رمضان شهر الاعتكاف

[ابوالوليد المسلم]

رمضان شهر الاعتكاف

نجلاء جبروني
عن ابن عمر رضي الله عنه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان))[1]؛ وذلك لتحري ليلة القدر.

والاعتكاف هو: لزوم المسجد انقطاعًا وتفرغًا للعبادة، فالمعتكف قطع نفسه عن كل الشواغل، عكف قلبه على ربه.

مقاصده: الانقطاع للعبادة، إصلاح القلب، تعلُّم الزهد والصبر، حفظ صيامه مما يُفسده.

آدابه: يستحضر النية الصالحة، ويحتسب الأجر، ويحافظ على أعمال اليوم والليلة من الصلوات والسنن والأذكار، ويحذر من كثرة الزيارات، وإضاعة الأوقات، والمبالغة في الأطعمة، وكثرة النوم.

ويبطُل اعتكافه إذا خرج من المسجد لغير حاجة، فليس الاعتكاف المنشود ما تكون فيه المساجد مجالسَ للمتزاورين وموائدَ للآكلين، وحلقاتٍ للضحك وفضول الكلام، إنما الاعتكاف المنشود الذي تسيل به الدموع، وترِقُّ به القلوب، وتُرفع فيه أكف الضراعة إلى الله.

شروطه: الإسلام، التميز، الطهارة من الحدث الأكبر، أن يكون الاعتكاف في المسجد.

بعض أحكام الصيام:
من السنن والمستحَبات:
(١) تأخير السحور، وتعجيل الفِطر.

(٢) يُفطر على رطب أو تمرات، فإن لم يجد فعلى ماء.

(٣) يقول عند فطره: ((ذهب الظمأ، وابتلَّت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله))[2].

من المكروهات:
المبالغة في المضمضة والاستنشاق وهو صائم.


أخطاء يقع فيها الناس في رمضان:
1- الجِدُّ في أول الشهر والتكاسل في آخره: قال صلى الله عليه وسلم: ((أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلَّ))[3].

إنما الأعمال بالخواتيم، فإذا منَّ الله عليك في أول الشهر بالمحافظة على الصلوات، وقراءة القرآن والذكر، والصدقة والدعاء، فلا تبخل ولا تتكاسل، واعلم أن الأعمال بالخواتيم.

2- من جعل رمضانَ فرصة للنوم والخمول، يقضي النهار نائمًا ويضيع الصلاة، من قضى نهاره نائمًا، يضيِّع الحكمة من الصيام، ويفوِّت على نفسه الصبر على الطاعة.

3- سوء الخُلق في التعامل مع الناس، فيكون فظًّا غليظًا سيئ الخلق، بحجة أنه صائم، الصوم مدرسة لتعلم الصبر وتربية النفس: ((الصيام جُنَّة))[4]، وقاية تقي الإنسان من كل شر ومن كل رذيلة؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((فإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث يومئذٍ ولا يسخب، فإن سابَّه أحد، أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم))[5].

4- الإسراف في الطعام والشراب، فتجد المائدة عليها أنواعًا وأنواعًا من الطعام، وهو أمر يخالف مشروعية الصيام أصلًا، ثم تملأ سلة المهملات بقايا الأطعمة، في الوقت الذي يموت فيه الآلاف من شدة الجوع والعطش، ولا حول ولا قوة إلا بالله؛ قال تعالى: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31].

قال صلى الله عليه وسلم: ((بحسب ابن آدم أُكُلات يُقِمْنَ صُلبه، فإن كان لا محالة، فثُلُثٌ لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفَسه))[6].

5- جعل رمضان موسمًا للهو واللعب، وشراء الملابس والتسوق، رمضان شهر عبادة وطاعة وإنابة، لا يجعل زمانًا للعب وتضييع الأوقات.

6- العكوف أمام التلفاز والفضائيات، ومشاهدة ما يُغضب رب الأرض والسماوات، ويُخِل بالعفة والوقار من مسلسلات وأفلام خليعة وأغانٍ؛ فهذا يفسد على المرء صيامه، ويحرمه أن يتعرض لرحمات ربه ونفحاته.

7- الغفلة عن الدعاء عند الإفطار، خاصة عند الاجتماع على الإفطار، فينشغلون بالحديث وتجهيز الوجبات عن الدعاء، ورُبَّ دعوة أورثت صلاحًا في الدنيا، وفلاحًا في الآخرة.

[1] صحيح البخاري (2025).

[2] سبق تخريجه.

[3] صحيح البخاري (6464)، من حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها.

[4] صحيح مسلم (1151)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[5] صحيح مسلم (1151)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[6] صحيح الترمذي (2380)، من حديث المقدام بن معديكرب رضي الله عنه.