حوار مع قلبي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1259 - عددالزوار : 136959 )           »          ما هي المصادر التي يأخذ منها الأصوليون علم أصول الفقه؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          إطلالة على أنوار من النبوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          تخريج حديث "إن الله ليعجب من الشاب ليست له صبوة" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          حالات صفة صلاة الوتر على المذهب الحنبلي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          من هو السُّنِّي؟ وهل يخرج المسلمُ من السُّنَّة بوقوعه في بدعة جاهلًا أو متأولًا؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4944 - عددالزوار : 2043862 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4519 - عددالزوار : 1313184 )           »          إنه ينادينا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 24 - عددالزوار : 5567 )           »          السَّدَاد فيما اتفقا عليه البخاري ومسلم في المتن والإسناد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 59 - عددالزوار : 8188 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 01-09-2009, 08:16 PM
الصورة الرمزية قرآنى جنتى
قرآنى جنتى قرآنى جنتى غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 1,149
الدولة : Egypt
59 59 حوار مع قلبي


الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين


جَلسَتْ وَحِيدةًَ في غُرْفتِها، بعد أن أمضتْ يومًا مُمِلاًّ دون أن تفعل شيئًا، لم يكن هذا اليوم يُشبه البارحةَ الذي أمضتْه في لهو ولعب، وضعتْ رأسَها على الوِسادة واسترخت، عينُها تنظر إلى السقف، استنشقت الهواء ببطء، ثم استنثرته بسرعة قائلة: "الله"!

وفي صمت يمْلأُ المكان، سمعتْ دقاتٍ تدقُّ داخل صدرها واحدةً تلو الأخرى، أحسَّتْ كأنها تحمل فيه شيئًا ثقيلاً يريد الخروج، أول مرة يأتيها هذا الإحساس الغريب، تساءلتْ وهي متعجِّبة: ما هذا؟! هل هذا
الشيء الغريب أحمله أنا؟!

ازدادت الدقَّات والنبضات: ما
هذا؟!


أجابها صوتٌ بعيد، كأنه آتٍ من نفقٍ طويل: أنا "قلبكِ
".

قالت: "قلبي"؟! وما الذي أيقظك من نومك؟!

قال لها: مَلِلْتُ، مللتُ السُّبَاتَ، والجُلوس وحدي دون مَن يرْعاني ويسأل عني، حتى أصابني الهمُّ والغمُّ، وأصبحتُ تعيسًا مريضًا نحيفًا، فقررت أن أستجمع قِوايَ التي لم يبقَ منها إلا القدرُ الذي أقبض به على يديَّ، وأُوجِّهها إلى باب صدركِ، وأضرب عليه ضربةً تلو الأخرى؛ لعل أحدًا يسمعني، ويلتفت إليَّ قبل أن يقضي عليَّ اليأسُ
.

قالت:
وما الذي تريده يا "قلبي"؟
فردَّ عليها بسرعة: وما الذي تريدينه أنتِ؟ كأنه يعاتبها.

أدهشها هذا الردُّ منه، صمتتْ قليلاً، ثم حوَّلت عينيها إلى فوق وأرجعتهما، أجابتْه: لا
أدري.

قال "قلبي": نعم، كنتُ أعلم، من
هنا دخل المرض!

قالتْ له: وهل أكون سببًا لمرضك وأنا بعيدة عنك؟

قال: نعم، منذ أن تركتِني وأنا لم أذقْ طعمَ الاطمئنان والسعادة،
كنتُ دائمًا ألتقطُ ما يأتيني منكِ من ألوان الملذَّات؛ لعلي أرتوي منها، لكنها بمجرَّد ما تقترب منِّي تتحوَّلُ إلى سِهام سوداء تنغمس في جسدي الرَّطب فتؤذيني.

قالت: ولِمَ لم تنادِني وتنبِّهْني؟

أجاب "قلبي":
فعلتُ ذلك مرارًا، حتى أصبح صوتي شاحبًا، فيه كالطعنة، كنتُ أصرخ وأنادي، ومما زادني يأسًا كثرةُ الصَّخب الذي كان في صدرك.

قالت: ومن أين ذلك الصخب؟

قال: منذ أن حلَّ فصلُ "الغفلة"،
والحارسُ الذي اسمه "الذِّكْرُ" ترك الباب، أصبح الصدرُ فارغًا، فاستعمره الخنَّاس مع جيشه "الهوى".

برغم جرحي وآلامي ظللتُ أقاوم
العدوَّ، كنت دائمًا أنتظر إعانةً منكِ؛ لتعزِّزِي من مُقاوَمتي، لكن يا ليتني ما فعلت!

قالت بدهشة:
لماذا؟!

قال: ما كان يأتي منكِ لم يكن إلا ليقوي
العدو.

قالت: وكيف ذلك؟!

قال "قلبي": أعلم أنكِ لم تكوني تعلمين، إنه هكذا دائمًا جوُّ الغفلة، تكون فيه الأحوالُ غيرَ واضحة، لكن سأخبركِ.

قال: اعلمي أنه لكل جيش منا سِلاحُهُ، فسلاحُ عدوِّي مُعزز بِدُرُوع الجَهْل، ورِِماح اللهو واللعب، وكانت الموسيقى والأغاني التي تأتي من منفذ الأذن تُكثر من كِنَانَةِ العدو، وكانت سيوف الأفلام والمسلسلات والنظر في المحرَّمات حادةً جدًّا، وتتسَلَّلُ من ثغر العين، وكان التبرج والعشق الفاسد
يدمِّرانِ جُدرانَ حِصْني.

طالما بكيتُ لِمَا وجدتُه من وحْدَةٍ وقلَّةِ الحيلة، لم أكن أملِكُ سلاحًا سوى الصرَاخِ، لعله يأتي يومٌ تسمعينني، إنكِ لا تعلمين مدى حجم الدمار الذي خلَّفه العدوُّ في صدركِ، أحْزنَنِي ذلك كثيرًا؛ حتى أصابني الغمُّ والهم والفشل، ظلَّ حالي هكذا مدةً من الزمن، إلى أن آنسْتُ غفلةً من
العدو، وجاءتني تلك الجرعة من الأمل فأيقظتْني.

قالت: وما هي تلك الجرعة؟
قال "قلبي": لَمَّا قلتِ: "الله"، غَمرَ المكانَ نورٌ عجيب، تحرَّك له جرسُ الأمل، فأيقظني، وأول ما فعلتهُ هو أنني طرقتُ
الباب؛ لتسمعيني وتلتفتي إليَّ.

قالت بصوت مرهف: سامحني، سامحني يا قلبي، فأنا التي كنت سببَ تعاستِك وشقائِك، أنا التي سَمحْتُ لعدوِّك بالهجوم عليك والإضرار بك، لن أتخلى عنك أبدًا، لن أدعَك وحيدًا منذ الآن، وسأعتني بك ما حييتُ، وسأعمل جاهدةً على فعل كل ما يشفيك ويُطَمْئنك.

قال "قلبي": إذًا؛ أول شيء تفعلينه هو الشراب من كأس التوبة النصوح؛ لتغسلي صدرك من مخلفات الحرب، ولكي أرتوي منه؛ فأنا ضعيف وأحتاج إلى ما يقويني، واعلمي أنه لا بد لَكِ من مُعينٍ
يعينكِ.

قالت: وأين أجد هذا المُعينَ؟
قال: هل عندكِ كتاب الله؟

قالت:
أظن ذلك.

قال "قلبي": ابحثي
عنه.

فوجدتْه داخل دولاب، تحت بعض الكتب والمجلات، أخرجتْه ونفضتْ عنه الغبار، وضمَّتْه إلى صدرها قائلة: سامحني يا
ربي!

قالت لقلبي: ها هو ذا كتاب الله
.

قال لها: لا تغفلي عنه ثانية؛ فهو الشفاء والهدى والرحمة؛ كما قال فيه مُنزلُه - جل جلاله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 57]
.

قالت: نعم
.

قال: استخرجي منه المِفتاح
.

قالت: وما المِفتاح؟

قال: {
لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ
} [الأنبياء: 87].

قالت: نعم
.

قال لها:
استخرجي منه مَاسِحة الذنوب.

قالت: وما مَاسِحة الذنوب؟

قال: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114].

قالت: نعم
.

قال لها:
استخرجي منه عِفَّتَكِ وعِزَّتكِ.

قالت: وما عِفَّتي وعِزتي؟

قال: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31].

قالت: نعم
.

قال لها: استخرجي منه الحَياة
الطيِّبة.

قالت: وما الحياة الطيِّبة؟

قال: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل: 97].

قالت: نعم
.

قال
لها: ثم افتحي باب سَيِّدِ الاستغفار.

قالت: وما سيِّدُ
الاستغفار؟

قال: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَّ، وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ
أَنْتَ.

قالت:
نعم.

فتَحرَّكتْ عَينُها، ونزلتْ منها قطرةٌ تشبه قطرةَ المَاء، تحْمِلُ معها مرض "قلبي"؛ لتذهب به بعيدًا.

ثم هشت بالبُكاء فوق سريرها وهي تقول: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من
الظالمين.



ابتسَم "قلبي"، وأشرقتْ شمسُ الإيمان في صدرها، ورجع الحارس "الذِّكْرُ" إلى بابه طاردًا العدوَّ، رافعًا لواءَ السعادة والطمأنينة وهو يُرَدِّد: ألاَ بذكر الله تطمئن القلوب،ألا بذِكر الله تطمئن القلوب، ألاَ بذكر الله تطمئن القلوب.










رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 78.70 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 76.99 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.18%)]