الدرس الثالث: قال الله تعالى: { وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله } - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الموازنة بين سؤال الخليل عليه السلام لربه وبين عطاء الله للنبي صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          تفسير سورة العاديات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          تفسير قوله تعالى: {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          حذف الياء وإثباتها في ضوء القراءات القرآنية: دراسة لغوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 88 )           »          «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 489 - عددالزوار : 200662 )           »          تفسير سورة النصر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          المصادر الكلية الأساسية التي يرجع إليها المفسر ويستمد منها علم التفسير تفصيلا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          تفسير سورة القارعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 59 )           »          {ألم نجعل الأرض مهادا} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          تعريف (القرآن) بين الشرع والاصطلاح: عرض وتحرير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 10-04-2025, 12:40 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,444
الدولة : Egypt
افتراضي الدرس الثالث: قال الله تعالى: { وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله }

الدرس الثالث:

قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ﴾ [البقرة: 284]

محمد بن سند الزهراني



الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ؛ أما بَعْدُ:
ففِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿لِلهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾[البقرة : 284]، ارْتِبَاطٌ وَثِيقٌ بَيْنَ عُمُومِ مُلْكِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - لِجَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَهَذَا الْعُمُومُ يُرَسِّخُ عَقِيدَةً عِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ وَالسُّنَّةِ؛ أنه لَا يَخْرُجُ شَيْءٌ عَنْ مُلْكِ اللَّهِ وَلَا مِثْقَالُ ذَرَّةٍ، فَالْكُلُّ مَمْلُوكٌ لَهُ، وَالْكُلُّ مَرْبُوبٌ لَهُ، فَكَمَا أَنَّ مُلْكَ اللَّهِ عَامٌّ فَكَذَلِكَ عِلْمُ اللَّهِ، ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾.

لَا يَخْرُجُ عَنْ عِلْمِهِ شَيْءٌ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ، السِّرُّ وَالْعَلَانِيَةُ، وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ وَمَا تُعْلِنُ، الْكُلُّ سَوَاءٌ عِنْدَ اللَّهِ، يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى؛ قال تعالى: ﴿سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ﴾ [الرعد:10]، وقال تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [الطلاق:12]، وقال تعالى: ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الملك:14].

لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾[البقرة : 284] - شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلُوبُهُمْ مُعَلَّقَةٌ بِاللَّهِ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - فَإِذَا قَرَؤُوا الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُمْ يَقْرَؤُونَهُ تَدَبُّرًا وَفَهْمًا وَخُضُوعًا لِلَّهِ - جَلَّ وَعَلَا.

قَالَ: فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ بَرَكُوا عَلَى الرَّكْبِ، فَقَالُوا: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ، كُلِّفْنَا مِنْ الْأَعْمَالِ مَا نُطِيقُ: الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ وَالْجِهَادَ وَالصَّدَقَةَ، وَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيْكَ هَذِهِ الْآيَةُ وَلَا نُطِيقُهَا.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: « أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِكُمْ: سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا! بَلْ قُولُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ»، قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ، فَلَمَّا اقْتَرَأَهَا الْقَوْمُ ذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي إِثْرِهَا ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ [البقرة:285].

فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ نَسَخَهَا اللَّهُ تَعَالَى، فَأَنْزَلَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ [البقرة:286]، قال: «نعم»، ﴿رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا﴾، قال: «نعم»، ﴿ رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾، قال: «نعم»، ﴿وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾، قال: «نعم».

سأذكر جملة مِن الفَوَائِدِ فِي قَوْلِ اللَّهِ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى -: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ.


قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ - وَمِنْهُمْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مُحْكَمَةٌ وَلَيْسَتْ مَنْسُوخَةً، وَقَوْلُهُمْ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَفْهُومِ الْمُحَاسَبَةِ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾، فَالْمُحَاسَبَةُ لَا تَقْتَضِي الْعَذَابَ وَالْعِقَابَ، وَلِذَا قَالَ بَعْدَهَا: ﴿ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ﴾.

وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّحِيحِ: « إنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَخْلُو بِعَبْدِهِ، وَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ، فَيَقُولُ: أَلَمْ تَفْعَلْ كَذَا؟ أَلَمْ تَفْعَلْ كَذَا؟ أَلَمْ تَفْعَلْ كَذَا؟ فَيَقُولُ: بَلَى يَا رَبُّ»، فَهَذِهِ الْمُحَاسَبَةُ، «فَيَقُولُ: بَلَى يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: فَإِنِّي سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ».

فَمَفْهُومُ الْمُحَاسَبَةِ هُنَا أَنْ يُقَرِّرَهُ بِأَعْمَالِهِ، عَمِلْتَ كَذَا وَعَمِلْتَ كَذَا وَعَمِلْتَ كَذَا، يُقَرِّرُهُ بِأَعْمَالِهِ، فَيُقِرُّ بِهَا، ثَمَّ بَعْدَ هَذِهِ الْمُحَاسَبَةِ الْعَفْوُ، «فَإِنِّي سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ».

وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ آخَرُ ذَهَبَ إِلَيْهِ جَمْعٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهِيَ أَنَّ الْآيَةَ ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾ منسوخةٌ بقوله تعالى: بقوله: ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا.


وَفِي نِهَايَةِ هَذَا الدَّرْسِ أُشِيرَ إلَى مَسْأَلَةٍ مُهِمَّةٍ وَهِيَ: أن ما يعرض عَلَى الْقَلْبِ مِنْ خَوَاطِرَ فَاسِدَةٍ يَجِدُهَا الْمُسْلِمُ فِي سَيْرِهِ إلَى اللَّهِ، فَهَذِهِ الْخَوَاطِرُ وَسْوَسَةٌ شَيْطَانِيَّةٌ مَعَ مَا فِي الْقَلْبِ مِنْ اسْتِقْرَارِ الْإِيمَانِ فِي الْقَلْبِ، فَالْوَاجِبُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ دَفْعُ الْوَسَاوِسِ وَعَدَمُ الاسْتِرْسَالِ مَعَهَا، وَالاسْتِعَاذَةُ بِاللَّهِ.

وَعَدَمُ الْكَلَامِ بِمُقْتَضَاهَا لَيْسَ بِكُفْرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا اخْتِيَارَ لِلْعَبْدِ فِيهِ، بَلْ هُوَ شَيْءٌ يهْجَمُ عَلَى الْقَلْبِ بِغَيْرِ قَصْدٍ، وَمِنْ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَحْمَتِهِ أنْ تَجَاوَزَ عَنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يَعْمَلْ بِهِ أَوْ يَتَكَلَّمْ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا وَسْوَسَتْ أَوْ حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أَوْ تَكَلَّمْ»؛ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

قَالَ النَّوَوِيُّ فِي (الْأَذْكَارِ): (الْخَوَاطِرُ وَحَدِيثُ النَّفْسِ إذَا لَمْ يَسْتَقِرَّ وَيَسْتَمِرَّ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ فَمَعْفُوٌّ عَنْهُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِي وُقُوعِهِ وَلَا طَرِيقَ لَهُ إلَى الانْفِكَاكِ عَنْهُ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ بِهِ أَوْ تَعْمَلْ».

قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْمُرَادُ بِهِ الْخَوَاطِرُ الَّتِي لَا تَسْتَقِرُّ، قَالُوا: وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْخَاطِرُ غِيبَةً أَوْ كُفْرًا أَوْ غَيْرَهُ، فَمَنْ خَطَرَ لَهُ الْكُفْرُ مُجَرَّدَ خَطَرَانِ مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدٍ لِتَحْصِيلِهِ، ثُمَّ صَرَفَهُ فِي الْحَالِ، فَلَيْسَ بِكَافِرٍ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ)؛ انْتَهَى.

وَاهْتِمَامُ الْمَوْسُوسِ بِالسُّؤَالِ عَنْ حُكْمِ مَا يَدُورُ فِي قَلْبِهِ مِنْ خَوَاطِرَ فَاسِدَةٍ، دَلِيلٌ عَلَى كُرْهِهِ وَخَوْفِهِ وَنُفُورِهِ مِنْ هَذِهِ الْوَسَاوِسِ الشَّيْطَانِيَّةِ، وَذَلِكَ عَلَامَةٌ عَلَى صِحَّةِ الاعْتِقَادِ وَقُوَّةِ الْإِيمَانِ، فَقَدْ جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلُوهُ: «إنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ؟ قَالَ: وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ»؛ رَوَاهُ مُسْلِم.

قَالَ النَّوَوِيُّ: (مَعْنَاهُ: اسْتِعْظَامُكُمْ الْكَلَامَ بِهِ هُوَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ، فَإِنَّ اسْتِعْظَامَ هَذَا وَشِدَّةَ الْخَوْفِ مِنْهُ وَمِنْ النُّطْقِ بِهِ، فَضْلًا عَنْ اعْتِقَادِهِ إنَّمَا يَكُونُ لِمَنْ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ اسْتِكْمَالًا مُحَقَّقًا وَانْتَفَتْ عَنْهُ الرِّيبَةُ وَالشُّكُوكُ)؛ اهـ.

وَأَمَّا الاسْتِرْسَالُ مَعَ الْوَسْوَسَةِ، فَمَعْنَاهُ الاسْتِمْرَارُ فِي التَّفَكُّرِ فِيهَا وَعَدَمِ الانْتِهَاءِ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلشَّرْعِ، فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ، فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ حَتَّى يَقُولَ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ»؛ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 73.93 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 72.21 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.32%)]