الحمد لله، أجازوا زواج المسيار

[طقس]

جريدة اليوم السعودية ـ صفحة الرأي ـ الخميس 1427-04-27هـ الموافق 2006-05-25م
كتب الأستاذ الفاضل : محمد عبد الرحمن المدني
ملحوظة : ما كتب باللون الأحمر مجرد رأي لطقس وليس من المقال الأصلي .

الحمد لله، أجازوا زواج المسيار



كتبت في الصيف الماضي مقالة بعنوان "أضحوكة زواج المصياف" وما زلت أعتقد أنها أضحوكة رغم أنها بدأت بالانتشار وبدت وكأنها جزء من ثقافتنا. ولمن لا يعرف عن هذه الظاهرة الجديدة، فهو زواج مخصص لأصحاب الطبقة المخملية أي لسيدات ورجال الأعمال، وذلك للسفر في عطلة الصيف إلى الخارج بصحبة زوج مؤقت أو زوجة مؤقتة، تنتهي علاقتهما معا بمجرد انتهاء الإجازة والعودة من السفر، وربما بدون تحديد علني مسبق لذلك كيلا ينطبق عليه ما ينطبق عليه من تحريم لزواج المتعة.
ويتم زواج المصياف بشروط شبه تعجيزية للطرفين، فإذا كان رجل يبحث عن امرأة، فمن شروطه إجادة اللغة الإنجليزية تحدثا وكتابة, ورشاقة القوام، وجمال الوجه واللباقة, وبياض البشرة، وألا تجد مانعا من حضور الحفلات الخارجية والتي تستدعي السفر، وأن تقبل بالسفر معه في أي مكان, وفي المقابل تطلب الفتاة مهرا مرتفعا وسيارة وفيلا فاخرة. تخيلوا كل هذه المواصفات والطلبات فقط لفصل الصيف.
أما إذا كانت سيدة تبحث عن رجل ليكون محرما لها أثناء سفرها للخارج، فمن شروطها أن يسافر معها للخارج برفقته، والتنقل بدونه من غير اعتراض، مقابل أن يسكن معها في منزلها أو شراء سيارة له أو غير ذلك، وليس بالضرورة أن يكون غنيا ولكن المهم أن يكون وسيما ومثقفا. هذا هو ملخص زواج المصياف
لا حول ولا قوة إلا بالله
أعزائي.
وبمناسبة قرب الإجازة الصيفية سأستعرض أكثر أنواع الزواج شيوعا هنا في المملكة العربية السعودية ألا وهو زواج المسيار، والذي ما زال يثير الكثير من الجدل بين مؤيد ومعارض وبين محلل ومحرم. ولكن مؤخرا جاء المجمع الفقهي الإسلامي في دورته الثامنة عشرة يوم الأربعاء الموافق 14 /3 /1427هـ وبحضور 60 عالماً وفقيهاً إسلاميا ليجيز زواج المسيار. ويتلخص في قبول المرأة بالزواج والتنازل عن جزء من حقوقها من سكن ونفقة، على أن تظل في بيت أهلها وتقابل زوجها متى ما رغبا وحسب الاتفاق بينهما، شريطة أن تتوفر أركان وشروط الزواج الشرعية. وبذلك يكون المجمع الفقهي الإسلامي ممثلا في تلك النخبة من العلماء والفقهاء، قد أنهى إشكالاً طالما أشغل المجتمع بأغلب فئاته تقريبا، وفعل خيرا للكثير ممن هم تواقون لهذا النوع من الزواج وتتلاءم ظروفهم مع ظروفه.
والسلف الصالح سبقهم لهذا فأحل هذا النوع من الزواج ، وكان يُسمى آنذاك بزواج الليليات والنهاريات ؛ ولكنهم لم يعتبروه الحل الأفضل
لقد أشبع هذا الموضوع بحثا من قبل الكثير من المهتمين، واحتدم فيه الجدال وتعالت من اجله وضده الأصوات، وتبودلت الاتهامات بين معارضين ومؤيدين له، وبين محللين ومحرمين له، حتى بدأنا نشك بأنه يدخل في دائرة المحرمات مع انه زواج شرعي متكامل لا لبس فيه.
أجل أعزائي، لقد أجاز المجمع الفقهي الإسلامي ممثلا في هؤلاء النخبة من الفقهاء والعلماء زواج المسيار ولله الحمد ليوقفوا هذا اللغط، جزاهم الله عن جميع أفراد الأمة الإسلامية خيرا ونفع بعلمهم جميع المسلمين، وجعلها في موازين حسناتهم لما سيعود به هذا القرار من نفع على أفراد المسلمين سواء هنا في المملكة العربية السعودية أو الكثير من الدول الإسلامية الأخرى. الغريب في الأمر أنه في الوقت الذي نجد الكثير من المهتمين فرحين لما أجازه المجمع الفقهي الإسلامي لزواج المسيار وأنا أولهم، نجد الكثيرين كانوا وما زالوا وسيبقون معارضين له ( وأنا منهم بغض النظر عن حكمه فأنا تابع لا مفتي فأقول تبعاً لهم بحليته ، ولكني لا أفعله ولا أدعو لفعله) طال الزمن أم قصر، حتى لو صدر قرار إسلامي مدعوم بقرار من الأمم المتحدة يجبز ذلك. فما زالت الأصوات المعارضة تتعالى ضد زواج المسيار رغم إجازة المجمع الفقهي له، وكان من ضمن تلك الأصوات الدكتورة سهيلة فرحات التي شاركت بمداخلة في إحدى القنوات التلفزيونية تندد بقرار المجمع الفقهي الإسلامي، ولسان حالها يقول لا سمعا ولا طاعة لفقهاء وعلماء الأمة، وعللت مثل غيرها من المعارضين بأمور جانبية وهامشية. تشدقوا في هجومهم على زواج المسيار بالسكينة والمودة والرحمة عملا بالآية الكريمة (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)، ونسوا أن فقدان هذه الأمور موجود في الزيجات التقليدية بل تجاهلوا ما هو أعظم من ذلك مثل الاعتداء المتكرر على الزوجات وضربهن واهانتهن على الملأ وأمام أقاربهن.الأفعال الفردية تعبر عن سوء صاحبها ، وهي شواذ عن القاعدة العامة وهي المودة والرحمة
بما أن كل أمور الحياة لها جوانبها الايجابية والسلبية،وسلبياته أكثر فالمرأة فيه مظلومة وتتعرض لظلم كثير وهذا حسب ما نراه ونعايشه في واقعنا وما أظن أحداً يرضاه لابنته إلا مجبوراً والجبر هنا يكفي لمعارضة هذا النوع من الزواج لماذا لا ننظر إلى زواج المسيار من زاويته الايجابية سواء على الرجل أو المرأة؟ المرأة ترفض زواج المسيار لأنها تعتبره اهانة لها، وتنقيصا من حقها، بينما تفضل صامتة وهي تعلم بتجاوزات زوجها وعدم القيام بواجباته الزوجية على أكمل وجه. انظروا إلى الآثار الايجابية لزواج المسيار يتوقع لها أن تقلل نسبة العنوسة المتزايدة في المملكة، وسوف تخفف بالتأكيد من الخيانات الزوجية لا أظن فالخائن خائن والوفي وفي وأمور كثيرة لا تكفي المساحة المحددة للمقالة لذكرها. وسلامتكم