فقالا له: السلام عليك ورحمة الله وبركاته. فقال أويس: وعليكم السلام ورحمةالله وبركاته.
فقال عمر- رضي الله عنه-: من الرجل؟ قال: راعي إبل وأجير للقوم، فقالعمر: ليس عن الرعاية أسألك ولا عن الإجارة،
إنما أسألك عن اسمك، فمن أنت يرحمكالله؟ فقال: أنا عبد الله وابن أمته،
فقالا: قد علمنا أن كل من في السموات والأرضعبيد الله، وإنا لنقسم عليك إلا أخبرتنا باسمك الذي سمتك به أمك،
قال: يا هذان ماتريدان إلي؟ أنا أويس بن عبد الله. فقال عمر- رضي الله عنه-: الله أكبر، يجب أنتوضح عن شقك الأيسر،
قال: وما حاجتكما إلى ذلك ؟ فقال له علي- رضي الله عنه-: إنرسول الله صلى الله عليه وسلم وصفك لنا، وقد وجدنا الصفة كما خبرنا، غير أنه أعلمناأن بشقك الأيسر لمعة بيضاء كمقدار الدينار أو الدرهم، ونحن نحب أن ننظر إلى ذلك،فأوضح لهما ذلك عن شقه الأيسر.
فلما نظر علي وعمر- رضي الله عنهما- إلىاللمعة البيضاء ابتدروا أيهما يقبل قبل صاحبه،
وقالا: يا أويس إن رسول الله صلىالله عليه وسلم أمرنا أن نقرئك منه السلام، وأمرنا أن نسألك أن تستغفر لنا،
فإنرأيت أن تستغفر لنا- يرحمك الله- فقد خبرنا بأنك سيد التابعين، وأنك تشفع يومالقيامة في عدد ربيعة ومضر.
فبكى أويس بكاء شديدا، ثم قال: عسى أن يكون ذلك غيري
فقال علي- رضي الله عنه-: إتا قد تيقنا أنك هو، لا شك في ذلك، فادع الله لنا رحمكالله بدعوة وأنت محسن.
فقال أويس: ما أخص باستغفار نفسي، ولا أحد من ولد آدم،
ولكنهفي البر والبحر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات في ظلم الليل وضياء النهار
ولكن من أنتما يرحمكما الله؟ فإني قد خبرتكما وشهرت لكما أمري، ولم أحب أن يعلمبمكاني أحد من الناس،
فقال علي- رضي الله عنه-: أما هذا فأمير المؤمنين عمر بنالخطاب- رضي الله عنه-، وأما أنا فعلي بن أبي طالب،
فوثب أويس فرحا مستبشرأفعانقهما وسلم عليهما ورحب بهما،
وقال:جزاكما الله عن هذه الأمة خيرا. قالا: وأنت جزاك الله عن نفسك خيرا.
ثم قال أويس: ومثلي يستغفر لأمثالكما؟ فقالا: نعم، إنا قد احتجنا إلى ذلك منك، فخصنا- رحمك الله- منك بدعوة حتى نؤمن على دعائك
فرفع أويس! رأسه، وقال!:
اللهم إن هذين يذكران أنهما يحباني فيك، وقد رأونيفاغفر لهما وأدخلهما في شفاعة نبيهما محمد صلى الله عليه وسلم.
فقال عمر- رضي الله عنه- مكانك- رحمك الله- حتى أدخل مكة فأتيك بنفقة من عطائي، وفضل كسوة منثيابي،
فإني أراك رث الحال، هذا المكان الميعاد بيني وبينك غدا.
فقال: يا أميرالمؤمنين، لا ميعاد بيني وبينك، ولا أعرفك بعد اليوم ولا تعرفني. ما أصنع بالنفقة؟وما أصنع بالكسوة؟
أما ترى عليَّ إزارأ من صوف ورداًء من صوف؟ متى أراني أخلِفهما؟أما ترى نعليَّ مخصوفتين، متى تُراني أبليهما؟
ومعي أربعة دراهم أخذت من رعايتي متىتُراني آكلها؟
يا أمير المؤمنين: إن بين يدي عقبة لا يقطعها إلا كل مخفمهزول، فأخف- يرحمك الله-
يا أبا حفص،إن الدنيا غرارة غدارة، زائلة فانية، فمنأمسى وهمته فيها اليوم مد عنقه إلى غد،
ومن مد عنقه إلى غد أعلق قلبه بالجمعة، ومنأعلق قلبه بالجمعة لم ييأس من الشهر، ويوشك أن يطلب السنة،
وأجله أقرب إليه منأمله، ومن رفض هذه الدنيا أدرك ما يريد غدأ من مجاورة الجبار، وجرت من تحت منازلهالثمار.
فلما سمع عمر- رضي الله عنه- كلامه ضرب بدرته الأرض، ثم نادى بأعلىصوته:
ألا ليت عمر لم تلده أمه، ليتها عاقر لم تعالج حملها. ألا من يأخذها بما فيهاولها؟
فقال أويس: يا أمير المؤمنين! خذ أنت ها هنا حتى آخذ أنا ها هنا. ومضىأويس يسوق الإبل بين يديه، وعمر وعلي- رضي الله عنهما- ينظران إليه حتى غاب فلميروه، وولى عمر وعلي- رضي الله عنهما- نحو مكة
وحديث فضل أويس القرني، وأنهلو أقسم على الله لأبره، وقوله صلى الله عليه وسلم لعمر-رضي الله عنه- :
( إناستطعت أن يستغفر لك فافعل )
ثابت في صحيح مسلم وغيره