|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() بسم الله الرحمن الرحيم قال صلى الله عليه وسلم في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : ( ورجل دعتْه امرأة ذات منصب وجمال فقال : إني أخاف الله ) رواه مسلم ذات المنصب والجمال : أي رفيعة الشأن ليست من سطة الناس ، وذات جمال متفق عليه لكل من يراها فإذا اجتمع لامرأة هذه الصفات أو بعضها ، ثم هي عرضت لرجل ودعته نفسها ، وكفته مؤنة تذليلها واغرائها به ، مما قد يتعذر عليه حتى الوصول إليها ورؤيتها أو التحدث معها لعلو منصبها ، ومفاخر حسبها ، واعتدادها بجمالها ، فإذا هو يراها بين يديه ، علما بأن ذلك لن يكون إلا في خلوة تامة وبُعْد أكيد عن الرقباء ، أي توافرت الدواعي وانتفت الموانع ، فلم يبق إلا وازع الإيمان وخوف الله تعالى . هذا هو الخوف الذي يورث أمانا فتهون أمامه كل المخاوف ، ويكون السلطان للعقل والروح والإيمان ، وليس للعاطفة والغرائز . هناك يتسامى ويتخطى حواجز الطبائع ، والمستوى الأدنى ، ويتعالى إلى منازل السؤدد ، حيث المرتقى الأعلى تحت ظل عرش الرحمن . لماذا التنصيص على الرجل دون المرأة ؟ قال الشيخ عطية محمد سالم : ( لماذا اقتصر الحديث على ذكر الرجل دون المرأة ؟ بينما جاء في القرآن المزاوجة بينهما في مقام التعفف وحفظ الفرج وغض البصر قال تعالى ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ) وقوله (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ) الآيتان في سورة النور30، 31 وهنا اختصاص ذكر الرجل دون المرأة للآتي : أولا من جانب الرجل : فإنه لا يعف حقيقة إلا لوجه الله ، لأن دعوة المرأة إياه لا تكون إلا في خلوة من الناس ، وحالة تمكين قوية ومأمن تام ، فليس عنده من يحاذر ويخشى ، ثم هو لا يخشى عواقب تترتب عليه هو أو على أهله لأن فعله ينتهي بفعلته بخلاف المرأة فإن فعلتها قد يمتد أثرها إلى ما بعد وقد تنجر على أهلها . ثانيا من جهة المرأة : قد تعف هي أيضا لوجه الله ولكن قد يوجد ما يشوب حقيقة كون الامتناع مخافة الله ، فالفتاة لها حقيقة تخصها وهو وجود الخاتم ، ومن واجبها الحفاظ عليه ، ففيه الحفاظ على كيانها ، أما إن كانت ذات زوج أو سبق لها الزواج فإن خوفها من انكشاف أمرها أشد من مخافة الرجل ، لما يترتب عليه من سقوطها في المجتمع ، ومفارقة زوجها ، أو ما هو أكبر من ذلك . ومن هذا المنطق كان التخصيص للرجل دون المرأة ، مع إمكان وجود ذلك أيضا من المرأة ، فمن وجد منها ذلك كانت بلا شك مشاركة للرجل في هذه الصفة ، وكانت رفيقة له في ظل الرحمن. أخي الكريم : أختي الكريمة : إن لله يوما لا ينجو من شره منقاد لهواه ، وإنّ أبطأ الصرعى يوم القيامة صريع الشهوة وإنّ العقول لما جرت في ميادين الطلب كان أوفر حظا من يطالبها بقدر ما استصحبه من الصبر ، وإنّ العقل معدن والفكر معول. قال مالك بن دينار : من غَلَبَ شهوات الدنيا فذلك الذي يفْرُق الشيطان من ظله . وقال يحي بن معاذ : من أرضى الجوارح في اللذات فقد غرس لنفسه شجر الندامات . وهنا سأذكر بعض الأمثلة عن أشخاص انطبق عليهم قوله صلى الله عليه وسلم ورجل دعته امرأة ذات حسن وجمال فقال إني أخاف الله الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف عليه السلام : قد حسّن الله تعالى خَلْق يوسف عليه السلام وحسّن خُلُقه : قال صلى الله عليه وسلم : ( أعطي يوسف شطر الحسن ) الصحيح الجامع وقال تعالى : ( وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23)) يوسف لله در نبي الله يوسف عليه السلام في موقفه مع امرأة العزيز ، كان مثالا للعفة ؛ فكل الظروف من حوله كانت تدفعه دفعا إلى الفاحشة ، فقد كان شابا عزبا ، وقد كان غريبا ، والغريب لا يستحي من الناس لأنهم لا يعرفونه ، وأنه كان عبدا لها ، والعبد لا يأنف مما يأنف منه الحر ، وهي سيدته وهي الآمرة ، وهي أيضا حسناء جميلة وقد غاب الرقيب وغلّقت الأبواب وهي تهدده بالسجن إن لم يفعل وتكرر التهديد منها أكثر من مرّة . قال تعالى( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ ) نفس السورة ظاهر الآية قد يفهم منه مرضى القلوب أن يوسف عليه السلام همّ أن يفعل مع تلك المرأة مثل ما همّتْ هي به ، ولكن القرآن العظيم بيّن براءته من الوقوع فيما لا ينبغي حين بين شهادة كل من له تعلق بالمسألة شهادة الله له بذلك واعتراف إبليس بها وأما جزم يوسف بأنه بريء قوله (قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي ) وقوله ( قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ) وأما اعتراف المرأة بذلك ففي قولها للنسوة (وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ ) وأما اعتراف زوج المرأة بذلك ففي قوله (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ (29) ) وأما شهادة الشهود ففي قوله (وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (26)) إلى قوله(قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28) ) وأما شهادة النسوة قوله تعالى(قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ) وأما شهادة الله عز وجل ببراءته ففي قوله(كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)) إذن ما تأويل ( وهمّ بها ..) الجواب من وجهين : الأول :أن المراد بهمّ يوسف بها خاطِر قلبي صرفه عنه وازع التقوى بخلاف هم امرأة العزيز الذي كان هم عزم وتصميم بدليل أنها شقت قميصه من دُبُر الثاني :وهو اختيار الشيخ ابن حيّان : أنّ يوسف لم يقع منه همّ أصلا ، لأن الغالب في القرآن وفي كلام العرب أنّ الجواب المحذوف يذكر قبله ما يدل عليه أي : لولا أنْ ربطنا على قلبه لهّم بها وهو الأرجح عند علماء اللغة الإحسان صفة يوسف عليه السلام .. يعبد الله كأنّه يراه : إن الذي يلفت النظر تكرار صفة الإحسان في السورة ، فقد كان محسنا مع ربه وأيضا مع الناس ، فقد سمى الله قصته ( أحسن القصص ) ورتّب على الإحسان إيتاءه الحكم والعلم في الشباب (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22)) ووصفه السجناء بذلك (نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36)) وقال له إخوته وهم لا يعرفونه (فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (78)) وغيرها في مواضع كثيرة في السورة والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك ولهذا ما همّ يوسف المحسن بالمعصية - بل بلغ المثل الأعلى في العفة ( لولا أن رأى برهان ربه ) هنا المعجزة الكبرى ، لأن الآية الكريمة تريد ألاّ تنفي عن يوسف عليه السلام فحولة الرجولة ، حتى لا يُظَنّ به ، ثم هي تريد من ذلك أن يتعلّم الرجال -وخاصة الشبان منهم - كيف يتسامون بهذه الرجولة فوق الشهوات ، حتى وإن كانت الدواعي قوية ،- فإن الوسيلة التي تجعله لا يرى شيئا من هذه الدواعي - هي أن يرى برهان ربه وهذا البرهان يؤوله كل إنسان بما شاء ، فإذا تذكر وقوفه أمام الله وأنّه سيموت ويُقْبَر ، وفكّر فيما يصنع الثرى في جسمه ، أو فكّر في موقفه يوم تشهد عليه أعضاؤه بما كان يعمل ، أو فكّر في أنّ هذا الإثم الذي يقترفه الآن سيكون مرجعه عليه في أخته أو ابنته أو زوجته إذا رأى هذا وتفكر فيه فقد رآى برهان ربه ونجا من المعصية وفي قصة يوسف عليه السلام رسالة إلى كل الشباب والرجال وحتى النساء بالاقتداء به حتى ينالوا رتبة الإحسان ويكونوا ممن يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إخوتي الأفاضل أكتفي اليوم بهذا إلا إن للحديث بقية أُكمله عليكم في وقت لا حق إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
__________________
![]() يا أقصى والله لن تهون
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |