|
ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الدرس الرابع: قوله تعالى: ﴿ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ ﴾ [البقرة: 284] محمد بن سند الزهراني قال الله - تبارك وتعالى -: ﴿ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 284]، ورد في هذه الآية الغفرانُ والعذاب، وهو مبنيٌّ على وجود الأمر من الله بالفعل، ووجود النهي من الله الذي يقتضي التحريم بالترك. فعلى هذا دلَّ سياق الآية في باب الرجاء أن مَن أحسن العمل نال المغفرة والرحمة والسلامةَ من العذاب، وفي المقابل في باب الخوف مَن أساء العمل وأسرَف على نفسه بذنوب مُهلكات، استحقَّ العذابَ والنكال، ﴿ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ ﴾ [البقرة: 284]. فإذا ثبَت هذا المنهجُ الرشيد والمسلك القويم في حياة المسلمين، وهو قيامُ تعظيم الأمر لله، والبعد عما حرَّم الله - عُلِمَ أن ثبوت الأمر والنهي يَستلزم ثبوت الرسالة والنبوة التي جاءت ببيان الأمر والنهي. ومن الفوائد في قوله تعالى: ﴿ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ ﴾ [البقرة: 284]؛ أي: يغفر لمن يشاء - تبارك وتعالى - فضلًا، ويعذِّب - تبارك وتعالى - من يشاء عدلًا. وبهذا السياق أيضًا إثبات المشيئة لله، وأنه لا يقع في ملكه شيءٌ إلا بإرادته ومشيئته، والخلق خلقُه، والملك مُلكه يتصرَّف فيه سبحانه بما يشاء، ويقضي فيه بما يريد، لا معقِّب لحكمه ولا رادَّ لقضائه - سبحانه وتعالى. وختَم - عز وجل - الآية بقوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 284]: إثبات شمولية القدرة، وأن الله على كل شيء قديرٌ، وذكر هنا في تمام الآية المشيئة والقدرة: المشيئة في قوله تعالى: ﴿ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ ﴾. والقدرة في قوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾. فجمع ما بين القدرة والمشيئة، ومشيئة الله - سبحانه وتعالى - نافذة، وقدره - سبحانه وتعالى - شاملٌ؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [يس: 82]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 20]. ومن المقرر عقيدةً عند أهل الحق والسنة أن الله - عز وجل - على كل شيء قدير، فجمع قدرته على كلِّ شيء، إلا أن هناك أمورًا لم يَشْأَها - سبحانه وتعالى - وهو قادرٌ عليها، فالقدرة شاملة لكل شيء، والمشيئة نافذة فيما شاءه - سبحانه وتعالى - فما يشاؤه لا بد أن يقع؛ كقوله تعالى: ﴿ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ ﴾ [الأنعام: 28]. فأهلُ النار من الكفار والمعاندين، لو رُدُّوا للدنيا مرةً ثانيةً، لعادوا إلى ما نُهوا عنه؛ أي: لعادوا للكفر والشرك الذي نُهوا عنه، فالله - عز وجل - قادرٌ على أن يُعيدهم للدنيا،لا يُعجزه شيء، لكن مشيئته لم تَنفُذ؛ لأنه لم يَشأ ذلك، لو شاء ذلك لنفذ، ولأعادهم - سبحانه وتعالى - للدنيا مرةً ثانيةً، فسبحانه وتعالى من عظيم! وبعد؛ فعند تلاوة هذه الآية نرى أنها خُتمت بقول الله - تبارك وتعالى -: ﴿ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 284]. وهناك مسلك عملي تربوي: يقف المسلمُ مع آخر هذه الآية مذعنًا لله - تبارك وتعالى - أمام عظمته وقدرته، فلا يَغترُّ بجاهه أو ماله أو قدرته، ويَستشعر أنْ لا حول ولا قوة إلا بالله. فعندما يسمع المؤمن الأذان: حي على الصلاة، حي على الفلاح، يقول مستعينًا بالله وحده لا شريك له الذي لا يُعجزه شيء، وهو على كل شيء قدير: لا حول ولا قوة إلا بالله. وإذا احتار بين أمرين لا يدري ما الخير فيهما، استخار الله - تبارك وتعالى - وسأله بقدرته وعلمه أن يختار له الأحسن: (اللهم إني أَستخيرك بعلمك، وأَستقدرتك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدِر ولا أَقدِر، وتَعلَم ولا أَعلَم، وأنت علامُ الغيوب). وإذا شكا وجعًا وألَمًا علِم أن الله قادرٌ على أن يُزيل عنه أوجاعه وهمومه وأحزانه: (أعوذ بعزة الله وقدرته مِن شرِّ ما أجِد وأُحاذر). وعلى هذا فالمؤمن مأمورٌ دائمًا أن يتذكَّر قدرة الله تعالى وقوته في كل أحواله وشؤونه، ولذلك قال النبي - عليه الصلاة والسلام -: «ألا أَدلُّك على كلمة من تحت العرش، من كنز الجنة؟ تقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، فيقول الله: أَسلَم عبدي واستَسْلَمَ».
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |