|
|||||||
| الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
تكنولوجيا النانو ما لها وما عليها (1-3) كتبه/ علاء بكر فتُعَدُّ تقنية النانو تقنية المستقبل، وقد بدأت هذه التقنية الواعدة تَدْخُل بالفعل في مجالات عديدة في حياتنا، في الطب والصناعة والإلكترونيات والمجال العسكري؛ كما أنها تَحْمِل كثيرًا من الحلول لمشكلاتنا البيئية والصحية والتقنية. ونظرًا لكون تقنية النانو حديثة نسبيًّا، فليس من السهل على كل الدول البراعة فيها؛ خاصة الدول الأقل تقدمًا والأضعف في الإمكانيات، فتوطين تقنية النانو في أي دولة يتطلب التركيز على مجالات محددة تتوافق مع خطط وأهداف التنمية الوطنية وتراعي الخبرات المتاحة لنقل هذه التقنية سواء داخل مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي أو في العمالة في القطاعات الإنتاجية والخدمية. وتُستخدم كلمة (النانو) للدلالة على الجزء من المليار من وحدة القياس من الكتلة أو المسافة، والنانو يعادل طول خمس ذرات إذا وُضِعت الواحدة تلو الأخرى، بما يمثل واحدًا على مائة ألف من قطر شعرة الإنسان. وقد كانت تقنية الميكرو هي التقنية المستخدمة في الأنظمة التقنية قبل ظهور تقنية النانو، حيث إن الميكرومتر هو مقياس طولي يساوي جزءًا من المليون من المتر. وقد استُخدمت الأجهزة الميكروية في عدد من الصناعات مثل طابعات الحبر النفاثة، ومجسات الضغط لقياس الهواء في إطارات السيارات والقافلات الضوئية المستخدمة في الاتصالات وفي إرسال المعلومات وغير ذلك. وقد أتاحت مادة السيليكون التي تُعَدُّ العصب الرئيس لصناعة الدوائر الإلكترونية المتكاملة العمر الطويل للأجهزة الميكروية لتعمل دون عطب. واليوم تأتي تقنية النانو لتحل بديلًا عن الميكرو، حيث يمكن تصنيع الأجهزة الكهروميكانيكية والإلكترونية النانوية، وبالتالي تقليل حجم كل تلك الأجهزة المستخدمة بمقدار ألف مرة عن حجم أجهزة الميكرو، مما يؤدي إلى تغيير خصائص تلك الأجهزة إلى الأفضل، مما تُعَدُّ معه تقنية النانو أهم وأكبر الفتوحات العلمية التي توصل إليها الإنسان في العصر الحاضر، والتي تُعَقَّد عليها الآمال في تطوير مناحي الحياة والعيش معها بصورة أفضل. علم النانو: هو العلم الذي يتعامل مع المواد في مستواها الذري والجزيئي بمقياس لا يزيد عن 100 نانومتر، ويهتم باكتشاف ودراسة الخصائص المميزة لمواد النانو. وقد ظهر مسمى تقنية النانو لأول مرة في السبعينيات عبر العالم الياباني في جامعة طوكيو البروفيسور نوريو تانيغوشي الذي ذكر أن تقنية النانو ترتكز على عمليات فصل واندماج وإعادة تشكيل المواد بواسطة ذرة واحدة أو جزيء، أي عمليات دقيقة للغاية تتم على مستوى الذرات والجزيئات بفصل أو ربط أو تغيير في المادة بمقدار ذرة واحدة أو جزيء واحد. وجاءت كلمة النانوتكنولوجيا لتعني تقنية المواد المتناهية في الصغر، أو التقنية المجهرية أو تقنية المنمنمات. فهي التقنية التي تُعْطِينا القدرة على التحكم المباشر في المواد والأجهزة التي أبعادها تقل عن 100 نانومتر، وذلك بتصنيعها وبمراقبتها وقياس ودراسة خصائصها. ويقوم أساس عمل تقنية النانو على إعادة ترتيب الذرات لتصنيع جزيئات جديدة ذات مواصفات جديدة محددة ومخطط لها. وفي عام 1986 بدأ أول استخدام لمصطلح تقنية النانو في الأوساط العلمية بعدد من المحاضرات، وظهور بعض الكتب حول هذه التقنية، ولكن كانت تقنية النانو وتطبيقاتها وقتها مجرد فرضيات بعيدة في نظر الكثيرين عن الواقع التطبيقي والعملي. وخلال العشرين سنة الأخيرة استطاعت الأجهزة والتقنيات الحديثة أن تجعل من التعامل مع عالم الذرات ومع جسيمات النانو أمرًا ممكنًا من الناحية العملية. من وجهة النظر الفيزيائية الإلكترونية: تُعَدُّ تقنية النانو هي الجيل الخامس في عالم الإلكترونيات، إذ سبقها أربعة أجيال مهدت للمرحلة الراهنة، وهي: الجيل الأول: المصباح الإلكتروني، ويدخل فيه التلفزيون. الجيل الثاني: استخدام الترانزستور بتطبيقاته الواسعة. الجيل الثالث: الدوائر المتكاملة، والتي كانت قفزة هائلة اختزلت حجم العديد من الأجهزة ورفعت كفاءتها وعددت من وظائفها. الجيل الرابع: المعالجات الدقيقة، والتي أنتجت الحاسوب الشخصي والرقائق الحاسوبية السيليكونية. الجيل الخامس: وهو الجيل الحالي، جيل الجزيئات المتناهية الصغر (المنمنمات)، والتقنية المجهرية الدقيقة، وتكنولوجيا النانو. ومما لا شك فيه: أن تقنية النانو سوف تدفع بالبشرية نحو علم مذهل، فمن المتوقع لهذه التقنية إحداث سلسلة من الثورات والاكتشافات العلمية خلال العقود القليلة القادمة، وما سيرافقها من تغيير هائل في الكثير من ملامح الحياة في شتى المجالات، فتقنية النانو تقنية متشعبة، ويمكنها أن تقدم في كل يوم ابتكارات تغير وجه العالم وتصنع ما يشبه المعجزات في جميع فروع العلوم المختلفة. ومن تلك المجالات التي سيكون لتقنية النانو فيها دورها في مجال التغذية؛ سواء على مستوى الزراعة أو الإنتاج الغذائي أو على مستوى حفظها والمحافظة على قيمتها الغذائية، حيث تعمل العديد من الشركات على تطوير مواد نانوية تؤثر في طعم وسلامة الأغذية وفوائدها الصحية. كما أمكن إضافة النانو كمادة في تصنيع عصائر الفواكه وكذلك الأجبان. ومع أن جميع المواد التقليدية تُعَدُّ بمثابة خامات أولية تُستخدم في تخليق المواد النانوية، فإن المواد النانوية المخلقة منها لها خواص فيزيائية وكيميائية وميكانيكية مختلفة وفريدة عن المواد التقليدية، ويمكن تصنيع المواد النانوية على عدة أشكال بناءً على الاستخدام المقرر لهذه المواد. من أهم خواص المواد النانوية التي حصلت عليها نتيجة اتساع مساحة سطحها الخارجي: - زيادة درجة صلابة المواد الفلزية وزيادة مقاومتها للأحمال الواقعة عليها، وذلك كنتيجة لتصغير حجم حبيبات المادة وبالتالي وجود أعداد ضخمة من الذرات على أوجه سطحها الخارجي. - القدرة على الحد من التلوث البيئي، حيث تعمل المواد النانوية كمحفزات تتفاعل بقوة مع الغازات السامة. - خفض درجة انصهار المواد بتصغير أبعاد حبيباتها. فالذهب مثلًا في حجمه الطبيعي ينصهر عندما يصل إلى درجة حرارة 1064 مئوية، ولكن تقل درجة هذا الانصهار إلى 500 درجة مئوية بعد تصغير حبيبات الذهب إلى نحو 35 نانومتر. - قدرة الخواص البصرية للمواد النانوية على صناعة شاشات تلفاز وحواسيب وهواتف نقالة عالية الجودة فائقة التباين ونقية الألوان. - قدرتها الزائدة على توصيل التيار الكهربائي نتيجة تصغير أحجام حبيبات المواد إلى أقل من 10 نانومتر. - زيادة قوة وفاعلية قدرة المواد النانوية المغناطيسية نتيجة صغر حبيبات المادة وتضاعف وجود الذرات على أسطحها الخارجية. - زيادة قدرة المواد النانوية البيولوجية لزيادة قدرتها على النفاذ واختراق الموانع والحواجز البيولوجية، وتحسين التلاؤم والتوافق البيولوجي، وهذا مما يسهل وصول العقاقير العلاجية والأغذية إلى خلايا معينة في الجسم، كما يمكن أيضًا تصنيع مركبات نانوية بأن نُضِيف للمواد خلال تصنيعها نسبة مئوية منخفضة لا تتعدى 5% من الجسيمات النانوية، وهي عبارة عن تجمع ذري أو جزيئي ميكروسكوبي يتراوح عددها من بضع ذرات أو جزيئات إلى مليون ذرة، مرتبطة ببعضها بشكل كروي تقريبًا بنصف قطر أقل من 100 نانومتر، ونتيجة لتلك الإضافة يظهر تحسن كبير في خصائص تلك المواد (المركبات). ورغم وجود التعاريف الكثيرة لتكنولوجيا النانو وعدم الاتفاق على تعريف بعينه منها، شأنها في ذلك شأن العلوم الناشئة الأخرى، فإنه يمكن تعريف تكنولوجيا النانو: بأنها تداول أو ضبط أو موضعة أو قياس أو صوغ أو تصنيع مواد حجمها أقل من 100 نانومتر. التطور التاريخي لتقنية النانو وأهم روادها: في ديسمبر عام 1959، تحدث عالم الفيزياء الشهير ريتشارد فاينمان في محاضرة له في الجمعية الفيزيائية الأمريكية عن إمكانية التحكم في إعادة ترتيب الجزيئات والذرات في المادة في مقياس صغير، وعلى مقياس أصغر فأصغر، وبذلك يمكن بناء الآلات وإجراء عمليات لإنتاج أجسام على مستوى الجزيئات. وقد توقع أن يكون للبحوث حول خصائص المادة عند مستويات النانو دورًا أساسيًّا في تغيير الحياة الإنسانية. وهو وإن لم يشر إلى تقنية النانو بشكل مباشر، لكنه تحدث بشكل استشرافي عن مستقبل التقنية البشرية وملامح تلك التقنية التي ستمكن البشر مع تقدم العلوم من تصنيع آلات دقيقة. عالم الرياضيات ريتشارد فاينمان: - هو عالم فيزياء أمريكي شهير، عمل في أبحاث تطوير القنبلة الذرية في الأربعينيات من القرن العشرين الميلادي. نال جائزة نوبل في عام 1965. تنبأ في إحدى محاضراته بحدوث ثورة تكنولوجية وطفرة في تخليق مواد جديدة يتحكم الإنسان في ترتيب ذراتها لتصنيع أجهزة متناهية في الصغر لا تتعدى أحجامها حجم خلية بكتيرية أو فيروس، لكنها قادرة على تنفيذ الأعمال الدقيقة جدًّا، فكان له بذلك فضل أول من قام بالتفكير في تقنية النانو. وقد احتاج العلماء لأكثر من عشرين عامًا من العمل في جد ومشقة ليبرهنوا على صحة تلك الفرضية ثم تحويلها إلى حقيقة وواقع ملموس. - في عام 1969، اقترح ليو إيساكي تصنيع تركيبات شبه موصلة بأحجام النانو، وتصنيع شبكات شبه موصلة مفرطة الصغر. - في عام 1974، أطلق العالم الياباني نوريو تانيغوشي تسمية تقنية النانو على عمليات هندسة المواد الدقيقة في المستوى النانومتري. وفي عام 1979، ذكر تانيغوشي في ورقة علمية له منشورة في مؤتمر الجمعية اليابانية للهندسة الدقيقة تعريفه لتقنية النانو، وأنها ترتكز على فصل ودمج وإعادة تشكيل المواد بواسطة ذرة واحدة أو جزيء. الباحث الياباني نوريو تانيغوشي: - يُعَدُّ أول من أطلق مصطلح التقنية النانوية، وذلك عام 1974، ليعبر به عن وسائل وطرق تصنيع وعمليات تشغيل عناصر ميكانيكية وكهربائية بدقة عالية. - العالمان جيرد بينيغ وهاينريش روهرر، هما من قاما في عام 1981 باختراع المجهر النفقي الماسح، مما ساعد على ازدياد البحوث المتعلقة بتصنيع ودراسة التركيبات النانوية للعديد من المواد. وقد حصل العالمان معًا على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1986 على اختراعهما هذا. - والمجهر النفقي الماسح جهاز يقوم بتصوير الأجسام التي بحجم النانو، مما زاد من البحوث المتعلقة بتصنيع ودراسة التركيبات النانوية للعديد من المواد. ومن ثم بعد ذلك بعدة سنوات استطاع العالم الفيزيائي إيغلز من تحريك الذرات باستخدام المجهر النفقي الماسح، مما فتح مجالًا جديدًا لإمكانية تجميع الذرات المفردة مع بعضها. - في عام 1985، تم اكتشاف الفلورينات عن طريق هارولد كروتو وريتشارد سمالي وروبرت كيرل، والفلورينات عبارة عن جزيئات تتكون من 60 ذرة كربون تتجمع على شكل كرة، وقد حصلوا على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1996. العالم المهندس إريك دريكسلر: - مهندس أمريكي، ولد في أوكلاند بكاليفورنيا في إبريل 1955، يُعَدُّ رائد تكنولوجيا النانو، خاصة في مجال الهندسة على المستوى الجزيئي. اشتهر في السبعينيات والثمانينيات. وهو أول من حصل على درجة الدكتوراه في تقنية النانو الجزيئية، وذلك من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. يُنسب إليه صياغة مفهوم تقنية النانو الجزيئية التي تتضمن هندسة المادة على المستوى الذري والجزيئي. نشر كتابه (محركات التكوين) في عام 1986 الذي يُعَدُّ البداية الحقيقية لعلم النانو؛ لذا يُعتبر المؤسس لعلم النانو، شرح في كتابه كيف يمكن للآلات الدقيقة التي تعمل على المستوى الجزيئي أن تبني الأشياء ذرة بذرة، وكيف يمكن لهذه الآلات أن تُستخدم في مختلف التطبيقات من الروبوتات الطبية إلى تنقية الهواء. لُقِّبَ بعراب تقنية النانو، لكونه أول من طرح مفهوم تقنية النانو الجزيئية وتأثيرها المحتمل على الحضارة الإنسانية. - في عام 1991، اكتشف العالم الياباني سوميو إيجيما أنابيب الكربون النانوية. وترجع أهميتها نظرًا لتركيبها المتماثل وخصائصها المثيرة، واستخداماتها الواسعة في التطبيقات الصناعية والعلمية وفي الأجهزة الإلكترونية الدقيقة والأجهزة الطبية الحيوية، حيث إن لهذه الأنابيب خصائص غير عادية من حيث الصلابة وتوصيل الكهرباء، وغير ذلك. - في عام 1993، تمكن العالم دونالد بيثون من رصد نانوتيوب مكونة من طبقة واحدة، ويبلغ قطر الأنبوب الواحد منها 12 نانومتر. بعدها انطلق العلماء في مجال النانوتيوب، وهي الأنابيب في مقياس النانو، حيث رصد فريق من علماء الصين أصغر نانوتيوب في العالم ويصل قطره إلى 0.5 نانومتر. - في عام 1995، تمكن العالم الكيميائي منجي باوندي من تحضير حبيبات من أشباه الموصلات (الكادميوم / الكبريت) ذات قطر 3 – 4 نانومتر. - في عام 2000، تمكن العالم الفيزيائي العربي الأصل منير نايفة من تصنيع عائلة من حبيبات السيليكون، أصغرها ذات قطر واحد نانومتر، وتتكون من 29 ذرة سيليكون، وتعطي هذه الحبيبات عند تعرضها للضوء فوق البنفسجي ألوانًا مختلفة بحسب قطرها. الدكتور منير نايفة: - عالم ذري من أصل فلسطيني. ولد في ديسمبر عام 1945 بقرية شويكة بجوار طولكرم. نجح في تحريك الذرات منفردة ذرة بذرة. وهو يعمل على تأسيس فرع جديد في علم الكيمياء يُدعى كيمياء الذرة المنفردة، وهو علم يمهد لطفرة طبية تُساهم في علاج العديد من الأمراض التي عجز العلم أمامها طويلًا، حيث يتيح هذا الإنجاز بناء أجهزة ومعدات مجهرية لا يزيد حجمها عن عدة ذرات بما يمكننا من إدخالها في جسم الإنسان وتسير داخل الشرايين لتصل إلى أعضاء الإنسان الداخلية. وللنايفة ما يزيد عن 130 مقالًا وبحثًا علميًّا، كما شارك مع آخرين في إعداد وتأليف العديد من الكتب عن علوم الليزر والكهربية والمغناطيسية، لذا دُوِّن اسمه في العديد من موسوعات العلماء والمشاهير الأمريكيين في العالم. - في عام 2000، أعلنت أمريكا مبادرة تقنية النانو الوطنية لجعل تقنية النانو تقنية وطنية إستراتيجية، وفتح المجال لدعمها في جميع المجالات العلمية والجامعية والصناعية. - في عام 2002، أُنشئ في اليابان مركز متخصص للباحثين في تقنية النانو، تم فيه توفير جميع الأجهزة المتخصصة اللازمة لهم. - في عام 2004، بدأت مرحلة التطبيقات الصناعية لتقنية النانو، حيث استُخدمت المواد النانوية في صناعة المطاط الماليزي، وكانت النتائج مذهلة إذ قفزت الخصائص الميكانيكية للمطاط من 12 إلى 20 ضعفًا بإضافة أجزاء بسيطة من المواد النانوية. - في عام 2008، منح الرئيس الأمريكي جورج بوش العالم الدكتور مصطفى السيد قلادة العلوم الوطنية الأمريكية، تقديرًا لجهوده في استخدام تقنية النانو في علاج مرض السرطان بواسطة مركبات الذهب الدقيقة. الدكتور مصطفى السيد: عالم كيمياء من أصل مصري، ولد في عام 1933 في مدينة أبو كبير بمحافظة الشرقية. حصل على جائزة الملك فيصل العالمية للعلوم عام 1990. وحصل على العديد من الجوائز الأكاديمية العلمية من مؤسسات العلوم الأمريكية المختلفة. ومُنح أيضًا زمالة أكاديمية علوم وفنون السينما الأمريكية، وعضوية الجمعية الأمريكية لعلوم الطبيعة، والجمعية الأمريكية لتقدم العلوم، وأكاديمية العالم الثالث للعلوم. وقد تركزت أبحاثه حول استخدام تقنية النانو في مجال الطب، خاصة أبحاث علاج مرض السرطان. وهو أول مصري وعربي يحصل على قلادة العلوم الوطنية الأمريكية، والتي تُعَدُّ أعلى وسام أمريكي في العلوم، وذلك لإنجازاته في مجال تكنولوجيا النانو وتطبيقها باستخدام مركبات الذهب الدقيقة في علاج مرض السرطان. الدكتور سامي بن سعيد بن علي حبيب: هو مدير مركز التميز البحثي في تقنية النانو بجامعة الملك عبد العزيز بالمملكة العربية السعودية، وأحد رواد تقنية النانو الأوائل بالمملكة. استطاع أن ينقل أفكاره عن هندسة الطيران إلى علم النانو. بدأ اهتمامه بتقنيات النانو في عام 1998 من خلال أبحاثه عن المواد المركبة لاستخدامات منشآت الطيران والمركبات الطائرة. وقد قام بالكثير من الأبحاث في هذا المجال، منها أبحاث في الأنابيب الكربونية النانوية. له العديد من الدراسات والمقالات عن طبيعة تقنية النانو وتطورها، وعن التحديات التي ستواجه تقنيات النانو، كما أن له ورقة علمية عن تقنيات النانو للعالم النامي، وأخرى عن تطبيقات النانو في مجال الطب. وهو مؤسس الجمعية السعودية لتقنيات النانو، والمدير المؤسس لمركز التقنيات متناهية الصغر (النانو) بجامعة الملك عبد العزيز بالسعودية. وللحديث بقية -إن شاء الله-.
__________________
|
|
#2
|
||||
|
||||
|
تكنولوجيا النانو ما لها وما عليها (2-3) كتبه/ علاء بكر فمن أهم وأعظم تطبيقات تكنولوجيا النانو تطبيقاتها في مجال الطب؛ إذ إنها تَرتبط بصحة الإنسان وحياته. ولقد بدأنا نعيش عصر تقنيات طبية نانوية ستُغيِّر كثيرًا من الطرق التقليدية في علاج الأمراض، وتَفتح أبواب الأمل في العلاج لكثير من الأمراض، ومنها أمراض كنا نراها مستعصية، ومن هنا يرى الباحثون أن طب النانو هو طب المستقبل. من تطبيقات تقنية النانو في العلاج بالأدوية: يتوقع العلماء طفرة كبيرة في مفهوم العلاج بالأدوية، وتشير الأبحاث المنشورة حديثًا إلى إمكانية حمل وتوجيه وتوصيل أدوية العلاج إلى الأجزاء المصابة في جسم الإنسان دون غيرها، مع التحكم في جرعات العلاج على فترات زمنية مختلفة، وذلك من خلال تصنيع جسيمات متناهية الصغر وتغيير خصائصها، مما يُعطيها القدرة على دخول جسم الإنسان والحركة والانتقال فيه من خلال الشعيرات الدموية والأغشية الحيوية داخل الجسم، بما يُعطي القدرة على إيصال الدواء عن طريقها إلى أعضاء وأنسجة محددة دون غيرها. وهذه الأبحاث -ما زالت- في مراحلها الأولية وتحتاج إلى وقت طويل حتى يتم التأكد من سلامتها حال دخولها جسم الإنسان، وهي تقنية -بلا شك- عظيمة الفوائد في تطوير طرق إيصال الدواء. ومن فوائدها: - القدرة على توجيه الدواء مباشرة إلى الجزء المصاب في جسم الإنسان تحديدًا دون التأثير على الأنسجة السليمة القريبة منه. - التحكم في عملية إطلاق العلاج داخل جسم الإنسان على فترات زمنية محددة وبكميات محددة. - تقليل التسمم الناتج عن استخدام جرعات زائدة عن الحاجة. - تقليل تكاليف الدواء، وتوفير طرق علاج بتكلفة أقل. - تقليل معاناة المرضى من الآلام والمتاعب من خلال استخدام طرق العلاج التقليدية. ومن المتوقع أن تُساهم الجسيمات النانوية للمركبات غير العضوية في تحسين إيصال الدواء لسهولة تحضيرها والتحكم في شكلها وحجمها وقدرتها على التكيف مع درجة الحرارة المحيطة بها، وقدرتها كذلك على حماية المركبات الحيوية المرتبطة بها، فهذه الجسيمات متوافقة مع أنظمة الجسم الحيوية، ودرجة سميتها ضعيفة جدًّا. ومن صور ذلك: ما أظهرته بعض الدراسات الحديثة من إمكانية استخدام جسيمات السيليكا متناهية الصغر في احتواء عقار مضاد للسرطان قابل للتفاعل مع الضوء، يمكن تفعيله عند وصوله إلى منطقة الورم عن طريق تسليط الضوء بطول موجي محدد، مما يُقلل الآثار السلبية على الأنسجة السليمة المجاورة، كما يمكن أن تَلعب الجسيمات النانوية للمركبات العضوية أيضًا دورًا كبيرًا في إيصال الدواء إلى مناطق الجسم المصابة؛ لما لها من خصائص فريدة متعلقة بشكلها والقدرة على بناء النهايات الخارجية لربط المركبات بها، كما يمكن الاستفادة من تجويفها الداخلي لحمل الدواء وإيصاله إلى المنطقة المصابة، ولقدرتها على الذوبان في الماء والزيت في آن واحد، يمكنها حمل المركبات الدوائية المختلفة الذوبان، ثم إطلاقها بمعدل مناسب للعلاج. المساهمة في اكتشاف الأدوية: سوف تُساهم تقنية النانو في اكتشاف العقاقير المختلفة؛ مما سيزيد من الأدوية المرشحة للاستخدام من خلال الدراسات بمقدار ثلاثة أضعاف المركبات الدوائية الموجودة حاليًا. ومن هذه الأدوية المرشحة للتصنيع والاستخدام في العلاج: النانوبيوتك: وهي البديل الجديد للمضادات الحيوية، والتي يمكنها القضاء على سلالات البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية. فمن ذلك أن الباحثين استطاعوا إدخال نانو الفضة إلى المضادات الحيوية، وذلك عن طريق تصغير حبيبات الفضة إلى أقطار تقل عن واحد نانومتر، مما يعمل على زيادة كبيرة في مساحة سطح الحبيبات. وتشير نتائج الأبحاث إلى أن حبيبات الفضة البلورية لها قدرة مدهشة على قتل أنواع كثيرة من الميكروبات الضارة. مواد التعقيم: فقد نجحت شركة يابانية باستخدام تقنية النانو ومادة التيتانيوم في إنتاج سائل شفاف عديم اللون والرائحة من أكسيد التيتانيوم، له مواصفات خاصة يمكن استخدامه في أعمال التعقيم للقضاء على البكتيريا ومقاومة الروائح، وقد استُخدم هذا السائل في مستشفيات كبيرة لتعقيم غرف العمليات وغرف المرضى وفي علاج العديد من حالات التلوث. صناعة الدواء داخل جسم الإنسان: حيث تمكن فريق من الباحثين من تصنيع كبسولة نانوية دقيقة لها القدرة على الاستجابة لمؤثر خارجي للبدء في تصنيع جزيئات دوائية بروتينية داخل الجسم بطريقة تحاكي الطريقة التي يتم بها تصنيع تلك البروتينات داخل الكائنات الحية. وهذه الآلات النانوية عبارة عن كبسولات مفرغة مصنوعة من مواد دهنية، يقدر حجمها بحوالي 170 نانومتر، تحتوي على آلية تقوم بتصنيع جزيئات من البروتين ذات خصائص دوائية تشبه آلية تصنيعها داخل جسم الإنسان، تتكون من أجزاء من الحمض النووي المحبوسة داخل قفص من مادة تتحلل ضوئيًا، بالإضافة إلى بعض الإنزيمات والأحماض الأمينية وأجسام الريبوسوم. وعندما تستجيب تلك الآلية للمؤثر الخارجي -وهو عبارة عن شعاع ليزر فوق بنفسجي- يقوم بتحليل القفص الذي به الحمض النووي ليتم تحريره، ثم يتم نسخ ذلك الحمض النووي إلى حمض نووي ريبوزي يتم ترجمته عبر الريبوسوم بواسطة إنزيمات النسخ وبمساعدة إنزيمات أخرى لتكوين البروتين الدوائي المطلوب، أي يتم تصنيع الدواء داخل الجسم عبر تلك المصانع النانوية، مع القدرة على التحكم في إطلاق ذلك الدواء عند الحاجة فقط. وعلى الرغم من أن أمام تلك الآلات النانوية عدة سنوات -تقصر أو تطول- قبل أن تكون متاحة للاستخدام بالفعل، فإن هذا المفهوم الدوائي هو شرارة البدء لثورة من نوع آخر للقضاء على الأمراض وتوفير صحة أفضل للبشر. تطبيقات تقنية النانو في تشخيص الأمراض: يُساهم التشخيص الطبي الدقيق في الاكتشاف المبكر للأمراض، مما يُعجل بالعلاج الناجح وبأقل تكلفة، مع الراحة النفسية للمرضى بتقليل فترة العلاج. وتُعقد الآمال على تقنية النانو في تطوير عمليات التشخيص المبكر ومعرفة أسباب الأمراض وطرق حدوثها مبكرًا. ومن أمثلة ذلك: تطوير التصوير بالرنين المغناطيسي لزيادة كفاءة الصور ثنائية وثلاثية الأبعاد، ليصبح التباين بين الأنسجة الطبيعية وغير الطبيعية واضحًا في مراحله الأولى. فجهاز التصوير بالرنين المغناطيسي له قدرة عالية على تصوير الأنسجة اللينة والتعرف على أنواع الأورام، عن طريق عوامل مختلفة تؤثر في الإشارة المستقبلة من النسيج، حيث تتأثر قيم هذه العوامل بالوضع التركيبي والفسيولوجي في الأنسجة الطبيعية عنها في الأورام؛ إلا أن التمييز بين قيم العوامل في الأنسجة الطبيعية في حالة المراحل الأولية من المرض يشكل تحديًا كبيرًا. وهنا يأتي دور جسيمات النانو عمليًا من خلال الارتباط بمنطقة الورم عند إدخالها الجسم، مع القدرة على التحكم في سيرها والتأكد من وصولها إلى منطقة النسيج المتوقع انتشار المرض فيه، ومن ثم تأثيرها على قيم العوامل المقاسة في الجهاز، بما يُسهل معه تحديد منطقة الورم وحجم الورم ومدى انتشاره عند الحصول على الصورة التشخيصية من جهاز التصوير. المساهمة في متابعة الأمراض: إذ يمكن لتقنية النانو المساهمة في تحليل العينات في وقت قصير وبحجم أقل، مما يُمكِّن الأطباء المعالجين من اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب. وسوف تُوفر تقنيات التصوير المرتبطة بالجسيمات المتناهية الصغر الفرصة لمتابعة تطور الأمراض ومراحل علاجها، خاصة في علاج السرطان بكافة أنواعه المختلفة. فكما يمكن استخدام الجسيمات المتناهية الصغر في توصيل الدواء إلى مناطق الأورام السرطانية، يمكن في الوقت نفسه متابعة مدى قتل الدواء للخلايا السرطانية ودرجة انكماش الورم، وذلك دون أي تدخل جراحي. تطبيقات تقنية النانو في أمراض السرطان: مرض السرطان بكل أنواعه أخطر الأمراض التي تَفتك بالإنسان على مستوى العالم. وتتم معالجة السرطان بالتدخل الجراحي وبالعلاج الكيميائي وبالعلاج الإشعاعي، وفي كثير من الحالات يتم اكتشاف السرطان متأخرًا، مما يُعجل بانتشاره في الجسم، ويُقلل من فرص النجاح في علاجه؛ لذا فإن أي تقدم في التشخيص المبكر للأورام، أو في إيجاد سبل فعالة في علاجها، يُعد من الأمور المهمة للغاية. ويُعقد الباحثون على تقنية النانو الآمال في المساهمة في التخفيف من معاناة مرضى السرطان، سواء في الاكتشاف المبكر للأورام أو في العلاج الفعال، حيث يمكن استخدام نانو الذهب في تشخيص مرض السرطان، حيث وجد أن حبيبات الذهب يتغير لونها باختلاف حجم جزيئاتها، فجزيئات الذهب في مستوى النانو تُعطي اللون الأحمر، والجزيئات الأقل حجمًا تُعطي اللون الأصفر، بينما جزيئاته الصغيرة جدًّا تُعطي اللون الأخضر. فبتعريض الخلايا لجزيئات الذهب، فإن الجزيئات الحمراء -لحجمها الكبير- تلتصق بسطح الخلية من الخارج لعجزها عن المرور إلى داخل الخلية، أما الجزيئات الصفراء فتَعبر الغشاء الخلوي وتبقى في السيتوبلازم، بينما الجزيئات الخضراء -الأصغر حجمًا- فتَدخل إلى باقي أجزاء الخلية، وبالتالي يتم صبغ الخلية بألوان مختلفة تُساعد على دقة التشخيص. كما أكَّد باحثون في دراسة نشرت أنهم استخدموا جسيمات الذهب بحجم النانو مغلفة بمادة بوليمرية يُحقن بها الجسم، فتُمكِّن أجهزة الأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي من تشخيص أورام الكبد بحجم دقيق جدًّا مقارنة بالتقنيات المستخدمة حاليًا. وقد اكتشف العلماء أن الذهب على مستوى النانو يتمتع ببعض الخواص العلاجية لمرض السرطان؛ إذ إن جزيئات الذهب في حجم النانو لها القدرة على امتصاص الضوء وتحويله إلى طاقة حرارية، وقد تم الاستفادة من تلك الخاصية في علاج السرطان من خلال حقن الورم بجزيئات نانو الذهب التي تُوضع داخل جزيئات خاصة تُمكِّنها من دخول خلايا السرطان فقط دون الخلايا الأخرى السليمة، وعند تسليط كمية معينة من الضوء على الورم، تمتصه جزيئات الذهب وتحوله إلى حرارة بدرجة كافية لقتل وتدمير الخلايا السرطانية دون الإضرار بالخلايا الأخرى السليمة. وقد نجح الباحثون في تطوير جسيمات نانوية بإمكانها التحرك في دم المريض والوصول إلى الأورام وتعقب خلايا السرطان، ويمكنها إطلاق علاج يوقف عمل جين مهم وجد أنه يُساعد على نمو السرطان في الجسم. تطبيقات النانو في طب العيون: منها: تصحيح البصر بمساعدة تكنولوجيا النانو، حيث تُستخدم معدات بحجم النانو يتم عن طريقها نقل معلومات كهربائية إلى قرنية اصطناعية. وقد وجد أنه عندما تُغطى الشرائح بعناصر نانو مصنوعة من الماس الاصطناعي، يتم زرعها في العين المصابة، فيستعيد المريض جزءًا من قدرته البصرية. ومنها: استخدام فقاعة صغيرة من الجرافين -وهو عبارة عن صفيحة كربونية سمكها ذرة واحدة فقط- في صناعة عدسة بصرية قابلة لتغيير بعدها البؤري بالتحكم في انحناء هذه الفقاعات عن طريق تطبيق جهد خارجي. ومثل هذه العدسات يمكن استخدامها في كاميرات الهواتف النقالة وكاميرات الويب وفي النظارات الطبية ذات التركيز البؤري. تطبيقات النانو في جراحة الأسنان: منها: حقن روبوتات نانوية ضمن اللثة، وبعد تماسها مع سطح التاج، تصل إلى اللب السني، وعن طريق تلك الروبوتات يمكن لطبيب الأسنان أن يتحكم في إيقاف الحساسية السنية في السن المراد علاجه، وبعد انتهاء المعالجة السنية يتم إعطاء الأمر للروبوت لإعادة الإحساس، ثم الخروج من السن بطريقة مشابهة للدخول. ومنها: استبدال طبقة المينا في السن بمادة من الماس أو نوع من الأحجار الكريمة النقية كالنانو كومبوزيت، والتي تَزيد من مقاومة الانكسار. تطبيقات في مجال الجراحة العامة والتجميل: منها: إنتاج محرك نانوي (نانو روبوت) بحجم واحد ميكرون مصنوع من الكربون لصلابته، يُمكنه التجوال بكل سهولة في الأوعية الدموية داخل الجسم، وأيضًا توجيهه إلى أنسجة معينة داخل الجسم، ويمكن متابعته من خلال الرنين المغناطيسي أو الأشعة المقطعية. ومنها: مساهمة تقنية النانو في التغلب على مشكلات استخدام الدعامات لفتح وتوسيع شرايين القلب المصابة بضيق شديد نتيجة التراكم المستمر لطبقات الكوليسترول على جدرانها الداخلية، والذي يَحول دون سريان الدم المحمل بالأكسجين، حيث إن تقنية النانو لا تتسبب في تلوث الدم أو تجلطه، ولا تتعرض لرفض الجهاز المناعي في الجسم لها أو مقاومتها. ومنها: استخدام تكنولوجيا النانو في تطوير زراعة ثدي أكثر أمانًا كبديل لمادة السيليكون المطاطية، حيث إن كثيرًا من السيدات اللاتي يُجرين عمليات استئصال للثدي نتيجة وجود ورم به يَخضعن لعملية إعادة بناء للثدي باستخدام السيليكون المطاطي، فيتعرضن لمعدلات عالية من التعقيدات الطبية الناتجة عن استخدام السيليكون المطاطي في زراعة الثدي، والتي يمكن تجنبها باستخدام مواد مصنعة بواسطة تكنولوجيا النانو. تقنية النانو والخلايا الجذعية: مع التقدم في تقنية النانو، يرى بعض العلماء إمكانية الدمج والمزاوجة بين تقنية النانو وأبحاث الخلايا الجذعية لفهم وتوجيه الخلايا الجذعية والتحكم في مصيرها لإنتاج أنسجة بشرية، مما يؤدي إلى اكتشاف طرق علاج جديدة للأمراض. وقد تمت محاولات عديدة في هذا المجال، منها دمج مركبين عن طريق تقنية النانو لصنع مركب موجود أصلًا في مفاصل وغضاريف الإنسان، وهذا المركب يُمكنه تجميع نفسه على شكل غشاء متكيس إذا حُقن في مفصل الإنسان، ثم يتم حقن الخلايا الجذعية داخل هذا التكيس الذي يُستخدم كناقل للخلايا الجذعية، بواسطته تَدخل الخلايا الجذعية إلى مفصل مصاب لمريض، وكانت النتائج مبشرة. تطبيقات النانو في جراحة العظام: نجح علماء كلية الطب في جامعة ماساتشوستس الأمريكية في تطوير مستزرعات عظام ذكية يمكن تشكيلها حسب حالة الإصابة أو مكان الإصابة. فالمواد التي تُصنع منها مستزرعات العظام حاليًا تتسبب في مشكلات تواجه جراحي العظام، حيث إن هذه المستزرعات تُصنع من السيراميك أو البوليمرات، وهي مواد لا يمكن تشكيلها في أشكال معقدة كالتي تَنتج غالبًا من الإصابات والجروح، كما أنها تحتاج إلى أجهزة تثبيت معدنية تتطلب إجراء أكثر من عملية جراحية لتركيبها ثم لإزالتها. ومع تطوير العلماء لمستزرعات جديدة تتكون من جزيئات النانو، والتي يمكن تنشيطها وتشكيلها بتعريضها للحرارة تبعًا لمكان الإصابة أو الجرح قبل إجراء العملية، وتصغيرها بحيث لا نحتاج إلا لجرح بسيط لإدخال تلك المستزرعات، ثم بعد إدخال المستزرع يتم تعريضه للحرارة مرة أخرى ليعود إلى شكله المصمم من البداية، يتم ذلك في خلال ثوانٍ معدودة. ونظرًا لكون تلك المستزرعات من مواد عضوية قابلة للتحلل من تلقاء نفسها داخل الجسم، فإنها لا تحتاج إلى إجراء عمليات جراحية أخرى لإزالتها كما كان متبعًا من قبل، كما أنه من الممكن كذلك تحميلها بالعقاقير اللازمة لتسريع عملية نمو العظام بعد العملية. ويتم حاليًا إجراء التجارب على حيوانات المعامل، وفي حال نجاحها، فإنه سيبدأ إجراء اختباراتها السريرية على البشر. وقد نجح علماء من جامعة نورث وسترن الأمريكية في تطوير جل يتكون من ألياف نانوية، يُعزز هذا الجل من نمو الغضاريف بالمفاصل المتضررة دون الحاجة إلى استخدام عوامل نمو باهظة الثمن. والمتبع حاليًا طريقة إحداث ثقوب بالعظام الملاصقة للغضاريف المتضررة تسمح بنمو أوعية دموية جديدة تُساعد على نمو الغضاريف من جديد. ولكن هذه الغضاريف الجديدة يكون الكولاجين فيها من نوع يجعلها تُشبه الأنسجة الناتجة عن التئام الإصابات والجروح. أما في الطريقة الجديدة، فيُستخدم الجل المكون من ألياف النانو، الذي يُحقن في المفصل المتضرر من أجل تنشيط الخلايا الجذعية بالنخاع العظمي، فينتج عن ذلك نوع من الكولاجين مشابه للبروتين الرئيسي بالغضاريف المفصلية، يؤدي إلى إصلاح الغضاريف بالمفصل من خلال نسيج رابط أبيض وأملس يُغطي أطراف العظام عند التحامها بالمفصل. وقد أظهرت نتائج اختبارات الجل الجديد على حيوانات المعامل نجاح الطريقة الجديدة في علاج المفاصل بشكل أكثر كفاءة مقارنة بالطريقة الحالية. للاستزادة راجع: (طب النانو: تكنولوجيا النانو وتطبيقاتها في الطب، د. أحمد عوف محمد عبد الرحمن، ط. مكتبة الأسرة 2013، الهيئة المصرية العامة للكتاب). وللحديثة بقية -إن شاء الله-.
__________________
|
|
#3
|
||||
|
||||
|
تكنولوجيا النانو ما لها وما عليها (3-3) كتبه/ علاء بكر فيرى كثيرٌ من الباحثين في مجال تكنولوجيا النانو أنه من الممكن استخدام آلات من جزيئات النانو لإعادة بناء الأعضاء التالفة في جسم الإنسان، أو القيام بتعديلات تجميلية، أو توفير أعضاء جديدة قادرة على القيام بوظائف معززة وقوية، أو تجديد أطراف مفقودة أو معطوبة أو إعادتها إلى حالتها السابقة. ويرى الباحثون أيضًا إمكانية أن تقوم تقنية النانو بالمساهمة في التئام الجروح بعد العمليات الجراحية، أو إعادة تنظيم ميكانيكية التحكم في الخلايا والعضلات، وإصلاح الخلايا وتحسين وظائفها وتجديد الأنسجة التي بها تلف. إن تقنيات النانو وإن كانت لا تستطيع خلق خلايا جديدة؛ فإنها يمكن أن تساهم في تجديد وتحسين الخلايا الموجودة، وهذا يجعل الهدف النهائي من تطبيقات النانو ليس هو فقط معالجة الأمراض الطارئة، ولكن الهدف الأكبر هو الإبقاء كذلك على صحة وسلامة الإنسان لأطول فترة زمنية ممكنة، وبالتالي تأخير ظهور الشيخوخة، بل والدخول في صراع مع الشيخوخة من أجل الحفاظ على حيوية الجسم ونشاطه وقدرته على العمل والعطاء لأطول فترة ممكنة. تطبيقات تقنيات النانو في مجال الغذاء: من التطبيقات المهمة لتقنية النانو تطبيقاتها في مجال الغذاء الصحي، وهو ما يطلق عليه (الغذاء النانوي)؛ أي: الغذاء الذي استعملت تقنيات النانو في إنتاجه ككل أو في أي مرحلة من مراحل إنتاجه، أي: استخدام تقنية النانو في زراعة الغذاء أو معالجته أو تغليفه. ويعد تغليف الأغذية حاليًا أحد أكثر التطبيقات العملية لتقنية النانو، حيث يتم صنع أغلفة بلاستيكية قوية وخفيفة، ولها قدرة على مقاومة الحرارة وقادرة على منع الأكسجين وثاني أكسيد الكربون من الدخول إلى الطعام وإفساده، كما يتم تطبيق تقنيات النانو لتغليف خاص مقاوم للبكتيريا والميكروبات. وفي مجال حفظ المنتجات الغذائية السابقة الإعداد أو الطهي ستستخدم تقنية النانو في حفظ المواد الغذائية الطازجة؛ مثل: اللحوم، والفواكه والخضروات، والمخبوزات، والوجبات الطازجة السابق إعدادها، وذلك بتغليفها بأفلام رقيقة من البلمرات الشفافة التي لا يزيد سمكها عن 5 نانومتر، حيث يدمج بها حبيبات أو أنابيب نانوية تعمل على غلق مسام المواد الغذائية ومنع وصول الرطوبة إلى الغذاء الطازج الموجود داخل العبوة. ونظرًا لتوقع خبراء صناعة الأغذية أن تؤثر تقنية النانو تأثيرًا كبيرًا في مجال المنتجات الغذائية ونمط استهلاكها، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، فقد أخذت العديد من الشركات العالمية بالاستثمار في هذا المجال. وقد أنشأت شركة عالمية متخصصة في الأغذية أقسامًا للبحوث العلمية لاختراع مشروبات لا لون لها ولا طعم، ولكنها تحتوي على جزيئات النانو التي عندما توضع في الميكروويف على تردد معين تعطي طعم عصير الليمون، وعلى تردد آخر تتحول هي نفسها إلى عصير تفاح، وهكذا... أي أنها تتغير وفقًا للحاجة وبحسب التردد الذي تتعرض له، وذلك لأن بها الآلاف من كبسولات النانو التي تحتوي على محفزات للنكهة واللون موجودة في المشروبات تتحرر بحسب رغبة المستهلك. وتعمل بعض من شركات الأغذية على تصميم نوعية من الأغذية التي تتغير طبقًا للذوق الشخصي للأفراد، فيتغير الطعم أو اللون بل والمكونات الغذائية في الطعام حسب الطلب. ومن المتوقع أيضًا: الاستفادة مستقبلًا من خلال استخدام تقنية النانو في الصناعات الغذائية في التقليل من النفايات الناجمة عن المصانع الغذائية، وبالتالي التقليل من آثارها وأضرارها على الصحة العامة وعلى صحة الإنسان وعلى البيئة. الخوف من مخاطر تكنولوجيا النانو: بالرغم من التطور السريع لتطبيقات النانو في المجالات العديدة وما أوجدته هذه التطبيقات من التفاؤل بأنها ستوفر للبشر الكثير من المواد المفيدة لهم في كل جوانب الحياة إلا أنه لا بد من التريث في استخدامات تقنية النانو، ولا بد من إجراء دراسات دقيقة متأنية للتأثيرات المحتملة المؤثرة على صحة الإنسان والبيئة التي يمكن أن تكون مصاحبة لتطبيقات تقنية النانو. إن تقنية النانو تقنية حديثة نسبيًا، ومثلها مثل أي تقنية أخرى تحتمل أن يكون لها جوانب سلبية لم تعرف بعد كما أن لها جوانب إيجابية، ونحن نواجه حتى الآن نقصًا كبيرًا في المعلومات عن مخاطر استخدام تقنية النانو والآثار المترتبة على تطبيقاتها مما يدعونا إلى توخي الحذر. إن الدراسات القليلة التي أجريت حول مخاطر تقنية النانو تشير إلى وجود أدلة على أنها يمكن أن تجلب مخاطر على الصحة والبيئة، بل إنها قد تتسبب في مشاكل الظلم الاجتماعي والاقتصادي من خلال التوزيع غير العادل وزيادة الفوارق بين عالم الأغنياء وعالم الفقراء، فتطبيقات تقنية النانو ستتمتع بها الدول الغنية قبل الفقراء، فتزداد بها غنى وقوة، على حساب الدول الفقيرة والضعيفة، بل ربما أشاعت الفوضى في العلاقات الدولية حال ظهور وانتشار أسلحة نانوية قد تكون أكثر فتكًا من الأسلحة الموجودة حاليًا. ويمكن تقسيم مخاطر تطبيقات تقنية النانو إجمالًا إلى أربعة أقسام رئيسية من المخاطر: أولًا: المخاطر على صحة الإنسان: المخاطر الصحية المحتملة لتقنية النانو على الإنسان ترجع إلى صغر حجم المواد النانوية، حيث إن صغر هذه المواد يجعلها قادرة على النفاذ إلى جسم الإنسان بسهولة باستنشاقها أو الدخول من خلال مسام الجلد، حيث تستطيع الانتشار داخل الجسم دون شعور الإنسان أو مقاومته، فجسيم حجمه 300 نانو يمكنه دخول جسم الإنسان بسهولة، وقد وجد أن جس?مًا حجمه 70 نانومتر يمكنه الوصول إلى النواة داخل الخلية مع احتمالية حدوث تفاعل بين هذا الجسيم وخلايا الجسم، مما يحمل معه الخطر المحدق على صحة الإنسان، وإن كانت تلك المخاطر ما زالت حتى الآن مجهولة إلى حد كبير. وقد أظهرت بعض الدراسات التي أجريت على الحيوانات أن الجسيمات عند دخولها للجسم تتجمع في خلايا الدم والدماغ والأعصاب، مما يهدد بخطورة بالغة حال تحول هذه الجسيمات لمواد تدميرية لجسم الإنسان. وأظهرت بعض الدراسات العلمية الحديثة أن بعض المواد الخاملة كالذهب تصبح نشطة عند تصغير أحجامها للأبعاد النانومترية مما قد يجعل لها تأثيرًا ضارًا على الجسم، وقد أظهرت بعض الدراسات تأثيرًا مباشرًا لبعض المواد النانوية على القلب والأوعية الدموية في الفئران. ورغم أنه لم ترصد بعد وجود حالة تسمم بالمواد المنتجة بتقنية النانو إلا أن هناك قلقًا متزايدًا إزاء سمية الجزيئات المتناهية الصغر من خلال اختراقها لجدران الخلايا، ومن سريانها في الدورة الدموية، ومن نفاذها خلال الأغشية خاصة الأغشية الدماغية التي تحمي المخ من المواد الضارة التي تجري في الدم. وقد أظهرت دراسة في جامعة أكسفورد: أن نانو جزيئات ثاني أكسيد التيتانيوم الموجودة في المراهم المضادة للشمس أصابت الحمض النووي (دي إن إيه) للجلد بالضرر. كما وجد أيضًا أن تطوير جوارب تحتوي على جزيئات الفضة التي تمنع رائحة القدمين لها عواقب وخيمة على جسم الإنسان؛ إذ إنها تقتل البكتيريا النافعة المهمة لتحطيم المواد العضوية في المزارع والنفايات ومحطات المعالجة. وقد استحدث علم جديد يتعلق بمدى سمية المواد النانوية يسمى (علم السموم النانوي) لدراسة سمية بعض المواد النانوية بسبب تأثيرات تتعلق بأحجام المواد النانوية الصغيرة وتراكم كمياتها الكثيرة ومساحتها السطحية الكبيرة. ونظرا لعدم وجود معايير دولية بخصوص طرق قياس الجسيمات النانوية وتقدير مدى التعرض لها، إلا تبادل الخبرات بين مهندسي القياس والعلماء والباحثين، فقد أنشأت المنظمة الدولية لتوحيد المقاييس (آي إس أو) لجنة معنية بتكنولوجيا النانو لوضع معايير تقوم على المعارف العلمية في مجالات الصحة والسلامة والبيئة. وتدور الجوانب المخيفة المتعلقة بتقنية النانو حول: 1- الجسيمات النانوية العالقة، والتي يمكن باستنشاقها أن تؤثر على الرئتين بتهييجهما، ويشتد هذا التأثير كلما صغر حجم الجسيمات حيث تزيد معها مساحة السطح الخارجي وتكبر. 2- خطر سمية غير معروفة لبعض المواد النانوية، والتي ستجد طريقًا للجسم بسهولة ولن تستطيع أي وسيلة حماية تقليدية -ككمامات الوجه- منعها نظرًا لصغر حجم تلك الجسيمات. 3- تمتلك بعض الجسيمات النانو تأثيرًا محفزًا يمكن أن يولد جذورًا حرة، وهذه الجذور الحرة عادة تولد أورامًا سرطانية في الجسم. 4- إمكانية أن تكون لبعض المواد خصائص ضارة لا تظهر عند مستوياتها الأكبر وتظهر في مستوياتها الأصغر، وهذا ما تم اكتشافه من خلال بعض البحوث. ثانيًا: المخاطر على البيئة: حتى الآن لا تتوافر الكثير من المعلومات حول أثر الجسيمات النانوية بعد تغلغلها في البيئة وتحولها من صورة إلى أخرى، خاصة مع التوسع في إنتاج المواد النانوية بدون ضابط، فهناك المخاوف من أن تكون المنتجات النانوية ملوثات حيوية للبيئة غير قابلة للتحلل. لذا فمن اللازم دراسة ماهية مواد النانو وتأثيراتها المختلفة على البيئة إن وجدت، خاصة مع تراكمها البيولوجي؛ خاصة تراكم مواد النانو غير المرغوب فيها، وكذلك مع صغر حجمها حيث سيصعب كشفها وإزالتها من البيئة. وقد رصدت بعض التقارير الأوروبية بعض الأضرار التي قد تلحق بالموارد الطبيعية والمقومات البيئية للأرض والهواء والماء تشير إلى أن البيئة قد تكون مهددة من جراء التوسع في تقنية النانو. وقد ذكر بعض الباحثين أ7ن جسيمات النانوية لثاني أكسيد التيتانيوم قد تقضي على أنواع من البكتيريا على نحو يؤثر على بيئة التربة. ثالثًا: المخاطر الاجتماعية: يرى علماء الاجتماع ضرورة فهم وتقييم القضايا الاجتماعية التي ستصاحب تقنية النانو، فتقنية النانو تتضمن الإنتاج العالي بالاعتماد على قوة عمل قليلة، إلى جانب التكلفة المنخفضة والمتطلبات المتواضعة من المواد والطاقة؛ كما أن تقنية النانو ستمنح الدول المتقدمة سبل زيادة التقدم والازدهار لكنها سوف تعيق الدول النامية والفقيرة وتجعلها دائمًا في مؤخرة الركب، مما يوجد نوعًا جديدًا من الطبقية المتزايدة. كما أن هناك قضايا أخلاقية تحتاج إلى حذر في التعامل معها، كتوزيع المنافع على الصعيدين الاجتماعي والعالمي، والتكاليف والمخاطر، وقضايا الملكية وبراءات الاختراع، والمخاطر المتعلقة بصحة وسلامة العمال والبيئة والمجتمع، والمشاركة في اتخاذ القرارات خاصة مع سرية كثير من المعلومات المتعلقة بالمواد المتناهية الصغر، مع غياب التشريعات الدولية التي تقنن امتلاك تقنية النانو أو تجعلها متاحة للجميع لا لأفراد أو جماعات دون غيرهم. رابعًا: مخاطر الرؤية الافتراضية لنهاية العالم: يفترض البعض إمكانية حدوث سيناريو سيئ يتعلق بمخاطر تصنيع الآلات التي تعيد تنظيم المادة على الصعيد الجزيئي أو الذري، بافتراض التكرار الذاتي للنانو روبوت (الإنسان الآلي النانوي) والوقوع تحت فوضوية التشغيل، بتخيل وجود آلات نانوية قادرة على أن تعيد إنتاج نفسها بنفسها (الجزيئات ذاتية الاستنساخ) مستغنية عن التدخل الإنساني، أي قدرتها على محاكاة فعل الكائن الحي، والتي يستعمل لها مصطلح (غراي غو)، وهو سيناريو افتراضي عن نهاية العالم، حيث تستهلك (الروبوتات ذاتية التكرار) التي لا يمكن السيطرة عليها كل صور المادة على الكرة الأرضية، حيث تقوم بإنشاء المزيد من الروبوتات الشبيهة، وهو ما يطلق عليه اصطلاحًا (إيكوفاجي)، ويعبر به عن أكل البيئة واستهلاكها. وقد نشرت في عام 2002 في الولايات المتحدة الأمريكية رواية بعنوان: (الفريسة)، تعرض مجتمعًا تمكن من صنع إنسان آلي نانوي ثم يتعرض لفقد السيطرة عليه، ويصبح بنو البشر بعدها فريسة لما صنعوه بأيديهم. وقد دفعت تلك الرواية أحد معاهد التوقعات المستقبلية بدراسة إمكانية تحقق هذا الخطر من عدمه، باعتبار هذه الرواية إنذارًا سابقًا قبل أوانه يهدف إلى تعريفنا بالأخطار المحتملة التي قد تعصف بالإنسانية ككل. وفي شهر إبريل 2003 كشف الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا وقتها عن طلبه للعلماء البريطانيين بالبحث في الأخطار الكبيرة التي تحيق بالطبيعة والمجتمع من جراء استعمال التقنيات النانوية. ونظرا لأن الدراسات التي أجريت لمعرفة الأخطار الصحية والأخلاقية لتقنية النانو لا تزال قاصرة، إلا أنها أضاءت الطريق أمام المخاطر المحتملة من التوسع في تقنية النانو. لذا بدأت بعض المؤسسات المعنية، مثل: وكالة حماية البيئة وإدارة الدواء والغذاء في الولايات المتحدة الأمريكية، ودائرة حماية الصحة والمستهلك التابعة للاتحاد الأوروبي بالتعامل مع الأخطار المتوقعة من الجزيئات والذرات النانوية. وقد قامت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (منظمة اليونسكو) في عام 1998 بتشكيل (لجنة عالمية لأخلاقيات المعارف العلمية والتكنولوجيا) لإضفاء طابع أخلاقي على العلم والتقنية وتطبيقاتهما. وقد وجهت اليونسكو أيضًا الدعوة إلى خبراء مشهود لهم في مجال التقنية النانوية لبحث أحدث ما يجد في التقنيات النانوية ومتابعة الجدل الدائر حول تعريفها والقضايا الأخلاقية والسياسية ذات الصلة بها. وقد نشرت اليونسكو كتابًا بعنوان (التكنولوجيات النانوية والأخلاقيات والسياسة) لإطلاع الجمهور عمومًا، والأسرة العلمية وجماعات المصالح الخاصة، وصانعي السياسات على القضايا الأخلاقية البارزة في الأفكار الحالية إزاء التكنولوجيات النانوية، وتشجيع الحوار المشترك والمثمر بين الاختصاصات المختلفة بشأن التكنولوجيات النانوية الحجم. الحاجة إلى رؤية إستراتيجية لتفعيل تقنية النانو في عالمنا العربي: لا يزال بالطبع عالمنا العربي في مجال بحوث تقنيات النانو نفس حاله في المجالات الأخرى إن لم يكن أسوأ، فهناك فجوة كبيرة بين مستوى العالم العربي وبين دول العالم المتقدمة صناعيًا في الكثير من المجالات عامة وفي مجال تقنية النانو خاصة، مما يستدعي ويوجب -على الأقل في المرحلة الحالية- تقليص تلك الفجوة بالجدية في العمل مع صدق النية، والتعاون المثمر مع الدول التي سبقتنا في هذا المجال. إن تشكيل رؤية وطنية طويلة المدى لها مراحل محددة تقوم على مبدأ التدرج في نقل وفي توطين تقنية النانو متناهية الصغر في بلادنا، يتم خلالها إعداد وتجهيز وتدريب العلماء والخبراء وطلبة الدراسات العليا للقيام بدورهم المنشود نحو تحقيق الهدف المطلوب، انطلاقًا من مبدأ التدرج في العمل مع وضوح الرؤية من خلال المراحل الآتية: - التعاون مع المؤسسات التعليمية والبحثية والصناعية العالمية الرائدة في تقنيات النانو عن طريق مشاريع بحثية مشتركة، وذلك لاكتساب الخبرة والمهارات الأولية المطلوبة، ومن ثم امتلاك الفنيين القادرين على التعامل مع هذه التقنيات. - التوجه بعد اكتساب الخبرة والمهارات المطلوبة واستيعاب تقنيات النانو إلى الاستفادة منها في حدود القدرات المحلية، والعمل الدؤوب على التطوير الذاتي لها. - اعتماد سياسة المبادرات التقنية النانوية المحلية لتطوير التقنيات والمنتجات في هذا المجال بما يتلاءم مع احتياجاتنا المحلية. - الوصول إلى مرحلة الإبداع في تقنية النانو بعد إعداد جيل تقني ذاتي القدرة وافر الإمكانيات ويمتلك منظومة متكاملة من المعامل والمختبرات والمصانع اللازمة لتقنيات النانو، وإيجاد روح التحدي للتحسين والتطوير المحلي بما يحفز روح الإبداع والابتكار لدينا. إن الغالبية العظمى من تطبيقات تقنية النانو حتى الآن تعد في طور الخيال العلمي وفي مرحلة التجريب، وبالتالي فهناك الحاجة إلى الجهود الجبارة للدفع بها إلى عالم التطبيق. ويواجه ذلك تحديات وصعوبات متعددة منها: - التصنيع التجاري لمواد تقنية النانو ومتطلباته الاقتصادية. - تواجد القبول العام في المجتمع لتلك التطبيقات، وتقبل درجة أمانها، وحسن التعامل الأخلاقي معها.
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |