|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() بسم الله الرحمن الرحيم سورة المنافقون، كما اسمها.. تهتم بابراز سمات المنافقين، وتوضيح شخصياتهم.. أخلاقهم، أكاذيبهم، مؤامرتهم، دسائسهم، ما في نفوسهم من البغض والكيد للمسلمين، والجبن واللؤم وعمى القلوب والبصائر! المنافقون تلك الفئة التي ظهرت مع اشتداد شوكة المسلمين وانتقالهم للمدينة.. فلا تكاد تخلو سورة مدينة من ذكر المنافقين تلميحاً أو تصريحاً، لكن هذه السورة أفردت بالحديث عنهم، والاشارة إلى ما صدر منهم. وبها مواقف تربوية رائعة، نحن بأمس الحاجة لها، لنتعلم خلق التعامل مع الفتن. المنافقون الذين لا يكاد يخلو منهم زمان أو مكان منذ ظهورهم وحتى اليوم : ( يتغلغون في صفوف المسلمين، فيثيرون الفتن والنزاعات، وهم أشد خطرا على الاسلام من العدو الظاهر! ولذلك كان الوعيد لهم شديدا، ولذلك كانوا بالدرك الأسفل من النار! نسأل الله السلامة من النفاق وأهله. وها هي الآيات توضح لنا سمات المنافقين لنحذرهم: ((إِذَا جَاءَكَ المُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ المُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1) اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )) هم يقرون واقعا، ويقولون حقيقة، وهي أنه رسول الله.. لكنهم يكذبون، حينما يخالف قولهم سريرتهم! يكذبون حينما يظهرون للمسلمين أنهم منهم وهم عليهم بداخلهم! وذلك من أشد أنواع الكذب والخداع.. وكلما شكوا بانكشاف أمرهم، أو حصل ما يخدعهم لجأوا للأيمان يحلفون بها ليصدقهم المسلمين ويثقون بهم.. اتخذوا الأيمان جنة ووقاية يحتمون خلفها فصدوا أنفسهم وغيرهم.. وهل أسوأ من الخداع والكذب؟ وهل أسوأ منه حينما يكون للصد عن سبيل الله!! ((ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ )) عرفوا الايمان، ورغم ذلك اختاروا الكفر!! كيف يختار الكفر من ذاق حلاوة الايمان؟ كيف يختار الظلام من عاش النور؟ كيف يختار الهاوية من بيده أن يكون بالقمة؟ كيف يعود المرء للجهل بعد العلم؟ هل يكون ذلك إلا لمن لا يفقه ولا يعي ولا يدرك! هل يكون ذلك إلا لمن طبع الله على قلبه، فيردد كلام الايمان ولا يدخل شغاف قلبه! (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) هنا تصور الآيات شخصية المنافقين لتفضحهم وتحذر منهم.. كما أظهروا الايمان وأبطنوا الكفر، فكذلك ظاهر أجسامهم يعجب من يراه وهم صامتون.. لكن إن تحدثوا ظهرت حقيقتهم.. كالخشب بجموده وليس أي خشب بل خشب مسندة لا فائدة لها ولا قيمة. فكيف يكون للجسد قيمة وقد فقد الروح؟ وهل يحي الروح سوى الايمان الذي يتغلل بالنفس ويلامس شغاف القلب فيحي الروح؟ ويقابل هذا الجمود بأرواحهم، شخصية قلقة مضطربة متوجسة.. تخشى من افتضاح أمرها! هم إذن يدركون خطأ ما يفعلونه ويشعرون بالخوف منه ومن افتضاح أمرهم، وكشف حقيقتهم! بهذه الصفات، هم العدو الأخطر على المسلمين.. لأنهم كالسوس الذينخر الخشب فيهلكه دون أن يظهر خطره صراحة! لأنهم عدو من داخل الصفوف، يثير الفتن ويزرع القلاقل والمناوشات بالصف الواحد! هم أخطر إذن من العدو الظاهر الذي قاتل المسلمين علانية فيقفون له.. ورغم ذلك لم يأمر الله بقتالهم لحكمة، إنما توعد هو أنه قاتلهم أنى يذهبون! (4) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ (5) سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (6) هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (7) يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (8) هنا تتابع الآيات في ذكر شخصية المنافقين، وفضح أسلوبهم وسلوكهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم.. فهم حينما يكونون آمنين بين قومهم بعيدين عن الرسول صلى الله عليه وسلم تكبروا ورفضوا أن يستغفر لم رسول الله ورأوا أنهم أعلى مقاماً وأعظم شأناً!! وهذه الشخصية التي تتكبر وبنفس الوقت تعجز عن المواجهة وتضعف وقتها حتى لتبرر بأغلظ الأيمان لتقي نفسها.. هي شخصية هشة ضعيفة من داخلها رغم القوة التي يتظاهرون ويتباهون بها أمام قومهم! فهؤلاء لا يجدي معهم استغفار ولن تنفعهم الدعوات لأن الله طمس على قلوبهم فلا يهدي القوم الفاسقين. ثم تتدرج الآيات لتحكي طرفاً من مواقفهم: المنافقين لهم سمات تميزهم، والله توعد بقتالهم، وعلينا التعامل معهم بحذر وحكمة. لم يكن بعلمهم الرسول صلى الله عليه وسلم إلا بسيماهم وما يفضحهم من تصرفاتهم، لكنه كان يعيش معهم ويتعامل معهم بحذر وحكمة. حتى حينما أخبره تعالى بمن سيموت منهم على النفاق، لم يخبر إلا صحابي واحد هو حذيفة بن اليمان. وكانوا يعرفون حينما لا يصلي عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد كان يخاف عمر بن الخطاب رضي الله عنه على نفسه فيسأل دوماً حذيفة بن اليمان هل أنا منهم؟ فيكتفي بقوله: لست منهم يا عمر! لله درك يا عمر! أتخشى على نفسك النفاق وقد بشرت بالجنة؟ فكيف بنا نحن إذن؟ نسأل الله السلامة من النفاق وأهله، ونسأله الاخلاص بالقول والعمل. فبعد أن عرفنا المنافقين، وحذرنا منهم. أتى الوقت لكي نهتم به بإيماننا وونحذر من أن نتشبه بالمنافقين! أو نحيد عن الغاية التي خلقنا لها.. يوصينا الله تعالى بهذه الآيات ما فيه الوقاية لنا: (يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله . ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون . وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت , فيقول:رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين . ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها , والله خبير بما تعملون . . ) الخطاب هنا للمؤمنين، الذين حماهم الله من النفاق وأهله.. يوجههم الله لطريقة الوقاية من النفاق، ولطريقة الحرص على الايمان وتنميته. فيحذرنا تعالى من أن تلهينا الدنيا بملذاتها، أن يشغلنا المال والبنون والحرص عليهما عن ذكر الله! المنافقون كان من أسباب نفاقهم ميلهم للدنيا وحرصهم على المال والسب والنسب والأولاد! فالنحرص أن نعي هذه الآيات جيداً، لا يكفينا أن تحفظها ألستنا بل نحتاج لأن تتدبرها قلوبنا وتعيها.. فاللدنيا خطافات تجذبنا إليها كلما سمونا بإيماننا.. تتخطفنا بالمال والولد! نعم لا بد لنا من البحث عن مال لنعيش به، لكن لا يجب أن يصبح أكبر همنا، وأن يكون لاهيا لنا... الأولاد مسؤليتنا أمام الله، ولكن أحياناً ننشغل عن هذه المسؤلية وتجرفنا الحياة تتخطفنا فننسى أن نزرع بقلوبهم ذكر الله، ننسى أن نستحضر النوايا بتربيتهم ورعايتهم والحرص عليهم! من تشغله الدنيا فهو خاسر ولا شك حينما ينشغل عن ذكر الله، حينما ينمي جانب الجسد فقط وينسى الروح الذي تمد الجسد بالحياة، وتعطي للحياة المعنى! وتوصينا الآيات بالنفقة لنغالب حب المال، لنفك أسر هذه الخطافات التي تجذبنا للأسفل، ونعود لنسمو بإيماننا، لنسمو بشعورنا بلذة العطاء الحقيقي.. ولذة الإيمان. نحتاج أن نتذكر ذلك قبل أن تأتي ساعة الموت ووقتها، لن تؤخر، ولن تكون هناك فرصة أخرى.. يذكر الله المؤمنين بقرب الأجل، وبأنه ساعة لا تؤخر! فهلا أدركنا ذلك؟ وهل غالبنا أنفسنا وجاهدناه لنتغلب على المعاصي قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم؟ من الآن من هذه اللحظة التي تقرأ بها هذه الكلمات، اعمل لآخرتك كأنك تموت غداً، فلا أحد يضمن عمره ولا أحد يضمن خاتمته! من هذه اللحظة انوي الصلاح، واحرص على رضى الله.. قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه ندم. والله أعلم بأعمالنا فهو الخبير بها العالم بأحوال نفوسنا ومعاناتنا.. نسأل الله حسن الخاتمة.. بارك الله لنا ولكم ونعتذر عن الإطالة والمقال منقول بتصرف |
#2
|
||||
|
||||
![]() جزاك الله كل الخير أخي الكريم أبو كارم وبارك الله فيك على موضوعك المفيد ![]() ![]() ![]()
__________________
![]() ![]() حَمَامَةً تَحْمِلُ رِسَالةً لِكَيْ تُوَّصِلَ تَارِيخَ أَرْضَ الرِبَاطْ عَبْرَ نَافِذَةِ العَالَمْ ..لِنَجْعَلَ مِنَ الأَلمْ أَمَلْ
|
#3
|
||||
|
||||
![]() بارك الله فيك اخى ابو كارم على موضوعك الطيب
جزاك الله خير |
#4
|
|||
|
|||
![]() السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أشكرك جزيلاً على هذا الموضوع عن ومضات مع القرآن الكريم إن شاءالله نكون ممن يقرأون و يتدبرون القرآن إن شاءالله في أمان الله و حفظه
__________________
![]() ![]() و لربّ نازلةٍ يضيق بها الفتى ذرعاً ، وعند الله منها المخرجُ ضاقت .. فلما استحكمت حلقاتها .. فرجت .. و كنت أظنها لا تُفرجُ .
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |