مِصْرُ الْبِشَارَةِ وَالْوَصِيَّةِ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         المبسوط فى الفقه الحنفى محمد بن أحمد السرخسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 93 - عددالزوار : 12860 )           »          العيد في وجدان الشعراء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          حدث في الرابع من شوال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          العيد والعمر وحسن الخاتمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          الحكمة بين الطبيب والفقيه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          خواطرفي سبيل الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 69 - عددالزوار : 19537 )           »          ختم صحيح البخاري في الجامع الأموي بدمشق‎ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          إسقاط الأحكام الشرعية بالتحايل ممنوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          شدة الحاجة إلى معرفة فضائل الصحابة رضي الله عنهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26-04-2025, 05:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,886
الدولة : Egypt
افتراضي مِصْرُ الْبِشَارَةِ وَالْوَصِيَّةِ

مِصْرُ الْبِشَارَةِ وَالْوَصِيَّةِ

محمد سيد حسين عبد الواحد


اَلْعَنَاصِرُ الْأَسَاسِيَّةُ :
الْعُنْصُرُ الْأَوَّلُ : الْمُسْتَقْبَلُ بَيْنَ أَيْدِي الصَّحَابَةِ بِوَحْيٍ .
الْعُنْصُرُ الثَّانِي : الْبِشَارَةُ بِفَتْحِ مِصْرَ .
الْعُنْصُرُ الثَّالِثُ : دَوْرُ مِصْرَ فِي خِدْمَةِ الْإِسْلَامِ .
الْعُنْصُرُ الرَّابِعُ : سَيْنَاءُ بَرَكَاتٌ وَوَاجِبَاتٌ .
الْمَوْضُوعُ :
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَامُ : مَا بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيًّا ، وَمَا أَرْسَلَ رَسُولًا إِلَّا وَأَيَّدَهُ بِشَوَاهِدَ تُصَدِّقُ دَعْوَتَهُ وَتُثْبِتُ نُبُوَّتَهُ ، وَمِنْ بَيْنِ دَلَائِلِ صِدْقِ الْأَنْبِيَاءِ حَدِيثُهُمْ عَنْ الْمُسْتَقْبَلِ ، وَمَا يَكُونُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنْ الْخَيْرِ أَوْ الشَّرِّ ، وَيَأْتِي الْمُسْتَقْبَلُ بِمَا قَالُوا لَا يَخْتَلِفُ فِي قَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ . .
إِخْبَارُ الْأَنْبِيَاءِ بِالْمُسْتَقْبَلِ وَالَّذِي هُوَ مِنْ الْغَيْبِ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ يَكُونُ بِوَحْيٍ مِنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَمَا فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ :
{{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا ، إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ، لِّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَىٰ كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا }} [سورة الجن] .
نَبِيُّ اللَّهِ صَالِحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ بُعثَ إِلَى ثَمُودٍ فَجَحَدُوا بِدَعْوَتِهِ ، وَكَذَّبُوا رِسَالَتَهُ ، وَعَلَى وَجْهِ التَّعْجِيزِ طَلَبُوا مِنْهُ آيَةً تَكَادُ تَكُونُ مُسْتَحِيلَةً ، لَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَعْجِزُهُ شَيْءٌ ، فَأَخْرَجَ اللَّهُ لَهُ مِنْ الْجَبَلِ ( نَاقَةً تَسْعَى وَتَأْكُلُ وَتَشْرَبُ )
آيَةً مِنْ آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى ، تَشْهَدُ بِنُبُوَّةِ صَالِحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَرَغْمَ ذَلِكَ لَمْ تُؤْمِنْ ثَمُودُ فَخَاطَبَهُمْ صَالِحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِقَوْلِهِ :
{{وَيَا قَوْمِ هَـٰذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ ، فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ۖ ذَٰلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ }}
تَوَعَّدَهُمْ صَالِحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِوَحْيٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِعَذَابٍ يَأْتِيهِمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَتَحْدِيدًا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَجَاءَهُمْ الْعَذَابُ بَعْدَ ثَلَاثٍ كَمَا قَالَ : {{ فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ ۗ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ، وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ }} [سورة هود] .
وَمِنْ بَيْنِ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا بِالْمُسْتَقْبَلِ وَأَخْبَرُوا بِالْغَيْبِ بِوَحْيٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى ، وَأَتَى الْمُسْتَقْبَلُ عَلَى نَحْوِ مَا قَالُوا ( سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )
بَشَرَ النَّبِيُّ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفَتْحِ مَكَّةَ وَفُتِحَتْ مَكَّةَ ..
بَشَّرَ النَّبِيُّ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفَتْحِ خَيْبَرَ وَفُتِحَتْ خَيْبَرُ ..
بُشِّرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفَتْحِ الشَّامِ وَفُتِحَتْ الشَّامُ . .
بَشِرَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِفَتْحِ بِلَادِ فَارِسَ وَفُتِحَتْ بِلَادُ فَارِسَ . .
وَمِنْ بَيْنِ مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِشَارَةٌ بَشَّرَ بِهَا أَصْحَابَهُ أَنَّهُ سَيَأْتِي عَلَيْهِمْ يَوْمٌ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فِيهِ مِصْرَ . . .
قَالَ الْحَبِيبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «إِنَّكُم سَتَفْتَحُونَ مِصْرَ، وَهِيَ أَرْضٌ يَسمَّى فِيْهَا القِيْرَاط، فَإِذَا فَتَحْتُمُوهَا، فَأَحْسِنُوا إِلَى أَهْلِهَا؛ فَإِنَّ لَهُم ذِمَّةٌ وَرَحِمًا»
كَانَتْ مِصْرُ فِي دَائِرَةِ اهْتِمَامِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَحُقَّ لَهُ أَنْ يَهْتَمَّ لَهَا لِمَا حَفَلَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ بِهِ مِنْ ذِكْرِ مِصْرَ وَذِكْرِ خَيْرَاتِ مِصْرَ وَبَرَكَاتِهَا وَأَمْنِهَا وَأَمَانِهَا ..
فِي الْعَامِ السَّابِعِ مِنْ الْهِجْرَةِ كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ رِسَالَةً إِلَى الْمُقَوْقِسِ عَظِيمِ مِصْرَ يَدْعُوهُ فِيهَا وَأَهْلَ مِصْرَ إِلَي الْإِسْلَامِ . .
فَحَمَلَ الرِّسَالَةَ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَلَمَّا أَتَى مِصْرَ دَفَعَ الرِّسَالَةَ إِلَى الْمُقَوْقِسِ عَظِيمِ مِصْرَ ، وَاَلَّذِي رَدَّ رَدًّا حَسَنًا ، وَاَلَّذِي أَكْرَمَ الرِّسَالَةَ ، وَأَحْسَنَ إِلَى حَامِلِ الرِّسَالَةِ ، وَرَدَّهُ سَالِمًا ، وَمَعَهُ بَعْضُ الْهَدَايَا لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ . .
أَهْدَاهُ بِغُلَةً بَيْضَاءَ ، وَأَهْدَاهُ عَسَلًا مِنْ عَسَلِ بَنَّهَا ، وَاهْدَاهُ جَارِيَتَيْنِ أُخْتَيْنِ حَسْنَاوَتَيْنِ ، أُولَاهُمَا سِيرِينُ وَقَدْ أَهْدَاهَا رَسُولُ اللَّهِ إِلَى حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَمَارِيَةٌ وَقَدْ اصْطَفَاهَا رَسُولُ اللَّهِ لِنَفْسِهَ ، وَقَدْ رُزِقَ مِنْهَا بِإِبْرَاهِيمَ ، وَمِنْ هُنَا تَأْتِي الْمُصَاهَرَةُ بَيْنَ أَهْلِ مِصْرَ وَبَيْنَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ . .
ثُمَّ جَاءَتْ الْبِشَارَةُ الْكَرِيمَةُ مِنْ الصَّادِقِ الَّذِي لَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ يَوْمًا سَيَأْتِي وَيَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِصْرَ ، لِيَفْتَحَ الْبَابَ الْأَكْبَرَ لِلْإِسْلَامِ بِفَتْحِ مِصْرَ . .
قَالَ الْحَبِيبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «إِنَّكُم سَتَفْتَحُونَ مِصْرَ، وَهِيَ أَرْضٌ يَسمَّى فِيْهَا القِيْرَاط، فَإِذَا فَتَحْتُمُوهَا، فَأَحْسِنُوا إِلَى أَهْلِهَا؛ فَإِنَّ لَهُم ذِمَّةٌ وَرَحِمًا»، وفي رواية قال النبي عليه الصلاة والسلام : «فَاسْتَوْصُوا بِهِم خَيْرًا، فَإنَّهُم قُوَّةٌ لَكُم، وَبَلَاغٌ إِلَى عَدُوِّكُم بِإِذْنِ الله»
وَبَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَبَعْدَ وَفَاةِ الْخَلِيفَةِ الْأَوَّلِ أَبُو بَكْرٍ ، لَمْ تَزَلْ مِصْرُ فِي دَائِرَةِ اهْتِمَامِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ حَتَّى أَشَارَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِفَتْحِ مِصْرَ فَكَانَ مِنْ بَيْنِ مَا قَالَ « إِنَّكَ إِنْ فَتَحْتَ مِصْرَ كَانَتْ مِصْرُ قُوَّةً لِلْمُسْلِمِينَ وَعَوْنًا لَهُمْ »
وَفِي الْأَوَّلِ مِنْ رَمَضَانَ دَخَلَ الْإِسْلَامُ مِصْرَ فِي الْعَامِ الْعِشْرِينَ مِنْ هِجْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَحْدِيدًا فِي خِلَافَةِ عُمَرَ الْفَارُوقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . .
وَيَوْمَ أَتَى الْمُسْلِمُونَ أَبْوَابَ مِصْرَ خَرَجَ إِلَيْهِم بَعْضُ أَهْلِهَا فَقَالَ لَهُمْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ : إنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بِالْحَقِّ ، وَأَمَرَهُ بِهِ ، وَأَمَرَنَا بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَدَّى إلَيْنَا كُلَّ الَّذِي أَمَرَ بِهِ ، ثُمَّ مَضَى وَتَرَكَنَا عَلَى الْوَاضِحَةِ ، وَكَانَ مِمَّا أَمَرْنَا بِهِ الْإِعْذَارُ إلَى النَّاسِ ، فَنَحْنُ نَدْعُوكُمْ إلَى الْإِسْلَامِ ، فَمَنْ أَجَابَنَا إلَيْهِ فَمِثَّلُنَا ، وَمَنْ لَمْ يُجِبْنَا عَرَضْنَا عَلَيْهِ الْجِزْيَةَ وَبَذَلْنَا لَهُ الْمَنَعَةَ ، وَقَدْ أَعْلَمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّنَا مُفْتَتِحُوكُمْ ، وَأَوْصَانَا بِكُمْ ؛ حِفْظًا لِرَحِمِنَا مِنْكُمْ ، وَأَنَّ لَكُمْ إنْ أَجَبْتُمُونَا بِذَلِكَ ذِمَّةً إلَى ذِمَّةٍ ، وَمِمَّا عَهِدَ إلَيْنَا أَمِيرُنَا ( عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ) أَنَّهُ قَالَ : اسْتَوْصُوا بِالْقَبَطِيِّينَ خَيْرًا ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَوْصَانَا بِالْقَبَطِيِّينَ خَيْرًا ؛ لِأَنَّ لَهُمْ رَحِمًا وَذِمَّةً . فَقَالُوا : قَرَابَةٌ بَعِيدَةٌ لَا يَصِلُ مِثْلَهَا إلَّا الْأَنْبِيَاءُ ، مَعْرُوفَةٌ شَرِيفَةٌ ( هَاجَرُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ ) كَانَتْ ابْنَةَ مَلِكِنَا ، وَكَانَتْ مِنْ أَهْلِ مَنْفَ وَالْمَلِكُ فِيهِمْ ، فَأَغَارَ عَلَيْهِمْ أَهْلُ عَيْنِ شَمْسٍ فَقَتَلُوهُمْ وَسَلَبُوهُمْ مُلْكَهُمْ وَاغْتَرَبُوا ، فَلِذَلِكَ صَارَتْ هَاجَرُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ . .
فَتَحَ اَلْمُسْلِمُونَ مِصْرَ فَكَانَ الْفَتْحُ الْإِسْلَامِيُّ لِمِصْرَ خُلَاصََا لِأَهْلِ مِصْرَ مِنْ جَبَرُوتِ اَلرُّومَانِ ، وَمِنْ ظُلْمِ اَلرُّومَانِ ، اَلَّذِينَ ضَيَّقُوا عَلَى أَهْلِ مِصْرَ ، وَفَرَّقُوهُمْ وَشَتَّتُوهُمْ ، رَغْم أَنَّهُمْ أَهْلُ مِلَّةٍ وَاحِدَةٍ . .
فُتحَتْ مِصْرُ كُلُّهَا صُلْحًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ أَهْلِ مِصْرَ ، إِلَّا الْإِسْكَنْدَرِيَّةَ فَجَرَى فِيهَا قِتَالٌ ، لِأَنَّ مُعْظَمَ مَعَاقِلِ الرُّومِ كَانَتْ فِيهَا ، وَقَدْ آلَ فِيهَا النَّصْرُ لِلْمُسْلِمِينَ . .
أَمَّا أَهْلُ مِصْرَ فَرَجَعُوا مِنْ شَتَاتِهِمْ إلَى كَنَائِسِهِمْ وَإِلَى بُيُوتِهِمْ ، وَأَمِنُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ ، فَمِنْهُمْ مَنْ بَقِيَ عَلَى دِينِهِ لَا يُنَازَعُ فِيهِ ، وَلَا يَظْلِمُ حَقًّا ، وَلَا يُضَيَّقُ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ وَمِنْ أَهْلِ مِصْرَ مَنْ دَخَلَ الْإِسْلَامَ قَنَاعَةً وَحُبًّا وَهَؤُلَاءِ كَانُوا الْكَثْرَةَ الْكَاثِرَةَ . .
وَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَإِلَى مَاشَاءَ اللَّهُ تَبْقَى مِصْرُ هَى حَائِطُ الصَّدِّ الْأَوَّلُ عَنْ الْإِسْلَامِ وَعَنْ الْمُسْلِمِينَ ، وَهَى الْحَارِسُ الْأَمِينُ لِلشَّرْعِ وَالدِّينِ . .
قَدَّرَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ لِأَهْلِ مِصْرَ عَلَى مَرِّ الزَّمَانِ أَنَّ
يَطْمَعُ فِيهِمْ شِرَارُ النَّاسِ ، طَمِعَ فَى خَيْرِ مِصْرَ وَمُقَدَّرَاتِهَا أَهْلُ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ . .
جَائَهَا الْمَغُولُ وَالتَّتَارُ وَالصَّلِيبِيُّونَ وَجَاءَتْهَا الْحَمَلَاتُ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَاكَ تُكَشِّرُ عَنْ أَنْيَابِهَا حَرَّكَهَا الطَّمَعُ فَى مُقَدَّرَاتِ ذَلِكَ الشَّعْبِ وَفَى مَوْقِعِهِ الْفَرِيدِ الَّذِي لَا يُوجَدُ لَهُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مَثِيلًا لَكِنْ بِبَرَكَةِ الْإِيمَانِ وَبِبَرَكَةِ التَّلَاحُمِ بَيْنَ أَبْنَاءِ مِصْرَ رَغْمَ اخْتِلَافِ أَلْوَانِهِمْ وَلَهَجَاتِهِمْ وَرَغْمَ اخْتِلَافِ عَقَائِدِهِمْ قَهَرُوا كُلَّ أَعْدَائِهِمْ وَخُصُومِهِمْ حَتَّى عُرِفَتْ مِصْرُ بِأَنَّهَا مَقْبَرَةُ الْغُزَاةِ . .
وَفِي الْعَصْرِ الْحَدِيثِ حَارَبَ الْعَالَمُ الْإِسْلَامِيُّ الْكِيَانَ الْإِسْرَائِيلِيَّ نَحْوًا مِنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَلَمْ يَكْسِرْ شَوْكَتَهُ ، وَلَمْ يَقْصِمْ ظَهْرَهُ إِلَّا خَيْرُ أَجْنَادِ الْأَرْضِ وَصَدَقَ فِيهِمْ قَوْلُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ « فَاسْتَوْصُوا بِهِمْ خَيْرًا ، فَإِنَّهُمْ قُوَّةٌ لَكُمْ ، وَبَلَاغٌ إِلَى عَدُوِّكُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ »
نَزَلَ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ فِي مَكَّةَ لَكِنَّهُ قَرَأَ فِي مِصْرَ ، عُقِدَتْ مَجَالِسُ الْعِلْمِ فِي مَكَّةَ وَدَرَسَتْ فِي مِصْرَ ..
مِصْرُ هِى أَرْضُ الْأَزْهَرِ الْوَضَّاءِ ، هِيَ أَرْضُ الْبُطُولَةِ وَالْفِدَاءِ ، هِيَ أَرْضُ الْعَبَاقِرَةِ وَالْأَذْكِيَاءِ ، أَرْضُ الْكَرَمِ ، أَرْضُ الْعَطَاءِ ، وَمَوَاقِفِ أَهْلِ مِصْرَ فِي إِطْعَامِ الْجَائِعِ ، وَتَعْلِيمِ الْجَاهِلِ ، وَتَقْوِيمِ الْمُعْوَجِّ ، وَإِغَاثَةِ اللَّهْفَانِ ، وَإِعَانَةِ الضَّعِيفِ مَوَاقِفُ لَا تُنْسَى . .
نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ أَنْ يَحْفَظَ مِصْرَ وَأَهْلَهَا وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَمَوْلَاهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
بَقِيَ لَنَا فِي خِتَامِ الْحَدِيثِ عَنْ مِصْرَ الَّتِي بَشَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ بِفَتْحِهَا ، وَعَزَّ الْإِسْلَامُ بِإِسْلَامِ أَهْلِهَا . . . بَقِيَ لَنَا أَنْ نَقُولَ :
إِنَّ أَنْفَسَ مَا فِي مِصْرَ ( أَرْضُ سَيْنَاءَ ) تِلْكَ الْأَرْضُ الْمُبَارَكَةُ الَّتِي تَجَلَّى عَلَيْهَا الرَّبُّ جَلَّ فِي عُلَاهُ فِي سَابِقَةٍ لَمْ تَحْصُلْ لِبُقْعَةٍ مِنْ بِقَاعِ الْأَرْضِ إِلَّا لِ ( سَيْنَاءَ )
{{وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ }} [سورة الأعراف]
هَذَا الْجَبَلُ هُوَ جَبَلُ الطُّورِ بِأَرْضِ سَيْنَاءَ . .
وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْحَيَاةَ عَلَى أَرْضِ سَيْنَاءَ عُقُوبَةً وَسَجْنًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ حَبَسُوا فِيهَا أَرْبَعِينَ سَنَةً
{قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ ۛ أَرْبَعِينَ سَنَةً ۛ يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} سورة المائدة
وَمُعْظَمُ الْمَوَاقِفِ الَّتِي تَحَدَّثَ الْقُرْآنُ عَنْهَا فِيمَا يَخُصُّ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقَعَتْ عَلَى أَرْضِ سَيْنَاءَ . .
نَزَلَتْ أَلْوَاحُ التَّوْرَاةِ عَلَى سَيِّدِنَا مُوسِي عَلَى أَرْضِ سَيْنَاءَ . .
وَأَطْعَمَ اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى عَلَى أَرْضِ سَيْنَاءَ . .
وَعَلَى أَرْضِ سَيْنَاءَ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَىْ عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ . .
قِصَّةُ السَّامِرِيِّ وَعِبَادَةُ الْعِجْلِ وَقَعَتْ عَلَى أَرْضِ سَيْنَاءَ . .
وَخَسَفَ اللَّهُ بِقَارُونَ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ كُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَرْضِ سَيْنَاءَ . .
قِصَّةُ بَقَرَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقَعَتْ عَلَى أَرْضِ سَيْنَاءَ .
قِصَّةُ الْبَقَرَةِ وَقَعَتْ عَلَى أَرْضِ سَيْنَاءَ . .
قِصَّةُ أَصْحَابِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ وَقَعَتْ عَلَى أَرْضِ سَيْنَاءَ . .
وَقِصَّةُ مُوسَى مَعَ الْعَبْدِ الصَّالِحِ عِنْدَ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ الْمَذْكُورَةِ فِي سُورَةِ الْكَهْفِ وَقَعَتْ عَلَى أَرْضِ سَيْنَاءَ . .
وَمُعْظَمُ أَذِيَّةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى كَانَتْ عَلَى أَرْضِ سَيْنَاءَ . .
وَمَاتَ هَارُونُ وَدُفِنَ بِأَرْضِ سَيْنَاءَ . .
وَمَاتَ مُوسَى أَيْضًا عَلَى أَرْضِ سَيْنَاءَ . .
وَوَرَدَ الْحَدِيثُ عَنْ سَيْنَاءَ صَرَاحَةً فِي الْقُرْآنِ بِمَوْضِعَيْنِ اثْنَيْنِ ، فِي أَحَدِ هَذَيْنِ الْمَوْقِعَيْنِ أَقْسَمَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى . .
{{وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَـٰذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) }} [ سورة التين] ..
وَوَرَدَ الْحَدِيثُ عَنْ سَيْنَاءَ كِنَايَةٌ فِي مَوَاضِعَ لَا أُحْصِيهَا عَدًّا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى عَظَمَةِ سَيْنَاءَ وَرِفْعَةِ شَأْنِهَا عِنْدَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى . .
وَهَذَا يَدْعُونَا كَمِصْرِيِّينَ إِلَى النَّظَرِ إِلَي سَيْنَاءَ تَنْمِيَةً وَتَعْمِيرًا وَحِمَايَةً مِنْ شَرِّ كُلِّ طَامِعٍ ، وَمِنْ عَدَاوِنَ الْمُعْتَدِينَ ..
نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ أَنْ يَجْعَلَ بَلَدَنَا هَذَا آمِنًا مُطَمْئِنًا ، سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَمَوْلَاهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .
-------------------------------
- جَمْعُ وَتَرْتِيبُ الشَّيْخِ / مُحَمَّدِ سَيِّدِ حُسَيْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ .
- إِدَارَةُ اوقاف القناطر الخيرية.
- مديرية أَوْقَافِ الْقَلْيُوبِيَّةِ . مِصْرُ .








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 61.18 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 59.51 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.73%)]