|
|||||||
| استراحة الشفاء , وملتقى الإخاء والترحيب والمناسبات هنا نلتقي بالأعضاء الجدد ونرحب بهم , وهنا يتواصل الأعضاء مع بعضهم لمعرفة أخبارهم وتقديم التهاني أو المواساة |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
حقوق الجيران د. أمير بن محمد المدري الحمد لله على عظيم نعمه وجزيل إحسانه، وأشهد أن لا إله إلا الله الناصر الحافظ لأوليائه، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله وخيرة خلقه وأنبيائه، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه وأتباعه. وبعد: اليوم الحديث عن حقوق الجيران في الإسلام. نتكلم عن حقوق الجيران في زمن أصبحنا نسمع ـ ما يندى له الجبين مما يحدث بين بعض الجيران من تقاطع ومن تهاجر ومن تحاسد ومن بغضاء، وأمور ينبغي أن لا توجد في مجتمعات المسلمين، نتكلم عن حقوق الجيران يوم وصل التقصير والاستهانة بحق الجار إلى درجة أن الجار ـ في بعض الأحياء ـ لا يعرف جاره، نعم لا يعرف جاره الذي ليس بينه وبينه إلا جدار. إن الروابط بين الناس كثيرة، والصلاتِ التي تصلُ بعضَهم ببعض متعددة، فهناك رابطةُ القرابة ورابطةُ النسب والمصاهرة ورابطةُ الصداقة ورابطةُ الجوار، وغيرها من الروابط التي تقوم الأمم بها وتقوى بسببها، فمتى سادت هذه الروابط بين الناس على أساس من البر والتقوى والمحبة والرحمة عظمت الأمة وقوي شأنها، ومتى أُهملت هذه الحقوق وتفصّمت تلك الروابط شقيت الأمة وهانت وحل بها التفكك والدمار، من أجل ذلك جاء الإسلام بمراعاة هذه الروابط وتقويمها وتمكينها وإحاطتها بما يحفظ وجودها ويعلي منارها بين المسلمين. ومن بين هذه الروابط العظيمة التي دعمها الإسلام وأوصى بمراعاتها وشدّد في التقصير في حقوقها وواجباتها رابطةُ الجوار، تلك الرابطةُ العظيمة التي فرّط كثير من الناس فيها ولم يرعوها حق رعايتها؛ إما جهلاً منهم بحقوق الجوار وإمّا تناسيًا لها، أو لا مبالاة بأذى الجار والاعتداء عليه، مما سبب التنافر والتباغض بين المسلمين، بل والعداء والكيد فيما بينهم، أفرادًا وجماعات، وحتى دُولاً مسلمةً متجاورة!! إن حق الجار على جاره مؤكد بالآيات البينات والأحاديث الواضحة، فهو شريعة محكمة وسنة قائمة، ومن عظم حق الجار أن الله تعالى قرنه مع حقه جل وعلا وحق الوالدين والأرحام، قال الله تعالى: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ﴾ [النساء: 36]. ففي الآية الوصية بالجيران كلهم قريبهم وبعيدهم، مسلمهم وكافرهم. وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلمحق الجار تأكيدًا عظيمًا، ففي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر وعائشة رضي الله عنهم قالا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه». سبحان الله فإن النبي صلى الله عليه وسلم ظن أن نهاية هذا الحرص وتلك الوصايا من جبريل عليه السلام أن يكون للجار نصيب من الميراث. وجاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فلا يؤذي جاره».وفي رواية: «فليحسن إلى جاره» وفي رواية: «فليكرم جاره». ولقد كان العرب في الجاهلية والإسلام يحمون الأعراض، ويتفاخرون بحسن الجوار، وعلى قدر الجار يكون ثمن الدار. اطلب لنفسك جيراناً تجاورهم ![]() لا تصلح الدار حتى يصلح الجار ![]() ![]() ![]() نعم والله إن الدار لا تصلح حتى يصلح الجار. وها هو أحدهم يبيع داره بثمنٍ بخس فلامه الناس على ذلك فأجابهم شعراً بقوله: يلومونني أن بعت بالرخص منزلي ![]() ولم يعرفوا جاراً هناك ينغص فاختيار الجار يكون قبل شراء الدار. وها هي آسيا بنت مزاحم عليها السلام تقول كما قال تعالى: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [التحريم: 11]، اختارت الجار قبل الدار. كم نجن جميعا بحاجة إلى أن نعي حقوق الجار لأننا مقصرون جميعا ونحتاج إلى تذكير والذكرى تنفع المؤمنين. إن الجار الصالح أخٌ لك لم تلده أمك، يذب عن عرضك، ويعرف معروفك، ويكتم عيوبك، ويفرح إذا فرحت، ويتألم إذا حزنت. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: «أربعٌ من السعادة وذكر منها الجار الصالح»، ثم قال: «أربعٌ من الشقاوة: وذكر منها الجار السوء»، [رواه ابن حبان في صحيحه]، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يتعوذ من جار السوء فيقول: «اللهم إني أعوذ بك من جار السوء في دار المقامة، فإن جار البادية يتحول» [رواه ابن حبان في صحيحه]. ولم أر مثل الجهل يدعو إلى الردى ![]() ولا مثل جار السوء يكره جانبه ![]() ![]() ![]() قال صلى الله عليه وسلم: «تعوذوا من الفواقرِ الثلاث أي المهلكات الثلاث وذكر منها من مجاورة جارِ السوءِ، إن رأى خيرًا دفنه، وإن رأى شرًا أذاعَهُ» [رواه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث أبي هريرة بسند ضعيف واللفظ الآخر رواه الطبراني من حديث فضالة بن عبيد]. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «خير الجيران عند الله خيرهم لجاره» [صححه ابن خزيمة وابن حبان]. الجيران ثلاثة: الجيران كما يقول العلماء ثلاثة، فالجار الأول له ثلاثة حقوق، وهو الجار المسلم ذو الرحم، الذي له حق الجوار وحق الإسلام وحق القرابة، أما الجار الثاني فهو الذي له حقان: حق الإسلام وحق الجيرة، وأما النوع الثالث فهو الجار الكافر، فهذا له حق واحد وهو حق الجوار. واسم الجار كما يقول ابن حجر يشمل المسلم والكافر والعابد والفاسق والصديق والعدو والنافع والضار والقريب والأجنبي والأقرب داراً والأبعد. والجار له مراتبُ بعضُها أعلى من بعض، تزيد وتنقص بحسب قربه وقرابته ودينه وخلقه، فيُعطى كلٌ بحسب حاله وما يستحق. فالجار الملاصق لك في الدار ليس كالبعيد، وله ما ليس للبعيد، والجارُ ذي القربى ليس كالجار الجُنب، وصاحبُ الدين ليس كالفاسق المؤذي. وكما يكون الجوار في المسكن فيكون في العمل والسوق والمسجد والسفر والدراسة ونحو ذلك، بل يشمل مفهوم الجوار التجاور بين الدول، فلكل دولةٍ على جارتها حقوق. وأما حد الجار فاختُلِف فيه، فعن علي رضي الله عنه قال: «من سمع النداء فهو جار، وقيل من صلى معك الصبح في المسجد فهو جار». أقسم صلى الله عليه وسلم ثلاثاً: «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن»، قيل: من يا رسول الله؟ قال: «الذي لا يأمن جاره بوائقه»، يعني شروره [متفق عليه]. ولقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشتكيه من أذية جاره، فقال له: « اذهب فاصبر»، فأتاه الرجل مرتين أو ثلاثاً، فقال له صلى الله عليه وسلم: «اذهب فاطرح متاعك في الطريق»، ففعل ذلك، فجعل الناس يمرون به ويسألونه فيخبرهم خبره، فجعل الناس يلعنون جاره وينالون منه، فجاء إليه الجار قائلاً: ارجع، لا ترى مني شيئاً تكرهه. إن الأمر ليس كما تتوقعون، ولا كما تحسبون وتحسبونه هيناً وهو عند عظيم. روي عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من آذى جاره فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله» [عزاه المنذري في الترغيب: 3/234 لأبي الشيخ ابن حبان في كتاب (التوبيخ) وضعفه]. اختر ما شئت - أيها الجار - الجنة أو النار. روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله! إن فلانة تذكر من كثرة صلاتها، وصدقتها، وصيامها. وفي رواية تصوم النهار، وتقوم الليل، غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها، قال: «هي في النار»، نعم لان صلاتها لم تؤثر في أخلاقها وصيامها لم يحسن من معاملاتها وقيل يا رسول الله: إن فلانة تذكر من قلة صيامها، وصلاتها، وإنها تتصدق بالأثوار من الأقط، ولا تؤذي جيرانها، قال: «هي في الجنة» [قال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/169): رواه أحمد والبزار، ورجاله ثقات]. ولله در من قال: أقول لجاري إذا أتاني معاتبا ![]() مدلا بحق أو مدلاً بباطل ![]() إذا لم يصل خيري وأنت مجاوري ![]() إليك فما شري إليك بواصل ![]() روى عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أول خصمين يوم القيامة جاران» [قال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/80): رواه أحمد والطبراني بنحوه، وأحد إسنادي الطبراني رجاله رجال الصحيح، غير أبي عشانة، وهو ثقة]. فكيف بك أيها المسكين حين تقف بين يدي رب العالمين وجارك يقول: يا رب! إن جاري هذا لم يرع حق الجيرة، ولم يحسن معي السيرة، آذاني بعينه ينظر إلى محارمي، آذاني بسمعه يتسلط على أسراري، آذاني بلسانه يتفكه بمعايبي. عباد الله: إن المؤمن من أمنه الناس، وإن المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده. قال أبو حازم: «كان أهل الجاهلية أحسن منكم جواراً، فإن قلتم: لا، فبيننا وبينكم قول شاعرهم: ناري ونار الجار واحدة ![]() وإليه قبلي تنزل القدر ![]() ما ضر جاراً لي أجاوره ![]() ألا يكون لبيته ستر ![]() عبد الله أيها المسلم:اعلم أن من حق جارك عليك، إن مرض عدته، وإن مات شيعته وإن استقرضك وأنت قادر أقرضته، وإن أعوز سترته، وإن أصابه خير هنأته، وإن أصابته مصيبة عزيته، ولا ترفع بناءك على بنائه تؤذيه. وإذا رأيته على منكر نهيته، وإذا رأيته على معروف أعنته، فلربما تعلق برقبتك يوم القيامة، يقول: يا رب رآني على منكر فلم يأمرني ولم ينهني. وواجب المسلم تجاه جاره أن يتحسس حاله، فإن رآه على خير أعانه، وإن رآه معوجاً أقامه. كما عليه أن يتفقد حاله ومعاشه فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما آمن من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهم يعلم» [أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (751) بلفظ "من آمن بي..."]. وليتق الله عز وجل كل جار بينه وبين جاره قطيعة وضغينة. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث» [متفق عليه]. وليتق الله عز وجل أهل الدور والزروع لا يعتدي بعضهم على بعض، وليرعوا حق الجيرة. روى الإمام أحمد: عن أبي مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أعظم الغلول عند الله عز وجل ذراع من الأرض تجدون الرجلين جارين في الأرض أو في الدار فيقتطع أحدهما من حظ صاحبه ذراعاً». وقال صلى الله عليه وسلم: « من ظلم قيد شبر طوقه من سبع أرضين إلى يوم القيامة» [رواه البخاري في كتاب المظالم. قال - باب إثم من ظلم شيئاً من الأرض]. وإن المطلوب من أهل الحي أن يتزاوروا فيما بينهم؛ ليتعارفوا وتتآلف قلوبهم. وخير مكان يلتقون فيه وتزداد محبتهم المسجد بيت الله. صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم» [رواه مسلم].
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |