلامية في خطر؛ بسبب افتقارهم لصحافة الأطفال المتخصصة باعتبارها إحدى الوسائل المعاصرة لتربية النشء المسلم، وحمايتهم من مؤامرات الغزو الثقافي، الذي يستهدف تغريب عقلية أبناء المسلمين، وأوضح أن الاهتمام بصحافة الطفل سمة حضارية، وأن أكثر من 70 مليون طفل عربي ومسلم في حاجة إلى صحافة واعية؛ لذلك فإن الأطفال المسلمين في حاجة إلى برامج التوعية بالقيم الإسلامية، ومن هنا تأتي أهمية مجلة أجيالنا - التي تصدر عن قطاع العلاقات العامة والإعلام بجمعية إحياء التراث-، بوصفها أحدى أهم مجلات الأطفال الإسلامية المتخصصة التي تُعنى بالقيم الإسلامية والتربوية الأصيلة. أهمية التربية على القيم قيم الدين الإسلامي الحنيف تستهدف إقامة علاقات طيبة وفاضلة بين الإنسان وربِّه، بتأدية حق الله - سبحانه وتعالى -، والالتزام بالأوامر والنواهي الربانية وأداء العبادات المفروضة، كما تستهدف إقامة علاقات طيبة بين الناس بعضهم بعضًا، فيعرف الالتزام بواجباته نحو الآخرين، كما يعرف الحقوق التي له تجاه الآخرين أيضًا، كما تستهدف إقامة علاقات طيبة بين الإنسان ونفسه فينهض بما يمليه عليه ضميره، فيشعر بالرضا عن ذاته في عصر التمزقات والتوترات النفسية الشـرسة، وهي التي يكمـن عـلاجها في الإيمـان بالله - تعالى - وممارسة شعائر الدين الإسلامي الحنيف. مصطلحات شرعية: النشوز النشوز في اللغة: هو النفورُ والارتفاعُ، يُقال: مكان نَاشِز، أي: مُرتفع، وأمَّا عند الفقهاء، فالمراد به: خروجُ المرأة عن طاعة زوجها؛ لامتناعها عن أداء الحقوق المقرَّرة له عليها شرعًا، ونفورها منه، وإنما سمِّيت هذه المرأة ناشزًا؛ لأنها ارتَفَعت عن طاعة الزوج، وتَعالَت عليه بما يَجِب عليها الخضوعُ فيه شرعًا لزوجها. دعوة باطلة! الدعوة إلى المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة، -كما تطرحها بعض التيارات النسوية الغربية-، تتجاهل الفروق الفطرية التي خلقها الله -تعالى- لحكمة يعلمها هو، فالله -عزوجل- خلق الذكر والأنثى وجعل لكل منهما خصائصه وأدواره التي تتكامل لتحقيق عمارة الأرض، قال -تعالى-: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى} (آل عمران: 36)، وهذا الاختلاف ليس تفضيلاً لجنس على آخر، بل هو تنوع وتكامل يحقق التوازن في المجتمع. أخطاء تتساهل فيها النساء من الأخطاء التي تقع فيها بعض النساء إهمال غض البصر، ظنًا منهن أن الله أمر به الرجل دون النساء، وقد قال -تعالى-: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} (النور:31)، وإطلاق العنان للنظر للأجانب وخصوصًا على شاشات التلفاز وغيرها مما يسبب الفتنة، وكذلك من الأخطاء أن تنظر المرأة إلى المرأة فتصفها لأحد محارمها بغير غرض شرعي كالنكاح، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تباشر المرأة المرأة فتصفها لزوجها كأنه ينظر إليها». القوامة مسؤولية الرجل القوامة هي القيام على الأمر لحسن تدبيره؛ ما يعني أنها مسؤولية على الرجل، ولا تعني أي ظلم للمرأة أو انتقاص لحقوقها، ولا سيما مع مشروطيتها الواردة في الآية ذاتها: {بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (النساء: 34)، فلكل سفينة قيادة، ولا يمكن للقيادة أن تكون لأكثر من ربان، وعليه؛ فإن القوامة تنظيم للحياة الأسرية وفق الفطرة السليمة، لا تفضيل لمطلق الرجال على مطلق النساء، وهي مسؤولية وتكليف للرجل بالإنفاق والرعاية، وليست تسلطاً أو استبداداً. https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...88c0211b66.gif |
رد: المرأة والأسرة
المرأة والأسرة – 1246 الفرقان وصايا نبوية للزوجة المسلمة قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت»، أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - المرأة المسلمة في هذا الحديث بوصايا عدة؛ حتى تفوز بجنة ربها : المحافظة على الصلاة، لأن الصلاة من أعظم العبادات التي أوجبها الله على عباده، وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، وهي عماد الدين، ولا تسقط بأي حال عن الرجل والمرأة، جاء في الحديث الصحيح: «من حافظ عليها، كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة».صوم رمضان، وهو فرض عين على كل مسلم ومسلمة، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: 183)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من صام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه». حفظ الفرج، قال -تعالى-: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَات ِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} (النور:31)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه، أضمن له الجنة». طاعة الزوج؛ لأن للزوج مكانة عظيمة، كما قال -تعالى-: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (النساء: 34)، فالزوجة الصالحة من حافظت على بيتها، وصانت فرجها، وأطاعت زوجها في المعروف، قال - صلى الله عليه وسلم -: «ألا أخبركم بنسائكم في الجنة؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: كل ودود ولود، إذا غضبت، أو أسيء إليها، أو غضب زوجها، قالت: هذه يدي في يدك، لا أكتحل بغمض حتى ترضى». صلاح الزوجة هو التجارة الرابحة إذا كانت طاعة الزوج سبيلا لدخول الجنة، فإن صلاح الزوجة هو التجارة الرابحة، فبعد افتراض الزكاة، جاء عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، أي المال نتخذ؟ فقال: «ليتخذْ أحدكم قلبا شاكرا، ولسانا ذاكرا، وزوجة مؤمنة تعين أحدكم على أمر الآخرة»، قال المباركفوري: «أي: تعينه على دينه، بأن تُذكره الصلاة والصوم، وغيرهما من العبادات، وتمنعه من سائر المحرمات». دور المرأة لا يسده غيرها للمرأة دور لا يسده غيرها، ولا يملؤه سواها، فهي المربية الناصحة، والرأي الحصيف، وهي لزوجها السند المتين، ولأسرتها الركن الركين، والحنان المتدفِّق والرحمة الغامرة، فقدها لا يعوض، بل يهز كيان الأسرة، وغيابها عن أدائها رسالتها لا يضعف الأسرة فحسبُ، بل يزعزع دعائم المجتمع وأركانه. الزوجة شريكة الحياة والمسؤولية الزوجة شريكة الحياة والمسؤوليَّة، وقادرة -بما حبَاها اللهُ من عقل وقلب وعاطفة- أن تُقدِّم رأيًا، وقد حمَّلَها الشرعُ مسؤوليَّةً في إدارة البيت ورعاية الزوج والولد، وهذا يقتضي المشارَكةَ في القرار، وإبداء الرأي، وسماع رأيها واحترامه وتقديره، فإذا اختلَفَا فالقرار الفصل للزوج، وله حق الطاعة بالمعروف، وليست الطاعة المطلقة، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف»، ووصف الرجولة يوحي بأهمية أن يكون قائد الأسرة رجلًا يتحلى بصفات الرجولة، رجاحة العقل، الحكمة، سعة الصدر، بعد النظر، القدرة على الحوار، استيعاب أفراد الأسرة، ماهرًا في إدارة المشكلات. من معكرات صفو الحياة الأسرية هناك أمور تُعكِّر حياةَ الأسرة، بل قد تُفسِدها وتُعرِّضها للدمار، ومن أهم هذه المعكرات عدم الشعور بالمسؤولية من قِبَل الزوجين كليهما؛ فكثير من الزوجات لا يَشعرنَ بمسؤوليتهن التي قرَّرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «والمرأة راعية في بيت زوجها، ومسؤولة عن رعيتها»، فهؤلاء الزوجات يُطالِبن الزوجَ بأداء معظم الواجبات، من الإنفاق على البيت، وهو واجب عليه وحده ضِمن قُدرته، ويُطالِبنه أيضًا بالإشراف على دراسة الأولاد، وتربيتهم، وطعامهم، وبحل المشكلات كلِّها التي تَعرِض للأسرة، ولا يشعُرنَ بأن المسؤولية مشترَكة، وهناك حالات نرى الأزواجَ لا يشعرون بمسؤوليتهم في شؤون الأسرةِ، فترى الزوج مُهمِلا في القيام بواجباته نحو أسرته، من جوانب الإنفاق، والتربية، والتوجيه، والرعاية الصحية، وما إلى ذلك، ويُلقي ذلك كلَّه على الزوجة، والحق أن المسؤولية مشترَكة بين كلا الزوجين، ولابد من حمْل كل منهما بعض الأعباء، حتى يَخِف الحملُ على كل منهما، وهذا يُحقِّق التفاهمَ والسعادة. قوامة الرجل تشريفٌ وتكليف قال الله -تعالى-: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}(ا لنِّسَاءِ: 34)، القوامةُ ولايةٌ تَمنَح الزوجَ حقَّ القيام على شؤون الأسرة وتدبيرها، فهو أمينٌ على الأسرة، يتولَّى أمرَها، ويحميها، ويقوم على مصالح الزوجة والأولاد، بتأمين المأكل والملبس والمسكن والنفقة، ويتعاهد زوجَه وأسرتَه بالتعليم والرعاية، فهذه القوامة تشريفٌ للرجل وتكليفٌ، وزيادةُ مسؤولياتٍ وأعباء، ومِنَ الزلل التمردُ على منصب القوامة، ومنازَعة الرجل ما كلَّفَه اللهُ به. أسس بناء الأسرة المسلمة الحياة الأسرية مبناها على المودة، والألفة، والرحمة، والتفاهم، لكن *قد *يعكِّر صفوها، *ويكدِّر *حياتها أمورٌ عارضة للطبيعة الأسرية، والمشكلات الأسرية أمر جبلِّيٌّ لا تخلو أسرة منها، وسرعان ما تزول وتتلاشى المضارُّ بزوال سببها، إذا عُولجت بحكمة وصبر وتغافل عن الهفوات والزلَّات، وشريعة *الإسلام *تحرص على بناء صرح الأسرة القوية المتماسكة الجادة المتعاونة؛ لكونها اللَّبِنة الأولى للمجتمع؛ فالزوج والزوجة، والأولاد والأحفاد يعملون بجدٍّ ونشاط، لتحقيق الأهداف التي أرادها الإسلام من الأسرة، ومنها: مد المجتمع ببناة الجيل الصالح، الذي منه تتكون الأمة القوية الناجحة. أخطاء تتساهل فيها النساء من الأخطاء التي تقع فيها كثير من النساء في عصرنا الحاضر، ولا سيما مع تطور وسائل التواصل الحديثة، جلوس العديد من النساء ربما لساعات، وانشغالها عن خدمة زوجها وتربية أولادها، وتنظيم بيتها، وبدلًا من أن تكون هذه الوسائل نعمةً يُسخِّرها الإنسان في الخير، ويستخدمها في المعروف، أضحت في كثير من الأحيان نقمةً وبلاءً على الأسر الإسلامية؛ فلتحذر المرأة المسلمة من الوقوع في مصيدة هذه المواقع! فتضيع نفسها وتضيع أسرتها، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «كفى بالمرءِ إثمًا أن يُضَيِّعَ من يقوتُ». خير نساء العالمين قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: «كمل من الرجال كثيرٌ، ولم يكمل من النساء غير مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون، وإن فضل عائشة على النِّساء كفَضل الثريد على سائر الطعام»، ومعنى الكمال التناهِي والتمام، والكمال المطلق لله خاصّة، وأكمل نوع الإنسان الأنبياء ثم يَليهم الأولياء من الصِّدّيقين والشهداء والصالحين، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون، وخديجة بنت خُويلد، وفاطمة بنت محمد»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «أفضل نساء أهل الجنّة خديجة بنت خُويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون». |
رد: المرأة والأسرة
المرأة والأسرة – 1247 الفرقان مسؤولية الوالدين في تربية أبنائهم إن على الوالدين مسؤولية كبيرة في تربية أولادهم، وتنمية الوازع الديني في نفوسهم، وتعريفهم بالحلال والحرام، وتعويدهم على الحياء والعِفَّة التي هي أقصر طريق إلى المجد والعزِّ، وتقوية الرقابة الذاتية لديهم تجاه المغريات والملهيات التي تدعو إلى زعزعة الثقة في الثوابت والأخلاق، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ». حال الفتاة المؤمنة الفتاة المؤمنة حريصة دائمًا على تقوية إيمانها وصلتها بخالقها وبارئها، وحريصة على مراقبة ربِّها في كل لحظة ولمحة، فلا تجدها أبدًا في موطن شبهة، وإن غابت عن أعين الناس؛ لأنها تعلم أن ربها يعلم خائنة الأعين وما تُخفِي الصدور، ولا يعزُبُ عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء. الفتاة المؤمنة، حريصة على صلواتها في أوقاتها، بخشوعها، وأركانها، وسننها، وواجباتها، ولا تُؤخِّرها عن وقتِها من غير عذر شرعي؛ لأن الله -تبارك وتعالى- قال: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (النساء: 103)، وقال -سبحانه-: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (المؤمنون: 1 - 2).
لين الكلام عبادة لين الكلام وطيبه عبادةٌ وقُربة نؤجَر عليها؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كل سلامَى مِنَ الناس عليه صدقة، كل يوم تطلُع فيه الشمسُ يعدل بين الاثْنَيْن صدقة، ويُعين الرَّجل على دابته فيحمل عليها أو يرْفع عليها متاعَه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خُطوة يَخْطوها إلى الصلاة صدقة، ويميط الأذى عنِ الطريق صدقة»؛ فإذا كانت الكلمةُ الطيبةُ مع الأباعد صدقة، فكَوْنها صدقة مع الأقارب أَحْرى وأَوْلَى. الفتاة المسلمة مؤثرة وليست متأثرة الفتاة المؤمنة حريصة على أن تؤثر فيمن حولها وألا تكون هي المتأثرةَ بما حولها من تجاوزات وتصرفات خارجة عن حدود الشرع والدين، سواء من الأهل أو الصديقات والزميلات في العمل والدراسة... إلخ، بل هي حريصةٌ دائمًا على أن تكون هي المؤثِّرةَ؛ أي الداعية إلى ما يصلحهم، وفيه الخير لهم في دينهم ودنياهم، وذلك بالكلمة الطيبة، والخلق الراقي، والموعظة الحسنة، والصبر الجميل، والدعاء لهم بالهداية؛ لقوله -سبحانه وتعالى-: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (النحل: 125). أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها- نموذج للفتاة المسلمة الصالحة في بيت أبيها أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - بمكة، نشأت وتشبعت أسماء -رضي الله عنها- بمبادئ الإسلام، ورباها أبوها على أخلاقه، فخرجت من بيته الكريم نموذجًا إسلاميًّا رائعًا للمرأة المسلمة، وقد حفظت السيرة لها مواقف بطولية مشرقة، فلقد كانت تحمل الطعام والماء وأخبار مكة إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - في أثناء إقامته في الغار، عن أسماء -رضي الله عنها- قالت: صنعتُ سُفْرةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت أبي بكر، حين أراد أن يهاجر إلى المدينة، قالت: فلم نجد لسفرته ولا لِسِقائه ما نربطهما به، فقلت لأبي بكر: والله ما أجد شيئًا أَرْبُطُ به إلا نِطَاقي، قال: فشُقِّيه باثنين فارْبُطِيه، بواحد السقاء، وبالآخر السفرة، ففعلت، فلذلك سميت ذات النطاقين. زوجة صابرة تزوجت (أسماء) -رضي الله عنها- بالزبير بن العوام - رضي الله عنه -، وكان حينذاك فقيرًا، لا يملك إلا فرسه، وعاشت معه صابرة مجاهدة، تعمل - في البيت - عملا يدرّ عليهما رزقا يستعينان به على الحياة، وقد هاجرت معه إلى المدينة على هذه الحال. أديبة عالمة كان أبو بكر الصديق -رضى الله عنه-، ملازمًا للقرآن الكريم وللنبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي ظل هذا الوالد المؤمن نشأت (أسماء) -رضي الله عنها-، وتغذى عقلها ولسانها وضميرها، فلا عجب أن تكون أديبة بليغة تقول الشعر، وتجرى الحكمة على لسانها قوية صادقة، وكانت - إلى جانب ذلك - عالمة بأمور دينها محدثة، تروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما تسمع من كلامه الطيب، وقد روى لها الشيخان (البخاري، ومسلم) ستة وخمسين حديثًا. من أسباب الألْفة بين الزوجَيْن مما يزيد الألْفة بين الزوجَيْن، الاحترام المتبادل بينهما، ومن ذلك مناداة المرأة وتكْنيتها بما تُحِب من الكنى، وتلقيبها بالألْقاب الحسنة التي فيها ميزة على غَيْرِها منَ النساء، مِن: صلاح دين، أو حُسْن خُلُق، أو زيادة جَمال، أو حُسن تدْبير في بيتها، أو غير ذلك مما تمْتاز به عنْ غيرِها من النساء، وترخيم اسمها عند ندائِها، وذلك بحذْف أواخِر الاسْم؛ تمْليحًا لها، وإظْهارًا لقَدْرِها عند زَوْجِها؛ فعن عائشة -رضي الله عنها- قالتْ: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا عائش، هذا جبريل يُقرئك السلام»، قلت: «وعليه السلام ورحمة الله»، قالت: وهو يرى ما لا نرى». إحياء البيوت بذكر الله أمر الإسلام بإحياء البيوت بذكر الله -تعالى- قراءةً لكتاب الله، وصلاةً، وعبادةً، وذكرًا؛ ولذلك كان من سنته - صلى الله عليه وسلم - صلاةُ النافلة في بيته؛ فعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما-: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تتخذوها قبورًا»، وفي هذا دلالة واضحة على أنه يجب على المسلم أن يجعل في بيته نصيبًا من العبادة، ولا سيما الصلاة؛ لتعليم أبنائه وأهله الصلاةَ، وتعويدهم عليها، ونتذكر في هذا المقام أيضًا محرابَ مريمَ، وهو مكان عبادتها، الذي قال الله فيه: {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا} (آل عمران: 37). أهم ملامح البيت المسلم البيت المسلم لابد أن يكون عامرًا بالذكر والصلاة، وهذه العبادة هي أولى الملامح التي تميزه عن غيره من البيوت، وإننا لنعجب من بعض النساء المتفرغات لبيوتهن من الشكوى بالملل والفراغ! وقد وهبها الله فرصة عظيمة لعمارة بيتها وقلبها بالعبادة، التي هي الأولوية المطلقة للإنسان المسلم، والعبادة بمعناها العام، تشمل جميع مهام المرأة، بشرط إصلاح النية، واحتساب هذه الأعمال {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الأنعام: 162). |
رد: المرأة والأسرة
المرأة والأسرة – 1248 الفرقان من خصائص الأسرة المسلمة من أهم خصائص الأسرة المسلمة ومقوماتها، حرصها على تطبيق شرع الله -تعالى- في شؤونها، وعلى تقوى من الله، واجتمعت على هدف واحد هو الذي من أجله خُلقت وتكونت، إنه عبادة الله -تعالى- والحرص على طاعته ولزوم أوامره. صورةٌ مشرقة للمرأةِ المؤمنة رياحُ بن عمرو القيسي، أحدُ الصَّالحين الكبار في هذه الأمَّةِ، تزوَّج رياح امرأةً، فأراد أن يختبرَها، فلمَّا كان الليلُ تناوَمَ لها، فقامتْ هذه المرأةُ الصَّالحة تصلِّي حتَّى مضى ربعُ اللَّيْل، ثم نادته: قُمْ يا رياح، فقال: أقوم، أقوم إن شاء الله، فقامت الرُّبعَ الثَّاني، ثم نادته: قم يا رياح، قم، فقال: أقوم، ولم يقمْ فقامتِ الرُّبعَ الثَّالثَ، ثم نادته: قم يا رياح، فقال: أقوم، ولم يقم، فقالت: يا رياح مضى الليلُ، وعسكرَ المحسنون وأنت نائم! ليتَ شعري من غرَّني بك يا رياح؟! من غرَّني بك؟! قال: وقامت الربعَ الباقي، واللهِ إنَّها لصورةٌ مشرقة للمرأةِ المؤمنة الصَّالحة، لقد فهمتْ هذه المرأةُ الصَّالحةُ أنَّ الزواجَ قبل أن يكون تعاونًا على أمورِ الدُّنيا، فهو تعاونٌ على أمورِ الدِّين، فالزوجُ يأخذ بيد زوجتِه، والزوجةُ تأخذ بيد زوجِها، ويسيران معًا على طريقِ الله، أرأيتم موقفَ هذه المرأةِ الصَّالحة، كيف أثبتت لزوجِها أنَّها صاحبةُ منهج، وستواصلُ مسيرتَها في عبادةِ ربِّها، ولن تقطعَ صلتَها بخالقِها، سواء شاركَها زوجُها في ذلك أم تخلَّف عنها، بينما نجدُ في دنيا اليومِ الكثيرَ من النِّساء مَنْ تتركُ الصَّلاةَ وتلاوةَ القرآن وطاعةَ ربِّها بمجردِ أن تتزوَّج! ولا سيما إذا بُليت بزوجٍ غيرِ صالح. موقفُ هذه المرأةِ الصَّالحةِ ينبغي لكلِّ مسلم ومسلمة أن يقفوا أمامَه ليراجعوا أنفسَهم وأحوالَهم، فكأنَّ هذه المرأةَ أرادت -من خلال موقفها- أن تذكِّرَ المسلمين والمسلمات بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال: «رحِمَ اللهُ رجلاً قام من اللَّيْلِ، فصلَّى وأيقظَ امرأتَهُ، فَإنْ أبَتْ نَضَحَ في وَجهِها الماءَ، رحمَ اللهُ امرأةً قَامَتْ مِنَ اللَّيلِ، فصلَّتْ وأيقظتْ زوجَها، فإنْ أبَى نَضَحَتْ في وجهِهِ الماءَ». التعامل بين الزوجين بالمعروف يتعين على كل من الزوجين أن يعامل قرينه بالمعروف؛ عملاً بقوله -تعالى-: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (النساء:19)، وعملاً بقوله -تعالى-: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ} (البقرة:228)، وعليهما أن يحرصا على تماسك الأسرة، ولاسيما في حال وجود الأولاد، لأن تشتت الأسرة يؤدي لضياع الأولاد وفساد أخلاقهم، وعليهما أن يسعيا جادين في حل مشكلة كره أحدهما للآخر، ولا بأس أن تناقش المرأة زوجها حتى تتعرف على ما ينفره منها، فتجتنبه، فإن رجوع المرأة إلى ما يرضي زوجها من أخلاق السلف، وقد رغب في ذلك الشارع، فقد روى الطبراني بسند حسن كما قال المنذري والألباني أن «سعدى المرية» زوجة طلحة بن عبيد الله -]- قالت: دخلت يومًا على طلحة فرأيت منه ثقلاً، فقلت له: مالك؟ لعلك رابك منا شيء فنعتبك، فقال: لا، ولنعم حليلة المرء المسلم أنت، وقد دل على فضل ذلك ما في الحديث: ألا أخبركم بخير نسائكم من أهل الجنة! الودود الولود العئود لزوجها التي إذا ظلمت قالت: هذه يدي في يدك لا أذوق غمضًا حتى ترضى. الأسرة والنهوض بالمجتمع لا سبيل إلى النهوض بالمجتمع المسلم علميًا وإيمانيًا وخلقيًا وثقافيًا وسياسيًا واقتصاديًا إلا من خلال التربية الأسرية التي تسعى إلى إصلاح الفرد ليكون لبنةً صالحةً، وعنصرًا نافعًا في المجتمع، فبصلاح الفرد يصلح المجتمع، ومن أهم أسباب تخلف العالم الإسلامي وتراجع حضارته وتفرق وحدته، غياب دور الأسرة التربوي في إعداد الجيل المسلم الذي يعيد للأمة مجدها ونهضتها وعزتها وكرامتها، وصلاحها وقوتها، فالتربية حصن مكين من مكائد أعداء الدين، من هنا كانت الأهمية البالغة للتربية الأسرية لتحصين الأجيال من تلك السموم التي صارت تُبَث من جهات شتى لإثارة الشبهات، ونشر الشهوات، فما أحوجنا إلى أن نتمسك بهذا الحصن، وأن نتشبث به، وأن نعلم أنه لا سبيل لنا إلى استعادة حصوننا الأخرى إلا من خلاله، فهو المنطلق لنا إلى الإصلاح الشامل في شتى الجوانب. التربية الإيمانية للأبناء بالتربية الأسرية القويمة نخرج للأمة أجيال صالحة راشدة، فالتربية الإيمانية لها ثمراتها الباقية للأسرة والمجتمع، حيث ينعم الأبوان ويتمتعان ببِرِّ أولادهما الصالحين الذين تربوا على الأخلاق والقيم الأصيلة، وينتفعان بصلاحهما بعد مماتهما، لأن الله -تعالى- ينفعهما بدعاء ولدهما الصالح، ويرفع درجتهما باستغفاره وصلاحه، وفي ذلك يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقولُ يارب أنَّى لي هذه، فيقول باستغفار ولدك لك}، فمن أراد أن يُرزق ببر أولاده فليجتهد في تربيتهم تربية إيمانية، لأن المؤمن يعرف حق الله -تعالى- عليه وحق أبويه وحق زوجته وأولاده وسائر الحقوق. الاقتصاد في المعيشة على الأسرة المسلمة أن تكون مقتصدة في مطعمها ومشربها ومسكنها وملبسها وسائر شؤونها، فإن الترف من أسباب الفساد والانحلال، فلا إسراف ولا تقتير قال -تعالى-:{وَالَّذِين َإِذَا أَنفَقُوا لَم يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِك َقَوَاما} (الفرقان67) أي: ليسوا مبذرين في إنفاقهم ولا بخلاء على أهليهم، بل معتدلون في الإنفاق، وخير الأمور أوسطها، وقد سأل عبد الملك بن مروان ابن أخيه عمر بن عبد العزيز ما نفقته؟ فقال: الحسنة بين السيئتين، ثم تلا هذه الآية {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} (الفرقان67)، وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «كفى بالمرء سرفاً ألا يشتهي شيئاً إلا اشتراه». الأسرة وتحري الحلال الطيب يجب على الأسرة المسلمة أن تتحرى الحلال الطيب، وأن تمتنع عن الحرام، وأن تتقي الشبهات حتى يبارك الله - -تعالى- في الذرية - قال بعض السلف: «لا يبلغ العبد حقيقة التقوى حتى يدع مالا بأس به حذراً مما به بأس»، وقال بعض الصحابة: «كنا ندع سبعين بابًا من الحلال مخافة أن نقع في باب من الحرام»، وكان نساء السلف الصالح إذا خرج زوج إحداهن من بيته تقول له: «اتق الله فينا ولا تطعمنا حرامًا، فإننا نصبر على الجوع، ولا نصبر على نار جهنم». الترابط والمودة من المقومات الأساسية للأسرة المسلمة الترابط الأسري بين جميع أفراد الأسرة، فإذا اجتمع الزوجان على أساس من الرحمة والاطمئنان النفسي المتبادل، فحينئذ يتربى الناشئ في جو سعيد يهُبُّهَا الثقة والاطمئنان، والعطف والمودة، بعيدًا عن القلق والعقد والأمراض النفسية التي تضعف شخصيته، ولقد أنشأ الله -تعالى- العلاقة الزوجية على أساس المودة والرحمة والسكينة والطمأنينة قال -تعالى-: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم21). |
رد: المرأة والأسرة
|
رد: المرأة والأسرة
المرأة والأسرة – 1250 الفرقان المرأة الصالحة في عبادة دائمة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة»، فعلى المرأة أن تكون صالحة سواء كانت بنتًا، أو زوجًة، أو أمًا، متمثلة معنى العبودية لله، وعليها أن تكون واعيةً هدي دينها تؤمن إيمانًا عميقا بأنها خلقت في هذه الحياة الدنيا لهدف كبير، حدده رب العزة بقوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}.الحياة في نظر المرأة المسلمة الراشدة ليست في قضاء الوقت بالأعمال اليومية المألوفة، والاستمتاع بطيبات الحياة وزينتها فحسب؛ وإنما الحياة رسالة، على كل مؤمنة أن تنهض بها على الوجه الذي تتحقق فيه عبادتها لله عزوجل، وهكذا تستطيع المرأة المسلمة أن تكون في عبادة دائمة، وهي تقوم بأعمالها كلها، ما دامت تستحضر في نيتها أنها تقوم بأداء رسالتها في الحياة، كما أراد الله لها أن تكون، إنها لفي عبادة وهي تبر والديها، وتحسن تبعّل زوجها، وتعتني بتربية أولادها، وتقوم بأعبائها المنزلية، وتصل أرحامها.. الخ، مادامت تفعل ذلك كله امتثالا لأمر الله، وبنية عبادتها إياه -سبحانه وتعالى-. المرأة المسلمة قد تخطئ وقد تقصر المرأة المسلمة التقية الصادقة، قد تخطئ وقد تقصر، وقد تزل بها القدم، ولكنها سرعان ما تنخلع من زلتها، وتستغفر الله من خطئها، وتتبرأ من تقصيرها، وتتوب من ذنبها، وهذا شأن المسلمات التقيات الصالحات: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ}، فالمرأة المسلمة التقية تستعين دوما على تقوية روحها وتزكية نفسها بدوام العبادة والذكر والمحاسبة واستحضار خشية الله ومراقبته في أعمالها كلها، فما أرضاه فعلته، وما أسخطه أقلعت عنه، وبذلك تبقى مستقيمة على الجادة، لا تجور، ولا تظلم، ولا تبتعد عن سواء السبيل.صيانة الإسلام للمرأة إنَّ نعمة الله على المرأة المسلمة عظيمة، ومنَّته عليها كبيرة جسيمة، حيث هيأ لها في الإسلام أسباب سعادتها وصيانة فضيلتها وحراسة عفتها وتثبيت كرامتها ودرء المفاسد والشرور عنها؛ لتبقى زكية النفس طاهرة الخلق منيعة الجانب مصونة عن موارد التهتك والابتذال محميةً عن أسباب الزيغ والانحراف والانحلال.من دعائم بناء الأسرة المسلمة من أهم دعائم بناء الأسرة المسلمة الإيمان بالله واليوم الآخر، ولزوم التقوى والمراقبة، ويقوي هذا الإيمان الاجتهاد في الطاعة والعبادة والحرص عليها والتواصي بها بين الزوجين، تأملوا قوله-[-: «رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلّت، فإن أبت نضح في وجهها- يعني رش عليها الماء رشاً رفيقا- ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلّت وأيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء)، فإن العلاقة بين الزوجين ليست علاقة دنيوية مادية فحسب؛ بل هي علاقة روحية كريمة، وحينما تصح هذه العلاقة وتصدق هذه الصلة فإنها تمتد إلى الحياة الآخرة بعد الممات: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ} (الرعد: 23).الحجاب صيانة للمرأة الإسلام لم يفرض على المرأة الحجاب ولم يمنعها من التبرج إلاَّ ليصونها عن الابتذال، وليحميها من التعرّض للرِّيبة والفحش، وليمنعها من الوقوع في الجريمة والفساد، وليكسوها بذلك حلَّة التّقوى والطّهارة والعفاف، وتسدَّ بذلك كلَّ ذريعة تفضي إلى الفاحشة، قال الله -تعالى-: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} (الأحزاب:33)، وقال -تعالى-: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} (الأحزاب:53)، وقال -تعالى-: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} (النور:31)، وقال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} (الأحزاب:59)، إلى غير ذلك من النصوص العظيمة التي تهدف إلى صيانة المرأة المسلمة وتحقيق عفتها وحفظ كرامتها وإبعادها عن أسباب الشر وبذور الفتن.المرأة الإيجابية المرأة الإيجابية طالبة للعلم حريصة عليه، ذلك لأنها تعلم أنه حياة القلوب، ونور البصائر وشفاء الصدور، ورياض العقول، وهو الميزان الذي توزن به الأقوالُ والأعمالُ والأحوال، وهو الحاكم المفرّق بين الغيّ والرشاد، والهدى والضلال به يُعرف الله ويُعبد، ويُذكر ويوحّد، ويحمد ويمجد، به تعرف الشرائع والأحكام، ويتميز الحلال عن الحرام، مذاكرته تسبيح والبحث عنه جهاد، وطلبه قربه، وبذله صدقه، فالمرأة الإيجابية حريصةٌ على طلب العلم مجاهدةٌ في الحصول عليه والزيادة منه تدعو بما أمر الله به رسوله -صلى الله عليه وسلم -: {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا}، تقتدي بأسلافها من الصالحات المؤمنات اللاتي قلن: «يا رسول الله، قد غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يومًا من نفسك» فوعدهن يومًا، فلَقِيَهُنَّ فيه ووعظهن وأمرهن»، فلم يكتفين بالمجالس العامة التي كن يشتركن فيها مع الرجال كحضور الصلوات والجمع والجماعات في الأعياد ونحوها بل أردن أن يخصص لهن مجلسًا.كتب تهم الأسرة المسلمة من الكتب المهمة التي يجب أن تكون في بيت كل أسرة مسلمة كتاب: «مجموعة أسئلة تهم الأسرة المسلمة» للشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-، يتناول هذا الكتاب مجموعة فتاوى مقدمة لأفراد الأسرة لما يعن أمامها من تساؤلات واستفسارات في علاقة أفرادها ببعضهم وحدود تلك العلاقة وضوابطها، ومن فتاوى الكتاب: حكم زينة المرأة، وحكم حديث المرأة مع الرجال، وحكم مصافحة المرأة الأجنبية، وأسئلة خاصة بلعب الأطفال، وهل يجوز للأب أو الأم معاقبة الطفل بالضرب أو وضع شيء مر أو حار في فمه كالفلفل إذا ارتكب خطأ؟ وغير ذلك من الأسئلة المهمة التي لا تستغني عنها أي أسرة. من أخطاء الأمهات في تربية الأبناءكثير من الأمهات تكون عاطفة الأمومة لديها قوية، وتكاد لا تستطيع أن تتحكم بمشاعرها أمام طفلها وخاصة إذا كان الطفل الأول، فتراها تتصرف بعاطفتها فقط فتهتم به اهتمامًا أكثر من حاجته، حتى أننا نرى كثير منهن ما إن يقع ابنها في بداية تعلمه المشي تركض وترفعه عن الأرض وتقبله، وتكرر هذا الفعل في كل مرة، وهنا الطفل يصبح اتكاليًا حتى أنه بعد عدة مرات إن وقع لا يحاول القيام ولكن ينتظر أمه لتساعده، ومواقف أخرى كثيرة كأن تطعمه إلى سن يجب أن يعتمد على نفسه فيها ولكنها من شدة قلقها تعطيه كل هذه العناية، وهي هنا لا تعلم أن هذا التدليل والخوف الزائد يولد عنده الخوف من مواجهة الحياة وتُضعِف ثقته بنفسه. المرأة والشعور بالمسؤولية لابد للمرأة المسلمة من الشعور بالمسؤولية في تربية أولادها وعدم الغفلة والتساهل في توجيههم كسلاً أو تسويفاً أو لا مبالاة، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} (التحريم: 6)، فلنجنب أنفسنا وأهلينا ما يستوجب النار، ولن ينجي المرأة أنها ربت ابنها لكونها طاهية طعامه وغاسلة ثيابه؛ إذ لابد من إحسان التنشئة، ولابد من تربية أبنائها على عقيدة سليمة وتوحيد صافٍ وعبادة مستقيمة وأخلاق سوية وعلم نافع. |
رد: المرأة والأسرة
المرأة والأسرة – 1251 الفرقان الإيجابية في حياة المرأة المسلمة إيجابية المرأة المسلمة تعني المسارعة في الاستجابة لأمر الله وأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم - دون تلكؤٍ أو تأخير مهما خالف الأمر رغباتها وما اعتادت عليه، تروي لنا أمنا عائشة -رضي الله عنها- كيف استقبل نساء المهاجرين والأنصار أمر الله لهنَّ بالحجاب، الذي يتعلق بتغيير شيء مهم في حياة المرأة درجن عليه في الجاهلية وفي بداية الإسلام أيضًا. - والمرأة الإيجابية تدرك أن العمل لهذا الدين مسؤولية الجميع ذكرهم وأنثاهم؛ {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} فلم يخص الحق -عزوجل- واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الرجال دون النساء، وهذا ما تدركه المرأة الإيجابية؛ ولذلك فهي تستشعر مسؤولياتها في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير، سواء في محيط بيتها أم خارجه.- والمرأة الإيجابية طالبة للعلم حريصة عليه؛ ذلك لأنها تعلم أنه حياة القلوب، ورياض العقول، وهو الميزان الذي توزن به الأقوالُ والأعمالُ والأحوال، وهو الحاكم المفرّق بين الغيّ والرشاد، به يُعرف الله ويُعبد، وبه تعرف الشرائع والأحكام، ويتميز الحلال عن الحرام، فالمرأة الإيجابية حريصةٌ على طلب العلم مجاهدةٌ في الحصول عليه والزيادة منه، تدعو بما أمر الله به رسوله - صلى الله عليه وسلم -: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} (طه: 114). - خلاصة القول: إنَّ المرأة الإيجابية ملتزمة بشرع الله، فهو نهج حياتها، {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)} (الأنعام: 162- 163). الأسرة والخلافات الزوجية تعترض الأسرة بعض الخلافات والنزاعات الأسرية والمجتمعية، ويرجع ذلك لأسباب عدة، لكن أهم هذه الأسباب: ضعف الوازع الديني في نفوس أفراد الأسرة، ومتى ضعف الوازع الديني، قل الخوف من الله -تعالى-؛ فيهمل الإنسان ما عليه من الحقوق والواجبات الأسرية والمجتمعية، فينتج عن ذلك تفكك روابط الأسرة الإسلامية، وفوضى في الحياة الزوجية، إلى درجة أصبحت تهدد المجتمع بالتمزق والانهيار.المرأة والعزة بدين الإسلام من أهم المفاهيم التي ينبغي على المرأة المسلمة أن ترسخها في نفسها: مفهوم العزة بالإسلام، والعزة لهذا الدين؛ ولذلك فإن هذه العزة تصوغ من شخصية المرأة المسلمة شخصية تستطيع بها أن تكون قدوة، ومربية، وداعية، وصابرة، وصامدة أمام الفتن، فإذا ضعف إيمانها، ضعف معه عزتها، واستسلمت أمام مغريات الدنيا ومفاتنها،عناية الأسرة بحسن تربية الأبناء الأسرة المسلمة تُعنى بحسن تربية الأولاد وتعليمهم وتأديبهم، امتثالاً لقوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (التحريم: 6)، ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، فالرجل راعٍ ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها»، ولا شك أنَّ صلاح الوالدين صلاحٌ لذريتهما بالقدوة الحسنة، ومجانبة ما يسقط المروءة، أو يضر بالدين والعقل، فمعصية الله، وتضييع أمانة البنين والبنات، يفتُّ في بناء الأسرة المسلمة ويعرضها لرياح التفكك، وأعاصير الانفصام.المرأة الإيجابية واستثمار الوقت المرأة المسلمة لها في كل وقت وظيفة، ومن كل خير سهمٌ وغنيمة، تعرف أهمية وقتها، وتدرك مسؤولياتها عن عمرها، وأنها محاسبة عن أيام حياتها «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه؟ وعن علمه فيم فعل؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وعن جسمه فيم أبلاه؟ فقد خلق الله كل إنسان وعنده طاقة وموهبة، وأودعه من الملكات والمقدرات الشيء الكثير، لكن كثيرا من الناس يموت ولم يستغل جلّ هذه الطاقات والمواهب، أو استغلها في غير طاعة؛ ولذلك فالمرأة الإيجابية تستغل وقتها بما يقربها إلى خالقها، وتوظف طاقاتها في خدمة دينها ودعوتها، لا تسرف في إضاعة الوقت في فنون الرشاقة والماكياج، وتحذر من مزهقات الأوقات، ومضيعات الساعات.المرأة المسلمة التي نريد المرأة المسلمة الصالحة، توحيدُ الخالق يسري في كيانها، فهي تؤمن بالله، وتتوكل عليه، وتثق به وتتجه إليه في سرائها وضرائها، إذا مسها خيرٌ شكرت ولربها حمدت، وإذا أصابتها ضراء صبرت وتقرّبت إلى خالقها وتذللت، وراجعت نفسها واستغفرت؛ لأنها تقرأ قوله -تعالى-: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ}، إنها امرأة مستسلمةٌ لله، طائعة له، راضية بشرعه، لا تبتغي غير الإسلام دينًا، ولا ترتضي بغيره منهجًا، فهي ملتزمة به، في: أعمالها وأقوالها، وهديها ولباسها، فليس بينها وبين ما تعتقده تناقض وانفصام، هي مسلمة في بيتها ودارها، مع زوجها وأبنائها، وفي جميع أحوالها ملتزمة بأوامر ربها مستسلمة لما قضاه محبةٌ لما ارتضاه: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}.الصحابية أم الدرداء -رضي الله عنها- هي هجيمة بنت حيَي الأوصابية، زوجة أبي الدرداء الصحابي المعروف العالم الورع، نشأت على حب العلم، وواصلت المسير، حتى كانت فقيهة يأخذ عنها العلماء، عرضت القرآن مرات على أبي الدرداء، وأخذت عن الصحابة - رضوان الله عليهم -، وأخذ عنها كثيرون، كانت عابدة مهيبة، فإذا أتاها الناس ذكروا الله -تعالى-، وتتجمع النساء إليها يأخذن عنها، ويتعبدن معها، بعد وفاة زوجها - رضي الله عنه -، واستمرت تعلم وتقرئ وتربي النساء على العبادة، وليت نساء اليوم يقرأنَ سير هؤلاء الأعلام، ويقتدين بهن، بدل أن ينشغلن بوسائل التواصل، وينشغلن بالمظاهر والقشور، وما يبعدهن عن تاريخهن وعن جداتهن، ويجعلهن يعشن عيشة متذبذبة! لا هي إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.من المكتبة الإسلامية للنساء (أخبار النساء) لابن الجوزي هو أحد كتب التراث التي صُنّفت في القرن السادس الهجري، وهو كتاب شائق، وماتع، ومفيد في الوقت نفسه، فلا تجد القارئة في أثناء قراءته سأمًا ولا مللاً، وقد عني فيه مصنفه بأخبار النساء من مختلف الوجوه الحياتية الاجتماعية، ولأهمية هذا الكتاب الذي يعد مصدرًا لا يستغنى عنه لمن يدرس أوضاع المرأة في الجاهلية والإسلام، حُقق وجاء عمل المحقق موزعًا في ثلاثة أقسام هي: القسم الأول: قسم التمهيد، وقد تناول فيه المباحث التالية: ابن الجوزي، حياته وآثاره، كتاب أخبار النساء ومنهج ابن الجوزي فيه، عمل المحقق في هذا الكتاب، القسم الثاني: الكتاب محققاً مذيّلاً بالشروح والتخريجات، القسم الثالث: قسم المسارد الفنية؛ حيث صنف للكتاب خمسة مسارد، لتسهيل سبيل عودة القارئ إلى مبتغاه بيسر وسهولة. |
رد: المرأة والأسرة
المرأة والأسرة – 1252 الفرقان من هدايات القرآن الكريم للمرأة المسلمة على المرأة المسلمة حينما تقرأ القرآن أن تتدبر آياته، وتتأمل في كلام الرحمن وتعمل بهداياته، حتى يرزقها الله الثبات والسير على صراطه المستقيم، ومن هدايات القرآن للمرأة المسلمة: أمرها بالحجاب ولزومه والمحافظة على الستر والحشمة، قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}(الأحزاب:59)، وأن تحذر من التبرج والسفور فعل أهل الجاهلية الجهلاء، قال -تعالى-: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}(الأحزاب: ٣٣). ومن هدايات القرآن للمرأة: أنها إذا اضطرت إلى الحديث مع رجل وأحوجها الأمر إلى ذلك ألا تخضع بالقول؛ لئلا يكون خضوعها به سبباً لطمع من في قلبه مرض من الرجال: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا}(الأحزاب: 32). ومن هدايات القرآن للمرأة المسلمة: ألا تتطلع لشيء من خصائص الرجال وصفاتهم ومقوماتهم، وما اختصهم الله -جل وعلا- به، قال الله -تعالى-: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ}(النساء: 32). ومن هدايات القرآن للمرأة: أن تغض بصرها، وأن تحفظ فرجها، وأن تصون عرضها، وأن تحافظ على شرفها وكرامتها {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}(النور:31). ومن هدايات القرآن للمرأة: ألا تحاول لفت أنظار الرجال إليها، واجتذابهم للنظر إلى محاسنها: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ}(النور:31). القرآن الكريم هداية ورحمة وسعادة القرآن الكريم كتاب الله -عزوجل- المنزَّل للناس هداية ورحمة، هو كتاب السعادة الحقيقية والفلاح في الدنيا والآخرة، كتاب فيه هداية الأنام، وشفاء الأسقام، وسعادة الدنيا والآخرة. {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} إنَّ الحياةَ بتقلُّبَاتِها وأحوالِها، تحتاج أن يسودَ فيها روحُ الفضل، وتُذكَرَ فيها جوانبُ الخيرِ والمعروفِ، فليس من العقل ولا من الحكمة، ولا من المروءة أن تُهدَم سنواتُ مودةٍ في ساعةِ غضبٍ عابرةٍ، لحظة غضب يتناسى فيها الزوجان الجوانب المشرقة، وأوقات السرور ولمسات الود والمحبة، التي عاشاها ويعيشانها في أغلب أيام حياتهم، قال -تعالى-: {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}(الْبَقَرَةِ: 237)، إنه توجيه كريم، وقاعدة عظيمة، يجب ألا ننساها في علاقاتنا كلها، في القربى، والمصاهرة، والعمل والصداقة، وفي شؤون الحياة كلها، إنه توجيه لمن جمعتهم هذه العَلاقة العظيمة وهذا الميثاق الغليظ، وتذكير لهم بألا ينسوا الفضل بينهم مع مرور الزمن وتقدُّم العُمر، وتعاظم المسؤوليَّات، ليبقى الود وتحفظ الحقوق، وتتنزل الرحمة وتتصافى القلوب، إن نسيان الفضل يعني التفكك والتجافي والشقاق والتباعُد عن الأخلاق الكريمة والشِّيَم النبيلة. إشادة القرآن بحياء المرأة أشاد الله في القرآن الكريم بحياء المرأة العظيم، وما يترتب على حيائها من سترٍ وعفةٍ وحشمةٍ، وبُعدٍ عن الاختلاط بالرجال، قال الله -تعالى-: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} إلى قوله -جل شأنه-: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ}(القصص:23-25)، فكلما كانت المرأة متصفة بالحياء متحلية به كان ذلكم أكمل في أخلاقها، وأجمل في حليتها وزينتها، بينما إذا نزعت المرأة عن نفسها جلباب الحياء، وأطاحت بلباس الحشمة والعفة، فقدَت جمالها الحقيقي، ومكانتها العالية الرفيعة السنيّة. تربية الأبناء على تحمل المسؤولية الواجب علينا أن نربيَ أبناءَنا وبناتِنا على تحمّل المسؤولية، وندربَهم من صِغَرِهم على المهام الأسرية، حتى يكونوا عند كِبَرِهم أهلا لقيادةٍ رشيدة لأسرٍ سعيدة، وكم من آباء وأمهات اليوم غايةُ دوره مع أولاده توفيرُ أكلِهم وشربِهم ولُعبِهم، دون أن يحملَهم على الجدِّ والتكاليف!، حتى إذا كَبُرَ وتحملَ مسؤولية الزواجَ تفاجأ بما يواجههُ في الأسرة من الصعاب والمشاق، فيحمله ذلك على الضجرِ والضعف، وربما يطولُ به الحال كذلك فيرفعُ رايةَ الاستسلام والتخلي عن المسؤولية الملقاةِ على عاتقه، فتتفككَ الأسرة ويهدمَ الكيان. التغافل من الأخلاق الكريمة إنَّ وجود الخلافات والمشكلات بين الأزواج أمر لابد منه، ولكن المهم هو الحكمة في معالجة هذه الخلافات، وذلك بالتسامح والتنازل والتغافل عن بعض الحقوق، فإن التغافل من الأخلاق الكريمة التي تكون من الكرام، فلا يدقق الإنسان في كثير من الأمور، وعليه أن يتسامح، وإن كره الزوج من زوجته خلقا، فلينظر إلى ما فيها من المحاسن والأخلاق الحسنة الأخرى، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها خلقا آخر». العجلة في الطلاق إن بعض الناس يتعجل في إيقاع الطلاق قبل أن يلجأ لمراحل علاج المشكلة، وهذا لا شك يترتب عليه أضرار عظيمة، يترتب عليه تصدع لهذه الأسرة، ويترتب عليه تشتيت للأولاد، ويترتب عليه أن ينشأ الأولاد نشأة غير سوية، بنفسية متعبة، وهم يرون هذا النزاع، وهذا الشقاق الذي شتت شمل الأبوين وفرق جمعهما، وهذا له أثر سيئ على نفسية الأولاد، ولا شك أنَّ الصلح خير، وأولى من التسرع في الطلاق، حتى لو وصل الأمر إلى التنازل عن بعض الحقوق المالية أو الشخصية محافظة على عقدة النكاح؛ فقد قال -تعالى-: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}، الصلح خيرٌ من الشقاق والجفوة والنشوز والطلاق. أروى بنت عبد المطلب -رضي الله عنها- هي أروى بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشية الهاشمية عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، اتصفت -رضي الله عنها- بصفات عديدة منه: الصدق والأمانة، وكانت تدعو النساء إلى الإسلام وكانت راجحة الرأي، وهي إحدى فضليات النساء في الجاهلية والإسلام، فقد عرفت الإسلام وفضله في بداية الدعوة، وكانت ذات عقل راجح ورأي متزن، يتضح ذلك في خطابها مع ولدها ومقابلتها لأخيها أبي لهب، ومن خلال إسلامها مع أختها صفية -رضي الله عنهما- تبدو قوة العلاقة التي تجمعها بأختها صفية، فقد أسلمتا معًا وهاجرتا معًا، ويبدو من حوارها مع ولدها حول دعوته للإسلام، حبها للتريث ومشاركة الآخرين بالرأي حينما قالت له: «أنظر ما يصنع أخواتي ثم أكون إحداهن»، وتوفيت -رضي الله عنها- سنة 15 هجرية في خلافة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -. |
رد: المرأة والأسرة
المرأة والأسرة – 1253 الفرقان نساء قدوة للعالمين.. مريم بنت عِمران مريم بنت عِمران، هي العابدة الزاهدة المُبارَكة، سليلة بيتٍ صالح تقيّ؛ فهي مِن نسْل نبيِّ الله داود -عليه السلام- وبنتٌ لأبوَين مؤمنين، نذرَت أمها أن تجعلها عابدةً في بيت المَقدِس، وهي لا تزال حملاً في بطنها، اعتنى بتربيتها نبيٌّ كريم، هو زكريا - عليه السلام -؛ لذلك نرى هذا الوصف الجليل في قوله - تعالى -: {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (42) يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} (آل عمران: 42- 43). ووهَب الله لها عيسى ابن مريم مِن غير أبٍ له؛ آيةً منه -جل وعلا-، وجعَل مِن أدلة براءتها آية أخرى؛ أن هذا الطفل يُكلِّم الناس بلسان مُبين بعد ولادته مُباشَرةً، وهكذا شكرَت مريمُ نعمةَ الله عليها بالهداية؛ فاجتهَدت في عبادته -سبحانه وتعالى- وكانت مَضرِب المثل في الطاعة والعبادة والصبر على ما نالها مِن بهتان الكافرين الحاقدين، وصدَق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القائل: «كَمُل مِن الرجال كثير، ولم يَكمُل مِن النساء غير مريم بنت عمران، وآسيَة امرأة فرعون» متَّفق عليه. فأين مَن تَقتدي بمريم -عليها السلام- وتَعرِف نعمة الهداية، وتشكر ربها عليها فتكون كمريم -عليها السلام- قانتة عابدةً راكعة ساجدة لربها؟ تربية الفتاة على أن تكون قدوة لغيرها لابد من تربية الفتاة المسلمة على أن تكون قدوة لغيرها وذلك من خلال تنمية اعتزازها بدينها، وثقتها التامة في منهجه القويم، ومن ثمّ ثقتها واعتزازها بنفسها المسلمة التي بين جنبيها؛ فتكون لمن حولها قدوة صالحة ومنارة هدى، وحقيقٌ بنا أن نربي بناتنا على هذا الدوْر المهم لهنّ؛ فإيجاد قدوة صالحة للفتيات أمر يستحق التخطيط له والحرص عليه، ليصبح للفتيات قدوات في مثل أعمارهن في مجال الدعوة، والالتزام بالزي الشرعي، والانضباط الخُلُقٍي، وفي التفوق العلمي والأدبي؛ فتسعى الأخريات للاحتذاء بهن والسير على نهجهن. المرأة القدوة صلاح للمجتمع وجود المرأة القدوة بنتا وزوجة وأما، يعني تماسك المجتمع المسلم وصلاحه وقوته، فليس الأمر مجرد توجيهات أو كلمات عابرة، بل هو صياغة مجتمع إسلامي صالح نظيف وتأسيسه وأخذ بأسباب قيامه، ليؤدي مهمته في هذه الحياة وفق أمر الله وعلى هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. مفهوم الأسرة المسلمة القدوة الأسرة في الإسلام لها هوية ربانية، وشخصية إيمانية تتصل بقيمه، وتسترشد بأحكامه، وقد جعل الله -تبارك وتعالى- منطلق تأسيس هذه النواة المجتمعية: (رابطة الزوجية) التي جعلها إرادة ناجزة، وسنة ثابتة، وطريقا واضحا لتكثير النوع الإنساني، قال -تعالى-: {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} (النجم:45)، وقال -سبحانه-: {فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} (القيامة:39) وقال أيضًا: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} (الأعراف:189)، فلا حياة للأسرة إلا في كنف محضنها الشرعي، ومرتكزها القيمي الذي يراد أن تُفصل عنه، ويُفك ارتباطها به، وتُنتزع منها هذه الهوية حتى يسهل الانقضاض عليها، ومسخ هذه الروح السارية (روح الإسلام وقيمه). من أعظم أسباب القوة والالتزام إن وجود المرأة القدوة من أعظم أسباب القوة والالتزام والعطاء في المجتمع المسلم؛ وذلك لأن وجود المرأة القدوة يعني وجود البنت الصالحة والزوجة الصالحة والأم المربية، ومن ثم وجود الأسرة الناجحة والذرية الصالحة والمجتمع المسلم المنشود، فنحن عندما نولي المرأة اهتمامًا كبيرًا فإننا نهيئ أسبابًا عظيمة لأهم الأمور وأخطرها في بناء المجتمعات عمومًا، وفي بناء المجتمع المسلم خصوصًا؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد جعل لهذا مزيةً؛ بحيث جعل خصوصية لمن عال جاريتين أو رباهما بأنهما يكونان من أسباب دخوله الجنة، وكما قال -عليه الصلاة والسلام فيما صح عنه-: «من ابتلي بشيء من هؤلاء البنات فأحسن تربيتهن والقيام بأمرهن، كن له نجاة من النار»، ليس هذا القول منه - صلى الله عليه وسلم - لمجرد معاني الشفقة والرحمة فقط، وإنما لمعاني البناء والتربية والتأسيس الذي ينتج عنه بعد ذلك. القدوة السيئة وأثرها على الفتاة المسلمة الفتاة المسلمة تتأثر ولا شك بالقدوة السيئة ويزيد من هذا التأثر أمران: - ضعف البناء الإيماني والفكري للفتاة، وعدم وعي بعض الأسر المسلمة بأهمية تكوين قاعدة ثقافية إسلامية لدى الفتاة المسلمة تمكنها من الثقة في عقيدتها ومنهجها، والوقوف في وجه التيارات المنحرفة، وعدم الاكتراث بها. - غياب المرأة المسلمة القدوة مع التشويه المتعمد لصورة المرأة المسلمة المتدينة، كما يوازي ذلك كم هائل من الغثائية الأنثوية التي لا تمثل قيم ديننا الحنيف ومبادئه بطريقة صحيحة. ولذلك كله فنحن بحاجة للقدوة المسلمة في محيط فتياتنا في المنزل، والمدرسة، وحلقات تحفيظ القرآن، وأن تكون هذه القدوة قادرة على التأثير في سلوك فتياتنا وتوجهاتهن، وأن يكون شعارها قول الله -تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} (آل عمران:159). واقع الأسرة المسلمة اليوم المتأمل في واقع الأسرة المسلمة اليوم، يجد أن كثيرا من تلك الأسر بدأت تفقد بعض تأثيرها ودورها الريادي في التنشئة السليمة وبناء الشخصية الإسلامية المنتجة الفاعلة؛ وذلك بسبب الضعف الملحوظ في البناء الإيماني والتربوي لبعض الأسر، وبسبب ضعف الثقافة الأسرية؛ لهذا وغيره من الأسباب ظهرت في المجتمع مشكلات كثيرة ومتشعبة، وزاد من حدتها وتنوعها الانفتاح الثقافي، وطغيان العولمة الإعلامية والاجتماعية، بحيث أصبحت الأسرة المسلمة تتعرض لتغيرات سريعة من خلال غزو ثقافي ومفاهيمي في كثير من مكوناتها، كما تتعرض لتحديات خطيرة تهدد هويتها وتماسك كيانها واستقرارها. ترسيخ دور الأسرة الاجتماعي والتربوي إن إعادة التوازن التربوي، وترسيخ دور الأسرة الاجتماعي والتربوي من أولى الأولويات التي تسهم في تماسك المجتمع ورقيه، وهذه المهمة التربوية ينبغي أن تأتلف عليها مؤسسات المجتمع كافة، وفي مقدمتها المؤسسات التعليمية والتربوية والاجتماعية والإعلامية، كما أن المسجد والفضاءات الدعوية والتربوية المتعددة هي المحضن العظيم الذي يبني الإطار العلمي، ويرسم السبيل القويم لتربية المجتمع وتوجهه نحو العمل الجاد والبناء الصالح. دور الأسرة في بناء شخصية الأبناء إن على الأسرة -وهي المحضن الأول في بناء المجتمع- أن تعي دورها في بناء شخصية أبنائها وبناتها، والحرص على تربيتهم التربية الصالحة، وبِناء القِيَم والأخلاق الحميدة، كالحرص على تعليمهم أمور دينهم ودُنْياهم من صلاةٍ وصيامٍ وصدقةٍ وبِرٍّ وصلة، وعليهم مراقبة أولادهم وتوجيههم في التعامل مع التقنيات الحديثة مع الإنترنت، ومع تطبيقات التواصل الاجتماعي، وعليهم أن يكونوا قدوةً حسنةً في التحلِّي بالقِيَم والأخلاق الحميدة، وتحذيرهم من المشاهير الفاسدين الذين يهدمون الأخلاق والقِيَم. |
الساعة الآن : 02:17 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour