|
|||||||
| ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
الأعمار تفنى والآثار تبقى رمضان خضير خضير المقدمة: أما بعد، (الأعمار تفنى والآثار تبقى) هذا هو عنوان لقائي مع حضراتكم في هذه الجمعة المباركة بمشيئة الله جل وعلا، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكَّلت وإليه أنيب، أحبتي في الله، العمر له حد لا بد أن ينتهي إليه؛ وهو الأجل والموت؛ لكن ماذا بعد انتهاء الأجل وانقطاع العمل، هل يبقى الأثر أم ينقطع الأثر؟ هل تغلق الصحيفة فلا يُزاد فيها حسنة ولا سيئة أم أن الصحيفة تبقى قابلة للحسنات والسيئات؟ والإجابة أن الناس في هذا الأمر على أربعة أنواع: 1- من يموت وتنقطع حسناته وسيئاته على السواء، فليس له إلا ما قدَّم في حياته الدنيا. 2- من يموت وتبقى الحسنات والسيئات تجري عليه وهو في قبره. 3- من يموت وتنقطع عنه السيئات وتبقى الحسنات تجري عليه وهو في قبره. 4- من يموت وتنقطع عنه الحسنات وتبقى السيئات تجري عليه وهو نائم في قبره، وكل ذلك على حسب ما ترك من آثار صالحة أو طالحة، والله جل وعلا يقول في كتابه: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ﴾ [يس: 12]، وفي (م) من حديث جرير بن عبدالله أن النبي صلى الله علية وسلم قال: ((مَنْ سَنَّ في الإِسْلام سُنةً حَسنةً فَلَهُ أَجْرُهَا وأَجْرُ منْ عَملَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ ينْقُصَ مِنْ أُجُورهِمْ شَيءٌ، ومَنْ سَنَّ في الإِسْلامِ سُنَّةً سيَّئةً كَانَ عَليه وِزْرها وَوِزرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بعْده مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزارهمْ شَيْءٌ))، فمن ترك آثارًا طيبة عاد نفعها عليه بعد الموت، ومن ترك آثارًا سيئة عاد ضررها عليه بعد الموت، قال أبو حامد الغزالي: (طوبى لمن إذا مات ماتت معه ذنوبه، والويل الطويل لمن يموت وتبقى ذنوبه مائة سنة ومائتي سنة أو أكثر، يعذب بها في قبره، ويُسأل عنها إلى آخر انقراضها) فالآثار تبقى بعد الموت (الآثار الطيبة والآثار الخبيثة) وتصل إلى صحيفة العبد، السؤال: فما هي هذه الآثار التي تلحق بالعبد بعد موته؟ إما آثار الخير فأعظمها وأولها: 1- العلم: يموت العالم ويبقى علمه ينتفع به الناس ويصل إليه الثواب في قبره، ما بقي علمه وما انتفع الناس به، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والحديث في (م) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا))، السؤال الآن لكل سامع: ما الذي يمنعك أن يكون لك في هذا الباب نصيب؟ هل هناك مانع أو حائل حال بينك وبين العلم؟ العالم لم يولد من بطن أمه عالم؛ بل هناك من أهل العلم لم يطلب العلم إلا في الكبر؛ كأمثال الفضيل بن عياض، وابن العربي، وابن حزم، والقفَّال، والعز بن عبدالسلام، وغيرهم كثير، لم يطلبوا العلم إلا في كبر سنِّهم، وبفضل الله جل وعلا صاروا قممًا وجبالًا في العلم، وماتوا وبقي علمهم ينتفع به الناس، ويصل إليهم الثواب ما بقي علمهم ينتفع الناس به وأنت في هذه السن تستطيع أن تطلب العلم وتترك لك في هذا الباب أثرًا ينفعك بعد الموت، وقد قيل لعمرو بن العلاء: هل يحسن بالشيخ أن يتعلم؟ قال: (إن كان يحسن به أن يعيش فإنه يحسن به أن يتعلَّم)، فلا يفوتنك باب العلم؛ فهو أنفع الآثار التي يجري ثوابها على الواحد بعد موته، ومن لم يجد في نفسه القدرة أن يكون عالمًا وعجز أن يترك له أثرًا في هذا الباب فلا يفوتنه الباب الثاني. 2- نقل العلم: فمن اشترى مصحفًا أو كتبًا في العلم النافع وأهداها للناس أو وضعها في مسجد، فكل ما قرئ في هذه الكتب وفي هذه المصاحف وصله ثوابه إن شاء الله ويبقى الثواب موصولًا ما بقيت الكتب وما انتفع الناس بها. 3- نشر العلم: فما تنشره مثلًا على صفحتك يبقى أثرًا لك كلما انتفع الناس به وصل إليك الأجر والثواب. 4- الصدقة الجارية: أي التي يبقى نفعها بعد أن تموت كأن توقف شيئًا من ملكك الآن يكون نفعه مستمرًّا لا ينقطع، في (خ م) عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَصَابَ عُمَرُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ هُوَ أَنْفَسُ عِنْدِي مِنْهُ، فَمَا تَأْمُرُنِي بِهِ؟ قَالَ: (إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا)، قَالَ: فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا وَلَا يُبْتَاعُ وَلَا يُورَثُ وَلَا يُوهَبُ، قَالَ: فَتَصَدَّقَ عُمَرُ فِي الْفُقَرَاءِ، وَفِي الْقُرْبَى، وَفِي الرِّقَابِ، وَفِي سَبِيلِ اللهِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، وَالضَّيْفِ) هذا البستان الموقوف يبقى أثرًا جاريًا على موقفه بعد موته. 5- الولد الصالح التربية الحسنة لها أثر يعود عليك نفعه بعد الموت، في (حم) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله عز وجل ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة، فيقول: يا رب، أنَّى لي هذه؟! فيقول: باستغفار ولدك لك))، فالولد الصالح يبقى أثره لوالده، ليس هذا فحسب بل هو وعقبه، فيصل إليه الثواب من هذا الباب ما بقي له عقب. 6- بناء المسجد: فمن بنى لله مسجدًا فله الأجر موصولًا كلما ركع فيه راكع، أو سجد ساجد، أو ذكر ذاكر، ويدخل في هذا الباب كل بناء فيه نفع للإسلام والمسلمين من مدارس أو مستشفيات أو نحو ذلك يبقى الأجر موصولًا ما بقي هذا البناء ينتفع به الناس. 7- غرس الأشجار: فمن ترك غرسًا كنخلة يأكل الناس من ثمرها أو شجرة يتظلل الناس في ظلها، فله الأجر ما بقيت، ففي (خ) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَا مِنْ مُسْلِمٍ غَرَسَ غَرْسًا فَأَكَلَ مِنْهُ إِنْسَانٌ أَوْ دَابَّةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ)). 8- السيرة الحسنة: ثناء الناس عليك بعد الموت، رحم الله فلانًا كان صادقًا، أمينًا، وفيًّا، دينًا... إلخ، وكلما أثنى عليك الناس خيرًا وترحموا عليك وصلك من ثنائهم وترحُّمهم عليك من الأجر والثواب ما الله به عليم. وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم. الخطبة الثانية أما بعد، الأعمار تفنى والآثار تبقى، وكما تبقى آثار الصالحات تبقى آثار السيئات.1- رجل مات وترك علمًا فاسدًا يضل الناس ويفسد عقائدهم يبقى الوزر موصولًا إليه بعد موته ما بقي ذلك العلم. 2- تبقى الكتب والمجلات والقنوات والمواقع الفاسدة أثرًا سيئًا لأصاحبها ما بقيت منشورة بين الناس. 3- تبقى الأغاني والموسيقى أثرًا سيئًا لأصحابها ولمن نشروها. 4- يبقى ما نشر الواحد في صفحته من صور للنساء المتبرجات والمقاطع المخلَّة أثرًا في الوزر يصل إلى صاحبه ما بقيت هذه الآثار. 5- يبقى الهاتف وما به من الرذائل أثرًا موصولًا إليه ما بقيت تلك الرذائل ينظر إليها وتُتَناقل بين الناس. 6- تبقى الذرية الطالحة التي أهمل الأب ولم يحسن تربيتها أثرًا موصولًا في الوزر إلى الأب ما بقي النسل السيئ جيلًا بعد جيل، وولدًا بعد ولد. 7- تبقى السيرة السيئة بسبب المعاملات والأخلاق أثرًا سيئًا موصولًا لصاحبها ما ذكر بين الناس وغير ذلك الكثير من الآثار، فهل لك الآن من وقفة تنظر فيها إلى ما ستتركه من بعدك من آثار؟ اعلم أن آثارك إن عادت عليك بالنفع فيا لها من سعادة وفرحة! وإن عادت عليك الضرر فيا لها من شقاوة وحسرة! فاصنع لك الآن أثرًا أو آثارًا طيبة تفرح بها بعد الممات، وإن تركت آثارًا خبيثة فلا تلومَنَّ إلا نفسك. اللهم طيِّب آثارنا بعد مماتنا... إلخ.
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |