|
|||||||
| ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
الموازنة بين سؤال الخليل عليه السلام لربه: ﴿ وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ ﴾[الشعراء: 87] وبين عطاء الله للنبي صلى الله عليه وسلم د. أحمد خضر حسنين الحسن ﴿ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ﴾ [التحريم: 8] سأذكر في هذا المطلب - وما بعده - ما دعا به إبراهيم عليه السلام ربَّه، فاستجاب الله له، وأما الحبيب صلى الله عليه وسلم، فقد بادره الله بالعطاء دون سؤال منه، بل تَمنَّن الله عليه وأكرَمه، وأنعم عليه، وزاده بأن أكرم أمته بمثل ما أكرَمه به، أو قريبًا منه؛ كما سنرى إن شاء الله تعالى، وذلك من خلال محورين: المحور الأول: سأل الخليل عليه السلام ربه تعالى بقوله: ﴿ وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾[الشعراء: 87 - 89]. لقد اتفقت أقوال المفسرين على أن المراد من قوله: ﴿ وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ ﴾؛ أي: لا تَفضَحني على رؤوس الأشهاد، أو لا تعذِّبني يوم القيامة، وفي البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن إبراهيم يرى أباه يوم القيامة عليه الغبرة والقترة)، والغبرة هي القترة. وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يَلقى إبراهيم أباه، فيقول: يا رب، إنك وعدتَني ألا تُخزني يوم يُبعثون، فيقول الله تعالى: إني حرَّمت الجنة على الكافرين)؛ انفرد بهما البخاري رحمه الله. المحور الثاني: أخبر الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ﴿ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ﴾ [التحريم: 8]، فأدخل أمته معه بغير سؤال. قال ابن عاشور رحمه الله تعالى: قوله تعالى: ﴿ يَومَ ﴾ ظرف متعلق بـ ﴿ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ [التحريم: 8]، وهو تعليقٌ تَخلَّص إلى الثناء على الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين معه، وهو يوم القيامة، وهذا الثناء عليهم بانتفاء خزي الله عنهم تعريضٌ بأن الذين لم يؤمنوا معه يُخزيهم الله يوم القيامة، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم مع الذين آمنوا لتشريف المؤمنين ولا علاقة له بالتعريض. والخزي: هو عذابُ النار، وحكى الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام قوله: ﴿ وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ ﴾ [الشعراء: 87]، على أن انتفاء الخزي يومئذٍ يستلزم الكرامة؛ إذ لا واسطة بينهما كما أشعر به قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ﴾[آل عمران: 185]، وفي صلة ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ﴾[التحريم: 8] إيذانٌ بأن سبب انتفاء الخزي عنهم هو إيمانهم)؛ اهـ. قلت: ويُلاحظ أن إبراهيم عليه السلام دعا لنفسه بعدم الخزي يوم القيامة، ولم يذكر أحدًا معه، بينما النبي صلى الله عليه وسلم (شرَّفه) ربُّه بألا يُخزيه لا هو ولا أحدًا من المؤمنين، وذلك كله من غير طلب منه صلى الله عليه وسلم. ومن هنا بشَّر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بدخول الجنة، سواء بتلاوة الآيات عليهم، أو من خلال أحاديثه صلى الله عليه وسلم. أما الآيات فكقوله تعالى: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا * وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾[الإسراء: 9، 10]. وقوله تعالى في المؤمنين المجاهدين: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ * يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ ﴾ [التوبة: 20، 21]. وأما الأحاديث فهي كثيرة، منها: ما ورد في الصحيحين: عَنْ أَنَس بن مالكٍ رضيَ اللهُ عنهُ: أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لمُعاذ وهو رَدِيفُهُ عَلَى الرَّحْلِ: «يا مُعاذُ بنَ جَبَلٍ»، قال: لَبَّيكَ يا رسولَ الله وسَعدَيكَ، قال: «يا مُعاذُ»، قال: لبَّيكَ يا رسولَ الله وسَعدَيك (ثلاثًا)؛ قال صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ما مِنْ أَحَدٍ يَشهدُ أنْ لا اله إلا الله وأنَّ مُحَمَّدًا رسولُ الله، صِدْقًا مِن قَلبِه إِلاّ حرَّمَهُ اللهُ عَلَى النَّار»، قال رضيَ اللهُ عنهُ: يا رسولَ الله، أَفَلا أُخبرُ بهِ الناسَ فيَسْتَبْشِروا؟ قال صلى الله عليه وسلم: «إِذًا يَتَّكِلوا»، وأَخبرَ بها مُعاذٌ عندَ مَوتِه تَأثُّمًا)؛ يعني خروجًا من إثم كتْم العلم. وروى مسلم في صحيحه: عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ شَهِدَ أَنْ لا إله إلا الله، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله، حَرَّمَ الله عَلَيْهِ النَّارَ).
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |