الخلق مجبولون على النقص - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 869 - عددالزوار : 119194 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4936 - عددالزوار : 2024235 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4511 - عددالزوار : 1301496 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 56 - عددالزوار : 40246 )           »          التكبير لسجود التلاوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          زكاة التمر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          صيام التطوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          كيف تترك التدخين؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          حين تربت الآيات على القلوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3096 - عددالزوار : 367100 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 13-01-2025, 10:30 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,245
الدولة : Egypt
افتراضي الخلق مجبولون على النقص

الخَلْقُ مجبولون على النقص

خيرية الحارثي

حريٌّ بنا ونحن نزِنُ اختلافَ الأزمنة أن ننوِّه ببعض المُلابسات التي طغَت على حاضرنا، وداهمَت غالبيةَ أهل هذا الزمان؛ مِن تفريط في الحقوق، وفساد في النيَّات، وسوء في المقاصد، ولا حول ولا قوة إلا بالله، لقد تعوّدتُ في كتاباتي ومن غير تكلف أني لا أحسنُ التعبيرَ إلا عندما أتأثرُ من موقفٍ ما، يثير المكنون.

دخلَتْ مشغلاً للحياكة النسائية، وحاولَتِ التلطُّفَ مع صاحبة المحل إذ قالت لها مبتدئة: إن أردتِ أن (تقبّلي) المشغل فأخبريني، ويبدو أنه من باب إخفاء ما تطويه نفسُها مِن سوء نية، والله عالم بها!


ثم تسلمَتْ ملابسَها التي حيكتْ لها في هذا المحل، ولم تدفع كاملَ الأجرة معتذرةً بأنها نسيت إحضارَ باقي المبلغ، وعرضتْ عليها سوارًا كانت تتحلى به صغيرتُها، وقالت لها: خذي هذه رهنًا حتى أُحضر لك الباقي، فإنها تساوي ثلاثمائة ريال. يا لهذه المسكينة صاحبة النية الصادقة! وكذا يجب أن يكون المسلم، ولكن يبدو أنه في هذا الزمان لا بد للمسلم أن يتحقق وأن يحملق بعينيه جيدًا. هذه الطيبة أخذت السوارَ وذهبت به لبائع الذهب، فأخبرها أنه ليس ذهبًا وإنما هو (إكسسوار)!. يا الله! حين تبلغ النفسُ هذا المستوى من غش وكذب وخداع! وصدق الذي قال:

على وجهِ ميٍّ مسحةٌ من ملاحةٍ
وتحتَ الثيابِ الخزيُ لو كان باديا
ألم ترَ أنَّ الماء يكْدر طعمُه
وإن كان لونُ الماء أبيضَ صافيا


لقد اهتزت الثوابتُ، وانقلبت الموازينُ، وضعُف الالتزامُ بالأحكام الشرعية؛ فانتشر الكذب والنفاق، والتهاون بالمواعيد.. فإذا كان إخلافُ الوعد كذبًا، فالكذب من الخيانة، والخيانة من النفاق، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: ((آية المنافقِ ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وَعد أخلف، وإذا اؤتُمن خان)) أخرجه الإمام البخاري.

إن الإسلام له سَنًى يهدي صاحبَه إلى الطريق القويم، يملأ النفس؛ فيصقل معدنها، ويثقف خصائصها، ومتى حقق الإنسانُ المسلم إيمانه عُصِم من مزالق الشر.


سر إلى الأمام وعُدّ، ولن يخطئك أن تلمح مسالك الناس في الاضطراب الاجتماعي؛ من إهمال للواجبات، وتضييع للأمانات، وفقد للتعاون، وانتشار للمداهنة، وقلة النظام، وسوء التخطيط، وعدم التورُّع عن الشهوات والشبهات، مما جعل الكل يئنُّ ويشتكي.


ولم ينتهِ الأمر إلى ذلك بل انظُر إلى معاداة الناس بعضهم بعضًا، وأعظمها عقوق الوالدين، وقطيعة الأرحام، فقد اضمحلتِ الصلةُ حتى وصلتْ إلى المكالمات الهاتفية، ثم تلاشتْ ووصلتْ إلى رسائل الهاتف المحمول. وها هي ذي بدأتْ في الذوبان، فقد صاروا يستثقلون حتى الرسائل.


والمقصود في هذا السياق أننا نتَّبع الرُّخص في المعاملات، ونرضى بالقليل؛ حتى نتلاءم مع ضغوط الواقع؛ فنقدم الأولى، وندفع الأخرى.


ثم انظر إلى التغيرات التي طرأت على بعض الأُسَر المسلمة؛ إذِ اختلَّ بناؤها أو كاد، وازداد تأثُّرُها بما هو مسموع ومرئي ومقروء، وجلبت لنا مفاهيم مستوردة جعلتِ الزوجةَ تتمرَّد على زوجها، فصارت لا تقيم له حقًّا. وتخَلَّى الزوجُ عن تربية أبنائه، وصار لا يعبأ بالحفاظ على زوجته؛ إذ ترك لها الحبل على الغارب، تجوب الكرة الأرضية مع السائق في انطلاقة وانفِلات نحو الحرية، فاضطرب وعاءُ الأسرة، واختلَّتِ المفاهيمُ، حين اهتزَّت شخصيةُ القائد، فصار غير قادر على حفظ الأمن، فاختار أن يكون محصورًا بين (الأنا) و(الذات).


والمتأمِّلُ يجد كثيرًا من أوجه استعلاء الناس بعضِهم على بعض؛ من تفاخر بالجنسيات، وكبر وخيلاء، واستهزاء بعضهم ببعض، والتمسُّك بمبدأ العرقية، والعصبية القبلية، وإعراضهم عن خلة التواضع.


يقول عليه الصلاة والسلام: ((إن الله أوحَى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحدٌ على أحد))، ولك أن تسرد المساوئ القلبية كالحسد، والغضب، وسوء الظن، حتى أصبحنا وأمسينا نخشَى مِن إرسال رسالة عبر الهاتف النقَّال، تقلِب كيان المرسَل إليه رأسًا على عقب، وأنت لم تقصد بها إلا خيرًا. فما عليك إلا أن تكظم غيظك؛ فإما أن تصبر، وإما أن تركب موجة عواطفك فيحدث ما لا تحمد عُقباه: علل معقدة، وعواصف عاتية، اقتلعت كل خلق قويم.


ولا ننكر أن ما يُبث في آناء الليل وأطراف النهار، أخذ في التنامي في المدة الأخيرة حتى تغلغل داخل أودية القلوب، وانطلق دون حدود، وتشعَّب كأشعَّة تتسلَّل إلى عقول رجالنا وبناتنا وشبابنا، فمسحَت أصالةَ الماضي، وهدمَت شعائر المروءة والدين والأخلاق، وربَّ فارط لا يستدرك، لقد بردَت مشاعرنا، ووقف بنا الجبنُ دون التصدي لأمور ثقل علينا استئصالُها. فحسبُنا الله، ونعْم الوكيل.


إن في التوكُّل على الله راحةً للبال؛ يقول ابنُ الجوزي: (مَن يريد أن تدوم له السلامةُ، والنصرُ على من يُعاديه، والعافيةُ مِن غير بلاء، فما عرَف التكليفَ، ولا فهم التسليم)، والخَلق مجبولون على النقصِ وظهورِ المعايب، ففي البُعد عن مشكاة النبوة تزداد حاجتُنا إلى التمسُّك بديننا، والعودة إلى نهج سلفنا الصالح، وما زال في أمة محمدٍ خيرٌ كثير.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 61.18 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 59.47 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.81%)]