الدلالة والافادة في الإرادة (الصفة والأنواع والفروق) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4518 - عددالزوار : 1311349 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4943 - عددالزوار : 2041927 )           »          تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1174 - عددالزوار : 131971 )           »          3 مراحل لانفصام الشخصية وأهم أعراضها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          متلازمة الشاشات الإلكترونية: كل ما تود معرفته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          ما هي أسباب التعرق الزائد؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          أضرار الوجبات السريعة على الأطفال: عواقب يُمكنك تجنبها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          الوقاية من القمل بالقرنفل: أهم الخطوات والنصائح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          علاج جفاف المهبل: حلول طبيّة وطبيعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          الوقاية من القمل في المدارس: دليل شامل للأهل والمعلم! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 25-01-2025, 11:47 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,857
الدولة : Egypt
افتراضي الدلالة والافادة في الإرادة (الصفة والأنواع والفروق)

الدِلالة والافادة في الإرادة (الصفة والأنواع والفروق)

بكر البعداني

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، محمد عبد الله ورسوله، وعلى آله وصحبه، ومَن تبِعهم بإحسان إلى يوم الدين؛ أما بعد:
اعلَم أخي القارئ - رحمني الله وإياك - أن الإرادة لفظٌ فيه إجمال، وهي عند التحقيق تنقسم إلى قسمين:
أولها: إرادة الخير أو المصلحة أو النفع، أو إرادة موافقة الحكمة.

وثانيها: إرادة الشر، أو الفساد، أو إرادة ما لا يوافق الحكمة، ولهذا قال أهل التحقيق من أهل السنة والجماعة - رحمهم الله - أن الله - عز وجل - لا يسمى باسم المريد - وإن كان قد يوصف بالفعل كما سيأتي- معلِّلين ذلك أن هذا منقسم، هذا مع أنَّ الله - عز وجل - يريد، فيطلق عليه - عز وجل - الفعل دون الاسم؛ لأنه - عز وجل - موصوفٌ بالإرادة الكاملة، ولكن اسم المريد لا يكون من أسمائه - عز وجل - لعدم ثبوته تنصيصًا، والقاعدة المتفق عليها في هذه الأبواب أن الأسماء والصفات توقيفية لا مجالَ للعقل فيها، ولما أشرنا أنفًا إليه، والله أعلم، ومن هنا انقسم الناس في إثبات هذه الصفة.

الأقوال في إثبات صفة الإرادة:
والناس في إثبات هذه الصفة على أقوال أهمها:
القول الأول: قول الأشاعرة وقد أثبتوا ‌صفة ‌الإرادة لدلالة السمع والعقل عليها، أما الأدلة السمعية فستأتي معنا، وأما العقل فقالوا: إن اختلاف المخلوقات وتخصيص بعضها بما يختص به من ذاتٍ أو وصفٍ دليلٌ على الإرادة، ومعنى التخصيص: تخصيص المخلوقات بما هي عليه كلٌّ بحسب، فهو دال على الإرادة؛ قالوا: لأنه لولا الإرادة، لكان الكل شيئًا واحدًا! ومع أن هذا الدليل الذي استدلوا به على الإرادة هو أظهر وأبين، وأوضح في صفات لله - عز وجل - التي لم يثبتوها وتأوَّلوها من مثل: صفة الرحمة وغيرها - وهذا ليس موضع بيانه - إلا أنه ومع ذلك وعند التحقيق كما قال بعض أهل العلم - رحمهم الله - نرى أنهم لا يثبتون إلا إرادة واحدة قديمة تعلَّقت في الأزل بكل المرادات، فيلزمهم على هذا تخلف المراد عن ‌الإرادة.

القول الثاني: قول المعتزلة - والقائم مذهبهم على نفي الصفات - وهو هنا نفي صفة ‌الإرادة، ويقولون: إنه - عز وجل - يريد بإرادة حادثةٍ لا في محلٍّ، وعلى هذا فيلزمهم قيام الصفة بنفسها، وهو من أبطل الباطل كما هو ظاهر، ولتبيانه وتفصيله مواضع أُخَر.

القول الثالث: قول أهل السنة والجامعة، وقد هدى الله - عز وجل - أهل السنة والجماعة إلى الحق ‌لِما ‌اختلف ‌فيه بإذنه - عز وجل - وهو - عز وجل - يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، فأثبتوا صفة الإرادة، وقرَّروا أنها صفة ثابتة لله - عز وجل - بالكتاب الكريم والسنة النبوية الصحيحة - كما ستراه في ما يأتي - بل زادوا على هذا الأصل بيانَ دلالة الفطرة والعقل والإجماع عليها، وقالوا لذلك كله وبعد استقرائهم لكل تلك النصوص: إن الواجب إثبات صفة الإرادة - بقسميها الكوني والشرعي - وأنها من الصفات الذاتية الفعلية.

وبيان ذلك أن صفات الله - عز وجل - الثبوتية - وهي ما ثبتت عن طريق السمع - تنقسم إلى قسمين كما قرَّر أهل العلم - رحمهم الله -: ذاتية وفعلية، وقد نبَّه أهلُ التحقيق - رحمهم الله - أنها قد تكون - أعني: الصفة - ذاتية فعلية باعتبارين، وتوضيح لذلك باختصار نقول: إنه باعتبار أصله الصفة تكون ذاتية، وباعتبار آحادها تكون صفة فعلية، وصفة الإرادة هي صفة ذاتية باعتبار أصل الصفة؛ لأن الله - عز وجل - لم يزَل ولا يزال مريدًا، وهي صفة فعليه باعتبار آحادها؛ لتعلُّقها بمشيئته - عز وجل - فإنه - عز وجل - مريد متى شاء بما شاء، كما أن كل صفة تعلقت بمشيئته -عز وجل - فإنها تابعة لحكمته، سواء أدركنا تلك الحكم أو عجَزنا عن إدراكها، إلا أننا نعلم علمَ اليقين أنه - عز وجل - لا يريد شيئًا إلا وهو موافق للحكمة.

أنواع الإرادة:
إذا ما تبيَّن لنا هذا فاعلَم أن أهل السنة والجماعة قد قرَّروا أن الإرادة في كتاب الله - عز وجل - على نوعين:
الأول: ‌‌الإرادة الكونية:
وتُسمى: الإرادة العامة، وهي تتعلق فيما يحصل في كون الله - عز وجل - كما سيأتي، وهي مرادفة للمشيئة، وهي ‌الإرادة القدرية، أو إرادة قضاء وتقدير، وعبَّر عنها ابن القيم - رحمه الله - في نونيته بقوله: عين الحكم، فقال في نونيته - رحمه الله -:
فانظر بعين الحكم وارحَمْهم بها
إذ لا تُرَدُّ مشيئةُ الديَّانِ




والثاني: الإرادة الشرعية:
وعبَّر عنها بعضهم: بإرادة الأمر أو الإرادة الدينية، وهي المتضمنة للمحبة والرضا، أو إرادة أمر وتشريع، وقد عبَّر عنها ابن القيم - رحمه الله - في نونيته عنها بقوله: عين الأمر، فقال في نونيته - رحمه الله -:
وانظر بعينِ الأمر واحْملهم على
أحكامه فهما إذا نظران




[وانظر لبيان هذا التقسيم: المنتقى من منهاج الاعتدال (ص: 121) لشمس الدين الذهبي، ومنهاج السنة (3/156)، ومجموع الفتاوى (8/187-188-440) و(10/25)، والفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (ص: 143)، وهو في مجموع الفتاوى (11/265)، وشفاء العليل (ص:48- 270- 280)، وشرح العقيدة الطحاوية(ص: 114-447 -الألباني)، لابن أبي العز، والعقيدة الواسطية بتعليق ابن مانع (ص: 22)، وجواب أهل السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والزيدية (ص: 90)؛ لعبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، وأعلام السنة المنشورة (ص: 88)، وقطر الولي على حديث الولي (ص: 266)، ومعارج الصعود (ص: 302)، ودفع إيهام الاضطراب (10/129، 133، 159)، وأضواء البيان (7/222)، وشرح العقيدة الواسطية لمحمد خليل هراس (ص: 51-52)، وشرح ابن عيسى للنونية (1/131- 132)، والماتريدية للشمس السلفي الأفغاني (1/448)، وشرح العقيدة السفارينية (ص: 188-333)، ومذكرة على العقيدة الواسطية (ص: 22) لابن عثيمين، والقضاء والقدر (ص: 108) للأشقر، وتوضيح مقاصد العقيدة الواسطية (ص: 60) لعبد الرحمن البراك، والتحفة الندية شرح العقيدة الواسطية (ص: 94) لعبد الرحمن العقل، وغيرها كثير].

وهذا في الحقيقة تقسيمٌ صحيحٌ بديعٌ، دلَّت عليه النصوص وأرشدت إليه الأدلة، وكان جهله وعدم العلم به، والتسوية بين ‌الإرادة الكونية والإرادة الشرعية - سببًا في منشأ الضلال في القدر، كما فعل الجبرية والقدرية، والنصوص في إثبات إرادة الله - عز وجل - أكثر من أن تُحصر، والآثار النبوية في ذلك أكثر من أن تُستوعَب؛ كما قال ابن القيم رحمه الله في شفاء العليل (ص: 47)، ومنها:
آيات في الإرادة الكونية:
قال الله - عز وجل -: ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنعام:125]، وقال الله - عز وجل -: ﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ﴾ [البقرة 235]، وقال الله - عز وجل -: ﴿ وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ ﴾ [هود 34]، وقال الله - عز وجل -: ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾[يس:82]، وقال الله - عز وجل -: ﴿ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ ﴾ [المائدة:41]، وقال الله - عز وجل -: ﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ﴾ [البقرة:253]، وقال الله - عز وجل -: ﴿ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴾ [البروج:16]، وقال الله - عز وجل -: ﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً ﴾ [الإسراء:16]، وقال الله - عز وجل -: ﴿ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ ﴾ [هود:34]، وقال الله - عز وجل -: ﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ﴾ [القصص:5]، وقال الله - عز وجل -: ﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ﴾ [الإسراء: 16].

قال ابن أبي العز في شرح الطحاوية (ص: 447): "في أحد الأقوال، وهو أقواها".

آيات في الإرادة الشرعية:
قال الله - عز وجل -: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ [البقرة:185]، وقال الله - عز وجل -: ﴿ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ ﴾ [المائدة: 6]، وقال الله - عز وجل -: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [النساء:26]، وقال الله - عز وجل -: ﴿ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [المائدة:6]، وقال الله - عز وجل -: ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ﴾ [النساء 27]، وقال الله - عز وجل -: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا ﴾ [النساء:28]، وقال الله - عز وجل -: ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ [الأحزاب:33].

السنة النبوية:
عن حميد بن عبد الرحمن قال سمعت معاوية - رضي الله عنه - خطيبًا يقول: سمعت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول: ((مَن يُرد الله به خيرًا يُفقهه في الدين...))؛ الحديث؛ [أخرجه البخاري رقم: (71)، ومسلم: (1037)، وقد ذكرته في رسالتي: الأربعون الفقهية، ورسالتي: رسالة في الفقه في الدين، وقد جاء نحوه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أخرجه الترمذي، والدارمي، وقال الألباني - رحمه الله - في سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم: (‌‌1194): "قلت: وهو على شرط الشيخين"، وقال شيخنا مقبل الوادعي في الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين (6/426): "صحيح على شرط الشيخين"، قلت: وهو الحديث الثاني في رسالتي الأربعين الفقهية].


وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: (‌من ‌يرد ‌الله ‌به ‌خيرًا ‌يُصب ‌منه)؛ [أخرجه البخاري رقم: (5321)].


وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: ((‌إذا ‌أراد ‌الله ‌بالأمير خيرًا جعل له وزيرَ صدقٍ..)) الحديث؛ [أخرجه أبو داود رقم: (2932)، وابن حبان في صحيحه رقم: (1551 - موارد)، وقال الألباني - رحمه الله - في سلسلة الأحاديث الصحيحة (1/882): "ورجاله ثِقات رجال الشيخين، غير أن زهير بن محمد وهو أبو المنذر الخراساني ضعيف مِن قِبَل حِفظه"، قلت بكر: وللحديث شواهد، ولذا صحَّحه - رحمه الله - في صحيح الجامع، ومشكاة المصابيح رقم (3707)، وقال في صحيح الترغيب رقم (2296): "صحيح لغيره"، وقال - رحمه الله - في صحيح أبي داود رقم (2603 -الأم): "قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان"].


وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: ((إن الناس قالوا: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة...))، وفيه: ((حتى ‌إذا ‌أراد ‌الله ‌رحمة من أراد من أهل النار..))؛ [أخرجه البخاري رقم: (773)، ومسلم رقم: (182)].


عن أبي موسى - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: ((إن الله - عز وجل - إذا ‌أراد ‌رحمة ‌أمةٍ من عباده، قبضَ نبيَّها قبلها..))؛ [أخرجه مسلم رقم: (2288)].


وعن عمرو بن الحمق الخزاعي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: ((إذا أراد الله بعبد خيرًا عسَّله..)) الحديث؛ [أخرجه الطحاوي في مشكل الآثار (3/261)، وابن حبان رقم: (1822)، وأحمد (5/224)، وغيرهم، وقال وهبة الله الطبري - رحمه الله - في الفوائد الصحاح (1/132/2): "حديث صحيح على شرط مسلم يَلزَمه إخراجُه"، وقال الألباني - رحمه الله - في سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم: (‌‌1114): "قلت: وهو كما قال"، وقال شيخنا مقبل الوادعي - رحمه الله - في الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين (6/427) وغيره: "هذا حديث حسن"].


وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: ((‌إذا ‌أراد ‌الله ‌بعبد ‌خيرًا عجَّل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد الله بعبد شرًّا أمسك عليه ذنوبه حتى يوافيه يوم القيامة))؛ [أخرجه الترمذي رقم: (2396) وغيره، حسنه الألباني - رحمه الله - في تحقيق المشكاة رقم: (1565)، وصححه في صحيح الجامع لشواهده، وهو في سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم: (‌‌1220)].


عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: ((ليس الغنى عن ظهر، إنما الغنى غنى النفس، وإذا أراد الله بعبد خيرًا جعل غناه في نفسه، وتُقاه في قلبه، وإذا أراد الله بعبد شرًّا جعل فقره بين عينيه))؛ [أخرجه ابن حبان في صحيحه (50/86- موارد)، وضعفه الألباني - رحمه الله - في ضعيف الجامع، وحسَّنه - رحمه الله - في صحيح موارد الظمآن رقم (72)، وهو في سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم (‌‌3350)].


عن أبي المليح عن رجل من قومه وكانت له صحبة قال: قال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: ((إذا أراد الله قبضَ عبدٍ بأرض جعل له بها حاجة))؛ [أخرجه البخاري في الأدب المفرد رقم: (1282)، وابن حبان رقم: (1815)، والدولابي في الكنى (1/44)، وأحمد (3/429)، وعنه الحاكم (1/42)، وصحَّحه ووافقه الذهبي، وقال الألباني - رحمه الله - في سلسلة الأحاديث الصحيحة (3/221 رقم: ‌‌1221): "وهو كما قالا"، وصححه في صحيح الجامع، والحديث له شواهد، وقد رجَّح الحويني - حفظه الله - وقف الحديث في تنبيه الهاجد (2/212 - الطبعة الجديدة)].


عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: ((‌إذا ‌أراد ‌الله - عز وجل - ‌بأهل ‌بيت خيرًا أدخل عليهم الرِّفق))؛ [أخرجه أحمد (6/71) وغيره، وصححه الألباني - رحمه الله - في صحيح الجامع، وصحيح الترغيب رقم (2669)، وقال - رحمه الله - في سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم (‌‌1219): "حديث صحيح من رواية عائشة - رضي الله عنها - وقد تجمع لدي عدة طرق عنها"، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم (‌‌523)].


عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول: "((إذا ‌أراد ‌الله ‌بقوم ‌عذابًا، أصاب العذاب من كان فيهم، ثم بُعثوا على أعمالهم))؛ [أخرجه مسلم رقم: (2879)، وهو في البخاري رقم: (6691) بلفظ: ((إذا أنزل الله ‌بقوم ‌عذابًا))].


عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: ((وكَّل الله بالرحم ملكًا، فيقول: أي رب نطفة، أي رب علقة، أي رب مضغة، فإذا ‌أراد ‌الله ‌أن ‌يقضي ‌خلقها..))؛ [أخرجه البخاري رقم: (6222)، ومسلم رقم: (2646) ولفظه: ((أن يقضي خلقًا))].


عن كرز بن علقمة الخزاعي - رضي الله عنه - قال: ((قال رجل: يا رسول الله، هل للإسلام من منتهى؟ قال: أيما أهل بيت - وقال في موضع آخر - قال: نعم، أيما أهل بيت من العرب أو العجم أراد الله بهم خيرًا، ‌أدخل ‌عليهم ‌الإسلام..))؛ [أخرجه أحمد (3/477)، والحاكم (1/34)، والبيهقي في الأسماء والصفات (ص 117)، وقال الحاكم: "صحيح وليس له علة"، وأقرَّه الذهبي، وقال الألباني - رحمه الله - في سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم (‌‌51): "وهو كما قالا"، وتوسَّع في تخريجه برقم: (‌‌3091)، وقال شيخنا مقبل الوادعي - رحمه الله - في الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين (6/428): "هذا حديث صحيحٌ، رجاله رجال الصحيح، وهو من الأحاديث التي ألزم الدارقطني البخاري ومسلمًا أن يخرجاها"].


وثَمت أدلة أُخَر وهي كثيرة جدًّا، ونكتفي بما أشرنا إليه، ففيه دلالة على صحة ما سبق الكلام عليه.


الفروق بين الإرادتين:
فإذا ما علمت هذا، واستقرَّ في قلبك فاعلَم أن ثمت جملة من الفروق بين هاتين الإرادتين، كنت قد وقفت عليها في جملة من كتب أهل العلم - رحمهم الله - أجمعين، ومشار إليها في كلام جمْعٍ من المحققين، متفرِّق ذكرُها، ‌مُتناثِرة نصوصُها، فأخرجتها وهذَّبتها، ونقَّيتها و‌شذَّبتها، ونَمَّقتها وعزَمت على ‌سَوْقِهَا، وزيَّنتها واعْتَزَمْتُ على سردها، مع تعليق خفيف، وبيان طفيف، لا يُحيل المعنى ولا يغير المبنى، مع التنبيه على أن بعضها قد تتداخل لتقارُب معانيها، وتجانُس مخارجها، لكني رأيت أن أذكرها كما هي، وفي ذلك فوائد - إن شاء الله - لا تخفى، والله أعلم وأعلى، فمنها:
الفرق الأول:
أن الإرادة الكونية: بمعنى المشيئة، هي المتعلقة بمشيئته - عز وجل - لِما خلقه، فتشمل جميع المخلوقات، وهي جميعها داخلة في مشيئته، فما شاء الله كان ولا بد، وما لم يشأ لم يكن، على حد قول الشافعي - رحمه الله - فيما أخرجه أبو بكر البيهقي - رحمه الله - في مناقب الشافعي (2/109):
ما شئتَ كان وإن لم أَشا
وما شئتُ إن لم تَشأ لم يكُن




أما الإرادة الشرعية، فهي بمعنى المحبة والرضا المتضمنة لمحبته ورضاه - عز وجل.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 115.98 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 114.26 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.48%)]