قيافة الأثر بين الأساطير الشعبية والاستدلالات القضائية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         استحباب الإتيان بأذكار النوم على طهارة ولكن هل من توضأ للنوم ثم انتقض وضوؤه هل تلزمه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          : Writing “Bismillaah ir-Rahmaaan il-raheem” on wedding invitations is permissible (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          هل تقال أذكار النوم والاستيقاظ عند كل نوم واستيقاظ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          فوائد عظيمة في قراءة آية الكرسي والمعوذات قبل النوم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          حكم كتابة البسملة فى بطاقات الدعوة، وكيفية كيفية إتلاف ما كتب عليه اسم الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          شرح دعاء "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          تعلم أمور الدنيا لا يتنافى مع تعلم الدين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          شراء واستخدام صندوق مطليّ بماء الذهب فيه عطور (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          أحكام تزيين النساء وعرض صورهن في مجموعة نسائية مغلقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          حكم طباعة الصور المجانية من الإنترنت على القمصان وبيعها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20-02-2025, 11:14 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,240
الدولة : Egypt
افتراضي قيافة الأثر بين الأساطير الشعبية والاستدلالات القضائية

قيافة الأثر بين الأساطير الشعبية والاستدلالات القضائية

الشيخ سليمان بن إبراهيم الفعيم

من المسائل القضائية التي لها جانب اجتماعي، ويحب الناس الحديث عنها في مجالسهم وملتقياتهم، ويذكرون نوادرها وطرائفها مسألة: "قيافة الأثر"، عرف أهل اللغة القيافة بأنها من قاف يقوف قيافة فهو قائف: الذي يتتبَّع الآثار ويعرفها، ويعرف شبه الرجل بأخيه وأبيه، ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعاني اللغوية[1].

غير أن هذه المسألة نسج الناس حولها الكثير من الأساطير والحكايات غير الحقيقية، فيتناقل الناس عن بعض القبائل التي اشتهرت بقص الأثر أن لهم جدةً من الجن، ويحكي البعض الآخر قصصًا في تعاون الجن مع أهل القيافة حتى إن الجني يتمثل لقاصِّ الأثر على صورة رجل ويسير أمامه فيتبعه قاصُّ الأثر ليدله على السارق أو الجاني، وهكذا في قصص وروايات بعيدة عن المنطق والعقل فضلًا عن الدين والشرع.

وسبب رواج هذه الأساطير حتى عند بعض المتعلمين أن القيافة تحتاج إلى دقة وقوة ملاحظة قد لا يدركها كثيرٌ من الناس، وأحيانًا لا يمكن التعبير عن طريقة الوصول إلى نتائجها بسبب خفائها ودقَّتها، إضافة إلى أن بعض قصَّاصي الأثر يخلقون هالة من المبالغة على أعمالهم بتصنُّع سلوكيات معينة أو رواية بطولات خارقة للعادة؛ إما بحسن قصد حتى يخافهم المجرمون، أو بغير ذلك لينالوا تقديرًا ووجاهةً.

والدارس للقيافة والناظر في أخبار أهلها يجدها مهارةً وفطنةً وعلمًا، لها أسباب مقنعة، ونتائج معللة؛ لهذا ألحقها أهل العلم بالفراسة القضائية[2]، فمن ذلك ما يذكره بعض المختصِّين في قصِّ أثر الأقدام، أن قاصَّ الأثر يعرف من طريقة المشية هل الأقدام معتدلة أو حنفاء؟ وهل هي مقوسة أو طبيعية؟ وهذه الصفات تعينهم في معرفة صاحب الأثر بمقارنته بغيره وتقلل المشتبه بهم، وكذلك يعرف من كبرها وصغرها عمر صاحبها وجنسه، كما أن غور القدم في التراب يدل على ثقل وزن صاحب الأثر، وإذا كانت القدمان متباعدتين؛ فهذا يدل على أنه أثر امرأة حامل وتباعدهما حفاظًا على التوازن أثناء السير، وهكذا في علامات لها دلالات يعرفها أهل الشأن[3].

ولهذا لما كانت القيافةُ قائمةً على أسباب صحيحة، ونتائج مُعلَّلة اعتبرتها الشريعة الإسلامية واستند عليها القضاء، ولا يمكن أن تعتبر الشريعة ما بُني على أسباب خفية أو قام على أمور معجزة أو قوى خارقة، وقد روي أن عائشة-رضي الله عنها- قالت: إنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دَخَلَ عَلَيَّ مَسْرُورًا تَبْرُقُ أسارِيرُ وجْهِهِ، فقالَ: "ألَمْ تَرَيْ أنَّ مُجَزِّزًا نَظَرَ آنِفًا إلى زَيْدِ بنِ حارِثَةَ وأُسامَةَ بنِ زَيْدٍ، فقالَ: إنَّ هذِه الأقْدامَ بَعْضُها مِن بَعْضٍ"؛ أخرجه البخاري، وقد كانت العرب في ذلك الوقت تطعن في نسب أسامة؛ لأنه كان أسود، وكان أبوه أبيضَ، فلما قال مجززًا ما قال مع اختلاف اللون سُرَّ النبي- صلى الله عليه وسلم- بذلك؛ لكونه كافًّا لهم عن الطعن فيه لاعتبارهم للقيافة.

كما روى أنس بن مالك- رضي الله عنه- "أنه أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَرٌ مِنْ عُرَيْنَةَ، فَأَسْلَمُوا وَبَايَعُوهُ، فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ، فَاسْتَوْخَمُوا الْأَرْضَ، وَسَقِمَتْ أَجْسَامُهُمْ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأَمَرَهُمْ أَنْ يَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِ إبل الصدقة وَأَلْبَانِهَا، فَشَرِبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا، فَصَحُّوا، فَقَتَلُوا الرَّاعِيَ وَطَرَدُوا الْإِبِلَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ، وفي رواية: وَعِنْدَهُ شَبَابٌ مِنَ الْأَنْصَارِ قَرِيبٌ مِنْ عِشْرِينَ، فَأَرْسَلَهُمْ إِلَيْهِمْ، وَبَعَثَ مَعَهُمْ قَائِفًا يَقْتَصُّ أَثَرَهُمْ"؛ أخرجه مسلم، وهذا فيه دلالة ظاهرة لاعتبار القيافة.

وهكذا عمل القضاة بالقيافة عبر التاريخ الإسلامي والشواهد والقصص في ذلك كثيرة لا تُحصى، ولا زالت القيافة محل اعتبار وعمل في بلادنا المباركة، والقافة لهم وظائف رسمية، ويُكلَّفون بأعمال ومهام معلومة[4].

والمقصود من هذا كله أن قيافة الأثر مهارة وعلم معتبر في الشريعة، ويعمل به في القضاء، وليست أمورًا خارقة وأشياء غامضة، هذا ما أحببت الحديث عنه، والله أعلم، وأسأل الله أن يُعلِّمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما عَلَّمنا، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد.

[1] ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (4/ 121)، والموسوعة الفقهية الكويتية (32/ 77).

[2] ينظر: تبصرة الحكام (2/ 107).

[3] ينظر: تخطيط القوى العاملة من القافة بوزارة الداخلية، عبدالهادي بن صالح العرق، المعهد العالي للعلوم الأمنية، ص 112، 117.

[4] ينظر: رسالة علمية بعنوان: (تخطيط القوى العاملة من القافة بوزارة الداخلية)، عبدالهادي بن صالح العرق، المعهد العالي للعلوم الأمنية.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 48.72 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 47.05 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.43%)]