الاستجابة لله تعالى (3) استجابة الصحابيات رضي الله عنهن - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تناول الثوم ورائحة الفم الكريهة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          ما هي أعراض سرطان البنكرياس؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          مرحلة ما قبل انقطاع الطمث، أسئلة متعددة نجيب عنها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          5 طرق للوقاية من سرطان الجلد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          طرق علاج جدري الماء الدوائية والمنزلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          فحص مخزون المبيض، معلومات مهمة لكلا الزوجين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          ما هي أسباب العقم عند النساء؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          ما هي أسباب التعب والإرهاق عند النساء؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          معدل ضربات القلب الطبيعي للنساء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          ما هي أسباب اصفرار اللسان؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-09-2025, 07:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,650
الدولة : Egypt
افتراضي الاستجابة لله تعالى (3) استجابة الصحابيات رضي الله عنهن

الاستجابة لله تعالى (3)

استجابة الصحابيات رضي الله عنهن

الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

أَيُّهَا النَّاسُ: فِي صَلَاحِ الْمَرْأَةِ صَلَاحُ الْأُسْرَةِ، وَمِنْ ثَمَّ صَلَاحُ الْأُمَّةِ؛ فَهِيَ الْحَاضِنَةُ وَالْمُرَبِّيَةُ وَالْمُؤَدِّبَةُ وَالْمُعَلِّمَةُ، وَهِيَ الَّتِي خَرَّجَتِ الْأَجْيَالَ النَّاجِحَةَ الْمُتَعَاقِبَةَ. وَأَصْلَحُ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ نِسَاءُ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَبَنَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَائِرِ الصَّحَابِيَّاتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ وَأَرْضَاهُنَّ. وَالصَّلَاحُ كُلُّ الصَّلَاحِ فِي الِاسْتِجَابَةِ لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْفَسَادُ كُلُّ الْفَسَادِ فِي عَدَمِ الِاسْتِجَابَةِ لِأَمْرِهِ سُبْحَانَهُ؛ فَالْأَمْرُ أَمْرُهُ، وَالْخَلْقُ خَلْقُهُ، وَالْقَدَرُ قَدَرُهُ، وَكُلُّ شَأْنٍ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ فَمِنْهُ سُبْحَانَهُ وَإِلَيْهِ؛ فَكَانَ فِي الِاسْتِجَابَةِ لِأَمْرِهِ رِضَاهُ، وَفِي رِضَاهُ عَنِ الْعَبْدِ صَلَاحُ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ. وَلِلصَّحَابِيَّاتِ مَوَاقِفُ كَثِيرَةٌ فِي سُرْعَةِ الِاسْتِجَابَةِ لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَانَ مِنْهَا مَوَاقِفُ جَمَاعِيَّةٌ، وَمَوَاقِفُ فَرْدِيَّةٌ، وَمِنْ تِلْكُمُ الْمَوَاقِفِ:
لَمَّا نَزَلَ فَرْضُ الْحِجَابِ عَلَى الْمُؤْمِنَاتِ بَادَرْنَ بِالِاسْتِجَابَةِ، وَلَمْ يَتَبَاطَأْنَ أَوْ يُجَادِلْنَ أَوْ يُنَاقِشْنَ. قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «يَرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلَ، لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ﴾ [النُّورِ: 31]، شَقَقْنَ مُرُوطَهُنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ﴾ [الْأَحْزَابِ: 59]، خَرَجَ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ كَأَنَّ عَلَى رُؤُوسِهِنَّ الْغِرْبَانَ مِنَ الْأَكْسِيَةِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَتَحْكِي عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا حَالَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ فِي صَلَاتِهِنَّ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ فَتَقُولُ: «لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْفَجْرَ، فَيَشْهَدُ مَعَهُ نِسَاءٌ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ مُتَلَفِّعَاتٍ فِي مُرُوطِهِنَّ، ثُمَّ يَرْجِعْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ مَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

وَمِنَ الْحَوَادِثِ الْفَرْدِيَّةِ لِلصَّحَابِيَّاتِ فِي الِاسْتِجَابَةِ لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، أَنَّ امْرَأَةً اسْتَجَابَتْ لِدَاعِي اللَّهِ تَعَالَى فِي الصَّبْرِ عَلَى الْبَلَاءِ، وَقَدَّمَتْهُ عَلَى خِيَارِ الْعَافِيَةِ إِذَا كَانَ الْجَزَاءُ خُلُودًا فِي الْجَنَّةِ، قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: «أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ، أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ، وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي، قَالَ: إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ، فَقَالَتْ: أَصْبِرُ، فَقَالَتْ: إِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ، فَدَعَا لَهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. فَصَبَرَتْ عَلَى بَلَاءِ الصَّرَعِ؛ اسْتِجَابَةً لِلْأَمْرِ بِالصَّبْرِ عَلَى الْبَلَاءِ، مَعَ تَشَوُّفِ النُّفُوسِ لِلْعَافِيَةِ، وَهِيَ قَرِيبَةٌ مِنْهَا بِدَعْوَةٍ مُسْتَجَابَةٍ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَمِنْ حَوَادِثِ خُضُوعِ الصَّحَابِيَّاتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ، وَاسْتِجَابَتِهِنَّ لِلْأَمْرِ الرَّبَّانِيِّ مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبَّاسٍ: يَا عَبَّاسُ، أَلَا تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ، وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ رَاجَعْتِهِ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: إِنَّمَا أَنَا أَشْفَعُ، قَالَتْ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

لَقَدْ كَانَتْ بَرِيرَةُ تَكْرَهُ مُغِيثًا وَلَا تُطِيقُهُ، وَمَعَ ذَلِكَ لَمَّا كَلَّمَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رُجُوعِهَا لَهُ، سَأَلَتْهُ إِنْ كَانَ أَمْرًا مِنْهُ فَإِنَّهَا سَتَسْتَجِيبُ عَلَى الْفَوْرِ، وَتَتَحَمَّلُ عَنَتَ كَرَاهِيَتِهَا لَهُ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى اسْتِجَابَتِهَا لِلْأَمْرِ الرَّبَّانِيِّ وَلَوْ تَحَمَّلَتِ الْعَنَتَ وَالْمَشَقَّةَ فِي ذَلِكَ. وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبَلِّغٌ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَوْ أَمَرَهَا بِمُرَاجَعَتِهِ لَكَانَ أَمْرًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَكَانَتِ اسْتِجَابَتُهَا لَهُ اسْتِجَابَةً لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى.

وَفِي مُجْتَمَعِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَدْ يَغْفُلُ الْأَبُ وَالْأُمُّ عَنْ سُرْعَةِ الِاسْتِجَابَةِ لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَتُنَبِّهُهُمُ ابْنَتُهُمُ الصَّالِحَةُ، فَيَسْتَجِيبُوا جَمِيعًا لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جُلَيْبِيبٍ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى أَبِيهَا، فَقَالَ: حَتَّى أَسْتَأْمِرَ أُمَّهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَنَعَمْ إِذًا، قَالَ: فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ إِلَى امْرَأَتِهِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهَا، فَقَالَتْ: لَاهَا اللَّهِ إِذًا، مَا وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا جُلَيْبِيبًا وَقَدْ مَنَعْنَاهَا مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ؟ قَالَ: وَالْجَارِيَةُ فِي سِتْرِهَا تَسْتَمِعُ. قَالَ: فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ يُرِيدُ أَنْ يُخْبِرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ: أَتُرِيدُونَ أَنْ تَرُدُّوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَهُ؟ إِنْ كَانَ قَدْ رَضِيَهُ لَكُمْ، فَأَنْكِحُوهُ، قَالَ: فَكَأَنَّهَا جَلَّتْ عَنْ أَبَوَيْهَا، وَقَالَا: صَدَقْتِ. فَذَهَبَ أَبُوهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ قَدْ رَضِيتَهُ فَقَدْ رَضِينَاهُ. قَالَ: فَإِنِّي قَدْ رَضِيتُهُ. (وَفِي رِوَايَةٍ: فَأَخْبَرَتْهَا أُمُّهَا فَقَالَتْ: أَتَرُدُّونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَهُ؟ ادْفَعُونِي؛ فَإِنَّهُ لَمْ يُضَيِّعْنِي) فَزَوَّجَهَا، ثُمَّ فُزِّعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، فَرَكِبَ جُلَيْبِيبٌ فَوَجَدُوهُ قَدْ قُتِلَ، وَحَوْلَهُ نَاسٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ قَتَلَهُمْ، قَالَ أَنَسٌ: فَلَقَدْ رَأَيْتُهَا وَإِنَّهَا لَمِنْ أَنْفَقِ ثَيِّبٍ فِي الْمَدِينَةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَفِي رِوَايَةٍ: «وَحَدَّثَ إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ قَالَ: هَلْ تَعْلَمُ مَا دَعَا لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ صُبَّ عَلَيْهَا الْخَيْرَ صَبًّا، وَلَا تَجْعَلْ عَيْشَهَا كَدًّا كَدًّا. قَالَ: فَمَا كَانَ فِي الْأَنْصَارِ أَيِّمٌ أَنْفَقَ مِنْهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.

فَرَضِيَ اللَّهُ عَنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ وَالصَّحَابِيَّاتِ، وَجَمَعَنَا بِهِمْ فِي دَارِ النَّعِيمِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاسْتَجِيبُوا لِأَمْرِهِ، وَجَانِبُوا نَهْيَهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [الْأَنْفَالِ: 24].

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مِنْ أَعْجَبِ صُوَرِ اسْتِجَابَةِ الصَّحَابِيَّاتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى؛ مَا وَقَعَ مِنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ، وَأُمِّ الْمُؤْمِنِينَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِنِسَائِهِ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ: هَذِهِ، ثُمَّ ظُهُورُ الْحُصُرِ، قَالَ: فَكُنَّ كُلُّهُنَّ يَحْجُجْنَ إِلَّا زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، وَسَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ، وَكَانَتَا تَقُولَانِ: وَاللَّهِ لَا تُحَرِّكُنَا دَابَّةٌ بَعْدَ أَنْ سَمِعْنَا ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: «نُبِّئْتُ أَنَّهُ قِيلَ لِسَوْدَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: مَا لَكِ لَا تَحُجِّينَ وَلَا تَعْتَمِرِينَ كَمَا يَفْعَلُ أَخَوَاتُكِ؟ فَقَالَتْ: قَدْ حَجَجْتُ وَاعْتَمَرْتُ، وَأَمَرَنِي اللَّهُ أَنْ أَقِرَّ فِي بَيْتِي، فَوَاللَّهِ لَا أَخْرُجُ مِنْ بَيْتِي حَتَّى أَمُوتَ، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا خَرَجَتْ مِنْ بَابِ حُجْرَتِهَا حَتَّى أُخْرِجَتْ بِجِنَازَتِهَا». مَا أَعْظَمَهُ مِنْ مَثَلٍ فِي الِاسْتِجَابَةِ الْفَوْرِيَّةِ لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ﴾ [الْأَحْزَابِ: 33]، وَلَا سِيَّمَا إِذَا عَلِمْنَا أَنَّهَا كَانَتْ تَسْكُنُ حُجْرَةً صَغِيرَةً، ثُمَّ عَلِمْنَا أَنَّهَا مَكَثَتْ فِي هَذِهِ الْحُجْرَةِ أَرْبَعًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً؛ إِذْ رَجَّحَ ابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ حَجَرٍ أَنَّهَا تُوُفِّيَتْ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ. وَهِيَ الْعَجُوزُ الْمُسِنَّةُ الْكَبِيرَةُ، وَمَعَ ذَلِكَ عَمِلَتْ بِهَذِهِ الْآيَةِ؛ اسْتِجَابَةً لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، فَأَيْنَ مِنْهَا فَتَيَاتٌ شَابَّاتٌ يَتَخَفَّفْنَ مِنَ الْحِجَابِ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ، مَعَ الْمُبَالَغَةِ فِي إِظْهَارِ زِينَةِ الثِّيَابِ وَالْحُلِيِّ وَالْأَصْبَاغِ؟! وَأَيْنَ مِنْهَا نِسَاءٌ يَسْتَعْرِضْنَ مَفَاتِنَهُنَّ عَلَى النَّاسِ فِي وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الْجَمَاعِيِّ؛ لِكَسْبِ الْمَالِ وَالشُّهْرَةِ، وَتَكْثِيرِ الْمُتَابِعِينَ وَالْمُعْجَبِينَ؟! وَأَيْنَ مِنْهَا أَزْوَاجٌ يَعْرِضُونَ زَوْجَاتِهِمْ عَلَى الْمُشَاهِدِينَ وَالْمُتَابِعِينَ؛ لِجَنْيِ الْمَالِ بِأَجْسَادِهِنَّ؟! أَيْنَ هِيَ الِاسْتِجَابَةُ لِأَوَامِرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْحِجَابِ وَالْغَيْرَةِ وَالْعَفَافِ؟! أَيْنَ هُنَّ، وَأَيْنَ هُمْ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ ﴾ [الشُّورَى: 47]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النُّورِ: 63]؟.

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.12 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 55.45 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.93%)]