|
ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ![]() ![]() فقد وضع الله في كتابه شروطاَ للذين يمكن الله لهم في الأرض دينهم ويجعل لهم فيها العزة والسيادة والقيادة وهذه الشروط مجملة في آيتين كريمتين من سورة النور هما الآيتان(55- 56) قال تعالي : " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون ، وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون " (النور55-56) . لقد وضعت الآيتان شروط التمكين : وأولها : الإيمان بالله عز وجل والإيمان : تصديق بالجنان وقول باللسان وعمل بالجوارح والأركان ولذلك لم تكتف الآية بالإيمان حتي ربطته بالعمل الصالح : " الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات " وقد سمي القرآن الأعمال الصالحة إيمانا ليؤكد علي الارتباط الوثيق بين الإيمان والعمل وأن العمل جزء منه ، فقال تعالي : " وما كان الله ليضيع إيمانكم ." (البقره 134) أي وما كان الله ليضيع صلاة من صلي إلي بيت المقدس كما قال المفسرون إلي أن المراد بالإيمان في قوله تعالي : "يهديهم ربهم بإيمانهم" أي بأعمالهم التي كانوا يعملونها ، وقد أورد الإمام الطبري أقوالاَ لمجموعة من التابعين تؤكد هذا المعني ومنهم ابن جريح فقد وضح أن العمل الصالح يمثل لصاحبه في صورة حسنه ويبشره بالجنة ويجعل له نوراَ من بين يديه حتي يدخله الجنة . وقد أكدت السنه هذا المعني فقد سئل النبي صلي الله عليه وسلم : "أي العمل أفضل ؟ فقال : إيمانَ بالله ورسوله . قيل : ثم ماذا ؟ قال : الجهاد في سبيل الله قيل : ثم ماذا ؟ قال: حج مبرور " رواه البخاري عن أبي هريرة . وهذا الإيمان لابد أن يكون صاحبه علي علم بأنه لا إله الا الله محمد رسول الله وعلي يقين لاشك معه وعلي قبول لمقتضى هذا الإيمان فكل ما يقتضيه الإيمان من أقوال وأفعال لابد أن يقبله ولا يرد منه شيئاَ جحوداَ وعناداَ أو استخفافاَ واستهتاراَ والإ فلا إيمان له . كما أنه لابد من وجود التصديق بحيث يوافق القلب واللسان وإلا كان نفاقاَ ، ثم لابد من المحبة لله ولرسوله التي تحدث الطاعة والانقياد ، ثم لابد من إخلاص العمل وإلا كان الرياء والشرك . إن الإيمان الذي ندعو إليه والذي جعله الله شرطاَ للتمكين والاستخلاف - هو كما يقول صاحب الظلال رحمه الله - "فهو الإيمان الذي يستغرق الإنسان كله بخواطر نفسه وخلجات قلبه وأشواق روحه وميول فطرته وحركات جسمه ولفتات جوارحه وسلوكه مع ربه في أهله ومع الناس جميعاَ " ، إن الإيمان الذي نريده هو الذي ينشئ في النفس العزة والأنفة والترفع من غير كبر ولا علو بالباطل ، كما أنه الإيمان الذي يزرع الأمل ويقتلع اليأس من القلوب تلك الشجرة الخبيثة التي تحول دون التعمير والبناء كما أن الإيمان الذي يملأ القلب شجاعة وجرأة وإقداماَ وقد علم أن أجله محدود ورزقه مقسوم ولا سبيل لبشر عليهما . إن الإيمان حقيقة إيجابية - كما يقول سيد قطب رحمه الله - " ما إن تستقر في الضمير حتي تسعي بذاتها إلي تحقيق ذاتها في الخارج في صور عمل صالح" ، ويقول أيضا رحمه الله : " إن العقيده الدينية فكره كلية تربط الإنسان بقوي الكون الظاهرة والخفبة وتثبت روحه بالثقة والطمأنينة وتمنحه القدرة علي مواجهة القوي الزائلة والأوضاع الباطلة بقوة اليقين في النصر وقوة الثقة في الله وهي تفسر للفرد علاقاته بما حوله من الناس والأحداث والأشياء وتوضح له غايته واتجاهه وطريقه وتجمع القوي والطاقات حول محور واحد وتوجهها في اتجاه واحد تمضي إليه مستنيرة الهدف في قوة وفي ثقة وقي يقين". الشرط الثاني : تحقيق العبادة : أن الجيل الذي ينشد التمكين لابد أن يحسن فهم العبادة فهي ليست نيه صادقة وسصفا قلب فقط وليست مجموع الشعائر التي يؤديها العبد كالصلاة والصيام والزكاة والحج فقط بل العبادة دائرة واسعة ، ورحم الله ابن تميمية حين عرفها بقوله :" العبادة اسم جانع لكل ما يرضي الله عز وجل من الأقوال والأفعال الظاهره والباطنة ". ويقول الشيخ القرضاوي عن العبادة في الإسلام واتساع دائرتها في كتابه : العبادة في الإسلام : ".... إنها تشمل شؤون الإنسان كلها وتستوعب حياته جميعاَ وتستغرف كافة مناشطه وأعماله " ، إن العادات من الأكل والشرب والنوم والجماع إذا روعيت فيها النية الصادقة الصالحة كالتقوي علي طاعة الله وغض البصر وتحصين الفرج من الوقوع في الحرام إذا تحقق ذلك تحولت إلي عبادة يؤجر عليها صاحبها ودليل ذلك حديث النبي صلي الله عليه وسلم "وفي بضع أحدكم صدقة " وقد علق الإمام النووي علي الحديث في شرحه لصحيح الإمام مسلم بقوله :" وفي هذا دليل علي أن المباحات تصير طاعات بالنية الصادقة " . ولكن كيف تصبح شؤون الحياة كلها مجالات عبادة وكيف يحقق ذلك العبد المسلم ؟ والجواب أن ذلك ممكن إذا التزم العبد الشروط التالية : 1- أن يكون العمل الذي سيقبل عليه المسلم مشروعاَ يرضاه الله ورسوله ولا يخالف قواعد الشرع . 2- أن تصاحب العمل النيه الصادقة وقد تقدم كلام الإمام النووي لتأكيد ذلك . 3- ألا يشغله عمله المعاشي عن الواجبات الدينية المؤقتة بمواقيت ، قال تعالي : " يأيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون" المنافقون(9) ، فإن كثيراَ من الناس تراه يستمر في عمله المعاش والصلاة يوشك وقتها أن ينتهي فإذا عاتبته في ذلك قال لك : العمل عبادة والسعي علي المعاش يكفر ذنوباً لا يكفرها الجهاد في سبيل الله ، وهذا من الحق الذي يراد به الباطل ، فالعمل عبادة بشرط ألا يشغل عن عبادة فإذا منع من أدائها لم يكن عبادة بل عد لهواً و صار أهله من الخاسرين مالم يتوبوا . 4- ألا يخون في عمله ولا يغش ولا يظلم بل يلتزم حدود الله وشرعه في عمله . 5- أن يتقن عمله ويحسنه فقد قال الرسول صلي الله عليه وسلم : "إن الله كتب الإحسان علي كل شئ........." فإذا نجح العبد المسلم في الانضباط بهذه الشروط وحقق العبادة لله حصل علي مكاسب عظيمة وفوائد جمة منها : 1- تثبيت الاعتقاد : ولو أخذنا نموذجا من العبادة كالأذان لوجدنا أنه يسكب في قلب المنادي والمردد والسامع الشعور بكبرياء الله وعليائه وعزه وجاهه سبحانه وتعالي وأنه فوق كل كبير وعظيم ، يفعل ذلك في اليوم الواحد ثلاثين مرة كما يؤصل ويؤكد توحيد الله فلا يتجه القلب لغيره ولا يلتفت لسواه ، فهو الرازق الخالق الآمر الناهي ، يفعل ذلك في اليوم الواحد خمسة عشرة مرة ، ثم يذكره برسوله محمد الحبيب وأن طريق الله الحق ما كان إلا عن طريق اتباعه وهديه صلي الله عليه وسلم حين يقول المنادي : أشهد أن محمداً رسول الله يفعل ذلك في اليوم عشر مرات ثم يدعو المسلم للاصلاح والفلاح تلبية النداء والدخول علي رب الأرض والسماء في خشوع وخضوع بقلب طاهر وعقل حاضر وبدن قد أخذ زينته استعداداً لمقابله خالقه وسيده سبحانه وتعالي ولو أخذنا نستعرض صوراً للعبادة وكيف أنها تثبت الاعتقاد لطال بنا المقال وفيما ذكر كفاية والله المستعان . 2- تثبيت القيم الأخلاقية : فالصلاة تغرس في المؤمن الانظباط والصبر والاستمرارية في العمل والإخلاص فيه والصوم يربي في المؤمن الصبر والمجاهدة للنفس والجود والسخاء ورقة القلب علي الفقراء والمحتاجين كما أنه يشعر بروح الحب والوحدة بين المسلمين 3- إصلاح الجانب الاجتماعي : ويتمثل الإصلاح الاجتماعي في أنواع كثيرة من العبادات منها : الحج حيث التعارف والتآلف والأخوة والوحدة والنظام والترابط والانتفاع المادي حيث أجاز الله أن يتاجروا ويكتسبوا في الحج ، قال تعالي : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام" (البقرة 198) ،وقال سبحانه : "وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلي كل ضامر يأتين من كل فوج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله " (الحج 27-28) . كما لا يخفي ما يأخذه الفقراء من الذبائح والهدي وقد أحسن المسئولون صنعاً حيث أصبحت الذبائح تذبح بمعرفة شركات تجفيف اللحوم وتصنعها وتوزعها علي الفقراء في الداخل والخارج فعمت الفائدة بذلك فجزاهم الله خيراً ومن العبادات التي يتجلى فيها البعدج الاجتماعي : عبادة الزكاة ، فهي التي تحدث الترابط بين الآغنياء والفقراء وتزيل الغل والحقد والحسد وتجعل الأمن والسلام مقيمين في الديار التي تنفذ فيها تلك العبادة . ومن العبادات التي يتحلي فيها الإصلاح الاجتماعي عبادة الصلاة حيث النظام والجماعة والترابط والتألف فلا كبر ولا خيلاء ولا طبقية ، فالفقير إلي جوار الغني والأمير إلي جوار البسطاء من الناس ، الكل عبيد لله عز وجل . كما أن المسلم من خلال الصلاة يمكنه بسهولة تفقد إخوانه فمن تخلف سأل الناس عنه حتي يتعرفوا علة تخلفه فإن كان مريضاً عادوه وإن كان فقيراَ ساعدوه وإن كان مسافراً دعوا الله له وباشروا أهله ووقفوا بجوارهم حتي يعود عائلهم . وهكذا المسلمون حين يطبقون إسلامهم يصبحون وقد تكافأت دماؤهم وسعي بذمتهم أدناهم وأصبحوا يداً علي من سواهم ، فهل آن للمسلمين أن يحققوا شروط تمكين الله لهم ؟ إن التمكين يكون وفق قانون وضعه الله تعالي فلا محاباه فيه ، من حققه سلك الله به طريق أهل التمكين . جعلنا الله من المحققين شروط التمكين حتي يمكن الله لنا ............ آمين. ![]() |
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |