|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() أحكام شهر شعبان د. فهد بن ابراهيم الجمعة بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعد: فهذه بعض الأحكام الشرعية المتعلقة بشهر شعبان: 1- استحباب الإكثار من الصيام في شهر شعبان، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم؛ أخرج البخاري ومسلم عن عائشة أنها قالت: "ما رأيتُ رسول الله استكمَل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيتُه في شهر أكثر منه صيامًا في شعبان". 2- مَن كان عليه شيءٌ من قضاء رمضان الماضي، وجب عليه قضاؤه، ولا يجوز له تأخيره إلى ما بعد رمضان إلا لعُذرٍ شرعي؛ لما ورد في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلا فِي شَعْبَانَ، وَذَلِكَ لِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". قال الحافظ: "وَيُؤْخَذ مِنْ حِرْصهَا عَلَى ذَلِكَ فِي شَعْبَان أَنَّهُ لا يَجُوز تَأْخِير الْقَضَاء حَتَّى يَدْخُلَ رَمَضَان آخَرُ"؛ اهـ. ومَن أخَّر القضاء إلى أن يأتي رمضان الأخر فله حالتان: • أن يكون مفرِّطًا، وهذا آثِمٌ، عليه التوبة من هذا الفعل، وذكر بعض العلماء أنه يجب عليه مع القضاء أن يُطعم عن كل يوم مسكينًا، وهذا ما ذهب إليه الأئمة مالك والشافعي وأحمد، واستدلوا بأن ذلك قد ورد عن بعض الصحابة؛ كأبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهم؛ روى الدارقطني وصحَّحه عن مجاهد عن أبي هريرة فيمن فرط في قضاء رمضان حتى أدركه رمضان آخر قال: "يصوم هذا مع الناس ويصوم الذي فرَّط فيه، ويطعم لكل يوم مسكينًا"، وذهب آخرون إلى عدم وجوب الكفارة، وهذا هو الراجح - والله أعلم - لأنه لا يجوز إلزام الناس بشيء لا دليل عليه، والله تعالى يقول: ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 184]، فلم يأمر الله تعالى مَنْ أفطر من رمضان إلا بالقضاء فقط، ولم يذكر الإطعام، وهذا قول أبي حنيفة واختاره الإمام البخاري. • ألا يكون مفرِّطًا، كأن يستمر به مرضٌ، أو غير ذلك من الأعذار، حتى أدركه رمضان الآخر، فمثل هذا يجب عليه القضاء من غير إطعام، وليس عليه إثمٌ لأنه معذورٌ. 3- ورد حديث فيه النهي عن ابتداء الصوم بعد النصف من شعبان، "إذا انتصف شعبان فلا تصوموا"، وأن مَن صام أكثر الشهر أو الشهر كله، فقد أصاب السنة، لكن ضعَّف هذا الحديث جمع من أهل العلم المعتبرين؛ كالإمام أحمد ويحيى بن معين، وغيرهما من أهل العلم. 4- النهي عن صيام آخر يومين من شعبان على سبيل الاحتياط لدخول رمضان؛ لما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقدَّموا رمضان بصوم يوم ولا يومين، إلا رجل كان يصوم صومًا فليَصُمْه"، إلا أن يوافق عادة كان يصومها الرجل كصيام الاثنين أو الخميس أو غيرهما، وذكر العلماء أن مَن نذر أن يصوم آخر شعبان، أو كان عليه قضاءٌ من رمضان الماضي، فإنه يصوم ما قبل رمضان بيوم أو يومين من باب أَولى. 5- يجب على مَن لم يرَ الهلال ولم يسمَع إعلان الدولة لدخول رمضان أن يُكمل شعبان ثلاثين يومًا، ثم يصوم رمضان. 6- لا يجوز تخصيصُ ليلة النصف من شعبان بفضائل لم يثبُت بها دليلٌ صحيح؛ وذلك لأن باب الفضائل توقيفي لا يُقال فيه إلا بالنص والدليل. 7- مما أحدَثه الناس في ليلة النصف من شعبان ما يُسمى بصلاة الرغائب وصلاة النصف من شعبان، وصلاة الألفية، قال عنها النووي رحمه الله: "وهاتان الصلاتان بدعتان، مذمومتان منكرتان قبيحتان". 8- مما أحدَثه الناسُ إطلاقُ حملة قبل ليلة النصف من شعبان عبر وسائل التواصل الاجتماعي لطلب المسامحة، فيرسلون لبعضهم البعض: سامحني أُسامحك. 9- شهر شعبان شهر يغفل الناسُ عن العبادة فيه، ومعلوم أن أجر العبادة يزداد إذا عظُمت غفلةُ الناس عنها. 10- يتكرَّم الله على عباده في شهر شعبان بمنتين عظيمتين: - عرض الأعمال على الله وبالتالي قَبوله ما شاء منها. - مغفرة الذنوب للعباد من عند الله تكرمًا وتفضلًا. 11- ما يصنَعه بعض الناس من الأطعمة في يوم النصف من شعبان، ويوزعونها على الفقراء ويسمونها عشيات الوالدين، لا أصل له وهو من البدع. 12- صيام شهر شعبان أفضل من صيام الأشهر الحُرم؛ لأنه صيام متعلق بفرض، فهو كالسنن الرواتب، فإنها أفضل من قيام الليل؛ لأنها صلاة متعلقة بفريضة، وقد ذهب جماهير أهل العلم إلى أن السنن الرواتب أفضلُ من قيام الليل؛ كما قال الملا قاري في مرقاة المفاتيح: وحملوا قوله صلى الله عليه وسلم: "أفضلُ الصلاة بعد الصلاة المكتوبة: الصلاةُ في جوف الليل"؛ رواه مسلم، على النفل المطلق؛ أي بعد المكتوبة وتوابعها من السنن الرواتب؛ كما قال المناوي في فيض القدير: "أفضل الصلوات بعد المكتوبة؛ أي: ولواحقها من الرواتب... إلخ"، وقال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: "ولا شك أن الرواتب أفضل"، ومثل ذلك صيام شهر شعبان أفضل من صيام شهر الله المحرَّم؛ لأنه صيام نفل معلق بفرض وهو رمضان. وأما ما أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أفضل الصيام بعد شهر رمضان صيام شهر الله المحرم"، فالمراد به الصيام المطلق كما بيَّن ذلك الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى. 13- يُستحب في شهر شعبان الإكثار من قراءة القرآن كما كان يفعل السلف، فقد ذكر ابن رجب في كتابه "لطائف المعارف" عن جمع من السلف أنهم كانوا يجتهدون في قراءة القرآن في شهر شعبان، وكانوا يسمونه بشهر القُرَّاء، ذُكر ذلك عن سلمة بن كهيل وحبيب بن أبي ثابت وعمرو بن قيس الملائي، ومما علَّل به ابن رجب ذلك أنهم كانوا يفعلون ذلك تدريبًا للنفس وتمرينًا لها على قراءة القرآن، حتى إذا أدرك شهر رمضان أدرَكه بنفسٍ نشيطة قد اعتادت على الإكثار من قراءة القرآن. 14- وردت أحاديث عدة بأن الله يطَّلع إلى خلقه ليلة النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحنٍ، وهذه الأحاديث تنازع أهلُ الحديث فيها ما بين مصحِّح ومُضعِّف، وعلى القول بصحتها، فإنه لم يثبُت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام أنهم خَصُّوا هذه الليلة بقيام، كما بيَّنه أهل العلم، والخير كل الخير في الاتباع لا الابتداع. بعض الأخطاء في شهر شعبان: • أن بعض المسلمين يعتقد في ليلة النصف من شعبان أنها ليلة التقدير السنوي، وهذا خطأ؛ كما بيَّن ذلك ابن القيم رحمه الله في كتابه "شفاء العليل": فإن قوله سبحانه: ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ﴾ [الدخان: 4، 5]؛ أي: في ليلة القدر؛ لذا ذهب جماهير أهل العلم أن التقدير السنوي إنما يكون في ليلة القدر. • ومن الأخطاء عند بعض الناس أنهم يحتفلون بليلة النصف من شعبان بالاحتفال المسمى بالقرقيعان، وأصلُ هذا الاحتفال مأخوذٌ من الرافضة، وهذا احتفال محرَّم، وإذا تعبَّد به أصحابُه، فقد جمعوا إلى كونه عيدًا محرمًا أنه بدعة.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |