|
|||||||
| ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
دعاء الأنبياء عليهم السلام على الكفار د. أحمد خضر حسنين الحسن كما يُستجيب الله دعاء أنبيائه لأصحابهم، فإنه يستجيب لهم إذا دعوا على الكافرين بنبوَّتهم أو على العاصين من أتباعهم، فقد أجاب الله دعاء نوح عليه السلام لما قال: ﴿رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا﴾[نوح: 26-27]، فاستجاب الله له وأغرَق الكافرين ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ * وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ﴾ [القمر: 10 - 14]. وموسى عليه السلام دعا فرعونَ الطاغية إلى توحيد الله وطاعته، فأبى واستكبر، فدعا عليه: ﴿وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾ [يونس: 88]، فاستجاب الله دعاءه، فأغرَق فرعون وملأه، وجعل يستجدي النجاة عند الموت: ﴿حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [يونس: 90]. وهكذا كان حالُ خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، فقد سجد صلى الله عليه وسلم ذات مرة، فوضع المشركون سَلَا الجزور وقذرَها على ظهره الشريف، وأخذوا يتضاحكون، فدعا عليهم عليه الصلاة والسلام وقال: (اللهم عليك بقريش) ثلاث مرَّات؛ يقول ابن مسعود: فلما سمعوا صوته ذهب عنهم الضحك، وخافوا دعوته، ثم قال: (اللهم عليك بأبي جهلِ بن هشام، وعتبة بنِ ربيعة، وشيبة بنِ ربيعة، والوليدِ بن عتبة، وأمية بنِ خلفٍ، وعقبة بنِ أبي مُعَيط)؛ يقول ابن مسعود رضي الله عنه: (وذكر السابع ولم أحفَظه، فوالذي بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم بالحق، لقد رأيتُ الذين سَمَّى صرعى يوم بدر، ثم سُحبوا إلى القليب، قليبِ بدر)[1]. قال ابن حجر رحمه الله تعالى: "وهذا يحتمل أن يكون من تمام الدعاء الماضي، فيكون فيه عَلمٌ عظيم من أعلام النبوة"[2]. ولَما هاجر صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ورأى إدبار قريش وإعراضهم وصدَّهم عن الإسلام، قال: (اللهم سبعٌ كسَبع يوسف)؛ قال ابن مسعود رضي الله عنه: فأخذتهم سَنةٌ حصَّت كل شيء، حتى أكلوا الجلود والميتة والجيف، وينظر أحدُهم إلى السماء، فيرى الدخان من الجوع، فأتاه أبو سفيان، فقال: يا محمد، إنك تأمر بطاعة الله وبصلة الرحم، وإن قومك قد هلكوا، فادعُ الله لهم. وفي رواية لأحمد في مسنده أن أبا سفيان قال: أي محمد، إن قومك قد هلكوا، فادع الله عز وجل أن يكشف عنهم، قال: فدعا، ثم قال: (اللهم إن يَعودوا فعُدْ). ثم قرأ صلى الله عليه وسلم: ﴿ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ * أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ * ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ * إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ * يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ ﴾ [الدخان: 10 - 16]، قال: (فالبطشةُ يومُ بدر)؛ رواه البخاري ومسلم. لقد علم كفار قريش أن رسولَ الله مجابُ الدعوة عندَ الله، فجاؤوا يطلبون السقيا بدعائه؛ لأنهم علموا أن الله لا يرد نبيه وحبيبه صلى الله عليه وسلم، ﴿ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ﴾ [الأنعام: 33]. واستهزَأ عتيبة بن أبي لهب بالقرآن، فكُتب مع أبويه في سجل الهالكين؛ فقد دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يموت بين أنياب السَّبُع، فقال: (اللهم سلِّط عليه كلبًا من كلابك)، فكانت دعوة نبي أجابها الله، حين خرج عتيبة في قافلة يريد الشام، فنزل منزلًا، فقال: إني أخاف دعوةَ محمد صلى الله عليه وسلم، فحطُّوا متاعهم حوله، وقعدوا يَحرسونه، فجاء الأسد فانتزَعه، فذهب به)[3]، ولله دَرُّ حسان بن ثابت رضي الله عنه وهو يقول: من يُرجع العام إلى أهله ![]() فما أكيلُ السَّبُعِ بالراجع ![]() ![]() ![]() وقعد بُسر الأشجعي بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، وجلس يأكل بشماله، فلما ذكَّره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأكل باليمين، استكبر عن قبول الحق، فقال: لا أستطيع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا استطعتَ)، ما منعه إلا الكبر، فما رفعها إلى فيه)[4]؛ أي عاجلته استجابة الله، فشُلَّت يمينه للتوِّ، بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم عليه؛ جزاءَ استكباره عن قبول الحق والإذعان له. وحاقت دعوتُه صلى الله عليه وسلم أيضًا بأعرابي دخل عليه النبي يَعُوده في مرضه، فقال صلى الله عليه وسلم مواسيًا: (لا بأسَ، طهور إن شاء الله)، فأجاب الأعرابي بجواب ملؤه القنوط وسوء الظن بالله: قلتَ: طهور؟ كلَّا، بل هي حُمَّى تفُور - أو تثور - على شيخ كبير، تُزيرُه القبور، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (فنَعَمْ إذًا)؛ رواه البخاري ح (5656). قال ابن حجر رحمه الله: "في بعض طرقه زيادة تقتضي إيراده في علامات النبوة، أخرجه الطبراني وغيره... وفي آخره: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أما إذا أبيتَ فهي كما تقول، قضاءُ الله كائن))، فما أمسى من الغد إلا ميتًا". وهكذا فإن هذه الدعوات المجابة وأمثالها دليلٌ على رضا الله عن نبيه وتأييده له، ولو كان يتقوَّل على ربه النبوة والرسالة لخذَله اللهُ وأهلَكه: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِين﴾ [الحاقة: 44 - 47]. [1] رواه البخاري ح (240)، ومسلم ح (1794) واللفظ له. [2] فتح الباري – لابن حجر(1/ 419) . [3] رواه الحاكم (2/ 588)، وصححه، ووافقه الذهبي، وحسنه ابن حجر في الفتح (4/ 39). [4] رواه مسلم – حديث رقم - (2021).
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |