|
هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() تدبر سورة الفاتحة د. محمد بن علي بن جميل المطري ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة: 1] بسم الله يعني: أبدأ قراءتي بسم الله أو باسم الله أبدأ قراءتي، كما قال الله تعالى: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ [العلق: 1]، والمراد الاستعانة بالله عند البدء بالقراءة. الله أعظم الأسماء الحسنى، ويدل على أن الله هو المألوه المعبود بحق، والرحمن الرحيم اسمان من أسماء الله الحسنى. ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ ﴾ [الفاتحة: 2] الحمد له معنيان: الثناء والشكر، فالله وحده هو المستحق للثناء والشكر، فهو المتصف بصفات الكمال والجمال والعظمة، وهو الذي أنعم على عباده بالنعم الظاهرة والباطنة، العامة والخاصة. ﴿ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2] الرب: الخالق المالك المدبر، ويطلق الرب في اللغة على السيد والمالك، والعالمين كل ما سوى الله سبحانه. ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة: 3] كل اسم من أسماء الله الحسنى يدل على صفة، فالله يدل على صفة الألوهية، والرحمن الرحيم يدلان على صفة الرحمة، ومعنى الرحمن؛ أي: ذو الرحمة الواسعة لجميع الخلق، والرحيم ذو الرحمة الخاصة بالمؤمنين، كما قال تعالى: ﴿ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 43]. ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة: 4] الدِّين: الجزاء والحساب، ويوم الدين: يوم القيامة، ويأتي الدِّين بمعنى ما يتدين به الإنسان من الإسلام وغيره. ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5] نعبد بمعنى نتذلل، والتذلل الطاعة مع الخضوع، وعبادة الله سبحانه تكون بالتذلل والخوف والرجاء والمحبة، والعبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة. نستعين بمعنى نطلب المعونة من الله في أمور الدين والدنيا. ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة: 6] اهدنا: أرشدنا ووفقنا، فالهداية تكون بمعنى الإرشاد، وتكون بمعنى التوفيق، والصراط المستقيم: الطريق الواضح الواسع الموصل إلى رضا الله وجنته، وهو الإسلام، قال الله تعالى: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾ [الأنعام: 153]. ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾ [الفاتحة: 7] أنعمت عليهم: هم الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدِّيقين والشهداء والصالحين، تفضَّل الله عليهم بالعلم النافع والعمل الصالح، فعلموا الحق وعملوا به، قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا ﴾ [النساء: 69، 70]. ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 7] المغضوب عليهم: هم اليهود ومن شابههم من هذه الأمة، ممن علم الحق ولم يعمل به، والضالين: هم النصارى ومن شابههم من هذه الأمة، ممن يعمل في الدين أو الدنيا بجهل مخالف لشرع الله، وهو يحسب أنه يحسن صُنعًا. وهذا الدعاء أعظم دعاء، وثبت في السنة النبوية استحباب قول آمين بعد هذا الدعاء، ومعناها في اللغة العربية: اللهم استجِبْ. وهذه الآية: ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ قسَّمت جميع الناس إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: من علِم الحق وعمِل به، القسم الثاني: من علِم الحق ولم يعمل به، القسم الثالث: من جهِل الحق، وعمِل بالباطل على جهل. ففي جميع الأمور ينقسم الناس إلى هذه الثلاثة الأقسام، في الواجبات، وفي المحرمات، وفي الفتن والخلافات المالية والأسرية والسياسية، فمن الناس من يعلم الحق ويعمل به، ومنهم من يعلم الحق ولا يعمل به، اتباعًا لهواه، أو طلبًا لدنيا زائلة، ومن الناس من يضل عن الحق جهلًا، وهو يحسب أنه يُحسن صُنعًا، فمثلًا: من يعلم أن الصلوات الخمس واجبة عليه، ويحافظ عليها في أوقاتها، فهذا علم الحق في هذا الأمر وعمل به، ومن يعلم أن الصلوات الخمس واجبة عليه، لكنه يتهاون بها، ويترك بعض الصلوات مع علمه بإثمه العظيم، فهذا تَشبَّه باليهود الذين يعلمون الحق ولا يعملون به، ويُخشى عليه غضب الله إن لم يتب إلى الله، ومن لا يعلم أن الصلوات الخمس واجبة عليه، ولا يعلم أنها عمود الدين، ولا يعلم أنه يأثم أعظم الإثم بترك صلاة واحدة، فأضاع الصلاة، واتبع الشهوات، ولا يصلي إلا صلاة الجمعة أو بعض الصلوات بحسب رغبته، فهذا ضال. ومثالٌ آخر: من ترك التعامل بالربا؛ لعلمه بأن الله حرمه، فهذا من المهتدين في هذا الأمر، ومن علم تحريم الربا لكنه أصرَّ على التعامل بالربا طمعًا في ربحٍ فانٍ أو رغبة في مصلحة زائلة، فهذا فيه شبه باليهود المغضوب عليهم، ومن دخل في بعض المعاملات الربوية بجهل، ولم يعلم أنها من الربا، ولم يسأل أهل العلم عن حكمها، فهذا ضال، وهكذا في جميع الواجبات وفي جميع المحرمات ينقسم الناس إلى هذه الأقسام الثلاثة، فعلى المسلم أن يحرص على سؤال الله الهداية في جميع أموره، وأن يدعو الله دعاء الغريق أن يهديه إلى الحق في جميع أحواله، ﴿ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [البقرة: 213]. وفي هذه الآية الأخيرة التحذير من طاعة اليهود والنصارى، ومن التشبه بهم فيما هو من خصائصهم، وفيها الحث على مخالفتهم في أمورهم الخاصة بهم، قال الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ ﴾ [آل عمران: 100]، وقال سبحانه: ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾ [البقرة: 120]، وقال عز وجل: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [المائدة: 51]، وروى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخُدْري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ، شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبٍّ لَاتَّبَعْتُمُوهُمْ!))، قلنا: يا رسول الله: اليهود والنصارى؟! قال: ((فَمَنْ؟)). وقد دل هذا الحديث على أن طوائف من شرار هذه الأمة سيتبعون طرق المغضوب عليهم والضالين، فلا يقع اليهود والنصارى في شيء من الضلالات إلا ومن هذه الأمة من يقع فيما وقعوا فيه، فحذَّرنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من اتباع سبل أولئك الذين تركوا الحق عمدًا لفساد نياتهم أو تركوا الحق جهلًا لفساد علمهم، فما من انحراف في هذه الأمة إلا وأصله يرجع إلى تَشَبُّهٍ باليهود المغضوب عليهم أو تَشَبُّهٍ بالنصارى الضالين؛ ولذلك شرع الله للمسلم أن يسأله دائمًا الهداية إلى الاستقامة التي لا يهودية فيها ولا نصرانية، فأي مخالفة للحق من هذه الأمة فهي ترجع إلى شُعبةٍ من شُعَب اليهود أو شُعبةٍ من شُعَب النصارى، فمثلًا عدم تعظيم الله ورسله، وكتمان الحق، وخلط الحق بالباطل، والحسد، وعقوق الوالدين، والتهاون بالصلاة، ومنع الزكاة، وأكل الربا، وأكل أموال الناس بالباطل، وظلم الناس، والقتل بغير الحق، والإعراض عن الحكم بما أنزل الله، والإيمان ببعض الكتاب دون بعض؛ كلها من صفات اليهود كما بيَّن الله ذلك في كتابه، والجهل بالعقيدة الصحيحة، والابتداع في الدين ابتغاء رضوان الله بما لم يدل عليه دليل، والغلو في الصالحين؛ كلها من صفات النصارى كما بيَّن الله ذلك في كتابه. وسورة الفاتحة هي أم القرآن وأساسه، إليها ترجع جميع معاني آيات القرآن الكريم، فكل آيات القرآن تُفصِّل معنى ما أجملته الفاتحة، فالآيات التي فيها بيان عظمة الله، والتعريف بأسمائه الحسنى، كلها تبيين وتفصيل لمعنى قوله تعالى: ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة: 1]، والآيات التي فيها حمد الله وشكره، وبيان كثرة نعمه على عباده، وربوبيته لجميع خلقه من الإنس والجن والملائكة وجميع الدواب والجمادات، كلها تبيين وتفصيل لمعنى قوله: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2]، والآيات التي فيها بيان رحمة الله العامة بخلقه، ورحمته الخاصة بعباده الصالحين، كلها تبيين وتفصيل لمعنى قوله تعالى: ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة: 3]، والآيات التي فيها إثباتُ البعث بعد الموت، وذِكرُ القيامة والحساب والجزاء والجنة والنار، كلها تبيين وتفصيل لمعنى قوله تعالى: ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة: 4]، والآيات التي فيها الأمر بعبادة الله وحده، والتحذير من الشرك به، والآيات التي فيها بيان العبادات المتنوعة من صلاة وصوم وزكاة وصدقة وحج وعمرة وجهاد وصبر وشكر وذكر ودعاء واستعاذة وتوكل وغير ذلك من العبادات الظاهرة والباطنة، كلها تبيين وتفصيل لمعنى قوله تعالى: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5]، وكذلك الآيات التي فيها الحث على الاجتماع، وترك التفرق والاختلاف، والأمر بالتعاون على البر والتقوى، كلها تدخل في معنى هذه الآية التي جاء فيها فعل العبادة والاستعانة بصيغة الجمع لا المفرد، والآيات التي فيها بيان الإيمان والاعتقاد الصحيح والعمل الصالح والأخلاق الفاضلة، وتوضيح الإسلام وأحكامه وشرائعه، والأمر بالتوسط بلا إفراط ولا تفريط، والنهي عن الغلو والتكلف، كلها تبيين وتفصيل لمعنى قوله تعالى: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة: 6]، والآيات التي فيها الإخبار عن النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وذِكْرُ قصصِهم، كلها تبيين وتفصيل لمعنى قوله تعالى: ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾ [الفاتحة: 7]؛ لنقتدي بهم في عبادتهم لله ودعائهم ودعوتهم وصبرهم وأخلاقهم، والآيات التي فيها الإخبار عن الكفار والمشركين، وبيان صفات اليهود والنصارى والمنافقين وعلماء السوء، والمعرضين عن كتاب الله وتحكيمه، والغافلين عن عبادة الله وطاعته، كلها تبيين وتفصيل لمعنى قوله تعالى: ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 7]؛ لنحذر من الاتصاف بصفاتهم.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |