هوجو شافيز.. الناس معادن

[ابو مصعب المصرى]

المواقف الصعبة، والأزمات الحادة، والمحن الشديدة.. إنما يكشف كل ذلك عن معادن الرجال وشهامتهم، وفي نفس الوقت يُعرِّي ويفضح أشباه الرجال، الذين لا يساوون شيئًا في عالم الرجال، بل ومن الظلم أن نطلق عليهم لفظ نساء؛ حيث إن هناك مِن النساء مَن هي بألف رجل؛ فالناس معادن؛ فمنهم مَن يكون معدنه نفيسًا، ومنهم مَن يكون معدنه رخيصًا، بغض النظر عن فكره ودينه؛ فالرجال يُعرَفون بمواقفهم في الشدائد.

وهذا ما قرَّره الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال:"الناس معادن كمعادن الذهب والفضة؛ خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا" (رواه مسلم).

وهذا الرجل ليس بعربي، وليس من الشرق الأوسط، ولكنه إنسان يعرف معنى الإنسانية، ورجل شهم، ذو معدن أصيل، عنده القدرة والشجاعة على أن يقول للظالم "قف مكانك"، ولا مجال لأمثاله في بلادي، وعلى الفور يأخذ قرارًا بطرد السفير الصهيوني من بلده!!؛ فهذا الرجل إنما يستحق كل التقدير على موقفه الإنساني تجاه قضية غزة وما يحدث لأهلها من إبادة جماعية لا تفرِّق بين كبير وصغير، ولا بين نساء وأطفال، وينبغي أن نرسل برقيات شكر إلى سفارة فنزويلا؛ كلٌّ في بلده؛ نشكره فيها على موقفه الرجولي؛ حتى لا يضيع المعروف بين الناس، وحتى يعرف هذا الرجل ومن يحذو حذوه أنه موضع تقدير من جماهير الأمة على موقفه الإنساني.

هذا هو موقف أصحاب المعادن النفيسة، أما مواقف أصحاب المعادن الرخيصة إنما هي مواقف مخزية، وسيظل التاريخ يلعنهم إلى أن تنتهيَ الدنيا.

فالتاريخ لم يَنْسَ موقف أبيّ بن خلف رأس المنافقين، عندما رجع بثلث الجيش في غزوة أحد، وقال قولته المشهورة: "علامَ نقتل أنفسنا؟!"، أي على أي شيء نقتل أنفسنا؟! وما الذي نستفيده من هذه الحروب؟!، ثم قال: "أنا رجل أخشى الدوائر"، فأنزل الله تعالى فيه وفي أمثاله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِم يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52)﴾ (المائدة).

فهؤلاء الخونة إنما يتأسَّون بسادتهم المنافقين في خذلانهم الحقَّ، وخيانتهم شعوبَهم، واشتراكهم في إبادة شعب مسلم؛ كل جريمته أنه يأبى الذل والعار، ولا يرضى الدنيَّة في دينه، كل جريمته أنه اختار الجهاد سبيلاً لتحرير أرضه وصيانة عرضه، كل جريمته أنه طبَّق الديمقراطية مرة واحدة في حياته.

أقول لكل الموالين لليهود والنصارى، ولكل من يؤيدهم ويعاونهم ويشجعهم على قتل إخواننا في فلسطين.. أقول لكل هؤلاء جميعًا، حكامًا كانوا أو محكومين: اسمعوا حكم الله فيكم ﴿بَشِّرْ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمْ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ للهِ جَمِيعًا (139) وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140) الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنْ اللهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (141)﴾ (النساء).

ويقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا للهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (144) إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145)﴾ (النساء).

يا للعار عليكم أيها الحكام.. لا أطال الله لنا في أعماركم، ولا بارك مسعاكم.. رجلٌ كافر يغار على عرضكم وحرماتكم ويرقُّ لقتل أطفالكم، فيأخذ موقفًا بطوليًّا يُشكَر عليه، وأنتم لا تتغير وجوهكم غضبًا لله تعالى مرة واحدة في حياتكم!!.

يا للعار على المليارات التي تُنفَق في شراء الأسلحة؛ فضد من ستستعملون هذه الأسلحة؟! وفي صدر مَن؟! هل لتضربوا بها شعوبكم؟! أم لتفضوا بها المظاهرات والإضرابات؟! أم لإحكام القبضة على شعوبكم والتضييق عليهم؟! أم لحماية الصهاينة؟! أم لحماية كراسيكم؟!

ألا تتقون الله؟! ألا تخشون يومًا تُرجعون فيه إلى الله؟! أما علمتم بمصير من سبقوكم؟! فأين الذين حكموا من قبلكم؟! أين هم الآن؟! هل بقيت عندكم ذرة من رجولة؟! هل بقيت عندكم ذرة من شهامة؟! هل بقيت عندكم ذرة من إيمان؟! أتخذلون إخوانكم وتسلمونهم لأعداء الله؟! أتضيِّقون عليهم وعلى كل من يناصرهم من أجل إرضاء أعداء الله؟! هل عندكم استعداد لأن تقرءوا هذا الحديث للرسول صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم؛ لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله.. كل المسلم على المسلم حرام: عرضه وماله ودمه.. التقوى ها هنا- وأشار إلى القلب- بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم" فماذا أنتم قائلون لربكم غدًا عندما يسألكم عن هذه الدماء التي تسيل ليلاً ونهارًا، وأنتم تحرسون الحدود، حتى يموت الشعب بين الجوع والقتل؟!

أيها المتخاذلون عن نصرة الحق، أيها المغرورون بدنياكم، أيها الراضون بالذل والعار والهوان، أيها المتثاقلون إلى الطين.. إليكم هذا البيان القوي من مالك يوم الدين: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ (38) إِلاَّ تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39)﴾ (التوبة).

أكرر التحية مرةً أخرى إلى الرئيس الفنزويلي على رجولته وإنسانيته بطرده السفير الصهيوني من بلاده؛ تضامنًا مع شعب غزة وأطفال غزة ونساء غزة، راجيًا أن يحذوَ حذوه الشرفاءُ من الحكام.
وإلى أن نلتقيَ أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.

[أبو عقبة]

مشكور ابني أبو مصعب فعلا هذا الرجل يستحق ان يسمى رجلا والله إن شعبيته في البلاد الإسلامية لا توصف .. أسأل الله أن يهديه للإسلام ..

بالله عليك ما هو موقف هؤلاء أمام الله وأمام التاريخ وقد باعوا غزة عندما يأتي الرئيس الفنزويلي الذي لا علاقة له لا بالعروبة ولا بالإسلام ويسجل موقفا لن ينساه التاريخ ، في الصدق ونصرة الحق وإنكار الظلم ؟؟؟؟