|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() أتدري .. ؟ صفقت يدُه على يدِ رسول الله -صلى الله عليه و آله وسلم- في بيعة العقبة، وهو شابٌّ أمردُ، ثم صحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقلب يتوقد إيمانًا، وعقلًا يشعّ لموعًا؛ فجمع بين الذكاء والزكاء، والكرم والنبل، والوضاءة والمهابة؛ فكان من أجمل الناس وجهًا، وأحسنهم خلقًا، وأسمحهم كفًّا، وأغزرهم علمًا. ولازم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحفظ القرآن وفقه العلم، فإذا هو أعلم الأمة بالحلال والحرام، وحظي من رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بمحبَّة ورعايةٍ، وتجلَّت في مشهدٍ من مشاهدِ القربِ والاختصاصِ. فها هو رديف رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- على حمار يُقال له: عفير، رسنه من ليف، وليس بينه وبين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلاّ مؤَخَّرة رحل الحمار، وبينما هما في الطريق، إذا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يناديه نداء البعيد على قربه، فيقول: (يا معاذُ بنَ جبل). قال: لبيك يا رسول الله وسعديك. فسكت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم ناداه بعد، فقال: (يا معاذُ بنَ جبل). فقال: لبيك يا رسول الله وسعديك. فسكت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم ناداه بعد، فقال: (يا معاذُ بنَ جبل). قال: لبيك يا رسول الله وسعديك. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (أتدري ما حقُّ الله على العِبَاد؟). قال معاذ: الله ورسوله أعلم. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (إنَّ حقِّ اللهِ على العبادِ أن يعبدوهُ ولا يُشرِكوا به شَيئًا). ثم سار ساعة ثم قال: (يا معاذُ بن جبل). قال: لبيك يا رسول الله وسعديك. قال: (أتدري ما حقُّ العبادِ على اللهِ إذا فَعلُوا ذلك؟). قال: الله ورسوله أعلم. قال صلى الله عليه وآله وسلم: (فإن حقَّ العبادِ على اللهِ إذا فعلوا ذلك: ألاّ يعذبَهم، ويغفرَ لهم، ويُدخلَهم الجنَّةَ، ما من أحد يشهد ألاّ إله إلاّ الله وأن محمداً رسولُ الله صِدقاً من قلبه، إلَّا حرّمه الله على النار). قال: يا رسول الله، أفلا أبشّر بها الناس؟ قال: (لا إني أخاف أن يتَّكِلُوا عليها). وفرح معاذ بالبشرى، وعمل بالوصاة؛ فاستبشر بها ولم يخبر أحدًا، ولحق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالرفيق الأعلى، وارتحل معاذٌ بعدُ إلى الشام، يتطلب الشهادة حيث أرض الرباط والجهاد، ولم يمضِ به طويلُ عمرٍ حتى أتته الشهادة على فراشه، وأُصيب بالطاعون، فقال: ما يسرُّني أن لي بما أصابني حمر النعم. واشتد به المرضُ، وعرف أنها كُرَبُ الموت، وأوانُ فراق الحياةِ، فقال: اكشفوا عنَّي ستر القبَّةِ؛ أحدثكم حديثاً سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يمنعني أن أحدثكموه إلاّ مخافة أن تتكلوا. ثم أخبرهم بتلك البشرى التي أخبره بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو رِدْفَه على الحمار ليس معهم أحد، ولا يسمعهم أحد، وكره معاذ أن يلقى ربَّه وقد كتَم علمًا سمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخاف المأثَمة بكتمان هذا العلم، فأخبر به عند موته، وكان الذين سمعوه من معاذ هم خاصة صحبه الذين شهدوا احتضاره. ولنا مع هذا المشهد وقفات: ثانيها: هذه البراعةُ النبويةُ في التعليمِ، وتحفيزِ الذهنِ، وإشراكِ المتعلم في الوصول إلى المعلومة، وتحفيزِه لتلقيِّها. اختار رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- لإيصال هذه المعلومة ساعةً يكون فيها معاذ -رضي الله عنه- على حال من القرب الوجداني والنفسي، الذي يستلزمه ذلك القرب الجسدي والخصوصية المستشعرة من الإرداف على الحمار، وهي ساعة تهيُّؤ نفسيٍّ للتلقي من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. ثم يعجبك ذاك النداء لمعاذ بن جبل باسمه واسم أبيه، وكأنَّما يناديه من مكان بعيد، مع أنه في أقرب أحواله إليه، حتى إذا لبَّاه معاذ وأسعده سكت، ويا لله كم ذهب ذهنُ معاذٍ كلَّ مذهب في لحظات الصمت التي وزعها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين نداءاته الثلاثة!! لقد كان النداء محفِّزًا، وكان الانتظار الصامت محفزًا أيضًا، حتى إذا كان الذهنُ في غاية التيقُّظ لتلقي ما سوف يقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم، جاءت المعلومة على شكل سؤال: (أتدري ما حقُّ اللهِ على العبادِ؟). وأجاب معاذ جواب المتعلم المتلهِّفِ: الله ورسوله أعلم. فلما جاء الجواب النبوي وافى ذهنًا يقظًا متحفّزاً متشوّقاً . لقد توالت كل هذه المحفزات من الإردافِ والنداءِ والسكوتِ والتساؤلِ، وكل ذلك شَحذَ الذهن وأَقْبلَ بالقلب؛ لذلك فلا عجب أن لقف معاذ هذا الحديث فوعاه وحفظه. وكأني به عاش عمرَه كلَّه وكأنما كان نداءُ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- يملأ أذنيه، وهل أعجب من أنه ما أذهلته آلامُ المرضِ ولا كُرَبُ الموت، أن يتذكرَ هذا المشهدَ فيرويه بكل تفاصيلهِ، وكأنما يحدِّث عن أمر للتوِّ حَدَثَ معه!! فصلوات الله وسلامه وبركاته على خير معلِّمٍ للناس الخيرَ. وثالثها: كان معاذ حدث السن؛ فهو لم يجاوز العشرين من عمره إلاّ قليلاً، ومع ذلك اختاره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليقول له علمًا يخصه به، ولا يأذن له أن يخبر به غيره مخافة ألاّ يفقهوه كفقهه، وفي هذا دليل على إعطاء كل متعلم من العلم ما يناسب إدراكه وفقهه وحاجته. ورابعها: أن معاذاً - الذي أخبره النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذه البشرى العظيمة- قد عُرِفَ بشدَّة حزمه في العبادة؛ فهو الذي إذا صلى استغرق في صلاته وترسّل فيها، وهو يتلو آيات الله، حتى نهاه الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يُطيلَ هذه الإطالةَ إمامًا. وهو الذي عندما تُوفِّيَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج إلى الشام يتطلبُ الشهادة في سبيل الله، فكلم عمرُ أبا بكر أن يحبِسَهُ لحاجة الناس إليه، فقال: رجل أراد الشهادة فلا أحبسه. وهو الذي لما نزل به الموت قال: اللهمَّ إنك كنتَ تعلمُ أنِّي لم أكن أُحِبُّ البقاءَ في الدنيا لجري الأنهارِ ولا لغرسِ الأشجار؛ ولكن لظمأ الهواجر، ومكابدة الليلِ، ومزاحمة العلماء على الركب عند حلق الذكر. وفي ذلك دلالة على أن معاذ لم يفقه من هذا الحديث إلاّ ما يحفزه على مزيد العبادة، والتلذّذ بالطاعة، وقرّة العين بطول القيام، والتوثب في المسابقة إلى الخيرات، وأنه كان من الفقاهة والذكاء والزكاء بمكان، وأنه قد عصم بفقهه وزكائه أن ينحرف بفهم هذه البشرى النبوية إلى جانب الاتكال وترك العمل، وإنما كانت مددًا وجدانيًا للمسارعة في الخيرات، والاستزادة من صالح العمل. وخامسها: في هذا الحديث ملحظٌ يدلُّ على فقهِ معاذ -رضي الله عنه- في تلقي النصِّ النبويِّ، فمع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهاه أن يخبرَ الناس بما أخبره به، ولم يأذن له حين استأذنه، نجد أنه عند موته خشي أن يأثَم إذا لم يخبر بهذا الحديث، فأخبر بهذا الحديث مع أن ظاهرَ لفظِ النبي -صلى الله عليه وسلم- يدلُّ على النهي عن الإخبار به. وهذا من عظيمِ فقهِ معاذٍ رضي الله عنه، فإنه نظر إلى العلَّة المقرونة في النهي - وهي مخافة أن يتكّل الناس- فأخبر به تلاميذه الذين كانوا عنده حال احتضاره، وهم الذين أخذوا فقهه ورووا العلم عنه؛ ليكون هذا الحديث دوُلة بين العلماء، فلم يخبر به معاذ رضي الله عنه بعامة، ولم يكتمه بعامة، ولكن اختار في الإخبار كما اختار النبي -صلى الله عليه وسلم- في الإخبار. من العجيب أن يظنَّ الظانُّ – بادي الرأي- أن الإثم في الإخبار بهذا الحديث، لنهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أما فقه معاذ -رضي الله عنه- فقد خشي الإثم في كتمان هذا الحديث، وتفقه في علِّة النهي، فعرف أن النهيّ مقيدٌ بالاتكال، فيُروى لمن يكون في روايته له بشرى من غير أن يُفضِي به إلى اتكال. وسادسها: ألاّ يأخذ بمجامع قلبِك حالُ معاذٍ -رضي الله عنه- وهو ينازع آخرَ أنفاسِ الحياة، ويعالج كُرَبَ الموت، ثم لا يترك وظيفتَهُ التي تلقاها من النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي الدعوة والتعليم، فكان داعياً على بساط العافية، وكان داعية ومعلماً على فراش الموت. ولو كان معاذٌ -رضي الله عنه- يستبرئُ لنفسه عذرًا عن الدعوة والتعليم، لكان له في آلامِ المرضِ عذرٌ وهو في سكرات الموت أوسعُ عذرًا. وسابعها: مشهدَ نبيِّك -صلى الله عليه وآله وسلم- يمشي في الأسواق على حمار رسنُه ليف يقاسم ظهره فتى من الأنصار في مشهد من مشاهد العبودية، والتواضع النبوي، الذي يتناءَى به -صلى الله عليه وسلم- عن حالِ الجبَّارين والمتكبِّرين . إنه النبيُّ -صلى الله عليه وآله وسلم- الذي اختارَ أن يكون نبيًّا عبدًا ولم يخترْ أن يكون نبيًّا ملِكًا. أما أولها وأولاها فهو ضخامة هذه القضية وهي إفراد الله بالعبادة؛ حيث جمع المولى حقوقه العظيمة في هذا الحق (أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً). ثم أعظم وأوفى الجزاء لمن أدى هذا الحق فجعل جزاءهم (ألاّ يعذبهم ويدخلهم الجنة). فهل هناك أعظم وأخطر من هذه القضية في هذا الوجود؟ المصدر موقع هدى الإسلام
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() بارك الله لنقلك الطيب خالتو حبيبتي رفع الله قدرك وأعلى مكانتك واصلي وربي يكتب أجرك دمتِ برعاية الباري
__________________
وانقضت الأيام
وصرت أُنَادى بأم البراء بين الأنام ربِّ احفظه لي وأقر عيني فيه حافظا لكتابك و إمام |
#3
|
||||
|
||||
![]() بارك الله فيك
وجزاك كل خير اللهم إنك أعطتيتنى خيرأحباب فى الدنيا دون أن أسألك فلا تحرمنى صحبتهم فى الجنة وأنا أسألك ![]() |
#4
|
||||
|
||||
![]() السلام عليكم ورحمة الله وبركاته |
#5
|
||||
|
||||
![]() وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وفيكم بارك الله أخواتي اسعدني مروركن
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |