|
ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() وسائل الثبات على المنهج الحق
من أعظم نعم الله على عبده إطلاقًا هدايته وتثبيته على هذا الدّين، بأن يرشده لسنن الهدى، ويأخذ بيده إلى سبيل الرّشاد، ويبعده عن مسالك الغواية، وطريق المغضوب عليهم، والضّالين، قال الله -تعالى- لنبيه - صلى الله عليه وسلم-: {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} (الإسراء: 74)، وفي هذا تأكيد لحاجة الأمَّة -من باب أولى- إلى تثبيت الله -تعالى- لهم في كلّ شيء؛ إذ كلما زاغ القلب عن الدّين، ولم يثبت، تعرّض صاحبه للعقوبة {إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا} (الإسراء: 75). فالثبات على الدّين توفيق من الله -تعالى- لعبده ورحمة به، كما أنّ خذلان الله للعبد حاصل، إذا لم يثبت على الدين، ولم يرفع رأسًا لما بعث الله به رسوله - صلى الله عليه وسلم-، قال -تعالى-: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} (الأنعام: 125). تعريف الثبات على المنهج نعني بالثبات الاستمرار في طريق الهداية، والالتزام بمقتضيات هذا الطريق، والمداومة على الخير، والسعي الدائم للاستزادة منه، والمنهج هو السبيل الذي يسلكه المسلم، وهو الصراط المستقيم، قال -تبارك وتعالى-: {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، وهو ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام: قال - صلى الله عليه وسلم-: «افترقتِ اليهودُ على إحدَى وسبعينَ فرقةً، وافترقتِ النصارَى على اثنتَينِ وسبعينَ فرقةً، وستفترقُ هذه الأمةُ على ثلاثٍ وسبعينَ فرقةً كلُّها في النارِ إلا واحدةً، قيل: من هي يا رسولَ اللهِ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: مَن كان على مِثلِ ما أنا عليه وأصحابِي». أهمية الثبات على المنهج الحق الثبات على المنهج الحق وهو دين الله عز وجل الصافي النقي كما أنزل على النبي - صلى الله عليه وسلم-، من وصايا الأنبياء والمرسلين، قال -تعالى-: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (البقرة:13)، وهو هداية الصراط المستقيم، التي علمنا الله أن نسأله إياها في دعائنا، وفي كل ركعة من صلاتنا، حين نقرأ قوله تعالى في سورة الفاتحة: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (الفاتحة:6)، والهدايات ثلاثة أنواع: (هداية الإرشاد والتعليم والدلالة، وهداية التوفيق لقبول الحق، وهداية التوفيق للثبات على الحق)، والمصلي حينما يقف للصلاة يحتاج هذه الهدايات جميعها، قال ابن تيمية -رحمه الله-: «ولهذا كان أنفع الدعاء، وأعظمه وأحكمه دعاء الفاتحة: {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} (الفاتحة:6- 7)، فإنه إذا هداه هذا الصراط أعانه على طاعته وترك معصيته، فلم يصبه شر، لا في الدنيا ولا في الآخرة. المسلم مبتلى في دينه ولأن المسلم مبتلى في دينه، كان طلب الثبات في كل وقت أمر لازم له، وعليه أما هذه الابتلاءات بالصبر والثبات ولا سيما أمام فتن الشبهات والشهوات، وقد أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن زمان يشتد على المسلم الثبات على الحق، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ الصَّابِرُ فِيهِمْ عَلَى دِينِهِ كَالْقَابِضِ عَلَى الْجَمْرِ». وسائل الثبات على المنهج الحق وهذه بعض وسائل وأسباب الثبات على الحق حتى الممات، والثبات على سبيل المؤمنين، ومواصلة السير على الصراط المستقيم، والمنهج القويم بخطى ثابتة، ونفس راضية، وقلوب ساكنة مطمئنة. 1- العلم بالله -تعالى- وأسمائه وصفاته من أهم أسباب الثبات على المنهج الحق، العلم بالله -تعالى- وأسمائه وصفاته، وكتابه وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وفهم ذلك على منهج السلف الصالح رضوان الله عليهم الذين عرفوا مراد الله ومراد رسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ فرضي الله عنهم وأرضاهم، فهذه مزية عظيمة مهمة توجب علينا أن نطلب العلم على جادتهم، وأن نحاول فهم الدين بفهمهم؛ لعلنا نحشر معهم، فتلك فضيلة كافية لتحفيز الهمم لمعرفة ما كانوا عليه من الدين الحق ومواصلة السير عليه. ![]() 2- معرفة الحق الذي كان عليه السلف من سبل الثبات على الحق، معرفة ما كان عليه السلف رضوان الله عليهم في مسائل الدين جميعها، وألا نقدم شيئًا على الحق الواضح بدليله الساطع من كتاب ربنا -سبحانه- وسنة نبينا - صلى الله عليه وسلم-، وفهم سلفنا الصالح من إجماع أو أثر، فالحق لا يعرف بالرجال ولا بالكثرة، وإنما يعرف الحق بالعلم والحجة. دع عنك أراء الرجال وقولهم فقول رسول الله أولى وأشرح فإنك إذا عرفت الحق من الباطل والمحكم من المتشابه، والواضح من المبهم، والمجمل من المبين، والناسخ من المنسوخ، والعام من الخاص فكيف تقلد في دينك الرجال؟ وإذا عرفت السابق من اللاحق، فعرفت أحوال القوم الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، وطلبت اللحاق بهم مع من يطلبون ذلك، وعرفت حال المتأخرين عن ذلك فقد عرفت؛ فالزم! 3 - الدعاء بالثبات من الأمور التي يجب ألا تفارق المؤمن مداومة الدعاء بالثبات والتضرع إلى الله -تعالى- بصدق وإخلاص والإلحاح عليه -سبحانه- بالتوفيق والسداد في القول والعمل، والثبات على الحق والمنهج القويم والصراط المستقيم الذي هداك إليه، فلا تنظر إلى بُنيّات الطريق، ولا تلتفت إلى مدح الناس أو ذمهم؛ فإن ذلك من معوقات الثبات، فعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم- يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: «اللَّهُمَّ يَا مُقَلِّبَ القلوب، ثبت قلوبنا على دينك»، فقلت يا رسول الله، آمنا بك وبما جئت به، فهل تخاف علينا؟ قال: «نعم إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء». 4- الصبر والتواصي بالحق الصبر والتواصي بالحق والأمر بالمعروف والنهي عن منكر وبذل النصيحة وقبولها، من أعظم أسباب الثبات، ومن يتصبر يصبره الله -تعالى-، فإذا صاحبَ ذلك تواضعٌ وحلم فلا تسأل عن عواقبه الحميدة، وثماره السعيدة؛ فقد جعله الله أحد الأسباب الأربعة التي تنجي العبد من الخسارة المحققة في الدنيا والآخرة، قال -جل في علاه-: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}. 5-لزوم جماعة المسلمين إن لزوم جماعة المسلمين وفي مقدمتهم العلماء الربانيين، الذين عرفوا بالثبات على المنهج الحق؛ من أهم سبل الثبات على دين الله عز وجل، فإذا ضبط الإنسان أصول المنهج السلفي وقواعده عرف معنى الجماعة، وعرف معنى لزوم الجماعة وعدم الفرقة، وعرف من هي الجماعة؟ ومن هم العلماء الذين يمثلون الجماعة مع السواد الأعظم؟ فلزم غرزهم في المشكلات والمسائل العويصات التي تعترضه، فلن يضل ولن يضيع ولن يزل ولن يشقى بإذن الله. 6- عدم التلون في الدين كثرة التنقل والتلون في دين الله ينافي الثبات على الحق؛ لأن الحق واحد، وكثرة التنقل والتلون في الدين من علامات أهل البدع والأهواء، كما قال علماء السلف ومنهم إمام دار الهجرة، وصدق حذيفة بن اليمان لما دخل عليه أبو مسعود -رضي الله عنهما- أنه قال له: يا أبا عبد الله اعهد إلينا؟ فقال حذيفة - رضي الله عنه -: «أو لم يأتك اليقين؟ اعلم أن الضلالة حق الضلالة أن تعرف ما كنت تنكر، وأن تنكر ما كنت تعرف، وإياك والتلون في دين الله! فإن دين الله واحد»، وقال عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-: «من جعل دينه غرضًا للخصومات أكثر التنقل». 7- توطين النفس على الحق إذا عرف الإنسان المنهج الحق فعليه أن يوطن نفسه عليه، وألا يقبل المساومة والخضوع للشبه الخطافة التي تجره إلى الضلال؛ والواجب على صاحب المنهج الحق ألا يكون إمعة، يسير وراء كل داعٍ وناعق، بل واجبه أن يلزم ما عرفه من الحق، وأن يلزم الجماعة، ويلزم غرز العلماء، وواجبه إن أحسنت الجماعة أحسن، بل وينافس في الإحسان، وإن أساءت لا يسئ، بل يحسن ويدل على الإحسان ويوطن نفسه عليه، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: «ليُوطنن المرءُ نفسه على أنه إن كفر من في الأرض جميعاً لم يكفر»؛ لأن كل واحد سيأتي ربه فردًا، ويسأل فردًا لا علاقة له بالناس، وأن الناس لن يغنوا عنه شيئا من الله بين يدي الله، ولا يجد له ناصرا ولا مدافعا بين يدي الله -عز وجل. ![]() 8- عدم الخوض في الفتن من صفات المسلم الثابت على المنهج الحق عدم الخوض في الفتن ما ظهر منها وما بطن، وعدم الخوض فيما لا يعنيه، وعدم الخوض في الجدال والخصومات، مع أهل الأهواء والبدع الذين يلقون الشبه ويجادلون بالباطل، قال حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -: إياكم والفتن لا يشخَص إليها أحد، فوالله ما شخَص فيها أحد إلا نسفته كما ينسف السيلُ الدِّمَن، ما الخمر صرفًا بأذهبَ بعقول الرجال من الفتنة، وليأتينَّ على الناس زمان لا ينجو فيه إلا من دعا بدعاء كدعاء الغريق. ٩- ترك الغلوّ والجفاء من الأسباب المهمة للثبات على الحق ترك الغلو والجفاء وسلوك الوسطية، فلا تكفير ولا تبديع ولا تفسيق بغير حق، ولا تمييع ولا تشدد ولا غلو، فلا إفراط ولا تفريط، قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: وقد اقتطع أكثرُ الناس إلا أقلَّ القليل في هذين الواديين: وادي التقصير، ووادي المجاوزة، والتعدي، والقليل منهم جدًّا الثابتُ على الصراط الذي كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، وأصحابه، هؤلاء هم القليل الثابتون على الصراط المستقيم بدون غلو، ولا جفاء، هم المنعم عليهم، وهم أهل الحق، وهم الذين استقاموا على الطريق السوي فلا زيادة، ولا جفاء، ولا إفراط، ولا تفريط، بل ساروا على النهج الذي سار عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم- قولًا وعملًا، سائرين على منهجه متحرين أن يفعلوا فعله عليه الصلاة والسلام، وأن يلزموا أمره، وأن لا يزيدوا، ولا ينقصوا. ابن باز: هكذا ينبغي للمؤمن ![]() العثيمين: أهم أسباب الثبات ![]() الفوزان: تعلّم العلم النافع ![]() اعداد: وائل رمضان
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |