ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها

[ابوالوليد المسلم]

ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها


لا تخلو دولة من وجود الظلم والإجرام والفساد، وأعظم صور الفساد، الفساد العقدي الفكري بالإلحاد والتنكر لهذا الدين ومعاداته والسعي في القضاء عليه وعلى أهله وتشويه صورتهم للصد عن سبيل الله، قال تعالى: {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا}(الأعراف: 56)، ومن صور الفساد ارتكاب المعاصي والمخالفات لشرع الله -عز وجل- وتعطيل أوامره، قال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}(الروم: 41).
- وهناك الفساد الاقتصادي عن طريق الرشوة والاحتكار والربا والغش وبيع المحرمات؛ ولذلك جاء في الحديث: «لعن الله الراشي والمرتشي» (رواه أحمد).
- ومن الفساد، الفساد الإعلامي عبر نشر الصور المحرمة المثيرة للشهوانية المحرمة ونشر الشائعات والأراجيف وصور الأباطيل وإثارة الفتن والمصائب والقلاقل ومواقع الإرهاب والتكفير وشحن القلوب بالأحقاد ونشر ثقافة الكراهية والعدواة وإثارة الفوضى، كما قال تعالى: {وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ(204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} (البقرة:204-205).
- ومن الفساد تحريض المرأة على خلع حجابها والعبث بحشمتما وتشجيعها على التمرد، وإفساد العلاقة بين الزوجين، وخدش حيائها بوسائل عديدة ومنظمة ودقيقة.
- ومن صور الفساد، تهور الشباب في قيادة السيارات وقطع إشارات المرور والسرعة الزائدة، وتركيب أصوات مؤذية وأدخنة ممرضة، والتقحيط وإيذاء من في الطريق وترويعهم.
- ومن صور الفساد عقوق الوالدين وقطع صلة الأرحام، قال تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ﴿22﴾أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} (محمد: 22-23).
- ومن صور الفساد آفات اللسان التي تفرق بين أفراد الأسرة الواحدة، واستخدام السحر، تلك الآفة الخطيرة، قال تعالى: { مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ ۖ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} (يونس:81).
- ومن صور الفساد السرقة صغيرة كانت أو كبيرة، فقال تبارك وتعالى عن إخوة يوسف عليه السلام: {قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ}(يوسف: 73).
ومن صور الفساد الخمر والمخدرات والزنا والفاحشة (عمل قوم لوط والشذوذ) والخنا والمعازف فهذه من الفواحش التي ساءت سبيلا.
أقول: إن من الناس من يسعى في الأرض الفساد، ويعتقد أنه لم يفسد، بل هو يقوم بالإصلاح، والعياذ بالله، {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ} (البقرة:11-12).
فواجبنا جميعا أن نبذل قصارى جهدنا بما هو متاح ومباح لإنكار المنكر والقضاء على صور الفساد وتقليلها وتعطيلها، ولا نبالي بالمعارضين وبعض المنظمات العالمية التي تقنن الفساد، قال تعالى: {وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (151) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ } (الشعراء:151-152).
ولعلكم جميعا مما قال الله فيهم: {فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ} (هود:116).



اعداد: د.بسام خضر الشطي