المُعلّم.. رسالة سامية ومسؤولية عظيمة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الانتقام ليس خلق الكرام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          عولمة الأخلاق.. وأثرها على الشباب المسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          صبر الزوج على زوجته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          الخوف شعار العارفين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          إياك والذنوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          حياة القلب في محراب الاستماع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          صمم على النجاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          حين نتغيّر تتغيّر السماء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          فضل الحياء وحسن الخلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          الزينة في اللباس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 19-11-2025, 11:19 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 167,706
الدولة : Egypt
افتراضي المُعلّم.. رسالة سامية ومسؤولية عظيمة







المُعلّم.. رسالة سامية ومسؤولية عظيمة


  • يمثل البعد الإيماني جوهر رسالة المُعلّم السامية فهو أساس كل عمل تربوي ناجح ومفتاح بناء شخصية الطالب الملتزم بالقيم الإسلاميّة
  • التعليم مهنة الأنبياء والمرسلين وكفى بها مكانة ومنزلة أن ينسب المُعلّمون إلى رسول الله -[- المُعلّم الأول وإلى باقي الرسل عليهم الصلاة والسلام
  • د. سندس العبيد: يُعد ضعف الحافز الذاتي لدى الطلاب أحد أكبر التحديات التي يواجهها المعلم في الصف فبعض الطلاب يفتقر إلى الرغبة في الاستزادة من المعرفة أو المشاركة الفاعلة
  • د. الحسينان : من أهم التحديات التي تواجه المعلم في مجتمعاتنا العربية هو التحول الرقمي الذي فرض على المُعلّمين أن يتقنوا أدواتٍ جديدة من أهمها أساليب الذكاء الاصطناعي في التعليم
  • لا تقتصر مهمّة المُعلّم في الشريعة على تلقين العلوم وتحفيظ المسائل وإنما هو مُعلّم وداعية ومربٍّ وقدوة
  • المُعلّم هو حجر الزاوية في العملية التعليمية فهو يؤثر في التلاميذ بأقواله وأفعاله ومظهره وسائر تصرفاته التي ينقلها التلاميذ عنه
  • من أفضل ما يمكنُ أن يَغرِسه المُعلّم في نفوس الطَّلبة حُبُّ القِرَاءة والبَحث العلميِّ وإرشادهم إلى ما يقرؤون
  • يؤكد الخبراء التربويون أن غرس روح الاجتهاد والانضباط منذ المراحل الأولى هو السبيل الأكثر فاعلية لضمان التزام الطلاب وجديتهم في التعلم
  • المُعلّم صاحب رسالة يزرع في نفوس الطلاب القيم الإنسانية والإسلامية ويُقوِّم سلوكهم من خلال تصرفاته اليومية وأخلاقه الشخصية
إنّ مهنة التعليم من أجلِّ المهن وأشرفها، بها تُبنى الأمم وتُقام الحضارات، وفي ظلّها تُصاغ العقول وتُهذّب النفوس وتُصان القيم، فهي مهنة الأنبياء والرسل، وميدانهم الذي حملوا فيه رسالة الهداية والنور إلى البشرية، وليس من قبيل المبالغة القول بأنَّ المُعلّم هو حجر الأساس في بناء الإنسان، والإنسان هو حجر الأساس في بناء الأوطان، ولقد أولى الإسلام العلم وأهله عنايةً كبرى؛ إذ جعل التعليم عبادةً إذا صلحت النية، ووسيلةً لعمارة الأرض وإصلاحها، وسبيلاً إلى رضا الله والفلاح في الدنيا والآخرة، فالمُعلّم في الأمة ليس ناقلَ معرفة فحسب، بل هو مربٍّ ومصلحٌ وموجّه، يحمل أمانة الكلمة، ويرعى عقول الناشئة وقلوبهم، فيغرس فيهم معاني الخير والفضيلة.
أولا: مكانة العلم
خصَّ الله -تعالى- العلمَ والتعلُّم بفضلٍ عظيمٍ ومكانةٍ رفيعة، ولا سيّما العلم الشرعيّ الذي يحثّ الناس على التفقّه في الدين، ومعرفة المنهج الربّاني الذي وضعه الله للمسلمين؛ ليسيروا عليه في حياتهم، فينجوا من التجارب الفاشلة التي تُهدر الأعمار وتُضَيِّع الأوقات، وليتفرّغوا بعد ذلك لإعمار الأرض بالعلم والعمل والسعي النافع، فمن تمام رحمة الله بعباده أن شرع لهم هذا المنهج القويم، وأوجب عليهم الالتزام به، وجعل العلمَ سبيلًا إلى الهداية والرقيّ، فهو نعمةٌ ومنّةٌ إلهيّة يمنّ الله بها على من يشاء من عباده، وقد اختصّ الله الأنبياء بهذه المنّة العظيمة، فقال -سبحانه- مخاطبًا نبيَّه محمّدًا - صلى الله عليه وسلم -: { وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} (النساء: 113)، وكذلك امتنَّ الله بالعلم على الأمّة الإسلاميَّة، فقال -تعالى-: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} (البقرة: 151)؛ فالعلم في عمومه خيرٌ متجدّدٌ وفضلٌ متعدّي، لا يناله إلا من أكرمه الله بنور البصيرة وصفاء القلب، وقد بيّن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك بقوله: «مَن يُرِدِ اللهُ به خيرًا يُفقِّهه في الدِّين»، وهكذا يظهر أن العلم في الإسلام ليس مجرّد وسيلةٍ للمعرفة؛ بل هو عبادةٌ وهدايةٌ ومنهجُ حياة، به تُبنى الأمم، وتُهذّب النفوس، وتُستضاء العقول بنور الوحي والبيان.
ثانيًا: مكانة المُعلّم
المُعلّم في الشريعة لا تقتصر مهمّته على تلقين العلوم، وتحفيظ المسائل، وإنما هو مُعلّم وداعية ومربٍّ وقدوة، فإنّ أعظم مهمّات المُعلّم في الإسلام، جاء بيانها في قول الله -تعالى-: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} (الجمعة:2)، فقد حَدّدَت هذه الآية الكريمة ثلاث مُهمّات للمعلمين: (مهمة التبليغ والبيان)، ويشير إليها قوله -تعالى-: {يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ}، ومهمة (التربية والتعليم والتزكية) ويشير إليها قوله -تعالى-: {وَيُزَكِّيهِمْ}، ومهمة (العمل والتطبيق والتنفيذ) ويشير إليها قوله -تعالى-: {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}.
فضل المُعلّم
لقد تضافرت نصوص القرآن والسُنَّة وآثار السلف، على بيان مكانة المُعلّمين وفضلهم، ومن أبرز هذه الأدلة قول الله -تعالى-: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِين}، (فصلت:33)، الآية تنفي أن يكون في أهل الأرض من هو أفضل عند الله ممن دعا إلى الله، وعمل صالحًا، وكان من المسلمين، وهؤلاء هم الأنبياء، ومن نهج منهجهم، كالمربين والمُعلّمين، وقال -تعالى-: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير}، قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: «مدح الله العلماء في هذه الآية، وأنه يرفع الله الذين آمنوا وأوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم درجات في دينهم إذا فعلوا ما أمروا به». وفي السنة قال رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللهَ لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنِّتًا وَلَا مُتَعَنِّتًا، وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا»، وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَبِيًّا كَانَ آدَمُ؟ قَالَ: «نَعَمْ، مُعَلَّمٌ مُكَلَّمٌ»، وقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ»، وقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ»، هذه الأحاديث وغيرها دليل على أن التعليم مهنة الأنبياء والمرسلين من آدم إلى نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبر عن نفسه بأنه بُعِثَ معلمًا ميسرًا، وكفى بها مكانة ومنزلة، أن ينسب المُعلّمون إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المُعلّم الأول وإلى باقي الرسل -عليهم الصلاة والسلام-.
ثالثًا: رسالة المُعلّم
تُعدّ رسالة المُعلّم من أسمى الرسائل التي يمكن أن يحملها الإنسان؛ فهي رسالة بناءٍ للإنسان والعقل والوجدان، وغرسٍ للقيم والمبادئ، وتوجيهٍ للناشئة نحو الخير والإصلاح، فالمُعلّم لا يُنشئ مجرد متعلّمين، بل يصنع قادة الفكر وروّاد المستقبل، ويُسهم في حفظ هوية الأمّة وازدهارها.
مفهوم رسالة المُعلّم
رسالة المُعلّم ليست مهنةً وظيفيةً تقف عند حدود تلقين المعلومات، بل هي عملٌ رساليٌّ متصل بالغاية التي من أجلها خُلق الإنسان: عبادة الله وعمارة الأرض؛ فالمُعلّم يقوم بوظيفة الأنبياء في تربية العقول وتزكية النفوس وإرشاد الخلق إلى طريق الحق، كما قال -تعالى- في وصف نبيّه - صلى الله عليه وسلم -: }يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالْحِكْمَة} (آل عمران: 164)، هذه الآية ترسم المنهج التربوي للمعلّم، القائم على العلم والتزكية والتوجيه، لا على التعليم المجرد من الأخلاق والقيم.
أبعاد رسالة المعلّم تتجلى رسالة المُعلّم في أبعادٍ متعدّدة، منها:
البعد الإيماني
يمثل البعد الإيماني جوهر رسالة المُعلّم السامية؛ فهو أساس كل عمل تربوي ناجح، ومفتاح بناء شخصية الطالب الملتزم بالقيم الإسلاميّة، فالمُعلّم صاحب الرسالة يكون قدوةً في الإيمان بالله، وطاعة أوامره، والحرص على تطبيق التعاليم الشرعية في حياته اليومية، ليكون بذلك مثالًا حيا يُحتذى به، ويستند هذا البعد إلى معايير إيمانية أساسية، منها: - الصدق والإخلاص في العمل: فيعلّم طلابه نشر الخير، لا لمصلحة شخصية أو سمعة، مستشعرًا أن أجره عند الله -تعالى-، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من دلّ على خير فله مثل أجر فاعله». - الاعتماد على الله في التربية والتعليم: فالمُعلّم المخلص يعلم أن النجاح الحقيقي في غرس القيم والعلم لا يكون إلا بتوفيق من الله، ويحرص على الدعاء لطلابه بالتوفيق والهداية. - توجيه الطالب نحو القيم الإسلاميّة: فيغرس الإيمان، وحب الله -تعالى- ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وأهمية الصلاة والعبادة، والالتزام بالأخلاق الفاضلة. وبهذه المعايير يصبح المُعلّم صاحب البعد الإيماني نموذجًا حيا لتطبيق الرسالة التعليمية؛ فتعاليمه لا تقتصر على الفكر وحده، بل تشمل الروح والسلوك، فتثمر أجيالًا صالحة، متوازنة، واعية، قادرة على خدمة دينها ووطنها بأمانة وإخلاص.
البعد الأخلاقي
يمثل البعد الأخلاقي حجر الأساس في رسالة المُعلّم؛ فهو يضع السلوك القويم والقدوة الحسنة قبل المعرفة النظرية، فالمُعلّم صاحب الرسالة يزرع في نفوس الطلاب القيم الإنسانية والإسلامية، ويشكل سلوكهم من خلال تصرفاته اليومية وأخلاقه الشخصية، ويقوم البعد الأخلاقي على عدة محاور أساسية: - القدوة الحسنة: فالطلاب يتأثرون بسلوك المُعلّم أكثر من كلماته؛ لذا يجب أن يكون صادقًا، وأمينًا، ومتواضعًا، ومتسامحًا؛ كي يقتدي به الطلاب في حياتهم اليومية. - العدل والإنصاف: فيعامل جميع الطلاب على قدم المساواة دون تحيز، ويُطبق القوانين التعليمية بعدل، فيتعلم الطلاب قيمة العدالة وأهمية احترام الآخرين. - الرحمة والتسامح: إذ يراعي ظروف الطلاب النفسية والاجتماعية، ويُهذب الأخطاء باللين والتوجيه بدل العقاب القاسي، مستلهمًا منهج النبي - صلى الله عليه وسلم - في التعامل مع الناس. - التحلي بالصبر والمثابرة: فالعملية التعليمية تتطلب جهدًا مستمرًا، والمُعلّم الذي يتحلى بالصبر يزرع في طلابه روح المثابرة والاجتهاد. وقد جاء في القرآن الكريم توجيه صريح للتربية على الأخلاق: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} (البقرة: 83)، {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} (طه: 114)، كما بيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الخُلُق الحَسَن من أهم مقاصد الرسالة التعليمية فقال: «إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، وبذلك يصبح المُعلّم صاحب البعد الأخلاقي نموذجًا حيًا يُحتذى به، فيتكوّن لدى الطلاب إدراك أن العلم بلا أخلاق لا قيمة له، وأن التربية الحقيقية تقوم على الدمج بين المعرفة والسلوك القويم، مما يُثمر أجيالًا متوازنة، قادرة على التمييز بين الصواب والخطأ، وصناعة مجتمع صالح ومتماسك.
البعد الفكري والمعرفي
يمثل البعد الفكري والمعرفي جوهر الرسالة التعليمية التي يحملها المُعلّم، فهو الناقل للمعرفة والمهارات، والمرشد الذي يفتح أمام الطالب آفاق التفكير والاستكشاف، فالمُعلّم صاحب الرسالة لا يقتصر دوره على الحفظ والتلقين، بل يسعى إلى تنمية قدرات العقل وتوسيع مدارك الفهم، وغرس روح النقد البنّاء والإبداع والابتكار في نفوس الطلاب، ويشير القرآن الكريم إلى أهمية الفكر والتدبر في قوله -تعالى-: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (محمد: 24)؛ فالقرآن يربط بين العلم والعمل والتفكير، ويعلّم أن الفهم العميق للمعرفة يتطلب تدبّرًا وتحليلًا، وقد أكّد التربويون أن المُعلّم الفاعل هو من يربط المعرفة بالقيم، ويحوّل المعلومات إلى فهم عميق، والفكر إلى عمل نافذ، فتصبح العملية التعليمية متكاملة، والمُعلّم بذلك يصبح ليس مجرد ناقلٍ للمعلومة، بل صانعٍ للإنسان المفكر المبدع المؤمن.
البعد الاجتماعي
يمثل البعد الاجتماعي للمعلّم أحد أعمدة رسالته السامية؛ إذ يتجاوز دوره حدود الصف الدراسي ليصبح عنصرًا فاعلًا في بناء المجتمع وتنمية أفراده، ويظهر البعد الاجتماعي في مسؤوليات المُعلّم من خلال: (غرس روح التعاون والانتماء؛ إذ يعوّد الطلاب على العمل الجماعي، ومساعدة الآخرين، والمساهمة في خدمة المجتمع، وكذلك تعزيز قيم العدل والمساواة، فيعامل الجميع بعدل دون تمييز، ويُعلّم طلابه احترام الحقوق والواجبات، كما إن المُعلّم الاجتماعي يربّي أجيالًا قادرة على المشاركة الفاعلة في الحياة العامة، وحل المشكلات الاجتماعية بالحكمة والمعرفة، وبناء مجتمع متماسك يسوده التعاون والمحبة، ويستند إلى القيم الأخلاقية السامية).
رابعًا: حقوق المُعلّم
إن رسالةَ التعليمِ من أسمى الرسالات، وأعظمها فائدة، وأقواها أثرًا، وحري بالمسؤولين وأصحاب القرار أن يُولُوا المُعلّم اهتمامًا كبيرًا؛ كي تؤتي العملية ثمارها اليانعة، ويتحقق الهدف المرجو منها، ومن أهم هذه الحقوق ما يلي:
الحقوق المادية
لا شك أن للمال أهمية عظيمة في الحياة، به يستطيع الإنسان أن يعيش دون الحاجة إلى الآخرين إلى مد يده إلى الآخرين لكفاية نفسه، أو من يعول، ومن ثم لابد من توفير حياة كريمة للمُعلمِ بإعطائهِ ما يناسب عمله، ويواكب أداءَ مهامهِ بما يعمل على تحقيق رسالته مع طلابهِ، وتقدم مجتمعهِ، وفي هذا الشأن نلاحظُ أن الدولَ المتقدمةَ أَوْلتْ المُعلّم اهتمامًا كبيرًا في هذا الجانب أكثرَ من الطبيب أو المهندس وغيرهما؛ أنهم أدركوا أهميةَ رسالةَ هذا المُعلّم وذلك المربي الذي يقوم عليه تقدم المجتمع كله.
الحقوق المعنوية
وتشمل حقوق المُعلّم المعنوية حق الاحترام والتقدير، وفي القرآن بيان لهذا الأمر في قول الله -تعالى-: {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} (الكهف: 66)، ففي هذه الآية بيان لأدب وفقه التعامل بين العالم والمتعلم ومنها: التواضع للعالم، واستئذانه في سؤاله، والمبالغة في احترامه وإعظامه، قال رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا، ويَرْحَمْ صَغِيرَنَا، ويَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ»، وعَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: إِنَّ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يُوَقَّرَ أَرْبَعَةٌ: الْعَالِمُ، وذُو الشَّيْبَةِ، والسُّلْطَانُ، والْوَالِدُ؛ فاحترام العلماء ورعاية حقوقهم توفيق وهداية، وإهمال ذلك خذلان وعقوق وخسران، فيجب احترام المعلم وتقديره، والعمل على تغيير ثقافة بعض المجتمعات من النظرة الدُّونيةِ إلى المُعلّم بمقارنته بالوظائف الأخرى.
الحقوق المهنية
الحقوق المهنية للمعلم تشمل أمورا عدة أهمها: حماية المُعلّم قانونيا من الاعتداء أو التقليل من شأنه، وتقدير جهوده وإنجازاته، وتوفير الدعم المهني والتدريب المستمر، ودراسة التحديات التي تواجهه ومعالجتها، مع مراعاة ظروفه الإنسانية وضمان الأمان الوظيفي ومنحه مكانته المستحقة في السلم التعليمي وضبط الرواتب والترقيات والنقل، والتعامل معه برقي واحترام، وغرس قيم احترام المُعلّم في الطلاب، ودعم دوره الإعلامي والتربوي، واللقاء الدوري معه للاستماع لملاحظاته وتذليل العقبات أمامه، وتأهيل المُعلّم وتطوير مهاراته، ورفع أدائه من خلال التدريب المستمر والتقنيات التربوية الحديثة.
خامسًا: واجبات المُعلّم
ذكرنا أن المُعلّم يعد الركيزة الأساسية في العملية التربوية؛ فهو ليس مجرد ناقل للعلم، بل مربٍّ يهتم بصقل شخصية طلابه وتنمية مهاراتهم الفكرية والأخلاقية، ومن هذا المنطلق، يترتب على المُعلّم مجموعة من الواجبات التي تستهدف تعليم طلابه، ورعايتهم، وغرس القيم الحميدة في نفوسهم، بما يعزز نموهم الشامل ويهيئهم لمستقبل مسؤول ومثمر.
مَصْلَحة الطُّلاب
إنَّ نجاح المُعلّم وتميُّزَه يُقاس بقدر الفائدة والنَّفع الذي يُحقِّقه في طلابه؛ فلذلك ينبغي على المُعلّم أن يكون حَرِيصاً على نفع طلابه وإفادتهم في مجال تَخَصُّصه، فلا يبخل عليهم بمعلومة تنفعهم، ولا يتوانى ببذل جَهد يُحَسِّنُ من مُخْرَجات التَّعلِيم والتَّعلُم لديهم.
التَّنويعُ في التَّعلِيم
ينبغي على المُعلّم أن ينوِّع في أساليب التَّعلِيم، فيتنقل في أسلوبه من التقرير والإلقاء، إلى التفاعل والحوار، ثم إلى القصص والأمثال التي تُثبِّت المَعلومة وتقربُهَا، ثمَّ إلى المُمَارَسة والتَّكرار، ولا شك أنَّ التعلِيم التَّفَاعلي الذي يكون للطالب فيه دورٌ إيجابي في الوصول إلى المعلومة أولى وأفضل بكثير من أسلوب التقرير والإلقاء.
تنمية حُبِّ القِرَاءة
إنَّ من أفضل ما يمكنُ أن يَغرِسه المُعلّم في نفوس الطَّلبة هو حُبُّ القِرَاءة والبَحث العلميِّ، فالمُعلّم لن يبقى مع الطالب في كلِّ أوقاته، كما أنَّ الطالب لن يبقى مع معلِّمه في كلِّ الأوقات؛ فلذلك ينبغي على المُعلّم أن ينمِّيَ في طلابه حُبَّ القراءة والمطالعة، ويرشدَهُم إلى ما يقرؤون وما يطالعون، ويشجعَهم كذلك على اقتناء الكُتب النافعة، والمَجَلاَّت العِلميَّة الهادفة، ويقيم بينهم المسابقات التي تجعلهم يتنافسون في الإكثار من القراءة والمطالعة.
تنميَةُ المَوَاهِبِ والإبداعات
بِذْرَة الإبداع موجودةٌ كامنةٌ عندَ أكثر الطَّلبة، والفَرق بين الطالب المُبدع وغيره أنَّ الأوَّل تَوَافَّرَت له الظروفُ المُوَاتية لِنُموِّ إبداعه وظهوره، والآخرُ لم تتوفَّر له هذه الظروف؛ فلذلك ينبغي على المُعلّم أن يسعى لتنمية إبداعاتِهم ومواهبَهم بالتَّشجيع والتَّواصل المُسْتمر.
إحسانُ التَّعاملِ مع الطَّلبةِ
تَختلف مُتَطلباتُ التَّعاملِ معَ الطَّلبة بحسبَ المَرَاحلِ الدِّراسيَّة والفِئات العُمرية التي ينتمون إليها؛ فكلُّ مرحلة عُمْرِية لها أسلوبٌ يختلف عن غيرها من المراحل؛ وذلك لاختلاف المُقتَضيَاتِ العقليَّة والنَّفسيَّة لكلِّ مَرْحَلة؛ ولذلك ينبغي على المُعلّم أن يُتقِنَ التَّعاملَ معَ الطلبة وَفقَ مُتطلباتِ المرحلة العمرية التي ينتمون إليها، وهذا يَستدعي منه أن يكون على علمٍ ودِرَايَةٍ بما يُسمَّى في عِلم التَّربية.
الحِرْصُ على أوقات الدُّروس
الوقتُ المُحدَّد للدَّرس هو من حقِّ الطُّلاب، فلا ينبغي للمُعلِّم أن يَتَساهَل بهذا الحَقِّ فيُضِيعه، كأن يأتي مُتأخِّراً، أو يتغيَّب عن الدَّرس بغير سبب، أو غير ذلك، كما أنَّه لا يجوز له أن يُضيعَ وقت الحِصَّة بتوافِهِ الأمور، أو بحاجاته الخاصَّة، كأن يُضيع الوقتَ بتصحيح أوراقِ الاختباراتِ أو الأبحاث أو الدفاتر، أو يشتغلَ بكتابة أمرٍ خاصٍّ له، أو يتحدَّثَ مع أحدِ زُملائِهِ المُدَرِّسين في أمورِهِ الخاصَّة، أو يتركَ هاتفَهُ النَّقالَ مفتوحاً ويقومَ بالرَّدِّ على ما يَرِدُ إليه من مكالمات، أو غير ذلك.
العَدلُ والمُسَاواة بينَ الطَّلبة
إنَّ عيون الطُّلاب مفتوحةٌ على تصرُّفَات مُعَلِّمِيهم، تَرْقُب حركاتِهم وكلماتهم ونظراتهم، فلذلك ينبغي على المُعلّم أن يكون عَدْلاً بين طلابِه، فلا يظهر ميلَهُ لطالبٍ دون طالب مهما كانت الدَّوافع، بل لا يُفرِّق بينَهم في النَّظَرَات والبَسَمَات، وكذلك الحَوافِزُ الإيجابيَّة أو السلبيَّة، ويعامِلُ الجميعَ على قَدَمِ المُسَاوَاة.
إسداء النصح والإرشاد للطلاب
لا ينبغي أن يقتصر دورُ المُعلّم على الجانب المعرفي فحسب، بل عليه أن يمارس دورَهُ في التَّوجيه والإرشاد للأخلاق الفاضلة، والسلوك القويم، وأن يقدِّم النُّصحَ لطلابه فيما ينفعهم في الحال والمآل، كما عليه أن يعالج أخطاء الطُّلاب بالتي هي أحسن، فيتعامل معهم كما يتعامل الأب الشفيق الرَّفيق مع أبنائه، الذين يريد لهم الخير، ويدفع عنهم الشرَّ.
سادسًا: التحديات التي تواجه المعلمين
وعن أهم التحديات التي تواجه المعلمين في مجتمعاتنا العربية استطلعنا آراء بعض المتخصصين، في المجال التربوي، ومن هؤلاء د. سندس العبيد (الأستاذة بكلية الشريعة جامعة الكويت)؛ حيث سألناها عن أهم التحديات التي تواجه المعلمين في مجتمعاتنا العربية فقالت: 1- ضعف دافعية الطلاب للتعلم: يُعد ضعف الحافز الذاتي لدى الطلاب أحد أكبر التحديات التي يواجهها المعلم في الصف، فبعض الطلاب يفتقر إلى الرغبة في الاستزادة من المعرفة أو المشاركة الفاعلة، مما يجعل العملية التعليمية أحادية الاتجاه؛ حيث يضطر المعلم إلى بذل جهد إضافي لإثارة الاهتمام وتحفيزهم على المشاركة، ويترتب على هذا الضعف انخفاض مستويات التحصيل الدراسي، وتأخر اكتساب المهارات الأساسية، مما يفرض على المعلم البحث المستمر عن أساليب تحفيزية مبتكرة تتناسب مع طبيعة كل طالب. 2- ضعف المستوى العلمي لدى الطلاب: يمثل تدني التحصيل العلمي والمعرفي لدى بعض الطلاب عائقًا كبيرًا أمام العملية التعليمية، فالمعلم يجد نفسه مضطرًا لتخصيص جزء كبير من الوقت لإعادة شرح المفاهيم الأساسية، بدلاً من التقدم في المنهج أو التركيز على تنمية التفكير النقدي والإبداعي، هذا الأمر يستهلك وقتًا وجهدًا كبيرين، ويؤثر على سير الدروس، ويزيد الضغط على المعلم، مما يجعله مطالبًا بإيجاد توازن بين رفع المستوى العلمي للطلاب والحفاظ على جودة التعليم للصف بأكمله. 3- عدم الجدية والاجتهاد في الطلب: قد يعاني المعلم من عدم جدية بعض الطلاب في الدراسة وعدم تحملهم المسؤولية تجاه تعلمهم، سواء في الحضور المنتظم أو أداء الواجبات والمشاريع، وهذا السلوك يعطل العملية التعليمية، ويجعل المعلم مطالبًا بالتحفيز المستمر والمتابعة الفردية لكل طالب، لتفادي تراجع المستوى العام للصف، ويؤكد الخبراء التربويون أن غرس روح الاجتهاد والانضباط منذ المراحل الأولى هو السبيل الأكثر فاعلية لضمان التزام الطلاب وجديتهم في التعلم.
تحديات المُعلّم في ظل التحول الرقمي
أمّا د. سالم الحسينان (الخبير التربوي وعضو في المجلس العربي للموهوبين والمتفوقين)، فذكر أن أهم التحديات التي تواجه المعلم في مجتمعاتنا العربية هو التحول الرقمي الذي فرض على المُعلّمين أن يتقنوا أدواتٍ جديدة من أهمها: المنصات التعليمية، والتقويم الإلكتروني، والتفاعل الافتراضي، وأساليب الذكاء الاصطناعي في التعليم، وكذلك التعليم النشط؛ فلذلك يحتاج المعلم إلى تغيير طريقة تقويم الطالب بما يتناسب مع الحصة الدراسة حتى لا يكون هناك ازدواجية في المعايير، غير أن الواقع يشير إلى أن كثيرًا من المُعلّمين ما زالوا يعانون ضعف التأهيل التقني وقلة التدريب المستمر، مما يجعلهم في صراعٍ دائم مع متطلبات العصر، وما يزيد التحدي عمقًا أن هذا التحول لا يتوقف عند التقنية فحسب، بل يمتد إلى تحولات فكرية وقيمية يعيشها الطلاب في بيئةٍ مفتوحة، تتعدد فيها المرجعيات وتتداخل فيها الثقافات، فيصبح على المُعلّم أن يجمع بين الكفاءة التقنية والحكمة التربوية؛ ليحافظ على هوية أبنائه وسط هذا التيار الجارف، وفي خضم هذه التحديات، يظل المُعلّم في الوطن العربي أمام فرصةٍ ذهبية إن أحسن استثمارها.


اعداد: وائل رمضان









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 103.46 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 101.74 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.66%)]