زوجي من أي صنف ؟ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 878 - عددالزوار : 119481 )           »          الوصايا النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 27 - عددالزوار : 8865 )           »          البشعة وحكمها في الشريعة الإسلامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الألباني.. إمام الحديث في العصر الحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 1197 )           »          لا تقولوا على الله ما لا تعلمون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          نصائح وضوابط إصلاحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 50 - عددالزوار : 21980 )           »          اصطحاب الأطفال إلى المساجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          صلة الرحم ليس لها فترة زمنية محددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الدعاء بالثبات والنصر للمستضعفين من المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الأسباب المعينة على قيام الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى مشكلات وحلول
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 14-01-2008, 07:15 PM
الصورة الرمزية طالبة العفو من الله
طالبة العفو من الله طالبة العفو من الله غير متصل
مشرفة سابقة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2007
مكان الإقامة: الإسكندرية
الجنس :
المشاركات: 5,524
الدولة : Egypt
افتراضي زوجي من أي صنف ؟

زوجي من أي صنف ؟
السائل: أم خليل المستشار: علي بن مختار بن محمد بن محفوظ
السؤال:
سؤالي هو عن كيفية التعامل مع الزوج الذي لا يحاور زوجته..(أنا أحب زوجي كثيرا وأظنه كذلك..المشكلة تكمن في عدم تبادل الأحاديث معي.. وعندما تصيبني مشكله أو أتضايق لا يعرف كيف يخفف علي ضيقي.. بل قد يزيد هما على همي..
لظروف عملي سافرت إلى دولة أوربية.. عملي يتطلب أن أمكث عدة شهور.. صار لي 4 أشهر أعيش وحيدة في الغربة.. عندما أتكلم معه أو أتناقش أي موضع يضايقني أو موضوع قديم ضايقني من اتجاه أهله.. أبدا لا يخفف علي... حتى لا يعرف كيف يجاملني... وعندما أقول له أنني مشتاقة إليه واني أريد أن أتكلم معه.. يذهب تفكير جدا بعيد عن ما أقصده.. هذه السنة الرابعة على زواجنا.. وحاله هكذا من البداية.. كنت على أمل أن أستطيع تغيره.. لكن لم يتغير.. هذا إضافة إلى أنني بعض الأحيان أحس أنه متضايق لكنه لا يحاورني عن سبب ضيقه.. أبدا.. وعندما أحاول أن أعرف.. يقول إن ليس به شيء فقط أنه متعب...
أنا خائفة أن تبرد أحاسيسي اتجاهه.. لدرجة أفضل أن أعيش في الغربة وحيدة على أن أرجع لعدم المبالاة من ناحيته.. لولا أن ابني وحشني كثيرا وأنا بعيدة عنه)..

الإجابة:
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
أسأل الله - تعالى - أن يوفقك للوصول إلى أمثل الحلول لهذه المشكلة، أو الحصول على الإجابات الصحيحة لهذه الأسئلة، ونسأله - تعالى - أن يوفقنا للهدى، وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا إتباعه، ونسأله - سبحانه - أن يرينا الباطل باطلا، ويرزقنا اجتنابه.

المقدمة:
ما شاء الله وصفك جيد للمشكلة، وتلخيصك جميل لأركانها، ولكن مشكلتك ليست جديدة، بل موضوعك ليس غريبا، وكأنك تصفي تقريبا مشكلة نصف بنات حواء، مشكلة تصفي فيها تقريبا طبع نصف أو ثلاثة أرباع الرجال، فهذه المشكلة متكررة، والمشكلة أنك لا تعرفي أنها مشكلة عادية، بل هي منتشرة ومشهورة طبعا مع وجود خلاف يسير في التفاصيل، والمشكلة أيضا أن تظني أن زوجك هو هكذا وحده، يا ابنتي هذه مشكلة غالبية الرجال، وهذا الموضوع أو هذه الشكوى هي مشكلة غالبية النساء.
سؤالك ينقصه فقط أن تبيني خوفك من المستقبل. أي الخوف عندما يكبر الزوجان كيف ستكون الحياة، هل ستموت المشاعر تماما فكيف سأتحمل العيش مع زوجي حاليا فضلا عن المستقبل؟ هل ستبقي مشاعره جافة هكذا؟ أم يتغير مع الزمن، ويتحسن مع تقدم العمر؟
وسوف أبدأ في بيان وصف لأنواع أو لأصناف الرجال لتعرفي زوجك من أي الأنواع، ثم نتناقش بعد ذلك في تفاصيل المشكلة، التي تحتاج لصبر للوصول للحل.
أولا: الرجال أصناف:
الصنف الأول من الرجال:
هو من يحسن التعامل مع النساء، ولديه موهبة في كيفية الوصول لقلب المرأة، فهو يتصف بالحنان، ويحسن التعبير عن مشاعره ناحية المرأة، فهو ذو عاطفة جياشة، ويمتلك شخصية سوية، ونشأ في بيئة لينة طيبة، وابتعد عن البيئة الصحراوية أو الجافة، أو نشأ في بيئة مدنية ومتحضرة داخل أسرة هادئة، مستقرة المشاعر، قليلة المشكلات، ولكنه ليس كاذب أو مخادع أو بكاش بل يتحرى الصدق، ويبحث عن قول الحق في التعامل عموما وفي التعامل مع المرأة خصوصا، وطبعا المقصود بحسن التعامل مع المرأة، أي امرأة ابتداء من الأم والأخت وبقية الأقارب، ثم يحسن التعامل مع بقية النساء عموما، ثم لا يجد خجلا من الإحسان لزوجته، ولا يحرج من الفخر بها أمام الآخرين، ولا يظلمها أو يهضم حقها، بل يمكنه أن يجهر باسمها ولا يعتبر ذلك عيبا مثل بقية الرجال بل يقتدي في ذلك بهدي الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فهو يحاول أن يمنح زوجته كل حقوقها، ويعطيها ذمتها المالية المستقلة، ولا يطمع في مالها، أو يرغب في الاستيلاء على ميراثها، وهذا الصنف من الرجال نسبته ضعيفة، أو هؤلاء قلة بين غالبية الرجال.
الصنف الثاني:
قد يكون من صنف الرجال الذي لا يحسن التعامل مع النساء ولا يجيد الكلام الطيب، أو العبارات المعسولة، أو التعبيرات الرقيقة، لكنه لا يأكل حق الزوجة، ولا يطمع في مالها، ولا يظلمها عند الغضب، لأنه فقط نشأ في بيئة جافة سواء في البادية أو نشأ في بيئة حضرية، لكن وسط عائلة جافة، لكنها مستقيمة، وقد تعلم منها المثل العالية والقيم النبيلة وتربى على مبادئ الإسلام عموما، لكنه لم يتعلم التعامل مع النساء عموما أو التفاهم والتحاور معهن برقة، و لا يحاول أن يتعلم إجادة الكلام، وترتيب الجمل والعبارات مع الزوجة، فعنده حياء أو خجل يمنعه من ذلك، أو أن طبعه أصلا يتسم بالجفاء عموما، فلا كلام طيب، أو عبارات حلوة عن الحب والغرام، أو لا يجيد المدح أو المجاملة أو التعبير عما في داخله من مشاعر و لا يعرف المغازلة العفيفة أو غيرها، فهذا يحتاج لمجهود كبير بوسائل مباشرة وغير مباشرة، ويتطلب جهد مستمر لتلقي العلم في شكل دورات تدريبية، أو دروس علمية تهذيبية مع التدريب العملي المتواصل، والتطبيق الفعلي وهذا يحتاج أيضا لصبر من الزوجة، ومساعدة منها حتى لا يفشل أو يصاب باليأس أثاء التدريب، فالزوجة لها دور مهم حتى يتحسن الزوج في هذا الجانب.
أما الصنف الثالث:
فهو متقلب، يحسن الكلام الطيب أحيانا، بحسب الحاجة أو بحسب المصلحة، و قد يتفنن أيضا في الكلام المعسول أثناء فترة الخطبة، أو أمام الآخرين ليظهر بصورة لائقة، وفي داخل المنزل لا يتخلق بهذا السلوك، و هو في الوقت ذاته كثير النقد يوجه العبارات اللاذعة للزوجة أما عند الاشتياق إليها أو إذا احتاج لوقوفها بجانبه؛ فيتغير الحال ويتبدل الكلام، ويحسن التذلل وتوجيه العبارات الجميلة والكلمات المنمقة.
وأما الصنف الرابع:
هو نوع من الرجال عاش و تربى في بيئة رأس مالها الكلام الحلو لكسب الزبون، فهو مثل البائع الشاطر أو التاجر النبيه، الذي يحسن كسب المشتري, وإقناع الزبون بالكلام الطيب، وهو أيضا يعرف كيف يجذب النساء، وهذا الصنف هو الذي تحبه النساء، وتخدع بها المراهقات، وتتسابق إليه أو تتمناه الفتيات، لأنه شخص مخادع، يعرف كيفية الوصول لقلب النساء، و يحسن جذبهن بكلماته المعسولات، فهو ممثل بارع يجيد الضحك على البنات، و يتفنن في اختيار الكلمات المنمقات، ويأسر قلب المراهقات بمعسول العبارات، ويخدع عواطف الساذجات، ويمكنه إنهاء المناقشات وكسب الحوارات مع المرأة عموما، ومع زوجته خصوصا، وهذا النوع من الرجال لا يحب غالبا كثرة الحوارات، ولا طول المناقشات بل يصل بسرعة لرضا الزوجة بالتنازل السريع، أو بطرح الوعود البراقة، وإصدار التصريحات الرنانة، وهو بذلك ينهي الموقف بسرعة ويشعر أنه خرج منتصرا، حتى ولو بالكذب والخداع، ويصدق مرة، ويتحايل عشرات المرات، وهو بذلك يتوسع جدا في استخدام هذا الحديث الشريف: الذي رواه الترمذي وحسنه من حديث أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم -: "لا يَحِلُّ الْكَذِبُ إِلا فِي ثَلاثٍ: يُحَدِّثُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ لِيُرْضِيَهَا، وَالْكَذِبُ فِي الْحَرْبِ، وَالْكَذِبُ لِيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ".
لكن هذا الصنف قد لا يعجب كل الزوجات، ويرسب في الاختبار أمام الصادقات، ويكتشفن النساء القانتات خداعه، وتعرف الصالحات نفاقه، ونحن نحب أن نستخدم الحديث الشريف دون التوسع في الوعود والتصريحات، بل الغرض هو إدخال السرور والسعادة لقلب الطرف الآخر.
وطبعا يوجد صنف خامس:
هو الأسوأ من سابقيه مثل: من لا يحسن التعامل مع الزوجة أصلا، ولا يحسن الكلام الطيب كذلك، إضافة إلى الظلم والضرب، وهضم الحقوق.
ومن المؤكد أن هذه الأصناف أمور اجتهادية وهي كذلك ليست قواب جامدة، بل هي متحركة أو متنقلة أي أن الإنسان قد تتغير طباعه لفترة مؤقته، أو يحسن أو يتحسن لبعض الوقت ثم يعود لطبعه الجاف، أو يكون في فترة زمنية من الصنف الأول بسبب قوة الإيمان، وينتكس أو يتغير غذا ضعف الإيمان، ويحتاج لمن يوقظه ليعود إلى الإحسان.
ثانيا: ما الحل؟ وهل عندنا الاستعداد لنطبقه؟:
فهل نعمل لتغيير طباع الزوج وتحسين سلوكه، أم نقبله كما هو؟ و هل هو بطبعه وعيوبه هذه غريب بين أناس أم أنها تعتبر عيوبا عند الكثيرين، فما الحل؟ هل الحل في الطلاق؟ بالطبع لا. أم هل نبحث عن كيفية تغيير طباع الزوجة لتقبل زوجها كما هو وتحاول تهذيبه؟ وهل سبب المشكلة سوء الاختيار من البداية؟ أم أننا بحاجة لوضع قواعد تفاهم بين الزوجين، أو اقتراح ضوابط تعمل على استمرار الحياة الزوجية الهادئة، وهل تتذكر الزوجة محاسن زوجها، أم تحفظ عيوبه فقط؟ و هل ستقبله بعيوبه؟ وهل مهمة الإصلاح تقع على عاتق الزوجة فقط، وهل الزوجة أيضا تحتاج لتغيير قناعاتها أو تحتاج كذلك للإصلاح؟
فهل تقبل الزوجة الطرف الآخر بعيوبه وتغفر له وتتعايش معه، وتفكر في الصبر عليه حتى ينصلح حاله، وهل فعلا سنصل لهذه النتيجة الطيبة، فهل فعلا ستقبل الزوجة بالزوج كما هو؟ وتعمل على تغييره لكن مع الصبر الجميل والحلم العظيم، و استخدام سياسة النفس الطويل والمجاهدة المستمرة فإذن عليها بالدعاء المتواصل والتضرع إلى الله - تعالى - وطلب الهداية لنفسها ولزوجها، و العمل على النجاح في خطوات الإصلاح من الطرفين، وينبغي أن تبدأ بنفسها كما سيأتي لا حقا.
والآن بإذن الله وبعد هذه المقدمات: سأحاول وضع الحلول المناسبة، والإجابة على غالبية هذه التساؤلات، مع توجيه بعض النصائح والإرشادات، ونسأل الله - تعالى -أن يوفقنا وإياك للوصول للحل الأمثل، وإن شاء الله نصل إليه مع حسن الاستعداد للتغيير للأفضل، وسنقدم بعض الحلول مع استعراض أصناف الرجال السابقة.
ثالثا: معرفة البيئة التي نشأ فيها الزوج:
كنت أود لو توسعت في إعطاءنا خلفية عن البيئة التي نشأ فيها زوجك، لنتأكد من أنه نشأ في بيئة جافة أم لا، ولا أقصد أنه من الأعراب أو من البدو، ولكن قد يكون نشأ في أسرة ليس لديها عاطفة جياشة، أو أن الحنان والحب غير منتشر بينهم بصورة قوية، أو أن الكلمات الحلوة لا يستخدمونها في تعاملاتهم.
وقد يكون سبب هذا لأن غالبية العائلات أصبحت عملية أكثر من اللازم، وليس لديهم الوقت الكافي لتبادل العواطف أو الكلمات الطيبة. فقد أثبتت الخبرات، بل أثبت القرآن الكريم و السنة النبوية وعلماء الاجتماع أن البيئة تؤثر على السلوك والطباع.
رابعا: الحياة لا تخلو من المشكلات:
اعلمي أن الحياة لا تخلو من المشكلات بل وبدون مشكلات ومناقشات تصبح الحياة الزوجية مملة، ويشعر الشخص بالقوة إذا تغلب عليها، وتكسبه الخبرة والصلابة وقوة الإرادة إذا انتصر عليها، وليست خالية من المشكلات والعقبات فالمشاكل تجدد النشاط والحيوية فالمشاكل لابد منها، فهي كالملح في الطعام لا يستغنى عنه لكن الذي يخفف من حدتها الإيمان والاستقامة وملازمة التقوى، و جودة المعاملة، وحسن التصرف، والاتفاق من البداية على قواعد وضوابط.
ومن الآن لا تظني أنك ستحيا في سعادة دائمة أو محبة مستمرة والحياة الزوجية ليست متعة أو سعادة وحسب، فلا بد من الإيمان أن الحياة مليئة بالابتلاءات، و الابتلاء من السن الإلهية المعروفة فمِن سننِه - سبحانه - أن يبتليَ عبادَه ويمحِّصَهم، ثمّ يجعل العاقبة لهم، قال - تعالى -: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ لْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ لَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ لْبَأْسَاء وَلضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ ءامَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) البقرة: 214، فقد يكون هذا الزوج ابتلاء من الله - تعالى -لك ليختبر قوة صبرك، ودرجة إيمانك، فلا بد من الصبر على هذا الابتلاء، واحتساب الأجر من الله - تعالى - على ما تقومين به من مجهود كبير في المنزل، وإرضاء زوجك، وأجرك لن يضيع بإذن الله - تعالى -.
فأرجو من الزوجة ألا تعيش في الأحلام، أو تحيا في الخيال والأوهام بل أطلب منها أن تعيش بواقعية في هذه الحياة، والظن أن الحياة الزوجية ستكون وردية دائما أو خالية من المشكلات، ولا تتعرض للصعوبات، وتعيش بعض الزوجات أو حتى بعض الرجال يعيشون في أحلام تشبه قصص الحب الوردية في الأفلام والمسلسلات، ويظن كل منهما أنه سيحقق كل ما يتمناه أو يحلم به، ثم يستيقظ من يحيا في هذا الخيال على ألام الواقع.
خامسا: ما المشكلة الحقيقية التي تعاني منها غالبية الزوجات:
المشكلة الأساسية هنا أن الزوجة لم تفهم طبيعة الرجال عموما وطبيعة زوجها خصوصا، فمن أساليب النجاح معرفة طبيعة الرجل، أو من مفاتيح النجاح معرفة طبيعة مشاعر الرجل، ولا بد أن نعلم أن الرجال بصورة عامة يعبرون عن مشاعرهم بطريقة عملية، فالزوج يحب زوجته وقد لا يخبرها بذلك باستمرار، وقد يظهر مشاعره في فترة الخطبة، قبل الزواج وبعض الرجال لا يعرف أن يظهر هذا الحب إلا في المواقف العملية، ولا يرى داعيا للتعبير عن حبه بالكلمات، فهو يظن أنه قد اختار هذه الزوجة دون غيرها من الفتيات، ثم هو يفضل أن يعيش معها بصورة واقعية، فهو يعمل ويتعب ويكدح من أجل توفير حياة كريمة لزوجته وأسرته، وهو بذلك يعبر عن حبه لزوجته بصورة عملية، وعلى الزوجة أن تفهم ذلك بدون مقدمات أو بدون البحث والتفتيش عن كلمات الحب المنمقة أو أبيات الشعر المنسقة، فما الداعي للكلام إذا كانت كل أفعاله تعبر عن الحب التقدير؟
هذه هي وجهة نظر الرجال عموما، وبالطبع تشتكي الكثير من النساء من قلة كلام الأزواج أو من عدم البوح بالمشاعر و ضعف الأحاسيس، إضافة لما يتمتع به بعض الرجال من جفاف العواطف أصلا، وبعضهم لا يحب أن يشرك زوجته في مشاكله الخاصة بالعمل، وإذا عاد إلى البيت ركن إلى الراحة وفضل الهدوء، فهو بحاجة إلى السكون لاستعادة النشاط والحيوية. ولا يشارك الزوجة في همومها المنزلية أو الأسرية؛ لذا فإن المواضيع البسيطة والمشاكل الصغيرة التي تثير اهتمام الزوجة، والتي تريد من زوجها أن يشاركها فيها تصبح عبئا علي الزوجة وحدها لا يمكن أن تطيقه، ولا تستطيع أن تصبر على طبع زوجها هذا، وتبدأ بالكلام بقصة صغيرة عادية، أو عرض مشكلة صغيرة، وتتحول لمشكلة كبيرة لا نهاية لها.
والمطلوب من الزوجة خصوصا التي لا تعمل أن تدرك طبيعة الرجل ولا داعي لفتح الموضوعات التي تسبب النكد و المشكلات؟
أو ليس دور الزوجة هو توفير الجو المناسب للزوج حتى يستريح ويصبح بيته سكنًا وأمناً، وتشعره فعلا أنه أسس بيتا أو أسرة صغير سعيدة توفر له السكن والرحمة كما قال - تعالى -: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)الروم21.
ونحن بذلك نحاول أن تفهم المرأة طبيعة أو نفسية الرجل وهو يفعل هذه التصرفات الواقعية أو العملية.. بمعنى أن ذلك لا يعني رفضاً للزوجة، أو إعلان منه أنه لا يحبها، والخبراء يطلبون من الزوجات أن يفهمن لغة الرجال التي يعبرون بها عن حبهم، ونطلب من الزوجة بكل حب وتفهم أن لا تبخل على زوجها بالمشاعر الجميلة، أو الأحاسيس الدافئة، فعليها أن ترد عليه باللغة التي تجيدها، وهي لغة الكلام الحلو، والعبارات الجميلة.
مع العلم أن الرجل ينتظر ذلك منها، ولا يفكر أن هذا مطلوب منه أيضا، لكن ماذا تفعل الزوجة العاقلة التي تريد للأسرة أن تستمر متماسكة سوى أنها تبحث عن كل ما يرضى الزوج ويسعده لتفعله بنفس راضية، فإذا كان هذا الكلام الطيب يرضي الرجل ويشعره بالسعادة؛ فلماذا لا تتفنن الزوجة في التصريح به، وإظهار كلمات الحب، وتتفوه بالمشاعر الجميلة.
وقد يستفيد الزوج من هذا السلوك درسا مهما ويبدأ هو الآخر في إدخال السعادة على زوجته و أسرته بعد ما يفهم قيمة الكلمات الطيبة.
وإذا لم يفهم الزوج ذلك فيحتاج لوسائل أخرى مباشرة أو غير مباشرة سأذكرها بعد قليل ليتعلم منها كيف يكون زوجا حنونا وناجحا، وإذا تعلم قليلا قد ينسى ويعود لطبيعته الجافة، فعلى الزوجة الذكية أن تتأمل في الصفات الطيبة لزوجها، و تنظر في مواقفه العملية الطيبة، والتي يكون قد أسدى فيها معروفاً إليها فتتذكر تلك المحاسن؛ فستشعر بالحب يتدفق في قلبها وستسمع من زوجها لغة جميلة بغير كلام.
سادسا: الإصلاح عملية مشتركة:
فلا شك أن الإصلاح عملية مشتركة، كما أن مهمة الإصلاح تقع على الطرفين وليس على عاتق الزوجة وحدها، وعلى كل طرف أن يتحمل المسؤولية المنوطة به، فلكل مهمة محددة للوصول للمودة والسعادة والرحمة كما قال- تعالى -: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم/21}.
وسوف نتناول المطلوب من الزوج، ولكنه غائب، ولا مانع أن نوصيك بالأساليب التي تنفع في تغييره أو إصلاحه، لأن هذا الأمر من لب المشكلة.
سابعا: كيفية تعديل سلوك هذا الزوج:
1 ابتعدي عن المقارنة السلبية:
من هذا خلال العرض السابق لأصناف الرجال في هذا الموضوع يمكنك أن تحددي هل زوجك من النوع الأول، لا أظن، ممكن من النوع الثاني، فإذا كان كذلك فاحمدي الله - تعالى -عليه، واقبليه بهذا العيب، وحاولي إصلاحه وتهذيبه بطرق مباشرة والأفضل الوسائل غير مباشرة، ولكن قبل ذكرها لا بد أن تبتعدي عن عقد مقارنة بين زوجك وبين من هو أفضل منه مؤقتا، واجعلي المقارنة أن تنظري لمن هو أقل من زوجك انظري للصنف الأسوأ أي النوع الرابع أو الخامس مثلا فسوف تحمدي الله - تعالى -على مصيبتك، ترضى بما قسم الله - تعالى -لك.
وهذا منهج إسلامي أصيل لو ترسخ في عقولنا، ودخل في قلوبنا ما غادرت السعادة بيوتنا.
فالنبي - صلى الله عليه وسلم - أوصانا بذلك في الحديث الصحيح: (انظروا لمن هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم) متفق عليه وهذا اللفظ رواه مسلم.
أي عليكِ أن تنظري لمصيبة غيرك فسوف تهون عليكِ مصيبتك، فالسليم ينظر لصاحب الابتلاء فيصبر ويشكر فالمبصر مثلا لو نظر للأعمى حمد الله على نعمة الإبصار، وهانت عليه المشكلة أو المصيبة التي نزلت به. فلو قارنت حالك أو مشكلتك بحال من تعرض لمصائب أشد فسوف تتقبلي المشكلة وتنجحي بإذن الله - تعالى -في حلها.
فمشكلة غالبية النساء أو المرأة عموما: المقارنة، فهي تقرأ القصص الغرامية، أو الحكايات الرومانسية، أو تشاهد الأفلام التي تخدع الجميع بأن الحب المستمر والمشاعر الملتهبة المتواصلة هو أساس الحياة الزوجية، أو تشاهد المسلسلات التي تنشر بين الجميع مبادئ أو قيم بعيدة عن الواقع، وتظل الفتاة تحلم بفارس أو زوج خال من العيوب يشبه البطل الفلاني، أو الممثل العلاني . وطبعا هذه الأمور بعيدة عن المنهج الإسلامي، فابتعدي عن المقارنة تسلمي، وإذا قارنت زوجك بغيرك فانظري للأقل منه واحمدي ربك على نعمته عليك، وارض بما قسم الله لك.
وتظن الفتاة خلال فترة الخطبة التي غالبا ما تكون حالمة خصوصا عندما يحرص الخطيب على حسن انتقاء الكلمات، والتفوه بالعبارات الجميلة، والمشكلة أن الفتاة تظن أن الحياة الزوجية ستظل هكذا دائما فيما بعد.
2 لا تبحثي عن عيوبه:
ومشكلة أي علاقة زوجية هو أن يتصور أحد طرفيها أن دوره هو كشف عيوب الطرف الآخر. لأن العلاقة الزوجية في جوهرها لا تقوم على ذلك، بل تقوم على التعاون و التكامل والتكيف والتكافل ولا تنجح العلاقة الزوجية بدون أن يدرك الزوجان أن هناك مساحات مشتركة في بينهما، وأنهما سيتكاملان فيها أي يكمل كل منهما النقص الموجود في الآخر، فلا توافق تام بين شخصيتين حتى التوأم، فمثلا أنت تحبي الكلام الجميل وهكذا كل النساء تحب الكلام الكثير والجميل، أو أنت مرتبة وهو لا يحب الترتيب، وأنت تحبي النظام، وهو لا يهتم به، فهل يقع الصدام أم أن كلا من الزوجين يسعى لاستكمال النقص عند الآخر، وإذا وجد التنافس فيكون في الخير، والحرص على أن يسعد كل طرف الآخر، فمن المؤكد أن الزوج عنده محاسن في أمور أخرى، أو له طباع جيدة وفي الوقت نفسه تنقصك.
3 تذكري مواقف زوجك الإيجابية:
ومن أهم خطوات الإصلاح: أن تذكري مواقف زوجك الإيجابية، و أطلب منك ألا تنسي هذه المواقف الإيجابية لزوجك، وحاولي أن تتذكري دائما ما يجعلك تتقربي من زوجك، وتتسامحي معه عما يصدر منه، وحاولي أن تبعدي عن ذهنك مواقفه السيئة، حاولي أن تغلبي في نفسك روح التسامح والمغفرة، على روح البغض والكره. أو تذكري المحاسن واعفِ عن المساوئ.
وعليك أن تقبلي زوجك بمحاسنه وعيوبه، ولا تنظري للماضي أو لا تندمي بسبب سوء الاختيار من البداية، وعليك التعامل معه على أنه زوجك الحبيب الدائم ويمكن أن تفكري في كيفية إصلاح الزوج بالخطوات العملية التي سنبدأها بعد قليل، وعليك أن لا تفقدي الأمل في زوجك، ومادام فيه أبواب للخير، فلا تفقدي الأمل في الإصلاح، واعلمي أن الحياة الزوجية تقع فيها المشكلات ولكن الزوجين الناجحين هما من يحاولا توصيل الأسرة لبر الأمان، وقد يكون الدور الأكبر يقع على عاتق الزوجة.
نوصي للزوجة ونؤكد أن تتذكر مميزات الزوج، حاولي أيضا أن تكوني الزوجة الوفية الصالحة الودودة التي تعفو وتصفح، والزوجة الصالحة هي التي ترى محاسن زوجها، وتتغاضي عن معايبه، ومطلوب من الزوج كذلك التغاضي عن عيوب الزوجة. ويتذكر الزوجان قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: " لا يفرك - أي لا يبغض أو لا يكره - مؤمن مؤمنة، إن سخط كره منها خلقًا رضي منها آخر " رواه مسلم.
ثامنا: استكمال خطوات التغيير مع الصنف الثاني:
هذا الصنف أي النوع الثاني يحتاج لدورات تدريبية عن كيفية الإحسان للزوجة، وعن التخلق بالأخلاق الفاضلة والتي منها طيب الكلام، وأن يتعلم آداب الحوار، أو يتعلم عم طريق ملازمة صديق يتصف باللسان الحلو ليسمع منه ويستفيد من كلماته، أو حضور مجالس العلم و حلقات الذكر ليتعلم فن الحوار وتقبل الآخر، واحترام رأي المخالف.
وأنت عليك أن توصلي له هذه الأمور لكن بدون إحراج مع الالتزام بخلق الرفق واللين، والأفضل أن تصل عن طريق غير مباشر، لأن الزوج عموما لا يحب النصح المباشر من الزوجة، ابحثي عن جهة أخرى كصديق أو قريب، يوصل له هذا النصائح، أو بعض الكتب النافعة أو الأشرطة الشيقة في هذا الأمر أو غير ذلك من وسائل، مثل مشاهدة بعض البرامج النافعة بالتلفاز والتي تعالج هذه الأمور.
و يمكن أن تبلغي زوجك بصورة مباشرة إذا كان يحب ذلك، يمكن أن تلفتي انتباهه إلى أهمية الكلمة الطيبة حتى في المعاشرة الزوجية. أو تقولي له: اعلم أن النجاح في ممارسة الحب، أو المعاشرة الزوجية و بيان أن كسب الزوج لزوجته يتوقف على جودة المشاعر، وقوة التفاعل، وكثرة الكلمات الحلوة، والحياة بدون مشاعر لا طعم لها، وبدون كلمات عن الحب والغزل والغرام لا وزن لها.
فالكلام الجميل يزيد من درجة المودة والمحبة ويرفع الحرارة والشوق و المطلوب التنوع في الكلمات الحلوة و الجميلة، وحتى لو أكثر الزوج من كلمة أحبك، والزوجة كذلك ينبغي أن تنشر في بيتها هذا الكلام الطيب، و تهتم به مثل الطبخ وتربية الأبناء، فنشر الكلام اللين هو من طرق الوصول للسعادة والهناء.
تاسعا: دور الزوجة مع الصنف الثالث:
أما إذا كان الزوج من الصنف الثالث، فهو أيضا يحتاج للحلول السابقة إضافة إلى أمر آخر مهم، وهو: أن تلتزم الزوجة هي نفسها بالكلام الطيب، وتلتزم بالقول الحسن، حتى لو اكتشفت هذه الحقيقة أي أنه لا يحسن الكلام الجميل إلا عند الحاجة أو في الفراش أو إذا كانت له مصلحة، فعليها أن تبتعد عن إغضاب زوجها، وتضرب من نفسها مثلا بالتخلق بالخلق الفاضل والتحلي بلين الكلام، والوجه الطلق، والروح المرحة، وتستخدم أنوثتها ومهارتها لإثارة زوجها واستخراج الكلام الجميل من فمه، ولا مانع أن تستمع هي أيضا لبعض الأشرطة النافعة أو تقرأ بعض الكتب المناسبة لهذا الموضوع أو تشاهد بعض البرامج التلفازية المهتمة بتلك الأمور.
عاشرا: التأكيد على أن الزوجة هي مفتاح الحل:
على الرغم من طرح الحلول السابقة، وبيان أن التغيير يحتاج لمشاركة من الطرفين، لكن لا بد من التأكيد والتذكير أن الزوجة هي الأساس في الحل. نعم فالزوجة هي مفتاح الحل، لكن ليست أي زوجة، بل الزوجة الحكيمة التي تفكر قبل الإقدام على الفعل، وتغلب جانب الرفق على العنف، وتلجأ للحب والتفاهم بدلا من الصدام والشتائم، تحاول أن تستخدم أسلحتها التي وهبها الله إياها لإصلاح الزوج وقد وهب الله الزوج أسلحة أخرى، ليتم التكامل، ولا نطلب من أحد الطرفين أن يتولى مهمة الآخر.
فالزوجة الحكيمة هي الطبيب الأول، والدواء الناجح للزوج، والله بدأ بها في قوله - سبحانه -: "هن لباس لكم وأنتم لباس لهن". فالزوجة هي سر البيت، و بسببها قد تصغر المشاكل أو تكبر، و وهي مفتاح لحل كثير من المشكلات.
فالزوجة: هي المسئول الأول لتحقيق الكثير من النجاحات، فهي التي تفهم كيف تتعامل مع الشخصية التي أمامها فهي تحسن التعامل مع مراحل الزواج الأولى وتتكيف مع طباع زوجها، ثم تصبر أكثر من الرجل على آلام الحمل، وهي مهمة سخرها الله - تعالى - لها، وخلقها بكيفية لتتناسب مع تلك المهمة فأعطاها لله - تعالى -العاطفة الجياشة والقلب الحنون لتضع مولودها وترضعه و تنشأه وتربيه وتصبر على ذلك وتقوم بهذه المهمة بيسر وفرح وسعادة، و قد هيئها الله - تعالى -لهذه المهمة الصعبة، ولا يمكن أن يحل الرجل محلها، والسؤال المهم الآن: أليست هذه الزوجة التي كيفها الله - تعالى -للقيام بهذه المهام الصعبة ألا تنجح في استيعاب الزوج وتنجح في التعامل معه؟
ألم يمنحها - سبحانه وتعالى - مؤهلات للنجاح في هذه المهمة، وكذلك أعطاها ملكات خاصة لتقوم بالتكيف مع طباع الرجل، وقبول العيش معة تحت سقف واحد وطاعته بحب، وتنشر الرحمة وتزرع المحبة، وتتحمل طباعه المختلفة، وتحاول التأقلم معه، وتسعى لتحقيق النجاح للوصول بسفينة الزواج لبر الأمان، وإبعادها عن التفكك والانهيار، فمن حققت العديد من النجاحات، وتميزت في التغلب على الكثير من المشكلات، بل و اجتازت العديد من الاختبارات، وتغلبت على الكثير من الصعوبات، ألا تستطيع أن تكيف نفسها لاستيعاب الزوج؟ بلى فقد وهبها الله الطاقة النفسية، والقدرات العقلية و منحها العاطفية الجياشة التي تؤهلها للقيام بهذه المهمة؛ فإذا تعطلت هذه المواهب الربانية جرياً وراء سراب أن الزوج هو المسئول، أو هو الجاف، أين دورك أنت لتغيير الجفاء؟ ونشر الحب والمودة والحنان؟ فأنت زوجة وأم، ويمكنك أن تربي الأجيال فلماذا تنسى الزوجة مهمتها في استيعاب الزوج، الذي اعتبره بعض المفكرين طفلا يحتاج لمن يدللـه ويحبه، ويعطف عليه ويستوعبه.
حادي عشر: دور الزوجة في نشر المشاعر الطيبة:
فالزوجة يمكن أن تلتزم هي بنشر المشاعر الطيبة، والكلمات الحلوة، وإذا لم تكن كذلك عليها التعود أو التدرب على ذلك هي والزوج، عليهما التلفظ بالكلام اللين، و تبادل العبارات الجميلة، والتعود على جودة المشاعر و قوة العواطف، ودفء العلاقات، ولا تملي أنت أيتها الزوجة، واحتسبي الأجر من الله - تعالى -على ذلك، ولا أظن أن الرجل الذي سيرى زوجته بهذه الطريقة أنه يبغضها أو لا يبادلها المشاعر الجميلة، لأن الإنسان جبل على حب الجمال، وعموما لا يحيا الإنسان بالنكد دائما، والكلام الجميل مطلوب للجميع، سواء للمخطوبة أو بين الزوجين أو مع كل الناس كما قال - تعالى -: (وقولوا للناس حسنا) سورة البقرة، وهذا في فن التعامل مع الناس فما بالك بالزوجة اللصيقة بالزوج؟ وقال - صلى الله عليه وسلم -: (تبسمك في وجه أخيك صدقة، والكلمة الطيبة صدقة).
فالكلمة الحلوة سبيل للصلاح والإصلاح، والوصول لقلب الزوج أو لقوة ومتانة العلاقة بين الزوجين، فالكلمة الطيبة وسيلة مهمة لكسب القلوب فلنفتح قلوبنا للمحبة وحسن للتواصل، ولنذكر أن التواصل والتواد والمحبة، مطلب ديني والعلاقة الزوجية تقوم أساسا على المودة والرحمة والسكينة، وحسن المعاشرة ولا بد أن يعود كل طرف نفسه على الإكثار من الكلام الجميل، ويدرب نفسه على البعد عن الأقوال السيئة، ويحاول من البداية أن يتكلف وإن كان في ذلك صعوبة ثم بعد ذلك سيصبح التخلق بهذه الأخلاق الفاضلة والكلمات الطيبة أمرا سهلا وسجية وطبعا وخلقا راسخا في النفس، وينطلق من المسلم بكل سهولة ويسر، ويأخذ عليه الأجر والثواب من الله - تعالى -.
فعلى الزوجة أن تجتهد أثناء ذلك في مناصحة زوجها وتنبيهه على التعود والتدرب على الكلام الطيب والعبارات الرقيقة، وسواء كان ذلك مشافهة أو مراسلة، أو عن طريق إيصال بعض المواعظ المكتوبة أو المسموعة.
وممكن تستخدم وسائل أخرى غير مباشرة، مثلا: تكتب له رسالة اعتذار كأنها تنصح نفسها، وتنتظر الرد وتقول لنفسها بعض النصائح المقنعة مع الاستدلال ببعض الآيات والأحاديث أو من الأمثلة المعروفة في السيرة النبوية.
ومن وسائل تنمية المودة و المحبة بين الزوجين ما يسمى بأعمال المودة و الحب، تلك الأعمال العفوية أو التطوعية التي تنم عن المحبة الكبيرة والتقدير العظيم للطرف الآخر كمفاجأة غير متوقعة أو دعوة عشاء خارج المنزل، أو ورقة مليئة بكلمات الحب.
ومن وسائل لتنمية الحب والمودة بين الزوجين كذلك: تبادل الهدايا حتى وإن كانت رمزية، فوردة توضع على وسادة الفراش قبل النوم، لها سحرها العجيب، وبطاقة صغيرة ملونة كتب عليها كلمة جميلة لها أثرها الفعال.
ومن الوسائل أيضا التحية الحارة عند اللقاء أو الوداع أو عند الخروج، وعند السفر والقدوم، أو عبر الهاتف وكذلك التفاعل والتضامن من الطرفين في وقت الأزمات ووقوع الصعوبات أو حدوث الابتلاءات.
وعلى الزوجة الفطنة أن تجتهد في البحث عن الموضوعات التي تهم الزوج، أو يحب أن يتكلم فيها، أو تبحث عن موضوع مشترك، مع تخير الوقت المناسب، فقد يستجب الزوج ويبادلها الحديث، ثم مشاعر الحب.
ثاني عشر: الاستفادة من المعاشرة الزوجية:
وبعد ذلك لا بد من الاستفادة من المعاشرة الزوجية الجنسية لأن الرجل غالبا يستخدم فيها الكلمات الحلوة، أو العبارات المثيرة، فالزوجة تحاول أن تستغل هذه العلاقة الجسدية لبناء علاقة عاطفية ناجحة ومثمرة، والتدرب على طيب الكلام دائما، لأن هذه العلاقة تولد الشوق والمودة والحيوية بالنسبة لكلا الطرفين. ـ والأهم من ذلك كله أن يتعلم الزوجان قاعدتين مهمتين لبيوت سعيدة، وهما: أن البيوت تُبنى على المودة والرحمة والحب والعطف والاحترام، وأن دمار البيوت وهدم الأسر يبدأ من جفاف المشاعر، فيجب المحافظة على أجواء البيوت هادئة ومستقرة، وترفرف عليها المشاعر الطيبة والكلمات الحلوة، و والزوجة هي الأساس فهي المعين المتجدد للمودة والحب والدفء والحنان.
أخيرا: لا تفقدي الأمل:
قد أكرر بعض الأمور السابقة مرة أخرى لأهميتها، و أرجو منك ألا تفقدي الأمل في تغيير أو إصلاح زوجك، لأنك ركزت على عيوبه، وأرجو منك أن تنظري أنت أيضا لعيوبك وتحاولي إصلاحها، ولا تهتمي بفحص عيوب زوجك فقط، وإذا كان زوجك فيه عيوب فهكذا كل إنسان والكمال لله وحده، ولكن لا بد أن تحاولي مرات ومرات إرشاده بالوسائل المباشرة كالنصح لكن برفق، نعم برفق وحب وبعد علم وتحلي بالحلم، لكن دون تسلط أو تطاول أو شعور بأنك الأفضل، بل يكون النصح بحب ورفق وفن.
أو تنصحيه بوسائل غير مباشرة مثل تقديم بعض الكتب النافعة أو الأشرطة المفيدة مثل بحر الحب أو غيره، أو الدورات التي تعلم فن إظهار الحب، أو المتعلقة بحسن المعاشرة بين الزوجين، وإذا لم يستجب أو يتحسن، فيمكن أن تبحثي عمن يؤثر فيه كشخصية كبيرة أو إدخال صديق أو جار أو زميل، ولكن ليس أي أحد بل من يعرفه ويؤثر فيه، ولا تلجأِ لهذا الحل قبل بذل الجهد منك أنتِ في الإصلاح.
لكن لا تكتفِ في الإصلاح بالكلام فقط فالزوجة الناجحة تشعر أن الله - تعالى - وهبها ملكات، و أعطاها أسلحة منها الأنوثة والتفنن في إظهارها، إضافة إلى أنها تمتلك مؤهلات يحبها الرجل أو الزوج، و يمكنها بها التأثير عليه للوصول لقلبه، وإذا أحبك زوجك فقد يسمع كلامك، أو يستجيب لمحاولات الصلح والإصلاح من جهتك.
ولا تنس دائما وقبل كل شيء التضرع إلى الله - تعالى -والتوجه إليه بالدعاء لزوجك ولنفسك أولا، بأن يوفقك الله - تعالى - للوصول لإصلاح نفسك، وإصلاح زوجك، ويمكنك أن تستغلي أوقات إجابة الدعاء خصوصا في جوف الليل مع معرفة شروط استجابة الدعاء وآدابه. واللجوء إلى الله - تعالى - هو النجاة في أشد الظروف وفي أحلك اللحظات، وهذا الحل قد جرب كثيرا وأتى بنتائج مضمونة، فركعات السحر قبيل الفجر تسكب في القلب أنساً وراحة وشفافية ما أحوج الإنسان لخلوة بربه، ومولاه، لكي يناجيه، ويدعوه، ويطلب منه تفريج همه أو إصلاح أمره.
وللذكرى: لا أدرى كيف تجلسي في بلاد الغربة وحيدة بدون محرم، فإذا كان زوجك مرتبط بعمل؛ فابحثي عمن يرافقك من أهلك ليكن بجوارك، ولتبتعدي عن الوقوع في مخالفة هدي الإسلام: كما جاء عن خير الأنام نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - قال: {لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم} [متفق عليه].
نسأل الله - تعالى -لنا و لكِ التوفيق والسداد وأن يمنحنا جميعا القدرة على الوقوف في وجه المشكلات ومواجهة العقبات.
هذا و الله - تعالى -أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

http://www.lahaonline.com المصدر:
__________________




رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 143.09 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 141.37 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.20%)]