هل هذا حق وعدل ؟ أم أنه منكر وظلم ؟

[زارع المحبة]

بسم الله الرحمن الرحيم

إخواني الكرماء الطيبين أخواتي الكريمات الطيبات , السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
موضوعا نقاشيا أطرحه عليكم اليوم لتُبدوا رأيكم فيه وتفيدوني بنصائحكم وتوجيهاتكم . و صدقوني , إنني ما كتبت هذا الموضوع لأعَلّمكم وإنما لأتعلم منكم .
وأنقل لكم من الواقع الذي أعيشه وليس من أخبار الصحف .
فتاة عمرها عمر الزهور في السابعة عشر من عمرها تُزوَّج مرغمة من شيخ عمره 70 سنة فأحست بالإهانة و الظلم الذي بلغ بل تجاوز مداه , خاصة مع استهزاء أترابها ورفيقاتها من هذا الزواج المثير للسخرية[1], حتى أن البعض يسألونها:" أهذا جدك ؟"(يقصدون زوجها العجوز)
فلم تتحمل هذا الوضع فأقدمت على جريمة الانتحار.
وفتاة أخرى في سنها تُزوج من شيخ يفوق عمره 75 سنة فظلت معه حوالي سنتين (ممرِّضة , وليست أبدا زوجة) ثم كما هو متوقع ارتحل عنها الى غير رجعة ولم يترك لها سوى المنزل الذي بقيت فيه تعاني ألم الوحدة ومرارة الحرمان وقسوة الحياة و........الخ
أحيانا يتذكرها أحد المحسنين فيجود عليها بشيء من المأكل أو الملبس , ولا مطمع لها في غير ذلك.
ولعل من غرائب الصدف أنني أثناء كتابتي لهذا الموضوع , الأربعاء 03/02/2010 الساعة الواحدة , عُرضت على شاشة التلفزيون قضية فتاة من السعودية[2] عمرها13 سنة تُزوج برجل في الثمانين من العمر! غير أنه على ما أذكر تدخل البعض ومنع هذا الزواج المجحف[3]في حق هذه البنت التي بعدها توجهت الى المدرسة لإكمال دروسها !
كثير من الآباء يتقدم لخطبة ابنته أحد ليس لديه عمل ولا حتى سكن ولا أية مؤهلات ينظر الى شكله[4] أو يسمع منه بضع كلمات ــ وقد تكون مخادعة ــ فيوافق على الخطبة والزواج .

ـ "ولم أيها الأب فعلت هذا بابنتك ؟ "
ـ فيقول :قال النبيr" إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه... "
ـ " أهكذا الأمر حقا ؟ حتى وإن كان يبلغ 80 سنة ؟ حتى وإن كان ليس لديه ما ينفق عليها ؟ حتى وإن كان ........؟"

إخواني أنا أيضا مسلم ومن أهل السنة , أقدس القرآن الكريم وأحاديث النبي r ربما أكثر من بعضكم , وأعتقد جازما أن الإسلام دين الرحمة والعدل والحق والمنطق أيضا , غير أنني أرى أنه أحيانا تُرتكب فضائع باسم الإسلام والقرآن والسنة , والأمثلة كثيرة .
وأظن أن ما نحن بصدد الحديث عنه من تلك الأمثلة .

في نظري الأمر لا يحتاج الى ذكر القصة الآتية ومع ذلك سأذكرها ,
فربما يكون أحد لا يقنع إلا بهذا.

أذكر أن امرأة جاءت للنبي r فقالت يا رسول الله r :( إَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِr أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ , وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ , انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ).صحيح مسلم
أو تعلمون إخواني أن هناك من الآباء من يجعل ابنته جزءا من صفقة ؟
قد تكون صفقة تجارية أو إدارية أو سياسية أو غير ذلك . باختصار يزوجها لشخص كي يحقق له أمرا أو يمنع عنه أمرا.
لدي الكثير من الأمثلة في هذا المجال غير أنني أفضل عدم ذكرها حتى لا أطيل عليكم .
وأختم كلامي بأحسن الختام حديث النبي عليه الصلاة والسلام :

(جاءت فتاة إلى النبي - r- فقالت: إن أبي زوجني ابن أخيه ليرفع بي خسيسته، قال: فجعل الأمر إليها، فقالت: قد أجزتُ ما صنع بي، ولكن أردت أن تعلم النساء أن ليس إلى الآباء من الأمر شيء).السلسلة الصحيحة

إخواني ما وجد في مقالتي هذه ـ أو في ما سبقها أو ما يتبعها ـ من حق وصواب فمن توفيق الله , وله الحمد على ذلك والشكر , وما كان فيها من خطإ أو زلل فمن نفسي والشيطان , وأنا راجع عنه في حياتي وبعد وفاتي .

واستغفر الله , أستغفر الله , استغفر الله.

وإني في انتظار ردودكم التي سوف أسعد بها كثيرا .

السلام عليكم .

[1] في نظرهن على الأقل

[2] لولا أن القضية عرضت على الشاشات وبثت على الإنترنت ما ذكرت جنسيتها فليس هدفي المساس بتقاليد أي مجتمع.

[3] في رأي البعض

[4] ومع الأسف أصبح التدين لدى الكثيرين شكلا أو مظهرا فقط .