|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() علة علة حديث: (الحجر الأسود من الجنة) .. محمد بن علي بن جميل المطري ثبت في فضل الحجر الأسود أحاديث صحيحة، منها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستلم الحجر الأسود في طوافه، ويُقَبِّله، وفي الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قبَّل الحجر الأسود وقال: (إني أعلم أنك حجرٌ لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يُقبِّلك ما قبَّلتُك)، وروى عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه (8877) وأحمد بن حنبل في مسنده (4462) والنسائي في سننه (2919) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( «(إِنَّ مَسْحَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَالرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ يَحُطَّانِ الْخَطَايَا حَطًّا» ))، رواه عبد الرزاق عن معمر وسفيان الثوري، وأحمد عن هُشَيم، والنسائي من طريق حماد بن زيد، كلهم عن عطاء بن السائب عن عبد الله بن عُبيد بن عُمير عن ابن عمر، وبعضهم قال: عن عبد الله بن عُبيد عن أبيه، والصواب أنه سمع أباه يسأل ابن عمر كما بينه أحمد في روايته وغيره، والثوري وحماد بن زيد ممن رويا عن عطاء بن السائب قبل اختلاطه، فهذا الحديث صحيح، وممن صححه: ابن خزيمة في صحيحه (2729) والألباني، وحسنه الأرناؤوط في تحقيق مسند أحمد (8/ 32). وقد ورد في فضل الحجر الأسود حديث رواه الترمذي (878) من طريق جرير بن عبد الحميد عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «(نزل الحجر الأسود من الجنة، وهو أشد بياضًا من اللبن، فسوَّدته خطايا بني آدم)» ، وصحَّحه الترمذي، وضعَّفه شيخنا حسن بن حيدر الوائلي؛ لأن في سنده عطاءَ بن السائب الكوفي، وهو مختلِط، وروى عنه هذا الحديث جرير بن عبد الحميد بعد اختلاطه، وقد روى هذا الحديث الإمام أحمد في مسنده (3046) من طريق عفَّان عن حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب به مرفوعًا بلفظ: (الحجر الأسود من الجنة، وكان أشد بياضًا من الثلج، حتى سودته خطايا أهل الشرك)، والعلماء مختلفون في حماد بن سلمة هل روى عن عطاء بعد اختلاطه أو قبله؟ والأصح أنه روى عنه قبل الاختلاط وبعده كما ذكره ابن المديني وابن حجر، وسيأتي بيان ذلك، ثم إن في رواية حماد بن سلمة عن غير ثابت ضعفًا، وإن كانت رواية عفَّان عن حماد أقوى من رواية غير عفان عن حماد، سمعت شيخنا حسن حيدر يقول: "الحديث ضعيف لهذه العلة، ولعل الحديث موقوفٌ من قول ابن عباس، والظاهر أن الحجر الأسود من الأرض لا من الجنة، والله أعلم". قلت: حديث نزول الحجر الأسود من الجنة مختلَف في تصحيحه، فصحَّحه الترمذي وابن خزيمة في صحيحه (2733) والضياء المقدسي في المختارة (275)، وقال السخاوي في المقاصد الحسنة (ص: 299): "شواهده كثيرة"، وضعفه أبو الحسن القطَّان في كتابه بيان الوهم والإيهام (4/ 279، 280) و (5/ 732)، وصححه من المعاصرين الألباني، وصحَّح أول هذا الحديث شعيب الأرناؤوط لشواهده، وضعَّف بقية الحديث لعدم وجود شاهد له؛ قال الأرناؤوط في تحقيق مسند أحمد (5/ 14): "قوله: (الحجر الأسود من الجنة) صحيح بشواهده، وأما بقية الحديث فليس له شاهد يُقوِّيه، وإسناد الحديث ضعيف لاختلاط عطاء بن السائب، وقال الإمام أحمد: كان يرفع عن سعيد بن جبير أشياءَ لم يكن يرفعها، وقال أبو حاتم: رفع أشياء عن الصحابة كان يرويها عن التابعين"، ثم تراجع شعيب الأرناؤوط عن تصحيح أول الحديث: (الحجر الأسود من الجنة)، ورجَّح ضعفه كما في تحقيق مسند أحمد (21/ 380) وقال: "هذا الحديث لا يصح إلا موقوفًا، والله تعالى أعلم". وللحديث شواهدُ عن غير ابن عباس، عن عبد الله بن عمرو وأبي هريرة وعائشةَ وأنس، وجميع هذه الشواهد لا يصح منها شيء مرفوعًا، يُنظر: علل الحديث لابن أبي حاتم (3/ 221)، مجمع الزوائد للهيثمي (3/ 242)، نزهة الألباب في قول الترمذي وفي الباب لحسن بن حيدر الوائلي (3/ 1492 - 1494)، الإيماء إلى زوائد الأمالي والأجزاء لنبيل جرار (7/ 82). تنبيه: روى الطوسي في مستخرجه على جامع الترمذي (4/ 112) من طريق محمد بن الأزرق عن حُصين عن مجاهد قال سمعت ابن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لقد نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضًا من الثلج فما سوَّده إلا خطايا بني آدم)، قال الذهبي في كتابه المغني في الضعفاء (2/ 592): "محمد بن صالح المدني الأزرق، قال ابن حبان: لا يحتج بأفراده، ووثقه غيره"، وقد أخطأ الأزرق أو غيره في هذا الإسناد فجعله عن ابن عمر وإنما هو عن ابن عمرو، وجعله مرفوعًا وإنما هو موقوف، قال ابن أبي شيبة في مصنفه (14146): حدثنا ابن فُضَيل عن حُصين عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو قال: (لقد نزل الحجر من الجنة وإنه أشد بياضًا من الثلج فما سوَّده إلا خطايا بني آدم)، وإسناده صحيح، فهذا الأثر ثابت من قول عبد الله بن عمرو لا عن عبد الله بن عمر، وقد صح عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه كان يجزم بذلك كما في مصنف ابن أبي شيبة (14149). وقد روي أن (الحجر الأسود من الجنة) عن بعض الصحابة والتابعين: قال الإمام أحمد في مسنده (13944): حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة قال: حدثنا قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (الحجر الأسود من الجنة)، وهذا إسناد صحيح، لكنه موقوف، وقال ابن أبي شيبة في مصنفه (14145): حدثنا وكيع عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (الحجر من حجارة الجنة، ولولا ما مسه من أنجاس أهل الجاهلية ما مسه من ذي عاهة إلا برأ)، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى صدوق سيء الحفظ جدًا، وهذا الأثر موقوف على ابن عباس، وروى نحوه الأزرقي في أخبار مكة (1/ 328) عن عثمان بن ساج عن يحيى بن أبي أنيسة عن عطاء عن عبد الله بن عباس موقوفًا، وإسناده ضعيف جدًّا، ابن ساج فيه ضعف، وابن أبي أَنيسة متروك الحديث، ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده (938) من طريق أبي يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عباس موقوفًا، والقتات ضعيف، وروى الفاكهي في أخبار مكة (9) بإسناد ضعيف عن عبد الله بن عثمان بن خُثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (الحجر والمقام من جوهر الجنة)، ومجموع هذه الطرق عن ابن عباس تدل على أنه من قوله، وليس مرفوعًا عن النبي عليه الصلاة والسلام، وتدل هذه الروايات على ضعف رواية عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعًا. وقد ورد ما يدل على أن هذا القول من الإسرائيليات، قال عبدالرزاق الصنعاني في مصنفه (8915): عن ابن جُريج قال: حدثني عطاء عن عبد الله بن عمرو وكعب الأحبار أنهما قالا: (لولا ما يَمْسَحُ به ذو الأنجاس من الجاهلية ما مسَّه ذو عاهة إلا شُفي، وما من الجنة شيء في الأرض إلا هو)، وإسناده صحيح، وقال ابن أبي شيبة في مصنفه (14147): حدثنا عبدة بن سليمان عن سعيد بن أبي عَروبة عن قتادة قال: سُئل كعبٌ عن الحجر الأسود فقال: (حجرٌ من حجارة الجنة)، وإسناده صحيح إلى قتادة لكنه لم يسمع من كعب، وقد بيَّن الواسطة بينهما البيهقي في شعب الإيمان (6992) فرواه من طريق الأشعث بن نزار الجهني عن قتادة عن أبي شيخ الهُنائي عن كعب الحَبر قال: سئل عن الحجر الأسود قال: (حجر من أحجار الجنة)، والهُنائي تابعي ثقة كما قال ابن حجر والذهبي، وقال ابن أبي شيبة (14144): حدثنا أبو الأحوص عن سِمَاك عن خالد بن عَرعَرة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام قال لابنه: ابغني حجرًا، قال: فذهب ثم جاء وقد رَكِبَهُ فقال: من أين هذا؟! قال: (جاءني به من لم يتَّكل على بنائك، جاءني به جبريل من السماء)، وإسناده حسن، ويحتمل أن يكون هذا الأثر بمعنى حديث: (الحجر الأسود من الجنة)، ويحتمل أن يكون مخالفًا لمعناه، فلم يقل: جاء به جبريل من الجنة، بل قال: من السماء، فيحتمل هذا اللفظ أن يكون الحجر الأسود من السماء أي: من الجنة أو من بعض الكواكب أو نيزكًا أنزله الله من السماء ليكون في ركن بيته المعظَّم، ثم قول علي موقوف عليه، وليس مرفوعًا إلى النبي عليه الصلاة والسلام، ونقل ابن عبد البر في الاستذكار (4/ 202) عن عبد الله بن وهب قال: حدثني يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: (الرُّكن حجرٌ من حجارة الجنة)، وإسناده صحيح عن سيد التابعين سعيد بن المسيب. فهذه الروايات تدل على أن أصل حديث: (الحجر من الجنة) ليس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما عن كعب الأحبار وعن بعض الصحابة والتابعين، ولعلهم أخذوا ذلك عن كعب، فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ)) رواه البخاري (3461) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، وروى البخاري (7362) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعِبرانية، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الكِتَابِ وَلا تُكَذِّبُوهُمْ))، ولم يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أن الحجر الأسود من الجنة، بل جاء ما يدل بمفهومه على أن الحجر الأسود ليس من الجنة، ففي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا))، فتأمل، والله أعلم. وقد ضعَّف حديث: (الحجر الأسود من الجنة) غير واحد من المعاصرين، منهم الدكتور ماهر الفحل في تحقيقه لصحيح ابن خزيمة (4/ 382)، والباحث عبد الله بن عبد الحليم، قال في كتابه جامع الروايات (11/ 10): "هذه الأسانيد فيها عطاء بن السائب، وهو صدوق، ولكنه اختلط اختلاطًا شديدًا، والذي يروي عنه حماد بن سلمة، والراجح أن رواية وُهَيب وحماد بن سلمة وأبي عوانة عنه في جملة ما يدخل في الاختلاط". وقال الدكتور تركي الغُمَيْز في كتابه تحقيق جزء من علل ابن أبي حاتم (ص: 8): "هذا الإسناد فيه عطاء بن السائب، وكان قد اختلط كما نص على ذلك جماعة من الأئمة، منهم ابن عيينة وأحمد وابن معين والنسائي وأبو حاتم وغيرهم، قال أحمد: من سمع منه قديمًا فسماعه صحيح، ومن سمع منه حديثًا لم يكن بشيء، سمع منه قديمًا: سفيان وشعبة، وسمع منه حديثًا: جرير وخالد وإسماعيل وعلي بن عاصم، وكان يرفع عن سعيد بن جبير أشياء لم يكن يرفعها، وقال ابن معين: اختلط، وما سمع منه جرير وذَوُوهُ ليس من صحيح حديثه، وقال أيضًا: وجميع مَن سمِع مِن عطاء سمِع منه في الاختلاط إلا شعبة والثوري، وقال أبو حاتم: وقديم السماع من عطاء: سفيان وشعبة، وفي حديث البصريين عنه تخاليط كثيرة؛ لأنه قدم عليهم في آخر عمره [يُنظر: تاريخ الدوري (2/403)، الجرح والتعديل (6/332)، تهذيب الكمال (20/86)، شرح علل الترمذي (2/734)، تهذيب التهذيب (3/103)، الكواكب النيرات (ص319)]، وقد روى هذا الحديث عن عطاء بن السائب ثلاثة وهم: حماد بن سلمة، وجرير بن عبد الحميد، وزياد بن عبد الله النميري البصري، فأما جرير وزياد فإنما سمعا من عطاء بعد الاختلاط - كما سبق - ومع ذلك فزياد ضعيف، وأما حماد بن سلمة فقد اختلف الأئمة النقاد في وقت سماعه من عطاء بن السائب هل كان قبل الاختلاط أم بعده؟ فلم يذكره أحمد والبخاري والنسائي وأبو حاتم وغيرهم فيمن سمع من عطاء قبل الاختلاط، وذكره بعضهم فيمن سمع بعد الاختلاط، وذكر يعقوب بن سفيان أن سماعه قديم، وذكر ابن الجارود أن حديثه عنه جيد، وقال الدارقطني: دخل عطاء البصرة مرتين، فسماع أيوب وحماد بن سلمة في الرحلة الأولى صحيح، واختلف النقل في هذا عن ابن معين، فعنه أنه لم يسمع من عطاء قبل الاختلاط غير شعبة وسفيان كما سبق، وقال أيضًا: كل شيء من حديث عطاء بن السائب ضعيف إلا ما كان عن شعبة وسفيان، ونُقل عن ابن معين أن حمادًا ممن سمع من عطاء قبل الاختلاط، وذكره - أيضًا - فيمن حديثه عن عطاء مستقيم، فالله أعلم، قال ابن حجر: والظاهر أنه سمع منه مرتين: مرة مع أيوب، كما يُومئ إليه كلام الدارقطني، ومرة بعد ذلك لما دخل إليهم البصرة، وسمع منه مع جرير وذويه، وهذا الذي ذكره ابن حجر نقله ابن المديني عن يحيى بن سعيد أن أبا عوانة وحماد بن سلمة سمعا منه قبل الاختلاط وبعده، وكانا لا يفصلان هذا من هذا. [يُنظر: الضعفاء للعقيلي (3/398)، والمصادر السابقة]، وإذا كان الأمر كذلك، فيبقى حديث حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب غير ثابت، على أن هذا الحديث قد جاء ما يدل على أن عطاء لم يتقنه، فإنه لم يتابع عليه متابعة مستقيمة يمكن الاحتجاج بها، وإنما تُوبع من وجوه ضعيفة، كما أنه قد خُولف فيه، ولولا خشية الإطالة لفصلت ذلك، ثم إن معنى هذا الحديث قد رُوِيَ عن جماعة من أصحاب ابن عباس بألفاظ مختلفة، وعامتها موقوفة على ابن عباس، مما يدل على أن أصل هذا الحديث موقوف غير مرفوع، كما رُوِيَ في هذا المعنى عن جماعة من الصحابة، ولا يثبت منها شيء مرفوع، وبعضها موقوف، والذي يظهر لي أن هذا المعنى لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولعله مما حدَّث به كعب الأحبار وغيره من أهل الكتاب، ثم أخذه عنهم بعض الصحابة والتابعين، والله أعلم"، انتهى كلام الدكتور تركي الغميز. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |