|
الملتقى العام ملتقى عام يهتم بكافة المواضيع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() بسم الله
الاعتذار لمن أخطأَ في حقنا صعبٌ نعم , لا يجب أن نعتذر لشخص إلا إن كنا نحن المخطئين أو الظالمين المعتدين المسيئين . ولكن في المقابل يخطئ من يتصور بأنه لا يجوز لنا أن نعتذر من شخص إلا إذا كنا نحن المخطئين في حقه أو الظالمين له . ويخطئ كذلك من يتصور بأنه لا يستحسن لنا أن نعتذر من شخص إلا إذا كنا نحن المخطئين في حقه أو الظالمين له . هذا ليس صحيحا البـتـة . الاعتذار ليس محمودا منا فقط عندما نعرف بأننا أخطأنا , بل إنه محمود حتى ولولم نخطئ بل إن الغيرَ هو الذي أخطأ في حقنا . قلتُ : هو محمودٌ إن رأينا بأن الاعتذار إلى المخطئ أو إلى الظالم قد يُرجعُه إلى الصوابِ . إنالاعتذارَ هنا يصبح محمودا شرعا بإذن الله . ومع ذلك , حتى إن لم يُرجع الإعتذارُ الظالمَ إلىصوابه فإن أجرَنا - على اعتذارنا - عند الله ثابتٌ بإذن الله . وكم في حياتي من مرة اعتذرتُ إلى أشخاصوهم 100 % المخطئون أو الظالمون ( بشهادة غيرهم أو بشهادتهم – هم – فيما بعدُ ) , وفي أغلبِ هذه الحالات كان اعتذاري سببا في رجوعمن اعتذرتُ إليه إلى الله ثم إلي وإلى صوابه , والحمد لله رب العالمين . والإعتذار قد يكونُ شكليا, أي ليس من داخل الشخصِ المعتذِرِ , ومع ذلك عنده عليه أجرٌ بإذن الله تعالى , بل إن الأجرَ قد يكون مُضاعفا لأن الشخصَ يفرضُ على نفسهِ ما لا تحبُّ طمعا في رحمة الله . وإذا تعودتُ اليوم أنا - مثلا - على أن أعتذرَ لشخص – هو الذي أخطأ في حقي - اعتذاراشكليا , فإن اعتذاري سيصبح بإذن الله في الغد أو بعد غد – معه أو مع غيره - جوهريا ومن داخلي ومن أعماق القلب . قال لي قائلٌ : " أحيانا يظن المخطئ أنه على صواب إذا اعتذرنا له فيتمادى في غيه وخطئه " , فقلتُ له : وأحيانا كثيرة عندما يرى الظالمُ ( الذي اعتذرنا نحنُ إليه ) بأن المظلومَ اعتذر , وأنه وهو الظالم ( لأنه يعرف في أعماق نفسه بأنه ظالمٌ ) لم يعتذرْ , عندما يرى الظالمُ ذلك يستحي من نفسه ونكبرُ نحنُ في نفسه ويصغرُ هو في نفسه . ثم بعد ذلك يمكن جدا أن يعتذر إلينا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة , اليوم أو غدا أو بعد غد . الذي ذكره الأخُ القائلُ موجودٌ والذي ذكرتُهُ أنا موجودٌ كذلك , والله وحده أعلم أين هي الحالة الغالبة ؟ . ثم سألني سائلٌ " أعتذر من ماذا ؟ ما دمتُ أنا المظلوم ؟! " فقلتُ لهُ : أنا أجيبك عن طريق مثال بسيط : وقفتُ مثلا أمام بيت جار من الجيران لأطلبَ أمانة منه , وعندما كنتُ أنتظر خروجَ الجار أطلَّ الجارُ الثاني ( في الليل حيث الظلامُ هو السائدُ ) وظنني متطفلا دخيلا على العمارة التي نسكنها , فسبني بكلام سيئ . ولما سمعتُ سـبَّه وشتمَـه اعتذرتُ إليه مع أنه ظالمٌ لي ( لأنه سبني بدون أن أرتكب ذنبا معينا ) . ماذا قلتُ له وأنا أعتذر إليه ؟! قلتُ " أنا يا أخي متأسفٌ جدا بسبب وقوفي أمام بيتك في هذا الوقت بالذات من الليل. لقد كنتُ غيرَ مؤدب حين وقفتُ هذه الوقفةَ المشبوهةَ أمام بيتكم"! . لو لم أعتذرْ ربما هو لم يعتذر كذلك أو ربما اعتذر اعتذارا بسيطا , ولكنني عندما اعتذرتُ بالطريقةِ التي ذكرتُها تمنى هذا الجارُ لو أن الأرضَ ابتلعـتـه ولم يسبني , وذابَ هذا الجارُ خجلا وحياء , واعتذر إلي هو بدوره أكثر من مرة . ويمكن أن تقيس على هذه القصة قصصا وقصصا . إن الاعتذار لمن أخطأ في حقنا ( إن لم يعتذر هو إلينا ) محمودٌ بإذن الله شرعا , ولا يُرفضُ إلا في حالة واحدة وهي : إن كان في اعتذارنا - لمن أخطأ أو اعتدى أو ظلم أو أساء – سكوتا عن حق من حقوق الله أو دعوة لنوع من أنواع الباطل . وكمثال على ذلك : 1-عندما يظلمني شخصٌ بسوء أخلاقه ولم يكن هناك أيُّ لبس في الموضوع : مثلا عندما أتحدثُ عن الحجاب مع شخص معادي للحجاب وأناقشهُ وأبين له وجوبَـه , فـتراه بعد ذلك يسبُّني ويسفهُ أقوالي – لا من منطلق الاعتداء علي ولكن من منطلق الإساءة إلى الدين - من غير علم ولا هدى ولا كتاب منير , كما تجده يغضب مني ويقول لي ما يليقُ وما لا يليقُ ... هل أعتذرُ له وأقول له آسفٌ أني أغضبتُـك ؟!. لا وألف لا . هذا الشخصُ مطلوبٌ منه هو أن يعتذر لا أنا , وأما أنا فأقصى ما أفعله معه هو أن أتجاهلَـه على اعتبار أنه جاهلٌ , والإعراضُ عن الجاهل أحسنُ جواب له . أما اعتذاري له فقد يكون تشجيعا له على الإصرار على المعصية ومعاداة الدين . 2-السجانُ ( الضابطُ في الجيش ) الذي كان يُعذبني في السجن ويسبني ويشتمني ويسب الله ورسوله وعلماء الإسلام أمامي , من منطلق الحقد على الدين لا من منطلق معاداتي أنا ( لأنه في الأساس لا يعرفني لا من قريب ولا من بعيد) . هذا السجانُ لا يليقُ أبدا أن أعتذرَ إليه لأن الاعتذارَ يساوي مجاراتَـه ومسايرتَـه في محاربة الله ورسوله وكذا أولياء الله . والله وحده أعلم بالصوابِ .
__________________
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |