|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() زكاة عروض التجارة د. محمد بن علي بن جميل المطري تجب الزكاة في عُرُوض التجارة، وهي كل ما أُعِدَّ للبيع والشراء بقصد الربح من أي صنف كان؛ كالمواد الغذائية والملابس والمواد الكهربائية، والهواتف والكماليات والسيارات والدرَّاجات، وأسهُم الشركات والبيوت والأراضي، وغير ذلك من كل ما يُعرض للبيع[1]. وإنما تجب الزكاة في العُرُوض إذا ملَكها الإنسان بنية التجارة، ولا يدخل فيها الإرث[2]. فإذا بلغت قيمة عُروض التجارة النصاب - وهو قيمة 85 جرامًا من الذهب - وحال عليها الحول وجب فيها ربع العشر، وتُقوَّم العروض عند تمام الحول[3]، وفي كل حول تُقوَّم تقويمًا جديدًا بسعر يومها، ويكفي في معرفة القيمة غلبة الظن، ولا اعتبار في تقويم العروض بما اشتُرِيت به؛ لأن قيمتها تختلف ارتفاعًا ونزولًا، وإنما العبرة بقيمتها التي تباع به وقت تمام الحول. وتجب زكاة عروض التجارة ولو مع الخسارة، والدَّين لا يمنع وجوب الزكاة إذا لم يُنقِص النصاب بالاتفاق، والصحيح أن الدَّين لا يمنع وجوب الزكاة في الأموال الظاهرة[4]، ولا في الأموال الباطنة على الأصح[5]. وتُحسب زكاة عروض التجارة بهذه المعادلة: (النقد + قيمة السِّلع + الدُّيون المرجوَّة) ÷ 40. وعلى القول باعتبار الدَّين في حساب الزكاة تكون المعادلة هكذا: (النقد + قيمة السِّلع + الدُّيون المرجوَّة - ما عليه من الديون) ÷ 40. مثاله: مع التاجر من النقد 2 مليون ريال، وقيمة السلع المعروضة للبيع 5 مليون ريال، وله من الديون عند الناس التي يرجو رجوعها إليه مليون ريال، فحساب زكاته كما يلي: 8 مليون ريال ÷ 40 = 200 ألف ريال. ومثاله على القول الثاني: مع التاجر من النقد 2 مليون ريال، وقيمة السلع المعروضة للبيع 5 مليون ريال، وله من الديون عند الناس التي يرجو رجوعها إليه مليون ريال، وعليه من الديون 2 مليون ريال، فحساب زكاته كما يلي: 8 مليون ريال - 2 مليون = 6 مليون ÷ 40 = 150 ألف ريال. وجمهور العلماء أن زكاة عروض التجارة من قيمتها لا من نفسها، وقيل: يجوز إخراج ربع العشر من نفس العروض[6]. واتفق الفقهاء على اعتبار نصاب عروض التجارة في آخر الحول، واختلفوا في اعتباره أول الحول وأثنائه، فقيل: اعتبار نصاب عروض التجارة في جميع الحول، فمتى نقص النصاب في لحظة منه انقطع الحول، وقيل: يُعتبر النصاب في أول الحول وآخره، ولا يضر نقصه بينهما، وقيل: اعتبار النصاب في آخر الحول فقط[7]. ومن باع عرض تجارة بعرضٍ للتجارة لم ينقطع الحول، ومن مَلَك نصاب نقدٍ سبعة أشهر أو ثمانية أشهر مثلًا، ثم اشترى به عروض تجارة، لم ينقطع الحول، بل يبني على حوله[8]. ويجوز لمالك النصاب التصرف في ماله كيفما شاء بيعًا أو هبةً قبل حلول الحول، ما لم يكن حيلة لإسقاط الزكاة. والصحيح أنه لا زكاة فيما أُعِد للقِنية أو الإيجار من البيوت والحيوانات والسيارات، وغيرها من المستَغَلَّات[9]، وإنما تجب الزكاة فيما أُعِد منها للإيجار في أجرته إذا بلغت نصابًا وحال عليها الحول. والأصح أنه لو أجَّر داره سنة ملَكَ الأُجرة من حين العقد، ويبدأ الحول من حين العقد، سواء قبض الأجرة مُقدَّمًا في أول السنة، أو مؤخَّرًا في آخر السنة، وعليه زكاة جميع الأجرة إذا حال عليها الحول وبلغت النصاب بنفسها أو بضمها مع غيرها. [1] حكى الإجماع على وجوب الزكاة في عروض التجارة: أبو عبيد في كتابه الأموال (ص: 434)، وابن المنذر في كتابه الإجماع (ص: 51)، فلا عبرة بخلاف من شذَّ عن عامة العلماء فلم يوجب الزكاة في عروض التجارة كداود الظاهري وابن حزم والشوكاني من المتأخرين، والألباني من المعاصرين، قال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (25/ 45): "الأئمة الأربعة وسائر الأمة - إلا من شذ - متفقون على وجوب الزكاة في عرض التجارة". [2] مذهب الجمهور أن من مَلَك عُروضًا بغير معاوضة كالإرث فلا زكاة فيه وإن اقترن به نية التجارة؛ لأن التجارة تقليب المال بالشراء والبيع لغرض الربح، فمن اشترى أرضًا بنية بيعها فعليه زكاتها كلَّ سنة، وإن اشتراها ليبني فيها أو ينتفع بها بغير نية البيع فليس فيها زكاة، وإن ورِثها ونوى بيعها فليس فيها زكاة، وإن اشترى عرضًا لا ينوي بشرائه التجارةَ، فحال عليه الحول أو لم يحُل ثم نوى به التجارة، لم يكن عليه فيه زكاة حتى يبيعه ويحول على ثمنه الحول، وإن اشترى عرضًا للتجارة، ثم نوى اقتناءه سقطت عنه الزكاة، فلا تصير العروض للتجارة إلا بشرطين: أن يملكها بعقد فيه عوض كالبيع، وأن ينوي عند العقد تملُّكُه للتجارة، فمجرد نية التجارة لا يصير به المال للتجارة، ومذهب أحمد في رواية وإسحاق الاكتفاء بنية التجارة، فإذا ملَك عرَضًا ثم نوى أنه للتجارة صار للتجارة، وبه أفتت اللجنة الدائمة، واختاره ابن عثيمين، وهو الأحوط. [3] تاجر الجملة يُقوِّم بضاعته بسعر الجملة، وتاجر التجزئة بسعر التجزئة، ومن يبيع بالجملة والتجزئة يُقوِّم بضاعته بما يغلب عليه البيع بالجملة أو التجزئة، اعتبارًا بالأغلب، ومن احتاط وتحرَّى إبراء ذمته ونفع المساكين فهو خير له. [4] الأموال الظاهرة هي ما لا يمكن إخفاؤها، وهي الأنعام السائمة والحبوب والثمار والمعادن، والأموال الباطنة هي التي يمكن إخفاؤها كالذهب والفضة والأوراق النقدية وعروض التجارة، واعتُبِرت عروض التجارة باطنة بالنظر إلى القيمة، لا إلى أعيان عروض التجارة، فقيمة عروض التجارة من الباطن الذي لا يمكن الاطلاع عليه، والواجب في زكاة عروض التجارة القيمة، وبعض العروض تكون ظاهرة ولا يعرف الناس هل صاحبها يريدها للتجارة أو لا. [5] جمهور العلماء أن الدَّين لا يمنع وجوب الزكاة في الأموال الظاهرة، ويمنعها في الأموال الباطنة، ومذهب الشافعية والظاهرية أن الدَّين لا يمنع الزكاة في الأموال الباطنة أيضًا، واختاره أبو عبيد القاسم بن سلام، ومن المعاصرين: ابن باز وابن عثيمين، وعليه فتوى اللجنة الدائمة - 1 (9/ 189). [6] هذا مذهب أبي حنيفة، ورجحه ابن تيمية، قال عبد الرحمن السعدي: "الصحيح جواز دفع زكاة العروض من العروض؛ لأن الزكاة مواساة، فلا يكلَّفها من غير ماله"، وقول الجمهور أَولى، ولا بأس بالأخذ بالقول الثاني عند الحاجة، كأن لا يكون عند التاجر سيولة نقدية، ويتحرى إخراج الوسط، ولا يتعمد إخراج الرديء. [7] القول الأول مذهب الحنابلة، وهو قول سفيان الثوري وإسحاق، ورجحه أبو عبيد القاسم بن سلام وابن المنذر، والقول الثاني مذهب الحنفية، والقول الثالث مذهب مالك والشافعي. [8] يُبنى حول الثاني على الحول الأول باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي. [9] المستغلات هي الأموال التي لا تجب الزكاة في عينها، ولم تُتخذ للتجارة، ولكنها تُتخذ للنماء، فتَغِل لأصحابها فائدة وكسبًا بواسطة عينها، أو بيع ما يحصل من إنتاجها، وجماهير العلماء من الأئمة الأربعة وغيرهم أنه لا زكاة في المستغلات، وذهب بعض العلماء إلى وجوب الزكاة في المستغلات، فتُقوَّم العين المؤجرة على رأس كل حول، ويضاف إليه ما يخرج من إيرادها، ويخرج منه ربع العشر، وممن ذهب إلى هذا ابن عقيل من الحنابلة، ومال إليه ابن القيم، وهو مذهب الهادوية الزيدية، واختاره من المعاصرين: وهبة الزحيلي، يُنظر: بدائع الفوائد لابن القيم (3/ 1075)، الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي (3/ 1947). والراجح - والله أعلم - قول الجمهور؛ لأن الأصل براءة الذمة، ولا إيجاب إلا بدليل، ﴿ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ﴾ [ص: 86]، ولا بأس بأخذ الزكاة من العقارات المؤجَّرة ونحوها من المستغلات إذا كان مالكها يتهرب من إخراج زكاة ماله بشراء العقارات وغيرها مما يستغله بالإيجار، وكلما اجتمع له قيمة عقار اشتراه واستفاد من غلته، لعموم قول الله تعالى: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾ [التوبة: 103]، والله أعلم.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |