حول صحيح البخاري لا تفتروا على الإمام البخاري - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الصبر عند الصدمة الأولى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          ميليشيا الإلحاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          صفات النبي - صلى الله عليه وسلم - الخلقية والخلقية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          انتبه فالرحلة قصيرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          إنشاء صور لذوات الأرواح بالذكاء الاصطناعي.. رؤية شرعية معاصرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          روعة معايشة النص (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          الأب شيء عظيم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          إدخال السرور على السائل قبل الجواب عليه! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          الصراع مع الشهوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5031 - عددالزوار : 2179855 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 02-10-2025, 06:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,989
الدولة : Egypt
افتراضي حول صحيح البخاري لا تفتروا على الإمام البخاري

حول صحيح البخاري لا تفتروا على الإمام البخاري


عبد القادر السبسبي


قرأتُ في مجلَّة العربي عدد (87) في الصفحة (أنت تسأل ونحن نجيب) كلمة بعنوان: (ليس ما في صحيح البخاري صحيحاً، وليست هذه الأحاديث مُفتراة فحسب بل مُنكرة)، ويزعمُ الكاتب أنَّ كثيراً من الأمَّة يؤيدون رأيه أمثال ابن تيمية، والقسطلاني، والبيهقي، وغيرهم.
فحدَّد ثلاثة عشر حديثاً نسبها إلى البخاري، في حين أنَّ البخاري لم يذكر في كتابه الجامع الصحيح سوى حديثين أو ثلاثة، وأنَّ جميع ما في كتاب البخاري من الأحاديث ثابتة في أصلها وسندها خلافاً لما زعمه الكاتب.
تعريف الإمام البخاري:

من المُقرَّر والمتَّفق عليه عند أهل العلم أنَّ الإمام أبا عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري مؤلِّف الجامع الصحيح المتوفى سنة 256، والإمام مسلم بن الحجاج النيسابوري المتوفى سنة 261، مؤلِّف صحيح مسلم هما في طليعة المؤلفين في علم الحديث، ويعتبر كتاباهما أصحَّ الكتب بعد كتاب الله العزيز، ويقول الإمام البخاري ما أدخلتُ في كتاب الجامع إلا ما صحَّ، ويروى عن مسلم أنَّه كان يقول: إنَّما وضعتُ في كتابي الصحيح ما أجمعوا عليه – مُقدِّمة بن الصلاح ص 15و25 – وقد اتفق المحدثون على أنَّ جميع ما فيهما من المتصل المرفوع صحيح بالقطع، وأنهما مُتواتران إلى مُصنفيهما.
وأنَّه كل من يُهوِّن أمرَهما فهو مُتَّبع غيرَ سبيل المؤمنين – كتاب الثقافة الإسلامية تأليف الشيخ راغب الطباخ -.
بيان الأحاديث التي ذكرتها المجلة:

1 – (اعمل لدنياك كأنَّك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً).
2 – (اختلاف أمَّتي رحمة).
3 – (إنَّ الدنيا حرام على أهل الآخرة، وإن الآخرة حرام على أهل الدنيا).
4 – (إياكم وخضراء الدمن).
5 – (الطاعون وخز إخوانكم الجن).
6 – (اتخذوا الحمام المقاصيص فإنها تلهي الجن عن صبيانكم).
7 – (حسنات الأبرار سيئات المقربين).
8 – (عليكم بالقرع، فإنه يزيد في الدماغ).
9 – (عليكم بالعدس فإنه قدس على لسان سبعين نبياً).
10 – (زينوا موائدكم بالبقل فإنه مطردة للشيطان).
11- (إن عائشة قالت: (كان النبي يأمرني فأتزر، فيباشرني وأنا حائض).
12 – يقول البخاري إن رجلاً أتى عمر فقال: (إني أجنبت فلم أجد الماء فقال له عمر (لا تصل).
13 – عن زيد بن أنس قال: أمطرت السماء برداً في رمضان فقال أبو طلحة: (ناولني من هذا البرد) فجعل يأكل منه وهو صائم فقلت: (أتأكل البرد وأنت صائم) فقال: إنما هو برد نزل من السماء نطهر به بطوننا، وإنه ليس بطعام ولا بشراب إنما هو برد، فأتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك فقال: (خذها من عمك).
الجواب على هذه الأحاديث:

1 – الجواب على الحديث (12):

إنَّ الإمامَ البخاري لم يذكر كلمة: (لا تصلِّ) فهذا بُهتان على الإمام كما سيراه القارئ في موضعه إن شاء الله.
على أنَّ الكاتب الكريم لو رجعَ إلى النص القرآني وإلى نصِّ الحديث وما قال فيه الشُرَّاح وإلى اجتهادِ عُمر في المسألة لخفَّف من تهجُّمه على الإمام البخاري وعلى أميرِ المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعلم أنَّ لرأي عمر العلمي واجتهاده قيمةً عظيمةً، وها أنا أعرض للقارئ نصَّ الآيتين الُمتعلِّقتين بالغُسْل والتيمم، ثم نصَّ الحديث بكامله، ليظهرَ للملأ النور العلمي الملقى في صَدْرِ عُمر رضي الله عنه.
قال الله تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا] {النساء:43}.
والآية الأخرى: [...وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا...] {المائدة:6}.
فعمر رضي الله عنه كان يَلمس من هاتين الآتين الشريفتين أنَّ التيمُّم خاصٌّ بالحَدَث الأصغر، وأما الجنابة فلا بدَّ فيها من الاغتسال، وإيضاح ذلك يراه القارئ في رأي العلماء الآتي ذكرهم.
رأي العلماء: يقول العلامة الشوكاني في تفسيره للقرآن: إنَّ قيد عدم وجود الماء راجع إلى قوله تعالى: [أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ]، فتكون الأعذار ثلاثة، السفر، المرض، وعدم وجود الماء في الحَضَر، وهذا ظاهر على قول من قال إنَّ القيد إذا وقع بعد جملة مُتَّصلة كان قيداً لآخرها.
وأما من قال: إنَّه يكون قيداً للجميع إلا أنْ يَمنعَ مانعٌ فكذلك أيضاً، لأنَّه قد وُجد المانع ها هنا من تقييد السفر والمرض بعدم وجود الماء، وهو إنَّ كل واحد منهما عُذرٌ مُستقل، وقالوا والجنب لا سبيلَ له إلى التيمِّم بل يَغتسل أو يَدَعُ الصلاة حتى يجدَ الماء، وهذا ما قاله عمر، وابن مسعود رضي الله عنهما، وإبراهيم النخعي.
ويذكر القاضي زكريا الأنصاري في حاشيته على القسطلاني ص 139جز ء2 الآية: [وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا] {المائدة:6}. أي: اغتسلوا، ثم قال: [أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا] {النساء:43}. فجعل التيمُّم بدلاً عن الوضوء، فلا يدلُّ على جواز التيمُّم للجُنُب، إذا جعلنا الملامسة في الآية المراد منها تلاقي لجسمين فقط.
(نص الحديث الوارد في صحيح البخاري: موضوع البحث):

جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، فَقَالَ: إِنِّي أَجْنَبْتُ فَلَمْ أُصِبِ المَاءَ، فَقَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ: أَمَا تَذْكُرُ أَنَّا كُنَّا فِي سَفَرٍ أَنَا وَأَنْتَ، فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ، وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ فَصَلَّيْتُ، فَذَكَرْتُ لِلنَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا» فَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَفَّيْهِ الأَرْضَ، وَنَفَخَ فِيهِمَا، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ.
رجوع عمر رضي الله عنه عن رأيه:

جاء في شرح البخاري: قال عمر له لا يلزمني من كوني لا أتذكره أن لا يكون حقاً في نفس الأمر فليس لي منعك من التحديث به، وإنا نوليك ما توليت.
على أنَّ البخاري لم يذكر جواب عمر إلى السائل بقوله: (لا تصل) كما أن البيهقي أيضاً ذكر الحديث بدونها.
نعم ذكر جواب عمر الإمام مسلم، فقال: (لا تصل) وذكر النسائي والسراج، فقال عمر: ( لا تصل حتى تجد الماء).
وعلى كل حال فإنَّ عمر كان مُجتهداً في ذلك فإن أصابَ فله أجران، وإن أخطأ فله أجرٌ واحدٌ، كما أنَّه لم يصرَّ على رأيه واجتهاده، بل رجع عنه كما ثبت ذلك لدى جميع علماء الحديث، ومَنْ أحقُّ من عمر بالتمسُّك بالأحاديث والعمل بها، ولذا كان في إثارة الكاتب هذا الموضوع وحمله على البخاري الذي نقل الحادثة والحديث بكل أمانة وإخلاص تَحاملاً غيرَ سديد وطعناً غير لائق، بل كان عليه أن يَرجع إلى هذه النقول وغيرها ليقفَ على الحقيقة: [سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ] {النور:16}.
وبعد ذكر ما تقدَّم يمكننا أن نقول: فقد أثبتت السنة الصحيحة وجوبَ التيمُّم على من اجتنب ولم يجد الماء، فكان الجُنُب داخلاً في الآية بهذا الدليل، وعلى فرض عدم دخوله فالسنة تكفي في ذلك؛ من حديث عمار رضي الله عنه الآنف الذكر، وحديث عمران بن حصين وأبي ذر في تيمُّم الجُنُب، كما ورد في صحيح البخاري.
على أنَّه وإن كان رأي عمر وابن مسعود رضي الله عنهما له قيمته العلميَّة عند أولي النُّهى، لكنه يتلاشى عند ثبوت الحديث الشريف، ولذا فإنَّ عمر رضي الله عنه عندما رأى السنَّة قد أثبتت ذلك ومُؤيدة لما جاء في القرآن العظيم رجع عن اجتهاده أثناء مُحاورته مع عمار رضي الله عنهما كما تقدَّم ذكره، ولذلك كان نقد الناقد في غير موضعه.
حديث: اختلاف أمتي رحمة:

يستدل الناقد على بطلان هذا الحديث بثلاث آيات: يقول الله تعالى في محكم كتابه: [أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ] {الشُّورى:13}. ويقول جلَّ شأنه:[وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا] {آل عمران:103}. ويقول الحكيم العليم: [وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ] {البقرة:176}.
الجواب على ذلك: إنَّ الحديث صحيح في درجة الحسن – الجامع الصغير – ولم يتعارض مع القرآن الكريم، ودليلنا على ذلك هو ما ورد في كتاب أحكام القرآن للجصَّاص، والقرطبي في كتابه الأحكام، أنَّ المقصود من قوله تعالى: [وَلَا تَتَفَرَّقُوا] معناه: التفرُّق عن دين الله الذي أُمروا جميعاً بلزومه والاجتماع عليه، وليس في الآية دليل على تحريك الاختلاف في الفروع، فإنَّ ذلك ليس اختلافاً، إذ الاختلاف ما يتعذَّر معه الائتلاف والجمع.
وأما حكم مَسائل الاجتهاد فإنَّ الاختلاف فيها بسبب استخراج الفرائض ودقائق معاني الشرع، وما زال الصحابةُ يَختلفون في أحكام الحوادث وهم مع ذلك مُتآلفون، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اختلاف أمتي رحمة) وإنما منح الله اختلافاً هو سبب الفساد، فأوجب الله تعالى علينا التمسك بكتابه وسنة نبيه والرجوع إليهما عند الاختلاف، وأمرنا بالاجتماع على الاعتصام بالكتاب والسنة اعتقاداً وعملاً وذلك سبب اتفاق الكلمة وانتظام الشتات الذي يتم به مصالح الدنيا والدين، والسلامة من الاختلاف وأمر بالاجتماع ونهى عن الافتراق الذي حصل لأهل الكتابين، وهذا معنى الآية على التمام وفيها دليل على صحة الاجماع حسبما هو مذكور في موضعه من أصول الفقه والله أعلم.
وأما قول الله تعالى: [وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ] وهو الإيمان بما يجب تصديقه، والطاعة في أحكام الله، ولا تختلفوا في هذا الأصل، أما فروع الشرع فتخلف كما قال تعالى: [لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا] {المائدة:48}.
يقول العلامة القرطبي: إنَّ مقصود الآية هو توحيد الله وطاعته، والإيمان برسله وكُتُبه وبيوم الجزاء، ولم يُرِدْ الشرائع التي هي مصالح الأمم على حسب أحوالها.
ورد في كتاب أحكام القرآن لابن العربي الأندلسي ص122: (التفرُّق المنهي عنه هو التفرُّق في العقائد، وأما في الفروع فليمضِ كل أحد على اجتهاده، فإنَّ الكل بحبل الله مُعتصم وبدليله عامل، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الأَحْزَابِ: «لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ العَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ»، فَأَدْرَكَ بَعْضُهُمُ العَصْرَ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ نُصَلِّي حَتَّى نَأْتِيَهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ نُصَلِّي، لَمْ يُرِدْ مِنَّا ذَلِكَ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ.
والحكمة في ذلك أنَّ الاختلاف والتفرُّق المنهي عنه إنَّما هو المؤدي إلى الفتنة والتعصُّب وتشتيت الجماعة. فأمَّا الاختلافُ في الفروع فهو من مَحَاسن الشريعة، وقد حكم الله بصحَّة إجماع الصحابة رضوان الله عليهم في مواضع كثيرة في كتابه العزيز، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (اختلاف أمتي رحمة) على أنَّ التفرُّق المذموم المنهي عنه في الآية الشريفة هو في أصول الدين لا في فروعه – أحكام القرآن للجصاص -.
حديث أمطرت السماء برداً في رمضان:

الجواب: أنَّ هذا الحديث قد تكلَّم فيه العلماء مثلما تكلَّموا عن غيره ووضعوه في مرتبته من زمن قديم، على أنَّ الناقد لو رجع إلى تلك الكتب لانحلَّ معه الإشكال وكفانا مؤونة الردِّ عليه.
لقد ذكره ابن عراق في كتابه: (تنزيه الشريعة ج 2 ص 159 الفصل الثالث من كتاب الصوم، وذكره الحافظ ابن حجر، وأورده السيوطي في ذيل الأحاديث الموضوعة، وبحثه الشيخ ناصر الدين الألباني بحثاً دقيقاً في كتابه سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ج 1 ص79و80، وتبيَّن أنَّ هذا الحديث موقوف على أبي طلحة، وليس فيه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، وأنَّ من مسانيده علي بن زيد بن جدعان الذي هو أحد الرواة، وأنَّه أخطأ في رفعه للنبي صلى الله عليه وسلم، كما جزمَ بذلك الطحاوي، على أنَّ الشيخ ناصر الدين يقول عن هذا الحديث (موضوع) فيتلخَّص من ذلك أن هذا الحديث إن لم يكن موضوعاً فهو موقوف، ولذلك لا يصلح حُجَّة ولا يعتدُّ به.
وبالختام أقول:

لقد تعرَّضت السنَّة الشريفة في القديم لهجماتِ بعضِ الفِرَق الإسلاميَّة الخارجة على سنن الحقِّ لشبهات طارئة، لم تجدْ في نفوس أتباعها ما يدفعها، كما تعرَّضت في العصر الحاضر لهجماتِ بعض المستشرقين من دعاة التبشير والاستعمار ابتغاءَ الفتنة وابتغاء هدم هذا الركن المتين من أركان التشريع الإسلامي الوارف الظلال، وتابَعَهم بعضُ المسلمين اندفاعاً وراء ميول نفسيَّة وشبهات فكريَّة لم يحاولوا تَمحيصها على ضوء ما بأيديهم من تُراث السلف وبحوث العلماء الراسخين.
فأرجو من الأخ الناقد أن يعيد النظر فيما نَقَده وكَتَبَه عسى أن يرفع عن نفسه الارتياب ويعود إلى الصواب ليكون من أولي الألباب، ونعوذ بالله من الزَّلَل والخطأ.
قال الله تعالى: [وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا] {الإسراء:36}.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 83.22 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 81.51 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.06%)]